READ
Surah al-Baqarah
اَلْبَقَرَة
286 Ayaat مدنیۃ
وَ اٰمِنُوْا بِمَاۤ اَنْزَلْتُ مُصَدِّقًا لِّمَا مَعَكُمْ وَ لَا تَكُوْنُوْۤا اَوَّلَ كَافِرٍۭ بِهٖ۪-وَ لَا تَشْتَرُوْا بِاٰیٰتِیْ ثَمَنًا قَلِیْلًا٘-وَّ اِیَّایَ فَاتَّقُوْنِ(۴۱)
اور ایمان لاؤ اس پر جو میں نے اتارا اس کی تصدیق کرتا ہوا جو تمہارے ساتھ ہے اور سب سے پہلے اس کے منکر نہ بنو (ف۷۳) اور میری آیتوں کے بدلے تھوڑے دام نہ لو (ف۷۴) اور مجھی سے ڈرو -
القول في تأويل قوله تعالى: وَآمِنُوا بِمَا أَنْزَلْتُ مُصَدِّقًا لِمَا مَعَكُمْقال أبو جعفر: يعني بقوله جل ثناؤه: "آمنوا "، صدِّقوا، كما قد قدمنا البيان عنه قبل. (37) ويعني بقوله: " بما أنزلت " ما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم من القرآن. ويعني بقوله: " مصدِّقًا لما معكم "، أن القرآن مصدِّق لما مع اليهود من بني إسرائيل من التوراة. فأمرهم بالتصديق بالقرآن، وأخبرهم جل ثناؤه أن في تصديقهم بالقرآن تصديقًا منهم للتوراة، لأن الذي في القرآن من الأمر بالإقرار بنبوة محمد صلى الله عليه وسلم وتصديقه واتباعه، نظيرُ الذي من ذلك في التوراة والإنجيل ففي تصديقهم بما أنزل على محمد تصديقٌ منهم لما معهم من التوراة، وفي تكذيبهم به تكذيبٌ منهم لما معهم من التوراة.وقوله: " مصدقًا "، قطع من الهاء المتروكة في" أنزلته " من ذكر " ما " (38) . ومعنى الكلام وآمنوا بالذي أنزلته مصدقًا لما معكم أيها اليهود، والذي معهم: هو التوراة والإنجيل. كما:-814- حدثنا به محمد بن عمرو الباهلي، قال: حدثنا أبو عاصم، قال: حدثنا عيسى بن ميمون، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، في قول الله: " وآمنوا بما أنزلت مصدقًا لما معكم "، يقول: إنما أنزلت القرآن مصدقًا لما معكم التوراة والإنجيل. (39) .815- وحدثني المثنى، قال: حدثنا أبو حذيفة، قال: حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، مثله.816- وحدثني المثنى، قال: حدثنا آدم، قال: أخبرنا أبو جعفر، عن الربيع، عن أبي العالية: " وآمنوا بما أنزلت مصدِّقًا لما معكم "، يقول: يا معشر أهل الكتاب، آمنوا بما أنزلت على محمّد مصدقًا لما معكم. يقول: لأنهم يجدون محمّدًا صلى الله عليه وسلم مكتوبًا عندهم في التوراة والإنجيل. (40) .* * *القول في تأويل قوله تعالى: وَلا تَكُونُوا أَوَّلَ كَافِرٍ بِهِقال أبو جعفر: فإن قال لنا قائل: كيف قِيل: " ولا تكونوا أول كافر به "، والخطاب فيه لجميع (41) ، وقوله: " كافر " واحد؟ وهل نجيز -إن كان ذلك جائزًا- أن يقول قائل: " ولا تكونوا أول رجُل قام "؟قيل له: إنما يجوز توحيد ما أضيف له " أفعل "، وهو خبر لجميع (42) إذا كان اسمًا مشتقًّا من " فعل ويفعل "، لأنه يؤدِّي عن المرادِ معه المحذوفَ من الكلام وهو " مَنْ"، ويقوم مقامه في الأداء عن معنى ما كان يؤدي عنه " مَنْ" من الجمع والتأنيث، وهو في لفظ واحد. ألا ترى أنك تقول: ولا تكونوا أوَّلَ من يكفر به." فمن " بمعنى جميع (43) ، وهو غير متصرف تصرفَ الأسماء للتثنية والجمع والتأنيث. فإذا أقيم الاسمُ المشتق من " فعل ويفعل " مُقَامه، جرى وهو موحّد مجراه في الأداء عما كان يؤدي عنه " مَنْ" من معنى الجمع والتأنيث، كقولك: " الجيش مُنهزم "،" والجند مقبلٌ" (44) ، فتوحِّد الفعلَ لتوحيد لفظ الجيش والجند. وغير جائز أن يقال: " الجيش رجل، والجند غلام "، حتى تقول: " الجند غلمان والجيش رجال ". لأن الواحد من عدد الأسماء التي هي غير مشتقة من " فعل ويفعل "، لا يؤدّي عن معنى الجماعة منهم، ومن ذلك قول الشاعر:وَإِذَا هُمُ طَعِمُوا فَأَلأَمُ طَاعِمٍوَإِذَا هُمُ جَاعُوا فَشَرُّ جِيَاعِ (45)فوحّد مَرّةً على ما وصفتُ من نية " مَنْ"، وإقامة الظاهر من الاسم الذي هو مشتق من " فعل ويفعل " مقامه، وجمع أخرى على الإخراج على عدد أسماء المخبر عنهم، ولو وحَّد حيث جَمع، أو جمع حيث وحَّد، كان صوابًا جائزًا (46) .وأما تأويل ذلك (47) فإنه يعني به: يا معشر أحبار أهل الكتاب، صدِّقوا بما أنزلتُ على رسولي محمد صلى الله عليه وسلم من القرآن المصدِّق كتابَكم، والذي عندكم من التوراة والإنجيل، المعهود إليكم فيهما أنه رسولي ونبيِّيَ المبعوثُ بالحق، ولا تكونوا أوَّل أمّتكُمْ كذَّبَ به (48) وَجحد أنه من عندي، وعندكم من العلم به ما ليس عند غيركم.وكفرهم به: جُحودهم أنه من عند الله (49) . والهاء التي في" به " من ذكر " ما " التي مع قوله: وَآمِنُوا بِمَا أَنْزَلْتُ . كما:-817- حدثني القاسم، قال: حدثنا الحسين، قال: حدثنا حجاج، قال قال ابن جريج في قوله: " ولا تكونوا أوّل كافر به "، بالقرآن. (50)قال أبو جعفر: وروى عن أبي العالية في ذلك ما:-818- حدثني به المثنى، قال: حدثنا آدم، قال: حدثنا أبو جعفر، عن الربيع، عن أبي العالية: " ولا تكونوا أول كافر به "، يقول: لا تكونوا أول من كفر بمحمد صلى الله عليه وسلم. (51) .وقال بعضهم: " ولا تكونوا أول كافر به "، يعني: بكتابكم. ويتأول أنّ في تكذيبهم بمحمد صلى الله عليه وسلم تكذيبًا منهم بكتابهم، لأن في كتابهم الأمرَ باتباع محمد صلى الله عليه وسلم.وهذان القولان من ظاهر ما تدلّ عليه التلاوة بعيدانِ. وذلك أن الله جل ثناؤه أمر المخاطبين بهذه الآية في أولها بالإيمان بما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم، فقال جل ذكره: وَآمِنُوا بِمَا أَنْزَلْتُ مُصَدِّقًا لِمَا مَعَكُمْ . ومعقول أن الذي أنزله الله في عصر محمد صلى الله عليه وسلم هو القرآن لا محمد، لأن محمدًا صلوات الله عليه رسولٌ مرسل، لا تنزيلٌ مُنْزَل، والمنْزَل هو الكتاب. ثم نهاهم أن يكونوا أوَّل من يكفر بالذي أمرهم بالإيمان به في أول الآية (52) ، ولم يجر لمحمد صلى الله عليه وسلم في هذه الآية ذكرٌ ظاهر، فيعاد عليه بذكره مكنيًّا في قوله: " ولا تكونوا أول كافر به " - وإن كان غير محال في الكلام أن يُذْكر مكنيُّ اسمٍ لم يَجْرِ له ذكرٌ ظاهر في الكلام (53) .وكذلك لا معنى لقول من زعم أنّ العائد من الذكر في" به " على " ما " التي في قوله: لِمَا مَعَكُمْ . لأن ذلك، وإن كان محتمَلا ظاهرَ الكلام (54) ، فإنه بعيدٌ مما يدل عليه ظاهر التلاوة والتنزيل، لما وصفنا قبل من أن المأمور بالإيمان به في أول الآية هو القرآن. فكذلك الواجب أن يكون المنهيُّ عن الكفر به في آخرها هو القرآن (55) . وأما أن يكون المأمور بالإيمان به غيرَ المنهيّ عن الكفر به، في كلام واحد وآية واحدة، فذلك غير الأشهر الأظهر في الكلام. هذا مع بُعْد معناه في التأويل. (56) .819- حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا سلمة، عن ابن إسحاق، عن محمد بن أبي محمد مولى زيد بن ثابت، عن عكرمة، أو عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس: " وآمنوا بما أنزلت مصدقًا لما معكم ولا تكونوا أول كافر به "، وعندكم فيه من العلم ما ليس عند غيركم (57) .* * *القول في تأويل قوله تعالى ذكره: وَلا تَشْتَرُوا بِآيَاتِي ثَمَنًا قَلِيلاقال أبو جعفر: اختلف أهل التأويل في تأويل ذلك:820- فحدثني المثنى بن إبراهيم قال: حدثنا آدم، قال: حدثنا أبو جعفر، عن الربيع، عن أبي العالية: " ولا تشترُوا بآياتي ثمنًا قليلا "، يقول: لا تأخذوا عليه أجرًا. قال: هو مكتوب عندهم في الكتاب الأول: يا ابنَ آدم، عَلِّمْ مَجَّانًا كما عُلِّمتَ مَجَّانًا (58) .وقال آخرون بما:-821 - حدثني به موسى بن هارون، قال: حدثنا عمرو بن حماد، قال: حدثنا أسباط، عن السدي: " ولا تشتروا بآياتي ثمنًا قليلا "، يقول: لا تأخذوا طمَعًا قليلا وتكتُموا اسمَ الله، وذلك الثمن هو الطمع (59) .فتأويل الآية إذًا: لا تبيعوا ما آتيتكم من العلم بكتابي وآياته بثمن خسيسٍ وعَرضٍ من الدنيا قليل. وبيعُهم إياه - تركهم إبانةَ ما في كتابهم من أمر محمد صلى الله عليه وسلم للناس، وأنه مكتوب فيه أنه النبيّ الأميّ الذي يجدونه مكتوبًا عندهم في التوراة والإنجيل - بثمن قليل، وهو رضاهم بالرياسة على أتباعهم من أهل ملتهم ودينهم، وأخذهم الأجرَ ممَّن بيّنوا له ذلك على ما بيّنوا له منه.وإنما قلنا بمعنى ذلك: " لا تبيعوا " (60) ، لأن مشتري الثمن القليل بآيات الله بائعٌ الآياتِ بالثمن، فكل واحد من الثمَّن والمثمَّن مبيع لصاحبه، وصاحبه به مشتري: وإنما معنى ذلك على ما تأوله أبو العالية (61) ، بينوا للناس أمر محمّد صلى الله عليه وسلم، ولا تبتغوا عليه منهم أجرًا. فيكون حينئذ نهيُه عن أخذ الأجر على تبيينه، هو النهيَ عن شراء الثمن القليل بآياته.* * *القول في تأويل قوله تعالى ذكره: وَإِيَّايَ فَاتَّقُونِقال أبو جعفر: يقول: فاتقونِ - في بَيعكم آياتي بالخسيس من الثمن، وشرائكم بها القليل من العَرَض، وكفركم بما أنزلت على رسولي وجحودكم نبوة نبيِّي - أنْ أُحِلّ بكم ما أحللتُ بأسلافكم الذين سلكوا سبيلكم من المَثُلات والنَّقِمَات.------------الهوامش :(37) انظر ما مضى : 234 ، 235 .(38) قوله"قطع" ، أي حال . وانظر ما سلف ص 230 : تعليق : 4 ، وص 330 تعليق : 1 .(39) الأثر : 814- في ابن كثير 1 : 150 تضمينًا ، والدر المنثور 1 : 264 ، والشوكاني 1 : 61 .(40) الأثر : 815- في ابن كثير 1 : 150 ، والدر المنثور 1 : 64 ، والشوكاني 1 : 61 .(41) في المطبوعة في المواضع الثلاثة : "لجمع . . . لجمع . . . جمع" .(42) في المطبوعة في المواضع الثلاثة : "لجمع . . . لجمع . . . جمع" .(43) في المطبوعة في المواضع الثلاثة : "لجمع . . . لجمع . . . جمع" .(44) في المطبوعة . "الجيش ينهزم ، والجند يقبل" ، وهو خطأ صرف .(45) نوادر أبي زيد : 152 ، لرجل جاهلي ، ومعاني القرآن للفراء 1 : 33 ، وهي ثلاثة أبيات نوادر ، وقبله :ومُوَيْلكٌ زمَعُ الكِلابِ يَسُبُّنِيفَسَماعِ أسْتَاهَ الكلابِ سَمَاعِهَلْ غير عَدْوِكُمُ عَلَى جَارَاتكُمْلبُطُونِكُمْ مَلَثَ الظَّلامِ دَوَاعِيوقوله : "طعموا" أي شبعوا ، فهم عندئذ ألأم من شبع . وفي الحديث : "طعام الواحد يكفي الاثنين وطعام الاثنين يكفي الأربعة" ، يعني شبع . الواحد قوت الاثنين ، وشبع الاثنين قوت الأربعة .(46) انظر مثل ما قال الطبري في معاني القرآن للفراء 1 : 32-33 .(47) في المطبوعة : "فأما . . . " بالفاء .(48) في المطبوعة : "أول من كذب به" ، والذي أثبتناه هو صواب بيان الطبري .(49) في المخطوطة : "وكفرهم به وجحودهم . . . " وهو خطأ .(50) الأثر : 817- في الدر المنثور 1 : 64 ، والشوكاني 1 : 61 .(51) الأثر : 818- في ابن كثير 1 : 150 ، والدر المنثور 1 : 64 ، والشوكاني 1 : 61 .(52) في المطبوعة زيادة بين هاتين الجملتين ، وهي مقحمة مفسدة للكلام نابية في السياق . ونصها" . . . في أول الآية من أهل الكتاب ، فذلك هو الظاهر المفهوم . ولم يجر لمحمد . . . " .(53) بيان الطبري جيد محكم ، وإن ظن بعض من نقل كلامه أن كلا القولين صحيح ، لأنهما متلازمان . لأن من كفر بالقرآن فقد كفر بمحمد صلى الله عليه وسلم ، ومن كفر بمحمد صلى الله عليه وسلم فقد كفر بالقرآن (ابن كثير 1 : 150) . ونعم ، كلا القولين صحيح المعنى في ذاته ، ولكن الطبري يحدد دلالة الألفاظ والضمائر في الآية ، ويعين ما يحتمله ظاهر التلاوة والتنزيل ، ويخلص معنى من معنى ، وإن كان كلاهما صحيحًا في العقل ، صحيحًا في الحكم ، صحيحًا في الدين . وما أكثر ما يتساهل الناس إذا تقاربت المعاني ، ولا يخلص معنى من معنى إلا بصير بالعربية كأبي جعفر رضي الله عنه .(54) في المطبوعة : "محتمل ظاهر الكلام" .(55) في المخطوطة : " . . . أن الأمر بالإيمان به في أول الآية . . . أن يكون النهي عن الكفر به في آخرها . . . " ، والذي في المطبوعة أجود وأبين .(56) وهذا أيضًا من جيد البصر؛ بمنطق العربية ، وإن ظنه بعضهم قريبًا من قريب .(57) الخبر : 819- من تمام الأخبار السالفة الأرقام 805 ، 811 ، في الدر المنثور 1 : 63 .(58) الأثر : 820- من تمام الأثر السالف رقم : 818 ومراجعه هناك . وفي ابن كثير 1 : 151 . والمجان : عطية الشيء بلا منة ولا ثمن . قال أبو العباس : سمعت ابن الأعرابي يقول : المجان عند العرب الباطل ، وقالوا : "ماء مجان" . قال الأزهري : العرب تقول : تمر"مجان" ، وماء"مجان" ، يريدون أنه كثير كاف . قال : واستطعمني أعرابي تمرًا فأطعمته كتلة واعتذرت إليه من قلته ، فقال : هذا والله"مجان" . أي كثير كاف . وقولهم : أخذه مجانًا : أي بلا بدل ، وهو فعال لأنه ينصرف (اللسان : مجن) .(59) الأثر : 821- في ابن كير 1 : 151 . وفي المطبوعة وابن كثير : "فذلك الطمع هو الثمن" ، وأثبت ما في المخطوطة ، فهو أجود .(60) في المطبوعة : "وإنما قلنا معنى ذلك . . . " .(61) في المطبوعة : "وإنما معناه على ما تأوله . . . " .
وَ لَا تَلْبِسُوا الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَ تَكْتُمُوا الْحَقَّ وَ اَنْتُمْ تَعْلَمُوْنَ(۴۲)
اور حق سے باطل کو نہ ملاؤ اور دیدہ و دانستہ حق نہ چھپاؤ -
القول في تأويل قوله تعالى: وَلا تَلْبِسُوا الْحَقَّ بِالْبَاطِلِقال أبو جعفر: يعني بقوله: " ولا تلبسُوا "، لا تخلطوا. واللَّبْس هو الخلط. يقال منه: لَبَست عليه هذا الأمر ألبِسُه لبسًا: إذا خلطته عليه (62) . كما:-822 - حُدِّثت عن المنجاب، عن بشر بن عمارة، عن أبي روق، عن الضحاك، عن ابن عباس في قوله: وَلَلَبَسْنَا عَلَيْهِمْ مَا يَلْبِسُونَ [سورة الأنعام: 9] يقول: لخلطنا عليهم ما يخلطون (63) .ومنه قول العجاج:لَمَّا لَبَسْنَ الْحَقَّ بِالتَّجَنِّيغَنِينَ وَاسْتَبْدَلْنَ زَيْدًا مِنِّي (64)يعني بقوله: " لبسن "، خلطن. وأما اللُّبس فإنه يقال منه: لبِسْته ألبَسُه لُبْسًا ومَلْبَسًا، وذلك الكسوةُ يكتسيها فيلبسها (65) . ومن اللُّبس قول الأخطل:لَقَدْ لَبِسْتُ لِهَذَا الدَّهْرِ أَعْصُرَهُحَتَّى تَجَلَّلَ رَأْسِي الشَّيْبُ واشْتَعَلا (66)ومن اللبس قول الله جل ثناؤه: وَلَلَبَسْنَا عَلَيْهِمْ مَا يَلْبِسُونَ . [سورة الأنعام: 9]* * *فإن قال لنا قائل (67) وكيف كانوا يلبِسون الحق بالباطل وهم كفّار؟ وأيُّ حق كانوا عليه مع كفرهم بالله؟قيل: إنه كان فيهم منافقون منهم يظهرون التصديق بمحمد صلى الله عليه وسلم ويستبطنون الكفر به. وكان عُظْمُهم يقولون (68) : محمد نبيٌّ مبعوث، إلا أنه &; 1-568 &; مبعوث إلى غيرنا. فكان لَبْسُ المنافق منهم الحقَّ بالباطل، إظهارَه الحقّ بلسانه، وإقرارَه بمحمد صلى الله عليه وسلم وبما جاء به جهارًا (69) ، وخلطه ذلك الظاهر من الحق بما يستبطنه (70) . وكان لَبْسُ المقرّ منهم بأنه مبعوث إلى غيرهم، الجاحدُ أنه مبعوث إليهم، إقرارَه بأنه مبعوث إلى غيرهم، وهو الحق، وجحودَه أنه مبعوث إليهم، وهو الباطل، وقد بَعثه الله إلى الخلق كافة. فذلك خلطهم الحق بالباطل ولَبْسهم إياه به. كما:-823 - حدثنا به أبو كريب، قال: حدثنا عثمان بن سعيد، قال: حدثنا بشر بن عمارة، عن أبي روق، عن الضحاك، عن ابن عباس، قوله: " ولا تلبِسُوا الحق بالباطل "، قال: لا تخلطوا الصدق بالكذب (71) .824 - وحدثني المثنى، قال: حدثنا آدم، قال: حدثنا أبو جعفر، عن الربيع، عن أبي العالية: " ولا تلبِسُوا الحقّ بالباطل "، يقول: لا تخلطوا الحق بالباطل، وأدُّوا النصيحةَ لعباد الله في أمر محمد صلى الله عليه وسلم (72) .825 - وحدثنا القاسم، قال: حدثنا الحسين، قال: حدثني حجاج، قال: قال ابن جريج، قال مجاهد: " ولا تلبسوا الحق بالباطل "، اليهوديةَ والنصرانية بالإسلام (73) .826 - وحدثني يونس بن عبد الأعلى، قال: أخبرنا ابن وهب، قال قال ابن زيد في قوله: " ولا تلبِسُوا الحقّ بالباطل "، قال: الحقّ، التوراةُ الذي أنزل الله على موسى، والباطلُ: الذي كتبوه بأيديهم (74) .* * *القول في تأويل قوله تعالى ذكره: وَتَكْتُمُوا الْحَقَّ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ (42)قال أبو جعفر: وفي قوله: " وتكتموا الحق "، وجهان من التأويل:أحدُهما: أن يكون الله جل ثناؤه نهاهم عن أن يكتموا الحق، كما نهاهم أن يلبسوا الحق بالباطل. فيكون تأويل ذلك حينئذ: ولا تلبسوا الحق بالباطل ولا تكتموا الحق. ويكون قوله: " وتكتموا " عند ذلك مجزومًا بما جُزِم به تَلْبِسُوا ، عطفًا عليه.والوجه الآخر منهما: أن يكون النهي من الله جل ثناؤه لهم عن أن يلبسوا الحق بالباطل، ويكون قوله: " وتكتموا الحق " خبرًا منه عنهم بكتمانهم الحق الذي يعلمونه، فيكون قوله: " وتكتموا " حينئذ منصوبًا لانصرافه عن معنى قوله: وَلا تَلْبِسُوا الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ ، إذ كان قوله: وَلا تَلْبِسُوا نهيًا، وقوله " وتكتموا الحق " خبرًا معطوفًا عليه، غيرَ جائز أن يعاد عليه ما عمل في قوله: تَلْبِسُوا من الحرف الجازم. وذلك هو المعنى الذي يسميه النحويون صَرْفًا (75) . ونظيرُ ذلك في المعنى والإعراب قول الشاعر:لا تَنْهَ عَنْ خُلُقٍ وَتَأْتِيَ مِثْلَهُعَارٌ عَلَيْكَ إَِذَا فَعَلْتَ عَظِيمُ (76)فنصب " تأتي" على التأويل الذي قلنا في قوله: " وتكتموا " (77) ، لأنه لم يرد: لا تنه عن خُلق ولا تأت مثله، وإنما معناه: لا تنه عن خلق وأنت تأتي مثله، فكان الأول نهيًا، والثاني خبرًا، فنصبَ الخبر إذ عطفه على غير شكله.فأما الوجه الأول من هذين الوجهين اللذين ذكرنا أن الآية تحتملهما، فهو على مذهب ابن عباس الذي:-827 - حدثنا به أبو كريب، قال: حدثنا عثمان بن سعيد، قال: حدثنا بشر بن عمارة، عن أبي روق، عن الضحاك، عن ابن عباس، قوله: " وتكتموا الحق "، يقول: ولا تكتموا الحق وأنتم تعلمون.828 - وحدثنا ابن حميد، قال: حدثنا سلمة بن الفضل، عن ابن إسحاق، عن محمد بن أبي محمد، عن عكرمة أو عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس: " وتكتموا الحق "، أي ولا تكتموا الحق. (78) .وأما الوجه الثاني منهما، فهو على مذهب أبي العالية ومجاهد.829 - حدثني المثنى بن إبراهيم، قال: حدثنا آدم، قال: حدثنا أبو جعفر، عن الربيع، عن أبي العالية: " وتكتموا الحق وأنتم تعلمون "، قال: كتموا بعث محمد صلى الله عليه وسلم (79) .830 - وحدثنا محمد بن عمرو، قال: حدثنا أبو عاصم، عن عيسى بن ميمون، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد نحوه.831 - وحدثني المثنى، قال: حدثنا أبو حذيفة، قال: حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد نحوه.وأما تأويل الحق الذي كتموه وهم يعلمونه، فهو ما:-832 - حدثنا به ابن حميد، قال: حدثنا سلمة، عن ابن إسحاق، عن محمد بن أبي محمد مولى زيد بن ثابت، عن عكرمة، أو عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس: " وتكتموا الحق "، يقول: لا تكتموا ما عندكم من المعرفة برسولي وما جاء به، وأنتم تجدونه عندكم فيما تعلمون من الكتب التي بأيديكم. (80)833 - وحدثنا أبو كريب، قال: حدثنا عثمان بن سعيد، قال: حدثنا بشر بن عمارة، عن أبي روق، عن الضحاك، عن ابن عباس: " وتكتموا الحق "، يقول: إنكم قد علمتم أن محمدًا رسول الله، فنهاهم عن ذلك. (81)834 - وحدثني محمد بن عمرو قال: حدثنا أبو عاصم، قال: حدثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، في قول الله: " وتكتموا الحق وأنتم تعلمون "، قال: يكتم أهل الكتاب محمدًا صلى الله عليه وسلم، وهم يجدونه مكتوبًا عندهم في التوراة والإنجيل (82) .835 - وحدثني المثنى بن إبراهيم، قال: حدثنا أبو حذيفة، قال: حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، مثله.836 - وحدثني موسى بن هارون، قال: حدثنا عمرو بن حماد، قال: حدثنا أسباط، عن السدي: " وتكتموا الحقَّ وأنتم تعلمون "، قال: الحقُّ هو محمد صلى الله عليه وسلم (83) .837 - وحدثني المثنى، قال: حدثنا آدم، قال: حدثنا أبو جعفر، عن الربيع، عن أبي العالية: " وتكتموا الحق وأنتم تعلمون "، قال: كتَموا بعثَ محمد صلى الله عليه وسلم، وهم يجدونه مكتوبًا عندهم (84) .838 - وحدثنا القاسم، قال: حدثنا الحسين، قال: حدثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد: تكتمون محمدًا وأنتم تعلمون، وأنتم تجدونه عندكم في التوراة والإنجيل (85) .فتأويل الآية إذًا: ولا تخلطوا على الناس - أيها الأحبار من أهل الكتاب - في أمر محمد صلى الله عليه وسلم وما جاء به من عند ربه، وتزعموا أنه مبعوثٌ إلى بعض أجناس الأمم دون بعض، أو تنافقوا في أمره، وقد علمتم أنه مبعوث إلى جميعكم وجميع الأمم غيركم، فتخلطوا بذلك الصدق بالكذب، وتكتموا به ما تجدونه في كتابكم من نعته وصفته، وأنه رسولي إلى الناس كافة، وأنتم تعلمون أنه رسولي، وأن ما جاء به إليكم فمن عندي، وتعرفون أن من عهدي - الذي أخذت عليكم في كتابكم - الإيمانَ به وبما جاء به والتصديقَ به.---------الهوامش :(62) في المطبوعة : "لبست عليهم الأمر . . . خلطته عليهم" .(63) الخبر : 822- لم أجده في مكان ، ولم يذكره الطبري في مكانه من تفسير هذه الآية في سورة الأنعام (7 : 98 بولاق) .(64) ديوانه : 65 . غني عن الشيء واستغنى : اطرحه ورمى به من عينه ولم يلتفت إليه .(65) في المطبوعة : "وذلك في الكسوة . . . " ، بالزيادة .(66) ديوانه : 142 ، وفيه"وقد لبست" . وأعصر جمع عصر : وهو الدهر والزمان . وعني هنا اختلاف الأيام حلوها ومرها ، فجمع . ولبس له أعصره : عاش وقاسى خيره وشره . وتجلل الشيب رأسه : علاه .(67) في المطبوعة : "إن قال . . . " .(68) في المطبوعة : "وكان أعظمهم . . . " ، وهو تحريف قد مضى مثله مرارًا . وعظم الشيء : معظمه وأكثره .(69) في المطبوعة : "وإقراره لمحمد . . . " .(70) في المطبوعة : "بالباطل الذي يستبطنه" .(71) الخبر : 823- في ابن كثير 1 : 152 ، والدر المنثور 1 : 64 ، والشوكاني 1 : 62 .(72) الأثر : 824- في ابن كثير 1 : 152 .(73) الأثر : 825- لم أجده عن مجاهد ، ومثله عن قتادة في ابن كثير 1 : 152 ، والدر المنثور 1 : 64 .(74) الأثر : 826- في الدر المنثور 1 : 64 ، والشوكاني 1 : 62 .(75) ذكر هذا الفراء في كتابه معاني القرآن 1 : 33-34 ، ثم قال : "فإن قلت : وما الصرف؟ قلت : أن تأتي بالواو معطوفًا على كلام في أوله حادثه لا تستقيم إعادتها على ما عطف عليها ، فإذا كان كذلك فهو الصرف ، كقول الشاعر : . . . " وأنشد البيت وقال : "ألا ترى أنه لا يجوز إعادة"لا" في"تأتي مثله" ، فلذلك سمى صرفًا ، إذ كان معطوفًا ، ولم يستقم أن يعاد فيه الحادث الذي قبله" .(76) هذا من الأبيات التي رويت في عدة قصائد . كما قال صاحب الخزانة 3 : 617 . نسبه سيبويه 1 : 424 للأخطل ، وهو في قصيدة للمتوكل الليثي ، ونسب لسابق البربري ، وللطرماح ، ولأبي الأسود الدؤلي قصيدة ساقها صاحب الخزانة (3 : 618) ، وليست في ديوانه الذي نشره الأستاذ محمد حسن آل ياسين في (نفائس المخطوطات) طبع مطبعة المعارف ببغداد سنة 1373ه (1954م) ، وهذا الديوان من نسخة بخط أبي الفتح عثمان بن جنى . ولم يلحقها الأستاذ الناشر بأشتات شعر أبي الأسود التي جمعها .(77) في المطبوعة : "وتكتموا ، الآية ، لأنه . . . " ، وهو خطأ في قراءة ما في المخطوطة وهو : "وتكتموا إلا أنه لم يرد" .(78) الخبران : 827 ، 828- لم أجدهما بنصهما في مكان ، وثانيهما في ضمن خبر ابن عباس الذي سلف تخريجه رقم : 819 ، وفي ابن كثير 1 : 152 ، والدر المنثور 1 : 63 .(79) الأثر : 829- لم أجده في مكان .(80) الخبر : 832- في ابن كثير 1 : 152 ، والدر المنثور 1 : 63 ، والشوكاني 1 : 61 .(81) الخبر : 833- في الدر المنثور 1 : 64 ، والشوكاني 1 : 62 ، إلا قوله : "فنهاهم عن ذلك" وفي المطبوعة" . . . رسول الله صلى الله عليه وسلم" .(82) الأثر : 834- في ابن كثير 1 : 152 تضمينًا .(83) الأثر : 836- في ابن كثير 1 : 152 تضمينًا ، وفي الدر المنثور 1 : 64 ، والشوكاني 1 : 62 .(84) الأثر : 837- لم أجده في مكان .(85) الأثر : 838- لم أجده بنصه في مكان . وفي المطبوعة : "تكتمون محمدًا . . . " .
