READ
Surah al-Baqarah
اَلْبَقَرَة
286 Ayaat مدنیۃ
اِنَّ الَّذِیْنَ كَفَرُوْا وَ مَاتُوْا وَ هُمْ كُفَّارٌ اُولٰٓىٕكَ عَلَیْهِمْ لَعْنَةُ اللّٰهِ وَ الْمَلٰٓىٕكَةِ وَ النَّاسِ اَجْمَعِیْنَۙ(۱۶۱)
بیشک وہ جنہوں نے کفر کیا اور کافر ہی مرے ان پر لعنت ہے اللہ اور فرشتوں اور آدمیوں سب کی، (ف۲۹۰)
القول في تأويل قوله تعالى : إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَمَاتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ (161)قال أبو جعفر: يعني تعالى ذكره بقوله: " إنّ الذين كفروا "، إن الذين جَحدوا نبوة محمد صلى الله عليه وسلم وكذبوا به = من اليهود والنصارى وسائر أهل الملل، والمشركين من عَبدة الأوثان =" وماتوا وهم كفار "، يعني: وماتوا وهم على جُحودهم ذلك وتكذيبهم محمدًا صلى الله عليه وسلم،" أولئك عَليهم لَعنةُ الله والملائكة ", يعني: فأولئك الذين كفروا وماتوا وهم كفار عليهم لعنة الله، يقول: أبعدهم الله وأسحقهم من رحمته," والملائكة "، يعني ولَعنهم الملائكةُ والناس أجمعون. ولعنة الملائكة والناس إياهم قولهم: " عليهم لعنة الله ".* * *وقد بينا معنى " اللعنة " فيما مضى قبل بما أغنى عن إعادته. (87)* * *فإن قال قائل: وكيف تَكونُ على الذي يموت كافرًا بمحمد صلى الله عليه وسلم [لعنةُ الناس أجمعين] من أصناف الأمم، (88) وأكثرهم ممن لا يؤمن به ويصدقه؟قيل: إن معنى ذلك على خلاف ما ذهبتَ إليه. وقد اختلف أهل التأويل في تأويل ذلك. فقال بعضهم: عنى الله بقوله: " والناس أجمعين "، أهلَ الإيمان به وبرسوله خاصة، دون سائر البشر.* ذكر من قال ذلك:2392- حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد بن زريع قال، حدثنا سعيد, عن قتادة قوله: " والناس أجمعين "، يعني: ب " الناس أجمعين "، المؤمنين.2393- حدثني المثنى قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا ابن أبي جعفر, عن أبيه، عن الربيع: " والناس أجمعين "، يعني ب " الناس أجمعين "، المؤمنين.* * *وقال آخرون: بل ذلك يومَ القيامة، يُوقَفُ على رءوس الأشهاد الكافرُ فيلعنه الناس كلهم.* ذكر من قال ذلك:2394- حدثت عن عمار قال، حدثنا ابن أبي جعفر, عن أبيه, عن الربيع, عن أبي العالية: أن الكافر يُوقَف يوم القيامة فيلعنه الله, ثم تلعنه الملائكة, ثم يلعنه الناس أجمعون.* * *وقال آخرون: بل ذلك قول القائل كائنًا من كان: " لَعنَ الله الظالم ", فيلحق ذلك كل كافر، لأنه من الظَّلمة.* ذكر من قال ذلك:2395- حدثني موسى بن هارون قال، حدثنا عمرو بن حماد قال، حدثنا أسباط, عن السدي قوله: " أولئك عليهم لَعنة الله والملائكة والناس أجمعين "، فإنه لا يتلاعن اثنان مُؤمنان ولا كافران فيقول أحدهما: " لعن الله الظالم "، إلا وجبت تلك اللعنة على الكافر، لأنه ظالم, فكل أحد من الخلق يلعنه.* * *قال أبو جعفر: وأولى هذه الأقوال بالصواب عندنا قولُ من قال: عنى الله بذلك جَميعَ الناس، بمعنى لعنهم إياهم بقولهم: " لعن الله الظالم - أو الظالمين ".فإن كلّ أحد من بني آدم لا يمتنع من قيل ذلك كائنًا من كان، (89) ومن أي أهل ملة كان, فيدخل بذلك في لعنته كلّ كافرٍ كائنًا من كان. وذلك بمعنى ما قاله أبو العالية. لأن الله تعالى ذكره أخبر عمن شَهدهم يوم القيامة أنهم يلعنونهم فقال: وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أُولَئِكَ يُعْرَضُونَ عَلَى رَبِّهِمْ وَيَقُولُ الأَشْهَادُ هَؤُلاءِ الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى رَبِّهِمْ أَلا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ [هود: 18]وأما ما قاله قتادة، من أنه عنى به بعضَ الناس, فقولٌ ظاهرُ التنزيل بخلافه, ولا برهان على حقيقته من خبر ولا نظر. فإن كان ظن أن المعنيَّ به المؤمنون، من أجل أن الكفار لا يَلعنون أنفسهم ولا أولياءهم, فإن الله تعالى ذكره قد أخبر أنهم يَلعنونهم في الآخرة. ومعلومٌ منهم أنّهم يَلعنون الظَّلمة, وداخلٌ في الظَّلمة كل كافر، بظلمه نفسه, وجحوده نعمةَ ربه, ومخالفته أمرَه.----------------الهوامش :(87) انظر ما سلف في هذا الجزء 3 : 254 ، والتعليق : 1 ، ومراجعه .(88) الزيادة التي بين القوسين لا بد منها ، وإلا اختل الكلام والسؤال ، ولم يكن لهما معنى محدود مفهوم ، واستظهرت الزيادة من جواب هذا السؤال .(89) في المطبوعة : "لا يمنع من قيل ذلك" ، والصواب ما أثبت .
خٰلِدِیْنَ فِیْهَاۚ-لَا یُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذَابُ وَ لَا هُمْ یُنْظَرُوْنَ(۱۶۲)
ہمیشہ رہیں گے اس میں نہ ان پر سے عذاب ہلکا ہو اور نہ انہیں مہلت دی جائے،
القول في تأويل قوله تعالى : خَالِدِينَ فِيهَا لا يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذَابُ وَلا هُمْ يُنْظَرُونَ (162)* * *قال أبو جعفر: إن قال لنا قائل: ما الذي نصب " خالدين فيها "؟قيل: نُصب على الحال من " الهاء والميم " اللتين في" عليهم ". وذلك أنّ معنى قوله: أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ لَعْنَةُ اللَّهِ ، أولئك يلعنهم الله والملائكةُ والناس أجمعون خالدين فيها. ولذلك قرأ ذلك: " أولئك عَليهم لعنة الله والملائكةُ والناس أجمعون " مَنْ قرأَهُ كذلك، (90) توجيهًا منه إلى المعنى الذي وصفتُ. وذلك وإن كان جائزًا في العربية, فغيرُ جائزةٍ القراءةُ به، لأنه خلافٌ لمصاحف المسلمين، وما جاء به المسلمون من القراءة مستفيضًا فيهم. فغير جائز الاعتراضُ بالشاذّ من القول، على ما قد ثبتت حُجته بالنقل المستفيض.* * *وأما " الهاء والألف " اللتان في قوله: " فيها "، فإنهما عائدتان على " اللعنة ", والمرادُ بالكلام: ما صار إليه الكافر باللعنة من الله ومن ملائكته ومن الناس. والذي صار إليه بها، نارُ جهنم. وأجرى الكلام على " اللعنة "، والمراد بها ما صار إليه الكافر، كما قد بينا من نظائر ذلك فيما مضى قبل، كما:-2396- حدثت عن عمار قال: حدثنا ابن أبي جعفر, عن أبيه, عن الربيع, عن أبي العالية: " خالدين فيها "، يقول: خالدين في جهنم، في اللعنة.* * *وأما قوله: " لا يخفّف عنهم العذاب "، فإنه خبرٌ من الله تعالى ذكره عن دَوَام العذاب أبدًا من غير توقيت ولا تخفيف, كما قال تعالى ذكره: وَالَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ نَارُ جَهَنَّمَ لا يُقْضَى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا وَلا يُخَفَّفُ عَنْهُمْ مِنْ عَذَابِهَا [سورة فاطر: 36]، وكما قال: كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرَهَا [سورة النساء: 56]* * *وأما قوله: " ولا هم يُنظرون "، فإنه يعني: ولا هُم يُنظرون بمعذرة يَعتذرون، كما:-2397- حدثت عن عمار قال، حدثنا ابن أبي جعفر, عن أبيه, عن الربيع, عن أبي العالية: " ولا هم ينظرون "، يقول: لا يُنظرون فيعتذرون, كقوله: هَذَا يَوْمُ لا يَنْطِقُونَ * وَلا يُؤْذَنُ لَهُمْ فَيَعْتَذِرُونَ . [سورة المرسلات: 35-36]-----------------------الهوامش :(90) في المطبوعة : "والناس أجميعن" ، وهو خطأ ، والصواب ما أثبت ، برفع"الملائكة والناس أجمعون" ، وهي قراءة الحسن . وانظر معاني القرآن للفراء 1 : 96-97 ، وتفسير هذه الآية في سائر كتب التفسير .
وَ اِلٰهُكُمْ اِلٰهٌ وَّاحِدٌۚ-لَاۤ اِلٰهَ اِلَّا هُوَ الرَّحْمٰنُ الرَّحِیْمُ۠(۱۶۳)
اور تمہارا معبود ایک معبود ہے (ف۲۹۱) اس کے سوا کوئی معبود نہیں مگر وہی بڑی رحمت والا مہربان
القول في تأويل قوله عز وجل : وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لا إِلَهَ إِلا هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ (163)قال أبو جعفر: قد بينا فيما مضى معنى " الألوهية "، وأنها اعتباد الخلق. (91)فمعنى قوله: " وإلهكم إلهٌ واحدٌ لا إلهَ إلا هو الرحمن الرحيم ": والذي يستحق عَليكم أيها الناس الطاعةَ له, ويستوجب منكم العبادة، معبودٌ واحدٌ وربٌّ واحد, فلا تعبدوا غيرَه، ولا تشركوا معه سواه، فإنّ من تُشركونه معه في عبادتكم إياه، هو خَلقٌ من خلق إلهكم مثلكم, وإلهكم إله واحد، لا مثلَ لهُ وَلا نَظير.* * *واختُلِف في معنى وَحدانيته تعالى ذكره,فقال بعضهم: معنى وحدانية الله، معنى نَفي الأشباه والأمثال عنه، كما يقال: " فلان واحدُ الناس - وهو وَاحد قومه ", يعني بذلك أنه ليسَ له في الناس مثل, ولا له في قومه شبيه ولا نظيرٌ. فكذلك معنى قول: " اللهُ واحد ", يعني به: الله لا مثل له ولا نظير.فزعموا أن الذي دلَّهم على صحة تأويلهم ذلك، أنّ قول القائل: " واحد " يفهم لمعان أربعة. أحدها: أن يكون " واحدًا " من جنس، كالإنسان " الواحد " من الإنس. والآخر: أن يكون غير متفرِّق، كالجزء الذي لا ينقسم. (92) والثالث: أن يكون معنيًّا به: المِثلُ والاتفاق، كقول القائل: " هذان الشيئان واحد ", يراد بذلك: أنهما متشابهان، حتى صارَا لاشتباههما في المعاني كالشيء الواحد.والرابع: أن يكون مرادًا به نفي النظير عنه والشبيه.قالوا: فلما كانت المعاني الثلاثةُ من معاني" الواحد " منتفيةً عنه، صح المعنى الرابع الذي وَصَفناه.* * *وقال آخرون: معنى " وحدانيته " تعالى ذكره، معنى انفراده من الأشياء، وانفراد الأشياء منه. قالوا: وإنما كان منفردًا وحده, لأنه غير داخل في شيء ولا داخلٌ فيه شيء. قالوا: ولا صحة لقول القائل: " واحد "، من جميع الأشياء إلا ذلك. وأنكر قائلو هذه المقالة المعاني الأربعةَ التي قالها الآخرون.* * *وأما قوله: " لا إله إلا هو "، فإنه خبرٌ منه تعالى ذكره أنه لا رب للعالمين غيرُه, ولا يستوجبُ على العبادِ العبادةَ سواه, وأنّ كلّ ما سواه فهُم خَلقه, والواجبُ على جميعهم طاعته والانقيادُ لأمره، وتركُ عبادة ما سواه من الأنداد والآلهة، وهجْر الأوثان والأصنام. لأنّ جميع ذلك خلقُه، وعلى جميعهم الدينونة له بالوحدانية والألوهة, ولا تَنبغي الألوهة إلا له, إذ كان ما بهم من نعمة في الدنيا فمنه، دون ما يعبدونه من الأوثان ويشركون معه من الأشراك؛ (93) وما يصيرون إليه من نعمة في الآخرة فمنه, وأن ما أشركوا معه من الأشراك لا يضر ولا ينفعُ في عاجل ولا في آجل, ولا في دنيا ولا في آخرة.وهذا تنبيه من الله تعالى ذكره أهلَ الشرك به على ضلالهم, ودعاءٌ منه لهم إلى الأوبة من كفرهم, والإنابة من شركهم.ثم عرَّفهم تعالى ذكره بالآية التي تتلوها، موضعَ استدلال ذوي الألباب منهم على حقيقة ما نبَّههم عليه من توحيده وحُججه الواضحة القاطعة عُذرَهم, فقال تعالى ذكره: أيها المشركون، إن جهلتم أو شككتم في حقيقة ما أخبرتكم من الخبر: من أنّ إلهكم إله واحد، دونَ ما تدَّعون ألوهيته من الأنداد والأوثان, فتدبروا حُججي وفكروا فيها, فإن من حُججي خَلق السموات والأرض, واختلاف الليل والنهار, والفلكُ التي تجري في البحر بما يَنفعُ الناس, وما أنزلت من السماء من ماء فأحييت به الأرض بعد موتها, وما بثثتُ فيها من كل دابة, والسحاب الذي سَخرته بين السماء والأرض. فإن كان ما تعبدونه من الأوثان والآلهة والأنداد وسائر ما تشركون به، إذا اجتمع جميعه فتظاهرَ أو انفرد بعضُه دون بعض، يقدر على أن يخلق نظيرَ شيء من خَلقي الذي سميتُ لكم, فلكم بعبادتكم ما تعبدون من دوني حينئذ عذرٌ, وإلا فلا عُذر لكم في اتخاذ إله سواي, ولا إله لكم ولما تعبدون غَيري. فليتدبر أولو الألباب إيجازَ الله احتجاجَه على جميع أهل الكفر به والملحدين في توحيده، في هذه الآية وفي التي بعدها، بأوْجز كلام، وأبلغ حجة وألطف معنى يشرف بهم على مَعرفة فضْل حكمة الله وبَيانه.* * *--------------------الهوامش :(91) انظر ما سلف 1 : 122-126 .(92) في المطبوعة : "غير متصرف" ، وهو تصحيف ، والصواب ما أثبت .(93) الأشراك جمع شريك ، كما يقال : شريف وأشراف ، ونصير وأنصار ، ويجمع أيضًا على"شركاء" .
اِنَّ فِیْ خَلْقِ السَّمٰوٰتِ وَ الْاَرْضِ وَ اخْتِلَافِ الَّیْلِ وَ النَّهَارِ وَ الْفُلْكِ الَّتِیْ تَجْرِیْ فِی الْبَحْرِ بِمَا یَنْفَعُ النَّاسَ وَ مَاۤ اَنْزَلَ اللّٰهُ مِنَ السَّمَآءِ مِنْ مَّآءٍ فَاَحْیَا بِهِ الْاَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَ بَثَّ فِیْهَا مِنْ كُلِّ دَآبَّةٍ ۪-وَّ تَصْرِیْفِ الرِّیٰحِ وَ السَّحَابِ الْمُسَخَّرِ بَیْنَ السَّمَآءِ وَ الْاَرْضِ لَاٰیٰتٍ لِّقَوْمٍ یَّعْقِلُوْنَ(۱۶۴)
بیشک آسمانوں (ف۲۹۲) اور زمین کی پیدائش اور رات و دن کا بدلتے آنا اور کشتی کہ دریا میں لوگوں کے فائدے لے کر چلتی ہے اور وہ جو اللہ نے آسمان سے پانی اتار کر مردہ زمین کو اس سے جِلا دیا اور زمین میں ہر قسم کے جانور پھیلائے اور ہواؤں کی گردش اور وہ بادل کہ آسمان و زمین کے بیچ میں حکم کا باندھا ہے ان سب میں عقلمندوں کے لئے ضرور نشانیاں ہیں،
القول في المعنى الذي من أجله أنزل الله على نبيه صلى الله عليه وسلم قوله: إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ* * *قال أبو جعفر: اختلف أهل التأويل في السبب الذي من أجله أنزل الله تعالى ذكره هذه الآية على نَبيّه محمد صلى الله عليه وسلم.* * *فقال بعضهم: أنزلها عليه احتجاجًا له على أهل الشرك به من عبدة الأوثان. وذلك أن الله تعالى ذكره لما أنزل على نبيه محمد صلى الله عليه وسلم: وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لا إِلَهَ إِلا هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ فتلا ذلك عَلى أصحابه, وسمع به المشركون مِنْ عبدة الأوثان، قال المشركون: وما الحجة والبرهان على أنّ ذلك كذلك؟ ونحن نُنكر ذلك, ونحن نزعم أنّ لنا آلهة كثيرة؟ فأنزل الله عند ذلك: " إن في خَلق السموات والأرض "، احتجاجًا لنبيه صلى الله عليه وسلم على الذين قالوا مَا ذَكرنَا عَنهم.* ذكر من قال ذلك:2398- حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل, عن ابن أبي نجيح, عن عطاء, قال: نزل على النبي صلى الله عليه وسلم بالمدينة: وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لا إِلَهَ إِلا هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ ، فقال كفار قريش بمكة: كيف يَسعُ الناسَ إله واحد؟ فأنزل الله تعالى ذكره: " إنّ في خَلق السموَات والأرض واختلاف الليل والنهار "، إلى قوله: لآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ ، فبهذا تعلمُون أنه إله واحدٌ, وأنه إله كل شيء، وخالق كل شيء.* * *وقال آخرون: بل نزلت هذه الآية على النبي صلى الله عليه وسلم، من أجل أنّ أهلَ الشرك سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم [آية]، (1) فأنزل الله هذه الآية، يعلمهم فيها أنّ لهم في خَلق السموات والأرض وسائر ما ذكر مع ذلك، آيةً بينةً على وحدانية الله, وأنه لا شريك له في ملكه، لمن عَقل وتدبَّر ذلك بفهم صحيح.* ذكر من قال ذلك:2399- حدثنا سفيان بن وكيع قال، حدثنا أبي, عن سفيان, عن أبيه, عن أبي الضحى قال: لما نزلت وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لا إِلَهَ إِلا هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ ، قال المشركون: إن كان هذا هكذا فليأتنا بآية! فأنزل الله تعالى ذكره: " إن في خلق السموات والأرض وَاختلاف الليل والنهار "، الآية.2400- حدثني المثنى قال، حدثنا إسحاق بن الحجاج قال حدثنا ابن أبي جعفر, عن أبيه, قال حدثني سعيد بن مسروق, عن أبي الضحى قال: لما نزلت: وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لا إِلَهَ إِلا هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ ، قال المشركون: إن كان هذا هكذا فليأتنا بآية، فأنزل الله تعالى ذكره: " إنّ في خلق السموات والأرض واختلاف الليل والنهار "، الآية.2401- حدثني المثنى قال، حدثنا إسحاق بن الحجاج قال، حدثنا ابن أبي جعفر, عن أبيه, قال، حدثني سعيد بن مسروق, عن أبي الضحى قال: لما نزلت هذه الآية، جعل المشركون يعجبون ويقولون: تقول إلهكم إله واحدٌ, فلتأتنا بآية إن كنتَ من الصادقين! فأنزل الله: " إنّ في خلق السموات والأرض واختلاف الليل والنهار "، الآية.2402- حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثنا حجاج, عن ابن جريج عن عطاء بن أبى رباح أن المشركين قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم: أرِنا آية! فنزلت هذه الآية: " إنّ في خلق السموات والأرض ".2403- حدثنا ابن حميد قال، حدثنا يعقوب القمي، عن جعفر, عن سعيد قال: سألت قريش اليهودَ فقالوا: حدثونا عما جاءكم به موسى من الآيات! فحدثوهم بالعصَا وبيده البيضاء للناظرين. وسألوا النصارى عما جاءهم به عيسى من الآيات, فأخبروهم أنه كان يُبرئ الأكمهَ والأبرصَ ويُحيي الموتى بإذن الله. فقالت قريش عند ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم: ادعُ الله أن يجعل لَنا الصفا ذَهبًا، فنزداد يقينًا, ونتقوَّى به على عدوّنا. فسأل النبي صلى الله عليه وسلم ربه, فأوحى إليه: إنّي مُعطيهم, فأجعلُ لهم الصفا ذهبًا, ولكن إن كذَّبوا عذّبتهم عذابًا لم أعذبه أحدًا من العالمين.فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ذَرني وقَومي فأدعوهم يومًا بيوم. فأنزل الله عليه: " إنّ في خَلق السموات والأرض "، الآية: إن في ذَلك لآية لهم, إن كانوا إنما يريدون أن أجعل لهم الصفا ذهبًا, فخلق الله السموات والأرض واختلاف الليل والنهار، أعظمُ من أن أجعل لهم الصفا ذهبًا ليزدادوا يقينًا.2404- حدثني موسى قال، حدثنا عمرو قال، حدثنا أسباط, عن السدي: " إنّ في خلق السموات والأرض واختلاف الليل والنهار "، فقال المشركون للنبي صلى الله عليه وسلم: (2) غيِّر لنا الصفا ذهبًا إن كنت صادقًا أنه منه! فقال الله: إنّ في هذه الآيات لآياتٍ لقوم يعقلون. وقال: قد سأل الآيات قومٌ قبلكم ثم أصبحوا بها كافرين.* * *قال أبو جعفر: والصواب من القول في ذلك, أنّ الله تعالى ذكره نَبَّه عباده = على الدلالة على وَحدانيته وتفرده بالألوهية، دون كل ما سواه من الأشياء = بهذه الآية. وجائزٌ أن تكون نزلت فيما قاله عطاء, وجائزٌ أن تكون فيما قاله سعيد بن جبير وأبو الضحى, ولا خبرَ عندنا بتصحيح قول أحد الفريقين يقطع العذرَ، فيجوز أن يقضيَ أحدٌ لأحد الفريقين بصحة قولٍ على الآخر. وأيُّ القولين كان صحيحًا، فالمراد من الآية ما قلت.* * *القول في تأويل قوله تعالى : إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِقال أبو جعفر: يعني تعالى ذكره بقوله: " إنّ في خَلق السموات والأرض "، إن في إنشاء السموات والأرض وابتداعهما.* * *ومعنى " خلق " الله الأشياء: ابتداعه وإيجاده إياها، بعد أن لم تكن موجودة.وقد دللنا فيما مضى على المعنى الذي من أجله قيل: " الأرض "، ولم تجمع كما جُمعت السموات, فأغنى ذلك عن إعادته (3)* * *فإن قال لنا قائل: وهل للسموات والأرض خلقٌ هو غيرُها فيقال: " إنّ في خلق السموات والأرض "؟قيل: قد اختلف في ذلك. فقال بعض الناس: لها خَلقٌ هو غيرها. واعتلُّوا في ذلك بهذه الآية, وبالتي في سورة: الكهف: مَا أَشْهَدْتُهُمْ خَلْقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَلا خَلْقَ أَنْفُسِهِمْ [سورة الكهف: 51] وقالوا: لم يخلق الله شيئًا إلا والله له مريدٌ. قالوا: فالأشياء كانت بإرادة الله, والإرادة خلق لها.* * *وقال آخرون: خلق الشيء صفة له, لا هي هو، ولا غيرُه. قالوا: لو كان غيرُه لوجب أن يكون مثله موصوفًا. قالوا: ولو جاز أن يكون خَلقُه غيرَه، وأن يكون موصوفًا، لوجب أن تكون له صفة هي له خَلق. ولو وجب ذلك كذلك، لم يكن لذلك نهاية. قالوا: فكان معلومًا بذلك أنه صفة للشيء. قالوا: فخلق السموات والأرض صفة لهما، على ما وصفنا. واعتلُّوا أيضًا -بأن للشيء خلقًا ليس هو به- من كتاب الله بنحو الذي اعتلّ به الأولون.* * *وقال آخرون: خَلق السموات والأرض، وخلق كل مخلوق, هو ذلك الشيء بعينه لا غيره.فمعنى قوله: " إن في خلق السموات والأرض ": إنّ في السموات والأرض. (4)* * *القول في تأويل قوله تعالى : وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِقال أبو جعفر: يعني تعالى ذكره بقوله: " واختلاف الليل والنهار "، وتعاقب الليل والنهار عليكم أيها الناس.* * *وإنما " الاختلاف " في هذا الموضع " الافتعال " من " خُلوف " كل واحد منهما الآخر، (5) كما قال تعالى ذكره: وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يَذَّكَّرَ أَوْ أَرَادَ شُكُورًا [سورة الفرقان: 62].بمعنى: أن كل واحد منهما يخلف مَكان صاحبه، إذا ذهب الليل جَاء النهارُ بعده, وإذا ذهب النهارُ جاء الليل خلفه. ومن ذلك قيل: " خلف فلانٌ فلانًا في أهله بسوء ", ومنه قول زهير:بِهَا العِينُ وَالآرَامُ يَمْشِينَ خِلْفَةًوَأَطْلاؤُهَا يَنْهَضْنَ مِنْ كُلِّ مَجْثَم (6)* * *وأما " الليل ". فإنه جَمْع " ليلة ", نظيرُ" التمر " الذي هو جمع " تمرة ". وقد يجمع " ليالٍ"، فيزيدون في جَمعها ما لم يكن في واحدتها. وزيادتهم " الياء " في ذلك نظير زيادتهم إياها في" ربَاعية وثَمانية وكرَاهية ".* * *وأما " النهار "، فإنّ العرب لا تكاد تجمعه، لأنه بمنزلة الضوء. وقد سمع في جَمعه " النُّهُر "، قال الشاعر:لَوْلا الثّرِيدانِ هَلَكْنَا بِالضُّمُرْثَرِيدُ لَيْلٍ وثَرِيدٌ بِالنُّهُرْ (7)ولو قيل في جمع قليله " أنهِرَة " كان قياسًا.* * *القول في تأويل قوله تعالى : وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنْفَعُ النَّاسَقال أبو جعفر: يعني تعالى ذكره: إنّ في الفلك التي تجري في البحر.* * *و " الفلك " هو السُّفن, واحدُه وجمعه بلفظ واحد, ويذكَّر ويؤنث، كما قال تعالى ذكره في تذكيره في آية أخرى: وَآيَةٌ لَهُمْ أَنَّا حَمَلْنَا ذُرِّيَّتَهُمْ فِي الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ [سورة يس: 41]، فذكَّره.* * *وقد قال في هذه الآية: " والفلك التي تجري في البحر "، وهي مُجْراة، لأنها إذا أجريت فهي" الجارية ", فأضيف إليها من الصفة ما هو لها. (8)* * *وأما قوله: " بما ينفع الناس "، فإن معناه: ينفعُ الناسَ في البحر.* * *القول في تأويل قوله تعالى : وَمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ مَاءٍ فَأَحْيَا بِهِ الأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَاقال أبو جعفر: يعني تعالى ذكره بقوله: " وما أنزل اللهُ من السماء من مَاء "، وفيما أنزلهُ الله من السماء من ماء, وهو المطر الذي يُنزله الله من السماء.وقوله: " فأحيا به الأرضَ بَعدَ موتها "، وإحياؤها: عمارَتُها، وإخراج نباتها. و " الهاء " التي في" به " عائدة على " الماء " و " الهاء والألف " في قوله: " بعد موتها " على الأرض.و " موت الأرض "، خرابها، ودُثور عمارتها, وانقطاعُ نباتها، الذي هو للعباد أقواتٌ، وللأنام أرزاقٌ.* * *القول في تأويل قوله تعالى : وَبَثَّ فِيهَا مِنْ كُلِّ دَابَّةٍقال أبو جعفر: بعني تعالى ذكره بقوله: " وبث فيها منْ كلّ دَابة "، وإن فيما بثّ في الأرض من دابة.* * *ومعنى قوله: " وبَث فيها "، وفرَّقَ فيها, من قول القائل: " بث الأميرُ سراياه "، يعنى: فرَّق.و " الهاء والألف " في قوله: " فيها "، عائدتان على الأَرْضَ .* * *" والدابة "" الفاعلة "، من قول القائل: " دبَّت الدابة تدبُّ دبيبًا فهي دابة "." والدابة "، اسم لكل ذي رُوح كان غير طائر بجناحيه، لدبيبه على الأرض.* * *القول في تأويل قوله تعالى : وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِقال أبو جعفر: يعني تعالى ذكره بقوله: " وتصريف الرياح "، وفي تصريفه الرياح, فأسقط ذكر الفاعل وأضاف الفعل إلى المفعول, كما تقول: (9) " يعجبني إكرام أخيك ", تريد: إكرامُك أخَاك.* * *" وتصريف " الله إياها، أنْ يُرسلها مَرَّة لَواقحَ, ومرة يجعلها عَقيما, ويبعثها عذابًا تُدمِّر كل شيء بأمر ربها، كما:-2405- حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد, عن قتادة قوله: " وتصريف الرياح والسحاب المسخر " قال، قادرٌ والله ربُّنا على ذلك, إذا شَاء [جعلها رَحمةً لواقح للسحاب ونشرًا بين يدي رحمته، وإذا شاء] جَعلها عذابًا ريحًا عقيمًا لا تُلقح, إنما هي عَذابٌ على من أرسِلتْ عليه. (10)* * *وزعم بعض أهل العربية أنّ معنى قوله: " وتصريف الرياح "، أنها تأتي مَرّة جنوبًا وشمالا وقبولا ودَبورًا. ثم قال: وذلك تصريفها. (11) وهذه الصفة التي وَصَفَ الرياح بها، صفة تصرُّفها لا صفة تصريفها, لأن " تصريفها " تصريفُ الله لها," وتصرفها " اختلافُ هُبوبها.وقد يجوز أن يكون معنى قوله: " وتصريف الرياح "، تصريفُ الله تعالى ذكره هبوب الريح باختلاف مَهابِّها.* * *القول في تأويل قوله تعالى : وَالسَّحَابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ لآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ (164)قال أبو جعفر: يعني تعالى ذكره بقوله: " والسحاب المسخر "، وفي السحاب، جمع " سحابة ". يدل على ذلك قوله تعالى ذكره: وَيُنْشِئُ السَّحَابَ الثِّقَالَ [سورة الرعد: 12] فوحّد المسخر وذكره, كما قالوا: " هذه تَمرة وهذا تمر كثير ". في جمعه," وهذه نخلة وهذا نخل ". (12)وإنما قيل للسحاب " سحاب " إن شاء الله، لجر بعضه بعضًا وسَحبه إياه, من قول القائل: " مرّ فلان يَجر ذَيله "، يعني: " يسحبه ".* * *فأما معنى قوله: " لآيات "، فإنه عَلامات ودلالاتٌ على أن خالق ذلك كلِّه ومنشئه، إله واحدٌ. (13)* * *" لقوم يعقلون "، لمن عَقل مَوَاضع الحجج، وفهم عن الله أدلته على وحدانيته. فأعلم تعالى ذكره عبادَه، بأنّ الأدلة والحجج إنما وُضعت مُعتبَرًا لذوي العقول والتمييز، دون غيرهم من الخلق, إذ كانوا هم المخصوصين بالأمر والنهي, والمكلفين بالطاعة والعبادة, ولهم الثواب، وعليهم العقاب.* * *فإن قال قائل: وكيف احتج على أهل الكفر بقوله: إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ الآية، في توحيد الله؟ وقد علمت أنّ أصنافًا من أصناف الكفرة تدفع أن تكون السموات والأرض وسائر ما ذكر في هذه الآية مخلوقةً؟قيل: إنّ إنكار من أنكر ذلك غيرُ دافع أن يكون جميعُ ما ذكرَ تعالى ذكره في هذه الآية، دليلا على خالقه وصانعه, وأنّ له مدبرًا لا يشبهه [شيء], وبارئًا لا مِثْل له. (14) وذلك وإن كان كذلك, فإن الله إنما حَاجَّ بذلك قومًا كانوا مُقرِّين بأنّ الله خالقهم, غير أنهم يُشركون في عبادته عبادة الأصنام والأوثان. (15) فحاجَّهم تعالى ذكره فقال -إذ أنكروا قوله: وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ ، وزعموا أن له شُركاء من الآلهة-: [إن إلهكم الذي خلق السموات وأجرى فيها الشمس والقمر لكم بأرزاقكم دائبين في سيرهما. وذلك هو معنى اختلاف الليل والنهار في الشمس والقمر] (16) وذلك هو معنى قوله: وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنْفَعُ النَّاسَ - وأنزل إليكم الغيثَ من السماء, فأخصب به جنابكم بعد جُدوبه, وأمرعه بعد دُثوره, فَنَعَشكم به بعد قُنوطكم (17) -، وذلك هو معنى قوله: وَمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ مَاءٍ فَأَحْيَا بِهِ الأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا - وسخَّر لكم الأنعام فيها لكمْ مطاعمُ ومَآكل, ومنها جمالٌ ومراكبُ, ومنها أثاث وملابس - وذلك هو معنى قوله: وَبَثَّ فِيهَا مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ - وأرْسل لكم الرياح لواقح لأشجار ثماركم وغذائكم وأقواتكم، وسيَّر لكم السحاب الذي بَودْقِه حَياتكم وحياة نعمكم ومواشيكم - وذلك هو معنى قوله: " وتصريف الرياح والسحاب المسخَّر بين السماء والأرض ".فأخبرهم أنّ إلههم هو الله الذي أنعمَ عليهم بهذه النعم, وتفرَّد لهم بها. ثم قال: هل من شُركائكم مَن يفعل مِنْ ذلكم من شيء، فتشركوه في عبادتكم إياي, وتجعلوه لي نِدًّا وعِدلا؟ فإن لم يكن من شُركائكم مَنْ يفعل مِنْ ذلكم مِن شيء, ففي الذي عَددت عليكم من نعمتي، وتفردت لكم بأياديّ، دلالاتٌ لكم إن كنتم تَعقلون مواقعَ الحق والباطل، والجور والإنصاف. وذلك أنّى لكم بالإحسان إليكم متفرِّد دون غيري, وأنتم تجعلون لي في عبادتكم إياي أندادًا. فهذا هو معنى الآية.* * *والذين ذُكِّروا بهذه الآية واحتج عليهم بها، هم القوم الذين وصفتُ صفتهم، دون المعطِّلة والدُّهْرية، وإن كان في أصغر ما عدَّ الله في هذه الآية، من الحجج البالغة, المَقْنَعُ لجميع الأنام، تركنا البيان عنه، كراهة إطالة الكتاب بذكره.-----------------الهوامش :(1) الزيادة بين القوسين لا يتم الكلام إلا بها ، ويدل عليها ما سيأتي في الآثار بعد .(2) في المطبوعة : "فقال المشركون للنبي . . . " ، والصواب طرح هذه الفاء .(3) انظر ما سلف 1 : 431-437 .(4) لم يتبع أبو جعفر في هذا الموضع ما درج عليه من ترجيح القول الذي يختاره . وهذا مما يدل على ما ذهبنا إليه ، أنه كان يختصر كلامه أحيانًا ، مخافة الإطالة . هذا إذا لم يكن في المخطوطات خرم أو اختصار من ناسخ أو كاتب .(5) "خلوف" مصدر"خلف" ، ولم أجده في كتب اللغة ، ولكنه عربي معرق في قياسه .(6) ديوانه : من معلقته العتيقة . والهاء في"بها" إلى"ديار أم أوفى" صاحبته . والعين جمع عيناء : وهي بقر الوحش ، واسعة العيون جميلتها . والآرام جمع رئم : وهي الظباء الخوالص البياض ، تسكن الرمل . "خلفة" إذا جاء منها فوج ذهب آخر يخلفه مكانه . يصف مجيئها وذهوبها في براح هذه الرملة . والأطلاء جمع طلا : وهو ولد البقرة والظبية الصغير . ويصف الصغار من أولاد البقر والظباء في هذه الرملة ، وقد نهض هذا وذاك منها من موضع جثومه . يصف اختلاف الحركة في هذه الفقرة المهجورة التي فارقتها أم أوفى ، وقد وقف بها من بعد عشرين حجة - ، كما ذكر .(7) تهذيب الألفاظ : 422 ، والمخصص 9 : 51 ، واللسان (نهر) ، والأزمنة والأمكنة 1 : 77 ، 155 وغيرها . ورواية اللسان والمخصص"لمتنا بالضمر" . والضمر (بضم الميم وسكونها) مثل العسر والعسر : الهزال ولحاق البطن من الجوع وغيره . والثريد : خبز يهشم ويبل بماء القدر ويغمس فيه حتى يلين .(8) انظر ما سلف 1 : 196 .(9) في المطبوعة : "كما قال : يعجبني . . يريد" ، والصواب ما أثبت .(10) الزيادة بين القوسين من نص الدر المنثور 1 : 164 ، من نص تفسير قتادة الذي أخرجه الطبري .(11) هذه مقالة الفراء في معاني القرآن 1 : 97 .(12) في المطبوعة : "كما قال : هذه ثمرة . . . " ، والصواب ما أثبته .(13) انظر معنى"آية" فيما سلف 1 : 106 ، وفهارس اللغة . وقد ترك الطبري تفسيره"المسخر" ، وكأن في الأصول اختصارًا من ناسخ أو كاتب ، إن لم يكن من الطبري نفسه ، كما أشرت إليه فيما مضى .(14) الزيادة بين القوسين لا بد منها هنا .(15) انظر ما سلف في 1 : 371 ، والرد على من ظن أن العرب كانت غير مقرة بالوحدانية .(16) هذه الجملة قد سقط منها شيء كثير ، فاختلت واضطربت ، وكأن صوابها ما يأتي : [إنّ إلهكم الذي خلق لَكم السَّموَات والأرض ، فخلق الأرض وقَدّر لكم فيها أرزاقكم وأقواتكم ، وخلق السَّمَوات وأجرى فيها الشمس والقمر دائبين في سيرهما - وذلك هو معنى : (واختلاف الليل والنهار) -وخلق الرياح التي تسوق السفن التي تحملكم فتجريها في البحر لتبتغوا من فضله] -(17) أمرع الأرض : صيرها خصبة بعد الجدب . والدثور : الدروس ، يريد خرابها وانمحاء آثار عمارتها من النبات وغيره . وكان في المطبوعة : "فينعثكم" ، والصواب ما أثبت . ونعشه الله ينعشه : رفعه وتداركه برحمته .
وَ مِنَ النَّاسِ مَنْ یَّتَّخِذُ مِنْ دُوْنِ اللّٰهِ اَنْدَادًا یُّحِبُّوْنَهُمْ كَحُبِّ اللّٰهِؕ-وَ الَّذِیْنَ اٰمَنُوْۤا اَشَدُّ حُبًّا لِّلّٰهِؕ-وَ لَوْ یَرَى الَّذِیْنَ ظَلَمُوْۤا اِذْ یَرَوْنَ الْعَذَابَۙ-اَنَّ الْقُوَّةَ لِلّٰهِ جَمِیْعًاۙ-وَّ اَنَّ اللّٰهَ شَدِیْدُ الْعَذَابِ (۱۶۵)
اور کچھ لوگ اللہ کے سوا اور معبود بنالیتے ہیں کہ انہیں اللہ کی طرح محبوب رکھتے ہیں اور ایمان والوں کو اللہ کے برابر کسی کی محبت نہیں اور کیسے ہو اگر دیکھیں ظالم وہ وقت جب کہ عذاب ان کی آنکھوں کے سامنے آئے گا اس لئے کہ سارا زور خدا کو ہے اور اس لئے کہ اللہ کا عذاب بہت سخت ہے،
القول في تأويل قوله تعالى : وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِقال أبو جعفر: يعني تعالى ذكره بذلك: أنّ من الناس من يتخذ من دون الله أندادًا له =وقد بينا فيما مضى أن " الندّ"، العدل، بما يدل على ذلك من الشواهد، فكرهنا إعادته. (18)* * *= وأن الذين اتخذوا هذه " الأنداد " من دُون الله، يحبون أندادهم كحب المؤمنين الله. ثم أخبرَهم أن المؤمنين أشد حبًا لله، من متخذي هذه الأنداد لأندادهم.* * *واختلف أهل التأويل في" الأنداد " التي كان القوم اتخذوها. وما هي؟* * *فقال بعضهم: هي آلهتهم التي كانوا يعبدونها من دون الله.* ذكر من قال ذلك.2406- حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد, عن سعيد, عن قتادة قوله: " ومن الناس من يَتخذ من دون الله أندادًا يحبونهم كحب الله والذين آمنوا أشد حبًا لله "، من الكفار لأوثانهم.2407- حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد في قوله تعالى ذكره: " يحبونهم كحب الله "، مباهاةً ومُضاهاةً للحقّ بالأنداد،" والذين آمنوا أشد حبًا لله "، من الكفار لأوثانهم.2408- حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد مثله.2409- حدثت عن عمار قال، حدثنا ابن أبي جعفر, عن أبيه, عن الربيع قوله: " ومن الناس من يتخذُ من دُون الله أندادًا يحبونهم كحب الله " قال، هي الآلهة التي تُعبد من دون الله، يقول: يحبون أوثانهم كحب الله،" والذين آمنوا أشد حبًا لله ", أي من الكفار لأوثانهم.2410- حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد في قوله: " ومنَ الناس من يَتخذ من دون الله أندادًا يحبونهم كحب الله " قال، هؤلاء المشركون. أندادُهم: آلهتهم التي عَبدوا مع الله، يحبونهم كما يحب الذين آمنوا الله، والذين آمنوا أشد حبًا لله من حبهم هم آلهتَهم.* * *وقال آخرون: بل " الأنداد " في هذا الموضع، إنما هم سادتهم الذين كانوا يطيعونهم في معصية الله تعالى ذكره.* ذكر من قال ذلك:2411- حدثني موسى قال، حدثنا عمرو قال، حدثنا أسباط, عن السدي: " ومنَ الناس من يَتخذ من دُون الله أندادًا يحبونهم كحب الله " قال، الأنداد من الرجال، يطيعونهم كما يطيعون الله، إذا أمروهم أطاعوهم وعَصَوا الله. (19)* * *فإن قال قائل: وكيف قيل: " كحب الله "؟ وهل يحب الله الأنداد؟ وهل كان مُتخذو الأنداد يحبون الله، فيقال: " يُحبونهم كحب الله "؟قيل: إنّ معنى ذلك بخلاف ما ذهبتَ إليه, وإنما ذلك نظير قول القائل: (20) " بعت غُلامي كبيع غلامِك ", بمعنى: بعته كما بيع غلامك، وكبيْعك غُلامَك," واستوفيتُ حَقي منه استيفاء حَقك ", بمعنى: استيفائك حقك، فتحذف من الثاني كناية اسم المخاطَب، اكتفاء بكنايته في" الغلام " و " الحق ", كما قال الشاعر:فَلَسْتُ مُسَلِّمًا مَا دُمْتُ حَيَّاعَلَى زَيْدٍ بِتَسْلِيم الأمِيرِ (21)يعنى بذلك: كما يُسلَّم على الأمير.* * *فمعنى الكلام إذًا: ومنَ الناس من يتخذ، أيها المؤمنون، من دون الله أندادًا يحبونهم كحبكُم الله. (22)* * *القول في تأويل قوله تعالى : وَلَوْ يَرَى الَّذِينَ ظَلَمُوا إِذْ يَرَوْنَ الْعَذَابَ أَنَّ الْقُوَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا وَأَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعَذَابِ (165)قال أبو جعفر: اختلفت القرأة في قراءة ذلك. فقرأه عامة أهل المدينة والشأم: " ولوْ ترى الذين ظَلموا " بالتاء " إذ يَرون العذابَ" بالياء " أن القوة لله جميعًا وأن الله شديدُ العذاب " بفتح " أنّ" و " أنّ" كلتيهما - بمعنى: ولو ترى يا محمد الذين كفروا وَظَلموا أنفسهم، حينَ يَرون عذابَ الله ويعاينونه " أنّ القوة لله جميعًا وأن الله شديدُ العذاب ".ثم في نصَبْ" أنّ" و " أنّ" في هذه القراءة وجهان: أحدهما أن تُفتح بالمحذوف من الكلام الذي هو مطلوب فيه, فيكون تأويل الكلام حينئذ: ولو ترى يَا محمد الذين ظلموا إذ يرون عذاب الله، لأقروا -ومعنى ترى: تبصر- أن القوة لله جميعًا, وأنّ الله شديد العذاب. ويكون الجواب حينئذ -إذا فتحت " أن " على هذا الوجه- متروكًا، قد اكتفى بدلالة الكلام عليه، ويكون المعنى ما وصفت. فهذا أحد وجهي فتح " أن "، على قراءة من قرأ: " ولو ترى " ب " التاء ".والوجهُ الآخر في الفتح: أن يكون معناه: ولو ترى، يا محمد، إذ يَرى الذين ظلموا عذابَ الله, لأن القوة لله جميعًا, وأن الله شديد العذاب, لعلمت مبلغ عذاب الله. ثم تحذف " اللام "، فتفتح بذلك المعنى، لدلالة الكلام عليها.* * *وقرأ ذلك آخرون من سَلف القراء: " ولو تَرى الذين ظَلموا إذ يرون العذاب إن القوة لله جميعًا وإن الله شديدُ العذاب ". بمعنى: ولو ترى، يا محمد، الذين ظلموا حين يعاينون عذابَ الله، لعلمت الحال التي يصيرون إليها. ثم أخبر تعالى ذكره خبرًا مبتدأ عن قدرته وسلطانه، بعد تمام الخبر الأول فقال: " إن القوة لله جميعًا " في الدنيا والآخرة، دون من سواه من الأنداد والآلهة," وإن الله شديد العذاب " لمن أشرك به، وادعى معه شُركاء، وجعل له ندًا.* * *وقد يحتمل وجهًا آخر في قراءة من كسر " إن " في" ترى " بالتاء. وهو أن يكون معناه: ولو ترَى، يا محمد الذين ظلموا إذ يرون العذابَ يقولون: إنّ القوة لله جميعًا وإنّ الله شديد العذاب. ثمّ تحذفُ" القول " وتَكتفي منه بالمقول.* * *وقرأ ذلك آخرون: " ولو يَرَى الذين ظلموا " بالياء " إذ يَرَون العذاب أن القوة لله جميعًا وأن الله شَديدُ العذاب " بفتح " الألف " من " أنّ"" وأنّ", بمعنى: ولو يرى الذين ظلموا عذابَ الله الذي أعد لهم في جهنم، لعلموا حين يَرونه فيعاينونه أن القوة لله جميعًا وأن الله شديد العذاب, إذ يرون العذاب. فتكون " أن " الأولى منصوبة لتعلقها بجواب " لو " المحذوف، ويكون الجواب متروكًا, وتكون الثانية معطوفة على الأولى. وهذه قراءة عامة القرّاء الكوفيين والبصريين وأهل مكة.* * *وقد زعم بعض نحويي البصرة أنّ تأويل قراءة من قرأ: " ولو يَرَى الذين ظلموا إذ يرون العذابَ أن القوة لله جميعًا وأن الله شديد العذاب " بالياء في" يرى " وفتح " الألفين " في" أن "" وأن "-: ولو يعلمون، (23) لأنهم لم يكونوا علموا قدر ما يعاينون من العذاب. وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم عَلم, فإذا قال: " ولو ترى ", فإنما يخاطب النبي صلى الله عليه وسلم.ولو كسر " إنّ" على الابتداء، إذا قال: " ولو يرى " جاز, لأن " لو يرى "، لو يعلم.وقد تكون " لو " في معنى لا يَحتاج معها إلى شيء. (24) تقول للرجل: " أمَا وَالله لو يعلم، ولو تعلم " (25) كما قال الشاعر: (26)إنْ يكُنْ طِبَّكِ الدّلالُ, فلَوْ فِيسَالِفِ الدَّهْرِ والسِّنِينَ الخَوَالِي! (27)هذا ليس له جواب إلا في المعنى, وقال الشاعر (28)وَبِحَظٍّ مِمَّا نَعِيشُ, وَلاتَذْهَبْ بِكَ التُّرَّهَاتُ فِي الأهْوَالِ (29)فأضمر: فعيشي. (30)قال: وقرأ بعضهم: " ولو تَرى "، وفتح " أن " على " ترى ". وليس بذلك، (31) لأن النبي صلى الله عليه وسلم يعلم, ولكن أراد أن يعلم ذلك الناسُ، كما قال تعالى ذكره: أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ [سورة السجدة: 3]، ليخبر الناس عن جهلهم, وكما قال: أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ [سورة البقرة: 107]. (32)* * *قال أبو جعفر: وأنكر قوم أن تكون " أنّ" عاملا فيها قوله: " ولو يرى ". وقالوا: إنّ الذين ظلموا قَد علموا حين يَرون العذاب أن القوة لله جميعًا, فلا وجه لمن تأوَّل ذلك: ولو يَرى الذين ظلموا أنّ القوة لله. وقالوا: إنما عمل في" أن " جواب " لو " الذي هو بمعنى " العلم ", لتقدم " العلم " الأول. (33)* * *وقال بعض نحويي الكوفة: مَنْ نصب: " أن القوة لله وأن الله شديد العذاب " ممن قرأ: " ولو يَرَى " بالياء، فإنما نصبها بإعمال " الرؤية " فيها, وجعل " الرؤية " واقعةً عليها. وأما مَنْ نصبها ممن قرأ: " ولو ترى " بالتاء, فإنه نَصبَها على تأويل: لأنّ القوة لله جميعًا, ولأن الله شديد العذاب. قال: ومن كسرهما ممن قرأ بالتاء، فإنه يكسرهما على الخبر.* * *وقال آخرون منهم: فتح " أنّ" في قراءة من قرأ: " ولو يَرَى الذين ظلموا " بالياء، بإعمال " يرى ", وجوابُ الكلام حينئذ متروك, كما ترك جواب: وَلَوْ أَنَّ قُرْآنًا سُيِّرَتْ بِهِ الْجِبَالُ أَوْ قُطِّعَتْ بِهِ الأَرْضُ [سورة الرعد: 31]، لأن معنى الجنة والنار مكررٌ معروف. (34) وقالوا: جائز كسر " إن "، في قراءة من قرأ ب " الياء ", وإيقاع " الرؤية " على " إذ " في المعنى, وأجازوا نصب " أن " على قراءة من قرأ ذلك ب " التاء "، لمعنى نية فعل آخر, وأن يكون تأويل الكلام: " ولو ترى الذين ظَلموا إذ يرون العذاب "، [يرَون] أنّ القوة لله جميعا، (35) وزعموا أن كسر " إنّ" الوجهُ، إذا قرئت: " ولو تَرَى " ب " التاء " على الاستئناف, لأن قوله: " ولو ترى " قد وَقع على " الذين ظلموا ". (36)* * *قال أبو جعفر: والصواب من القراءة عندنا في ذلك: " ولو تَرَى الذين ظلموا " -بالتاء من " ترى "-" إذ يرون العذاب أن القوة لله جميعًا وأن الله شديد العذاب " بمعنى: لرأيتَ أن القوة لله جميعًا وأن الله شديد العذاب. فيكون قوله: " لرأيت " الثانية، محذوفةً مستغنى بدلالة قوله: " ولو ترى الذين ظلموا "، عن ذكره, وإن كان جوابًا ل " لو ". (37)ويكون الكلام، وإن كان مخرجه مَخرجَ الخطاب لرسول الله صلى الله عليه وسلم - معنيًّا به غيره. لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان لا شك عالمًا بأن القوة لله جميعًا، وأن الله شديد العذاب. ويكون ذلك نظيرَ قوله: أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ [سورة البقرة: 107] وقد بيناه في موضعه. (38)وإنما اخترنا ذلك على قراءة " الياء "، لأن القوم إذا رَأوا العذاب، قَد أيقنوا أن القوة لله جميعًا وأن الله شديد العذاب, فلا وجه أن يُقال: لو يرون أنّ القوة لله جميعًا - حينئذ. لأنه إنما يقال: " لو رأيت "، لمن لم يرَ, فأما من قد رآه، فلا معنى لأن يقال له: " لو رأيت ".* * *ومعنى قوله: " إذ يَرون العذاب "، إذ يُعاينون العذاب، كما:-2412- حدثت عن عمار بن الحسن قال، حدثنا ابن أبي جعفر, عن أبيه, عن الربيع قوله: " ولو يرى الذين ظَلموا إذ يَرون العذابَ أن القوة لله جميعًا، وأن الله شديد العذاب "، يقول: لو عاينوا العذاب.* * *وإنما عنى تعالى ذكره بقوله: " ولو تَرَى الذين ظلموا "، ولو ترى، يا محمد، الذين ظلموا أنفسهم، فاتخذوا من دوني أندادًا يحبونهم كحبكم إياي, حين يُعاينون عَذابي يومَ القيامة الذي أعددتُ لهم, لعلمتم أن القوة كلها لي دُون الأنداد والآلهة, وأنّ الأنداد والآلهة لا تغني عنهم هنالك شيئًا, ولا تدفع عنهم عذابًا أحللتُ بهم, وأيقنتم أنِّي شديدٌ عذابي لمن كفر بي، وادَّعى مَعي إلهًا غيري.----------------الهوامش :(18) انظر ما سلف 1 : 368-370 .(19) الأثر : 2411- في المطبوعة : "حدثني موسى قال حدثنا أسباط" ، أسقط منه"قال حدثنا عمرو" ، وهو إسناد دائر في التفسير ، أقر به رقم : 2404 . ثم انظر ص : 288 س : 11 فسيأتي تأويله وبيانه عن قول السدي .(20) في المطبوعة : "وإنما نظير ذلك" ، وأثبت أولى العبارتين بالسياق والمعنى .(21) لم أعرف قائله . وسيأتي في هذا الجزء 3 : 311 ، وهو من أبيات أربعة في البيان والتبيين 4 : 51 ، ومعاني القرآن للفراء 1 : 100 ، وأمالي الشريف 1 : 215 . وبعد البيت :أَميرٌ يأكُلُ الفَالُوذَ سِرًّاويُطْعِمُ ضيفَهُ خُبْزَ الشَّعِير!أتذكُرُ إذْ قَبَاؤك جلْدُ شاةٍوَإِذْ نَعْلاَكَ من جِلْدِ البَعِيرِ?فسُبْحان الذي أعطاك مُلْكًاوعَلَّمك الجلوسَ على السَّرِير!!(22) في المطبوعة : "كحب الله" ، وليس هذا تفسيرًا على سياق كلامه وتفسيره ، بل هو نص الآية ، والصواب ما أثبت .(23) يريد أن"يرى" بمعنى : يعلم . وقاله أبو عبيدة في مجاز القرآن : 62 .(24) في المطبوعة : "وقد تكون"لو يعلم" في معنى لا يحتاج . . . " ، والصواب حذف"يعلم" فإنه أراد"لو" وحدها ، وذلك ظاهر في استدلاله بعد .(25) في المطبوعة : "لو يعلم" في الموضعين ، والصواب جعل إحداهما بالياء . والأخرى بالتاء .(26) هو عبيد بن الأبرص .(27) ديوانه : 37 ، من قصيدة جيدة يعاتب امرأته وقد عزمت على فراقه ، وقبله :تلكَ عِرْسِي تَرُومُ قِدْمًا زِيَالِيأَلِبَيْنٍ تُرِيد أَمْ لِدَلاَلِ?والزيال : المفارقة . وقوله : "طبك" ، أي شهوتك وإرادتك وبغيتك . يقول لها : إن كنت الدلال على تبغين وترومين ، فقد مضى حين ذلك ، أيام كنا شبابًا في سالف دهرنا وليالينا الخوالي! إذ- :أنْت بَيْضَاءُ كالمهاة, وإِذْاآتِيكِ نَشْوَانَ مُرْخِيًا أَذْيالِي(28) هو عبيد بن الأبرص أيضًا من قصيدته السالفة .(29) ديوانه : 37 ، وسيأتي في التفسير 7 : 117 ، وهو في الموضعين مصحف . كان هنا"وبحظ ما تعيش" . قال لها ذلك بعد أن ذكر أنها زعمت أنه كبر وقل ماله ، وضن عنه إخوانه وأنصاره . ثم أمرها أن ترفض مقالة العاذلين ، ويعظها أن تعيش معه بما يعيش به . والترهات جمع ترهة : وهي أباطيل الأمور . والأهوال جمع هول : وهو الأمر المخيف . ثم ذكر لها أمر أهلها إذا فارقته إليهم وما تلقاه من أهوال ، فقال :مِنْهُمُ مُمْسِكٌ, ومِنْهم عَدِيمٌ,وبَخِيلُ عَلَيْكِ فِي بُخّالِ(30) في المطبوعة : "فأضمر : عش" ، والصواب ما أثبت ، وستأتي على الصواب في الجزء السابع .(31) قوله : "ليس بذلك" ، أي قول ضعيف ليس بذلك القوي .(32) انظر ما سلف 2 : 484-488 .(33) يعني بالعلم الأول"لو يرى" بمعنى"لو يعلم" ، والآخر الجواب المحذوف : "لعلموا" .(34) انظر معاني القرآن للفراء 1 : 97 ، وفيه"معاني الجنة . . . " ، والصواب ما في الطبري وإحدى نسخ معاني القرآن .(35) الذي بين القوسين زيادة لا بد منها ، وإلا اختل الكلام ، واستدركتها من معاني القرآن للفراء 1 : 98 .(36) هذا قول الفراء في معاني القراء 1 : 97-98 ، مع بعض التصرف في اللفظ . وقوله : "وقع" ، و"الوقوع" يعني به تعدي الفعل إليه . وانظر فهرس المصطلحات .(37) في المطبوعة : "وإن كان جوابًا . . . " ، والصواب ما أثبت .(38) انظر ما سلف 2 : 484-488 .
اِذْ تَبَرَّاَ الَّذِیْنَ اتُّبِعُوْا مِنَ الَّذِیْنَ اتَّبَعُوْا وَ رَاَوُا الْعَذَابَ وَ تَقَطَّعَتْ بِهِمُ الْاَسْبَابُ(۱۶۶)
جب بیزار ہوں گے پیشوا اپنے پیروؤں سے (ف۲۹۳) اور دیکھیں گے عذاب اور کٹ جائیں گی ان کی سب ڈوریں (ف۲۹۴)
القول في تأويل قوله تعالى إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُوا مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا وَرَأَوُا الْعَذَابَقال أبو جعفر: يعني تعالى ذكره بقوله: " إذْ تبرَأ الذين اتُّبعوا منَ الذين اتبعوا ورَأوا العذاب "، إذ تبرأ الذين اتبعوا من الذين اتبعواهم. (39)* * *ثم اختلف أهل التأويل في الذين عَنى الله تعالى ذكره بقوله: " إذ تَبرأ الذين اتُّبعوا من الذين اتَّبعوا "، فقال بعضهم بما:-2413- حدثنا به بشر بن معاذ قال: حدثنا يزيد بن زريع قال، حدثنا سعيد, عن قتادة قوله: " إذ تبرأ الذين اتُّبعوا "، وهم الجبابرة والقادةُ والرؤوس في الشرك," من الذين اتَّبعوا "، وهم الأتباع الضعفاء," ورأوا العذاب ".2414- حدثني المثنى قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا ابن أبي جعفر, عن أبيه, عن الربيع: " إذ تَبرأ الذين اتبعوا من الذين اتبعوا " قال، تبرأت القادةُ من الأتباع يوم القيامة.2415- حدثني القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج قال، ابن جريج: قلت لعطاء: " إذ تبرَّأ الذين اتُّبعوا من الذين اتَّبعوا " قال، تبرأ رؤساؤهم وقادَتهم وساداتهم من الذين اتبعوهم.* * *وقال آخرون بما:-2416- حدثني به موسى بن هارون قال، حدثنا عمرو بن حماد قال، حدثنا أسباط, عن السدي: " إذ تبرأ الذين اتُّبعُوا من الذين اتُّبعوا "، أما " الذين اتُّبعوا "، فهم الشياطين تبرأوا من الإنس.* * *قال أبو جعفر: والصواب من القول عندي في ذلك أنّ الله تعالى ذكره أخبرَ أنّ المتَّبَعين على الشرك بالله يتبرأون من أتباعهم حين يعاينون عذاب الله. ولم يخصص بذلك منهم بعضًا دون بعض, بل عَمّ جميعهم. فداخلٌ في ذلك كل متبوع على الكفر بالله والضلال أنه يتبرأ من أتباعه الذين كانوا يتَّبعونه على الضلال في الدنيا، إذا عاينوا عَذابَ الله في الآخرة.* * *وأما دِلالة الآية فيمن عنى بقوله: " إذ تَبرأ الذين اتبعوا من الذين اتَّبعوا "، فإنها إنما تدل على أنّ الأنداد الذين اتخذهم مِن دون الله مَنْ وَصَف تعالى ذكره صفتَه بقوله: وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَادًا ، هم الذين يتبرأون من أتباعهم.وإذ كانت الآيةُ على ذلك دَالّةً، صحّ التأويل الذي تأوله السدي في قوله: (40) وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَادًا ، أن " الأنداد " في هذا الموضع، إنما أريد بها الأندادُ من الرجال الذين يُطيعونهم فيما أمرُوهم به من أمر, ويَعصُون الله في طاعتهم إياهم, كما يُطيع اللهَ المؤمنون ويَعصون غيره = وفسد تأويل قول من قال: (41) " إذ تبرأ الذين اتُّبعوا من الذين اتَّبعوا "، إنهم الشياطين تَبرءوا من أوليائهم من الإنس. لأن هذه الآية إنما هي في سياق الخبر عن مُتخذي الأنداد.* * *القول في تأويل قوله تعالى : وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الأَسْبَابُ (166)قال أبو جعفر: يعني تعالى ذكره بذلك: أن الله شديد العذاب، إذ تبرأ الذين اتبعوا, وإذ تَقطعت بهم الأسباب.* * *ثم اختلف أهل التأويل في معنى " الأسباب ". فقال بعضهم بما:-2417- حدثني به يحيى بن طلحة اليربوعي قال، حدثنا فضيل بن عياض -وحدثنا ابن حميد قال، حدثنا جرير,- عن عبيد المكتب, عن مجاهد: " وتَقطعت بهمُ الأسباب " قال، الوصال الذي كان بينهم في الدنيا. (42)2418- حدثنا إسحاق بن إبراهيم بن حبيب بن الشهيد قال، حدثنا يحيى بن يمان, عن سفيان, عن عبيد المكتب, عن مجاهد: " وتقطَّعت بهم الأسباب " قال، تواصلهم في الدنيا. (43)2419 - حدثنا محمد بن بشار قال، حدثنا عبد الرحمن -وحدثنا أحمد بن إسحاق الأهوازي قال، حدثنا أبو أحمد - جميعًا قالا حدثنا سفيان, عن عبيد المكتب, عن مجاهد بمثله.2420- حدثني محمد بن عمرو قال: حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى, عن ابن أبي نحيح, عن مجاهد: " وتقطعت بهم الأسباب " قال، المودّة.2421- حدثنا المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد مثله.2422- حدثني القاسم قال، حدثني الحسين قال، حدثني حجاج, عن ابن جريج, عن مجاهد قال: تواصلٌ كان بينهم بالمودة في الدنيا.2423- حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم, عن عيسى قال، أخبرني قيس بن سعد, عن عطاء, عن ابن عباس في قول الله تعالى ذكره: " وتقطّعت بهم الأسباب " قال، المودة.2424- حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد بن زريع قال، حدثنا سعيد, عن قتادة: " وتقطعت بهم الأسباب "، أسبابُ الندامة يوم القيامة, وأسباب المواصلة التي كانت بينهم في الدنيا يتواصلون بها، ويتحابُّون بها, فصارت عليهم عداوةً يوم القيامة، ثُمَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُ بَعْضُكُمْ بِبَعْضٍ وَيَلْعَنُ بَعْضُكُمْ بَعْضًا ويتبرأ بعضُكم من بعض. وقال الله تعالى ذكره: الأَخِلاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلا الْمُتَّقِينَ [سورة الزخرف: 67]، فصارت كل خُلَّة عداوة على أهلها إلا خُلة المتقين.2425- حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر, عن قتادة في قوله: " وتقطعت بهم الأسباب " قال، هو الوصْل الذي كان بينهم في الدنيا.2426- حدثت عن عمار بن الحسن قال، حدثنا ابن أبي جعفر, عن أبيه, عن الربيع: " وتقطعت بهم الأسباب "، يقول: الأسبابُ، الندامة.* * *وقال بعضهم: بل معنى " الأسباب "، المنازل التي كانت لهم من أهل الدنيا.* ذكر من قال ذلك:2427- حدثني محمد بن سعد قال، حدثني أبي قال، حدثني عمي قال، حدثني أبي, عن أبيه, عن ابن عباس: " وتقطعت بهم الأسباب "، يقول: تقطّعت بهم المنازلُ.2428- حدثني المثنى قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا عبد الرحمن بن سعد, عن أبي جعفر الرازي, عن الربيع بن أنس: " وتقطعت بهم الأسباب " قال، الأسباب المنازل.* * *وقال آخرون: " الأسباب "، الأرحام.* ذكر من قال ذلك:2429- حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسن قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج قال، قال ابن جريج, وقال ابن عباس: " وتقطعت بهم الأسباب " قال، الأرحام.* * *وقال آخرون : " الأسباب "، الأعمال التي كانوا يعملونها في الدنيا.* ذكر من قال ذلك:2430- حدثني موسى بن هارون قال، حدثنا عمرو بن حماد قال، حدثنا أسباط, عن السدي: أمّا " وتقطعت بهم الأسباب "، فالأعمال.2431- حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد في قوله: " وتقطعت بهم الأسباب " قال، أسباب أعمالهم, فأهل التقوى أعطوا أسبابَ أعمالهم وَثيقةً، فيأخذون بها فينجُون, والآخرون أعطوا أسبابَ أعمالهم الخبيثة، فتقطَّعُ بهم فيذهبون في النار.* * *قال أبو جعفر: (44) " والأسباب "، الشيء يُتعلَّقُ به. قال: و " السبب " الحبل." والأسباب " جمع " سَبب ", وهو كل ما تسبب به الرجل إلى طَلبِته وحاجته. فيقال للحبل " سبب "، لأنه يُتسبب بالتعلق به إلى الحاجة التي لا يوصل إليها إلا بالتعلق به. ويقال للطريق " سبب "، للتسبب بركوبه إلى ما لا يدرك إلا بقطعه. وللمصاهرة " سبب "، لأنها سَببٌ للحرمة. وللوسيلة " سَبب "، للوصول بها إلى الحاجة, وكذلك كل ما كان به إدراك الطلبة، فهو " سبب " لإدراكها.فإذْ كان ذلك كذلك، فالصواب من القول في تأويل قوله: " وتقطعت بهم الأسباب " أن يقال: إن الله تعالى ذكره أخبرَ أن الذين ظلموا أنفسهم -من أهل الكفر الذين ماتوا وهم كفار- يتبرأ = عند معاينتهم عذابَ الله = المتبوعُ من التابع, وتتقطع بهم الأسباب.وقد أخبر تعالى ذكره في كتابه أن بَعضهم يلعنُ بعضًا, وأخبر عن الشيطان أنه يقول لأوليائه: مَا أَنَا بِمُصْرِخِكُمْ وَمَا أَنْتُمْ بِمُصْرِخِيَّ إِنِّي كَفَرْتُ بِمَا أَشْرَكْتُمُونِ مِنْ قَبْلُ [سورة إبراهيم: 22]، وأخبر تعالى ذكره أنّ الأخلاء يومئذ بعضهم لبعض عدو إلا المتقين, وأن الكافرين لا ينصر يومئذ بعضهم بعضًا, فقال تعالى ذكره: وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْئُولُونَ * مَا لَكُمْ لا تَنَاصَرُونَ [سورة الصافات:24-25] وأنّ الرجل منهم لا ينفعه نسيبه ولا ذو رحمه, وإن كان نسيبه لله وليًّا, فقال تعالى ذكره في ذلك: وَمَا كَانَ اسْتِغْفَارُ إِبْرَاهِيمَ لأَبِيهِ إِلا عَنْ مَوْعِدَةٍ وَعَدَهَا إِيَّاهُ فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلَّهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ [سورة التوبة: 114] وأخبر تعالى ذكره أنّ أعمالهم تَصيرُ عليهم حسرات.وكل هذه المعاني أسباب يتسبب في الدنيا بها إلى مطالب, فقطع الله منافعها في الآخرة عن الكافرين به، لأنها كانت بخلاف طاعته ورضاه، فهي منقطعة بأهلها. فلا خِلالُ بعضهم بعضًا نَفعهم عند ورُودهم على ربهم، (45)ولا عبادتُهم أندادهم ولا طاعتهم شياطينهم؛ ولا دافعت عنهم أرحامٌ فنصرتهم من انتقام الله منهم, ولا أغنت عنهم أعمالهم، بل صارت عليهم حسرات. فكل أسباب الكفار منقطعة.فلا مَعْنِىَّ أبلغُ -في تأويل قوله: " وتقطعت بهم الأسباب "- من صفة الله [ذلك] وذلك ما بيَّنا من [تقطّع] جَميع أسبابهم دون بَعضها، (46) على ما قلنا في ذلك. ومن ادعى أن المعنيَّ بذلك خاص من الأسباب، سُئل عن البيان على دعواه من أصلٍ لا منازع فيه, وعورض بقول مخالفه فيه. فلن يقول في شيء من ذلك قولا إلا ألزم في الآخر مثله.-------------------الهوامش :(39) في المطبوعة : "من الذين اتبعوا" مرة أخرى ، والصواب"اتبعوهم" كما أثبت ، وإلا لم يكن ذلك إلا تكرارًا بلا معنى .(40) انظر الأثر رقم : 2411 .(41) قوله : "وفسد" معطوف على قوله : "صح" .(42) الخبر : 2417- فضيل بن عياض بن مسعود التميمي الزاهد الخراساني : ثقة ، قال ابن سعد : "كان ثقة ثبتًا فاضلا عابدًا ورعًا كثير الحديث" . مات في أول المحرم سنة 187 بمكة . مترجم في التهذيب ، والكبير 4/1/123 ، والصغير : 209 ، وابن سعد 5 : 366 ، وابن أبي حاتم 3/2/73 .وهذا الخبر يرويه أبو جعفر بإسنادين : من طريقي الفضيل بن عياض ، ثم من طريقي جرير ، وهو ابن عبد الحميد الضبي - كلاهما عن عبيد المكتب . ثم سيرويه عقب ذلك ، بإسنادين آخرين : 2418 ، 2419 ، من رواية سفيان ، وهو الثوري ، عن عبيد المكتب .و"عبيد المكتب" ، بضم الميم وسكون الكاف وكسر التاء المثناة ، من"الإكتاب" ، أي تعليم الكتابة : هو عبيد بن مهران الكوفي ، وهو ثقة ، أخرج له مسلم في صحيحه . مترجم في التهذيب ، وابن سعد 6 : 237 ، وابن أبي حاتم 3/1/2 .(43) الخبر : 2418- إسحاق بن إبراهيم بن حبيب بن الشهيد ، شيخ الطبري : ثقة مأمون . مترجم في التهذيب ، وابن أبي حاتم 1/1/211 ، وتاريخ بغداد 6 : 370 .(44) من أول هذه الفقرة ، كلام أبي جعفر ، وأخشى أن يكون سقط شيء قبله . وهذا الابتداء على كل حال ، جار على غير النهج الذي سار عليه كتابه من قبل ومن بعد .(45) في المطبوعة : "ينفعهم" ، والصواب ما أثبت ، فالأفعال قبله وبعده كلها ماضية . والخلال مصدر خاله (بشديد اللام) يخاله مخالة وخلالا : وهي الصداقة والمودة ، يقول امرؤ القيس :صَرَفتُ الهَوَى عَنْهُنَّ مِنْ خَشْيَةِ الرَّدَىفَلَسْتُ بِمَقْلِيِّ الخِلالِ وَلاَ قَالي(46) الزيادة التي بين الأقواس ، لا بد منها حتى يستقم صدر الكلام وآخره ، في الجملة التالية . ويعني بقوله"صفة الله" : ما وصف الله سبحانه من تقطع أسباب الكافرين يوم القيامة ، كالذي عدده آنفًا في الفقرة السالفة .
وَ قَالَ الَّذِیْنَ اتَّبَعُوْا لَوْ اَنَّ لَنَا كَرَّةً فَنَتَبَرَّاَ مِنْهُمْ كَمَا تَبَرَّءُوْا مِنَّاؕ-كَذٰلِكَ یُرِیْهِمُ اللّٰهُ اَعْمَالَهُمْ حَسَرٰتٍ عَلَیْهِمْؕ-وَ مَا هُمْ بِخٰرِجِیْنَ مِنَ النَّارِ۠(۱۶۷)
اور کہیں گے پیرو کاش ہمیں لوٹ کر جانا ہوتا (دنیا میں) تو ہم ان سے توڑ دیتے جیسے انہوں نے ہم سے توڑ دی، یونہی اللہ انہیں دکھائے گا ان کے کام ان پر حسرتیں ہوکر (ف۲۹۵) اور وہ دوزخ سے نکلنے والے نہیں
القول في تأويل قوله تعالى : وَقَالَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا لَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً فَنَتَبَرَّأَ مِنْهُمْ كَمَا تَبَرَّءُوا مِنَّاقال أبو جعفر: يعني بقوله تعالى ذكره: " وقَال الذين اتَّبعوا "، وقال أتباع الرجال -الذين كانوا اتخذوهم أندادًا من دون الله يطيعونهم في معصية الله, ويَعصُون ربَّهم في طاعتهم, إذ يرون عَذابَ الله في الآخرة-: " لو أن لنا كرة ".* * *يعني" بالكرة "، الرجعةَ إلى الدنيا, من قول القائل: " كررَت على القوم أكُرَّ كرًّا ", و " الكرَّة " المرة الواحدة, وذلك إذا حمل عليهم راجعًا عليهم بعد الانصراف عنهم، كما قال الأخطل:وَلَقَدْ عَطَفْنَ عَلَى فَزَارَةَ عَطْفَةًكَرَّ الْمَنِيحِ, وَجُلْنَ ثَمَّ مَجَالا (47)وكما:-2432- حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد, عن سعيد, عن قتادة: " وقال الذين اتَّبعوا لو أن لنا كرة فنتبرأ منهم كما تبرأوا منا "، أي: لنا رجعةً إلى الدنيا.2433- حدثنا المثنى قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا ابن أبي جعفر, عن أبيه, عن الربيع: " وقال الذين اتبعوا لو أنّ لنا كرة " قال، قالت الأتباع: لو أن لنا كرة إلى الدنيا فنتبرأ منهم كما تبرأوا منا.* * *وقوله: " فنتبرأ منهم " منصوبٌ، لأنه جواب للتمني ب " الفاء ". لأن القوم تمنوا رجعةً إلى الدنيا ليتبرأوا من الذين كانوا يطيعونهم في معصية الله، كما تبرأ منهم رؤساؤهم الذين كانوا في الدنيا، المتبوعون فيها على الكفر بالله، إذْ عاينوا عَظيم النازل بهم من عذاب الله، (48) فقالوا: يا ليت لنا كرّة إلى الدنيا فنتبرأ منهم, و يَا لَيْتَنَا نُرَدُّ وَلا نُكَذِّبَ بِآيَاتِ رَبِّنَا وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ [سورة الأنعام: 27]* * *القول في تأويل قوله تعالى : كَذَلِكَ يُرِيهِمُ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ حَسَرَاتٍ عَلَيْهِمْقال أبو جعفر: ومعنى قوله: " كذلك يُريهمُ الله أعمالهم "، يقول: كما أراهم العذابَ الذي ذكره في قوله: وَرَأَوُا الْعَذَابَ ، الذي كانوا يكذبون به في الدنيا, فكذلك يُريهم أيضًا أعمالهم الخبيثة التي استحقوا بها العقوبة من الله " حسرات عليهم " يعني: نَدامات.* * *" والحسرات " جَمع " حَسْرة ". وكذلك كل اسم كان واحده على " فَعْلة " مفتوح الأول ساكن الثاني, فإن جمعه على " فَعَلات " مثل " شَهوة وتَمرة " تجمع " شَهوات وتَمرات " مثقَّلة الثواني من حروفها. فأما إذا كان نَعتًا فإنك تَدع ثانيَه ساكنًا مثل " ضخمة "، تجمعها " ضخْمات " و " عَبْلة " تجمعها " عَبْلات ", وربما سُكّن الثاني في الأسماء، كما قال الشاعر: (49)عَلَّ صُرُوفَ الدَّهْرِ أوْ دُولاتِهَايُدِلْنَنَا اللَّمَّة مِنْ لَمَّاتِهَافَتَسْتَرِيحَ النَّفْسُ مِنْ زَفْرَاتِهَا (50)فسكنّ الثاني من " الزفرات "، وهي اسم. وقيل: إن " الحسرة " أشد الندامة.* * *فإن قال لنا قائل: فكيف يَرَون أعمالهم حَسرات عليهم, وإنما يتندم المتندم عَلى تَرْك الخيرات وفوتها إياه؟ وقد علمت أنّ الكفار لم يكن لهم من الأعمال ما يتندّمون على تركهم الازديادَ منه, فيريهم الله قليلَه! (51) بل كانت أعمالهم كلها معاصيَ لله, ولا حسرةَ عليهم في ذلك, وإنما الحسرة فيما لم يَعملوا من طاعة الله؟قيل: إن أهل التأويل في تأويل ذلك مختلفون, فنذكر في ذلك ما قالوا, ثم نخبر بالذي هو أولى بتأويله إن شاء الله.فقال بعضهم: معنى ذلك: كذلك يريهم الله أعمالهم التي فرضها عليهم في الدنيا فضيَّعوها ولم يعملوا بها، حتى استوجب =ما كان الله أعدَّ لهم، لو كانوا عملوا بها في حياتهم، من المساكن والنِّعم= غيرُهمْ بطاعته ربَّه. (52) فصار ما فاتهم من الثواب -الذي كان الله أعدَّه لهم عنده لو كانوا أطاعوه في الدنيا، إذ عاينوه (53) عند دخول النار أو قبل ذلك- أسًى وندامةً وحسرةً عليهم.* ذكر من قال ذلك:2434- حدثني موسى بن هارون قال، حدثنا عمرو قال، حدثنا أسباط, عن السدي: " كذلك يُريهم الله أعمالهم حَسرات عليهم "، زعم أنه يرفع لهم الجنة فينظرون إليها وإلى بيوتهم فيها، لو أنهم أطاعوا الله, فيقال لهم: تلك مساكنكم لو أطعتم الله ثم تُقسَّم بين المؤمنين, فيرثونهم. فذلك حين يندمون.2435- حدثنا محمد بن بشار قال: حدثنا عبد الرحمن بن مهدي قال، حدثنا سفيان عن سلمة بن كهيل قال، حدثنا أبو الزعراء, عن عبد الله -في قصة ذكرها- فقال: فليس نَفْسٌ إلا وهي تنظر إلى بَيتٍ في الجنة وبَيتٍ في النار, وهو يومُ الحسرة. قال: فيرى أهلُ النار الذين في الجنة, فيقال لهم: لو عَملتم! فتأخذهم الحسرة. قال: فيرى أهلُ الجنة البيتَ الذي في النار, فيقال: لولا أن منَّ الله عليكم! (54)* * *فإن قال قائل: وكيف يكون مضافًا إليهم من العمل ما لم يَعملوه على هذا التأويل؟قيل: كما يُعرض على الرجل العملُ فيقال [له] قبل أن يعمله: (55) هذا عملك. يعني: هذا الذي يجب عليك أن تَعمله, كما يقال للرجل يَحضُر غَداؤه قبل أن يَتغدى به: (56) هذا غَداؤك اليوم. يعني به: هذا ما تَتغدى به اليوم. فكذلك قوله: " كذلك يُريهم الله أعمالهم حسرات عليهم "، يعني: كذلك يُريهم الله أعمالهم التي كان لازمًا لهم العمل بها في الدنيا، حسرات عليهم.* * *وقال آخرون: كذلك يُريهم الله أعمالهم السيئة حسرات عليهم، لم عَملوها؟ وهلا عملوا بغيرها مما يُرضي الله تعالى ذكره؟* ذكر من قال ذلك:2436- حدثني المثنى قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا ابن أبي جعفر, عن أبيه, عن الربيع: " كذلك يُريهم الله أعمالهم حسرات عليهم "، فصَارت أعمالهم الخبيثة حَسرةً عليهم يوم القيامة.2437- حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد في قوله: " أعمالهم حسرات عليهم " قال، أوليس أعمالهم الخبيثةُ التي أدخلهم الله بها النار؟ [فجعلها] حسرات عليهم. (57) قال: وجعل أعمالَ أهل الجنة لهم, وقرأ قول الله: بِمَا أَسْلَفْتُمْ فِي الأَيَّامِ الْخَالِيَةِ [سورة الحاقة: 24]* * *قال أبو جعفر: وأولى التأويلين بالآية تأويل من قال: معنى قوله: " كذلك يُريهم الله أعمالهمْ حَسرات عليهم "، كذلك يُرِي الله الكافرين أعمالهم الخبيثة حسرات عليهم، لم عملوا بها؟ وهلا عملوا بغيرها؟ فندموا على ما فرط منهم من أعمالهم الرديئة، إذ رأوا جزاءها من الله وعقابها، (58) لأن الله أخبر أنه يريهم أعمالهم ندمًا عليهم.فالذي هو أولى بتأويل الآية، ما دلّ عليه الظاهرُ دون ما احتمله الباطن الذي لا دلالة له على أنه المعنيُّ بها. (59) والذي قال السدي في ذلك، وإن كان مَذهبًا تحتمله الآية, فإنه مَنزع بعيد. ولا أثر -بأنّ ذلك كما ذكر- تقوم به حُجة فيسلم لها، (60) ولا دلالة في ظاهر الآية أنه المراد بها. فإذْ كان الأمر كذلك، لم يُحَلْ ظاهر التنزيل إلى باطن تأويل. (61)* * *القول في تأويل قوله تعالى : وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنَ النَّارِ (167)قال أبو جعفر: يعني تعالى ذكره بذلك: وما هؤلاء الذين وصَفتهم من الكفار =وإنْ نَدموا بعد معاينتهم مَا عاينوا من عذاب الله, فاشتدت ندامتهم على ما سلف منهم من أعمالهم الخبيثة, وتمنَّوا إلى الدنيا كرةً ليُنيبوا فيها, ويتبرأوا من مُضليهم وسادتهم الذين كانوا يطيعونهم في معصية الله فيها = بخارجين من النار التي أصلاهُموها الله بكفرهم به في الدنيا, ولا ندمُهم فيها بمنجيهم من عذاب الله حينئذ, ولكنهم فيها مخلدون.* * *وفي هذه الآية الدلالةُ على تكذيب الله الزاعمين أن عَذابَ الله أهلَ النار من أهل الكفر مُنقضٍ, وأنه إلى نهاية, ثم هو بعدَ ذلك فانٍ. لأن الله تعالى ذكره أخبرَ عن هؤلاء الذين وصف صفتهم في هذه الآية, ثم ختم الخبر عنهم بأنهم غيرُ خارجين من النار، بغير استثناء منه وَقتًا دون وقت. فذلك إلى غير حدّ ولا نهاية.-------------------الهوامش :(47) ديوانه 48 ، ونقائض جرير والأخطل : 79 . وفي المطبوعة : "كر المشيح" ، وهو خطأ وفي الديوان"على قدارة" ، وهو خطأ . وفزارة بن ذبيان بن بغيض . والمنيح : قدح لاحظ له في الميسر ، وأقداح الميسر سبعة دوات أنصباء ، وأربعة لا نصيب لها مع السبعة ، ولكنها تعاد معها في كل ضربة . وقوله : "عطفن" يعني الخيل ، ذكرها في بيت قبله . وقد مضى من هذه القصيدة أبيات في 2 : 38 ، 39 ، 492 ، 496 .(48) في المطبوعة : "إذا عاينوا" ، وهو خطأ .(49) لم أعرف قائله .(50) سيأتي في التفسير 24 : 43 / 30 : 34 (بولاق) بزيادة بيت . والعيني 4 : 396 واللسان (لمم) (زفر) (علل) وغيرها . والدولة (بفتح فسكون) والدولة (بضم الدال) : العقبة في المال والحرب وغيرهما ، وهو الانتقال من حال إلى حال ، هذا مرة وهذا مرة . ودالت الأيام : دارت بأصحابها . ويروي : "تديلنا" وأداله : جعل له العقبة في الأمر الذي يطلبه أو يتمناه ، بتغيره وانتقاله عنه إلى حال أخرى . واللمة : النازلة من نوازل الدهر ، كالملمة . والبيت الرابع الذي زاده الطبري :وَتَنْقَعُ الغُلّة من غُلاّتِهاوالغلة : شدة العطش وحرارته . ونقع الغلة : سكنها وأطفأها وأذهب ظمأها .(51) قوله : "فيريهم الله قليله" ، يعني به : فيريهم الله أنه قليل ، فيتمنون أن لو كانوا ازدادوا من فعله حتى يكثر .(52) سياق هذه الجملة : حتى استوجب غيرهم بطاعته ربه ، ما كان الله أعد لهم . . . " فقدم وأخر وفصل ، كعادته .(53) في المطبوعة : "إذا عاينوه" ، والصواب ما أثبت .(54) الحديث : 2435- سفيان : هو الثوري . سلمة بن كهيل الحضرمي . سبق توثيقه : 439 ، ونزيد هنا أن الثوري قال : "كان ركنًا من الأركان" . وقال أحمد : "سلمة متقن الحديث" . وقال أبو زرعة : "كوفي ثقة مأمون ذكي" . مترجم في التهذيب ، والكبير 2/2/75 ، وابن سعد 6 : 221 ، وابن أبي حاتم 2/1/170-171 ، وتاريخ الإسلام 5 : 81-82 .أبو الزعراء - بفتح الزاي والراء بينهما عين مهملة ساكنة؛ هو عبد الله بن هانئ أبو الزعراء الكبير ، وهو خال سلمة بن كهيل . وهو ثقة من كبار التابعين . مترجم في التهذيب ، وابن سعد 6 : 119 ، وابن أبي حاتم 2/2/195 .وهذا الحديث قطعة من حديث طويل - كما قال الطبري هنا : "في قصة ذكرها" وستأتي قطعة أخرى منه في الطبري 15 : 97 (بولاق) . وهو حديث موقوف من كلام ابن مسعود ولكنه -عندنا- وإن كان موقوفًا لفظًا ، فإنه مرفوع حكمًا ، لأنه في صفة آخر الزمان ، وما يأتي من الفتن ، ثم فناء الدنيا ، ثم البعث والنشور والشفاعة ، وما إلى ذلك ، مما لا يعلم بالرأي .وقد رواه -بطوله كاملا- الحاكم في المستدرك 4 : 496-498 ، من طريق الحسين بن حفص الإصبهاني ، عن سفيان ، بهذا الإسناد . وقال : "هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ، ولم يخرجاه" . ووافقه الذهبي . وهو كما قالا .وذكره الهيثمي في مجمع الزوائد 10 : 328-330 ، بطوله ، وقال : رواه الطبراني وهو موقوف ، مخالف للحديث الصحيح وقول النبي صلى الله عليه وسلم : "أنا أول شافع"! هكذا قال الهيثمي ولم يذكر شيئًا عن إسناده . وليس هذا موضع التعقب على تعليله .وروى أبو داود الطيالسي : 389- قطعة أخرى منه ، عن يحيى بن سلمة بن كهيل ، عن أبيه . و"يحيى بن سلمة" . ضعيف جدًا . قال البخاري في الصغير ، ص : 143"منكر الحديث" ولا يضر ضعف الإسناد عند الطيالسي ، إذ جاء الحديث -كما ترى- بإسناد صحيح ، من رواية سفيان الثوري ، عن سلمة بن كهيل .(55) ما بين القوسين زيادة يستقيم بها الكلام .(56) في المطبوعة : "كما يقال للرجل" ، وزيادة الواو لازمة .(57) الزيادة بين القوسين مما يستقيم به معنى الكلام ، ليطابق القول الذي قاله هؤلاء . ويوافق الشطر الثاني من هذا الخبر في ذكر أعمال أهل الجنة .(58) في المطبوعة : "إذا رأوا جزاءها" ، والصواب ما أثبت .(59) انظر تفسير معنى : "الظاهر ، والباطن" فيما سلف 2 : 15 ، واطلبه في فهرس المصطلحات .(60) في المطبوعة : "تقوم له حجة" ، وهو خطأ ، صوابه ما أثبت .(61) في المطبوعة : "فإذا كان الأمر . . . " ، والصواب ما أثبت . وقوله : "لم يحل" من أحال الشيء يحيله : إذا حوله من مكان إلى مكان ، أو من وجه إلى وجه .
یٰۤاَیُّهَا النَّاسُ كُلُوْا مِمَّا فِی الْاَرْضِ حَلٰلًا طَیِّبًا ﳲ وَّ لَا تَتَّبِعُوْا خُطُوٰتِ الشَّیْطٰنِؕ-اِنَّهٗ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِیْنٌ(۱۶۸)
اے لوگوں کھاؤ جو کچھ زمین میں (ف۲۹۶) حلال پاکیزہ ہے اور شیطان کے قدم پر قدم نہ رکھو، بیشک وہ تمہارا کھلا دشمن ہے،
القول في تأويل قوله تعالى : يَا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُوا مِمَّا فِي الأَرْضِ حَلالا طَيِّبًا وَلا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ (168)قال أبو جعفر: يعني تعالى ذكره بذلك: يا أيّها الناسُ كلوا مما أحللت لكم من الأطعمة على لسان رسولي محمد صلى الله عليه وسلم فطيَّبْته لكم - مما تُحرِّمونه عَلى أنفسكم من البحائر والسوائب والوصائل وما أشبه ذلك مما لم أحرِّمه عليكم = دون مَا حرَّمته عليكم من المطاعم والمآكل فنجَّسته من مَيتة ودم ولحم خنزير وما أهِلّ به لغيري. ودَعوا خُطوات الشيطان - الذي يوبقكم فيهلككم، ويوردكم مَوارد العطب، ويحرّم عليكم أموالكم - فلا تتبعوها ولا تعملوا بها, إنه = يعني بقوله: " إنه " إنّ الشيطان, و " الهاء " في قوله: " إنه " عائدة على الشيطان = لكم أيها الناس " عدو مُبين "، يعني: أنه قد أبان لكم عَداوته، بإبائه عن السجود لأبيكم، وغُروره إياه حَتى أخرجه من الجنة، واستزله بالخطيئة, وأكل من الشجرة.يقول تعالى ذكره: فلا تنتصحوه، أيها الناس، مع إبانته لكم العداوة, ودعوا ما يأمركم به, والتزموا طاعتي فيما أمرتكم به ونهيتكم عنه مما أحللته لكم وحرَّمته عليكم, دون ما حرمتموه أنتم على أنفسكم وحللتموه، طاعة منكم للشيطان واتباعًا لأمره.* * *ومعنى قوله: " حَلالا "، طِلْقًا. (62) وهو مصدر من قول القائل: " قد حَلَّ لك هذا الشيء ", أي صار لك مُطلقًا، (63) " فهو يَحِلُّ لك حَلالا وحِلا "، ومن كلام العرب: " هو لك حِلٌّ", أي: طِلْق. (64) .* * *وأما قوله: " طيبًا " فإنه يعني به طاهرًا غير نَجس ولا محرَّم.* * *وأما " الخطوات " فإنه جمع " خُطوة ", و " الخطوة " بعد ما بين قدمي الماشي. و " الخطوة " بفتح " الخاء "" الفعلة " الواحدة من قول القائل: " خَطوت خَطوة واحدةً". وقد تجمع " الخُطوة "" خُطًا " و " الخَطْوة " تجمع " خَطوات "،" وخِطاء ".* * *والمعنى في النهي عن اتباع خُطواته, النهي عن طريقه وأثره فيما دعا إليه، مما هو خلاف طاعة الله تعالى ذكره.* * *واختلف أهل التأويل في معنى " الخطوات ". فقال بعضهم: خُطُوات الشيطان: عمله.* ذكر من قال ذلك:2438- حدثني المثنى بن إبراهيم قال، حدثنا عبد الله بن صالح قال، حدثني معاوية بن صالح, عن علي بن أبي طلحة, عن ابن عباس قوله: " خطوات الشيطان "، يقول: عمله.* * *وقال بعضهم: " خطوات الشيطان "، خَطاياه.* ذكر من قال ذلك:2439- حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد في قوله: " خُطُوات الشيطان " قال، خطيئته.2440- حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل, عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد قال: خَطاياه.2441- حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر, عن قتادة في قوله: " ولا تتَّبعوا خُطُوات الشيطان " قال، خطاياه.2442- حدثني يحيى بن أبي طالب قال، حدثنا يزيد قال، أخبرنا جويبر, عن الضحاك قوله: " خطوات الشيطان " قال، خطايا الشيطان التي يأمرُ بها.* * *وقال آخرون: " خطوات الشيطان "، طاعته.* ذكر من قال ذلك:2443- حدثني موسى بن هارون قال، حدثنا عمرو قال: حدثنا أسباط, عن السدي: " ولا تتبعوا خطوات الشيطان "، يقول: طاعته.* * *وقال آخرون: " خطوات الشيطان "، النذورُ في المعاصي.* ذكر من قال ذلك:2444- حدثنا ابن حميد قال، حدثنا جرير, عن سليمان, عن أبي مجلز في قوله: " ولا تتّبعوا خُطوات الشيطان " قال، هي النذور في المعاصي.* * *قال أبو جعفر: وهذه الأقوال التي ذكرناها عمن ذكرناها عنه في تأويل قوله: " خطوات الشيطان "، قريبٌ معنى بعضها من بعض. لأن كل قائلٍ منهم قولا في ذلك، فإنه أشار إلى نَهي اتباع الشيطان في آثاره وأعماله. غيرَ أن حقيقة تأويل الكلمة هو ما بينت، من أنها " بعد ما بين قَدميه "، ثم تستعمل في جميع آثاره وطُرقه، على ما قد بينت.-------------الهوامش :(62) الطلق (بكسر فسكون) . الحلال . يقال : هو لك طلق ، أي حلال . وفي الحديث : "الخيل طلق" ، أي أن الرهان عليها حلال .(63) هكذا في المطبوعة ، وأخشى أن يكون الصواب فيما كتب الطبري"طلقًا" كما سلف ، وكما سيأتي في عبارته .(64) في المطبوعة : "من كلام العرب . . . " ، وأثبت الواو ، وحذفها جيد أيضًا .
اِنَّمَا یَاْمُرُكُمْ بِالسُّوْٓءِ وَ الْفَحْشَآءِ وَ اَنْ تَقُوْلُوْا عَلَى اللّٰهِ مَا لَا تَعْلَمُوْنَ(۱۶۹)
وہ تو تمہیں یہی حکم دے گا بدی اور بے حیائی کا اور یہ کہ اللہ پر وہ بات جوڑو جس کی تمہیں خبر نہیں،
القول في تأويل قوله تعالى : إِنَّمَا يَأْمُرُكُمْ بِالسُّوءِ وَالْفَحْشَاءِ وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ (169)قال أبو جعفر: يعني تعالى ذكره بقوله: " إنما يأمرُكم "، الشيطانَ،" بالسوء والفحشاء وأن تَقولوا على الله ما لا تعلمون ".* * *" والسوء ": الإثم، مثل " الضُّرّ"، من قول القائل: " ساءك هذا الأمر يَسوءك سُوءًا "، وهو ما يَسوء الفاعل.* * *وأما " الفحشاء "، فهي مصدر مثل " السراء والضراء "، (65) وهي كل ما استُفحش ذكرُه، وقَبُح مَسموعه.وقيل: إن " السوء " الذي ذكره الله، هو معاصي الله. فإن كان ذلك كذلك, فإنما سَمَّاها الله " سوءًا " لأنها تسوء صاحبها بسوء عاقبتها له عند الله. وقيل: إن " الفحشاء "، الزنا: فإن كان ذلك كذلك, فإنما يُسمى [كذلك]، (66) لقبح مسموعه، ومكرُوه ما يُذْكَر به فاعله.* ذكر من قال ذلك:2445- حدثني موسى بن هارون قال، حدثنا عمرو قال، حدثنا أسباط, عن السدي: " إنما يأمركم بالسوء والفحشاء "، أمّا " السوء "، فالمعصية, وأما " الفحشاء "، فالزنا.* * *وأما قوله: " وأنْ تَقولوا على الله مَا لا تعلمون "، فهو ما كانوا يحرِّمون من البحائر والسوائب والوَصائل والحوامي, ويزعمون أن الله حرَّم ذلك. فقال تعالى ذكره لهم: مَا جَعَلَ اللَّهُ مِنْ بَحِيرَةٍ وَلا سَائِبَةٍ وَلا وَصِيلَةٍ وَلا حَامٍ وَلَكِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَأَكْثَرُهُمْ لا يَعْقِلُونَ [سورة المائدة: 103] فأخبرهم تعالى ذكره في هذه الآية، (67) أنّ قيلهم: " إنّ الله حرم هذا!" من الكذب الذي يأمرهم به الشيطان, وأنه قد أحلَّه لهم وطيَّبه, ولم يحرم أكله عليهم, ولكنهم يقولون على الله ما لا يعلمون حقيقته، طاعةً منهم للشيطان, واتباعًا منهم خطواته, واقتفاء منهم آثارَ أسلافهم الضُّلال وآبائهم الجهال, الذين كانوا بالله وبما أنزل على رسوله جُهالا وعن الحق ومنهاجه ضُلالا - وإسرافًا منهم, كما أنزل الله في كتابه على رسوله صلى الله عليه وسلم فقال تعالى ذكره: وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا .* * *---------------------------الهوامش:(65) لعل الصواب ، "فهي اسم مصدر" .(66) ما بين القوسين زيادة يستقيم بها الكلام .(67) في المطبوعة ، "وأخبرهم" بالواو ، والصواب الجيد ما أثبت .
وَ اِذَا قِیْلَ لَهُمُ اتَّبِعُوْا مَاۤ اَنْزَلَ اللّٰهُ قَالُوْا بَلْ نَتَّبِـعُ مَاۤ اَلْفَیْنَا عَلَیْهِ اٰبَآءَنَاؕ-اَوَ لَوْ كَانَ اٰبَآؤُهُمْ لَا یَعْقِلُوْنَ شَیْــٴًـا وَّ لَا یَهْتَدُوْنَ(۱۷۰)
اور جب ان سے کہا جائے اللہ کے اتارے پر چلو (ف۲۹۷) تو کہیں بلکہ ہم تو اس پر چلیں گے جس پر اپنے باپ دادا کو پایا کیا اگرچہ ان کے باپ دادا نہ کچھ عقل رکھتے ہوں نہ ہدایت (ف۲۹۸)
القول في تأويل قوله تعالى : وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لا يَعْقِلُونَ شَيْئًا وَلا يَهْتَدُونَ (170)قال أبو جعفر: وفي هذه الآية وجهان من التأويل.أحدهما: أن تكون " الهاء والميم " من قوله: " وإذا قيلَ لهم " عائدة على مَنْ في قوله: وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَادًا ، فيكون معنى الكلام: ومن الناس مَنْ يَتخذُ من دُون الله أندادًا, وإذا قيل لهم: اتبعوا ما أنزل الله. قالوا: بل نتبع ما ألفينا عَليه آباءنا.والآخر: أن تكون " الهاء والميم " اللتان في قوله: " وإذا قيل لهم "، من ذكر النَّاسُ الذين في قوله: يَا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُوا مِمَّا فِي الأَرْضِ حَلالا طَيِّبًا ، فيكون ذلك انصرافًا من الخطاب إلى الخبر عن الغائب، كما في قوله تعالى ذكره: حَتَّى إِذَا كُنْتُمْ فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِمْ بِرِيحٍ طَيِّبَةٍ [سورة يونس: 22]* * *قال أبو جعفر: وأشبه عندي بالصواب وأولى بتأويل الآية (1) أن تكون " الهاء والميم " في قوله: " لهم "، من ذكر النَّاسُ , وأن يكون ذلك رجوعًا من الخطاب إلى الخبر عن الغائب. لأن ذلك عَقيب قوله: يَا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُوا مِمَّا فِي الأَرْضِ . فلأنْ يكون خبرًا عنهم، أولى من أن يكون خبرًا عن الذين أخبرَ أنّ منهم مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَادًا ، مع ما بينهما من الآيات، وانقطاع قَصَصهم بقصة مُستأنفة غيرها = وأنها نزلت في قوم من اليهود قالوا ذلك، (2) إذ دعوا إلى الإسلام، كما:-2446- حدثنا ابن حميد قال، حدثنا سلمة بن الفضل، عن محمد بن إسحاق, عن محمد بن أبي محمد, عن عكرمة, أو عن سعيد بن جبير, عن ابن عباس قال: دَعا رسول الله صلى الله عليه وسلم اليهودَ من أهل الكتاب إلى الإسلام ورَغَّبهم فيه, وحذرهم عقاب الله ونقمته, فقال له رَافع بن خارجة، ومَالك بن عوف: بل نَتبع ما ألفينا عليه آباءنا، فإنهم كانوا أعلم وخيرًا منا! فأنزل الله في ذلك من قولهما (3) " وإذا قيلَ لهُم اتبعوا ما أنزل اللهُ قالوا بَل نتِّبع ما ألفينا عَليه آباءنا أولو كان آباؤهم لا يعقلون شيئًا ولا يَهتدون ". (4)2447- حدثنا أبو كريب قال، حدثنا يونس بن بكير قال، حدثنا محمد بن إسحاق قال، حدثني محمد بن أبي محمد مولى زيد بن ثابت قال، حدثني سعيد بن جبير، أو عكرمة، عن ابن عباس مثله - إلا أنه قال: فقال له أبو رَافع بن خارجة، ومالك بن عوف. (5)* * *وأما تأويل قوله: " اتبعوا ما أنزلَ الله "، فإنه: اعملوا بما أنزل الله في كتابه على رسوله, فأحِلُّوا حلاله، وحرِّموا حرامه, واجعلوه لكم إمامًا تأتمون به, وقائدًا تَتبعون أحكامه.* * *وقوله: " ألفينا عَليه آباءنا "، يعني وَجدنا, كما قال الشاعر: (6)فَأَلْفَيْتُهُ غَيْرَ مُسْتَعْتِبٍوَلا ذَاكِرِ اللهَ إلا قَلِيلا (7)يعني: وجدته، وكما:-2448- حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة: " قالوا بَل نَتبع ما ألفينا عليه آباءنا "، أي: ما وجدنا عليه آباءنا.2449- حدثني المثنى قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا ابن أبي جعفر, عن أبيه, عن الربيع مثله.قال أبو جعفر: فمعنى الآية: وإذا قيل لهؤلاء الكفار: كلوا مما أحلّ الله لكم، ودَعوا خُطوات الشيطان وطريقه، واعملوا بما أنزل الله على نبيه صلى الله عليه وسلم في كتابه - استكبروا عن الإذعان للحقّ وقالوا: بل نأتم بآبائنا فنتَّبع ما وجدناهم عليه، من تحليل ما كانوا يُحلُّون، وتحريم ما كانوا يحرّمون.* * *قال الله تعالى ذكره: " أوَ لو كانَ آباؤهم " -يعني: آباء هؤلاء الكفار الذين مضوا على كفرهم بالله العظيم-" لا يعقلون شيئًا " من دين الله وفرائضه، وأمره ونهيه, فيُتَّبعون على ما سَلكوا من الطريق، ويؤتمُّ بهم في أفعالهم -" ولا يَهتدون " لرشد، فيهتدي بهم غيرهم, ويَقتدي بهم من طَلب الدين, وأراد الحق والصواب؟يقول تعالى ذكره لهؤلاء الكفار: فكيف أيها الناس تَتَّبعون ما وجدتم عليه آباءكم فتتركون ما يأمرُكم به ربكم، وآباؤكم لا يعقلون من أمر الله شيئًا، ولا هم مصيبون حقًّا، ولا مدركون رشدًا؟ وإنما يَتّبع المتبعُ ذا المعرفة بالشيء المستعملَ له في نفسه, فأما الجاهل فلا يتبعه -فيما هو به جاهل- إلا من لا عقل له ولا تمييز.------------الهوامش :(1) في المطبوعة : "وأشبه عندي وأولى بالآية" ، وهو كلام مختل ، ورددته إلى عبارة الطبري في تأويل أكثر الآيات السالفة .(2) في المطبوعة : "وإنما نزلت في قوم من اليهود" ، وهو خطأ ناطق ، واضطراب مفسد للكلام . والصواب ما أثبت . يقول أبو جعفر إن أولى الأقوال بالصواب أن تكون الآية نزلت في ذكر عرب الجاهلية الذين حرموا ما حرموا على أنفسهم ، كما ذكر في تفسير الآيتين السالفتين (168 ، 169) ، ويستبعد أن يكون المعنى بها من ورد ذكرهم في الآية (165) ، كما يستبعد قول من قال إنها نزلت في اليهود ، في الخبر الذي سيرويه بعد . فقوله : "وأنها نزلت" عطف على قوله"خبرًا" في قوله : "أولى من أن يكون خبرًا عن الذين أخبر أن منهم من يتخذ . . . " .(3) في المطبوعة : "فأنزل الله من قولهم ذلك" . وهو خطأ محض ، ورددتها إلى نصها في سيرة ابن هشام ، كما سيأتي مرجعه .(4) الأثر رقم : 2446- في سيرة ابن هشام 2 : 200-201 ، مع اختلاف يسير في لفظه .(5) الأثر رقم : 2447- انظر الأثر : 2446 .(6) هو أبو الأسود الدؤلي .(7) ديوانه : 49 (نفائس المخطوطات) ، سيبوبه 1 : 85 ، والأغاني 11 : 107 ، وأمالي بن الشجرى 1 : 283 والصدقة والصديق : 151 ، والخزانة 4 : 554 ، وشرح شواهد المغني : 316 ، واللسان (عتب) . وهو من أبيات قالها في امرأة كان يجلس إليها بالبصرة ، وكانت برزة جميلة ، فقالت له يومًا : يا أبا الأسود ، هل لك أن أتزوجك؟ فإني امرأة صناع الكف ، حسنة التدبير ، قانعة بالميسور . قال : نعم . فجمعت أهلها وتزوجته . ثم إنه وجدها على خلاف ما قالت ، فأسرعت في ماله ، ومدت يدها في خيانته ، وأفشت عليه سره ، فغدا على من كان حضر تزويجه ، فسألهم أن يجتمعوا عنده ، ففعلوا . فقال لهم :أَرَيْتَ امْرءًا كنتُ لَمْ أَبْلُهُأتَانِي, فَقَالَ : اتّخِذْنِي خليلاَفخالَلْتَهُ, ثُمَّ صَافيْتُهفَلَمْ أَسْتَفِدْ مِنْ لَدُنْهُ فتيلاَوَأَلفَيْتُهُ حِينَ جَرَّبْتُهكَذُوبَ الحَدِيثِ سَرُوقًا بَخِيلاَفَذَكَّرْتُه, ثُمَّ عَاتبتُهُعِتَابًا رَفِيقًا وَقَوْلاً جَمِيلاَفَأَلْفَيْتُهُ غَيْرَ مُسْتَعْتِبٍوَلاَ ذَاكِرِ اللهَ إلاَّ قَلِيلاَأَلسْتُ حَقِيقًا بِتَوْدِيعِهِوَإتْبَاع ذلِكَ صَرْمًا طَوِيلاَ?!قالوا : بلى والله يا أبا الأسود! قال : تلك صاحبتكم ، وقد طلقتها ، وأنا أحب أن أستر ما أنكرت من أمرها . ثم صرفها معهم .قال ابن الشجرى : "والذي حسن لقائل هذا البيت حذف التنوين لالتقاء الساكنين ، ونصب اسم الله تعالى ، واختيار ذلك على حذف التنوين للإضافة وجر اسم الله - أنه لو أضاف لتعرف بإضافته إلى المعرفة ، ولو فعل ذلك لم يوافق المعطوف المعطوف عليه في التنكير ، فحذف التنوين لالتقاء الساكنين ، وأعمل اسم الفاعل" .واستعجب الرجل : رجع عن الإساءة وطلب الرضا ، فهو مستعتب .