وَ اَقِیْمُوا الصَّلٰوةَ وَ اٰتُوا الزَّكٰوةَ وَ ارْكَعُوْا مَعَ الرّٰكِعِیْنَ(۴۳)
اور نماز قائم رکھو اور زکوٰة دو اور رکوع کرنے والوں کے ساتھ رکوع کرو- (ف۷۵)
القول في تأويل قوله تعالى: وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ (43)قال أبو جعفر: ذُكِر أن أحبارَ اليهود والمنافقين كانوا يأمرون الناس بإقام الصلاة وإيتاء الزكاة ولا يفعلونه، فأمرهم الله بإقام الصلاة مع المسلمين المصدِّقين بمحمد وبما جاء به، وإيتاء زكاة أموالهم معهم، وأن يخضعوا لله ولرسوله كما خضعوا.839 - كما حُدِّثت عن عمار بن الحسن، قال: حدّثنا ابن أبي جعفر، عن أبيه، عن قتادة، في قوله: " وأقيموا الصلاةَ وآتُوا الزكاة "، قال: فريضتان واجبتان، فأدُّوهما إلى الله (86) .وقد بينا معنى إقامة الصلاة فيما مضى من كتابنا هذا، فكرهنا إعادته (87) .أما إيتاءُ الزكاة، فهو أداء الصدقة المفروضة. وأصل الزَّكاة، نماءُ المال وتثميرُه وزيادتُه. ومن ذلك قيل: زكا الزرع، إذا كثر ما أخرج الله منه. وزَكتِ النَّفقة، إذا كثرتْ. وقيل زكا الفَرْدُ، إذا صارَ زَوْجًا بزيادة الزائد عليه حتى صار به شفْعًا، كما قال الشاعر:كَانُوا خَسًا أو زَكًا مِنْ دُونِ أَرْبَعَةٍلَمْ يُخْلَقُوا, وَجُدُودُ النَّاسِ تَعْتَلجُ (88)وقال آخر:فَلا خَسًا عَدِيدُهُ وَلا زَكاكَمَا شِرَارُ الْبَقْلِ أَطْرَافُ السَّفَا (89)قال أبو جعفر: السفا شوك البُهْمَى، والبُهْمى الذي يكون مُدَوَّرًا في السُّلاء (90) .يعني بقوله: " ولا زكا "، لم يُصَيِّرْهم شَفعًا من وَترٍ، بحدوثه فيهم (91) .وإنما قيل للزكاة زكاة، وهي مالٌ يخرجُ من مال، لتثمير الله - بإخراجها مما أخرجت منه - ما بقي عند ربِّ المال من ماله. وقد يحتمل أن تكون سُمِّيت زكاة، لأنها تطهيرٌ لما بقي من مال الرجل، وتخليص له من أن تكون فيه مَظْلمة لأهل السُّهْمان (92) ، كما قال جل ثناؤه مخبرًا عن نبيه موسى صلوات الله عليه: أَقَتَلْتَ نَفْسًا زَكِيَّةً [سورة الكهف: 74]، يعني بريئة من الذنوب طاهرة. وكما يقال للرجل: هو عدل زَكِيٌّ - لذلك المعنى (93) . وهذا الوجه أعجب إليّ - في تأويل زكاة المال - من الوجه الأوّل، وإن كان الأوّل مقبولا في تأويلها.وإيتاؤها: إعطاؤُها أهلها.وأما تأويل الرُّكوع، فهو الخضوع لله بالطاعة. يقال منه: ركع فلانٌ لكذا وكذا، إذا خضع له، ومنه قول الشاعر:بِيعَتْ بِكَسْرٍ لَئِيمٍ وَاسْتَغَاثَ بِهَامِنَ الْهُزَالِ أَبُوهَا بَعْدَ مَا رَكَعَا (94)يعني: بعد مَا خضَع من شِدَّة الجهْد والحاجة.قال أبو جعفر: وهذا أمرٌ من الله جل ثناؤه - لمن ذكر من أحبار بني إسرائيل ومنافقيها - بالإنابة والتوبة إليه، وبإقام الصلاة وإيتاء الزكاة، والدخولِ مع المسلمين في الإسلام، والخضوع له بالطاعة؛ ونهيٌ منه لهم عن كتمان ما قد علموه من نبوة محمد صلى الله عليه وسلم، بعد تظاهر حججه عليهم، بما قد وصفنا قبل فيما مضى من كتابنا هذا، وبعد الإعذار إليهم والإنذارِ، وبعد تذكيرهم نعمه إليهم وإلى أسلافهم تعطُّفًا منه بذلك عليهم، وإبلاغًا في المعذرة (95) .--------------الهوامش :(86) الأثر : 839- لم أجده في مكان .(87) انظر ما مضى ص : 241-242 .(88) اللسان (خسا) ، وفيه : "الفراء : العرب تقول للزوج زكا ، وللفرد خسا . . . قال ، وأنشدتني الدبيرية . . . " وأنشد البيت . وتعتلج : تصطرع ويمارس بعضها بعضا .(89) لرجل من بني سعد ، ثم أحد بني الحارث في عمرو بن كعب بن سعد . وهذا الرجز في خبر للأغلب العجلي ، (طبقات فحول الشعراء : 572 / ومعجم الشعراء : 490 / والأغاني 18 : 164) ورواية الطبقات والأغاني : "كما شرار الرعى" . والرعى (بكسر فسكون) : الكلأ نفسه ، والمرعى أيضًا . والسفا : شوط البهمي والسنبل وكل شيء له شوك . يقول : أنت في قومك كالسفا في البهمي ، هو شرها وأخبثها . والبيت الأول زيادة ليست في المراجع المذكورة .(90) البهمي : من أحرار البقول ، (وهي ما رق منها ورطب وأكل غير مطبوخ) ، تنبت كما ينبت الحب ، ثم يبلغ بها النبت إلى أن تصير مثل الحب ، ترتفع قدر الشبر ، ونباتها ألطف من نبات البر ، وطعمها طعم الشعير ، ويخرج لها إذا يبست شوك مثل شوك السنبل ، (وهو السفا) ، وإذا وقع في أنوف الإبل أنفت منه ، حتى ينزعه الناس من أفواهها وأنوفها . وفي المطبوعة : "في السلى" بتشديد الياء ، وفي المخطوطة"في السلى" بضم السين وتشديد اللام . والصواب ما أثبته ، والسلاء جمع سلاءة ، وهي شوكة النخلة ، وأراد بها سفا البهمي أي شوكها .(91) قوله : "بحدوثه فيهم" ، أي بوجوده في هؤلاء القوم . والعديد (في الرجز) ، من قولهم فلان عديد بني فلان : أي يعد فيهم وليس منهم : يريد أنه إذا دخل في قوم لم يعد فيهم شيئًا ، فإذا كانوا شفعًا ، لم يصيرهم دخوله وترًا ، وإذا كانوا وترًا لم يصيرهم شفعًا ، فهو كلا شيء في العدد . يهجوه ويستسقطه .(92) السهمان جمع سهم ، كالسهام : وهو النصيب والحظ .(93) في المطبوعة : "بذلك المعنى" وليست بشيء .(94) هذا البيت من أبيات لعصام بن عبيد الزماني (من بني زمان بن مالك بن صعب بن علي بن بكر بن وائل) رواها أبو تمام في الوحشيات رقم 130 (مخطوطة عندي) ، ورواها الجاحظ في الحيوان 4 : 281 ، وجاء فيه : "قال الزيادي" وهو تحريف وتصحيف كما ترى . وهذه الأبيات من مناقضة كانت بين الزماني ويحيى بن أبي حفصة . وذلك أن يحيى تزوج بنت طلبة بن قيس بن عاصم المنقري فهاجاه عصام الزماني وقال :أَرَى حَجْرًا تغيَّر واقشعرَّاوبُدِّل بعد حُلْو العيش مُرًّافأجابه يحيى بأبيات منها :ألا مَنْ مُبلغٌ عنِّى عِصَامًابأَنِّي سَوْفَ أَنْقُضُ مَا أَمرَّاهكذا روى المرزباني في معجم الشعراء : 270 ، وروى أبو الفرج في أغانيه 10 : 75 أن يحيى خطب إلى مقاتل بن طلبة المنقري ابنته وأختيه ، فأنعم له بذلك . فبعث يحيى إلى بنيه سليمان وعمر وجميل ، فأتوه فزوجهن بنيه الثلاثة ، ودخلوا بهن ثم حملوهن إلى حجر ، (وهو مكان) .وأبيات عصام الزماني ، ونقيضتها التي ناقضه بها يحيى ، من جيد الشعر ، فاقرأها في الوحشيات ، والحيوان ، والشعر والشعراء : 740 ، ورواية الحيوان والوحشيات"بِيعَتْ بوَكْسٍ قَليلٍ واسْتَقَلَّ بِهَا"الوكس : اتضاع الثمن في البيع . وفي المخطوطة والمطبوعة"بكسر لئيم" ، وهو تحريف لا معنى له ، وأظن الصواب ما أثبت اجتهادًا . والكسر : أخس القليل . وقوله : "بيعت" الضمير لابنة مقاتل بن طلبة المنقري التي تزوجها يحيى أو أحد بنيه . يقول : باعها أبوها بثمن بخس دنئ خسيس ، فزوجها مستغيثًا ببيعها مما نزل به من الجهد والفاقة ، فزوجها هذا الغنى اللئيم الدنيء ، ليستعين بمهرها .(95) في المطبوعة : "وإبلاغا إليهم . . . " بالزيادة .
اَتَاْمُرُوْنَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَ تَنْسَوْنَ اَنْفُسَكُمْ وَ اَنْتُمْ تَتْلُوْنَ الْكِتٰبَؕ-اَفَلَا تَعْقِلُوْنَ(۴۴)
کیا لوگوں کو بھلائی کا حکم دیتے ہو اور اپنی جانوں کو بھولتے ہو حالانکہ تم کتاب پڑھتے ہو تو کیا تمہیں عقل نہیں -(ف۷۶)
القول في تأويل قوله تعالى : أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْقال أبو جعفر: اختلف أهل التأويل في معنى البر الذي كان المخاطبون بهذه الآية يأمرون الناس به وينسون أنفسهم, بعد إجماع جميعهم على أن كل طاعة لله فهي تسمى " برا ". فروي عن ابن عباس ما:-840- حدثنا به ابن حميد, قال: حدثنا سلمة, عن ابن إسحاق, عن محمد بن أبي محمد, عن عكرمة, أو عن سعيد بن جبير, عن ابن عباس: ( أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلا تَعْقِلُونَ ) أي تنهون الناس عن الكفر بما عندكم من النبوة والعهدة من التوراة, وتتركون أنفسكم: (96) أي وأنتم تكفرون بما فيها من عهدي إليكم في تصديق رسولي, وتنقضون ميثاقي, وتجحدون ما تعلمون من كتابي.841- وحدثنا أبو كريب, قال: حدثنا عثمان بن سعيد, قال: حدثنا بشر بن عمارة, عن أبي روق, عن الضحاك, عن ابن عباس في قوله: (أتأمرون الناس بالبر) يقول: أتأمرون الناس بالدخول في دين محمد صلى الله عليه وسلم, وغير ذلك مما أمرتم به من إقام الصلاة، وتنسون أنفسكم .* * *وقال آخرون بما:-842- حدثني به موسى بن هارون, قال: حدثني عمرو بن حماد, قال: حدثنا أسباط, عن السدي: (أتأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم) قال: كانوا يأمرون الناس بطاعة الله وبتقواه وهم يعصونه.843- وحدثنا الحسن بن يحيى قال: أخبرنا عبد الرزاق, قال: أخبرنا معمر، عن قتادة، في قوله: (أتأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم) قال: كان بنو إسرائيل يأمرون الناس بطاعة الله وبتقواه وبالبر ويخالفون, فعيرهم الله.844- وحدثنا القاسم, قال: حدثنا الحسين, قال: حدثنا الحجاج, قال: قال ابن جريج: (أتأمرون الناس بالبر) أهل الكتاب والمنافقون كانوا يأمرون الناس بالصوم والصلاة, ويدعون العمل بما يأمرون به الناس, فعيرهم الله بذلك, فمن أمر بخير فليكن أشد الناس فيه مسارعة.* * *وقال آخرون بما:-845- حدثني به يونس بن عبد الأعلى, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد: هؤلاء اليهود كان إذا جاء الرجل يسألهم ما ليس فيه حق ولا رشوة ولا شيء, أمروه بالحق. فقال الله لهم: (أتأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم وأنتم تتلون الكتاب أفلا تعقلون) (97)846- وحدثني علي بن الحسن, قال: حدثنا مسلم الجَرْمي, قال: حدثنا مخلد بن الحسين, عن أيوب السختياني, عن أبي قلابة، في قول الله: (أتأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم وأنتم تتلون الكتاب) قال: قال أبو الدرداء: لا يفقه الرجل كل الفقه حتى يمقت الناس في ذات الله، ثم يرجع إلى نفسه فيكون لها أشد مقتا. (98)* * *قال أبو جعفر: وجميع الذي قال في تأويل هذه الآية من ذكرنا قوله متقارب المعنى; لأنهم وإن اختلفوا في صفة " البر " الذي كان القوم يأمرون به غيرهم، الذين وصفهم الله بما وصفهم به, فهم متفقون في أنهم كانوا يأمرون الناس بما لله فيه رضا من القول أو العمل, ويخالفون ما أمروهم به من ذلك إلى غيره بأفعالهم.فالتأويل الذي يدل على صحته ظاهر التلاوة إذا: أتأمرون الناس بطاعة الله وتتركون أنفسكم تعصيه؟ فهلا تأمرونها بما تأمرون به الناس من طاعة ربكم؟ معيرهم بذلك، ومقبحا إليهم ما أتوا به. (99)* * *ومعنى " نسيانهم أنفسهم " في هذا الموضع نظير النسيان الذي قال جل ثناؤه: نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ [التوبة: 67] بمعنى: تركوا طاعة الله فتركهم الله من ثوابه.* * *القول في تأويل قوله تعالى وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَقال أبو جعفر: يعني بقوله: (تتلون) : تدرسون وتقرءون. كما:-847- حدثنا أبو كريب, قال: حدثنا عثمان بن سعيد, قال: حدثنا بشر, عن أبي روق, عن الضحاك عن ابن عباس: (وأنتم تتلون الكتاب)، يقول: تدرسون الكتاب بذلك. ويعني بالكتاب: التوراة. (100)* * *القول في تأويل قوله تعالى أَفَلا تَعْقِلُونَ (44)قال أبو جعفر: يعني بقوله: (أفلا تعقلون) (101) أفلا تفقهون وتفهمون قبح ما تأتون من معصيتكم ربكم التي تأمرون الناس بخلافها وتنهونهم عن ركوبها وأنتم راكبوها, وأنتم تعلمون أن الذي عليكم من حق الله وطاعته، واتباع محمد والإيمان به وبما جاء به، (102) مثل الذي على من تأمرونه باتباعه. كما:848- حدثنا به محمد بن العلاء, قال: حدثنا عثمان بن سعيد, قال: حدثنا بشر بن عمارة, عن أبي روق عن الضحاك, عن ابن عباس: (أفلا تعقلون) يقول: أفلا تفهمون؟ فنهاهم عن هذا الخلق القبيح. (103)* * *قال أبو جعفر: وهذا يدل على صحة ما قلنا من أمر أحبار يهود بني إسرائيل غيرهم باتباع محمد صلى الله عليه وسلم, وأنهم كانوا يقولون: هو مبعوث إلى غيرنا! كما ذكرنا قبل. (104)------------الهوامش :(96) في المطبوعة ، وفي المراجع : "والعهد من التوراة" . والعهد والعهدة واحد .(97) الأثر : 845 - في ابن كثير 1 : 154 ، وفيه"إذا جاء الرجل سألهم عن الشيء ليس فيه . . . " وفي المخطوطة : "يسألهم ليس فيه" .(98) الخبر : 846 - نقله ابن كثير 1 : 154 عن هذا الموضع . وذكره السيوطي 1 : 64 ، ونسبه أيضًا لعبد الرزاق ، وابن أبي شيبة ، والبيهقي في الأسماء والصفات ، وقلده الشوكاني 1 : 65 . وقد رواه البيهقي ص : 210 ، من طريق عبد الرزاق ، عن معمر ، عن أيوب ، به نحوه . و"مسلم الجرمي" : وقع في ابن كثير في هذا الموضع"أسلم" ، وهو خطأ مطيعي . ووقع فيه وفي نسخ الطبري"الحرمي" ، بالحاء . وقد رجحنا في ترجمته - فيما مضى : 154 أنه بالجيم . وذكرنا مصادر ترجمته هناك ، ونزيد هنا أنه ترجمه ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل 4 / 1 /188 ، ووصفه بأنه"من الغزاة" . وشيخه"مخلد بن الحسين" - بفتح الميم واللام بينهما خاء معجمة ساكنة : ثقة معروف ، قال ابن سعد : "كان ثقة فاضلا" وقال أبو داود : "كان أعقل أهل زمانه" . وأبو قلابة : هو عبد الله ابن زيد الجرمي ، أحد الأعلام من ثقات التابعين ، وأرى أن روايته عن أبي الدرداء مرسلة ، فإن أبا الدرداء مات سنة 32 ، وأبو قلابة متأخر الوفاة ، مات سنة 104 ، وقيل : 107 .(99) في المطبوعة : "ومقبحا إليهم" .(100) الخبر : 847 - في الدر المنثور 1 : 64 ، وتتمته في الخبر الآتي إلا قوله : "ويعني بالكتاب التوراة" وأخشى أن تكون من كلام الطبري .(101) في المخطوطة : "يعني بذلك أفلا تفقهون" . . .(102) في المطبوعة : "في اتباع محمد . . . " .(103) الخبر : 848 - من تتمة الأثر السالف . وفي المطبوعة : "فنهاهم" .(104) انظر ما مضى رقم: 840 - 841.
وَ اسْتَعِیْنُوْا بِالصَّبْرِ وَ الصَّلٰوةِؕ-وَ اِنَّهَا لَكَبِیْرَةٌ اِلَّا عَلَى الْخٰشِعِیْنَۙ(۴۵)
اور صبر اور نماز سے مدد چاہو اور بیشک نماز ضرور بھاری ہے مگر ان پر (نہیں) جو دل سے میری طرف جھکتے ہیں -(ف۷۷)
القول في تأويل قوله تعالى وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِقال أبو جعفر: يعني بقوله جل ثناؤه: (واستعينوا بالصبر) : استعينوا على الوفاء بعهدي الذي عاهدتموني في كتابكم -من طاعتي واتباع أمري, وترك ما تهوونه من الرياسة وحب الدنيا إلى ما تكرهونه من التسليم لأمري, واتباع رسولي محمد صلى الله عليه وسلم - بالصبر عليه والصلاة.* * *وقد قيل: إن معنى " الصبر " في هذا الموضع: الصوم, و " الصوم " بعض معاني" الصبر " . وتأويل من تأول ذلك عندنا (105) أن الله تعالى ذكره أمرهم بالصبر على ما كرهته نفوسهم من طاعة الله, وترك معاصيه. وأصل الصبر: منع النفس محابَّها، وكفها عن هواها; ولذلك قيل للصابر على المصيبة: صابر, لكفه نفسه عن الجزع; وقيل لشهر رمضان " شهر الصبر ", لصبر صائميه عن المطاعم والمشارب نهارا, (106) وصبره إياهم عن ذلك: (107) حبسه لهم, وكفه إياهم عنه, كما تصبر الرجل المسيء للقتل فتحبسه عليه حتى تقتله. (108) ولذلك قيل: قتل فلان فلانا صبرا, يعني به: حبسه عليه حتى قتله, فالمقتول " مصبور ", والقاتل " صابر ".* * *وأما الصلاة فقد ذكرنا معناها فيما مضى. (109)* * *فإن قال لنا قائل: قد علمنا معنى الأمر بالاستعانة بالصبر على الوفاء بالعهد والمحافظة على الطاعة, فما معنى الأمر بالاستعانة بالصلاة على طاعة الله, وترك معاصيه, والتعري عن الرياسة, وترك الدنيا؟ قيل: إن الصلاة فيها تلاوة كتاب الله, الداعية آياته إلى رفض الدنيا وهجر ; نعيمها, المسلية النفوس عن زينتها وغرورها, المذكرة الآخرة وما أعد الله فيها لأهلها. ففي الاعتبار بها المعونة لأهل طاعة الله على الجد فيها, كما روي عن نبينا صلى الله عليه وسلم أنه كان إذا حزبه أمر فزع إلى الصلاة.849- حدثني بذلك إسماعيل بن موسى الفزاري, قال: حدثنا الحسين بن رتاق الهمداني, عن ابن جرير, عن عكرمة بن عمار, عن محمد بن عبيد بن أبي قدامة, عن عبد العزيز بن اليمان, عن حذيفة قال: " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم, إذا حزبه أمر فزع إلى الصلاة ". (110)850- وحدثني سليمان بن عبد الجبار, قال: حدثنا خلف بن الوليد الأزدي, قال: حدثنا يحيى بن زكريا عن عكرمة بن عمار, عن محمد بن عبد الله الدؤلي, قال: قال عبد العزيز أخو حذيفة, قال حذيفة: " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا حزبه أمر صلى " . (111) .851- وكذلك روي عنه صلى الله عليه وسلم أنه رأى أبا هريرة منبطحا على بطنه فقال له: " اشكَنْب دَرْد "؟ قال: نعم, قال: قم فصل؛ فإن في الصلاة شفاء . (112)فأمر الله جل ثناؤه الذين وصف أمرهم من أحبار بني إسرائيل أن يجعلوا مفزعهم في الوفاء بعهد الله الذي عاهدوه إلى الاستعانة بالصبر والصلاة كما أمر نبيه محمدا صلى الله عليه وسلم بذلك, فقال له: فَاصْبِرْ يا محمد عَلَى مَا يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا وَمِنْ آنَاءِ اللَّيْلِ فَسَبِّحْ وَأَطْرَافَ النَّهَارِ لَعَلَّكَ تَرْضَى [طه: 130] فأمره جل ثناؤه في نوائبه بالفزع إلى الصبر والصلاة. وقد:-852- حدثنا محمد بن العلاء، ويعقوب بن إبراهيم، قالا حدثنا ابن علية, قال: حدثنا عيينة بن عبد الرحمن، عن أبيه: أن ابن عباس نعي إليه أخوه قثم، وهو في سفر, فاسترجع. ثم تنحى عن الطريق, فأناخ فصلى ركعتين أطال فيهما الجلوس, ثم قام يمشي إلى راحلته وهو يقول: (واستعينوا بالصبر والصلاة وإنها لكبيرة إلا على الخاشعين) . (113)* * *وأما أبو العالية فإنه كان يقول بما:-853- حدثني به المثنى قال، حدثنا آدم, قال: حدثنا أبو جعفر, عن الربيع, عن أبي العالية: (واستعينوا بالصبر والصلاة) قال يقول: استعينوا بالصبر والصلاة على مرضاة الله, واعلموا أنهما من طاعة الله.* * *وقال ابن جريج بما:-854- حدثنا به القاسم, قال: حدثنا الحسين, قال: حدثني حجاج, قال: قال ابن جريج في قوله: (واستعينوا بالصبر والصلاة) قال: إنهما معونتان على رحمة الله. (114)855- وحدثني يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد في قوله: (واستعينوا بالصبر والصلاة) الآية, قال: قال المشركون: والله يا محمد إنك لتدعونا إلى أمر كبير! قال: إلى الصلاة والإيمان بالله جل ثناؤه.* * *القول في تأويل قوله تعالى وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلا عَلَى الْخَاشِعِينَ (45)قال أبو جعفر: يعني بقوله جل ثناؤه: (وإنها)، وإن الصلاة, ف " الهاء والألف " في" وإنها " عائدتان على " الصلاة ". وقد قال بعضهم: إن قوله: (وإنها) بمعنى: إن إجابة محمد صلى الله عليه وسلم, ولم يجر لذلك بلفظ الإجابة ذكر فتجعل " الهاء والألف " كناية عنه, وغير جائز ترك الظاهر المفهوم من الكلام إلى باطن لا دلالة على صحته. (115)* * *ويعني بقوله: (لكبيرة) : لشديدة ثقيلة. كما:-856- حدثني يحيى بن أبي طالب, قال: أخبرنا ابن يزيد, قال: أخبرنا جويبر, عن الضحاك, في قوله: (وإنها لكبيرة إلا على الخاشعين) قال: إنها لثقيلة. (116)* * *ويعني بقوله: (إلا على الخاشعين) : إلا على الخاضعين لطاعته, الخائفين سطواته, المصدقين بوعده ووعيده. كما:-856- حدثني المثنى بن إبراهيم, قال: حدثنا عبد الله بن صالح, قال: حدثني معاوية بن صالح, عن علي بن أبي طلحة, عن ابن عباس: (إلا على الخاشعين) يعني المصدقين بما أنزل الله.857- وحدثني المثنى, قال: حدثنا آدم العسقلاني, قال: حدثنا أبو جعفر, عن الربيع, عن أبي العالية في قوله: (إلا على الخاشعين) قال: يعني الخائفين.858- وحدثني محمد بن عمرو, قال: حدثنا أبو عاصم, قال: حدثنا سفيان, عن جابر, عن مجاهد: (إلا على الخاشعين) قال: المؤمنين حقا. (117)859- وحدثني المثنى قال: حدثنا أبو حذيفة, قال: حدثنا شبل, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد, مثله.860- وحدثني يونس بن عبد الأعلى, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد: الخشوع: الخوف والخشية لله. وقرأ قول الله: خَاشِعِينَ مِنَ الذُّلِّ [الشورى: 45] قال: قد أذلهم الخوف الذي نزل بهم, وخشعوا له.* * *وأصل " الخشوع ": التواضع والتذلل والاستكانة, ومنه قول الشاعر: (118)لما أتى خبر الزبير تواضعتسور المدينة والجبال الخشع (119)يعني: والجبال خشع متذللة لعظم المصيبة بفقده.* * *فمعنى الآية: واستعينوا أيها الأحبار من أهل الكتاب بحبس أنفسكم على طاعة الله, وكفها عن معاصي الله, وبإقامة الصلاة المانعة من الفحشاء والمنكر, المقربة من مراضي الله, العظيمة إقامتها إلا على المتواضعين لله، المستكينين لطاعته، المتذللين من مخافته.-------------الهوامش :(105) في المطبوعة : " . . . بعض معاني الصبر عندنا بل تأويل ذلك عندنا . . . " وفي المخطوطة : " . . . بعض معاني الصبر عند تأويل من تأول ذلك عندنا . . . " وكأن الصواب ما أثبته .(106) في المطبوعة والمخطوطة : "لصبره صائمة . . . " ، ولكن الكلام لا يستقيم لاختلال الضمائر في الجملة التالية .(107) الضمير في قوله"وصبره" إلى شهر رمضان .(108) في المخطوطة والمطبوعة : "كما يصبر . . . فيحبسه . . . حتى يقتله" كله بالياء ، والصواب ما أثبته .(109) انظر ما مضى : 1 : 242 - 243 .(110) الحديث : 849 -"الحسين بن رتاق الهمداني" : هكذا ثبت في المطبوعة . ولم أجد راويا بهذا الاسم ولا ما يشبهه ، فيما لدى من المراجع ، وفي المخطوطة"الحسين بن زياد الهمداني" - ولم أجد في الرواة من يسمى"الحسين بن زياد" إلا اثنين ، لم ينسب واحد منهما همدانيا ، ولا يصلح واحد منهما في هذا الإسناد : أحدهما : "حسين بن زياد" ، دون وصف آخر ، ترجمه البخاري في الكبير 1 / 2 / 387 برقم : 2881 ، وذكر أنه يروي عن عكرمة ، ويروي عنه جرير بن حازم ، وجرير مات سنة 175 فهذا قديم جدا ، لا يدركه إسماعيل بن موسى الفزاري المتوفي سنة 245 . والثاني"حسين ابن زياد أبو علي المروزي" ترجمه البخاري عقب ذاك ، وذكر أنه مات سنة 220 . فهذا متأخر عن أن يدرك الرواية عن ابن جريج المتوفى سنة 150 . وعكرمة بن عمار : هو العجلي اليمامي . وفي المخطوطة"عكرمة عن عمار" . وهو خطأ . والحديث سيأتي عقب هذا بإسناد آخر صحيح .(111) الحديث: 850 - هو الذي قبله بمعناه:"خلف بن الوليد": هو أبو الوليد العتكي الجوهري، و"العتكي": نسبة إلى"العتيك"، بطن من الأزد. وهو من شيوخ أحمد الثقات. يحيى ابن زكريا: هو ابن أبي زائدة. محمد بن عبد الله الدؤلي: هو"محمد بن عبيد أبو قدامة" الذي في الإسناد السابق. ووقع في الأصول هنا"محمد بن عبيد بن أبي قدامة". وهو خطأ. بل"أبو قدامة" كنية"محمد بن عبيد". وقد حققنا ترجمته في شرح حديث آخر في المسند: 6548، ورجحنا أن ابن أبي زائدة أخطأ في اسمه، فسماه"محمد بن عبد الله". والحديث رواه أحمد في المسند 5: 388 (حلبي) عن إسماعيل بن عمر، وخلف بن الوليد، كلاهما عن يحيى بن زكريا. ورواه أبو داود: 1319، عن محمد بن عيسى، عن يحيى بن زكريا - بهذا الإسناد. وأشار إليه البخاري في الكبير 1 /1 172، في ترجمة"محمد بن عبيد أبي قدامة الحنفي"، قال:"وقال النضر عن عكرمة، عن محمد بن عبيد أبي قدامة، سمع عبد العزيز أخا حذيفة، عن حذيفة: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا حزبه أمر صلى. وقال ابن أبي زائدة: عن عكرمة عن محمد ابن عبد الله الدؤلي". و"النضر" الذي يشير إليه البخاري: هو النضر بن محمد الجريشي اليمامي. و"عبد العزيز بن اليمان": هو أخو حذيفة بن اليمان، كما صرح بنسبه في الرواية السابقة، وكما وصف بذلك في هذه الرواية، وفي روايتي المسند والبخاري في الكبير. وأما رواية أبي داود ففيها"عن عبد العزيز ابن أخي حذيفة". وكذلك في رواية ابن منده، التي أشار إليها الحافظ في الإصابة 5: 159. ورجح الحافظ في ذلك الموضع، وفي التهذيب 6: 364 - 365 أنه ابن أخي حذيفة، لا أخوه. ولكن أكثر الرواة ذكروا أنه أخوه، كما أشرنا، لم يخالفهم إلا"محمد بن عيسى" شيخ أبي داود - فيما رأيت. فلا أدري مم هذا الترجيح؟ بل الذي أراه ترجيح رواية الأكثر، ومنهم"النضر ابن محمد"، وكان مكثرا للرواية عن عكرمة بن عمار. وبذلك جزم ابن أبي حاتم في ترجمة"عبد العزيز بن اليمان" في كتاب الجرح والتعديل 2 /2 /399، لم يذكر خلافا ولا قولا آخر. والحديث ذكره أيضًا ابن كثير 1: 157 - 158 من روايات المسند وأبي داود والطبري ثم ذكر نحوه مطولا، من رواية محمد نصر المروزي في كتاب الصلاة.(112) الحديث: 851 - هكذا ذكره الطبري معلقا، دون إسناد. وقد رواه أحمد في المسند: 9054 (2: 390 حلبي)، عن أسود بن عامر، عن ذواد أبي المنذر، عن ليث، عن مجاهد، عن أبي هريرة. ثم رواه مرة أخرى: 9229 (2: 403حلبي)، عن موسى بن دواد، عن ذواد. وكذلك رواه ابن ماجه: 3458، بإسنادين عن ذواد. و"ذواد": بفتح الذال المعجمة وتشديد الواو وآخره دال مهملة. وضبطه صاحب الخلاصة"ذؤاد" بضم المعجمةوبعدها همزة مفتوحة، وهو خطأ. وذواد: هو ابن علبة الحارثي، وكان شيخا صالحا صدوقا، وضعفه ابن معين، فقال:"ليس بشيء" وترجمه البخاري في الكبير 2 / 1 /241، والصغير، ص: 214، وقال:"يخالف في بعض حديثه". وروى هذا الحديث في الصغير عن ابن الأصبهاني، عن المحاربي، عن ليث، عن مجاهد:"قال لي أبو هريرة: يا فارسي، شكم درد" ثم قال البخاري:"قال ابن الأصبهاني: ورفعه ذواد، وليس له أصل، أبو هريرة لم يكن فارسيا، إنما مجاهد فارسي". فهذا تعليل دقيق من ابن الأصبهاني، ثم من البخاري، يقضي بضعف إسناد الحديث مرفوعا.قوله في متن الرواية"اشكنب درد": كتب عليها في طبعة بولاق ما نصه:"يعني: تشتكي بطنك، بالفارسية. كذا بهامش الأصل". وكذلك ثبت هذا اللفظ في المسند، إلا الموضع الأول فيه كتب"ذرد" بنقطة فوق الدال الأولى، وهو تصحيف. وثبت هذا اللفظ في رواية البخاري في التاريخ الصغير، ص 214:"شكم درد". وفي رواية ابن ماجه"اشكمت درد". وكتب الأستاذ فؤاد عبد الباقي شارحا له:"بالفارسية: اشكم، أي بطن. ودرد، أي وجع. والتاء للخطاب. والهمزة همزة وصل. كذا حققه الدكتور حسين الهمداني. ومعناه: أتشتكي بطنك؟ ولكن جاء في تكملة مجمع بحار الأنوار، ص 7 (أشكنب ددم). وفي رواية بسكون الباء". وأنا أرى أن النقل الأخير فيه خطأ. لأني نقلت في أوراق على المسند قديما أن صوابها"أشكنب دردم". وأكبر ظني الآن أنى نقلت ذاك عن تكملة مجمع بحار الأنوار، وهو ليس في متناول يدى حين أكتب هذا.(113) الخبر : 852 - إسناده صحيح . عيينة بن عبد الرحمن : ثقة . وأبوه عبد الرحمن بن جرشن الغطفاني : تابعى ثقة .الأثر ذكره السيوطي في الدر المنثور 1: 68، ونسبه أيضًا لسعيد بن منصور، وابن المنذر، والبيهقي في الشعب.قُثَم بن العباس بن عبد المطلب، أخو عبد الله بن العباس. وأمه أم الفضل كان يشبه بالنبي صلى الله عليه وسلم، ولا يصح سماعه عنه، فإنه كان في آخر عهد النبي صلى الله عليه وسلم فوق ثمان. وخرج مع سعيد بن عثمان زمن معاوية إلى سمرقند، فاستشهد بها. استرجع: قال:"إنا لله وإنا إليه راجعون".(114) الأثر : 854 - الحسين : هو سنيد بن داود المصيصي ، و"سنيد" لقب له ، كما مضى : 144 .(115) الظاهر : هو ما تعرفه العرب من كلامها . والباطن : ما يأتي بالاستنباط من الظاهر على طريق العرب في بيانها . وانظر ما مضى 1 : 72 تعليق : 2 .(116) الأثر : 856 - في المطبوعة"أخبرنا ابن زيد" ، والصواب"يزيد" من المخطوطة . وهو"يزيد بن هرون" . وقد مضى مثل هذا الإسناد على الصواب : 284 .ومن الرواة عن جويبر : "حماد بن زيد" ، ولا يحتمل أن يكون مرادا في هذا الإسناد ، لأن حماد ابن زيد مات سنة 179 . فلا يحتمل أن يروي عنه يحيى بن أبي طالب ، لأنه ولد سنة 182 ، كما في ترجمته في تاريخ بغداد للخطيب 14 : 220 - 221 .(117) الأثر : 858 - محمد بن عمرو ، هو : محمد بن عمرو بن العباس ، أبو بكر الباهلي ، وهو من شيوخ الطبري الثقات ، أكثر من الرواية عنه ، مات سنة 249 . وله ترجمة في تاريخ بغداد 3 : 127 . و"أبو عاصم" : هو النبيل ، الضحاك بن مخلد . و"سفيان" : هو الثوري . و"جابر" : هو ابن يزيد الجعفي .وهكذا جاء هذا الإسناد في هذا الموضع في المخطوطة . ووقع في المطبوعة"محمد بن جعفر" بدل"محمد بن عمرو" ، وهو خطأ لا شك فيه .إنما الشبهة هنا : أن هذا الإسناد"أبو عاصم ، عن سفيان ، عن جابر" _ يرويه الطبري في أكثر المواضع"عن محمد بن بشار" ، عن أبي عاصم . وأما روايته عن"محمد بن عمرو" ، فإنما هي لإسناد "أبو عاصم ، عن عيسى بن ميمون ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد" . والأمر قريب ، ولعله روى هذا وذاك .(118) الشعر لجرير .(119) ديوان جرير : 345 ، والنقائض : 969 ، وقد جاء منسوبا له في تفسيره (1 : 289 /7 : 157 بولاق ) ، وطبقات ابن سعد : 3/1/ 79 ، وسيبويه 1 : 25 ، والأضداد لابن الأنباري : 258 ، والخزانة 2 : 166 . استشهد به سيبويه على أن تاء التأنيث جاءت للفعل ، لما أضاف"سور" إلى مؤنث وهو"المدينة" ، وهو بعض منها . قال سيبويه : "وربما قالوا في بعض الكلام : "ذهبت بعض أصابعه" ، وإنما أنث البعض ، لأنه أضافه إلى مؤنث هو منه ، ولو لم يكن منه لم يؤنثه . لأنه لو قال : "ذهبت عبد أمك" لم يحسن . (1 : 25) .وهذا البيت يعير به الفرزدق بالغدر ويهجوه ، فإن الزبير بن العوام رضي الله عنه حين انصرف يوم الجمل ، عرض له رجل من بني مجاشع رهط الفرزدق ، فرماه فقتله غيلة . ووصف الجبال بأنها"خشع" . يريد عند موته ، خشعت وطأطأت من هول المصيبة في حواري رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ومن قبح ما لقي من غدر بني مجاشع .
الَّذِیْنَ یَظُنُّوْنَ اَنَّهُمْ مُّلٰقُوْا رَبِّهِمْ وَ اَنَّهُمْ اِلَیْهِ رٰجِعُوْنَ۠(۴۶)
جنہیں یقین ہے کہ انہیں اپنے رب سے ملنا ہے اور اسی کی طرف پھرنا- (ف۷۸)
القول في تأويل قوله تعالى الَّذِينَ يَظُنُّونَقال أبو جعفر: إن قال لنا قائل: وكيف أخبر الله جل ثناؤه عمن قد وصفه بالخشوع له بالطاعة، أنه " يظن " أنه ملاقيه, والظن: شك, والشاك في لقاء الله عندك بالله كافر؟قيل له: إن العرب قد تسمي اليقين " ظنا ", والشك " ظنا ", نظير تسميتهم الظلمة " سدفة "، والضياء " سدفة ", والمغيث " صارخا ", والمستغيث " صارخا ", وما أشبه ذلك من الأسماء التي تسمي بها الشيء وضده. ومما يدل على أنه يسمى به اليقين، قول دريد بن الصمة:فقلت لهم ظنوا بألفي مدججسراتهم في الفارسي المسرد (120)يعني بذلك: تيقنوا ألفي مدجج تأتيكم. وقول عميرة بن طارق:بأن تغتزوا قومي وأقعد فيكموأجعل مني الظن غيبا مرجما (121)يعني: وأجعل مني اليقين غيبا مرجما. والشواهد من أشعار العرب وكلامها على أن " الظن " في معنى اليقين أكثر من أن تحصى, وفيما ذكرنا لمن وفق لفهمه كفاية.ومنه قول الله جل ثناؤه: وَرَأَى الْمُجْرِمُونَ النَّارَ فَظَنُّوا أَنَّهُمْ مُوَاقِعُوهَا [الكهف: 53] وبمثل الذي قلنا في ذلك جاء تفسير المفسرين.861- حدثني المثنى بن إبراهيم, قال: حدثنا آدم, قال: حدثنا أبو جعفر, عن الربيع, عن أبي العالية في قوله: (يظنون أنهم ملاقو ربهم) قال: إن الظن ههنا يقين.862- وحدثنا محمد بن بشار, قال: حدثنا أبو عاصم, قال: حدثنا سفيان, عن جابر, عن مجاهد, قال: كل ظن في القرآن يقين, إِنِّي ظَنَنْتُ ، وَظَنُّوا .863- حدثني المثنى, قال: حدثنا إسحاق, قال: حدثنا أبو داود الحفري, عن سفيان, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد, قال: كل ظن في القرآن فهو علم. (122)864- وحدثني موسى بن هارون, قال: حدثنا عمرو بن حماد, قال: حدثنا أسباط, عن السدي: (الذين يظنون أنهم ملاقو ربهم) أما " يظنون " فيستيقنون.865- وحدثني القاسم, قال: حدثنا الحسين, قال: حدثني حجاج, قال: قال ابن جريج: (الذين يظنون أنهم ملاقو ربهم) علموا أنهم ملاقو ربهم, هي كقوله: إِنِّي ظَنَنْتُ أَنِّي مُلاقٍ حِسَابِيَهْ [الحاقة: 20] يقول: علمت.866- وحدثني يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد في قوله: (الذين يظنون أنهم ملاقو ربهم) قال: لأنهم لم يعاينوا, فكان ظنهم يقينا, وليس ظنا في شك. وقرأ: إِنِّي ظَنَنْتُ أَنِّي مُلاقٍ حِسَابِيَهْ .* * *القول في تأويل قوله تعالى أَنَّهُمْ مُلاقُو رَبِّهِمْقال أبو جعفر: إن قال لنا قائل: وكيف قيل إنهم ملاقو ربهم، فأضيف " الملاقون " إلى الرب تبارك وتعالى، وقد علمت أن معناه: الذين يظنون أنهم يلقون ربهم؟ وإذ كان المعنى كذلك, فمن كلام العرب ترك الإضافة وإثبات النون, وإنما تسقط النون وتضيف، في الأسماء المبنية من الأفعال، إذا كانت بمعنى " فعل ", فأما إذا كانت بمعنى " يفعل وفاعل ", فشأنها إثبات النون, وترك الإضافة.قيل: لا تدافع بين جميع أهل المعرفة بلغات العرب وألسنها في إجازة إضافة الاسم المبني من " فعل ويفعل ", وإسقاط النون وهو بمعنى " يفعل وفاعل ", أعني بمعنى الاستقبال وحال الفعل ولما ينقض, فلا وجه لمسألة السائل عن ذلك: لم قيل؟ وإنما اختلف أهل العربية في السبب الذي من أجله أضيف وأسقطت النون.فقال نحويو البصرة: أسقطت النون من: (ملاقو ربهم) وما أشبهه من الأفعال التي في لفظ الأسماء وهي في معنى " يفعل " وفي معنى ما لم ينقض استثقالا لها, وهي مرادة كما قال جل ثناؤه: كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ [سورة آل عمران: 185 الأنبياء:35 العنكبوت: 57]، وكما قال: إِنَّا مُرْسِلُو النَّاقَةِ فِتْنَةً لَهُمْ [القمر: 27] ولما يرسلها (123) بعد; وكما قال الشاعر:هل أنت باعث دينار لحاجتناأو عبد رب أخا عون بن مخراق? (124)فأضاف " باعثا " إلى " الدينار ", ولما يبعث, ونصب " عبد رب " عطفا على موضع دينار، لأنه في موضع نصب وإن خفض، وكما قال الآخر: (125)الحافظو عورة العشيرة, لايأتيهم من ورائهم نطف (126)بنصب " العورة " وخفضها، فالخفض على الإضافة, والنصب على حذف النون استثقالا وهي مرادة. وهذا قول نحويي البصرة. (127)* * *وأما نحويو الكوفة فإنهم قالوا: جائز في (ملاقو) الإضافة, وهي في معنى يلقون, وإسقاط النون منه لأنه في لفظ الأسماء, فله في الإضافة إلى الأسماء حظ الأسماء. وكذلك حكم كل اسم كان له نظيرا. قالوا: وإذا أثبت في شيء من ذلك النون وتركت الإضافة, فإنما تفعل ذلك به لأن له معنى يفعل الذي لم يكن ولم يجب بعد. قالوا: فالإضافة فيه للفظ, وترك الإضافة للمعنى.* * *فتأويل الآية إذا: واستعينوا على الوفاء بعهدي بالصبر عليه والصلاة, وإن الصلاة لكبيرة إلا على الخائفين عقابي, المتواضعين لأمري, الموقنين بلقائي والرجوع إلي بعد مماتهم.وإنما أخبر الله جل ثناؤه أن الصلاة كبيرة إلا على من هذه صفته; لأن من كان غير موقن بمعاد ولا مصدق بمرجع ولا ثواب ولا عقاب, فالصلاة عنده عناء وضلال, لأنه لا يرجو بإقامتها إدراك نفع ولا دفع ضر, وحق لمن كانت هذه الصفة صفته أن تكون الصلاة عليه كبيرة, وإقامتها عليه ثقيلة, وله فادحة.وإنما خفت على المؤمنين المصدقين بلقاء الله, الراجين عليها جزيل ثوابه, الخائفين بتضييعها أليم عقابه, لما يرجون بإقامتها في معادهم من الوصول إلى ما وعد الله عليها أهلها, ولما يحذرون بتضييعها ما أوعد مضيعها. فأمر الله جل ثناؤه أحبار بني إسرائيل الذين خاطبهم بهذه الآيات، أن يكونوا من مقيميها الراجين ثوابها إذا كانوا أهل يقين بأنهم إلى الله راجعون، وإياه في القيامة ملاقون.* * *القول في تأويل قوله تعالى وَأَنَّهُمْ إِلَيْهِ رَاجِعُونَ (46)قال أبو جعفر: و " الهاء والميم " اللتان في قوله: (وأنهم) من ذكر الخاشعين, و " الهاء " في" إليه " من ذكر الرب تعالى ذكره في قوله: مُلاقُو رَبِّهِمْ فتأويل الكلمة: وإنها لكبيرة إلا على الخاشعين الموقنين أنهم إلى ربهم راجعون.* * *ثم اختلف في تأويل " الرجوع " الذي في قوله: (وأنهم إليه راجعون) فقال بعضهم، بما:-867- حدثني به المثنى بن إبراهيم, قال: حدثنا آدم, قال: حدثنا أبو جعفر, عن الربيع, عن أبي العالية في قوله: (وأنهم إليه راجعون)، قال: يستيقنون أنهم يرجعون إليه يوم القيامة .* * *وقال آخرون: معنى ذلك أنهم إليه يرجعون بموتهم.* * *وأولى التأويلين بالآية، القول الذي قاله أبو العالية; لأن الله تعالى ذكره, قال في الآية التي قبلها: كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَكُنْتُمْ أَمْوَاتًا فَأَحْيَاكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ فأخبر جل ثناؤه أن مرجعهم إليه بعد نشرهم وإحيائهم من مماتهم, وذلك لا شك يوم القيامة, فكذلك تأويل قوله: (وأنهم إليه راجعون).------------الهوامش :(120) الأصمعيات: 23، وشرح الحماسة 2: 156، ومجاز القرآن لأبي عبيدة: 40، وسيأتي غير منسوب في 25: 83، وغير منسوب في 13: 58 برواية أخرى:"فظنوا بألفي فارس متلبب"، وقبل البيت في رواية الأصمعي:وقلت لعارض, وأصحاب عارضورهط بني السوداء, والقوم شهديعلانية ظنوا . . . . . . .. . . . . . . . . . . . . . . . . . . .ورواية أبي تمام : "نصحت لعارض" . . "فقلت لهم ظنوا . . " وهذا الشعر قاله في رثاء أخيه عبد الله بن الصمة ، وهو عارض ، المذكور في شعره . المدجج : الفارس الذي قد تدجج في شكته ، أي دخل في سلاحه ، كأنه تغطى به . والسراة جمع سري : وهم خيار القوم من فرسانهم . والفارسي المسرد : يعني الدروع الفارسية ، قال عمرو بن امرئ القيس الخزرجي :إذا مشينا في الفارسي كمايمشى جمال مَصاعبٌ قُطُفُالسرد: إدخال حلق الدرع بعضها في بعض. والمسرد: المحبوك النسج المتداخل الحلق. ينذر أخاه وقومه أنهم سوف يلقون عدوا من ذوى البأس قد استكمل أداة قتاله.(121) نقائض جرير والفرزدق : 53 ، 785 ، والأضداد لابن الأنباري . 12 وهو عميرة بن طارق بن ديسق اليربوعي ، قالها في خبر له مع الحوفزان ، ورواية النقائض : "وأجلس فيكم . . . " ، و"أجعل علمي ظن غيب مرجما" . وقبل البيت :فلا تأمرني يا ابن أسماء بالتيتجر الفتى ذا الطعم أن يتكلماذو الطعم" ذو الحرم . وتجر ، من الإجرار : وهو أن يشق لسان الفصيل ، إذا أرادوا فطامه ، لئلا يرضع . يعني يحول بينه وبين الكلام .وغزا الأمر واغتزاه : قصده ، ومنه الغزو : وهو السير إلى قتال العدو وانتهابه ، والمرجم : الذي لا يوقف على حقيقة أمره ، لأنه يقذف به على غير يقين ، من الرجم : وهو القذف .هذا ، والبيت ، كما رواه في النقائض ، ليس بشاهد على أن الظن هو اليقين . ورواية الطبري هي التي تصلح شاهدا على هذا المعنى .(122) الأثر : 863 - إسحاق : هو ابن راهويه الإمام الحافظ . أبو داود الحفري - بالحاء المهملة والفاء المفتوحتين - هو : عمر بن سعد بن عبيد . ووقع في تفسير ابن كثير 1 : 159"أبو داود الجبري" ، وهو تصحيف . وسفيان : هو الثوري .(123) في المطبوعة : "ولما يرسلها بعد" .(124) سيبويه 1 : 87 ، والخزانة 3 : 476 ، والعيني 3 : 563 . قال صاحب الخزانة : "البيت من أبيات سيبويه التي لم يعرف قائلها . وقال ابن خلف : قيل هو لجابر بن رألان السنبسي ، وسنبس أبو حي من طيء . ونسبه غير خدمة سيبويه إلى جرير ، وإلى تأبط شرا ، وإلى أنه مصنوع والله أعلم بالحال!" . دينار وعبد رب ، رجلان . والشاهد فيه نصب"عبد رب" على موضع"دينار" ، لأن المعنى : هل أنت باعث دينارا أو عبد رب .(125) هو عمرو بن امرئ القيس ، من بني الحارث بن الخزرج ، وهو عبد الله بن رواحة رضي الله عنه ، جاهلي قديم .(126) جمهرة أشعار العرب : 127 ، سيبويه 1 : 95 ، واللسان (وكف) والخزانة 2 : 188 ، 337 ، 483 / 3 : 400 ، 473 . وهو من قصيدة يقولها لمالك بن العجلان النجاري في خبر مذكور . والعورة : المكان الذي يخاف منه مأتى العدو . والنطف : العيب والريبة ، يقال : هم أهل الريب والنطف . وهذه رواية سيبويه والطبري ، وأما رواية غيره فهي : "من ورائنا وكف" ، والوكف العيب والنقص .(127) قال سيبويه 1 : 95 : "لم يحذف النون للإضافة ، ولا ليعاقب الاسم النون ، ولكن حذفوها كما حذفوها من اللذين والذين ، حين طال الكلام ، وكان الاسم الأول منتهاه الاسم الآخر" .
یٰبَنِیْۤ اِسْرَآءِیْلَ اذْكُرُوْا نِعْمَتِیَ الَّتِیْۤ اَنْعَمْتُ عَلَیْكُمْ وَ اَنِّیْ فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعٰلَمِیْنَ(۴۷)
اے اولاد یعقوب یاد کرو میرا وہ احسان جو میں نے تم پر کیا اور یہ کہ اس سارے زمانہ پر تمہیں بڑائی دی-(ف۷۹)
القول في تأويل قوله تعالى يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْقال أبو جعفر: وتأويل ذلك في هذه الآية نظير تأويله في التي قبلها في قوله: (اذكروا نعمتي التي أنعمت عليكم وأوفوا بعهدي). وقد ذكرته هنالك (128) .* * *القول في تأويل قوله تعالى وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ (47)قال أبو جعفر: وهذا أيضا مما ذكرهم جل ثناؤه من آلائه ونعمه عندهم. ويعني بقوله: (وأني فضلتكم على العالمين) : أني فضلت أسلافكم, فنسب نعمه على آبائهم وأسلافهم إلى أنها نعم منه عليهم, إذ كانت مآثر الآباء مآثر للأبناء, والنعم عند الآباء نعما عند الأبناء, لكون الأبناء من الآباء, وأخرج جل ذكره قوله: (وأني فضلتكم على العالمين) مخرج العموم, وهو يريد به خصوصا; لأن المعنى: وإني فضلتكم على عالم من كنتم بين ظهريه وفي زمانه (129) . كالذي:-868- حدثنا به محمد بن عبد الأعلى الصنعاني, قال: حدثنا محمد بن ثور, عن معمر -وحدثنا الحسن بن يحيى, قال: حدثنا عبد الرزاق, قال: أخبرنا معمر- عن قتادة، (وأني فضلتكم على العالمين) قال: فضلهم على عالم ذلك الزمان.869 - حدثني المثنى, قال: حدثنا آدم, قال: حدثنا أبو جعفر, عن الربيع, عن أبي العالية: (وأني فضلتكم على العالمين) قال: بما أعطوا من الملك والرسل والكتب، على عالم من كان في ذلك الزمان, فإن لكل زمان عالما.870 - حدثنا القاسم, قال: حدثنا الحسين, قال: حدثني حجاج, عن ابن جريج, قال: قال مجاهد في قوله: (وأني فضلتكم على العالمين) قال: على من هم بين ظهرانيه.871 - وحدثني محمد بن عمرو, قال: حدثنا أبو عاصم, قال: حدثنا عيسى, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد, قال: على من هم بين ظهرانيه.872 - وحدثني يونس بن عبد الأعلى, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: سألت ابن زيد عن قول الله: (وأني فضلتكم على العالمين)، قال: عالم أهل ذلك الزمان. وقرأ قول الله: وَلَقَدِ اخْتَرْنَاهُمْ عَلَى عِلْمٍ عَلَى الْعَالَمِينَ [الدخان: 32] قال: هذه لمن أطاعه واتبع أمره, وقد كان فيهم القردة، وهم أبغض خلقه إليه, وقال لهذه الأمة: كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ [آل عمران: 110] قال: هذه لمن أطاع الله واتبع أمره واجتنب محارمه.* * *قال أبو جعفر: والدليل على صحة ما قلنا من أن تأويل ذلك على الخصوص الذي وصفنا ما:-873 - حدثني به يعقوب بن إبراهيم, قال: حدثنا ابن علية, وحدثنا الحسن بن يحيى, قال: أخبرنا عبد الرزاق, قال: أخبرنا معمر جميعا, عن بهز بن حكيم, عن أبيه, عن جده, قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " ألا إنكم وفيتم سبعين أمة " -قال يعقوب في حديثه: أنتم آخرها-. وقال الحسن: " أنتم خيرها وأكرمها على الله ". (130)* * *فقد أنبأ هذا الخبر عن النبي صلى الله عليه وسلم أن بني إسرائيل لم يكونوا مفضلين على أمة محمد عليه الصلاة والسلام, وأن معنى قوله: وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ [الجاثية: 16] وقوله: (وأني فضلتكم على العالمين) على ما بينا من تأويله. وقد أتينا على بيان تأويل قوله: (العالمين) بما فيه الكفاية في غير هذا الموضع, فأغنى ذلك عن إعادته (131) .-----------------الهوامش :(128) انظر 1 : 555 - 559(129) انظر 1 : 143 - 146 ، ثم 151 - 152 . يقال لكل ما كان في وسط شيء ومعظمه : "هو بين ظهرينا وظهرانينا" على تقدير أنه مقيم بين ظهر من وراءه وظهر من أمامه ، فهو مكنوف من جانبيه ، ثم كثر حتى استعمل في الإقامة بين القوم مطلقا . ويقال أيضًا : "هو بين أظهرهم مقيم" بهذا المعنى . ويقال أيضًا : " لقيته بين ظهراني الليل" ، أي بين العشاء والفجر ، وعلى هذا فقس استعمال هذه الكلمة .(130) الحديث: 873 - بهز، بفتح الباء وسكون الهاء: هو ابن حكيم بن معاوية بن حيدة القشيري. وهو ثقة، وثقه ابن معين وابن المديني وغيرهما، ولا حجة لمن تكلم فيه، وقد ترجمه البخاري في الكبير 1 / 2 /143، وابن أبي حاتم في الجرح والتعديل 1 / 430 - 431. بل أخرج له البخاري في الصحيح تعليقا، كما ذكر الحافظ في الإصابة 6: 112، في ترجمة جده. أبوه حكيم بن معاوية: تابعي ثقة، ترجمه البخاري 2 / 1 /12، وابن أبي حاتم 1 / 2 / 207. وجده معاوية بن حيدة: صحابي ثابت الصحبة، قال ابن سعد في الطبقات 7 / 1 /22:"وفد على النبي صلى الله عليه وسلم، فأسلم وصحبه، وسأله عن أشياء، وروى عنه أحاديث". وترجمه البخاري 4 / 1 /329، وقال:"سمع النبي صلى الله عليه وسلم".وهذا الحديث رواه الطبري هنا بإسنادين: من طريق ابن علية عن بهز، ومن طريق معمر بن راشد عن بهز. وسيأتي بهذين الإسنادين منفصلين (4: 30 بولاق).ورواه الترمذي 4: 82 - 83، من طريق عبد الرزاق، عن معمر، عن بهز، عن أبيه، عن جده:"أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول، في قوله تعالى (كنتم خير أمة أخرجت للناس)، قال: أنتم تتمون سبعين أمة، أنتم خيرها وأكرمها على الله". ثم قال الترمذي:"هذا حديث حسن. وقد روى غير واحد هذا الحديث عن بهز بن حكيم، نحو هذا، ولم يذكروا فيه (كنتم خير أمة أخرجت للناس)". ورواه ابن ماجه: 4288، من طريق ابن علية، عن بهز. ورواه الإمام أحمد في المسند (5: 3 حلبي)، عن يزيد بن هرون، عن بهز. ورواه (5:5)، عن يحيى القطان، عن بهز.ورواه الدارمي 2: 313، عن النضر بن شميل، عن بهز.ورواه ابن ماجه أيضًا: 4287، من طريق ابن شوذب، عن بهز.ثم لم ينفرد به بهز عن أبيه حكيم، إذ رواه أيضًا سعيد بن إياس الجريري: فرواه الإمام أحمد (4: 447)، عن عفان، عن حماد بن سلمة، عن الجريري، عن حكيم بن معاوية، عن أبيه، بنحوه. ورواه أيضًا مطولا (5: 3)، عن حسن بن موسى، عن حماد بن سلمة، عن الجريري. والحديث ذكره ابن كثير 1: 160، نسبه إلى"المسانيد والسنن". ثم ذكره مرة أخرى 2: 214، عن"مسند الإمام أحمد، وجامع الترمذي، وسنن ابن ماجه، ومستدرك الحاكم". ثم قال عقبه:"وهو حديث مشهور. وقد حسنه الترمذي".(131) انظر ما سلف 1 : 143 - 146 .