وَ مَثَلُ الَّذِیْنَ كَفَرُوْا كَمَثَلِ الَّذِیْ یَنْعِقُ بِمَا لَا یَسْمَعُ اِلَّا دُعَآءً وَّ نِدَآءًؕ-صُمٌّۢ بُكْمٌ عُمْیٌ فَهُمْ لَا یَعْقِلُوْنَ(۱۷۱)
اور کافروں کی کہاوت اس کی سی ہے جو پکارے ایسے کو کہ خالی چیخ و پکار کے سوا کچھ نہ سنے (ف۲۹۹) بہرے، گونگے، اندھے تو انہیں سمجھ نہیں (ف۳۰۰)
القول في تأويل قوله تعالى : وَمَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا كَمَثَلِ الَّذِي يَنْعِقُ بِمَا لا يَسْمَعُ إِلا دُعَاءً وَنِدَاءًقال أبو جعفر: اختلف أهل التأويل في معنى ذلك.* * *فقال بعضهم: معنى ذلك: مثل الكافر =في قلة فهمه عن الله ما يُتلى عليه في كتابه، وسُوء قبوله لما يدعى إليه من توحيد الله ويوعظ به= مثلُ البهيمة التي تسمع الصوتَ إذا نُعق بها، ولا تعقلُ ما يقال لها.* ذكر من قال ذلك:2450- حدثنا هناد بن السريّ قال، حدثنا أبو الأحوص, عن سماك, عن عكرمة، في قوله: " ومثلُ الذين كفروا كمثل الذي ينعق بما لا يَسمع إلا دعاء ونداءً" قال، مَثلُ البعير أو مثل الحمار، تدعوه فيسمع الصوت ولا يفقه ما تقول.2451- حدثني محمد بن عبد الله بن زريع قال، حدثنا يوسف بن خالد السمتي قال، حدثنا نافع بن مالك, عن عكرمة, عن ابن عباس في قوله: " كمثل الذي يَنعق بما لا يَسمع " قال، هو كمثل الشاة ونحو ذلك. (8) .2452- حدثني محمد بن سعد قال، حدثني أبي قال، حدثني عمي قال، حدثني أبي, عن أبيه, عن ابن عباس قوله: " ومثل الذين كفروا كمثل الذي يَنعِق بما لا يَسمع إلا دعاءً ونداءً"، كمثل البعير والحمار والشاة، إن قلت لبعضها " كُلْ" - لا يعلم ما تقول، غير أنه يسمع صوتك. وكذلك الكافر، إن أمرته بخير أو نهيته عن شر أو وَعظته، لم يعقل ما تقول غير أنه يسمع صوتك.2453- حدثني القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج, عن ابن جريج قال، قال ابن عباس: مثل الدابة تنادى فتسمعُ ولا تعقل ما يقال لها. كذلك الكافر، يسمع الصوت ولا يعقل.2454- حدثنا سفيان بن وكيع قال، حدثنا أبي, عن سفيان, عن خصيف, عن مجاهد: " كمثل الذي ينعق بما لا يسمع " قال، مثل الكافر مثل البهيمة تسمع الصوت ولا تعقل.2455- حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد: " كمثل الذي ينعِق "، مثلٌ ضربه الله للكافر يسمع ما يقال له ولا يعقل, كمثل البهيمة تسمع النعيقَ ولا تعقل.2456- حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد, عن قتادة قوله: " ومثل الذين كفروا كمثل الذي ينعق بما لا يسمع إلا دعاءً ونداءً"، يقول: مثل الكافر كمثل البعير والشاة، يسمع الصوت ولا يعقل ولا يدري ما عُني به.2457- حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر, عن قتادة في قوله: " كمثل الذي ينعقُ بما لا يسمع إلا دعاءً ونداءً" قال، هو مثل ضربه الله للكافر. يقول: مَثل هذا الكافر مثل هذه البهيمة التي تسمع الصوت ولا تدري ما يقال لها. فكذلك الكافر لا ينتفع بما يقال له.2458- حدثني المثنى قال، حدثنا إسحاق قال حدثنا ابن أبي جعفر, عن أبيه, عن الربيع قال: هو مَثل الكافر، يسمع الصوت ولا يعقل ما يقال له.2459- حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج قال، قال ابن جريج: سألت عطاء ثم قلت له : يقال: لا تعقل -يعني البهيمة- إلا أنها تسمع دُعاء الداعي حين ينعِقُ بها, فهم كذلك لا يَعقلون وهم يسمعون. فقال: كذلك. قال: وقال مجاهد: " الذي ينعِق "، الراعي" بما لا يسمع " من البهائم.2460- حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد: " كمثل الذي ينعق " الراعي" بما لا يسمع " من البهائم.2461- حدثني موسى قال، حدثنا عمرو، قال حدثنا أسباط, عن السدي: " كمثل الذي ينعِق بما لا يَسمع إلا دُعاء ونداءً"، لا يعقل ما يقال له إلا أن تُدعي فتأتي، أو ينادَى بها فتذهب. وأما " الذي ينعق "، فهو الراعي الغنم، كما ينعق الراعي بما لا يسمع ما يقال له, إلا أن يُدعى أو ينادى. فكذلك محمد صلى الله عليه وسلم، يدعو من لا يسمع إلا خرير الكلام، يقول الله: صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ [سورة البقرة: 18]* * *قال أبو جعفر: ومعنى قائلي هذا القول - في تأويلهم ما تأوَّلوا، على ما حكيت عنهم -: ومثَلُ وَعْظِ الذين كفروا وواعظهم، كمثل نَعْق الناعق بغنمه ونعيقِه بها. فأضيف " المثل " إلى الذين كفروا, وترك ذكر " الوعظ والواعظ "، لدلالة الكلام على ذلك. كما يقال: " إذا لقيت فلانًا فعظِّمه تعظيمَ السلطان ", يراد به: كما تعظم السلطانَ, وكما قال الشاعر:فَلَسْتُ مُسَلِّمًا مَا دُمْتُ حَيًّاعَلَى زَيْدٍ بِتَسْلِيمِ الأمِير (9)يراد به: كما يُسلِّم على الأمير.وقد يحتمل أن يكون المعنى -على هذا التأويل الذي تأوله هؤلاء-: ومثل الذين كفروا في قلة فهمهم عن الله وعن رسوله، كمثل المنعوق به من البهائم، الذي لا يَفقه من الأمر والنهي غير الصوت. وذلك أنه لو قيل له: " اعتلف، أو رِدِ الماء "، لم يدر ما يقال له غير الصوت الذي يسمعه من قائله. فكذلك الكافر, مَثله في قلة فهمه لما يؤمر به وينهى عنه -بسوء تدبُّره إياه وقلة نظره وفكره فيه- مَثلُ هذا المنعوق به فيما أمِر به ونُهِي عنه. فيكون المعنى للمنعوق به، والكلام خارجٌ على الناعق, كما قال نابغة بني ذبيان:وَقَدْ خِفْتُ, حَتَّى مَا تَزِيدُ مَخَافَتِيعَلَى وَعِلٍ فِي ذِي المَطَارَة عَاقِلِ (10)والمعنى: حتى مَا تزيدُ مخافة الوعل على مخافتي, وكما قال الآخر: (11)كَانَتْ فَرِيضَةُ مَا تَقُولُ, كَمَاكَانَ الزِّنَاءُ فَرِيضَةَ الرَّجْمِ (12)والمعنى: كما كان الرجمُ فريضة الزنا، فجعل الزنا فريضة الرجم، لوضوح معنى الكلام عند سامعه، وكما قال الآخر:إنّ سِرَاجًا لَكَرِيمٌ مَفْخَرُهتَحْلَى بِهِ العَيْنُ إذَا مَا تَجْهَرُهْ (13)والمعنى: يَحلى بالعين، فجعله تحلى به العين. (14) ونظائر ذلك من كلام العرب أكثرُ من أن تحصى، مما تُوجِّهه العرب من خبر ما تخبر عنه إلى ما صاحَبَه، لظهور معنى ذلك عند سامعه, فتقول: " اعرِض الحوضَ على الناقة ", وإنما تعرض الناقة على الحوض, وما أشبه ذلك من كلامها. (15)* * *وقال آخرون: معنى ذلك: ومَثل الذين كفروا في دُعائهم آلهتهم وأوثانهم التي لا تسمع ولا تعقل, كمثل الذي يَنعق بما لا يسمع إلا دُعاءً ونداءً, وذلك الصدى الذي يسمع صوته, ولا يفهم به عنه الناعقُ شيئًا.فتأويل الكلام على قول قائلي ذلك: ومثل الذين كفروا وآلهتهم -في دعائهم إياها وهي لا تفقه ولا تعقل- كمثل الناعق بما لا يسمعه الناعقُ إلا دعاءً ونداءً, أي: لا يسمع منه الناعق إلا دعاءَه.* ذكر من قال ذلك:2462- حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد في قوله: " ومَثل الذين كفروا كمثل الذي يَنعِق بما لا يَسمعُ إلا دعاءً ونداءً" قال، الرجل الذي يصيح في جَوف الجبال فيجيبه فيها صوت يُراجعه يقال له " الصَّدى ". فمثل آلهة هؤلاء لَهم، كمثل الذي يُجيبه بهذا الصوت، لا ينفعه، لا يَسمع إلا دعاء ونداء. قال: والعرب تسمي ذلك الصدى.* * *وقد تحتمل الآية على هذا التأويل وجهًا آخر غير ذلك. وهو أن يكون معناها: ومثل الذين كفروا في دعائهم آلهتهم التي لا تفقه دعاءَهم، كمثل الناعق بغنم لهُ من حيث لا تسمعُ صوتَه غنمُه، فلا تنتفع من نَعقِه بشيء، غير أنه في عَناء من دعاء ونداء, فكذلك الكافر في دعائه آلهته، إنما هو في عناء من دعائه إياها وندائه لها, ولا ينفعه شيء.* * *قال أبو جعفر: وأولى التأويل عندي بالآية، التأويل الأول الذي قاله ابن عباس ومَن وافقه عليه. وهو أن معنى الآية: ومثل وَعظ الكافر وواعظه، كمثل الناعق بغنمه ونَعيقه, فإنه يسمع نَعقه ولا يعقل كلامه، على ما قد بينا قبل.فأما وَجه جَواز حذف " وعظ " اكتفاء بالمثل منه، فقد أتينا على البيان عنه في قوله: مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ نَارًا [سورة البقرة: 17]، وفي غيره من نظائره من الآيات، بما فيه الكفاية عن إعادته. (16) .* * *وإنما اخترنا هذا التأويل, لأن هذه الآية نزلت في اليهود, وإياهم عَنى الله تعالى ذكره بها, ولم تكن اليهود أهل أوثان يَعبدونها، ولا أهل أصنام يُعظمونها ويرجون نَفعها أو دَفع ضرها. ولا وجه -إذ كان ذلك كذلك- لتأويل من تأوّل ذلك أنه بمعنى: مَثل الذين كفروا في ندائهم الآلهة ودُعائهم إياها.* * *فإن قال قائل: وما دليلك على أنّ المقصود بهذه الآية اليهود؟قيل: دليلنا على ذلك مَا قبلها من الآيات وما بعدها, فإنهم هم المعنيون به. فكان ما بينهما بأن يكون خبرًا عنهم، أحق وأولى من أن يكون خبرًا عن غيرهم، حتى تأتي الأدلة واضحةً بانصراف الخبر عنهم إلى غيرهم. هذا، مع ما ذكرنا من الأخبار عَمن ذكرنا عنه أنها فيهم نزلت, والرواية التي روينا عن ابن عباس أنّ الآية التي قبل هذه الآية نزلت فيهم. (17) وبما قُلنا من أن هذه الآية معنيّ بها اليهود، كان عطاء يقول:2463- حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج, عن ابن جريج قال، قال لي عطاء في هذه الآية: هم اليهود الذين أنزل الله فيهم: إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ الْكِتَابِ وَيَشْتَرُونَ بِهِ ثَمَنًا قَلِيلا إلى قوله: فَمَا أَصْبَرَهُمْ عَلَى النَّارِ [سورة البقرة: 174-175].* * *وأما قوله: " يَنعِق "، فإنه: يُصوِّت بالغنم،" النَّعيق، والنُّعاق ", ومنه قول الأخطل:فَانْعِقْ بِضَأْنِكَ يَا جَرِيرُ, فَإِنَّمَامَنَّتْكَ نَفْسَكَ فِي الخَلاءِ ضَلالا (18)يعني: صوِّت به.* * *القول في تأويل قوله تعالى : صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لا يَعْقِلُونَ (171)قال أبو جعفر: يعني تعالى ذكره بقوله: " صُمٌّ بُكمٌ عُميٌ"، هؤلاء الكفارَ الذين مَثلهم كمثل الذي يَنعق بما لا يسمع إلا دُعاءً ونداءً" صُمٌ" عن الحق فهم لا يسمعون -" بُكمٌ" يعني: خُرسٌ عن قيل الحقّ والصواب، والإقرار بما أمرهم الله أن يقرُّوا به، وتبيين ما أمرهم الله تعالى ذكره أن يُبينوه من أمر محمد صلى الله عليه وسلم للناس, فلا ينطقون به ولا يقولونه، ولا يبينونه للناس -," عُميٌّ" عن الهدى وطريق الحق فلا يبصرونه، (19) . كما:-2464- حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد، عن سعيد، عن قتادة قوله: " صُمٌ بكم عمي"، يقول: صم عن الحق فلا يسمعونه، ولا ينتفعون به ولا يعقلونه؛ عُمي عن الحق والهدى فلا يبصرونه؛ بُكم عن الحقّ فلا ينطقون به.2465- حدثني موسى بن هارون قال، حدثنا عمرو بن حماد قال، حدثنا أسباط, عن السدي: " صم بكم عمي" يقول: عن الحق.2466- حدثني المثنى قال، حدثنا أبو صالح قال، حدثني معاوية، عن علي بن أبي طلحة, عن ابن عباس: " صم بكم عمي"، يقول: لا يسمعون الهدى ولا يبصرونه ولا يعقلونه.* * *وأما الرفع في قوله: " صم بكم عمي"، فإنه أتاهُ من قبل الابتداء والاستئناف, يدل على ذلك قوله: " فهم لا يعقلون "، كما يقال في الكلام: " هو أصم لا يسمع، وهو أبكم لا يتكلم ". (20)---------------الهوامش :(8) الخبر : 2451- هذا خبر منهار الإسناد . أما"محمد بن عبد الله بن زريع" شيخ الطبري فلم أجد ترجمته . والطبري يروي عن"محمد بن عبد الله بن بزيع" ، ولا أستطيع الترجيح بأنه هو ، حرف اسم جده .وأما"يوسف بن خالد السمتي" : فهو ضعيف جدًا ، قال فيه ابن معين : "كذاب ، زنديق ، لا يكتب حديثه" . ولا يشتغل بمثله . مترجم في التهذيب ، والكبير 4/2/388 ، وابن سعد 7/2/47 ، وابن أبي حاتم 4/2/221-222 . و"السمتي" : بفتح السين وسكون الميم ، نسبة إلى السمت والهيئة . قال ابن سعد : "وقيل له : السمتي - للحيته وهيئته وسمته"!!نافع بن مالك : هو الأصبحي ، أبو سهيل ، وهو عم الإمام مالك بن أنس ، وهو تابعي ثقة . مترجم في التهذيب ، والكبير 4/2/86 ، وابن أبي حاتم 4/1/453 .(9) مضى تخريج هذا البيت في هذا الجزء : 281 تعليق : 1 ، وهذا القول في تفسير الآية ذكره الفراء في معاني القرآن 1 : 100 .(10) ديوانه : 90 ، وسيأتي في التفسير 30 : 146 (بولاق) ، ومجاز القرآن : 65 ، ومعاني القرآن للفراء 1 : 99 ، ومشكل القرآن : 151 ، والإنصاف : 164 ، وأمالي بن الشجرى 1 : 52 ، 324 ، وأمال الشريف 1 : 202 ، 216 ، ومعجم ما استعجم : 1238 . وهو من قصيدة مضى منها تخريج بيت في هذا الجزء : 213 . وقوله : "ذي المطارة" (بفتح الميم) ، وهو اسم جبل . وعاقل : قد عقل في رأس الجبل ، لجأ إليه واعتصم به وامتنع . والوعل : تيس الجبل : يتحصن بوزره من الصياد . وقد ذكر البكري أنه رأى لابن الأعرابي أنه يعني بذي المطارة (بضم الميم) ناقته ، وأنها مطارة الفؤاد من النشاط والمرح . ويعني بذلك : ما عليها من الرحل والأداة . يقول : كأني على رحل هذه الناقة وعلى عاقل من الخوف والفرق .(11) النابغة الجعدي .(12) سيأتي في التفسير 2 : 198 ، 327 (بولاق) ، ومعاني القرآن للفراء 1 : 99 ، 131 ، ومشكل القرآن : 153 ، والإنصاف : 165 ، وأمالي الشريف 1 : 216 ، والصاحبي : 172 ، وسمط اللآلي : 368 ، واللسان (زنا) . وقال الطبري في 2 : 327 ، "يعني : كما كان الرجم الواجب من حد الزنا" .(13) سيأتي في التفسير : (2؛ 198 بولاق) ، ومعاني القرآن للفراء 1 : 99 ، 131 ، وأمالي الشريف 1 : 216 ، واللسان (حلا) . يقال : "ما في الحي أحد تجهره عيني" ، أي تأخذه عيني فيعجبني . وفي حديث صفة رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول علي : "لم يكن قصيرًا ولا طويلا ، وهو إلى الطول أقرب . من رآه جهره" ، أي عظم في عينه .(14) هذا الذي مضى أكثر من قول الفراء في معاني القرآن 1 : 99 .(15) هذا من نص كلام أبي عبيدة في مجاز القرآن : 63-64 .(16) انظر ما سلف 1 : 318-328 ، واطلب ذلك في فهرس العربية من الجزاء السالفة .(17) هذا موضع مشكل في كلام أبي جعفر رضي الله عنه ، كان ينبغي أن يبينه فضل بيان . فإن صدر عبارته قاض بأن كل الآيات التي قبل هذه الآية نزلت في يهود ، وليس كذلك . ثم عاد بعد قليل يقول : "هذا مع الرواية التي رويناها عن ابن عباس أن الآية التي قبل هذه الآية نزلت فيهم" -يعني في يهود . ولو كان الأمر كما يفهم من صدر عبارته ، لم يكن لنصه بعد ذلك على أن الآية التي"قبل هذه الآية" نزلت فيهم ، فيما روي عن ابن عباس- معنى مفهوم .والظاهر أن أبا جعفر كان أراد أن يقول : إن الآيات السالفة نزلت في اليهود - إلا الآيات الأخيرة من أول قوله : "إن الذين كفروا وماتوا وهم كفار" إلى قوله : "وإلهكم إله وحد" (163-170) ، فهي قد نزلت في كفار العرب ، وذكر ابن عباس أن الآية الأخيرة : (170) نزلت في يهود أيضًا . ثم إن الآيات بعدها هي ولا شك في يهود وأهل الكتاب ، فلذلك حمل معنى الآية هذه أنه مراد به اليهود . فكأنه جعل الآيات من (163-169) اعتراضًا في سرد قصة واحدة ، هي قصة يهود .فإن لم يكن ذلك كذلك ، فلست أدري كيف يتسق كلامه . فهو منذ بدأ في تفسير هذه الآيات من 163-169 لم يذكر إلا أهل الشرك وحدهم ، وبين أن المقصود بقوله تعالى : "يا أيها الناس كلوا مما في الأرض حلالا طيبًا" - هم الذين حرموا على أنفسهم البحائر والسوائب والوصائل (ص 300) ، ثم عاد في تأويل قوله تعالى : "وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون" فقال : فهو ما كانوا يحرمون من البحائر والسوائب والوصائل والحوامي (ص 303 ) . واليهود ، كما أنهم لم يكونوا أهل أوثان يعبدونها ، أو أصنام يعظمونها كما قال أبو جعفر ، فهم أيضًا لم يحرموا بحيرة ولا سائبة ولا وصيلة كما ذكر في تفسير الآيات السالفة . فهذا تناقض منه ر حمه الله - إلا إذا حمل كلامه على استثناء الآيات التي ذكرت أنه فسرها على أنه مراد بها مشركوا العرب الذين حرموا على أنفسهم ما حرموا من البحائر والسوائب والوصائل .والصواب من القول عندي ، أن هذه الآية تابعة للآيات السالفة ، وأن قصتها شبيهة بقصة ما قبلها في ذكر المشركين الذي قال الله لهم : "يا أيها الناس كلوا مما في الأرض حلالا طيبًا" ، وأن العود إلى قصة أهل الكتاب هو من أول قوله تعالى : "إن الذين يكتمون ما أنزل الله من الكتاب" والآيات التي تليها . وانظر ما سيأتي : 317 ، فإنه قد عاد هناك ، فجعل الآية خاصة بالمشركين من أهل الجاهلية ، بذكره ما حرموا على أنفسهم من المطاعم ، وهو تناقض شديد .(18) ديوانه : 50 ، ونقائض جرير والأخطل : 81 ، وطبقات فحول الشعراء : 429 ، ومجاز القرآن : 64 ، واللسان (نعق) وقد مضت أبيات منها في 2 : 38 : 39 ، 492 ، 496 ، وهذا الجزء 3 : 294 ، وقد ذكر قبله حروب رهطه بني تغلب ، ثم قال لجرير : إنما أنت راعي غنم ، فصوت بغنمك ، ودع الحروب وذكرها . فلا علم لك ولا لأسلافك بها . وكل ما تحدث به نفسك من ذلك ضلال وباطل .(19) انظر تفسير : "صم""بكم""عمي" فيما سلف 1 : 328-331 . وقد حمل أبو جعفر معنى الآية هنا على أنه عنى به اليهود وأهل الكتاب . وانظر التعليق السالف ص : 314 ، رقم : 1 .(20) انظر إعرابه في الآية الأخرى فيما سلف 1 : 329-330 .
یٰۤاَیُّهَا الَّذِیْنَ اٰمَنُوْا كُلُوْا مِنْ طَیِّبٰتِ مَا رَزَقْنٰكُمْ وَ اشْكُرُوْا لِلّٰهِ اِنْ كُنْتُمْ اِیَّاهُ تَعْبُدُوْنَ(۱۷۲)
اے ایمان والو! کھاؤ ہماری دی ہوئی ستھری چیزیں اور اللہ کا احسان مانو اگر تم اسی کو پوجتے ہو (ف۳۰۱)
القول في تأويل قوله تعالى : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُوا لِلَّهِ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ (172)قال أبو جعفر: يعني تعالى ذكره بقوله: " يا أيها الذين آمنوا "، يا أيها الذين صدَّقوا الله ورسوله, وأقروا لله بالعبودية, وأذعنوا له بالطاعة، كما:-2467- حدثني المثنى قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا أبو زهير، عن جويبر, عن الضحاك في قوله: " يا أيها الذين آمنوا "، يقول: صدَّقوا.* * *" كلوا من طيبات ما رَزَقناكم "، يعني: اطعَموا من حَلال الرزق الذي أحللناهُ لكم, فطاب لكم بتحليلي إياه لكم، مما كنتم تحرِّمونَ أنتم، ولم أكن حرمته عليكم، من المطاعم والمشارب." واشكروا لله "، يقول: وأثنوا على الله بما هو أهله منكم، على النعم التي رزقكم وَطيَّبها لكم." إن كنتم إياه تعبدون "، يقول: إن كنتم منقادين لأمره سامعين مطيعين, فكلوا مما أباح لكم أكله وحلله وطيَّبه لكم, ودعوا في تحريمه خطوات الشيطان.وقد ذكرنا بعض ما كانوا في جاهليتهم يحرِّمونه من المطاعم, وهو الذي ندبهم إلى أكله ونهاهم عن اعتقاد تحريمه, إذْ كان تحريمهم إياه في الجاهلية طاعةً منهم للشيطان، واتباعًا لأهل الكفر منهم بالله من الآباء والأسلاف. ثم بيّن لهم تعالى ذكره ما حرَّم عليهم, وفصَّله لهم مُفسَّرًا. (21)------------------الهوامش :(21) في المطبوعة : "وفصل لهم" ، والصواب ما أثبت . وهذا الذي قاله هنا برهان آخر على أن أبا جعفر قد اضطرب في قصة هذه الآيات ، فهو قد عاد وجعل بعض الآيات السالفة ، في مشركي العرب في جاهليتهم ، كما ترى ، وهو بين أيضًا في تفسيرة الآية التالية . انظر ص : 314 ، تعليق : 1 .
اِنَّمَا حَرَّمَ عَلَیْكُمُ الْمَیْتَةَ وَ الدَّمَ وَ لَحْمَ الْخِنْزِیْرِ وَ مَاۤ اُهِلَّ بِهٖ لِغَیْرِ اللّٰهِۚ-فَمَنِ اضْطُرَّ غَیْرَ بَاغٍ وَّ لَا عَادٍ فَلَاۤ اِثْمَ عَلَیْهِؕ-اِنَّ اللّٰهَ غَفُوْرٌ رَّحِیْمٌ(۱۷۳)
اس نے یہی تم پر حرام کئے ہیں مردار (ف۳۰۲) اور خون (ف۳۰۳) اور سُور کا گوشت (ف۳۰۴) اور وہ جانور جو غیر خدان کا نام لے کر ذبح کیا گیا (ف۳۰۵) تو جو نا چار ہو (ف۳۰۶) نہ یوں کہ خواہش سے کھائے اور نہ یوں کہ ضرورت سے آگے بڑھے تو اس پر گناہ نہیں، بیشک اللہ بخشنے والا مہربان ہے،
القول في تأويل قوله تعالى : إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللَّهِقال أبو جعفر: يعني تعالى ذكره بذلك: لا تُحرموا على أنفسكم ما لم أحرمه عليكم أيها المؤمنون بالله وبرسوله منَ البحائر والسوائب ونحو ذلك, بَل كلوا ذلك، فإني لم أحرم عليكم غير الميتة والدم ولحم الخنزير، ومَا أهلّ به لغيري.* * *ومعنى قوله: " إنما حَرَّم عليكم الميتة "، ما حرَّم عليكم إلا الميتة." وإنما ": حرف واحدٌ, ولذلك نصبت " الميتة والدم ", وغير جائز في" الميتة " إذا جعلت " إنما " حرفًا واحدًا - إلا النصب. ولو كانت " إنما " حرفين، وكانت منفصلة من " إنّ"، لكانت " الميتة " مرفوعة وما بعدها. وكان تأويل الكلام حينئذ: إنّ الذي حرم الله عليكم من المطاعم الميتةُ والدمُ ولحمُ الخنزير، لا غير ذلك. (22)وقد ذُكر عن بعض القراء أنه قرأ ذلك كذلك، على هذا التأويل. ولست للقراءة به مستجيزًا =وإن كان له في التأويل والعربية وَجه مفهومٌ- لاتفاق الحجة من القراء على خلافه. فغيرُ جائز لأحد الاعتراض عليهم فيما نقلوه مجمعين عليه.* * *ولو قرئ في" حرّم " بضم الحاء من " حرّم "، لكان في" الميتة " وجهان من الرفع. أحدهما: من أن الفاعل غير مسمى," وإنما " حرفٌ واحد.والآخر: " إن " و " ما " في معنى حرفين, و " حرِّم " من صلة " ما "," والميتة " خبر " الذي" مرفوع على الخبر. ولست، وإن كان لذلك أيضًا وجه، مستجيزًا للقراءة به، لما ذكرت.* * *وأما " الميتة "، فإن القرأةَ مختلفة في قراءتها. فقرأها بعضهم بالتخفيف، ومعناه فيها التشديد, ولكنه يُخففها كما يخفف القائلون في: " هو هيّن ليّن "" الهيْن الليْن "، (23) كما قال الشاعر: (24)لَيْسَ مَنْ مَاتَ فَاسْتَرَاحَ بِمَيْتٍإِنَّمَا المَيْتُ مَيِّتُ الأحْيَاءِ (25)فجمع بين اللغتين في بيت واحد، في معنى واحد.وقرأها بعضهم بالتشديد، وحملوها على الأصل, وقالوا: إنما هو " مَيْوِت "," فيعل "، من الموت. ولكن " الياء " الساكنة و " الواو " المتحركة لما اجتمعتا،" والياء " مع سكونها متقدمة، قلبت " الواو "" ياء " وشددت، فصارتا " ياء " مشددة, كما فعلوا ذلك في" سيد وجيد ". قالوا: ومن خففها، فإنما طلب الخفة. والقراءةُ بها على أصلها الذي هو أصلها أولى.* * *قال أبو جعفر: والصواب من القول في ذلك عندي أن التخفيف والتشديد في" ياء "" الميتة " لغتان معروفتان في القراءة وفي كلام العرب, فبأيهما قرأ ذلك القارئ فمصيب. لأنه لا اختلاف في معنييهما.* * *وأما قوله: " وَمَا أهِلَّ به لغير الله "، فإنه يعني به: وما ذُبح للآلهة والأوثان يُسمى عليه بغير اسمه، أو قُصد به غيرُه من الأصنام.وإنما قيل: " وما أهِلَّ به "، لأنهم كانوا إذا أرادوا ذبح ما قرَّبوه لآلهتهم، سموا اسم آلهتهم التي قربوا ذلك لها، وجَهروا بذلك أصْواتَهم, فجرى ذلك من أمرهم على ذلك، حتى قيل لكل ذابح، سمَّى أو لم يُسمِّ، (26) جهر بالتسمية أو لم يجهر-: " مُهِلٌّ". فرفعهم أصواتهم بذلك هو " الإهلال " الذي ذكره الله تعالى فقال: " وما أهِلَّ به لغير الله ". ومن ذلك قيل للملبِّي في حَجة أو عمرة " مُهِلّ", لرفعه صوته بالتلبية. ومنه " استهلال " الصبي، إذا صاح عند سقوطه من بَطن أمه," واستهلال " المطر، وهو صوت وُقوعه على الأرض, كما قال عمرو بن قميئة:ظَلَمَ البِطَاحَ لَهُ انْهِلالُ حَرِيصَةٍفَصَفَا النِّطَافُ لَهُ بُعَيْدَ المُقْلَعِ (27)واختلف أهل التأويل في ذلك. فقال بعضهم: يعني بقوله: " وما أهِلَّ به لغير الله "، ما ذبح لغير الله.* ذكر من قال ذلك:2468- حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة: " وما أهِلّ به لغير الله " قال، ما ذبح لغير الله.2469- حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر, عن قتادة في قوله: " وما أهلّ به لغير الله " قال، ما ذبح لغير الله مما لم يُسم عليه.2470- حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد: " وما أهلّ به لغير الله "، ما ذبح لغير الله.2471- حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج قال، قال ابن جريج, قال ابن عباس في قوله: " وما أهِلّ به لغير الله " قال، ما أهِلّ به للطواغيت.2472- حدثنا سفيان بن وكيع قال، حدثنا أبو خالد الأحمر, عن جويبر, عن الضحاك قال: " وما أُهلّ به لغير الله " قال، ما أهل به للطواغيت.2473- حدثني المثنى قال، حدثنا عبد الله بن صالح قال، حدثني معاوية, عن علي, عن ابن عباس: " وما أهِلّ به لغير الله "، يعني: ما أهِل للطواغيت كلّها. يعني: ما ذبح لغير الله من أهل الكفر، غير اليهود والنصارى.2474- حدثنا ابن حميد قال، حدثنا جرير, عن عطاء في قول الله: " وما أهِلّ به لغير الله " قال، هو ما ذبح لغير الله.* * *وقال آخرون: معنى ذلك: ما ذكر عليه غير اسم الله.* ذكر من قال ذلك:2475- حدثني المثنى قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا ابن أبي جعفر, عن أبيه, عن الربيع قوله: " وما أهلّ به لغير الله "، يقول: ما ذكر عليه غير اسم الله.2476- حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد -وسألته عن قوله الله: " وما أهلّ به لغير الله "- قال: ما يذبح لآلهتهم، الأنصابُ التي يعبدونها أو يسمُّون أسماءَها عليها. قال: يقولون: " باسم فلان ", كما تقول أنت: " باسم الله " قال، فذلك قوله: " وما أهلّ به لغير الله ".2477- حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، حدثنا حيوة، عن عقبة بن مسلم التُّجيبي وقيس بن رافع الأشجعي أنهما قالا أحِل لنا ما ذُبح لعيد الكنائس, وما أهدي لها من خبز أو لحم, فإنما هو طعام أهل الكتاب. قال حيوة، قلت: أرأيت قَول الله: " وما أهِلّ به لغير الله "؟ قال: إنما ذلك المجوسُ وأهلُ الأوثان والمشركون.* * *القول في تأويل قوله تعالى : فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلا عَادٍ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِقال أبو جعفر: يعني تعالى ذكره بقوله: " فمن اضطر "، فمن حَلَّت به ضَرورة مجاعة إلى ما حرَّمت عليكم من الميتة والدم ولحم الخنزير وما أهل به لغير الله -وهو بالصفة التي وصفنا- فلا إثم عليه في أكله إن أكله.* * *وقوله: فمن " اضطر "" افتعل " من " الضّرورة ".* * *و " غيرَ بَاغ " نُصِب على الحال مِنْ" مَنْ", فكأنه. قيل: فمن اضطرّ لا باغيًا ولا عاديًا فأكله, فهو له حلال.* * *وقد قيل : إن معنى قوله: " فمن اضطر "، فمن أكره على أكله فأكله, فلا إثم عليه.* ذكر من قال ذلك:2478- حدثنا أحمد بن إسحاق الأهوازي قال، حدثنا أبو أحمد الزبيري قال، حدثنا إسرائيل, عن سالم الأفطس, عن مجاهد قوله: " فمن اضطر غيرَ باغ ولا عاد " قال: الرجل يأخذُه العدو فيدعونه إلى معصية الله.* * *وأما قوله: " غيرَ بَاغ ولا عَاد "، فإن أهل التأويل في تأويله مختلفون.فقال بعضهم: يعني بقوله: " غير باغ "، غيرَ خارج على الأئمة بسيفه باغيًا عليهم بغير جَور, ولا عاديًا عليهم بحرب وعدوان، فمفسدٌ عليهم السبيلَ.* ذكر من قال ذلك:2479- حدثنا أبو كريب قال، حدثنا ابن إدريس قال، سمعت ليثًا، عن مجاهد: " فمن اضطر غيرَ بَاغٍ ولا عاد " قال، غيرَ قاطع سبيل, ولا مفارق جماعة, ولا خارج في معصية الله, فله الرخصة.2480- حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد: " فمن اضطر غيرَ باغ ولا عاد "، يقول: لا قاطعًا للسبيل, ولا مفارقًا للأئمة, ولا خارجًا في معصية الله, فله الرخصة. ومن خرج بَاغيًا أو عاديًا في معصية الله, فلا رخصة له وإن اضطُرَّ إليه.2481- حدثنا هناد بن السري قال، حدثنا شريك, عن سالم, عن سعيد: " غير باغ ولا عاد " قال، هو الذي يقطع الطريق, فليس له رخصة إذا جاع أن يأكل الميتة، وإذا عطش أن يشربَ الخمر.2482- حدثني المثنى قال، حدثنا سويد بن نصر قال: أخبرنا ابن المبارك, عن شريك، عن سالم -يعني الأفطس- عن سعيد في قوله: " فمن اضطُر غير باغ ولا عاد " قال، الباغي العادي الذي يقطع الطريق، فلا رخصة له ولا كرامة.2483- حدثني المثنى قال، حدثنا الحماني قال، حدثنا شريك, عن سالم, عن سعيد في قوله: " فمن اضطُر غير باغ ولا عاد " قال، إذا خرج في سبيل من سُبُل الله فاضطر إلى شرب الخمر شرب, وإن اضطر إلى الميتة أكل. وإذا خرج يقطع الطريق، فلا رخصة له.2484- حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حفص بن غياث, عن الحجاج, عن القاسم بن أبي بزة, عن مجاهد قال: " غيرَ باغ " على الأئمة،" ولا عاد " قال، قاطع السبيل.2485- حدثنا هناد قال، حدثنا ابن أبي زائدة, عن ورقاء, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد: " فمن اضطر غير باغ ولا عاد " قال، غير قاطع السبيل, ولا مفارق الأئمة, ولا خارج في معصية الله فله الرخصة.2486- حدثنا هناد قال، حدثنا أبو معاوية, عن حجاج, عن الحكم, عن مجاهد : " فمن اضطُر غير بَاغ ولا عاد " قال، غير باغ على الأئمة, ولا عاد على ابن السبيل.* * *وقال آخرون في تأويل قوله: " غيرَ باغ ولا عاد ": غيرَ باغ الحرامَ في أكله, ولا معتدٍ الذي أبيحَ له منه.* ذكر من قال ذلك.2487- حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد بن زريع, عن سعيدعن قتادة قوله: " فمن اضطُرَّ غير باغ ولا عاد " قال، غير باغ في أكله, ولا عادٍ: أن يتعدى حلالا إلى حرام، وهو يجد عنه مَندوحة.2488- حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر, عن الحسن في قوله: " فمن اضطر غيرَ باغ ولا عاد " قال، غير باغ فيها ولا معتدٍ فيها بأكلها، وهو غنيٌّ عنها.2489- حدثني المثنى قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا عبد الرزاق, عن معمر, عمن سمع الحسن يقول ذلك.2490- حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال حدثنا أبو تميلة، (28) عن أبي حمزة, عن جابر, عن مجاهد وعكرمة قوله: " فمن اضطر غير باغ ولا عاد "،" غير باغ " يَبتغيه," ولا عادٍ": يتعدى على ما يُمسك نفسه.2491- حدثت عن عمار بن الحسن قال، حدثنا ابن أبي جعفر, عن أبيه, عن الربيع: " فمن اضطر غير باغ ولا عاد "، يقول: من غير أن يبتغي حرامًا ويتعداه, ألا ترى أنه يقول: فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ [سورة المؤمنون: 7 سورة المعارج: 31]2492- حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد في قوله: " فمن اضطُرّ غير باغٍ ولا عادٍ" قال، أن يأكل ذلك بَغيًا وتعديًا عن الحلال إلى الحرام, ويترك الحلال وهو عنده, ويتعدى بأكل هذا الحرام. هذا التعدي. ينكر أن يكونا مختلفين, ويقول: هذا وهذا واحد!* * *وقال آخرون تأويل ذلك: فمن اضطر غير باغ في أكله شهوة، ولا عاد فوق ما لا بُدَّ له منه.* ذكر من قال ذلك:2493- حدثني موسى بن هارون قال، حدثنا عمرو بن حماد قال، حدثنا أسباط, عن السدي: " فمن اضطر غير باغ ولا عاد ". أمَّا " باغ "، فيبغي فيه شهوته. وأما " العادي"، فيتعدى في أكله, يأكل حتى يشبع, ولكن يأكل منه قدر ما يُمسك به نفسه حتى يبلغ به حاجته.* * *قال أبو جعفر: وأولى هذه الأقوال بتأويل الآية قول من قال: فمن اضطر غير باغ بأكله ما حُرم عليه من أكله، ولا عاد في أكله, وله عن ترك أكله -بوجود غيره مما أحله الله له- مندوحة وغنى.وذلك أن الله تعالى ذكره لم يرخّصْ لأحد في قتل نفسه بحال. وإذ كان ذلك كذلك، فلا شك أن الخارجَ على الإمام والقاطعَ الطريقَ، وإن كانا قد أتيا ما حرَّم الله عليهما =: من خروج هذا على من خرج عليه، وسَعي هذا بالإفساد في الأرض, = فغيرُ مبيح لهما فعلهما ما فعلا مما حرّم الله عليهما -ما كان حرّم الله عليهما قبل إتيانهما ما أتيا من ذلك- من قتل أنفسهما. [ورَدُّهما إلى محارم الله عليهما بعد فعلهما، ما فعلا وإن كان قد حرم عليهما ما كان مرخصا لهما قبل ذلك من فعلهما، وإن لم نرَ رَدَّهما إلى محارم الله عليهما تحريما، (29) فغير مرخِّص لهما ما كان عليهما قبل ذلك حرامًا]. فإذ كان ذلك كذلك, فالواجبُ على قُطاع الطريق والبغاة على الأئمة العادلة, الأوبةُ إلى طاعة الله, والرجوعُ إلى ما ألزمهما الله الرجوع إليه, والتوبةُ من معاصي الله - لا قتلُ أنفسهما بالمجاعة, فيزدادان إلى إثمهما إثمًا, وإلى خلافهما أمرَ الله خلافًا. (30)وأما الذي وجَّه تأويل ذلك إلى أنه غيرُ باغ في أكله شهوة, فأكل ذلك شهوة، لا لدفع الضرورة المخوف منها الهلاك -مما قد دخل فيما حرمه الله عليه- فهو بمعنى ما قلنا في تأويله, وإن كان للفظه مخالفًا.فأما توجيه تأويل قوله: " ولا عاد "، و لا آكل منه شبعه، ولكن ما يمسك به نفسه، فإن ذلك، بعض معاني الاعتداء في أكله. ولم يخصص الله من معاني الاعتداء في أكله معنى، فيقال عنى به بعض معانيه.فإذ كان ذلك كذلك, فالصواب من القول ما قلنا: من أنه الاعتداء في كل معانيه المحرّمة.* * *وأما تأويل قوله: " فلا إثم عليه "، يقول: من أكل ذلك على الصفة التي وصفنا، فلا تبعة عليه في أكله ذلك كذلك ولا حَرج.* * *القول في تأويل قوله تعالى : إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (173)قال أبو جعفر: يعني بقوله تعالى ذكره: " إنّ الله غَفور رحيم "،" إنّ الله غَفورٌ" =إن أطعتم الله في إسلامكم، فاجتنبتم أكل ما حرم عليكم، وتركتم اتباعَ الشيطان فيما كنتم تحرمونه في جاهليتكم- طاعةً منكم للشيطان واقتفاءً منكم خُطواته - مما لم أحرمه عليكم = لما سلف منكم، في كفركم وقبل إسلامكم، في ذلك من خطأ وذنب ومعصية, فصافحٌ عنكم, وتارك عقوبتكم عليه," رحيم " بكم إن أطعتموه.-------------------الهوامش :(22) انظر تفصيل هذا في معاني القرآن للفراء 1 : 102-103 .(23) في المطبوعة : "القائلون وهو هين لين . . . " ، وكأن الصواب ما أثبت .(24) هو عدي بن الرعلاء الغساني ، والرعلاء أمه .(25) الأصمعيات : 5 ، ومعجم الشعراء : 252 ، وتهذيب الألفاظ : 448 ، واللسان (موت) وحماسة ابن الشجرى : 51 ، والخزانة 4 : 187 ، وشرح شواهد المغني : 138 . من أبيات جيدة صادقة ، يقول بعده :إِنَّمَا المَيْتُ مَنْ يَعِيشُ ذَلِيلاًكَاسِفًا بَالُهُ قَلِيلَ الرّجَاءِفَأُنَاسٌ يُمَصَّصُونَ ثِمَادًاوَأُنَاسٌ حُلُوقُهُمْ فِي المَاءالثماد الماء القليل يبقى في الحفر . وما أصدق ما قال هذا الأبي الحر .(26) في المطبوعة : "يسمي بذلك أو لم يسم" ، والصواب ما أثبت ، فعل ماض كالذي يليه .(27) سلف تخريج هذا البيت في 1 : 523-524 ، وأن صواب نسبته إلى الحادرة الذبياني .(28) في المطبوعة : "أبو نميلة" ، والصواب بالتاء . مضت ترجمته برقم : 392 ، 461 .(29) في المطبوعة : "وإن لم يؤدهما إلى محارم الله عليهما تحريمًا" . وهو تصحيف مفسد قد آذى من أراد أن يفهم عن الطبري ما يقول . و"المحارم" : كل ما حرم الله سبحانه علينا فهو من محارم الله . وانظر التعليق التالي .(30) هذه الفقرة رد على القول الأول ، قول من ذهب إلى أن"الباغي" هو الخارج على الأئمة ، وأن"العادي" هو قاطع الطريق ، وأنهما لفعلهما ذلك مستثنيان من حكم الآية في الترخيص للمضطر أن يأكل مما حرم الله عليه . ولكن العبارة في الأصل فاسدة ، لا يكاد يكون لها معنى . ولم أستجز أن أدعها في الأصل على ما هي عليه . وهكذا كانت في الأصل :[بل ذلك من فعلهما ، وإن لم يؤدهما إلى محارم الله عليهما تحريمًا ، فغير مرخص لهما ما كان عليهما قبل ذلك حراما] .وهو كلام لا يستقيم ، وقد اجتهدت فرأيت أنه سقط من ناسخ كلامه سطر كامل فيما أرجح ، بين قوله : "من قتل أنفسهما" وقوله : "قبل ذلك من فعلهما" فبقيت"قبل" وحدها ، فجاء ناسخ آخر فلم يستبن معنى ما يكتب ، فجعل"قبل""بل" ، ظنًا منه أن ذلك يقيم المعنى على وجه من الوجوه . فاضطرب الكلام كما ترى اضطرابًا لا يخلص إلى شيء مفهوم . وزاده فسادًا واضطرابًا تصحيف قوله : "وإن لم نر ردهما" بما كتب : "وإن لم يؤدهما" ، فخلص إلى كلام ضرب عليه التخليط ضربًا!وقد ساق الطبري في هذه الفقرة حجتين لرد قول من قال إن الباغي هو الخارج على الإمام ، وإن العادي هو قاطع السبيل .فالحجة الأولى : أن الباغي والعادي ، وإن كان كلاهما قد أتى فعلا محرمًا ، فإن إتيان هذا الفعل المحرم ، لا يجعل قتل أنفسهما مباحًا لهما ، إذ هو محرم عليهما قبل إتيانهما ما أتيا من محارم الله عليهما .والحجة الأخرى : أن الله قد رخص لكل مضطر أن يأكل مما حرم عليه ، فاستثناء الباغي والعادي من رخصة الله للمضطر . لا يعد عنده تحريمًا ، بل هو رد إلى ما كان محرمًا عليهما قبل البغي أو العدوان . ومع ذلك فإن هذا الرد إلى ما كان محرمًا عليهما ، وإن كان قد حرم عليهما ما كان مرخصًا لهما ولكل مضطر قبل البغي والعدوان ، فإنه لا يرخص لهما قتل أنفسهما ، وهو حرام عليهما قبل البغي والعدوان .وإذن ، فالواجب عليهما أن يتوبا ، لا أن يقتلا أنفسهما بالمجاعة ، فيزدادان إثمًا إلى إثمهما ، وخلافًا إلى خلافهما بالبغي والعدوان أمر الله .
اِنَّ الَّذِیْنَ یَكْتُمُوْنَ مَاۤ اَنْزَلَ اللّٰهُ مِنَ الْكِتٰبِ وَ یَشْتَرُوْنَ بِهٖ ثَمَنًا قَلِیْلًاۙ-اُولٰٓىٕكَ مَا یَاْكُلُوْنَ فِیْ بُطُوْنِهِمْ اِلَّا النَّارَ وَ لَا یُكَلِّمُهُمُ اللّٰهُ یَوْمَ الْقِیٰمَةِ وَ لَا یُزَكِّیْهِمْۖ-ۚ وَ لَهُمْ عَذَابٌ اَلِیْمٌ(۱۷۴)
وہ جو چھپاتے ہیں (ف۳۰۸) اللہ کی کتاب اور اسکے بدلے ذلیل قیمت لیتےہیں وہ اپنے پیٹ میں آگ ہی بھرتے ہیں (ف۳۰۹) اور اللہ قیامت کے دن ان سے بات نہ کرے گا اور نہ انہیں ستھرا کرے، اور ان کے لئے دردناک عذاب ہے،
القول في تأويل قوله تعالى : إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ الْكِتَابِ وَيَشْتَرُونَ بِهِ ثَمَنًا قَلِيلاقال أبو جعفر: يعني تعالى ذكره بقوله: " إنّ الذينَ يَكتمون ما أنزل الله من الكتاب "، أحبارَ اليهود الذين كتموا الناس أمرَ محمد صلى الله عليه وسلم ونبوّته, وهم يجدونه مكتوبًا عندهم في التوراة، برُشًى كانوا أُعطوها على ذلك، كما:-2494- حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد بن زريع قال: حدثنا سعيد, عن قتادة قوله: " إنّ الذين يكتمون ما أنزل الله من الكتاب " الآية كلها، هم أهل الكتاب، كتموا ما أنزل الله عليهم وبَين لهم من الحق والهدى، من بعث محمد صلى الله عليه وسلم وأمره.2495- حدثنا المثنى قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا ابن أبي جعفر، عن أبيه, عن الربيع في قوله: (إنّ الذين يكتمون ما أنزل الله من الكتاب ويَشترون به ثمنًا قليلا) قال: هم أهل الكتاب، كتموا ما أنزل الله عليهم من الحق والإسلامَ وشأنَ محمد صلى الله عليه وسلم.2496- حدثني موسى بن هارون قال، حدثنا عمرو قال حدثنا أسباط, عن السدي: " إن الذين يكتمون مَا أنزل الله منَ الكتاب "، فهؤلاء اليهود، كتموا اسم محمد صلى الله عليه وسلم.2497- حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج, عن ابن جريج, عن عكرمة قوله: " إنّ الذين يكتمونَ ما أنزل الله من الكتاب "، والتي في"آل عمران إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلا [سورة آل عمران: 77] نزلتا جميعًا في يهود.* * *وأما تأويل قوله: " ويَشترون به ثمنًا قليلا "، فإنه يعني: يبتاعون به." والهاء " التي في" به "، من ذكر " الكتمان ". فمعناه: ابتاعوا بكتمانهم ما كتموا الناس من أمر محمد صلى الله عليه وسلم وأمر نبوَّته ثمنًا قليلا. وذلك أنّ الذي كانوا يُعطَوْن = على تحريفهم كتابَ الله وتأويلهِمُوه على غير وجهه، وكتمانهم الحق في ذلك = اليسيرَ من عرض الدنيا، كما:-2498- حدثني موسى بن هارون قال، حدثنا عمرو قال، حدثنا أسباط, عن السدي: " ويشترون به ثمنًا قليلا " قال، كتموا اسم محمد صلى الله عليه وسلم, وأخذوا عليه طمعًا قليلا فهو الثمن القليل.* * *وقد بينت فيما مضى صفة " اشترائهم " ذلك، بما أغنى عن إعادته هاهنا.* * *القول في تأويل قوله تعالى : أُولَئِكَ مَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ إِلا النَّارَ وَلا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (174)قال أبو جعفر: يعني تعالى ذكره بقوله: " أولئك "، - هؤلاء الذين يكتمون ما أنزل الله من الكتاب في شأن محمد صلى الله عليه وسلم بالخسيس من الرِّشوة يُعطَوْنها, فيحرِّفون لذلك آيات الله ويغيِّرون معانيها =" ما يأكلون في بطونهم " - بأكلهم ما أكلوا من الرُّشى على ذلك والجعالة، (31) وما أخذوا عليه من الأجر =" إلا النار " - يعني: إلا ما يوردهم النار ويُصْليهموها, كما قال تعالى ذكره: إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا [سورة النساء: 10] معناه: ما يأكلون في بطونهم إلا ما يوردهم النار بأكلهم. فاستغنى بذكر " النار " وفهم السامعين معنى الكلام، عن ذكر " ما يوردهم، أو يدخلهم ". وبنحو الذي قلنا في ذلك قال جماعة من أهل التأويل.* ذكر من قال ذلك:2499- حدثني المثنى قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا عبد الله بن أبي جعفر, عن أبيه, عن الربيع: " أولئك مَا يَأكلون في بُطونهم إلا النار "، يقول: ما أخذوا عليه من الأجر.* * *فإن قال قائل: فهل يكون الأكل في غير البطن فيقال: " ما يأكلون في بطونهم "؟قيل: قد تقول العرب: " جُعت في غير بطني, وشَبعتُ في غير بطني", فقيل: في بُطونهم لذلك، كما يقال: " فعل فُلان هذا نفسُه ". وقد بينا ذلك في غير هذا الموضع، فيما مضى. (32)وأما قوله: " ولا يُكلِّمهمُ الله يَومَ القيامة "، يقول: ولا يكلمهم بما يحبون ويشتهون, فأما بما يسُوءهم ويكرَهون، فإنه سيكلمهم. لأنه قد أخبر تعالى ذكره أنه يقول لهم - إذا قالوا: رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْهَا فَإِنْ عُدْنَا فَإِنَّا ظَالِمُونَ * قَالَ اخْسَئُوا فِيهَا وَلا تُكَلِّمُونِ الآيتين [سورة المؤمنون: 107-108].* * *وأما قوله: " ولا يُزكِّيهم "، فإنه يعني: ولا يطهِّرهم من دَنس ذنوبهم وكفرهم، (33) " ولهم عذاب أليم "، يعني: مُوجع (34)----------------الهوامش :(31) الجعل (بضم فسكون) والجعالة (مثلثة الجيم) : أجر مشروط يجعل للقائل أو الفاعل شيئًا .(32) انظر ما سلف 2 : 272 ، وهذا الجزء 3 : 159-160 .(33) انظر ما سلف 1 : 573-574 ، وهذا الجزء 3 : 88 .(34) انظر ما سلف 1 : 283 . ثم 2 : 140 ، 377 ، 506 ، 540
اُولٰٓىٕكَ الَّذِیْنَ اشْتَرَوُا الضَّلٰلَةَ بِالْهُدٰى وَ الْعَذَابَ بِالْمَغْفِرَةِۚ-فَمَاۤ اَصْبَرَهُمْ عَلَى النَّارِ(۱۷۵)
وہ لوگ ہیں جنہوں نے ہدایت کے بدلے گمراہی مول لی اور بخشش کے بدلے عذاب، تو کس درجہ انہیں آگ کی سہار (برداشت) ہے
القول في تأويل قوله تعالى : أُولَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلالَةَ بِالْهُدَى وَالْعَذَابَ بِالْمَغْفِرَةِقال أبو جعفر: يعني تعالى ذكره بقوله: " أولئك الذين اشترَوُا الضلالة بالهدى "، أولئك الذين أخذوا الضلالة، وتركوا الهدى, وأخذوا ما يوجب لهم عذاب الله يوم القيامة، وتركوا ما يُوجب لهم غفرانه ورضْوَانه. فاستغنى بذكر " العذاب " و " المغفرة "، من ذكر السبب الذي يُوجبهما, لفهم سامعي ذلك لمعناه والمراد منه. وقد بينا نظائر ذلك فيما مضى. (35) وكذلك بينا وجه " اشتروا الضلالة بالهدى " باختلاف المختلفين، والدلالة الشاهدة بما اخترنا من القول، فيما مضى قبل، فكرهنا إعادته. (36)* * *القول في تأويل قوله تعالى : فَمَا أَصْبَرَهُمْ عَلَى النَّارِ (175)قال أبو جعفر: اختلف أهل التأويل في تأويل ذلك. فقال بعضهم معنى ذلك: فما أجرأهم على العمل الذي يقرِّبُهم إلى النار.* ذكر من قال ذلك:2500- حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد, عن قتادة: " فما أصْبَرهم على النار "، يقول: فما أجرأهم على العمل الذي يقربهم إلى النار.2501- حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر, عن قتادة في قوله: " فما أصْبَرهم على النار "، يقول: فما أجرأهم عليها.2502- حدثني المثنى قال، حدثنا عمرو بن عون قال، حدثنا هشيم, عن بشر، عن الحسن في قوله: " فما أصْبرهم على النار " قال، والله ما لهم عليها من صبر, ولكن ما أجرأهم على النار.2503- حدثنا أحمد بن إسحاق قال، حدثنا أبو أحمد الزبيري قال، حدثنا مسعر = وحدثني المثنى قال، حدثنا أبو بكير قال، حدثنا مسعر =، عن حماد، عن مجاهد، أو سعيد بن جبير، أو بعض أصحابه: " فما أصبرهم على النار "، ما أجرأهم.2504- حدثت عن عمار بن الحسن قال، حدثنا ابن أبي جعفر, عن أبيه, عن الربيع قوله: " فما أصبرهم على النار "، يقول: ما أجرأهم وأصبرهم على النار.* * *وقال آخرون: بل معنى ذلك: فما أعملهم بأعمال أهل النار.* * ** ذكر من قال ذلك:2505- حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد في قوله: " فما أصْبرهم على النار " قال، ما أعملهم بالباطل.2506- حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد مثله.* * *واختلفوا في تأويل " ما " التي في قوله: " فما أصبرهم على النار ". فقال بعضهم: هي بمعنى الاستفهام، وكأنه قال: فما الذي صبَّرهم؟ أيُّ شيء صبرهم؟ (37)* ذكر من قال ذلك:2507- حدثني موسى بن هارون قال، حدثنا عمرو قال، حدثنا أسباط, عن السدي: " فما أصبرَهم على النار "، هذا على وجه الاستفهام. يقول: مَا الذي أصبرهم على النار؟2508- حدثني عباس بن محمد قال، حدثنا حجاج الأعور قال، أخبرنا ابن جريج قال، قال لي عطاء: " فما أصبرهم على النار " قال، ما يُصبِّرهم على النار، حين تَركوا الحق واتبعوا الباطل؟2509- حدثنا أبو كريب قال: سُئل أبو بكر بن عياش: " فما أصبرهم على النار " قال، هذا استفهام, ولو كانت من الصبر قال: " فما أصبرُهم "، رفعًا. قال: يقال للرجل: " ما أصبرك ", ما الذي فعل بك هذا؟2510- حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد في قوله: " فما أصبرهم على النار " قال، هذا استفهام. يقول ما هذا الذي صبَّرهم على النار حتى جَرأهم فعملوا بهذا؟* * *وقال آخرون: هو تعجُّب. يعني: فما أشد جراءتهم على النار بعَملهم أعمال أهل النار!* ذكر من قال ذلك:2511- حدثنا سفيان بن وكيع قال، حدثنا أبي, عن ابن عيينة, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد : " فما أصبرهم على النار " قال، ما أعملهم بأعمال أهل النار!وهو قول الحسن وقتادة, وقد ذكرناه قبل. (38)* * *فمن قال: هو تعجُّب - وجَّه تأويلَ الكلام إلى: أُولَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلالَةَ بِالْهُدَى وَالْعَذَابَ بِالْمَغْفِرَةِ ، فما أشد جراءتهم -بفعلهم ما فعلوا من ذلك- على ما يوجب لهم النار! كما قال تعالى ذكره: قُتِلَ الإِنْسَانُ مَا أَكْفَرَهُ [سورة عبس: 17]، تعجبًا من كفره بالذي خَلقه وسَوَّى خلقه.* * *فأما الذين وجهوا تأويله إلى الاستفهام، فمعناه: هؤلاء الذين اشتروا الضلالة بالهدى والعذاب بالمغفرة، فما أصبرهم على النار -والنار لا صبر عليها لأحد- حتى استبدلوها بمغفرة الله فاعتاضوها منها بدلا؟* * *قال أبو جعفر: وأولى هذه الأقوال بتأويل الآية قول من قال: ما أجرأهم على النار, بمعنى: ما أجرأهم على عَذاب النار وأعملهم بأعمال أهلها. وذلك أنه مسموع من العرب: " ما أصبرَ فلانًا على الله ", بمعنى: ما أجرأ فلانًا على الله! (39) وإنما يعجب الله خَلقه بإظهار الخبر عن القوم الذين يكتمون ما أنزل الله تبارك وتعالى من أمر محمد صلى الله عليه وسلم ونبوَّته, واشترائهم بكتمان ذلك ثَمنًا قليلا من السحت والرشى التي أعطوها - على وَجه التعجب من تقدمهم على ذلك. (40) مع علمهم بأنّ ذلك موجبٌ لهم سَخط الله وأليم عقابه.وإنما معنى ذلك: فما أجرأهم على عذاب النار! ولكن اجتزئ بذكر " النار " من ذكر " عذابها "، كما يقال: " ما أشبه سخاءك بحاتم ", بمعنى: ما أشبه سَخاءك بسخاء حاتم," وما أشبه شَجاعتك بعنترة ". (41)---------------الهوامش :(35) انظر ما سلف فهارس مباحث العربية .(36) انظر ما سلف 1 : 311-315 .(37) وذلك قول أبي عبيدة في مجاز القرآن : 64 .(38) انظر ما سلف رقم : 2501 ، 2502 .(39) انظر خبر ذلك في معاني القرآن للفراء 1 : 103 .(40) قدم ، وتقدم ، وأقدم ، واستقدم ، كلها بمعنى واحد ، إذا كان جرئيًا فاقتحم .(41) انظر معاني القرآن للفراء 1 : 103 ، أيضًا .
ذٰلِكَ بِاَنَّ اللّٰهَ نَزَّلَ الْكِتٰبَ بِالْحَقِّؕ-وَ اِنَّ الَّذِیْنَ اخْتَلَفُوْا فِی الْكِتٰبِ لَفِیْ شِقَاقٍۭ بَعِیْدٍ۠(۱۷۶)
یہ اس لئے کہ اللہ نے کتاب حق کے ساتھ اتاری، اور بے شک جو لوگ کتاب میں اختلاف ڈالنے لگے (ف۳۱۰) وہ ضرور پرلے سرے کے جھگڑالو ہیں،
القول في تأويل قوله تعالى : ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ نَزَّلَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِي الْكِتَابِ لَفِي شِقَاقٍ بَعِيدٍ (176)قال أبو جعفر: أما قوله: " ذلك بأن الله نزل الكتاب بالحق "، فإنه اختلف في المعنيِّ ب " ذلك ".* * *فقال بعضهم: معنيُّ" ذلك "، فعلُهم هذا الذي يفعلون = من جراءتهم على عذاب النار، في مخالفتهم أمر الله، وكتمانهم الناسَ ما أنزل الله في كتابه، وأمرَهم ببيانه لهم من أمر محمد صلى الله عليه وسلم وأمر دينه = من أجل أن الله تبارك تعالى " نزل الكتاب بالحق "، وتنزيله الكتاب بالحق هو خبرُه عنهم في قوله لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لا يُؤْمِنُونَ * خَتَمَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَعَلَى سَمْعِهِمْ وَعَلَى أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ [سورة البقرة: 6-7] فهم -مع ما أخبر الله عنهم من أنهم لا يؤمنون- لا يكون منهم غيرُ اشتراء الضلالة بالهدى والعذاب بالمغفرة.وقال آخرون: معناه: " ذلك " معلومٌ لهم، بأن الله نزل الكتاب بالحق، لأنّا قد أخبرنا في الكتاب أنّ ذلك لهم، والكتابُ حَق.كأن قائلي هذا القول كان تأويل الآية عندهم: ذلك العذاب = الذي قال الله تعالى ذكره، فما أصبرهم عليه = معلومٌ أنه لهم. لأن الله قد أخبر في مواضع من تنزيله أن النار للكافرين, وتنزيله حق, فالخبر عن " ذلك " عندهم مُضمر.*وقال آخرون: معنى " ذلك "، أن الله وصف أهل النار، فقال: فَمَا أَصْبَرَهُمْ عَلَى النَّارِ ، ثم قال: هذا العذاب بكفرهم. و " هذا " هاهنا عندهم، هي التي يجوز مكانها " ذلك "، (42) كأنه قال: فعلنا ذلك بأن الله نزل الكتاب بالحق فكفروا به. قال: فيكون " ذلك " -إذا كان ذلك معناه- نصبًا، ويكون رفعًا بالباء.* * *قال أبو جعفر: وأولى الأقوال بتأويل الآية عندي: أن الله تعالى ذكره أشار بقوله: " ذلك "، إلى جميع ما حواه قوله: إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ الْكِتَابِ ، إلى قوله: " ذلك بأن الله نزل الكتاب بالحق "، من خبره عن أفعال أحبار اليهود، وذكره ما أعد لهم تعالى ذكره من العقاب على ذلك, فقال: هذا الذي فعلته هؤلاء الأحبارُ من اليهود = بكتمانهم الناسَ ما كتموا من أمر محمد صلى الله عليه وسلم ونبوته مع علمهم به، طلبًا منهم لعرَض من الدنيا خسيس -وبخلافهم أمري وطاعتي= وذلك -من تركي تطهيرَهم وتزكيتهم وتكليمهم, وإعدادي لهم العذاب الأليم- بأني أنزلت كتابي بالحق، فكفروا به واختلفوا فيه.فيكون في" ذلك " حينئذ وجهان من الإعراب: رفعٌ ونصب. والرفع ب " الباء ", والنصب بمعنى: فعلت ذلك بأني أنزلت كتابي بالحق، فكفروا به واختلفوا فيه. وترك ذكر " فكفروا به واختلفوا "، اجتزاءً بدلالة ما ذكر من الكلام عليه.* * *وأما قوله: " وإنّ الذينَ اختلفوا في الكتاب لفي شقاق بعيد "، يعني بذلك اليهودَ والنصارى. اختلفوا في كتاب الله، فكفرت اليهودُ بما قصَّ الله فيه من قَصَص عيسى ابن مريم وأمه. وصَدقت النصارى ببعض ذلك، وكفروا ببعضه, وكفروا جميعًا بما أنزل الله فيه من الأمر بتصديق محمد صلى الله عليه وسلم. فقال لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: إن هؤلاء الذين اختلفوا فيما أنزلت إليك يا محمد لفي منازعة ومفارقة للحق بعيدة من الرشد والصواب, كما قال الله تعالى ذكره: فَإِنْ آمَنُوا بِمِثْلِ مَا آمَنْتُمْ بِهِ فَقَدِ اهْتَدَوْا وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا هُمْ فِي شِقَاقٍ [سورة البقرة: 137] كما:2512- حدثني موسى قال، حدثنا عمرو قال، حدثنا أسباط, عن السدي : " وإنّ الذين اختلفوا في الكتاب لفي شقاق بعيد "، يقول: هم اليهود والنصارى. يقول: هم في عَداوة بعيدة. وقد بَينتُ معنى " الشقاق "، فيما مضى. (43)* * *---------------------------الهوامش :(42) انظر ما سلف 1 : 225-227 في بيان"ذلك" ، و"هذا" .(43) انظر ما سلف في هذا الجزء 3 : 115 ، 116 .
لَیْسَ الْبِرَّ اَنْ تُوَلُّوْا وُجُوْهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَ الْمَغْرِبِ وَ لٰكِنَّ الْبِرَّ مَنْ اٰمَنَ بِاللّٰهِ وَ الْیَوْمِ الْاٰخِرِ وَ الْمَلٰٓىٕكَةِ وَ الْكِتٰبِ وَ النَّبِیّٖنَۚ-وَ اٰتَى الْمَالَ عَلٰى حُبِّهٖ ذَوِی الْقُرْبٰى وَ الْیَتٰمٰى وَ الْمَسٰكِیْنَ وَ ابْنَ السَّبِیْلِۙ-وَ السَّآىٕلِیْنَ وَ فِی الرِّقَابِۚ-وَ اَقَامَ الصَّلٰوةَ وَ اٰتَى الزَّكٰوةَۚ-وَ الْمُوْفُوْنَ بِعَهْدِهِمْ اِذَا عٰهَدُوْاۚ-وَ الصّٰبِرِیْنَ فِی الْبَاْسَآءِ وَ الضَّرَّآءِ وَ حِیْنَ الْبَاْسِؕ-اُولٰٓىٕكَ الَّذِیْنَ صَدَقُوْاؕ-وَ اُولٰٓىٕكَ هُمُ الْمُتَّقُوْنَ(۱۷۷)
کچھ اصل نیکی یہ نہیں کہ منہ مشرق یا مغرب کی طرف کرو (ف۳۱۱) ہاں اصلی نیکی یہ کہ ایمان لائے اللہ اور قیامت اور فرشتوں اور کتاب اور پیغمبروں پر (ف۳۱۲) اور اللہ کی محبت میں اپنا عزیز مال دے رشتہ داروں اور یتیموں اور مسکینوں اور راہ گیر اور سائلوں کو اور گردنیں چھوڑانے میں (ف ۳۱۳) اور نماز قائم رکھے اور زکوٰة دے اور اپنا قول پورا کرنے والے جب عہد کریں اور صبر والے مصیبت اور سختی میں اور جہاد کے وقت یہی ہیں جنہوں نے اپنی بات سچی کی اور یہی پرہیزگار ہیں،
القول في تأويل قوله تعالى : لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَالْمَلائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَقال أبو جعفر: اختلف أهل التأويل في تأويل قوله ذلك. فقال بعضهم: معنى ذلك: ليس البرَّ الصلاةُ وحدها, ولكن البرّ الخصال التي أبينها لكم.2513- حدثني محمد بن سعد قال، حدثني أبي قال، حدثني عمي قال، حدثني أبي, عن أبيه, عن ابن عباس قوله: " ليسَ البرّ أن تُولوا وُجُوهكم قِبَل المشرق والمغرب "، يعني: الصلاة. يقول: ليس البر أن تصلوا ولا تَعملوا, فهذا منذ تحوَّل من مكة إلى المدينة, ونزلت الفرائض, وحدَّ الحدود. فأمر الله بالفرائض والعمل بها.2514- حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد: " ليس البر أن تُولوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب "، ولكنّ البر ما ثبت في القلوب من طاعة الله.2515- حدثني القاسم قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد مثله.2516- حدثني القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج, عن ابن جريج, عن ابن عباس قال: هذه الآية نزلت بالمدينة: " ليس البر أن تُولوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب "، يعني: الصلاة. يقول: ليس البر أن تصلوا ولا تعملوا غيرَ ذلك. قال ابن جريج، وقال مجاهد: " ليس البرّ أن تُولوا وجوهكم قبَل المشرق والمغرب "، يعني السجود، ولكن البر ما ثبت في القلب من طاعة الله.2517- حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثنا أبو تميلة، (1) عن عبيد بن سليمان, عن الضحاك بن مزاحم، أنه قال فيها, قال يقول: ليس البر أن تصلوا ولا تعملوا غير ذلك. وهذا حين تحوّل من مكة إلى المدينة, فأنزل الله الفرائض وحدَّ الحدود بالمدينة، وأمر بالفرائض أن يؤخذ بها.* * *وقال آخرون: عنى الله بذلك اليهود والنصارى. وذلك أن اليهود تصلي فتوجِّه قبل المغرب, والنصارى تصلي فتوَجَّه قبل المشرق, فأنزل الله فيهم هذه الآية، يخبرهم فيها أن البرّ غير العمل الذي يعملونه، ولكنه ما بيناه في هذه الآية* ذكر من قال ذلك:2518- حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر، عن قتادة قال: كانت اليهود تصلي قبَل المغرب والنصارى تصلي قبل المشرق، فنزلت: " ليس البر أن تولوا وُجُوهكم قبل المشرق والمغرب ".2519- حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد بن زريع قال، حدثنا سعيد, عن قتادة قوله: " ليس البر أن تُولوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب ولكن البر من آمن بالله واليوم الآخر "، ذُكر لنا أن رَجلا سأل نبي الله صلى الله عليه وسلم عن البر فأنزل الله هذه الآية. وذُكر لنا أن نبي الله صلى الله عليه وسلم دعا الرجل فتلاها عليه. وقد كان الرجلُ قبل الفرائض إذا شهد أن لا إله إلا الله وأن محمدًا عبده ورسوله ثم مات على ذلك يُرْجى له ويطمع له في خير، فأنزل الله: " ليسَ البر أن تولوا وجوهَكم قبل المشرق والمغرب ". وكانت اليهود تَوجَّهت قبل المغرب, والنصارى قبل المشرق -" ولكن البر من آمنَ بالله واليوم الآخر " الآية.2520- حدثني المثنى قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا ابن أبي جعفر, عن أبيه, عن الربيع بن أنس قال: كانت اليهود تصلي قبل المغرب, والنصارى قبل المشرق, فنزلت: " ليس البر أن تُولوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب ".* * *قال أبو جعفر: وأولى هذين القولين بتأويل الآية، القول الذي قاله قتادة والربيع بن أنس =: أن يكون عنى بقوله: " ليس البر أن تولوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب "، اليهودَ والنصارَى. لأن الآيات قبلها مضت بتوبيخهم ولَومهم، والخبر عنهم وعما أُعدّ لهم من أليم العذاب. وهذا في سياق ما قبلها, إذْ كان الأمر كذلك, -" ليس البر "، - أيها اليهود والنصارى، أنْ يولي بعضُكم وجهه قبل المشرق وبعضُكم قبل المغرب," ولكنّ البر مَنْ آمن بالله واليوم الآخر وَالملائكة والكتاب " الآية.* * *فإن قال قائل: فكيف قيل: " ولكن البر من آمن بالله "، وقد علمت أن " البر " فعل, و " مَنْ" اسم, فكيف يكون الفعل هو الإنسان؟قيل: إن معنى ذلك غيرَ ما توهمته, وإنما معناه: ولكنّ البرَّ برُّ من آمن بالله واليوم الآخر، (2) فوضع " مَنْ" موضع الفعل، اكتفاءً بدلالته، ودلالة صلته التي هي له صفةٌ، مَنْ الفعل المحذوف، كما تفعله العرب، فتضع الأسماء مواضع أفعالها التي هي بها مشهورة, فتقول: " الجود حاتم، والشجاعة عنترة "، و " إنما الجود حاتم والشجاعة عنترة ", ومعناها: الجُود جود حاتم فتستغني بذكر " حاتم " إذ كان معروفًا بالجود، من إعادة ذكر " الجود " بعد الذي قد ذكرته، فتضعه موضع " جوده "، لدلالة الكلام على ما حذفته، استغناء بما ذكرته عما لم تذكره. (3) كما قيل: وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ الَّتِي كُنَّا فِيهَا [سورة يوسف: 82] والمعنى: أهل القرية, وكما قال الشاعر, وهو ذو الخِرَق الطُّهَوي:حَسِبْتَ بُغَامَ رَاحِلَتِي عَنَاقًا!وَمَا هي, وَيْبَ غَيْرِكَ بالعَنَاقِ (4)يريد: بُغَامَ عنَاق، أو صوتَ [عناق]، (5) كما يقال: " حسبت صياحي أخاك ", يعني به: حسبتَ صياحي صياحَ أخيك.* * *وقد يجوز أن يكون معنى الكلام: ولكن البارَّ مَنْ آمن بالله, فيكون " البر " مصدرًا وُضع موضعَ الاسم. (6)* * *القول في تأويل قوله تعالى : وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِقال أبو جعفر: يعني تعالى ذكره بقوله: " وآتى المالَ على حُبه "، وأعطى مَاله في حين محبته إياه، وضِنِّه به، وشُحِّه عليه، (7) . كما:-2521- حدثنا أبو كريب وأبو السائب قالا حدثنا ابن إدريس قال، سمعت ليثًا, عن زبيد, عن مرة بن شراحيل البكيلي, عن عبد الله بن مسعود: " وآتَى المالَ على حُبه "، أي: يؤتيه وهو صَحيحٌ شحيحٌ، يأمل العيش ويخشى الفقر. (8)2522- حدثنا محمد بن بشار قال، حدثنا عبد الرحمن -وحدثنا الحسن بن يحيى قال أخبرنا عبد الرزاق- قالا جميعًا, عن سفيان, عن زُبيد الياميّ, عن مرة, عن عبد الله: " وآتى المالَ على حُبه " قال، وأنت صحيح، تأمل العيش، وتخشى الفقر. (9)2523- حدثنا محمد بن المثنى قال، حدثنا محمد بن جعفر قال، حدثنا شعبة, عن زبيد اليامي, عن عبد الله أنه قال في هذه الآية: " وآتى المال على حبه " قال، وأنت حريصٌ شحيحٌ، تأمل الغنى، وتخشى الفقر.2524- حدثنا أحمد بن نعمة المصري قال، حدثنا أبو صالح قال، حدثنا الليث قال، حدثنا إبراهيم بن أعين, عن شعبة بن الحجاج, عن زبيد اليامي, عن مرة الهمداني قال، قال عبد الله بن مسعود في قول الله: " وآتى المال على حبه ذوي القربى ", قال: حريصًا شحيحًا، يأمل الغنى ويَخشى الفقر. (10)2525- حدثنا أبو كريب ويعقوب بن إبراهيم قالا حدثنا هشيم قال، أخبرنا إسماعيل بن سالم, عن الشعبي، سمعته يُسْأل: هل على الرجل حَق في ماله سوى الزكاة؟ قال: نعم! وتلا هذه الآية: " وآتى المالَ على حُبه ذَوي القربى واليتامى والمساكينَ وابنَ السبيل والسائلين وفي الرقاب وأقام الصلاة وآتى الزكاة ".2526- حدثنا أبو كريب قال، حدثنا سُويد بن عمرو الكلبي قال، حدثنا حمّاد بن سلمة قال، أخبرنا أبو حمزة قال، قلت للشعبي: إذا زكَّى الرجلُ ماله، أيطيبُ له ماله؟ فقرا هذه الآية: لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ إلى " وآتى المال على حُبه " إلى آخرها، ثم قال: حدثتني فاطمة بنت قيس أنها قالت: يا رسول الله، إنّ لي سبعين مثقالا من ذَهَب. فقال: اجعليها في قَرَابتك. (11)2527- حدثنا أبو كريب قال، حدثنا يحيى بن آدم, عن شريك قال، حدثنا أبو حمزة، فيما أعلم - عن عامر, عن فاطمة بنت قيس أنها سمعته يقول: إنّ في المال لحقًّا سوَى الزكاة. (12)2528- حدثني يعقوب بن إبراهيم قال، حدثنا ابن علية, عن أبي حيان قال، حدثني مزاحم بن زفر قال، كنت جالسًا عند عطاء فأتاه أعرابي فقال له: إن لي إبلا فهل عليّ فيها حقٌّ بعد الصدقة؟ قال: نعم! قال: ماذا؟ قال: عَاريَّة الدلو, وطُروق الفحل, والحلَب. (13)2529- حدثني موسى بن هارون قال: حدثنا عمرو بن حماد قال، حدثنا أسباط, عن السدي, ذكره عن مرة الهمداني في: " وآتى المالَ على حُبه " قال: قال عبد الله بن مسعود: تُعطيه وأنت صحيحٌ شحيحٌ، تطيل الأمل، وتخاف الفقر. وذكر أيضًا عن السدي أن هذا شيء واجبٌ في المال، حق على صاحب المال أن يفعله، سوى الذي عليه من الزكاة.2530- حدثنا الربيع بن سليمان قال، حدثنا أسد قال، حدثنا سويد بن عبد الله, عن أبي حمزة, عن عامر, عن فاطمة بنت قيس عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " في المال حق سوى الزكاة " ، وتلا هذه الآية: " ليس البر " إلى آخر الآية. (14)2531- حدثنا ابن حميد قال، حدثنا جرير, عن منصور, عن زبيد اليامي, عن مرة بن شراحيل, عن عبد الله في قوله: " وآتى المالَ على حُبه " قال، أن يعطي الرجلُ وهو صحيح شحيحٌ به، يأمل العيش ويخاف الفقر.* * *قال أبو جعفر: فتأويل الآية: وأعطى المال - وهو له محب، حريصٌ على جمعه, شحيح به - ذَوي قَرابته فوصل به أرحامهم.وإنما قلت عنى بقوله: " ذوي القرْبى "، ذوي قرابة مؤدِّي المال على حُبه، للخبر الذي رَوَى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من أمره فاطمةُ بنت قيس=2532- وقوله صلى الله عليه وسلم حين سئل: أيُّ الصَّدقة أفضَل؟ قال: جُهْد المُقِلّ على ذي القَرَابة الكاشح. (15)* * *وأما " اليتامى "" والمساكين "، فقد بينا معانيهما فيما مضى. (16)* * *وأما " ابن السبيل "، فإنه المجتاز بالرَّجل. ثم اختلف أهل العلم في صفته. فقال بعضهم: هو الضيفُ من ذلك.* ذكر من قال ذلك:2533- حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد قال: حدثنا سعيد, عن قتادة: " وابن السبيل " قال، هو الضيف قال: قد ذُكر لنا أن نبي الله صلى الله عليه وسلم كان يقول: " من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خَيرًا أو ليسكت " . قال: وكان يَقول: حَق الضيافة ثلاثُ ليال, فكل شيء أضافه بَعد ذَلك صدقة. (17)* * *وقال بعضهم: هو المسافر يمر عليك.* ذكر من قال ذلك:2534- حدثنا سفيان بن وكيع قال، حدثنا أبي, عن سفيان, عن جابر, عن أبي جعفر: " وابن السبيل " قال، المجتاز من أرض إلى أرض.2535- حدثني المثنى قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا عبد الرزاق, عن معمر, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد وقتادة في قوله: " وابن السبيل " قال، الذي يمر عليك وهو مسافر.2536- حدثني المثنى قال، حدثنا سويد بن نصر قال، أخبرنا ابن المبارك, عمن ذكره, عن ابن جريج عن مجاهد وقتادة مثله.* * *وإنما قيل للمسافر " ابن السبيل "، لملازمته الطريق -والطريق هو " السبيل "- فقيل لملازمته إياه في سفره: " ابنه "، كما يقال لطير الماء " ابن الماء " لملازمته إياه, وللرجل الذي أتت عليه الدهور " ابن الأيام والليالي والأزمنة ", ومنه قول ذي الرمة:وَرَدْتُ اعْتِسَافًا وَالثُّرَيَّا كَأَنَّهَاعَلَى قِمَّةِ الرَّأْسِ ابْنُ مَاءٍ مُحَلِّقُ (18)* * *وأما قوله: " والسائلين "، فإنه يعني به: المستطعمين الطالبين، كما:-2537- حدثني المثنى قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا ابن إدريس, عن حصين, عن عكرمة في قوله: " والسائلين " قال، الذي يسألك.* * *وأما قوله: " وفي الرقاب "، فإنه يعني بذلك: وفي فك الرقاب من العبودة, وهم المكاتبون الذين يسعون في فك رقابهم من العبودة، (19) بأداء كتاباتهم التي فارقوا عليها سادَاتهم.* * *القول في تأويل قوله تعالى : وَأَقَامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُواقال أبو جعفر: يعني تعالى ذكره بقوله: " وأقامَ الصلاة "، أدام العمل بها بحدودها, وبقوله " وآتى الزكاة "، أعطاها على مَا فَرضها الله عليه. (20)* * *فإن قال قائل: وهل من حقٍّ يجب في مال إيتاؤه فرضًا غير الزكاة؟قيل: قد اختلف أهل التأويل في ذلك:فقال بعضهم: فيه حقوقٌ تجبُ سوى الزكاة = واعتلُّوا لقولهم ذلك بهذه الآية, وقالوا: لما قال الله تبارك وتعالى: وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى ، ومن سمى الله معهم, ثم قال بعد: " وأقامَ الصلاةَ وآتى الزكاة "، علمنا أن المالَ - الذي وَصَف المؤمنين به أنهم يُؤتونه ذَوي القربى, ومن سمَّى معهم - غيرُ الزكاة التي ذكر أنهم يؤتونها. لأن ذلك لو كان مالا واحدًا لم يكن لتكريره معنى مفهوم. قالوا: فلما كان غيرَ جائز أن يقول تعالى ذكره قولا لا معنى له, علمنا أنّ حكم المال الأول غيرُ الزكاة, وأن الزكاة التي ذكرها بعد غيره. قالوا: وبعد، فقد أبان تأويل أهل التأويل صحة ما قلنا في ذلك.وقال آخرون: بل المال الأول هو الزكاة, ولكن الله وصَف إيتاء المؤمنين مَنْ آتوه ذلك، في أول الآية. فعرَّف عباده -بوصفه ما وصف من أمرهم- المواضعَ التي يجب عليهم أن يضَعوا فيها زكواتهم، ثم دلّهم بقوله بعد ذلك: " وآتى الزكاة "، أن المال الذي آتاه القومُ هو الزكاة المفروضةُ =كانت= عليهم, إذ كان أهلُ سُهمانها هم الذين أخبرَ في أول الآية أن القوم آتوهم أموالهم.* * *وأما قوله: " وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا "، فإن يعني تعالى ذكره: والذين لا ينقضون عَهد الله بعد المعاهدة, ولكن يوفُون به ويتمُّونه على ما عاهدوا عليه من عاهدوه عليه. كما:-2538- حدثت عن عمار بن الحسن قال، حدثنا ابن أبي جعفر, عن أبيه, عن الربيع بن أنس في قوله: " وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا " قال، فمن أعطى عهدَ الله ثم نقضه، فالله ينتقم منه. ومن أعطى ذمة النبي صلى الله عليه وسلم ثم غَدر بها، فالنبي صلى الله عليه وسلم خصمه يومَ القيامة.* * *وقد بينت " العهد " فيما مضى، بما أغنى عن إعادته هاهنا. (21)* * *القول في تأويل قوله تعالى : وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِقال أبو جعفر: وقد بينا تأويل " الصبر " فيما مضى قبل. (22)فمعنى الكلام: والمانعين أنفسهم -في البأساء والضراء وحين البأس- مما يكرهه الله لَهم، الحابسيها على ما أمرهم به من طاعته. ثم قال أهل التأويل في معنى " البأساء والضراء " بما:-2539- حدثني به الحسين بن عمرو بن محمد العنقزيّ (23) قال، حدثني أبي - وحدثني موسى قال، حدثنا عمرو بن حماد - قالا جميعًا، حدثنا أسباط عن السدي, عن مرة الهمداني, عن ابن مسعود أنه قال: أما البأساءُ فالفقر, وأما الضراء فالسقم .2540- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبي - وحدثني المثنى قال، حدثنا الحماني - قالا جميعًا، حدثنا شريك, عن السدي, عن مرة, عن عبد الله في قوله: " والصابرين في البأساء والضراء " قال، البأساء الجوع, والضراء المرضُ.2541- حدثنا أحمد بن إسحاق قال، حدثنا أبو أحمد قال، حدثنا شريك, عن السدي, عن مرة عن عبد الله قال: البأساء الحاجة, والضراءُ المرضُ.2542- حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال حدثنا سعيد, عن قتادة قال: كنا نُحدِّث أن البأساء البؤس والفقر, وأن الضراء السُّقم. وقد قال النبي أيوب صلى الله عليه وسلم أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ [سورة الأنبياء: 83].2543- حدثت عن عمار بن الحسن قال، حدثنا ابن أبي جعفر, عن أبيه, عن الربيع في قوله: " والصابرين في البأساء والضراء " قال، البؤس: الفاقة والفقر, والضراء: في النفس، من وَجع أو مرَض يصيبه في جسده.2544- حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر, عن قتادة في قوله: " البأساء والضراء " قال، البأساء: البؤس, والضراء: الزمانة في الجسد.2545- حدثني المثنى قال، حدثنا أبو نعيم قال، حدثنا عبيد, عن الضحاك قال: " البأساء والضراء "، المرض. (24)2546- حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج, عن ابن جريج: " والصابرين في البأساء والضراء " قال، البأساء: البؤس والفقر, والضراء: السقم والوجع.2547- حدثنا أحمد بن إسحاق قال، حدثنا أبو أحمد قال، حدثنا عبيد بن الطفيل قال: سمعت الضحاك بن مزاحم يقول في هذه الآية: " والصابرين في البأساء والضراء "، أما البأساء: الفقر, والضراء: المرض. (25)* * *قال أبو جعفر: وأما أهل العربية: فإنهم اختلفوا في ذلك. فقال بعضهم: " البأساء والضراء "، مصدر جاء على " فعلاء " ليس له " أفعل " لأنه اسم, كما قد جاء " أفعل " في الأسماء ليس له " فعلاء "، نحو " أحمد ". وقد قالوا في الصفة " أفعل "، ولم يجئ له " فعلاء ", فقالوا: " أنت من ذلك أوْجل ", ولم يقولوا: " وجلاء ".وقال بعضهم: هو اسم للفعل. فإن " البأساء "، البؤس," والضراء " الضر. وهو اسم يقع إن شئت لمؤنث، وإن شئت لمذكر، كما قال زهير:فَتُنْتَجْ لَكُمْ غِلْمَانَ أَشْأَمَ, كُلُّهُمْكَأَحْمَرِ عَادٍ, ثُمَّ تُرْضِعْ فَتَفْطِمِ (26)يعني فتنتج لكم غلمان شؤم.وقال بعضهم: لو كان ذلك اسمًا يجوز صرفه إلى مذكر ومؤنث، لجازَ إجراء " أفعل " في النكرة, ولكنه اسم قام مقام المصدر. والدليل على ذلك قوله: " لئن طَلبت نُصرتهم لتجدنَّهم غير أبعدَ"، (27) بغير إجراء. وقال: إنما كان اسما للمصدر، لأنه إذا ذُكر علم أنه يُراد به المصدر.وقال غيره: لو كان ذلك مصدرًا فوقع بتأنيث، لم يقع بتذكير, ولو وَقَع بتذكير، لم يقع بتأنيث. لأن من سُمي ب " أفعل " لم يصرف إلى " فُعلى ", ومن سُمي ب " فُعلى " لم يصرف إلى " أفعل ", لأن كل اسم يبقى بهيئته لا يصرف إلى غيره, ولكنهما لغتان. فإذا وقع بالتذكير، كان بأمر " أشأم ", وإذا وقع " البأساء والضراء "، (28) وقع: الخلة البأساء، والخلة الضراء. وإن كان لم يُبن على " الضراء "،" الأضر "، ولا على " الأشأم "،" الشأماء ". لأنه لم يُردْ من تأنيثه التذكير، ولا من تذكيره التأنيث, كما قالوا: " امرأة حسناء ", ولم يقولوا: " رجل أحسن ". وقالوا: " رجل أمرد ", ولم يقولوا: " امرأة مرداء ". فإذا قيل: " الخصلة الضراء " و " الأمر الأشأم "، دل على المصدر, ولم يحتج إلى أن يكون اسمًا, وإن كان قد كَفَى من المصدر.وهذا قول مخالفٌ تأويلَ من ذكرنا تأويله من أهل العلم في تأويل " البأساء والضراء "، وإن كان صحيحًا على مذهب العربية. وذلك أن أهل التأويل تأولوا " البأساء " بمعنى: البؤس," والضراء " بمعنى: الضر في الجسد. وذلك من تأويلهم مبني على أنهم وجَّهوا " البأساءَ والضراء " إلى أسماء الأفعال، دون صفات الأسماء ونعوتها. فالذي هو أولى ب " البأساء والضراء "، على قول أهل التأويل، أن تكون " البأساء والضراء " أسماء أفعال, فتكون " البأساء " اسمًا " للبؤس ", و " الضراء " اسمًا " للضر ".* * *وأما " الصابرين " فنصبٌ, وهو من نعت " مَن " على وجه المدح. (29) لأن من شأن العرب -إذا تطاولت صفةُ الواحد- الاعتراضُ بالمدح والذم بالنصب أحيانًا، وبالرفع أحيانًا، (30) كما قال الشاعر: (31)إلَى المَلِكِ القَرْمِ وَابْنِ الهُمَامِوَلَيْثَ الكَتِيبَةِ فِي المُزْدَحَمْ (32)وَذَا الرَّأْيِ حِينَ تُغَمُّ الأمُورُبِذَاتِ الصَّلِيلِ وذَاتِ اللُّجُمْ (33)فنصب " ليث الكتيبة " وذا " الرأي" على المدح, والاسم قبلهما مخفُوضٌ لأنه من صفة واحد، ومنه قول الآخر: (34)فَلَيْتَ الَّتِي فِيهَا النُّجُومُ تَوَاضَعَتعَلَى كُلِّ غَثٍّ مِنْهُمُ وسَمِينِ (35)غيُوثَ الوَرَى فِي كُلِّ مَحْلٍ وَأَزْمَةٍأُسُودَ الشَّرَى يَحْمِينَ كُلَّ عَرِينِ (36)* * *وقد زعم بعضهم أن قوله: (37) " والصابرين في البأساء "، نُصب عطفًا على " السائلين ". كأن معنى الكلام كان عنده: وآتى المال على حبه ذَوي القربَى واليتامَى والمساكين، وابنَ السبيل والسائلينَ والصابرين في البأساء والضراء. وظاهرُ كتاب الله يدلّ على خطأ هذا القول, وذلك أنّ" الصابرين في البأساء والضراء "، هم أهل الزمانة في الأبدان، وأهلُ الإقتار في الأموال. وقد مضى وصف القوم بإيتاء -مَنْ كان ذلك صفته- المالَ في قوله: وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ ، وأهل الفاقة والفقر، هم أهل " البأساء والضراء ", لأن من لم يكن من أهل الضراء ذا بأساء، لم يكن ممن له قبولُ الصدقة، وإنما له قبولها إذا كان جامعًا إلى ضرائه بأساء, وإذا جمع إليها بأساء، كان من أهل المسكنة الذين قد دخلوا في جملة " المساكين " الذين قد مضى ذكرهم قبل قوله: " والصابرين في البأساء ". وإذا كان كذلك، ثم نصب " الصابرين في البأساء " بقوله وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ، كان الكلام تكريرًا بغير فائدة معنى. كأنه قيل: وآتى المال على حبه ذوي القربى واليتامَى والمساكينَ. والله يتعالى عن أن يكون ذلك في خطابه عبادَه. ولكن معنى ذلك: ولكنّ البر مَن آمن بالله واليوم الآخر, والموفون بعهدهم إذا عاهدوا, والصابرين في البأساء والضراء." وَالْمُوفُونَ" رفعٌ لأنه من صفة " مَنْ", و " مَنْ" رفعٌ، فهو معرب بإعرابه." والصابرين " نصب -وإن كان من صفته- على وجه المدح الذي وصفنا قبل.* * *القول في تأويل قوله تعالى : وَحِينَ الْبَأْسِقال أبو جعفر: يعني تعالى ذكره بقوله: " وحين البأس "، والصابرين في وقت البأس, وذلك وَقت شدة القتال في الحرب، كما:-2548- حدثني الحسين بن عمرو بن محمد العنقزيّ قال، حدثنا أبي قال، حدثنا أسباط, عن السدي, عن مرة, عن عبد الله في قول الله: " وحين البأس " قال، حين القتال. (38)2549- حدثني موسى قال، حدثنا عمرو قال، حدثنا أسباط, عن السدي, عن مرة, عن عبد الله مثله.2550- حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد: " وحين البأس " القتال.2551- حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد, عن سعيد, عن قتادة قوله: " وحين البأس "، أي عندَ مواطن القتال.2552- حدثنا الحسن بن يحيى قال، حدثنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر, عن قتادة: " وحين البأس "، القتال.2553- حدثت عن عمار بن الحسن قال، حدثنا ابن أبي جعفر, عن أبيه, عن الربيع،" وحين البأس "، عند لقاء العدو.2554- حدثني المثنى قال، حدثنا أبو نعيم قال، حدثنا عبيدة، عن الضحاك: " وحين البأس "، القتال2555- حدثنا أحمد بن إسحاق قال، حدثنا أبو أحمد قال، حدثنا عبيد بن الطفيل أبو سيدان قال، سمعت الضحاك بن مزاحم يقول في قوله: " وحين البأس " قال، القتال. (39)* * *القول في تأويل قوله تعالى : أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ (177)قال أبو جعفر: يعني تعالى ذكره بقوله: " أولئك الذين صدقوا "، من آمن بالله واليوم الآخر, ونعتهم النعتَ الذي نعتهم به في هذه الآية. يقول: فمن فعل هذه الأشياء، فهم الذين صدقوا الله في إيمانهم، وحققوا قولهم بأفعالهم - لا مَنْ ولَّى وجهه قبل المشرق والمغرب وهو يخالف الله في أمره، وينقض عهده وميثاقه، ويكتم الناسَ بَيانَ ما أمره الله ببيانه، ويكذِّب رسله.* * *وأما قوله: " وأولئك هُم المتقون "، فإنه يعني: وأولئك الذين اتقوا عقابَ الله، فتجنَّبوا عصيانه، وحَذِروا وعده، فلم يتعدَّوا حدوده. وخافوه, فقاموا بأداء فرائضه.* * *وبمثل الذي قلنا في قوله: " أولئك الذين صَدقوا "، كان الربيع بن أنس يقول:2556- حدثت عن عمار بن الحسن قال، حدثنا ابن أبي جعفر, عن أبيه, عن الربيع: " أولئك الذين صدقوا " قال، فتكلموا بكلام الإيمان, فكانت حقيقتُه العمل، صَدقوا الله. قال: وكان الحسن يقول: هذا كلام الإيمان، وحقيقتُه العمل, فإن لم يكن مع القول عملٌ فلا شيء.--------------الهوامش :(1) في المطبوعة : "أبو نميلة" بالنون ، والصواب ما أثبت . وانظر الأثر رقم : 2490 والتعليق عليه .(2) في المطبوعة : "ولكن البر كمن آمن بالله" وهو خطأ محض ، صوابه ما أثبت .(3) انظر ما سلف : 2 : 61 ، 359 وهذا الجزء 3 : 334 .(4) سلف تخريجه في هذا الجزء 3 : 103 تعليق : 3 .(5) الزيادة بين القوسين لا بد منها .(6) هذا قول أبي عبيدة في مجاز القرآن : 65 ، وذكره الفراء في معاني القرآن 1 : 104 .(7) انظر معنى"الإيتاء" فيما سلف 1 : 574/2 : 160 ، 317 .(8) الخبر : 2521- ابن إدريس : هو عبد الله بن إدريس بن يزيد الأودي ، مضى في : 438 ، 2030 .ليث : هو ابن أبي سليم ، مضى في شرح : 1497 .زبيد- بالباء الموحدة مصغرًا : هو ابن الحارث بن عبد الكريم اليامي ، وهو ثقة ثبت . مترجم في التهذيب ، والكبير 2/1/411 ، وابن سعد 6 : 216 ، وابن أبي حاتم 1/2/623 .مرة بن شراحيل : وهو الهمداني الكوفي ، من كبار التابعين ، كما مضى توثيقه : 168 ، وهو مترجم في التهذيب 10 : 88-89 ، والكبير 4/2/5 ، وابن سعد 6 : 79 ، وابن أبي حاتم 4/1/366 . و"البكيلي" - بفتح الباء الموحدة وكسر الكاف : نسبه إلى"بكيل" ، وهم بطن من همدان . انظرالاشتقاق لابن دريد ، ص : 250 ، 256 ، 312 ، وجمهرة الأنساب لابن حزم ص : 372-373 . وكذلك نسب مرة إلى"بكيل" في كتاب ابن أبي حاتم ، وهو الصواب . ووقع في التهذيب بدلها"السكسكي"؛ وهو تصحيف لا شك فيه ، فإن"السكسك" : هو ابن أشرس بن كندة . وشتان بين همدان وكندة ، إنما يجتمعان بعد بضعة جدود ، في"زيد بن كهلان بن سبأ" . انظر جمهرة الأنساب ، ص : 405 ، وما قبلها .(9) الخبر : 2522- عبد الرحمن : هو ابن مهدي الإمام . وسفيان هو الثوري . فالطبري يرويه من طريق ابن مهدي . ومن طريق عبد الرزاق - كلاهما عن سفيان .والخبر في تفسير عبد الرزاق ، ص : 15 ، وفيه : "وأنت صحيح شحيح" ، بزيادة"شحيح" .(10) الخبر : 2524- شيخ الطبري"أحمد بن نعمة المصري" : لم أجد له ترجمة . أبو صالح : هو عبد الله بن صالح ، كاتب الليث . الليث : هو ابن سعد إمام أهل مصر .إبراهيم بن أعين الشيباني البصري ، نزل مصر : ضعيف : قال البخاري : "فيه نظر في إسناده" . وقال أبو حاتم : "هذا شيخ بصري ، ضعيف الحديث ، منكر الحديث وقع إلى مصر" . مترجم في التهذيب وفرق بينه وبين"إبراهيم بن أعين" آخر ثقة . وترجم ابن أبي حاتم 1/1/87 ثلاث تراجم . والبخاري 1/1/272 ترجمة واحدة .وهذه الأسانيد الثلاثة : 2521-2523 ، لخبر موقوف اللفظ على ابن مسعود . وهو في الحقيقة مرفوع حكمًا ، إذ مثل هذا لا يعرف بالرأي . وسيأتي معناه موقوفًا عليه أيضًا : 2529 ، 2531 . وكذلك رواه الحاكم 2 : 272 ، من رواية منصور ، عن زبيد ، عن مرة ، عن ابن مسعود ، موقوفًا . وقال : "هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ، ولم يخرجاه" . ووافقه الذهبي . ونسبه السيوطي 1 : 170-171 لابن المبارك ، ووكيع ، وغيرهما . ثم ذكر أنه رواه الحاكم أيضًا"عن ابن مسعود ، مرفوعًا" . وكذلك نقل ابن كثير 1 : 388 أن الحاكم رواه مرفوعًا . ولم أجده مرفوعًا في المستدرك . ثم ذكر ابن كثير الرواية الموقوفة ، وزعم أنها أصح .وهذا المعنى ثابت أيضًا في حديث مرفوع صحيح ، عن أبي هريرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم - وقد سئل : أي الصدقة أعظم أجرًا؟ - فقال : "أن تصدق وأنت صحيح شحيح ، تخشى الفقر وتأمل البقاء ، ولا تمهل حتى إذا بلغت الحلقوم قلت : لفلان كذا ، وقد كان لفلان" . رواه أحمد في المسند : 7159 ، 7401 . ورواه البخاري ومسلم وأبو داود ، كما بينا هناك .(11) الحديث : 2526- سويد بن عمرو الكلبي : ثقة من شيوخ أحمد . مترجم في التهذيب ، والكبير 2/2/149 ، وابن أبي حاتم 2/1/239 .أبو حمزة : هو ميمون الأعور القصاب ، وهو ضعيف جدًا . مترجم في التهذيب ، والكبير 4/1/343 ، وابن أبي حاتم 4/1/235-236 .وهذا الحديث بهذا السياق لم أجده في موضع آخر . وقد روى قريب من معناه ، بإسناد آخر أشد ضعفًا . فروى الدارقطني في سننه ، ص : 205 ، من طريق أبي بكر الهذلي ، عن شعيب بن الحبحاب ، عن الشعبي ، عن فاطمة بنت قيس ، قالت : "أتيت النبي صلى الله عليه وسلم بطوق فيه سبعون مثقالا من ذهب ، فقلت : يا رسول الله ، خذ منه الفريضة ، فأخذ منه مثقالا وثلاثة أرباع مثقال" . وقال الدارقطني : "أبو بكر الهذلي : متروك ، ولم يأت به غيره" . وقد مضى بيان ضعف الهذلي هذا : 597 .(12) الحديث : 2527- شريك : هو ابن عبد الله بن أبي شريك ، النخعي القاضي ، وهو ثقة . مترجم في التهذيب ، والكبير 2/2/238 ، وابن أبي حاتم 2/1/365-367 .وقوله : "عن فاطمة بنت قيس : أنها سمعت" : يعني النبي صلى الله عليه وسلم . كما هو ظاهر من سياق القول ، ومن الروايات الأخر . وسيأتي الحديث أيضًا : 2530- وتخريجه هناك ، إن شاء الله .(13) في المطبوعة : "عارية الذلول" ، وهو خطأ . في حديث عبد الله مسعود : "كنا نعد الماعون على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم : عارية الدلو والقدر" ، وفي حديث أبي هريرة أنه قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم : "فما حق الإبل؟ قال : تعطى الكريمة ، وتمنح الغزيرة ، وتفقر الظهر ، وتطرق الفحل ، وتسقى اللبن" . وفي حديث عبيد بن عمير قال قال رجل : يا رسول الله ، ما حق الإبل -فذكره نحوه- زاد : "وإعارة دلوها" . (سنن أبي داود 2 : 167 ، 168 باب حقوق المال) .وطرق الفحل الناقة يطرقها طرقًا وطروقًا : قعا عليها وضربها . وإطراق الفحل : إعارته للضراب . والحلب (بفتحتين) : اللبن المحلوب ، سمي بمصدره من : حلب الناقة يحلبهَا وحلبًا وحلابًا .(14) الحديث : 2530- أسد : هو ابن موسى ، الذي يقال له"أسد السنة" . مضى في : 23 . سويد بن عبد الله هكذا ثبت في المطبوعة . وعندي أنه خطأ ، صواب"شريك بن عبد الله" ، الذي مضى في الإسناد السابق : 2527 . فإن الحديث معروف أنه من رواية شريك . ثم ليس في الرواة -الذين رأينا تراجمهم- من يسمى"سويد بن عبد الله" إلا رجلا له شأن لا بهذا الإسناد ، لم يعرف إلا بخبر آخر منكر ، وهو مترجم في لسان الميزان .وهذا الحديث تكرار للحديث : 2527 بأطول منه قليلا . ورواه أيضًا الدارمي 1 : 385 ، عن محمد بن الطفيل . والترمذي 2 : 22 ، من طريق الأسود بن عامر ، وعن الدارمي عن محمد بن الطفيل . وابن ماجه : 1789 ، من طريق يحيى بن آدم . والبيهقي في السنن الكبرى 4 : 84 ، من طريق شاذان - كلهم عن شريك ، بهذا الإسناد ، مطولا ومختصرًا .قال الترمذي : "هذا حديث ليس إسناده بذاك . أبو ميمون الأعور يضعف" .وقال البيهقي : "فهذا حديث يعرف بأبي حمزة ميمون الأعور ، كوفي ، وقد جرحه أحمد بن حنبل ويحيى بن معين ، فمن بعدهما من حفاظ الحديث" .ونقل ابن كثير 1 : 389-390 أنه رواه أيضًا ابن أبي حاتم ، عن يحيى بن عبد الحميد . ورواه ابن مردويه ، من حديث آدم بن أبي إياس ، ويحيى بن عبد الحميد - كلاهما عن شريك ، ثم ذكر أنه أخرجه ابن ماجه ، والترمذي .ووقع لفظ الحديث في ابن ماجه مغلوطًا ، بنقيض معناه . بلفظ : "ليس في المال حق سوى الزكاة"!وهذا خطأ قديم في بعض نسخ ابن ماجه . وحاول بعض العلماء الاستدلال على صحة هذا اللفظ عند ابن ماجه ، كما في التلخيص الحبير للحافظ ابن حجر ، ص 177 ، وشرح الجامع الصغير للمناوي : 7641 .ولكن رواية الطبري الماضية : 2527- وهي من طريق يحيى بن آدم ، التي رواه منها ابن ماجه : تدل على أن اللفظ الصحيح هو ما في سائر الروايات .ويؤيد ذلك أن ابن كثير نسب الحديث للترمذي وابن ماجه ، معًا ، ولم يفرق بين روايتهما ، وكذلك صنع النابلسي في ذخائر المواريث : 11699 ، إذ نسبه إليهما حديثًا واحدًا .ويؤيد أيضًا أن البيهقي ، بعد أن رواه قال : "والذي يرويه أصحابنا في التعاليق : ليس في المال حق سوى الزكاة - فلست أحفظ فيه إسنادًا . والذي رويت في معناه ما قدمت ذكره" . ولو كان في ابن ماجه على هذا اللفظ ، لما قال ذلك ، إن شاء الله .(15) الحديث : 2532- معناه ثابت من حديث أبي هريرة . رواه أحمد في المسند : 8687 (2 : 358 حلبي) : "عن أبي هريرة : أنه قال : يا رسول الله أي الصدقة أفضل؟ قال : جهد المقل ، وابدأ بمن تعول" .وذكره المنذري في الترغيب والترهيب 2 : 28 ، وقال : "رواه أبو داود ، وابن خزيمة في صحيحه ، والحاكم ، وقال : صحيح على شرط مسلم" .وروى الحاكم في المستدرك 1 : 406 ، عن أم كلثوم بنت عقبة ، قالت : "قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أفضل الصدقة على ذي الرحم الكاشح" . وقال الحاكم : "هذا حديث صحيح على شرط مسلم ، ولم يخرجاه" ، ووافقه الذهبي .وذكره الهيثمي في مجمع الزوائد 3 : 116 ، وقال : "رواه الطبراني في الكبير ، ورجاله رجال الصحيح" ، وذكر قبله أحاديث أخر بنحوه .والكاشح : المبغض : قال ابن الأثير : "العدو الذي يضمر عداوته ، ويطوي عليهما كشحه ، أي باطنه" .والكاشح الذي يضمر لك العداوة ، كأنه يطويها في كشحه . وهو ما بين الخاصرة إلى الضلع ، أو يعرض عنك بوجهه ويوليك كشحه .(16) انظر ما سلف في معنى"مسكين" 2 : 137 ، 293 ، ومعنى : "ذي القربى" ، و"اليتامى" 2 : 292 .(17) الحديث : 2533- هو حديث مرسل ، يقول قتادة -وهو تابعي- : "قد ذكر لنا أن نبي الله صلى الله عليه وسلم كان يقول . . " ، فذكره .و"سعيد" الذي يروي عن قتادة : هو سعيد بن أبي عروبة . و"يزيد" الراوي عنه : هو يزيد بن زريع .والحديث ثبت معناه ضمن حديث رواه مسلم 2 : 45 ، من حديث أبي شريح العدوي الخزاعي : "من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه جائزته ، قالوا : وما جائزته يا رسول الله؟ قال : يومه وليلته ، والضيافة ثلاثة أيام ، فما كان وراء ذلك فهو صدقة عليه ، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرًا أو ليصمت" . ورواه أيضًا أحمد ، وسائر أصحاب الكتب الستة ، كما في الفتح الكبير 3 : 231 .(18) ديوابنه : 401 ، وهو متعلق ببيت قبله :وَمَاءٍ قَدِيمِ العَهْدِ بالناسِ جنٍكَأَنَّ الدَّبَى مَاءَ الغَضَا فِيهِ يَبْصُقُالآجن المتغير . والدبى : صغار الجراد . والغضى : شجر . كأن الجراد رعته ، فبصقت فيه رعيها فهو أصفر أسود . والاعتساف : الاقتحام والسير على غير هدى . والمحلق : العالي المرتفع . وابن الماء : هو طير الغرانيق ، يعرف بالكركي ، والإوز العراقي ، وهو أبيض الصدر ، أحمر المنقار ، أصفر العين . يقول الأقيشر ، يصف مجلس شراب :كَأَنَّهُنَّ وأَيْدِي الشَّرْبِ مُعْمَلَةٌإِذَا تَلأْلأَْنَ فِي أَيْدِي الغَرَانِيقِبَنَاتُ ماءِ, تُرى بيضًا جَاجِئُهاحُمْرًا مَنَاقِرُهَا, صُفْرَ الحَمَالِيقِوالثريا : نجوم كثيرة مجتمعة ، سميت بالمفرد . جعلها"على قمة" ، وذلك في جوف الليل ، ترى بيضاء زاهرة .(19) العبودة والعبودية واحد ، ولا فعل له عند أبي عبيد . وقال اللحياني فعله"عبد" على زنة"كرم" .(20) انظر معنى"إقامة الصلاة" و"إيتاء الزكاة" فيما سلف 1 : 572-574 ، ومواضع أخرى ، اطلبها في فهرس اللغة .(21) انظر ما سلف 1 : 410-415 ، 557 / ثم هذا الجزء 3 : 20 .(22) انظر ما سلف 2 : 10-11 ، 124 / ثم هذا الجزء 3 : 214 .(23) في المطبوعة"العبقري" ، والصواب ما أثبته ، وقد ترجم له فيما سلف رقم : 1625 .(24) الأثر : 2545- أخشى أن يكون قد سقط من هذا الأثر شيء . وهو تفسير"البأساء" ، وذكر"الضراء" قبل قوله : "المرض" ، وسيأتي على الصواب في الأثر الذي يليه .(25) الخبر : 2547- عبيد بن الطفيل : كنيته : "أبو سيدان" ، بكسر السين المهملة وسكون الياء التحتية ثم دال مهملة ، كما سيأتي باسمه وكنيته : 2555 . وهو الغطفاني ، يروي عنه أيضًا وكيع ، وأبو نعيم الفضل بن دكين ، قال أبو حاتم : "صالح ، لا بأس به" . وهو مترجم في التقريب ، والخلاصة وابن أبي حاتم 2/2/409 .(26) ديوانه : 20 ، من معلقته الفريدة . وهي من أبياته في صفة الحرب ، التي قال في بدئها ، قبل هذا البيت :وَمَا الحَرْبُ إِلاَّ مَا عَلِمْتُمْ وَذُقْتُمُوَمَا هُوَ عَنْهَا بِالحَدِيث المُرَجَّمِمَتَى تَبْعَثُوهَا, تَبْعَثُوهَا ذَمِيمَةً,وتَضْرَ, إذا ضَرَّيْتُمُوهَا فَتَضْرَمِفَتَعْرُكَكُم عَرْكَ الرَّحَا بِثِفَالِهَاوَتلْقَحْ كِشافًا, ثم تُنْتَجْ فَتُتْئِمِيقول : إن الحرب تلقح كما تلقح الناقة ، فتأتي بتوأمين في بطن . وقوله : "أحمر عاد" يعني أحمر ثمود ، فأخطأ ولم يبال أيهما قال . وأحمر ثمود ، هو قدار ، عاقر ناقة الله فأهلكهم ربهم بما فعلوا . يقول : إن الحرب ترضع مشائيمها وتقوم عليهم حتى تفطمهم بعد أن يبلغوا السعي لأنفسهم في الشر .(27) يقال"فلان غير أبعد" ، أي لا خير فيه . ويقال : "ما عند فلان أبعد" أي لا طائل عنده . قال رجل لابنه : "إن غدوت على المربد ربحت عنا ، أو رجعت بغير أبعد" ، أي بغير منفعة .(28) يعني : إذا وقع بالتأنيث : وقع بمعنى : الخلة البأساء والخلة الضراء .(29) يريد"من" في قوله تعالى : "ولكن البر من آمن . . . "(30) انظر ما سلف 1 : 329 .(31) لم أعرف قائله .(32) معاني القرآن للفراء 1 : 105 ، والإنصاف : 195 ، وأمالي الشريف 1 : 205 ، وخزانة الأدب 1 : 216 . والقرم . السيد المعظم المقدم في المعرفة وتجارب الأمور . والمزدحم : حومة القتال حيث يزدحم الكماة . يمدحه بالجرأة في القتال .(33) وغم الأمر يغم (بالبناء للمجهول) : استعجم وأظلم ، وصار المرء منه في لبس لا يهتدي لصوابه . والصليل : صوت الحديد . يعني بذات الصليل كتيبة من الرجالة يصل حديد بيضها وشكتها وسلاحها . وذات اللجم : كتيبة من الفرسان . يذكر ثباته واجتماع نفسه ورأيه حين تطيش العقول في صليل السيوف وكر الخيول في معركة الموت . فقوله : "بذات الصليل" متعلق بقوله : "تغم الأمور" .(34) لم أعرف قائلهما .(35) معاني القرآن للفراء 1 : 106 ، وأمالي الشريف 1 : 206 . وقوله : "تواضعت" ، هو عندي"تفاعل" من قولهم : وضع الباني الحجر توضيعًا : نضد بعضه على بعض . ومنه التوضع : وهو خياطة الجبة بعد وضع القطن . ومنه أيضًا : وضعت النعامة بيضها : إذا رثدته ووضعت بعضه فوق بعض ، وهو بيض موضع : منضود بعضه على بعض . يقول : ليت السماء قد انضمت على جميعهم ، فكانوا من نجومها . وقوله : "غث منهم وسمين" ، مدح ، يعني : ليس فيهم غث ، فغثهم حقيق بأن يكون من أهل العلاء .(36) المحل : الجدب والقحط . ورواية الفراء والشريف : "ولزبة" . والأزمة والأزبة واللزبة ، بمعنى واحد : وهي شدة السنة والقحط . وروايتهما أيضًا : "غيوث الحيا" . والحيا : الخصب ، ويسمى المطر حيا ، لأنه سبب الخصب . والثرى : موضع تأوي إليه الأسود .(37) هذا القول ذكره الفراء في معاني القرآن 1 : 108 ، ورده .(38) الأثر : 2548- في المطبوعة : "العبقري" ، وقد مضى مرارا خطأ ، وصححناه . وانظر ترجمته في رقم : 1625 .(39) الخبران : 2554-2555 أبو نعيم في أولهما؛ هو الفضل بن دكين . وأبو أحمد في ثانيهما : هو الزبيري ، محمد بن عبد الله بن الزبير . وباقي الإسناد ، مضى في : 2547 .
یٰۤاَیُّهَا الَّذِیْنَ اٰمَنُوْا كُتِبَ عَلَیْكُمُ الْقِصَاصُ فِی الْقَتْلٰىؕ-اَلْحُرُّ بِالْحُرِّ وَ الْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَ الْاُنْثٰى بِالْاُنْثٰىؕ-فَمَنْ عُفِیَ لَهٗ مِنْ اَخِیْهِ شَیْءٌ فَاتِّبَاعٌۢ بِالْمَعْرُوْفِ وَ اَدَآءٌ اِلَیْهِ بِاِحْسَانٍؕ-ذٰلِكَ تَخْفِیْفٌ مِّنْ رَّبِّكُمْ وَ رَحْمَةٌؕ-فَمَنِ اعْتَدٰى بَعْدَ ذٰلِكَ فَلَهٗ عَذَابٌ اَلِیْمٌۚ(۱۷۸)
اے ایمان والوں تم پر فرض ہے (ف۳۴۱) کہ جو ناحق مارے جائیں ان کے خون کا بدلہ لو (ف۳۱۵) آزاد کے بدلے آزاد اور غلام کے بدلے غلام اور عورت کے بدلے عورت (ف۳۱۶) تو جس کے لئے اس کے بھائی کی طرف سے کچھ معافی ہوئی۔ (ف۳۱۷) تو بھلائی سے تقا ضا ہو اور اچھی طرح ادا، یہ تمہارے رب کی طرف سے تمہارا بوجھ پر ہلکا کرنا ہے اور تم پر رحمت تو اس کے بعد جو زیادتی کرے (ف۳۱۸) اس کے لئے دردناک عذاب ہے
يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم القصاص في القتلى الحر بالحر والعبد بالعبد والأنثىالقول في تأويل قوله تعالى : يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم القصاص في القتلى الحر بالحر والعبد بالعبد والأنثى بالأنثى يعني تعالى ذكره بقوله : كتب عليكم القصاص في القتلى فرض عليكم . فإن قال قائل : أفرض على ولي القتيل القصاص من قاتل وليه ؟ قيل : لا ; ولكنه مباح له ذلك , والعفو , وأخذ الدية . فإن قال قائل : وكيف قال : كتب عليكم القصاص ؟ قيل : إن معنى ذلك على خلاف ما ذهبت إليه , وإنما معناه : يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم القصاص في القتلى , الحر بالحر والعبد بالعبد , والأنثى بالأنثى . أي أن الحر إذا قتل الحر , فدم القاتل كفء لدم القتيل , والقصاص منه دون غيره من الناس , فلا تجاوزوا بالقتل إلى غيره ممن لم يقتل فإنه حرام عليكم أن تقتلوا بقتيلكم غير قاتله . والفرض الذي فرض الله علينا في القصاص هو ما وصفت من ترك المجاوزة بالقصاص قتل القاتل بقتيله إلى غيره لا أنه وجب علينا القصاص فرضا وجوب فرض الصلاة والصيام حتى لا يكون لنا تركه , ولو كان ذلك فرضا لا يجوز لنا تركه لم يكن لقوله : فمن عفي له من أخيه شيء معنى مفهوم , لأنه لا عفو بعد القصاص فيقال : فمن عفي له من أخيه شيء . وقد قيل : إن معنى القصاص في هذه الآية مقاصة ديات بعض القتلى بديات بعض ; وذلك أن الآية عندهم نزلت في حزبين تحاربوا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فقتل بعضهم بعضا , فأمر النبي صلى الله عليه وسلم أن يصلح بينهم , بأن تسقط ديات نساء أحد الحزبين بديات نساء الآخرين , وديات رجالهم بديات رجالهم , وديات عبيدهم بديات عبيدهم قصاصا فذلك عندهم معنى القصاص في هذه الآية . فإن قال قائل : فإنه تعالى ذكره قال : كتب عليكم القصاص في القتلى الحر بالحر والعبد بالعبد والأنثى بالأنثى فما لنا أن نقتص للحر إلا من الحر , ولا للأنثى إلا من الأنثى ؟ قيل : بل لنا أن نقتص للحر من العبد وللأنثى من الذكر , بقول الله تعالى ذكره : ومن قتل مظلوما فقد جعلنا لوليه سلطانا 17 33 وبالنقل المستفيض عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : " المسلمون تتكافأ دماؤهم " . فإن قال : فإذ كان ذلك , فما وجه تأويل هذه الآية ؟ قيل : اختلف أهل التأويل في ذلك , فقال بعضهم : نزلت هذه الآية في قوم كانوا إذا قتل الرجل منهم عبد قوم آخرين لم يرضوا من قتيلهم بدم قاتله من أجل أنه عبد حتى يقتلوا به سيده , وإذا قتلت المرأة من غيرهم رجلا لم يرضوا من دم صاحبهم بالمرأة القاتلة , حتى يقتلوا رجلا من رهط المرأة وعشيرتها , فأنزل الله هذه الآية , فأعلمهم أن الذي فرض لهم من القصاص أن يقتلوا بالرجل الرجل القاتل دون غيره , وبالأنثى الأنثى القاتلة دون غيرها من الرجال , وبالعبد العبد القاتل دون غيره من الأحرار , فنهاهم أن يتعدوا القاتل إلى غيره في القصاص . ذكر من قال ذلك : 2108 - حدثني محمد بن المثنى , قال : ثنا أبو الوليد , وحدثني المثنى , قال : ثنا الحجاج , قالا : ثنا حماد , عن داود بن أبي هند , عن الشعبي في قوله : الحر بالحر والعبد بالعبد والأنثى بالأنثى قال : نزلت قي قبيلتين من قبائل العرب اقتتلتا قتال عمية , فقالوا : نقتل بعبدنا فلان ابن فلان , وبفلانة فلان ابن فلان فأنزل الله : الحر بالحر والعبد بالعبد والأنثى بالأنثى 2109 - حدثنا بشر , قال : ثنا يزيد , قال : ثنا سعيد , عن قتادة قوله : كتب عليكم القصاص في القتلى الحر بالحر والعبد بالعبد والأنثى بالأنثى قال : كان أهل الجاهلية فيهم بغي وطاعة للشيطان , فكان الحي إذا كان فيهم عدة ومنعة , فقتل عبد قوم آخرين عبدا لهم , قالوا : لا نقتل به إلا حرا ; تعززا لفضلهم على غيرهم في أنفسهم , وإذا قتلت لهم امرأة قتلتها امرأة قوم آخرين , قالوا : لا نقتل بها إلا رجلا . فأنزل الله هذه الآية يخبرهم أن العبد بالعبد والأنثى بالأنثى , فنهاهم عن البغي . ثم أنزل الله تعالى ذكره في سورة المائدة بعد ذلك فقال : وكتبنا عليهم فيها أن النفس بالنفس والعين بالعين والأنف بالأنف والأذن بالأذن والسن بالسن والجروح قصاص 5 45 * - حدثنا الحسن بن يحيى , قال : أخبرنا عبد الرزاق , قال : أخبرنا معمر , عن قتادة في قوله : كتب عليكم القصاص في القتلى قال : لم يكن لمن قبلنا دية إنما هو القتل أو العفو إلى أهله , فنزلت هذه الآية في قوم كانوا أكثر من غيرهم , فكانوا إذا قتل من الحي الكثير عبد , قالوا : لا نقتل به إلا حرا , وإذا قتلت منهم امرأة قالوا : لا نقتل بها إلا رجلا , فأنزل الله : الحر بالحر والعبد بالعبد والأنثى بالأنثى . 2110 - حدثني محمد بن عبد الأعلى , قال : ثنا المعتمر , قال : سمعت داود , عن عامر في هذه الآية : كتب عليكم القصاص في القتلى الحر بالحر والعبد بالعبد والأنثى بالأنثى قال : إنما ذلك في قتال عمية إذا أصيب من هؤلاء عبد ومن هؤلاء عبد تكافآ , وفي المرأتين كذلك , وفي الحرين كذلك هذا معناه إن شاء الله . 2111 - حدثني المثنى , قال : ثنا أبو حذيفة , قال : ثنا شبل , عن ابن أبي نجيح , عن مجاهد , قال : دخل في قول الله تعالى ذكره : الحر بالحر الرجل بالمرأة , والمرأة بالرجل . وقال عطاء : ليس بينهما فضل . وقال آخرون : بل نزلت هذه الآية في فريقين كان بينهم قتال على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فقتل من كلا الفريقين جماعة من الرجال والنساء , فأمر النبي صلى الله عليه وسلم أن يصلح بينهم بأن يجعل ديات النساء من كل واحد من الفريقين قصاصا بديات النساء من الفريق الآخر , وديات الرجال بالرجال , وديات العبيد بالعبيد ; فذلك معنى قوله : كتب عليكم القصاص في القتلى . ذكر من قال ذلك : 2112 - حدثنا موسى بن هارون , قال : ثنا عمرو بن حماد , قال : ثنا أسباط , عن السدي قوله : كتب عليكم القصاص في القتلى الحر بالحر والعبد بالعبد والأنثى بالأنثى قال : اقتتل أهل ملتين من العرب أحدهما مسلم والآخر معاهد في بعض ما يكون بين العرب من الأمر , فأصلح بينهم النبي صلى الله عليه وسلم , وقد كانوا قتلوا الأحرار والعبيد والنساء على أن يؤدي الحر دية الحر , والعبد دية العبد , والأنثى دية الأنثى , فقاصهم بعضهم من بعض . 2113 - حدثني المثنى , قال : ثنا سويد بن نصر , قال : أخبرنا عبد الله بن المبارك عن سفيان , عن السدي عن أبي مالك قال : كان بين حيين من الأنصار قتال , كان لأحدهما على الآخر الطول , فكأنهم طلبوا الفضل , فجاء النبي صلى الله عليه وسلم يصلح بينهم , فنزلت هذه الآية : الحر بالحر والعبد بالعبد والأنثى بالأنثى فجعل النبي صلى الله عليه وسلم الحر بالحر والعبد بالعبد , والأنثى بالأنثى . 2114 - حدثنا المثنى , قال : ثنا سويد بن نصر , قال : أخبرنا ابن المبارك , عن شعبة , عن أبي بشر , قال : سمعت الشعبي يقول في هذه الآية : كتب عليكم القصاص في القتلى قال : نزلت في قتال عمية - قال شعبة : كأنه في صلح - قال : اصطلحوا على هذا . * - حدثنا محمد بن بشار , قال : ثنا محمد بن جعفر , قال : ثنا شعبة , عن أبي بشر , قال : سمعت الشعبي يقول في هذه الآية : كتب عليكم القصاص في القتلى الحر بالحر والعبد بالعبد والأنثى بالأنثى قال : نزلت في قتال عمية , قال : كان على عهد النبي صلى الله عليه وسلم . وقال آخرون : بل ذلك أمر من الله تعالى ذكره بمقاصة دية الحر ودية العبد ودية الذكر ودية الأنثى في قتل العمد إن اقتص للقتيل من القاتل , والتراجع بالفضل والزيادة بين ديتي القتيل والمقتص منه . ذكر من قال ذلك : 2115 - حدثت عن عمار بن الحسن , قال : ثنا ابن أبي جعفر , عن أبيه , عن الربيع قوله : يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم القصاص في القتلى الحر بالحر والعبد بالعبد والأنثى بالأنثى قال : حدثنا عن علي بن أبي طالب أنه كان يقول : أيما حر قتل عبدا فهو قود به , فإن شاء موالي العبد أن يقتلوا الحر قتلوه , وقاصوهم بثمن العبد من دية الحر , وأدوا إلى أولياء الحر بقية ديته . وإن عبد قتل حرا فهو به قود , فإن شاء أولياء الحر قتلوا العبد , وقاصوهم بثمن العبد وأخذوا بقية دية الحر , وإن شاءوا أخذوا الدية كلها واستحيوا العبد . وأي حر قتل امرأة فهو بها قود , فإن شاء أولياء المرأة قتلوه وأدوا نصف الدية إلى أولياء الحر . وإن امرأة قتلت حرا فهي به قود , فإن شاء أولياء الحر قتلوها وأخذوا نصف الدية , وإن شاءوا أخذوا الدية كلها واستحيوها وإن شاءوا عفوا . 2116 - حدثنا محمد بن بشار , قال : ثنا هشام بن عبد الملك , قال : ثنا حماد بن سلمة , عن قتادة , عن الحسن أن عليا قال في رجل قتل امرأته , قال : إن شاءوا قتلوه وغرموا نصف الدية . 2117 - حدثنا محمد بن بشار قال : ثنا يحيى , عن سعيد , عن عوف , عن الحسن قالا : لا يقتل الرجل بالمرأة حتى يعطوا نصف الدية . 2118 - حدثنا ابن حميد , قال : ثنا جرير , عن مغيرة , عن سماك , عن الشعبي , قال في رجل قتل امرأته عمدا , فأتوا به عليا , فقال : إن شئتم فاقتلوه , وردوا فضل دية الرجل على دية المرأة . وقال آخرون : بل نزلت هذه الآية في حال ما نزلت والقوم لا يقتلون الرجل بالمرأة , ولكنهم كانوا يقتلون الرجل بالرجل والمرأة بالمرأة حتى سوى الله بين حكم جميعهم بقوله : وكتبنا عليهم فيها أن النفس بالنفس 5 45 فجعل جميعهم قود بعضهم ببعض . ذكر من قال ذلك : 2119 - حدثنا المثنى قال : ثنا أبو صالح , قال : ثني معاوية بن صالح عن علي بن أبي طلحة , عن ابن عباس قوله : والأنثى بالأنثى وذلك أنهم كانوا لا يقتلون الرجل بالمرأة , ولكن يقتلون الرجل بالرجل والمرأة بالمرأة , فأنزل الله تعالى : النفس بالنفس فجعل الأحرار في القصاص , سواء فيما بينهم في العمد رجالهم ونساؤهم في النفس وما دون النفس , وجعل العبيد مستوين فيما بينهم في العمد في النفس وما دون النفس , رجالهم ونساؤهم . فإذ كان مختلفا الاختلاف الذي وصفت فيما نزلت فيه هذه الآية , فالواجب علينا استعمالها فيما دلت عليه من الحكم بالخبر القاطع العذر . وقد تظاهرت الأخبار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بالنقل العام أن نفس الرجل الحر قود قصاصا بنفس المرأة الحرة , فإذ كان ذلك كذلك , وكانت الأمة مختلفة في التراجع بفضل ما بين دية الرجل والمرأة على ما قد بينا من قول علي وغيره وكان واضحا فساد قول من قال بالقصاص في ذلك والتراجع بفضل ما بين الديتين بإجماع جميع أهل الإسلام على أن حراما على الرجل أن يتلف من جسده عضوا بعوض يأخذه على إتلافه فدع جميعه , وعلى أن حراما على غيره إتلاف شيء منه مثل الذي حرم من ذلك بعوض يعطيه عليه , فالواجب أن تكون نفس الرجل الحر بنفس المرأة الحرة قودا . وإذا كان ذلك كذلك كان بينا بذلك أنه لم يرد بقوله تعالى ذكره : الحر بالحر والعبد بالعبد والأنثى بالأنثى أن لا يقاد العبد بالحر , وأن لا تقتل الأنثى بالذكر , ولا الذكر بالأنثى . وإذا كان ذلك كذلك كان بينا أن الآية معني بها أحد المعنيين الآخرين : إما قولنا من أن لا يتعدى بالقصاص إلى غير القاتل والجاني , فيؤخذ بالأنثى الذكر , وبالعبد الحر . وإما القول الآخر وهو أن تكون الآية نزلت في قوم بأعيانهم خاصة أمر النبي صلى الله عليه وسلم أن يجعل ديات قتلاهم قصاصا بعضها من بعض , كما قاله السدي ومن ذكرنا قوله وقد أجمع الجميع لا خلاف بينهم على أن المقاصة في الحقوق غير واجبة , وأجمعوا على أن الله لم يقض في ذلك قضاء ثم نسخه وإذا كان كذلك , وكان قوله تعالى ذكره : كتب عليكم القصاص ينبئ عن أنه فرض كان معلوما أن القول خلاف ما قاله قائل هذه المقالة , لأن ما كان فرضا على أهل الحقوق أن يفعلوه فلا خيار لهم فيه , والجميع مجمعون على أن لأهل الحقوق الخيار في مقاصتهم حقوقهم بعضها من بعض , فإذا تبين فساد هذا الوجه الذي ذكرنا , فالصحيح من القول في ذلك هو ما قلنا . فإن قال قائل - إذ ذكرت أن معنى قوله : كتب عليكم القصاص بمعنى : فرض عليكم القصاص - : لا يعرف لقول القائل " كتب " معنى إلا معنى خط ذلك فرسم خطا وكتابا , فما برهانك على أن معنى قوله " كتب " فرض ؟ قيل : إن ذلك في كلام العرب موجود , وفي أشعارهم مستفيض , ومنه قول الشاعر : كتب القتل والقتال علينا وعلى المحصنات جر الذيول وقول نابغة بني جعدة : يا بنت عمي كتاب الله أخرجني عنكم فهل أمنعن الله ما فعلا وذلك أكثر في أشعارهم وكلامهم من أن يحصى . غير أن ذلك وإن كان بمعنى فرض , فإنه عندي مأخوذ من الكتاب الذي هو رسم وخط , وذلك أن الله تعالى ذكره قد كتب جميع ما فرض على عباده وما هم عاملوه في اللوح المحفوظ , فقال تعالى ذكره في القرآن : بل هو قرآن مجيد في لوح محفوظ 85 21 : 22 وقال : إنه لقرآن كريم في كتاب مكنون 56 77 : 78 فقد تبين بذلك أن كل ما فرضه علينا ففي اللوح المحفوظ مكتوب فمعنى قول إذ كان ذلك كذلك : كتب عليكم القصاص كتب عليكم في اللوح المحفوظ القصاص في القتلى فرضا أن لا تقتلوا بالمقتول غير قاتله . وأما القصاص فإنه من قول القائل : قاصصت فلانا حقي قبله من حقه قبلي , قصاصا ومقاصة فقتل القاتل بالذي قتله قصاص , لأنه مفعول به مثل الذي فعل بمن قتله , وإن كان أحد الفعلين عدوانا والآخر حقا فهما وإن اختلفا من هذا الوجه , فهما متفقان في أن كل واحد قد فعل بصاحبه مثل الذي فعل صاحبه به , وجعل فعل ولي القتيل الأول إذا قتل قاتل وليه قصاصا , إذ كان بسبب قتله استحق قتل من قتله , فكأن وليه المقتول هو الذي ولي قتل قاتله فاقتص منه . وأما القتلى فإنها جمع قتيل , كما الصرعى جمع صريع , والجرحى جمع جريح . وإنما يجمع الفعيل على الفعلى , إذا كان صفة للموصوف به بمعنى الزمانة والضرر الذي لا يقدر معه صاحبه على البراح من موضعه ومصرعه , نحو القتلى في معاركهم , والصرعى في مواضعهم , والجرحى وما أشبه ذلك فتأويل الكلام إذن : فرض عليكم أيها المؤمنون القصاص في القتلى أن يقتص الحر بالحر والعبد بالعبد , والأنثى بالأنثى . ثم ترك ذكر أن يقتص اكتفاء بدلالة قوله : كتب عليكم القصاص عليه .بالأنثى فمن عفي له من أخيه شيء فاتباع بالمعروف وأداء إليهالقول في تأويل قوله تعالى : فمن عفي له من أخيه شيء فاتباع بالمعروف وأداء إليه بإحسان اختلف أهل التأويل في تأويل ذلك , فقال بعضهم : تأويله : فمن ترك له من القتل ظلما من الواجب كان لأخيه عليه من القصاص , وهو الشيء الذي قال الله : فمن عفي له من أخيه شيء فاتباع من العافي للقاتل بالواجب له قبله من الدية وأداء من المعفو عنه ذلك إليه بإحسان . ذكر من قال ذلك : 2120 - حدثنا أبو كريب وأحمد بن حماد الدولابي , قال : ثنا سفيان بن عيينة , عن عمرو , عن مجاهد , عن ابن عباس : فمن عفي له من أخيه شيء فالعفو أن يقبل الدية في العمد , واتباع بالمعروف أن يطلب هذا بمعروف ويؤدي هذا بإحسان . * - حدثني المثنى , قال : ثنا حجاج بن المنهال قال : ثنا حماد بن سلمة , قال : ثنا عمرو بن دينار , عن جابر بن زيد , عن ابن عباس أنه قال في قوله : فمن عفي له من أخيه شيء فاتباع بالمعروف وأداء إليه بإحسان فقال : هو العمد يرضى أهله بالدية واتباع بالمعروف أمر به الطالب وأداء إليه بإحسان من المطلوب . * - حدثنا محمد بن علي بن الحسن بن سفيان , قال : ثنا أبي , وحدثني المثنى , قال : ثنا سويد بن نصر قالا جميعا : أخبرنا ابن المبارك , عن محمد بن مسلم , عن عمرو بن دينار , عن مجاهد , عن ابن عباس , قال : الذي يقبل الدية ذلك منه عفو , واتباع بالمعروف , ويؤدي إليه الذي عفي له من أخيه بإحسان . * - حدثني محمد بن سعد قال : حدثني أبي , قال : حدثني عمي , قال : حدثني أبي , عن أبيه , عن ابن عباس قوله : فمن عفي له من أخيه شيء فاتباع بالمعروف وأداء إليه بإحسان وهي الدية أن يحسن الطالب الطلب وأداء إليه بإحسان وهو أن يحسن المطلوب الأداء . 2121 - حدثني محمد بن عمرو قال : ثنا أبو عاصم , قال : ثنا عيسى , عن ابن أبي نجيح , عن مجاهد : فمن عفي له من أخيه شيء فاتباع بالمعروف وأداء إليه بإحسان والعفو الذي يعفو عن الدم , ويأخذ الدية . * - حدثنا سفيان , قال : ثنا أبي , عن سفيان , عن ابن أبي نجيح , عن مجاهد : فمن عفي له من أخيه شيء قال : الدية . 2122 - حدثنا ابن وكيع , قال : ثنا أبي , عن يزيد , عن إبراهيم , عن الحسن : وأداء إليه بإحسان قال : على هذا الطالب أن يطلب بالمعروف , وعلى هذا المطلوب أن يؤدي بإحسان . * - حدثني المثنى , قال : ثنا أبو حذيفة , قال : ثنا شبل , عن ابن أبي نجيح , عن مجاهد : فمن عفي له من أخيه شيء فاتباع بالمعروف والعفو : الذي يعفو عن الدم , ويأخذ الدية . 2123 - حدثني محمد بن المثنى , قال : ثنا أبو الوليد , قال : ثنا حماد , عن داود بن أبي هند , عن الشعبي في قوله : فمن عفي له من أخيه شيء فاتباع بالمعروف وأداء إليه بإحسان قال : هو العمد يرضى أهله بالدية . * - حدثني المثنى , قال : ثنا الحجاج , قال : ثنا حماد , عن داود , عن الشعبي , مثله . 2124 - حدثنا بشر بن معاذ , قال : ثنا يزيد , قال : ثنا سعيد , عن قتادة قوله : فمن عفي له من أخيه شيء فاتباع بالمعروف وأداء إليه بإحسان يقول : قتل عمدا فعفي عنه , وقبلت منه الدية , يقول : فاتباع بالمعروف فأمر المتبع أن يتبع بالمعروف , وأمر المؤدي أن يؤدي بإحسان والعمد قود إليه قصاص , لا عقل فيه إلا أن يرضوا بالدية , فإن رضوا بالدية فمائة خلفة , فإن قالوا : لا نرضى إلا بكذا وكذا ; فذاك لهم . 2125 - حدثنا الحسن بن يحيى , قال : أخبرنا عبد الرزاق , قال : أخبرنا معمر , عن قتادة في قوله : فاتباع بالمعروف وأداء إليه بإحسان قال : يتبع به الطالب بالمعروف , ويؤدي المطلوب بإحسان . 2126 - حدثت عن عمار , قال : ثنا ابن أبي جعفر , عن أبيه , عن الربيع في قوله : فمن عفي له من أخيه شيء فاتباع بالمعروف وأداء إليه بإحسان يقول : فمن قتل عمدا فعفي عنه وأخذت منه الدية , يقول : فاتباع بالمعروف : أمر صاحب الدية التي يأخذها أن يتبع بالمعروف , وأمر المؤدي أن يؤدي بإحسان . 2127 - حدثنا القاسم , قال : ثنا الحسين , قال : حدثني حجاج , عن ابن جريج , قال : قلت لعطاء قوله : فمن عفي له من أخيه شيء فاتباع بالمعروف وأداء إليه بإحسان قال : ذلك إذا أخذ الدية فهو عفو . 2128 - حدثنا الحسن , قال : حدثني حجاج , عن ابن جريج , قال : أخبرني القاسم بن أبي بزة , عن مجاهد قال : إذا قبل الدية فقد عفا عن القصاص , فذلك قوله : فمن عفي له من أخيه شيء فاتباع بالمعروف وأداء إليه بإحسان . قال ابن جريج : وأخبرني الأعرج عن مجاهد مثل ذلك , وزاد فيه : فإذا قبل الدية فإن عليه أن يتبع بالمعروف , وعلى الذي عفي عنه أن يؤدي بإحسان . * - حدثنا المثنى قال : ثنا مسلم بن إبراهيم ; قال : ثنا أبو عقيل ; قال : قال الحسن : أخذ الدية عفو حسن . 2129 - حدثنا يونس قال : أخبرنا ابن وهب , قال : قال ابن زيد : وأداء إليه بإحسان قال : أنت أيها المعفو عنه . * - حدثني محمد بن سعد , قال : حدثني أبي , قال : حدثني عمي , قال : حدثني أبي , عن أبيه , عن ابن عباس قوله : فمن عفي له من أخيه شيء فاتباع بالمعروف وأداء إليه بإحسان وهو الدية أن يحسن الطالب , وأداء إليه بإحسان : هو أن يحسن المطلوب الأداء . وقال آخرون معنى قوله : فمن عفي فمن فضل له فضل وبقيت له بقية . وقالوا : معنى قوله : من أخيه شيء من دية أخيه شيء , أو من أرش جراحته فاتباع منه القاتل أو الجارح الذي بقي ذلك قبله بمعروف وأداء من القاتل أو الجارح إليه ما بقي قبله له من ذلك بإحسان . وهذا قول من زعم أن الآية نزلت , أعني قوله : يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم القصاص في القتلى في الذين تحاربوا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم , فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يصلح بينهم فيقاص ديات بعضهم من بعض ويرد بعضهم على بعض بفضل إن بقي لهم قبل الآخرين . وأحسب أن قائلي هذا القول وجهوا تأويل العفو في هذا الموضع إلى الكثرة من قول الله تعالى ذكره : حتى عفوا 7 95 فكان معنى الكلام عندهم : فمن كثر له قبل أخيه القاتل . ذكر من قال ذلك : 2130 - حدثني موسى بن هارون , قال : ثنا عمرو بن حماد , قال : ثنا أسباط , عن السدي : فمن عفي له من أخيه شيء يقول : بقي له من دية أخيه شيء أو من أرش جراحته , فليتبع بمعروف وليؤد الآخر إليه بإحسان . والواجب على تأويل القول الذي روينا عن علي والحسن - في قوله : كتب عليكم القصاص أنه بمعنى مقاصة دية النفس الذكر من دية النفس الأنثى , والعبد من الحر , والتراجع بفضل ما بين ديتي أنفسهما - أن يكون معنى قوله : فمن عفي له من أخيه شيء فمن عفي له من الواجب لأخيه عليه من قصاص دية أحدهما بدية نفس الآخر إلى الرضى بدية نفس المقتول , فاتباع من الولي بالمعروف , وأداء من القاتل إليه ذلك بإحسان . وأولى الأقوال عندي بالصواب في قوله : فمن عفي له من أخيه شيء فمن صفح له من الواجب كان لأخيه عليه من القود عن شيء من الواجب على دية يأخذها منه , فاتباع بالمعروف من العافي عن الدم الراضي بالدية من دم وليه , وأداء إليه من القاتل ذلك بإحسان ; لما قد بينا من العلل فيما مضى قبل من أن معنى قول الله تعالى ذكره : كتب عليكم القصاص إنما هو القصاص من النفوس القاتلة أو الجارحة والشاجة عمدا , كذلك العفو أيضا عن ذلك . وأما معنى قوله : فاتباع بالمعروف فإنه يعني : فاتباع على ما أوجبه الله له من الحق قبل قاتل وليه من غير أن يزداد عليه ما ليس له عليه في أسنان الفرائض أو غير ذلك , أو يكلفه ما لم يوجبه الله له عليه . كما : 2131 - حدثني بشر بن معاذ , قال : ثنا يزيد , قال : ثنا سعيد , عن قتادة , قال : بلغنا عن نبي الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : " من زاد أو ازداد بعيرا " يعني في إبل الديات وفرائضها " فمن أمر الجاهلية " . وأما إحسان الآخر في الأداء , فهو أداء ما لزمه بقتله لولي القتيل على ما ألزمه الله وأوجبه عليه من غير أن يبخسه حقا له قبله بسبب ذلك , أو يحوجه إلى اقتضاء ومطالبة . فإن قال لنا قائل : وكيف قيل : فاتباع بالمعروف وأداء إليه بإحسان ولم يقل : فاتباعا بالمعروف وأداء إليه بإحسان كما قال : فإذا لقيتم الذين كفروا فضرب الرقاب 47 4 ؟ قيل : لو كان التنزيل جاء بالنصب , وكان : فاتباعا بالمعروف وأداء إليه بإحسان , كان جائزا في العربية صحيحا على وجه الأمر , كما يقال : ضربا ضربا , وإذا لقيت فلانا فتبجيلا وتعظيما غير أنه جاء رفعا وهو أفصح في كلام العرب من نصبه , وكذلك ذلك في كل ما كان نظيرا له مما يكون فرضا عاما فيمن قد فعل وفيمن لم يفعل إذا فعل , لا ندبا وحثا . ورفعه على معنى : فمن عفي له من أخيه شيء فالأمر فيه اتباع بالمعروف , وأداء إليه بإحسان , أو : فالقضاء والحكم فيه اتباع بالمعروف . وقد قال بعض أهل العربية : رفع ذلك على معنى : فمن عفي له من أخيه شيء فعليه اتباع بالمعروف . وهذا مذهبي , والأول الذي قلناه هو وجه الكلام , وكذلك كل ما كان من نظائر ذلك في القرآن فإن رفعه على الوجه الذي قلناه , وذلك مثل قوله : ومن قتله منكم متعمدا فجزاء مثل ما قتل من النعم 5 95 وقوله : فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان 2 229 وأما قوله : فضرب الرقاب فإن الصواب فيه النصب , وهو وجه الكلام لأنه على وجه الحث من الله تعالى ذكره عباده على القتل عند لقاء العدو كما يقال : إذا لقيتم العدو فتكبيرا وتهليلا , على وجه الحض على التكبير لا على وجه الإيجاب والإلزام .بإحسان ذلك تخفيف من ربكمالقول في تأويل قوله تعالى : ذلك تخفيف من ربكم ورحمة يعني تعالى ذكره بقوله ذلك : هذا الذي حكمت به وسننته لكم من إباحتي لكم أيتها الأمة العفو عن القصاص من قاتل قتيلكم على دية تأخذونها فتملكونها ملككم سائر أموالكم التي كنت منعتها من قبلكم من الأمم السالفة , تخفيف من ربكم يقول : تخفيف مني لكم مما كنت ثقلته على غيركم بتحريم ذلك عليهم ورحمة مني لكم . كما : 2132 - حدثنا أبو كريب وأحمد بن حماد الدولابي قالا : ثنا سفيان , عن عمرو بن دينار , عن مجاهد , عن ابن عباس , قال : كان في بني إسرائيل القصاص ولم تكن فيهم الدية , فقال الله في هذه الآية : كتب عليكم القصاص في القتلى الحر بالحر إلى قوله : فمن عفي له من أخيه شيء فالعفو أن يقبل الدية في العمد , ذلك تخفيف من ربكم يقول : خفف عنكم ما كان على من كان قبلكم أن يطلب هذا بمعروف ويؤدي هذا بإحسان . 2133 - حدثنا محمد بن علي بن الحسن بن شقيق , قال : ثنا أبي , قال : ثنا عبد الله بن المبارك , عن محمد بن مسلم , عن عمرو بن دينار عن مجاهد , عن ابن عباس , قال : كان من قبلكم يقتلون القاتل بالقتيل لا تقبل منهم الدية , فأنزل الله : يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم القصاص في القتلى الحر بالحر إلى آخر الآية ; ذلك تخفيف من ربكم يقول : خفف عنكم وكان على من قبلكم أن الدية لم تكن تقبل , فالذي يقبل الدية ذلك منه عفو . 2134 - حدثني المثنى , قال : ثنا الحجاج بن المنهال , قال : ثنا حماد بن سلمة , قال : أخبرنا عمرو بن دينار , عن جابر بن زيد , عن ابن عباس : ذلك تخفيف من ربكم ورحمة مما كان على بني إسرائيل , يعني من تحريم الدية عليهم . 2135 - حدثني المثنى , قال : ثنا أبو حذيفة , قال : ثنا شبل , عن ابن أبي نجيح , عن مجاهد , عن ابن عباس قال : كان على بني إسرائيل قصاص في القتل ليس بينهم دية في نفس ولا جرح , وذلك قول الله : وكتبنا عليهم فيها أن النفس بالنفس والعين بالعين الآية كلها . وخفف الله عن أمة محمد صلى الله عليه وسلم , فقبل منهم الدية في النفس وفي الجراحة , وذلك قوله تعالى : ذلك تخفيف من ربكم 2 178 بينكم . 2136 - حدثنا بشر بن معاذ , قال : ثنا يزيد , قال : ثنا سعيد , عن قتادة قوله : ذلك تخفيف من ربكم ورحمة وإنما هي رحمة رحم الله بها هذه الأمة أطعمهم الدية , وأحلها لهم , ولم تحل لأحد قبلهم . فكان أهل التوراة إنما هو القصاص أو العفو , وليس بينهما أرش . وكان أهل الإنجيل إنما هو عفو أمروا به , فجعل الله لهذه الأمة القود والعفو والدية إن شاءوا أحلها لهم , ولم تكن لأمة قبلهم . 2137 - حدثت عن عمار بن الحسن , قال : ثنا ابن أبي جعفر , عن أبيه , عن الربيع بمثله سواء , غير أنه قال : ليس بينهما شيء . 2138 - حدثنا الحسن بن يحيى , قال : أخبرنا عبد الرزاق , قال : أخبرنا معمر عن قتادة في قوله : كتب عليكم القصاص في القتلى قال : لم يكن لمن قبلنا دية , إنما هو القتل أو العفو إلى أهله , فنزلت هذه الآية في قوم كانوا أكثر من غيرهم . 2139 - حدثنا القاسم , قال : ثنا الحسين , قال : حدثني حجاج , عن ابن جريج , قال : وأخبرني عمرو بن دينار , عن ابن عباس , قال : إن بني إسرائيل كان كتب عليهم القصاص , وخفف عن هذه الأمة . وتلا عمرو بن دينار : ذلك تخفيف من ربكم ورحمة وأما على قول من قال : القصاص في هذه الآية معناه : قصاص الديات بعضها من بعض على ما قاله السدي فإنه ينبغي أن يكون تأويله : هذا الذي فعلت بكم أيها المؤمنون من قصاص ديات قتلى بعضكم بديات بعض وترك إيجاب القود على الباقين منكم بقتيله الذي قتله وأخذه بديته , تخفيف مني عنكم ثقل ما كان عليكم من حكمي عليكم بالقود أو الدية ورحمة مني لكم .ورحمة فمن اعتدى بعد ذلك فله عذابالقول في تأويل قوله تعالى : فمن اعتدى بعد ذلك فله عذاب أليم يعني تعالى ذكره بقوله : فمن اعتدى بعد ذلك فمن تجاوز ما جعله الله له بعد أخذه الدية اعتداء وظلما إلى ما لم يجعل له من قتل قاتل وليه وسفك دمه , فله بفعله ذلك وتعديه إلى ما قد حرمته عليه عذاب أليم . وقد بينت معنى الاعتداء فيما مضى بما أغنى عن إعادته . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك : 2140 - حدثني محمد بن عمرو , قال : ثنا أبو عاصم , قال : ثنا عيسى , عن ابن أبي نجيح , عن مجاهد : فمن اعتدى بعد ذلك فقتل , فله عذاب أليم * - حدثني المثنى , قال : ثنا أبو حذيفة , قال : ثنا شبل , عن ابن أبي نجيح , عن مجاهد : فمن اعتدى بعد أخذ الدية فله عذاب أليم . 2141 - حدثنا بشر بن معاذ , قال : ثنا يزيد بن زريع , عن سعيد , عن قتادة قوله : فمن اعتدى بعد ذلك فله عذاب أليم يقول : فمن اعتدى بعد أخذه الدية فقتل , فله عذاب أليم . قال : وذكر لنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول : " لا أعافي رجلا قتل بعد أخذه الدية " * - حدثنا الحسن بن يحيى , قال : أخبرنا عبد الرزاق , قال : أخبرنا معمر , عن قتادة في قوله : فمن اعتدى بعد ذلك قال : هو القتل بعد أخذ الدية , يقول : من قتل بعد أن يأخذ الدية فعليه القتل لا تقبل منه الدية . 2142 - حدثت عن عمار بن الحسن , قال : ثنا ابن أبي جعفر , عن أبيه , عن الربيع قوله : فمن اعتدى بعد ذلك فله عذاب أليم يقول : فمن اعتدى بعد أخذه الدية فله عذاب أليم . 2143 - حدثنا سفيان بن وكيع , قال : حدثني أبي , عن يزيد بن إبراهيم , عن الحسن , قال : كان الرجل إذا قتل قتيلا في الجاهلية فر إلى قومه , فيجيء قومه فيصالحون عنه بالدية . قال : فيخرج الفار وقد أمن على نفسه . قال : فيقتل ثم يرمى إليه بالدية , فذلك الاعتداء . * - حدثني المثنى , قال : ثنا مسلم بن إبراهيم , قال : ثنا أبو عقيل قال : سمعت الحسن في هذه الآية : فمن عفي له من دم أخيه شيء قال : القاتل إذا طلب فلم يقدر عليه , وأخذ من أوليائه الدية , ثم أمن فأخذ فقتل , قال الحسن : ما أكل عدوان . 2144 - حدثني المثنى , قال : ثنا مسلم , قال : ثنا القاسم , قال : ثنا هارون بن سليمان , قال : قلت لعكرمة : من قتل بعد أخذه الدية ؟ قال : إذا يقتل , أما سمعت الله يقول : فمن اعتدى بعد ذلك فله عذاب أليم 2145 - حدثني موسى بن هارون , قال : ثنا عمرو , قال : ثنا أسباط , عن السدي : فمن اعتدى بعد ذلك بعد ما يأخذ الدية فيقتل , فله عذاب أليم 2146 - حدثني محمد بن سعد , قال : ثني أبي , قال : حدثني عمي , قال : حدثني أبي , عن أبيه , عن ابن عباس : فمن اعتدى بعد ذلك يقول : فمن اعتدى بعد أخذه الدية فله عذاب أليم 2147 - حدثني يونس , قال : أخبرنا ابن وهب , قال : قال ابن زيد في قوله : فمن اعتدى بعد ذلك فله عذاب أليم قال : أخذ العقل ثم قتل بعد أخذ العقل قاتل قتيله فله عذاب أليم . واختلفوا في معنى العذاب الأليم الذي جعله الله لمن اعتدى بعد أخذه الدية من قاتل وليه , فقال بعضهم : ذلك العذاب هو القتل بمن قتله بعد أخذ الدية منه وعفوه عن القصاص منه بدم وليه . ذكر من قال ذلك : 2148 - حدثني يعقوب بن إبراهيم الدورقي , قال : ثنا هشيم , قال : أخبرنا جويبر , عن الضحاك في قوله : فمن اعتدى بعد ذلك فله عذاب أليم قال : يقتل , وهو العذاب الأليم , يقول : العذاب الموجع . 2149 - حدثني يعقوب , قال : حدثني هشيم , قال : ثنا أبو إسحاق عن سعيد بن جبير أنه قال ذلك . 2150 - حدثني المثنى , قال : ثنا مسلم بن إبراهيم قال : ثنا القاسم , قال : حدثنا هارون بن سليمان , عن عكرمة : فمن اعتدى بعد ذلك فله عذاب أليم قال : القتل . وقال بعضهم : ذلك العذاب عقوبة يعاقبه بها السلطان على قدر ما يرى من عقوبته . ذكر من قال ذلك : 2151 - حدثني القاسم بن الحسن , قال : ثنا الحسين , قال : حدثني حجاج , قال : قال ابن جريج : أخبرني إسماعيل بن أمية عن الليث - غير أنه لم ينسبه , وقال : ثقة - : أن النبي صلى الله عليه وسلم أوجب بقسم أو غيره أن لا يعفى عن رجل عفا عن الدم وأخذ الدية ثم عدا فقتل . قال ابن جريج : وأخبرني عبد العزيز بن عمر بن عبد العزيز , قال : في كتاب لعمر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " والاعتداء " الذي ذكر الله أن الرجل يأخذ العقل أو يقتص , أو يقضي السلطان فيما بين الجراح , ثم يعتدي بعضهم من بعد أن يستوعب حقه , فمن فعل ذلك فقد اعتدى , والحكم فيه إلى السلطان بالذي يرى فيه من العقوبة . قال : ولو عفا عنه لم يكن لأحد من طلبة الحق أن يعفو , لأن هذا من الأمر الذي أنزل الله فيه قوله : فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول 4 59 2152 - حدثنا بشر بن معاذ , قال : ثنا عبد الواحد بن زياد , عن يونس , عن الحسن في رجل قتل فأخذت منه الدية , ثم إن وليه قتل به القاتل , قال الحسن : تؤخذ منه الدية التي أخذ ولا يقتل به . وأولى التأويلين بقوله : فمن اعتدى بعد ذلك فله عذاب أليم تأويل من قال : فمن اعتدى بعد أخذه الدية , فقتل قاتل وليه , فله عذاب أليم في عاجل الدنيا وهو القتل ; لأن الله تعالى جعل لكل ولي قتيل قتل ظلما سلطانا على قاتل وليه , فقال تعالى ذكره : ومن قتل مظلوما فقد جعلنا لوليه سلطانا فلا يسرف في القتل 17 33 فإذ كان ذلك كذلك , وكان الجميع من أهل العلم مجمعين على أن من قتل قاتل وليه بعد عفوه عنه وأخذه منه دية قتيله أنه بقتله إياه له ظالم في قتله كان بينا أن لا يولي من قتله ظلما كذلك السلطان عليه في القصاص والعفو وأخذ الدية أي ذلك شاء . وإذا كان ذلك كذلك كان معلوما أن ذلك عذابه , لأن من أقيم عليه حده في الدنيا كان ذلك عقوبته من ذنبه ولم يكن به متبعا في الآخرة , على ما قد ثبت به الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم . وأما ما قاله ابن جريج من أن حكم من قتل قاتل وليه بعد عفوه عنه وأخذه دية وليه المقتول إلى الإمام دون أولياء المقتول , فقول خلاف لما دل عليه ظاهر كتاب الله وأجمع عليه علماء الأمة . وذلك أن الله جعل لولي كل مقتول ظلما السلطان دون غيره من غير أن يخص من ذلك قتيلا دون قتيل , فسواء كان ذلك قتيل ولي من قتله أو غيره . ومن خص من ذلك شيئا سئل البرهان عليه من أصل أو نظير وعكس عليه القول فيه , ثم لن يقول في شيء من ذلك قولا إلا ألزم في الآخر مثله . ثم في إجماع الحجة على خلافه ما قاله في ذلك مكتفى في الاستشهاد على فساده بغيره .
وَ لَكُمْ فِی الْقِصَاصِ حَیٰوةٌ یّٰۤاُولِی الْاَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُوْنَ(۱۷۹)
اور خون کا بدلہ لینے میں تمہاری زندگی ہے اے عقل مندو (ف۳۱۹) کہ تم کہیں بچو،
القول في تأويل قوله تعالى : وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُولِي الأَلْبَابِقال أبو جعفر: يعني تعالى ذكره بقوله: " ولكم في القصَاص حَياةٌ يا أولي الألباب "، ولكم يا أولي العقول، فيما فرضتُ عليكم وأوجبتُ لبعضكم على بعض، من القصاص في النفوس والجراح والشجاج، مَا مَنع به بعضكم من قتل بعض، وقَدَع بعضكم عن بعض، فحييتم بذلك، فكان لكم في حكمي بينكم بذلك حياة. (70)* * *واختلف أهل التأويل في معنى ذلك.فقال بعضهم في ذلك نحو الذي قلنا فيه.* ذكر من قال ذلك:2617- حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد في قوله: " ولكم في القصَاص حياةٌ يا أولي الألباب " قال، نكالٌ, تَناهٍ.2618- حدثنا أبو كريب قال، حدثنا ابن أبي زائدة, عن ورقاء, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد في قوله: " ولكم في القصاص حياة " قال، نكالٌ, تَناهٍ.2619- حدثني المثنى قال: حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد مثله.2620- حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد, عن سعيد, عن قتادة: " ولكم في القصاص حياة "، جعل الله هذا القصاص حياة، ونكالا وعظةً لأهل السفه والجهل من الناس. وكم من رجل قد هَمّ بداهية، لولا مخافة القصاص لوقع بها, ولكن الله حَجز بالقصاص بعضهم عن بعض؛ وما أمر الله بأمر قط إلا وهو أمر صلاح في الدنيا والآخرة، ولا نهي الله عن أمر قط إلا وهو أمر فساد في الدنيا والدين, والله أعلم بالذي يُصلح خَلقه.2621- حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر, عن قتادة في قوله: " ولكم في القصاص حياة يا أولي الألباب " قال، قد جعل الله في القصاص حياة, إذا ذكره الظالم المتعدي كفّ عن القتل.2622- حدثت عن عمار بن الحسن قال، حدثنا ابن أبي جعفر, عن أبيه، عن الربيع قوله: " ولكم في القصاص حياة " الآية, يقول: جعل الله هذا القصاص حياة وعبرة لكم. كم من رجل قد هَمّ بداهية فمنعه مخافة القصاص أن يقع بها! وإن الله قد حجز عباده بعضهم عن بعض بالقصاص.2623- حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج, عن ابن جريج, عن مجاهد قوله: " ولكم في القصاص حياة " قال، نكالٌ, تناهٍ. قال ابن جريج: حَياةٌ. مَنعةٌ.2624- حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد في قوله: " ولكم في القصاص حياة " قال، حياةٌ، بقية. (71) إذا خاف هذا أن يُقتل بي كفّ عني, لعله يكون عدوًّا لي يريد قتلي, فيذكر أن يُقْتَل في القصاص, فيخشى أن يقتل بي, فيكفَّ بالقصاص الذي خافَ أن يقتل، لولا ذلك قتل هذا.2625- حدثت عن يعلى بن عبيد قال، حدثنا إسماعيل, عن أبي صالح في قوله: " ولكم في القصاص حياة " قال، بقاء.* * *وقال آخرون: معنى ذلك: ولكم في القصاص من القاتل بقاء لغيره، لأنه لا يقتل بالمقتول غيرُ قاتله في حكم الله. وكانوا في الجاهلية يقتلون بالأنثى الذكر, وبالعبد الحرّ.* ذكر من قال ذلك:2626- حدثني موسى بن هارون قال، حدثنا عمرو بن حماد قال، حدثنا أسباط، عن السدي: " ولكم في القصاص حياة "، يقول: بقاء, لا يقتل إلا القاتل بجنايته.* * *وأما تأويل قوله: " يا أولي الألباب "، فإنه: يا أولي العقول." والألباب " جمع " اللب ", و " اللب " العقل.* * *وخص الله تعالى ذكره بالخطاب أهلَ العقول, لأنهم هم الذين يعقلون عن الله أمره ونهيه، ويتدبّرون آياته وحججه دونَ غيرهم.* * *القول في تأويل قوله تعالى : لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (179)قال أبو جعفر: وتأويل قوله: " لعلكم تتقون "، أي تتقون القصاص، فتنتَهون عن القتل، كما:-269- حدثني به يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد في قوله: " لعلكم تتقون " قال، لعلك تَتقي أن تقتله، فتقتل به.---------------------الهوامش :(70) قدعه يقدعه قدعًا : كفه . ومنه : "اقدعوا هذه الأنفس فإنها طلعة" ، أي كفوها عما تشتهي وتريد .(71) بقية : أي إبقاء . وأخشى أن تكون"تقية" بالتاء ، أي اتقاء ، كما يدل عليه سائر الأثر . وكلتاهما صحيحة المعنى .
كُتِبَ عَلَیْكُمْ اِذَا حَضَرَ اَحَدَكُمُ الْمَوْتُ اِنْ تَرَكَ خَیْرَاﰳ -ۖۚ - الْوَصِیَّةُ لِلْوَالِدَیْنِ وَ الْاَقْرَبِیْنَ بِالْمَعْرُوْفِ-ۚ--حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِیْنَؕ(۱۸۰)
تم پر فرض ہوا کہ جب تم میں کسی کو موت آئے اگر کچھ مال چھوڑے تو وصیت کرجائے اپنے ماں باپ اور قریب کے رشتہ داروں کے لئے موافق دستور (ف۳۲۰) یہ واجب ہے پرہیزگاروں پر،
القول في تأويل قوله تعالى : كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ (180)قال أبو جعفر: يعني بقوله تعالى ذكره: " كُتب عليكم "، فُرض عليكم، أيها المؤمنون، الوصية = إذا حضر أحدكم الموتُ إن تَرَك خَيرًا - والخير: المال = للوالدين والأقربين الذين لا يرثونه, بالمعروف: وهو مَا أذن الله فيه وأجازه في الوصية مما لم يجاوز الثلث, ولم يتعمّد الموصي ظُلم وَرَثته = حقًّا على المتقين = يعني بذلك: فرض عليكم هذا وأوجبه, وجعله حقًّا واجبًا على من اتقى الله فأطاعه أن يعمل به.* * *فإن قال قائل: أوَفرضٌ على الرجل ذي المال أن يُوصي لوالديه وأقربيه الذين لا يرثونه؟قيل: نعم.فإن قال: فإن هو فرَّط في ذلك فلم يوص لهم، أيكون مضيِّعًا فرضًا يَحْرَج بتضييعه؟قيل : نعم.فإن قال: وما الدلالة على ذلك؟قيل: قول الله تعالى ذكره: " كُتبَ عليكم إذا حَضر أحدكم الموتُ إن تَرَك خيرًا الوصيَّةُ للوالدين والأقربين "، فأعلم أنه قد كتبه علينا وفرَضه, كما قال: كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ [سورة البقرة: 183]، ولا خلاف بين الجميع أن تارك الصيام وهو عليه قادر، مضيع بتركه فرضًا لله عليه. فكذلك هو بترك الوصية لوالديه وأقربيه ولهُ ما يوصي لهم فيه, مُضِيعٌ فَرْضَ الله عز وجل.فإن قال: فإنك قد علمت أن جماعة من أهل العلم قالوا: الوصيةُ للوالدين والأقربين منسوخةٌ بآية الميراث؟قيل له: وخالفهم جماعةٌ غيرهم فقالوا: هي محكمةٌ غيرُ منسوخة. وإذا كان في نسخ ذلك تنازع بين أهل العلم، لم يكن لنا القضاءُ عليه بأنه منسوخٌ إلا بحجة يجب التسليم لها, إذ كان غير مستحيل اجتماعُ حكمُ هذه الآية وحكمُ آية المواريث في حال واحدةٍ على صحة، بغير مدافعةِ حكم إحداهما حُكمَ الأخرى - وكان الناسخ والمنسوخ هما المعنيان اللذان لا يجوز اجتماع حكمهما على صحة في حالة واحدة، لنفي أحدهما صَاحبه.وبما قلنا في ذلك قال جماعة من المتقدمين والمتأخرين.* ذكر من قال ذلك:2628- حدثني يعقوب بن إبراهيم قال، حدثنا هشيم, عن جويبر، عن الضحاك أنه كان يقول: من مات ولم يُوص لذوي قرابته. فقد ختم عمله بمعصية.2629- حدثني سَلم بن جنادة. (72) قال، حدثنا أبو معاوية عن الأعمش, عن مسلم, عن مسروق: أنه حضر رجلا فوصَّى بأشياء لا تنبغي, فقال له مسروق: إنّ الله قد قسم بينكم فَأحسن القَسْم, وإنه من يرغب برأيه عن رَأي الله يُضِلّه, أوصِ لذي قرابتك ممن لا يرثك, ثم دع المال على ما قسمه الله عليه.2630- حدثنا ابن حميد قال، حدثنا أبو تميلة يحيى بن واضح قال، حدثنا عبيد, عن الضحاك قال: لا تجوز وصية لوارث، ولا يُوصي إلا لذي قرابة, فإن أوصَى لغير ذي قرابة فقد عمل بمعصية؛ إلا أن لا يكون قرابة، فيوصي لفقراء المسلمين.2631- حدثنا ابن حميد قال، حدثنا جرير, عن مغيرة قال: العجبُ لأبي العالية أعتقته امرأة من بني رياح وأوصى بماله لبني هاشم!2632- حدثنا ابن حميد قال، حدثنا جرير, عن رجل, عن الشعبي قال: لم يكن له [مَوَال]، ولا كرامة. (73)2633- حدثني يعقوب بن إبراهيم قال، حدثنا ابن علية قال، حدثنا أيوب, عن محمد قال: قال عبد الله بن معمر في الوصية: من سمَّى، جعلناها حَيثُ سَمَّي - ومن قال: حيثُ أمرَ الله، جعلناها في قرابته.2634- حدثني محمد بن عبد الأعلى الصنعاني قال، حدثنا المعتمر قال، حدثنا عمران بن حُدير (74) قال: قلت لأبي مجلز: الوصية على كل مسلم واجبةٌ؟ قال: على من تركَ خيرًا.2635- حدثنا سوّار بن عبد الله قال، حدثنا عبد الملك بن الصباح قال، حدثنا عمران بن حدير (75) قال: قلت للاحق بن حُميد: الوصية حق على كل مسلم؟ قال: هي حق على من ترك خيرًا.* * *واختلف أهل العلم في حكم هذه الآية.فقال بعضهم: لم ينسخ الله شيئًا من حكمها, وإنما هي آية ظاهرُها ظاهرُ عموم في كل والد ووالدة والقريب, والمرادُ بها في الحكم البعضُ منهم دون الجميع, وهو من لا يرث منهم الميت دون من يَرث. وذلك قول من ذكرت قوله, وقول جماعة آخرين غيرهم مَعهم.ذكر قول من لم يُذْكَر قولُه منهم في ذلك:2636- حدثنا محمد بن بشار قال، حدثنا معاذ بن هشام قال، حدثني أبي, عن قتادة, عن جابر بن زيد: في رجل أوصى لغير ذي قرابة وله قرابةٌ محتاجون, قال: يُرَدّ ثلثا الثلث عليهم, وثلث الثلث لمن أوصى له به.2637- حدثنا ابن بشار قال، حدثنا معاذ قال، حدثنا أبي, عن قتادة, عن الحسن وجابر بن زيد وعبد الملك بن يعلى أنهم قالوا - في الرجل يُوصي لغير ذي قرابته وله قرابة ممن لا يرثه قال، كانوا يجعلون ثُلثي الثلث لذوي القرابة, وثلث الثلث لمن أوصى له به.2638- حدثني يعقوب بن إبراهيم قال، حدثنا هشيم قال، أخبرنا حميد, عن الحسن أنه كان يقول: إذا أوصى الرجل لغير ذي قرابته بثُلثه فلهم ثلث الثلث, وثلثا الثلث لقرابته.2639- حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال أخبرنا معمر, عن ابن طاوس, عن أبيه قال: من أوصى لقوم وسماهم، وترك ذوي قرابته محتاجين، انتُزِعتْ منهم وَرُدَّتْ إلى ذوي قرابته.* * *وقال آخرون: بل هي آية قد كان الحكم بها واجبًا وعُمل به بُرهة، ثم نَسخ الله منها بآية المواريث الوصيةَ لوالدي المُوصِي وأقربائه الذين يرثونه, وأقرّ فرضَ الوصية لمن كان منهم لا يرثه.* ذكر من قال ذلك:2640- حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد بن زريع قال، حدثنا سعيد, عن قتادة في قوله: " كُتب عليكم إذا حَضر أحدكم الموت إن تَرك خيرًا الوصيةُ للوالدين والأقربين "، فجعلت الوصية للوالدين والأقربين، ثم نُسخ ذلك بعد ذلك، فجعل لهما نصيبٌ مفروضٌ, فصارت الوصية لذوي القرابة الذين لا يرثون, وجُعل للوالدين نصيبٌ معلوم, ولا تجوز وصية لوارث.2641- حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر, عن قتادة في قوله: " إذ تَرَك خيرًا الوصية للوالدين والأقربين " قال، نسخ الوالدان منها, وترك الأقربون ممن لا يرث.2642- حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج, عن عكرمة, عن ابن عباس قوله: " إن تَرَك خيرًا الوصية للوالدين والأقربين " قال، نَسخ من يَرث، ولم ينسخ الأقربين الذين لا يرثون.2643- حدثنا يحيى بن نصر قال، حدثنا يحيى بن حسان قال، حدثنا سفيان, عن ابن طاوس, عن أبيه قال: كانت الوصية قبلَ الميراث للوالدين والأقربين, فلما نزل الميراث، نَسخ الميراثُ من يرث، وبقي من لا يرث. فمن أوصَى لذي قَرابته لم تجز وصيتُه. (76) .2644- حدثني المثنى قال، حدثنا سُويد بن نصر قال، أخبرنا ابن المبارك, عن إسماعيل المكي, عن الحسن في قوله: " إن ترك خيرًا الوصية للوالدين والأقربين " قال، نَسخ الوالدين وأثبتَ الأقربين الذين يُحرَمون فلا يرثون.2645- حدثني المثنى قال، حدثنا سويد قال، أخبرنا ابن المبارك, عن مبارك بن فضالة، عن الحسن في هذه الآية: " الوصية للوالدين والأقربين " قال، للوالدين منسوخة, والوصيةُ للقرابة وإن كانوا أغنياءَ.2646- حدثني المثنى قال، حدثنا عبد الله بن صالح قال، حدثني معاوية بن صالح, عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس قوله: " إن تَرَك خيرًا الوصية للوالدين والأقربين "، فكان لا يرث مع الوالدين غيرُهم، إلا وصية إن كانت للأقربين، فأنزل الله بعد هذا: وَلأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِنْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلأُمِّهِ الثُّلُثُ [سورة النساء: 11]، فبين الله سبحانه ميراث الوالدين, وأقرّ وصية الأقربين في ثلث مال الميت.2647- حدثني علي بن داود قال، حدثنا عبد الله بن صالح قال، حدثني معاوية بن صالح, عن علي بن أبي طلحة, عن ابن عباس قوله : " إن ترَك خيرًا الوصيةُ للوالدين والأقربين "، فنسخ من الوصية الوالدين، وأثبت الوصية للأقربين الذين لا يرثون.2648- حدثت عن عمار قال، حدثنا ابن أبي جعفر, عن أبيه, عن الربيع قوله: " كتب عليكم إذا حَضر أحدكم الموتُ إنْ تَرك خيرًا الوصية للوالدين والأقربين بالمعروف " قال، كان هذا من قبل أن تُنزل " سورة النساء ", فلما نزلت آية الميراث نَسخَ شأنَ الوَالدين, فألحقهما بأهل الميراث، وصارت الوصية لأهل القرابة الذين لا يرثون.2649- حدثني المثنى قال، حدثنا الحجاج بن المنهال قال، حدثنا حماد بن سلمة قال، أخبرنا عطاء بن أبي ميمونة قال: سألت مسلم بن يَسار, والعلاء بن زياد عن قول الله تبارك وتعالى: " إن ترك خيرًا الوصيةُ للوالدين والأقربين "، قالا في القرابة.2650- حدثني المثنى قال، حدثنا الحجاج قال، حدثنا حماد, عن إياس بن معاوية قال: في القرابة.* * *وقال آخرون: بل نَسخ الله ذلك كله وفرضَ الفرائض والمواريث، فلا وصية تجب لأحد على أحد قريبٍ ولا بعيدٍ.* ذكر من قال ذلك:2651- حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد في قوله: " إن تَرَك خيرًا الوصية للوَالدين والأقربين " الآية, قال: فنسخ الله ذلك كله وفرضَ الفرائض.2652- حدثني يعقوب بن إبراهيم قال، حدثنا ابن علية, عن يونس, عن ابن سيرين, عن ابن عباس: أنه قام فخطب الناس هاهنا, فقرأ عليهم " سورة البقرة " ليبين لهم منها, فأتى على هذه الآية: " إن ترك خيرًا الوصية الوالدين والأقربين " قال، نُسخت هذه.2653- حدثني محمد بن سعد قال، حدثني أبي قال، حدثني عمي قال، حدثني أبي، عن أبيه, عن ابن عباس قوله: " إن ترك خيرًا الوصية للوالدين والأقربين "، نسخت الفرائضُ التي للوالدين والأقربين الوصيةَ.2654- حدثني محمد بن بشار قال، حدثنا عبد الرحمن بن مهدي قال، حدثنا سفيان, عن جهضم, عن عبد الله بن بدر قال، سمعت ابن عمر يقول في قوله: " إن تَرَك خيرًا الوصيةُ للوالدين والأقربين " قال، نسختها آيةُ الميراث. قال ابن بشار: قال عبد الرحمن: فسألت جهضمًا عنه فلم يحفظه.2655- حدثنا ابن حميد قال، حدثنا يحيى بن واضح قال، حدثنا الحسين بن واقد, عن يزيد النحوي, عن عكرمة والحسن البصري قالا " إن تَرَك خيرًا الوصية للوالدين والأقربين "، فكانت الوصية كذلك حتى نسختها آية الميراث.2656- حدثني أحمد بن المقدام قال، حدثنا المعتمر قال، سمعت أبي قال، زعم قتادة, عن شريح في هذه الآية: " إن ترك خيرًا الوصية للوالدين والأقربين " قال، كان الرجل يُوصي بماله كله، حتى نزلت آية الميراث.2657- حدثنا أحمد بن المقدام قال، حدثنا المعتمر قال، سمعت أبي قال، زعم قتادة: أنه نسختْ آيتا المواريث في" سُورة النساء "، الآيةَ في" سُورة البقرة " في شأن الوصية.2658- حدثني محمد بن عمرو قال: حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد في قول الله : " إن تَرك خيرًا الوصيةُ للوالدين والأقربين " قال، كان الميراث للوَلد، والوصية للوالدين والأقربين, وهي منسوخة.2659- حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد قال: كان الميراث للولد, والوصية للوالدين والأقربين، وهي منسوخة، نسختها آيةٌ في" سورة النساء ": يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ [سورة النساء: 11]2660- حدثني موسى بن هارون قال، حدثنا عمرو بن حماد قال، حدثنا أسباط, عن السدي: " كُتب عليكم إذا حَضر أحدكم الموت إن ترك خيرًا الوصيةُ للوالدين والأقربين "، أما الوالدان والأقربون، فيوم نزلت هذه الآية كان الناس ليس لهم ميراث معلومٌ, إنما يُوصي الرجل لوالده ولأهله فيقسم بينهم، حتى نسختها " النساء "، فقال: يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ .2661- حدثني يعقوب قال، حدثنا ابن علية قال، حدثنا أيوب, عن نافع: أن ابن عمر لم يُوصِ، وقال: أمّا مالي، فالله أعلمُ ما كنت أصنع فيه في الحياة, وأما رِباعي فما أحب أن يَشْرَك ولدي فيها أحد.2662- حدثني محمد بن خلف العسقلاني قال، حدثنا محمد بن يوسف قال، حدثنا سفيان, عن نسير بن ذعلوق قال، قال عروة -يعني ابن ثابت- لربيع بن خُثيم: (77) أوْصِ لي بمصحفك. قال: فنظر إلى أبيه فقال: وَأُولُو الأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ [سورة الأنفال: 75].2663- حدثنا علي بن سهل قال، حدثنا يزيد, عن سفيان، عن الحسن بن عبد الله, عن إبراهيم قال: ذكرنا له أن زيدًا وطلحة كانا يشدِّدان في الوصية, فقال: ما كان عَليهما أن يفعلا مات النبي صلى الله عليه وسلم ولم يُوصِ, وأوصَى أبو بكر, أيَّ ذلك فعلتَ فحسنٌ.2664- حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا الثوري, عن الحسن بن عبد الله, عن إبراهيم قال: ذكر عنده طلحة وزيد فذكر مثله.* * *وأما " الخير " الذي إذا تركه تاركٌ وجب عليه الوصية فيه لوالديه وأقرَبيه الذين لا يرثون، فهو: المال، كما:-2665- حدثني المثنى بن إبراهيم قال، حدثنا عبد الله بن صالح, عن معاوية بن صالح, عن علي بن أبي طلحة, عن ابن عباس قوله: " إن تَرك خيرًا "، يعني مالا.2666- حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد في قول الله: " إن ترك خيرًا "، مالا.2667- حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة (78) قال، حدثنا شبل, عن أبي نجيح, عن مجاهد: " إن تَرَك خيرًا "، كان يقول: الخير في القرآن كله: المال، لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ [سورة العاديات: 8]، الخير: المال - إِنِّي أَحْبَبْتُ حُبَّ الْخَيْرِ عَنْ ذِكْرِ رَبِّي [سورة ص: 32]، المال - فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا [سورة النور: 33]، المال = و ( إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ )، المالُ.2668- حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد, عن قتادة: " إن ترك خيرًا الوصية "، أي: مالا. (79)2669- حدثني موسى بن هارون قال، حدثنا عمرو بن حماد قال، حدثنا أسباط عن السدي: " إن تَرك خيرًا الوصية "، أما " خيرًا "، فالمالُ.2670- حدثت عن عمار بن الحسن قال، حدثنا ابن أبي جعفر, عن أبيه, عن الربيع: " إن ترك خيرًا " قال، إن ترك مالا.2671- حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج, عن ابن جريج، عن عكرمة, عن ابن عباس قوله: " إن ترك خيرًا " قال، الخيرُ المال.2672- حدثني المثنى قال، حدثنا سويد قال، أخبرنا ابن المبارك, عن الحسن بن يحيى, عن الضحاك في قوله: " إن ترك خيرًا الوصية " قال، المال. ألا ترى أنه يقول: قال شعيب لقومه: إِنِّي أَرَاكُمْ بِخَيْرٍ [سورة هود: 84] يعني الغني.2673- حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، أخبرنا محمد بن عمرو اليافعي, عن ابن جريج, عن عطاء بن أبي رباح، تلا " كُتب عليكم إذا حَضر أحدكم الموتُ إن ترك خيرًا "، قال عطاء: الخير فيما يُرى المال.* * *ثم اختلفوا في مبلغ المال الذي إذا تركه الرجل كان ممن لزمه حكم هذه الآية.فقال بعضهم: ذلك ألف درهم.* ذكر من قال ذلك:2674- حدثني المثنى قال، حدثنا الحجاج بن المنهال قال، حدثنا همام بن يحيى, عن قتادة في هذه الآية: " إن تَرَك خيرًا الوصية " قال، الخيرُ ألف فما فوقه.2675- حدثني المثنى قال، حدثنا الحجاج قال، حدثنا حماد قال، أخبرنا هشام بن عروة, عن عروة: أن علي بن أبي طالب دخل على ابن عم لهُ يعوده, فقال: إنّي أريد أن أوصي. فقال علي: لا توص، فإنك لم تترك خيرًا فتوصي.قال: وكان ترك من السبعمئة إلى التسعمئة.2676- حدثني يونس بن عبد الأعلى قال، أخبرنا ابن وهب قال، حدثني عثمان بن الحكم الحزامي (80) وابن أبي الزناد، عن هشام بن عروة, عن أبيه, عن علي بن أبي طالب: أنه دخل على رجل مريض, فذكر لهُ الوصية, فقال: لا تُوص، إنما قال الله: " إن تَرك خيرًا "، وأنت لم تترك خيرًا. قال ابن أبي الزناد فيه: فدع مَالك لبنيك.2677- حدثنا محمد بن بشار قال، حدثنا عبد الرحمن قال، حدثنا سفيان, عن منصور بن صفية, عن عبد الله بن عيينة -أو: عتبة, الشك مني-: أنّ رجلا أراد أن يوصي وله ولد كثير, وترك أربعمئة دينار, فقالت عائشة: ما أرى فيه فضلا.2678- حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر, عن هشام بن عروة, عن أبيه قال: دخل عليٌّ علَى مولى لهم في الموت وله سبعمئة درهم، أو ستمئة درهم, فقال: ألا أوصي؟ فقال: لا! إنما قال الله: " إن ترك خيرًا "، وليس لك كثير مال.* * *وقال بعضهم: ذلك ما بين الخمسمئة درهم إلى الألف.* ذكر من قال ذلك:2679- حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر، عن قتادة, عن أبان بن إبراهيم النخعيّ في قوله: " إن ترك خيرًا " قال، ألف درهم إلى خمسمئة.* * *وقال بعضهم: الوصية واجبة من قليل المال وكثيره.* ذكر من قال ذلك:2680- حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر، عن الزهري قال: جعل الله الوصية حقًّا، مما قل منه أو كثر.* * *قال أبو جعفر: وأولى هذه الأقوال بالصواب في تأويل قوله: " كُتبَ عَليكم إذا حَضر أحدكم الموت إن ترك خيرًا الوصية " ما قال الزهري. لأن قليلَ المال وكثيره يقع عليه " خيرٌ", ولم يحدّ الله ذلك بحدٍّ، ولا خص منه شيئًا فيجوز أن يحال ظاهر إلى باطن. فكلّ من حضرته منيَّته وعنده مالٌ قلّ ذلك أو كثر، فواجبٌ عليه أن يوصي منه لمن لا يرثه من آبائه وأمهاته وأقربائه الذين لا يرثونه بمعروف, كما قال الله جل ذكره وأمرَ به.-----------------الهوامش :(72) في المطبوعة : "سالم بن جنادة" . وهو خطأ . وقد مضى مرارًا ، وانظر ترجمته في رقم : 48 .(73) في المطبوعة : "لم يكن له حال ولا كرامة" . وهو خطأ بلا شك عندي . فإن هذا الخبر تعليق على الخبر السالف الذي تعجب فيه المغيرة من فعل أبي العالية : أعتقته امرأة من بني رياح ، وأوصى بماله لبني هاشم! فرد الشعبي تعجب المغيرة فقال : إن أبا العالية لا موالي له ، ولا كرامة لأحد .وخبر ذلك أن أبا العالية اشترته امرأة ، ثم ذهبت به إلى المسجد ، فقبضت على يده . فقالت : اللهم اذخره عندك ذخيرة ، اشهدوا يا أهل المسجد أنه سائبة لله ، ليس لأحد عليه سبيل إلا سبيل معروف . قال أبو العالية : والسائبة يضع نفسه حيث شاء . (ابن سعد 7/1/81) .والسائبة : العبد يعتق على أن لا ولاء له . واختلف الفقهاء في ميراث السائبة ، إذا ترك ميراثًا : أيرثه معتقه ، أم لا يحل له أن يرزأ من ماله شيئًا؟ قيل : لما هلك أبو العالية أتى مولاه بميراثه ، فقال : هو سائبة! وأبى أن يأخذه . وفي حديث عمر : "السائبة والصدقة ليومهما" قال أبو عبيدة : أي ليوم القيامة ، واليوم الذي كان أعتق سائبته وتصدق بصدقة فيه . يقول : فلا يرجع إلى الانتفاع بشيء منها بعد ذلك في الدنيا . وانظر ترجمة سالم مولى أبي حذيفة (ابن سعد 3/1/60) فقد كان سائبة ، وقتل يوم اليمامة في عهد أبي بكر ، فأرسل أبو بكر ماله لمولاته فأبت أن تقبله ، فجعله عمر في بيت المال .فهذا ما أراد الشعبي أن يقول : إن أبا العالية سائبة ، فهو لا موالي له ، وماله يضعه حيث شاء ، ولا كراهة في ذلك لأحد من الموالي ، لأن ذلك هو حكم السائبة .هذا ما رأيت في تصحيح هذه الجملة ، ولم أجدها في مكان آخر ، فأسأل الله أن أكون قد بلغت التوفيق ، وجنبت الزلل .(74) في المطبوعة : "عمران بن جرير" ، وهو خطأ ، والصواب ما أثبت . وهو عمران بن حدير السدوسي أبو عبيده البصري ، صلى على جنازة خلف أنس . روى عن أبي مجلز ، وأبي قلابة ، وغيرهما وعنهوأبو مجلز ، هو لاحق بن حميد ، المذكور في الإسناد التالي .(75) في المطبوعة : "عمران بن جرير" ، وهو خطأ ، والصواب ما أثبت . وهو عمران بن حدير السدوسي أبو عبيده البصري ، صلى على جنازة خلف أنس . روى عن أبي مجلز ، وأبي قلابة ، وغيرهما وعنهوأبو مجلز ، هو لاحق بن حميد ، المذكور في الإسناد التالي .(76) الخبر : 2643- يحيى بن نصر ، شيخ الطبري : لم أعرف من هو؟ ولم أجد في الرواة من يدعي بهذا ، إلا رجلا قديمًا لم يدركه الطبري ، وهو"يحيى" بن نصر بن حاجب القرسي" ، مات سنة 215 قبل أن يولد أبو جعفر . وهو مترجم في ابن أبي حاتم 4/2/193 ، وتاريخ بغداد 14 : 159-160 ، ولسان الميزان 6 : 278-279 .وفي تاريخ بغداد 14 : 225-226 ترجمة"يحيى بن أبي نصر ، أبو سعد الهروي" ، واسم أبيه منصور بن الحسن" . وهذا توفي سنة 287 . ولكن يبعد أن يسمع من"يحيى بن حسان" المتوفى سنة 208 .وفي التهذيب 11 : 292-293 ترجمة ثالثة : "يحيى بن النضر بن عبد الله الأصبهاني الدقاق" ، يروي عن أبي داود الطيالسي ، ويروي عنه أبو بكر بن أبي داود السجستاني . وهو مترجم أيضًا في تاريخ إصبهان 2 : 257-258 . فهذا من هذه الطبعة . ومن المحتمل جدًا أن يكون هو الذي روى عنه الطبري هنا .وأما شيخه"يحيى بن حسان" : فهو التنيسي البكري ، وهو ثقة . مترجم في التهذيب ، والكبير 4/2/269 ، والصغير : 229 ، وابن أبي حاتم 4/2/135 .(77) في المطبوعة : "بن خثيم" ، وأثبت ما في التهذيب ، وانظر ترجمته .(78) في المطبوعة : "أبو جعفر" والصواب"أبو حذيفة" ، وهو إسناد دائر في التفسير أقربه آنفًا رقم : 2659 .(79) الأثر : 2668- في المطبوعة : "حدثنا بشر بن معاذ قال حدثنا سعيد" أسقط"حدثنا يزيد" ، وهو إسناد دائر في التفسير أقربه آنفًا رقم : 2640 .(80) ضبطه في الخلاصة"بكسر المهملة" وفي التهذيب والميزان"الجذامي" بجيم مضمومة ، ثم ذال معجمة .
فَمَنْۢ بَدَّلَهٗ بَعْدَ مَا سَمِعَهٗ فَاِنَّمَاۤ اِثْمُهٗ عَلَى الَّذِیْنَ یُبَدِّلُوْنَهٗؕ-اِنَّ اللّٰهَ سَمِیْعٌ عَلِیْمٌؕ(۱۸۱)
تو جو وصیت کو سن سنا کر بدل دے (ف۳۲۱) اس کا گناہ انہیں بدلنے والوں پر ہے (ف۳۲۲) بیشک اللہ سنتا جانتا ہے،
القول في تأويل قوله تعالى : فَمَنْ بَدَّلَهُ بَعْدَمَا سَمِعَهُ فَإِنَّمَا إِثْمُهُ عَلَى الَّذِينَ يُبَدِّلُونَهُقال أبو جعفر: يعني تعالى ذكره بذلك: فمن غيَّر ما أوصَى به الموصِي -من وصيته بالمعروف لوالديه أو أقربيه الذين لا يرثونه- بعد ما سمع الوصية، فإنما إثم التبديل على من بَدَّل وصيته.* * *فإن قال لنا قائل: وعلامَ عادت " الهاء " التي في قوله: " فمن بدّله "؟قيل: على محذوف من الكلام يدل عليه الظاهر. وذلك هو أمر الميت، وإيصاؤه إلى من أوصَى إليه، بما أوصَى به، لمن أوْصَى له.ومعنى الكلام: كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ ، فأوصوا لهم، فمن بدل ما أوصيتم به لهم بعد ما سَمعكم توصون لَهم, فإنما إثم ما فعل من ذلك عليه دونكم.وإنما قلنا إن " الهاء " في قوله: " فمن بدله " عائدة على محذوف من الكلام يدل عليه الظاهرُ، لأن قوله: كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ من قول الله, وأنّ تبديل المبدِّل إنما يكون لوصية الموصِي. فأما أمرُ الله بالوصية فلا يقدر هو ولا غيره أن يبدِّله، فيجوز أن تكون " الهاء " في قوله: " فمن بدله " عائده على " الوصية ".وأما " الهاء " في قوله: " بعد ما سمعه "، فعائدة على " الهاء " الأولى في قوله: " فمن بَدَّله ".وأما " الهاء " التي في قوله: " فإنما إثمه "، فإنها مكنيُّ" التبديل "، كأنه قال: فإنما إثم ما بدَّل من ذلك على الذين يبدلونه.وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.* ذكر من قال ذلك:2681- حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى, عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: " فمن بدَّله بَعد ما سمعه " قال، الوصية.2682- حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد مثله.2683- حدثني المثنى قال، حدثنا أبو صالح قال، حدثني معاوية بن صالح, عن علي بن أبي طلحة, عن ابن عباس في قوله: " فمن بدَّله بعد ما سمعه فإنما إثمه على الذين يبدِّلونه "، وقد وقعَ أجر الموصي على الله وبَرئ من إثمه, وإن كان أوصى في ضِرَارٍ لم تجز وصيته, كما قال الله: غَيْرَ مُضَارٍّ [سورة النساء: 12]2684- حدثنا الحسين بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر, عن قتادة في قوله: " فمن بدَّله بعد ما سمعه "، قال: من بدّل الوصية بعد ما سمعها، فإثم ما بدَّل عليه.2685- حدثني موسى بن هارون قال، حدثنا: عمرو بن حماد قال، حدثنا أسباط, عن السدي: " فمن بدَّله بعد ما سمعه فإنما إثمه على الذين يبدلونه "، فمن بدَّل الوصية التي أوصى بها، وكانت بمعروف, فإنما إثمها على من بدَّلها. إنه قد ظلم.2686- حدثني المثنى قال، حدثنا حجاج بن المنهال قال، حدثنا حماد, عن قتادة: أن عطاء بن أبي رباح قال في قوله: " فمن بدَّله بعد ما سمعه فإنما إثمه على الذين يبدّلونه "، قال: يُمضَى كما قال.2687- حدثنا سفيان بن وكيع قال، حدثنا أبي، عن يزيد بن إبراهيم, عن الحسن: " فمن بدّله بعد ما سمعه "، قال: من بدل وصية بعد ما سمعها.2688- حدثني المثنى قال، حدثنا حجاج قال، حدثنا يزيد بن إبراهيم, عن الحسن في هذه الآية: " فمن بدّله بعد ما سمعه فإنما إثمه على الذين يبدِّلونه "، قال: هذا في الوصية، من بدَّلها من بعد ما سمعها, فإنما إثمه على من بَدَّله.2689- حدثنا ابن بشار وابن المثنى قالا حدثنا معاذ بن هشام قال، حدثني أبي, عن قتادة, عن عطاء وسالم بن عبد الله وسليمان بن يسار أنهم قالوا: تُمضى الوصية لمن أوصَى له به = إلى هاهنا انتهى حديث ابن المثنى, وزاد ابن بشار في حديثه = قال قتادة: وقال عبد الله بن معمر: أعجبُ إليّ لو أوْصى لذوي قرابته, وما يعجبني أن أنزعه ممن أوصَى له به. قال قتادة: وأعجبه إليّ لمن أوصى له به, قال الله عز وجل: " فمن بدَّله بعدَ ما سمعه فإنما إثمه على الذين يبدّلونه ".* * *القول في تأويل قوله تعالى : إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (181)قال أبو جعفر: يعني تعالى ذكره بذلك: " إن الله سميع " = لوصيتكم التي أمرتكم أن تُوصوا بها لآبائكم وأمهاتكم وأقربائكم حين توصون بها, أتعدلون فيها على ما أذِنت لكم من فعل ذلك بالمعروف, أم تَحيفون فتميلون عن الحق وتجورون عن القصد؟ =" عليمٌ" بما تخفيه صدوركم من الميل إلى الحق، والعدل, أم الجور والحيْف.