وَ اتَّقُوْا یَوْمًا لَّا تَجْزِیْ نَفْسٌ عَنْ نَّفْسٍ شَیْــٴًـا وَّ لَا یُقْبَلُ مِنْهَا شَفَاعَةٌ وَّ لَا یُؤْخَذُ مِنْهَا عَدْلٌ وَّ لَا هُمْ یُنْصَرُوْنَ(۴۸)
اور ڈرو اس دن سے جس دن کوئی جان دوسرے کا بدلہ نہ ہوسکے گی (ف۸۰) اور نہ (کافر کے لئے) کوئی سفارش مانی جائے اور نہ کچھ لے کر (اس کی) جان چھوڑی جائے اور نہ ان کی مدد ہو- (ف۸۱)
لقول في تأويل قوله تعالى وَاتَّقُوا يَوْمًا لا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئًاقال أبو جعفر: وتأويل قوله: (واتقوا يوما لا تجزي نفس عن نفس شيئا) : واتقوا يوما لا تجزي فيه نفس عن نفس شيئا. وجائز أيضا أن يكون تأويله: واتقوا يوما لا تجزيه نفس عن نفس شيئا, كما قال الراجز:قد صبحت, صبحها السلامبكبد خالطها سنامفي ساعة يحبها الطعام (132)وهو يعني: يحب فيها الطعام. فحذفت " الهاء " الراجعة على " اليوم ", إذ فيه اجتزاء -بما ظهر من قوله: (واتقوا يوما لا تجزي نفس) الدال على المحذوف منه- عما حذف, إذ كان معلوما معناه.وقد زعم قوم من أهل العربية أنه لا يجوز أن يكون المحذوف في هذا الموضع إلا " الهاء ". وقال آخرون: لا يجوز أن يكون المحذوف إلا " فيه ". وقد دللنا فيما مضى على جواز حذف كل ما دل الظاهر عليه. (133)* * *وأما المعنى في قوله: (واتقوا يوما لا تجزي نفس عن نفس شيئا) فإنه تحذير من الله تعالى ذكره عباده الذين خاطبهم بهذه الآية -عقوبته أن تحل بهم يوم القيامة, وهو اليوم الذي لا تجزي فيه نفس عن نفس شيئا, ولا يجزي فيه والد عن ولده, ولا مولود هو جاز عن والده شيئا. (134)* * *وأما تأويل قوله: " لا تجزي نفس " فإنه يعني: لا تغني: كما:-874- حدثني به موسى بن هارون، قال: حدثنا عمرو، قال: حدثنا أسباط، عن السدي: " واتقوا يوما لا تجزي نفس " أما " تجزي": فتغني.* * *أصل " الجزاء " -في كلام العرب-: القضاء والتعويض. يقال: " جزيته قرضه ودينه أجزيه جزاء "، بمعنى: قضيته دينه. ومن ذلك قيل: " جزى الله فلانا عني خيرا أو شرا "، بمعنى: أثابه عني وقضاه عني ما لزمني له بفعله الذي سلف منه إلي. وقد قال قوم من أهل العلم بلغة العرب: " يقال أجزيت عنه كذا ": إذا أعنته عليه، وجزيت عنك فلانا: إذا كافأتهوقال آخرون منهم: بل " جَزَيْتُ عنك " قضيت عنك. و " أجزَيتُ" كفيت. وقال آخرون منهم: بل هما بمعنى واحد، يقال: " جزت عنك شاة وأجزَت، وجزى عنك درهم وأجزى، ولا تجزي عنك شاة ولا تجزي" بمعنى واحد، إلا أنهم ذكروا أن " جزت عنك، ولا تُجزي عنك " من لغة أهل الحجاز، وأن " أجزأ وتجزئ" من لغة غيرهم. وزعموا أن تميما خاصة من بين قبائل العرب تقول: " أجزأت عنك شاة، وهي تجزئعنك ".وزعم آخرون أن " جزى " بلا همز: قضى، و " أجزأ " بالهمز: كافأ (135) فمعنى الكلام إذا: واتقوا يوما لا تقضي نفس عن نفس شيئا ولا تغني عنها غنى.فإن قال لنا قائل: وما معنى: لا تقضي نفس عن نفس، ولا تغني عنها غنى؟قيل: هو أن أحدنا اليوم ربما قضى عن ولده أو والده أو ذي الصداقة والقرابة دينه. وأما في الآخرة فإنه فيما أتتنا به الأخبار عنها- يسر الرجل أن يَبْرُدَ له على ولده أو والده حق . (136) وذلك أن قضاء الحقوق في القيامة من الحسنات والسيئات. كما:875- حدثنا أبو كريب ونصر بن عبد الرحمن الأزدي، قالا: حدثنا المحاربي، عن أبي خالد الدالاني يزيد بن عبد الرحمن، عن زيد بن أبي أنيسة، عن سعيد بن أبي سعيد المقبري، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " رحم الله عبدا كانت عنده لأخيه مَظلمة في عِرض -قال أبو كريب في حديثه: أو مال أو جاه، فاستحله قبل أن يؤخذ منه وليس ثَمَّ دينار ولا درهم، فإن كانت له حسنات أخذوا من حسناته، وإن لم تكن له حسنات حملوا عليه من سيئاتهم " (137)876- حدثنا أبو عثمان المقدمي، قال: حدثنا الفروي، قال: حدثنا مالك، عن المقبري، عن أبيه، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم بنحوه . (138)877- حدثنا خلاد بن أسلم, قال: حدثنا أبو همام الأهوازي, قال: أخبرنا عبد الله بن سعيد, عن سعيد عن أبي هريرة, عن النبي صلى الله عليه وسلم بنحوه. (139)878 - حدثنا موسى بن سهل الرملي, قال: حدثنا نعيم بن حماد, قال: حدثنا عبد العزيز الدراوردي, عن عمرو بن أبي عمرو, عن عكرمة, عن ابن عباس, قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لا يموتن أحدكم وعليه دين, فإنه ليس هناك دينار ولا درهم, إنما يقتسمون هنالك الحسنات والسيئات " وأشار رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده يمينا وشمالا. (140)879 - حدثني محمد بن إسحاق, قال: قال: حدثنا سالم بن قادم, قال: حدثنا أبو معاوية هاشم بن عيسى, قال: أخبرني الحارث بن مسلم, عن الزهري, عن أنس بن مالك, عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بنحو حديث أبي هريرة. (141)* * *قال أبو جعفر: فذلك معنى قوله جل ثناؤه: (لا تجزي نفس عن نفس شيئا) يعني: أنها لا تقضي عنها شيئا لزمها لغيرها; لأن القضاء هنالك من الحسنات والسيئات على ما وصفنا. وكيف يقضي عن غيره ما لزمه من كان يسره أن يثبت له على ولده أو والده حق, فيؤخذ منه ولا يتجافى له عنه؟ . (142)وقد زعم بعض نحويي البصرة أن معنى قوله: (لا تجزي نفس عن نفس شيئا) : لا تجزي منها أن تكون مكانها.وهذا قول يشهد ظاهر القرآن على فساده. (143) وذلك أنه غير معقول في كلام العرب أن يقول القائل: " ما أغنيت عني شيئا ", بمعنى: ما أغنيت مني أن تكون مكاني, بل إذا أرادوا الخبر عن شيء أنه لا يجزي من شيء, قالوا: " لا يجزي هذا من هذا ", ولا يستجيزون أن يقولوا: " لا يجزي هذا من هذا شيئا ".فلو كان تأويل قوله: (لا تجزي نفس عن نفس شيئا) ما قاله من حكينا قوله لقال: (واتقوا يوما لا تجزي نفس عن نفس) كما يقال: لا تجزي نفس من نفس, ولم يقل: " لا تجزي نفس عن نفس شيئا ". وفي صحة التنزيل بقوله: " لا تجزي نفس عن نفس شيئا " أوضح الدلالة على صحة ما قلنا وفساد قول من ذكرنا قوله في ذلك. (144)* * *القول في تأويل قوله تعالى وَلا يُقْبَلُ مِنْهَا شَفَاعَةٌقال أبو جعفر: و " الشفاعة " مصدر من قول الرجل: شفع لي فلان إلى فلان شفاعة (145) وهو طلبه إليه في قضاء حاجته. وإنما قيل للشفيع " شفيع وشافع " لأنه ثنى المستشفع به, فصار به شفعا (146) فكان ذو الحاجة -قبل استشفاعه به في حاجته- فردا, فصار صاحبه له فيها شافعا, وطلبه فيه وفي حاجته شفاعة. ولذلك سمي الشفيع في الدار وفي الأرض " شفيعا " لمصير البائع به شفعا. (147)* * *فتأويل الآية إذا: واتقوا يوما لا تقضي نفس عن نفس حقا لزمها لله جل ثناؤه ولا لغيره, ولا يقبل الله منها شفاعة شافع, فيترك لها ما لزمها من حق.وقيل: إن الله عز وجل خاطب أهل هذه الآية بما خاطبهم به فيها، لأنهم كانوا من يهود بني إسرائيل, وكانوا يقولون: نحن أبناء الله وأحباؤه وأولاد أنبيائه, وسيشفع لنا عنده آباؤنا. فأخبرهم الله جل وعز أن نفسا لا تجزي عن نفس شيئا في القيامة, ولا يقبل منها شفاعة أحد فيها حتى يستوفى لكل ذي حق منها حقه. كما:-880 - حدثني عباس بن أبي طالب, قال: حدثنا حجاج بن نصير, عن شعبة, عن العوام بن مراجم -رجل من قيس بن ثعلبة-, عن أبي عثمان النهدي, عن عثمان بن عفان: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن الجماء لتقتص من القرناء يوم القيامة, كما قال الله عز وجل وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا ... [الأنبياء: 47] الآية (148)فآيسهم الله جل ذكره مما كانوا أطمعوا فيه أنفسهم من النجاة من عذاب الله -مع تكذيبهم بما عرفوا من الحق وخلافهم أمر الله في اتباع محمد صلى الله عليه وسلم وما جاءهم به من عنده- بشفاعة آبائهم وغيرهم من الناس كلهم؛ وأخبرهم أنه غير نافعهم عنده إلا التوبة إليه من كفرهم والإنابة من ضلالهم, وجعل ما سن فيهم من ذلك إماما لكل من كان على مثل منهاجهم لئلا يطمع ذو إلحاد في رحمة الله (149) .وهذه الآية وإن كان مخرجها عاما في التلاوة, فإن المراد بها خاص في التأويل لتظاهر الأخبار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: " شفاعتي لأهل الكبائر من أمتي" وأنه قال: " ليس من نبي إلا وقد أعطي دعوة, وإني اختبأت دعوتي شفاعة لأمتي, وهي نائلة إن شاء الله منهم من لا يشرك بالله شيئا ". (150)فقد تبين بذلك أن الله جل ثناؤه قد يصفح لعباده المؤمنين -بشفاعة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم لهم- عن كثير من عقوبة إجرامهم بينهم وبينه (151) وأن قوله: (ولا يقبل منها شفاعة) إنما هي لمن مات على كفره غير تائب إلى الله عز وجل. وليس هذا من مواضع الإطالة في القول في الشفاعة والوعد والوعيد, فنستقصي الحجاج في ذلك, وسنأتي على ما فيه الكفاية في مواضعه إن شاء الله .* * *القول في تأويل قوله تعالى وَلا يُؤْخَذُ مِنْهَا عَدْلٌقال أبو جعفر: و " العدل " -في كلام العرب بفتح العين-: الفدية، كما:- 881 - حدثنا به المثنى بن إبراهيم, قال: حدثنا آدم, قال: حدثنا أبو جعفر, عن الربيع, عن أبي العالية: (ولا يؤخذ منها عدل) قال: يعني فداء.882 - حدثني موسى بن هارون, قال: حدثنا عمرو بن حماد, قال: حدثنا أسباط بن نصر، عن السدي: (ولا يؤخذ منها عدل) أما عدل: فيعدلها من العدل, يقول: لو جاءت بملء الأرض ذهبا تفتدي به ما تقبل منها.883 - حدثنا الحسن بن يحيى, قال: أخبرنا عبد الرزاق, أخبرنا معمر عن قتادة في قوله: (ولا يؤخذ منها عدل) قال: لو جاءت بكل شيء لم يقبل منها.884 - حدثنا القاسم بن الحسن, قال: حدثنا حسين, قال: حدثني حجاج, عن ابن جريج, قال: قال مجاهد: قال ابن عباس: (ولا يؤخذ منها عدل) قال: بدل, والبدل: الفدية.885 - حدثني يونس بن عبد الأعلى, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد: (ولا يؤخذ منها عدل) قال: لو أن لها ملء الأرض ذهبا لم يقبل منها فداء قال: ولو جاءت بكل شيء لم يقبل منها.886 - وحدثني نجيح بن إبراهيم, قال: حدثنا علي بن حكيم, قال: حدثنا حميد بن عبد الرحمن, عن أبيه, عن عمرو بن قيس الملائي, عن رجل من بني أمية -من أهل الشام أحسن عليه الثناء-, قال: قيل يا رسول الله ما العدل؟ قال: العدل: الفدية (152) .وإنما قيل للفدية من الشيء والبدل منه " عدل ", لمعادلته إياه وهو من غير جنسه; ومصيره له مثلا من وجه الجزاء, لا من وجه المشابهة في الصورة والخلقة, كما قال جل ثناؤه: وَإِنْ تَعْدِلْ كُلَّ عَدْلٍ لا يُؤْخَذْ مِنْهَا [الأنعام: 70] بمعنى: وإن تفد كل فدية لا يؤخذ منها. (153) يقال منه: " هذا عدله وعديله ". وأما " العدل " بكسر العين, فهو مثل الحمل المحمول على الظهر, يقال من ذلك: " عندي غلام عدل غلامك, وشاة عدل شاتك " -بكسر العين-, إذا كان غلام يعدل غلاما, وشاة تعدل شاة. (154) وكذلك ذلك في كل مثل للشيء من جنسه. فإذا أريد أن عنده قيمته من غير جنسه نصبت العين فقيل: " عندي عدل شاتك من الدراهم ". وقد ذكر عن بعض العرب أنه يكسر العين من " العدل " الذي هو بمعنى الفدية لمعادلة ما عادله من جهة الجزاء, وذلك لتقارب معنى العدل والعدل عندهم, فأما واحد " الأعدال " فلم يسمع فيه إلا " عدل " بكسر العين. (155)* * *القول في تأويل قوله تعالى وَلا هُمْ يُنْصَرُونَ (48)وتأويل قوله: (ولا هم ينصرون) يعني أنهم يومئذ لا ينصرهم ناصر, كما لا يشفع لهم شافع, ولا يقبل منهم عدل ولا فدية. بطلت هنالك المحاباة واضمحلت الرشى والشفاعات, وارتفع بين القوم التعاون والتناصر (156) وصار الحكم إلى العدل الجبار الذي لا ينفع لديه الشفعاء والنصراء, فيجزي بالسيئة مثلها وبالحسنة أضعافها. وذلك نظير قوله جل ثناؤه: وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْئُولُونَ * مَا لَكُمْ لا تَنَاصَرُونَ * بَلْ هُمُ الْيَوْمَ مُسْتَسْلِمُونَ [الصافات: 24-26] وكان ابن عباس يقول في معنى: لا تَنَاصَرُونَ ، ما:-887 - حدثت به عن المنجاب, قال: حدثنا بشر بن عمارة, عن أبي روق, عن الضحاك, عن ابن عباس: مَا لَكُمْ لا تَنَاصَرُونَ ما لكم لا تمانعون منا؟ هيهات ليس ذلك لكم اليوم! (157)* * *وقد قال بعضهم في معنى قوله: (ولا هم ينصرون) : وليس لهم من الله يومئذ نصير ينتصر لهم من الله إذا عاقبهم. وقد قيل: ولا هم ينصرون بالطلب فيهم والشفاعة والفدية.* * *قال أبو جعفر: والقول الأول أولى بتأويل الآية لما وصفنا من أن الله جل ثناؤه إنما أعلم المخاطبين بهذه الآية أن يوم القيامة يوم لا فدية -لمن استحق من خلقه عقوبته-, ولا شفاعة فيه, ولا ناصر له. وذلك أن ذلك قد كان لهم في الدنيا, فأخبر أن ذلك يوم القيامة معدوم لا سبيل لهم إليه.* * *---------------------------الهوامش:(132) الكامل 1 : 22 ، وأمالي ابن الشجري 1 : 6 ، 186 وغيرهما . صبح القوم : سقاهم الصبوح ، وهو ما يشرب صباحا من لبن أو خمر . يدعو لها بالخير من حسن ما أطعمته على مسغبة كابدها .(133) انظر 1 : 139 - 141 ، 179 ، وانظر لسان العرب (جزى) .(134) تضمين من آية سورة لقمان : 33 .(135) انظر ما جاء في ذلك في لسان العرب (جزى) ، والذي جاء به الطبري أتم وأبين.(136) يرد عليه حق : وجب ولزم . ويرد لي كذا وكذا : أي ثبت . ويقال : لي عليه ألف بارد ، أي ثابت .(137) الحديث: 875 - هذا إسناد صحيح. نصر بن عبد الرحمن الأزدي: سبق في. 423، وأثبت في الشرح هناك"التاجي"، وهو سهو، صوابه"الناجي" بالنون. و"الأزدي" بالزاي، وفي المطبوعة هنا"الأودي" بالواو، وهو خطأ. المحاربي: هو عبد الرحمن بن محمد، سبق في: 221. أبو خالد الدالاني، يزيد بن عبد الرحمن: تكلموا فيه، والحق أنه ثقة، وثقه أبو حاتم وغيره، وترجمه البخاري في الكبير 4/2 /346 - 347، وابن أبي حاتم 4/2 /277، فلم يذكرا فيه جرحا. وهو مترجم في التهذيب في الكني، لخلاف في اسم أبيه، ولكن رجح الترمذي والطبري ما ذكرنا، وكذلك رجح البخاري وابن أبي حاتم."الدالاني" في المطبوعة هنا"الدولابي"، وهو خطأ، صححناه من المخطوطة .والحديث رواه الترمذي 3: 292 ، عن هناد ، ونصر بن عبد الرحمن ، كلاهما عن المحاربي ، بهذا الإسناد، ثم قال: " هذا حديث حسن صحيح . وقد روى مالك بن أنس ، عن سعيد المقبري ، عن أبي هريرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم، نحوه " .وقوله أثناء الحديث "قال أبو كريب" ، في المطبوعة " قال أبو بكر" ، وهو خطأ واضح ، صحته من المخطوطة .(138) الحديث: 876 - هو الحديث السابق، بمعناه، ولكن من رواية مالك. وهي الرواية التي نقلنا إشارة الترمذي إليها.أبو عثمان المقدمي - بضم الميم وفتح القاف وتشديد الدال المهملة المفتوحة: وهو أحمد بن محمد بن أبي بكر، نسب إلى"مقدم" أحد أجداده. وهو ثقة، ترجمه ابن أبي حاتم 1/1/ 73، وقال:"سمعت منه بمكة، وهو صدوق"، وترجمه السمعاني في الأنساب، في الورقة: 539 والخطيب في تاريخ بغداد 4: 398 - 399، مات سنة 264. الفروي: بفتح الفاء وسكون الراء، نسبة إلى أحد أجداده ، وفي المطبوعة بالقاف بدل الفاء، وهو تصحيف . وهو : إسحاق بن محمد بن أبي فروة ، أحد الرواة عن مالك، وأحد شيوخ البخاري، وهو ثقة، تكلم فيه بعضهم بغير حجة. وقد رجحنا توثيقه في شرح المسند: 7425 والحديث من طريق مالك: رواه البخاري 11: 343 - 344 (فتح الباري)، عن إسماعيل - وهو ابن أبي أويس، ابن أخت مالك ونسيبه - عن مالك. ورواه أحمد في المسند: 9613 (2: 435 حلبي)، من طريق مالك وابن أبي ذئب، كلاهما عن المقبري. ثم رواه أيضًا: 10580 (2: 506)، من طريق ابن أبي ذئب. ورواه البخاري أيضًا 5: 73، من طريق ابن أبي ذئب. وأوله في هذه الروايات:"من كانت عنده مظلمة...)، فذكر نحوه، بمعناه.(139) الحديث: 877 - هو الحديث السابق، بنحوه، من طريق أخرى. أبو همام الأهوازي: هو محمد بن الزبرقان، وهو ثقة، وترجمه البخاري في الكبير 1 /1 / 87، وقال:"معروف الحديث"، ابن أبي حاتم 3 / 2 / 260، وأخرج له الشيخان في الصحيحين. عبد الله بن سعيد: أنا أرجح أنه"عبد الله بن سعيد بن أبي هند"، وهو ثقة. وبعيد أن يكون"عبد الله بن سعيد المقبري"، إذ يأباه سياق الإسناد، لو كان إياه لكان"عبد الله بن سعيد عن أبيه". أما وهو"عبد الله بن سعيد عن سعيد" - فالظاهر أنه غير ابن سعيد المقبري. والحديث صحيح بكل حال، بالأسانيد السابقة.(140) الحديث : 878 - هذا إسناد صحيح متصل عن ابن عباس ، ولم أجده في مسند الإمام أحمد ، ولا في الكتب الستة ، ولا في مجمع الزوائد ، ولا أشار إليه الترمذي في قوله"وفي الباب" . فهو فائدة زائدة ، يستفاد من رواية أبي جعفر رحمه الله .(141) الحديث: 879 - هذا إسناد فيه إشكال لم أستطع تحقيقه. أما"سلم بن قادم": فإنه"سلم" بفتح السين وسكون اللام. وفي المطبوعة هنا"سالم" بالألف بعد السين، وهو خطأ. وسلم هذا: بغدادي ثقة، يروي عن سفيان بن عيينة، وبقية بن الوليد، وغيرهما. ترجمه ابن أبي حاتم 2 /1 / 268، والخطيب في تاريخ بغداد 9: 145 - 146. وله ترجمة موجزة في لسان الميزان 3: 65.وأبو معاوية هاشم بن عيسى: هو هاشم بن أبي هريرة الحمصي، اشتهر بالانتساب إلى كنية أبيه، أعنى"هاشم بن أبي هريرة". ترجمة ابن أبي حاتم 4 / 2 / 105، ولم يذكر فيه جرحا. وله ترجمة غير محررة في لسان الميزان 6: 184، ذكر فيها اسم الراوي عنه"مسلم بن قادم"، وهو تحريف.وأما الإشكال في الإسناد، ففي"الحارث بن مسلم"، الراوي هنا عن الزهري. فما أدري من ذا؟ ولا ما صحته؟ ولعل فيه تحريفا لم أستطع إدراكه. ثم لم أجد هذا الحديث من حديث أنس قط، بعد طول البحث والتتبع. وهناك في المستدرك للحاكم 4: 576، حديث آخر لأنس، من وجه آخر فيه بعض هذا المعنى. إسناده ضعيف.(142) في المطبوعة : "فيأخذه منه" ، والذي في المخطوطة أعرب . تجافى له عن الشيء : أعرض عنه ولم يلازمه بطلبه ، وتجاوز له عنه .(143) انظر ما مضى في معنى"ظاهر" 1 ، 72 ، تعليق : 2 ، وهذا الجزء 2 : 15 .(144) هذا من جيد البيان عن معاني اللغة ، وهو منهج من النظر سبق به الطبري كل من تكلم في الفصل بين معاني الكلام العربي .(145) في المخطوطة : " شفع لي فلان شفاعة" . بالحذف .(146) في المطبوعة : " المستشفع له" ، وهو خطأ ، كما يدل عليه تمام الكلام .(147) قال ابن قتيبة في تفسير"الشفعة" : "كان الرجل في الجاهلية ، إذا أراد بيع منزل ، أتاه رجل فشفع إليه فيما باع ، فشفعه وجعله أولى بالميبع ممن بعد سببه . فسميت شفعة ، وسمى طالبها شفيعا" . والشفعة في الدار والأرض : القضاء بها لصاحبها (اللسان : شفع) .(148) الحديث: 880 - عباس بن أبي طالب: هو عباس بن جعفر بن الزبرقان البغدادي، وهو ثقة، مترجم في التهذيب، ترجمه ابن أبي حاتم 3 / 1 /215، والخطيب في تاريخ بغداد 12: 411 - 142."العوام بن مراجم". بالراء والجيم، ثبت في الأصول"مزاحم" بالزاي والحاء، وهو تصحيف.والحديث ضعيف الإسناد، من أجل حجاج بن نصير الفساطيطي. وقد رواه عبد الله بن أحمد، في الزوائد على المسند: 520، عن عباس بن محمد وأبي يحيى البزار، كلاهما عن حجاج بن نصير. وقد فصلنا القول في ضعفه هناك.وأما معناه فصحيح ثابت، من حديث أبي هريرة، رواه أحمد في المسند: 7203. ورواه مسلم، والترمذي، وصححه. "الجماء": لا قرن لها. و"القرناء": ذات القرن.(149) في المطبوعة : "في رحمة الله" وليست بجيدة .(150) حديث : "شفاعتي لأهل الكبائر من أمتي" : هكذا ذكره الطبري دون إسناد . وهو حديث صحيح ، ذكره السيوطي في الجامع الصغير ، ونسبه لأحمد ، وأبي داود ، والترمذي ، وابن حبان ، والحاكم-عن أنس . والترمذي ، وابن ماجه ، وابن حبان ، والحاكم-عن جابر . انظر شرح المناوي الكبير ، رقم 4892 (ج 4 ص 163) .وحديث"ليس من نبي" إلخ : كذلك جاء به الطبري دون إسناد . ومعناه ثابت صحيح ، من حديث أنس بن مالك ، رواه البخاري ، ومسلم . انظر الترغيب والترهيب 4 : 213 .(151) في المطبوعة : "إجرامهم بينه وبينهم" ، والذي في المخطوطة هو الصواب الجيد .(152) الحديث: 886 - نجيح بن إبراهيم: لم أجد في كل المراجع التي بين يدى، غير ترجمة"نجيح بن إبراهيم بن محمد الكرماني"، في لسان الميزان 6: 149، وأنه كوفي ثقة، يروي عن أبي نعيم فهو من طبقة شيوخ الطبري. فالراجح أنه هو. علي بن حكيم - بفتح الحاء - هو الأودي الكوفي، وهو ثقة من شيوخ البخاري ومسلم.حميد بن عبد الرحمن بن حميد الرؤاسي، وأبوه: ثقتان. عمرو بن قيس الملائي - بضم الميم وتخفيف اللام - الكوفي: ثقة من أتباع التابعين. وقد روى هذا الحديث مرفوعا، عن رجل أبهم اسمه وأثنى عليه، والراجح أنه تابعي. فيكون الإسناد مرسلا أو منقطعا، فهو ضعيف ولم أجده عن غير الطبري، نقله عنه ابن كثير 1: 161، والسيوطي 1: 68.(153) الجملة في تفسير الآية ، ساقطة من المخطوطة .(154) وهذه الجملة في المخطوطة جاءت هكذا : "يقال من ذلك : عندي غلام عدل غلاما وشاة عدل شاة" ، واكتفى بهذا القدر منها ، مع الخطأ البين فيها .(155) وهذا أيضًا بيان جيد ، قلما تصيبه في كتاب من كتب اللغة .(156) في المطبوعة : "وارتفع من القوم" ، وهو خطأ . وارتفع هنا : بمعنى ذهب وانقضى مجاز من الارتفاع ، وهو العلو .(157) الأثر : 887 - لم يذكره في تفسير الآية من سورة الصافات ، انظر (23 : 32 بولاق)
وَ اِذْ نَجَّیْنٰكُمْ مِّنْ اٰلِ فِرْعَوْنَ یَسُوْمُوْنَكُمْ سُوْٓءَ الْعَذَابِ یُذَبِّحُوْنَ اَبْنَآءَكُمْ وَ یَسْتَحْیُوْنَ نِسَآءَكُمْؕ-وَ فِیْ ذٰلِكُمْ بَلَآءٌ مِّنْ رَّبِّكُمْ عَظِیْمٌ(۴۹)
اور (یاد کرو) جب ہم نے تم کو فرعون والوں سے نجات بخشی (ف۸۲) کہ وہ تم پر برا عذاب کرتے تھے (ف۸۳) تمہارے بیٹوں کو ذبح کرتے اور تمہاری بیٹیوں کو زندہ رکھتے (ف۸۴) اور اس میں تمہارے رب کی طرف سے بڑی بلا تھی (یا بڑا انعام) (ف۸۵)
القول في تأويل قوله تعالى وَإِذْ نَجَّيْنَاكُمْ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَأما تأويل قوله: (وإذ نجيناكم) فإنه عطف على قوله: يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ . فكأنه قال: اذكروا نعمتي التي أنعمت عليكم, واذكروا إنعامنا عليكم -إذ نجيناكم من آل فرعون- بإنجائناكم منهم. (1)* * *وأما آل فرعون فإنهم أهل دينه وقومه وأشياعه.وأصل "آل " أهل, أبدلت الهاء همزة, كما قالوا " ماء " (2) فأبدلوا الهاء همزة, فإذا صغروه قالوا: " مويه ", فردوا الهاء في التصغير وأخرجوه على أصله. وكذلك إذا صغروا آل, قالوا: " أهيل ". وقد حكي سماعا من العرب في تصغير "آل ": " أويل ". (3) وقد يقال: " فلان من آل النساء " (4) يراد به أنه منهن خلق, ويقال ذلك أيضا بمعنى أنه يريدهن ويهواهن, كما قال الشاعر:فإنك من آل النساء وإنمايَكُنَّ لأدْنَى; لا وصال لغائب (5)وأحسن أماكن "آل " أن ينطق به مع الأسماء المشهورة, مثل قولهم: آل النبي محمد صلى الله عليه وسلم، وآل علي, وآل عباس, وآل عقيل. وغير مستحسن استعماله مع المجهول, وفي أسماء الأرضين وما أشبه ذلك; غير حسن عند أهل العلم بلسان العرب أن يقال: رأيت آل الرجل, ورآني آل المرأة -ولا-: رأيت آل البصرة, وآل الكوفة. وقد ذكر عن بعض العرب سماعا أنها تقول: " رأيت آل مكة وآل المدينة ". وليس ذلك في كلامهم بالفاشي المستعمل (6) .* * *وأما " فرعون " فإنه يقال: إنه اسم كانت ملوك العمالقة بمصر تسمى به, كما كانت ملوك الروم يسمى بعضهم " قيصر " وبعضهم " هرقل ", وكما كانت ملوك فارس تسمى " الأكاسرة " واحدهم " كسرى ", وملوك اليمن تسمى " التبابعة "، واحدهم " تبع ".وأما " فرعون موسى " الذي أخبر الله تعالى عن بني إسرائيل أنه نجاهم منه فإنه يقال: إن اسمه " الوليد بن مُصعب بن الريان ", وكذلك ذكر محمد بن إسحاق أنه بلغه عن اسمه.888 - حدثنا بذلك محمد بن حميد, قال: حدثنا سلمة, عن ابن إسحاق: أن اسمه الوليد بن مُصعب بن الريان. (7)* * *وإنما جاز أن يقال: (وإذ نجيناكم من آل فرعون)، والخطاب به لمن لم يدرك فرعون ولا المنجَّين منه, لأن المخاطبين بذلك كانوا أبناء من نجاهم من فرعون وقومه, فأضاف ما كان من نعمه على آبائهم إليهم, وكذلك ما كان من كفران آبائهم على وجه الإضافة, كما يقول القائل لآخر: " فعلنا بكم كذا, وفعلنا بكم كذا, وقتلناكم وسبيناكم ", والمخبِر إما أن يكون يعني قومه وعشيرته بذلك، أو أهل بلده ووطنه -كان المقولُ له ذلك أدرك ما فعل بهم من ذلك أو لم يدركه, كما قال الأخطل يهاجي جرير بن عطية:ولقد سما لكم الهذيل فنالكمبإرَابَ, حيث يقسِّم الأنفالا (8)في فيلق يدعو الأراقم, لم تكنفرسانه عُزلا ولا أكفالا (9)ولم يلحق جرير هذيلا ولا أدركه, ولا أدرك إراب ولا شهده. (10) ولكنه لما كان يوما من أيام قوم الأخطل على قوم جرير, أضاف الخطاب إليه وإلى قومه. فكذلك خطاب الله عز وجل من خاطبه بقوله: (وإذ نجيناكم من آل فرعون) لما كان فعله ما فعل من ذلك بقوم من خاطبه بالآية وآبائهم, أضاف فعله ذلك الذي فعله بآبائهم إلى المخاطبين بالآية وقومهم. (11) .* * *القول في تأويل قوله تعالى يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذَابِوفي قوله: (يسومونكم) وجهان من التأويل, أحدهما: أن يكون خبرا مستأنفا عن فعل فرعون ببني إسرائيل, فيكون معناه حينئذ: و اذكروا نعمتي عليكم إذ نجيتكم من آل فرعون (12) وكانوا من قبل يسومونكم سوء العذاب. وإذا كان ذلك تأويله كان موضع " يسومونكم " رفعا.والوجه الثاني: أن يكون " يسومونكم " حالا فيكون تأويله حينئذ: وإذ نجيناكم من آل فرعون سائميكم سوء العذاب, فيكون حالا من آل فرعون.* * *وأما تأويل قوله: (يسومونكم) فإنه: يوردونكم, ويذيقونكم, ويولونكم, يقال منه: " سامه خطة ضيم "، إذا أولاه ذلك وأذاقه, كما قال الشاعر:إن سيم خسفا, وجهه تربدا (13)* * *فأما تأويل قوله: (سوء العذاب) فإنه يعني: ما ساءهم من العذاب. وقد قال بعضهم: أشد العذاب; ولو كان ذلك معناه لقيل: أسوأ العذاب.* * *فإن قال لنا قائل: وما ذلك العذاب الذي كانوا يسومونهم الذي كان يسوؤهم؟ (14)قيل: هو ما وصفه الله تعالى في كتابه فقال: يُذَبِّحُونَ أَبْنَاءَكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءَكُمْ ، وقد قال محمد بن إسحاق في ذلك ما:-889 - حدثنا به ابن حميد, قال: حدثنا سلمة, قال: أخبرنا ابن إسحاق, قال: كان فرعون يعذب بني إسرائيل فيجعلهم خدما وخولا وصنفهم في أعماله, فصنف يبنون, [وصنف يحرثون]، وصنف يزرعون له, فهم في أعماله, ومن لم يكن منهم في صنعة [له] من عمله: فعليه الجزية -فسامهم- كما قال الله عز وجل: سوء العذاب. (15)وقال السدي: جعلهم في الأعمال القذرة, وجعل يقتل أبناءهم, ويستحيي نساءهم:890 - حدثني بذلك موسى بن هارون, قال: حدثنا عمرو بن حماد, قال: حدثنا أسباط عن السدي. (16)* * *القول في تأويل قوله تعالى يُذَبِّحُونَ أَبْنَاءَكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءَكُمْقال أبو جعفر: وأضاف الله جل ثناؤه ما كان من فعل آل فرعون ببني إسرائيل = من سومهم إياهم سوء العذاب، وذبحهم أبناءهم، واستحيائهم نساءهم = إليهم، دون فرعون -وإن كان فعلهم ما فعلوا من ذلك كان بقوة فرعون، وعن أمره- لمباشرتهم ذلك بأنفسهم. فبين بذلك أن كل مباشر قتل نفس أو تعذيب حي بنفسه، وإن كان عن أمر غيره, ففاعله المتولي ذلك هو المستحق إضافة ذلك إليه, وإن كان الآمر قاهرا الفاعل المأمور بذلك -سلطانا كان الآمر، أو لصا خاربا، أو متغلبا فاجرا. (17) كما أضاف جل ثناؤه ذبح أبناء بني إسرائيل واستحياء نسائهم إلى آل فرعون دون فرعون, وإن كانوا بقوة فرعون وأمره إياهم بذلك، فعلوا ما فعلوا، مع غلبته إياهم وقهره لهم. فكذلك كل قاتل نفسا بأمر غيره ظلما، فهو المقتول عندنا به قصاصا, وإن كان قتله إياها بإكراه غيره له على قتله. (18)* * *وأما تأويل ذبحهم أبناء بني إسرائيل, واستحيائهم نساءهم، (19) فإنه كان فيما ذكر لنا عن ابن عباس وغيره كالذي:-891 - حدثنا به العباس بن الوليد الآملي وتميم بن المنتصر الواسطي, قالا حدثنا يزيد بن هارون, قال: أخبرنا الأصبغ بن زيد, قال: حدثنا القاسم بن أيوب, قال: حدثنا سعيد بن جبير, عن ابن عباس, قال: تذاكر فرعون وجلساؤه ما كان الله وعد إبراهيم خليله أن يجعل في ذريته أنبياء وملوكا وائتمروا, وأجمعوا أمرهم على أن يبعث رجالا معهم الشفارُ (20) يطوفون في بني إسرائيل, فلا يجدون مولودا ذكرا إلا ذبحوه, ففعلوا. فلما رأوا أن الكبار من بني إسرائيل يموتون بآجالهم, وأن الصغار يذبحون, قال: توشكون أن تفنوا بني إسرائيل فتصيروا إلى أن تباشروا من الأعمال والخدمة ما كانوا يكفونكم, فاقتلوا عاما كل مولود ذكر فتقل أبناؤهم؛ ودعوا عاما. فحملت أم موسى بهارون في العام الذي لا يذبح فيه الغلمان, فولدته علانية آمنة, حتى إذا كان القابل حملت بموسى. (21)892 - وقد حدثنا عبد الكريم بن الهيثم, قال: حدثنا إبراهيم بن بشار الرمادي, قال: حدثنا سفيان بن عيينة, قال: حدثنا أبو سعيد, عن عكرمة, عن ابن عباس, قال: قالت الكهنة لفرعون: إنه يولد في هذا العام مولود يذهب بملكك. قال: فجعل فرعون على كل ألف امرأة مائة رجل, وعلى كل مائة عشرة, وعلى كل عشرة رجلا فقال: انظروا كل امرأة حامل في المدينة, فإذا وضعت حملها فانظروا إليه, فإن كان ذكرا فاذبحوه, وإن كان أنثى فخلوا عنها. وذلك قوله: (يذبحون أبناءكم ويستحيون نساءكم وفي ذلكم بلاء من ربكم عظيم) . (22)893 - حدثني المثنى بن إبراهيم, قال: حدثنا آدم, قال: حدثنا أبو جعفر, عن الربيع, عن أبي العالية في قوله: وَإِذْ نَجَّيْنَاكُمْ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذَابِ قال: إن فرعون ملكهم أربعمائة سنة, فقالت الكهنة: إنه سيولد العام بمصر غلام يكون هلاكك على يديه. فبعث في أهل مصر نساء قوابل (23) فإذا ولدت امرأة غلاما أُتي به فرعون فقتله، ويستحيي الجواري.894 - وحدثني المثنى, قال: حدثنا إسحاق بن الحجاج, قال: حدثنا عبد الله بن أبي جعفر, عن أبيه, عن الربيع بن أنس في قوله: وَإِذْ نَجَّيْنَاكُمْ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ الآية, قال: إن فرعون ملكهم أربعمائة سنة, وإنه أتاه آت, فقال: إنه سينشأ في مصر غلام من بني إسرائيل، فيظهر عليك، ويكون هلاكك على يديه. فبعث في مصر نساء. فذكر نحو حديث آدم.895 - وحدثني موسى بن هارون, قال: حدثنا عمرو بن حماد, قال: حدثنا أسباط بن نصر عن السدي, قال: كان من شأن فرعون أنه رأى في منامه أن نارا أقبلت من بيت المقدس حتى اشتملت على بيوت مصر, فأحرقت القبط وتركت بني إسرائيل، وأخربت بيوت مصر. فدعا السحرة والكهنة والعافة والقافة والحازة, فسألهم عن رؤياه (24) فقالوا له: يخرج من هذا البلد الذي جاء بنو إسرائيل منه -يعنون بيت المقدس- رجل يكون على وجهه هلاك مصر. فأمر ببني إسرائيل أن لا يولد لهم غلام إلا ذبحوه, ولا تولد لهم جارية إلا تركت. وقال للقبط: انظروا مملوكيكم الذين يعملون خارجا فأدخلوهم, واجعلوا بني إسرائيل يلون تلك الأعمال القذرة. فجعل بني إسرائيل في أعمال غلمانهم, وأدخلوا غلمانهم; فذلك حين يقول الله تبارك وتعالى: إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلا فِي الأَرْضِ -يقول: تجبر في الأرض- وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعًا - , يعني بني إسرائيل, حين جعلهم في الأعمال القذرة-, يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْنَاءَهُمْ [القصص: 4] فجعل لا يولد لبني إسرائيل مولود إلا ذبح، فلا يكبر الصغير. وقذف الله في مشيخة بني إسرائيل الموت, فأسرع فيهم. فدخل رءوس القبط على فرعون, فكلموه, فقالوا: إن هؤلاء قد وقع فيهم الموت, فيوشك أن يقع العمل على غلماننا! بذبح أبنائهم، فلا تبلغ الصغار وتفنى الكبار! (25) فلو أنك كنت تبقي من أولادهم! فأمر أن يذبحوا سنة ويتركوا سنة. فلما كان في السنة التي لا يذبحون فيها ولد هارون, فترك; فلما كان في السنة التي يذبحون فيها حملت بموسى. (26) .896 - حدثنا محمد بن حميد, قال: حدثنا سلمة, عن ابن إسحاق, قال: ذكر لي أنه لما تقارب زمان موسى أتى منجمو فرعون وحزاته إليه (27) فقالوا له: تعلم أنا نجد في علمنا أن مولودا من بني إسرائيل قد أظلك زمانه الذي يولد فيه (28) يسلبك ملكك، ويغلبك على سلطانك, ويخرجك من أرضك, ويبدل دينك. فلما قالوا له ذلك, أمر بقتل كل مولود يولد من بني إسرائيل من الغلمان, وأمر بالنساء يستحيين. فجمع القوابل من نساء [أهل] مملكته, فقال لهن: لا يسقطن على أيديكن غلام من بني إسرائيل إلا قتلتنه. فكن يفعلن ذلك, وكان يذبح من فوق ذلك من الغلمان, ويأمر بالحبالى فيعذبن حتى يطرحن ما في بطونهن. (29)897 - حدثنا ابن حميد قال، حدثنا سلمة, عن محمد بن إسحاق, عن عبد الله بن أبي نجيح, عن مجاهد قال، لقد ذكر [لي] أنه كان ليأمر بالقصب فيشق حتى يجعل أمثال الشفار, ثم يصف بعضه إلى بعض, ثم يؤتى بالحبالى من بني إسرائيل فيوقفهن عليه (30) فيحز أقدامهن. حتى إن المرأة منهن لتمصع بولدها فيقع من بين رجليها (31) فتظل تطؤه تتقي به حد القصب عن رجلها، لما بلغ من جهدها، حتى أسرف في ذلك وكاد يفنيهم، فقيل له: أفنيت الناس وقطعت النسل! وإنهم خولك وعمالك! فأمر أن يقتل الغلمان عاما ويستحيوا عاما. فولد هارون في السنة التي يستحيا فيها الغلمان, وولد موسى في السنة التي فيها يقتلون. (32)* * *قال أبو جعفر: والذي قاله من ذكرنا قوله من أهل العلم: كان ذبح آل فرعون أبناء بني إسرائيل واستحياؤهم نساءهم (33) فتأويل قوله إذًا -على ما تأوله الذين ذكرنا قولهم-: (ويستحيون نساءكم)، يستبقونهن فلا يقتلونهن.وقد يجب على تأويل من قال بالقول الذي ذكرنا عن ابن عباس وأبي العالية والربيع بن أنس والسدي في تأويل قوله: (ويستحيون نساءكم)، أنه تركهم الإناث من القتل عند ولادتهن إياهن - أن يكون جائزا أن يسمى الطفل من الإناث في حال صباها وبعد ولادها: " امرأة " (34) والصبايا الصغار وهن أطفال: " نساء ". لأنهم تأولوا قول الله عز وجل: (ويستحيون نساءكم)، يستبقون الإناث من الولدان عند الولادة فلا يقتلونهن.وقد أنكر ذلك من قولهم ابن جريج, فقال بما:-898 - حدثنا به القاسم بن الحسن قال، حدثنا الحسين بن داود قال، حدثني حجاج, عن ابن جريج قوله: (ويستحيون نساءكم) قال: يسترقون نساءكم.فحاد ابن جريج، بقوله هذا، عما قاله من ذكرنا قوله في قوله: (ويستحيون نساءكم): إنه استحياء الصبايا الأطفال, إذ لم يجدهن يلزمهن اسم " نساء " (35) ثم دخل فيما هو أعظم مما أنكر بتأويله " ويستحيون "، يسترقون, وذلك تأويل غير موجود في لغة عربية ولا أعجمية (36) . وذلك أن الاستحياء إنما هو استفعال من الحياة (37) نظير " الاستبقاء " من " البقاء "، و " الاستسقاء " من " السقي". وهو من معنى الاسترقاق بمعزل.* * *وقد تأول آخرون: قوله (38) (يذبحون أبناءكم)، بمعنى يذبحون رجالكم آباء أبنائكم، وأنكروا أن يكون المذبوحون الأطفال, وقد قرن بهم النساء. فقالوا: في إخبار الله جل ثناؤه إن المستحيين هم النساء، الدلالة الواضحة على أن الذين كانوا يذبحون هم الرجال دون الصبيان, لأن المذبحين لو كانوا هم الأطفال، لوجب أن يكون المستحيون هم الصبايا. قالوا: وفي إخبار الله عز وجل أنهم النساء، ما بين أن المذبحين هم الرجال (39) .قال أبو جعفر: وقد أغفل قائلو هذه المقالة - مع خروجهم من تأويل أهل التأويل من الصحابة والتابعين - موضع الصواب. وذلك أن الله جل ثناؤه قد أخبر عن وحيه إلى أم موسى أنه أمرها أن ترضع موسى, فإذا خافت عليه أن تلقيه في التابوت، ثم تلقيه في اليم. فمعلوم بذلك أن القوم لو كانوا إنما يقتلون الرجال ويتركون النساء، لم يكن بأم موسى حاجة إلى إلقاء موسى في اليم, أو لو أن موسى كان رجلا لم تجعله أمه في التابوت.ولكن ذلك عندنا على ما تأوله ابن عباس ومن حكينا قوله قبل: من ذبح آل فرعون الصبيان وتركهم من القتل الصبايا. وإنما قيل: (ويستحيون نساءكم)، إذ كان الصبايا داخلات مع أمهاتهن - وأمهاتهن لا شك نساء في الاستحياء، لأنهم لم يكونوا يقتلون صغار النساء ولا كبارهن, فقيل: (ويستحيون نساءكم)، يعني بذلك الوالدات والمولودات، كما يقال: " قد أقبل الرجال " وإن كان فيهم صبيان. فكذلك قوله: (ويستحيون نساءكم). وأما من الذكور، فإنه لما لم يكن يذبح إلا المولودون، قيل: " يذبحون أبناءكم ", ولم يقل: يذبحون رجالكم.* * *القول في تأويل قوله تعالى وَفِي ذَلِكُمْ بَلاءٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَظِيمٌ (49)أما قوله: ( وَفِي ذَلِكُمْ بَلاءٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَظِيمٌ )، فإنه يعني: وفي الذي فعلنا بكم من إنجائناكم (40) - مما كنتم فيه من عذاب آل فرعون إياكم، على ما وصفت - بلاء لكم من ربكم عظيم.* * *ويعني بقوله " بلاء ": نعمة، كما:-899 - حدثني المثنى بن إبراهيم قال، حدثنا أبو صالح قال، حدثني معاوية بن صالح, عن علي بن أبي طلحة, عن ابن عباس، قوله: (بلاء من ربكم عظيم)، قال: نعمة.900 - وحدثني موسى بن هارون قال، حدثنا عمرو بن حماد قال، حدثنا أسباط, عن السدي في قوله: (وفي ذلكم بلاء من ربكم عظيم)، أما البلاء فالنعمة.901 - وحدثنا سفيان قال، حدثنا أبي, عن سفيان, عن رجل, عن مجاهد: (وفي ذلكم بلاء من ربكم عظيم)، قال: نعمة من ربكم عظيمة.902 - حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد, مثل حديث سفيان.903 - حدثني القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج, عن ابن جريج: (وفي ذلكم بلاء من ربكم عظيم)، قال: نعمة عظيمة (41) .* * *وأصل " البلاء " في كلام العرب - الاختبار والامتحان, ثم يستعمل في الخير والشر. لأن الامتحان والاختبار قد يكون بالخير كما يكون بالشر, كما قال ربنا جل ثناؤه: وَبَلَوْنَاهُمْ بِالْحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ [الأعراف: 168]، يقول: اختبرناهم, وكما قال جل ذكره: وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً [الأنبياء: 35]. ثم تسمي العرب الخير " بلاء " والشر " بلاء ". غير أن الأكثر في الشر أن يقال: " بلوته أبلوه بلاء "، وفي الخير: " أبليته أبليه إبلاء وبلاء "، ومن ذلك قول زهير بن أبي سلمى:جزى الله بالإحسان ما فعلا بكموأبلاهما خير البلاء الذي يبلو (42)فجمع بين اللغتين، لأنه أراد: فأنعم الله عليهما خير النعم التي يختبر بها عباده.------------الهوامش :(1) في المطبوعة : "بإنجائنا لكم منهم" ، غيروه ليستقيم وما ألفوه من دارج الكلام(2) في المطبوعة : "كما قالوا : ماه" ، وهو خطأ بين .(3) انظر مادة (أهل) و(أول) في لسان العرب .(4) في المطبوعة : "وقد يقال : فلان . . . "(5) لم أجد البيت ولم أعرف قائله ، وقوله : "يكن لأدنى" يعني للداني القريب الحاضر ، يصلن حباله بالمودة ، أما الغائب فقد تقطعت حباله . وتلك شيمهن ، أستغفر الله بل شيمة أبناء أبينا آدم .(6) في المطبوعة : "بالمستعمل الفاشي" .(7) انظر تاريخ الطبري 1 : 199 .(8) ديوانه : 48 ، ونقائض جرير والأخطل : 77 - 78 . قال الطبري فيما مضى 1 : 366 : "سما فلان لفلان" : إذا أشرف عليه وقصد نحوه عاليا عليه" . والهذيل ، هو الهذيل بن هبيرة التغلبي غزا بني يربوع بإراب (وهو ماء لبنى رياح بن يربوع) فقتل منهم قتلا ذريعا . وأصاب نعما كثيرا ، وسبى سببا كثيرا ، منهم"الخطفى" جد جرير ، فسمى الهذيل"مجدعا" ، وصارت بنو تميم تفزع أولادها باسمه . (انظر خبر ذلك في النقائض 473 ، ونقائض جرير والأخطل : 78) نالكم : أدرككم وأصاب منكم ما أصاب . والأنفال جمع نفل (بفتحتين) : وهي الغنائم . وفي المطبوعة : "تقسم" وهي صواب لا بأس بها .(9) الفيلق : الكتيبة العظيمة . وقوله : "يدعو" الضمير للهذيل . والأراقم : هم جشم ومالك والحارث وثعلبة ومعاوية وعمرو - أبناء بكر بن حبيب بن عمرو بن غنم بن تغلب ، رهط الهذيل . وأنما سموا الأراقم لأن كاهنتهم نظرت إليهم وهم صبيان ، وكانوا تحت دثار لهم ، فكشفت الدثار ، فلما رأتهم قالت : "كأنهم نظروا إلى بعيون الأراقم" ، والأراقم جمع أرقم : وهو أخبث الحيات ، وأشدها ترقدا وطلبا للناس . والعزل جمع أعزل: وهو الذي لا سلاح معه، والأكفال جمع كفل (بكسر فسكون): وهو الذي لا يثبت على متن فرسه ، ولا يحسن الركوب .(10) في المطبوعة : "ولم يلق جرير . . . " .(11) انظر ما سلف قريبا ، 23 - 24(12) في المطبوعة : "إذ نجيناكم . . . " علي سياق الآية ، وهذه أجود .(13) لم أجد الرجز . الخسف : الظلم والإذلال والهوان ، وهي شر ما ينزل بالإنسان ، وأقبح ما ينزله أخ بأخيه الإنسان . وتربد وجهه : تلون من الغضب وتغير ، كأنما تسود منه مواضع . وقوله : "وجهه" فاعل مقدم ، أي تربد وجهه .(14) قوله : "الذي كان يسوؤهم" ، ليس في المخطوطة ، سقط منها .(15) الأثر : 889 - من خبر طويل في تاريخ الطبري 1 : 199 ، والزيادة بين الأقواس من موضعها هناك ويقال : هؤلاء خول فلان : إذا اتخذهم عبيدا .(16) الأثر : 890 - من خبر طويل في تاريخ الطبري 1 : 200 ، وانظر ما سيأتي رقم : 895 .(17) الخارب : اللص الشديد الفساد ، من قولهم : فلان صاحب خربة (بضم فسكون) أي فساد وريبة ، ومنه الخارب : من شدائد الدهر . وأما أصحاب اللغة فيقولون : الخارب : سارق الإبل خاصة ، ثم نقل إلى غيره من اللصوص اتساعا .(18) في المطبوعة : "وإن كان قتله إياه" ، وهو تصرف لا خير فيه .(19) في المطبوعة : "ذبح" ، مكان"ذبحهم" ، وسقط من المخطوطة قوله : "أبناء" .(20) الشفار جمع شفرة : وهي السكين العريضة العظيمة الحديدة ، تمتهن في قطع اللحم وغيره .(21) الأثر: 891 - هذا موقوف، وإسناده صحيح إلى ابن عباس. أما صحة المتن، فلا نستطيع أن نجزم بها، لعله مما كان يتحدث به الصحابة عن التاريخ القديم نقلا عن أهل الكتاب. العباس بن الوليد بن مزيد الآملي البيروتي: ثقة، مترجم في التهذيب، وترجمه ابن أبي حاتم 3 /1 / 214 - 215. وتميم بن المنتصر بن تميم الواسطي: ثقة، مترجم في التهذيب، وترجمه ابن أبي حاتم 1 / 1/ 444 - 445. والأصبغ بن زيد بن علي الجهني الواسطي الوراق: ثقة، وثقه ابن معين وغيره، مترجم في التهذيب، وترجمه البخاري في الكبير 1 /2/ 36، وابن أبي حاتم 1 / 1/ 320 - 321. القاسم بن أبي أيوب الأسدي الواسطي: ثقة، مترجم في التهذيب، والكبير للبخاري 4 / 1 /168 - 169، وابن أبي حاتم 3 / 2 / 107. ووقع في المطبوعة هنا" القاسم بن أيوب"، وهو خطأ.وهو في تاريخ الطبري بتمامه 1: 202، مع اختلاف يسير في اللفظ. وفي المخطوطة في هذا الموضع أخطاء من الناسخ تجافينا عن ذكرها. وفي المطبوعة والمخطوطة:"فولدته علانية أمه"، والصواب من التاريخ.(22) الأثر: 892 - وهذا كالذي قبله، موقوف، إسناده إلى ابن عباس صحيح. وقد رواه الطبري بهذا الإسناد، في التاريخ أيضًا 1: 225.عبد الكريم بن الهيثم بن زياد القطان: ثقة مأمون، مات سنة 278. ترجمه الخطيب في تاريخ بغداد 11: 78 - 79، وياقوت في معجم الأدباء 4: 154. إبراهيم بن بشار الرمادي: ثقة، يهم في الشيء بعد الشيء. مترجم في التهذيب، وفي الكبير 1 / 1 / 277، وابن أبي حاتم 1 / 1 / 89 - 90. أبو سعيد - الراوي عن عكرمة: هو عبد الكريم بن مالك الجزري.ولم أجد الأثر في مكانه من تاريخ الطبري.(23) قوابل جمع قابلة : وهي المرأة التي تتلقى الولد عند الولادة .(24) الكهنة جمع كاهن : وهو الذي يتعاطى الخبر عن الكائنات في مستقبل الزمان . والعافة جمع عائف : وهو الذي يتعاطى العيافة ، وهو تكهن كان في الجاهلية ، ذكروا أنها زجر الطير والتفاؤل بأسمائها وأصواتها . وفي اللسان (حزا) : العائف : العالم بالأمور ، ولا يستعاف إلا من علم وجرب وعرف . فلعل الذي وصفه أصحاب كتب اللغة إنما هو ضرب واحد من ضروب العيافة . والقافة جمع قائف : وهو الذي يتبع الآثار ويعرفها ، ويعرف شبه الرجل بأخيه وأبيه ، وليست من السحر والكهانة ولا الجبت . ولعل زيادة ذكرها هنا زيادة من النساخ ، فإن الذي جاء في رواية التاريخ : "القافة" ، ولم يذكر"العافة" ، فلعل الذي في التاريخ تصحيف صوابه"العافة" ، والحازة جمع حاز ، والحازي : هو الذي ينظر في النجوم وأحكامها بظنه وتقديره ، فربما أصاب ، وهو الحزاء (بتشديد الزاي) .(25) في المطبوعة : نذبح أبناءهم" ، والصواب من التاريخ .(26) الأثر : 895 - في تاريخ الطبري 1 : 200 ، وإسناده هناك هو الإسناد الذي يدور في التفسير وتمامه : " . . . عن السدي في خبره عن أبي مالك ، وعن أبي صالح ، عن ابن عباس - وعن مرة الهمداني ، عن ابن مسعود وعن ناس من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم . . . " .(27) في المطبوعة : "فرعون وأحزابه" ، وهو خطأ محض ، صوابه في المخطوطة وتاريخ الطبري والحزاة جمع حاز أيضًا ، كقاض وقضاة . والحازى : سلف شرحه في ص : 38 ، تعليق : 1 .(28) في المطبوعة : " نعم ، إنا نجد في علمنا" ، وهو خطأ معرق . وتعلم (بتشديد اللام) : بمعنى أعلم, وهي فاشية في سيرة ابن إسحاق وغيره . وانظر تعليقنا فيما مضى 1 : 217 . وأظلك : صار كالظل ، أي قارب ودنا دنوا شديدا .(29) الأثر : 896 - في تاريخ الطبري 1 : 199 ، والزيادة بين القوسين ، والتصحيح منه .(30) في المطبوعة : "ثم يؤتى . . . فيوقفن" ، بالبناء للمجهول . وذاك نص التاريخ والمخطوطة .(31) مصعت المرأة بولدها : زحرت زحرة واحدة فرمته من بطنها وألقته .(32) الأثر : 897 - في تاريخ الطبري 1 : 199 - 200 .(33) هذه جملة سقط منها خبر"كان" ، وهي هكذا في الأصول ، وأظن أن صوابها : كان ذبح آل فرعون أبناء بني إسرائيل واستحياؤهم نساءهم ، أن فرعون أمر ، بقتل كل مولود يولد من أبناء بني إسرائيل ، وباستحياء نسائهم" كما في الأثرين : 891 ، 896 ، فكأن سطرا سقط من الناسخ .(34) في المطبوعة : " الطفلة من الإناث" . والعرب تقول : جارية طفل وطفلة ، وجاريتان طفل ، وجوار طفل ، قال تعالى : "ثم يخرجكم طفلا" ، وقال : "أو الطفل الذين لم يظهروا على عورات النساء" .(35) في المطبوعة : "قال : إذ لم يجدهن" بزيادة"قال" ، وهو فساد .(36) في المطبوعة : "عجمية" .(37) في المطبوعة : "إنما هو الاستفعال من الحياة" ، وليس بشيء(38) في المطبوعة : ""وقد قال آخرون . . . " ، وليس بشيء .(39) في المطبوعة : "ما يبين أن المذبحين" .(40) في المطبوعة : "من إنجائنا إياكم" ، بدلوه ليجرى على دارج كلامهم .(41) الأثر : 903 - مقدم في المخطوطة على الذي قبله .(42) ديوانه : 109 ، وروايته"رأى الله . . . فأبلاهما" . وهذا بيت من قصيدة من جيد شعر زهير وخالصه .