فَمَنْ خَافَ مِنْ مُّوْصٍ جَنَفًا اَوْ اِثْمًا فَاَصْلَحَ بَیْنَهُمْ فَلَاۤ اِثْمَ عَلَیْهِؕ-اِنَّ اللّٰهَ غَفُوْرٌ رَّحِیْمٌ۠(۱۸۲)
پھر جسے اندیشہ ہوا کہ وصیت کرنے والے نے کچھ بے انصافی یا گناہ کیا تو اس نے ان میں صلح کرادی اس پر کچھ گناہ نہیں (ف۳۲۳) بیشک اللہ بخشنے والا مہربان ہے
القول في تأويل قوله تعالى : فَمَنْ خَافَ مِنْ مُوصٍ جَنَفًا أَوْ إِثْمًا فَأَصْلَحَ بَيْنَهُمْ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (182)قال أبو جعفر: اختلف أهل التأويل في تأويل هذه الآية.فقال بعضهم: تأويلها: فمن حضر مريضًا وهو يوصي عند إشرافه على الموت, فخاف أن يخطئ في وصيته فيفعل ما ليس له، أو أن يعمد جورًا فيها فيأمر بما ليس له الأمر به, فلا حرج على من حَضره فسمع ذلك منه أنْ يصلح بينه وبين وَرَثته، بأن يأمره بالعدل في وصيته, وأن ينهاهم عن مَنعه مما أذن الله له فيه وأباحه له.* ذكر من قال ذلك:2690- حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد في قوله: " فمن خَافَ من مُوص جَنفًا أو إثمًا فأصلح بينهم فلا إثم عليه "، قال: هذا حين يُحْضَر الرجلُ وهو يموت, فإذا أسرف أمروه بالعدل، وإذا قصَّر قالوا: افعل كذا, أعطِ فلانًا كذا.2691- حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد قوله: " فمن خَافَ من مُوص جَنفا أو إثما "، قال: هذا حين يُحْضَر الرجلُ وهو في الموت, فإذا أشرف على الجور أمروه بالعدل, (1) وإذا قصر عن حق قالوا : افعل كذا, أعط فلانًا كذا.* * *وقال آخرون: بل معنى ذلك: فمن خافَ - من أولياء ميت، (2) أو وَالِي أمر المسلمين - من مُوص جنفا في وصيته التي أوصى بها الميت, فأصلح بين وَرَثته وبين الموصى لهم بما أوصَى لهم به, فرد الوصية إلى العدل والحقّ، فلا حرج ولا إثم.* ذكر من قال ذلك:2692- حدثني المثنى, حدثنا أبو صالح كاتب الليث, حدثني معاوية بن صالح، عن علي بن أبي طلحة, عن ابن عباس في قوله: " فمن خاف من مُوص جَنفًا " -يعني: إثْمًا- يقول: إذا أخطأ الميت في وصيته أو حاف فيها, فليس على الأولياء حرجٌ أن يردوا خطأه إلى الصواب.2693- حدثنا الحسن بن يحيى، (3) حدثنا عبد الرزاق, أخبرنا معمر, عن قتادة في قوله: " فمن خافَ من مُوص جَنفًا أو إثمًا "، قال: هو الرجل يُوصي فيحيف في وصيته، فيردها الوليّ إلى الحقّ والعدل. (4)2694- حدثنا بشر بن معاذ, حدثنا يزيد بن زريع, عن سعيد, عن قتادة قوله: " فمن خاف من مُوص جَنفًا أو إثمًا "، وكان قتادة يقول: من أوصى بجورٍ أو حيْف في وصيته فردها وَليّ المتوفى أو إمام من أئمة المسلمين، إلى كتاب الله وإلى العدل, فذاك له.2695- حدثني المثنى قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا عبد الرحمن بن سعد وابن أبي جعفر, عن أبيه, عن الربيع: " فمن خَافَ من مُوص جَنفًا أو إثمًا "، فمن أوصى بوصية بجور، فردَّه الوصيُّ إلى الحق بعد موته، فلا إثم عليه - قال عبد الرحمن في حديثه: " فاصلح بينهم "، يقول: رده الوصيّ إلى الحق بعد موته، فلا إثم عليه.2696- حدثني المثنى قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا قبيصة, عن سفيان, عن أبيه, عن إبراهيم: " فمن خافَ من مُوص جَنفًا أو إثمًا فأصْلح بينهم "، قال: رده إلى الحق.2697- حدثنا أحمد بن إسحاق قال، حدثنا أبو أحمد الزبيري قال، حدثنا إسرائيل, عن سعيد بن مسروق, عن إبراهيم قال، سألته عن رجل أوصى بأكثر من الثلث؟ قال: اردُدها. ثم قرأ: " فمن خاف من مُوص جَنفًا أو إثمًا ".2698- حدثنا عمرو بن علي قال، حدثنا خالد بن يزيد صاحب اللؤلؤ قال، حدثنا أبو جعفر الرازي, عن الربيع بن أنس: " فمن خاف من مُوص جَنفًا أو إثمًا فأصلح بينهم فلا إثم عليه "، قال: رده الوصي إلى الحق بعد موته، فلا إثم على الوصي.* * *وقال بعضهم: بل معنى ذلك: فمن خاف من موص جنفًا أو إثمًا في عطيته عند حضور أجله بعضَ ورثته دون بعض, فلا إثم على من أصلح بينهم = يعني: بين الورثة.* ذكر من قال ذلك:2699- حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثنا حجاج, عن ابن جريج قال: قلت لعطاء قوله: " فمن خاف من موص جَنفًا أو إثمًا "، قال: الرجل يحيف أو يأثم عند موته، فيعطي ورثته بعضَهم دون بعض, يقول الله: فلا إثم على المصلح بينهم. فقلت لعطاء: أله أن يُعطي وارثه عند الموت, إنما هي وصية, ولا وصية لوارث؟ قال: ذلك فيما يَقسم بينهم.* * *وقال آخرون: معنى ذلك: فمن خاف من مُوص جنفًا أو إثمًا في وصيته لمن لا يرثه، بما يرجع نفعه على من يَرثه، فأصلح بينَ وَرَثته، فلا إثم عليه.* ذكر من قال ذلك:2700- حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج قال، قال ابن جريج، أخبرني ابن طاوس, عن أبيه أنه كان يَقول: جَنفُه وإثمه، أنْ يوصي الرجل لبني ابنه ليكونَ المالُ لأبيهم, وتوصي المرأة لزوج ابنتها ليكون المال لابنتها؛ وذو الوارث الكثير والمالُ قليل، فيوصي بثلث ماله كله، فيصلح بينهم الموصَى إليه أو الأمير. قلت: أفي حياته أم بعد موته؟ قال: ما سمعنا أحدًا يقول إلا بعد موته, وإنه ليوعظ عند ذلك.2701- حدثني الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا ابن عيينة, عن ابن طاوس, عن أبيه في قوله: " فمن خافَ من موص جَنفًا أو إثمًا فأصلح بينهم "، قال: هو الرجل يوصي لولد ابنته.* * *وقال آخرون: بل معنى ذلك: فمن خاف من موص لآبائه وأقربائه جَنفًا على بعضهم لبعض، فأصلح بين الآباء والأقرباء، فلا إثم عليه.* ذكر من قال ذلك:2702- حدثني موسى بن هارون قال، حدثنا عمرو بن حماد قال، حدثنا أسباط, عن السدي: " فمن خافَ من مُوص جَنفًا أو إثمًا فأصلح بينهم فلا إثم عليه ". أما " جنفًا ": فخطأ في وصيته، وأما " إثمًا ": فعمدًا يَعمد في وصيته الظلم. فإن هذا أعظمُ لأجره أن لا يُنفذها, ولكن يصلح بينهم على ما يرى أنه الحق، ينقص بعضًا ويزيد بعضًا. قال: ونزلت هذه الآية في الوالدين والأقربين.2703- حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد في قوله: " فمن خافَ من مُوص جَنفًا أو إثمًا فأصلح بينهم فلا إثم عليه "، قال: " الجنَف " أن يحيف لبعضهم على بعض في الوصية," والإثم " أن يكون قد أثم في أبويه بعضهم على بعض," فأصلح بينهم " الموصَى إليه بين الوالدين والأقربين - الابن والبنون هُم " الأقربون " - فلا إثم عليه. فهذا الموصَى الذي أوْصى إليه بذلك، وجعل إليه، فرأى هذا قد أجنفَ لهذا على هذا، فأصلح بينهم فلا إثم عليه, فعجز الموصِي أن يوصي كما أمره الله تعالى، وعجز الموصَى إليه أن يصلح، فانتزع الله تعالى ذكره ذلك منهم، ففرضَ الفرائض.* * *قال أبو جعفر: وأولى الأقوال في تأويل الآية أن يكون تأويلها: فمن خاف من مُوصٍ جَنفًا أو إثمًا = وهو أن يميل إلى غير الحق خطأ منه، أو يتعمد إثمًا في وصيته، بأن يوصي لوالديه وأقربيه الذين لا يرثونه بأكثر مما يجوز له أن يوصي لهم به من ماله, وغير ما أذن الله له به مما جاوز الثلث أو بالثلث كله، وفي المال قلة, وفي الوَرَثة كثرةٌ = فلا بأس على من حضره أن يصلح بين الذين يُوصَى لهم، وبين ورثة الميت، وبين الميت, بأن يأمرَ الميت في ذلك بالمعروف ويعرِّفه ما أباح الله له في ذلك وأذن له فيه من الوصية في ماله, وينهاه أن يجاوز في وصيته المعروف الذي قال الله تعالى ذكره في كتابه: كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ ، وذلك هو " الإصلاح " الذي &; 3-404 &; قال الله تعالى ذكره: " فأصلح بينهم فلا إثم عليه ". وكذلك لمن كان في المال فَضْل وكثرةٌ وفي الورثة قِلة, فأراد أن يقتصر في وصيته لوالديه وأقربيه عن ثلثه, فأصلح من حَضرَه بينه وبين ورثته وبين والديه وأقربيه الذين يريد أن يوصى لهم، بأن يأمر المريض أن يزيد في وصيته لهم, ويبلغ بها ما رَخّص الله فيه من الثلث. فذلك أيضًا هو من الإصلاح بينهم بالمعروف.وإنما اخترنا هذا القول، لأن الله تعالى ذكره قال: " فمن خَاف من موص جَنفًا أو إثمًا "، يعني بذلك: فمن خاف من موص أن يَجْنَف أو يَأثم. فخوفُ الجنف والإثم من الموصي، إنما هو كائن قبل وقوع الجنف والإثم, فأما بعد وجوده منه، فلا وجه للخوف منه بأن يَجنف أو يأثم, بل تلك حال مَنْ قد جَنفَ أو أثم, ولوْ كان ذلك معناه لقيل: فمن تبيّن من مُوص جَنفًا أو إثمًا -أو أيقن أو علم- ولم يقل: فمن خَافَ منه جَنفًا.* * *فإن أشكل ما قلنا من ذلك على بعض الناس فقال: فما وجه الإصلاح حينئذ، والإصلاح إنما يكون بين المختلفين في الشيء؟قيل: إنّ ذلك وإن كان من معاني الإصلاح, فمن الإصلاح الإصلاحُ بين الفريقين، (5) فيما كان مخوفًا حدوثُ الاختلاف بينهم فيه، بما يؤمن معه حُدوث الاختلاف. لأن " الإصلاح "، إنما هو الفعل الذي يكون معه إصلاحُ ذات البين, فسواء كان ذلك الفعل الذي يكون معه إصلاح ذات البين - قبلَ وقوع الاختلاف أو بعد وقوعه.فإن قال قائل: فكيف قيل: " فأصلح بينهم ", ولم يجر للورثة ولا للمختلفين، أو المخوف اختلافهم، ذكرٌ؟قيل: بل قد جرى ذكر الذين أمر تعالى ذكره بالوصية لهم, وهم والدا المُوصي وأقربوه، والذين أمروا بالوصية في قوله: كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ ، ثم قال تعالى ذكره: " فمن خافَ من مُوص " -لمن أمرته بالوصية له-" جَنفًا أو إثمًا فأصلح بينهم " -وبين من أمرته بالوصية له-" فلا إثم عليه ". والإصلاح بينه وبينهم، هو إصلاح بينهم وبين ورثة الموصي.* * *قال أبو جعفر: وقد قرئ قوله: " فمنْ خَافَ منْ مُوص " بالتخفيف في" الصاد " والتسكين في" الواو " - وبتحريك " الواو " وتشديد " الصاد ".فمن قرأ ذلك بتخفيف " الصاد " وتسكين " الواو "، فإنما قرأه بلغة من قال: " أوصيتُ فلانًا بكذا ".ومن قرأ بتحريك " الواو " وتشديد " الصاد "، قرأه بلغة من يقول: " وصَّيت فلانًا بكذا ". وهما لغتان للعرب مشهورتان: " وصَّيتك، وأوصيتك " (6)وأما " الجنف "، فهو الجورُ والعدول عن الحق في كلام العرب, ومنه قول الشاعر: (7)هُمُ المَوْلَى وَإِنْ جَنَفُوا عَلَيْنَاوَإِنَّا مِنْ لِقَائِهِمُ لَزُورُ (8)يقال منه: " جَنف الرجل على صاحبه يَجنَف " -إذا مال عليه وجَار-" جَنفًا ".* * *فمعنى الكلام من خاف من موص جَنفًا له بموضع الوصية, وميلا عن الصواب فيها, وجورًا عن القصد أو إثمًا بتعمده ذلك على علم منه بخطأ ما يأتي من ذلك، فأصلح بينهم, فلا إثم عليه.* * *وبمثل الذي قلنا في معنى " الجنف "" والإثم "، قال أهل التأويل.* ذكر من قال ذلك:2704- حدثني محمد بن سعد قال، حدثني أبي قال، حدثني عمي قال، حدثني أبي، عن أبيه, عن ابن عباس في قوله: " فمن خاف من موص جَنفًا "، يعني بالجنف: الخطأ.2705- حدثنا أبو كريب قال، حدثنا جابر بن نوح, عن عبد الملك, عن عطاء: " فمن خاف من موص جَنفًا "، قال: ميلا.2706- حدثني يعقوب بن إبراهيم قال، حدثنا هشيم قال، أخبرنا عبد الملك, عن عطاء مثله.2707- حدثنا عمرو بن علي قال، حدثنا خالد بن الحارث ويزيد بن هارون قالا حدثنا عبد الملك, عن عطاء مثله.2708- حدثني يعقوب قال، حدثنا هشيم قال، أخبرنا جويبر, عن الضحاك قال: الجنفُ الخطأ, والإثم العمد.2709- حدثنا أحمد بن إسحاق الأهوازي قال، حدثنا [أبو أحمد] الزبيري قال، حدثنا هشيم, عن جويبر, عن عطاء مثله.2710- حدثني موسى قال، حدثنا عمرو قال، حدثنا أسباط, عن السدي: " فمن خاف من مُوص جَنفًا أو إثمًا "، أما " جَنفًا " فخطأ في وصيته، وأما " إثمًا ": فعمدًا، يعمد في وصيته الظلم. (9)2711- حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم, عن عيسى, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد في قوله: " فمن خَافَ من مُوص جنفًا أو إثمًا "، قال: خطأً أو عمدًا. (10)2712- حدثني المثنى قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا عبد الرحمن بن سعد وابن أبي جعفر، عن أبي جعفر, عن الربيع: " فمن خَاف من مُوص جَنفًا أو إثمًا "، قال: الجنف الخطأ, والإثم العمد.2713- حدثنا عمرو بن علي قال، حدثنا خالد بن يزيد صاحب اللؤلؤ قال، حدثنا أبو جعفر, عن الربيع بن أنس مثله.2714- حدثني المثنى قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا قبيصة, عن سفيان، عن أبيه, عن إبراهيم: " فمن خاف من مُوص جَنفًا أو إثمًا "، قال: الجنف: الخطأ, والإثم العمد.2715- حدثنا أحمد بن إسحاق قال، حدثنا أبو أحمد قال، حدثنا فضيل بن مرزوق, عن عطية: " فمن خاف من مُوص جَنفًا "، قال: خطأ," أو إثمًا " متعمدًا.2716- حدثني المثنى قال: حدثنا إسحاق قال، حدثنا عبد الرزاق, عن ابن عيينة, عن ابن طاوس, عن أبيه: " فمن خَافَ من مُوص جَنفًا "، قال: ميلا.2717- حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد في قوله: " جَنفًا " حَيْفًا," والإثم " ميله لبعض على بعض. وكلّه يصير إلى واحد، كما يكون " عفوًّا غَفورًا " و " غَفورًا رَحيمًا ".2718- حدثنا القاسم قال حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج, عن ابن جريج قال، قال ابن عباس: الجنف الخطأ, والإثم: العمد.2719- حدثت عن الحسين بن الفرج قال، حدثنا الفضل بن خالد قال، حدثنا عبيد بن سليمان, عن الضحاك قال: الجنف الخطأ, والإثم العمد. (11)* * *وأما قوله: " إنّ الله غَفورٌ رَحيم "، فإنه يعني: والله غَفورٌ للموصي (12) = فيما كان حدَّث به نفسه من الجنف والإثم, إذا تَرَك أن يأثم ويَجنف في وصيته, فتجاوزَ له عما كان حدَّث به نفسه من الجور, إذ لم يُمْضِ ذلك فيُغْفِل أن يؤاخذه به (13) =" رحيمٌ" بالمصلح بينَ المُوصي وبين من أراد أن يَحيف عليه لغيره، أو يَأثَم فيه له.----------------الهوامش :(1) في المطبوعة : "فإذا أشرف على الموت أمروه بالعدل" ، وهو لا يستقيم مع سياق الخبر ، ولا مع الخبر الذي قبله عن مجاهد أيضًا . ورجحت أن يكون الناسخ صحف"الجور" فجعلها"الموت" أو سها أو سبق قلمه . أو لعله أخطأ وصحف وزاد ، وأن أصل عبارته كالسياق قبله : "فإذا أسرف أمروه بالعدل" . وكلاهما جائز ، وصواب في المعنى .(2) في المطبوعة : "أوصياء ميت" ، وهما سواء .(3) في المطبوعة : "الحسن بن عيسى" وهو خطأ صرف ، وهو إسناد دائر في التفسير أقربه إلينا رقم : 2684 .(4) في المطبوعة : "الوالي" ، والصواب ما أثبت ، أي ولي الميت .(5) في المطبوعة : "فمن الإصلاح بين الفريقين . . " ، والصواب زيادة ، "الإصلاح" ، كما يدل عليه السياق .(6) انظر تفسير (وصى) فيما سلف من هذا الجزء 3 : 93-96 .(7) هو عامر الخصفي ، من بني خصفة بن قيس عيلان .(8) مجاز القرآن لأبي عبيدة : 66 ، 67 ، ومشكل القرآن : 219 ، واللسان (جنف) (ولي) . والمولى : ابن العم ، وأقام المفرد مقام الجمع ، وأراد"المولى" ، قال أبو عبيدة هو كقوله تعالى : (ثُمَّ يُخْرِجُكُمْ طِفْلًا) وزور جمع أزور : وهو المائل عن الشيء . يقول : هم أبناء عمنا ، ونحن نكره أن نلاقيهم فنقاتلهم ، لما لهم من حق الرحم .(9) الأثر : 2710- مضى رقم : 2702 مطولا .(10) الأثر : 2711- كان في المطبوعة : "فمن خاف من موص جنفًا" قال : جنفًا إثما" ، وهي عبارة مضطربة فاسدة ، فلم أستجز تركها على فسادها ونقلت قول مجاهد الذي أخرجه سفيان بن عيينة وعبد بن حميد فيما نقله السيوطي في الدر المنثور 1 : 175 .(11) الخبر : 2719- الحسين بن الفرج الخياط البغدادي : شيخ لا يعبأ بروايته ، قال فيه ابن معين : "كذاب ، صاحب سكر ، شاطر"؛ مترجم في ابن أبي حاتم 1/2/62-63 ، وتاريخ إصبهان 1 : 266-267 ، وتاريخ بغداد 8 : 84-86 ، ولسان الميزان 2 : 307 . والطبري يروي عنه في التفسير كثيرًا بإسناد مجهول ، يقول : "حدثت عن الحسين بن الفرج" . ولعل ذلك من أجل ضعف حديثه ، فلا يصل الإسناد إليه . وصرح في بعض مرات في التاريخ باسم من حدثه عنه ، انظر التاريخ 1 : 30 ، 42 .ويقع اسمه في المطبوعة على الصواب ، كما في 2898 . وكثيرًا ما يقع خطأ مصفحًا : "الحسن بن الفرج" ، كما في هذا الموضع ، وكما في : 2750 . ومن ذلك ما مضى : 691 ، وقلت هناك : "لم أعرف من هو؟" . فيصحح في ذاك الموضع ، وحيثما جاء في التفسير .الفضل بن خالد : مضت ترجمته : 691 .(12) كان في المطبوعة : "غفور رحيم للموصى . . " ، وليس صوابًا ، وسياق عبارته دال على صواب ما أثبتنا .(13) في المطبوعة : "فيفعل أن يؤاخذه به" ، ولعل الصواب ما أثبت .
یٰۤاَیُّهَا الَّذِیْنَ اٰمَنُوْا كُتِبَ عَلَیْكُمُ الصِّیَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِیْنَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُوْنَۙ(۱۸۳)
اے ایمان والو! (ف۳۲۴) تم پر روزے فرض کیے گئے جیسے اگلوں پر فرض ہوئے تھے کہ کہیں تمہیں پرہیزگاری ملے، ف۳۲۵)
القول في تأويل قوله تعالى : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (183)قال أبو جعفر: يعني تعالى ذكره بقوله: " يا أيها الذين آمنوا "، يا أيها الذين آمنوا بالله ورسوله وصدقوا بهما وأقرُّوا. (14)ويعني بقوله: " كتب عليكم الصيام "، فرض عليكم الصيام. (15)و " الصيام " مصدر، من قول القائل: " صُمت عن كذا وكذا " -يعني: كففت عنه-" أصوم عَنه صوْمًا وصيامًا ". ومعنى " الصيام "، الكف عما أمر الله بالكف عنه. ومن ذلك قيل: " صَامت الخيل "، إذا كفت عن السير، ومنه قول نابغة بني ذبيان:خَيْلٌ صِيَامٌ, وخَيْلٌ غَيْرُ صَائِمَةٍتَحْتَ العَجَاجِ, وأُخْرَى تَعْلُكُ اللُّجُمَا (16)ومنه قول الله تعالى ذكره: إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْمًا [سورة مريم: 26] يعني: صمتًا عن الكلام.* * *وقوله: " كما كُتب على الذين من قبلكم "، يعني فرض عليكم مثل الذي فرض على الذين منْ قبلكم.* * *قال أبو جعفر: ثم اختلف أهل التأويل في الذين عنى الله بقوله: " كما كُتبَ على الذين من قبلكم "، وفي المعنى الذي وَقعَ فيه التشبيه بين فرضِ صَومنا وصوم الذين من قبلنا.فقال بعضهم: الذين أخبرنا الله عن الصوم الذي فرضه علينا، أنه كمثل الذي كان عليهم، هم النصارى. وقالوا: التشبيه الذي شَبه من أجله أحدَهما بصاحبه، هو اتفاقهما في الوقت والمقدار الذي هو لازم لنا اليوم فرضُه.* ذكر من قال ذلك:2720- حدثت عن يحيى بن زياد, عن محمد بن أبان [القرشي]، عن أبي أمية الطنافسي, عن الشعبي أنه قال: لو صُمت السنة كلها لأفطرت اليوم الذي يشك فيه فيقال: من شعبان، ويقال: من رمضان. وذلك أن النصارى فُرض عليهم شهر رَمضان كما فرض علينا فحوَّلوه إلى الفصل. وذلك أنهم كانوا ربما صاموه في القيظ يعدون ثلاثين يومًا. (17) ثم جاء بعدهم قرن فأخذوا بالثقة من أنفسهم، فصاموا قبل الثلاثين يومًا وبعدها يومًا. ثم لم يزل الآخر يُستن سنّة القرن الذي قبله حَتى صارت إلى خمسين. (18) فذلك قوله: " كتبَ عليكم الصيام كما كتبَ عَلى الذين من قَبلكم "، (19)* * *وقال آخرون: بل التشبيه إنما هو من أجل أنّ صومهم كان من العشاء الآخرة إلى العشاء الآخرة. وذلك كان فرضُ الله جَل ثناؤه على المؤمنين في أول ما افترض عليهم الصوم. ووافق قائلو هذا القول القائلي القولَ الأوَّلَ: أن الذين عَنى الله جل ثناؤه بقوله: " كما كُتبَ على الذين من قبلكم "، النصارى.* ذكر من قال ذلك:2721- حدثني موسى بن هارون قال، حدثنا عمرو بن حماد قال، حدثنا أسباط، عن السدي: " يا أيها الذين آمنوا كُتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم "، أما الذين من قبلنا: فالنصارى, كتب عليهم رمضان, وكتب عليهم أن لا يأكلوا ولا يشربوا بعد النوم, ولا ينكحوا النساءَ شهر رمضان. فاشتد على النصارى صيامُ رمَضان, وجعل يُقَلَّبُ عليهم في الشتاء والصيف. فلما رأوا ذلك اجتمعوا فجعلوا صيامًا في الفصل بين الشتاء والصيف, وقالوا: نزيد عشرين يومًا نكفّر بها ما صنعنا! فجعلوا صيامهم خمسين. فلم يزل المسلمون على ذلك يَصنعون كما تصنع النصارى, حتى كان من أمر أبي قيس بن صرمة وعمر بن الخطاب، ما كان، (20) فأحل الله لهم الأكل والشرب والجماعَ إلى طُلوع الفجر.2722- حدثني المثنى قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا ابن أبي جعفر, عن أبيه, عن الربيع: " كتب عليكم الصيامُ كما كتب على الذين من قبلكم "، قال: كتب عليهم الصوم من العتمة إلى العتمة.* * *وقال آخرون: الذين عَنى الله جل ثناؤه بقوله: " كما كتب على الذين من قبلكم "، أهل الكتاب.* ذكر من قال ذلك:2723- حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد: " يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم "، أهل الكتاب.* * *وقال بعضهم: بل ذلك كان على الناس كلهم.* ذكر من قال ذلك:2724- حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر, عن قتادة في قوله: " كتب عليكم الصيامُ كما كتب على الذين من قبلكم "، قال: كتب شهرُ رمضان على الناس, كما كُتب على الذين من قبلهم. قال: وقد كتب الله على الناس قبل أن ينزل رمضانُ صَوْمَ ثلاثة أيام من كل شهر.2725- حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد, عن قتادة قوله: " يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم "، رمضانُ، كتبه الله على من كان قَبلهم.* * *قال أبو جعفر: وأولى هذه الأقوال بالصواب قول من قال: معنى الآية:يا أيها الذين آمنوا فُرض عليكم الصيام كما فرض على الذين من قبلكم من أهل الكتاب," أيامًا معدودات ", وهي شهر رمضان كله. لأن مَن بعدَ إبراهيم صلى الله عليه وسلم كان مأمورًا باتباع إبراهيم, وذلك أن الله جل ثناؤه كان جَعله للناس إمامًا, وقد أخبرنا الله عز وجل أن دينه كان الحنيفيةَ المسلمةَ, فأمر نبينا صلى الله عليه وسلم بمثل الذي أمر به مَنْ قبله من الأنبياء.وأما التشبيه، فإنما وقع على الوقت. وذلك أن مَنْ كان قبلنا إنما كان فرِض عليهم شهر رمضان، مثل الذي فُرض علينا سواء.* * *وأما تأويل قوله: " لعلكم تَتقون "، فإنه يعني به: لتتقوا أكل الطعام وشرب الشراب وجماع النساء فيه. (21) يقول: فرضت عليكم الصوم والكفّ عما تكونون بترك الكف عنه مفطرين، لتتقوا ما يُفطركم في وقت صومكم.* * *وبمثل الذي قُلنا في ذلك قال جماعة من أهل التأويل:* ذكر من قال ذلك:2726- حدثني موسى قال، حدثنا عمرو قال، حدثنا أسباط, عن السدي: أما قوله: " لعلكم تتقون "، يقول: فتتقون من الطعامِ والشرابِ والنساءِ مثل ما اتقوا - يعني: مثل الذي اتقى النصارى قبلكم.-----------------الهوامش :(14) انظر تفسير"الإيمان" فيما سلف 1 : 234-235 ، والمراجع في فهرس اللغة .(15) انظر تفسير"كتب" فيما سلف في هذا الجزء 3 : 357 ، 364 ، 365 .(16) ديوانه : 106 (زيادات) واللسان (علك) (صام) . ولكنه من قصيدته التي أولها :بَانَتْ سُعَادُ وَأَمْسَى حَبْلُهَا انْجَذَمَاوقد فسر"صامت الخليل" بأنها الإمساك عن السير ، وعبارة اللغة ، "صام الفرس" إذا قام في آريه لا يعتلف ، أو قام ساكنًا لا يطعم شيئًا . وقال أبو عبيدة : كل ممسك عن طعام أو كلام أو سير ، فهو صائم . والعجاج : الغبار الذي يثور ، يعني أنها في المعركة لا تقر . وعلك الفرس لجامه : لاكه وحركه في فيه .(17) في معاني القرآن للفراء : "فعدوه ثلاثين يومًا" .(18) في معاني القرآن : "يستن سنة الأول حتى صارت . . " .(19) الخبر : 2720- يحيى بن زياد أبو زكرياء : هو الفراء الإمام النحوي ، وهو ثقة معروف مترجم في التهذيب . وتاريخ بغداد 14 : 149-155 . وفي دواوين كثيرة .محمد بن ابان : نقل أخي السيد محمود محمد شاكر أن هذا الخبر مذكور في كتاب"معاني القرآن" للفراء رواه عن"محمد بن أبان القرشي" . ومحمد بن أبان القرشي : هو"محمد بن أبان بن صالح بن عمير" ، مولى لقريش . ترجمه البخاري في الكبير 1/1/34 ، برقم 50 . وقال : "يتكلمون في حفظه" وذكر في الصغير مرتين ، ص : 188 ، 214 . وقال في أولاهما : "يتكلمون في حفظ محمد بن أبان ، لا يعتمد عليه" . وقال في الضعفاء ، ص : 30"ليس بالقوي" .وكذلك ترجمه ابن أبي حاتم 3/2/199 ، برقم : 1119 ، وروى تضعيفه عن يحيى بن معين .والراجح عندي أنه هو الذي روى عنه الفراء ، فإن ابن أبي حاتم ذكر من الرواة عن القرشي هذا - أبا داود الطيالسي ، وهو من طبقة الفراء .وأما ترجمته في التهذيب 9 : 2-3 فإنها مختلة مضطربة ، خلط فيها بين هذا وبين"محمد بن أبان الواسطي" ، وشتان بينهما . والواسطي مترجم عند البخاري ، برقم : 48 ، وعند ابن ابي حاتم ، برقم : 1121 . وكلاهما لم يذكر فيه جرحًا ."عن أبي أمية الطنافسي" : كذا ثبت هنا . وليس لأبي أمية الطنافسي ترجمة ولا ذكر ، فيما رأينا من المراجع . وإنما المترجم ابنه"عبيد بن أبي أمية" . وهو الذي يروي عن الشعبي . وهو مترجم في التهذيب وابن أبي حاتم 2/2/401 .وهذا الخبر في معاني القرآن للفراء 1 : 111 ، ونقله السيوطي 1 : 176 ، ولم ينسبه لغير الطبري . ولكنه اختصره جدًا . +كأنه تلخيص لا نقل .(20) سيأتي خبر أبي صرمة وعمر في الآثار رقم : 2935-2952 .(21) انظرتفسير"لعل" بمعنى"لكي" 1 : 364 ، 365 / ثم 2 : 69 ، 161 ، واطلبه في الفهرس أيضًا .
اَیَّامًا مَّعْدُوْدٰتٍؕ-فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَّرِیْضًا اَوْ عَلٰى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ اَیَّامٍ اُخَرَؕ-وَ عَلَى الَّذِیْنَ یُطِیْقُوْنَهٗ فِدْیَةٌ طَعَامُ مِسْكِیْنٍؕ-فَمَنْ تَطَوَّعَ خَیْرًا فَهُوَ خَیْرٌ لَّهٗؕ-وَ اَنْ تَصُوْمُوْا خَیْرٌ لَّكُمْ اِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُوْنَ(۱۸۴)
گنتی کے دن ہیں (ف۳۲۶) تو تم میں جو کوئی بیمار یا سفر میں ہو (ف۳۲۷) تو اتنے روزے اور دنوں میں اور جنہیں اس کی طاقت نہ ہو وہ بدلہ دیں ایک مسکین کا کھانا (ف۳۲۸) پھر جو اپنی طرف سے نیکی زیادہ کرے (ف۳۲۹) تو وہ اس کے لئے بہتر ہے اور روزہ رکھنا تمہارے لئے زیادہ بھلا ہے اگر تم جانو (ف۳۳۰)
أياما معدوداتالقول في تأويل قوله تعالى : أياما معدودات يعني تعالى ذكره : كتب عليكم أيها الذين آمنوا الصيام أياما معدودات . ونصب " أياما " بمضمر من الفعل , كأنه قيل : كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم أن تصوموا أياما معدودات , كما يقال : أعجبني الضرب زيدا وقوله : كما كتب على الذين من قبلكم من الصيام , كأنه قيل : كتب عليكم الذي هو مثل الذي كتب على الذين من قبلكم أن تصوموا أياما معدودات . ثم اختلف أهل التأويل فيما عنى الله جل وعز بقوله : أياما معدودات فقال بعضهم : الأيام المعدودات : صوم ثلاثة أيام من كل شهر . قال : وكان ذلك الذي فرض على الناس من الصيام قبل أن يفرض عليهم شهر رمضان . ذكر من قال ذلك : 2241 - حدثنا المثنى , قال : ثنا أبو حذيفة قال : ثنا شبل , عن ابن أبي نجيح , عن عطاء , قال : كان عليهم الصيام ثلاثة أيام من كل شهر , ولم يسم الشهر أياما معدودات , قال : وكان هذا صيام الناس قبل ثم فرض الله عز وجل على الناس شهر رمضان . 2242 - حدثني محمد بن سعد , قال : حدثني أبي , قال : حدثني عمي , قال : حدثني أبي , عن أبيه , عن ابن عباس قوله : يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون وكان ثلاثة أيام من كل شهر ثم نسخ ذلك بالذي أنزل من صيام رمضان , فهذا الصوم الأول من العتمة . 2243 - حدثنا أبو كريب , قال : ثنا يونس بن بكير , قال : ثنا عبد الرحمن بن عبد الله بن عتبة عن عمرو بن مرة , عن عبد الرحمن بن أبي ليلى , عن معاذ بن جبل : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قدم المدينة فصام يوم عاشوراء وثلاثة أيام من كل شهر , ثم أنزل الله جل وعز فرض شهر رمضان , فأنزل الله : يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم حتى بلغ : وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين 2244 - حدثنا الحسن بن يحيى , قال : أخبرنا عبد الرزاق , قال : أخبرنا معمر , عن قتادة , قال : قد كتب الله تعالى ذكره على الناس قبل أن ينزل رمضان صوم ثلاثة أيام من كل شهر . وقال آخرون : بل الأيام الثلاثة التي كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصومها قبل أن يفرض رمضان كان تطوعا صومهن , وإنما عنى الله جل وعز بقوله : كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم . . أياما معدودات أيام شهر رمضان , لا الأيام التي كان يصومهن قبل وجوب فرض صوم شهر رمضان . ذكر من قال ذلك : 2245 - حدثنا محمد بن المثنى , قال : ثنا محمد بن جعفر عن شعبة , عن عمرو بن مرة قال : ثنا أصحابنا : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما قدم عليهم أمرهم بصيام ثلاثة أيام من كل شهر تطوعا لا فريضة ; قال , ثم نزل صيام رمضان قال أبو موسى : قوله قال عمرو بن مرة , حدثنا أصحابنا , يريد ابن أبي ليلى , كان ابن أبي ليلى القائل حدثنا أصحابنا . * - حدثنا ابن المثنى , قال : ثنا أبو داود قال : ثنا شعبة , قال : سمعت عمرو بن مرة , قال : سمعت ابن أبي ليلى , فذكر نحوه . وقد ذكرنا قول من قال : عنى بقوله : كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم شهر رمضان . وأولى ذلك بالصواب عندي قول من قال : عنى الله جل ثناؤه بقوله : أياما معدودات أيام شهر رمضان , وذلك أنه لم يأت خبر تقوم به حجة بأن صوما فرض على أهل الإسلام غير صوم شهر رمضان , ثم نسخ بصوم شهر رمضان , وأن الله تعالى قد بين في سياق الآية أن الصيام الذي أوجبه جل ثناؤه علينا هو صيام شهر رمضان دون غيره من الأوقات بإبانته , عن الأيام التي أخبر أنه كتب علينا صومها بقوله : شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن 2 185 فمن ادعى أن صوما كان قد لزم المسلمين فرضه غير صوم شهر رمضان الذين هم مجمعون على وجوب فرض صومه ثم نسخ ذلك سئل البرهان على ذلك من خبر تقوم به حجة , إذ كان لا يعلم ذلك إلا بخبر يقطع العذر . وإذ كان الأمر في ذلك على ما وصفنا للذي بينا , فتأويل الآية : كتب عليكم أيها المؤمنون الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون أياما معدودات هي شهر رمضان . وجائز أيضا أن يكون معناه : كتب عليكم الصيام : كتب عليكم شهر رمضان . وأما المعدودات : فهي التي تعد مبالغها وساعات أوقاتها , وعنى بقوله معدودات : محصيات .فمن كان منكم مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكينالقول في تأويل قوله تعالى : فمن كان منكم مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين يعني بقوله جل ثناؤه : من كان منكم مريضا ممن كلف صومه أو كان صحيحا غير مريض وكان على سفر فعدة من أيام أخر . يقول : فعليه صوم عدة الأيام التي أفطرها في مرضه أو في سفره من أيام أخر , يعني من أيام أخر غير أيام مرضه أو سفره . والرفع في قوله : فعدة من أيام أخر نظير الرفع في قوله : فاتباع بالمعروف 2 178 وقد مضى بيان ذلك هنالك بما أغنى عن إعادته . وأما قوله : وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين فإن قراءة كافة المسلمين : وعلى الذين يطيقونه وعلى ذلك خطوط مصاحفهم , وهي القراءة التي لا يجوز لأحد من أهل الإسلام خلافها لنقل جميعهم تصويب ذلك قرنا عن قرن . وكان ابن عباس يقرؤها فيما روي عنه : " وعلى الذين يطوقونه " . ثم اختلف قراء ذلك : وعلى الذين يطيقونه في معناه , فقال بعضهم : كان ذلك في أول ما فرض الصوم , وكان من أطاقه من المقيمين صامه إن شاء , وإن شاء أفطره وافتدى فأطعم لكل يوم أفطره مسكينا حتى نسخ ذلك . ذكر من قال ذلك : 2246 - حدثنا أبو كريب , قال : ثنا يونس بن بكير , قال : ثنا عبد الرحمن بن عبد الله بن عتبة , عن عمرو بن مرة , عن عبد الرحمن بن أبي ليلى , عن معاذ بن جبل قال : " إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قدم المدينة , فصام يوم عاشوراء وثلاثة أيام . من كل شهر , ثم إن الله جل وعز فرض شهر رمضان فأنزل الله تعالى ذكره : يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام حتى بلغ : وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين فكان من شاء صام , ومن شاء أفطر وأطعم مسكينا . ثم إن الله عز وجل أوجب الصيام على الصحيح المقيم وثبت الإطعام للكبير الذي لا يستطيع الصوم فأنزل الله عز وجل : فمن شهد منكم الشهر فليصمه ومن كان مريضا أو على سفر . . إلى آخر الآية " . 2247 - حدثنا محمد بن المثنى , قال : ثنا محمد بن جعفر عن شعبة , عن عمرو بن مرة , قال : حدثنا أصحابنا وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما قدم عليهم أمرهم بصيام ثلاثة أيام من كل شهر تطوعا غير فريضة , قال : ثم نزل صيام رمضان , قال : وكانوا قوما لم يتعودوا الصيام , قال : وكان يشتد عليهم الصوم , قال : فكان من لم يصم أطعم مسكينا , ثم نزلت هذه الآية : فمن شهد منكم الشهر فليصمه ومن كان مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر فكانت الرخصة للمريض والمسافر , وأمرنا بالصيام " . قال محمد بن المثنى : قوله قال عمرو , حدثنا أصحابنا : يريد ابن أبي ليلى , كأن ابن أبي ليلى القائل حدثنا أصحابنا . * - حدثنا ابن المثنى , قال : ثنا أبو داود , قال : ثنا شعبة , قال : سمعت عمرو بن مرة , قال : سمعت ابن أبي ليلى فذكر نحوه . 2248 - حدثنا ابن حميد , قال : ثنا جرير , عن منصور , عن إبراهيم , عن علقمة في قوله : وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين قال : كان من شاء صام , ومن شاء أفطر وأطعم نصف صاع مسكينا , فنسخها شهر رمضان إلى قوله : فمن شهد منكم الشهر فليصمه 2249 - حدثنا ابن حميد , قال : ثنا جرير , عن مغيرة , عن إبراهيم بنحوه , وزاد فيه قال : فنسختها هذه الآية , وصارت الآية الأولى للشيخ الذي لا يستطيع الصوم يتصدق مكان كل يوم على مسكين نصف صاع . 2250 - حدثنا ابن حميد , قال : ثنا يحيى بن واضح أبو تميلة , قال : ثنا الحسين , عن يزيد النحوي , عن عكرمة والحسن البصري قوله : وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين فكان من شاء منهم أن يصوم صام , ومن شاء منهم أن يفتدي بطعام مسكين افتدى وتم له صومه . ثم قال : فمن شهد منكم الشهر فليصمه ثم استثنى من ذلك فقال : ومن كان مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر * - حدثنا أبو هشام الرفاعي , قال : ثنا ابن إدريس , قال : سألت الأعمش عن قوله : وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين فحدثنا عن إبراهيم عن علقمة , قالا : نسختها : فمن شهد منكم الشهر فليصمه 2251 - حدثنا عمر بن المثنى , قال : ثنا عبد الوهاب , قال : ثنا عبد الله , عن نافع , عن ابن عمر , قال : نسخت هذه الآية - يعني : وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين - التي بعدها : فمن شهد منكم الشهر فليصمه ومن كان مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر * - حدثنا أبو كريب , قال : ثنا ابن إدريس , قال : سمعت الأعمش , عن إبراهيم , عن علقمة في قوله : وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين قال : نسختها : فمن شهد منكم الشهر فليصمه 2252 - حدثنا الوليد بن شجاع أبو همام , قال : ثنا علي بن مسهر , عن عاصم , عن الشعبي قال : نزلت هذه الآية : وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين كان الرجل يفطر فيتصدق عن كل يوم على مسكين طعاما , ثم نزلت هذه الآية : فمن شهد منكم الشهر فليصمه ومن كان مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر فلم تنزل الرخصة إلا للمريض والمسافر . * - حدثنا هناد بن السري , قال : ثنا علي بن مسهر , عن عاصم , عن الشعبي , قال : نزلت هذه الآية للناس عامة : وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين وكان الرجل يفطر ويتصدق بطعامه على مسكين , ثم نزلت هذه الآية : ومن كان مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر قال : فلم تنزل الرخصة إلا للمريض والمسافر . 2253 - حدثنا هناد , قال : ثنا وكيع , عن ابن أبي ليلى , قال : دخلت على عطاء وهو يأكل في شهر رمضان فقال : إني شيخ كبير إن الصوم نزل , فكان من شاء صام ومن شاء أفطر وأطعم مسكينا , حتى نزلت هذه الآية : فمن شهد منكم الشهر فليصمه ومن كان مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر فوجب الصوم على كل أحد إلا مريض أو مسافر أو شيخ كبير مثلي يفتدي . 2254 - حدثني المثنى , قال : ثنا أبو صالح , قال : حدثني الليث , قال : أخبرني يونس عن ابن شهاب , قال : قال الله : يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم قال ابن شهاب : كتب الله الصيام علينا , فكان من شاء افتدى ممن يطيق الصيام من صحيح أو مريض أو مسافر , ولم يكن عليه غير ذلك . فلما أوجب الله على من شهد الشهر الصيام , فمن كان صحيحا يطيقه وضع عنه الفدية , وكان من كان على سفر أو كان مريضا فعدة من أيام أخر . قال : وبقيت الفدية التي كانت تقبل قبل ذلك للكبير الذي لا يطيق الصيام , والذي يعرض له العطش أو العلة التي لا يستطيع معها الصيام . 2255 - حدثني محمد بن سعد , قال : حدثني أبي , قال : حدثني عمي , قال : حدثني أبي , عن أبيه , عن ابن عباس , قال : جعل الله في الصوم الأول فدية طعام مسكين , فمن شاء من مسافر أو مقيم أن يطعم مسكينا ويفطر كان ذلك رخصة له , فأنزل الله في الصوم الآخر : فعدة من أيام أخر ولم يذكر الله في الصوم الآخر فدية طعام مسكين , فنسخت الفدية , وثبت في الصوم الآخر : يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر وهو الإفطار في السفر , وجعله عدة من أيام أخر . 2256 - حدثني أحمد بن عبد الرحمن بن وهب , قال : أخبرني عمي عبد الله بن وهب , قال : أخبرني عمرو بن الحرث , قال بكر بن عبد الله , عن يزيد مولى سلمة بن الأكوع , عن سلمة بن الأكوع أنه قال : كنا في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم من شاء صام ومن شاء أفطر وافتدى بطعام مسكين , حتى أنزلت : فمن شهد منكم الشهر فليصمه * - حدثني المثنى , قال : ثنا سويد , قال : أخبرنا ابن المبارك , عن عاصم الأحول , عن الشعبي في قوله : وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين قال : كانت الناس كلهم , فلما نزلت : فمن شهد منكم الشهر فليصم أمروا بالصوم والقضاء , فقال : ومن كان مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر 2257 - حدثنا هناد , قال : ثنا علي بن مسهر , عن الأعمش , عن إبراهيم في قوله : وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين قال : نسختها الآية التي بعدها : وأن تصوموا خير لكم إن كنتم تعلمون . 2258 - حدثنا هناد , قال : ثنا وكيع , عن محمد بن سليمان , عن ابن سيرين , عن عبيدة : وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين قال : نسختها الآية التي تليها : فمن شهد منكم الشهر فليصمه 2259 - حدثت عن الحسين بن الفرج , قال : ثنا الفضل بن خالد , قال : ثنا عبيد بن سليمان عن الضحاك قوله : كتب عليكم الصيام الآية , فرض الصوم من العتمة إلى مثلها من القابلة , فإذا صلى الرجل العتمة حرم عليه الطعام والجماع إلى مثلها من القابلة , ثم نزل الصوم الآخر بإحلال الطعام والجماع بالليل كله , وهو قوله : وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود إلى قوله : ثم أتموا الصيام إلى الليل 2 187 وأحل الجماع أيضا فقال : أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم 2 187 وكان في الصوم الأول الفدية , فمن شاء من مسافر أو مقيم أن يطعم مسكينا ويفطر فعل ذلك , ولم يذكر الله تعالى ذكره في الصوم الآخر الفدية , وقال : فعدة من أيام أخر فنسخ هذا الصوم الآخر الفدية . وقال آخرون : بل كان قوله : وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين حكما خاصا للشيخ الكبير والعجوز اللذين يطيقان الصوم كان مرخصا لهما أن يفديا صومهما بإطعام مسكين ويفطرا , ثم نسخ ذلك بقوله , فمن شهد منكم الشهر فليصمه فلزمهما من الصوم مثل الذي لزم الشاب إلا أن يعجزا عن الصوم فيكون ذلك الحكم الذي كان لهما قبل النسخ ثابتا لهما حينئذ بحاله . ذكر من قال ذلك . 2260 - حدثنا بشر بن معاذ , قال : ثنا يزيد بن زريع , قال : ثنا سعيد , عن قتادة , عن عروة , عن سعيد بن جبير , عن ابن عباس قال : كان الشيخ الكبير والعجوز الكبيرة وهما يطيقان الصوم رخص لهما أن يفطرا إن شاءا ويطعما لكل يوم مسكينا , ثم نسخ ذلك بعد ذلك : فمن شهد منكم الشهر فليصمه ومن كان مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر وثبت للشيخ الكبير والعجوز الكبيرة إذا كانا لا يطيقان الصوم , وللحبلى والمرضع إذا خافتا . * - حدثني المثنى , قال : ثنا سويد , قال : أخبرنا ابن المبارك , عن سعيد , عن قتادة , عن عروة عن سعيد بن جبير , عن ابن عباس : وعلى الذين يطيقونه قال : الشيخ الكبير والعجوز الكبيرة ثم ذكر مثل حديث بشر عن يزيد . 2261 - حدثنا محمد بن بشار , قال : ثنا معاذ بن هشام , قال : حدثني أبي , عن قتادة , عن عكرمة , قال : كان الشيخ والعجوز لهما الرخصة أن يفطرا ويطعما بقوله : وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين قال : فكانت لهم الرخصة ثم نسخت بهذه الآية : فمن شهد منكم الشهر فليصمه فنسخت الرخصة عن الشيخ والعجوز إذا كانا يطيقان الصوم . وبقيت للحامل والمرضع أن يفطرا ويطعما . 2262 - حدثني المثنى , قال : ثنا حجاج بن المنهال , قال , ثنا همام بن يحيى , قال : سمعت قتادة يقول في قوله : وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين قال : كان فيها رخصة للشيخ الكبير والعجوز الكبيرة وهما يطيقان الصوم أن يطعما مكان كل يوم مسكينا ويفطرا , ثم نسخ ذلك بالآية التي بعدها فقال : شهر رمضان إلى قوله : فعدة من أيام أخر فنسختها هذه الآية . فكان أهل العلم يرون ويرجون الرخصة تثبت للشيخ الكبير والعجوز الكبيرة إذا لم يطيقا الصوم أن يفطرا ويطعما عن كل يوم مسكينا , وللحبلى إذا خشيت على ما في بطنها , وللمرضع إذا ما خشيت على ولدها . 2263 - حدثت عن عمار بن الحسن , قال : ثنا ابن أبي جعفر , عن أبيه , عن الربيع في قوله : وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين فكان الشيخ والعجوز يطيقان صوم رمضان , فأحل الله لهما أن يفطراه إن أرادا ذلك , وعليهما الفدية لكل يوم يفطر أنه طعام مسكين , فأنزل الله بعد ذلك : شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن إلى قوله : فعدة من أيام أخر وقال آخرون ممن قرأ ذلك : وعلى الذين يطيقونه لم ينسخ ذلك ولا شيء منه , وهو حكم مثبت من لدن نزلت هذه الآية إلى قيام الساعة . وقالوا : إنما تأويل ذلك : على الذين يطيقونه - وفي حال شبابهم وحداثتهم , وفي حال صحتهم وقوتهم إذا مرضوا وكبروا فعجزوا من الكبر عن الصوم - فدية طعام مسكين ; لا أن القوم كان رخص لهم في الإفطار وهم على الصوم قادرون إذا افتدوا . ذكر من قال ذلك : 2264 - حدثني موسى بن هارون , قال : ثنا عمرو بن حماد , قال : ثنا أسباط , عن السدي : وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين قال : أما الذين يطيقونه فالرجل كان يطيقه وقد صام قبل ذلك ثم يعرض له الوجع أو العطش أو المرض الطويل , أو المرأة المرضع لا تستطيع أن تصوم ; فإن أولئك عليهم مكان كل يوم إطعام مسكين , فإن أطعم مسكينا فهو خير له , ومن تكلف الصيام فصامه فهو خير له . 2265 - حدثنا هناد , قال : ثنا عبدة , عن سعيد بن أبي عروبة , عن قتادة ; عن عروة , عن سعيد بن جبير , عن ابن عباس قال : إذا خافت الحامل على نفسها والمرضع على ولدها في رمضان , قال : يفطران ويطعمان مكان كل يوم مسكينا ولا يقضيان صوما . 2266 - حدثنا هناد , قال : ثنا عبدة , عن سعيد بن جبير , عن ابن عباس , أنه رأى أم ولد له حاملا أو مرضعا , فقال : أنت بمنزلة الذي لا يطيقه , عليك أن تطعمي مكان كل يوم مسكينا ولا قضاء عليك . 2267 - حدثنا هناد , قال : ثنا عبدة , عن سعيد , عن نافع , عن علي بن ثابت , عن ابن عمر مثل قول ابن عباس في الحامل والمرضع . * - حدثنا بشر بن معاذ , قال : ثنا يزيد , قال : ثنا سعيد عن قتادة , قال : ذكر لنا أن ابن عباس قال لأم ولد له حبلى أو مرضع : أنت بمنزلة الذين لا يطيقونه , عليك الفداء ولا صوم عليك . هذا إذا خافت على نفسها . 2268 - حدثني محمد بن سعد , قال : حدثني أبي , قال : حدثني عمي , قال : حدثني أبي , عن أبيه , عن ابن عباس قوله : وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين هو الشيخ الكبير كان يطيق صوم شهر رمضان وهو شاب فكبر , وهو لا يستطيع صومه فليتصدق على مسكين واحد لكل يوم أفطره حين يفطر وحين يتسحر . 2269 - حدثنا هناد , قال : حدثنا عبدة , عن منصور عن مجاهد , عن ابن عباس نحوه , غير أنه لم يقل حين يفطر وحين يتسحر . 2270 - حدثنا هناد , قال : ثنا حاتم بن إسماعيل , عن عبد الرحمن بن حرملة , عن سعيد بن المسيب أنه قال : في قول الله تعالى ذكره : فدية طعام مسكين قال : هو الكبير الذي كان يصوم فكبر وعجز عنه , وهي الحامل التي ليس عليها الصيام . فعلى كل واحد منهما طعام مسكين مد من حنطة لكل يوم حتى يمضي رمضان . وقرأ ذلك آخرون : " وعلى الذين يطوقونه فدية طعام مسكين " وقالوا : إنه الشيخ الكبير والمرأة العجوز اللذان قد كبرا عن الصوم , فهما يكلفان الصوم ولا يطيقانه , فلهما أن يفطرا ويطعما مكان كل يوم أفطراه مسكينا . وقالوا : الآية ثابتة الحكم منذ أنزلت لم تنسخ , وأنكروا قول من قال إنها منسوخة . ذكر من قال ذلك : 2271 - حدثني محمد بن عمرو , قال : ثنا أبو عاصم , ثنا ابن جريج , عن عطاء عن ابن عباس أنه كان يقرؤها : يطوقونه 2272 - حدثنا هناد , قال : ثنا علي بن مسهر , عن عصام , عن عكرمة , عن ابن عباس أنه كان يقرأ : وعلى الذين يطوقونه فدية طعام مسكين . قال : فكان يقول : هي للناس اليوم قائمة . * - حدثنا هناد , قال : ثنا وكيع , عن سفيان , عن منصور , عن مجاهد , عن ابن عباس أنه كان يقرؤها : وعلى الذين يطوقونه فدية طعام مسكين قال : وكان يقول هي للناس اليوم قائمة . 2273 - حدثنا هناد , قال : ثنا قبيصة , عن سفيان , عن منصور , عن مجاهد , عن ابن عباس أنه كان يقرؤها : وعلى الذين يطوقونه ويقول : هو الشيخ الكبير يفطر ويطعم عنه . 2274 - حدثنا محمد بن بشار , قال : ثنا عبد الوهاب , قال : ثنا أيوب , عن عكرمة أنه قال في هذه الآية : وعلى الذين يطوقونه وكذلك كان يقرؤها : أنها ليست منسوخة كلف الشيخ الكبير أن يفطر ويطعم مكان كل يوم مسكينا . 2275 - حدثنا ابن بشار , قال : ثنا محمد بن جعفر , قال : ثنا شعبة , عن أبي بشر , عن سعيد بن جبير أنه قرأ : وعلى الذين يطوقونه 2276 - حدثنا هناد , قال : ثنا وكيع , عن عمران بن حدير , عن عكرمة , قال : الذين يطيقونه يصومونه ولكن الذين يطوقونه يعجزون عنه . 2277 - حدثنا الحسن بن يحيى , قال : أخبرنا عبد الرزاق , قال : أخبرنا ابن جريج قال : حدثني محمد بن عباد بن جعفر , عن أبي عمرو مولى عائشة أن عائشة كانت تقرأ : يطوقونه . 2278 - حدثنا الحسن , قال : أخبرنا عبد الرزاق , قال : أخبرنا ابن جريج , عن عطاء أنه كان يقرؤها : يطوقونه قال ابن جريج : وكان مجاهد يقرؤها كذلك . 2279 - حدثنا حميد بن مسعدة , قال : ثنا بشر بن المفضل , قال : ثنا خالد , عن عكرمة وعلى الذين يطيقونه قال : قال ابن عباس : هو الشيخ الكبير . 2280 - حدثنا إسماعيل بن موسى السدي , قال : أخبرنا شريك , عن سالم , عن سعيد بن جبير , عن ابن عباس : وعلى الذين يطوقونه قال : يتجشمونه , يتكلفونه . * - حدثنا أبو كريب , قال : ثنا ابن إدريس , عن مسلم الملائي , عن مجاهد , عن ابن عباس في قوله : وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين قال : الشيخ الكبير الذي لا يطيق فيفطر ويطعم كل يوم مسكينا . 2281 - حدثني محمد بن عمرو , قال : ثنا أبو عاصم , قال : ثنا عيسى , عن ابن أبي نجيح , عن مجاهد وعطاء عن ابن عباس في قول الله : وعلى الذين يطيقونه قال : يكلفونه , فدية طعام مسكين واحد , قال : فهذه آية منسوخة لا يرخص فيها إلا للكبير الذي لا يطيق الصيام , أو مريض يعلم أنه لا يشفى . * - حدثني المثنى , قال : ثنا أبو حذيفة , قال : ثنا شبل , عن ابن أبي نجيح , عن عمرو بن دينار , عن عطاء , عن ابن عباس , قال : الذين يطيقونه يتكلفونه فدية طعام مسكين واحد ولم يرخص هذا إلا للشيخ الذي لا يطيق الصوم , أو المريض الذي يعلم أنه لا يشفى هذا عن مجاهد . * - حدثني المثنى , قال : ثنا أبو حذيفة , قال : ثنا شبل , عن ابن أبي نجيح , عن مجاهد , عن ابن عباس أنه كان يقول : ليست بمنسوخة . 2282 - حدثني المثنى , قال : ثنا أبو صالح , قال : حدثني معاوية , عن علي بن أبي طلحة , عن ابن عباس في قوله : وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين يقول : من لم يطق الصوم إلا على جهد فله أن يفطر ويطعم كل يوم مسكينا , والحامل والمرضع والشيخ الكبير والذي به سقم دائم . 2283 - حدثنا هناد , قال : ثنا عبيدة , عن منصور , عن مجاهد , عن ابن عباس في قول الله تعالى ذكره : وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين قال : هو الشيخ الكبير والمرء الذي كان يصوم في شبابه , فلما كبر عجز عن الصوم قبل أن يموت , فهو يطعم كل يوم مسكينا . قال هناد : قال عبيدة : قيل لمنصور الذي يطعم كل يوم نصف صاع ؟ قال : نعم . 2284 - حدثنا هناد , قال : ثنا مروان بن معاوية , عن عثمان بن الأسود قال : سألت مجاهدا عن امرأة لي وافق تاسعها شهر رمضان , ووافق حرا شديدا , فأمرني أن تفطر وتطعم . قال : وقال مجاهد : وتلك الرخصة أيضا في المسافر والمريض , فإن الله يقول : وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين . * - حدثنا هناد , قال : ثنا أبو معاوية , عن عاصم , عن عكرمة , عن ابن عباس قال : الحامل والمرضع والشيخ الكبير الذي لا يستطيع الصوم يفطرون في رمضان , ويطعمون عن كل يوم مسكينا . ثم قرأ : وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين . 2285 - حدثنا علي بن سعد الكندي , قال : ثنا حفص عن حجاج , عن أبي إسحاق , عن الحرث , عن علي في قوله : وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين قال : الشيخ الكبير الذي لا يستطيع الصوم يفطر ويطعم مكان كل يوم مسكينا . * - حدثني المثنى , قال : ثنا الحجاج , قال : ثنا حماد , عن عمرو بن دينار , عن عطاء , عن ابن عباس قال : وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين قال : هم الذين يتكلفونه ولا يطيقونه , الشيخ والشيخة . 2286 - حدثني المثنى , قال : ثنا الحجاج , قال : ثنا حماد , عن الحجاج , عن أبي إسحاق , عن الحرث , عن علي قال : هو الشيخ والشيخة . 2287 - حدثني المثنى , قال : ثنا حجاج , قال : ثنا حماد , عن عمران بن حدير , عن عكرمة أنه كان يقرؤها : وعلى الذين يطيقونه فأفطروا . * - حدثني المثنى , قال : ثنا سويد , قال : أخبرنا ابن المبارك , عن عاصم عمن حدثه عن ابن عباس , قال : هي مثبتة للكبير والمرضع والحامل وعلى الذين يطيقون الصيام . 2288 - حدثنا المثنى , قال . ثنا سويد , قال , ثنا ابن المبارك , عن ابن جريج قال : قلت لعطاء : ما قوله : وعلى الذين يطيقونه ؟ قال , بلغنا أن الكبير إذا لم يستطع الصوم يفتدي من كل يوم بمسكين , قلت : الكبير الذي لا يستطيع الصوم , أو الذي لا يستطيعه إلا بالجهد ؟ قال : بل الكبير الذي لا يستطيعه بجهد ولا بشيء , فأما من استطاع بجهد فليصمه ولا عذر له في تركه . 2289 - حدثنا القاسم , قال : ثنا الحسين , قال : حدثني حجاج , عن ابن جريج , قال : أخبرني عبد الله بن أبي يزيد : وعلى الذين يطيقونه الآية , كأنه يعني الشيخ الكبير . قال ابن جريج : وأخبرني ابن طاوس عن أبيه أنه كان يقول : نزلت في الكبير الذي لا يستطيع صيام رمضان فيفتدي من كل يوم بطعام مسكين قلت له : كم طعامه ؟ قال : لا أدري , غير أنه قال : طعام يوم . 2290 - حدثني المثنى , قاله : ثنا سويد , قال : أخبرنا ابن المبارك , عن الحسن بن يحيى , عن الضحاك في قوله : فدية طعام مسكين قال : الشيخ الكبير الذي لا يطيق الصوم يفطر ويطعم كل يوم مسكينا . وأولى هذه الأقوال بتأويل الآية قول من قاله . وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين منسوخ بقول الله تعالى ذكره : فمن شهد منكم الشهر فليصمه لأن الهاء التي في قوله : وعلى الذين يطيقونه من ذكر الصيام . ومعناه : وعلى الذين يطيقون الصيام فدية طعام مسكين . فإذا كان ذلك كذلك , وكان الجميع من أهل الإسلام مجمعين على أن من كان مطيقا من الرجال الأصحاء المقيمين غير المسافرين صوم شهر رمضان فغير جائز له الإفطار فيه والافتداء منه بطعام مسكين , كان معلوما أن الآية منسوخة . هذا مع ما يؤيد هذا القول من الأخبار التي ذكرناها آنفا عن معاذ بن جبل وابن عمر وسلمة بن الأكوع من أنهم كانوا بعد نزول هذه الآية على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم في صوم شهر رمضان بالخيار بين صومه وسقوط الفدية عنهم , وبين الإفطار والافتداء من إفطاره بإطعام مسكين لكل يوم وأنهم كانوا يفعلون ذلك حتى نزلت : فمن شهد منكم الشهر فليصمه فألزموا فرض صومه , وبطل الخيار والفدية . فإن قال قائل : وكيف تدعي إجماعا من أهل الإسلام على أن من أطاق صومه وهو بالصفة التي وصفت فغير جائز له إلا صومه , وقد علمت قول من قال : الحامل والمرضع إذا خافتا على أولادهما لهما الإفطار , وإن أطاقتا الصوم بأبدانهما , مع الخبر الذي روي في ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي : 2291 - حدثنا به هناد بن السري , قال : ثنا قبيصة , عن سفيان , عن أيوب , عن أبي قلابة , عن أنس , قال : أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يتغدى فقال : " تعال أحدثك , إن الله وضع عن المسافر والحامل والمرضع الصوم وشطر الصلاة " . قيل : إنا لم ندع إجماعا في الحامل والمرضع , وإنما ادعينا في الرجال الذين وصفنا صفتهم . فأما الحامل والمرضع فإنما علمنا أنهن غير معنيات بقوله : وعلى الذين يطيقونه وخلا الرجال أن يكونوا معنيين به لأنهن لو كن معنيات بذلك دون غيرهن من الرجال لقيل : وعلى اللواتي يطقنه فدية طعام مسكين ; لأن ذلك كلام العرب إذا أفرد الكلام بالخبر عنهن دون الرجال ; فلما قيل : وعلى الذين يطيقونه كان معلوما أن المعني به الرجال دون النساء , أو الرجال والنساء . فلما صح بإجماع الجميع على أن من أطاق من الرجال المقيمين الأصحاء صوم شهر رمضان فغير مرخص له في الإفطار والافتداء , فخرج الرجال من أن يكونوا معنيين بالآية , وعلم أن النساء لم يردن بها لما وصفنا من أن الخبر عن النساء إذا انفرد الكلام بالخبر عنهن وعلى اللواتي يطقنه , والتنزيل بغير ذلك . وأما الخبر الذي روي عن النبي صلى الله عليه وسلم فإنه إن كان صحيحا , فإنما معناه أنه وضع عن الحامل والمرضع الصوم ما دامتا عاجزتين عنه حتى تطيقا فتقضيا , كما وضع عن المسافر في سفره حتى يقيم فيقضيه , لا أنهما أمرتا بالفدية والإفطار بغير وجوب قضاء , ولو كان في قول النبي صلى الله عليه وسلم : " إن الله وضع عن المسافر والمرضع والحامل الصوم " دلالة على أنه صلى الله عليه وسلم إنما عنى أن الله تعالى ذكره وضع عنهم بقوله : وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين لوجب أن لا يكون على المسافر إذا أفطر في سفره قضاء , وأن لا يلزمه بإفطاره ذلك إلا الفدية ; لأن النبي صلى الله عليه وسلم قد جمع بين حكمه وبين حكم الحامل والمرضع , وذلك قول إن قاله قائل خلاف لظاهر كتاب الله ولما أجمع عليه جميع أهل الإسلام . وقد زعم بعض أهل العربية من أهل البصرة أن معنى قوله : وعلى الذين يطيقونه وعلى الذين يطيقون الطعام , وذلك لتأويل أهل العلم مخالف . وأما قراءة من قرأ ذلك : وعلى الذين يطوقونه فقراءة لمصاحف أهل الإسلام خلاف , وغير جائز لأحد من أهل الإسلام الاعتراض بالرأي على ما نقله المسلمون وراثة عن نبيهم صلى الله عليه وسلم نقلا ظاهرا قاطعا للعذر , لأن ما جاءت به الحجة من الدين هو الحق الذي لا شك فيه أنه من عند الله , ولا يعترض على ما قد ثبت وقامت به حجة أنه من عند الله بالآراء والظنون والأقوال الشاذة . وأما معنى " الفدية " فإنه الجزاء من قولك : فديت هذا بهذا : أي جزيته به , وأعطيته بدلا منه . ومعنى الكلام : وعلى الذين يطيقون الصيام جزاء طعام مسكين لكل يوم أفطره من أيام صيامه الذي كتب عليه . وأما قوله : فدية طعام مسكين فإن القراء مختلفة في قراءته , فبعض يقرأ بإضافة الفدية إلى الطعام , وخفض الطعام ; وذلك قراءة معظم قراء أهل المدينة ; بمعنى : وعلى الذين يطيقونه أن يفدوه طعام مسكين ; فلما جعل مكان أن يفديه الفدية أضيف إلى الطعام , كما يقال : لزمني غرامة درهم لك بمعنى لزمني أن أغرم لك درهما , وآخرون يقرءونه بتنوين الفدية ; ورفع الطعام بمعنى الإبانة في الطعام عن معنى الفدية الواجبة على من أفطر في صومه الواجب , كما يقال لزمني غرامة درهم لك , فتبين بالدرهم عن معنى الغرامة ما هي وما حدها , وذلك قراءة معظم قراء أهل العراق . وأولى القراءتين بالصواب قراءة من قرأ : " فدية طعام " بإضافة الفدية إلى الطعام , لأن الفدية اسم للفعل , وهي غير الطعام المفدى به الصوم . وذلك أن الفدية مصدر من قول القائل : فديت صوم هذا اليوم بطعام مسكين , أفديه فدية , كما يقال : جلست جلسة , ومشيت مشية , والفدية فعل والطعام غيرها . فإذا كان ذلك كذلك , فبين أن أصح القراءتين إضافة الفدية إلى الطعام , وواضح خطأ قول من قال : إن ترك إضافة الفدية إلى الطعام أصح في المعنى من أجل أن الطعام عنده هو الفدية . فيقال لقائل ذلك : قد علمنا أن الفدية مقتضية مفديا ومفديا به وفدية , فإن كان الطعام هو الفدية والصوم هو المفدي به , فأين اسم فعل المفتدي الذي هو فدية ؟ إن هذا القول خطأ بين غير مشكل . وأما الطعام فإنه مضاف إلى المسكين والقراء في قراءة ذلك مختلفون , فقرأه بعضهم بتوحيد المسكين بمعنى : وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين واحد لكل يوم أفطره . كما : 2292 - حدثني محمد بن يزيد الرفاعي , قال : ثنا حسين الجعفي , عن أبي عمرو : أنه قرأ " فدية " رفع منون " طعام " رفع بغير تنوين " مسكين " . وقال : عن كل يوم مسكين . وعلى ذلك عظم قراء أهل العراق . وقرأه آخرون بجمع المساكين : فدية طعام مساكين بمعنى : وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مساكين عن الشهر إذا أفطر الشهر كله . كما : 2293 - حدثنا أبو هشام محمد بن يزيد الرفاعي , عن يعقوب , عن بشار , عن عمرو , عن الحسن : طعام مساكين عن الشهر كله . وأعجب القراءتين إلي في ذلك قراءة من قرأ طعام مسكين على الواحد بمعنى : وعلى الذين يطيقونه عن كل يوم أفطروه فدية طعام مسكين ; لأن في إبانة حكم المفطر يوما واحدا وصولا إلى معرفة حكم المفطر جميع الشهر وليس في إبانة حكم المفطر جميع الشهر وصول إلى إبانة حكم المفطر يوما واحدا وأياما هي أقل من أيام جميع الشهر , وأن كل واحد يترجم عن الجميع وأن الجميع لا يترجم به عن الواحد , فلذلك اخترنا قراءة ذلك بالتوحيد . واختلف أهل العلم في مبلغ الطعام الذي كانوا يطعمون في ذلك إذا أفطروا , فقال بعضهم : كان الواجب من طعام المسكين لإفطار اليوم الواحد نصف صاع من قمح . وقال بعضهم : كان الواجب من طعام المسكين لإفطار اليوم مدا من قمح ومن سائر أقواتهم . وقال بعضهم : كان ذلك نصف صاع من قمح أو صاعا من تمر أو زبيب . وقال بعضهم : ما كان المفطر يتقوته يومه الذي أفطره . وقال بعضهم : كان ذلك سحورا وعشاء يكون للمسكين إفطارا . وقد ذكرنا بعض هذه المقالات فيما مضى قبل فكرهنا إعادة ذكرها .فمن تطوع خيرا فهو خير لهالقول في تأويل قوله تعالى : فمن تطوع خيرا فهو خير له اختلف أهل التأويل في تأويل ذلك , فقال بعضهم بما : 2294 - حدثنا محمد بن عمرو , قال : ثنا أبو عاصم , قال : ثنا عيسى عن ابن أبي نجيح , عن مجاهد وعطاء , عن ابن عباس : فمن تطوع خيرا فزاد طعام مسكين آخر فهو خير له , وأن تصوموا خير لكم . * - حدثني المثنى , قال : ثنا أبو حذيفة , قال : ثنا شبل , عن ابن أبي نجيح , عن عمرو بن دينار , عن عطاء , عن ابن عباس مثله . 2295 - حدثنا هناد , قال : ثنا وكيع عن سفيان , عن خصيف , عن مجاهد في قوله : فمن تطوع خيرا قال , من أطعم المسكين صاعا . 2296 - حدثني المثنى , قال : حدثنا سويد , قال : أخبرنا ابن المبارك , عن معمر , عن ابن طاوس , عن أبيه : فمن تطوع خيرا فهو خير له قال : إطعام مساكين عن كل يوم فهو خير له . * - حدثني المثنى , قال : حدثنا سويد , قال : أخبرنا ابن المبارك , عن حنظلة , عن طاوس : فمن تطوع خيرا قال : طعام مسكين . * - حدثني المثنى , قال : حدثنا سويد , قال : أخبرنا ابن المبارك , عن حنظلة , عن طاوس نحوه . * - حدثنا محمد بن بشار , قال : حدثنا عبد الرحمن , قال : ثنا سفيان , عن ليث عن طاوس : فمن تطوع خيرا قال : طعام مسكين . * - حدثني المثنى , قال : ثنا حجاج . قال : حدثنا حماد , عن ليث , عن طاوس , مثله . 2297 - حدثنا أبو كريب , قال : ثنا عمر بن هارون , قال : ثنا ابن جريج , عن عطاء أنه قرأ : فمن تطوع بالتاء خفيفة [ الطاء ] خيرا , قال : زاد على مسكين . 2298 - حدثني موسى بن هارون , قال : ثنا عمرو , قال : ثنا أسباط , عن السدي : فمن تطوع خيرا فهو خير له فإن أطعم مسكينين فهو خير له . * - حدثنا القاسم , قال : ثنا الحسين , قال : حدثني حجاج , قال : قال ابن جريج : أخبرني ابن طاوس عن أبيه : فمن تطوع خيرا فهو خير له قال : من أطعم مسكينا آخر . وقال آخرون : معنى ذلك : فمن تطوع خيرا فصام مع الفدية . ذكر من قال ذلك : 2299 - حدثني المثنى , قال : ثنا أبو صالح , قال : حدثني الليث , قال : أخبرني يونس , عن ابن شهاب : فمن تطوع خيرا فهو خير له يريد أن من صام مع الفدية فهو خير له . وقال آخرون : معنى ذلك : فمن تطوع خيرا فزاد المسكين على قدر طعامه . ذكر من قال ذلك : 2300 - حدثنا القاسم , قال : ثنا الحسين , قال : حدثني حجاج , قال : قال ابن جريج , قال مجاهد : فمن تطوع خيرا فزاد طعاما فهو خير له . والصواب من القول في ذلك عندنا أن الله تعالى ذكره عمم بقوله : فمن تطوع خيرا فلم يخصص بعض معاني الخير دون بعض , فإن جمع الصوم مع الفدية من تطوع الخير وزيادة مسكين على جزاء الفدية من تطوع الخير . وجائز أن يكون تعالى ذكره عنى بقوله : فمن تطوع خيرا أي هذه المعاني تطوع به المفتدي من صومه فهو خير له لأن كل ذلك من تطوع الخير ونوافل الفضل .وأن تصوموا خير لكمالقول في تأويل قوله تعالى : وأن تصوموا خير لكم إن كنتم تعلمون يعني تعالى ذكره بقوله : وأن تصوموا ما كتب عليكم من شهر رمضان فهو خير لكم من أن تفطروه وتفتدوا . كما : 2301 - حدثني موسى بن هارون , قال : ثنا عمرو بن حماد , قال : ثنا أسباط , عن السدي : وأن تصوموا خير لكم ومن تكلف الصيام فصامه فهو خير له . 2302 - حدثني المثنى , قال : ثنا أبو صالح , قال : حدثني الليث قال : حدثني يونس , عن ابن شهاب : وأن تصوموا خير لكم أي أن الصيام خير لكم من الفدية . 2303 - حدثني محمد بن عمرو , قال : ثنا أبو عاصم , قال : ثنا عيسى , عن ابن أبي نجيح , عن مجاهد : وأن تصوموا خير لكم .إن كنتم تعلمونوأما قوله : إن كنتم تعلمون فإنه يعني : إن كنتم تعلمون خير الأمرين لكم أيها الذين آمنوا من الإفطار والفدية أو الصوم على ما أمركم الله به .
شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِیْۤ اُنْزِلَ فِیْهِ الْقُرْاٰنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَ بَیِّنٰتٍ مِّنَ الْهُدٰى وَ الْفُرْقَانِۚ-فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْیَصُمْهُؕ-وَ مَنْ كَانَ مَرِیْضًا اَوْ عَلٰى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ اَیَّامٍ اُخَرَؕ-یُرِیْدُ اللّٰهُ بِكُمُ الْیُسْرَ وَ لَا یُرِیْدُ بِكُمُ الْعُسْرَ٘-وَ لِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَ لِتُكَبِّرُوا اللّٰهَ عَلٰى مَا هَدٰىكُمْ وَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُوْنَ(۱۸۵)
رمضان کا مہینہ جس میں قرآن اترا (ف۳۳۱) لوگوں کے لئے ہدایت اور رہنمائی اور فیصلہ کی روشن باتیں تو تم میں جو کوئی یہ مہینہ پائے، ضرور اس کے روزے رکھے اور جو بیمار یا سفر میں ہو تو اتنے روزے اور دنوں میں اللہ تم پر آسانی چاہتا ہے اور تم پر دشواری نہیں چاہتا اور اس لئے کہ تم گنتی پوری کرو (ف۳۳۲) اور اللہ کی بڑائی بولو اس پر کہ اس نے تمہیں ہدایت کی اور کہیں تم حق گزار ہو،
شهر رمضانالقول في تأويل قوله تعالى : شهر رمضان قال أبو جعفر : الشهر فيما قيل أصله من الشهرة , يقال منه : قد شهر فلان سيفه إذا أخرجه من غمده فاعترض به من أراد ضربه , يشهره شهرا وكذلك شهر الشهر إذا طلع هلاله , وأشهرنا نحن إذا دخلنا في الشهر . وأما رمضان فإن بعض أهل المعرفة بلغة العرب كان يزعم أنه سمي بذلك لشدة الحر الذي كان يكون فيه حتى ترمض فيه الفصال كما يقال للشهر الذي يحج فيه ذو الحجة , والذي يرتبع فيه ربيع الأول وربيع الآخر . وأما مجاهد فإنه كان يكره أن يقال رمضان ويقول : لعله اسم من أسماء الله . 2304 - حدثني المثنى , قال : ثنا أبو نعيم , قال : ثنا سفيان , عن مجاهد أنه كره أن يقال رمضان , ويقول : لعله اسم من أسماء الله , لكن نقول كما قال الله : شهر رمضان وقد بينت فيما مضى أن " شهر " مرفوع على قوله : أياما معدودات , هن شهر رمضان , وجائز أن يكون رفعه بمعنى ذلك شهر رمضان , وبمعنى كتب عليكم شهر رمضان . وقد قرأه بعض القراء : شهر رمضان نصبا , بمعنى : كتب عليكم الصيام أن تصوموا شهر رمضان . وقرأه بعضهم نصبا بمعنى أن تصوموا شهر رمضان خير لكم إن كنتم تعلمون وقد يجوز أيضا نصبه على وجه الأمر بصومه كأنه قيل : شهر رمضان فصوموه , وجائز نصبه على الوقت كأنه قيل : كتب عليكم الصيام في شهر رمضان .الذي أنزل فيه القرآنوأما قوله , الذي أنزل فيه القرآن فإنه ذكر أنه نزل في ليلة القدر من اللوح المحفوظ إلى سماء الدنيا في ليلة القدر من شهر رمضان , ثم أنزل إلى محمد صلى الله عليه وسلم على ما أراد الله إنزاله إليه . كما : 2305 - حدثنا أبو كريب , قال : ثنا أبو بكر بن عياش , عن الأعمش , عن حسان بن أبي الأشرس عن سعيد بن جبير , عن ابن عباس قال : أنزل القرآن جملة من الذكر في ليلة أربع وعشرين من رمضان , فجعل في بيت العزة . قال أبو كريب : أبو بكر , وقال ذلك السدي . 2306 - حدثني عيسى بن عثمان , قال : ثنا يحيى بن عيسى , عن الأعمش , عن حسان , عن سعيد بن جبير , قال : نزل القرآن جملة واحدة في ليلة القدر في شهر رمضان , فجعل في سماء الدنيا . 2307 - حدثنا أحمد بن منصور , قال : ثنا عبد الله بن رجاء , قال : ثنا عمران القطان , عن قتادة , عن ابن أبي المليح عن واثلة , عن النبي صلى الله عليه وسلم , قال : " نزلت صحف إبراهيم أول ليلة من شهر رمضان , وأنزلت التوراة لست مضين من رمضان , وأنزل الإنجيل لثلاث عشرة خلت , وأنزل القرآن لأربع وعشرين من رمضان " . 2308 - حدثني موسى , قال : ثنا عمرو , قال : ثنا أسباط , عن السدي : شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن , أما أنزل فيه القرآن , فإن ابن عباس قال : شهر رمضان , والليلة المباركة : ليلة القدر , فإن ليلة القدر هي الليلة المباركة , وهي من رمضان , نزل القرآن جملة واحدة من الزبر إلى البيت المعمور , وهو مواقع النجوم , في السماء الدنيا حيث وقع القرآن , ثم نزل محمد صلى الله عليه وسلم بعد ذلك في الأمر والنهي وفي الحروب رسلا رسلا . 2309 - حدثنا ابن المثنى , قال : ثنا عبد الوهاب , قال : ثنا داود , عن عكرمة , عن ابن عباس , قال : أنزل الله القرآن إلى السماء الدنيا في ليلة القدر , فكان الله إذا أراد أن يوحي منه شيئا أوحاه , فهو قوله : إنا أنزلناه في ليلة القدر 97 1 2310 - حدثنا ابن المثنى , قال : ثنا ابن أبي عدي , عن داود , عن عكرمة , عن ابن عباس فذكر نحوه , وزاد فيه : فكان بين أوله وآخره عشرون سنة . 2311 - حدثنا ابن المثنى , قال : ثنا عبد الأعلى , قال : ثنا داود , عن عكرمة , عن ابن عباس , قال : أنزل القرآن كله جملة واحدة في ليلة القدر في رمضان إلى السماء الدنيا , فكان الله إذا أراد أن يحدث في الأرض شيئا أنزله منه حتى جمعه . 2312 - حدثني يعقوب , قال : ثنا هشيم , قال : أخبرنا حصين , عن حكيم بن جبير , عن سعيد بن جبير , عن ابن عباس قال : أنزل القرآن في ليلة القدر من السماء العليا إلى السماء جملة واحدة , ثم فرق في السنين بعد قال : وتلا ابن عباس هذه الآية : فلا أقسم بمواقع النجوم 56 57 قال : نزل مفرقا . 2313 - حدثنا يعقوب , قال : ثنا ابن علية , عن داود , عن الشعبي , قال : بلغنا أن القرآن نزل جملة واحدة إلى السماء الدنيا . 2314 - حدثني المثنى , قال : ثنا سويد بن نصر , قال : أخبرنا ابن المبارك , قرأه ابن جريج في قوله : شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن قال : قال ابن عباس : أنزل القرآن جملة واحدة على جبريل في ليلة القدر , فكان لا ينزل منه إلا بأمر . قال ابن جريج : كان ينزل من القرآن في ليلة القدر كل شيء ينزل من القرآن في تلك السنة , فنزل ذلك من السماء السابعة على جبريل في السماء الدنيا فلا ينزل جبريل من ذلك على محمد إلا ما أمره به ربه ومثل ذلك : إنا أنزلناه في ليلة القدر 97 1 و إنا أنزلناه في ليلة مباركة 44 3 2315 - حدثني المثنى , قال : ثنا إسحاق , قال : ثنا عبيد الله بن موسى , عن إسرائيل , عن السدي , عن محمد بن أبي المجالد , عن مقسم , عن ابن عباس قال له رجل : إنه قد وقع في قلبي الشك من قوله : شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن وقوله : إنا أنزلناه في ليلة مباركة وقوله : إنا أنزلناه في ليلة القدر وقد أنزل الله في شوال وذي القعدة وغيره قال : إنما أنزل في رمضان في ليلة القدر وليلة مباركة جملة واحدة , ثم أنزل على مواقع النجوم رسلا في الشهور والأيام .هدى للناسوأما قوله هدى للناس فإنه يعني رشادا للناس إلى سبيل الحق وقصد المنهج .وبينات من الهدىوأما قوله : وبينات فإنه يعني : وواضحات من الهدى , يعني من البيان الدال على حدود الله وفرائضه وحلاله وحرامه .والفرقانوقوله : والفرقان يعني : والفصل بين الحق والباطل . كما : 2316 - حدثني موسى بن هارون , قال : ثنا عمرو بن حماد , قال : ثنا أسباط , عن السدي : أما وبينات من الهدى والفرقان فبينات من الحلال والحرام .فمن شهد منكم الشهر فليصمهالقول في تأويل قوله تعالى : فمن شهد منكم الشهر فليصمه / اختلف أهل التأويل في معنى شهود الشهر . فقال بعضهم : هو مقام المقيم في داره , قالوا : فمن دخل عليه شهر رمضان وهو مقيم في داره فعليه صوم الشهر كله , غاب بعد مسافر أو أقام فلم يبرح . ذكر من قال ذلك : 2317 - حدثني محمد بن حميد ومحمد بن عيسى الدامغاني قالا , ثنا ابن المبارك , عن الحسن بن يحيى , عن الضحاك , عن ابن عباس في قوله : فمن شهد منكم الشهر فليصمه قال : هو إهلاله بالدار . يريد إذا هل وهو مقيم . 2318 - حدثني يعقوب بن إبراهيم , قال : ثنا هشيم , قال : أخبرنا حصين , عمن حدثه , عن ابن عباس أنه قال في قوله : فمن شهد منكم الشهر فليصمه فإذا شهده وهو مقيم فعليه الصوم أقام أو سافر , وإن شهده وهو في سفر , فإن شاء صام وإن شاء فطر . 2319 - حدثني يعقوب , قال : ثنا ابن علية , عن أيوب , عن محمد , عن عبيدة في الرجل يدركه رمضان ثم يسافر , قال : إذا شهدت أوله فصم آخره , ألا تراه يقول : فمن شهد منكم الشهر فليصمه * - حدثني يعقوب قال : ثنا ابن علية , عن هشام القردوسي عن محمد بن سيرين , قال : سألت عبيدة , عن رجل أدرك رمضان وهو مقيم , قال : من صام أول الشهر فليصم آخره , ألا تراه يقول : فمن شهد منكم الشهر فليصمه 2320 - حدثني موسى , قال : ثنا عمرو , قال : ثنا أسباط , عن السدي : أما من شهد منكم الشهر فليصمه , فمن دخل عليه رمضان وهو مقيم في أهله فليصمه , وإن خرج فيه فليصمه فإنه دخل عليه وهو في أهله . 2321 - حدثني المثنى , , قال : ثنا حجاج , قال : ثنا حماد قال : أخبرنا قتادة , عن محمد بن سيرين , عن عبيدة السلماني , عن علي فيما يحسب حماد قال : من أدرك رمضان وهو مقيم ولم يخرج فقد لزمه الصوم , لأن الله يقول : فمن شهد منكم الشهر فليصمه * - حدثنا هناد بن السري . قال : ثنا عبد الرحمن , عن إسماعيل بن مسلم , عن محمد بن سيرين , قال : سألت عبيدة السلماني عن قول الله : فمن شهد منكم الشهر فليصم قال : من كان مقيما فليصمه , ومن أدركه ثم سافر فيه فليصمه . * - حدثنا هناد قال : ثنا وكيع , عن ابن عون , عن ابن سيرين , عن عبيدة , قال : من شهد أول رمضان فليصم آخره . * - حدثنا هناد , قال : ثنا عبدة , عن سعيد بن أبي عروبة عن قتادة أن عليا كان يقول : إذا أدركه رمضان وهو مقيم ثم سافر فعليه الصوم . 2322 - حدثنا هناد , قال : ثنا عبد الرحيم , عن عبيدة الضبي , عن إبراهيم قال : كان يقول : إذا أدركك رمضان فلا تسافر فيه , فإن صمت فيه يوما أو اثنين ثم سافرت فلا تفطر صمه . 2323 - حدثنا ابن المثنى , قال : ثنا محمد بن جعفر , قال : ثنا شعبة , عن عمرو بن مرة , عن أبي البختري . قال : كنا عند عبيدة . فقرأ هذه الآية : فمن شهد منكم الشهر فليصمه قال : من صام شيئا منه في المصر فليصم بقيته إذا خرج قال : وكان ابن عباس يقول : إن شاء صام , وإن شاء أفطر . 2324 - حدثنا محمد بن بشار , قال , ثنا عبد الوهاب , وحدثني يعقوب بن إبراهيم , قال : ثنا ابن علية , قالا جميعا ثنا أيوب , عن أبي يزيد , عن أم درة قالت : أتيت عائشه في رمضان , قالت : من أين جئت ؟ قلت : من عند أخي حنين , قالت : ما شأنه ؟ قالت : ودعته يريد يرتحل , قالت : فأقرئيه السلام ومريه فليقم , فلو أدركني رمضان وأنا ببعض الطريق لأقمت له . 2325 - حدثنا هناد , قال , ثنا إسحاق بن عيسى , عن أفلح , عن عبد الرحمن , قال : جاء إبراهيم بن طلحة إلى عائشة يسلم عليها , قالت : وأين تريد ؟ قال : أردت العمرة , قالت : فجلست حتى إذا دخل عليك الشهر خرجت فيه قال : قد خرج ثقلي , قالت . اجلس حتى إذا أفطرت فاخرج . يعني شهر رمضان . وقال آخرون : معنى ذلك : فمن شهد منكم الشهر فليصمه ما شهد منه . ذكر من قال ذلك : 2326 - حدثنا هناد بن السري , قال : ثنا شريك , عن أبي إسحاق : أن أبا ميسرة خرج في رمضان حتى إذا بلغ القنطرة دعا ماء فشرب . 2327 - حدثنا هناد , قال : حدثنا جرير , عن مغيرة , قال : خرج أبو ميسرة في رمضان مسافرا , فمر بالفرات وهو صائم , فأخذ منه كفا فشربه وأفطر . 2328 - حدثنا هناد , قال : ثنا وكيع , عن سفيان , عن أبي إسحاق , عن مرثد : أن أبا ميسرة سافر في رمضان فأفطر عند باب الجسر هكذا قال هناد عن مرثد , وإنما هو أبو مرثد . * - حدثني محمد بن عمارة الأسدي قال ثنا عبيد الله بن موسى , قال : أخبرنا إسرائيل عن أبي إسحاق , عن مرثد : أنه خرج مع أبي ميسرة في رمضان , فلما انتهى إلى الجسر أفطر . 2329 - حدثنا هناد وأبو هشام قالا : ثنا وكيع , عن المسعودي , عن الحسن بن سعد , عن أبيه , قال : كنت مع علي في ضيعة له على ثلاث من المدينة , فخرجنا نريد المدينة في شهر رمضان وعلي راكب وأنا ماش , قال : فصام - قال هناد : وأفطرت - قال أبو هشام : وأمرني فأفطرت . * - حدثنا هناد , قال : ثنا عبد الرحمن بن عتبة , عن الحسن بن سعد , عن أبيه قال : كنت مع علي بن أبي طالب , وهو جاء من أرض له فصام , وأمرني فأفطرت فدخل المدينة ليلا وكان راكبا وأنا ماش . 2330 - حدثنا هناد , قال : ثنا وكيع , وحدثنا ابن بشار , قال : ثنا ابن مهدي , قالا جميعا : ثنا سفيان , عن عيسى بن أبي عزة , عن الشعبي أنه سافر في شهر رمضان , فأفطر عند باب الجسر . 2331 - حدثني ابن بشار , قال : ثنا عبد الرحمن قال : قال لي سفيان : أحب إلي أن تتمه . 2332 - حدثنا ابن المثنى , قال : ثنا محمد بن جعفر , عن شعبة , قال : سألت الحكم وحمادا وأردت أن أسافر في رمضان فقالا لي : اخرج وقال حماد : قال إبراهيم : أما إذا كان العشر فأحب إلي أن يقيم . 2333 - حدثنا ابن المثنى , قال : ثنا أبو الوليد , قال : ثنا حماد , عن قتادة , عن الحسن وسعيد بن المسيب قالا : من أدركه الصوم وهو مقيم رمضان ثم سافر , قالا : إن شاء أفطر . وقال آخرون : فمن شهد منكم الشهر فليصمه يعني فمن شهده عاقلا بالغا مكلفا فليصمه . وممن قال ذلك أبو حنيفة وأصحابه , كانوا يقولون : من دخل عليه شهر رمضان وهو صحيح عاقل بالغ فعليه صومه , فإن جن بعد دخوله عليه وهو بالصفة التي وصفنا ثم أفاق بعد انقضائه لزمه قضاء ما كان فيه من أيام الشهر مغلوبا على عقله , لأنه كان ممن شهده وهو ممن عليه فرض قالوا : وكذلك لو دخل عليه شهر رمضان وهو مجنون إلا أنه ممن لو كان صحيح العقل كان عليه صومه , فلن ينقضي الشهر حتى صح وبرأ أو أفاق قبل انقضاء الشهر بيوم أو أكثر من ذلك فإن عليه قضاء صوم الشهر كله سوى اليوم الذي صامه بعد إفاقته , لأنه ممن قد شهد الشهر قالوا : ولو دخل عليه شهر رمضان وهو مجنون فلم يفق حتى انقضى الشهر كله ثم أفاق لم يلزمه قضاء شيء منه , لأنه لم يكن ممن شهده مكلفا صومه 1 2 وهذا تأويل لا معنى له , لأن الجنون إن كان يسقط عمن كان به فرض الصوم من أجل فقد صاحبه عقله جميع الشهر فقد يجب أن يكون ذلك سبيل كل من فقد عقله جميع شهر الصوم . وقد أجمع الجميع على أن من فقد عقله جميع شهر الصوم بإغماء أو برسام ثم أفاق بعد انقضاء الشهر أن عليه قضاء الشهر كله ولم يخالف ذلك أحد يجوز الاعتراض به على الأمة وإذا كان إجماعا فالواجب أن يكون سبيل كل من كان زائل العقل جميع شهر الصوم سبيل المغمى عليه . وإذا كان ذلك كذلك كان معلوما أن تأويل الآية غير الذي تأولها قائلو هذه المقالة من أنه شهود الشهر أو بعضه مكلفا صومه . وإذا بطل ذلك فتأويل المتأول الذي زعم أن معناه : فمن شهد أوله مقيما حاضرا فعليه صوم جميعه أبطل وأفسد لتظاهر الأخبار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه خرج عام الفتح من المدينة في شهر رمضان بعد ما صام بعضه وأفطر وأمر أصحابه بالإفطار . 2334 - حدثنا هناد , قال : ثنا أبو الأحوص , عن منصور , عن مجاهد , عن ابن عباس , قال : " سافر رسول الله صلى الله عليه وسلم في رمضان من المدينة إلى مكة , حتى إذا أتى عسفان نزل به , فدعا بإناء فوضعه على يده ليراه الناس , ثم شربه " . * - حدثنا ابن حميد وسفيان بن وكيع قالا : ثنا جرير , عن منصور , عن مجاهد , عن طاوس , عن ابن عباس , عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بنحوه . * - حدثنا هناد , ثنا عبيدة , عن منصور , عن مجاهد , عن طاوس , عن ابن عباس عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بنحوه . 2335 - حدثنا هناد وأبو كريب , قالا : ثنا يونس بن بكير قال : ثنا ابن إسحاق , قال حدثني الزهري , عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة , عن ابن عباس قال : مضى رسول الله صلى الله عليه وسلم لسفره عام الفتح لعشر مضين من رمضان , فصام رسول الله صلى الله عليه وسلم وصام الناس معه , حتى إذا أتى الكديد ما بين عسفان وأمج وأفطر . * - حدثنا هناد وأبو كريب , قالا : ثنا عبدة , عن محمد بن إسحاق , عن الزهري , عن عبيد الله بن عبد الله , عن ابن عباس قال : خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم لعشر أو لعشرين مضت من رمضان عام الفتح , فصام حتى إذا كان بالكديد أفطر . 2336 - حدثنا ابن بشار , قال : ثنا سالم بن نوح , قال : ثنا عمر بن عامر , عن قتادة , عن أبي نضرة , عن أبي سعيد الخدري , قال : خرجنا مع النبي صلى الله عليه وسلم لثمان عشرة مضت من رمضان , فمنا الصائم , ومنا المفطر , فلم يعب المفطر على الصائم , ولا الصائم على المفطر . فإذا كانا فاسدين هذان التأويلان بما عليه دللنا من فسادهما , فتبين أن الصحيح من التأويل هو الثالث , وهو قول من قال : فمن شهد منكم الشهر فليصمه جميع ما شهد منه مقيما , ومن كان مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر .ومن كان مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخرالقول في تأويل قوله تعالى : ومن كان مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر يعني تعالى ذكره بذلك : ومن كان مريضا أو على سفر في الشهر فأفطر فعليه صيام عدة الأيام التي أفطرها من أيام أخر غير أيام شهر رمضان . ثم اختلف أهل العلم في المرض الذي أباح الله معه الإفطار وأوجب معه عدة من أيام أخر فقال بعضهم : هو المرض الذي لا يطيق صاحبه معه القيام لصلاته . ذكر من قال ذلك : 2337 - حدثنا معاذ بن شعبة البصري , قال : ثنا شريك , عن مغيرة , عن إبراهيم وإسماعيل بن مسلم , عن الحسن أنه قال : إذا لم يستطع المريض أن يصلي قائما أفطر . 2338 - حدثني يعقوب قال : ثنا هشيم , عن مغيرة أو عبيدة , عن إبراهيم في المريض إذا لم يستطع الصلاة قائما : فليفطر يعني في رمضان . 2339 - حدثنا هناد , قال : ثنا حفص بن غياث , عن إسماعيل , قال : سألت الحسن : متى يفطر الصائم ؟ قال : إذا أجهده الصوم , قال : إذا لم يستطع أن يصلي الفرائض كما أمر . وقال بعضهم : وهو كل مرض كان الأغلب من أمر صاحبه بالصوم الزيادة في علته زيادة غير محتملة وذلك هو قول محمد بن إدريس الشافعي , حدثنا بذلك عنه الربيع . وقال آخرون : وهو [ كل ] مرض يسمى مرضا . ذكر من قال ذلك : 2340 - حدثنا محمد بن المثنى , قال : ثنا الحسن بن خالد الربعي , قال : ثنا طريف بن تمام العطاردي , أنه دخل على محمد بن سيرين في رمضان وهو يأكل فلم يسأله , فلما فرغ قال : إنه وجعت إصبعي هذه . والصواب من القول في ذلك عندنا , أن المرض الذي أذن الله تعالى ذكره بالإفطار معه في شهر رمضان من كان الصوم جاهده جهدا غير محتمل , فكل من كان كذلك فله الإفطار وقضاء عدة من أيام أخر وذلك أنه إذا بلغ ذلك الأمر , فإن لم يكن مأذونا له في الإفطار فقد كلف عسرا ومنع يسرا , وذلك غير الذي أخبر الله أنه أراده بخلقه بقوله : يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر . وأما من كان الصوم غير جاهده , فهو بمعنى الصحيح الذي يطيق الصوم , فعليه أداء فرضه . وأما قوله : فعدة من أيام أخر فإن معناها : أيام معدودة سوى هذه الأيام . وأما الأخر فإنها جمع أخرى بجمعهم الكبرى على الكبر والقربى على القرب . فإن قال قائل : أو ليست الأخر من صفة الأيام ؟ قيل : بلى فإن قال : أو ليس واحد الأيام يوم وهو مذكر ؟ قيل : بلى . فإن قال : فكيف يكون واحد الأخر أخرى وهي صفة لليوم ولم يكن آخر ؟ قيل : إن واحد الأيام وإن كان إذا نعت بواحد الأخر فهو آخر , فإن الأيام في الجمع تصير إلى التأنيث فتصير نعوتها وصفاتها كهيئة صفات المؤنث , كما يقال : مضت الأيام جمع , ولا يقال : أجمعون , ولا أيام آخرون . فإن قال لنا قائل : فإن الله تعالى قال : فمن كان منكم مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر ومعنى ذلك عندك : فعليه عدة من أيام أخر كما قد وصفت فيما مضى . فإن كان ذلك تأويله , فما قولك فيمن كان مريضا أو على سفر فصام الشهر وهو ممن له الإفطار , أيجزيه ذلك من صيام عدة من أيام أخر , أو غير مجزيه ذلك ؟ وفرض صوم عدة من أيام أخر ثابت عليه بهيئته وإن صام الشهر كله , وهل لمن كان مريضا أو على سفر صيام شهر رمضان , أم ذلك محظور عليه , وغير جائز له صومه , والواجب عليه الإفطار فيه حتى يقيم هذا ويبرأ هذا ؟ قيل : قد اختلف أهل العلم في كل ذلك , ونحن ذاكرو اختلافهم في ذلك , ومخبرون بأولاه بالصواب إن شاء الله . فقال بعضهم : الإفطار في المرض عزمة من الله واجبة , وليس بترخيص . ذكر من قال ذلك : 2341 - حدثنا محمد بن بشار , قال : ثنا ابن أبي عدي , وحدثني يعقوب بن إبراهيم , قال : ثنا ابن علية جميعا , عن سعيد , عن قتادة , عن جابر بن زيد , عن ابن عباس , قال : الإفطار في السفر عزمة . 2342 - حدثني محمد بن المثنى , قال : ثنا وهب بن جرير , قال : أخبرنا سعيد , عن يعلى , عن يوسف بن الحكم , قال : سألت ابن عمر , أو سئل عن الصوم في السفر , فقال : أرأيت لو تصدقت على رجل بصدقة فردها عليك ألم تغضب ؟ فإنها صدقة من الله تصدق بها عليكم . 2343 - حدثنا نصر بن عبد الرحمن الأزدي , قال : ثنا المحاربي عن عبد الملك بن حميد , قال : قال أبو جعفر كان أبي لا يصوم في السفر وينهى عنه . 2344 - وحدثنا ابن حميد , قال : ثنا يحيى بن واضح , قال : ثنا عبيد , عن الضحاك : أنه كره الصوم في السفر . وقال أهل هذه المقالة : من صام في السفر فعليه القضاء إذا قام . ذكر من قال ذلك : 2345 - حدثنا نصر بن علي الخثعمي , قال : ثنا مسلم بن إبراهيم قال : ثنا ربيعة بن كلثوم , عن أبيه , عن رجل : أن عمر أمر الذي صام في السفر أن يعيد . * - حدثنا محمد بن المثنى , قال : ثنا محمد بن أبي عدي , عن سعيد بن عمرو بن دينار , عن رجل من بني تميم عن أبيه , قال : أمر عمر رجلا صام في السفر أن يعيد صومه . 2346 - حدثني ابن حميد الحمصي , قال : ثنا علي بن معبد , عن عبيد الله بن عمرو , عن عبد الكريم , عن عطاء , عن المحرر بن أبي هريرة , قال : كنت مع أبي في سفر في رمضان , فكنت أصوم ويفطر , فقال لي أبي : أما إنك إذا أقمت قضيت . 2347 - حدثنا محمد بن المثنى , قال : ثنا سليمان بن داود , قال : ثنا شعبة , عن عاصم مولى قريبة , قال : سمعت عروة يأمر رجلا صام في السفر أن يقضي . * - حدثنا ابن المثنى , قال : ثنا عبد الصمد , قال : ثنا شعبة , عن عاصم مولى قريبة أن رجلا صام في السفر فأمره عروة أن يقضي . 2348 - حدثنا أبو كريب , قال : ثنا ابن صبيح , قال : ثنا ربيعة بن كلثوم , عن أبيه كلثوم : أن قوما قدموا على عمر بن الخطاب وقد صاموا رمضان في سفر , فقال لهم : والله لكأنكم كنتم تصومون ! فقالوا : والله يا أمير المؤمنين لقد صمنا , قال : فأطقتموه ؟ قالوا : نعم , قال : فاقضوه فاقضوه فاقضوه . وعلة من قال هذه المقالة أن الله تعالى ذكره فرض بقوله : فمن شهد منكم الشهر فليصمه صوم شهر رمضان على من شهده مقيما غير مسافر , وجعل على من كان مريضا أو مسافرا صوم عدة من أيام أخر غير أيام شهر رمضان بقوله : ومن كان مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر قالوا : فكما غير جائز للمقيم إفطار أيام شهر رمضان وصوم عدة أيام أخر مكانها , لأن الذي فرضه الله عليه بشهوده الشهر صوم الشهر دون غيره , فكذلك غير جائز لمن لم يشهده من المسافرين مقيما صومه , لأن الذي فرضه الله عليه عدة من أيام أخر واعتلوا أيضا من الخبر بما : 2349 - حدثنا به محمد بن عبد الله بن سعيد الواسطي , قال : ثنا يعقوب بن محمد الزهري , قال : ثنا عبيد الله بن موسى , عن أسامة بن زيد , عن الزهري , عن أبي سلمة بن عبد الرحمن , عن عبد الرحمن بن عوف , قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " الصائم في السفر كالمفطر في الحضر " . * - حدثني محمد بن عبيد الله بن سعيد , قال : ثنا يزيد بن عياض , عن الزهري , عن أبي سلمة بن عبد الرحمن , عن أبيه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " الصائم في السفر كالمفطر في الحضر " . وقال آخرون : إباحة الإفطار في السفر رحمة من الله تعالى ذكره رخصها لعباده , والفرض الصوم , فمن صام فرضه أدى , ومن أفطر فبرخصة الله له أفطر قالوا : وإن صام في سفر فلا قضاء عليه إذا أقام . ذكر من قال ذلك : 2350 - حدثنا ابن بشار , قال : حدثنا عبد الوهاب , قال : ثنا أيوب , قال : ثنا عروة وسالم أنهما كانا عند عمر بن عبد العزيز إذ هو أمير على المدينة فتذاكروا الصوم في السفر , قال سالم : كان ابن عمر لا يصوم في السفر , وقال عروة : وكانت عائشة تصوم , فقال سالم : إنما أخذت عن ابن عمر , وقال عروة : إنما أخذت عن عائشة حتى ارتفعت أصواتهما , فقال عمر بن عبد العزيز : اللهم عفوا إذا كان يسرا فصوموا , وإذا كان عسرا فافطروا . * - حدثني يعقوب بن إبراهيم , قال : ثنا ابن علية , عن أيوب , قال : حدثني رجل , قال : ذكر الصوم في السفر عند عمر بن عبد العزيز , ثم ذكر نحو حديث ابن بشار . 2351 - حدثني يعقوب , قال : ثنا ابن علية , عن محمد بن إسحاق , وحدثنا أبو كريب , قال : ثنا ابن إدريس ثنا ابن إسحاق , عن الزهري , عن سالم بن عبد الله , قال : خرج عمر بن الخطاب في بعض أسفاره في ليال بقيت من رمضان , فقال : إن الشهر قد تشعشع - قال أبو كريب في حديثه أو تسعسع , ولم يشك يعقوب - فلو صمنا ! فصام وصام الناس معه ثم أقبل مرة قافلا حتى إذا كان بالروحاء أهل هلال شهر رمضان , فقال إن الله قد قضى السفر , فلو صمنا ولم نثلم شهرنا ! قال : فصام وصام الناس معه . 2352 - حدثنا ابن حميد , قال : ثنا الحكم بن بشير , قال : حدثني أبي , وحدثنا محمد بن بشار , قال : أخبرنا عبيد الله , قال : أخبرنا بشير بن سلمان , عن خيثمة , قال : سألت أنس بن مالك عن الصوم في السفر , قال : قد أمرت غلامي أن يصوم فأبى . قلت : فأين هذه الآية : ومن كان مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر ؟ قال : نزلت ونحن يومئذ نرتحل جياعا وننزل على غير شبع , وأنا اليوم نرتحل شباعا وننزل على شبع . * - حدثنا هناد , قال : ثنا وكيع : عن بشير بن سلمان , عن خيثمة , عن أنس نحوه . 2353 - حدثنا هناد وأبو السائب قالا : ثنا أبو معاوية , عن عاصم , عن أنس أنه سئل عن الصوم في السفر فقال : من أفطر فبرخصة الله , ومن صام فالصوم أفضل . 2354 - حدثنا أبو كريب , قال : ثنا أبو أسامة , عن أشعث بن عبد الملك , عن محمد بن عثمان بن أبي العاص , قال : الفطر في السفر رخصة , والصوم أفضل . 2355 - حدثنا المثنى , قال : ثنا عبد الصمد , قال : ثنا شعبة , قال : ثنا أبو الفيض , قال : كان علي علينا أمير بالشام , فنهانا عن الصوم في السفر , فسألت أبا قرصافة رجلا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم من بني ليث - قال عبد الصمد : سمعت رجلا من قومه يقول : إنه واثلة بن الأسقع - قال لو صمت في السفر ما قضيت . 2356 - حدثنا هناد , قال : ثنا وكيع , عن بسطام بن مسلم , عن عطاء قال : إن صمتم أجزأ عنكم وإن أفطرتم فرخصة . 2357 - حدثنا هناد , قال : ثنا وكيع , عن كهمس , قال : سألت سالم بن عبد الله عن الصوم في السفر , فقال : إن صمتم أجزأ عنكم , وإن أفطرتم فرخصة . * - حدثنا هناد , قال : ثنا عبد الرحيم , عن طلحة بن عمرو , عن عطاء , قال : من صام فحق أداه , ومن أفطر فرخصة أخذ بها . 2358 - حدثنا هناد , قال : ثنا وكيع , عن سفيان , عن حماد , عن سعيد بن جبير , قال : الفطر في السفر رخصة , والصوم أفضل . 2359 - حدثنا هناد قال : ثنا أبو معاوية , عن حجاج , عن عطاء , قال : هو تعليم , وليس بعزم , يعني قول الله : ومن كان مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر إن شاء صام , وإن شاء لم يصم . 2360 - حدثنا هناد , قال : ثنا أبو أسامة , عن هشام , عن الحسن في الرجل يسافر في رمضان , قال : إن شاء صام , وإن شاء أفطر . 2361 - حدثنا حميد بن مسعدة . قال : ثنا سفيان بن حبيب , قال : ثنا العوام بن حوشب , قال : قلت لمجاهد : الصوم في السفر ؟ قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصوم فيه ويفطر , قال : قلت فأيهما أحب إليك ؟ قال : إنما هي رخصة , وأن تصوم رمضان أحب إلي . 2362 - حدثنا ابن المثنى , قال : ثنا محمد بن جعفر , قال : ثنا شعبة , عن حماد , عن سعيد بن جبير وإبراهيم ومجاهد أنهم قالوا : الصوم في السفر , إن شاء صام وإن شاء أفطر , والصوم أحب إليهم . 2363 - حدثنا ابن المثنى , قال : ثنا محمد بن جعفر , قال : ثنا شعبة , عن أبي إسحاق , قال : قال لي مجاهد في الصوم في السفر , يعني صوم رمضان : والله ما منهما إلا حلال الصوم والإفطار , وما أراد الله بالإفطار إلا التيسير لعباده . 2364 - حدثنا ابن المثنى , قال : ثنا محمد بن جعفر , قال : ثنا شعبة , عن الأشعث بن سليم , قال : صحبت أبي والأسود بن يزيد وعمرو بن ميمون وأبا وائل إلى مكة , وكانوا يصومون رمضان وغيره في السفر . * - حدثنا علي بن حسن الأزدي . قال : ثنا معافى بن عمران , عن سفيان , عن حماد , عن سعيد بن جبير : الفطر في السفر رخصة , والصوم أفضل . 2365 - حدثني محمد بن عبد الله بن سعيد الواسطي , قال : ثنا يعقوب , قال : ثنا صالح بن محمد بن صالح , عن أبيه قال : قلت للقاسم بن محمد : إنا نسافر في الشتاء في رمضان , فإن صمت فيه كان أهون علي من أن أقضيه في الحر . فقال : قال الله : يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر ما كان أيسر عليك فافعل . وهذا القول عندنا أولى بالصواب لإجماع الجميع على أن مريضا لو صام شهر رمضان وهو ممن له الإفطار لمرضه أن صومه ذلك مجزئ عنه , ولا قضاء عليه إذا برأ من مرضه بعدة من أيام أخر , فكان معلوما بذلك أن حكم المسافر حكمه في أن لا قضاء عليه إن صامه في سفره , لأن الذي جعل للمسافر من الإفطار وأمر به من قضاء عدة من أيام أخر مثل الذي جعل من ذلك للمريض وأمر به من القضاء . ثم في دلالة الآية كفاية مغنية عن استشهاد شاهد على صحة ذلك بغيرها , وذلك قول الله تعالى ذكره : يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر ولا عسر أعظم من أن يلزم من صامه في سفره عدة من أيام أخر , وقد تكلف أداء فرضه في أثقل الحالين عليه حتى قضاه وأداه . فإن ظن ذو غباوة أن الذي صامه لم يكن فرضه الواجب , فإن في قول الله تعالى ذكره : يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام , شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن ما ينبئ أن المكتوب صومه من الشهور على كل مؤمن هو شهر رمضان مسافرا كان أو مقيما , لعموم الله تعالى ذكره المؤمنين بذلك بقوله : يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام شهر رمضان وأن قوله : ومن كان مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر معناه : ومن كان مريضا أو على سفر فأفطر برخصة الله فعليه صوم عدة أيام أخر مكان الأيام التي أفطر في سفره أو مرضه . ثم في تظاهر الأخبار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله إذا سئل عن الصوم في السفر : " إن شئت فصم , وإن شئت فأفطر " , الكفاية الكافية عن الاستدلال على صحة ما قلنا في ذلك بغيره . 2366 - حدثنا هناد , قال : ثنا عبد الرحيم ووكيع , وعبدة بن هشام بن عروة , عن أبيه , عن عائشة : أن حمزة سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الصوم في السفر , وكان يسرد الصوم , فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن شئت فصم وإن شئت فأفطر " 2367 - حدثنا أبو كريب وعبيد بن إسماعيل الهباري قالا : ثنا ابن إدريس , قال : ثنا هشام بن عروة , عن أبيه أن حمزة سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم , فذكر نحوه . 2368 - حدثني محمد بن عبد الله بن عبد الحكم , قال : ثنا أبو زرعة وهب الله بن راشد , قال : أخبرنا حيوة بن شريح , قال : أخبرنا أبو الأسود أنه سمع عروة بن الزبير يحدث عن أبي مراوح عن حمزة الأسلمي صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : يا رسول الله إني أسرد الصوم فأصوم في السفر ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " إنما هي رخصة من الله لعباده , فمن فعلها فحسن جميل , ومن تركها فلا جناح عليه " فكان حمزة يصوم الدهر , فيصوم في السفر والحضر ; وكان عروة بن الزبير يصوم الدهر , فيصوم في السفر والحضر , حتى إن كان ليمرض فلا يفطر ; وكان أبو مراوح يصوم الدهر , فيصوم في السفر والحضر . ففي هذا مع نظائره من الأخبار التي يطول باستيعابها الكتاب الدلالة الدالة على صحة ما قلنا من أن الإفطار رخصة لا عزم , والبيان الواضح على صحة ما قلنا في تأويل قوله : ومن كان مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر . فإن قال قائل : فإن الأخبار بما قلت وإن كانت متظاهرة , فقد تظاهرت أيضا بقوله : " ليس من البر الصيام في السفر " ؟ . قيل : إن ذلك إذا كان صيام في مثل الحال التي جاء الأثر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال في ذلك لمن قال له . 2369 - حدثنا الحسين بن يزيد السبيعي , قال : ثنا ابن إدريس , عن محمد بن عبد الرحمن , عن محمد بن عمرو بن الحسن , عن جابر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى رجلا في سفره قد ظلل عليه , وعليه جماعة , فقال : " من هذا ؟ " قالوا : صائم , قال : " ليس من البر الصوم في السفر " . قال أبو جعفر : أخشى أن يكون هذا الشيخ غلط وبين ابن إدريس ومحمد بن عبد الرحمن شعبة . * - حدثنا ابن المثنى , قال : ثنا محمد بن جعفر , قال : ثنا شعبة , عن محمد بن عبد الرحمن بن سعد بن زرارة الأنصاري , عن محمد بن عمرو بن الحسن بن علي , عن جابر بن عبد الله , قال : رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلا قد اجتمع الناس عليه , وقد ظلل عليه , فقالوا : هذا رجل صائم , فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ليس من البر أن تصوموا في السفر " . فمن بلغ منه الصوم ما بلغ من الذي قال له النبي صلى الله عليه وسلم , ذلك , فليس من البر صومه ; لأن الله تعالى ذكره قد حرم على كل أحد تعريض نفسه لما فيه هلاكها , وله إلى نجاتها سبيل , وإنما يطلب البر بما ندب الله إليه وحض عليه من الأعمال لا بما نهى عنه . وأما الأخبار التي رويت عنه صلى الله عليه وسلم من قوله : " الصائم في السفر كالمفطر في الحضر " فقد يحتمل أن يكون قيل لمن بلغ منه الصوم ما بلغ من هذا الذي ظلل عليه إن كان قبل ذلك , وغير جائز عليه أن يضاف إلى النبي صلى الله عليه وسلم قيل ذلك ; لأن الأخبار التي جاءت بذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم واهية الأسانيد لا يجوز الاحتجاج بها في الدين . فإن قال قائل : وكيف عطف على المريض وهو اسم بقوله : أو على سفر و " على " صفة لا اسم ؟ قيل : جاز أن ينسق بعلى على المريض , لأنها في معنى الفعل , وتأويل ذلك : أو مسافرا , كما قال تعالى ذكره : دعانا لجنبه أو قاعدا أو قائما 10 12 فعطف بالقاعد والقائم على اللام التي في لجنبه , لأن معناها الفعل , كأنه قال : دعانا مضطجعا أو قاعدا أو قائما .يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسرالقول في تأويل قوله تعالى : يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر يعني تعالى ذكره بذلك : يريد الله بكم أيها المؤمنون بترخيصه لكم في حال مرضكم وسفركم في الإفطار , وقضاء عدة أيام أخر من الأيام التي أفطرتموها بعد إقامتكم وبعد برئكم من مرضكم التخفيف عليكم , والتسهيل عليكم لعلمه بمشقة ذلك عليكم في هذه الأحوال . ولا يريد بكم العسر يقول : ولا يريد بكم الشدة والمشقة عليكم , فيكلفكم صوم الشهر في هذه الأحوال , مع علمه شدة ذلك عليكم وثقل حمله عليكم لو حملكم صومه . كما : 2370 - حدثني المثنى , قال : ثنا أبو صالح , قال : ثنا معاوية بن صالح , عن علي بن أبي طلحة , عن ابن عباس : يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر قال : اليسر : الإفطار في السفر , والعسر : الصيام في السفر . 2371 - حدثنا محمد بن المثنى , قال : ثنا محمد بن جعفر , قال : ثنا شعبة , عن أبي حمزة , قال : سألت ابن عباس عن الصوم في السفر , فقال : يسر وعسر , فخذ بيسر الله . 2372 - حدثني المثنى , قال : ثنا سويد بن نصر , قال : أخبرنا ابن المبارك , عن شبل , عن ابن أبي نجيح , عن مجاهد في قول الله : يريد الله بكم اليسر قال : هو الإفطار في السفر , وجعل عدة من أيام أخر , ولا يريد بكم العسر 2373 - حدثنا بشر بن معاذ , قال : ثنا يزيد , قال : ثنا سعيد , عن قتادة قوله : يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر فأريدوا لأنفسكم الذي أراد الله لكم . 2374 - حدثني المثنى , قال : ثنا سويد , قال : أخبرنا ابن المبارك , عن ابن عيينة , عن عبد الكريم الجزري عن طاوس , عن ابن عباس قال : لا تعب على من صام ولا على من أفطر , يعني في السفر في رمضان ; يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر 2375 - حدثت عن الحسين بن الفرج , قال : ثنا الفضيل بن خالد , قال : ثنا عبيد بن سليمان , قال سمعت الضحاك بن مزاحم في قوله : يريد الله بكم اليسر الإفطار في السفر , ولا يريد بكم العسر الصيام في السفر .ولتكملوا العدةالقول في تأويل قوله تعالى : ولتكملوا العدة . يعني تعالى ذكره بذلك : ولتكملوا العدة عدة ما أفطرتم من أيام أخر أوجبت عليكم قضاء عدة من أيام أخر بعد برئكم من مرضكم , أو إقامتكم من سفركم . كما : 2376 - حدثني المثنى , قال : ثنا سويد بن نصر , قال : أخبرنا ابن المبارك , عن جويبر , عن الضحاك في قوله : ولتكملوا العدة قال : عدة ما أفطر المريض والمسافر . 2377 - حدثني يونس , قال : أخبرنا ابن وهب , قال : قال ابن زيد في قوله : ولتكملوا العدة قال : إكمال العدة : أن يصوم ما أفطر من رمضان في سفر أو مرض إلى أن يتمه , فإذا أتمه فقد أكمل العدة . فإن قال قائل : ما الذي عليه بهذه الواو التي في قوله : ولتكملوا العدة عطفت ؟ قيل : اختلف أهل العربية في ذلك , فقال بعضهم : هي عاطفة على ما قبلها كأنه قيل : ويريد لتكملوا العدة ولتكبروا الله . وقال بعض نحويي الكوفة : وهذه اللام التي في قوله : ولتكملوا لام كي , لو ألقيت كان صوابا . قال : والعرب تدخلها في كلامها على إضمار فعل بعدها , ولا تكون شرطا للفعل الذي قبلها وفيها الواو ; ألا ترى أنك تقول : جئتك لتحسن إلي , ولا تقول : جئتك ولتحسن إلي ; فإذا قلته فأنت تريد : ولتحسن جئتك . قال : وهذا في القرآن كثير , منه قوله : ولتصغى إليه أفئدة 6 113 وقوله : وكذلك نري إبراهيم ملكوت السموات والأرض وليكون من الموقنين 6 75 ولو لم تكن فيه الواو كان شرطا على قولك : أريناه ملكوت السموات والأرض ليكون , فإذا كانت الواو فيها فلها فعل مضمر بعدها , و " ليكون من الموقنين " أريناه . وهذا القول أولى بالصواب في العربية , لأن قوله : ولتكملوا العدة ليس قبله لام بمعنى التي في قوله : ولتكملوا العدة فتعطف بقوله : ولتكملوا العدة عليها , وإن دخول الواو معها يؤذن بأنها شرط لفعل بعدها , إذ كانت الواو لو حذفت كانت شرطا لما قبلها من الفعل .ولتكبروا الله على ما هداكمالقول في تأويل قوله تعالى : ولتكبروا الله على ما هداكم يعني تعالى ذكره : ولتعظموا الله بالذكر له بما أنعم عليكم به من الهداية التي خذل عنها غيركم من أهل الملل الذين كتب عليهم من صوم شهر رمضان مثل الذي كتب عليكم فيه , فضلوا عنه بإضلال الله إياهم , وخصكم بكرامته فهداكم له , ووفقكم لأداء ما كتب الله عليكم من صومه , وتشكروه على ذلك بالعبادة له . والذكر الذي خصهم الله على تعظيمه به التكبير يوم الفطر فيما تأوله جماعة من أهل التأويل . ذكر من قال ذلك : 2378 - حدثني المثنى , قال : ثنا سويد بن نصر , قال : أخبرنا ابن المبارك , عن داود بن قيس , قال : سمعت زيد بن أسلم يقول : ولتكبروا الله على ما هداكم قال : إذا رأى الهلال , فالتكبير من حين يرى الهلال حتى ينصرف الإمام في الطريق والمسجد إلا أنه إذا حضر الإمام كف فلا يكبر إلا بتكبيره . 2379 - حدثني المثنى , قال : ثنا سويد , قال : أخبرنا ابن المبارك , قال : سمعت سفيان يقول : ولتكبروا الله على ما هداكم قال : بلغنا أنه التكبير يوم الفطر . 2380 - حدثني يونس , قال : أخبرنا ابن وهب , قال : قال ابن زيد : كان ابن عباس يقول : حق على المسلمين إذا نظروا إلى هلال شوال أن يكبروا الله حتى يفرغوا من عيدهم ; لأن الله تعالى ذكره يقول : ولتكملوا العدة ولتكبروا الله على ما هداكم قال ابن زيد : ينبغي لهم إذا غدوا إلى المصلى كبروا , فإذا جلسوا كبروا , فإذا جاء الإمام صمتوا , فإذا كبر الإمام كبروا , ولا يكبرون إذا جاء الإمام إلا بتكبيره , حتى إذا فرغ وانقضت الصلاة فقد انقضى العيد . قال يونس : قال ابن وهب : قال عبد الرحمن بن زيد : والجماعة عندنا على أن يغدوا بالتكبير إلى المصلى .ولعلكم تشكرونالقول في تأويل قوله تعالى : ولعلكم تشكرون . يعني تعالى ذكره بذلك : ولتشكروا الله على ما أنعم به عليكم من الهداية والتوفيق . وتيسير ما لو شاء عسر عليكم . و " لعل " في هذا الموضع بمعنى " كي " , ولذلك عطف به على قوله : ولتكملوا العدة ولتكبروا الله على ما هداكم ولعلكم تشكرون .