وَ اِذْ فَرَقْنَا بِكُمُ الْبَحْرَ فَاَنْجَیْنٰكُمْ وَ اَغْرَقْنَاۤ اٰلَ فِرْعَوْنَ وَ اَنْتُمْ تَنْظُرُوْنَ(۵۰)
اور جب ہم نے تمہارے لئے دریا پھاڑ دیا تو تمہیں بچالیا اور فرعون والوں کو تمہاری آنکھوں کے سامنے ڈبو دیا -(ف۸۶)
القول في تأويل قوله تعالى وَإِذْ فَرَقْنَا بِكُمُ الْبَحْرَأما تأويل قوله: (وإذ فرقنا بكم)، فإنه عطف على: وَإِذْ نَجَّيْنَاكُمْ ، بمعنى: واذكروا نعمتي التي أنعمت عليكم, واذكروا إذ نجيناكم من آل فرعون, وإذ فرقنا بكم البحر.ومعنى قوله: (فرقنا بكم) : فصلنا بكم البحر. لأنهم كانوا اثني عشر سبطا؛ ففرق البحر اثني عشر طريقا, فسلك كل سبط منهم طريقا منها، فذلك فرق الله بهم عز وجل البحر, وفصله بهم، بتفريقهم في طرقه الاثني عشر، كما:-904 - حدثني موسى بن هارون قال، حدثنا عمرو بن حماد قال، حدثنا أسباط بن نصر, عن السدي: لما أتى موسى البحر كنّاه " أبا خالد ", وضربه فانفلق، فكان كل فرق كالطود العظيم, فدخلت بنو إسرائيل. وكان في البحر اثنا عشر طريقا في كل طريق سبط. (43)* * *وقد قال بعض نحويي البصرة: معنى قوله: (وإذ فرقنا بكم البحر)، فرقنا بينكم وبين الماء. يريد بذلك: فصلنا بينكم وبينه، وحجزناه حيث مررتم به. وذلك خلاف ما في ظاهر التلاوة، (44) لأن الله جل ثناؤه إنما أخبر أنه فرق البحر بالقوم, ولم يخبر أنه فرق بين القوم وبين البحر, فيكون التأويل ما قاله قائلو هذه المقالة, وفرقه البحر بالقوم, إنما هو تفريقه البحر بهم، على ما وصفنا من افتراق سبيله بهم، على ما جاءت به الآثار.* * *القول في تأويل قوله تعالى فَأَنْجَيْنَاكُمْ وَأَغْرَقْنَا آلَ فِرْعَوْنَ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ (50)قال أبو جعفر: إن قال لنا قائل وكيف غرق الله جل ثناؤه آل فرعون ونجى بني إسرائيل؟قيل له، كما:-905 - حدثنا ابن حميد قال، حدثنا سلمة, عن ابن إسحاق, عن محمد بن كعب القرظي, عن عبد الله بن شداد بن الهاد قال: لقد ذكر لي أنه خرج فرعون في طلب موسى على سبعين ألفا من دُهم الخيل، سوى ما في جنده من شهب الخيل. (45)وخرج موسى, حتى إذا قابله البحر ولم يكن له عنه منصرف, طلع فرعون في جنده من خلفهم, فَلَمَّا تَرَاءَى الْجَمْعَانِ قَالَ أَصْحَابُ مُوسَى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ * قَالَ مُوسَى كَلا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ [سورة الشعراء: 61-62] أي للنجاة, وقد وعدني ذلك ولا خلف لوعده. (46)906 - حدثنا ابن حميد قال، حدثنا سلمة قال، حدثني ابن إسحاق قال: أوحى الله إلى البحر -فيما ذكر لي: إذا ضربك موسى بعصاه فانفلق له. قال: فبات البحر يضرب. بعضه بعضا فرقا من الله وانتظاره أمره. (47) فأوحى الله جل وعز إلى موسى: أن اضرب بعصاك البحر، فضربه بها، وفيها سلطان الله الذي أعطاه, فانفلق فكان كل فرق كالطود العظيم، أي كالجبل على نشز من الأرض &; 2-52 &; (48) . يقول الله لموسى: فَاضْرِبْ لَهُمْ طَرِيقًا فِي الْبَحْرِ يَبَسًا لا تَخَافُ دَرَكًا وَلا تَخْشَى [طه: 77]. فلما استقر له البحر على طريق قائمة يَبَسٍ (49) سلك فيه موسى ببني إسرائيل, وأتبعه فرعون بجنوده. (50)907 - وحدثنا ابن حميد قال، حدثنا سلمة قال، حدثني محمد بن إسحاق, عن محمد بن كعب القرظي, عن عبد الله بن شداد بن الهاد الليثي قال: حدثت أنه لما دخلت بنو إسرائيل البحر فلم يبق منهم أحد, أقبل فرعون وهو على حصان له من الخيل، حتى وقف على شفير البحر, وهو قائم على حاله, فهاب الحصان أن ينفذ. (51) فعرض له جبريل على فرس أنثى وديق, (52) فقربها منه فشمها الفحل, فلما شمها قدمها, (53) فتقدم معها الحصان عليه فرعون. فلما رأى جند فرعون فرعون قد دخل، دخلوا معه وجبريل أمامه, وهم يتبعون فرعون، وميكائيل على فرس من خلف القوم يسوقهم, يقول: " الحقوا بصاحبكم ". حتى إذا فصل جبريل من البحر ليس أمامه أحد, ووقف ميكائيل على ناحيته الأخرى، وليس خلفه أحد, طبق عليهم البحر, ونادى فرعون -حين رأى من سلطان الله عز وجل وقدرته ما رأى وعرف ذله، وخذلته نفسه (54) -: لا إِلَهَ إِلا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ (55) [يونس: 90].908 - حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر, عن أبي إسحاق الهمداني, عن عمرو بن ميمون الأودي في قوله: وَإِذْ فَرَقْنَا بِكُمُ الْبَحْرَ فَأَنْجَيْنَاكُمْ وَأَغْرَقْنَا آلَ فِرْعَوْنَ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ ، قال: لما خرج موسى ببني إسرائيل، بلغ ذلك فرعون فقال: لا تتبعوهم حتى يصيح الديك. قال: فوالله ما صاح ليلتئذ ديك حتى أصبحوا: فدعا بشاة فذبحت, ثم قال: لا أفرغ من كبدها حتى يجتمع إلي ستمائة ألف من القبط. فلم يفرغ من كبدها حتى اجتمع إليه ستمائة ألف من القبط. ثم سار, فلما أتى موسى البحر, قال له رجل من أصحابه يقال له يوشع بن نون: أين أمرك ربك يا موسى؟ قال: أمامك. يشير إلى البحر. فأقحم يوشع فرسه في البحر حتى بلغ الغَمْر, فذهب به، ثم رجع. (56) فقال: أين أمرك ربك يا موسى؟ فوالله ما كَذبتَ ولا كُذبتَ: ففعل ذلك ثلاث مرات. ثم أوحى الله جل ثناؤه إلى موسى: أَنِ اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْبَحْرَ فَانْفَلَقَ فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ [ الشعراء: 63] - يقول: مثل جبل - قال: ثم سار موسى ومن معه وأتبعهم فرعون في طريقهم, حتى إذا تتاموا فيه أطبقه الله عليهم. فلذلك قال: (وأغرقنا آل فرعون وأنتم تنظرون). قال معمر، قال قتادة: كان مع موسى ستمائة ألف, وأتبعه فرعون على ألف ألف ومائة ألف حصان.909 - وحدثني عبد الكريم بن الهيثم قال، حدثنا إبراهيم بن بشار الرمادي قال، حدثنا سفيان قال، حدثنا أبو سعيد, عن عكرمة, عن ابن عباس قال: أوحى الله جل وعز إلى موسى أن أسر بعبادي ليلا إنكم متبعون. قال: فسرى موسى ببني إسرائيل ليلا فاتبعهم فرعون في ألف ألف حصان سوى الإناث، وكان موسى في ستمائة ألف. فلما عاينهم فرعون قال: إِنَّ هَؤُلاءِ لَشِرْذِمَةٌ قَلِيلُونَ * وَإِنَّهُمْ لَنَا لَغَائِظُونَ * وَإِنَّا لَجَمِيعٌ حَاذِرُونَ [ الشعراء: 54-56] فسرى موسى ببني إسرائيل حتى هجموا على البحر, فالتفتوا فإذا هم برَهَج دواب فرعون، فقالوا: يا موسى، &; 2-54 &; أوذينا من قبل أن تأتينا ومن بعد ما جئتنا! هذا البحر أمامنا, وهذا فرعون قد رَهِقنا بمن معه! (57) قال: عسى ربكم أن يهلك عدوكم ويستخلفكم في الأرض فينظر كيف تعملون. قال: فأوحى الله جل ثناؤه إلى موسى أن اضرب بعصاك البحر، وأوحى إلى البحر أن اسمع لموسى وأطع إذا ضربك. قال: فبات البحر له أفكل (58) - يعني: له رعدة - لا يدري من أي جوانبه يضربه. قال: فقال يوشع لموسى: بماذا أمرت؟ قال: أمرت أن أضرب البحر. قال: فاضربه. قال: فضرب موسى البحر بعصاه, فانفلق فكان فيه اثنا عشر طريقا, كل طريق كالطود العظيم؛ فكان لكل سبط منهم طريق يأخذون فيه. فلما أخذوا في الطريق قال بعضهم لبعض: ما لنا لا نرى أصحابنا؟ قالوا لموسى: أين أصحابنا لا نراهم؟ قال: سيروا فإنهم على طريق مثل طريقكم. قالوا: لا نرضى حتى نراهم .قال سفيان, قال عمار الدهني: قال موسى: اللهم أعني على أخلاقهم السيئة. قال: فأوحى الله إليه: أن قل بعصاك هكذا. وأومأ إبراهيم بيده يديرها على البحر. قال موسى بعصاه على الحيطان هكذا, (59) فصار فيها كوى ينظر بعضهم إلى بعض.قال سفيان: قال أبو سعيد, عن عكرمة, عن ابن عباس: فساروا حتى خرجوا من البحر. فلما جاز آخر قوم موسى هجم فرعون على البحر هو وأصحابه, وكان فرعون على فرس أدهم ذَنوب حصان (60) . فلما هجم على البحر، هاب الحصان أن يقتحم في البحر, فتمثل له جبريل على فرس أنثى وديق، (61) &; 2-55 &; فلما رآها الحصان تقحم خلفها. وقيل لموسى: اترك البحر رهوا - قال: طُرقا على حاله (62) - قال: ودخل فرعون وقومه في البحر, فلما دخل آخر قوم فرعون، وجاز آخر قوم موسى، أطبق البحر على فرعون وقومه، فأغرقوا. (63)910 - حدثنا موسى بن هارون قال، حدثنا عمرو بن حماد قال، حدثنا أسباط بن نصر, عن السدي: أن الله أمر موسى أن يخرج ببني إسرائيل, فقال: أسر بعبادي ليلا إنكم متبعون. فخرج موسى وهارون في قومهما, وألقي على القبط الموت، فمات كل بكر رجل، فأصبحوا يدفنونهم, فشغلوا عن طلبهم حتى طلعت الشمس. فذلك حين يقول الله جل ثناؤه: فَأَتْبَعُوهُمْ مُشْرِقِينَ [الشعراء: 60] فكان موسى على ساقة بني إسرائيل, وكان هارون أمامهم يقدمهم (64) فقال المؤمن لموسى: يا نبي الله, أين أمرت؟ قال: البحر. فأراد أن يقتحم, فمنعه موسى، وخرج موسى في ستمائة ألف وعشرين ألف مقاتل, لا يعدون ابن العشرين لصغره، ولا ابن الستين لكبره, وإنما عدوا ما بين ذلك، سوى الذرية. وتبعهم فرعون وعلى مقدمته هامان في ألف ألف وسبعمائة ألف حصان، ليس فيها ماذِيانة (65) -يعني الأنثى- وذلك حين يقول الله جل ثناؤه: فَأَرْسَلَ فِرْعَوْنُ فِي الْمَدَائِنِ حَاشِرِينَ * إِنَّ هَؤُلاءِ لَشِرْذِمَةٌ قَلِيلُونَ [ الشعراء: 53-54] يعني بني إسرائيل. فتقدم هارون فضرب البحر, فأبى البحر أن ينفتح, وقال: من هذا الجبار الذي يضربني؟ حتى أتاه موسى فكناه " أبا خالد " وضربه فانفلق، &; 2-56 &; فكان كل فرق كالطود العظيم -يقول: كالجبل العظيم-، فدخلت بنو إسرائيل. وكان في البحر اثنا عشر طريقا, في كل طريق سبط -وكانت الطرق انفلقت بجدران (66) - فقال كل سبط: قد قتل أصحابنا! فلما رأى ذلك موسى, دعا الله, فجعلها لهم قناطر كهيئة الطِّيقان (67) فنظر آخرهم إلى أولهم, حتى خرجوا جميعا. ثم دنا فرعون وأصحابه, فلما نظر فرعون إلى البحر منفلقا قال: ألا ترون البحر فَرِق مني؟ (68) قد انفتح لي حتى أدرك أعدائي فأقتلهم! فذلك حين يقول الله جل ثناؤه: وَأَزْلَفْنَا ثَمَّ الآخَرِينَ [الشعراء: 64] يقول: قربنا ثم الآخرين، يعني آل فرعون. فلما قام فرعون على أفواه الطرق أبت خيله أن تقتحم, فنزل جبريل على ماذيانة, فشامت الحصن ريح الماذيانة, فاقتحم في أثرها, (69) حتى إذا هم أولهم أن يخرج ودخل آخرهم, أمر البحر أن يأخذهم, فالتطم عليهم. (70) .911 - وحدثني يونس بن عبد الأعلى قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد: لما أخذ عليهم فرعون الأرض إلى البحر، قال لهم فرعون: قولوا لهم يدخلون البحر إن كانوا صادقين! فلما رآهم أصحاب موسى قالوا: إنا لمدركون! قال كلا إن معي ربي سيهدين. فقال موسى للبحر: ألست تعلم أني رسول الله؟ قال: بلى. قال! وتعلم أن هؤلاء عباد من عباد الله أمرني أن آتي بهم؟ قال: بلى. &; 2-57 &; قال: أتعلم أن هذا عدو الله؟ قال: بلى. قال: فافرق لي طريقا ولمن معي. (71) قال: يا موسى, إنما أنا عبد مملوك، ليس لي أمر إلا أن يأمرني الله تعالى. فأوحى الله عز وجل إلى البحر: إذا ضربك موسى بعصاه فانفرق. وأوحى إلى موسى أن يضرب البحر, وقرأ قول الله تعالى: فَاضْرِبْ لَهُمْ طَرِيقًا فِي الْبَحْرِ يَبَسًا لا تَخَافُ دَرَكًا وَلا تَخْشَى [ سورة طه: 77] وقرأ قوله: وَاتْرُكِ الْبَحْرَ رَهْوًا [الدخان: 24] -سهلا ليس فيه نُقر (72) -فانفرق اثنتي عشرة فرقة, فسلك كل سبط في طريق. قال: فقالوا لفرعون: إنهم قد دخلوا البحر. قال: ادخلوا عليهم. قال: وجبريل في آخر بني إسرائيل يقول لهم: ليلحق آخركم أولكم. وفي أول آل فرعون يقول لهم: رويدا يلحق آخركم أولكم. فجعل كل سبط في البحر يقولون للسبط الذين دخلوا قبلهم: قد هلكوا! فلما دخل ذلك قلوبهم أوحى الله جل وعز إلى البحر فجعل لهم قناطر، ينظر هؤلاء إلى هؤلاء, حتى إذا خرج آخر هؤلاء ودخل آخر هؤلاء أمر الله البحر فأطبق على هؤلاء.* * *ويعني بقوله: (وأنتم تنظرون)، أي تنظرون إلى فرق الله لكم البحر، وإهلاكه آل فرعون في الموضع الذي نجاكم فيه, وإلى عظيم سلطانه -في الذي أراكم من طاعة البحر إياه، من مصيره ركاما فلقا كهيئة الأطواد الشامخة، (73) غير زائل عن حده, انقيادا لأمر الله وإذعانا لطاعته, وهو سائل ذائب قبل ذلك.يوقفهم بذلك جل ذكره على موضع حججه عليهم, ويذكرهم آلاءه عند أوائلهم, ويحذرهم -في تكذيبهم نبينا محمدا صلى الله عليه وسلم- أن يحل بهم ما حل بفرعون وآله، في تكذيبهم موسى صلى الله عليه وسلم.* * *وقد زعم بعض أهل العربية أن معنى قوله: (وأنتم تنظرون)، كمعنى قول القائل: " ضربت وأهلك ينظرون, فما أتوك ولا أعانوك " بمعنى: وهم قريب بمرأى ومسمع, وكقول الله تعالى: أَلَمْ تَرَ إِلَى رَبِّكَ كَيْفَ مَدَّ الظِّلَّ [الفرقان: 45]، وليس هناك رؤية, إنما هو علم.قال أبو جعفر: والذي دعاه إلى هذا التأويل، أنه وجه قوله: (وأنتم تنظرون)، أي وأنتم تنظرون إلى غرق فرعون، فقال: قد كانوا في شغل من أن ينظروا -مما اكتنفهم من البحر- إلى فرعون وغرقه. وليس التأويل الذي تأوله تأويل الكلام, إنما التأويل: وأنتم تنظرون إلى فرق الله البحر لكم -على ما قد وصفنا آنفا- والتطام أمواج البحر بآل فرعون، في الموضع الذي صير لكم في البحر طريقا يبسا. وذلك كان، لا شك نظر عيان لا نظر علم، كما ظنه قائل القول الذي حكينا قوله.------------الهوامش :(43) الأثر 904 - من خبر طويل في تاريخ الطبري ، وهذه الفقرة منه في 1 : 214 ، وانظر أيضًا رقم : 910 .(44) انظر تفسير"الظاهر" فيما مضى : 2 : 15 ، والمراجع .(45) في المخطوطة والمطبوعة : "من شية الخيل" ، وشية الفرس : لونه ، فكان الأجود أن يقول : "من شيات الخيل" . وفي التاريخ . "من شهب الخيل" ، كما أثبتناه . والشهب جمع أشهب ، والشُّهبة في ألوان الخيل : أن تشق معظم لونه شعرة أو شعرات بيض ، كميتا كان الفرس أو أشقر أو أدهم .(46) الأثر : 905 - في تاريخ الطبري 1 : 217 ، وفيه"ولا خلف لموعوده" . والموعود كالوعد ، وهو من المصادر التي جاءت على مفعول .(47) في المطبوعة : "فثاب البحر . . . " ، وهو تصحيف ، والصواب في المخطوطة والتاريخ . وفي المطبوعة : "وانتظار أمره" ، وفي التاريخ"وانتظارا لأمره" ، وأثبت ما في المخطوطة ، وهو جيد .(48) في المطبوعة : "على يبس من الأرض" ، وأثبت ما في المخطوطة والتاريخ . والنشز : المتن المرتفع من الأرض - أو ما ارتفع عن الوادي إلى الأرض ، وليس بالغليظ .(49) في المطبوعة : "فلما استقر لهم . . . " .(50) الأثر : 906 - في تاريخ الطبري 1 : 217 .(51) هكذا في المخطوطة والمطبوعة"أن ينفذ" ، وفي التاريخ : "أن يتقدم" ، وكأنها الصواب ، والآخر تحريف ، سقط الميم من آخره .(52) فرس وديق : مريدة للفحل تشهيه .(53) في المطبوعة"فلما شمها تبعها" ، وهو خطأ وخلط . والصواب ما في المخطوطة والتاريخ . وقوله : "قدمها" أي زجرها ، بقولهم للفرس : "أقدم" أي امض قدما إلى أمام .(54) في المطبوعة وحدها : "ذلته" .(55) الأثر : 907 - في تاريخ الطبري 1 : 217 . وفي المطبوعة : "آمنت أنه لا إله إلا الذي . . . " وفي التاريخ : "نادي أن لا إله إلا الذي . . . " وأثبت ما في المخطوطة .(56) في ابن كثير 1 : 165"فذهب به الغمر ، ثم رجع" .(57) رهقه : غشيه وأوشك أن يدركه .(58) في المطبوعة"فثاب له" ، وهو تصحيف مضى مثله في : 45 ، تعليق : 3(59) قال بعصاه أو بيده : أشار بها . والإشارة ضرب من التعبير والبيان ، فكان مجاز القول إلى معنى الإشارة جيدا .(60) الأدهم : الأسود . والذنوب : الفرس الوافر الذنب الطويلة . وقوله : "حصان" هنا : أي فحل ، قد ضن بمائه فلم ينز على أنثى .(61) الوديق : مضى تفسيرها في ص : 46 تعليق : 4(62) في المخطوطة : "علي حياله" ، وهو خطأ ، وانظر ما مضى ص : 46 ، وانظر أيضًا تفسير : "رهوا" في 25 : 73 (بولاق) .(63) الأثر : 909 - هو كالأثر الماضي : 892 ، وبالإسناد نفسه . انظر تمام هذا الأثر في رقم : 918 . وأقحم سفيان روايته عن عمار الدهني ، في روايته عن أبي سعيد . وعمار ، هو عمار بن معاوية الدهني (بضم الدال وسكون الهاء) ، وثقه أحمد وابن معين وأبو حاتم والنسائي ، وذكره ابن حبان في الثقات (تهذيب التهذيب) .(64) ساقة الجيش ، وساقة الحاج : هم الذين يكونون في مؤخره يسوقونه ويحفظونه من ورائه .(65) في المطبوعة : "ما ذبانه" ، وفي المخطوطة : " مادنانة" بالدال المهملة . ولم أجد الكلمة فيما بين يدي من الكتب .(66) في تاريخ الطبري : "وكأن الطرق إذا انفلقت بجدران" .(67) الطيقان والأطواق ، جمع طاق : وهو عقد البناء حيث كان .(68) فرق يفرق فرقا (بفتحتين) : فزع أشد الفزع .(69) في المطبوعة : "ماذبانة . . . الماذبانة" ، وانظر ما سلف : 49 تعليق : 5 ، وفي المطبوعة"فشام الحصان" بالإفراد ، وهو غير جيد في سياق الكلام . الصواب من المخطوطة وتاريخ الطبري . وشام الشيء : تشممه . والحصن ، جمع حصان .(70) الأثر : 910 - في تاريخ الطبري 1 : 213 - 214 ، ومضت فقرة منه برقم : 904 . والتطم البحر عليهم : أطبق عليهم وختم وهو يتلاطم موجه . ولم أجدها في كتب اللغة . ولكنهم يقولون : التطمت الأمواج وتلاطمت ، ضرب بعضها بعضا . ويقولون : لطم الكتاب : أي ختمه . فالذي جاء في الخبر عربى معرق في مجازه .(71) في المطبوعة"فانفرق لي طريقا . . " وهو خطأ .(72) في المطبوعة : "ليس فيه تعد" ، وفي المخطوطة : "نفد" والدال تشبه أن تكون راء . فاستظهرت أن تكون ما أثبت . والنقر جمع نقرة : وهي الوهدة المستديرة في الأرض ، أو الحفرة صغيرة ليست بكبيرة . وهذا أشبه بالكلام والمعنى .(73) في المطبوعة : "ركاما فرقا" ، وهو تغيير بلا سبب . ركام : مجتمع بعضه فوق بعض والفلق جمع فلقة (بكسر فسكون) : وهي الشق .
وَ اِذْ وٰعَدْنَا مُوْسٰۤى اَرْبَعِیْنَ لَیْلَةً ثُمَّ اتَّخَذْتُمُ الْعِجْلَ مِنْۢ بَعْدِهٖ وَ اَنْتُمْ ظٰلِمُوْنَ(۵۱)
اور جب ہم نے موسیٰ سے چالیس رات کا وعدہ فرمایا پھر اس کے پیچھے تم نے بچھڑے کی پوجا شروع کردی اور تم ظالم تھے -(ف۸۷)
القول في تأويل قوله تعالى وَإِذْ وَاعَدْنَااختلفت القَرَأَة في قراءة ذلك, (74) فقرأ بعضهم: (واعدنا) بمعنى أن الله تعالى واعد موسى موافاة الطور لمناجاته, (75) فكانت المواعدة من الله لموسى, ومن موسى لربه. وكان من حجتهم على اختيارهم قراءة (واعدنا) على " وعدنا " أن قالوا: كل اتعاد كان بين اثنين للالتقاء و الاجتماع, (76) فكل واحد منهما &; 2-59 &; مواعد صاحبه ذلك. فلذلك -زعموا- (77) وجب أن يُقضى لقراءة من قرأ (واعدنا) بالاختيار على قراءة من قرأ " وعدنا ".وقرأ بعضهم: " وعدنا " بمعنى أن الله الواعد والمنفرد بالوعد دونه. وكان من حجتهم في اختيارهم ذلك أن قالوا: إنما تكون المواعدة بين البشر, فأما الله جل ثناؤه، فإنه المنفرد بالوعد والوعيد في كل خير وشر. قالوا: وبذلك جاء التنزيل في القرآن كله, فقال جل ثناؤه: إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ [ إبراهيم: 22] وقال: وَإِذْ يَعِدُكُمُ اللَّهُ إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ أَنَّهَا لَكُمْ [ الأنفال: 7]. قالوا: فكذلك الواجب أن يكون هو المنفرد بالوعد في قوله: " وإذ وعدنا موسى ".* * *والصواب عندنا في ذلك من القول: أنهما قراءتان قد جاءت بهما الأمة وقرأت بهما القَرَأَة, وليس في القراءة بإحداهما إبطال معنى الأخرى, وإن كان في إحداهما زيادة معنى على الأخرى من جهة الظاهر والتلاوة. (78) فأما من جهة المفهوم بهما فهما متفقتان. وذلك أن من أخبر عن شخص أنه وعد غيره اللقاء بموضع من المواضع, فمعلوم أن الموعود ذلك واعد صاحبه من لقائه بذلك المكان, مثل الذي وعده من ذلك صاحبه، إذا كان وعده ما وعده إياه من ذلك عن اتفاق منهما عليه. ومعلوم أن موسى صلوات الله عليه لم يعده ربه الطور إلا عن رضا موسى بذلك, إذ كان موسى غير مشكوك فيه أنه كان بكل ما أمر الله به راضيا, وإلى محبته فيه مسارعا. ومعقول أن الله تعالى لم يعد موسى ذلك، إلا وموسى إليه مستجيب. وإذ كان ذلك كذلك, فمعلوم أن الله عز ذكره قد كان وعد موسى الطور, ووعده موسى اللقاء. فكان الله عز ذكره لموسى واعدا مواعدا &; 2-60 &; له المناجاة على الطور, (79) وكان موسى واعدا لربه مواعدا له اللقاء. فبأي القراءتين من " وعد " و " واعد " قرأ القارئ, فهو للحق في ذلك -من جهة التأويل واللغة- مصيب، لما وصفنا من العلل قبل. (80)ولا معنى لقول القائل: إنما تكون المواعدة بين البشر, وأن الله بالوعد والوعيد منفرد في كل خير وشر. وذلك أن انفراد الله بالوعد والوعيد في الثواب والعقاب، والخير والشر، والنفع والضر الذي هو بيده وإليه دون سائر خلقه -لا يحيل الكلام الجاري بين الناس في استعمالهم إياه عن وجوهه، ولا يغيره عن معانيه. والجاري بين الناس من الكلام المفهوم ما وصفنا: من أن كل اتعاد كان بين اثنين، (81) فهو وعد من كل واحد منهما صاحبه، ومواعدة بينهما, وأن كل واحد منهما واعد صاحبه مواعد, وأن الوعد الذي يكون به الانفراد من الواعد دون الموعود، إنما هو ما كان بمعنى " الوعد " الذي هو خلاف " الوعيد ".* * *القول في تأويل قوله تعالى مُوسَىوموسى -فيما بلغنا- بالقبطية كلمتان, يعني بهما: ماء وشجر." فمو "، هو الماء, و " شا " هو الشجر. (82) وإنما سمي بذلك -فيما بلغنا- لأن أمه لما جعلته في التابوت -حين خافت عليه من فرعون وألقته في اليم، كما أوحى الله إليها، وقيل: إن اليم الذي ألقته فيه هو النيل - دفعته أمواج اليم حتى أدخلته بين أشجار عند بيت فرعون, فخرج جواري آسية امرأة فرعون يغتسلن, فوجدن &; 2-61 &; التابوت فأخذنه, فسمي باسم المكان الذي أصيب فيه، كان ذلك بمكان فيه ماء وشجر, (83) فقيل: موسى، ماء وشجر. كذلك:-912 - حدثني موسى بن هارون قال، حدثنا عمرو بن حماد, عن أسباط بن نصر, عن السدي. (84)* * *وقال أبو جعفر: وهو موسى بن عمران بن يصهر بن قاهث بن لاوي بن يعقوب إسرائيل الله بن إسحاق ذبيح الله ابن إبراهيم خليل الله, فيما زعم ابن إسحاق.913 - حدثني بذلك ابن حميد قال، حدثنا سلمة بن الفضل، عنه. (85) .* * *القول في تأويل قوله تعالى أَرْبَعِينَ لَيْلَةًومعنى ذلك: وإذ واعدنا موسى أربعين ليلة بتمامها. فالأربعون ليلة كلها داخلة في الميعاد.وقد زعم بعض نحويي البصرة أن معناه: وإذ واعدنا موسى انقضاء أربعين ليلة، أي رأس الأربعين, ومثل ذلك بقوله: وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ [يوسف: 82] وبقولهم: " اليوم أربعون منذ خرج فلان "," واليوم يومان ". أي اليوم تمام يومين، وتمام أربعين.قال أبو جعفر: وذلك خلاف ما جاءت به الرواية عن أهل التأويل، وخلاف ظاهر التلاوة. فأما ظاهر التلاوة, فإن الله جل ثناؤه قد أخبر أنه واعد موسى أربعين ليلة, فليس لأحد إحالة ظاهر خبره إلى باطن، (86) بغير برهان دال على صحته.* * *وأما أهل التأويل فإنهم قالوا في ذلك ما أنا ذاكره, وهو ما:-914 - حدثني به المثنى بن إبراهيم قال، حدثنا آدم قال، حدثنا أبو جعفر, عن الربيع بن أنس, عن أبي العالية قوله: (وإذ واعدنا موسى أربعين ليلة)، قال: يعني ذا القعدة وعشرا من ذي الحجة. وذلك حين خلف موسى أصحابه واستخلف عليهم هارون, فمكث على الطور أربعين ليلة, وأنزل عليه التوراة في الألواح -وكانت الألواح من برد (87) - فقربه الرب إليه نجيا, وكلمه, وسمع صريف القلم. وبلغنا أنه لم يحدث حدثا في الأربعين ليلة حتى هبط من الطور. (88)915 - وحدثت عن عمار بن الحسن, حدثنا عبد الله بن أبي جعفر, عن أبيه, عن الربيع, بنحوه.916 - حدثنا ابن حميد قال، حدثنا سلمة بن الفضل, عن ابن إسحاق قال: وعد الله موسى-حين أهلك فرعون وقومه, ونجاه وقومه ثلاثين ليلة, ثم أتمها بعشر, فتم ميقات ربه أربعين ليلة, يلقاه ربه فيها ما شاء. (89) واستخلف موسى هارون على بني إسرائيل, وقال: إني متعجل إلى ربي فاخلفني في قومي ولا تتبع سبيل المفسدين. فخرج موسى إلى ربه متعجلا للُقِيِّه شوقا إليه, (90) وأقام هارون في بني إسرائيل ومعه السامري يسير بهم على أثر موسى ليلحقهم به. (91)917 - حدثني موسى بن هارون قال، حدثنا عمرو بن حماد قال، حدثنا &; 2-63 &; أسباط عن السدي قال: انطلق موسى واستخلف هارون على بني إسرائيل, وواعدهم ثلاثين ليلة، وأتمها الله بعشر. (92)* * *القول في تأويل قوله تعالى ثُمَّ اتَّخَذْتُمُ الْعِجْلَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَنْتُمْ ظَالِمُونَ (51)وتأويل قوله: (ثم اتخذتم العجل من بعده)، ثم اتخذتم في أيام مواعدة موسى العجل إلها، من بعد أن فارقكم موسى متوجها إلى الموعد. و " الهاء " في قوله " من بعده " عائدة على ذكر موسى.فأخبر جل ثناؤه المخالفين نبينا صلى الله عليه وسلم من يهود بني إسرائيل، المكذبين به المخاطبين بهذه الآية -عن فعل آبائهم وأسلافهم، وتكذيبهم رسلهم، وخلافهم أنبياءهم, مع تتابع نعمه عليهم، وشيوع آلائه لديهم, (93) مُعَرِّفَهم بذلك أنهم -من خلاف محمد صلى الله عليه وسلم وتكذيبهم به، وجحودهم لرسالته, مع علمهم بصدقه (94) - على مثل منهاج آبائهم وأسلافهم, ومحذِّرَهم من نزول سطوته بهم =بمقامهم على ذلك من تكذيبهم= ما نزل بأوائلهم المكذبين بالرسل: من المسخ واللعن وأنواع النقمات.وكان سبب اتخاذهم العجل، ما:-918 - حدثني به عبد الكريم بن الهيثم قال، حدثنا إبراهيم بن بشار الرمادي قال، حدثنا سفيان بن عيينة قال، حدثنا أبو سعيد, عن عكرمة, عن ابن عباس قال: لما هجم فرعون على البحر هو وأصحابه, وكان فرعون على فرس أدهم &; 2-64 &; ذنوب حصان، فلما هجم على البحر، هاب الحصان أن يقتحم في البحر, فتمثل له جبريل على فرس أنثى وديق, فلما رآها الحصان تقحم خلفها. (95) قال: وعرف السامري جبريل، لأن أمه حين خافت أن يذبح خلفته في غار وأطبقت عليه, فكان جبريل يأتيه فيغذوه بأصابعه, فيجد في بعض أصابعه لبنا, وفي الأخرى عسلا وفي الأخرى سمنا، فلم يزل يغذوه حتى نشأ. فلما عاينه في البحر عرفه, فقبض قبضة من أثر فرسه. قال: أخذ من تحت الحافر قبضة. -قال سفيان: فكان ابن مسعود يقرؤها: " فقبضت قبضة من أثر فرس الرسول " [ طه: 96].قال أبو سعيد قال عكرمة, عن ابن عباس: وألقي في رُوع السامري (96) إنك لا تلقيها على شيء فتقول: " كن كذا وكذا " إلا كان. فلم تزل القبضة معه في يده حتى جاوز البحر. فلما جاوز موسى وبنو إسرائيل البحر, وأغرق الله آل فرعون, قال موسى لأخيه هارون: اخلفني في قومي وأصلح. ومضى موسى لموعد ربه. قال: وكان مع بني إسرائيل حَلْي من حَلْي آل فرعون قد تعوَّروه, (97) فكأنهم تأثموا منه, فأخرجوه لتنزل النار فتأكله. فلما جمعوه, قال السامري بالقبضة التي كانت في يده هكذا, (98) فقذفها فيه - وأومأ ابن إسحاق بيده هكذا - وقال: كن عجلا جسدا له خوار. فصار عجلا جسدا له خوار، وكان تدخل الريح في دبره وتخرج من فيه، يسمع له صوت, فقال: هذا إلهكم وإله موسى. فعكفوا على العجل يعبدونه, فقال هارون: يا قوم إنما فتنتم به، وإن ربكم الرحمن فاتبعوني وأطيعوا أمري! قالوا: لن نبرح عليه عاكفين حتى يرجع إلينا موسى.919 - حدثني موسى بن هارون قال، حدثنا عمرو بن حماد قال، حدثنا &; 2-65 &; أسباط بن نصر, عن السدي: لما أمر الله موسى أن يخرج ببني إسرائيل - يعني من أرض مصر - أمر موسى بني إسرائيل أن يخرجوا، وأمرهم أن يستعيروا الحلي من القبط. فلما نجى الله موسى ومن معه من بني إسرائيل من البحر, وغرق آل فرعون, أتى جبريل إلى موسى يذهب به إلى الله. فأقبل على فرس، فرآه السامري فأنكره وقال: إنه فرس الحياة! فقال حين رآه: إن لهذا لشأنا. فأخذ من تربة الحافر -حافر الفرس- فانطلق موسى, واستخلف هارون على بني إسرائيل, وواعدهم ثلاثين ليلة, وأتمها الله بعشر. فقال لهم هارون: يا بني إسرائيل، إن الغنيمة لا تحل لكم, وإن حَلْي القبط إنما هو غنيمة, فاجمعوها جميعا, واحفروا لها حفرة فادفنوها, فإن جاء موسى فأحلها أخذتموها, وإلا كان شيئا لم تأكلوه. فجمعوا ذلك الحَلْي في تلك الحفرة , وجاء السامري بتلك القبضة فقذفها , فأخرج الله من الحلي عجلا جسدا له خوار . وعدت بنو إسرائيل موعد موسى , فعدوا الليلة يوما واليوم يوما , فلما كان تمام العشرين، خرج لهم العجل. فلما رأوه قال لهم السامري: هذا إلهكم وإله موسى فنسي - يقول: ترك موسى إلهه ههنا وذهب يطلبه. فعكفوا عليه يعبدونه، وكان يخور ويمشي. فقال لهم هارون: يا بني إسرائيل إنما فتنتم به -يقول: إنما ابتليتم به، يقول: بالعجل- وإن ربكم الرحمن. فأقام هارون ومن معه من بني إسرائيل لا يقاتلونهم، وانطلق موسى إلى إلهه يكلمه, فلما كلمه قال له: ما أعجلك عن قومك يا موسى؟ قال: هم أولاء على أثري وعجلت إليك رب لترضى. قال: فإنا قد فتنا قومك من بعدك وأضلهم السامري، فأخبره خبرهم. قال موسى؛ يا رب هذا السامري أمرهم أن يتخذوا العجل, أرأيت الروح من نفخها فيه؟ قال الرب: أنا . قال: رب أنت إذا أضللتهم . (99)920 - حدثنا ابن حميد قال، حدثنا سلمة عن ابن إسحاق قال: كان &; 2-66 &; -فيما ذكر لي- أن موسى قال لبني إسرائيل فيما أمره الله عز وجل به: استعيروا منهم - يعني من آل فرعون - الأمتعة والحلي والثياب , فإني منفلكم أموالهم مع هلاكهم . فلما أذن فرعون في الناس , كان مما يحرض به على بني إسرائيل أن قال: حين ساروا لم يرضوا أن خرجوا بأنفسهم، حتى ذهبوا بأموالكم معهم! (100)921 - حدثنا ابن حميد قال، حدثنا سلمة قال، حدثني محمد بن إسحاق , عن حكيم بن جبير , عن سعيد بن جبير , عن ابن عباس قال: كان السامري رجلا من أهل باجَرْما , وكان من قوم يعبدون البقر , وكان حب عبادة البقر في نفسه , وكان قد أظهر الإسلام في بني إسرائيل . فلما فضل هارون في بني إسرائيل، وفصل موسى إلى ربه , (101) قال لهم هارون: أنتم قد حُمِّلتم أوزارا من زينة القوم - آل فرعون - وأمتعة وحليا , فتطهروا منها , فإنها نجس . وأوقد لهم نارا فقال: اقذفوا ما كان معكم من ذلك فيها. قالوا: نعم .فجعلوا يأتون بما كان فيهم من تلك الأمتعة وذلك الحلي , (102) فيقذفون به فيها. حتى إذا تكسر الحلي فيها، ورأى السامري، أثر فرس جبريل، فأخذ ترابا من أثر حافره , (103) ثم أقبل إلى النار فقال لهارون: (104) يا نبي الله، ألقي ما في يدي؟ قال: نعم. ولا يظن هارون إلا أنه كبعض ما جاء به غيره من ذلك الحلي والأمتعة، فقذفه فيها وقال: " كن عجلا جسدا له خوار "، فكان، للبلاء والفتنة. فقال: هذا إلهكم وإله موسى. فعكفوا عليه , وأحبوه حبا لم يحبوا مثله شيئا قط. يقول الله عز وجل: فَنَسِيَ [ طه: 88] أي ترك ما كان عليه من الإسلام - يعني السامري - أَفَلَا يَرَوْنَ أَلَّا يَرْجِعُ إِلَيْهِمْ قَوْلًا وَلا يَمْلِكُ لَهُمْ ضَرًّا وَلا نَفْعًا &; 2-67 &; [ طه: 89] وكان اسم السامري موسى بن ظفر , وقع في أرض مصر , فدخل في بني إسرائيل. (105) فلما رأى هارون ما وقعوا فيه قال: يَا قَوْمِ إِنَّمَا فُتِنْتُمْ بِهِ وَإِنَّ رَبَّكُمُ الرَّحْمَنُ فَاتَّبِعُونِي وَأَطِيعُوا أَمْرِي * قَالُوا لَنْ نَبْرَحَ عَلَيْهِ عَاكِفِينَ حَتَّى يَرْجِعَ إِلَيْنَا مُوسَى [ طه: 90-91] فأقام هارون فيمن معه من المسلمين ممن لم يفتتن , وأقام من يعبد العجل على عبادة العجل، وتخوف هارون، إن سار بمن معه من المسلمين، أن يقول له موسى: فرقت بين بني إسرائيل ولم ترقب قولي. وكان له هائبا مطيعا (106) .922 - حدثني يونس بن عبد الأعلى قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد: لما أنجى الله عز وجل بني إسرائيل من فرعون , وأغرق فرعون ومن معه , قال موسى لأخيه هارون: اخلفني في قومي وأصلح ولا تتبع سبيل المفسدين. قال: لما خرج موسى وأمر هارون بما أمره (107) وخرج موسى متعجلا مسرورا إلى الله، قد عرف موسى أن المرء إذا أنجح في حاجة سيده، كان يسره أن يتعجل إليه (108) . قال: وكان حين خرجوا استعاروا حليا وثيابا من آل فرعون , فقال لهم هارون: إن هذه الثياب والحلي لا تحل لكم , فاجمعوا نارا , فألقوه فيها فأحرقوه. قال: فجمعوا نارا . قال: وكان السامري قد نظر إلى أثر دابة جبريل , وكان على فرس أنثى - وكان السامري في قوم موسى - قال: فنظر إلى أثره فقبض منه قبضة , فيبست عليها يده. فلما ألقى قوم موسى الحلي في النار, وألقى السامري &; 2-68 &; معهم القبضة , صور الله جل وعز ذلك لهم عجلا ذهبا , فدخلته الريح , فكان له خوار , فقالوا: ما هذا؟ فقال: السامري الخبيث: هَذَا إِلَهُكُمْ وَإِلَهُ مُوسَى فَنَسِيَ ، الآية , إلى قوله: حَتَّى يَرْجِعَ إِلَيْنَا مُوسَى [طه: 88-91] قال: حتى إذا أتى موسى الموعد , قال الله: وَمَا أَعْجَلَكَ عَنْ قَوْمِكَ يَا مُوسَى * قَالَ هُمْ أُولاءِ عَلَى أَثَرِي فقرأ حتى بلغ: أَفَطَالَ عَلَيْكُمُ الْعَهْدُ [طه: 86].923 - حدثنا القاسم بن الحسن قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج , عن ابن جريج , عن مجاهد في قوله: (ثم اتخذتم العجل من بعده) قال: العجل: حسيل البقرة (109) . قال: حلي استعاروه من آل فرعون , فقال لهم هارون: أخرجوه فتطهروا منه وأحرقوه. وكان السامري قد أخذ قبضة من أثر فرس جبريل فطرحه فيه، فانسبك , فكان له كالجوف تهوي فيه الرياح .924 - حدثني المثنى بن إبراهيم قال، حدثنا آدم قال، حدثنا أبو جعفر , عن الربيع , عن أبي العالية , قال: إنما سمي العجل , لأنهم عجلوا فاتخذوه قبل أن يأتيهم موسى.925 - حدثني محمد بن عمرو الباهلي قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثني عيسى , عن ابن أبي نجيح , عن مجاهد بنحو حديث القاسم عن الحسن .926 - حدثني المثنى بن إبراهيم قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل , عن ابن أبي نجيح , عن مجاهد بنحوه (110)* * *القول في تأويل قوله : وَأَنْتُمْ ظَالِمُونَ (51)يعني" وأنتم واضعو العبادة في غير موضعها، لأن العبادة لا تنبغي إلا لله عز وجل، وعبدتم أنتم العجل ظلما منكم، ووضعا للعبادة في غير موضعها. وقد دللنا -في غير هذا الموضع مما مضى من كتابنا- أن أصل كل ظلم، وضع الشيء في غير موضعه , فأغنى ذلك عن إعادته في هذا الموضع (111) .-----------الهوامش :(74) في المطبوعة في الموضعين : "القراء" ، كما فعل كثيرا فيما مضى . والقَرَأَة جمع قارئ .(75) في المطبوعة : "ملاقاة الطور" ، ولا أدري لم غيره من غيره! .(76) في المطبوعة : "كل إبعاد . . أو الاجتماع" ، ولا أدري لم فعل ذلك! . واتعد اتعادا افتعل ، من الوعد .(77) في المطبوعة : "فلذلك رموا أنه وجب" بزيادة أنه" ، وهي زيادة مفسدة للمعنى .(78) انظر ما مضى في تفسير"الظاهر" : 44 ، والمراجع .(79) في المطبوعة : قد كان وعد موسى" بزيادة"قد" ، وفيها أيضًا "وكان الله عز وجل لموسى واعد ومواعدا" ، والواو هنا ليست بشيء في قوله"وكان" ، و"مواعدا" .(80) في المطبوعة : "فهو الحق في ذلك . . . " ، وهو خطأ .(81) في المطبوعة هنا أيضًا كما سلف : "كل إبعاد" ، وهو فساد وخطأ .(82) في المطبوعة والمخطوطة : "سا" وأثبت ما في التاريخ .(83) في المطبوعة : "وكان ذلك المكان فيه" وليست بشيء .(84) الأثر : 912 تاريخ الطبري 1 : 201 في خبر طويل .(85) الأثر : 913 - مختصر من خبر نسبه في تاريخ الطبري 1 : 198 .(86) انظر تفسير"ظاهر" و" باطن" فيما سلف ص : 44 ، والمراجع قبلها .(87) في المطبوعة : "وكانت الألواح من زبرجد" ، والصواب ما أثبته من المخطوطة ، ومما جاء عن أبي العالية ، في صفة الألواح 9 : 46 (بولاق) .(88) صريف الأقلام : صوتها وصريرها وهي تجري بما تكتبه الملائكة . وقوله : "لم يحدث حدثا" ، أي لم يكربه ما يكرب الناس من قضاء الحاجة .(89) في المطبوعة : "تلقاه ربه فيها بما شاء" .(90) في المطبوعة : "للقائه" ، وهما سواء في المعنى .(91) الأثر : 916 - صدر هذا الأثر في تاريخ الطبري 1 : 217 - 218 ، ولكن قطعه الطبري ، وأتمه من خبر السدي .(92) الأثر : 917 - في تاريخ الطبري في خبر طويل 1 : 218 ، وسيأتي تمامه في رقم : 919 .(93) في المطبوعة : "سبوغ آلائه" . وشيوع آلائه : ظهورها وعمومها حتى استوى فيها جميعهم . وانظر ما سيأتي بعد ص : 77 ، تعليق : 2 .(94) في المطبوعة : "من خلافهم محمدا . . " .(95) انظر آخر الأثر رقم : 909 فهو هذا بنصه ، ثم يأتي تمامه .(96) الروع (بضم الراء) : القلب والعقل . وقع ذلك في روعى : أي في نفسي وخلدي وبالي .(97) تعور الشيء واستعاره : أخذه عارية ، كما تقول : تعجب واستعجب .(98) قال بالقبضة : رفعها مشيرا بيده ليلقيها . وقد مضى تفسير ذلك في ص : 54 تعليق : 3 .(99) الأثر : 919 - مضى صدره في رقم : 917 . وفي التاريخ 1 : 218 .(100) الأثر : 920 - في تاريخ الطبري 1 : 216 . وفي المطبوعة"أن يخرجوا بأنفسهم" ، وأثبت ما في المخطوطة والتاريخ . نفله الشيء : جعله نفلا ، أي غنيمة مستباحة .(101) فصل فلان عن البلد يفصل فصولا : إذا خرج وفارقها(102) في المطبوعة : "بما كان معهم" ، غيروه ليستقيم على دارج ما ألفوه .(103) في المطبوعة : "أخذ ترابا" ، حذفوا الفاء ليستقي على عربيتهم ، فيما زعموا .(104) في تاريخ الطبري : "ثم أقبل إلى الحفرة . . . " .(105) هو كما ذكر في أول الخبر من أهل"باجرما" ، وباجرما : قرية من أعمال البليخ قرب الرقة ، من أرض الجزيرة . (ياقوت) . ويقال : موضع قبل نصيبن (معجم ما استعجم) . وقال الميداني في شرح المثل : [خطب يسير في خطب كبير] أن الزباء كانت من أهل باجرما وتتكلم العربية .(106) الأثر : 921 - في تاريخ الطبري 1 : 219 - 220 .(107) في المطبوعة : "بما أمره به" .(108) في المطبوعة : "نجح" ، وأنجح : أدرك طلبته وبلغ النجاح . وإن كنت أخشى أن يكون في الكلمة تصحيف خفي عليَّ .(109) الحسيل (بفتح فكسر) : ولد البقرة .(110) الأثران : 925 ، 926 - في المخطوطة ساق إسناد الأثرين جميعا في موضع واحد قال : "قال حدثنا عيسى - وحدثني المثنى بن إبراهيم ، قال ، حدثنا أبو حذيفة قال ، حدثنا شبل - جميعا عن أبي نجيح ، عن مجاهد في قوله : "ثم اتخذتم العجل" قال : العجل : حسيل البقرة . . . " ثم ساق نص ما في الأثر : 924 . فآثرت ترك ما في المطبوعة على حاله .(111) انظر ما مضى 1 : 523 - 524 .
ثُمَّ عَفَوْنَا عَنْكُمْ مِّنْۢ بَعْدِ ذٰلِكَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُوْنَ(۵۲)
پھر اس کے بعد ہم نے تمہیں معافی دی (ف۸۸) کہ کہیں تم احسان مانو -(ف۸۹)
القول في تأويل قوله تعالى ذكره ثُمَّ عَفَوْنَا عَنْكُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (52)قال أبو جعفر: وتأويل قوله: (ثم عفونا عنكم من بعد ذلك)، يقول: تركنا معاجلتكم بالعقوبة،" من بعد ذلك " , أي من بعد اتخاذكم العجل إلها . كما:-927 - حدثني به المثنى بن إبراهيم قال، حدثنا آدم العسقلاني قال، حدثنا أبو جعفر , عن الربيع , عن أبي العالية: (ثم عفونا عنكم من بعد ذلك)، يعني من بعد ما اتخذتم العجل.* * *وأما تأويل قوله: (لعلكم تشكرون)، فإنه يعني به: لتشكروا . ومعنى " لعل " في هذا الموضع معنى " كي". وقد بينت فيما مضى قبلُ أن أحد معاني" لعل "" كي"، بما فيه الكفاية عن إعادته في هذا الموضع (112) .* * *فمعنى الكلام إذا: ثم عفونا عنكم من بعد اتخاذكم العجل إلها، لتشكروني على عفوي عنكم , إذ كان العفو يوجب الشكر على أهل اللب والعقل .------------الهوامش :(112) انظر ما مضى 1 : 364 - 365 .
وَ اِذْ اٰتَیْنَا مُوْسَى الْكِتٰبَ وَ الْفُرْقَانَ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُوْنَ(۵۳)
اور جب ہم نے موسیٰ کو کتاب عطا کی اور حق و باطل میں تمیز کردینا کہ کہیں تم راہ آؤ -
القول في تأويل قوله تعالى وَإِذْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَالْفُرْقَانَ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ (53)قال أبو جعفر: يعني بقوله: (وإذ ءاتينا موسى الكتاب): واذكروا أيضا إذ آتينا موسى الكتاب والفرقان. ويعني ب " الكتاب ": التوراة , وب " الفرقان ": الفصل بين الحق والباطل، كما:-928 - حدثني المثنى بن إبراهيم قال حدثنا أبو جعفر , عن الربيع بن أنس , عن أبي العالية , في قوله: (وإذ ءاتينا موسى الكتاب والفرقان)، قال: فرق به بين الحق والباطل .929 - حدثني محمد بن عمرو الباهلي قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى , عن ابن أبي نجيح , عن مجاهد في قول الله: (وإذ ءاتينا موسى الكتاب والفرقان)، قال: الكتاب: هو الفرقان , فرقان بين الحق والباطل (113) .930 - حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل , عن ابن أبي نجيح , عن مجاهد مثله .931 - وحدثني القاسم بن الحسن قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج , عن ابن جريج , عن مجاهد، قوله: (وإذ ءاتينا موسى الكتاب والفرقان)، قال: الكتاب هو الفرقان , فرق بين الحق والباطل .932 - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثنا حجاج , عن ابن جريج قال، وقال ابن عباس: " الفرقان ": جماع اسم التوراة والإنجيل والزبور والفرقان .وقال ابن زيد في ذلك بما: -933 - حدثني به يونس بن عبد الأعلى قال، أخبرنا ابن وهب. قال: &; 2-71 &; سألته -يعني ابن زيد- عن قول الله عز وجل: (وإذ ءاتينا موسى الكتاب والفرقان) فقال: أما " الفرقان " الذي قال الله جل وعز: يَوْمَ الْفُرْقَانِ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ [الأنفال: 41]، فذلك يوم بدر , يوم فرق الله بين الحق والباطل , والقضاء الذي فرق به بين الحق والباطل . قال: فكذلك أعطى الله موسى الفرقان , فرق الله بينهم , وسلمه وأنجاه، فرق بينهم بالنصر. فكما جعل الله ذلك بين محمد صلى الله عليه وسلم والمشركين , فكذلك جعله بين موسى وفرعون (114) .* * *قال أبو جعفر: وأولى هذين التأويلين بتأويل الآية، (115) ما روي عن ابن عباس وأبي العالية ومجاهد: من أن الفرقان الذي ذكر الله أنه آتاه موسى في هذا الموضع، هو الكتاب الذي فرق به بين الحق والباطل , وهو نعت للتوراة وصفة لها . فيكون تأويل الآية حينئذ: وإذ آتينا موسى التوراة التي كتبناها له في الألواح وفرقنا بها بين الحق والباطل .فيكون " الكتاب " نعتا للتوراة أقيم مقامها، استغناء به عن ذكر التوراة , ثم عطف عليه ب " الفرقان " , إذ كان من نعتها.* * *وقد بينا معنى " الكتاب " فيما مضى من كتابنا هذا, وأنه بمعنى المكتوب. (116)* * *وإنما قلنا هذا التأويل أولى بالآية، وإن كان محتملا غيره من التأويل، لأن الذي قبله من ذكر " الكتاب " , وأن معنى " الفرقان " الفصل (117) - وقد دللنا على ذلك فيما مضى من كتابنا هذا (118) -, فإلحاقه إذ كان كذلك، بصفة ما وليه أولى من إلحاقه بصفة ما بعد منه.وأما تأويل قوله: (لعلكم تهتدون)، فنظير تأويل قوله : لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ، ومعناه لتهتدوا (119) .وكأنه قال: واذكروا أيضا إذ آتينا موسى التوراة التي تفرق بين الحق والباطل لتهتدوا بها، وتتبعوا الحق الذي فيها، لأني جعلتها كذلك هدى لمن اهتدى بها واتبع ما فيها .-----------الهوامش :(113) في المخطوطة : "هو الفرقان بين الحق والباطل" ، والذي في المطبوعة أجود .(114) في المطبوعة : "بين محمد والمشركين" ، وأثبت ما في المخطوطة .(115) في المطبوعة : "فأولى هذين التأويلين . . . " .(116) انظر ما مضى 1 : 97 - 99 .(117) في المطبوعة : "لأن الذي قبله ذكر الكتاب" بإسقاط"من" .(118) انظر ما مضى 1 : 98 - 99 .(119) انظر ما مضى 2 : 69 .