وَ اِذَا سَاَلَكَ عِبَادِیْ عَنِّیْ فَاِنِّیْ قَرِیْبٌؕ-اُجِیْبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ اِذَا دَعَانِۙ-فَلْیَسْتَجِیْبُوْا لِیْ وَ لْیُؤْمِنُوْا بِیْ لَعَلَّهُمْ یَرْشُدُوْنَ(۱۸۶)
اور اے محبوب جب تم سے میرے بندے مجھے پوچھیں تو میں نزدیک ہوں (ف۳۳۳) دعا قبول کرتا ہوں پکارنے والے کی جب مجھے پکارے (ف۳۳۴) تو انہیں چاہئے میرا حکم مانیں اور مجھ پر ایمان لائیں کہ کہیں راہ پائیں،
القول في تأويل قوله تعالى : وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ (186)قال أبو جعفر: يعني تعالى ذكره: بذلك وإذا سَألك يا محمد عبادي عَني: أين أنا؟ فإني قريبٌ منهم أسمع دُعاءهم، وأجيب دعوة الداعي منهم.* * *وقد اختلف فيما أنزلت فيه هذه الآية.فقال بعضهم: نزلت في سائل سأل النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا محمد، أقريبٌ ربنا فنناجيه، أم بعيد فنناديه؟ فأنزل الله: " وإذا سألك عبادي عَني فأني قريبٌ أجيبُ" الآية.2904- حدثنا بذلك ابن حميد قال، حدثنا جرير، عن عبدة السجستاني، عن الصُّلب بن حكيم، عن أبيه، عن جده. (99) .&; 3-481 &;2905- حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا جعفر بن سليمان، عن عوف، عن الحسن قال: سأل أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم النبيَّ صلى الله عليه وسلم: أين ربُّنا؟ فأنزل الله تعالى ذكره: " وإذا سألك عبادي عَني فإني قريبٌ أجيب دعوة الداع إذا دعان " الآية (100) .* * *&; 3-482 &;وقال آخرون: بل نزلت جوابًا لمسألة قومٍ سَألوا النبي صلى الله عليه وسلم: أيّ ساعة يدعون الله فيها؟* ذكر من قال ذلك:2906- حدثنا سفيان بن وكيع قال، حدثنا أبي، عن سفيان، عن ابن جريج، عن عطاء قال: لما نزلت: وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ [سورة غافر: 60] قالوا: في أي ساعة؟ قال: فنزلت: " وإذا سألك عبادي عَني فإني قريب " إلى قوله: " لعلهم يَرُشدون ".2907- حدثنا أحمد بن إسحاق الأهوازي قال، حدثنا أبو أحمد الزبيري قال، حدثنا سفيان، عن ابن جريج، عن عطاء في قوله: " أجيب دَعوَة الداع إذا دعان "، قالوا: لو علمنا أيَّ ساعة نَدْعو! فنزلت: " وإذا سَأَلكَ عِبَادي عَنّي فإني قريب " الآية.2908- حدثني القاسم. قال: حدثنا الحسين قال: حدثني حجاج، عن ابن جريج قال: زعم عطاء بن أبي رباح أنه بلغه: لما نزلت: وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ ، قال الناس: لو نعلم أي ساعة ندعو! فنزلت: " وإذا سألك عبادي عَني فإني قريب أجيب دَعوة الداع إذا دَعان فليستجيبوا لي وَليؤمنوا بي لعلهم يَرشدون ".2909- حدثنا موسى بن هارون قال حدثنا عمرو بن حماد قال، حدثنا أسباط، عن السدي: " وإذا سَألك عبادي عَني فإني قريبٌ أجيب دعوة الداع إذا دَعان "، قال: ليس من عَبد مؤمن يدعو الله إلا استجاب له، فإن كان الذي يدعو به هو له رزق في الدنيا أعطاه الله، وإن لم يكن له رزقًا في الدنيا ذَخره له إلى يوم القيامة، ودفع عنه به مكروهًا.2910- حدثني المثنى قال، حدثنا الليث بن سعد عن ابن صالح، عمن حدثه: أنه بلغه أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ما أعطى أحدٌ الدعاءَ &; 3-483 &; ومُنع الإجابة، لأن الله يقول: ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ .* * *ومعنى متأوِّلي هذا التأويل: وإذا سألك عبادي عني: أي ساعة يدعونني؟ فإني منهم قريب في كل وقت، أجيب دعوة الداع إذا دعان.* * *وقال آخرون: بل نزلت جوابًا لقول قوم قالوا - إذْ قالَ الله لهم: ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ -: إلى أين ندعوه!* ذكر من قال ذلك:2911- حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج، قال مجاهد: ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ ، قالوا: إلى أين؟ فنزلت: فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ وَاسِعٌ عَلِيمٌ [سورة البقرة: 115].* * *وقال آخرون: بل نزلت جوابًا لقوم قالوا: كيف ندعو؟* ذكر من قال ذلك:2912- حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة قال: ذكر لنا أنه لما أنزل الله ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ ، قال رجال: كيف ندعو يا نبي الله؟ فأنزل الله: " وإذا سَألك عبادي عَنّي فإنّي قريبٌ" إلى قوله: " يرشدون ".* * *وأما قوله: " فليستجيبوا لي"، فإنه يعني: فليستجيبوا لي بالطاعة. يقال منه: " استجبت له، واستجبته "، بمعنى أجبته، كما قال كعب بن سعد الغنويّ:وَدَاعٍ دَعَا يَامَنْ يُجِيبُ إلَى النَّدَىفَلَمْ يَسْتَجِبْهُ عِنْدَ ذَاكَ مُجِيب (101)&; 3-484 &;يريد: فلم يجبه.* * *وبنحو ما قلنا في ذلك قال مجاهد وجماعةٌ غيره.2913- حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني الحجاج، عن ابن جريج قال، قال مجاهد قوله: " فليستجيبوا لي"، قال: فليطيعوا لي، قال: " الاستجابة "، الطاعة.2914- حدثني المثنى قال، حدثنا حبان بن موسى قال: سألت عبد الله بن المبارك عن قوله: " فليستجيبوا لي"، قال: طاعة الله.* * *وقال بعضهم: معنى " فليستجيبوا لي": فليدعوني*ذكر من قال ذلك:2915- حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني منصور بن هارون، عن أبي رجاء الخراساني، قال " فليستجيبوا لي"، فليدعوني.* * *وأما قوله: " وليؤمنوا بي" فإنه يعني: وَليصدِّقوا. أي: وليؤمنوا بي، إذا همُ استجابوا لي بالطاعة، أني لهم من وَرَاء طاعتهم لي في الثواب عليها، وإجزالي الكرامةَ لهم عليها.* * *وأما الذي تأوَّل قوله: " فليستجيبوا لي"، أنه بمعنى: فليدعوني، فإنه كان يتأوّل قوله: " وليؤمنوا بي"، وليؤمنوا بي أني أستجيب لهم.* ذكر من قال ذلك:2916- حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني منصور بن هارون، عن أبي رجاء الخراساني: " وليؤمنوا بي"، يقول: أني أستجيب لهم.* * *وأما قوله: " لعلهم يَرشُدُون " فإنه يعني: فليستجيبوا لي بالطاعة، وليؤمنوا بي &; 3-485 &; فيصدِّقوا على طاعتهم إياي بالثواب مني لهم، وليهتدوا بذلك من فعلهم فيرشدوا، كما:-2917- حدثني به المثني قال، حدثنا إسحاق، قال حدثنا عبد الرحمن بن سعد قال، حدثنا أبو جعفر، عن الربيع في قوله: " لعلهم يَرشدون "، يقول: لعلهم يهتدون.* * *فإن قال لنا قائل: وما معنى هذا القول من الله تعالى ذكره؟ فأنت ترى كثيرًا من البشر يدعون الله فلا يجابُ لهم دُعاء، وقد قال: " أجيبُ دَعوة الداع إذا دَعان "؟قيل: إن لذلك وجهين من المعنى:أحدهما: أن يكون معنيًّا " بالدعوة "، العملُ بما نَدب الله إليه وأمر به. فيكون تأويل الكلام. وإذا سألك عبادي عَني فإنى قريبٌ ممن أطاعني وعَمل بما أمرته به، أجيبه بالثواب على طاعته إياي إذا أطاعني. فيكون معنى " الدعاء ": مسألة العبد ربَّه وما وعد أولياءه على طاعتهم بعملهم بطاعته، ومعنى " الإجابة " من الله التي ضمنها له، الوفاءُ له بما وعد العاملين له بما أمرهم به، كما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم من قوله: " إنّ الدعاء هو العبادة ".2918- حدثنا ابن حميد قال، حدثنا جويبر، عن الأعمش، عن ذر، عن يُسَيْع الحضرمي، عن النعمان بن بشير قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنّ الدعاءَ هُوَ العبادة. ثم قرأ: وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ [سورة غافر: 60] (102) .* * *&; 3-486 &; فأخبر صَلى الله عليه وسلم أن دعاء الله إنما هو عبادته ومسألته، بالعمل له والطاعة.وبنحو الذي قلنا في ذلك ذُكِر أن الحسن كان يقول:2919- حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين، قال، حدثني منصور بن هارون، عن عبد الله بن المبارك، عن الربيع بن أنس، عن الحسن أنه قال فيها: ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ ، قال: اعملوا وأبشروا، فإنه حقٌّ على الله أنَ يستجيب &; 3-487 &; للذين آمنوا وعَملوا الصالحات ويزيدُهم من فضله.* * *والوجه الآخر: أن يكون معناه: أجيب دعوة الداع إذا دَعان إن شئت. فيكون ذلك، وإن كان عامًّا مخرُجه في التلاوة، خاصًّا معناهُ.* * *---------------------------الهوامش :(99) الحديث : 2904- جرير : هو ابن عبد الحميد الضبي ، مضى في : 2028 ، 2346 . عبدة السجستاني : هو عبدة بن أبي برزة ، ترجمه ابن أبي حاتم 3/1/90 ، ولم يذكر فيه جرحًا . ولم أجد له ترجمة عند غيره ."السجستاني" : هذا هو الصحيح ، الثابت هنا ، وفي المصادر المعتمدة ، كما سيأتي . ووقع في بعض المراجع"السختياني" ، وهو خطأ مطبعي واضح .الصلب بن حكيم : نص الحافظ عبد الغني الأزدي المصري ، في كتاب المؤتلف والمختلف ، ص 79 ، على أنه"صلب" : "بالياء معجمة من تحتها وضم الصاد" . وترجم له فقال : "صلب بن حكيم ، عن أبيه ، عن جده . روى حديثه محمد بن حميد ، عن جرير ، عن عبدة بن أبي برزة السجستاني" .وكذلك قال الذهبي في المشتبه ، ص : 316"وصلب بن حكيم ، عن أبيه ، عن جده . يشتبه بالصلت بن حكيم" . وفي هامشه ، نقلا عن هامش إحدى مخطوطاته : "قال الخطيب : قيل إنه أخ لبهز بن حكيم ، ولا يصح ذلك . ويشتبه أيضًا بالصلت بن حكيم ، بضم الحاء . ويقال : الحكيم بن الصلت" وكذلك قال الحافظ بن حجر ، في"تبصير المنتبه" (مخطوط مصور عندي) ، ونص على أنه"قيل : إن الصلب بن حكيم ، المتقدم ذكره - أخو بهز بن حكيم ، ولا يصح" .ولكنه -مع هذا- ترجم له في لسان الميزان 3 : 195 ، في باب"الصلت" ، نقلا عن الميزان ، وذكر هذا الحديث له . وذكر رواية الذهبي إياه بإسناده إلى"محمد بن حميد" . ثم ذكر -نقلا عن الذهبي أيضًا- أنه رواه ابن أبي خثيمة ، في جزء فيمن روي عن أبيه عن جده ، وأنه"أخرجه العلائي في كتاب الوشي ، عن إبراهيم بن محمد . وقال : لم أر للصلت ذكرًا في كتب الرجال" . ثم عقب الحافظ على ذلك بقوله : "قلت : ذكره الدارقطني في المؤتلف ، وحكى الاختلاف : هل آخره بالموحدة ، أو بالمثناة؟ وقال إنه ابن حكيم بن معاوية بن حيدة ، فهو أخو بهز بن حكيم ، المحدث المشهور . وليس للصلت ولا لأبيه ولا لجده - ذكر في كتب الرواة ، إلا ما قدمت من ذكر ابن أبي خيثمة ، ولم يزد في التعريف به على ما ها هنا" .وهذا اضطراب شديد من الحافظ ابن حجر . ثم إن هذه التي نقلها عن ميزان الاعتدال للذهبي لم تذكر في النسخة المطبوعة منه . فالظاهر أنها سقطت من الأصول التي طبع عنها الميزان .والراجح عندي ما ذهب إليه الذهبي وابن حجر وابن أبي خيثمة وعبد الغني الأزدي : أنه"صلب" بضم الصاد وبالوحدة في آخره . وأنه مجهول هو وأبوه وجده . أما"حكيم بن معاوية بن حيدة القشيري- : فإنه تابعي معروف ، وأبوه صحابي معروف . وقد روي عن حكيم بن معاوية بن حيدة - أبناؤه : بهز ، وسعيد ومهران . فلا صلة للذي يسمى"الصلب" هذا - بهؤلاء .وهذا الحديث ضعيف جدًا ، منهار الإسناد بكل حال .وقد وهم الحافظ ابن كثير ، حين ذكره 1 : 413-414 ، وجعله من حديث"معاوية بن حيدة القشيري" .وذكره السيوطي أيضًا 1 : 194 ، وأخطأ فيه خطأ آخر : فجعله"من طريق الصلت بن حكيم ، عن رجل من الأنصار ، عن أبيه ، عن جده"!! وقد تكون زيادة" عن رجل من الأنصار" خطأ من الناسخين ، لا من السيوطي .(100) الحديث : 2905- جعفر بن سليمان : هو الضبعي ، بضم الضاد المعجمة ، وفتح الباء الموحدة . وهو ثقة ، وثقه ابن معين وغيره .عوف : هو ابن أبي جميلة الأعرابي ، وهو ثقة معروف ، أخرج له أصحاب الكتب الستة . وقد مضت له رواية في : 645 . وهو معروف بالرواية عن الحسن البصري .وهذا الإسناد صحيح إلى الحسن . ولكن الحديث ضعيف ، لأنه مرسل ، لم يسنده الحسن عن أحد من الصحابة .وقد رواه أبو جعفر هنا ، من طريق عبد الرزاق ، ولم أجده في تفسير عبد الرزاق . فلعله في موضع آخر من كتبه .(101) سلف هذا البيت في1 : 320 ، ونسيت هناك أن أشير إليه أنه سيأتي في هذا الموضع من التفسير ، ثم في 4 : 144 (بولاق) .(102) الحديث: 2918- أما الحديث في ذاته - فإنه حديث صحيح . وأما هذا الإسناد بعينه ، فلا أدري كيف يستقيم ؟ مع ضعفه !فإن ابن حميد - شيخ الطبري- هو: محمد بن حميد الرازي، سبق توثيقه : 2028 ، 2253.ولكن من المحال أن يقول: "حدثنا جويبر" ، لأن ابن حميد مات سنة 248 ، وجويبر بن سعيد الأزدي مات قبل ذلك بنحو مائة سنة ، فقد ذكره البخاري في الصغير، ص: 176 ، فيمن مات بين سنتي: 140 - 150 . فلا بد أن يكون قد سقط بينها شيخ ، خطأ من الناسخين. ثم إن "جويبرا" هذا: ضعيف جدًا، كما بينا في: 284 .الأعمش: هو سليمان بن مهران، الإمام المعروف.ذر ، بفتح الذال المعجمة وتشديد الراء : هو ابن عبد الله المرهبي ، بضم الميم وسكون الراء وكسر الهاء بعدها ياء موحدة. وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.يسيع - بضم الياء الأولى وسكون الثانية بينهما سين مهملة مفتوحة: هو ابن معدان الحضرمي، في التهذيب ، والكبير 4/2/425 - 426 ، وابن أبي حاتم 4/2/313. ووقع هنا في المطبوعة"سبيع" ! وهو تصحيف.والحديث سيأتي في الطبري 24: 51 - 52 (بولاق) ، بستة أسانيد. ووقع اسم "ذر" هناك مصحفًا إلى "زر" ، بالزاي بدل الذال.وهو حديث صحيح . رواه أحمد في المسند 4: 271 (الحلبي) ، عن أبي معاوية، عن الأعمش، بهذا الإسناد . فليس فيه "جويبر" الضعيف المذكور هنا.ونقله ابن كثير 7: 309 ، عن ذلك الموضع من المسند، وقال: وهكذا رواه أصحاب السنن: الترمذي، والنسائي، وابن ماجه، وابن أبي حاتم ، وابن جرير - كلهم من حديث الأعمش، به. وقال الترمذي: حسن صحيح . ورواه أبو داود ، والترمذي ، والنسائي ، وابن جرير أيضًا ، من حديث شعبة، عن منصور الأعمش- كلاهما عن ذر، به ، ثم ذكر أنه رواه ابن حبان والحاكم أيضا.وهو عند الحاكم 1: 490 - 491 بأسانيد، ثم قال: "هذا حديث صحيح الإسناد ، ولم يخرجاه" . ووافقه الذهبي.وذكره السيوطي 5: 355 ، وزاد نسبته إلى سعيد بن منصور، وابن أبي شيبة ، وعبد بن حميد، والبخاري في الأدب المفرد، وابن المنذر، والطبراني، وابن مردويه، وأبي نعيم في الحلية ، والبيهقي في شعب الإيمان.
اُحِلَّ لَكُمْ لَیْلَةَ الصِّیَامِ الرَّفَثُ اِلٰى نِسَآىٕكُمْؕ-هُنَّ لِبَاسٌ لَّكُمْ وَ اَنْتُمْ لِبَاسٌ لَّهُنَّؕ-عَلِمَ اللّٰهُ اَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَخْتَانُوْنَ اَنْفُسَكُمْ فَتَابَ عَلَیْكُمْ وَ عَفَا عَنْكُمْۚ-فَالْــٴٰـنَ بَاشِرُوْهُنَّ وَ ابْتَغُوْا مَا كَتَبَ اللّٰهُ لَكُمْ۪-وَ كُلُوْا وَ اشْرَبُوْا حَتّٰى یَتَبَیَّنَ لَكُمُ الْخَیْطُ الْاَبْیَضُ مِنَ الْخَیْطِ الْاَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ۪-ثُمَّ اَتِمُّوا الصِّیَامَ اِلَى الَّیْلِۚ-وَ لَا تُبَاشِرُوْهُنَّ وَ اَنْتُمْ عٰكِفُوْنَۙ-فِی الْمَسٰجِدِؕ-تِلْكَ حُدُوْدُ اللّٰهِ فَلَا تَقْرَبُوْهَاؕ-كَذٰلِكَ یُبَیِّنُ اللّٰهُ اٰیٰتِهٖ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ یَتَّقُوْنَ(۱۸۷)
روزہ کی راتوں میں اپنی عورتوں کے پاس جانا تمہارے لئے حلال ہوا (ف۳۳۵) وہ تمہاری لباس ہیں اور تم ان کے لباس، اللہ نے جانا کہ تم اپنی جانوں کو خیانت میں ڈالتے تھے تو اس نے تمہاری توبہ قبول کی اور تمہیں معاف فرمایا (ف۳۳۶) تو اب ان سے صحبت کرو (ف۳۳۷) اور طلب کرو جو اللہ نے تمہارے نصیب میں لکھا ہو (ف۳۳۸) اور کھاؤ اور پیئو (ف۳۳۹) یہاں تک کہ تمہارے لئے ظاہر ہوجائے سفیدی کا ڈورا سیاہی کے ڈورے سے (پوپھٹ کر) (ف۳۴۰) پھر رات آنے تک روزے پورے کرو (ف۳۴۱) اور عورتوں کو ہاتھ نہ لگاؤ جب تم مسجدوں میں اعتکاف سے ہو (ف۳۴۲) یہ اللہ کی حدیں ہیں ان کے پاس نہ جاؤ اللہ یوں ہی بیان کرتا ہے لوگوں سے اپنی آیتیں کہ کہیں انہیں پرہیزگاری ملے،
أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكمالقول في تأويل قوله تعالى : أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم يعني تعالى ذكره بقوله : أحل لكم أطلق لكم وأبيح . ويعني بقوله : ليلة الصيام في ليلة الصيام . فأما الرفث فإنه كناية عن الجماع في هذا الموضع , يقال : هو الرفث والرفوث . وقد روي أنها في قراءة عبد الله : وأحل لكم ليلة الصيام الرفوث إلى نسائكم وبمثل الذي قلنا في تأويل الرفث قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك : 2396 - حدثني محمد بن عبد الله بن عبد الحكم المصري , قال : ثنا أيوب بن سويد , عن سفيان , عن عاصم , عن بكر عن عبد الله المزني , عن ابن عباس قال : الرفث : الجماع , ولكن الله كريم يكني . * - حدثنا ابن حميد , قال : ثنا جرير , عن عاصم , عن بكر , عن ابن عباس , مثله . * - حدثني محمد بن سعد , قال : حدثني أبي , قال : حدثني عمي , قال : حدثني أبي , عن أبيه , عن ابن عباس , قال : الرفث : النكاح . 2397 - حدثنا الحسن بن يحيى , قال أخبرنا عبد الرزاق , قال : أخبرنا معمر , عن قتادة , قال : الرفث : غشيان النساء . 2398 - حدثني محمد بن عمرو , قال : ثنا أبو عاصم , قال : ثنا عيسى , عن ابن أبي نجيح , عن مجاهد في قوله : أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم قال : الجماع . * - حدثني المثنى , قال : ثنا أبو حذيفة , قال : ثنا شبل عن ابن أبي نجيح , عن مجاهد , مثله . * - حدثني المثنى , قال : حدثنا أبو صالح , قال : حدثني معاوية , عن علي , عن ابن عباس , قال : الرفث : هو النكاح . 2399 - حدثني المثنى , قال : ثنا إسحاق , قال ثنا عبد الكبير البصري , قال : ثنا الضحاك بن عثمان , قال : سألت سالم بن عبد الله عن قوله : أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم قال : هو الجماع . 2400 - حدثني موسى بن هارون , قال : ثنا عمرو بن حماد , قال : ثنا أسباط , عن السدي : أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم يقول : الجماع . والرفث في غير هذا الموضع الإفحاش في المنطق كما قال العجاج : عن اللغا ورفث التكلمهن لباس لكم وأنتم لباس لهنالقول في تأويل قوله تعالى : هن لباس لكم وأنتم لباس لهن يعني تعالى ذكره بذلك : نساؤكم لباس لكم , وأنتم لباس لهن . فإن قال قائل : وكيف يكون نساؤنا لباسا لنا ونحن لهن لباسا واللباس إنما هو ما لبس ؟ قيل : لذلك وجهان من المعاني : أحدهما أن يكون كل واحد منهما جعل لصاحبه لباسا , لتخرجهما عند النوم واجتماعهما في ثوب واحد وانضمام جسد كل واحد منهما لصاحبه بمنزلة ما يلبسه على جسده من ثيابه , فقيل لكل واحد منهما هو لباس لصاحبه , كما قال نابغة بني جعدة : إذا ما الضجيع ثنى عطفها تداعت فكانت عليه لباسا ويروى " تثنت " فكنى عن اجتماعهما متجردين في فراش واحد باللباس كما يكنى بالثياب عن جسد الإنسان , كما قالت ليلى وهي تصف إبلا ركبها قوم : رموها بأثواب خفاف فلا ترى لها شبها إلا النعام المنفرا يعني رموها بأنفسهم فركبوها . وكما قال الهذلي . تبرأ من دم القتيل ووتره وقد علقت دم القتيل إزارها يعني بإزارها نفسها . وبذلك كان الربيع يقول : 2401 - حدثني المثنى , قال : ثنا إسحاق , قال : ثنا عبد الرحمن بن سعيد , قال : ثنا أبو جعفر , عن الربيع : هن لباس لكم وأنتم لباس لهن يقول : هن لحاف لكم , وأنتم لحاف لهن . والوجه الآخر أن يكون جعل كل واحد منهما لصاحبه لباسا لأنه سكن له , كما قال جل ثناؤه : جعل لكم الليل لباسا 25 47 يعني بذلك سكنا تسكنون فيه . وكذلك زوجة الرجل سكنه يسكن إليها , كما قال تعالى ذكره : وجعل منها زوجها ليسكن إليها 7 189 فيكون كل واحد منهما لباسا لصاحبه , بمعنى سكونه إليه , وبذلك كان مجاهد وغيره يقولون في ذلك . وقد يقال لما ستر الشيء وواراه عن أبصار الناظرين إليه هو لباسه وغشاؤه , فجائز أن يكون قيل : هن لباس لكم , وأنتم لباس لهن , بمعنى أن كل واحد منكم ستر لصاحبه فيما يكون بينكم من الجماع عن أبصار سائر الناس . وكان مجاهد وغيره يقولون في ذلك بما : 2402 - حدثنا به المثنى , قال : ثنا أبو حذيفة , قال : ثنا شبل , عن ابن أبي نجيح , عن مجاهد : هن لباس لكم وأنتم لباس لهن يقول : سكن لهن . 2403 - حدثنا بشر بن معاذ , قال : ثنا يزيد , قال : ثنا سعيد , عن قتادة : هن لباس لكم وأنتم لباس لهن قال قتادة : هن سكن لكم , وأنتم سكن لهن . 2404 - حدثني موسى بن هارون , قال : ثنا عمرو بن حماد , قال : ثنا أسباط , عن السدي : هن لباس لكم يقول : سكن لكم , وأنتم لباس لهن يقول : سكن لهن . 2405 - حدثني يونس , قال : أخبرنا ابن وهب , قال : قال عبد الرحمن بن زيد في قوله : هن لباس لكم وأنتم لباس لهن قال : المواقعة . 2406 - حدثني أحمد بن إسحاق الأهوازي , قال : ثنا أبو أحمد , قال : ثنا إبراهيم , عن يزيد , عن عمرو بن دينار , عن ابن عباس قوله : هن لباس لكم وأنتم لباس لهن قال : هن سكن لكم , وأنتم سكن لهن .علم الله أنكم كنتم تختانون أنفسكم فتاب عليكم وعفا عنكم فالآن باشروهنالقول في تأويل قوله تعالى : علم الله أنكم كنتم تختانون أنفسكم فتاب عليكم وعفا عنكم فالآن باشروهن إن قال لنا قائل : وما هذه الخيانة التي كان القوم يختانونها أنفسهم التي تاب الله منها عليهم فعفا عنهم ؟ قيل : كانت خيانتهم أنفسهم التي ذكرها الله في شيئين : أحدهما جماع النساء , والآخر : المطعم والمشرب في الوقت الذي كان حراما ذلك عليهم . كما : 2407 - حدثنا محمد بن المثنى , قال : ثنا محمد بن جعفر , قال : ثنا شعبة , عن عمرو بن مرة , قال : ثنا ابن أبي ليلى : أن الرجل كان إذا أفطر فنام لم يأتها , وإذا نام لم يطعم , حتى جاء عمر بن الخطاب يريد امرأته فقالت امرأته : قد كنت نمت ! فظن أنها تعتل فوقع بها قال : وجاء رجل من الأنصار فأراد أن يطعم فقالوا : نسخن لك شيئا ؟ قال : ثم نزلت هذه الآية : أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم الآية . 2408 - حدثنا أبو كريب , قال : ثنا ابن إدريس , قال : ثنا حصين بن عبد الرحمن , عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال : كانوا يصومون ثلاثة أيام من كل شهر , فلما دخل رمضان كانوا يصومون , فإذا لم يأكل الرجل عند فطره حتى ينام لم يأكل إلى مثلها , وإن نام أو نامت امرأته لم يكن له أن يأتيها إلى مثلها . فجاء شيخ من الأنصار يقال له صرمة بن مالك , فقال لأهله : أطعموني ! فقالت : حتى أجعل لك شيئا سخنا , قال : فغلبته عينه فنام . ثم جاء عمر فقالت له امرأته : إني قد نمت ! فلم يعذرها وظن أنها تعتل فواقعها . فبات هذا وهذا يتقلبان ليلتهما ظهرا وبطنا , فأنزل الله في ذلك : وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر وقال : فالآن باشروهن فعفا الله عن ذلك . وكانت سنة . 2409 - حدثنا أبو كريب , قال : ثنا يونس بن بكير , قال : ثنا عبد الرحمن بن عبد الله بن عتبة , عن عمرو بن مرة , عن عبد الرحمن بن أبي ليلى , عن معاذ بن جبل , قال : كانوا يأكلون ويشربون ويأتون النساء ما لم يناموا , فإذا ناموا تركوا الطعام والشراب وإتيان النساء , فكان رجل من الأنصار يدعى أبا صرمة يعمل في أرض له , قال : فلما كان عند فطره نام , فأصبح صائما قد جهد , فلما رآه النبي صلى الله عليه وسلم قال : " ما لي أرى بك جهدا " ؟ , فأخبره بما كان من أمره . واختان رجل نفسه في شأن النساء , فأنزل الله أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم . .. إلى آخر الآية . 2410 - حدثنا سفيان بن وكيع , قال : حدثني أبي , عن إسرائيل , عن أبي إسحاق , عن البراء - نحو حديث ابن أبي ليلى الذي حدث به عمرو بن مرة , عن عبد الرحمن بن أبي ليلى - قال : كانوا إذا صاموا ونام أحدهم لم يأكل شيئا حتى يكون من الغد , فجاء رجل من الأنصار , وقد عمل في أرض له وقد أعيا وكل , فغلبته عينه ونام , وأصبح من الغد مجهودا , فنزلت هذه الآية : وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر . 2411 - حدثني المثنى , قال : ثنا عبد الله بن رجاء البصري , قال : ثنا إسرائيل , عن أبي إسحاق , عن البراء , قال : كان أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم إذا كان الرجل صائما فنام قبل أن يفطر لم يأكل إلى مثلها , وإن قيس بن صرمة الأنصاري كان صائما , وكان توجه ذلك اليوم فعمل في أرضه , فلما حضر الإفطار أتى امرأته فقال : هل عندكم طعام ؟ قالت : لا , ولكن أنطلق فأطلب لك . فغلبته عينه فنام , وجاءت امرأته قالت : قد نمت ! فلم ينتصف النهار حتى غشي عليه , فذكرت ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم , فنزلت فيه هذه الآية : أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم إلى : من الخيط الأسود ففرحوا بها فرحا شديدا . 2412 - حدثني المثنى قال : ثنا أبو صالح , قال : ثنا معاوية بن صالح , عن علي بن أبي طلحة , عن ابن عباس في قول الله تعالى ذكره : أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم وذلك أن المسلمين كانوا في شهر رمضان إذا صلوا العشاء حرم عليهم النساء والطعام إلى مثلها من القابلة , ثم إن ناسا من المسلمين أصابوا الطعام والنساء في رمضان بعد العشاء , منهم عمر بن الخطاب , فشكوا ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم , فأنزل الله : علم الله أنكم كنتم تختانون أنفسكم فتاب عليكم وعفا عنكم فالآن باشروهن يعني انكحوهن وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر . 2413 - حدثني المثنى , قال : ثنا سويد , قال : أخبرنا ابن المبارك , عن ابن لهيعة , قال : حدثني موسى بن جبير مولى بني سلمة أنه سمع عبد الله بن كعب بن مالك يحدث عن أبيه قال : كان الناس في رمضان إذا صام الرجل فأمسى فنام حرم عليه الطعام والشراب والنساء حتى يفطر من الغد . فرجع عمر بن الخطاب من عند النبي صلى الله عليه وسلم ذات ليلة وقد سمر عنده , فوجد امرأته قد نامت فأرادها , فقالت : إني قد نمت ! فقال : ما نمت ! ثم وقع بها , وصنع كعب بن مالك مثل ذلك . فغدا عمر بن الخطاب إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره , فأنزل الله تعالى ذكره : علم الله أنكم كنتم تختالون أنفسكم فتاب عليكم وعفا عنكم فالآن باشروهن . .. الآية . 2414 - حدثني المثنى , قال : ثنا الحجاج , قال : ثنا حماد بن سلمة , قال : ثنا ثابت : أن عمر بن الخطاب واقع أهله ليلة في رمضان , فاشتد ذلك عليه , فأنزل الله : أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم . 2415 - حدثني محمد بن سعد , قال : حدثني أبي , قال : حدثني عمي , قال : حدثني أبي , عن أبيه , عن ابن عباس قوله : أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم هن لباس لكم وأنتم لباس لهن إلى : وعفا عنكم كان الناس أول ما أسلموا إذا صام أحدهم يصوم يومه , حتى إذا أمسى طعم من الطعام فيما بينه وبين العتمة , حتى إذا صليت حرم عليهم الطعام حتى يمسي من الليلة القابلة . وإن عمر بن الخطاب بينما هو نائم , إذ سولت له نفسه , فأتى أهله لبعض حاجته , فلما اغتسل أخذ يبكي ويلوم نفسه كأشد ما رأيت من الملامة . ثم أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله إنى أعتذر إلى الله وإليك من نفسي هذه الخاطئة , فانها زينت لي فواقعت أهلي , هل تجد لي من رخصة يا رسول الله ؟ قال : " لم تكن حقيقا بذلك يا عمر " , فلما بلغ بيته , أرسل إليه فأنبأه بعذره في آية من القرآن , وأمر الله رسوله أن يضعها في المائة الوسطى من سورة البقرة , فقال : أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم إلى علم الله أنكم كنتم تختانون أنفسكم يعني بذلك الذي فعل عمر بن الخطاب . فأنزل الله عفوه , فقال : فتاب عليكم وعفا عنكم فالآن باشروهن إلى : من الخيط الأسود فأحل لهم المجامعة والأكل والشرب حتى يتبين لهم الصبح . 2416 - حدثني محمد بن عمرو , قال : ثنا أبو عاصم , قال : ثنا عيسى , عن ابن أبي نجيح , عن مجاهد : أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم قال : كان الرجل من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم يصوم الصيام بالنهار , فإذا أمسى أكل وشرب وجامع النساء , فإذا رقد حرم ذلك كله عليه إلى مثلها من القابلة . وكان منهم رجال يختانون أنفسهم في ذلك , فعفا الله عنهم , وأحل ذلك لهم بعد الرقاد وقبله في الليل كله . 2417 - حدثني المثنى , قال : ثنا أبو حذيفة , قال : ثنا شبل , عن ابن أبي نجيح , عن مجاهد , قال : كان أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يصوم الصائم في رمضان , فإذا أمسى , ثم ذكر نحو حديث محمد بن عمرو وزاد فيه : وكان منهم رجال يختانون أنفسهم , وكان عمر بن الخطاب ممن اختان نفسه , فعفا الله عنهم , وأحل ذلك لهم بعد الرقاد وقبله , وفي الليل كله . 2418 - حدثنا الحسن بن يحيى , قال : أخبرنا عبد الرزاق , قال : أخبرنا معمر , قال : أخبرني إسماعيل بن شروس , عن عكرمة مولى ابن عباس : أن رجلا قد سماه من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم من الأنصار جاء ليلة وهو صائم , فقالت له امرأته : لا تنم حتى نصنع لك طعاما ! فنام , فجاءت فقالت : نمت والله ! فقال : لا والله ! قالت : بلى والله ! فلم يأكل تلك الليلة وأصبح صائما , فغشي عليه ; فأنزلت الرخصة فيه . 2419 - حدثنا بشر , قال : ثنا يزيد , قال : ثنا سعيد , عن قتادة : علم الله أنكم كنتم تختانون أنفسكم وكان بدء الصيام أمروا بثلاثة أيام من كل شهر ركعتين غدوة , وركعتين عشية , فأحل الله لهم في صيامهم - في ثلاثة أيام , وفي أول ما افترض عليهم في رمضان - إذا أفطروا وكان الطعام والشراب وغشيان النساء لهم حلالا ما لم يرقدوا , فإذا رقدوا حرم عليهم ذلك إلى مثلها من القابلة . وكانت خيانة القوم أنهم كانوا يصيبون أو ينالون من الطعام والشراب وغشيان النساء بعد الرقاد , وكانت تلك خيانة القوم أنفسهم , ثم أحل الله لهم ذلك الطعام والشراب وغشيان النساء إلى طلوع الفجر . * - حدثنا الحسن بن يحيى , قال : أخبرنا عبد الرزاق , قال : أخبرنا معمر , عن قتادة في قوله : أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم قال : كان الناس قبل هذه الآية إذا رقد أحدهم من الليل رقدة , لم يحل له طعام ولا شراب , ولا أن يأتي امرأته إلى الليلة المقبلة , فوقع بذلك بعض المسلمين , فمنهم من أكل بعد هجعته أو شرب , ومنهم من وقع على امرأته فرخص الله ذلك لهم . 2420 - حدثني موسى بن هارون , قال : ثنا عمرو بن حماد , قال : ثنا أسباط , عن السدي , قال : كتب على النصارى رمضان , وكتب عليهم أن لا يأكلوا ولا يشربوا بعد النوم ولا ينكحوا النساء شهر رمضان , فكتب على المؤمنين كما كتب عليهم , فلم يزل المسلمون على ذلك يصنعون كما تصنع النصارى , حتى أقبل رجل من الأنصار يقال له أبو قيس بن صرمة , وكان يعمل في حيطان المدينة بالأجر , فأتى أهله بتمر , فقال لامرأته : استبدلي بهذا التمر طحينا فاجعليه سخينة لعلي أن آكله , فإن التمر قد أحرق جوفي , فانطلقت فاستبدلت له , ثم صنعت , فأبطأت عليه فنام , فأيقظته , فكره أن يعصي الله ورسوله , وأبى أن يأكل , وأصبح صائما ; فرآه رسول الله صلى الله عليه وسلم بالعشي , فقال : " ما لك يا أبا قيس أمسيت طليحا " , فقص عليه القصة . وكان عمر بن الخطاب وقع على جارية له في ناس من المؤمنين لم يملكوا أنفسهم ; فلما سمع عمر كلام أبي قيس رهب أن ينزل في أبي قيس شيء , فتذكر هو , فقام فاعتذر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم , فقال : يا رسول الله إني أعوذ بالله إني وقعت على جاريتي , ولم أملك نفسي البارحة ! فلما تكلم عمر تكلم أولئك الناس , فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " ما كنت جديرا بذلك يا ابن الخطاب " , فنسخ ذلك عنهم , فقال : أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم هن لباس لكم وأنتم لباس لهن , علم الله أنكم كنتم تختانون أنفسكم يقول : إنكم تقعون عليهن خيانة , فتاب عليكم وعفا عنكم فالآن باشروهن وابتغوا ما كتب الله لكم يقول : جامعوهن ; ورجع إلى أبي قيس فقال : وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر . 2421 - حدثنا القاسم , قال : ثنا الحسين , قال : حدثني حجاج , عن ابن جريج قال : قلت لعطاء : أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم قال : كانوا في رمضان لا يمسون النساء ولا يطعمون ولا يشربون بعد أن يناموا حتى الليل من القابلة , فإن مسوهن قبل أن يناموا لم يروا بذلك بأسا . فأصاب رجل من الأنصار امرأته بعد أن نام , فقال : قد اختنت نفسي ! فنزل القرآن , فأحل لهم النساء والطعام والشراب حتى يتبين لهم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر . قال : وقال مجاهد : كان أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم يصوم الصائم منهم في رمضان , فإذا أمسى أكل وشرب وجامع النساء , فإذا رقد حرم عليه ذلك كله حتى كمثلها من القابلة , وكان منهم رجاله يختانون أنفسهم في ذلك . فعفا عنهم وأحل لهم بعد الرقاد وقبله في الليل , فقال : أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم . .. الآية . 2422 - حدثني القاسم , قال : ثنا الحسين , قال : حدثني حجاج , عن ابن جريج , عن عكرمة أنه قال في هذه الآية : أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم مثل قول مجاهد , وزاد فيه : أن عمر بن الخطاب قال لامرأته : لا ترقدي حتى أرجع من عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ! فرقدت قبل أن يرجع , فقال لها : ما أنت براقدة ! ثم أصابها حتى جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فذكر ذلك له , فنزلت هذه الآية . قال عكرمة : نزلت وكلوا واشربوا الآية في أبي قيس بن صرمة من بني الخزرج أكل بعد الرقاد . 2423 - حدثني المثنى , قال : ثنا الحجاج , قال : ثنا حماد , قال : أخبرنا محمد بن إسحاق , عن محمد بن يحيى بن حبان أن صرمة بن أنس أتى أهله ذات ليلة وهو شيخ كبير وهو صائم , فلم يهيئوا له طعاما , فوضع رأسه فأغفى , وجاءته امرأته بطعامه , فقالت له : كل ! فقال : إني قد نمت , قالت : إنك لم تنم ! فأصبح جائعا مجهودا , فأنزل الله : وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر فأما المباشرة في كلام العرب : فإنه ملاقاة بشرة ببشرة , وبشرة الرجل : جلدته الظاهرة . وإنما كنى الله بقوله : فالآن باشروهن عن الجماع : يقول : فالآن إذا أحللت لكم الرفث إلى نسائكم فجامعوهن في ليالي شهر رمضان حتى يطلع الفجر , وهي تبين الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر , وبالذي قلنا في المباشرة قال جماعة من أهل التأويل . ذكر من قال ذلك : 2424 - حدثنا محمد بن بشار , قال : ثنا أبو عاصم , قال : ثنا سفيان . وحدثنا عبد الحميد بن سنان , قال : حدثنا إسحاق , عن سفيان . وحدثني محمد بن عبد الله بن عبد الحكم , قال : ثنا أيوب بن سويد , عن سفيان , عن عاصم , عن بكر بن عبد الله المزني , عن ابن عباس , قال : المباشرة : الجماع , ولكن الله كريم يكني . * - حدثنا ابن حميد , قال : ثنا جرير , عن عاصم , عن بكر بن عبد الله المزني , عن ابن عباس نحوه . * - حدثني المثنى , قال : ثنا عبد الله بن صالح , ثنا معاوية بن صالح , عن علي بن أبي طلحة , عن ابن عباس : فالآن باشروهن انكحوهن . * - حدثني محمد بن سعد , قال : حدثني أبي , قال : حدثني عمي , قال : ثني أبي , عن أبيه , عن ابن عباس قال : المباشرة : النكاح . 2425 - حدثنا القاسم , قال : ثنا الحسين , قال : حدثني حجاج , عن ابن جريج , قال : قلت لعطاء قوله : فالآن باشروهن قال : الجماع , وكل شيء في القرآن من ذكر المباشرة فهو الجماع نفسه , وقالها عبد الله بن كثير مثل قول عطاء في الطعام والشراب والنساء . * - حدثنا حميد بن مسعدة قال : ثنا يزيد بن زريع قال : وحدثنا ابن بشار , قال : ثنا محمد بن جعفر , قال : ثنا شعبة , عن أبي بشر , عن سعيد بن جبير , عن ابن عباس , قال : المباشرة الجماع , ولكن الله يكني ما شاء بما شاء . * - حدثني يعقوب بن إبراهيم , قال : حدثنا هشيم , قال أبو بشر : أخبرنا , عن سعيد بن جبير , عن ابن عباس مثله . 2426 - حدثني موسى بن هارون , قال : ثنا عمرو بن حماد , قال : ثنا أسباط , عن السدي : فالآن باشروهن يقول : جامعوهن . 2427 - حدثني المثنى , قال : ثنا أبو حذيفة , قال : ثنا شبل , عن ابن أبي نجيح , عن مجاهد , قال : المباشرة : الجماع . 2428 - حدثني المثنى , قال : ثنا سويد , قال : أخبرنا ابن المبارك , عن ابن جريج , عن عطاء , مثله . * - حدثني المثنى , قال : ثنا سويد , قال : أخبرنا ابن المبارك , عن الأوزاعي , قال : حدثني عبدة بن أبي لبابة , قال : سمعت مجاهدا يقول : المباشرة في كتاب الله : الجماع . * - حدثنا ابن البرقي , ثنا عمرو بن أبي سلمة , قال : قال الأوزاعي : ثنا من سمع مجاهدا يقول : المباشرة في كتاب الله الجماع .وابتغوا ما كتب الله لكمواختلفوا في تأويل قوله وابتغوا ما كتب الله لكم فقال بعضهم : الولد . ذكر من قال ذلك : 2429 - حدثني عبدة بن عبد الله الصفار البصري , قال : ثنا إسماعيل بن زياد الكاتب , عن شعبة , عن الحكم , عن مجاهد : وابتغوا ما كتب الله لكم قال : الولد . 2430 - حدثنا محمد بن المثنى , قال : ثنا سهل بن يوسف وأبو داود , عن شعبة قال : سمعت الحكم : وابتغوا ما كتب الله لكم قال : الولد . 2431 - حدثنا ابن حميد , قال : ثنا أبو تميلة , قال : ثنا عبيد الله , عن عكرمة قوله : وابتغوا ما كتب الله لكم قال : الولد . 2432 - حدثني علي بن سهل , قال : ثنا مؤمل , ثنا أبو مردود بحر بن موسى قال : سمعت الحسن بن أبي الحسن يقول في هذه الآية : وابتغوا ما كتب الله لكم قال : الولد . 2433 - حدثني موسى بن هارون , قال : ثنا عمرو بن حماد , قال : ثنا أسباط , عن السدي : وابتغوا ما كتب الله لكم فهو الولد . 2434 - حدثني محمد بن سعد , قال : ثنا أبي , قال : ثنا عمي , قال : ثنا أبي , عن أبيه , عن ابن عباس : وابتغوا ما كتب الله لكم يعني الولد . 2435 - حدثني محمد بن عمرو , قال : ثنا أبو عاصم , قال : ثني عيسى , عن ابن أبي نجيح , عن مجاهد : وابتغوا ما كتب الله لكم قال : الولد , فإن لم تلد هذه فهذه . * - حدثني المثنى , قال : ثنا أبو حذيفة , قال : ثنا شبل , عن ابن أبي نجيح , عن مجاهد بنحوه . * - حدثنا الحسن بن يحيى , أخبرنا عبد الرزاق , أخبرنا معمر , عمن سمع الحسن في قوله : وابتغوا ما كتب الله لكم قال : هو الولد . 2436 - حدثني المثنى , قال : ثنا إسحاق , قال : ثنا ابن أبي جعفر , عن أبيه , عن الربيع في قوله : وابتغوا ما كتب الله لكم قال : ما كتب لكم من الولد . 2437 - حدثني يونس , قال : أخبرنا ابن وهب , قال : قال ابن زيد في قوله : وابتغوا ما كتب الله لكم قال : الجماع . 2438 - حدثت عن الحسين بن الفرج , قال : ثنا الفضل بن خالد , قال : ثنا عبيد بن سلمان , قال : سمعت الضحاك بن مزاحم قوله : وابتغوا ما كتب الله لكم قال : الولد . وقال بعضهم : معنى ذلك ليلة القدر . ذكر من قال ذلك : 2439 - حدثنا أبو هشام الرفاعي , قال : ثنا معاذ بن هشام , قال : ثني أبي عن عمرو بن مالك , عن أبي الجوزاء عن ابن عباس : وابتغوا ما كتب الله لكم قال : ليلة القدر . قال أبو هشام : هكذا قرأها معاذ . * - حدثني المثنى , قال : ثنا مسلم بن إبراهيم , قال : ثنا الحسن بن أبي جعفر , قال : ثنا عمرو بن مالك عن أبي الجوزاء , عن ابن عباس في قوله : وابتغوا ما كتب الله لكم قال : ليلة القدر . وقال آخرون : بل معناه : ما أحله الله لكم ورخصه لكم . ذكر من قال ذلك : 2440 - حدثنا بشر بن معاذ , قال : ثنا يزيد بن زريع , قال : ثنا سعيد , عن قتادة : وابتغوا ما كتب الله لكم يقول : ما أحله الله لكم . * - حدثنا الحسن بن يحيى , قال : أخبرنا عبد الرزاق , قال : أخبرنا معمر , قال : قال قتادة في ذلك : ابتغوا الرخصة التي كتبت لكم . وقرأ ذلك بعضهم : واتبعوا ما كتب الله لكم ذكر من قال ذلك : 2441 - حدثنا الحسن بن يحيى , قال : أخبرنا عبد الرزاق , قال : أخبرنا ابن عيينة , عن عمرو بن دينار , عن عطاء بن أبي رباح , قال : قلت لابن عباس : كيف تقرأ هذه الآية : وابتغوا أو " واتبعوا " ؟ قال : أيتهما شئت . قال : عليك بالقراءة الأولى . والصواب من القول في تأويل ذلك عندي أن يقال : إن الله تعالى ذكره قال : وابتغوا بمعنى : اطلبوا ما كتب الله لكم , يعني الذي قضى الله تعالى لكم . وإنما يريد الله تعالى ذكره : اطلبوا الذي كتبت لكم في اللوح المحفوظ أنه يباح فيطلق لكم وطلب الولد إن طلبه الرجل بجماعه المرأة مما كتب الله له في اللوح المحفوظ , وكذلك إن طلب ليلة القدر , فهو مما كتب الله له , وكذلك إن طلب ما أحل الله وأباحه , فهو مما كتبه له في اللوح المحفوظ . وقد يدخل في قوله : وابتغوا ما كتب الله لكم جميع معاني الخير المطلوبة , غير أن أشبه المعاني بظاهر الآية قول من قال معناه : وابتغوا ما كتب الله لكم من الولد لأنه عقيب قوله : فالآن باشروهن بمعنى : جامعوهن ; فلأن يكون قوله : وابتغوا ما كتب الله لكم بمعنى : وابتغوا ما كتب الله في مباشرتكم إياهن من الود والنسل أشبه بالآية من غيره من التأويلات التي ليس على صحتها دلالة من ظاهر التنزيل , ولا خبر عن الرسول صلى الله عليه وسلم .وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجرالقول في تأويل قوله تعالى : وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر اختلف أهل التأويل في تأويل قوله : حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر فقال بعضهم : يعني بقوله : الخيط الأبيض : ضوء النهار . وبقوله : الخيط الأسود : سواد الليل . فتأويله على قول قائل هذه المقالة : وكلوا بالليل في شهر صومكم , واشربوا , وباشروا نساءكم . مبتغين ما كتب الله لكم من الولد , من أول الليل إلى أن يقع لكم ضوء النهار بطلوع الفجر من ظلمة الليل وسواده . ذكر من قال ذلك : 2442 - حدثني الحسن بن عرفة , قال : ثنا روح بن عبادة , قال : ثنا أشعث , عن الحسن في قول الله تعالى ذكره : حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر قال : الليل من النهار . 2443 - حدثني موسى بن هارون , قال : ثنا عمرو بن حماد , قال : ثنا أسباط , عن السدي : وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر قال : حتى يتبين لكم النهار من الليل . ثم أتموا الصيام إلى الليل . 2444 - حدثنا بشر بن معاذ , قال : ثنا يزيد , قال : ثنا سعيد , عن قتادة قوله : وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر ثم أتموا الصيام إلى الليل فهما علمان وحدان بينان فلا يمنعكم أذان مؤذن مراء أو قليل العقل من سحوركم فإنهم يؤذنون بهجيع من الليل طويل . وقد يرى بياض ما على السحر يقال له الصبح الكاذب كانت تسميه العرب , فلا يمنعكم ذلك من سحوركم , فإن الصبح لا خفاء به : طريقة معترضة في الأفق , وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الصبح , فإذا رأيتم ذلك فأمسكوا . 2445 - حدثني محمد بن سعد , قال : حدثني أبي , قال : حدثني عمي , قال : ثني أبي , عن أبيه , عن ابن عباس : وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر يعني الليل من النهار . فأحل لكم المجامعة والأكل والشرب حتى يتبين لكم الصبح , فإذا تبين الصبح حرم عليهم المجامعة والأكل والشرب حتى يتموا الصيام إلى الليل . فأمر بصوم النهار إلى الليل , وأمر بالإفطار بالليل . 2446 - حدثنا أبو كريب , قال : ثنا أبو بكر بن عياش , وقيل له : أرأيت قول الله تعالى : الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر ؟ قال : " إنك لعريض القفا " , قال : هذا ذهاب الليل ومجيء النهار . قيل له : الشعبي عن عدي بن حاتم ؟ قال : نعم , حدثنا حصين . وعلة من قال هذه المقالة وتأول الآية هذا التأويل ما : 2447 - حدثنا أبو كريب , قال : ثنا حفص بن غياث , عن مجالد بن سعيد , عن الشعبي , عن عدي بن حاتم , قال : قلت يا رسول الله , قول الله : وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر قال : " هو بياض النهار وسواد الليل " 2448 - حدثنا أبو كريب , قال : ثنا ابن نمير وعبد الرحيم بن سليمان , عن مجالد , عن سعيد , عن عامر , عن عدي بن حاتم , قال : أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فعلمني الإسلام , ونعت لي الصلوات , كيف أصلي كل صلاة لوقتها , ثم قال : " إذا جاء رمضان فكل واشرب حتى يتبين لك الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر , ثم أتم الصيام إلى الليل " , ولم أدر ما هو , ففعلت خيطين من أبيض وأسود , فنظرت فيهما عند الفجر , فرأيتهما سواء . فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت : يا رسول الله كل شيء أوصيتني قد حفظت , غير الخيط الأبيض من الخيط الأسود , قال : " وما منعك يا ابن حاتم ؟ " وتبسم كأنه قد علم ما فعلت . قلت : فتلت خيطين من أبيض وأسود فنظرت فيهما من الليل فوجدتهما سواء . فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى رئي نواجذه , ثم قال : " ألم أقل لك من الفجر ؟ إنما هو ضوء النهار وظلمة الليل " . * - حدثنا أبو كريب , قال : ثنا مالك بن إسماعيل , قال : ثنا داود وابن علية جميعا , عن مطرف , عن الشعبي , عن عدي بن حاتم , قال : قلت لرسول الله صلى الله عليه وسلم : ما الخيط الأبيض من الخيط الأسود , أهما خيطان أبيض وأسود ؟ فقال : وإنك لعريض القفا إن أبصرت الخيطين " , ثم قال : " لا ولكنه سواد الليل وبياض النهار " . 2449 - حدثني أحمد بن عبد الرحيم البرقي , قال : ثنا ابن أبي مريم , قال : ثنا أبو غسان , قال : ثنا أبو حازم عن سهل بن سعد , قال : نزلت هذه الآية : وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود فلم ينزل من الفجر قال : فكان رجال إذا أرادوا الصوم ربط أحدهم في رجليه الخيط الأسود والخيط الأبيض , فلا يزال يأكل ويشرب حتى يتبين له ; فأنزل الله بعد ذلك : من الفجر فعلموا إنما يعني بذلك : الليل والنهار . وقال متأولو قول الله تعالى ذكره : حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر أنه بياض النهار وسواد الليل , صفة ذلك البياض أن يكون منتشرا مستفيضا في السماء يملأ بياضه وضوءه الطرق , فأما الضوء الساطع في السماء فإن ذلك غير الذي عناه الله بقوله : الخيط الأبيض من الخيط الأسود . ذكر من قال ذلك : 2450 - حدثنا محمد بن عبد الأعلى الصنعاني , قال : ثنا معتمر بن سليمان , قال : سمعت عمران بن حدير , عن أبي مجلز : الضوء الساطع في السماء ليس بالصبح , ولكن ذاك الصبح الكذاب , إنما الصبح إذا انفضح الأفق . 2451 - حدثني سلم بن جنادة السوائي , قال : ثنا أبو معاوية , عن الأعمش , عن مسلم , قال : لم يكونوا يعدون الفجر فجركم هذا , كانوا يعدون الفجر الذي يملأ البيوت والطرق . * - حدثنا أبو كريب , قال : ثنا عثام , عن الأعمش , عن مسلم : ما كانوا يرون إلا أن الفجر الذي يستفيض في السماء . 2452 - حدثنا الحسن بن عرفة , قال : ثنا روح بن عبادة , قال : ثنا ابن جريج , قال : أخبرني عطاء أنه سمع ابن عباس يقول : هما فجران , فأما الذي يسطع في السماء فليس يحل ولا يحرم شيئا , ولكن الفجر الذي يستبين على رءوس الجبال هو الذي يحرم الشراب . 2453 - حدثنا الحسن بن الزبرقان النخعي , قال : ثنا أبو أسامة , عن محمد بن أبي ذؤيب , عن الحرث بن عبد الرحمن , عن محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان , قال : " الفجر فجران , فالذي كأنه ذنب السرحان لا يحرم شيئا , وأما المستطير الذي يأخذ الأفق فإنه يحل الصلاة ويحرم الصوم " . 2454 - حدثنا أبو كريب , قال : ثنا وكيع وإسماعيل بن صبيح وأبو أسامة , عن أبي هلال , عن سوادة بن حنظلة , عن سمرة بن جندب , قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لا يمنعكم من سحوركم أذان بلال ولا الفجر المستطيل , ولكن الفجر المستطير في الأفق " . 2455 - حدثنا أبو كريب , قال : ثنا معاوية بن هشام الأسدي , قال : ثنا شعبة , عن سوادة قال : سمعت سمرة بن جندب يذكر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه سمعه وهو يقول : " لا يغرنكم نداء بلال ولا هذا البياض حتى يبدو الفجر وينفجر " . وقال آخرون : الخيط الأبيض : هو ضوء الشمس , والخيط الأسود : هو سواد الليل . ذكر من قال ذلك : 2456 - حدثنا هشام بن السري , قال : ثنا عبادة بن حميد , عن الأعمش , عن إبراهيم التيمي , قال : سافر أبي مع حذيفة قال : فسار حتى إذا خشينا أن يفجأنا الفجر , قال : هل منكم من أحد آكل أو شارب ؟ قال : قلت له : أما من يريد الصوم فلا . قال : بلى ! قال : ثم سار حتى إذا استبطأنا الصلاة نزل فتسحر . 2457 - حدثنا هناد وأبو السائب , قالا : ثنا أبو معاوية , عن الأعمش , عن إبراهيم التيمي , عن أبيه , قال : خرجت مع حذيفة إلى المدائن في رمضان , فلما طلع الفجر , قال : هل منكم من أحد آكل أو شارب ؟ قلنا : أما رجل يريد أن يصوم فلا . قال : لكني ! قال : ثم سرنا حتى استبطأنا الصلاة , قال : هل منكم أحد يريد أن يتسحر ؟ قال : قلنا أما من يريد الصوم فلا . قال : لكني ! ثم نزل فتسحر , ثم صلى . 2458 - حدثنا أبو كريب , قال : ثنا أبو بكر , قال : ربما شربت بعد قول المؤذن - يعني في رمضان - قد قامت الصلاة . قال : وما رأيت أحدا كان أفعل له من الأعمش , وذلك لما سمع , قال : حدثنا إبراهيم التيمي عن أبيه قال : كنا مع حذيفة نسير ليلا , فقال : هل منكم متسحر الساعة ؟ قال : ثم سار , ثم قال حذيفة : هل منكم متسحر الساعة ؟ قال : ثم سار حتى استبطأنا الصلاة , قال : فنزل فتسحر . 2459 - حدثنا هارون بن إسحاق الهمداني , قال : ثنا مصعب بن المقدام , قال : ثنا إسرائيل , قال : ثنا أبو إسحاق عن هبيرة , عن علي , أنه لما صلى الفجر , قال : هذا حين يتبين الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر . 2460 - حدثنا أبو كريب , قال : ثنا ابن الصلت , قال : ثنا إسحاق بن حذيفة العطار , عن أبيه , عن البراء , قال : تسحرت في شهر رمضان , ثم خرجت , فأتيت ابن مسعود , فقال : اشرب ! فقلت : إني قد تسحرت . فقال : اشرب ! فشربنا ثم خرجنا والناس في الصلاة . 2461 - حدثنا أبو كريب , قال : ثنا أبو معاوية , عن الشيباني , عن جبلة بن سحيم , عن عامر بن مطر , قال أتيت عبد الله بن مسعود في داره , فأخرج فضلا من سحوره , فأكلنا معه , ثم أقيمت الصلاة فخرجنا فصلينا . 2462 - حدثنا خلاد بن أسلم , قال : ثنا أبو بكر بن عياش , عن أبي إسحاق , عن عبد الله بن معقل , عن سالم مولى أبي حذيفة قال , كنت أنا وأبو بكر الصديق فوق سطح واحد في رمضان , فأتيت ذات ليلة فقلت : ألا تأكل يا خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ فأومأ بيده أن كف , ثم أتيته مرة أخرى , فقلت له : ألا تأكل يا خليفة رسول الله ؟ فأومأ بيده أن كف . ثم أتيته مرة أخرى , فقلت : ألا تأكل يا خليفة رسول الله ؟ فنظر إلى الفجر ثم أومأ بيده أن كف . ثم أتيته فقلت : ألا تأكل يا خليفة رسول الله ؟ قال , هات غذاءك ! قال : فأتيته به فأكل ثم صلى ركعتين , ثم قام إلى الصلاة . 2463 - حدثنا ابن المثنى , قال : ثنا عبد الرحمن بن مهدي , قال : ثنا شعبة , عن مغيرة , عن إبراهيم , قال : الوتر بالليل والسحور بالنهار . وقد روي عن إبراهيم غير ذلك . 2464 - حدثنا ابن المثنى , قال : ثنا محمد بن جعفر , عن حماد , عن إبراهيم , قال : السحور بليل , والوتر بليل . 2465 - حدثنا حكام عن ابن أبي جعفر , عن المغيرة , عن إبراهيم , قال : السحور والوتر ما بين التثويب والإقامة . 2466 - حدثنا ابن المثنى , قال : ثنا محمد بن جعفر , قال : ثنا شعبة , عن شبيب بن غرقدة , عن عروة , عن حبان , قال : تسحرنا مع علي ثم خرجنا وقد أقيمت الصلاة فصلينا . 2467 - حدثنا ابن بشار , قال : ثنا مؤمل , قال : ثنا سفيان , عن شبيب , عن حبان بن الحرث , قال : مررت بعلي وهو في دار أبي موسى وهو يتسحر , فلما انتهيت إلى المسجد أقيمت الصلاة . * - حدثنا ابن حميد , قال : ثنا جرير , عن منصور , عن أبي إسحاق , عن أبي السفر , قال : صلى علي بن أبي طالب الفجر , ثم قال : هذا حين يتبين الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر . وعلة من قال هذا القول أن القول إنما هو النهار دون الليل . قالوا : وأول النهار طلوع الشمس , كما أن آخره غروبها . قالوا : ولو كان أوله طلوع الفجر لوجب أن يكون آخره غروب الشفق . قالوا : وفي إجماع الحجة على أن آخر النهار غروب الشمس دليل واضح , على أن أوله طلوعها . قالوا : وفي الخبر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه تسحر بعد طلوع الفجر أوضح الدليل على صحة قولنا . ذكر الأخبار التي رويت عن النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك : 2468 - حدثنا أبو كريب , قال : ثنا أبو بكر , عن عاصم , عن زر , عن حذيفة , قال : قلت : تسحرت مع النبي صلى الله عليه وسلم ؟ قال : نعم , قال : لو أشاء لأقول هو النهار إلا أن الشمس لم تطلع . * - حدثنا أبو كريب , قال : ثنا أبو بكر , قال : ما كذب عاصم على زر , ولا زر على حذيفة , قال : قلت له : يا أبا عبد الله تسحرت مع النبي صلى الله عليه وسلم ؟ قال : نعم هو النهار إلا أن الشمس لم تطلع . 2469 - حدثنا ابن بشار , قال : ثنا مؤمل , قال : ثنا سفيان , عن عاصم , عن زر , عن حذيفة قال : كان النبي صلى الله عليه وسلم يتسحر وما أرى مواقع النبل . قال : قلت أبعد الصبح ؟ قال : هو الصبح إلا أنه لم تطلع الشمس . 2470 - حدثنا ابن حميد , قال : حدثنا الحكم بن بشير , قال : حدثنا عمرو بن قيس وخلاد الصفار , عن عاصم بن بهدلة , عن زر بن حبيش , قال : أصبحت ذات يوم فغدوت إلى المسجد , فقلت : لو مررت على باب حذيفة ! ففتح لي فدخلت , فإذا هو يسخن له طعام , فقال : اجلس حتى تطعم ! فقلت : إني أريد الصوم . فقرب طعامه فأكل وأكلت معه , ثم قام إلى لقحة في الدار , فأخذ يطلب من جانب وأحلب أنا من جانب , فناولني , فقلت : ألا ترى الصبح ؟ فقال : اشرب ! فشربت , ثم جئت إلى باب المسجد فأقيمت الصلاة , فقلت له : أخبرني بآخر سحور تسحرته مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ! فقال : هو الصبح إلا أنه لم تطلع الشمس . 2471 - حدثنا أحمد بن إسحاق الأهوازي , قال : ثنا روح بن جنادة , قال : ثنا حماد , عن محمد بن عمرو , عن أبي سلمة , عن أبي هريرة , عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " إذا سمع أحدكم النداء والإناء على يده فلا يضعه حتى يقضي حاجته منه " . 2472 - حدثنا أحمد بن إسحاق , قال : ثنا روح بن جنادة , قال : ثنا حماد , عن عمار بن أبي عمار , عن أبي هريرة , عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله , وزاد فيه : وكان المؤذن يؤذن إذا بزغ الفجر . 2473 - حدثنا ابن حميد , قال : ثنا يحيى بن واضح , قال : ثنا الحسين . وحدثنا محمد بن علي بن الحسن بن شقيق , قال : سمعت أبي قال : أخبرنا الحسين بن واقد قالا جميعا , عن أبي غالب , عن أبي أمامة قال : أقيمت الصلاة والإناء في يد عمر , قال : أشربها يا رسول الله ؟ قال : " نعم " , فشربها . 2474 - حدثنا ابن حميد , قال : ثنا يحيى بن واضح , قال : ثنا يونس , عن أبيه , عن عبد الله , قال : قال بلال : أتيت النبي صلى الله عليه وسلم أؤذنه بالصلاة وهو يريد الصوم , فدعا بإناء فشرب , ثم ناولني فشربت , ثم خرج إلى الصلاة . * - حدثني محمد بن أحمد الطوسي , قال : ثنا عبيد الله بن موسى , قال : أخبرنا إسرائيل , عن أبي إسحاق عن عبد الله بن مغفل , عن بلال قال : أتيت النبي صلى الله عليه وسلم أوذنه بصلاة الفجر وهو يريد الصيام , فدعا بإناء فشرب , ثم ناولني فشربت , ثم خرجنا إلى الصلاة . وأولى التأويلين بالآية , التأويل الذي روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال " الخيط الأبيض : بياض النهار , والخيط الأسود : سواد الليل " وهو المعروف في كلام العرب , قال أبو دؤاد الإيادي : فلما أضاءت لنا سدفة ولاح من الصبح خيط أنارا وأما الأخبار التي رويت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه شرب أو تسحر ثم خرج إلى الصلاة , فإنه غير دافع صحة ما قلنا في ذلك ; لأنه غير مستنكر أن يكون صلى الله عليه وسلم شرب قبل الفجر , ثم خرج إلى الصلاة , إذ كانت الصلاة صلاة الفجر هي على عهده كانت تصلى بعد ما يطلع الفجر ويتبين طلوعه ويؤذن لها قبل طلوعه . وأما الخبر الذي روي عن حذيفة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يتسحر وأنا أرى مواقع النبل , فإنه قد استثبت فيه , فقيل له : أبعد الصبح ؟ فلم يجب في ذلك بأنه كان بعد الصبح , ولكنه قال : هو الصبح . وذلك من قوله يحتمل أن يكون معناه هو الصبح لقربه منه وإن لم يكن هو بعينه , كما تقول العرب : " هذا فلان شبها " , وهي تشير إلى غير الذي سمته , فتقول : " هو هو " تشبيها منها له به , فكذلك قول حذيفة : هو الصبح , معناه : هو الصبح شبها به وقربا منه . وقال ابن زيد في معنى الخيط الأبيض والأسود ما : 2475 - حدثني به يونس , قال : أخبرنا ابن وهب , قال : قال ابن زيد : حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر قال : الخيط الأبيض الذي يكون من تحت الليل يكشف الليل , والأسود : ما فوقه . وأما قوله : من الفجر فإنه تعالى ذكره يعني : حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود الذي هو من الفجر . وليس ذلك هو جميع الفجر , ولكنه إذا تبين لكم أيها المؤمنون من الفجر ذلك الخيط الأبيض الذي يكون من تحت الليل الذي فوقه سواد الليل , فمن حينئذ فصوموا , ثم أتموا صيامكم من ذلك إلى الليل . وبمثل ما قلنا في ذلك كان ابن زيد يقول : 2476 - حدثني يونس , قال : أخبرنا ابن وهب , قال : قال ابن زيد في قوله : من الفجر قال : ذلك الخيط الأبيض هو من الفجر نسبة إليه , وليس الفجر كله , فإذا جاء هذا الخيط وهو أوله فقد حلت الصلاة وحرم الطعام والشراب على الصائم . وفي قوله تعالى ذكره : وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر ثم أتموا الصيام إلى الليل أوضح الدلالة على خطأ قول من قال : حلال الأكل والشرب لمن أراد الصوم إلى طلوع الشمس ; لأن الخيط الأبيض من الفجر يتبين عند ابتداء طلوع أوائل الفجر , وقد جعل الله تعالى ذكره ذلك حدا لمن لزمه الصوم في الوقت الذي أباح إليه الأكل والشرب والمباشرة . فمن زعم أن له أن يتجاوز ذلك الحد , قيل له : أرأيت إن أجاز له آخر ذلك ضحوة أو نصف النهار ؟ فإن قال : إن قائل ذلك مخالف للأمة قيل له : وأنت لما دل عليه كتاب الله ونقل الأمة مخالف , فما الفرق بينك وبينه من أصل أو قياس ؟ فإن قال : الفرق بيني وبينه أن الله أمر بصوم النهار دون الليل , والنهار من طلوع الشمس . قيل له : كذلك يقول مخالفوك : والنهار عندهم أوله طلوع الفجر , وذلك هو ضوء الشمس وابتداء طلوعها دون أن يتتام طلوعها , كما أن آخر النهار ابتداء غروبها دون أن يتتام غروبها . ويقال لقائلي ذلك : إن كان النهار عندكم كما وصفتم هو ارتفاع الشمس , وتكامل طلوعها وذهاب جميع سدفة الليل وغبس سواده , فكذلك عندكم الليل هو تتام غروب الشمس وذهاب ضيائها وتكامل سواد الليل وظلامه . فإن قالوا : ذلك كذلك . قيل لهم : فقد يجب أن يكون الصوم إلى مغيب الشفق وذهاب ضوء الشمس وبياضها من أفق السماء . فإن قالوا : ذلك كذلك , أوجبوا الصوم إلى مغيب الشفق الذي هو بياض . وذلك قول إن قالوه مدفوع بنقل الحجة التي لا يجوز فيما نقلته مجمعة عليه الخطأ والسهو على تخطئته . وإن قالوا : بل أول الليل ابتداء سدفته وظلامه ومغيب عين الشمس عنا . قيل لهم : وكذلك أول النهار : طلوع أول ضياء الشمس ومغيب أوائل سدفة الليل . ثم يعكس عليه القول في ذلك , ويسأل الفرق بين ذلك , فلن يقول في أحدهما قولا إلا ألزم في الآخر مثله . وأما الفجر , فإنه مصدر من قول القائل : تفجر الماء يتفجر فجرا : إذا انبعث وجرى , فقيل للطالع من تباشير ضياء الشمس من مطلع الشمس فجر , لانبعاث ضوئه عليهم وتورده عليم بطرقهم ومحاجهم تفجر الماء المنفجر من منبعه .ثم أتموا الصيام إلى الليلوأما قوله : ثم أتموا الصيام إلى الليل فإنه تعالى ذكره حد الصوم بأن آخر وقته إقبال الليل , كما حد الإفطار وإباحة الأكل والشرب والجماع وأول الصوم بمجيء أول النهار وأول إدبار آخر الليل , فدل بذلك على أن لا صوم بالليل كما لا فطر بالنهار في أيام الصوم , وعلى أن المواصل مجوع نفسه في غير طاعة ربه . كما : 2477 - حدثنا هناد , قال : ثنا أبو معاوية ووكيع وعبدة , عن هشام بن عروة , عن أبيه , عن عاصم بن عمر , عن عمر , قالا : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إذا أقبل الليل وأدبر النهار وغابت الشمس فقد أفطر الصائم " . 2478 - حدثنا هناد , قال : ثنا أبو بكر بن عياش , قال : ثنا أبو إسحاق الشيباني , وحدثنا هناد بن السري , قال : ثنا أبو عبيدة وأبو معاوية , عن شيبان , وحدثنا ابن المثنى , قال : ثنا أبو معاوية , وحدثني أبو السائب , قال : ثنا ابن إدريس , عن الشيباني قالوا جميعا في حديثهم عن عبد الله بن أبي أوفى قال : كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في مسير وهو صائم , فلما غربت الشمس قال لرجل : " انزل فاجدل لي " قالوا : لو أمسيت يا رسول الله ! فقال : " انزل فاجدح لي ! " فقال الرجل : يا رسول الله لو أمسيت ! قال : " انزل فاجدح لي ! " قال : يا رسول الله إن علينا نهارا ! فقال له الثالثة , فنزل فجدح له . ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إذا أقبل الليل من ههنا " - وضرب بيده نحو المشرق - " فقد أفطر الصائم " . 2479 - حدثنا محمد بن المثنى , قال : ثنا عبد الوهاب , قال : ثنا داود , عن رفيع , قال : فرض الله الصيام إلى الليل , فإذا جاء الليل فأنت مفطر إن شئت فكل , وإن شئت فلا تأكل . 2480 - حدثني المثنى , قال : ثنا عبد الأعلى , قال : ثنا داود , عن أبي العالية أنه سئل عن الوصال في الصوم فقال : افترض الله على هذه الأمة صوم النهار , فإذا جاء الليل فإن شاء أكل وإن شاء لم يأكل . * - حدثني يعقوب , قال : حدثني ابن علية , عن داود بن أبي هند , قال : قال أبو العالية في الوصال في الصوم , قال : قال الله : ثم أتموا الصيام إلى الليل فإذا جاء الليل فهو مفطر , فإن شاء أكل , وإن شاء لم يأكل . 2481 - حدثني المثنى , قال : ثنا ابن دكين , عن مسعر , عن قتادة , قال : قالت عائشة : أتموا الصيام إلى الليل يعني أنها كرهت الوصال . فإن قال قائل : فما وجه وصال من واصل ؟ فقد علمت بما : 2482 - حدثكم به أبو السائب , قال : ثنا حفص , عن هشام بن عروة , قال : كان عبد الله بن الزبير يواصل سبعة أيام , فلما كبر جعلها خمسا , فلما كبر جدا جعلها ثلاثا . 2483 - حدثنا أبو السائب , قال : ثنا حفص , عن عبد الملك , قال : كان ابن أبي يعمر يفطر في كل شهر مرة . 2484 - حدثنا ابن أبي بكر المقدمي , قال : ثنا الفروي , قال : سمعت مالكا يقول : كان عامر بن عبد الله بن الزبير يواصل ليلة ست عشرة وليلة سبع عشرة من رمضان لا يفطر بينهما , فلقيته فقلت له : يا أبا الحرث ماذا تجده يقويك في وصالك ؟ قال : السمن أشربه أجده يبل عروقي , فأما الماء فإنه يخرج من جسدي . وما أشبه ذلك ممن فعل ذلك , ممن يطول بذكرهم الكتاب . قيل : وجه من فعل ذلك إن شاء الله تعالى على طلب الخموصة لنفسه والقوة , لا على طلب البر بفعله . وفعلهم ذلك نظير ما كان عمر بن الخطاب يأمرهم به بقوله : " اخشوشنوا وتمعددوا وانزوا على الخيل نزوا وا
وَ لَا تَاْكُلُوْۤا اَمْوَالَكُمْ بَیْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ وَ تُدْلُوْا بِهَاۤ اِلَى الْحُكَّامِ لِتَاْكُلُوْا فَرِیْقًا مِّنْ اَمْوَالِ النَّاسِ بِالْاِثْمِ وَ اَنْتُمْ تَعْلَمُوْنَ۠(۱۸۸)
اور آپس میں ایک دوسرے کا مال ناحق نہ کھاؤ اور نہ حاکموں کے پاس ان کا مقدمہ اس لئے پہنچاؤ کہ لوگوں کا کچھ مال ناجائز طور پر کھاؤ (ف۳۴۳) جان بوجھ کر،
القول في تأويل قوله تعالى : وَلا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُوا بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُوا فَرِيقًا مِنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالإِثْمِ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ (188)قال أبو جعفر: يعني تعالى ذكره بذلك: ولا يأكل بعضُكم مالَ بعض بالباطل. فجعل تعالى ذكره بذلك آكلَ مال أخيه بالباطل، كالآكل مالَ نَفسه بالباطل.ونَظيرُ ذلك قولهُ تعالى: وَلا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ [سورة الحجرات: 11] وقوله: وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ [سورة النساء: 29] بمعنى: لا يلمزْ بعضكم بعضا، ولا يقتُلْ بعضكم بعضا (83) لأن الله تعالى ذكره جعل المؤمنين إخوة، فقاتل أخيه كقاتل نفسه، ولامزُه كلامز نفسه، وكذلك تفعل العرب تكني عن نفسها بأخواتها، وعن أخواتها بأنفسها، فتقول: " أخي وأخوك أيُّنا أبطش ". يعني: أنا وأنت نصْطرع، فننظر أيُّنا أشدّ (84) - فيكني المتكلم عن نفسه بأخيه، لأن أخا الرجل عندها كنفسه، ومن ذلك قول الشاعر: (85)أخِي وَأَخُوكَ بِبَطْنِ النُّسَيْرِلَيْسَ بِهِ مِنْ مَعَدٍّ عَرِيبْ (86)* * *فتأويل الكلام: ولا يأكلْ بعضكم أموال بعضٍ فيما بينكم بالباطل." وأكله بالباطل ": أكله من غير الوجه الذي أباحه الله لآكليه.* * *وأما قوله: " وتُدلوا بها إلى الحكام " فإنه يعني: وتخاصموا بها - يعني: بأموالكم - إلى الحكام " لتأكلوا فريقا " = طائفة = (87) من أموال الناس بالإثم وأنتم تعلمون.ويعني بقوله: " بالإثم " بالحرام الذي قد حرمه الله عليكم (88) " وأنتم تعلمون "، أي: وأنتم تتعمَّدون أكل ذلك بالإثم، على قصد منكم إلى ما حَرّم الله عليكم منه، ومعرفةٍ بأن فعلكم ذلك معصية لله وإثم . (89) . كما:3059 - حدثني المثنى قال، حدثنا أبو صالح، قال: حدثني معاوية بن صالح، عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس: " ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل وتُدلوا بها إلى الحكام " فهذا في الرجل يكون عليه مالٌ، وليس عليه فيه بيِّنة، فيجحد المال، فيخاصمهم فيه إلى الحكام وهو يعرف أنّ الحق عليه، وهو يعلم أنه آثم: آكلٌ حراما.3060 - حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد في قول الله: " وتُدلوا بها إلى الحكام " قال: لا تخاصم وأنت ظالم.3061 - حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد مثله.3062 - حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة قوله: " ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل وتدلوا بها إلى الحكام " وكان يقال: من مشى مع خصمه وهو له ظالم، فهو آثم حتى يرجع إلى الحق. واعلم يَا ابن آدم أن قَضاء القاضي لا يُحلّ لك حراما ولا يُحقّ لك باطلا وإنما يقضي القاضي بنحو ما يرَى ويشهدُ به الشهود، والقاضي بَشر يخطئ ويصيب. واعلموا أنه من قد قُضي له بالباطل، فإن خصومته لم تنقض حتّى يجمع الله بينهما يوم القيامة، فيقضي على المبُطل للمحق، بأجود مما قُضي به للمبطل على المحقّ في الدنيا (90) .3063 - حدثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر، عن قتادة في قوله: " وتدلوا بها إلى الحكام " قال: لا تدلِ بمال أخيك إلى الحاكم وأنتَ تعلم أنك ظالم، فإن قضاءه لا يُحلّ لك شيئا كان حراما عليك.3064 - حدثني موسى بن هارون قال، حدثنا عمرو بن حماد قال، حدثنا أسباط، عن السدي: " ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل وتدلوا بها إلى الحكام لتأكلوا فريقا من أموال الناس بالإثم وأنتم تعلمون " أما " الباطل " يقول: يظلم الرجل منكم صاحبَه، ثم يخاصمه ليقطع ماله وهو يعلم أنه ظالم، فذلك قوله: " وتدلوا بها إلى الحكام ".3065- حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين، قال، حدثني خالد الواسطي، عن داود بن أبي هند، عن عكرمة قوله: " ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل " قال: هو الرجل يشتري السِّلعة فيردُّها ويردُّ معها دَرَاهم.3066 - حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد في قوله: " ولا تأكلوا أموالكم بَينكم بالباطل وتدلوا بها إلى الحكام " يقول: يكون أجدل منه وأعرَف بالحجة، فيخاصمه في ماله بالباطل ليأكل ماله بالباطل. وقرأ: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ [سورة النساء: 29] قال: هذا القِمار الذي كان يَعمل به أهل الجاهلية.* * *وأصل " الإدلاء ": إرسال الرجل الدلو في سَبب متعلقا به في البئر. (91) فقيل للمحتج لدعواه: " أدلَى بحجة كيت وكيت " إذا كان حجته التي يحتج بها سببا له، هو به متعلقٌ في خصومته، كتعلق المستقي من بئر بدَلو قد أرسلها فيها بسببها الذي الدلو به متعلقة، يقال فيهما جميعا - أعني من الاحتجاج، ومن إرسال الدلو في البئر بسبب: " أدلى فلان بحجته، فهو يُدلي بها إدلاء = وأدلى دلوه في البئر، فهو يدليها إدلاء ".* * *فأما قوله: " وتدلوا بها إلى الحكام "، فإن فيه وَجهين من الإعراب:أحدهما: أن يكون قوله: " وتُدْلوا " جزما عطفا على قوله: " ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل " أي: ولا تدلوا بها إلى الحكام، وقد ذُكر أن ذلك كذلك في قراءة أُبَيٍّ بتكرير حرف النهي: " وَلا تدلوا بها إلى الحكام ".والآخر منهما: النصب على الصرْف، (92) فيكون معناه حينئذ: لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل وأنتم تدلون بها إلى الحكام، كما قال الشاعر:لا تَنْهَ عَنْ خُلُقٍ وَتَأْتِيَ مِثْلَهُعَارٌ عَلَيْكَ إذَا فَعَلْتَ عَظِيمُ (93)يعني: لا تنه عن خلق وأنتَ تأتي مثله.وهو أنْ يكون في موضع جزم - على ما ذُكر في قراءة أبيّ - أحسن منه أن يكون نَصبا.--------------الهوامش :(83) انظر ما سلف مثل ذلك في 2 : 300 ، ثم الآية : 85 من سورة البقرة 2 : 303 لم يذكر فيها شيئا من ذلك . ولم يبين هذا البيان فيما سلف . وهذا دليل على أنه كان أحيانا يختصر الكلام اختصارا ، اعتمادا على ما مضى من كلامه ، أو ما يستقبل منه . كما قلت في مقدمة التفسير .(84) انظر تأويل مشكل القرآن : 114 ، هذا بنصه .(85) هو ثعلبة بن عمرو (حزن) العبدي ، ابن أم حزنة . ويقال هو من بني شيبان حليف في عبد القيس . وكان من الفرسان (الاشتقاق لابن دريد : 197) . وانظر التعليق التالي .(86) المفضليات : 513 ، وتأويل مشكل القرآن : 114 ، معجم ما استعجم : 1038 . وفي المطبوعة : "ليس لنا" ، وأثبت ما في المراجع ، وكأنها الصواب . ويقال : ليس بالدار عريب ، أي ليس بها أحدا . و"النسير" ، تصغير"النسر" ، وهو مكان بديار بني سليم . بيد أن ياقوت نقل عن الحازمي أنه بناحية نهاوند ، واستشهد بهذا البيت . فإن يكن ذلك فابن أم حزنة هذا إسلامي : قال ياقوت ، قال سيف : "سار المسلمون من مرج القلعة نحو نهاوند ، حتى انتهوا إلى قلعة فيها قوم ، ففتحوها ، وخلفوا عليها النسير بن ثور في عجل وحنيفة . وفتحها بعد فتح نهاوند ، ولم يشهد نهاوند عجلي ولا حنفي ، لأنهم أقاموا مع النسير على القلعة ، فسميت به" (انظر تاريخ الطبري 4 : 243 ، 251) .فإن صح أن ابن أم حزنة كان في بعث المسلمين ، كان هذا البيت مؤيدا لهذا القول . فإنه يقول له : أنا وأنت ببطن النسير ، ليس معنا فيه من أبناء معد (وهم العرب) أحد . وأما عن الحازمي إذا كان الموضع ببلاد العرب ، فهو يقول : ليس به أحد ، وقوله"من معد" فضول من القول . وقد ترجح عندي أنه شاعر إسلامي ، من بعض شعره في المفضليات رقم 74 ، وفي الوحشيات رقم : 217 ، (وانظر من نسب إلى أمه رقم : 22 ، 32) ، وله شعر في حماسة البحتري : 97 ، 103 .وإن صحت رواية الطبري : "ليس لنا من معد عريب" . فعريب ، في هذا البيت ، هو صاحبه الذي ذكره في أول الشعر فقال :إِنَّ عَرِبيًا وَإِنْ سَاءَنيأَحَبُّ حَبِيبٍ وَأَدْنَى قَرِيبْفيكون قوله : "معد" مصدر"عد يعد" . يقول : أنا وأنت ببطن النسير وحدنا ، لا يعد معنا أحد ، يعني أنهما خاليين بالمكان ، ليس لك من ينصرك ولا لي من ينصرني ، فهناك يظهر صاحب للبأس منهما ، وقال بعد البيت :فأقْسَم بِاللّهِ لاَ يَأتَلِيوأقْسَمْتُ إِنْ نلتُهُ لاَ يَؤُوبْفَأَقْبَلَ نَحْوِي عَلَى قُدْرةٍفَلَمَّا دَنَا صَدَقَتْه الكَذُوبْ(87) انظر ما سلف في تفسير"فريق" 2 : 224 ، 402 .(88) انظر ما سلف في تفسير"الإثم" من هذا الجزء 3 : 399-408 .(89) في المطبوعة : "معصية الله" ، خطأ .(90) في المطبوعة : "ويأخذ مما قضي به . . " ، والصواب ما أثبت من تفسير ابن كثير 1 : 430 .(91) السبب : الحبل .(92) في المطبوعة : "على الظرف" ، وهو محض خطأ . وقد مضى تفسير معنى"الصرف" في 1 : 569-570 ، واالتعليق : 1 .(93) سلف تخريج هذا البيت في 1 : 569 ، إلا أني سهوت فلم أذكر أنه آت في هذا الموضع من التفسير ، وفي 9 : 146 (بولاق) ، فقيده . وانظر أيضًا معاني القرآن للفراء 1 : 115 .
یَسْــٴَـلُوْنَكَ عَنِ الْاَهِلَّةِؕ-قُلْ هِیَ مَوَاقِیْتُ لِلنَّاسِ وَ الْحَجِّؕ-وَ لَیْسَ الْبِرُّ بِاَنْ تَاْتُوا الْبُیُوْتَ مِنْ ظُهُوْرِهَا وَ لٰكِنَّ الْبِرَّ مَنِ اتَّقٰىۚ-وَ اْتُوا الْبُیُوْتَ مِنْ اَبْوَابِهَا۪-وَ اتَّقُوا اللّٰهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُوْنَ(۱۸۹)
تم سے نئے چاند کو پوچھتے ہیں (ف۳۴۴) تم فرمادو وہ وقت کی علامتیں ہیں لوگوں اور حج کے لئے (ف۳۴۵) اور یہ کچھ بھلائی نہیں کہ (ف۳۴۶) گھروں میں پچھیت (پچھلی دیوار) توڑ کر آ ؤ ہاں بھلائی تو پرہیزگاری ہے، اور گھروں میں دروازوں سے آ ؤ (ف۳۴۷) اور اللہ سے ڈرتے رہو اس امید پر کہ فلاح پاؤ
القول في تأويل قوله تعالى : يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّقال أبو جعفر: ذكر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سُئل عن زيادة الأهلة ونقصانها واختلاف أحوالها، فأنزل الله تعالى ذكره هذه الآية، جوابا لًهُم فيما سألوا عنه.ذكر الأخبار بذلك:3067 - حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتاده قوله: " يَسألُونك عن الأهلة قُلْ هيَ مواقيت للناس "، قال قتادة: سألوا نبيَّ الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك: لم جُعلت هذه الأهلة؟ فأنزل الله فيها ما تَسمعون: " هي مَواقيتُ للناس "، فجعلها لصوم المسلمين ولإفطارهم، ولمناسكهم وحجّهم، ولعدة نسائهم وَمحلّ دَينهم في أشياء، والله أعلم بما يُصلح خلقه.3068 - حدثني المثنى قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا ابن أبي جعفر، عن أبيه، عن الربيع، قال: ذكر لنا أنهم قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم: لم خُلقت الأهلة؟ فأنزل الله تعالى: " يسألونك عن الأهلة قل هي مواقيتُ للناس والحج " جعلها الله مواقيتَ لصوم المسلمين وإفطارهم ولحجهم ومناسكهم وعدّة نسائهم وَحلّ ديونهم (94) .3069- حدثنا الحسن بن يحيى، قال، أخبرنا عبد الرزاق، قال، أخبرنا معمر، عن قتادة في قوله: " مواقيتُ للناس والحج " قال: هي مواقيت للناس في حجهم وصومهم وفطرهم ونُسكهم.3070 - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين، قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج، قال: قال الناس: لم خلقت الأهلة؟ فنزلت: " يسألونك عن الأهلة قُل هي مواقيت للناس "، لصَومهم وإفطارهم وَحجهم وَمَناسكهم - قال: قال ابن عباس: ووقتَ حجهم، وعدة نسائهم، وَحلّ دَينهم.3071- حدثني موسى بن هارون قال، حدثنا عمرو بن حماد قال، حدثنا أسباط، عن السدي: " يسألونك عن الأهلة قلْ هي مواقيت للناس " فهي مواقيت الطلاق والحيض والحج.3072 - حدثت عن الحسين بن الفرج قال، حدثنا الفضل بن خالد قال، حدثنا عبيد بن سليمان، عن الضحاك: " يسألونك عن الأهلة قل هي مواقيت للناس "، يعني: حَلّ دينهم، ووقت حجهم، وعدة نسائهم.3073- حدثني محمد بن سعد، قال، حدثني أبي، قال، حدثني عمي، قال، حدثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قال: سأل الناسُ رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الأهلة، فنزلت هذه الآية: " يسألونك عن الأهلة قل هي مواقيت للناس " يعلمون بها حَلّ دينهم، وعدة نسائهم، ووقت حجهم.3074 - حدثنا أحمد بن إسحاق قال، حدثنا أبو أحمد، عن شريك، عن جابر، عن عبد الله بن يحيى، عن علي: أنه سئل عن قوله: " مواقيت للناس "، قال: هي مواقيتُ الشهر: هكذا وهكذا وهكذا - وقبض إبهامه - فإذا رأيتموه فصوموا وإذا رأيتموه فأفطروا، فإن غُمَّ عليكم فأتموا ثَلاثين (95) .* * *قال أبو جعفر: فتأويل الآية - إذا كان الأمرُ على ما ذكرنا عمن ذكرنا عنهُ قوله في ذلك-: يسألونك يا محمد عن الأهلة ومحاقها وسِرَارِها وَتمامها واستوائها، وتغير أحوالها بزيادة ونُقصان وَمحاق واستسرار، وما المعنى الذي خَالف بينه وبين الشمس التي هي دائمة أبدًا على حال واحدة لا تتغير بزيادة ولا نقصان؟ - فقلْ يا محمد: خالف بين ذلك ربُّكم لتصييره الأهلة = التي سألتم عن أمرها، ومخالفة ما بينها وبين غيرها فيما خالف بينها وبينه = مواقيتَ لكم ولغيركم من بني آدم في معايشهم، ترقبون بزيادتها ونقصانها ومحاقِها واستسرارها وإهلالكم إياها، أوقات حَلّ ديونكم، وانقضاء مدة إجارة من استأجرتموه، وتصرُّم عدة نسائكم، ووقت صومكم وإفطاركم، فجعلها مواقيت للناس.* * *وأما قوله " والحج "، فإنه يعني: وللحجِّ، يقول: وجعلها أيضًا ميقاتًا لحجكم، تعرفون بها وقت مناسككم وحَجكم.* * *القول في تأويل قوله تعالى : وَلَيْسَ الْبِرُّ بِأَنْ تَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ ظُهُورِهَا وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنِ اتَّقَى وَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوَابِهَا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (189)قال أبو جعفر: قيل: نزلت هذه الآية في قوم كانوا لا يدخلون - إذا أحرموا - بيوتَهم من قبل أبوابها.* ذكر من قال ذلك:3075- حدثنا محمد بن المثنى قال، حدثنا محمد بن جعفر، عن شعبة، عن أبي إسحاق، قال: سمعت البراء يقول: كانت الأنصار إذا حَجوا ورَجعوا لم يدخلوا البيوت إلا من ظُهورها. قال: فجاء رجل من الأنصار فدخل من بابه، فقيل له في ذلك، فنزلت هذه الآية: " وليسَ البرُّ بأن تأتوا البيوت من ظهورها " (96) .3076 - حدثني سفيان بن وكيع، قال، حدثني أبي، عن إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن البراء قال: كانوا في الجاهلية إذا أحرموا، أتُوا البيوت من ظهورها، ولم يأتوا من أبوابها، فنزلت: " وليس البر بأن تأتوا البيوتَ من ظهورها " ..الآية (97) .3077 - حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال، حدثنا المعتمر بن سليمان، قال، سمعت داود، عن قيس بن حبتر: أن ناسا كانوا إذا أحرموا لم يدخلوا حائطا من بابه، ولا دارا من بابها أو بيتا، فدخل رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه دارا، وكان رجل من الأنصار يقال له: " رفاعة بن تابوت " فجاء فتسوَّر الحائط، ثم دخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم. فلما خرَج من باب الدار - أو قال: من باب البيت - خرج معه رفاعة، قال: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما حملك على ذلك؟ قال: يا رسول الله، رأيتُك خرجتَ منه، فخرجت منه! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنّي رجلٌ أحْمس! فقال: إن تكن رَجلا أحْمس، فإنّ ديننا واحد! فأنزل الله تعالى ذكره: " وليسَ البر بأن تأتوا البيوتَ من ظُهورها ولكن البر من اتقى وأتوا البيوتَ من أبوابها " (98) .3078 - حدثنا محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد في قول الله تعالى ذكره: " وليس البرُّ بأن تأتوا البيوت من ظُهورها " يقول: ليس البرّ بأن تأتوا البيوت من كُوَّات في ظهور البيوت، وأبواب في جنوبها، تجعلها أهل الجاهلية. فنُهوا أن يدخلوا منها، وأمِروا أن يدخلوا من أبوابها.3079- حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، مثله.3080 - حدثنا ابن حميد قال، حدثنا جرير، عن مغيرة، عن إبراهيم، قال: كان ناسٌ من أهل الحجاز إذا أحرموا لم يدخلوا من أبواب بيوتهم ودخلوا من ظهورها، فنزلت: " ولكن البر من اتقى " الآية.3081 - حدثنا ابن حميد قال، حدثنا جرير، عن منصور، عن مجاهد في قوله: " وليس البر بأن تأتوا البيوت من ظهورها ولكنّ البر من اتقى وأتوا البيوتَ من أبوابها " قال: كان المشركون إذا أحرم الرجل منهم نَقب كُوَّة في ظهر بيته فجعل سُلَّمًا، فجعل يدخل منها. قال: فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم ومعه رجل من المشركين، قال: فأتى الباب ليدخل، فدخل منه. قال: فانطلق الرجل ليدخل من الكوة. قال: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما شأنك؟ فقال: إنّي أحمس! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: وأنا أحمس.3082- حدثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر، عن الزهري، قال: كان ناسٌ من الأنصار إذا أهلُّوا بالعمرة لم يَحل بينهم وبين السماء شيء يتحرَّجون من ذلك، وكان الرجل يخرج مُهلا بالعمرة فتبدو له الحاجة بعد ما يخرج من بيته فيرجع ولا يدخل من باب الحجرة من أجل سَقف الباب أن يحول بينه وبين السماء، فيفتح الجدار من وَرَائه، ثم يقوم في حجرته فيأمر بحاجته. فتخرج إليه من بيته، حتى بلغنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أهلَّ زمنَ الحديبية بالعمرة، فدخل حجرة، فدخل رجل على أثره، من الأنصار من بني سَلِمة، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: إنّي أحمس! قال الزهري: وكانت الحُمس لا يبالون ذلك. فقال الأنصاري: وأنا أحمس! يقول: وأنا على دينك، فأنزل الله تعالى ذكره: " وليس البر بأن تأتوا البيوت من ظُهورها ".3084 - حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة قوله: " وليس البر بأن تأتوا البيوت " الآية كلها. قال قتادة: كان هذا الحي من الأنصار في الجاهلية، إذا أهلَّ أحدُهم بحجّ أو عمرة لا يدخلُ دارا من بابها، إلا أن يتسور حائطا تسوُّرًا، وأسلموا وهم كذلك. فأنزل الله تعالى ذكرهفي ذلك ما تسمعون، ونهاهم عن صنيعهم ذلك، وأخبرهم أنه ليس من البر صنيعهم ذلك، وأمرهم أن يأتوا البيوت من أبوابها.3085 - حدثني موسى بن هارون قال، حدثنا عمرو بن حماد قال، حدثنا أسباط، عن السدي قوله: " وليس البر بأن تأتوا البيوت من ظهورها " فإن ناسا من العرَب كانوا إذا حجُّوا لم يدخلوا بيوتهم من أبوابها كانوا يَنقبون في أدبارِها، فلما حجّ رسول الله صلى الله عليه وسلم حجة الوداع، أقبل يمشي ومعه رجل من أولئك وهو مسلم. فلما بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم باب البيت احتبس الرجل خلفه وأبى أن يدخل، قال: يا رسول الله، إني أحمس! - يقول: إنّي محرم - وكان أولئك الذين يفعلون ذلك يسمون " الحُمس "، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: وأنا أيضا أحمس! فادخل. فدخل الرجل، فأنزل الله تعالى ذكره: " وأتوا البيوت من أبوابها ".3086 - حدثني محمد بن سعد، قال: حدثني أبي، قال، حدثني عمي، قال، حدثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس: " وليس البر بأن تأتوا البيوت من ظُهورها ولكنّ البر من اتقى وأتوا البيوت من أبوابها "، وأنّ رجالا من أهل المدينة كانوا إذا خاف أحدُهم من عَدوِّه شيئا أحرم فأمِن، فإذا أحرم لم يلج من باب بيته واتخذ نَقبا من ظَهر بيته. فلما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة كان بها رجلٌ محرم كذلك - وأنّ أهل المدينة كانوا يُسمُّون البستان " الحُشّ" - وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم دَخل بُستانًا، فدخله من بابه، ودخل معه ذلك المحرم، فناداه رجلٌ من ورائه: يا فلان، إنك محرم وقد دخلت! فقال: أنا أحمس! فقال: يا رسول الله، إن كنت محرما فأنا محرم، وإن كنت أحمسَ فأنا أحمسُ! فأنزل الله تعالى ذكره: " وليس البر بأن تأتوا البيوت من ظُهورها "، إلى آخر الآية، فأحل الله للمؤمنين أن يدخلوا من أبوابها.3087 - حدثت عن عمار بن الحسن، قال حدثنا عبد الله بن أبي جعفر،عن أبيه، عن الربيع قوله: " وليسَ البر بأنْ تأتوا البيوتَ من ظهورها ولكن البر مَن اتقى وأتوا البيوت من أبوابها " قال: كان أهل المدينة وغيرُهم إذا أحرمُوا لم يدخلوا البيوت إلا من ظهورها، وذلك أن يتسوَّرُوها، فكان إذا أحرم أحدُهم لا يدخل البيت إلا أن يتسوّره من قِبَل ظَهره. وأن النبي صلى الله عليه وسلم دخل ذات يوم بيتا لبعض الأنصار، فدخل رجلٌ على أثره ممن قد أحرم، فأنكروا ذلك عليه، وقالوا: هذا رجل فاجرٌ! فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: لم دخلت من الباب وقد أحرمت؟ فقال: رأيتك يا رسول الله دخلتَ فدخلتُ على أثرك! فقال النبي صلى الله عليه وسلم: إنّي أحمس! - وقريش يومئذ تُدعى الحُمس - فلما أن قال ذلك النبي صلى الله عليه وسلم قال الأنصاري: إن ديني دينك! فأنزل الله تعالى ذكره: " وليس البر بأن تأتوا البيوتَ من ظهورها " الآية.3088 - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين، قال، حدثني حجاج، قال، قال ابن جريج: قلت لعطاء قوله: " وليس البر بأن تأتوا البيوت من ظهورها " قال: كان أهل الجاهلية يأتون البيوت من ظهورها ويرَوْنه برًّا، فقال: " البر "، ثم نعت " البر " وأمر بأن يأتوا البيوت من أبوابها = قال ابن جريج: وأخبرني عبد الله بن كثير: أنه سمع مجاهدا يقول: كانت هذه الآية في الأنصار، يأتون البيوت من ظهورها، يتبرَّرُون بذلك.* * *قال أبو جعفر: فتأويل الآية إذًا: وليس البر أيها الناس بأن تأتوا البيوت في حال إحرامكم من ظهورها، ولكن البر من اتقى الله فخافه وتجنب محارمه، وأطاعه بأداء فرائضه التي أمره بها، فأما إتيانُ البيوت من ظهورها فلا برَّ لله فيه، فأتوها من حيثُ شئتُم من أبوابها وغير أبوابها، ما لم تعتقدوا تحريم إتيانها من أبوابها في حال من الأحوال، فإن ذلك غيرُ جائزٍ لكم اعتقادُه، لأنه مما لم أحرمه عليكم.* * *القول في تأويل قوله تعالى : وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَقال أبو جعفر: يعني تعالى ذكره بذلك: واتقوا الله أيها الناس، فاحذروه وارهبوه بطاعته فيما أمركم به من فرائضه، واجتناب ما نهاكم عنه، لتفلحوا فتنجحوا في طلباتكم لديه، وتدركوا به البقاءَ في جَنَّاته والخلودَ في نعيمه.* * *وقد بينا معنى " الفلاح " فيما مضى قبلُ بما يدل عليه (99) .--------------الهوامش :(94) هكذا جاء في هذه الآثار 3068 ، 3070 ، 3072 ، 3073"حل ديونهم" . والذي في كتب اللغة : "حل الدين يحل حلولا ومحلا (بكسر الحاء)" : أي وجب . وأستظهر أن يكون هذا المصدر"حلا" بفتح الحاء كنظائرها من اللغة كقولهم : "صد يصد صدا وصدودا" ، ولو كسرت الحاء لكان وجها . وهذه الرواية قاضية على صحة هذا المصدر .(95) الخبر : 3074- جابر : هو ابن يزيد الجعفي ، بينا أنه ضعيف جدا ، في : 2340 . وأما شيخه"عبد الله بن يحيى" : فما عرفت من هو؟ وأكبر ظني أن الاسم محرف ، لم أستطع الوصول إلى صحته .وهذا الخبر لم يذكره ابن كثير ، ولا السيوطي . وإنما أشار إليه ابن كثير إشارة 1 : 430 .وقد ورد معناه مرفوعا ، في حديث صحيح ، رواه الحاكم 1 : 423 ، من حديث عبد الله بن عمر . وصححه ووافقه الذهبي . وذكره ابن كثير 1 : 430 ، من رواية عبد الرزاق ، ثم أشار إلى رواية الحاكم إياه . وذكره السيوطي 1 : 203-204 ، ونسبه أيضًا للبيهقي .(96) الحديث : 3075- رواه أبو داود الطيالسي : 717 ، عن شعبة ، بهذا الإسناد ، نحوه . ورواه البخاري مطولا 3 : 494 ، عن أبي الوليد ، عن شعبة ، بهذا الإسناد .وذكره السيوطي 1 : 204 ، وزاد نسبته لعبد بن حميد ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم . وسيأتي معناه بإسناد آخر ، عقبه .(97) الحديث : 3076- هو مكرر ما قبله . وهو في تفسير وكيع ، كما ذكر السيوطي 1 : 204 .ورواه البخاري 8 : 137 ، عن عبيد الله بن موسى ، عن إسرائيل ، بهذا الإسناد .(98) الحديث : 3077- داود : هو ابن أبي هند ، مضت ترجمته : 1608 .قيس بن حبتر النهشلي التميمي : تابعي ثقة ، وثقه أبو زرعة ، والنسائي ، وغيرهما ."حبتر" : بفتح الحاء المهملة والتاء المثناة بينهما باء موحدة ساكنة . ووقع في المطبوعة هنا"جبير" ، وهو تصحيف . ووقع أيضًا هكذا مصحفا في المواضع التي سنشير إليها من الفتح والإصابة والدر المنثور ، في هذا الحديث .وهذا إسناد مرسل ، لأنه عن تابعي مرفوعا ، فهو ضعيف .والحديث ذكره السيوطي 1 : 204 ، وزاد نسبته لعبد بن حميد ، وابن المنذر .وذكره الحافظ في الإصابة 2 : 209 ، من تفسير عبد بن حميد . وذكره أيضًا في الفتح 3 : 494 ، مختصرا ، ونسبه لعبد بن حميد ، وابن جرير ، وصرح في الموضعين بأنه حديث مرسل .الأحمس : هو المتشدد فيه دينه الصلب . ثم كانت الحمس (جمع أحمس) هم قريش . وخزاعة ، لنزولها مكة ومجاورتها قريشا ، وكل من ولدت قريش من العرب وكنانة ، وجديلة قيس - وهم فهم وعدوان ابنا عمرو بن قيس عيلان ، وبنو عامر بن صعصعة ، وكل من نزل مكة من قبائل العرب . فكانت الحمس قد شددوا في دينهم على أنفسهم ، فكانوا إذا نسكوا لم يسلأوا سمنا ، ولم يطبخوا أقطا ، ولم يدخروا لبنا ، ولم يحولوا بين مرضعة ورضاعها حتى يعافه ، ولم يحركوا شعرا ولا ظفرا ، ولا يبتنون في حجهم شعرا ولا وبرا ولا صوفا ولا قطنا ، ولا يأكلون لحما ، ولا يلبسون إلا جديدا ، ولا يطوفون بالبيت إلا في حذائهم وثيابهم ، ولا يمشون المسجد بأقدامهم تعظيما لبقعته ، ولا يدخلون البيوت من أبوابها ، ولا يخرجون إلى عرفات ، يقولون : "نحن أهل الله" ، ويلزمون مزدلفة حتى يقضوا نسكهم ، ويطوفون بالصفا والمروة إذا انصرفوا من مزدلفة ، ويسكنون في ظعنهم قباب الأدم الحمر (المحبر لابن حبيب : 178-180 ، ثم سيرة ابن هشام 1 : 211-216 / والطبري في التفسير رقم : 3840) .(99) انظر ما سلف 1 : 249-250 .
وَ قَاتِلُوْا فِیْ سَبِیْلِ اللّٰهِ الَّذِیْنَ یُقَاتِلُوْنَكُمْ وَ لَا تَعْتَدُوْاؕ-اِنَّ اللّٰهَ لَا یُحِبُّ الْمُعْتَدِیْنَ(۱۹۰)
اور اللہ کی راہ میں لڑو (ف۳۴۸) ان سے جو تم سے لڑتے ہیں (ف۳۴۹) اور حد سے نہ بڑھو (ف۳۵۰) اللہ پسند نہیں رکھتا حد سے بڑھنے والوں کو،
القول في تأويل قوله تعالى : وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ (190)قال أبو جعفر: اختلف أهلُ التأويل في تأويل هذه الآية.فقال بعضهم: هذه الآية هي أول آية نزلت في أمر المسلمين بقتال أهل الشرك. وقالوا: أمر فيها المسلمون بقتال من قاتلهم من المشركين، والكف عمن كفّ عنهم، ثم نُسخت ب " براءة ".* ذكر من قال ذلك:3089 - حدثني المثنى قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا عبد الرحمن بن سعد، وابن أبي جعفر، عن أبي جعفر، عن الربيع في قوله: " وقاتلُوا في سبيل الله الذين يُقاتلونكم ولا تَعتدوا إن الله لا يحبّ المعتدين " قال: هذه أوّل آية نزلت في القتال بالمدينة، فلما نزلت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقاتل من يقاتله، ويكفُّ عمن كفّ عنه، حتى نزلت " براءة "- ولم يذكر عبد الرحمن: " المدينة ".3090 - حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال، قال ابن زيد في قوله: " وقاتلوا في سبيل الله الذين يُقاتلونكم " إلى آخر الآية، قال: قد نسخ هذا! وقرأ قول الله: وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّةً [سورة التوبة: 36]، وهذه الناسخة، وقرأ: بَرَاءَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ حتى بلغ: فَإِذَا انْسَلَخَ الأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ إلى: إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ [سورة التوبة: 1-5].* * *وقال آخرون: بل ذلك أمر من الله تعالى ذكره للمسلمين بقتال الكفار، لم ينسخ. وإنما الاعتداءُ الذي نهاهم الله عنه، هو نهيه عن قتل النساء والذَّراريّ. قالوا: والنهي عن قتلهم ثابتٌ حُكمه اليوم. قالوا: فلا شيء نُسخ من حكم هذه الآية.* ذكر من قال ذلك:3091 - حدثنا سفيان بن وكيع قال، حدثنا أبي، عن صَدقة الدمشقي، عن يحيى بن يحيى الغساني، قال: كتبتُ إلى عمر بن عبد العزيز أسألهُ عن قوله: " وقاتلوا في سَبيل الله الذين يُقاتلونكم ولا تعتدوا إنّ الله لا يُحب المعتدين "، قال: فكتب إليّ: " إنّ ذلك في النساء والذريّة ومن لم يَنصِبْ لك الحرَب منهم ".3092 - حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد في قول الله تعالى ذكره: " وقاتلوا في سبيل الله الذين يُقاتلونكم " لأصحاب محمد صلى الله عليه وسلم، أمروا بقتال الكفار.3093- حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد مثله.3094 - حدثني علي بن داود قال، حدثنا أبو صالح، قال، حدثني معاوية، عن علي، عن ابن عباس: " وقاتلوا في سبيل الله الذين يُقاتلونكم ولا تعتدوا إنّ الله لا يحب المعتدين " يقول: لا تقتلوا النساء ولا الصِّبيان ولا الشيخ الكبير وَلا منْ ألقى إليكم السَّلَمَ وكفَّ يَده، فإن فَعلتم هذا فقد اعتديتم.3095- حدثني ابن البرقي قال، حدثنا عمرو بن أبي سلمة، عن سعيد بن عبد العزيز، قال: كتب عمر بن عبد العزيز إلى عديِّ بن أرطاة: " إني وَجَدتُ آية في كتاب الله: " وقاتلوا في سبيل الله الذين يُقاتلونكم ولا تعتدوا إنّ الله لا يحب المعتدين " أي: لا تقاتل من لا يقاتلك، يعني: النساء والصبيان والرُّهبان ".* * *قال أبو جعفر: وأولى هذين القولين بالصواب، القولُ الذي قاله عمر بن عبد العزيز. لأن دعوى المدَّعي نَسْخَ آية يحتمل أن تكون غيرَ منسوخة، بغير دلالة على صحة دعواه، تحكُّم. والتحكم لا يعجِز عنه أحد.* * *وقد دَللنا على معنى " النسخ "، والمعنى الذي من قبَله يَثبت صحة النسخ، بما قد أغنى عن إعادته في هذا الموضع (100) .* * *فتأويل الآية - إذا كان الأمر على ما وصفنا - : وقاتلوا أيها المؤمنون في سبيل الله = وسبيلُه: طريقه الذي أوضحه، ودينه الذي شرعه لعباده = يقول لهم تعالى ذكره: قاتلوا في طاعتي وَعلى ما شرعت لكم من ديني، وادعوا إليه من وَلَّى عنه واستكبر بالأيدي والألسن، حتى يُنيبوا إلى طاعتي، أو يعطوكم الجزية صَغارًا إن كانوا أهل كتاب. وأمرهم تعالى ذكره بقتال مَنْ كان منه قتال من مُقاتِلة أهل الكفر دون من لم يكن منه قتال (101) من نسائهم وذراريهم، فإنهم أموال وخَوَلٌ لهم إذا غُلب المقاتلون منهم فقُهروا، فذلك معنى قوله: " قاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم " لأنه أباح الكف عمّن كف، فلم يُقاتل من مشركي أهل الأوثان والكافِّين عن قتال المسلمين من كفار أهل الكتاب على إعطاء الجزية صَغارا.فمعنى قوله: " ولا تعتدوا ": لا تقتلوا وليدًا ولا امرأةً، ولا من أعطاكم الجزية من أهل الكتابَين والمجوس،" إنّ الله لا يُحب المعتدين " الذين يجاوزون حدوده، فيستحلُّون ما حرَّمه الله عليهم من قتل هؤلاء الذين حَرَّم قتلهم من نساء المشركين وذراريهم (102) .* * *---------------------------الهوامش :(100) انظر ما سلف 2 : 471-483 ، وهذا الجزء 3 : 385 .(101) في المطبوعة في الموضعين : "فيه قتال" ، وهو خطأ .(102) انظر تفسير"الاعتداء" فيما سلف 2 : 307 ، وهذا الجزء 3 : 376 ثم : 573 .
وَ اقْتُلُوْهُمْ حَیْثُ ثَقِفْتُمُوْهُمْ وَ اَخْرِجُوْهُمْ مِّنْ حَیْثُ اَخْرَجُوْكُمْ وَ الْفِتْنَةُ اَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِۚ-وَ لَا تُقٰتِلُوْهُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ حَتّٰى یُقٰتِلُوْكُمْ فِیْهِۚ-فَاِنْ قٰتَلُوْكُمْ فَاقْتُلُوْهُمْؕ-كَذٰلِكَ جَزَآءُ الْكٰفِرِیْنَ(۱۹۱)
اور کافروں کو جہاں پاؤ مارو (ف۳۵۱) اور انہیں نکال دو (ف۳۵۲) جہاں سے انہوں نے تمہیں نکا لا تھا (ف۳۵۳) اور ان کا فساد تو قتل سے بھی سخت ہے (ف۳۵۴) اور مسجد حرام کے پاس ان سے نہ لڑو جب تک وہ تم سے وہاں نہ لڑیں (ف۳۵۵) اور اگر تم سے لڑیں تو انہیں قتل کرو (ف۳۵۶) کافروں کی یہی سزا ہے،
القول في تأويل قوله تعالى : وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ وَأَخْرِجُوهُمْ مِنْ حَيْثُ أَخْرَجُوكُمْقال أبو جعفر: يعني تعالى ذكره بذلك: واقتلوا أيها المؤمنون الذين يقاتلونكم من المشركين حيث أصبتم مَقاتلهم وأمكنكم قتلهم، وذلك هو معنى قوله: " حيث ثقفتموهم ".* * *ومعنى " الثِّقْفَة " بالأمر (1) الحِذق به والبصر، يقال: " إنه لثَقِفَ لَقفٌ"، إذا كان جيد الحَذر في القتال، بصيرا بمواقع القتل. وأما " التَّثْقيف " فمعنى غير هذا، وهو التقويم.* * *فمعنى: " واقتلوهم حيث ثقفتموهم "، اقتلوهم في أي مكان تمكنتم من قتلهم، وأبصرتم مقاتلهم.* * *وأما قوله: " وأخرجوهم من حيث أخرجوكم " فإنه يُعنى بذلك المهاجرين الذين أخرجوا من ديارهم ومنازلهم بمكة، فقال لهم تعالى ذكره: أخرجوا هؤلاء الذين يقاتلونكم - وقد أخرجوكم من دياركم - من مساكنهم وديارهم كما أخرجوكم منها.* * *القول في تأويل قوله تعالى : وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِقال أبو جعفر: يعني تعالى ذكره بقوله: " والفتنة أشد من القتل "، والشرك بالله أشدُّ من القتل.* * *وقد بينت فيما مضى أن أصل " الفتنة " الابتلاءُ والاختبار (2)* * *فتأويل الكلام: وابتلاء المؤمن في دينه حتى يرجعَ عنه فيصير مشركا بالله من بعد إسلامه، أشدُّ عليه وأضرُّ من أن يُقتل مقيمًا على دينه متمسكا عليه، مُحقًّا فيه. كما:3096 - حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد في قول الله: " والفتنة أشدُّ من القتل " قال: ارتداد المؤمن إلى الوَثن أشدُّ عليه من القتل.3097- حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد مثله.3098 - حدثنا بشر بن معاذ، قال: حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة قوله: " والفتنة أشدُّ من القتل " يقول: الشرك أشدُّ من القتل.3099- حدثنا الحسن بن يحيى، قال، أخبرنا عبد الرزاق، قال، أخبرنا معمر، عن قتادة مثله.3100- حدثت عن عمار بن الحسن، قال، حدثنا ابن أبي جعفر، عن أبيه، عن الربيع: " والفتنة أشدُّ من القتل " يقول: الشرك أشدُّ من القتل.3101 - حدثني المثنى قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا أبو زهير، عن جويبر، عن الضحاك: " والفتنة أشدُّ من القتل " قال: الشرك.3102- حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين، قال، حدثني حجاج، قال، قال ابن جريج، أخبرني عبد الله بن كثير، عن مجاهد في قوله: " والفتنة أشدُّ من القتل " قال: الفتنة الشركُ.3103- حدثت عن الحسين بن الفرج، قال، سمعت الفضل بن خالد قال، حدثنا عبيد بن سليمان، عن الضحاك: " والفتنة أشدُّ من القتل " قال: الشرك أشدُّ من القتل.3104- حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال، قال ابن زيد في قوله جل ذكره: " والفتنة أشدُّ من القتل " قال: فتنة الكفر.* * *القول في تأويل قوله تعالى : وَلا تُقَاتِلُوهُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ حَتَّى يُقَاتِلُوكُمْ فِيهِ فَإِنْ قَاتَلُوكُمْ فَاقْتُلُوهُمْ كَذَلِكَ جَزَاءُ الْكَافِرِينَ (191)قال أبو جعفر: والقَرَأةُ مختلفة في قراءة ذلك.فقرأته عامَّة قراء المدينة ومكة: " ولا تُقاتلوهم عندَ المسجد الحرام حتى يُقاتلوكم فيه فإن قاتلوكم فاقتلوهم " بمعنى: ولا تبتدئوا - أيها المؤمنون - المشركين بالقتال عند المسجد الحرام، حتى يبدءوكم به، فإن بدءوكم به هناك عند المسجد الحرَام في الحرم، فاقتلوهم، فإن الله جعل ثَواب الكافرين على كفرهم وأعمالهم السيئة، القتلُ في الدنيا، والخزي الطويل في الآخرة، كما:3105- حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة قوله: " ولا تقاتلوهم عندَ المسجد الحرام حتى يُقاتلوكم فيه " كانوا لا يُقاتلون فيه حتى يُبدأوا بالقتال، ثم نسخ بعدُ ذلك فقال: وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ = حتى لا يكون شركٌ = وَيَكُونَ الدِّينُ لِلَّهِ = أن يقال: لا إله إلا الله، عليها قاتل نبيُّ الله، وإليها دعا.3106- حدثني المثنى قال، حدثنا الحجاج بن المنهال قال، حدثنا همام، عن قتادة: " ولا تقاتلوهم عند المسجد الحرام حتى يقاتلوكم فيه فإن قاتلوكم فاقتلوهم "، فأمر الله نبيَّه صلى الله عليه وسلم أن لا يقاتلهم عند المسجد الحرام إلا أن يبدءوا فيه بقتال، ثم نسخ الله ذلك بقوله: فَإِذَا انْسَلَخَ الأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ [سورة التوبة: 5] فأمر الله نبيَّه إذا انقضى الأجل أن يقاتلهم في الحِلِّ والحرَم وعند البيت، حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله، وأنّ محمدا رسولُ الله.3107- حدثت عن عمار بن الحسن قال، حدثنا عبد الله بن أبي جعفر، عن أبيه، عن الربيع قوله: " ولا تقاتلوهم عند المسجد الحرام حتى يقاتلوكم فيه " فكانوا لا يقاتلونهم فيه، ثم نسخ ذلك بعدُ فقال: قاتلوهم حتى لا تكون فتنة.* * *وقال بعضُهم: هذه آيةٌ محكمة غيرُ منسوخة.* ذكر من قال ذلك:3108- حدثنا المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: " فإن قاتلوكم " في الحرم فَاقتلوهم كذلك جزاءُ الكافرين، لا تقاتل أحدا فيه، فمن عَدا عليك فقاتلك فقاتِله كما يقاتلك.* * *وقرأ ذلك عُظْم قراء الكوفيين: " ولا تَقْتلوهم عند المسجد الحرامَ حتى يَقْتلوكم فيه فإن قَتلوكم فاقتلوهم " بمعنى: ولا تبدأوهم بقتل حتى يبدأوكم به.* ذكر من قال ذلك:3109 - حدثنا المثنى قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا عبد الرحمن بن أبي حماد، عن أبي حماد، عن حمزة الزيات قال: قلت للأعمش: أرأيت قراءتك: " ولا تَقتلوهم عند المسجد الحرام حتى يَقتلوكم فيه فإن قَتلوكم فاقتلوهم كذلك جَزاءُ الكافرين فإن انتهوا فإن الله غفورٌ رَحيم "، إذا قَتلوهم كيف يقتلونهم؟ قال: إن العرب إذا قُتل منهم رجل قالوا: " قُتلنا "، وإذا ضُرب منهم رجل قالوا: " ضربنا " (3) .* * *قال أبو جعفر: وأولى هاتين القراءتين بالصواب، قراءةُ من قرأ: " ولا تُقاتلوهم عند المسجد الحرامَ حتى يقاتلوكم فيه فإن قاتلوكم فاقتلوهم " لأن الله تعالى ذكره لم يأمر نبيَّه صلى الله عليه وسلم وأصحابه في حالٍ = إذا قاتلهم المشركون = بالاستسلام لهم حتى يَقتلوا منهم قتيلا بعد ما أذن لَهُ ولهم بقتالهم، فتكونَ القراءة بالإذن بقتلهم بعد أن يَقتلوا منهم، أولى من القراءة بما اخترنا. وإذا كان ذلك كذلك، فمعلومٌ أنه قد كان تعالى ذكره أذِن لهم بقتالهم إذا كان ابتداء القتال من المشركين قَبل أن يقتلوا منهم قتيلا وبعد أن يقتلوا منهم قتيلا.وقد نسخ الله تعالى ذكره هذه الآية بقوله: وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ ، وقوله: فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ [سورة التوبة: 5] ونحو ذلك من الآيات.* * *وقد ذكرنا بعضَ قول من قال هي منسوخة، وسنذكر قول من حضرنا ذكرُه ممن لم يُذكر.3110 - حدثنا الحسن بن يحيى قال، حدثنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر، عن قتادة: " ولا تُقاتلوهم عندَ المسجد الحرام حتى يقاتلوكم فيه " قال: نسخها قوله: فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ .3111- حدثني يونس، قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد في قوله: " ولا تقاتلوهم عند المسجد الحرام حتى يُقاتلوكم فيه " قال: حتى يبدأوكم، كان هذا قد حُرِّم فأحل الله ذلك له، فلم يزل ثابتا حتى أمره الله بقتالهم بعدُ.--------------------الهوامش :(1) هذا مصدر لم أجده في كتب اللغة ، وكأنه كما ضبطته بكسر الثاء على وزن"حكمة ونشدة" . والذي ذكروه : "ثقف الشيء ثقفا وثقافا وثقوفة" .(2) انظر ما سلف 2 : 444 .(3) الخبر : 3109- عبد الرحمن بن أبي حماد سكين الكوفي : ترجمه ابن الجزري في طبقات القراء 1 : 369-370 ، وذكر أنه أخذ القراءة عن حمزة الزيات ، "وهو أحد الذين خلفوه في القيام بالقراءة" .
فَاِنِ انْتَهَوْا فَاِنَّ اللّٰهَ غَفُوْرٌ رَّحِیْمٌ(۱۹۲)
پھر اگر وہ باز رہیں (ف۳۵۷) تو بیشک اللہ بخشنے والا مہربان ہے،
القول في تأويل قوله تعالى : فَإِنِ انْتَهَوْا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (192)قال أبوجعفر: يعني تعالى ذكره بذلك: فإن انتهى الكافرون الذين يقاتلونكم عن قتالكم وكفرهم بالله، فتركوا ذلك وتابوا،" فإن الله غفور " لذنوب من آمن منهم وتاب من شركه، وأناب إلى الله من معاصيه التي سلفت منه وأيامه التي مَضت =" رحيم " به في آخرته بفضله عليه، وإعطائه ما يعطى أهل طاعته من الثواب بإنابته إلى محبته من معصيته. كما:3112 - حدثنا المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: " فإن انتهوا " = فإن تابوا =" فإن الله غفورٌ رَحيم ".
وَ قٰتِلُوْهُمْ حَتّٰى لَا تَكُوْنَ فِتْنَةٌ وَّ یَكُوْنَ الدِّیْنُ لِلّٰهِؕ-فَاِنِ انْتَهَوْا فَلَا عُدْوَانَ اِلَّا عَلَى الظّٰلِمِیْنَ(۱۹۳)
اور ان سے لڑو یہاں تک کہ کوئی فتنہ نہ رہے اور ایک اللہ کی پوجا ہو پھر اگر وہ باز آئیں (ف۳۵۸) تو زیادتی نہیں مگر ظالموں پر،
القول في تأويل قوله تعالى : وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلَّهِقال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: وقاتلوا المشركين الذين يقاتلونكم حتى لا تكون فتنة = يعني: حتى لا يكون شركٌ بالله، وحتى لا يُعبد دونه أحدٌ، وتضمحلَّ عبادة الأوثان والآلهة والأنداد، وتكونَ العبادة والطاعة لله وحده دون غيره من الأصنام والأوثان، كما قال قتادة فيما:3113- حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة قوله: " وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة " قال: حتى لا يكون شرك.3114- حدثنا الحسن بن يحيى، قال، أخبرنا عبد الرزاق، قال، أخبرنا معمر، عن قتادة في قوله: " وقاتلوهم حَتى لا تكون فتنة " قال: حتى لا يكون شرك.3115 - حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: " وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة " قال: الشرك " ويكون الدِّين لله ".3116- حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد مثله.3117 - حدثني موسى بن هارون، قال، حدثنا عمرو بن حماد قال، حدثنا أسباط، عن السدي: " وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة " قال: أما الفتنة فالشرك.3118 - حدثني محمد بن سعد، قال، حدثني أبي، قال، حدثني عمي، قال، حدثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس قوله: " وقاتلوهم حتى لا تكونَ فتنة "، يقول: قاتلوا حتى لا يكون شِرك.3119 - حدثت عن عمار بن الحسن قال، حدثنا ابن أبي جعفر، عن أبيه، عن الربيع: " وقاتلوهم حَتى لا تكونَ فتنة " أي شركٌ.3120- حدثني يونس، قال، أخبرنا ابن وهب، قال، قال ابن زيد في قوله: " وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة " قال: حتى لا يكون كفر، وقرأ تُقَاتِلُونَهُمْ أَوْ يُسْلِمُونَ [سورة الفتح: 16].3121- حدثني علي بن داود قال، حدثنا عبد الله بن صالح، قال، حدثني معاوية بن صالح، عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس: " وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة " يقول: شركٌ.* * *وأما " الدين "، الذي ذكره الله في هذا الموضع (4) فهو العبادة والطاعة لله في أمره ونهيه، من ذلك قول الأعشى:هُوَ دَانَ الرِّبَابَ, إِذْ كَرِهُوا الدِّينَ, دِرَاكًا بِغَزْوَةٍ وَصِيَالِ (5)يعني بقوله: " إذ كرهوا الدين "، إذ كرهوا الطاعة وأبوْها.* * *وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.* ذكر من قال ذلك:3122- حدثت عن عمار بن الحسن قال، حدثنا ابن أبي جعفر، عن أبيه، عن الربيع: " ويكونَ الدِّينُ لله " يقول: حتى لا يُعبد إلا الله، وذلك " لا إله إلا الله "، عليه قاتل النبيُّ صلى الله عليه وسلم وإليه دعا، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: " إنّي أمرتُ أن أقاتِل الناسَ حتى يَقولوا لا إله إلا الله، ويقيموا الصلاة، ويؤتوا الزكاة، فإذا فعلوا ذلك فقد عَصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقِّها وحسابهم على الله ".3123- حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة: " ويكون الدِّينُ لله " أن يقال: " لا إله إلا الله ". ذُكِر لنا أن نبيَّ الله صلى الله عليه وسلم كان يقول: " إنّ الله أمرَني أن أقاتِل الناسَ حتى يقولوا لا إله إلا الله ". ثم ذكر مثل حديث الربيع.* * *القول في تأويل قوله تعالى : فَإِنِ انْتَهَوْا فَلا عُدْوَانَ إِلا عَلَى الظَّالِمِينَ (193)قال أبو جعفر: يعني تعالى ذكره بقوله: " فإن انتهوا " فإن انتهى الذين يقاتلونكم من الكفار عن قتالكم، ودَخلوا في ملّتكم، وأقرُّوا بما ألزمكم الله من فرائضه، وتركوا ما هم عليه من عبادة الأوثان، فدعوا الاعتداءَ عليهم وقتالَهم وجهادَهم، فإنه لا ينبغي أن يُعتدى إلا على الظالمين -وهم المشركون بالله، والذين تركوا عبادته وعبدوا غيرَ خالقهم.* * *فإن قال قائل: وهل يجوز الاعتداء على الظالم فيقال: " فَلا عُدوان إلا على الظالمين "؟ (6) .قيل: إن المعنى في ذلك على غير الوجه الذي إليه ذهبتَ، وإنما ذلك على وَجه المجازاة، لما كان من المشركين من الاعتداء، يقول: افعلوا بهم مثل الذي فعلوا بكم، كما يقال: " إن تَعاطيتَ منّي ظلما تعاطيته منك "، والثاني ليس بظلم، كما قال عمرو بن شأس الأسديّ:جَزَيْنَا ذَوِى العُدْوَانِ بِالأمْسِ قَرْضَهُمْقِصَاصًا, سَواءً حَذْوَكَ النَّعْلَ بِالنَّعْلِ (7)وإنما كان ذلك نظير قوله: اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ [سورة البقرة: 15] و فَيَسْخَرُونَ مِنْهُمْ سَخِرَ اللَّهُ مِنْهُمْ [سورة التوبة: 79] وقد بينا وجه ذلك ونظائره فيما مَضى قبلُ (8) .* * *وبالذي قلنا في ذلك من التأويل قال جماعة من أهل التأويل.* ذكر من قال ذلك:3124 - حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة قوله: " فلا عُدوان إلا على الظالمين " والظالم الذي أبى أن يقول: " لا إله إلا الله ".3125 - حدثني المثنى قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا ابن أبي جعفر، عن أبيه، عن الربيع." فلا عُدوان إلا على الظالمين " قال: هم المشركون.3126 - حدثني المثنى، قال، ثنا محمد بن جعفر قال، حدثنا عثمان بن غياث، قال، سمعت عكرمة في هذه الآية: " فلا عدوان إلا على الظالمين "، قال: هُم من أبى أن يقول: " لا إله إلا الله ".* * *وقال آخرون: معنى قوله: " فلا عدوان إلا على الظالمين " فلا تقاتل إلا من قاتل.* ذكر من قال ذلك:3127 - حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: " فإن انتهوا فلا عُدوان إلا على الظالمين " يقول: لا تقاتلوا إلا من قاتلكم.3128- حدثني المثنى، قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، مثله.3129 - حدثني موسى بن هارون قال، حدثنا عمرو قال، حدثنا أسباط، عن السدي، قال: " فإن انتهوا فلا عُدوان إلا على الظالمين " فإنّ الله لا يحب العُدوان على الظالمين ولا على غيرهم، ولكن يقول: اعتدُوا عليهم بمثل ما اعتدوْا عليكم.* * *قال أبو جعفر: فكان بعض أهل العربية من أهل البصرة يقول في قوله: " فإن انتهوْا فلا عُدوان إلا على الظالمين " لا يجوز أن يقول: " فإن انتهوا " إلا وقد علم أنهم لا يَنتهون إلا بعضهم، فكأنه قال: فإن انتهى بعضُهم، فلا عُدوان إلا على الظالمين منهم، فأضمر كما قال: فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ [سورة البقرة: 196] يريد: فعليه ما استيسر من الهدي، وكما يقول: " إلى مَن تقصد أقصد " يعني: إليه.وكان بعضهم ينكر الإضمار في ذلك ويتأوله: فإن انتهوا فإن الله غفورٌ رحيم لمن انتهى، ولا عُدوان إلا على الظالمين الذين لا ينتهون.-----------الهوامش:وأما شيخه -في هذا الإسناد-"أبو حماد" : فلا ندري من هو؟ والظن أنه زيادة خطأ من الناسخين . وهكذا ظن أخي السيد محمود ، أيضًا .(4) انظر معنى"الدين" فيما سلف 1 : 155 ، 221 .(5) ديوانه : 12 وسيأتي في التفسير 3 : 141 (بولاق) ، قالها في مدح الأسود بن المنذر اللخمي ، أخي النعمان بن المنذر لأمه ، وأم الأسود من تيم الرباب . هذا قول أبي عبيدة ، والصواب ما قال غيره : أنه قالها في مدح المنذر بن الأسود ، وكان غزا الحليفين أسدا وذبيان ، ثم أغار على الطف ، فأصاب نعما وأسرى وسبيا من رهط الأعشى بني سعد بن ضبيعة بن ثعلبة ، والأعشى غائب . فلما قدم وجد الحي مباحا . فأتاه فأنشده ، وسأله أن يهب له الأسرى ويحملهم ، ففعل .والرباب (بكسر الراء) هم بنو عبد مناة بن أد : تيم وعدي وعوف وثور ، اجتمعوا فتحالفوا مع بني عمهم ضبة بن أد ، على بني عمهم تميم بن أد . فجاؤوا برب (تمر مطبوخ) فغمسوا فيه أيديهم ، فسموا"الرباب" ، ثم خرجت ضبة عنهم ، واكتفت بعددها .وقوله : "دان الرباب" أي أذلهم واستعبدهم وحملهم على الطاعة . وقوله : "دراكا" ، متتابعا يدرك بعضه بعضا . والصيال : السطرة . صال على عدوه : وثب عليه وسطا . يقول تابع غزوهم والسطو حتى دانو بالطاعة .(6) انظر معنى"العدوان" فيما سلف 2 : 307 ، وهذا الجزء 3 : 376 ، 564 .(7) لم أجد البيت ، وشعر عمرو بن شأس على كثرته وجودته ، قد ضاع أكثره .(8) انظر ما سلف 1 : 301-306 .
اَلشَّهْرُ الْحَرَامُ بِالشَّهْرِ الْحَرَامِ وَ الْحُرُمٰتُ قِصَاصٌؕ-فَمَنِ اعْتَدٰى عَلَیْكُمْ فَاعْتَدُوْا عَلَیْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدٰى عَلَیْكُمْ۪-وَ اتَّقُوا اللّٰهَ وَ اعْلَمُوْۤا اَنَّ اللّٰهَ مَعَ الْمُتَّقِیْنَ(۱۹۴)
ماہ حرام کے بدلے ماہ حرام اور ادب کے بدلے ادب ہے (ف۳۵۹) جو تم پر زیادتی کرے اس پر زیادتی کرو اتنی ہی جتنی اس نے کی اور اللہ سے ڈرتے رہو اور جان رکھو کہ اللہ ڈر والوں کے ساتھ ہے،
القول في تأويل قوله تعالى : الشَّهْرُ الْحَرَامُ بِالشَّهْرِ الْحَرَامِ وَالْحُرُمَاتُ قِصَاصٌقال أبو جعفر: يعني بقوله جل ثناؤه: " الشهر الحرام بالشهر الحرام " ذا القعدة، وهو الشهر الذي كان رسولُ الله صلى الله عليه وسلم اعتمر فيه عُمرة الحديبية، فصدّه مشركو أهل مكة عن البيت ودخول مكة، سنة ست من هجرته، وصالح رسول الله صلى الله عليه وسلم المشركين في تلك السنة، على أن يعود من العام المقبل، فيدخل مكة ويقيم ثلاثا، فلما كان العامُ المقبل، وذلك سنة سبع من هجرته، خرج معتمرا وأصحابه في ذي القَعدة - وهو الشهر الذي كان المشركون صدُّوه عن البيت فيه في سنة ست- وأخلى له أهل مكة البلد حتى دخلها رسولُ الله صلى الله عليه وسلم، فقضى حاجته منها، وأتم عمرته، وأقام بها ثلاثا، ثم خرج منها منصرفا إلى المدينة، فقال الله جل ثناؤه لنبيه صلى الله عليه وسلم وللمسلمين مَعه " الشهرُ الحرام " = يعني ذا القَعدة، الذي أوصَلكم الله فيه إلى حَرَمه وبيته، على كراهة مشركي قُريش ذلك، حتى قضيتم منه وَطَركم =" بالشهر الحرام "، الذي صدكم مشركو قريش العامَ الماضيَ قَبله فيه حتى انصرفتم عن كره منكم عن الحرم، فلم تدخلوه، ولم تصلوا إلى بيت الله، فأقصَّكم الله أيها المؤمنون من المشركين بإدخالكم الحرم في الشهر الحرام على كره منهم لذلك، بما كان منهم إليكم في الشهر الحرام من الصدّ والمنْع من الوصول إلى البيت. كما:3130 - حدثني محمد بن عبد الله بن بزيع قال، حدثنا يوسف - يعني: ابن خالد السَّمْتيّ - قال، حدثنا نافع بن مالك، عن عكرمة، عن ابن عباس في قوله: " والحرمات قصاص " قال: هم المشركون، حبسوا محمدا صلى الله عليه وسلم في ذي القَعدة، فَرَجَعه الله في ذي القَعدة فأدخله البيتَ الحرام، فاقتص له منهم (9) .3131 - حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد في قول الله جل ثناؤه: " الشهرُ الحرامُ بالشهر الحرام والحُرماتُ قِصَاص " قال: فخرت قريش بردِّها رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يوم الحُديبية محرِما في ذي القَعدة عن البلد الحرام، فأدخله الله مكة في العام المقبل من ذي القَعدة، فقضى عُمرته، وأقصَّه بما حيل بينه وبينها يوم الحديبية.3132- حدثني المثنى قال، حدثني أبو حذيفة قال، حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، مثله.3133 - حدثنا بشر بن معاذ، قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة قوله: " الشهرُ الحرامُ بالشهر الحرام والحُرمات قِصَاص " أقبل نبيّ الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه فاعتمروا في ذي القَعدة ومعهم الهدي، حتى إذا كانوا بالحديبية صدّهم المشركون، فصالحهم نبيُّ الله صلى الله عليه وسلم على أن يرجع من عامه ذلك، حتى يرجع من العام المقبل فيكون بمكة ثلاثة أيام ولا يدخلها إلا بسلاح راكب ويخرج، ولا يخرج بأحد من أهل مكة، فنحروا الهدْي بالحديبية، وحلَّقوا وَقصَّروا. حتى إذا كان من العام المقبل، أقبل نبيُّ الله وأصحابه حتى دخلوا مكة، فاعتمروا في ذي القَعدة، فأقاموا بها ثلاث ليال، فكان المشركون قد فخروا عليه حين ردُّوه يوم الحديبية، فأقصَّه الله منهم، فأدخله مكة في ذلك الشهر الذي كانوا ردُّوه فيه في ذي القَعدة، فقال الله: " الشهرُ الحرامُ بالشهر الحرام والحُرمات قصَاص ".3134 - حدثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر، عن قتادة، وعن عثمان، عن مقسم في قوله: " الشهرُ الحرام بالشهر الحرام والحُرمات قصَاص " قالا كان هذا في سَفر الحديبية، صدَّ المشركون النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه عن البيت في الشهر الحرام، فقاضوا المشركين يومئذ قضيّة: (10) أنّ لكم أن تعتمروا في العام المقبل - في هذا الشهر الذي صدُّوهم فيه، فجعل الله تعالى ذكره لهم شهرًا حرامًا يعتمرون فيه، مكانَ شهرهم الذي صُدُّوا، فلذلك قال: " والحُرمات قصَاص ".3135 - حدثني موسى بن هارون قال، حدثنا عمرو بن حماد قال، حدثنا أسباط، عن السدي: " الشهرُ الحرام بالشهر الحرام والحرمات قِصَاص " قال: لما اعتمر رسول الله صلى الله عليه وسلم عُمرة الحديبية في ذي القعدة سنة ستٍّ من مُهاجَره، صدَّه المشركون وأبوا أن يتركوه، ثم إنهم صالحوه في صُلحهم على أن يُخْلوا له مكة من عام قابل ثلاثةَ أيام، يخرجون ويتركونه فيها، فأتاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد فتح خَيْبر من السنة السابعة، فخَلَّوْا له مكة ثلاثة أيام، فنكح في عُمرته تلك مَيمونة بنت الحارث الهلالية.3136 - حدثني المثنى قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا أبو زهير عن جويبر، عن الضحاك في قوله: " الشهرُ الحرَام بالشهر الحرام والحرماتُ قِصاص "، أحصَرُوا النبي صلى الله عليه وسلم في ذي القَعدة عن البيت الحرام (11) فأدخله الله البيت الحرامَ العامَ المقبلَ، واقتصَّ له منهم، فقال: " الشهرُ الحرامُ بالشهر الحرام والحُرمات قصاص ".3137 - حدثنا المثنى قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا ابن أبي جعفر، عن أبيه، عن الربيع، قال: أقبل نبي الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه فأحرَموا بالعمرة في ذي القَعدة ومعهم الهدْي، حتى إذا كانوا بالحديبية صدهم المشركون، فصالحهم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يرجع ذلك العامَ حتى يرجع العامَ المقبل، فيقيم بمكة ثلاثة أيام ولا يخرج معه بأحد من أهل مكة. فنحروا الهديَ بالحديبية وحلَّقوا وقصَّروا. حتى إذا كانوا من العام المقبل، أقبل النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه حتى دخلوا مكة، فاعتمروا في ذي القَعدة، وأقاموا بها ثلاثة أيام، وكان المشركون قد فخروا عليه حين ردُّوه يوم الحديبية، فقاصَّ الله له منهم، وأدخله مكة في ذلك الشهر الذي كانوا ردُّوه فيه في ذي القعدة. قال الله جل ثناؤه: " الشهرُ الحرام بالشهر الحرام والحرمات قصاص ".3138- حدثني محمد بن سعد، قال، حدثني أبي، قال، حدثني عمي، قال، حدثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس قوله: " والحُرمات قصاص " فهم المشركون، كانوا حبسوا محمدا صلى الله عليه وسلم في ذي القعدة عن البيت، ففخروا عليه بذلك، فرجعه الله في ذي القعدة، فأدخله الله البيت الحرام واقتصَّ له منهم.3139 - حدثني يونس، قال، أخبرنا ابن وهب، قال، قال ابن زيد في قوله: " الشهرُ الحرامُ بالشهر الحرام " حتى فرغ من الآية، قال: هذا كله قد نُسخ، أمرَه أن يجاهد المشركين. وقرأ: وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّةً [سورة التوبة: 36] وقرأ: قَاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُمْ مِنَ الْكُفَّارِ [سورة التوبة: 123] العرب، فلما فرغ منهم، قال الله جل ثناؤه: قَاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلا بِالْيَوْمِ الآخِرِ وَلا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ حتى بلغ قوله: وَهُمْ صَاغِرُونَ [سورة التوبة: 29] قال: وهم الروم. قال: فوَجَّه إليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم.3140 - حدثنا ابن بشار قال، حدثنا عبد الوهاب الثقفي قال، حدثنا أيوب، عن عكرمة، عن ابن عباس في هذه الآية: " الشهرُ الحرامُ بالشهر الحرام والحرماتُ قصاص " قال: أمركم الله بالقصاص، [ويأخذ] منكم العدوان (12) .3141 - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثنا حجاج، عن ابن جريج، قال، قلت لعطاء، وسألته عن قوله: " الشهر الحرام بالشهر الحرام والحُرمات قصاص " قال: نزلت في الحديبية، مُنعوا في الشهر الحرام، فنزلت: " الشهر الحرام بالشهر الحرام ": عمرة في شهر حرام، بعمرة في شهر حرام.* * *قال أبو جعفر: وإنما سمى الله جل ثناؤه ذا القَعدة " الشهرَ الحرام "، لأن العرب في الجاهلية كانت تحرِّم فيه القتال والقتل، وتضع فيه السلاح، ولا يقتل فيه أحدٌ أحدًا، ولو لقي الرجل قاتل أبيه أو ابنه. وإنما كانوا سموه " ذا القَعدة " لقعودهم فيه عن المغازي والحروب، فسماه الله بالاسم الذي كانت العرب تُسمِّيه به.* * *وأما " الحرمات " فإنها جمع " حُرْمة "،" كالظلمات " جمع " ظلمة "،" والحجرات " جمع " حُجرة ". وإنما قال جل ثناؤه: " والحرمات قصاص " فجمع، لأنه أراد: الشهرَ الحرام، والبلد الحرام وحُرمة الإحرام.* * *فقال جل ثناؤه لنبيه محمد والمؤمنين معه: دخولكم الحرَم، بإحرامكم هذا، في شهركم هذا الحرام، قصاصُ مما مُنعتم من مثله عامَكم الماضي، وذلك هو " الحرمات " التي جعلها الله قصَاصًا.* * *وقد بينا أن " القصاص " هو المجازاة من جهة الفعل أو القول أو البَدن ، وهو في هذا الموضع من جهة الفعل (13) .* * *القول في تأويل قوله تعالى : فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْقال أبو جعفر: اختلف أهل التأويل فيما نزل فيه قوله: " فمن اعتدَى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم ".فقال بعضهم بما:3142- حدثني به المثنى قال، حدثنا عبد الله بن صالح، قال، حدثني معاوية بن صالح، عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس قوله: " فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم " فهذا ونحوه نزل بمكة والمسلمون يومئذ قليل، وليس لهم سلطانٌ يقهرُ المشركين، وكان المشركون يتعاطونهم بالشتم والأذى، فأمر الله المسلمين، مَنْ يجازي منهم أن يجازِيَ بمثل ما أُتي إليه أو يصبر أو يعفوَ فَهو. أمثل فلما هاجر رسولُ الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة، وأعزّ الله سلطانه أمرَ المسلمين أن ينتهوا في مظالمهم إلى سُلطانهم، وأن لا يعدوَ بعضهم على بعض كأهل الجاهلية.* * *وقال آخرون: بل معنى ذلك: فمن قاتلكم أيها المؤمنون من المشركين، فقاتلوهم كما قاتلوكم. وقالوا: أنزلت هذه الآية على رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة، وبعد عُمرة القضيَّة.* ذكر من قال ذلك:3143 - حدثني القاسم قال، حدثنا الحسين، قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج، قال: قال مجاهد: " فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم " فقاتلوهم فيه كما قاتلوكم.* * *قال أبو جعفر: وأشبه التأويلين بما دلّ عليه ظاهر الآية، الذي حُكي عن مجاهد، لأن الآيات قبلها إنما هي أمرٌ من الله للمؤمنين بجهاد عدوهم على صفة، وذلك قوله: وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ والآيات بعدها، وقوله: " فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه " إنما هو في سياق الآيات التي فيها الأمرُ بالقتال والجهاد، واللهُ جل ثناؤه إنما فرض القتال على المؤمنين بعد الهجرة.فمعلوم بذلك أن قوله: " فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم " مدنيّ لا مكيّ، إذ كان فرضُ قتال المشركين لم يكن وَجَب على المؤمنين بمكة، وأنّ قوله: " فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم " نظيرُ قوله: وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وأن معناه: فمن اعتدى عليكم في الحَرم فقاتَلكم فاعتدوا عليه بالقتال نحو اعتدائه عليكم بقتاله إياكم، لأني قد جعلتُ الحُرمات قصاصًا، فمن استحلّ منكم أيها المؤمنون من المشركين حُرْمةً في حَرَمي، فاستحلوا منه مثله فيه.وهذه الآية منسوخة بإذن الله لنبيه بقتال أهل الحرَم ابتداءً في الحرم وقوله: وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً [سورة التوبة: 36]...* * *... (14) على نحو ما ذكرنا، من أنه بمعنى: المجازاة وإتباع لفظٍ لفظًا، وإن اختلف معنياهما، كما قال: وَمَكَرُوا وَمَكَرَ اللَّهُ [سورة آل عمران: 54] وقد قال: فَيَسْخَرُونَ مِنْهُمْ سَخِرَ اللَّهُ مِنْهُمْ [سورة التوبة: 79] وما أشبه ذلك مما أتبع لفظٌ لفظًا واختلف المعنيان (15) .* * *والآخر: أن يكون بمعنى " العدو " الذي هو شدٌّ ووثوب. من قول القائل: " عدا الأسد على فَريسته ". فيكون معنى الكلام: فمن عَدا عليكم - أي فمن شد عليكم وَوثب - بظلم، فاعدوا عليه - أي فشُدُّوا عليه وثبُوا نحوَه - قصاصًا لما فعل عليكم لا ظلمًا. ثم تُدخل " التاء "" في عدا "، فتقال: " افتعل " مكان " فعل "، كما يقال: " اقترب هذا الأمر " بمعنى " قرب "، و " اجتلب كذلك " بمعنى " جَلب " وما أشبه ذلك.* * *القول في تأويل قوله تعالى : وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ (194)قال أبو جعفر: يعني جل ثناؤه بذلك: واتقوا الله أيها المؤمنون في حُرُماته وحدوده أن تعتَدُوا فيها، فتتجاوزوا فيها ما بيَّنه وحدَّه لكم، واعلموا أن الله يُحب المتقين، الذين يتقونه بأداء فَرائضه وتجنب محارمه.----------------------الهوامش:(9) الخبر : 3130- محمد بن عبد الله بن بزيع -بفتح الباء الموحدة وكسر الزاي- شيخ الطبري : ثقة ، وثقه أبو حاتم وغيره ، وروى عنه مسلم في صحيحه . وقد مضى مثل هذا الإسناد ، ولكن حرف فيه اسم جده إلى"زريع" ، وذكرنا أنه غير معروف ، واحتمال أن يكون صوابه"بن بزيغ" في : 2451- فقد تبين الصواب هنا .يوسف بن خالد السمتي : ضعيف جدا كذاب ، كما ذكرنا في ذاك الإسناد ، ووقع في المطبوعة هنا"السهمي" ، بدل"السمتي" . وهو خطأ .(10) قاضي الرجل يقاضيه قضاء وقضية . حاكمه في مخاصمة ، وانتهى معه إلى قضاء فصل وحكم يتراضيانه . وفي صدر صلح الحديبية : "هذا ما قاضى عليه محمد" أي صالح . وبذلك سميت عمرة الحديبية هذه"عمرة القضية" ، و"عمرة الصلح .(11) أحصره المرض وغيره : منعه وحبسه .(12) ما بين القوسين هكذا في الأصل . ولم أجد الخبر في مكان . وهو خطأ لا شك فيه ، أو بين الكلامين خرم لم أتبينه . والمعنى على كل حال : أمركم الله بالقصاص ، وكره منكم العدوان ، أي أمرهم أن يقتصوا ولا يعتدوا . هذا ما أرجحه إن شاء الله .(13) انظر ما سلف في هذا الجزء 3 : 357-366 .(14) وضعت هذه النقط ، وفصلت بين قوله : "وقاتلوا المشركين كافة" وقوله : "على نحو ما ذكرنا" لوجود خرم لا شك فيه . فإنه سيقول بعد أسطر : "والآخر : أن يكون بمعنى العدو" . فهو بصدد تفسير قوله : "فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم" ، من جهة اللغة . ولا صلة بين كلامه في الآية أهي منسوخة أم غير منسوخة . وقوله : "والآخر" دليل على أنه يذكر وجهين من تفسير"اعتدى" أهي من"العدوان" ، أم من"العدو" . وكأن كلام الطبري في موضع هذا الخرم كان :[وأما قوله : ( فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ ) . ففي"الاعتداء" وجهان من التأويل :أحدهما : أن يكون"الاعتداء" من"العُدْوَان" ، وَهوَ مجاوزة الحدّ ظُلْمًا وَبغيًا . ويكون معنى الآية : فمن جاوز حدّه ظُلْمًا وَبغيًا ، فقاتلكم في الشهر الحرام فكافِئُوه بمثل ما فعل بكم ، على نحو ما ذكرنا من أنه . . ]هذا ما استظهرته من تفسير الطبري فيما سلف 2 : 307 ، وهذا الجزء 3 : 375 ، 376 ، 564 ، 573 ثم يبقى خرم قبل ذلك في كلامه عن الآية ، منسوخة هي أم غير منسوخة .(15) انظر ما سلف 2 : 307 ، وهذا الجزء 3 : 3 : 375 ، 376 ، 564 ، 573 .(16) انظر تفسير"سبيل الله" فيما سلف 2 : 497 ، وهذا الجزء 3 : 564 .
وَ اَنْفِقُوْا فِیْ سَبِیْلِ اللّٰهِ وَ لَا تُلْقُوْا بِاَیْدِیْكُمْ اِلَى التَّهْلُكَةِ ﳝ- وَ اَحْسِنُوْاۚۛ-اِنَّ اللّٰهَ یُحِبُّ الْمُحْسِنِیْنَ(۱۹۵)
اور اللہ کی راہ میں خرچ کرو (ف۳۶۰) اور اپنے ہاتھوں، ہلاکت میں نہ پڑو (ف۳۶۱) اور بھلائی والے ہو جاؤ بیشک بھلائی والے اللہ کے محبوب ہیں،
القول في تأويل قوله تعالى : وَأَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ (195)قال أبو جعفر: اختلف أهل التأويل في تأويل هذه الآية، ومن عَنى بقوله: " ولا تُلقوا بأيديكم إلى التهلكة ".فقال بعضهم: عنى بذلك: " وأنفقوا في سبيل الله " - و " سبيل الله " (16) طريقه الذي أمر أن يُسلك فيه إلى عدوِّه من المشركين لجهادهم وَحرْبهم =" ولا تُلقوا بأيديكم إلى التهلكة " - يقول: ولا تتركوا النفقة في سبيل الله، فإن الله يُعوِّضكم منها أجرًا ويرزقكم عاجلا (17) .* ذكر من قال ذلك:3144 - حدثني أبو السائب سلم بن جُنادة والحسن بن عرفة قالا حدثنا أبو معاوية، عن الأعمش، عن سفيان، عن حذيفة: " ولا تُلقوا بأيديكم إلى التهلكة " قال: يعني في ترك النفقة.3145- حدثني محمد بن بشار قال، حدثنا عبد الرحمن قال، حدثنا شعبة = وحدثنا ابن المثنى قال، حدثنا ابن أبي عدي، عن شعبة، عن الأعمش، عن أبي وائل، عن حذيفة = وحدثني محمد بن خلف العسقلاني قال، حدثنا آدم قال، حدثنا أبو جعفر الرازي، عن الأعمش = وحدثنا أحمد بن إسحاق قال، حدثنا أبو أحمد قال، حدثنا سفيان، عن عاصم = جميعا، عن شقيق، عن حذيفة، قال: هو ترك النفقة في سبيل الله.3146- حدثنا ابن المثنى قال، حدثنا محمد بن جعفر قال، حدثنا شعبة، عن منصور، عن أبي صالح، عن عبد الله بن عباس أنه قال في هذه الآية: " ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة " قال: تنفق في سبيل الله، وإن لم يكن لك إلا مِشْقَصٌ - أو: سَهمٌ - شعبة الذي يشك في ذلك (18) .3147- حدثنا ابن المثنى، قال، حدثنا ابن أبي عديّ، عن شعبة، عن منصور، عن أبي صالح الذي كان يحدث عنه الكلبي، عن ابن عباس قال: إن لم يكن لَكَ إلا سَهم أو مشقصٌ أنفقته.3148- حدثني ابن بشار قال، حدثنا يحيى، عن سفيان، عن منصور، عن أبي صالح، عن ابن عباس: " ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة " قال: في النفقة.3149- حدثنا ابن حميد قال، حدثنا حكام، عن عمرو بن أبي قيس، عن عطاء، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس: " ولا تُلقوا بأيديكم إلى التهلكة "، قال: ليس التهلكة أن يُقتل الرجل في سبيل الله، ولكن الإمساك عن النفقة في سبيل الله.3150 - حدثني يعقوب بن إبراهيم قال، حدثنا هشيم، قال، أخبرنا إسماعيل بن أبي خالد، عن عكرمة، قال: نزلت في النفقات في سبيل الله، يعني قوله: " ولا تُلقوا بأيديكم إلى التهلكة ".3151- حدثنا يونس بن عبد الأعلى قال، حدثنا ابن وهب، قال، أخبرني أبو صخر، عن محمد بن كعب القرظي أنه كان يقول في هذه الآية: " ولا تلقوا بأيديكم إلى التَّهلكة " قال: كان القوم في سبيل الله، فيتزوَّد الرجل، فكان أفضل زادًا من الآخر. أنفقَ البائس من زاده حتى لا يبقى من زاده شيء، أحبَّ أن يواسيَ صاحبه، فأنزل الله: " وأنفقوا في سبيل الله ولا تُلقوا بأيديكم إلى التهلكة ".3152- حدثني محمد بن خلف العسقلاني قال، حدثنا آدم قال، حدثنا شيبان، عن منصور بن المعتمر، عن أبي صالح مولى أم هانئ، عن ابن عباس في قوله: " ولا تُلقوا بأيديكم إلى التهلكة " قال: لا يقولنَّ أحدكم إنّي لا أجد شيئًا، إن لم يجد إلا مشقصا فليتجهَّز به في سبيل الله.3153 - حدثنا ابن عبد الأعلى الصنعاني قال، حدثنا المعتمر، قال: سمعت داود - يعني: ابنَ أبي هند - عن عامر: أن الأنصارَ كان احتبس عليهم بعضُ الرزق، وكانوا قد أنفقوا نَفقاتٍ، قال: فَساءَ ظنُّهم (19) وأمسكوا. قال: فأنزل الله: " وأنفقوا في سَبيل الله ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة " قال: وكانت التهلكة سوء ظنهم وإمساكهم.3154 - حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى = وحدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل = عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد في قول الله: " ولا تُلقوا بأيديكم إلى التهلكة " قال: تمنعكم نَفقةً في حقٍّ خيفةُ العَيْلة (20) .3155 - حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة قوله: " وأنفقوا في سبيل الله ولا تُلقوا بأيديكم إلى التهلكة " قال: وكان قتادة يحدِّث أن الحسن حَدَّثه - : أنهم كانوا يُسافرون ويَغزُون ولا ينفقون من أموالهم = أو قال: ولا ينفقون في ذلك = فأمرهم الله أن يُنفقوا في مَغازيهم في سبيل الله.3156 - حدثنا الحسن بن يحيى، قال، أخبرنا عبد الرزاق، قال، أخبرنا معمر، عن قتادة قوله: " ولا تُلقوا بأيديكم إلى التهلكة " يقول: لا تمسكوا بأيديكم عن النفقة في سبيل الله.3157 - حدثني موسى بن هارون قال، حدثنا عمرو بن حماد قال، حدثنا أسباط، عن السدي: " وأنفقوا في سبيل الله " = أنفق في سبيل الله ولو عقالا =" ولا تُلقوا بأيديكم إلى التهلكة " - تقول: ليس عندي شيء (21) .3158 - حدثني المثنى قال، حدثنا أبو غسان قال، حدثنا زهير قال، حدثنا خصيف، عن عكرمة في قوله: " ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة " قال: لما أمر الله بالنفقة، فكانوا - أو بَعضُهم - يقولون: ننفق فيذهبُ مالنا ولا يبقى لما شيء! قال: فقال: أنفقوا ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة، قال: أنفقوا وأنا أرزقكم.3159 - حدثني المثنى قال، حدثنا عمرو بن عون قال، حدثنا هشيم، عن يونس، عن الحسن، قال: نزلت في النفقة.3160 - حدثني المثنى قال، حدثنا إسحاق قال، أخبرنا ابن همام الأهوازي، قال، أخبرنا يونس، عن الحسن في" التهلكة " قال: أمرهم الله بالنفقة في سبيل الله، وأخبرهم أن تَرك النفقة في سبيل الله التهلكة.3161 - حدثنا القاسم، قال، حدثنا الحسين، قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج، قال: سألت عطاء عن قوله: " وأنفقوا في سبيل الله ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة " قال: يقول: أنفقوا في سبيل الله ما قل وكثر - قال: وقال لي عبد الله بن كثير: نزلت في النفقة في سبيل الله.3162- حدثنا ابن حميد قال، حدثنا جرير، عن منصور، عن أبي صالح، عن ابن عباس، قال: لا يقولنّ الرجل لا أجد شيئا! قد هَلكتُ! فليتجهَّز ولو بمشقَص.3163- حدثني محمد بن سعد، قال، حدثني أبي قال، حدثنى عمي، قال، حدثنى أبي، عن أبيه، عن ابن عباس قوله: " وأنفقوا في سبيل الله ولا تُلقوا بأيديكم إلى التهلكة " يقول: أنفقوا مَا كان من قليل أو كثير. ولا تستسلموا ولا تنفقوا شيئا فتهلكوا.3164- حدثني المثنى، قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا أبو زهير، عن جويبر، عن الضحاك، قال: " التهلكة ": أن يمسك الرجل نفسه وماله عن النفقة في الجهاد في سبيل الله.3165- حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا عبد الواحد بن زياد، عن يونس، عن الحسن في قوله: " ولا تُلقوا بأيديكم إلى التهلكة "، فتدعوا النفقة في سبيل الله.* * *وقال آخرون ممن وجَّهوا تأويل ذَلك إلى أنه معنيَّة به النفقة: معنى ذلك: وأنفقوا في سبيل الله، ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة، فتخرجوا في سبيل الله بغير نفقة ولا قوة.* ذكر من قال ذلك:3166- حدثني يونس، قال، أخبرنا ابن وهب، قال، قال ابن زيد في قوله: " وأنفقوا في سبيل الله ولا تُلقوا بأيديكم إلى التهلكة " قال: إذا لم يكن عندك ما تنفق، فلا تخرج بنفسك بغير نفقة ولا قوة: فتلقي بيدَيك إلى التهلكة.* * *وقال آخرون: بل معناه: أنفقوا في سبيل الله، ولا تلقوا بأيديكم - فيما أصبتم من الآثام - إلى التهلكة، فتيأسوا من رحمة الله، ولكن ارجوا رَحمته واعملوا الخيرات.* ذكر من قال ذلك:3167 - حدثني محمد بن عبيد المحاربي قال، حدثنا أبو الأحوص، عن أبي إسحاق، عن البراء بن عازب في قوله: " ولا تُلقوا بأيديكم إلى التهلكة " قال: هو الرجل يُصيبُ الذنوبَ فيُلقي بيده إلى التهلكة، يقول: لا توبة لي.3168- حدثنا أبو كريب قال، حدثنا أبو بكر بن عياش قال، حدثنا أبو إسحاق، عن البراء، قال: سأله رجل: أحْمل على المشركين وَحدي فيقتلوني، أكنت ألقيتُ بيدي إلى التهلكة؟ فقال: لا إنما التهلكة في النفقة. بعثَ الله رسوله، فقال: فَقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ لا تُكَلَّفُ إِلا نَفْسَكَ [سورة النساء: 84].3169- حدثنا الحسن بن عرفة وابن وكيع، قالا حدثنا وكيع بن الجراح، عن سفيان الثوري، عن أبي إسحاق السبيعي، عن البراء بن عازب في قول الله: " ولا تُلقوا بأيديكم إلى التهلكة " قال: هو الرجل يُذنب الذنبَ فيقول: لا يغفر الله لهُ.3170- حدثنا أحمد بن إسحاق قال، حدثنا أبو أحمد قال، حدثنا إسرائيل، عن أبي إسحاق، قال: سمعت البراء = وسأله رجل فقال: يا أبا عُمارة، أرأيتَ قول الله: " ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة "، أهو الرجل يتقدم فيقاتل حَتى يُقتل؟ = قال: لا ولكنه الرجل يعمل بالمعاصي، ثم يلقي بيده ولا يتوب.3171- حدثنا ابن حميد قال، حدثنا يحيى بن واضح قال، حدثنا الحسين، عن أبي إسحاق، قال: سمعت البراء، وسأله رَجل فقال: الرجلُ يحمل على كتيبةٍ وحده فيقاتل، أهو ممن ألقى بيده إلى التهلكة؟ فقال: لا ولكن التهلكة أن يُذنب الذنبَ فيلقي بيده، فيقول: لا تقبل لي توبة.3172- حدثنا ابن حميد قال، حدثنا حكام، عن الجراح، عن أبي إسحاق، قال: قلت للبراء بن عازب: يا أبا عمارة، الرجل يَلقى ألفًا من العدو فيحمل عليهم، وإنما هو وحده، أيكون ممن قال: " ولا تُلقوا بأيديكم إلى التهلكة " ؟ فقال: لا ليقاتل حتى يُقتل! قال الله لنبيه صلى الله عليه وسلم: فَقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ لا تُكَلَّفُ إِلا نَفْسَكَ .3173 - حدثنا مجاهد بن موسى، قال، أخبرنا يزيد، قال، أخبرنا هشام = وحدثني يعقوب قال، حدثنا ابن علية، عن هشام = عن محمد قال: وسألت عبيدة عن قول الله: " وأنفقوا في سبيل الله ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة " الآية. فقال عبيدة: كان الرجل يذنب الذنبَ - قال: حسبْته قال: العظيم - فيلقي بيده فيستهلك = زاد يعقوب في حديثه: فنُهوا عن ذلك، فقيل: " أنفقوا في سبيل الله ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة ".3174- حدثني يعقوب بن إبراهيم قال، حدثنا هشيم، قال، أخبرنا هشام، عن ابن سيرين، قال: سألت عبيدة السلماني عن ذلك، فقال: هو الرجل يذنب الذنبَ فيستسلم، ويلقي بيده إلى التهلكة، ويقول: لا توبة له! يعني قوله: " ولا تُلقوا بأيديكم إلى التهلكة ".3175- حدثني يعقوب قال، حدثنا ابن علية، قال، أخبرنا أيوب، عن محمد، عن عبيدة في قوله: " ولا تُلقوا بأيديكم إلى التهلكة " قال: كان الرجل يصيب الذنب فيلقي بيده.3176- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبي، عن ابن عون، عن ابن سيرين، عن عبيدة: " ولا تُلقوا بأيديكم إلى التهلكة " قال: القُنوط.3177- حدثنا المثنى قال، حدثنا عمرو بن عون، قال: أخبرنا هشيم، عن يونس وهشام، عن ابن سيرين، عن عبيدة السلماني، قال: هو الرجل يذنب الذنب فيستسلم، يقول: لا توبة لي! فيلقي بيده.3178- حدثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال، أخبرنا معمر، قال، حدثني أيوب، عن ابن سيرين، عن عبيدة أنه قال: هي في الرجل يصيبُ الذنبَ العظيم فيلقي بيده، ويَرى أنه قد هلك.* * *وقال آخرون: بل معنى ذلك: وأنفقوا في سبيل الله، ولا تتركوا الجهاد في سبيله.* ذكر من قال ذلك:3179 - حدثني يونس، قال، أخبرنا ابن وهب، قال، أخبرني حَيْوَة، عن يزيد بن أبي حبيب، عن أسلم أبي عمران، قال: غَزونا المدينة، يريد بالقسطنطينية، وعلى أهل مصر عُقبة بن عامر، وعلى الجماعة عبد الرحمن بن خالد بن الوليد. قال: فصففنا صفَّين لم أر صَفين قط أعرضَ ولا أطولَ منهما، والروم مُلصقون ظهورهم بحائط المدينة، قال: فحمل رجل منا على العدو، فقال الناس: مَهْ! لا إله إلا الله، يلقي بيده إلى التهلكة! قال أبو أيوب الأنصاري: إنما تتأوّلونَ هذه الآية هكذا، أنْ حَمل رجلٌ يُقاتل يلتمس الشهادة، أو يُبلي من نفسه! إنما نزلت هذه الآية فينا مَعشرَ الأنصار! إنا لما نَصرَ الله نبيه وأظهرَ الإسلام، قُلنا بَيننا معشرَ الأنصار خَفيًّا من رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنا قد كنا تركنا أهلنا وأموالنا أن نقيم فيها ونصلحها حتى نصر الله نبيه، هلم نقيم في أموالنا ونصلحها! فأنزل الله الخبرَ من السماء: " وأنفقوا في سبيل الله ولا تُلقوا بأيديكم إلى التهلكة " الآية، فالإلقاء بالأيدي إلى التهلكة: أن نُقيم في أموالنا ونُصلحها، وندعُ الجهاد. قال أبو عمران: فلم يزل أبو أيوب يُجاهدُ في سبيل الله حتى دُفن بالقسطنطينية (22) .3180- حدثني محمد بن عمارة الأسدي، وعبد الله بن أبي زياد قالا حدثنا أبو عبد الرحمن عبد الله بن يزيد، قال، أخبرني حيوة وابن لهيعة، قالا حدثنا يزيد بن أبي حبيب، قال، حدثني أسلم أبو عمران مولى تُجِيب، قال: كنا بالقسطنطينية، وعلى أهل مصر عقبة بن عامر الجهني صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعلى أهل الشام فَضالة بن عبيد صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فخرج من المدينة صفٌّ عظيم من الروم، قال: وصففنا صفًّا عظيمًا من المسلمين، فحمل رجل من المسلمين على صَفّ الروم حتى دخلَ فيهم، ثم خرج إلينا مقبلا فصاح الناس وقالوا: سبحان الله! ألقى بيده إلى التهلكة! فقام أبو أيوب الأنصاري صاحبُ رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: أيها الناس إنكم تتأوّلون هذه الآية على هذا التأويل! وإنما أنزلت هذه الآية فينا معاشر الأنصار! إنا لما أعزّذ الله دينه وكثَّر ناصريه، قلنا فيما بيننا بعضُنا لبعض سرًّا من رسول الله: إن أموالنا قد ضاعت، فلو أنا أقمنا فيها، فأصلحنا ما ضَاع منها! فأنزل الله في كتابه يرُدُّ علينا ما هممنا به، فقال: " وأنفقوا في سبيل الله ولا تُلقوا بأيديكم إلى التهلكة "، بالإقامة التي أردنا أن نقيم في الأموال ونصلحها، فأمرنا بالغزو. فما زال أبو أيوب غازيًا في سبيل الله حتى قبضَه الله (23) .* * *قال أبو جعفر: والصواب من القول في ذلك عندي أنْ يُقال: إنّ الله جل ثناؤه أمرَ بالإنفاق في سبيله بقوله: " وأنفقوا في سبيل الله " - وسبيلُه: طريقه الذي شَرَعه لعباده وأوضحه لهم. ومعنى ذلك: وأنفقوا في إعزاز ديني الذي شرعتُه لكم، بجهاد عدوّكم الناصبين لكم الحربَ على الكفر بي، ونَهاهم أن يلقوا بأيديهم إلى التهلكة، فقال: " ولا تُلقوا بأيديكم إلى التهلكة ".* * *وذلك مثلٌ، والعرب تقول للمستسلم للأمر: " أعطَى فلان بيديه "، وكذلك يقال للممكن من نفسه مما أريد به: " أعطى بيديه ".* * *فمعنى قوله: " ولا تُلقوا بأيديكم إلى التهلكة "، ولا تستسلموا للهلكة، فتُعطوها أزمَّتكم فتهلكوا.والتارك النفقةَ في سبيل الله عند وجوب ذلك عليه، مستسلم للهلكة بتركه أداءَ فرضِ الله عليه في ماله. وذلك أن الله جل ثناؤه جَعل أحد سِهام الصدقات المفروضات الثمانية " في سبيله "، فقال: إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ إلى قوله: وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَاِبْنِ السَّبِيلِ [سورة التوبة: 60] فمن ترك إنفاق ما لزمه من ذلك في سبيل الله على ما لزمه، كان للهلكة مستسلما، وبيديه للتهلكة ملقيا.وكذلك الآئسُ من رحمة الله لذنب سلف منه، مُلق بيديه إلى التهلكة، لأن الله قد نهى عن ذلك فقال: وَلا تَيْأَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِنَّهُ لا يَيْئَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ [سورة يوسف: 87].وكذلك التارك غزوَ المشركين وجهادَهم، في حال وجوب ذلك عليه، في حال حاجة المسلمين إليه، مُضيعٌ فرضا، مُلقٍ بيده إلى التهلكة.فإذ كانت هذه المعاني كلها يحتملها قوله: " ولا تُلقوا بأيديكم إلى التهلكة " ولم يكن الله عز وجلّ خصَّ منها شيئًا دون شيء، فالصواب من القول في ذلك أن يقال: إن الله نهى عن الإلقاء بأيدينا لما فيه هلاكنا، والاستسلام للهلكة - وهي العذاب - بترك ما لزمنا من فرائضه، فغيرُ جائز لأحد منا الدخول في شيء يكرهه الله منا، مما نستوجب بدخولنا فيه عَذابَه.غير أن الأمر وإن كان كذلك، فإن الأغلب من تأويل الآية: وأنفقوا أيها المؤمنون في سبيل الله، ولا تتركوا النفقة فيها، فتهلكوا باستحقاقكم - بترككم ذلك -عذابي. كما:3181 - حدثني المثنى قال، حدثنا أبو صالح قال، حدثنا معاوية، عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس قوله: " ولا تُلقوا بأيديكم إلى التهلكة " قال: التهلكة عذابُ الله.* * *قال أبو جعفر: فيكون ذلك إعلاما منه لهم - بعد أمره إياهم بالنفقة - ما لمن ترك النفقة المفروضة عليه في سبيله، منَ العقوبة في المعاد.* * *فإنْ قال قائل: فما وجه إدخال الباء في قوله: " ولا تلقوا بأيديكم "، وقد علمت أن المعروف من كلام العرب: " ألقيت إلى فلان درهما "، دون " ألقيتُ إلى فلان بدرهم "؟قيل: قد قيل إنها زيدت نحو زيادة القائل " الباء " في قوله: " جذبتُ بالثوب، وجذبت الثوب "" وتعلَّقتُ به وتَعلَّقته "، و تَنْبُتُ بِالدُّهْنِ [سورة المؤمنون: 20] وإنما هو: تُنبت الدهنَ (24) .* * *وقال آخرون: " الباء " في قوله: " ولا تُلقوا بأيديكم " أصلٌ للكنية (25) لأن كل فعل وَاقع كُنِي عنه فهو مضطرٌّ إليها (26) نحو قولك في رجل " كلَّمته " فأردت الكناية عن فعله، فإذا أردت ذلك قلت: " فعلت به " قالوا: فلما كان " الباء " هي الأصل، جاز إدخال " الباء " وإخراجها في كل " فعلٍ" سبيلُه سبيلُ كُنْيته (27) .* * *وأما " التهلكة " فإنها " التفعُلة " من " الهلاك ".* * *القول في تأويل قوله تعالى : وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَقال أبو جعفر: يعني جل ثناؤه بقوله: " وأحسنوا " أحسنوا أيها المؤمنون في أداء ما ألزمتكم من فرائضي، وتجنُّب ما أمرتكم بتجنبه من معاصيَّ، ومن الإنفاق في سبيلي، وَعَوْدِ القوي منكم على الضعيف ذي الخَلَّة (28) فإنّي أحبّ المحسنين في ذلك (29) كما:3182 - حدثني المثنى قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا زيد بن الحباب، قال، أخبرنا سفيان، عن أبي إسحاق، عن رجل من الصحابة في قوله: " وأحسنوا إنّ الله يُحب المحسنين " قال: أداء الفرائض.* * *وقال بعضهم: معناه: أحسنوا الظن بالله.* ذكر من قال ذلك:3183 - حدثني المثنى قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا حفص بن عمر، عن الحكم بن أبان، عن عكرمة: " وأحسنوا إنّ الله يُحب المحسنين ": قال: أحسنوا الظن بالله، يبرَّكم.* * *وقال آخرون: أحسنوا بالعَوْد على المحتاج.* ذكر من قال ذلك:3184 - حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد في قوله: " وأحسنوا إنّ الله يحب المحسنين " عودوا على من ليس في يده شيء.----------------------الهوامش:(17) هكذا في المطبوعة : "أجرًا" وأخشى أن تكون محرفة عن"آجلا" ، ليكون السياق مطردا على وجهه ، وذلك أحب إلي .(18) المشقص : نصل السهم ، إذا كان طويلا غير عريض .(19) قوله : "ساء ظنهم" ، أي خامرتهم الظنون السيئة القبيحة ، وشكوا . والعرب تستعمل"ساء ظنه" في مواضع كثيرة للدلالة على معاني مختلفة ، وقد بينت ذلك في مجلة الرسالة ، العدد : 910 (20 صفر سنة 1370 ، ديسمبر 1950) وفي طبقات فحول الشعراء : 510 ، تعليق : 1 .(20) عال الرجل يعيل عيلا وعيلة : افتقر . وفي كتاب الله : (وَجَدَكَ عَائِلًا فَأَغْنَى) العائل : الفقير المحتاج .(21) العقال : الحبل الذي يعقل به البعير ، أي يشد به وظيفه مع ذراعه ، حتى لا يقدر على الحركة .(22) الحديث : 3179- حيوة : هو ابن شريح . أسلم أبو عمران : نسبه التهذيب بأنه"أسلم بن يزيد" وهو تابعي ثقة ، كان وجيها بمصر . وهو مولى تجيب . وسيأتي تخريج الحديث ، في الرواية التالية .(23) الحديث : 3180- أبو عبد الرحمن عبد الله بن يزيد المقرئ : ثقة معروف ، من شيوخ أحمد والبخاري ، وكان إماما في الحديث ، مشهورا في القراءات ، أقرأ القرآن بالبصرة 36 سنة ، ثم بمكة 35 سنة . وهو مولى آل عمر بن الخطاب . ووهم ابن حزم فيه وهمًا عجيبًا ، فأخطأ خطأ طريفا : جعله عربيا حميريا ، ثم من"بني سبيع"! ثم نسبه إلى حي زعم أن اسمه"مقر" ، بضم الميم وسكون القاف! فقال في جمهرة الأنساب ، ص : 409"ومن ولد سبيع المذكور : مقر ، حي ضخم ، إليه ينسب عبد الله بن يزيد المقري (يعني بدون همزة) ، ولم يكن مقرئا للقراءات ، وإنما كان محدثا"!! وأخطأ ابن حزم وشبه له ، فأتى بقبيلة لم يذكرها أحد قط - فيما نعلم . وإنما انتقل نظره إلى شيء آخر بعيد ، إلى"عبد الرحمن بن عبد القاري" بتشديد الياء دون همزة ، من ولد"القارة بن الديش" . وهو تابعي ، ولم يك مقرئا . فإلى هذا ذهب وهمه . ثم لا ندري كيف وضع القبيل الذي اخترعه ، في"بني سبيع"!!ووقع في المطبوعة هنا"ثنا أبو عبد الرحمن عن عبد الله بن يزيد" . وهو خطأ في زيادة"عن" . و"أبو عبد الرحمن" كنية"عبد الله بن يزيد" ، ليس راويا آخر .والحديث رواه أبو داود الطيالسي في مسنده : 599 ، عن عبد الله بن المبارك ، عن حيوة .ورواه أبو داود السجستاني : 2512 ، من طريق ابن وهب ، عن حيوة وابن لهيعة .ورواه الترمذي 4 : 72-73 ، من طريق أبي عاصم النبيل ، عن حيوة . وقال : "حديث حسن غريب صحيح" .ورواه الحاكم في المستدرك 2 : 275 ، من طريق عبد الله بن يزيد المقرئ ، عن حيوة ، وحده . وقال : "هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ، ولم يخرجاه" . ووافقه الذهبي .ورواه ابن عبد الحكم في فتوح مصر : 269-270 ، بإسنادين : رواه عن عبد الله بن صالح ، عن الليث بن سعد . ورواه عن عبد الله بن يزيد المقرئ ، عن حيوة بن شريح - كلاهما عن يزيد بن أبي حبيب ، به .وقوله في الرواية الماضية"غزونا المدينة ، يريد القسطنطينية" - هكذا ثبت في المطبوعة هنا . ولفظ أبي داود السجستاني : "غزونا من المدينة ، نريد القسطنطينية" . ولعل ما هنا أجود وأصح ، فإن أسلم أبا عمران مصري . والظاهر من السياق أن الجيش كان من مصر والشام .وقوله في تلك الرواية : "وعلى الجماعة عبد الرحمن بن خالد بن الوليد" يدل على أن هذه الغزوة كانت في سنة 46 أو قبلها ، لأن عبد الرحمن مات تلك السنة . وهذه الغزوة غير الغزوة المشهورة التي مات فيها أبو أيوب الأنصاري . وقد غزاها يزيد بن معاوية بعد ذلك سنة 49 ، ومعه جماعات من سادات الصحابة . ثم غزاها يزيد سنة 52 ، وهي التي مات فيها أبو أيوب رضي الله عنه ، وأوصى إلى يزيد أن يحملوه إذا مات ، ويدخلوه أرض العدو ، ويدفنوه تحت أقدامهم حيث يلقون العدو . ففعل يزيد ما أوصى به أبو أيوب . وقبره هناك إلى الآن معروف . انظر طبقات ابن سعد 3/2/49-50 ، وتاريخ الطبري 6 : 128 ، 130 ، وتاريخ ابن كثير 8 : 30-31 ، 32 ، 58-59 . وتاريخ الإسلام للذهبي 2 : 231 ، 327-328 .وقوله في هذه الرواية الثانية"وعلى أهل الشام فضالة بن عبيد" - هذا هو الصواب الثابت في رواية الطيالسي ، وابن عبد الحكم ، والحاكم . ووقع في رواية الترمذي"وعلى الجماعة فضالة بن عبيد" . وهو وهم ، لعله من الترمذي أو من شيخه عبد بن حميد .والحديث ذكره ابن كثير 1 : 437-438 ، من رواية الليث بن سعد ، ولم ينسبها . ثم خرجه من أبي داود ، والترمذي ، والنسائي ، وعبد بن حميد في تفسيره ، وابن أبي حاتم ، وابن جرير ، وابن مردويه ، وأبي يعلى ، وابن حبان ، والحاكم . ثم ذكر رواية منه ، على أنها لفظ أبي داود - ولا توافق لفظه ، وفيها تحريف كثير .وذكره السيوطي 1 : 207-208 ، وزاد نسبته للطبراني ، والبيهقي في سننه .(24) انظر الإنصاف لابن الأنباري : 128 .(25) في المطبوعة : "أصل للكلمة" ، وهو تحريف ، وانظر التعليقات الآتية .(26) الفعل الواقع : هو الفعل المتعدي ، ضريع الفعل اللازم . ويقال له أيضًا "الفعل المجاوز" (انظر بغية الوعاة 2 : 81) .(27) في المطبوعة : "سبيل كلمته" ، وهو تحريف كأخيه السالف . وأراد الطبري بالكناية عن الفعل : أن تستبدل به لفظ"فعل" . و"الفعل" : كناية عن كل عمل . تقول : "ضربت الرجل" ثم تريد الكناية عن الفعل فتقول : "فعلت به" ، وهذا الذي تقوله هو"الكنية" .(28) ذو الخلة : المحتاج والفقير ، والمختل الحال بفساد أو وهن .(29) انظر ما سلف في معنى"الإحسان" 2 : 292 .
وَ اَتِمُّوا الْحَجَّ وَ الْعُمْرَةَ لِلّٰهِؕ-فَاِنْ اُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَیْسَرَ مِنَ الْهَدْیِۚ-وَ لَا تَحْلِقُوْا رُءُوْسَكُمْ حَتّٰى یَبْلُغَ الْهَدْیُ مَحِلَّهٗؕ-فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَّرِیْضًا اَوْ بِهٖۤ اَذًى مِّنْ رَّاْسِهٖ فَفِدْیَةٌ مِّنْ صِیَامٍ اَوْ صَدَقَةٍ اَوْ نُسُكٍۚ-فَاِذَاۤ اَمِنْتُمْٙ-فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ اِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَیْسَرَ مِنَ الْهَدْیِۚ-فَمَنْ لَّمْ یَجِدْ فَصِیَامُ ثَلٰثَةِ اَیَّامٍ فِی الْحَجِّ وَ سَبْعَةٍ اِذَا رَجَعْتُمْؕ-تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌؕ-ذٰلِكَ لِمَنْ لَّمْ یَكُنْ اَهْلُهٗ حَاضِرِی الْمَسْجِدِ الْحَرَامِؕ-وَ اتَّقُوا اللّٰهَ وَ اعْلَمُوْۤا اَنَّ اللّٰهَ شَدِیْدُ الْعِقَابِ۠(۱۹۶)
اور حج اور عمرہ اللہ کے لئے پورا کرو (ف۳۶۲) پھر اگر تم روکے جاؤ (ف۳۶۳) تو قربانی بھیجو جو میسر آئے (ف۳۶۴) اور اپنے سر نہ منڈاؤ جب تک قربانی اپنے ٹھکانے نہ پہنچ جائے (ف۳۶۵) پھر جو تم میں بیمار ہو یا اس کے سر میں کچھ تکلیف ہے (ف۳۶۶) تو بدلے دے روزے (ف۳۶۷) یا خیرات (ف۳۶۸) یا قربانی، پھر جب تم اطمینان سے ہو تو جو حج سے عمرہ ملانے کا فائدہ اٹھائے (ف۳۶۹) اس پر قربانی ہے جیسی میسر آئے (ف۳۷۰) پھر جسے مقدور نہ ہو تو تین روزے حج کے دنوں میں رکھے (ف۳۷۱) اور سات جب اپنے گھر پلٹ کر جاؤ یہ پورے دس ہوئے یہ حکم اس کے لئے ہے جو مکہ کا رہنے والا نہ ہو (ف۳۷۲) اور اللہ سے ڈرتے رہو اور جان رکھو کہ اللہ کا عذاب سخت ہے،
وأتموا الحج والعمرة للهالقول في تأويل قوله تعالى : وأتموا الحج والعمرة لله اختلف أهل التأويل في تأويل ذلك , فقال بعضهم : معنى ذلك أتموا الحج بمناسكه وسنته , وأتموا العمرة بحدودها وسننها . ذكر من قال ذلك : 2599 - حدثني عبيد بن إسماعيل الهباري , قال . ثنا عبد الله بن نمير , عن الأعمش , عن إبراهيم , عن علقمة : وأتموا الحج والعمرة لله قال : هو في قراءة عبد الله : وأقيموا الحج والعمرة إلى البيت قال : لا تجاوزوا بالعمرة البيت . قال إبراهيم : فذكرت ذلك لسعيد بن جبير , فقال : كذلك قال ابن عباس . 2600 - حدثنا ابن بشار , قال : ثنا عبد الرحمن بن مهدي , قال : ثنا سفيان , عن منصور , عن إبراهيم أنه قرأ : " وأقيموا الحج والعمرة إلى البيت " . 2601 - حدثنا ابن بشار , قال : ثنا عبد الرحمن , قال : ثنا سفيان , عن الأعمش , عن إبراهيم , عن علقمة أنه قرأ : " وأقيموا الحج والعمرة إلى البيت " . 2602 - حدثني المثنى , قال : ثنا أبو صالح , قال : ثنا معاوية , عن علي بن أبي طلحة , عن ابن عباس : وأتموا الحج والعمرة لله يقول : من أحرم بحج أو بعمرة فليس له أن يحل حتى يتمها تمام الحج يوم النحر إذا رمى جمرة العقبة وزار البيت فقد حل من إحرامه كله , وتمام العمرة إذا طاف بالبيت وبالصفا والمروة , فقد حل . 2603 - حدثني محمد بن عمرو , قال : ثنا أبو عاصم , قال : ثنا عيسى , وحدثني المثنى , قال : ثنا أبو حذيفة قال : ثنا شبل جميعا , عن ابن أبي نجيح , عن مجاهد في قوله : وأتموا الحج والعمرة لله قال : ما أمروا فيهما . 2604 - حدثت عن عمار بن الحسن , قال : ثنا ابن أبي عفر , عن أبيه , عن الربيع قوله : وأتموا الحج والعمرة لله قال : قال إبراهيم عن علقمة بن قيس قال : " الحج " : مناسك الحج , و " العمرة " : لا يجاوز بها البيت . 2605 - حدثنا ابن حميد , قال : ثنا جرير , عن منصور , عن إبراهيم : وأتموا الحج والعمرة لله قال : قال تقضى مناسك الحج عرفة والمزدلفة ومواطنها , والعمرة للبيت أن يطوف بالبيت وبين الصفا والمروة ثم يحل . وقال آخرون : تمامهما أن تحرم بهما مفردين من دويرة أهلك . ذكر من قال ذلك : 2606 - حدثنا محمد بن المثنى , قال : ثنا محمد بن جعفر , قال : ثنا شعبة , عن عمرو بن مرة , عن عبد الله بن سلمة , عن علي أنه قال : جاء رجل إلى علي فقال له في هذه الآية : وأتموا الحج والعمرة لله أن تحرم من دويرة أهلك . * حدثنا ابن حميد , قال : ثنا هارون بن المغيرة , عن عنبسة , عن شعبة , عن عمرو بن مرة , عن عبد الله بن سلمة , قال : جاء رجل إلى علي رضوان الله عليه , فقال : أرأيت قول الله عز وجل : وأتموا الحج والعمرة لله ؟ قال : أن تحرم من دويرة أهلك . 2607 - حدثنا أبو كريب , قال : ثنا وكيع , عن سفيان , عن محمد بن سوقة , عن سعيد بن جبير , قال : من تمام العمرة أن تحرم من دويرة أهلك . 2608 - حدثنا أبو كريب , قال : ثنا وكيع , عن ثور بن يزيد , عن سليمان بن موسى , عن طاوس , قال : تمامهما : إفرادهما مؤتنفتين من أهلك . * حدثني المثنى , قال : ثنا سفيان , عن ثور , عن سليمان بن موسى , عن طاوس : وأتموا الحج والعمرة لله قال : تفردهما مؤقتتين من أهلك , فذلك تمامهما . وقال آخرون : تمام العمرة أن تعمل في غير أشهر الحج , وتمام الحج أن يؤتى بمناسكه كلها حتى لا يلزم عامله دم بسبب قران ولا متعة . ذكر من قال ذلك : 2609 - حدثنا بشر , قال : ثنا زيد , قال : ثنا سعيد , عن قتادة قوله : وأتموا الحج والعمرة لله قال : وتمام العمرة ما كان في غير أشهر الحج . وما كان في أشهر الحج , ثم أقام حتى يحج في , متعة عليه فيها الهدي إن وجد , وإلا صام ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجع . * حدثنا ابن بشار , قال : ثنا محمد بن جعفر , قال : ثنا سعيد , عن قتادة قوله : وأتموا الحج والعمرة لله قال : ما كان في غير أشهر الحج فهي عمرة تامة , وما كان في أشهر الحج فهي متعة وعليه الهدي . 2610 - حدثني يعقوب , قال : ثنا هشيم , عن ابن عون , قال : سمعت القاسم بن محمد يقول : إن العمرة في أشهر الحج ليست بتامة . قال : فقيل له : العمرة في المحرم ؟ قال : كانوا يرونها تامة . وقال آخرون : إتمامهما أن تخرج من أهلك لا تريد غيرهما . ذكر من قال ذلك : 2611 - حدثنا القاسم , قال : ثنا الحسين , قال : حدثني رجل , عن سفيان , قال : هو يعني تمامهما أن تخرج من أهلك لا تريد إلا الحج والعمرة , وتهل من الميقات ليس أن تخرج لتجارة ولا لحاجة , حتى إذا كنت قريبا من مكة قلت : لو حججت أو اعتمرت . وذلك يجزئ , ولكن التمام أن تخرج له لا تخرج لغيره . وقال آخرون : بل معنى ذلك : أتموا الحج والعمرة لله إذا دخلتم فيهما . ذكر من قال ذلك : 2612 - حدثني يونس , قال : أخبرنا ابن وهب , قال : قال ابن زيد : ليست العمرة واجبة على أحد من الناس . قال : فقلت له : قول الله تعالى : وأتموا الحج والعمرة لله ؟ قال : ليس من الخلق أحد ينبغي له إذا دخل في أمر إلا أن يتمه , فإذا دخل فيها لم ينبغ له أن يهل يوما أو يومين ثم يرجع , كما لو صام يوما لم ينبغ له أن يفطر في نصف النهار . وكان الشعبي يقرأ ذلك رفعا . 2613 - حدثنا ابن المثنى , قال : حدثنا يحيى بن سعيد , عن شعبة , قال : حدثني سعيد بن أبي بردة أن الشعبي وأبا بردة تذاكرا العمرة , قال : فقال الشعبي : تطوع وأتموا الحج والعمرة لله وقال أبو بردة : هي واجبة وأتموا الحج والعمرة لله 2614 - حدثني محمد بن عمرو , قال : ثنا أبو عاصم , قال : ثنا ابن عون , عن الشعبي أنه كان يقرأ وأتموا الحج والعمرة لله وقد روي عن الشعبي خلاف هذا القول , وإن كان المشهور عنه من القول هو هذا . وذلك ما : 2615 - حدثني به المثنى , قال : ثنا الحجاج بن المنهال , قال : ثنا أبو عوانة , عن المغيرة , عن الشعبي , قال : العمرة واجبة . فقراءة من قال : العمرة واجبة نصبها بمعنى أقيموا فرض الحج والعمرة . كما : 2616 - حدثنا محمد بن المثنى , قال : أخبرنا محمد بن جعفر , قال : ثنا شعبة , قال : سمعت أبا إسحاق , يقول : سمعت مسروقا يقول : أمرتم في كتاب الله بأربع : بإقام الصلاة , وإيتاء الزكاة , والحج , والعمرة ; قال : ثم تلا هذه الآية : ولله على الناس حج البيت 3 97 وأتموا الحج والعمرة لله إلى البيت . * حدثني أبو السائب , قال : ثنا ابن إدريس , قال : سمعت ليثا يروي عن الحسن , عن مسروق , قال : أمرنا بإقامة أربعة : الصلاة , والزكاة , والعمرة , والحج , فنزلت العمرة من الحج منزلة الزكاة من الصلاة . 2617 - حدثنا ابن بشار , قال : أنبأنا محمد بن بكر , قال : ثنا ابن جريج , قال : قال علي بن حسين وسعيد بن جبير , وسئلا : أواجبة العمرة على الناس ؟ فكلاهما قال : ما نعلمها إلا واجبة , كما قال الله : وأتموا الحج والعمرة لله 2618 - حدثنا سوار بن عبد الله , قال : ثنا يحيى بن سعيد القطان , عن عبد الملك بن أبي سليمان , قال : سأل رجل سعيد بن جبير عن العمرة فريضة هي أم تطوع ؟ قال : فريضة . قال : فإن الشعبي يقول : هي تطوع . قال : كذب الشعبي ! وقرأ : وأتموا الحج والعمرة لله 2619 - حدثنا الحسن بن يحيى , قال : أخبرنا عبد الرزاق , قال : أخبرنا معمر , عن قتادة عمن سمع عطاء يقول في قوله : وأتموا الحج والعمرة لله قال : هما واجبان : الحج , والعمرة . فتأويل هؤلاء في قوله تبارك وتعالى : وأتموا الحج والعمرة لله أنهما فرضان واجبان من الله تبارك وتعالى أمر بإقامتهما , كما أمر بإقامة الصلاة , وأنهما فريضتان , وأوجب العمرة وجوب الحج . وهم عدد كثير من الصحابة والتابعين , ومن بعدهم من الخالفين كرهنا تطويل الكتاب بذكرهم وذكر الروايات عنهم . وقالوا : معنى قوله : وأتموا الحج والعمرة لله وأقيموا الحج والعمرة . ذكر من قال ذلك : 2620 - حدثنا موسى بن هارون , قال : ثنا عمرو بن حماد , قال : ثنا أسباط , عن السدي قوله : وأتموا الحج والعمرة لله يقول : أقيموا الحج والعمرة . 2621 - حدثنا أحمد بن حازم , قال : ثنا أبو نعيم , قال : ثنا إسرائيل , عن ثوير , عن أبيه , عن علي : " وأقيموا الحج والعمرة للبيت " ثم هي واجبة مثل الحج . 2622 - حدثنا أحمد بن حازم , قال : ثنا أبو نعيم , قال : ثنا إسرائيل , قال : ثنا ثوير , عن أبيه , عن عبد الله : " وأقيموا الحج والعمرة إلى البيت " ثم قال عبد الله : والله لولا التحرج وأني لم أسمع من رسول الله صلى الله عليه وسلم فيها شيئا , لقلت إن العمرة واجبة مثل الحج . وكأنهم عنوا بقوله : أقيموا الحج والعمرة : ائتوا بهما بحدودهما وأحكامهما على ما فرض عليكم . وقال آخرون ممن قرأ قراءة هؤلاء بنصب العمرة : العمرة تطوع . ورأوا أنه لا دلالة على وجوبها في نصبهم العمرة في القراءة , إذ كان من الأعمال ما قد يلزم العبد عمله وإتمامه بدخوله فيه , ولم يكن ابتداء الدخول فيه فرضا عليه , وذلك كالحج التطوع لا خلاف بين الجميع فيه أنه إذا أحرم به أن عليه المضي فيه وإتمامه ولم يكن فرضا عليه ابتداء الدخول فيه . وقالوا : فكذلك العمرة غير فرض واجب الدخول فيها ابتداء , غير أن على من دخل فيها وأوجبها على نفسه إتمامها بعد الدخول فيها . قالوا : فليس في أمر الله بإتمام الحج والعمرة دلالة على وجوب فرضها . قالوا : وإنما أوجبنا فرض الحج بقوله عز وجل : ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا 3 97 وممن قال ذلك جماعة من الصحابة والتابعين ومن بعدهم من الخالفين . ذكر من قال ذلك : 2623 - حدثنا أبو كريب وأبو السائب قالا : ثنا ابن إدريس , قال : سمعت سعيد بن أبي عروبة , عن أبي معشر عن إبراهيم , قال : قال عبد الله : الحج فريضة , والعمرة تطوع . * حدثني يعقوب بن إبراهيم , قال : ثنا ابن علية , عن ابن أبي عروبة , عن أبي معشر , عن النخعي , عن ابن مسعود مثله . 2624 - وحدثنا ابن بشار , قال : ثنا ابن عثمة , قال : ثنا سعيد بن بشير , عن قتادة , عن سعيد بن جبير , قال : العمرة ليست بواجبة . 2625 - حدثنا ابن حميد , قال : ثنا جرير , عن مغيرة , عن سماك , قال : سألت إبراهيم عن العمرة فقال : سنة حسنة . * حدثني يعقوب , قال : ثنا هشيم , عن مغيرة , عن إبراهيم , مثله . * حدثني المثنى , قال : ثنا حجاج , قال : ثنا أبو عوانة , عن المغيرة , عن إبراهيم , مثله . * حدثنا ابن بشار , قال : ثنا عبد الرحمن , قال : ثنا سفيان , عن المغيرة , عن إبراهيم , مثله . 2626 - حدثني المثنى , قال : ثنا الحجاج , قال : ثنا حماد , قال : ثنا عبد الله بن عون , عن الشعبي , قال : العمرة تطوع . فأما الذين قرءوا ذلك برفع العمرة فإنهم قالوا : لا وجه لنصبها , فالعمرة إنما هي زيارة البيت , ولا يكون مستحقا اسم معتمر إلا وهو له زائر ; قالوا : وإذا كان لا يستحق اسم معتمر إلا بزيارته , وهو متى بلغه فطاف به وبالصفا والمروة , فلا عمل يبقى بعده يؤمر بإتمامه بعد ذلك , كما يؤمر بإتمامه الحاج بعد بلوغه والطواف به وبالصفا والمروة بإتيان عرفة والمزدلفة , والوقوف بالمواضع التي أمر بالوقوف بها وعمل سائر أعمال الحج الذي هو من تمامه بعد إتيان البيت لم يكن لقول القائل للمعتمر أتم عمرتك وجه مفهوم , وإذا لم يكن له وجه مفهوم . . فالصواب من القراءة في العمرة الرفع على أنه من أعمال البر لله , فتكون مرفوعة بخبرها الذي بعدها , وهو قوله : لله . وأولى القراءتين بالصواب في ذلك عندنا , قراءة من قرأ بنصب العمرة على العطف بها على الحج , بمعنى الأمر بإتمامهما له . ولا معنى لاعتلال من اعتل في رفعها بأن العمرة زيارة البيت , فإن المعتمر متى بلغه , فلا عمل بقي عليه يؤمر بإتمامه , وذلك أنه إذا بلغ البيت فقد انقضت زيارته وبقي عليه تمام العمل الذي أمره الله به في اعتماره , وزيارته البيت ; وذلك هو الطواف بالبيت , والسعي بين الصفا والمروة , وتجنب ما أمر الله بتجنبه إلى إتمامه ذلك , وذلك عمل وإن كان مما لزمه بإيجاب الزيارة على نفسه غير الزيارة . هذا مع إجماع الحجة على قراءة العمرة بالنصب , ومخالفة جميع قراء الأمصار قراءة من قرأ ذلك رفعا , ففي ذلك مستغنى عن الاستشهاد على خطأ من قرأ ذلك رفعا . وأما أولى القولين اللذين ذكرنا بالصواب في تأويل قوله : والعمرة لله على قراءة من قرأ ذلك نصبا فقول عبد الله بن مسعود , ومن قال بقوله من أن معنى ذلك : وأتموا الحج والعمرة لله إلى البيت بعد إيجابكم إياهما لا أن ذلك أمر من الله عز وجل بابتداء عملهما والدخول فيهما وأداء عملهما بتمامه بهذه الآية , وذلك أن الآية محتملة للمعنيين اللذين وصفنا من أن يكون أمرا من الله عز وجل بإقامتهما ابتداء وإيجابا منه على العباد فرضهما , وأن يكون أمرا منه بإتمامهما بعد الدخول فيهما , وبعد إيجاب موجبهما على نفسه , فإذا كانت الآية محتملة للمعنيين اللذين وصفنا , فلا حجة فيها لأحد الفريقين على الآخر , إلا وللآخر عليه فيها مثلها . وإذا كان كذلك ولم يكن بإيجاب فرض العمرة خبر عن الحجة للعذر قاطعا , وكانت الأمة في وجوبها متنازعة , لم يكن لقول قائل - هي فرض بغير برهان دال على صحة قوله - معنى , إذ كانت الفروض لا تلزم العباد إلا بدلالة على لزومها إياهم واضحة . فإن ظن ظان أنها واجبة وجوب الحج , وأن تأويل من تأول قوله : وأتموا الحج والعمرة لله بمعنى : أقيموا حدودهما وفروضهما أولى من تأويلنا بما : 2627 - حدثني به حاتم بن بكير الضبي , قال : ثنا أشهل بن حاتم الأرطبائي , قال : ثنا ابن عون , عن محمد بن جحادة , عن رجل , عن زميل له , عن أبيه , وكان أبوه يكنى أبا المنتفق , قال : أتيت النبي صلى الله عليه وسلم بعرفة , فدنوت منه , حتى اختلفت عنق راحلتي وعنق راحلته , فقلت : يا رسول الله أنبئني بعمل ينجيني من عذاب الله ويدخلني جنته ! قال : " اعبد الله ولا تشرك به شيئا , وأقم الصلاة المكتوبة , وأد الزكاة المفروضة , وحج واعتمر " قال أشهل : وأظنه قال : " وصم رمضان , وانظر ماذا تحب من الناس أن يأتوه إليك فافعله بهم , وما تكره من الناس أن يأتوه إليك فذرهم منه " . 2628 - وما حدثني يعقوب بن إبراهيم , قال : ثنا ابن إبراهيم , قال : ثنا عبد الرحمن بن مهدي , ومحمد بن أبي عدي , عن شعبة , عن النعمان بن سالم , عن عمرو بن أوس , عن أبي رزين العقيلي رجل من بني عامر قال : قلت يا رسول الله إن أبي شيخ كبير لا يستطيع الحج ولا العمرة ولا الظعن , وقد أدركه الإسلام , أفأحج عنه ؟ قال : " حج عن أبيك واعتمر " . 2629 - وما حدثني به يعقوب , قال : ثنا ابن علية , عن أيوب , عن أبي قلابة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خطب فقال : " اعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا , وأقيموا الصلاة , وآتوا الزكاة , وحجوا واعتمروا واستقيموا يستقم لكم " . وما أشبه ذلك من الأخبار , فإن هذه أخبار لا يثبت بمثلها في الدين حجة لوهي أسانيدها , وأنها مع وهي أسانيدها لها في الأخبار أشكال تنبئ عن أن العمرة تطوع لا فرض واجب . وهو ما : 2630 - حدثنا به محمد بن حميد , ومحمد بن عيسى الدامغاني , قالا : ثنا عبد الله بن المبارك , عن الحجاج بن أرطاة , عن محمد بن المنكدر , عن جابر بن عبد الله , عن النبي صلى الله عليه وسلم : أنه سئل عن العمرة أواجبة هي ؟ , فقال : " لا , وإن تعتمروا خير لكم " . 2631 - حدثنا ابن حميد , قال : ثنا جرير , وحدثني يحيى بن طلحة اليربوعي , قال : ثنا شريك , عن معاوية بن إسحاق , عن أبي صالح الحنفي , قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " الحج جهاد والعمرة تطوع " . وقد زعم بعض أهل الغباء أنه قد صح عنده أن العمرة واجبة بأنه لم يجد تطوعا إلا وله إمام من المكتوبة فلما صح أن العمرة تطوع وجب أن يكون لها فرض , لأن الفرض إمام التطوع في جميع الأعمال . فيقال لقائل ذلك : فقد جعل الاعتكاف تطوعا , فما الفرض الذي هو إمام متطوعه ؟ ثم يسأل عن الاعتكاف أواجب هو أم غير واجب ؟ فإن قال : واجب , خرج من قول جميع الأمة , وإن قال : تطوع , قيل : فما الذي أوجب أن يكون الاعتكاف تطوعا والعمرة فرضا من الوجه الذي يجب التسليم له ؟ فلن يقول في أحدهما شيئا إلا ألزم في الآخر مثله . وبما استشهدنا من الأدلة , فإن أولى القراءتين بالصواب في العمرة قراءة من قرأها نصبا . وإن أولى التأويلين في قوله وأتموا الحج والعمرة لله تأويل ابن عباس الذي ذكرنا عنه من رواية علي بن أبي طلحة عنه من أنه أمر من الله بإتمام أعمالهما بعد الدخول فيهما وإيجابهما على ما أمر به من حدودهما وسننهما . وإن أولى القولين في العمرة بالصواب قول من قال : هي تطوع لا فرض . وإن معنى الآية : وأتموا أيها المؤمنون الحج والعمرة لله بعد دخولكم فيهما وإيجابكموهما على أنفسكم على ما أمركم الله من حدودهما . وإنما أنزل الله تبارك وتعالى هذه الآية على نبيه عليه الصلاة والسلام في عمرة الحديبية التي صد فيها عن البيت معرفة المؤمنين فيها ما عليهم في إحرامهم إن خلي بينهم وبين البيت ومبينا لهم فيها ما المخرج لهم من إحرامهم إن أحرموا , فصدوا عن البيت وبذكر اللازم لهم من الأعمال في عمرتهم التي اعتمروها عام الحديبية وما يلزمهم فيها بعد ذلك في عمرتهم وحجهم , افتتح بقوله : يسألونك عن الأهلة قل هي مواقيت للناس والحج وقد دللنا فيما مضى على معنى الحج والعمرة بشواهد , فكرهنا تطويل الكتاب بإعادته .فإن أحصرتم فما استيسر من الهديالقول في تأويل قوله تعالى : فإن أحصرتم فما استيسر من الهدي . اختلف أهل التأويل في الإحصار الذي جعل الله على من ابتلي به في حجه وعمرته ما استيسر من الهدي , فقال بعضهم : هو كل مانع أو حابس منع المحرم وحبسه عن العمل الذي فرضه الله عليه في إحرامه ووصوله إلى البيت الحرام . ذكر من قال ذلك : 2632 - حدثني محمد بن عمرو , قال : ثنا أبو عاصم , قال : ثنا عيسى , عن ابن أبي نجيح , عن مجاهد أنه كان يقول : الحصر : الحبس كله . يقول : أيما رجل اعترض له في حجته أو عمرته فإنه يبعث بهديه من حيث يحبس . قال : وقال مجاهد في قوله : فإن أحصرتم فإن أحصرتم : يمرض إنسان أو يكسر أو يحبسه أمر فغلبه كائنا ما كان , فليرسل بما استيسر من الهدي , ولا يحلق رأسه , ولا يحل حتى يوم النحر . * حدثني المثنى , قال : ثنا أبو حذيفة , قال : ثنا شبل , عن ابن أبي نجيح , عن مجاهد , مثله . 2633 - حدثنا المثنى , قال : حدثنا أبو نعيم , قال : ثنا سفيان , عن ابن جريج , عن عطاء , قال : الإحصار كل شيء يحبسه . 2634 - وحدثنا محمد بن بشار , قال : ثنا محمد بن جعفر , عن سعيد , عن قتادة أنه قال : في المحصر : هو الخوف والمرض والحابس إذا أصابه ذلك بعث بهديه , فإذا بلغ الهدي محله حل . * حدثنا بشر , قال : ثنا يزيد , عن سعيد , عن قتادة قوله : فإن أحصرتم فما استيسر من الهدي قال : هذا رجل أصابه خوف أو مرض أو حابس حبسه عن البيت يبعث بهديه , فإذا بلغ محله صار حلالا . 2635 - حدثني المثنى , قال : ثنا إسحاق , قال : ثنا أبو معاوية , عن هشام بن عروة , عن أبيه , قال : كل شيء حبس المحرم فهو إحصار . 2636 - حدثني المثنى , قال : ثنا سويد , قال : أخبرنا ابن المبارك , عن إبراهيم , قال أبو جعفر : أحسبه عن شريك , عن إبراهيم بن المهاجر , عن إبراهيم : فإن أحصرتم قال : مرض أو كسر أو خوف . 2637 - حدثني المثنى , قال : ثنا أبو صالح , قال : حدثني معاوية , عن علي عن ابن عباس قوله : فإن أحصرتم فما استيسر من الهدي يقول : من أحرم بحج أو بعمرة , ثم حبس عن البيت بمرض يجهده , أو عذر يحبسه فعليه قضاؤها . وعلة من قال بهذه المقالة أن الإحصار معناه في كلام العرب : منع العلة من المرض وأشباهه غير القهر والغلبة من قاهر الغالب إلا غلبة علة من مرض أو لدغ أو جراحة , أو ذهاب نفقة , أو كسر راحلة . فأما منع العدو , وحبس حابس في سجن , وغلبة غالب حائل بين المحرم والوصول إلى البيت من سلطان , أو إنسان قاهر مانع , فإن ذلك إنما تسميه العرب حصرا لا إحصارا . قالوا : ومما يدل على ذلك قول الله جل ثناؤه : وجعلنا جهنم للكافرين حصيرا 17 8 يعني به : حاصرا : أي حابسا . قالوا : ولو كان حبس القاهر الغالب من غير العلل التي وصفنا يسمى إحصارا لوجب أن يقال : قد أحصر العدو . قالوا : وفي اجتماع لغات العرب على " حوصر العدو " و " العدو محاصر " , دون " أحصر العدو " و " هم محصرون " , و " أحصر الرجل " بالعلة من المرض والخوف , أكبر الدلالة على أن الله جل ثناؤه إنما عنى بقوله : فإن أحصرتم بمرض أو خوف أو علة مانعة . قالوا : وإنما جعلنا حبس العدو ومنعه المحرم من الوصول إلى البيت بمعنى حصر المرض قياسا على ما جعل الله جل ثناؤه من ذلك للمريض الذي منعه المرض من الوصول إلى البيت , لا بدلالة ظاهر قوله : فإن أحصرتم فما استيسر من الهدي إذ كان حبس العدو والسلطان والقاهر علة مانعة , نظيره العلة المانعة من المرض والكسر . وقال آخرون : معنى قوله : فإن أحصرتم فما استيسر من الهدي فإن حبسكم عدو عن الوصول إلى البيت , أو حابس قاهر من بني آدم . قالوا : فأما العلل العارضة في الأبدان كالمرض والجراح وما أشبهها , فإن ذلك غير داخل في قوله : فإن أحصرتم ذكر من قال ذلك : 2638 - حدثنا محمد بن عمرو , قال : ثنا أبو عاصم , قال : ثنا عيسى , عن ابن أبي نجيح , عن مجاهد وعطاء , عن ابن عباس أنه قال : الحصر : حصر العدو , فيبعث الرجل بهديته , فإن كان لا يستطيع أن يصل إلى البيت من العدو , فإن وجد من يبلغها عنه إلى مكة , فإنه يبعث بها ويحرم - قال محمد بن عمرو , قال أبو عاصم : لا ندري قال يحرم أو يحل - من يوم يواعد فيه صاحب الهدي إذا اشترى , فإذا أمن فعليه أن يحج أو يعتمر , فإذا أصابه مرض يحبسه وليس معه هدي , فإنه يحل حيث يحبس , فإن كان معه هدي فلا يحل حتى يبلغ الهدي محله , فإذا بعث به فليس عليه أن يحج قابلا , ولا يعتمر إلا أن يشاء . 2639 - حدثنا عن أبي عبيد القاسم بن سلام , قال : ثني يحيى بن سعيد , عن ابن جريج , عن ابن طاوس , عن أبيه , عن ابن عباس , قال : لا حصر إلا من حبس عدو . 2640 - حدثني المثنى , قال : ثنا أبو حذيفة , قال : ثنا شبل , عن ابن أبي نجيح , عن مجاهد وعطاء , عن ابن عباس مثل حديث محمد بن عمرو , عن أبي عاصم , إلا أنه قال : فإنه يبعث بها ويحرم من يوم واعد فيه صاحب الهدية إذا اشترى . ثم ذكر سائر الحديث مثل حديث محمد بن عمرو , عن أبي عاصم . وقال مالك بن أنس : " بلغني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حل وأصحابه بالحديبية , فنحروا الهدي , وحلقوا رءوسهم , وحلوا من كل شيء قبل أن يطوفوا بالبيت , وقبل أن يصل إليه الهدي , ثم لم نعلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر أحدا من أصحابه ولا ممن كان معه أن يقضوا شيئا ولا أن يعودوا لشيء " . 2641 - حدثني بذلك يونس , قال : أخبرنا ابن وهب عنه . قال : وسئل مالك عمن أحصر بعدو وحيل بينه وبين البيت ؟ فقال : يحل من كل شيء , وينحر هديه , ويحلق رأسه حيث يحبس , وليس عليه قضاء إلا أن يكون لم يحج قط , فعليه أن يحج حجة الإسلام . قال : والأمر عندنا فيمن أحصر بغير عدو بمرض أو ما أشبهه , أن يبدأ بما لا بد منه , ويفتدي , ثم يجعلها عمرة , ويحج عاما قابلا ويهدي . وعلة من قال هذه المقالة - أعني من قال قول مالك - أن هذه الآية نزلت في حصر المشركين رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه عن البيت , فأمر الله نبيه ومن معه بنحر هداياهم والإحلال . قالوا : فإنما أنزل الله هذه الآية في حصر العدو , فلا يجوز أن يصرف حكمها إلى غير المعنى الذي نزلت فيه . قالوا : وأما المريض , فإنه إذا لم يطق لمرضه السير حتى فاتته عرفة , فإنما هو رجل فاته الحج , عليه الخروج من إحرامه بما يخرج به من فاته الحج , وليس من معنى المحصر الذي نزلت هذه الآية في شأنه . وأولى التأويلين بالصواب في قوله : فإن أحصرتم تأويل من تأوله بمعنى : فإن أحصركم خوف عدو أو مرض أو علة عن الوصول إلى البيت , أي صيركم خوفكم أو مرضكم تحصرون أنفسكم , فتحبسونها عن النفوذ لما أوجبتموه على أنفسكم من عمل الحج والعمرة . فلذا قيل " أحصرتم " , لما أسقط ذكر الخوف والمرض . يقال منه : أحصرني خوفي من فلان عن لقائك , ومرضي عن فلان , يراد به : جعلني أحبس نفسي عن ذلك . فأما إذا كان الحابس الرجل والإنسان , قيل : حصرني فلان عن لقائك , بمعنى حبسني عنه . فلو كان معنى الآية ما ظنه المتأول من قوله : فإن أحصرتم فإن حبسكم حابس من العدو عن الوصول إلى البيت , لوجب أن يكون : فإن أحصرتم . ومما يعين صحة ما قلناه من أن تأويل الآية مراد بها إحصار غير العدو وأنه إنما يراد بها الخوف من العدو , قوله : فإن أمنتم فمن تمتع بالعمرة إلى الحج والأمن إنما يكون بزوال الخوف . وإذا كان ذلك كذلك , فمعلوم أن الإحصار الذي عنى الله في هذه الآية هو الخوف الذي يكون بزواله الأمن . وإذا كان ذلك كذلك , لم يكن حبس الحابس الذي ليس مع حبسه خوف على النفس من حبسه داخلا في حكم الآية بظاهرها المتلو , وإن كان قد يلحق حكمه عندنا بحكمه من وجه القياس من أجل أن حبس من لا خوف على النفس من حبسه , كالسلطان غير المخوفة عقوبته , والوالد وزوج المرأة , إن كان منهم أو من بعضهم حبس , ومنع عن الشخوص لعمل الحج , أو الوصول إلى البيت بعد إيجاب الممنوع الإحرام , غير داخل في ظاهر قوله : فإن أحصرتم لما وصفنا من أن معناه : فإن أحصركم خوف عدو , بدلالة قوله : فإذا أمنتم فمن تمتع بالعمرة إلى الحج وقد بين الخبر الذي ذكرنا آنفا عن ابن عباس أنه قال : الحصر : حصر العدو . وإذ كان ذلك أولى التأويلين بالآية لما وصفنا , وكان ذلك منعا من الوصول إلى البيت , فكل مانع عرض للمحرم فصده عن الوصول إلى البيت , فهو له نظير في الحكم . ثم اختلف أهل العلم في تأويل قوله : فما استيسر من الهدي فقال بعضهم : هو شاة . ذكر من قال ذلك : 2642 - حدثنا عبد الحميد بن بيان القناد , قال : أخبرنا إسحاق الأزرق , عن يونس بن أبي إسحاق السبيعي , عن مجاهد , عن ابن عباس , قال : ما استيسر من الهدي شاة . * حدثنا محمد بن بشار , قال : ثنا عبد الرحمن , وحدثنا عبد الحميد , قال : أخبرنا إسحاق , قال : ثنا سفيان , عن حبيب , عن سعيد بن جبير , عن ابن عباس , قال : ما استيسر من الهدي شاة . * حدثنا محمد بن المثنى , قال : ثنا محمد بن جعفر , قال : ثنا شعبة , عن يزيد بن أبي زياد , عن مجاهد عن ابن عباس , مثله . 2643 - حدثني ابن المثنى , قال : ثنا عبد الرحمن , قال : ثنا سفيان , عن أبي إسحاق , عن النعمان بن مالك , قال : تمتعت فسألت ابن عباس فقال : ما استيسر من الهدي قال : قلت شاة ؟ قال : شاة . 2644 - حدثنا عبد الحميد بن بيان , قال : ثنا إسحاق , عن شريك , عن أبي إسحاق , عن النعمان بن مالك , قال : سألت ابن عباس عما استيسر من الهدي ؟ قال : من الأزواج الثمانية من الإبل والبقر والمعز والضأن . 2645 - حدثنا أبو كريب ويعقوب بن إبراهيم , قالا : ثنا هشيم , قال الزهري : أخبرنا وسئل عن قول الله جل ثناؤه : فما استيسر من الهدي قال : كان ابن عباس يقول : من الغنم . * حدثنا ابن حميد , قال : ثنا يحيى بن واضح , قال : ثنا يونس بن أبي إسحاق , عن مجاهد , عن ابن عباس قال : ما استيسر من الهدي : من الأزواج الثمانية . 2646 - حدثنا ابن عبد الأعلى , قال : ثنا خالد , قال : قيل للأشعث : ما قول الحسن : فما استيسر من الهدي ؟ قال : شاة . 2647 - حدثنا محمد بن بشار , قال : ثنا محمد بن جعفر , قال : ثنا شعبة , عن قتادة : فما استيسر من الهدي ؟ قال : شاة . 2648 - حدثنا محمد بن بشار , قال : ثنا محمد بن جعفر , قال : ثنا شعبة , عن قتادة . فما استيسر من الهدي قال : أعلاه بدنة , وأوسطه بقرة , وأخسه شاة . * حدثنا بشر بن معاذ , قال : ثنا يزيد بن زريع , قال : ثنا سعيد , عن قتادة , مثله , إلا أنه كان يقال : أعلاه بدنة , وذكر سائر الحديث مثله . * حدثنا ابن بشار قال : ثنا مسلم بن إبراهيم , قال : ثنا همام , عن قتادة , عن زرارة , عن ابن عباس , قال : فما استيسر من الهدي شاة . * حدثنا ابن بشار , قال : ثنا عبد الوهاب , قال : ثنا أيوب , عن أبي جمرة , عن ابن عباس , مثله . 2649 - حدثنا أبو كريب , قال : ثنا ابن يمان , عن ابن جريج , عن عطاء : فما استيسر من الهدي شاة . * حدثنا أبو كريب , قال , حدثنا ابن يمان , قال : ثنا محمد بن نقيع , عن عطاء , مثله . 2650 - حدثني موسى بن هارون , قال : ثنا عمرو بن حماد , قال : ثنا أسباط , عن السدي , قال : المحصر مبعث بهدي شاة فما فوقها . 2651 - حدثني عبيد بن إسماعيل الهباري , قال : ثنا ابن نمير , عن الأعمش , عن إبراهيم , عن علقمة قال : إذا أهل الرجل بالحج فأحصر , بعث بما استيسر من الهدي شاة . قاله : فذكرت ذلك لسعيد بن جبير , فقال : كذلك قال ابن عباس . * حدثني المثنى , قال : ثنا عبد الله بن صالح , قال : ثني معاوية بن صالح , عن علي بن أبي طلحة , عن ابن عباس : ما استيسر من الهدي : شاة فما فوقها . 2652 - حدثنا ابن بشار , قال : ثنا محمد بن جعفر , قال : ثنا شعبة , وحدثنا المثنى , قاله : ثنا آدم العسقلاني عن شعبة , قال : ثنا أبو جمرة , عن ابن عباس , قال : ما استيسر من الهدي : جزور أو بقرة أو شاة , أو شرك في دم . 2653 - حدثنا ابن بشار , قال : ثنا عبد الوهاب , قال : سمعت يحيى بن سعيد , قال : سمعت القاسم بن محمد يقول : إن ابن عباس كان يرى أن الشاة ما استيسر من الهدي . * حدثنا المثنى , قال : ثنا إسحاق , قال : ثنا عبد الوهاب , عن خالد الحذاء , عن عكرمة , عن ابن عباس أنه قال : ما استيسر من الهدي : شاة . 2654 - حدثنا يعقوب , قال : ثنا هشيم , عن مغيرة , عن إبراهيم , قال : ما استيسر من الهدي : شاة . 2655 - حدثنا ابن بشار , قال : ثنا سهل بن يوسف قال : ثنا حميد , عن عبد الله بن عبيد بن عمير , قال : قال ابن عباس : الهدي : شاة , فقيل له : أيكون دون بقرة ؟ قال : فأنا أقرأ عليكم من كتاب الله ما تدرون به أن الهدي شاة ! ما في الظبي ؟ قالوا : شاة , قال : هديا بالغ الكعبة 5 95 * حدثني المثنى , قال : ثنا الحجاج , قال : ثنا حماد , عن قيس بن سعد , عن عطاء بن أبي رباح , عن ابن عباس , قال : شاة . 2656 - حدثنا أبو كريب , قال : ثنا وكيع , عن دلهم بن صالح , قال : سألت أبا جعفر , عن قوله ما استيسر من الهدي : فقال : شاة . 2657 - حدثنا يونس بن عبد الأعلى , قال : أخبرنا ابن وهب , أن مالك بن أنس حدثه عن جعفر بن محمد عن أبيه : أن علي بن أبي طالب كان يقول : ما استيسر من الهدي : شاة . * حدثنا المثنى , قال : ثنا مطرف بن عبد الله , قال : ثنا مالك , عن جعفر بن محمد , عن أبيه , عن علي رضي الله عنه , مثله . * حدثني يونس , قال : أخبرنا ابن وهب , قال : أخبرني مالك أنه بلغه أن عبد الله بن عباس كان يقول : ما استيسر من الهدي : شاة . 2658 - حدثني يونس , قال : أخبرنا ابن وهب , قال مالك : وذلك أحب إلي . * حدثني محمد بن سعد قال : حدثني أبي , قال : ثني عمي , قال : ثني أبي , عن أبيه , عن ابن عباس , قال : فما استيسر من الهدي قال : عليه , يعني المحصر هدي إن كان موسرا فمن الإبل , وإلا فمن البقر وإلا فمن الغنم . * حدثني المثنى , قال : ثنا آدم العسقلاني , قال : ثنا ابن أبي ذئب , عن شعبة مولى ابن عباس , عن ابن عباس , قال : ما استيسر من الهدي : شاة , وما عظمت شعائر الله , فهو أفضل . * حدثني يونس , قال : أخبرنا أشهب , قال : أخبرنا ابن لهيعة أن عطاء بن أبي رباح حدثه أن ما استيسر من الهدي : شاة . وقال آخرون : " ما استيسر من الهدي " : من الإبل والبقر , سن دون سن . ذكر من قال ذلك : 2659 - حدثنا محمد بن عبد الأعلى , قال : ثنا معتمر , قال : سمعت عبيد الله , عن نافع , عن ابن عمر , قال : " ما استيسر من الهدي " : البقرة دون البقرة , والبعير دون البعير . 2660 - حدثنا ابن بشار , قال : ثنا محمد بن بكر , قال : ثنا سعيد , عن قتادة , عن أبي مجلز , قال : سأل رجل ابن عمر : ما استيسر من الهدي ؟ قال : أترضى شاة ؟ كأنه لا يرضاه . 2661 - حدثنا ابن بشار , قال : ثنا عبد الوهاب , قال : ثنا أيوب , عن القاسم بن محمد ونافع , عن ابن عمر قال : ما استيسر من الهدي : ناقة أو بقرة , فقيل له : ما استيسر من الهدي ؟ قال : الناقة دون الناقة , والبقرة دون البقرة . 2662 - حدثني المثنى , قال : ثنا محمد بن جعفر , قال : ثنا شعبة , عن يزيد بن أبي زياد , عن مجاهد , عن ابن عمر أنه قال : فما استيسر من الهدي قال : جزور , أو بقرة . 2663 - حدثنا أبو كريب ويعقوب , قالا : ثنا هشيم , قال الزهري أخبرنا , وسئل عن قول الله : فما استيسر من الهدي قال : قال ابن عمر : من الإبل والبقر . * حدثني يعقوب , قال : ثنا ابن علية , قال : أخبرنا أيوب , عن نافع , عن ابن عمر في قوله جل ثناؤه : فما استيسر من الهدي قال : الناقة دون الناقة , والبقرة دون البقرة . 2664 - حدثني يعقوب , قال : ثنا ابن علية , عن أيوب , عن القاسم , عن ابن عمر في قوله : فما استيسر من الهدي قال : الإبل والبقر . 2665 - حدثنا ابن بشار , قال : ثنا عبد الوهاب , قال : سمعت يحيى بن سعيد , قال : سمعت القاسم بن محمد يقول : كان عبد الله بن عمر وعائشة يقولان : " ما استيسر من الهدي " : من الإبل والبقر . 2666 - حدثني يعقوب , قال : ثنا ابن علية , قال : ثنا الوليد بن أبي هشام , عن زياد بن جبير , عن أخيه عبد الله أو عبيد الله بن جبير , قال : سألت ابن عمر عن المتعة في الهدي ؟ فقال : ناقة , قلت : ما تقول في الشاة ؟ قال : أكلكم شاة أكلكم شاة . 2667 - حدثني يعقوب , قال : ثنا ابن علية , عن ليث , عن مجاهد وطاوس , قالا : ما استيسر من الهدي : بقرة . 2668 - حدثني المثنى , قال : ثنا عبد الله بن صالح , قال : ثني معاوية بن صالح , عن علي بن أبي طلحة : فما استيسر من الهدي قال في قول ابن عمر : بقرة فما فوقها . 2669 - حدثني المثنى , قال : ثنا أبو صالح , قال : ثني أبو معشر , عن نافع , عن ابن عمر , قال : " ما استيسر من الهدي " : قال : بدنة أو بقرة , فأما شاة فإنها هي نسك . 2670 - حدثنا المثنى , قال : ثنا الحجاج , قال : ثنا حماد , عن هشام بن عروة , عن أبيه , قال : البدنة دون البدنة , والبقرة دون البقرة , وإنما الشاة نسك , قال : تكون البقرة بأربعين وبخمسين . * حدثنا الربيع , قال : ثنا ابن وهب , قال : ثني أسامة , عن نافع , عن ابن عمر , كان يقول : ما استيسر من الهدي : بقرة . 2671 - وحدثنا الربيع , قال : ثنا ابن وهب , قال : ثني أسامة بن زيد أن سعيدا حدثه , قال : رأيت ابن عمر وأهل اليمن يأتونه فيسألونه عما استيسر من الهدي ويقولون : الشاة الشاة ! قال : فيرد عليهم : الشاة الشاة ! يحضهم ; إلا أن الجزور دون الجزور , والبقرة دون البقرة , ولكن ما استيسر من الهدي : بقرة . وأولى القولين بالصواب قول من قال : ما استيسر من الهدي شاة ; لأن الله جل ثناؤه إنما أوجب ما استيسر من الهدي , وذلك على كل ما تيسر للمهدي أن يهديه كائنا ما كان ذلك الذي يهدي . إلا أن يكون الله جل ثناؤه خص من ذلك شيئا , فيكون ما خص من ذلك خارجا من جملة ما احتمله ظاهر التنزيل , ويكون سائر الأشياء غيره مجزئا إذا أهداه المهدي بعد أن يستحق اسم هدي . فإن قال قائل : فإن الذي أبوا أن تكون الشاة مما استيسر من الهدي بأنه لا يستحق اسم هدي كما أنه لو أهدى دجاجة أو بيضة لم يكن مهديا هديا مجزئا ؟ قيل : لو كان في المهدي الدجاجة والبيضة من الاختلاف نحو الذي في المهدي الشاة لكان سبيلهما واحدة في أن كل واحد منهما قد أدى ما عليه بظاهر التنزيل إذا لم يكن أحد الهديين يخرجه من أن يكون مؤديا بإهدائه ما أهدى من ذلك مما أوجبه الله عليه في إحصاره . ولكن لما أخرج المهدي ما دون الجذع من الضأن والثني من المعز والإبل والبقر فصاعدا من الأسنان من أن يكون مهديا ما أوجبه الله عليه في إحصاره أو متعته بالحجة القاطعة العذر , نقلا عن نبينا صلى الله عليه وسلم وراثة , كان ذلك خارجا من أن يكون مرادا بقوله : فما استيسر من الهدي وإن كان مما استيسر لنا من الهدايا . ولما اختلف في الجذع من الضأن والثني من المعز , كان مجزئا ذلك عن مهديه لظاهر التنزيل , لأنه مما استيسر من الهدي . فإن قال قائل : فما محل " ما " التي في قوله جل وعز : فما استيسر من الهدي ؟ قيل : رفع . فإن قال : بماذا ؟ قيل : بمتروك , وذلك " فعليه " لأن تأويل الكلام : وأتموا الحج والعمرة أيها المؤمنون لله , فإن حبسكم عن إتمام ذلك حابس من مرض أو كسر أو خوف عدو فعليكم لإحلالكم إن أردتم الإحلال من إحرامكم ما استيسر من الهدي . وإنما اخترنا الرفع في ذلك , لأن أكثر القرآن جاء برفع نظائره , وذلك كقوله : فمن كان منكم مريضا أو به أذى من رأسه ففدية من صيام وكقوله : فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام وما أشبه ذلك مما يطول بإحصائه الكتاب , تركنا ذكره استغناء بما ذكرنا عنه . ولو قيل موضع " ما " نصب بمعنى : فإن أحصرتم فأهدوا ما استيسر من الهدي , لكان غير مخطئ قائله . وأما الهدي فإنه جمع واحدها هدية , على تقدير جدية السرج , والجمع الجدي مخفف . 2672 - حدثنا عن أبي عبيدة معمر بن المثنى , عن يونس , قال : كان أبو عمرو بن العلاء يقول : لا أعلم في الكلام حرفا يشبهه . وبتخفيف الياء وتسكين الدال من " الهدي " قرأه القراء في كل مصر , إلا ما ذكر عن الأعرج , فإن . 2673 - أبا هشام الرفاعي , حدثنا , قال : ثنا يعقوب , عن بشار , عن أسد , عن الأعرج أنه قرأ : " هديا بالغ الكعبة " بكسر الدال مثقلا , وقرأ : " حتى يبلغ الهدي محله " بكسر الدال مثقلة . واختلف في ذلك عن عاصم , فروي عنه موافقة الأعرج ومخالفته إلى قراءة سائر القراء . والهدي عندي إنما سمي هديا لأنه تقرب به إلى الله جل وعز مهديه بمنزلة الهدية يهديها الرجل إلى غيره متقربا بها إليه , يقال منه : أهديت الهدي إلى بيت الله فأنا أهديه إهداء , كما يقال في الهدية يهديها الرجل إلى غيره : أهديت إلى فلان هدية وأما أهديها . ويقال للبدنة هدية , ومنه قول زهير بن أبي سلمى يذكر رجلا أسر يشبهه في حرمته بالبدنة التي تهدى : فلم أر معشرا أسروا هديا ولم أر جار بيت يستباءولا تحلقوا رءوسكم حتى يبلغ الهدي محلهالقول في تأويل قوله تعالى ولا تحلقوا رءوسكم حتى يبلغ الهدي محله يعني بذلك جل ثناؤه : فإن أحصرتم فأردتم الإحلال من إحرامكم , فعليكم ما استيسر من الهدي , ولا تحلوا من إحرامكم إذا أحصرتم حتى يبلغ الهدي الذي أوحيته عليكم لإحلالكم من إحرامكم الذي أحصرتم فيه قبل تمامه وانقضاء مشاعره ومناسكه محله وذلك أن حلق الرأس إحلال من الإحرام الذي كان المحرم قد أوجبه على نفسه , فنهاه الله عن الإحلال من إحرامه بحلاقه , حتى يبلغ الهدي الذي أباح الله له الإحلال جل ثناؤه بإهدائه محله . ثم اختلف أهل العلم في محل الهدي الذي عناه الله جل اسمه الذي متى بلغه كان للمحصر الإحلال من إحرامه الذي أحصر فيه . فقال بعضهم : محل هدي المحصر الذي يحل به ويجوز له ببلوغه إياه حلق رأسه , إذا كان إحصاره من خوف عدو منعه ذبحه إن كان مما يذبح , أو نحره إن كان مما ينحر , في الحل ذبح أو نحر أو في الحرم حيث حبس , وإن كان من غير خوف عدو فلا يحل حتى يطوف بالبيت ويسعى بين الصفا والمروة . وهذا قول من قال : الإحصار إحصار العدو دون غيره . ذكر من قال ذلك : 2674 - حدثني يونس , قال : أخبرنا ابن وهب , أخبرني مالك بن أنس أنه بلغه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حل هو وأصحابه بالحديبية , فنحروا الهدي وحلقوا رءوسهم , وحلوا من كل شيء قبل أن يطوفوا بالبيت , وقبل أن يصل إليه الهدي . ثم لم نعلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر أحدا من أصحابه ولا ممن كان معه أن يقضوا شيئا , ولا أن يعودوا لشيء . 2675 - حدثني يونس , قال : أخبرنا ابن وهب , قال : أخبرني مالك , عن نافع : أن عبد الله بن عمر خرج إلى مكة معتمرا في الفتنة , فقال : إن صددت عن البيت صنعنا كما صنعنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم . فأهل بعمرة من أجل أن النبي كان أهل بعمرة عام الحديبية . ثم إن عبد الله بن عمر نظر في أمره فقال : ما أمرهما إلا واحد . قال : فالتفت إلى أصحابه فقال : ما أمرهما إلا واحد , أشهدكم أني قد أوجبت الحج مع العمرة . قال : ثم طاف طوافا واحدا , ورأى أن ذلك مجز عنه وأهدى . قال يونس : قال ابن وهب : قال مالك : وعلى هذا الأمر عندنا فيمن أحصر بعدو كما أحصر نبي الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه . فأما من أحصر بغير عدو فإنه لا يحل دون البيت . قال : وسئل مالك عمن أحصر بعدو وحيل بينه وبين البيت , فقال : يحل من كل شيء , وينحر هديه , ويحلق رأسه حيث حبس , وليس عليه قضاء إلا أن يكون لم يحج قط , فعليه أن يحج حجة الإسلام . 2676 - حدثنا يونس , قال : أخبرنا ابن وهب , قال : أخبرنا مالك , قال : ثني يحيى بن سعيد , عن سليمان بن يسار : أن عبد الله بن عمر ومروان بن الحكم وعبد الله بن الزبير أفتوا ابن حزابة المخزومي , وصرع في الحج ببعض الطريق , أن يبدأ بما لا بد منه ويفتدي , ثم يجعلها عمرة , ويحج عاما قابلا ويهدي . قال يونس : قال ابن وهب : قال مالك : وذلك الأمر عندنا فيمن أحصر بغير عدو . قال : وقال مالك : وكل من حبس عن الحج بعد ما يحرم إما بمرض , أو خطأ في العدد , أو خفي عليه الهلال , فهو محصر , عليه ما على المحصر - يعني من المقام على إحرامه - حتى يطوف أو يسعى , ثم الحج من قابل والهدي . 2677 - حدثنا ابن بشار , قال : ثنا عبد الوهاب , قال : سمعت يحيى بن سعيد , يقول : أخبرني أيوب بن موسى أن داود بن أبي عاصم أخبره : أنه حج مرة فاشتكى , فرجع إلى الطائف ولم يطف بين الصفا والمروة , فكتب إلى عطاء بن أبي رباح يسأله عن ذلك , وأن عطاء كتب إليه : أن أهرق دما وعلة من قال بقول مالك في أن محل الهدي في الإحصار بالعدو نحره حيث حبس صاحبه , ما : 2678 - حدثنا به أبو كريب ومحمد بن عمارة الأسدي , قالا : ثنا عبيد الله بن موسى , قال : أخبرنا موسى بن عبيدة , قال : أخبرني أبو مرة مولى أم هانئ , عن ابن عمر , قال : لما كان الهدي دون الجبال التي تطلع على وادي الثنية عرض له المشركون فردوا وجهه . قال : فنحر النبي صلى الله عليه وسلم الهدي حيث حبسوه , وهي الحديبية , وحلق , وتأسى به أناس فحلقوا حين رأوه حلق , وتربص آخرون فقالوا : لعلنا نطوف بالبيت , فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " رحم الله المحلقين " . قيل : والمقصرين ! قال : ورحم الله المحلقين ! قيل : والمقصرين ! قال : " والمقصرين " . 2679 - حدثني يعقوب بن إبراهيم , قال : ثنا يحيى بن سعيد القطان , قال : ثنا عبد الله بن المبارك , قال : أخبرنا معمر عن الزهري , عن عروة , عن المسور بن مخرمة ومروان بن الحكم , قالا : لما كتب رسول الله صلى الله عليه وسلم القضية بينه وبين مشركي قريش , وذلك بالحديبية عام الحديبية , قال لأصحابه : " قوموا فانحروا واحلقوا " . قال : فوالله ما قام منهم رجل حتى قال ذلك ثلاث مرات . فلما لم يقم منهم أحد , قام فدخل على أم سلمة , فذكر ذلك لها , فقالت أم سلمة : يا نبي الله اخرج ثم لا تكلم أحدا منهم بكلمة حتى تنحر بدنك وتدعو حلاقك فتحلق ! فقام فخرج فلم يكلم منهم أحدا حتى فعل ذلك . فلما رأوا ذلك قاموا فنحروا , وجعل بعضهم يحلق بعضا حتى كاد بعضهم يقتل بعضا غما . قالوا : فنحر النبي صلى الله عليه وسلم هديه حين صده المشركون عن البيت بالحديبية , وحل هو وأصحابه . قالوا : والحديبية ليست من الحرم , قالوا , ففي مثل ذلك دليل واضح على أن معنى قوله : حتى يبلغ الهدي محله حتى يبلغ بالذبح أو النحر محل أكله , والانتفاع به في محل ذبحه ونحره , كما روي عن نبي الله عليه الصلاة والسلام في نظيره إذ أتي بلحم أتته بريرة من صدقة كان تصدق بها عليها , فقال : " قربوه فقد بلغ محله " يعني : فقد بلغ محل طيبه وحلاله له بالهدية إليه بعد أن كان صدقة على بريرة . وقال بعضهم : محل هدي المحصر الحرم لا محل له غيره . ذكر من قال ذلك : 2680 - حدثني يعقوب بن إبراهيم , قال : ثنا هشيم , عن الأعمش , عن عمارة بن عمير , عن عبد الرحمن بن يزيد : أن عمرو بن سعيد النخعي أهل بعمرة , فلما بلغ ذات الشقوق لدغ بها , فخرج أصحابه إلى الطريق يتشرفون الناس , فإذا هم بابن مسعود , فذكروا ذلك له , فقال : ليبعث بهدي , واجعلوا بينكم يوم أمارة , فإذا ذبح الهدي فليحلل , وعليه قضاء عمرته . * حدثنا تميم بن المنتصر , قال : ثنا إسحاق , عن شريك , عن سليمان بن مهران , عن عمارة بن عمير وإبراهيم , عن عبد الرحمن بن يزيد أنه قال : خرجنا مهلين بعمرة فينا الأسود بن يزيد , حتى نزلنا ذات الشقوق , فلدغ صاحب لنا , فشق ذلك عليه مشقة شديدة , فلم ندر كيف نصنع به , فخرج بعضنا إلى الطريق , فإذا نحن بركب فيه عبد الله بن مسعود , فقلنا له : يا أبا عبد الرحمن رجل منا لدغ , فكيف نصنع به ؟ قال : يبعث معكم بثمن هدي , فتجعلون بينكم وبينه يوما أمارة , فإذا نحر الهدي فليحلل , وعليه عمرة في قابل . * حدثنا ابن بشار , قال : ثنا مؤمل , قال : ثنا سفيان , عن الأعمش , عن عمارة بن عمير , عن عبد الرحمن بن يزيد , قال : بينا نحن بذات الشقوق فلبى رجل منا بعمرة فلدغ , فمر علينا عبد الله فسألناه , فقال : اجعلوا بينكم وبينه يوم أمارا , فيبعث بثمن الهدي , فإذا نحر حل وعليه العمرة . * حدثني محمد بن المثنى , قال : ثنا محمد بن جعفر , قال : ثنا شعبة , عن الحكم , قال : سمعت إبراهيم النخعي يحدث عن عبد الرحمن بن يزيد , قال : أهل رجل منا بعمرة , فلدغ , فطلع ركب فيهم عبد الله بن مسعود , فسألوه , فقال : يبعث بهدي , واجعلوا بينكم وبينه يوما أمارا , فإذا كان ذلك اليوم فليحلل . وقال عمارة بن عمير : وكان حسبك به عن عبد الرحمن بن يزيد , عن عبد الله : وعليه العمرة من قابل . * حدثني أبو السائب , قال : ثنا أبو معاوية , عن الأعمش , عن عمارة , عن عبد الرحمن بن يزيد , قال : خرجنا عمارا , فلما كنا بذات الشقوق لدغ صاحب لنا , فاعترضنا للطريق نسأل عما نصنع به , فإذا عبد الله بن مسعود في ركب , فقلنا له : لدغ صاحب لنا , فقال : اجعلوا بينكم وبين صاحبكم يوما , وليرسل بالهدي , فإذا نحر الهدي فليحلل , ثم عليه العمرة . * حدثني يعقوب , قال : ثنا هشيم , عن الحجاج , قال : حدثني عبد الرحمن بن الأسود , عن أبيه , عن ابن مسعود : أن عمرو بن سعيد النخعي أهل بعمرة , فلما بلغ ذات الشقوق لدغ بها , فخرج أصحابه إلى الطريق يتشوفون الناس , فإذا هم بابن مسعود , فذكروا فإذا ذبح الهدي فليحلل , وعليه قضاء عمرته . 2681 - حدثني المثنى , قال : ثنا أبو صالح , قال : ثني معاوية , عن علي , عن ابن عباس : فإن أحصرتم فما استيسر من الهدي يقول : من أحرم بحج أو عمرة , ثم حبس عن البيت بمرض يجهده أو عذر يحبسه , فعليه ذبح ما استيسر من الهدي , شاة فما فوقها يذبح عنه . فإن كانت حجة الإسلام , فعليه قضاؤها , وإن كانت حجة بعد حجة الفريضة أو عمرة فلا قضاء عليه . ثم قال : ولا تحلقوا رءوسكم حتى يبلغ الهدي محله فإن كان أحرم بالحج فمحله يوم النحر , و
اَلْحَجُّ اَشْهُرٌ مَّعْلُوْمٰتٌۚ-فَمَنْ فَرَضَ فِیْهِنَّ الْحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَ لَا فُسُوْقَۙ-وَ لَا جِدَالَ فِی الْحَجِّؕ-وَ مَا تَفْعَلُوْا مِنْ خَیْرٍ یَّعْلَمْهُ اللّٰهُ ﳳ-وَ تَزَوَّدُوْا فَاِنَّ خَیْرَ الزَّادِ التَّقْوٰى٘-وَ اتَّقُوْنِ یٰۤاُولِی الْاَلْبَابِ(۱۹۷)
حج کے کئی مہینہ ہیں جانے ہوئے (ف۳۷۳) تو جو ان میں حج کی نیت کرے (ف۳۷۴) تو نہ عورتوں کے سامنے صحبت کا تذکرہ ہو نہ کوئی گناہ، نہ کسی سے جھگڑا (ف۳۷۵) حج کے وقت تک اور تم جو بھلائی کرو اللہ اسے جانتا ہے (ف۳۷۶) اور توشہ ساتھ لو کہ سب سے بہتر توشہ پرہیزگاری ہے (ف۳۷۷) اور مجھ سے ڈرتے رہو اے عقل والو، ف۳۷۸)
الحج أشهر معلوماتالقول في تأويل قوله تعالى : الحج أشهر معلومات يعني جل ثناؤه بذلك : وقت الحج أشهر معلومات . " والأشهر " مرفوعات بالحج , وإن كان له وقتا لا صفة ونعتا , إذ لم تكن محصورات بتعريف بإضافة إلى معرفة أو معهود , فصار الرفع فيهن كالرفع في قول العرب في نظير ذلك من المحل " المسلمون جانب والكفار جانب " , برفع الجانب الذي لم يكن محصورا على حد معروف , ولو قيل جانب أرضهم أو بلادهم لكان النصب هو الكلام . ثم اختلف أهل التأويل في قوله : الحج أشهر معلومات فقال بعضهم : يعني بالأشهر المعلومات : شوالا , وذا القعدة , وعشرا من ذي الحجة . ذكر من قال ذلك : 2844 - حدثنا أحمد بن إسحاق , قال : ثنا أبو أحمد , قال : ثنا شريك , عن أبي إسحاق , عن أبي الأحوص , عن عبد الله قوله : الحج أشهر معلومات قال : شوال , وذو القعدة , وعشر ذي الحجة . 2845 - حدثنا أحمد بن إسحاق , قال : ثنا أبو أحمد , قال : ثنا سفيان وشريك , عن خصيف , عن عكرمة , عن ابن عباس , مثله . * حدثنا الحسن بن يحيى , قال : أخبرنا عبد الرزاق , قال : أخبرنا الثوري , عن خصيف , عن مقسم عن ابن عباس , مثله . * حدثنا أبو كريب , قال : ثنا إبراهيم بن إسماعيل بن نصر السلمي , قال : ثنا إبراهيم بن إسماعيل بن أبي حبيبة , عن داود بن حصين , عن عكرمة , عن ابن عباس أنه قال : أشهر الحج شوال , وذو القعدة , وعشر من ذي الحجة . 2846 - حدثني المثنى , قال : ثنا أبو صالح , قال : ثني معاوية , عن علي بن أبي طلحة , عن ابن عباس قوله : الحج أشهر معلومات وهن : شوال , وذو القعدة , وعشر من ذي الحجة , جعلهن الله سبحانه للحج , وسائر الشهور للعمرة , فلا يصلح أن يحرم أحد بالحج إلا في أشهر الحج , والعمرة يحرم بها في كل شهر . * حدثني المثنى , قال : ثنا الحماني , قال : ثنا شريك , عن أبي إسحاق , عن الضحاك , عن ابن عباس في قوله : الحج أشهر معلومات قال : شوال , وذو القعدة , وعشر من ذي الحجة . 2847 - حدثنا محمد بن بشار , قال : ثنا عبد الرحمن وأبو عامر قالا : ثنا سفيان , وحدثنا الحسن بن يحيى , قال : أخبرنا عبد الرزاق , قال : أخبرنا الثوري عن المغيرة , عن إبراهيم , مثله . * حدثنا ابن بشار , قال : ثنا عبد الرحمن , قال : حدثنا أبو عوانة , عن مغيرة , عن إبراهيم والشعبي مثله . * حدثنا أحمد بن إسحاق , قال : ثنا أبو أحمد , قال : ثنا سفيان وإسرائيل , عن مغيرة , عن إبراهيم , مثله . 2849 - حدثنا أحمد بن إسحاق , قال : ثنا إسرائيل , عن جابر , عن عامر , مثله . 2850 - حدثني موسى , قال : ثنا عمرو , قال : ثنا أسباط , عن السدي , مثله . 2851 - حدثني المثنى , قال : ثنا أبو حذيفة , قال : ثنا شبل , عن ابن أبي نجيح , عن مجاهد , مثله . 2852 - حدثني القاسم , قال : حدثنا الحسين , قال : ثني هشيم , قال : أخبرنا الحجاج , عن الحكم , عن مقسم , عن ابن عباس . وأخبرنا مغيرة , عن إبراهيم والشعبي . وأخبرنا يونس , عن الحسن . وأخبرنا جويبر , عن الضحاك . وأخبرنا حجاج , عن عطاء ومجاهد , مثله . 2853 - حدثنا محمد بن المثنى , قال : ثنا أبو الوليد , قال : ثنا حماد , عن عبيد الله , عن نافع , عن ابن عمر , قال : شوال , وذو القعدة , وعشر ذي الحجة في الحج أشهر معلومات . * حدثني أحمد بن حازم , قال : ثنا أبو نعيم , قال : ثنا ورقاء , عن عبد الله بن دينار , عن ابن عمر , قال : الحج أشهر معلومات قال : شوال , وذو القعدة , وعشر ذي الحجة . 2854 - حدثنا أحمد بن حازم , قال : ثنا أبو نعيم , قال : ثنا حسين بن عقيل , عن الضحاك , قال : شوال , وذو القعدة , وعشر من ذي الحجة . * حدثني الحسن بن يحيى , قال : أخبرنا عبد الرزاق , قال : أخبرنا حسين بن عقيل الخراساني , قال : سمعت الضحاك بن مزاحم يقول , فذكر مثله . وقال آخرون : بل يعني بذلك شوالا , وذا القعدة , وذا الحجة كله . ذكر من قال ذلك : 2855 - حدثنا ابن بشار , قال : ثنا يحيى بن سعيد , قال : ثنا ابن جريج , قال : قلت لنافع : أكان عبد الله يسمي أشهر الحج ؟ قال : نعم , شوال , وذو القعدة , وذو الحجة . * حدثنا ابن بشار , قال : ثنا محمد بن بكر , قال : ثنا ابن جريج , قال : قلت لنافع : أسمعت ابن عمر يسمي أشهر الحج ؟ قال : نعم , كان يسمي شوالا , وذا القعدة , وذا الحجة . * حدثنا أحمد بن إسحاق , قال : ثنا أبو أحمد , قال : ثنا شريك , عن إبراهيم بن مهاجر , عن مجاهد , عن ابن عمر , قال : شوال , وذو القعدة , وذو الحجة . 2856 - حدثنا ابن بشار , قال : ثنا محمد بن بكر , قال : أخبرنا ابن جريج , قال : قال عطاء : الحج أشهر معلومات , قال عطاء : فهي شوال , وذو القعدة , وذو الحجة . 2857 - حدثنا عن عمار , قال : ثنا ابن أبي جعفر , عن أبيه , عن الربيع , مثله . 2858 - حدثنا بشر , قال : ثنا يزيد , قال : ثنا سعيد , عن قتادة قوله : الحج أشهر معلومات أشهر الحج : شوال , وذو القعدة , وذو الحجة . وربما قال : وعشر ذي الحجة . 2859 - حدثنا الحسن بن يحيى , قال : أخبرنا عبد الرزاق , قال : أخبرنا معمر , عن ابن أبي نجيح , عن مجاهد في قوله : الحج أشهر معلومات قال : شوال , وذو القعدة , وذو الحجة . 2860 - حدثنا الحسن بن يحيى , قال : أخبرنا عبد الرزاق , قال : أخبرنا معمر , عن ابن طاوس , عن أبيه , مثله . 2861 - حدثني المثنى , قال : ثنا أبو صالح , قال : ثني الليث , قال : ثني عقيل , عن ابن شهاب , قال : أشهر الحج : شوال , وذو القعدة , وذو الحجة . فإن قال لنا قائل : وما وجه قائلي هذه المقالة , وقد علمت أن عمل الحج لا يعمل بعد تقضي أيام منى ؟ قيل : إن معنى ذلك غير الذي توهمته , وإنما عنوا بقيلهم الحج ثلاثة أشهر كوامل , أنهن الحج لا أشهر العمرة , وأن شهور العمرة سواهن من شهور السنة . ومما يدل على أن ذلك معناهم في قيلهم ذلك ما : 2862 - حدثني يعقوب بن إبراهيم , قال : ثنا ابن علية , قال : أخبرنا أيوب , عن نافع , قال : قال ابن عمر : أن تفصلوا بين أشهر الحج والعمرة فتجعلوا العمرة في غير أشهر الحج , أتم لحج أحدكم وأتم لعمرته . 2863 - حدثني نصر بن علي الجهضمي , قال : أخبرني أبي , قال : ثنا شعبة , قال : ما لقيني - أيوب أو قال : ما لقيت أيوب - إلا سألني عن حديث قيس بن مسلم , عن طارق بن شهاب , قال : قلت لعبد الله : امرأة منا قد حجت , أو هي تريد أن تحج , أفتجعل مع حجها عمرة ؟ فقال : ما أرى هؤلاء إلا أشهر الحج . قال : فيقول لي أيوب ومن عنده : مثل هذا الحديث حدثك قيس بن مسلم عن طارق بن شهاب أنه سأل عبد الله . 2864 - حدثني يعقوب , قال : ثنا هشيم , عن ابن عون , قال : سمعت القاسم بن محمد يقول : إن العمرة في أشهر الحج ليست بتامة . قال : فقيل له : العمرة في المحرم ؟ فقال : كانوا لا يرونها تامة . 2865 - حدثنا عبد الحميد بن بيان , قال : أخبرنا إسحاق بن يوسف , عن ابن عون , قال : سألت القاسم بن محمد عن العمرة في أشهر الحج , قال : كانوا لا يرونها تامة . 2866 - حدثنا ابن بيان الواسطي , قال : أخبرنا إسحاق عن عبد الله بن عون , عن ابن سيرين أنه كان يستحب العمرة في المحرم , قال : تكون في أشهر الحج . قال : كانوا لا يرونها تامة . 2867 - حدثنا ابن بيان , قال : ثنا إسحاق , عن ابن عون , عن محمد بن سيرين , قال : قال ابن عمر للحكم بن الأعرج أو غيره : إن أطعتني انتظرت حتى إذا أهل المحرم خرجت إلى ذات عرق فأهللت منها بعمرة . 2868 - حدثنا ابن المثنى , قال : ثنا وهب بن جرير , قال : ثنا شعبة , عن أبي يعقوب , قال : سمعت ابن عمر يقول : لأن أعتمر في عشر ذي الحجة أحب إلي من أن أعتمر في العشرين . 2869 - حدثنا ابن بشار , قال : ثنا عبد الرحمن , قال : ثنا سفيان , عن قيس بن مسلم , عن طارق بن شهاب , قال : سألت ابن مسعود عن امرأة منا أرادت أن تجمع مع حجها عمرة , فقال : اسمع الله يقول : الحج أشهر معلومات ما أراها إلا أشهر الحج . 2870 - حدثني أحمد بن المقدام , قال : ثنا حزام القطعي , قال : سمعت محمد بن سيرين يقول : ما أحد من أهل العلم شك أن عمرة في غير أشهر الحج أفضل من عمرة في أشهر الحج . ونظائر ذلك مما يطول باستيعاب ذكره الكتاب , مما يدل على أن معنى قيل من قال : وقت الحج ثلاثة أشهر كوامل , أنهن من غير شهور العمرة , وأنهن شهور لعمل الحج دون عمل العمرة , وإن كان عمل الحج إنما يعمل في بعضهن لا في جميعهن . وأما الذين قالوا : تأويل ذلك : شوال , وذو القعدة , وعشر ذي الحجة , فإنهم قالوا : إنما قصد الله جل ثناؤه بقوله : الحج أشهر معلومات إلى تعريف خلقه ميقات حجهم , لا الخبر عن وقت العمرة . قالوا : فأما العمرة , فإن السنة كلها وقت لها , لتظاهر الأخبار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه اعتمر في بعض شهور الحج , ثم لم يصح عنه بخلاف ذلك خبر . قالوا : فإذا كان ذلك كذلك , وكان عمل الحج ينقضي وقته بانقضاء العاشر من أيام ذي الحجة , علم أن معنى قوله : الحج أشهر معلومات إنما هو ميقات الحج شهران وبعض الثالث . والصواب من القول في ذلك عندنا قول من قال : إن معنى ذلك الحج شهران وعشر من الثالث ; لأن ذلك من الله خبر عن ميقات الحج ولا عمل للحج يعمل بعد انقضاء أيام منى , فمعلوم أنه لم يعن بذلك جميع الشهر الثالث , وإذا لم يكن معنيا به جميعه صح قول من قال : وعشر ذي الحجة . فإن قال قائل : فكيف قيل : الحج أشهر معلومات وهو شهران وبعض الثالث ؟ قيل إن العرب لا تمتنع خاصة في الأوقات من استعمال مثل ذلك , فتقول له اليوم يومان منذ لم أره . وإنما تعني بذلك يوما وبعض آخر , وكما قال جل ثناؤه : فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه 2 203 وإنما يتعجل في يوم ونصف . وقد يفعل الفاعل منهم الفعل في الساعة , ثم يخرجه عاما على السنة والشهر , فيقول : زرته العام وأتيته اليوم , وهو لا يريد بذلك أن فعله أخذ من أول الوقت الذي ذكره إلى آخره , ولكنه يعني أنه فعله إذ ذاك وفي ذلك الحين , فكذلك الحج أشهر , والمراد منه الحج شهران وبعض آخر . فمعنى الآية إذا : ميقات حجكم أيها الناس شهران وبعض الثالث , وهو شوال وذو القعدة وعشر ذي الحجة .فمن فرض فيهن الحجالقول في تأويل قوله تعالى : فمن فرض فيهن الحج يعني بقوله جل ثناؤه : فمن فرض فيهن الحج فمن أوجب الحج على نفسه وألزمها إياه فيهن , يعني في الأشهر المعلومات التي بينها . وإيجابه إياه على نفسه العزم على عمل جميع ما أوجب الله على الحاج عمله وترك جميع ما أمره الله بتركه . وقد اختلف أهل التأويل في المعنى الذي يكون به الرجل فارضا الحج بعد إجماع جميعهم , على أن معنى الفرض : الإيجاب والإلزام , فقال بعضهم : فرض الحج الإهلال . ذكر من قال ذلك : 2871 - حدثنا أحمد بن إسحاق , قال : ثنا أبو أحمد , قال : ثنا ورقاء , عن عبد الله المدني بن دينار , عن ابن عمر قوله : فمن فرض فيهن الحج قال : من أهل بحج . 2872 - حدثنا ابن وكيع , قال : ثنا أبي , وحدثنا الحسن بن يحيى , قال : أخبرنا عبد الرزاق , قال : أخبرنا الثوري , عن العلاء بن المسيب , عن عطاء , قال : التلبية . 2873 - حدثنا ابن حميد , قال : ثنا مهران , وحدثنا علي , قال : ثنا زيد جميعا , عن سفيان الثوري : فمن فرض فيهن الحج قال : فالفريضة الإحرام , والإحرام : التلبية . 2874 - حدثني المثنى , قال : ثنا الحماني , قال : ثنا شريك , عن إبراهيم , يعني ابن مهاجر , عن مجاهد : فمن فرض فيهن الحج قال : الفريضة : التلبية . * حدثنا أحمد بن حازم , قال : ثنا ورقاء عن عبد الله بن دينار , عن ابن عمر : فمن فرض فيهن الحج قال : أهل . 2875 - حدثني أحمد بن حازم , قال : ثنا أبو نعيم , قال : ثنا شريك , عن مغيرة , عن إبراهيم , قال : الفرض التلبية , ويرجع إن شاء ما لم يحرم . * حدثنا الحسن بن يحيى , قال : أخبرنا عبد الرزاق , قال : أخبرنا معمر , عن ابن أبي نجيح , عن مجاهد : فمن فرض فيهن الحج قال : الفرض : الإهلال . 2876 - حدثنا الحسن بن يحيى , قال : أخبرنا عبد الرزاق , قال : أخبرنا معمر , عن ابن طاوس , عن أبيه : فمن فرض فيهن الحج قال : التلبية . 2877 - حدثنا إبراهيم بن عبد الله بن مسلم , قال : ثنا أبو عمرو الضرير , قال : أخبرنا حماد بن سلمة , عن جبر بن حبيب , قال : سألت القاسم بن محمد عمن فرض فيهن الحج , قال : إذا اغتسلت ولبست ثوبك ولبيت , فقد فرضت الحج . وقال آخرون : فرض الحج إحرامه . ذكر من قال ذلك : 2878 - حدثني المثنى , قال : ثنا أبو صالح , قال : حدثني معاوية , عن علي , عن ابن عباس : فمن فرض فيهن الحج يقول : من أحرم بحج أو عمرة . 2879 - حدثنا ابن بشار , قال : ثنا عبد الرحمن , وحدثنا أحمد بن إسحاق , قال : ثنا أبو أحمد , وحدثني المثنى , قال : ثنا أبو نعيم , قالوا جميعا : ثنا سفيان , عن مغيرة , عن إبراهيم : فمن فرض فيهن الحج قال : فمن أحرم . واللفظ لحديث ابن بشار . 2880 - حدثنا أحمد , قال : ثنا أبو أحمد , قال : ثنا شريك والحسن بن صالح , عن ليث , عن عطاء , قال : الفرض : الإحرام . 2881 - حدثنا القاسم , قال : ثنا الحسين , قال : ثنا هشيم , قال : أخبرنا الحجاج , عن عطاء وبعض أشياخنا عن الحسن في قوله : فمن فرض فيهن الحج قالا : فرض الحج : الإحرام . 2882 - حدثنا بشر بن معاذ , قال : ثنا يزيد , قال : ثنا سعيد , عن قتادة : فمن فرض فيهن الحج فهذا عند الإحرام . * حدثنا أحمد بن حازم , قال : ثنا أبو نعيم , قال : ثنا حسين بن عقيل , عن الضحاك , عن ابن عباس : قال : الفرض : الإحرام . 2883 - حدثنا الحسن بن يحيى , قال : أخبرنا عبد الرزاق , قال : أخبرنا حسين بن عقيل الخراساني , قال : سمعت الضحاك بن مزاحم يقول , فذكر مثله . * حدثنا الحسن بن يحيى , قال : أخبرنا عبد الرزاق , قال : أخبرنا الثوري , قال : أخبرنا المغيرة , عن إبراهيم : فمن فرض فيهن الحج قال : من أحرم . وهذا القول الثاني يحتمل أن يكون بمعنى ما قلنا من أن يكون الإحرام كان عند قائله الإيجاب بالعزم . ويحتمل أن يكون كان عنده بالعزم والتلبية , كما قال القائلون القول الأول . وإنما قلنا : إن فرض الحج الإحرام لإجماع الجميع على ذلك . وقلنا : إن الإحرام هو إيجاب الرجل ما يلزم المحرم أن يوجبه على نفسه , على ما وصفنا آنفا , لأنه لا يخلو القول في ذلك من أحد أمور ثلاثة : إما أن يكون الرجل غير محرم إلا بالتلبية وفعل جميع ما يجب على الموجب الإحرام على نفسه فعله , فإن يكن ذلك كذلك , فقد يجب أن لا يكون محرما إلا بالتجرد للإحرام , وأن يكون من لم يكن له متجردا فغير محرم . وفي إجماع الجميع على أنه قد يكون محرما وإن لم يكن متجردا من ثيابه بإيجابه الإحرام ما يدل على أنه قد يكون محرما وإن لم يلب , إذ كانت التلبية بعض مشاعر الإحرام , كما التجرد له بعض مشاعره . وفي إجماعهم على أنه قد يكون محرما بترك بعض مشاعر حجه ما يدل على أن حكم غيره من مشاعره حكمه . أو يكون إذ فسد هذا القول قد يكون محرما وإن لم يلب ولم يتجرد ولم يعزم العزم الذي وصفنا . وفي إجماع الجميع على أنه لا يكون محرما من لم يعزم على الإحرام ويوجبه على نفسه إذا كان من أهل التكليف ما ينبئ عن فساد هذا القول , وإذ فسد هذان الوجهان فبينة صحة الوجه الثالث , وهو أن الرجل قد يكون محرما بإيجابه الإحرام بعزمه على سبيل ما بينا , وإن لم يظهر ذلك بالتجرد والتلبية وصنيع بعض ما عليه عمله من مناسكه . وإذا صح ذلك صح ما قلنا من أن فرض الحج هو ما قرن إيجابه بالعزم على نحو ما بينا قبل .فلا رفثالقول في تأويل قوله تعالى : فلا رفث اختلف أهل التأويل في معنى الرفث في هذا الموضع , فقال بعضهم : هو الإفحاش للمرأة في الكلام , وذلك بأن يقول : إذا حللنا فعلت بك كذا وكذا لا يكني عنه , وما أشبه ذلك . ذكر من قال ذلك : 2884 - حدثنا أحمد بن حماد الدولابي ويونس . قالا : ثنا سفيان , عن ابن طاوس , عن أبيه , قال : سألت ابن عباس عن الرفث في قول الله : فلا رفث ولا فسوق قال : هو التعريض بذكر الجماع , وهي العرابة من كلام العرب , وهو أدنى الرفث . 2885 - حدثني يعقوب , قال : ثنا ابن علية , عن روح بن القاسم , عن ابن طاوس في قوله : فلا رفث قال : الرفث : العرابة والتعريض للنساء بالجماع . 2886 - حدثنا ابن بشار , قال : ثنا ابن أبي عدي , عن عون , قال : ثنا زياد بن حصين , قال : ثني أبي حصين بن قيس , قال : أصعدت مع ابن عباس في الحاج , وكنت له خليلا , فلما كان بعدما أحرمنا قال ابن عباس , فأخذ بذنب بعيره , فجعل يلويه , وهو يرتجز ويقول : وهن يمشين بنا هميسا إن تصدق الطير ننك لميسا قال : فقلت : أترفث وأنت محرم ؟ قال : إنما الرفث ما قيل عند النساء . * حدثنا ابن بشار , قال : ثنا محمد بن جعفر , قال : ثنا شعبة , عن قتادة , عن رجل , عن أبي العالية الرياحي , عن ابن عباس أنه كان يحدو وهو محرم , ويقول : وهن يمشين بنا هميسا إن تصدق الطير ننك لميسا قال : قلت : تتكلم بالرفث وأنت محرم ؟ قال : إنما الرفث ما قيل عند النساء . 2887 - حدثني يونس , قال : أخبرنا ابن وهب , قال : أخبرني يونس أن نافعا أخبره أن عبد الله بن عمر كان يقول : الرفث : إتيان النساء والتكلم بذلك للرجال والنساء إذا ذكروا ذلك بأفواههم . 2888 - حدثني يونس , قال : أخبرنا ابن وهب , قال : أخبرني أبو صخر , عن محمد بن كعب القرظي , مثله . 2889 - حدثنا ابن بشار , قال : ثنا أبو عاصم , قال : أخبرنا ابن جريج , قال : قلت لعطاء : أيحل للمحرم أن يقول لامرأته : إذا حللت أصبتك ؟ قال : لا , ذاك الرفث . قال : وقال عطاء : الرفث ما دون الجماع . * حدثنا ابن بشار , قال : ثني محمد بن بكر , قال : أخبرنا ابن جريج , قال : قال عطاء : الرفث : الجماع وما دونه من قول الفحش . * حدثنا أبو كريب , قال : ثنا ابن أبي زائدة , عن ابن جريج , قال : قلت لعطاء : قول الرجل لامرأته : إذا حللت أصبتك , قال : ذاك الرفث . * حدثنا ابن حميد , قال : ثنا جرير , عن الأعمش , عن زيادة بن حصين , عن أبي العالية , قال : كنت أمشي مع ابن عباس وهو محرم , وهو يرتجز ويقول : وهن يمشين بنا هميسا إن تصدق الطير ننك لميسا قال : قلت : أترفث يا ابن عباس وأنت محرم ؟ قال : إنما الرفث ما روجع به النساء . 2890 - حدثنا عمرو بن علي , قال : ثنا سفيان ويحيى بن سعيد , عن ابن جريج , قال : أخبرنا ابن الزبير السبائي وعطاء , أنه سمع طاوسا قال : سمعت ابن الزبير يقول : لا يحل للمحرم الإعرابة . فذكرته لابن عباس , فقال : صدق . قلت لابن عباس : وما الإعراب ؟ قال : التعريض . 2891 - حدثنا عمرو بن علي , قال : حدثنا يحيى , قال : أخبرنا ابن جريج , قال : أخبرني الحسن بن مسلم , عن طاوس أنه كان يقول : لا يحل للمحرم الإعرابة . قال طاوس : والإعرابة : أن يقول وهو محرم : إذا حللت أصبتك . 2892 - حدثني أحمد بن إسحاق , قال : ثنا أبو أحمد , قال : ثنا فطر , عن زياد بن حصين , عن أبي العالية , قال : لا يكون رفث إلا ما واجهت به النساء . 2893 - حدثنا ابن بشار , قال : ثنا عبد الرحمن , قال : ثنا سفيان , عن علقمة بن مرثد , عن عطاء قال : كانوا يكرهون الإعرابة ; يعني التعريض بذكر الجماع وهو محرم . * حدثنا عمرو بن علي , قال : ثنا أبو عاصم , عن ابن جريج , عن ابن طاوس أنه سمع أباه أنه كان يقول : لا تحل الإعرابة , والإعرابة : التعريض . 2894 - حدثنا عمرو بن علي , قال : ثنا سفيان بن عيينة , عن ابن طاوس , عن أبيه , قال : سألت ابن عباس عن قول الله تعالى : فلا رفث قال : الرفث الذي ذكر ههنا ليس بالرفث الذي ذكر في : أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم 2 187 ومن الرفث : التعريض بذكر الجماع , وهي الإعراب بكلام العرب . 2895 - حدثنا عمرو بن علي , قال : ثنا أبو معاوية : قال : ثنا ابن جريج , عن عطاء : أنه كره التعريب للمحرم . * حدثنا عمرو , قال : ثنا أبو عاصم , عن ابن جريج , قال : أخبرني ابن طاوس أن أباه كان يقول : الرفث : الإعرابة مما رواه من شأن النساء , والإعرابة : الإيضاح بالجماع . * حدثنا عمرو , قال : ثنا أبو عاصم , عن ابن جريج , قال : ثنا الحسن بن مسلم أنه سمع طاوسا يقول : لا يحل للمحرم الإعرابة . 2896 - حدثني علي بن داود , قال : ثنا أبو صالح , قال : ثني معاوية , عن علي بن أبي طلحة , عن ابن عباس : فلا رفث قال : الرفث : غشيان النساء والقبل والغمز , وأن يعرض لها بالفحش من الكلام ونحو ذلك . 2897 - حدثنا الحسن بن يحيى , قال : أخبرنا عبد الرزاق , قال : أخبرنا الثوري , عن منصور , عن مجاهد قال : كان ابن عمر يقول للحادي : لا تعرض بذكر النساء . 2898 - حدثنا الحسن بن يحيى , قال : أخبرنا عبد الرزاق , قال : أخبرنا معمر وابن جريج , عن ابن طاوس عن أبيه , عن ابن عباس , قال : الرفث في الصيام : الجماع , والرفث في الحج : الإعرابة , وكان يقول : الدخول والمسيس : الجماع . وقال آخرون : الرفث في هذا الموضع : الجماع نفسه . ذكر من قال ذلك : 2899 - حدثنا أبو كريب , قال : ثنا سفيان بن عيينة , عن خصيف , عن مقسم , قال : الرفث : الجماع . 2900 - حدثنا الحسن بن يحيى , قال : أخبرنا عبد الرزاق , قال : أخبرنا الثوري , عن خصيف , عن مقسم , عن ابن عباس , مثله . * حدثنا عبد الحميد بن بيان , قال : أخبرنا إسحاق , عن شريك , عن خصيف , عن مقسم , عن ابن عباس قال : الرفث : إتيان النساء . * حدثنا عبد الحميد قال : أخبرنا إسحاق , عن شريك , عن أبي إسحاق , عن التميمي , قال : سألت ابن عباس عن الرفث , فقال : الجماع . * حدثنا عبد الحميد , قال : ثنا إسحاق , عن سفيان , عن عاصم الأحول , عن بكر بن عبد الله , عن ابن عباس قال : الرفث : هو الجماع , ولكن الله كريم يكني عما شاء . 2901 - حدثنا عبد الحميد , قال : أخبرنا إسحاق , عن شريك , عن الأعمش , عن زياد بن حصين , عن أبي العالية قال : سمعت ابن عباس يرتجز وهو محرم , يقول : خرجن يسرين بنا هميسا إن تصدق الطير ننك لميسا قال شريك : إلا أنه لم يكن عن الجماع لميسا . فقلت : أليس هذا الرفث ؟ قال : لا إنما الرفث : إتيان النساء والمجامعة . * حدثنا عبد الحميد , قال : أخبرنا إسحاق , عن عون , عن زياد بن حصين , عن أبي العالية , عن ابن عباس بنحوه , إلا أن عونا صرح به . * حدثنا ابن بشار , قال : ثنا أبو عاصم , قال : ثنا سفيان , عن عاصم , عن بكر , عن ابن عباس , قال : الرفث : الجماع . 2902 - حدثنا عبد الحميد , قال : ثنا إسحاق , عن شريك , عن أبي إسحاق , عن أبي الأحوص , عن عبد الله قوله : فلا رفث قال : الرفث : إتيان النساء . 2903 - حدثنا ابن بشار , قال : ثنا حماد بن مسعدة , قال : ثنا عوف , عن الحسن في قوله : فلا رفث قال : الرفث : غشيان النساء . 2904 - حدثنا ابن بشار , قال : ثنا محمد بن بكر , قال : أخبرنا ابن جريج , قال : قال عمرو بن دينار : الرفث : الجماع فما دونه من شأن النساء . * حدثنا عبد الحميد , قال : أخبرنا إسحاق , عن ابن جريج , عن عمرو بن دينار بنحوه . 2905 - حدثنا أبو كريب , قال : ثنا ابن أبي زائدة , عن عبد الملك بن أبي سليمان , عن عطاء في قوله : فلا رفث قال : الرفث : الجماع . 2906 - حدثنا ابن حميد , قال : ثنا حكام , عن عمرو , عن عبد العزيز بن رفيع , عن مجاهد : فلا رفث قال : الرفث : الجماع . 2907 - حدثني يعقوب بن إبراهيم , قال : ثنا ابن علية , عن سعيد , عن قتادة في قوله : فلا رفث قال : كان قتادة يقول : الرفث : غشيان النساء . * حدثنا بشر بن معاذ , قال : ثنا يزيد , عن سعيد , عن قتادة , مثله . * حدثنا أحمد بن إسحاق , قال : ثنا أبو أحمد , قال : أخبرنا إسرائيل , عن أبي إسحاق , عن الضحاك , عن ابن عباس , قال : الرفث : الجماع . * حدثنا أحمد بن إسحاق , قال : ثنا أبو أحمد , قال : أخبرنا إسرائيل , عن الحسن بن عبيد الله , عن أبي الضحى , عن ابن عباس , قال : الرفث : الجماع . * حدثنا أحمد , ثنا أبو أحمد , قال : ثنا سفيان , عن ليث , عن مجاهد , قال : الرفث : الجماع . 2908 - حدثنا أحمد , قال : ثنا أبو أحمد , قال : ثنا إسرائيل , عن سالم , عن سعيد بن جبير , قال : الرفث : المجامعة . 2909 - حدثني موسى بن هارون , قال : ثنا عمرو بن حماد , قال : ثنا أسباط , عن السدي : فلا رفث فلا جماع . 2910 - حدثت عن عمار بن الحسن , قال : ثنا ابن أبي جعفر , عن أبيه , عن الربيع : فلا رفث قال : الرفث : الجماع . * حدثني محمد بن عمرو , قال : ثنا أبو عاصم , قال : ثنا عيسى , عن ابن أبي نجيح , عن مجاهد : فلا رفث قال : جماع النساء . 2911 - حدثنا المثنى , قال : ثنا إسحاق , قال : ثنا محمد بن جعفر , قال : ثنا شعبة , عن المغيرة , عن إبراهيم في قوله : فلا رفث قال : الرفث : الجماع . * حدثني المثنى , قال : ثنا الحجاج بن المنهال , قال : ثنا حماد , عن الحجاج , عن عطاء بن أبي رباح , قال : الرفث : الجماع . 2912 - حدثني المثنى , قال : ثنا سويد , قال : أخبرنا ابن المبارك , عن محمد بن إسحاق , عن نافع , عن ابن عمر , قال : الرفث : الجماع . 2913 - حدثني المثنى , قال : ثنا سويد , قال : أخبرنا ابن المبارك , عن يحيى بن بشر , عن عكرمة قال : الرفث : الجماع . * حدثنا ابن وكيع , قال : ثنا أبي , عن النضر بن عربي , عن عكرمة , قال : الرفث : الجماع . 2914 - حدثنا ابن وكيع , قال : حدثنا أبي , عن حسين بن عقيل . وحدثني أحمد بن حازم , قال : ثنا أبو نعيم . وحدثنا الحسن بن يحيى , قال : أخبرنا عبد الرزاق , قالا : أخبرنا حسين بن عقيل , عن الضحاك , قال : الرفث : الجماع . * حدثنا القاسم , قال : ثنا الحسين , قال : ثنا هشيم , قال : أخبرنا حجاج , عن عطاء , عن ابن عباس , مثله . قال : وأخبرنا عبد الملك , عن عطاء , مثله . * حدثنا القاسم , قال : ثنا الحسين , قال : ثنا هشيم , قال : أخبرنا يونس , عن الحسن , وأخبرنا مغيرة , عن إبراهيم قالا : مثل ذلك . * حدثنا القاسم , قال : ثنا الحسين , وأخبرنا مغيرة , قال : ثني حجاج , عن ابن جريج , عن مجاهد , مثله . * حدثني محمد بن سعد , قال : ثني أبي , قال : ثني عمي , قال : ثني أبي , عن أبيه , عن ابن عباس قال : الرفث : النكاح . * حدثنا أحمد بن حازم قال : ثنا أبو نعيم , قال : ثنا إسرائيل , قال : ثني ثوير , قال : سمعت ابن عمر يقول الرفث : الجماع . * حدثنا الحسن بن يحيى , قال : أخبرنا عبد الرزاق , قال : أخبرنا معمر , عن ابن أبي نجيح , عن مجاهد , قال : الرفث : غشيان النساء . قال معمر : وقال مثل ذلك الزهري عن قتادة . 2915 - حدثني يونس , قال : أخبرنا ابن وهب , قال : قال ابن زيد : الرفث : إتيان النساء , وقرأ : أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم 2 187 * حدثنا ابن حميد , قال : ثنا جرير , عن منصور , عن مجاهد في قوله : فلا رفث قال : الرفث : الجماع . * حدثنا ابن حميد , ثنا جرير , عن منصور , عن إبراهيم , مثله . والصواب من القول في ذلك عندي أن الله جل ثناؤه نهى من فرض الحج في أشهر الحج عن الرفث , فقال : فمن فرض فيهن الحج فلا رفث والرفث في كلام العرب : أصله الإفحاش في المنطق على ما قد بينا فيما مضى , ثم تستعمله في الكناية عن الجماع . فإذ كان ذلك كذلك , وكان أهل العلم مختلفين في تأويله , وفي هذا النهي من الله عن بعض معاني الرفث أم عن جميع معانيه , وجب أن يكون على جميع معانيه , إذ لم يأت خبر بخصوص الرفث الذي هو بالمنطق عند النساء من سائر معاني الرفث يجب التسليم له , إذ كان غير جائز نقل حكم ظاهر آية إلى تأويل باطن إلا بحجة ثابتة . فإن قال قائل : إن حكمها من عموم ظاهرها إلى الباطن من تأويلها منقول بإجماع , وذلك أن الجميع لا خلاف بينهم في أن الرفث عند غير النساء غير محظور على محرم , فكان معلوما بذلك أن الآية معني بها بعض الرفث دون بعض . وإذا كان ذلك كذلك , وجب أن لا يحرم من معاني الرفث على المحرم شيء إلا ما أجمع على تحريمه عليه , أو قامت بتحريمه حجة يجب التسليم لها . قيل : إن ما خص من الآية فأبيح خارج من التحريم , والحظر ثابت لجميع ما لم تخصصه الحجة من معنى الرفث بالآية , كالذي كان عليه حكمه لو لم يخص منه شيء , لأن ما خص من ذلك وأخرج من عمومه إنما لزمنا إخراج حكمه من الحظر بأمر من لا يجوز خلاف أمره , فكان حكم ما شمله معنى الآية بعد الذي خص منها على الحكم الذي كان يلزم العباد فرضه بها لو لم يخصص منها شيء ; لأن العلة فيما لم يخصص منها بعد الذي خص منها نظير العلة فيه قبل أن يخص منها شيء .ولا فسوقالقول في تأويل قوله تعالى : ولا فسوق اختلف أهل التأويل في معنى الفسوق التي نهى الله عنها في هذا الموضع , فقال بعضهم : هي المعاصي كلها . ذكر من قال ذلك : 2916 - حدثنا أبو كريب , قال : ثنا سفيان بن عيينة , عن خصيف , عن مقسم , عن ابن عباس , قال الفسوق : المعاصي . 2917 - حدثنا أبو كريب , قال : ثنا ابن أبي زائدة , عن عبد الملك بن أبي سليمان , عن عطاء : ولا فسوق قال : الفسوق : المعاصي . 2918 - حدثنا ابن بشار , قال : ثني محمد بن بكر , قال : أخبرنا ابن جريج , قال : قال عطاء : الفسوق : المعاصي كلها , قال الله تعالى : وإن تفعلوا فإنه فسوق بكم 2 282 * حدثنا عبد الحميد بن بيان , قال : ثنا إسحاق , عن ابن جريج , عن عطاء , مثله . 2919 - حدثنا ابن بشار , قال : ثنا حماد بن مسعدة , قال : ثنا عوف , عن الحسن في قوله : ولا فسوق قال : الفسوق : المعاصي . 2920 - حدثنا عبد الحميد بن بيان , قال : ثنا إسحاق , عن ابن جريج , عن ابن طاوس , عن أبيه , قال : الفسوق : المعصية . 2921 - حدثنا عبد الحميد , قال : ثنا إسحاق , عن أبي بشر , عن ابن أبي نجيح , عن مجاهد , قال : الفسوق : المعاصي كلها . * حدثني يعقوب قال : أخبرنا ابن عيينة , عن روح بن القاسم , عن ابن طاوس , عن أبيه في قوله : ولا فسوق قال : الفسوق : المعاصي . 2922 - حدثني يونس , قال : أخبرنا ابن وهب , قال : أخبرني أبو صخر , عن محمد بن كعب القرظي في قوله : ولا فسوق قال : الفسوق : المعاصي . 2923 - حدثني يعقوب , قال : ثنا ابن علية , وحدثنا بشر بن معاذ , قال : ثنا يزيد جميعا , عن سعيد بن أبي عروبة , عن قتادة : ولا فسوق قال : الفسوق : المعاصي . * حدثني محمد بن عمرو , قال : ثنا أبو عاصم , قال : ثنا عيسى , عن ابن أبي نجيح , عن مجاهد : ولا فسوق قال : المعاصي . * حدثني المثنى , قال : ثنا أبو حذيفة , ثنا شبل , عن ابن أبي نجيح , عن مجاهد , مثله . 2924 - حدثنا أحمد بن إسحاق , قال : حدثنا أبو أحمد , قال : ثنا إسرائيل , عن سالم , عن سعيد بن جبير , قال : الفسوق : المعاصي . قال : وقال مجاهد مثل قول سعيد . * حدثنا أحمد , قال : ثنا أبو أحمد , قال : ثنا سفيان , عن ليث , عن مجاهد , قال : الفسوق : المعاصي . * حدثني محمد بن سعد , قال : ثني أبي , قال : ثني عمي , قال : ثني أبي , عن أبيه , عن ابن عباس قوله : ولا فسوق قال : الفسوق : عصيان الله . 2925 - حدثنا محمد بن المثنى , قال : ثنا محمد بن جعفر , قال : ثنا شعبة , عن المغيرة , عن إبراهيم في قوله : ولا فسوق قال : الفسوق : المعاصي . * حدثني المثنى , قال : ثنا الحجاج بن المنهال , قال : ثنا حماد , عن الحجاج , عن عطاء بن أبي رباح , قال : الفسوق : المعاصي . * حدثني المثنى , قال : ثنا إسحاق , قال : ثنا عبد الرزاق , قال : أخبرنا معمر , عن الزهري وقتادة وابن أبي نجيح , عن مجاهد , مثله . * حدثنا القاسم , قال : ثنا الحسين , قال : ثنا هشيم , قال : أخبرنا الحجاج , عن عطاء , عن ابن عباس : ولا فسوق قال : المعاصي . قال : وأخبرنا عبد الملك , عن عطاء , مثله . * حدثت عن عمار , قال : ثنا ابن أبي جعفر , عن أبيه , عن الربيع , مثله . 2926 - حدثنا ابن وكيع , قال : ثنا أبي , عن النضر بن عربي , عن عكرمة , مثله . 2927 - حدثني المثنى , قال : ثنا سويد بن نصر , قال : أخبرنا ابن المبارك , عن يحيى بن بشر , عن عكرمة قال : الفسوق : معصية الله , لا صغير من معصية الله . * حدثني علي بن داود , قال : ثنا عبد الله بن صالح , قال : ثنا معاوية , عن علي , عن ابن عباس : ولا فسوق قال : الفسوق : معاصي الله كلها . * حدثني الحسن بن يحيى , قال : أخبرنا عبد الرزاق , قال : أخبرنا معمر , عن ابن طاوس , عن أبيه , وعن ابن أبي نجيح , عن مجاهد , قال : الفسوق : المعاصي . وقال مثل ذلك الزهري وقتادة . وقال آخرون : بل الفسوق في هذا الموضع ما عصي الله به في الإحرام مما نهى عنه فيه من قتل صيد وأخذ شعر وقلم ظفر , وما أشبه ذلك مما خص الله به الإحرام وأمر بالتجنب منه في خلال الإحرام . ذكر من قال ذلك : 2928 - حدثني يونس , قال : أخبرنا ابن وهب , قال : أخبرني يونس أن نافعا أخبره أن عبد الله بن عمر كان يقول : الفسوق : إتيان معاصي الله في الحرم . * حدثني المثنى , قال : ثنا سويد , قال : أخبرنا ابن المبارك , عن محمد بن إسحاق , عن نافع , عن ابن عمر , قال : الفسوق : ما أصيب من معاصي الله به , صيد أو غيره . وقال آخرون : بل الفسوق في هذا الموضع : السباب . ذكر من قال ذلك : 2929 - حدثنا عبد الحميد بن بيان , قال : أخبرنا إسحاق , عن شريك , عن إبراهيم بن مهاجر , عن مجاهد , عن ابن عمر , قال : الفسوق : السباب . 2930 - حدثنا أحمد بن إسحاق , قال : ثنا أبو أحمد , قال : ثنا إسرائيل , عن أبي إسحاق , عن الضحاك , عن ابن عباس , قال : الفسوق : السباب . * حدثني أحمد بن حازم الغفاري , قال : ثنا أبو نعيم , قال : ثنا إسرائيل , قال : ثنا ثوير , قال : سمعت ابن عمر يقول : الفسوق : السباب . 2931 - حدثنا ابن حميد , قال : ثنا حكام عن عمرو , عن عبد العزيز بن رفيع , عن مجاهد : ولا فسوق قال : الفسوق : السباب . 2932 - حدثنا موسى , قال : ثنا عمرو , قال : ثنا أسباط , عن السدي في قوله : ولا فسوق قال : أما الفسوق : فهو السباب . 2933 - حدثني المثنى , قال : ثنا المعلى بن أسد , قال : ثنا خالد , عن المغيرة , عن إبراهيم , قال : الفسوق : السباب . 2934 - حدثني المثنى , قال : ثنا معلى , قال : ثنا عبد العزيز , عن موسى بن عقبة , قال : سمعت عطاء بن يسار يحدث نحوه . 2935 - حدثنا القاسم , قال : ثني الحسين , قال : ثنا هشيم , قال : أخبرنا يونس , عن الحسن , قال : وأخبرنا مغيرة , عن إبراهيم قالا : الفسوق : السباب . * حدثنا الحسن بن يحيى , قال : أخبرنا عبد الرزاق , قال : أخبرنا الثوري , عن خصيف , عن مقسم , عن ابن عباس , قال : الفسوق : السباب . * حدثنا ابن حميد , قال : ثنا جرير , عن منصور , عن مجاهد في قوله : ولا فسوق قال : الفسوق : السباب . * حدثنا ابن حميد , قال : ثنا جرير , عن منصور عن إبراهيم , مثله . وقال آخرون : الفسوق : الذبح للأصنام . ذكر من قال ذلك : 2936 - حدثني يونس , قال : أخبرنا ابن وهب , قال : قال ابن زيد في الفسوق : الذبح للأنصاب , وقرأ : أو فسقا أهل لغير الله به 6 145 فقطع ذلك أيضا قطع الذبح للأنصاب بالنبي صلى الله عليه وسلم حين حج فعلم أمته المناسك . وقال آخرون : الفسوق : التنابز بالألقاب . ذكر من قال ذلك : 2937 - حدثنا الحسن بن يحيى , قال : أخبرنا عبد الرزاق , قال : أخبرنا حسين بن عقيل , قال : سمعت الضحاك بن مزاحم يقول , فذكر مثله . وأولى الأقوال التي ذكرنا بتأويل الآية في ذلك , قول من قال : معنى قوله : ولا فسوق النهي عن معصية الله في إصابة الصيد وفعل ما نهى الله المحرم عن فعله في حال إحرامه وذلك أن الله جل ثناؤه قال : فمن فرض فيهن الحج فلا رفث ولا فسوق يعني بذلك فلا يرفث , ولا يفسق : أي لا يفعل ما نهاه الله عن فعله في حال إحرامه , ولا يخرج عن طاعة الله في إحرامه . وقد علمنا أن الله جل ثناؤه قد حرم معاصيه على كل أحد , محرما كان أو غير محرم , وكذلك حرم التنابز بالألقاب في حال الإحرام وغيرها بقوله : ولا تلمزوا أنفسكم ولا تنابزوا بالألقاب 49 11 وحرم على المسلم سباب أخيه في كل حال فرض الحج أو لم يفرضه . فإذ كان ذلك كذلك , فلا شك أن الذي نهى الله عنه العبد من الفسوق في حال إحرامه وفرضه الحج هو ما لم يكن فسوقا في حال إحلاله وقبل إحرامه بحجه ; كما أن الرفث الذي نهاه عنه في حال فرضه الحج , هو الذي كان له مطلقا قبل إحرامه ; لأنه لا معنى لأن يقال فيما قد حرم الله على خلقه في كل الأحوال : لا يفعلن أحدكم في حال الإحرام ما هو حرام عليه فعله في كل حال , لأن خصوص حال الإحرام به لا وجه له وقد عم به جميع الأحوال من الإحلال والإحرام . فإذ كان ذلك كذلك , فمعلوم أن الذي نهى عنه المحرم من الفسوق فخص به حال إحرامه , وقيل له : " إذا فرضت الحج فلا تفعله " , هو الذي كان له مطلقا قبل حال فرضه الحج , وذلك هو ما وصفنا وذكرنا أن الله جل ثناؤه خص بالنهي عنه المحرم في حال إحرامه مما نهاه عنه من الطيب واللباس والحلق وقص الأظفار وقتل الصيد , وسائر ما خص الله بالنهي عنه المحرم في حال إحرامه . فتأويل الآية إذا : فمن فرض الحج في أشهر الحج فأحرم فيهن , فلا يرفث عند النساء فيصرح لهن بجماعهن , ولا يجامعهن , ولا يفسق بإتيان ما نهاه الله في حال إحرامه بحجه , من قتل صيد , وأخذ شعر , وقلم ظفر , وغير ذلك مما حرم الله عليه فعله وهو محرم .ولا جدال في الحجالقول في تأويل قوله تعالى : ولا جدال في الحج اختلف أهل التأويل في ذلك , فقال بعضهم : معنى ذلك : النهي عن أن يجادل المحرم أحدا . ثم اختلف قائلو هذا القول , فقال بعضهم : نهى عن أن يجادل صاحبه حتى يغضبه . ذكر من قال ذلك : 2938 - حدثنا عبد الحميد بن بيان , قال : أخبرنا إسحاق , عن شريك , عن أبي إسحاق , عن أبي الأحوص , عن عبد الله : ولا جدال في الحج قال : أن تماري صاحبك حتى تغضبه . 2939 - حدثنا عبد الحميد , قال : ثنا إسحاق , عن شريك , عن أبي إسحاق , عن التميمي , قال : سألت ابن عباس عن الجدال , فقال : أن تماري صاحبك حتى تغضبه . * حدثنا أبو كريب , قال : ثنا ابن عيينة , عن خصيف , عن مقسم , عن ابن عباس , قال : الجدال أن تماري صاحبك حتى تغضبه . 2940 - حدثنا أبو كريب , قال : ثنا ابن أبي زائدة , عن عبد الملك بن أبي سليمان , عن عطاء , قال : الجدال : أن يماري الرجل أخاه حتى يغضبه . 2941 - حدثنا ابن حميد , قال : ثنا حكام , عن عنبسة , عن سالم الأفطس , عن سعيد بن جبير : ولا جدال في الحج قال : أن تمحن صاحبك حتى تغضبه . 2942 - حدثنا ابن حميد , قال : ثنا هارون , عن عمرو , عن شعيب بن خالد , عن سلمة بن كهيل , قال : سألت مجاهدا عن قوله : ولا جدال في الحج قال : أن تماري صاحبك حتى تغضبه . 2943 - حدثنا عبد الحميد بن بيان , قال : ثنا إسحاق , عن ابن جريج , عن عمرو بن دينار , قال : الجدال : هو أن تماري صاحبك حتى تغضبه . 2944 - حدثنا ابن بشار , قال : ثنا حماد بن مسعدة , قال : ثنا عوف , عن الحسن , قال : الجدال : المراء . * حدثنا أحمد بن إسحاق , قال : ثنا أبو أحمد , قال : ثنا إسرائيل , عن أبي إسحاق , عن الضحاك , عن ابن عباس , قال : الجدال : أن تجادل صاحبك حتى تغضبه . 2945 - حدثنا أحمد بن إسحاق , قال : ثنا أبو أحمد , قال : ثنا إسرائيل , عن سالم , عن سعيد بن جبير , قال : الجدال : أن تصخب على صاحبك . * حدثنا أحمد , قال : ثنا أبو أحمد , عن سفيان , عن منصور , عن مجاهد : ولا جدال في الحج قال : المراء . 2946 - حدثنا الحسن بن يحيى , قال : أخبرنا عبد الرزاق , وحدثني أحمد بن حازم , قال : ثنا أبو نعيم , قالا : ثنا حسين بن عقيل , عن الضحاك , قال : الجدال : أن تماري صاحبك حتى تغضبه . 2947 - حدثنا أحمد بن حازم , قال : ثنا أبو نعيم , قال : ثنا واقد الخلقاني , عن عطاء , قال : أما الجدال : فتماري صاحبك حتى تغضبه . 2948 - حدثنا عن عمار , قال : ثنا ابن أبي جعفر , عن أبيه , عن الربيع , قال : الجدال : المراء , أن تماري صاحبك حتى تغضبه . 2949 - حدثني المثنى , قال : ثنا المعلى بن أسد , قال : ثنا خالد , عن المغيرة , عن إبراهيم قال : الجدال : المراء . * حدثني المثنى , قال : ثنا المعلى , قال : ثنا عبد العزيز , عن موسى بن عقبة , قال : سمعت عطاء بن يسار يحدث نحوه . * حدثني ابن المثنى , قال : ثنا محمد بن أبي جعفر , قال : ثنا شعبة , عن المغيرة , عن إبراهيم بمثله . * حدثني المثنى , قال : حدثنا الحجاج بن المنهال , قال : ثنا حماد , عن الحجاج , عن عطاء بن أبي رباح , قال : الجدال : أن يماري بعضهم بعضا حتى يغضبوا . 2950 - حدثني المثنى , قال : ثنا سويد , قال : أخبرنا ابن المبارك , عن يحيى بن بشر , عن عكرمة : ولا جدال في الحج الجدال : الغضب , أن تغضب عليك مسلما , إلا أن تستعتب مملوكا فتعظه من غير أن تغضبه , ولا أمر عليك إن شاء الله تعالى في ذلك . 2951 - حدثنا ابن وكيع , قال : ثني أبي , عن النضر بن عربي , عن عكرمة , قال : الجدال : أن تماري صاحبك حتى يغضبك أو تغضبه . 2952 - حدثنا المثنى , قال : ثنا إسحاق , قال : ثنا عبد الرزاق , قال : أخبرنا معمر , عن الزهري وقتادة قالا : الجدال : هو الصخب والمراء وأنت محرم . * حدثنا ابن بشار , قال : ثنا محمد بن بكر , قال : أخبرنا ابن جريج , قال : قال عطاء : الجدال : ما أغضب صاحبك من الجدل . * حدثني علي , قال : ثنا عبد الله , قال : ثني معاوية , عن علي , عن ابن عباس : ولا جدال في الحج قال : الجدال : المراء والملاحاة حتى تغضب أخاك وصاحبك , فنهى الله عن ذلك . * حدثنا الحسن بن يحيى , قال : أخبرنا عبد الرزاق , قال : أخبرنا الثوري , عن خصيف , عن مقسم عن ابن عباس , قال : الجدال : أن تماري صاحبك حتى تغضبه . * حدثنا الحسن بن يحيى , قال : ثنا عبد الرزاق , قال : أخبرنا الثوري , عن منصور , عن إبراهيم , قال : الجدال : المراء . * حدثنا الحسن , قال : أخبرنا عبد الرزاق , قال : أخبرنا معمر , عن الزهري وقتادة قالا : هو الصخب والمراء وأنت محرم . * حدثنا ابن حميد , قال : ثنا جرير , عن منصور , عن إبراهيم : ولا جدال في الحج كانوا يكرهون الجدال . وقال آخرون منهم : الجدال في هذا الموضع معناه : السباب . ذكر من قال ذلك : 2953 - حدثني يونس , قال : أخبرنا ابن وهب , قال : أخبرني يونس أن نافعا أخبره أن عبد الله بن عمر كان يقول : الجدال في الحج : السباب والمراء والخصومات . * حدثني المثنى , قال : ثنا سويد , قال : أخبرنا ابن المبارك , عن محمد بن إسحاق , عن نافع , عن ابن عمر , قال : الجدال : السباب والمنازعة . 2954 - حدثني محمد بن سعد , قال : ثني أبي , قال : ثني عمي , قال : ثني أبي , عن أبيه , عن ابن عباس قال : الجدال : السباب . 2955 - حدثنا بشر , قال : ثنا يزيد , وحدثني يعقوب , قال : ثنا ابن علية جميعا , عن سعيد , عن قتادة , قال : الجدال : السباب . وقال آخرون منهم : بل عنى بذلك خاصا من الجدال والمراء , وإنما عنى الاختلاف فيمن هو أتم حجا من الحجاج . ذكر من قال ذلك : 2956 - حدثني يونس , قال : أخبرنا ابن وهب , قال : أخبرني أبو صخر , عن محمد بن كعب القرظي , قال : الجدال : كانت قريش إذا اجتمعت بمنى قال هؤلاء : حجنا أتم من حجكم , وقال هؤلاء : حجنا أتم من حجكم . وقال آخرون منهم : بل ذلك اختلاف كان يكون بينهم في اليوم الذي فيه الحج , فنهوا عن ذلك . ذكر من قال ذلك : 2957 - حدثني المثنى , قال : ثنا الحجاج , قال : ثنا حماد , عن جبير بن حبيب , عن القاسم بن محمد أنه قال : الجدال في الحج أن يقول بعضهم : الحج اليوم , ويقول بعضهم : الحج غدا . وقال آخرون : بل اختلافهم ذلك في أمر مواقف الحج أيهم المصيب موقف إبراهيم . ذكر من قال ذلك : 2958 - حدثني يونس , قال : أخبرنا ابن وهب , قال : قال ابن زيد في قوله : ولا جدال في الحج قال : كانوا يقفون مواقف مختلفة يتجادلون , كلهم يدعي أن موقفه موقف إبراهيم . فقطعه الله حين أعلم نبيه صلى الله عليه وسلم بمناسكهم . وقال آخرون : بل قوله جل ثناؤه : ولا جدال في الحج خبر من الله تعالى عن استقامة وقت الحج على ميقات واحد لا يتقدمه ولا يتأخره , وبطول فعل النسيء . ذكر من قال ذلك : 2959 - حدثنا ابن بشار , قال : ثنا عبد الرحمن , قال : ثنا سفيان , عن عبد العزيز بن رفيع , عن مجاهد في قوله : ولا جدال في الحج قال : قد استقام الحج ولا جدال فيه . 2960 - حدثني محمد بن عمرو , قال : أخبرنا أبو عاصم , قال : ثنا عيسى , عن ابن أبي نجيح , عن مجاهد ولا جدال في الحج قال : لا شهر ينسأ , ولا شك في الحج قد بين , كانوا يسقطون المحرم ثم يقولون صفران لصفر وشهر ربيع الأول , ثم يقولون شهرا ربيع لشهر ربيع الآخر وجمادى الأولى , ثم يقولون جماديان لجمادى الآخرة ولرجب , ثم يقولون لشعبان رجب , ثم يقولون لرمضان شعبان , ثم يقولون لشوال رمضان , ويقولون لذي القعدة شوال , ثم يقولون لذي الحجة ذا القعدة , ثم يقولون للمحرم ذا الحجة , فيحجون في المحرم ثم يأتنفون فيحسبون على ذلك عدة مستقبلة على وجه ما ابتدءوا , فيقولون المحرم وصفر وشهرا ربيع , فيحجون في المحرم ليحجوا في كل سنة مرتين , فيسقطون شهرا آخر , فيعدون على العدة الأولى , فيقولون صفران وشهرا ربيع نحو عدتهم في أول ما أسقطوا . * حدثني المثنى , قال : ثنا أبو حذيفة , قال : ثنا شبل , عن ابن أبي نجيح , عن مجاهد نحوه . 2961 - حدثني المثنى , قال : ثنا أبو حذيفة , قال : ثنا شبل , عن ابن أبي نجيح , عن مجاهد , قال : صاحب النسيء الذي ينسأ لهم أبو ثمامة رجل من بني كنانة . * حدثنا عبد الحميد بن بيان , قال : أخبرنا ابن إسحاق , عن أبي بشر , عن ابن أبي نجيح , عن مجاهد : ولا جدال في الحج قال : لا شبهة في الحج قد بين الله أمر الحج . 2962 - حدثني موسى , قال : ثنا عمرو , قال : ثنا أسباط , عن السدي ولا جدال في الحج قال : قد استقام أمر الحج فلا تجادلوا فيه . * حدثني المثنى , قال : ثنا أبو حذيفة , قال : ثنا شبل , عن ابن أبي نجيح , عن مجاهد : ولا جدال في الحج قال : لا شهر ينسأ , ولا شك في الحج قد بين . * حدثنا أبو كريب , قال : ثنا ابن أبي زائدة , عن العلاء بن عبد الكريم , عن مجاهد : ولا جدال في الحج قال : قد علم وقت الحج فلا جدال فيه , ولا شك . * حدثنا أحمد بن إسحاق , قال : ثنا أبو أحمد , قال : ثنا سفيان , عن عبد العزيز والعلاء , عن مجاهد , قال : هو شهر معلوم لا تنازع فيه . * حدثنا أحمد , قال : ثنا أبو أحمد , قال : ثنا إسرائيل , عن سالم , عن مجاهد : ولا جدال في الحج قال : لا شك في الحج . 2963 - حدثنا القاسم , قال : ثنا الحسين , قال : ثنا هشيم , قال : أخبرنا حجاج , عن عطاء , عن ابن عباس : ولا جدال في الحج قال : المراء بالحج . 2964 - حدثنا الحسن بن يحيى , قال : أخبرنا عبد الرزاق , قال : أخبرنا معمر , عن ابن أبي نجيح , عن مجاهد : ولا جدال في الحج فقد تبين الحج . قال : كانوا يحجون في ذي الحجة عامين , وفي المحرم عامين , ثم حجوا في صفر عامين , وكانوا يحجون في كل سنة في كل شهر عامين , ثم وافقت حجة أبي بكر من العامين في ذي القعدة قبل حجة النبي صلى الله عليه وسلم بسنة , ثم حج النبي صلى الله عليه وسلم من قابل في ذي الحجة ; فذلك حين يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق الله السموات والأرض " * حدثنا ابن حميد , قال : ثنا جرير , عن منصور , عن مجاهد في قوله : ولا جدال في الحج قال : بين الله أمر الحج ومعالمه فليس فيه كلام . وأولى هذه الأقوال في قوله ولا جدال في الحج بالصواب , قول من قال : معنى ذلك : قد بطل الجدال في الحج ووقته , واستقام أمره ووقته على وقت واحد , ومناسك متفقة غير مختلفة , ولا تنازع فيه ولا مراء وذلك أن الله تعالى ذكره أخبر أن وقت الحج أشهر معلومات , ثم نفى عن وقته الاختلاف الذي كانت الجاهلية في شركها تختلف فيه . وإنما اخترنا هذا التأويل في ذلك ورأيناه أولى بالصواب مما خالفه لما قد قدمنا من البيان آنفا في تأويل قوله : ولا فس
لَیْسَ عَلَیْكُمْ جُنَاحٌ اَنْ تَبْتَغُوْا فَضْلًا مِّنْ رَّبِّكُمْؕ-فَاِذَاۤ اَفَضْتُمْ مِّنْ عَرَفٰتٍ فَاذْكُرُوا اللّٰهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ۪-وَ اذْكُرُوْهُ كَمَا هَدٰىكُمْۚ-وَ اِنْ كُنْتُمْ مِّنْ قَبْلِهٖ لَمِنَ الضَّآلِّیْنَ(۱۹۸)
تم پر کچھ گناہ نہیں (ف۳۷۹) کہ اپنے رب کا فضل تلاش کرو، تو جب عرفات سے پلٹو (ف۳۸۰) تو اللہ کی یاد کرو (ف۳۸۱) مشعر حرام کے پاس (ف۳۸۲) اور اس کا ذکر کرو جیسے اس نے تمہیں ہدایت فرمائی اور بیشک اس سے پہلے تم بہکے ہوئے تھے، ف۳۸۳)
القول في تأويل قوله تعالى : لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلا مِنْ رَبِّكُمْقال أبو جعفر: يعني بذلك جل ذكره: ليس عليكم أيها المؤمنون جناح.* * *و " الجناح "، الحرج، (56) كما:-3761 - حدثني المثنى، قال: حدثنا عبد الله بن صالح، قال: حدثني معاوية، عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس: " ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلا من ربكم "، وهو لا حرج عليكم في الشراء والبيع قبل الإحرام وبعده.* * *وقوله: " أن تبتغوا فضلا من ربكم "، يعني: أن تلتمسوا فضلا من عند ربكم.يقال منه: ابتغيت فضلا من الله - ومن فضل الله- أبتغيه ابتغاء "، إذا طلبته والتمسته،" وبغيته أبغيه بغيا "، (57) كما قال عبد بني الحسحاس:بغاك, وما تبغيه حتى وجدتهكأنك قد واعدته أمس موعدا (58)يعني طلبك والتمسك.* * *وقيل: إن معنى " ابتغاء الفضل من الله "، التماس رزق الله بالتجارة، وأن هذه الآية نزلت في قوم كانوا لا يرون أن يتجروا إذا أحرموا يلتمسون البر بذلك، فأعلمهم جل ثناؤه أن لا بر في ذلك، وأن لهم التماس فضله بالبيع والشراء.* ذكر من قال ذلك:3762 - حدثني نصر بن عبد الرحمن الأودي، قال: حدثنا المحاربي، عن عمر بن ذر، عن مجاهد، قال: كانوا يحجون ولا يتجرون، فأنزل الله: " ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلا من ربكم "، قال: في الموسم.3763 - حدثني يعقوب بن إبراهيم، قال: حدثنا هشيم، قال: أخبرنا عمر بن ذر، قال: سمعت مجاهدا يحدث قال: كان ناس لا يتجرون أيام الحج، فنزلت فيهم " ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلا من ربكم ". (59)3764 - حدثني محمد بن عمارة الأسدي، قال: حدثنا عبيد الله بن موسى، قال: أخبرنا أبو ليلى، عن بريدة في قوله تبارك وتعالى: " ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلا من ربكم "، قال: إذا كنتم محرمين، أن تبيعوا وتشتروا.3765 - حدثنا طليق بن محمد الواسطي، قال: أخبرنا أسباط، قال: أخبرنا الحسن ابن عمرو، عن أبي أمامة التيمي قال: قلت لابن عمر: إنا قوم نكرى، فهل لنا حج؟ قال: أليس تطوفون بالبيت، وتأتون المعرف وترمون الجمار، وتحلقون رؤوسكم؟ فقلنا: بلى! قال: جاء رجل إلى النبي: صلى الله عليه وسلم فسأله عن الذي سألتني عنه، فلم يدر ما يقول له، حتى نزل جبريل عليه السلام عليه بهذه الآية: " ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلا من ربكم " إلى آخر الآية، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: أنتم حجاج. (60)3766 - حدثنا ابن بشار، قال: حدثنا عبد الوهاب، قال: أخبرنا أيوب، عن عكرمة، قال: كانت تقرأ هذه الآية: " ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلا من ربكم في مواسم الحج ".3767 - حدثنا عبد الحميد، قال: أخبرنا إسحاق، عن شريك، عن منصور بن المعتمر في قوله: " ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلا من ربكم "، قال: هو التجارة في البيع والشراء، والاشتراء لا بأس به.3768 - حدثت عن أبي هشام الرفاعي، قال: حدثنا وكيع، عن طلحة بن عمرو، عن عطاء، عن ابن عباس أنه كان يقرؤها: " ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلا من ربكم في مواسم الحج ".3769 - حدثنا أبو كريب، قال: حدثنا عثمان بن سعيد، عن علي بن مسهر، عن ابن جريج، عن عمرو بن دينار، عن ابن عباس، قال: كان متجر الناس في الجاهلية عكاظ وذو المجاز، فلما جاء الإسلام كأنهم كرهوا ذلك، حتى أنزل الله جل ثناؤه: " ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلا من ربكم ".3770 - حدثنا الحسن بن عرفة، قال: حدثنا شبابة بن سوار، قال: حدثنا شعبة، عن أبي أميمة، قال: سمعت ابن عمر - وسئل عن الرجل يحج ومعه تجارة - فقرأ ابن عمر: " ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلا من ربكم ". (61)3771 - حدثني يعقوب بن إبراهيم، قال: حدثنا هشيم = وحدثنا أحمد بن إسحاق، قال: حدثنا أبو أحمد، قال: حدثنا هشيم = قال: أخبرنا يزيد بن أبي زياد، عن مجاهد، عن ابن عباس، قال: كانوا لا يتجرون في أيام الحج، فنزلت: " ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلا من ربكم ".3772 - حدثني يعقوب بن إبراهيم، قال: حدثنا هشيم، قال: أخبرنا حجاج، عن عطاء، عن ابن عباس أنه قرأ: (62) " ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلا من ربكم في مواسم الحج ".3773 - حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا يحيى بن واضح، قال: حدثنا طلحة بن عمرو الحضرمي، عن عطاء قوله: " ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلا من ربكم في مواسم الحج "، هكذا قرأها ابن عباس.3774 - حدثني يعقوب بن إبراهيم، قال: حدثنا ابن علية، قال: حدثنا ليث، عن مجاهد في قوله: " ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلا من ربكم "، قال: التجارة في الدنيا، والأجر في الآخرة.3775 - حدثنا محمد بن عمرو، قال: حدثنا أبو عاصم، عن عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد في قول الله تعالى: " ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلا من ربكم "، قال: التجارة، أحلت لهم في المواسم. قال: فكانوا لا يبيعون، أو يبتاعون في الجاهلية بعرفة.3776 - حدثنا المثنى، قال: حدثنا أبو حذيفة، قال: حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، مثله.3777 - حدثنا بشر، قال: حدثنا يزيد، قال: حدثنا سعيد، عن قتادة قوله: " ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلا من ربكم "، كان هذا الحي من العرب لا يعرجون على كسير ولا ضالة ليلة النفر، وكانوا يسمونها " ليلة الصدر "، ولا يطلبون فيها تجارة ولا بيعا، فأحل الله عز وجل ذلك كله للمؤمنين، أن يعرجوا على حوائجهم ويبتغوا من فضل ربهم.3778 - حدثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا ابن عيينة، عن عبيد الله بن أبي يزيد، قال: سمعت ابن الزبير يقرأ: (63) " ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلا من ربكم في مواسم الحج ". (64)3779 - حدثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا ابن عيينة، عن عمرو بن دينار، قال: قال ابن عباس: كانت ذو المجاز وعكاظ متجرا للناس في الجاهلية، فلما جاء الإسلام تركوا ذلك حتى نزلت: " ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلا من ربكم في مواسم الحج ".3780 - حدثنا أحمد بن حازم والمثنى، قالا حدثنا أبو نعيم، قال: حدثنا سفيان، عن محمد بن سوقة، قال: سمعت سعيد بن جبير يقول: كان بعض الحاج يسمون " الداج "، فكانوا ينزلون في الشق الأيسر من منى، وكان الحاج ينزلون عند مسجد منى، فكانوا لا يتجرون، حتى نزلت: " ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلا من ربكم "، فحجوا. (65)3781 - حدثني أحمد بن حازم، قال: حدثنا أبو نعيم، قال: حدثنا عمر بن ذر، عن مجاهد قال: كان ناس يحجون ولا يتجرون، حتى نزلت: " ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلا من ربكم "، فرخص لهم في المتجر والركوب والزاد.3782 - حدثنا موسى بن هارون، قال: حدثنا عمرو بن حماد، قال: حدثنا أسباط عن السدي، قوله: " ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلا من ربكم "، هي التجارة. قال: اتجروا في الموسم.3783 - حدثنا محمد بن سعد، قال: حدثني أبي، قال: حدثني عمي، قال: حدثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس قوله: " ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلا من ربكم "، قال: كان الناس إذا أحرموا لم يتبايعوا حتى يقضوا حجهم، فأحله الله لهم.3784 - حدثنا المثنى، قال: حدثنا أبو نعيم، قال: حدثنا سفيان، عن يزيد بن أبي زياد، عن مجاهد، عن ابن عباس، قال: كانوا يتقون البيوع والتجارة أيام الموسم، يقولون: " أيام ذكر!" فأنزل الله: " ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلا من ربكم "، فحجوا.3785 - حدثنا أبو كريب، قال: حدثنا وكيع، عن طلحة بن عمرو، عن عطاء، عن ابن عباس أنه كان يقرؤها: " ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلا من ربكم في مواسم الحج ".3786 - حدثنا المثنى، قال: حدثنا الحماني، قال: حدثنا شريك، عن منصور، عن إبراهيم، قال: لا بأس بالتجارة في الحج، ثم قرأ: " ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلا من ربكم ".3787 - حدثت عن عمار، قال: حدثنا ابن أبي جعفر، عن أبيه، عن الربيع بن أنس قوله: " ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلا من ربكم "، قال: كان هذا الحي من العرب لا يعرجون على كسير ولا على ضالة ولا ينتظرون لحاجة، وكانوا يسمونها " ليلة الصدر "، ولا يطلبون فيها تجارة . فأحل الله ذلك كله، أن يعرجوا على حاجتهم، وأن يطلبوا فضلا من ربهم.3788 - حدثنا أحمد بن إسحاق، قال: حدثنا أبو أحمد، قال: حدثنا مندل، عن عبد الرحمن بن المهاجر، عن أبي صالح مولى عمر، قال: قلت لعمر: يا أمير المؤمنين، كنتم تتجرون في الحج؟ قال: وهل كانت معايشهم إلا في الحج.3789 - حدثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا الثوري، عن العلاء بن المسيب، عن رجل من بني تيم الله، قال: جاء رجل إلى عبد الله بن عمر، فقال: يا أبا عبد الرحمن، إنا قوم نكرى فيزعمون أنه ليس لنا حج ! قال: ألستم تحرمون كما يحرمون، وتطوفون كما يطوفون، وترمون كما يرمون؟ قال: بلى! قال: فأنت حاج! جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فسأله عما سألت عنه، فنزلت هذه الآية: " ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلا من ربكم ". (66)3790 - حدثنا الحسن، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر، عن قتادة، قال: كانوا إذا أفاضوا من عرفات لم يتجروا بتجارة، ولم يعرجوا على كسير، ولا على ضالة، فأحل الله ذلك، فقال: " ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلا من ربكم " إلى آخر الآية.3791 - حدثني سعيد بن الربيع الرازي، قال: حدثنا سفيان، عن عمرو بن دينار، عن ابن عباس، قال: كانت عكاظ ومجنة وذو المجاز أسواقا في الجاهلية، فكانوا يتجرون فيها. فلما كان الإسلام كأنهم تأثموا منها، فسألوا النبي صلى الله عليه وسلم، فأنزل الله: " ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلا من ربكم في مواسم الحج. (67)* * *القول في تأويل قوله تعالى : فَإِذَا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفَاتٍقال أبو جعفر: يعني جل ثناؤه بقوله: " فإذا أفضتم "، فإذا رجعتم من حيث بدأتم.* * *ولذلك قيل للذي يضرب القداح بين الأيسار: " مفيض "، لجمعه القداح، ثم إفاضته إياها بين الياسرين. (68) ومنه قول بشر بن أبي خازم الأسدي: (69)فقلت لها ردي إليه جنانهفردت كما رد المنيح مفيض (70)* * *ثم اختلف أهل العربية في" عرفات "، والعلة التي من أجلها صُرفت وهي معرفة، وهل هي اسم لبقعة واحدة أم هي لجماعة بقاع؟فقال بعض نحويي البصريين: هي اسم كان لجماعة مثل " مسلمات، ومؤمنات "، سميت به بقعة واحدة، فصرف لما سميت به البقعة الواحدة، إذ كان مصروفا قبل أن تسمى به البقعة، تركا منهم له على أصله. لأن " التاء " فيه صارت بمنزلة " الياء والواو " في" مسلمين ومسلمون "، لأنه تذكيره، وصار التنوين بمنزلة " النون ". فلما سمي به ترك على حاله، كما يترك " المسلمون " إذا سمي به على حاله. (71) قال: ومن العرب من لا يصرفه إذا سمي به، ويشبه " التاء " بهاء التأنيث، وذلك قبيح ضعيف، واستشهدوا بقول الشاعر: (72)تنورتها من أذرعات وأهلهابيثرب أدنى دارها نظر عالي (73)ومنهم من لا ينون " أدرعات " وكذلك: " عانات "، وهو مكان.وقال بعض نحويي الكوفيين: إنما انصرفت " عرفات "، لأنهن على جماع مؤنث " بالتاء ". قال: وكذلك ما كان من جماع مؤنث " بالتاء "، ثم سميت به رجلا أو مكانا أو أرضا أو امرأة، انصرفت. قال: ولا تكاد العرب تسمي شيئا من الجماع إلا جماعا، ثم تجعله بعد ذلك واحدا.وقال آخرون منهم: ليست " عرفات " حكاية، ولا هي اسم منقول، (74) ولكن الموضع مسمى هو وجوانبه " بعرفات "، ثم سميت بها البقعة. اسم للموضع، ولا ينفرد واحدها. قال: وإنما يجوز هذا في الأماكن والمواضع، ولا يجوز ذلك في غيرها من الأشياء. قال: ولذلك نصبت العرب " التاء " في ذلك، لأنه موضع. ولو كان محكيا، لم يكن ذلك فيه جائزا، لأن من سمى رجلا " مسلمات " أو " مسلمين " لم ينقله في الإعراب عما كان عليه في الأصل، فلذلك خالف: " عانات، وأذرعات "، ما سمي به من الأسماء على جهة الحكاية.* * *قال أبو جعفر: واختلف أهل العلم في المعنى الذي من أجله قيل لعرفات " عرفات ". فقال بعضهم: قيل لها ذلك من أجل أن إبراهيم خليل الله صلوات الله عليه لما رآها عرفها بنعتها الذي كان لها عنده، فقال: قد عرفت، فسميت عرفات بذلك. وهذا القول من قائله يدل على أن عرفات اسم للبقعة، وإنما سميت بذلك لنفسها وما حولها، كما يقال: ثوب أخلاق، وأرض سباسب، فتجمع بما حولها. (75)* ذكر من قال ذلك:3792 - حدثني موسى بن هارون، قال: حدثنا عمرو، عن أسباط، عن السدي، قال: لما أذن إبراهيم في الناس بالحج، فأجابوه بالتلبية، وأتاه من أتاه أمره الله أن يخرج إلى عرفات، ونعتها فخرج، فلما بلغ الشجرة عند العقبة، استقبله الشيطان يرده، فرماه بسبع حصيات، يكبر مع كل حصاة، فطار فوقع على الجمرة الثانية، فصده أيضا، فرماه وكبر، فطار فوقع على الجمرة الثالثة، فرماه وكبر. فلما رأى أنه لا يطيقه، ولم يدر إبراهيم أين يذهب، (76) انطلق حتى أتى ذا المجاز، (77) فلما نظر إليه فلم يعرفه جاز، فلذلك سمي: " ذا المجاز ". ثم انطلق حتى وقع بعرفات، فلما نظر إليها عرف النعت، قال: " قد عرفت!" فسمي: " عرفات ". فوقف إبراهيم بعرفات، حتى إذا أمسى ازدلف إلى جمع، فسميت: " المزدلفة "، فوقف بجمع. (78)3793 - حدثني المثنى، قال: حدثنا إسحاق، قال: حدثنا عبد الرزاق، عن معمر، عن سليمان التيمي، عن نعيم بن أبي هند، قال: لما وقف جبريل بإبراهيم عليهما السلام بعرفات، قال: " عرفت!"، فسميت عرفات لذلك.3794 - حدثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا ابن جريج، قال: قال ابن المسيب: قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه: بعث الله جبريل إلى إبراهيم فحج به، فلما أتى عرفة قال: " قد عرفت!"، وكان قد أتاها مرة قبل ذلك، ولذلك سميت " عرفة ".* * *وقال آخرون: بل سميت بذلك بنفسها وببقاع أخر سواها.* ذكر من قال ذلك:3795 - حدثنا أبو كريب، قال: حدثنا وكيع بن مسلم القرشي، عن أبي طهفة، عن أبي الطفيل، عن ابن عباس قال: إنما سميت عرفات، لأن جبريل عليه السلام، كان يقول لإبراهيم: هذا موضع كذا، هذا موضع كذا، فيقول: " قد عرفت!"، فلذلك سميت " عرفات ". (79)3796 - حدثني المثنى، قال: حدثنا سويد، قال: أخبرنا ابن المبارك، عن عبد الملك بن أبي سليمان، عن عطاء قال: إنما سميت عرفة أن جبريل كان يري إبراهيم عليهما السلام المناسك، فيقول: " عرفت، عرفت!" فسمي" عرفات ".3797 - حدثني المثنى، قال: حدثنا سويد، قال: أخبرنا ابن المبارك، عن زكريا، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قال: قال ابن عباس: أصل الجبل الذي يلي عرنة وما وراءه موقف، حتى يأتي الجبل جبل عرفة.وقال ابن أبي نجيح: عرفات: " النبعة " و " النبيعة " و " ذات النابت "، وذلك قول الله: " فإذا أفضتم من عرفات "، وهو الشعب الأوسط.وقال زكريا: ما سال من الجبل الذي يقف عليه الإمام إلى عرفة، فهو من عرفة، وما دبر ذلك الجبل فليس من عرفة.* * *وهذا القول يدل على أنها سميت بذلك نظير ما يسمى الواحد باسم الجماعة المختلفة الأشخاص.* * *قال أبو جعفر: وأولى الأقوال بالصواب في ذلك عندي أن يقال: هو اسم لواحد سمي بجماع، فإذا صرف ذهب به مذهب الجماع الذي كان له أصلا. وإذا ترك صرفه ذهب به إلى أنه اسم لبقعة واحدة معروفة، فترك صرفه كما يترك صرف أسماء الأمصار والقرى المعارف.* * *القول في تأويل قوله تعالى : فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِقال أبو جعفر: يعني بذلك جل ثناؤه: فإذا أفضتم فكررتم راجعين من عرفة، إلى حيث بدأتم الشخوص إليها منه،" فاذكروا الله "، يعني بذلك: الصلاة، والدعاء عند المشعر الحرام.* * *وقد بينا قبل أن " المشاعر " هي المعالم، من قول القائل: " شعرت بهذا الأمر "، أي علمت، ف " المشعر "، هو المعلم، (80) سمي بذلك لأن الصلاة عنده والمقام والمبيت والدعاء، من معالم الحج وفروضه التي أمر الله بها عباده. وقد:-3798 - حدثني المثنى، قال: حدثنا سويد، قال: أخبرنا ابن المبارك، عن زكريا، عن ابن أبي نجيح، قال: يستحب للحاج أن يصلي في منزله بالمزدلفة إن استطاع، وذلك أن الله قال: " فاذكروا الله عند المشعر الحرام واذكروه كما هداكم ".* * *فأما " المشعر ": فإنه هو ما بين جبلي المزدلفة من مأزمي عرفة إلى محسر.وليس مأزما عرفة من " المشعر ". (81)وبالذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.* ذكر من قال ذلك:3799 - حدثنا هناد بن السري قال: حدثنا ابن أبي زائدة، قال: أخبرنا إسرائيل، عن مغيرة، عن إبراهيم، قال: رأى ابن عمر الناس يزدحمون على الجبيل بجمع فقال: أيها الناس إن جمعا كلها مشعر.3800 - حدثني يعقوب، قال: حدثنا هشيم، قال: أخبرنا حجاج، عن نافع، عن ابن عمر أنه سئل عن قوله: " فاذكروا الله عند المشعر الحرام "، قال: هو الجبل وما حوله.3801 - حدثنا هناد، قال: حدثنا ابن أبي زائدة، قال: أخبرنا إسرائيل، عن حكيم بن جبير، عن ابن عباس قال: ما بين الجبلين اللذين بجمع مشعر.3802 - حدثنا هناد، قال: حدثنا ابن أبي زائدة، قال: أخبرنا الثوري، عن السدي، عن سعيد بن جبير، مثله.3803 - حدثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا الثوري= وحدثني أحمد بن حازم قال: حدثنا أبو نعيم، قال: حدثنا سفيان= عن السدي، عن سعيد بن جبير، قال: سألته عن المشعر الحرام فقال: ما بين جبلي المزدلفة.3804 - حدثنا الحسن، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر، عن الزهري، عن سالم، عن ابن عمر، قال: " المشعر الحرام " المزدلفة كلها= قال معمر: وقاله قتادة.3805 - حدثنا هناد، قال: حدثنا وكيع، قال: أنبأنا الثوري، عن السدي، عن سعيد بن جبير: " فاذكروا الله عند المشعر الحرام "، قال: ما بين جبلي المزدلفة هو المشعر الحرام.3806 - حدثنا هناد، قال: حدثنا ابن أبي زائدة، قال: أخبرنا أبي، عن أبي إسحاق، عن عمرو بن ميمون، قال: سألت عبد الله بن عمر عن المشعر الحرام، فقال: إذا انطلقت معي أعلمتكه. قال: فانطلقت معه، فوقفنا حتى إذا أفاض الإمام سار وسرنا معه، حتى إذا هبطت أيدي الركاب، وكنا في أقصى الجبال مما يلي عرفات قال: أين السائل عن المشعر الحرام؟ أخذت فيه ! قلت: ما أخذت فيه؟ قال: كلها مشاعر إلى أقصى الحرم.3807 - حدثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا إسرائيل= وحدثنا أحمد بن إسحاق، قال: حدثنا أبو أحمد، قال: حدثنا إسرائيل= عن أبي إسحاق، عن عمرو بن ميمون الأودي، قال: سألت عبد الله بن عمر، عن المشعر الحرام قال: إن تلزمني أركه. قال: فلما أفاض الناس من عرفة وهبطت أيدي الركاب في أدنى الجبال، قال: أين السائل عن المشعر الحرام؟ قال: قلت: ها أنا ذاك، قال: أخذت فيه! قلت: ما أخذت فيه ! قال: حين هبطت أيدي الركاب في أدنى الجبال فهو مشعر إلى مكة.3808 - حدثنا هناد، قال: حدثنا وكيع، عن عمارة بن زاذان، عن مكحول الأزدي، قال: سألت ابن عمر يوم عرفة عن المشعر الحرام؟ فقال: الزمني ! فلما كان من الغد وأتينا المزدلفة، قال: أين السائل عن المشعر الحرام؟ هذا المشعر الحرام.3809 - حدثنا هناد، قال: حدثنا ابن أبي زائدة، قال: أخبرنا داود، عن ابن جريج، قال: قال مجاهد: المشعر الحرام: المزدلفة كلها.3810 - حدثنا هناد، قال: حدثنا ابن أبي زائدة، قال: أخبرنا داود، عن ابن جريج، قال: قلت لعطاء: أين المزدلفة؟ قال: إذا أفضت من مأزمي عرفة، فذلك إلى محسر. قال: وليس المأزمان مأزما عرفة من المزدلفة، ولكن مفاضاهما.قال: قف بينهما إن شئت، وأحب إلي أن تقف دون قزح. هلم إلينا من أجل طريق الناس!.3811 - حدثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر، عن مغيرة، عن إبراهيم، قال: رآهم ابن عمر يزدحمون على قزح، فقال: علام يزدحم هؤلاء ؟ كل ما ههنا مشعر!.3812 - حدثني محمد بن عمرو، قال: حدثنا أبو عاصم، عن عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قال: المشعر الحرام المزدلفة كلها.3813 - حدثني المثنى، قال: حدثنا أبو حذيفة، قال: حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، مثله.3814 - حدثنا بشر، قال: حدثنا يزيد، قال: حدثنا سعيد، عن قتادة قوله: " فإذا أفضتم من عرفات فاذكروا الله عند المشعر الحرام " وذلك ليلة جمع. قال قتادة: كان ابن عباس يقول: ما بين الجبلين مشعر.3815 - حدثنا موسى، قال: حدثنا عمرو، قال: حدثنا أسباط، عن السدي، قال: المشعر الحرام هو ما بين جبال المزدلفة = ويقال: هو قرن قزح. (82)3816 - حدثت عن عمار، قال: حدثنا ابن أبي جعفر، عن أبيه، عن الربيع: " فاذكروا الله عند المشعر الحرام "، وهي المزدلفة، وهي جمع.* * ** وذكر عن عبد الرحمن بن الأسود ما:-3817 - حدثنا به هناد، قال: حدثنا وكيع، عن إسرائيل، عن جابر، عن عبد الرحمن بن الأسود، قال: لم أجد أحدا يخبرني عن المشعر الحرام.3818 - حدثنا أحمد بن إسحاق، قال: حدثنا أبو أحمد، قال: حدثنا سفيان، عن السدي، قال: سمعت سعيد بن جبير يقول: المشعر الحرام: ما بين جبلي مزدلفة.3819 - حدثنا أحمد، قال: حدثنا أبو أحمد، قال: حدثنا قيس، عن حكيم بن جبير، عن سعيد بن جبير، قال: سألت ابن عمر عن المشعر الحرام فقال: ما أدري؟ وسألت ابن عباس، فقال: ما بين الجبلين.3820 - حدثنا أحمد، قال: حدثنا أبو أحمد، قال: حدثنا إسرائيل: عن أبي إسحاق، عن الضحاك، عن ابن عباس، قال: الجبيل وما حوله مشاعر.3821 - حدثنا أحمد، قال: حدثنا أبو أحمد، قال: حدثنا إسرائيل، عن ثوير، قال: وقفت مع مجاهد على الجبيل، فقال: هذا المشعر الحرام.3822 - حدثنا أبو كريب، قال: حدثنا حسن بن عطية، قال: حدثنا إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن الضحاك، عن ابن عباس، الجبيل وما حوله مشاعر.* * *قال أبو جعفر: وإنما جعلنا أول حد المشعر مما يلي منى، منقطع وادي محسر مما يلي المزدلفة، لأن:-3823 - المثنى حدثني قال: حدثنا سويد، قال: أخبرنا ابن المبارك، عن سفيان، عن زيد بن أسلم، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " عرفة كلها موقف إلا عرنة، وجمع كلها موقف إلا محسرا ". (83)3824 - حدثني يعقوب، قال: حدثني هشيم، عن حجاج، عن ابن أبي مليكة، عن عبد الله بن الزبير، أنه قال: كل مزدلفة موقف إلا وادي محسر.3825 - حدثني يعقوب، قال: حدثنا هشيم، عن حجاج، قال: أخبرني من سمع عروة بن الزبير يقول مثل ذلك.3826 - حدثني المثنى، قال: حدثنا سويد بن نصر، قال: أخبرنا ابن المبارك، عن سفيان، عن هشام بن عروة، قال: قال عبد الله بن الزبير في خطبته: تعلمن أن عرفة كلها موقف إلا بطن عرنة، تعلمن أن مزدلفة كلها موقف إلا بطن محسر. (84)* * *قال أبو جعفر: غير أن ذلك وإن كان كذلك فإني أختار للحاج أن يجعل وقوفه لذكر الله من المشعر الحرام على قزح وما حوله، لأن:-3827 - أبا كريب حدثنا، قال: حدثنا عبيد الله بن موسى، عن إبراهيم بن إسماعيل بن مجمع، عن عبد الرحمن بن الحارث المخزومي، عن زيد بن علي، عن عبيد الله بن أبي رافع، عن علي قال: لما أصبح رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمزدلفة، غدا فوقف على قزح، وأردف الفضل، ثم قال: هذا الموقف، وكل مزدلفة موقف.3828 - حدثنا أبو كريب، قال: حدثنا يونس بن بكير، قال: أخبرنا إبراهيم بن إسماعيل بن مجمع، عن عبد الرحمن بن الحارث، عن زيد بن علي بن الحسين، عن عبيد الله بن أبي رافع عن أبي رافع، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بنحوه. (85)3829 - حدثنا هناد وأحمد الدولابي، قالا حدثنا سفيان، عن ابن المنكدر، عن سعيد بن عبد الرحمن بن يربوع عن ابن الحويرث، قال: رأيت أبا بكر واقفا على قزح وهو يقول: أيها الناس أصبحوا ! أيها الناس أصبحوا ! ثم دفع. (86)3830 - حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا هارون، عن عبد الله بن عثمان، عن يوسف بن ماهك، قال: حججت مع ابن عمر، فلما أصبح بجمع صلى الصبح، ثم غدا وغدونا معه حتى وقف مع الإمام على قزح، ثم دفع الإمام فدفع بدفعته.* * *وأما قول عبد الله بن عمر حين صار بالمزدلفة: " هذا كله مشاعر إلى مكة "، فإن معناه أنها معالم من معالم الحج ينسك في كل بقعة منها بعض مناسك الحج = لا أن كل ذلك " المشعر الحرام " الذي يكون الواقف حيث وقف منه إلى بطن مكة قاضيا ما عليه من الوقوف بالمشعر الحرام من جمع.* * *وأما قول عبد الرحمن بن الأسود: " لم أجد أحدا يخبرني عن المشعر الحرام " فلأنه يحتمل أن يكون أراد: لم أجد أحدا يخبرني عن حد أوله ومنتهى آخره على حقه وصدقه. لأن حدود ذلك على صحتها حتى لا يكون فيها زيادة ولا نقصان، لا يحيط بها إلا القليل من أهل المعرفة بها. غير أن ذلك وإن لم يقف على حد أوله ومنتهى آخره وقوفا لا زيادة فيه ولا نقصان إلا من ذكرت، فموضع الحاجة للوقوف لا خفاء به على أحد من سكان تلك الناحية وكثير من غيرهم. وكذلك سائر مشاعر الحج، والأماكن التي فرض الله عز وجل على عباده أن ينسكوا عندها كعرفات ومنى والحرم.* * *القول في تأويل قوله تعالى : وَاذْكُرُوهُ كَمَا هَدَاكُمْ وَإِنْ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الضَّالِّينَ (198)قال أبو جعفر : يعني بذلك جل ثناؤه: واذكروا الله أيها المؤمنون عند المشعر الحرام= بالثناء عليه، والشكر له على أياديه عندكم، وليكن ذكركم إياه بالخضوع لأمره، والطاعة له والشكر على ما أنعم عليكم من التوفيق، لما وفقكم له من سنن إبراهيم خليله بعد الذي كنتم فيه من الشرك والحيرة والعمى عن طريق الحق وبعد الضلالة= كذكره إياكم بالهدى، حتى استنقذكم من النار به بعد أن كنتم على شفا حفرة منها، فنجاكم منها. وذلك هو معنى قوله: " كما هداكم ".* * *وأما قوله: " وإن كنتم من قبله لمن الضالين "، فإن من أهل العربية من يوجه تأويل " إن " إلى تأويل " ما "، وتأويل اللام التي في" لمن " إلى " إلا ". (87)فتأويل الكلام على هذا المعنى: وما كنتم = من قبل هداية الله إياكم لما هداكم له من ملة خليله إبراهيم التي اصطفاها لمن رضي عنه من خلقه = إلا من الضالين.* * *ومنهم من يوجه تأويل " إن " إلى " قد ".فمعناه على قول قائل هذه المقالة: واذكروا الله أيها المؤمنون كما ذكركم بالهدى، فهداكم لما رضيه من الأديان والملل، وقد كنتم من قبل ذلك من الضالين.-------------------الهوامش :(56) انظر ما سلف في تفسير"الجناح" من الجزء 3 : 230 ، 231 .(57) انظر ما سلف في تفسير : "ابتغي" من الجزء 3 : 508 .(58) ديوانه : 41 وسيأتي في التفسير 4 : 15- 16/ 5 : 45 (بولاق) وهذا البيت متعلق بثلاثة أبيات قبله ، هو تمام معناها في ذكر الموت :رأيت المنايا لم يهبن محمداولا أحدا ولم يدعن مخلداألا لا أرى على المنون ممهلاولا باقيا إلا له الموت مرصداسيلقاك قرن لا تريد قتالهكمي إذا ما هم بالقرن أقصدابغاك وما تبغيه . . . . . . . . . .. . . . . . . . . . . . . . . . . . .وقوله : "حتى وجدته" رواية الديوان"إلا وجدته" . ورواية الطبري عزيزة فهي شاهد قل أن نظفر به على أن"حتى" تأتي بمعنى"إلا" في الاستثناء وقد ذكر ذلك ابن هشام في المغني 1 : 111 قال بعد ذكر وجوه"حتى" : "وبمعنى إلا في لاستثناء ، وهذا أقلها وقل من يذكره" .(59) في المطبوعة : "فنزلت فيهم : لا جناح عليكم أن تبتغوا . . " وبين أنه خطأ وسهو .(60) الحديث : 3765 -طليق بن محمد بن السكن الواسطي شيخ الطبري : ثقة ، قال ابن حبان في الثقات : "مستقيم الحديث كالأثبات" . وهو من شيوخ النسائي وابن خزيمة وغيرهما . وهذا الباب باب"طليق" : نص الذهبي في المشتبه على أنه بفتح الطاء وتبعه الحافظ ابن حجر في تحرير المشتبه . ولم يذكرا غير هذا الضبط . ولكن الحافظ في التقريب ضبط أول اسم فيه"بالتصغير" بالنص على ذلك . وأنا أرجح أنه وهم منه ، رحمه الله .أسباط : هو ابن محمد بن عبد الرحمن بن خالد بن ميسرة وهو ثقة من شيوخ أحمد وابن راهويه وغيرهما . الحسن بن عمرو الفقيمي -بضم الفاء- التميمي الكوفي : ثقة أخرج له البخاري في صحيحه ابو أمامة التيمي : تابعي ثقة . بينا ترجمته ومراجعها في شرح المسند : 6434 .والحديث رواه أحمد في المسند : 6434 عن أسباط بن محمد بهذا الإسناد . وقد فصلنا القول في تخريجه هناك . ونقله ابن كثير 1 : 463 عن المسند و 464 عن هذا الموضع من الطبري وسيأتي بإسناد آخر : 3789 .(61) الخبر : 3770 -أبو أميمة : الراجح الظاهر أنه"أبو أمامة التيمي" الماضي في الحديث 3765 ، وأن هذا الخبر مختصر من ذاك الحديث ولكنه موقوف على ابن عمر .وقد نقله ابن كثير 1 : 463 ، عن هذا الموضع من الطبري وقال : "وهذا موقوف ، وهو قوي جيد" .(62) في المطبوعة : "قال" مكان"قرأ" وهو سهو من الناسخ ، وانظر الأثر السالف : 3766 ، 3768 ، والآثار التي تلي هذا الأثر .(63) في المطبوعة : "سمعت ابن الزبير يقول" والصواب من مخطوطة تفسير عبد الرزاق ص : 21 .(64) الخبر : 3778 - أشار إليه الحافظ في الفتح 3 : 473 وذكر أنه رواه ابن عيينة وابن جريج عن عبيد الله بن أبي يزيد . ولم يذكر من خرجه وقد عرفنا من رواية الطبري أنه خرجه عبد الرزاق عن ابن عيينة . وهو في تفسير عبد الرزاق ص : 21 ، بهذا الإسناد . وهو صحيح عبيد الله بن ألبي يزيد المكي : تابعي ثقة .(65) الداج : هم الذين مع الحجاج من الأجراء والمكارين والأعوان والخدم ، وظاهر أنهم كانوا لا يحجون مع الناس .(66) الحديث : 3789 -العلاء بن المسيب بن رافع الأسدي : ثقة مأمون ، كما قال ابن معين .والديث رواه أحمد في المسند : 6435 ، عن عبد الله بن الوليد العدني ، عن سفيان الثوري بهذا الإسناد . وقلنا في شرحه : إن إسناده صحيح ، وأن إبهام الرجل من بني تيم الله- لا يضر ، فقد عرف أنه"أبو أمامة التيمي" . كما مضى في : 3765 . وقد خرجناه مفصلا في المسند .(67) الحديث : 3791 -سعيد بن الربيع الرازي- شيخ الطبري : لم أجد له ترجمة . وقد ذكر في فهارس تاريخ الطبري بهذا الاسم ، فانتفت شبهة التحريف فيه . و"سفيان" -شيخه : هو ابن عيينة . ويشتبه"سعيد بن الربيع" براو آخر ، هو"سعيد بن الربيع الهروي الجرشي العامري" المترجم في التهذيب . ولكنه قديم الوفاة ، مات سنة 211 قبل ولادة الطبري . وهو من أقدم شيوخ البخاري .والحديث رواه البخاري 4 : 248 ، 269 ، و 8 : 139 (فتح) من طريق سفيان ابن عيينة بهذا الإسناد .ورواه أيضًا 3 : 473- 474 من طريق ابن جريج عن عمرو بن دينار . وذكره ابن كثير 1 : 462 ، من رواية البخاري .وهذا الحديث من أفراد البخاري -دون مسلم- كما نص على ذلك الحافظ في الفتح 3 : 475 . ولم أجده في مسند أحمد . وهو من الأحاديث الصحاح القليلة ، التي في أحد الصحيحين وليست في المسند .وقد مضى نحو معناه مختصرا : 3779 ، من رواية عبد الرزاق عن ابن عيينة ومضى كذلك مختصرا : 3771 ، 3784 ، من وجه آخر من رواية مجاهد عن ابن عباس . و 3772 ، 3785 ، من وجه ثالث ، من رواية عطاء عن ابن عباس .(68) القداح جمع قدح (بكسر فسكون) : هو السهم قبل أن ينصل ويراش ، كانوا يستقسمون بها في الميسر ، وهي الأزلام أيضًا . والأيسار جمع يس (بفتحين) وهم المجتمعون على الميسر من أشراف الحي . وفي المطبوعة : "المياسرين" والصواب ما أثبت . والياسر : الضارب بالقداح والمتقامر على الجزور اللاعب بالقداح .(69) في المطبوعة : "ابن أبي حازم" وهو خطأ .(70) لم أجد هذا البيت في مكان ، ومن القصيدة ثلاثة أبيات في الحيوان 6 : 343 من هذا الشعر ، وهي أبيات جياد . والمنيح : أحد القداح الأربعة التي ليس لها غرم ولا غنم في قداح الميسر ، ولكن قد يمنح صاحبه شيئا من الجزور . ولا أتبين معنى البيت حتى أعرف ما قبله ، وأعرف الضمائر فيه إلى من تعود .(71) هو قول الأخفش (اللسان : عرف) ومعجم البلدان (عرفات) وانظر سيبويه 2 : 17- 18 .(72) هو امرؤ القيس بن حجر .(73) ديوانه : 140 ، وسيبويه 2 : 18 والخزانة 1 : 26 وهو من قصيدته الرائعة المشهورة والضمير في قوله : "تنورتها" للمرأة التي يذكرها (انظر طبقات فحول الشعراء : 68 تعليق : 3) . وتنورالنار أبصرها من بعيد جعل المرأة تضيء له فيراها كالنار المشبوبة . وأذرعات : بلد بالشام . ويثرب : مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم كان هذا اسمها في الجاهلية . يقول : لاح له نورها في الظلماء ، وهو بالشام وأهلها بالمدينة . ثم يقول : أقرب ما يرى منها لا يرى إلا من مكان عال في جو السماء . يصف بعد ما بينه وبينها ، ومع ذلك فقد لاحت له في الليل من هذا المكان البعيد ، وأتم المعنى في البيت لتالي :نظرت إليها والنجوم كأنها مصابيح رهبان تشب لقفال(74) الحكاية : الإتيان باللفظ على ما كان عليه من قبل ، وسيظهر معناها في الأسطر الآتية .(75) انظر ما سلف 1 : 433 .(76) في المطبوعة : "فلما رأى أنه لا يطيعه ، فلم يدر إبراهيم" والصواب ما أثبته عن نص الطبري آنفًا ، كما سيأتي في المراجع بعد .(77) في المطبوعة : "فانطلق" والصواب ما أثبت .(78) الأثر : 3792 -قد سلف تاما برقم : 2065 ، والتصويب السالف منه .(79) الخبر : 3795 - هذا إسناد مشكل ، لا أدري ما وجه صوابه . أما"وكيع بن مسلم القرشي" : فما وجدت راويا بهذا الاسم ولا ما يشبهه . والذي أكاد أجزم به أنه"وكيع بن الجراح" الإمام المعروف . وأن كلمة"بن" محرفة عن كلمة"عن" ثم يزيد الإشكال أن لم أجد من اسمه"مسلم القرشي" وإشكال ثالث ، أن"أبا طهفة" هذا لا ندري ما هو؟واليقين -عندي- أن الإسناد محرف غير مستقيم .(80) انظر ما سلف في الجزء 3 : 226 ، 227 (بولاق) تفسير"شعائر" .(81) المأزم : كل طريق ضيق بين جبلين . ومأزما عرفة : مضيق ين جمع وعرفة .(82) القرن : الجبل الصغير المستطيل المنقطع عن الجبل الكبير .(83) الحديث : 3823 -هذا حديث مرسل كما قال ابن كثير 1 : 467 وقد رواه مالك في الموطأ ص : 388"أنه بلغه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم"- دون إسناد . وذكره ابن عبد البر في كتاب"التقصي" رقم : 839 . وقال : "وهذا الحديث يتصل من حديث جابر بن عبد الله ومن حديث ابن عباس ، ومن حديث علي بن أبي طالب" . وحديث جابر رواه مسلم 1 : 348 ولكن ليس فيه استثناء"عرنة" و"محسر" ورواه ابن ماجه : 3012 من حديث جابر وفيه هذا الاستثناء . وإسناده ضعيف جدا .وانظر السنن الكبرى للبيهقي 5 : 115 ، والتلخيص الحبير ص : 216 ونصب الراية 3 : 60- 62 .(84) الخبر : 3826 -رواه مالك في الموطأ ص 388 ، بنحوه عن هشام بن عروة عن عبد الله بن الزبير .(85) الحديثان : 3827 ، 3828 -إبراهيم بن إسمعيل بن مجمع الأنصاري المدني : ضعيف قال ابن معين : "ليس بشيء" وقال البخاري : "كثير الوهم" . عبد الرحمن بن الحارث بن عبد الله بن عياش بن أبي ربيعة المخزومي : ثقة من أهل العلم . ين بن علي بن أبي طالب : ثقة معروف ، لا يحتاج إلى تعريف . وهو الذي تنسب إليه الزيدية من الشيعة . وكان حربا على الرافضة . وهو يروى عن عبيد الله بن أبي رافع مباشرة ، ولكنه روى هذا الحديث بعينه -كما سيأتي في التخريج- عن أبيه زين العابدين علي بن الحسين عن عبيد الله . عبيد الله بن أبي رافع المدني ، مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم : تابعي ثقة . وكان كاتبا لعلي بن أبي طالب رضي اله عنه .وهذا الحديث مختصر من حديث مطول . وقد أخطأ فيه إبراهيم بن إسماعيل بن مجمع : فحذف من الإسناد [عن أبيه] بين زيد بن علي وعبيد الله بن أبي رافع . وذكر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم"أردف الفضل" -في هذا الحديث . وإنما"أردف أسامة بن زيد" . وإرداف الفضل بن عباس كان في حادثة أخرى .والحديث رواه احمد في المسند : 1347 ، عن يحيى بن آدم عن سفيان -وهو الثوري-"عن عبد الرحمن بن عياش عن زيد بن علي ، عن أبيه عن عبيد الله بن أبي رافع عن علي قال : وقف رسول الله صلى الله عليه وسلم بعرفة فقال : هذا الموقف وعرفة كلها موقف ثم أردف أسامة فجعل يعتق على ناقته ، والناس يضربون الإبل يمينا وشمالا ، لا يلتفت إليهم" . وهذا مختصر أيضًا . ورواه أبو داود : 1922 ، عن أحمد بن حنبل بهذا الإسناد واختصره قليلا .ورواه أحمد : 562 عن أبي أحمد الزبيري عن سفيان بهذا الإسناد مطولا . وفيه -بعد إرداف أسامة-"ثم أتى قزح فوقف على قزح ، فقال : هذا الموقف وجمع كلها موقف . . . "- إلى آخره مطولا .ورواه عبد الله بن أحمد ، في زيادات المسند : 564 من طريق المغيرة بن عبد الرحمن المخزومي عن أبيه . و 613 من طريق مسلم بن خالد الزنجي ، عن عبد الرحمن المخزومي - بهذا الإسناد مطولا أيضًا .ورواه الترمذي 2 : 100- 101 ، مطولا من طريق أبي أحمد الزبيري عن الثوري وقال : "حديث حسن صحيح ، لا نعرفه من حديث علي إلا من هذا الوجه من حديث عبد الرحمن بن الحارث ابن عياش . وقد رواه غير واحد عن الثوري مثل هذا" .(86) الخر : 3829 -سفيان : هو ابن عيينة . ابن المنكدر : هو محمد بن المنكدر التيمي : أحد الأئمة الأعلام من التابعين .سعيد بن عبد الرحمن بن يربوع : ترجمه الحافظ في التعجيل ص : 154 وذكر أنه مخزومي وأشار إلى هذا الخبر من روايته . وقال : "وقع عند غيره : عبد الرحمن بن سعيد بن يربوع" . ويريد : عند غير الشافعي ، لأن هذا الخبر رواه الشافعي كما سيأتي . وقد رمز لهذه الترجمة في التعجيل بحرف الألف ، وهو رمز"أحمد" في المسند . وهو خطأ مطبعي . وصحته"فع" رمز الشافعي . وعبد الرحمن ابن سعيد بن يربوع : مترجم في التهذيب 6 : 187 وابن سعد 5 : 111 وابن أبي حاتم 2/2/239 ، ولكن جميع روايات هذا الخبر فيها"سعيد بن عبد الرحمن بن يربوع" . وأنا أرجح بما يظهر لي من الترجمتين : أن الراوي هنا غير المترجم في التهذيب ومن المحتمل أن راوي هذا الخبر ابن +الذي في التهذيب . خصوصا وأن ابن أبي حاتم ذكره في ترجمة"ابن الحويرث" راويا عنه . وإن لم يترجم هو ولا البخاري في الكبير ل"سعيد بن عبد الرحمن بن يربوع" .ابن الحويرث : هو جبير بن الحويرث . ترجمه ابن أبي حاتم 1/1/512 وقال : "روى عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه . روى عنه سعيد بن عبد الرحمن بن يربوع" . وكذلك ترجمه ابن عبد البر في الاستيعاب رقم : 317 ثم قال : "في صحبته نظر" . وترجمه ابن الأثير في أسد الغابة 1 : 270 وقال : "وقتل أبوه يوم فتح مكة قتله علي . وهذا يدل على أن لابنه جبير صحبة أو رؤية" . وكذلك رجح صحبته - الحافظ في الإصابة 1 : 235 والتعجيل : 66- 67 . وكلهم ذكر أباه باسم"الحويرث" إلا المصعب الزبيري في نسب قريش ص : 257 فإنه ذكره باسم"الحارث" و"الحويرث" هو الصواب الموافق لما في سيرة ابن هشام ، ص : 819 (طبعة أوربة) وطبقات ابن سعد 1/2/90 .وهذا الخبر رواه الشافعي في الأم 2 : 180 عن سفيان بن عيينة بهذا الإسناد بزيادة في آخره ولكن فيه : "عن أبي الحويرث" وكذلك ثبت في مسنده بترتيب الشيخ عابد السندي 1 : 256 . ووقع في مسند الشافعي المطبوع بهامش الجزء 6 من الأم : "عن جوبير بن حويرث" . وهذا الضطراب يدل على تحريف الاسم في بعض نسخ الأم ومسند الشافعي . خصوصا وأن الحافظ ابن حجر ذكر اسمه في التعجيل على الصواب ولم يذكر فيه خلافا ، لو كان هذا اختلاف رواية مع أنه رمز له برمز الشافعي وحده . ولعل هذا الخطأ كان في بعض نسخ الأم . ومسند الشافعي القديمة وأن هذا حمل البيهقي على أن يروي الخبر من غير طريق الشافعي خلافا لعادته الغالبة .فقد رواه البيهقي 5 : 125 ، من طريق سعدان بن نصر عن سفيان وهو ابن عيينة -بهذا الإسناد . ورواه ابن حزم في المحلى 3 : 215- 216 من طريق محمد بن المثنى عن سفيان به .(87) هذا توجيه الكوفيين انظر المعنى لابن هشام 1 : 191 وغيره .
ثُمَّ اَفِیْضُوْا مِنْ حَیْثُ اَفَاضَ النَّاسُ وَ اسْتَغْفِرُوا اللّٰهَؕ-اِنَّ اللّٰهَ غَفُوْرٌ رَّحِیْمٌ(۱۹۹)
پھر بات یہ ہے کہ اے قریشیو! تم بھی وہیں سے پلٹو جہاں سے لوگ پلٹتے ہیں (ف۳۸۴) اور اللہ سے معافی مانگو، بیشک اللہ بخشنے والا مہربان ہے،
القول في تأويل قوله تعالى : ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُقال أبو جعفر: اختلف أهل التأويل في تأويل ذلك، ومن المعني بالأمر بالإفاضة من حيث أفاض الناس؟ ومن " الناس " الذين أمروا بالإفاضة من موضع إفاضتهم؟فقال بعضهم: المعني بقوله: " ثم أفيضوا "، قريش ومن ولدته قريش، الذين كانوا يسمون في الجاهلية " الحمس "، أمروا في الإسلام أن يفيضوا من عرفات، وهي التي أفاض منها سائر الناس غير الحمس. وذلك أن قريشا ومن ولدته قريش، كانوا يقولون: " لا نخرج من الحرم ". فكانوا لا يشهدون موقف الناس بعرفة معهم، فأمرهم الله بالوقوف معهم.* ذكر من قال ذلك:3831 - حدثنا محمد بن عبد الأعلى، قال: حدثنا محمد بن عبد الرحمن الطفاوي، قال: حدثنا هشام بن عروة، عن أبيه. عن عائشة قالت: كانت قريش ومن كان على دينها -وهم الحمس- يقفون بالمزدلفة يقولون: " نحن قطين الله!"، وكان من سواهم يقفون بعرفة. فأنزل الله: " ثم أفيضوا من حيث أفاض الناس " (88)3832 - حدثنا عبد الوارث بن عبد الصمد بن عبد الوارث، قال: حدثني أبي، قال: حدثنا أبان، قال: حدثنا هشام بن عروة، عن عروة: أنه كتب إلى عبد الملك بن مروان كتبت إلي في قول النبي صلى الله عليه وسلم لرجل من الأنصار: " إني أحمس " (89) وإني لا أدري أقالها النبي أم لا؟ غير أني سمعتها تحدث عنه. والحمس: ملة قريش- وهم مشركون- ومن ولدت قريش في خزاعة وبني كنانة. كانوا لا يدفعون من عرفة، إنما كانوا يدفعون من المزدلفة وهو المشعر الحرام، وكانت بنو عامر حمسا، وذلك أن قريشا ولدتهم، ولهم قيل: " ثم أفيضوا من حيث أفاض الناس "، وأن العرب كلها كانت تفيض من عرفة إلا الحمس، كانوا يدفعون إذا أصبحوا من المزدلفة. (90)3833 - حدثني أحمد بن محمد الطوسي، قال: حدثنا أبو توبة، قال: حدثنا أبو إسحاق الفزاري، عن سفيان، عن حسين بن عبيد الله، عن عكرمة، عن ابن عباس، قال: كانت العرب تقف بعرفة، وكانت قريش تقف دون ذلك بالمزدلفة، فأنزل الله: " ثم أفيضوا من حيث أفاض الناس "، فرفع النبي صلى الله عليه وسلم الموقف إلى موقف العرب بعرفة. (91)3834 - حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا حكام، عن عبد الملك، عن عطاء: " ثم أفيضوا من حيث أفاض الناس " من حيث تفيض جماعة الناس.3835 - حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا الحكم، قال: حدثنا عمرو بن قيس، عن عبد الله بن طلحة، عن مجاهد قال: إذا كان يوم عرفة هبط الله إلى السماء الدنيا في الملائكة، فيقول: هلم إلي عبادي، آمنوا بوعدي وصدقوا رسلي ! فيقول: ما جزاؤهم؟ فيقال: أن تغفر لهم. فذلك قوله: " ثم أفيضوا من حيث أفاض الناس واستغفروا الله إن الله غفور رحيم ".3836 - حدثني محمد بن عمرو، قال: حدثنا أبو عاصم، قال: حدثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح = وحدثني المثنى، قال: حدثنا أبو حذيفة، قال: حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح = عن مجاهد: " ثم أفيضوا من حيث أفاض الناس "، قال: عرفة. قال: كانت قريش تقول نحن: " الحمس أهل الحرم، ولا نخلف الحرم، ونفيض عن المزدلفة "، فأمروا أن يبلغوا عرفة.3837 - حدثنا بشر، قال: حدثنا يزيد، قال: حدثنا سعيد، عن قتادة قوله: " ثم أفيضوا من حيث أفاض الناس " ، قال قتادة: وكانت قريش وكل حليف لهم وبني أخت لهم، لا يفيضون من عرفات، إنما يفيضون من المغمس، ويقولون: " إنما نحن أهل الله، فلا نخرج من حرمه "، فأمرهم الله أن يفيضوا من حيث أفاض الناس من عرفات، وأخبرهم أن سنة إبراهيم وإسمعيل هكذا: الإفاضة من عرفات.3838 - حدثني موسى، قال: حدثنا عمرو، قال: حدثنا أسباط، عن السدي: " ثم أفيضوا من حيث أفاض الناس " ، قال: كانت العرب تقف بعرفات، فتعظم قريش أن تقف معهم، فتقف قريش بالمزدلفة، فأمرهم الله أن يفيضوا مع الناس من عرفات.3839 - حدثت عن عمار، قال: حدثنا ابن أبي جعفر، عن أبيه، عن الربيع قوله: " ثم أفيضوا من حيث أفاض الناس " ، قال: كانت قريش وكل ابن أخت وحليف لهم، لا يفيضون مع الناس من عرفات، يقفون في الحرم ولا يخرجون منه، يقولون: " إنما نحن أهل حرم الله فلا نخرج من حرمه "؛ فأمرهم الله أن يفيضوا من حيث أفاض الناس; وكانت سنة إبراهيم وإسمعيل الإفاضة من عرفات.3840 - حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا سلمة، عن ابن إسحاق، عن عبد الله بن أبي نجيح، قال: كانت قريش - لا أدري قبل الفيل أم بعده - ابتدعت أمر الحمس، رأيا رأوه بينهم، (92) قالوا: نحن بنو إبراهيم وأهل الحرمة وولاة البيت، وقاطنو مكة وساكنوها، (93) فليس لأحد من العرب مثل حقنا ولا مثل منزلنا، ولا تعرف له العرب مثل ما تعرف لنا، فلا تعظموا شيئا من الحل كما تعظمون الحرم، فإنكم إن فعلتم ذلك استخفت العرب بحرمكم " (94) وقالوا: قد عظموا من الحل مثل ما عظموا من الحرم، فتركوا الوقوف على عرفة، والإفاضة منها، وهم يعرفون ويقرون أنها من المشاعر والحج ودين إبراهيم، ويرون لسائر الناس أن يقفوا عليها، وأن يفيضوا منها، إلا أنهم قالوا: نحن أهل الحرم، فليس ينبغي لنا أن نخرج من الحرمة، ولا نعظم غيرها كما نعظمها نحن الحمس - والحمس: أهل الحرم .ثم جعلوا لمن ولدوا من العرب من ساكني الحل مثل الذي لهم بولادتهم إياهم، فيحل لهم ما يحل لهم، ويحرم عليهم ما يحرم عليهم. وكانت كنانة وخزاعة قد دخلوا معهم في ذلك. ثم ابتدعوا في ذلك أمورا لم تكن، حتى قالوا: " لا ينبغي للحمس أن يأقطوا الأقط، ولا يسلئوا السمن وهم حرم، (95) ولا يدخلوا بيتا من شعر، ولا يستظلوا إن استظلوا إلا في بيوت الأدم ما كانوا حراما ". ثم رفعوا في ذلك (96) فقالوا: " لا ينبغي لأهل الحل أن يأكلوا من طعام جاءوا به معهم من الحل في الحرم، (97) إذا جاءوا حجاجا أو عمارا، ولا يطوفون بالبيت إذا قدموا أول طوافهم إلا في ثياب الحمس، فإن لم يجدوا منها شيئا طافوا بالبيت عراة ". فحملوا على ذلك العرب فدانت به، وأخذوا بما شرعوا لهم من ذلك، (98) فكانوا على ذلك حتى بعث الله محمدا صلى الله عليه وسلم، فأنزل الله- حين أحكم له دينه وشرع له حجه: (99) " ثم أفيضوا من حيث أفاض الناس واستغفروا الله إن الله غفور رحيم " - يعني قريشا، و " الناس " العرب- فرفعهم في سنة الحج إلى عرفات، والوقوف عليها، والإفاضة منها. فوضع الله أمر الحمس- وما كانت قريش ابتدعت منه- عن الناس بالإسلام حين بعث الله رسوله. (100)3841 - حدثنا بحر بن نصر، قال: حدثنا ابن وهب، قال: أخبرني ابن أبي الزناد، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة، قال: كانت قريش تقف بقزح، وكان الناس يقفون بعرفة، قال: فأنزله الله: " ثم أفيضوا من حيث أفاض الناس ".* * *وقال آخرون: المخاطبون بقوله: " ثم أفيضوا "، المسلمون كلهم، والمعني بقوله: " من حيث أفاض الناس "، من جمع، وب " الناس "، إبراهيم خليل الرحمن عليه السلام.* ذكر من قال ذلك.3842 - حدثت عن القاسم بن سلام، قال: حدثنا هارون بن معاوية الفزاري، عن أبي بسطام عن الضحاك، قال: هو إبراهيم. (101)قال أبو جعفر: والذي نراه صوابا من تأويل هذه الآية، أنه عنى بهذه الآية قريش ومن كان متحمسا معها من سائر العرب لإجماع الحجة من أهل التأويل على أن ذلك تأويله.وإذ كان ذلك كذلك فتأويل الآية: فمن فرض فيهن الحج، فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج، ثم أفيضوا من حيث أفاض الناس، واستغفروا الله إن الله غفور رحيم، وما تفعلوا من خير يعلمه الله.وهذا، إذ كان ما وصفنا تأويله فهو من المقدم الذي معناه التأخير، والمؤخر الذي معناه التقديم، على نحو ما تقدم بياننا في مثله، (102) ولولا إجماع من وصفت إجماعه على أن ذلك تأويله. لقلت: أولى التأويلين بتأويل الآية ما قاله الضحاك من أن الله عنى بقوله: " من حيث أفاض الناس "، من حيث أفاض إبراهيم. لأن الإفاضة من عرفات لا شك أنها قبل الإفاضة من جمع، وقبل وجوب الذكر عند المشعر الحرام. وإذ كان ذلك لا شك كذلك، وكان الله عز وجل إنما أمر بالإفاضة من الموضع الذي أفاض منه الناس، بعد انقضاء ذكر الإفاضة من عرفات، وبعد أمره بذكره عند المشعر الحرام، ثم قال بعد ذلك: " ثم أفيضوا من حيث أفاض الناس "= كان معلوما بذلك أنه لم يأمر بالإفاضة إلا من الموضع الذي لم يفيضوا منه، دون الموضع الذي قد أفاضوا منه، وكان الموضع الذي قد أفاضوا منه فانقضى وقت الإفاضة منه، لا وجه لأن يقال: " أفض منه ".فإذ كان لا وجه لذلك، وكان غير جائز أن يأمر الله جل وعز بأمر لا معنى له، كانت بينة صحة ما قاله من التأويل في ذلك، وفساد ما خالفه، لولا الإجماع الذي وصفناه، وتظاهر الأخبار بالذي ذكرنا عمن حكينا قوله من أهل التأويل.* * *فإن قال لنا قائل: وكيف يجوز أن يكون ذلك معناه: " والناس " جماعة،" وإبراهيم " صلى الله عليه وسلم واحد، والله تعالى ذكره يقول: " ثم أفيضوا من حيث أفاض الناس " ؟قيل: إن العرب تفعل ذلك كثيرا، فتدل بذكر الجماعة على الواحد. (103) ومن ذلك قول الله عز وجل: الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ [آل عمران: 173] والذي قال ذلك واحد، وهو فيما تظاهرت به الرواية من أهل السير- نعيم بن مسعود الأشجعي، (104) ومنه قول الله عز وجل: يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا [المؤمنون: 51] قيل: عنى بذلك النبي صلى الله عليه وسلم= ونظائر ذلك في كلام العرب أكثر من أن تحصى. (105)* * *القول في تأويل قوله تعالى : وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (199)قال أبو جعفر: يعني بذلك جل ثناؤه: فإذا أفضتم من عرفات منصرفين إلى منى فاذكروا الله عند المشعر الحرام، وادعوه واعبدوه عنده، كما ذكركم بهدايته فوفقكم لما ارتضى لخليله إبراهيم، فهداه له من شريعة دينه، بعد أن كنتم ضلالا عنه.* * *وفي ثُمَّ في قوله: ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ ، من التأويل وجهان:أحدهما ما قاله الضحاك من أن معناه: ثم أفيضوا فانصرفوا راجعين إلى منى من حيث أفاض إبراهيم خليلي من المشعر الحرام، وسلوني المغفرة لذنوبكم، فإني لها غفور، وبكم رحيم. كما:-3843 - حدثني إسماعيل بن سيف العجلي، قال: حدثنا عبد القاهر بن السري السلمي، قال: حدثنا ابن كنانة- ويكنى أبا كنانة-، عن أبيه، عن العباس بن مرداس السلمي، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: دعوت الله يوم عرفة أن يغفر لأمتي ذنوبها، فأجابني أن قد غفرت، إلا ذنوبها بينها وبين خلقي. فأعدت الدعاء يومئذ، فلم أجب بشيء، فلما كان غداة المزدلفة قلت: يا رب، إنك قادر أن تعوض هذا المظلوم من ظلامته، وتغفر لهذا الظالم! فأجابني أن قد غفرت. قال: فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: فقلنا: يا رسول الله، رأيناك تضحك في يوم لم تكن تضحك فيه! قال: " ضحكت من عدو الله إبليس لما سمع بما سمع إذ هو يدعو بالويل والثبور، ويضع التراب على رأسه " (106)3844 - حدثني مسلم بن حاتم الأنصاري، قال: حدثنا بشار بن بكير الحنفي، قالا حدثنا عبد العزيز بن أبي رواد عن نافع، عن ابن عمر، قال: خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم عشية عرفة، فقال: " أيها الناس إن الله تطول عليكم في مقامكم هذا، فقبل محسنكم، وأعطى محسنكم ما سأل، ووهب مسيئكم لمحسنكم، إلا التبعات فيما بينكم، أفيضوا على اسم الله. فلما كان غداة جمع قال: " أيها الناس، إن الله قد تطول عليكم في مقامكم هذا، فقبل من محسنكم، ووهب مسيئكم لمحسنكم، والتبعات بينكم عوضها من عنده أفيضوا على اسم الله. فقال أصحابه: يا رسول الله، أفضت بنا بالأمس كئيبا حزينا، وأفضت بنا اليوم فرحا مسرورا ! قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إني سألت ربي بالأمس شيئا لم يجد لي به، سألته التبعات فأبى علي، فلما كان اليوم أتاني جبريل قال: إن ربك يقرئك السلام ويقول التبعات ضمنت عوضها من عندي". (107)* * *فقد بين هذان الخبران أن غفران الله التبعات التي بين خلقه فيما بينهم، إنما هو غداة جمع، وذلك في الوقت الذي قال جل ثناؤه: " ثم أفيضوا من حيث أفاض الناس واستغفروا الله "، لذنوبكم، فإنه غفور لها حينئذ، تفضلا منه عليكم، رحيم بكم.* * *والآخر منهما: ثُمَّ أَفِيضُوا من عرفة إلى المشعر الحرام، فإذا أفضتم إليه منها فاذكروا الله عنده كما هداكم.------------------------الهوامش :(88) الحديث : 3831 - محمد بن عبد الرحمن الطفاوي بضم الطاء المهملة : ثقة من شيوخ أحمد وابن المديني وغيرهما .والحديث رواه البخاري 8 : 139 (فتح) عن ابن المديني عن محمد بن خازم عن هشام به ، مطولا قليلا . وكذلك رواه مسلم 1 : 348 عن يحيى بن يحيى عن أبي معاوية وهو محمد بن خازم به .القطين اسم جماعة واحدهم قاطن والجمع قطان : وهم سكان الدار المقيمون بها لا يبرحونها وقولهم"نحن قطين الله" فيه محذوف أي : قطين بيت الله وحرمه . ولو حمل على قولهم : القطين هم الخدم لكان معناه : خدم الله والقائمون بأمر بيته ، بلا حاجة إلى تقدير محذوف . وهو جيد أيضًا .(89) انظر الآثار السالفة من رقم : 3077- 3087 ففيها خبر الأنصاري ومقالة رسول الله له .(90) الحديث : 3832 -أبان : هو ابن يزيد العطار وهو ثقة وثقه ابن معين والنسائي وغيرهما .وهذا الحديث بهذا السياق -لم أجده في موضع آخر . ومعناه ثابت في الحديث الذي قبله ، وفي حديث مطول آخر ، رواه البخاري 3 : 411- 413 (فتح) . من طريق علي بن مسهر . ومسلم : 348ن من طريق أبي أسامة- كلاهما عن هشام بن عروة عن أبيه .وانظر أيضًا ما مضى في الطبري : 3077- 3087 .وقول عروة -هنا-"غير أني سمعتها تحدث عنه" : يريد به خالته"عائشة أم المؤمنين" وأنها تحدث ذلك عن رسول اله صلى الله عليه وسلم . وهذا واضح من سياق القول ومن سائر الروايات الأخر . ولعله عبر عنهما بالضمير لسبق ذكرهما في سؤال عبد الملك بن مروان الذي يجيبه بهذا القول .(91) الحديث : 3833 - أحمد بن محمد الطوسي شيخ الطبري : روى عنه في لتاريخ 1 : 8 ، 17 باسم"أحمد بن محمد بن حبيب" . ثم في 1 : 67 باسم"أحمد بن محمد الطوسي" كما هنا . ثم في 1 : 209 باسم"أحمد بن محمد بن حبيب الطوسي" . فتعين أنه هو وهو مترجم لتهذيب وتاريخ بغداد 5 : 108- 109 ، باسم"أحمد بن محمد بن نيزك بن حبيب أبو جعفر يعرف بالطوسي" . وهو من شيوخ لترمذي وذكره ابن حبان في الثقات . و"نيزك" : بكسر النون وفتح الزاي بينهما ياء تحتية ، كما ضبط في التقريب والخلاصة .أبو توبة : هو الربيع بن نافع الحلبي سكن طرسوس وهو ثقة صدوق حجة كما قال أبو حاتم وهو من شيوخه وشيوخ الإمام أحمد وأبي داود وغيرهم .أبو إسحاق الفزاري : هو الحافظ الحجة شيخ الإسلام إراهيم بن محمد بن الحارث بن أسماء بن خارجة بن حصن وهو الثقة المأمون الإمام . شيخه سفيان : هو الثوري .حسين بن عبيد اله : هو حسين بن عبد الله بن عبيد الله بن العباس بن عبد المطلب وهو ضعيف ضعفه ابن معين وابن المديني وأبو حاتم وغيرهم . ولعله نسب هنا إلى جده بل لعل الأصل"بن عبد الله" فحرفها الناسخون . وإنما جزمت بأنه هو : لأنه هو الذي يروي عن عكرمة ويروي عنه الثوري كما في ترجمته عند ابن أبي حاتم 1/2/57 . ثم ما في هذه الطبقة من الرواة من يسمى"حسين بن عبيد الله" . بل ليس في التهذيب ولا في الكبير ولا عند ابن أبي حاتم من يدعي ذلك . نعم هناك رواة بهذا الاسم في لسان الميزان وكلهم متأخرون عن هذه الطبقة .وهذا الحديث لم أجده في غير الطبري ، ولم ينسبه السيوطي 1 : 227 لغيره .(92) في سيرة ابن هشام : "رأيا رأوه وأداروه" .(93) في سيرة ابن هشام : "وقطان مكة وساكنها" .(94) في سيرة ابن هشام : "بحرمتكم" .(95) في سيرة ابن هشام : "أن يأتقطوا" ائتقط الأقط : اتخذه والأقط : شيء يتخذ من اللبن المخيض ، يطبخ ثم يترك حتى يمصل وهو من ألبان الإبل خاصة . وسلأ السمن : طبخه وعالجه فأذاب زبده . والحرم (بضمتين) جمع حرام . رجل حرام : محرم .(96) رفعوا في ذلك : زادوا وغالوا .(97) في سيرة ابن هشام : "من الحل إلى الحرم" .(98) هذه الجملة غير موجودة بنصها في سيرة ابن هشام .(99) في المطبوعة : "حجته" وفي سيرة ابن هشام : "وشرع له سنن حجه" .(100) الأثر : 3840 -في سيرة ابن هشام 1 : 211- 216 وفي السيرة زيادات وقد أثبتنا الاختلاف آنفًا .(101) الخبر : القاسم بن سلام بتشديد اللام : هو أبو عبيد الإمام الحجة صاحب كتاب الأموال وغيره من المؤلفات .مروان بن معاوية الفزاري : مضت ترجمته : 1222 ، 3322 . ووقع في المطبوعة هنا"هارون""مروان" . وهو خطأ واضح . و"مروان الفزاري" من شيوخ القاسم بن سلام كما في ترجمته الممتعة في تاريخ بغداد 12 : 403- 406 .أبو بسطام : هو مقاتل بن حيان النبطي البلخي وهو ثقة بينا ذلك في المسند : 3107 .الضحاك : هو ابن مزاحم الهلالي الخراساني وهو ثقة ما ذكرنا في المسند : 2262 .وهذا الخبر أشار إليه ابن كثير 1 : 469 أنه"حكاه ابن جرير عن الضحاك بن مزاحم فقط" . وهم السيوطي 1 : 227 ، فذكره من رواية الطبري عن ابن عباس؟ ولعله سبق ذهنه لكثرة رواية الضحاك عن ابن عباس؟؟(102) انظر فهرس المباحث العربية في الجزءين السالفين .(103) انظر فهرس المباحث العربية في الجزءين السالفين .(104) انظر الاستيعاب : 301 وابن سعد 2/1/42 وتاريخ الطبري 3 : 41- 42 ولكن الطبري لم يذهب هذا المذهب في تفسير الآية من سورة آل عمران 4 : 118- 121 (بولاق) .(105) سيعود الطبري بعد أسطر فيذكر تتمة تفسير هذا الشطر من الآية .(106) الحديث : 3843 - إسماعيل بن سيف العجلي : لم أستطع التحقق من معرفته . فلم أجد في كتب التراجم إلا"إسماعيل بن سيف أبو إسحاق"- هكذا في الجرح والتعديل لابن أبي حاتم 1/1/176 وأنه سأل أباه عنه ، فقال : "هو مجهول" . وله ترجمة في لسان الميزان 1 : 409- 410 بل ثنتان ورجح الحافظ أنهما لشخص واحد . -فيما يظهر لي- من هذه الطبقة ولكني لا أجزم أنه هو شيخ الطبري هذا .عبد القاهر بن السري السلمي البصري : قال ابن معين : "صالح" وذكره ابن شاهين في الثقات .ابن كنانة : هو عبد الله بن كنانة بن عباس بن مرداس ، كما تبين اسمه من التخريج -فيما يأتي- وكما ذكر في التراجم . وهو مجهول كما في التقريب والخلاصة . والمراد أنه مجهول الحال . وفي التهذيب : "قال البخاري" لم يصح حديثه" . ولم يترجم له ابن أبي حاتم في العبادلة ولا في الأبناء مع أنه ذكره في ترجمة أبيه ، كما سيأتي ولم أجد كنيته" أبا كنانة" إلا في هذا الموضع فستفاد منه .أبوه"كنانة بن العباس" : ترجمه البخاري في الكبير 4/1/236 قال : "كنانة بن عباس بن مرداس عن أبيه . روى عنه ابنه" . وبنحو ذلك ترجمه ابن أبي حاتم 3/2/169 . ولم يذكرا فيه جرحا ولم يسميا ابنه . وبنحو هذا ذكره ابن حبان في الثقات ص : / 317 ولم يسم ابنه أيضًا . ثم ذكره في كتاب المجروحين في الورقة : 192 قال : "كنانة بن العباس بن مرداس السلمي يروي عن أبيه روى عنه ابنه : منكر الحديث جدا فلا أدري : التخليط في حديثه منه ، أو من ابنه؟ أو من أيهما كان فهو ساقط الاحتجاج بما روى لعظم ما أتى من المناكير عن المشاهير"!! هكذا قال ابن حبان مهولا في غير موضع التهويل! فما ذكر العلماء الحفاظ لكنانة غير هذا الحديث الواحد . وما هو بمنكر المعنى وإن كان الإسناد إليه فيه ضعف بجهالة حال عبد الله ابن كنانة . وكنانة هذا قال فيه ابن مندة : "يقال إن لكنانة صحبة" ولذلك ذكره الحافظ في الإصابة 5 : 318 في القسم الثاني ممن لهم رؤية وأشار إلى خطأ ابن حبان بأنه ذكره في الثقات"ثم غفل فذره في الضعفاء" .والحديث رواه عبد الله بن أحمد بن حنبل في زوائد المسند : 16276 (4 : 14- 15 حلبي) عن إبراهيم بن الحجاج الناجي . ورواه ابن ماجه : 3013 عن أيوب بن محمد الهاشمي . ورواه البيهقي 5 : 118 من طريق أبي داود الطيالسي -ثلاثتهم عن عبد القاهر بن السري"حدثنا عبد الله ابن كنانة بن عباس بن مرداس السلمي" - إلخ ، كما في رواية ابن ماجه . وفي روايتي عبد الله بن أحمد والبيهقي : "حدثني ابن كنانة بن العباس بن مرداس" . وكذلك روى أبو داود في السنن : 5234- قطعة منه ، عن عيسى بن إبراهيم البركي ، وعن أبي الوليد الطيالسي كلاهما عن عبد القاهر بن السري . وذكره المنذري في الترغيب والترهيب 2 : 127- 128 من رواية ابن ماجه ثم من رواية البيهقي . ثم نقل عن البيهقي أنه قال : "وهذا الحديث له شواهد كثيرة ، وقد ذكرناها في كتاب البعث . فإن صح بشواهده ففيه الحجة . وإن لم يصح ، فقد قال الله تعالى : (ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء) . وظلم بعضهم بعضا دون الشرك . انتهى" . وذكره السيوطي 1 : 230 ونسبه أيضًا للطبراني . والضياء المقدسي في المختارة .(107) الحديث : 3844 - مسلم بن حاتم أبو حاتم الأنصاري : ثقة من شيوخ أبي داود والترمذي وثقه الترمذي والطبراني .بشار بن بكير الحنفي : لم أجد له ترجمة بعد طول البحث والتتبع ، حتى لقد ظننته محرفا لولا أن وجدته مذكورا أيضًا في إسناد هذا الحديث في الحلية لأبي نعيم .عبد العزيز بن أبي رواد المكي : ثقة معروف بالورع والصلاح والعبادة . ومن تكلم فيه من أجل رأيه فلا حجة له .والحديث رواه أبو نعيم في الحلية 8 : 199 بإسنادين : من طريق أبي هشام عبد الرحيم بن هارون الغساني ومن طريق بشار بن بكير الحنفي -كلاهما عن عبد العزيز بن أبي رواد . ثم قال : "السياق لبشار بن بكير وحديث أبي هاشم فيه اختصار . . . غريب تفرد به عبد العزيز عن نافع ولم يتابع عليه" .وذكر المنذري في الترغيب والترهيب 2 : 127 نحو معناه من حديث عبادة بن الصامت ثم قال : "رواه الطبراني في الكبير ورواته محتج بهم في الصحيح إلا أن فيهم رجلا لم يسم" . وكذلك ذكره الهيثمي في الزوائد 3 : 256- 257 . ثم ذكر كلاهما بعده حديثا بنحوه لأنس بن مالك ونسباه لأبي يعلى . وقال الهيثمي : "وفيه صالح المري وهو ضعيف" وكذلك ذكرهما السيوطي 1 : 230 دون بيان تعليلهما .
فَاِذَا قَضَیْتُمْ مَّنَاسِكَكُمْ فَاذْكُرُوا اللّٰهَ كَذِكْرِكُمْ اٰبَآءَكُمْ اَوْ اَشَدَّ ذِكْرًاؕ-فَمِنَ النَّاسِ مَنْ یَّقُوْلُ رَبَّنَاۤ اٰتِنَا فِی الدُّنْیَا وَ مَا لَهٗ فِی الْاٰخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ(۲۰۰)
پھر جب اپنے حج کے کام پورے کرچکو (ف۳۸۵) تو اللہ کا ذکر کرو جیسے اپنے باپ دادا کا ذکر کرتے تھے (ف۳۸۶) بلکہ اس سے زیادہ اور کوئی آدمی یوں کہتا ہے کہ اے رب ہمارے ہمیں دنیا میں دے اور آخرت میں اس کا کچھ حصہ نہیں،
القول في تأويل قوله تعالى : فَإِذَا قَضَيْتُمْ مَنَاسِكَكُمْ فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَذِكْرِكُمْ آبَاءَكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْرًاقال أبو جعفر: يعني بقول جل ثناؤه: " فإذا قضيتم مناسككم "، فإذا فرَغتم من حَجكم فذبحتم نَسائككم، فاذكروا الله (108)* * *يقال منه: " نسك الرجل يَنسُك نُسْكًا ونُسُكًا ونسيكة ومَنْسَكًا "، إذا ذبح نُسُكه، و " المنسِك " اسم مثل " المشرق والمغرب "، فأما " النُّسْك " في الدين، فإنه يقال منه: " ما كان الرجل نَاسكًا، ولقد نَسَك، ونَسُك نُسْكًا نُسُكًا ونَساكة "، (109) وذلك إذا تقرَّأ. (110)* * *وبمثل الذي قلنا في معنى " المناسك " في هذا الموضع قال مجاهد:3845 - حدثني محمد بن عمرو، قال: حدثنا أبو عاصم، عن عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: " فإذا قَضَيتم مَناسككم "، قال: إهراقة الدماء. (111)3846 - حدثني المثنى، قال: حدثنا أبو حذيفة، قال: حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، مثله.* * *وأما قوله: " فاذكروا الله كذكركم آباءكم أو أشدَّ ذكرًا "، فإنّ أهل التأويل اختلفوا في صفة " ذكر القوم آباءهم "، الذين أمرَهم الله أن يجعلوا ذكرهم إياه كذكرهم آباءَهم أو أشد ذكرًا.فقال بعضهم: كان القوم في جاهليتهم بعد فراغهم من حجهم ومناسكهم يجتمعون فيتفاخرون بمآثر آبائهم، فأمرهم الله في الإسلام أن يكون ذكرُهم بالثناء والشكر والتعظيم لربهم دون غيره، وأن يُلزموا أنفسهم من الإكثار من ذكره، نظيرَ ما كانوا ألزموا أنفسهم في جاهليتهم من ذكر آبائهم.* ذكر من قال ذلك:3847 - حدثنا تميم بن المنتصر، قال: حدثنا إسحاق بن يوسف، عن القاسم بن عثمان، عن أنس في هذه الآية، قال: كانوا يذكرون آباءهم في الحج، فيقول بعضهم: كان أبي يطعم الطعام، ويقول بعضهم: كان أبي يضرب بالسيف! ويقول بعضهم: كان أبي جزَّ نواصي بني فلان!.3848 - حدثني محمد بن بشار، قال: حدثنا عبد الرحمن، قال: حدثنا سفيان. عن عبد العزيز، عن مجاهد قال: كانوا يقولون: كان آباؤنا ينحرون الجُزُر، ويفعلون كذا! فنزلت هذه الآية: " اذكروا الله كذكركم آباءكم أو أشد ذكرًا ":3849 - حدثنا ابن بشار، قال: حدثنا عبد الرحمن، قال: حدثنا سفيان، عن عاصم، عن أبي وائل: " فاذكروا الله كذكركم آباءكم أو أشد ذكرًا "، قال: كان أهل الجاهلية يذكرون فَعَال آبائهم.3850 - حدثنا أبو كريب، قال: سمعت أبا بكر بن عياش، قال: كان أهل الجاهلية إذا فَرغوا من الحج قاموا عند البيت فيذكرون آباءَهم وأيامهم: كان أبي يُطعم الطعام! وكان أبي يفعل! فذلك قوله: " فاذكروا الله كذكركم آباءكم "= قال أبو كريب: قلت ليحيى بن آدم: عمن هو؟ قال: حدثنا أبو بكر بن عياش، عن عاصم، عن أبي وائل.3851 - حدثني يعقوب بن إبراهيم، قال: حدثنا هشيم، قال: أخبرني حجاج عمن حدثه، عن مجاهد في قوله: " اذكروا الله كذكركم آباءكم "، قال: كانوا إذا قَضَوا مناسكهم وقفوا عند الجَمرة فذكروا آباءهم، وذكروا أيامهم في الجاهلية وفَعال آبائهم، فنزلت هذه الآية.3852 - حدثني يعقوب، قال: حدثنا هشيم، عن عبد الملك، عن قيس، عن مجاهد في قوله: " فاذكروا الله كذكركم آباءكم " قال: كانوا إذا قضوا مناسكهم وَقفوا عند الجمرة، وذكروا أيامهم في الجاهلية وفعال آبائهم. قال: فنزلت هذه الآية.3853 - حدثني محمد بن عمرو، قال: حدثنا أبو عاصم، عن عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: " فإذا قَضيتم مناسككم فاذكروا الله كذكركم آباءكم "، قال: تفاخرت العرب بَينها بفعل آبائها يوم النحر حين فَرَغوا فأمروا بذكر الله مكانَ ذلك.3854 - حدثنا المثنى، قال: حدثنا أبو حذيفة، قال: حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، نحوه.3855 - حدثنا بشر بن معاذ، قال: حدثنا يزيد، قال: حدثنا سعيد، عن قتادة: " فإذا قضيتم مناسككم فاذكروا الله كذكركم آباءكم " قال قتادة: كان أهل الجاهلية إذا قضوا مناسكهم بمنىً قعدوا حِلَقًا فذكروا صنيعَ آبائهم في الجاهلية وفَعالَهم به، يخطب خطيبهم ويُحدِّث محدثهم، فأمر الله عز وجل المسلمين أن يذكروا الله كذكر أهل الجاهلية آباءهم أو أشد ذكرًا.3856 - حدثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر، عن قتادة في قوله: " فاذكروا الله كذكركم آباءكم أو أشد ذكرا " قال: كانوا إذا قضوا مناسكهم اجتمعوا فافتخروا، وذكروا آباءهم وأيامها، فأمروا أن يجعلوا مكان ذلك ذكرَ الله، يذكرونه كذكرهم آبائهم، أو أشد ذكرًا.3857 - حدثنا أبو كريب، قال: حدثنا وكيع، عن سفيان، عن خصيف، عن سعيد بن جبير وعكرمة قالا كانوا يذكرون فعل آبائهم في الجاهلية إذا وَقفوا بعرفة، فنزلت هذه الآية.3858 - حدثنا القاسم، قال: حدثني حجاج، قال: قال ابن جريج: أخبرني عبد الله بن كثير أنه سمع مجاهدًا يقول ذلك يومَ النحر، حين ينحرون. قال: قال " فاذكروا الله كذكركم آبائكم " قال: كانت العرب يوم النحر حين يفرُغون يَتفاخرون بفَعَال آبائها، فأمروا بذكر الله عز وجل مكانَ ذلك:* * *وقال آخرون: بل معنى ذلك: فاذكروا الله كذكر الأبناءِ والصِّبيانِ الآباءَ.* ذكر من قال ذلك:3859 - حدثنا محمد بن المثنى، قال: حدثنا محمد بن جعفر، قال: حدثنا شعبة، عن عثمان بن أبي رواد، عن عطاء أنه قال في هذه الآية: " كذكركم آباءَكم " قال: هو قول الصبيّ: يا أباه!.3860 - حدثني المثنى، قال: حدثنا إسحاق، قال: حدثنا زهير، عن جويبر، عن الضحاك: " فاذكروا الله كذكركم آباءكم " يعني بالذكر، ذكر الأبناء الآباء.3861 - حدثنا القاسم، قال: حدثنا الحسين، قال: حدثني حجاج، عن ابن جريج، قال: قال لي عطاء: " كذكركم آباءكم " : أبَهْ ! أمَّهْ !.3862 - حدثنا القاسم، قال: حدثنا الحسين، قال: حدثنا صالح بن عمر، عن عبد الملك، عن عطاء، قال: كالصبي، يَلهج بأبيه وأمه.3863 - حدثت عن عمار، قال: حدثنا ابن أبي جعفر، عن أبيه، عن الربيع قوله: " فإذا قضيتم مناسككم فاذكروا الله كذكركم آباءكم أو أشدّ ذكرًا "، يقول: كذكر الأبناء الآباءَ أو أشد ذكرًا.3864 - حدثني محمد بن سعد، قال: حدثني أبي، قال: حدثني عمي، قال: حدثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس قوله: " فإذا قضيتم مناسككم فاذكروا الله كذكركم آباءكم أو أشد ذكرًا "، يقول: كما يذكر الأبناء الآباء.3865 - حدثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذ يقول: أخبرنا عُبيد، قال: سمعت الضحاك يقول في قوله: " كذكركم آباءكم " يعني ذكر الأبناء الآباء.* * *وقال آخرون: بل قيل لهم: " اذكروا الله كذكركم آباءكم "، لأنهم كانوا إذا قضوا مناسكهم فدعوا ربَّهم، لم يذكروا غير آبائهم، فأمروا من ذكر الله بنظير ذكر آباءهم.* ذكر من قال ذلك:3866 - حدثني موسى بن هارون، قال: حدثنا عمرو بن حماد، قال: حدثنا أسباط، عن السدي: " فإذا قَضيتم مناسككم فاذكروا الله كذكركم آباءكم أو أشد ذكرًا "، قال: كانت العرب إذا قَضت مناسكها، وأقاموا بمنى، يقومُ الرجل فيسأل الله ويقول: " اللهم إن أبي كان عظيم الجفنة عَظيم القبة، كثير المال، فأعطني مثل ما أعطيتَ أبي!!"، ليس يذكر الله، إنما يذكر آباءه، ويسأل أن يُعطى في الدنيا.* * *قال أبو جعفر: والصواب من القول عندي في تأويل ذلك أن يقال: إن الله جل ثناؤه أمرَ عباده المؤمنين بذكره بالطاعة له في الخضوع لأمره والعبادة له، بعد قَضاء مَناسكهم. وذلك " الذكر " جائز أن يكون هو التكبير الذي أمرَ به جل ثناؤه بقوله: وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ [ سورة البقرة :203 ] الذي أوجبه على من قضى نُسكه بعد قضائه نُسكه، فألزمه حينئذ مِنْ ذِكْره ما لم يكن له لازمًا قبل ذلك، وحثَّ على المحافظة عليه مُحافظة الأبناء على ذكر الآباء في الآثار منه بالاستكانة له والتضرع إليه بالرغبة منهم إليه في حوائجهم كتضرُّع الولد لوالده، والصبي لأمه وأبيه، أو أشد من ذلك، إذ كان ما كان بهم وبآبائهم من نعمة فمنه، وهو وليه.وإنما قلنا: " الذكر " الذي أمر الله جل ثناؤه به الحاجَّ بعد قضاء مَناسكه بقوله: " فإذا قضيتم مناسككم فاذكروا الله كذكركم آباءكم أو أشد ذكرًا ": " جائزٌ أن يكون هو التكبير الذي وَصفنا "، من أجل أنه لا ذكر لله أمرَ العباد به بعد قَضاء مَناسكهم لم يكن عليهم من فرضه قبل قضائهم مناسكهم، سوى التكبير الذي خصَّ الله به أيام منى.فإذ كان ذلك كذلك، وكان معلومًا أنه جل ثناؤه قد أوجبَ على خلقه بعد قَضائهم مناسكهم من ذكره ما لم يكن واجبًا عليهم قبل ذلك، وكان لا شيء من ذكره خَصّ به ذلك الوقت سوى التكبير الذي ذكرناه= كانت بَيِّنةً صحةُ ما قلنا من تأويل ذلك على ما وصفنا.* * *القول في تأويل قوله تعالى : فَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا وَمَا لَهُ فِي الآخِرَةِ مِنْ خَلاقٍ (200)قال أبو جعفر: يعني بذلك جل ثناؤه: فإذا قَضيتم مناسككم أيها المؤمنون فاذكروا الله كذكركم آباءكم أو أشد ذكرًا، وارغبوا إليه فيما لديه من خير الدنيا والآخرة بابتهال وتمسكن، واجعلوا أعمالكم لوجهه خالصًا ولطلب مرضاته، وقولوا: رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ ، ولا تكونوا كمن اشترى الحياةَ الدنيا بالآخرة، فكانت أعمالهم للدنيا وزينتها، فلا يسألون ربهم إلا متاعها، ولا حظَّ لهم في ثواب الله، ولا نصيبَ لهم في جناته وكريم ما أعدَّ لأوليائه، كما قال في ذلك أهل التأويل.3867 - حدثنا ابن بشار، قال: حدثنا عبد الرحمن بن مهدي، قال: حدثنا سفيان، عن عاصم، عن أبي وائل: " فمن الناس من يقول ربَّنا آتنا في الدنيا "، هب لنا غنمًا! هب لنا إبلا !" وَمَا لَهُ فِي الآخِرَةِ مِنْ خَلاقٍ".3868 - حدثنا أحمد بن إسحاق، قال: حدثنا أبو أحمد، قال: حدثنا سفيان، عن عاصم، عن أبي وائل، قال: كانوا في الجاهلية يقولون: " هبْ لنا إبلا!"، ثم ذكر مثله.3869 - حدثنا أبو كريب، قال: سمعت أبا بكر بن عياش في قوله: " فمن الناس من يقول ربنا آتنا في الدنيا ومَا له في الآخرة من خَلاق "، قال: كانوا = يَعني أهلَ الجاهلية = يقفون - يعني بعد قضاء مناسكهم - فيقولون: " اللهم ارزقنا إبلا! اللهم ارزقنا غنمًا!"، فأنزل الله هذه الآية: " فمن الناس من يقول ربّنا آتنا في الدنيا وما له في الآخرة من خلاق " = قال أبو كريب: قلت ليحيى بن آدم: عمن هو؟ قال: حدثنا أبو بكر بن عياش، عن عاصم، عن أبي وائل.3870 - حدثنا تميم بن المنتصر، قال: أخبرنا إسحاق، عن القاسم بن عثمان، عن أنس: " فمن الناس من يقول رَبنا آتنا في الدنيا وما له في الآخرة من خلاق "، قال: كانوا يطوفون بالبيت عُراة فيدعون فيقولون: " اللهم اسقنا المطر، وأعطنا على عدونا الظفر، ورُدَّنا صَالحين إلى صالحين!".3871 - حدثني محمد بن عمرو، قال: حدثنا أبو عاصم، عن عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد في قول الله تبارك وتعالى: " فمن الناس من يقول ربنا آتنا في الدنيا " نَصرًا ورزقًا، ولا يسألون لآخرتهم شيئًا.3872 - حدثني المثنى، قال: حدثنا أبو حذيفة، قال: حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، مثله.3873 - حدثنا بشر، قال: حدثنا يزيد، قال: حدثنا سعيد، عن قتادة في قول الله: " فمن الناس من يقول ربنا آتنا في الدنيا وما له في الآخرة من خلاق "، فهذا عبدٌ نَوَى الدنيا، لها عملَ، ولها نَصِب.3874 - حدثنا موسى، قال: حدثنا عمرو، قال: حدثنا أسباط، عن السدي في قوله: " فمن الناس من يقول رَبنا آتنا في الدنيا وما له في الآخرة من خلاق "، قال: كانت العرب إذا قضت مناسكها وأقامت بمنى لا يذكر اللهَ الرجلُ منهم، وإنما يذكر أباه، ويسأل أن يُعطَي في الدنيا.3875 - حدثني يونس، قال: حدثنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد في قوله: فَإِذَا قَضَيْتُمْ مَنَاسِكَكُمْ فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَذِكْرِكُمْ آبَاءَكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْرًا ، قال كانوا أصنافًا ثلاثة في تلك المواطن يومئذ: رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأهلُ الكفر، وأهلُ النفاق. فمن الناس من يقول: " ربنا آتنا في الدنيا وما له في الآخرة من خَلاق " إنما حجوا للدنيا والمسألة، لا يريدون الآخرة، ولا يؤمنون بها= ومنهم من يقول: رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً ، الآية= قال: والصنف الثالث: وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا الآية.وأما معنى " الخلاق " فقد بيناه في غير هذا الموضع، وذكرنا اختلافَ المختلفين في تأويله والصحيحَ لدينا من معناه بالشواهد من الأدلة وأنه النصيب، بما فيه كفاية عن إعادته في هذا الموضع. (112)-------------------الهوامش:(108) انظر تفسير"قضى" فيما سلف 2 : 542 ، 543 .(109) انظر تفسير"نسك" فيما سلف من 3 : 75- 80/ ثم هذا الجزء وفي النسك الذي هو الذبح . مصادر لم تذكر في كتب اللغة .(110) تقرأ الرجل : تفقه وتنسك فهو قارئ ومتقرى وقراء (بضم القاف وتشديد الراء) .(111) "إهراقة" مصدر هراق الدم يهريقه ، هراقة وإهراقة وهو سفحه وصبه .(112) انظر ما سلف 2 : 452- 454 .
- English | Ahmed Ali
- Urdu | Ahmed Raza Khan
- Turkish | Ali-Bulaç
- German | Bubenheim Elyas
- Chinese | Chineese
- Spanish | Cortes
- Dutch | Dutch
- Portuguese | El-Hayek
- English | English
- Urdu | Fateh Muhammad Jalandhry
- French | French
- Hausa | Hausa
- Indonesian | Indonesian-Bahasa
- Italian | Italian
- Korean | Korean
- Malay | Malay
- Russian | Russian
- Tamil | Tamil
- Thai | Thai
- Farsi | مکارم شیرازی
- العربية | التفسير الميسر
- العربية | تفسير الجلالين
- العربية | تفسير السعدي
- العربية | تفسير ابن كثير
- العربية | تفسير الوسيط لطنطاوي
- العربية | تفسير البغوي
- العربية | تفسير القرطبي
- العربية | تفسير الطبري
- English | Arberry
- English | Yusuf Ali
- Dutch | Keyzer
- Dutch | Leemhuis
- Dutch | Siregar
- Urdu | Sirat ul Jinan