وَ اِذْ قَالَ مُوْسٰى لِقَوْمِهٖ یٰقَوْمِ اِنَّكُمْ ظَلَمْتُمْ اَنْفُسَكُمْ بِاتِّخَاذِكُمُ الْعِجْلَ فَتُوْبُوْۤا اِلٰى بَارِىٕكُمْ فَاقْتُلُوْۤا اَنْفُسَكُمْؕ-ذٰلِكُمْ خَیْرٌ لَّكُمْ عِنْدَ بَارِىٕكُمْؕ فَتَابَ عَلَیْكُمْؕ-اِنَّهٗ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِیْمُ(۵۴)
اور جب موسیٰ نے اپنی قوم سے کہا اے میری قوم تم نے بچھڑا بناکر اپنی جانوں پر ظلم کیا تو اپنے پیدا کرنے والے کی طرف رجوع لاؤ تو آپس میں ایک دوسرے کو قتل کردو (ف۹۰) یہ تمہارے پیدا کرنے والے کے نزدیک تمہارے لیے بہتر ہے تو اس نے تمہاری توبہ قبول کی بیشک وہی ہے بہت توبہ قبول کرنے والا مہربان -(ف ۹۱)
القول في تأويل قوله تعالى ذكره وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ إِنَّكُمْ ظَلَمْتُمْ أَنْفُسَكُمْ بِاتِّخَاذِكُمُ الْعِجْلَ فَتُوبُوا إِلَى بَارِئِكُمْ فَاقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ عِنْدَ بَارِئِكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ (54)وتأويل ذلك: اذكروا أيضا إذ قال موسى لقومه من بني إسرائيل: يا قوم إنكم ظلمتم أنفسكم . وظلمهم إياها، كان فعلَهم بها ما لم يكن لهم أن يفعلوه بها، مما أوجب لهم العقوبة من الله تعالى. وكذلك كل فاعل فعلا يستوجب به العقوبة من الله تعالى فهو ظالم لنفسه بإيجابه العقوبة لها من الله تعالى . وكان الفعل الذي فعلوه فظلموا به أنفسهم , هو ما أخبر الله عنهم: من ارتدادهم باتخاذهم العجل ربا بعد فراق موسى إياهم.ثم أمرهم موسى بالمراجعة من ذنبهم، والإنابة إلى الله من ردتهم، بالتوبة إليه , والتسليم لطاعته فيما أمرهم به. وأخبرهم أن توبتهم من الذنب الذي ركبوه قتلهم أنفسهم .* * *وقد دللنا فيما مضى على أن معنى " التوبة ": الأوبة مما يكرهه الله إلى ما يرضاه من طاعته. (120)* * *فاستجاب القوم لما أمرهم به موسى من التوبة مما ركبوا من ذنوبهم إلى ربهم، على ما أمرهم به، كما:-934 - حدثنا محمد بن المثنى قال، حدثنا محمد بن جعفر قال، حدثنا شعبة بن الحجاج , عن أبي إسحاق , عن أبي عبد الرحمن أنه قال في هذه الآية: (فاقتلوا أنفسكم) قال: عمدوا إلى الخناجر , فجعل يطعن بعضهم بعضا.935 - حدثني عباس بن محمد قال، حدثنا حجاج بن محمد، قال ابن جريج , أخبرني القاسم بن أبي بزة أنه سمع سعيد بن جبير ومجاهدا قالا قام بعضهم إلى بعض بالخناجر يقتل بعضهم بعضا لا يحن رجل على رجل قريب ولا بعيد , (121) حتى ألوى موسى بثوبه , (122) فطرحوا ما بأيديهم , فتكشف عن سبعين ألف قتيل. وإن الله أوحى إلى موسى: أن حسبي فقد اكتفيت ! فذلك حين ألوى بثوبه . (123)936 - حدثني عبد الكريم بن الهيثم قال، حدثنا إبراهيم بن بشار قال، حدثنا سفيان بن عيينة قال، قال أبو سعيد , عن عكرمة , عن ابن عباس قال: قال موسى لقومه: (توبوا إلى بارئكم فاقتلوا أنفسكم ذلكم خير لكم عند بارئكم فتاب عليكم إنه هو التواب الرحيم). قال: أمر موسى قومه عن أمر ربه عز وجل - أن يقتلوا أنفسهم , قال: فاحتبى الذين عكفوا على العجل فجلسوا , (124) &; 2-74 &; وقام الذين لم يعكفوا على العجل، وأخذوا الخناجر بأيديهم، وأصابتهم ظلمة شديدة , فجعل يقتل بعضهم بعضا، فانجلت الظلمة عنهم وقد أجلوا عن سبعين ألف قتيل , (125) كل من قتل منهم كانت له توبة , وكل من بقي كانت له توبة.937 - وحدثني موسى بن هارون قال، حدثنا عمرو بن حماد قال، حدثنا أسباط , عن السدي قال: لما رجع موسى إلى قومه قال: يَا قَوْمِ أَلَمْ يَعِدْكُمْ رَبُّكُمْ وَعْدًا حَسَنًا إلى قوله: فَكَذَلِكَ أَلْقَى السَّامِرِيُّ [ طه: 86-87]. فألقى موسى الألواح وأخذ برأس أخيه يجره إليه قَالَ يَا ابْنَ أُمَّ لا تَأْخُذْ بِلِحْيَتِي وَلا بِرَأْسِي إِنِّي خَشِيتُ أَنْ تَقُولَ فَرَّقْتَ بَيْنَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَلَمْ تَرْقُبْ قَوْلِي [ طه: 94]. فترك هارون ومال إلى السامري , ف قَالَ فَمَا خَطْبُكَ يَا سَامِرِيُّ إلى قوله: ثُمَّ لَنَنْسِفَنَّهُ فِي الْيَمِّ نَسْفًا [ طه: 95-97] ثم أخذه فذبحه , ثم حرقه بالمبرد , (126) ثم ذراه في اليم , فلم يبق بحر يجري يومئذ إلا وقع فيه شيء منه . ثم قال لهم موسى: اشربوا منه . فشربوا , فمن كان يحبه خرج على شاربيه الذهب . فذلك حين يقول: وَأُشْرِبُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْعِجْلَ بِكُفْرِهِمْ [ البقرة: 93] . فلما سقط في أيدي بني إسرائيل حين جاء موسى , ورأوا أنهم قد ضلوا قالوا: لَئِنْ لَمْ يَرْحَمْنَا رَبُّنَا وَيَغْفِرْ لَنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ . فأبى الله أن يقبل توبة بني إسرائيل، إلا بالحال التي كرهوا أن يقاتلهم حين عبدوا العجل , (127) فقال لهم موسى: (يا قوم إنكم ظلمتم أنفسكم باتخاذكم العجل فتوبوا إلى بارئكم فاقتلوا أنفسكم). قال: فصفوا صفين، ثم اجتلدوا بالسيوف . فاجتلد الذين عبدوه &; 2-75 &; والذين لم يعبدوه بالسيوف , فكان من قتل من الفريقين شهيدا , حتى كثر القتل، حتى كادوا أن يهلكوا حتى قتل بينهم سبعون ألفا , وحتى دعا موسى وهارون (128) ربنا هلكت بنو إسرائيل! ربنا البقية البقية! (129) ! فأمرهم أن يضعوا السلاح , وتاب عليهم . فكان من قتل شهيدا , ومن بقي كان مكفرا عنه . فذلك قوله: (فتاب عليكم إنه هو التواب الرحيم). (130)938 - حدثني محمد بن عمرو الباهلي قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى , عن ابن أبي نجيح , عن مجاهد في قول الله تعالى: (باتخاذكم العجل)، قال: كان موسى أمر قومه - عن أمر ربه - أن يقتل بعضهم بعضا بالخناجر, فجعل الرجل يقتل أباه ويقتل ولده , فتاب الله عليهم.939 - وحدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: " باتخاذكم العجل " ، قال : كان أمر موسى قومه - عن أمر ربه - أن يقتل بعضهم بعضا، ولا يقتل الرجل أباه ولا أخاه. فبلغ ذلك في ساعة من نهار سبعين ألفا. (131)940 - وحدثني المثنى قال، حدثنا آدم قال، حدثنا أبو جعفر , عن الربيع , عن أبي العالية في قوله: (وإذ قال موسى لقومه يا قوم إنكم ظلمتم أنفسكم) الآية ، قال: فصاروا صفين, فجعل يقتل بعضهم بعضا, فبلغ القتلى ما شاء الله , ثم قيل لهم: قد تيب على القاتل والمقتول.941 - حدثنا المثنى قال، حدثنا أبو صالح قال، حدثني الليث قال، حدثني عقيل , عن ابن شهاب قال، لما أمرت بنو إسرائيل بقتل أنفسها، برزوا &; 2-76 &; ومعهم موسى , فاضطربوا بالسيوف, (132) وتطاعنوا بالخناجر , وموسى رافع يديه . حتى إذا فتر، أتاه بعضهم فقالوا: يا نبي الله ادع الله لنا. وأخذوا بعضديه يسندون يديه . (133) فلم يزل أمرهم على ذلك، حتى إذا قبل الله توبتهم قبض أيدي بعضهم عن بعض, فألقوا السلاح. وحزن موسى وبنو إسرائيل للذي كان من القتل فيهم, فأوحى الله جل ثناؤه إلى موسى: ما يحزنك؟, (134) أما من قتل منكم، فحي عندي يرزق؛ وأما من بقي، فقد قبلت توبته! فبشر بذلك موسى بني إسرائيل (135) .942 - حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر, عن الزهري وقتادة في قوله: (فاقتلوا أنفسكم)، قال: قاموا صفين يقتل بعضهم بعضا، (136) حتى قيل لهم كُفوا. قال قتادة: كانت شهادة للمقتول وتوبة للحي.943 - حدثنا القاسم بن الحسن قال، حدثنا الحسين بن داود قال، حدثني حجاج , عن ابن جريج قال، قال لي عطاء: سمعت عبيد بن عمير يقول: قام بعضهم إلى بعض، يقتل بعضهم بعضا, ما يترابأ الرجل أخاه ولا أباه ولا ابنه ولا أحدا حتى نزلت التوبة. (137)قال ابن جريج, وقال ابن عباس: بلغ قتلاهم سبعين ألفا, ثم رفع الله عز وجل عنهم القتل, وتاب عليهم. قال ابن جريج: قاموا صفين فاقتتلوا بينهم, فجعل الله القتل لمن قتل منهم شهادة , وكانت توبة لمن بقي . وكان قتل بعضهم بعضا أن الله علم أن ناسا منهم علموا أن العجل باطل، فلم يمنعهم أن ينكروا عليهم إلا مخافة القتال , فلذلك أمر أن يقتل بعضهم بعضا .944 - حدثنا ابن حميد قال، حدثنا سلمة , عن ابن إسحاق قال: لما رجع موسى إلى قومه , وأحرق العجل وذراه في اليم، (138) وخرج إلى ربه بمن اختار من قومه , فأخذتهم الصاعقة , ثم بعثوا - سأل موسى ربه التوبة لبني إسرائيل من عبادة العجل , فقال: لا إلا أن يقتلوا أنفسهم . قال: فبلغني أنهم قالوا لموسى: نصبر لأمر الله! فأمر موسى من لم يكن عبد العجل أن يقتل من عبده. فجلسوا بالأفنية، وأَصْلَتَ عليهم القوم السيوف , (139) فجعلوا يقتلونهم. وبكى موسى، وبهش إليه النساء والصبيان يطلبون العفو عنهم , (140) فتاب عليهم وعفا عنهم , وأمر موسى أن ترفع عنهم السيوف . (141)945 - حدثني يونس بن عبد الأعلى قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد: لما رجع موسى إلى قومه , وكان سبعون رجلا قد اعتزلوا مع هارون العجل لم يعبدوه، فقال لهم موسى: انطلقوا إلى موعد ربكم . فقالوا: يا موسى، أما من توبة؟ قال: بلى!(اقتلوا أنفسكم ذلكم خير لكم عند بارئكم فتاب عليكم) &; 2-78 &; الآية . فاخترطوا السيوف والجِرَزَة والخناجر والسكاكين . (142) قال: وبعث عليهم ضبابة , قال: فجعلوا يتلامسون بالأيدي , ويقتل بعضهم بعضا. قال: ويلقى الرجل أباه وأخاه فيقتله ولا يدري , ويتنادون فيها: رحم الله عبدا صبر نفسه حتى يبلغ الله رضاه . (143) وقرأ قول الله جل ثناؤه: وَآتَيْنَاهُمْ مِنَ الآيَاتِ مَا فِيهِ بَلاءٌ مُبِينٌ [ الدخان: 33]. قال: فقتلاهم شهداء , وتيب على أحيائهم، وقرأ: (فتاب عليكم إنه هو التواب الرحيم) . (144) .* * *فالذي ذكرنا -عمن روينا عنه الأخبار التي رويناها- كان توبة القوم من الذنب الذي أتوه فيما بينهم وبين ربهم، بعبادتهم العجل مع ندمهم على ما سلف منهم من ذلك.* * *وأما معنى قوله: (فتوبوا إلى بارئكم)، فإنه يعني به: ارجعوا إلى طاعة خالقكم، وإلى ما يرضيه عنكم، كما: -946 - حدثني به المثنى بن إبراهيم قال، حدثنا آدم قال، حدثنا أبو جعفر , عن الربيع , عن أبي العالية: (فتوبوا إلى بارئكم)، أي: إلى خالقكم.* * *وهو من " برأ الله الخلق يبرؤه فهو بارئ" . و " البرية ": الخلق. وهي" فعيلة " بمعنى " مفعولة " , غير أنها لا تهمز. كما لا يهمز " ملك " وهو من " لأك " , لكنه جرى بترك الهمزة كذلك (145) قال نابغة بني ذبيان:إلا سليمان إذ قال المليك لهقم في البرية فاحدُدْها عن الفَنَد (146)وقد قيل: إن " البرية " إنما لم تهمز لأنها " فعيلة " من " البَرَى " , والبَرَى: التراب . فكأن تأويله على قول من تأوله كذلك أنه مخلوق من التراب.* * *وقال بعضهم: إنما أخذت " البرية " من قولك " بريت العود ". فلذلك لم يهمز .* * *قال أبو جعفر: وترك الهمز من " بارئكم " جائز , والإبدال منها جائز. فإذ كان ذلك جائزا في" باريكم " فغير مستنكر أن تكون " البرية " من: " برى الله الخلق " بترك الهمزة.* * *وأما قوله: (ذلكم خير لكم عند بارئكم)، فإنه يعني بذلك: توبتكم بقتلكم أنفسكم وطاعتكم ربكم، خير لكم عند بارئكم، لأنكم تنجون بذلك من عقاب الله في الآخرة على ذنبكم, وتستوجبون به الثواب منه.* * *وقوله: (فتاب عليكم)، أي: بما فعلتم مما أمركم به من قتل بعضكم بعضا. وهذا من المحذوف الذي استغني بالظاهر منه عن المتروك . لأن معنى الكلام: فتوبوا إلى بارئكم فاقتلوا أنفسكم , ذلكم خير لكم عند بارئكم , فتبتم، فتاب عليكم. فترك ذكر قوله: " فتبتم "، إذ كان في قوله: (فتاب عليكم) دلالة بينة على اقتضاء الكلام " فتبتم ".* * *ويعني بقوله: (فتاب عيكم) رَجَعَ لكم ربكم إلى ما أحببتم: من العفو عن ذنوبكم وعظيم ما ركبتم , والصفح عن جرمكم، (إنه هو التواب الرحيم) يعني: الراجع لمن أناب إليه بطاعته إلى ما يحب من العفو عنه. ويعني ب " الرحيم "، العائد إليه برحمته المنجية من عقوبته.-----------------الهوامش :(120) انظر ما سلف 1 : 547 .(121) حن عليه : عطف عليه . وفي ابن كثير 1 : 169"لا يحنو" ، وهو مثله في المعنى .(122) ألوى بثوبه : لمع به أشار . يأمرهم موسى بالكف عما هم فيه .(123) في المطبوعة : "قد اكتفيت ، فذلك حين ألوى . . . " وفي المخطوطة"بذلك" ، واخترت ما نقله ابن كثير 1 : 169 .(124) في المخطوطة : "فاختبأ الذي عكفوا . . . " ، وفي ابن كثير 1 : 169"فأخبر" ، وهو خطأ محض . واحتبى بثوبه : ضم رجليه إلى يطنه بثوب يجمعهما به مع ظهره ، يشده عليها ، وقد يكون الاحتباء باليدين عوض الثوب . وانظر البغوي 1 : 169 ، فهو دال على صواب ما استظهرته في قراءة الكلمة .(125) أجلى عن كذا : انكشف عنه .(126) حرق الحديد بالمبرد حرقا ، وحرقه (بتشديد الراء) : برده وحك بعضه ببعض . وكذلك جاء عن ابن إسحاق في تاريخ الطبري 1 : 220 قال : "سمعت بعض أهل العلم يقول : إنما كان إحراقه سحلة" . والسحل : السحق والحك بالمبرد .(127) في المطبوعة : "أن يقاتلوهم" ، وأثبت ما في المخطوطة ، وتاريخ الطبري .(128) في المخطوطة والمطبوعة : " وحتى دعا موسى" ، وأثبت ما في التاريخ بحذف واو العطف .(129) البقية : الإبقاء عليهم ، يدعوان ربهما أن يبقى بقية ، فلا يستأصلهم بقتل أنفسهم .(130) الأثر : 937 - في تاريخ الطبري 1 : 219 .(131) الأثر : 939 - سقط هذا الأثر كله من المطبوعة .(132) في المطبوعة : "فتضاربوا" وأثبت ما في المخطوطة وابن كثير 1 : 170 . وتضارب الرجلان بسيفيهما واضطربا : تجالدا بالسيف ، بمعنى واحد .(133) في المطبوعة : "يشدون" ، والصواب من المخطوطة وابن كثير . يريد : يسندون يديه وموسى رافع يديه يدعو الله .(134) في المطبوعة : "لا يحزنك" ، والصواب من المخطوطة وابن كثير .(135) في المطبوعة وابن كثير : "فسر بذلك موسى وبنو إسرائيل" .(136) في المطبوعة : " فقتل بعضهم بعضا : ، ليست بشيء .(137) في المطبوعة"ما يتوقى الرجل" ، وفي المخطوطة"ما يترانا" . ورابأت فلانا : اتقيته واتقاني ومن مادته : "أربأ بك عن كذا" . أي أرفعك عنه ولا أرضاه لك . ويقال : "ما عبأت به ولا ربأت" : أي ما باليت به ولا حفلت . فقوله : "ما يترابأ" أي ما يبالي الرجل أن يقتل أخاه .(138) في صدر هذا الخبر من التاريخ 1 : 220 أن إحراق العجل : سحله ، كما مضى في ص : 70 تعليق : 1 .(139) في المطبوعة : "وسلت القوم عليهم السيوف" . وأثبت ما في تاريخ الطبري وابن كثير 1 : 170 وأصلت السيف : جرده من غمده .(140) بهش إليه : أقبل عليه وأسرع إليه ، وتهيأ للبكاء .(141) الأثر 944 - في تاريخ الطبري 1 : 221 ، وابن كثير 1 : 170 ، وفي التاريخ وحده : "أن يرفع عنهم السيف" .هذا ، وفي النسخة المخطوطة التي اعتمدناها ، خرم من عند قوله في هذا الأثر : "سأل ربه التوبة لبني إسرائيل من عبادة" - إلى أن يأتي قوله : " القول في تأويل قوله تعالى : "ثم بعثناكم من بعد موتكم" . وهو أول المجلد الثاني من هذه النسخة ، وتدل وثيقة الوقف التي كتبت على ظهر هذا المجلد ، أن هذه النسخة مجزأة في اثنين وعشرين جزءا .(142) اخترط السيف : سله . والجرزة (بكسر الجيم وفتح الزاي) جمع جرز (بضم فسكون) ، وهو عمود من الحديد ، سلاح يقاتل به .(143) في المطبوعة : "صبر حتى يبلغ" بحذف"نفسه" . والزيادة من ابن كثير 1 : 170(144) الأثر : 945 - في ابن كثير 1 : 170(145) انظر ما مضى 1 : 444 - 447 .(146) ديوانه : 29 ، من قصيدته التي قالها يذكر النعمان ويعتذر إليه ، وقبل البيت :ولا أرى فاعلا في الناس يشبههولا أحاشي من الأقوام من أحدحَدَدْتُ فلانا عن الشر : منعته وحبسته . والفند : الخطأ في الرأى وفي القول .
وَ اِذْ قُلْتُمْ یٰمُوْسٰى لَنْ نُّؤْمِنَ لَكَ حَتّٰى نَرَى اللّٰهَ جَهْرَةً فَاَخَذَتْكُمُ الصّٰعِقَةُ وَ اَنْتُمْ تَنْظُرُوْنَ(۵۵)
اور جب تم نے کہا اے موسیٰ ہم ہرگز تمہارا یقین نہ لائیں گے جب تک اعلانیہ خدا کو نہ دیکھ لیں تو تمہیں کڑک نے آلیا اور تم دیکھ رہے تھے ۔
القول في تأويل قوله تعالى وَإِذْ قُلْتُمْ يَا مُوسَى لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللَّهَ جَهْرَةًقال أبو جعفر: وتأويل ذلك: واذكروا أيضا إذ قلتم: يا موسى لن نصدقك ولن نقر بما جئتنا به، حتى نرى الله جهرة - عِيانا برفع الساتر بيننا وبينه, وكشف الغطاء دوننا ودونه، حتى ننظر إليه بأبصارنا , كما تجهر الرَّكيَّة , وذلك إذا كان ماؤها قد غطاه الطين , فنُقِّي ما قد غطاه حتى ظهر الماء وصفا. يقال منه: (147) " قد جَهَرْتُ الركية أجهرها جهرا وجهرة ". (148) ولذلك قيل: " قد جاهر فلان بهذا الأمر مجاهرة وجهارا "، (149) " إذا أظهره لرأي العين وأعلنه، كما قال الفرزدق بن غالب:من اللائي يظل الألف منهمنيخًا من مخافته جهارا (150)947 - وكما حدثنا به القاسم بن الحسن قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج , عن ابن جريج قال، قال ابن عباس: (حتى نرى الله جهرة)، قال: علانية.948 - وحدثت عن عمار بن الحسن قال، ثنا عبد الله بن أبي جعفر، عن أبيه عن الربيع: (حتى نرى الله جهرة) يقول: عيانا.949 - وحدثني يونس بن عبد الأعلى قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد: (حتى نرى الله جهرة)، حتى يطلع إلينا.950 - حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد , عن قتادة: (حتى نرى الله جهرة)، أي عيانا.فذكرهم بذلك جل ذكره اختلاف آبائهم، وسوء استقامة أسلافهم لأنبيائهم , مع كثرة معاينتهم من آيات الله جل وعز وعبره ما تثلج بأقلها الصدور , (151) وتطمئن بالتصديق معها النفوس. وذلك مع تتابع الحجج عليهم , وسبوغ النعم من الله لديهم، (152) وهم مع ذلك مرة يسألون نبيهم أن يجعل لهم إلها غير الله. ومرة يعبدون العجل من دون الله. ومرة يقولون: لا نصدقك حتى نرى الله جهرة . وأخرى يقولون له إذا دعوا إلى القتال: اذهب أنت وربك فقاتلا إنا هاهنا &; 2-82 &; قاعدون. ومرة يقال لهم: قولوا حطة وادخلوا الباب سجدا نغفر لكم خطاياكم. فيقولون: حنطة في شعيرة! ويدخلون الباب من قبل أستاههم , مع غير ذلك من أفعالهم التي آذوا بها نبيهم عليه السلام، التي يكثر إحصاؤها.فأعلم ربنا تبارك وتعالى ذكره الذين خاطبهم بهذه الآيات من يهود بني إسرائيل، الذين كانوا بين ظهراني مهاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم، أنهم لن يعدوا أن يكونوا -في تكذيبهم محمدا صلى الله عليه و سلم, وجحودهم نبوته , وتركهم الإقرار به وبما جاء به , مع علمهم به، ومعرفتهم بحقيقة أمره- كأسلافهم وآبائهم الذين فصّل عليهم ققَصصهم في ارتدادهم عن دينهم مرة بعد أخرى, وتوثبهم على نبيهم موسى صلوات الله وسلامه عليه تارة بعد أخرى , مع عظيم بلاء الله جل وعز عندهم، وسبوغ آلائه عليهم. (153) .* * *القول في تأويل قوله تعالى فَأَخَذَتْكُمُ الصَّاعِقَةُ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ (55)اختلف أهل التأويل في صفة الصاعقة التي أخذتهم . فقال بعضهم بما: -951 - حدثنا به الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر , عن قتادة في قوله: (فأخذتكم الصاعقة)، قال: ماتوا.952 - وحدثت عن عمار بن الحسن قال، حدثنا عبد الله بن أبي جعفر , عن أبيه , عن الربيع: (فأخذتكم الصاعقة) قال: سمعوا صوتا فصَعِقوا ، يقول: فماتوا.* * *وقال آخرون بما: -953 - حدثني موسى بن هارون الهمداني قال، حدثنا عمرو بن حماد قال، &; 2-83 &; حدثنا أسباط , عن السدي: (فأخذتكم الصاعقة)، والصاعقة: نار.* * *وقال آخرون بما: -954 - حدثنا به ابن حميد قال، حدثنا سلمة , عن ابن إسحاق قال: أخذتهم الرجفة، وهي الصاعقة، فماتوا جميعا.* * *وأصل " الصاعقة " كل أمر هائل رآه [المرء] أو عاينه أو أصابه - (154) حتى يصير من هوله وعظيم شأنه إلى هلاك وعطب, وإلى ذهاب عقل وغمور فهم , (155) أو فقد بعض آلات الجسم - صوتا كان ذلك أو نارا , أو زلزلة , أو رجفا . ومما يدل على أنه قد يكون مصعوقا وهو حي غير ميت , قول الله عز وجل: وَخَرَّ مُوسَى صَعِقًا [الأعراف: 143]، يعني مغشيا عليه، ومنه قول جرير بن عطية:وهل كان الفرزدق غير قردأصابته الصواعق فاستدارا (156)فقد علم أن موسى لم يكن -حين غشي عليه وصعق ميتا، لأن الله جل وعز أخبر عنه أنه لما أفاق قال: تُبْتُ إِلَيْكَ [ الأعراف: 143]- ولا شبه جرير الفرزدق وهو حي بالقرد ميتا . ولكن معنى ذلك ما وصفنا .* * *ويعني بقوله: (وأنتم تنظرون) ، وأنتم تنظرون إلى الصاعقة التي أصابتكم , يقول: أخذتكم الصاعقة عيانا جهارا وأنتم تنظرون إليها.-------------الهوامش :(147) هذا نص كلام الأخفش (اللسان جهر) . وفي المطبوعة"فنفى ما قد غطاه" ، ولا بأس بها ، ولكني أثبت ما في اللسان .(148) قوله"وجهرة" ، مصدر لم أجده في اللسان ولا في غيره .(149) في المطبوعة : "جهر فلان بهذا الأمر مجاهرة وجهارا" ، وليس حسنا أن يقال كذلك . فإن"مجاهرة" لا تكون مصدر"جهر" ألبتة ، وإن جاز أن يكون"جهار" مصدرا له كما في اللسان : "جهر بكلامه يجهر جهرا وجهارا" . فمن أجل ذلك آثرت أن أضع مكان"جهر""جاهر" ، حتى يستقيم على الجادة .(150) ديوانه : 443 ، والنقائض : 255 ، يهجو جريرا ، وقبل البيت :عوى , فأثار أغلب ضيغميافويل ابن المراغة ! ما استثارا?قوله"عوى" يعني جريرا. وقوله"من اللائي"، أصله: من اللائين. و"اللاؤون" جمع"الذي" من غير لفظه، بمعنى"الذين". وفيه لغات: اللاؤون، في الرفع، واللائين، في الخفض والنصب. واللاؤو، بلانون، واللائي، بإثبات الياء في كل حال. يستوى فيه الرجال والنساء، ومنه قول عباد بن طهفة، وهو أبو الربيس، شاعر أموي:من النفر اللائي الذين إذا همويهاب اللئام حلقة الباب قعقعواوأجاز أبو الربيس أن يجمع بين"اللائي" و"الذين"، لاختلاف اللفظين، أو على إلغاء أحدهما. قول الفرزدق:"من اللائي"، يعني: من الذين. ثم قطع القول وحذف، لدلالة الكلام على ما أراد، كأنه قال: هو من الذين عرفت يا جرير. ثم استأنف فقال: يظل الألف منه..، والضمير في"منه" عائد إلى قوله:"أغلب ضيغميا"، هو الأسد، ويعني نفسه. والألف: يعني ألف رجل. وقوله:"منيخا": أي قد أناخ"الألف" ركابهم من مخافته، وقد قطع عليهم الطريق.هذا، ورواية النقائض والديوان:"نهارا" مكان"جهارا" جاء تفسيرها في النقائض:"قال: نهارا، ولم يقل: ليلا، لأن الأسد أكثر شجاعته وقوته بالليل.فيقول: هذا الأسد يظل الألف منه منيخا بالنهار، فكيف بالليل!". رواية الطبري:"جهارا" قريبة المعنى من رواية من روى"نهارا". وهم يقولون: لقيته جهارا نهارا. لأن النهار يكشف كل شيء ويعلنه ويجهره. أي أناخوا يرونه وهم يرونه رأى العين، وذلك في النهار.(151) ثلجت نفسه بالشيء (بكسر اللام) تثلج وتثلج (بفتح اللام وضمها) ثلوجا : اشتفت واطمأنت وسكنت إليه ، ووثقت به .(152) مضى في ص : 58 التعليق على مثل هذه الكلمة ، وكانت في المخطوطة : "شيوع آلائه لديهم" . وسبوغ النعمة : كمالها وتمامها واتساعها . ولا أزال أستحسن أن تكون هنا"شيوع" ، لقوله"لديهم" ، فأما إن قال"وسبوغ النعم عليهم" ، كما سيأتي في آخر هذه الفقرة ، فهي"سبوغ"ولا شك .(153) انظر التعليق السالف : 77 تعليق : 2(154) الزيادة بين القوسين من عندي . ليستقيم بها الكلام .(155) قوله"غمور فهم" لم أجد هذا المصدر في كتب اللغة. وكأنه مصدر غمر عليه (بالبناء للمجهول): أغمى عليه. وفي الحديث أنه أول ما اشتكي بأبي وأمي صلى الله عليه وسلم - في بيت ميمونة، اشتد مرضه حتى غمر عليه - أي: أغمى عليه، حتى كأنه غطى على عقله وستر، من قولهم: غمرت الشيء: إذا سترته، وغشي عليه وأغمي عليه من معنى الستر أيضًا (اللسان، الفائق).(156) ديوانه : 281 ، والنقائض : 251 وبعده في هجاء الفرزدق ، وهو من أشده :وكنت إذا حللت بدار قومرحلت بِخَزْيَةٍ وتركت عاراوما أشد ما قال! وقال في النقائض في شرح البيت : "ولغته - يعني جريرا - الصواقع . فاستدار : أي استدار إنسانا بعد أن كان قردا" . وكأنه أخطأ المعنى ، فإنه أراد أنه مسخ قردا على هيئته التي كان عليها قبل أن يكون إنسانا . فقوله : "استدار" : عاد إلى الموضع الذي ابتدأ منه ، ومن ذلك قوله صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع : " إن الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق الله السموات والأرض" أي عاد كما بدأ . فهو يقول : كان الفرزدق في أصل نشأته قردا ، ثم تحول إنسانا ، فلما أصابته صواعق شعري عاد كما كان في أصل نشأته قردا صريحا .
ثُمَّ بَعَثْنٰكُمْ مِّنْۢ بَعْدِ مَوْتِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُوْنَ(۵۶)
پھر مرے پیچھے ہم نے تمہیں زندہ کیا کہ کہیں تم احسان مانو-
القول في تأويل قوله تعالى (157) ثُمَّ بَعَثْنَاكُمْ مِنْ بَعْدِ مَوْتِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (56)يعني بقوله: (ثم بعثناكم) ثم أحييناكم .* * *وأصل " البعث " إثارة الشيء من محله . ومنه قيل: " بعث فلان راحلته " إذا أثارها من مبركها للسير , كما قال الشاعر:فأبعثها وهيَّ صنيعُ حولكركن الرَّعنِ, ذِعْلِبَةً وَقاحا (158)&; 2-85 &; و " الرعن ": منقطع أنف الجبل , و " الذعلبة ": الخفيفة , و " الوقاح ": الشديدة الحافر أو الخف . ومن ذلك قيل: " بعثت فلانا لحاجتي"، إذا أقمته من مكانه الذي هو فيه للتوجه فيها . ومن ذلك قيل ليوم القيامة: " يوم البعث " , لأنه يوم يثار الناس فيه من قبورهم لموقف الحساب.* * *يعني بقوله: (من بعد موتكم)، من بعد موتكم بالصاعقة التي أهلكتكم.* * *وقوله: (لعلكم تشكرون)، يقول: فعلنا بكم ذلك لتشكروني على ما أوليتكم من نعمتي عليكم، بإحيائي إياكم، استبقاء مني لكم ، لتراجعوا التوبة من عظيم ذنبكم، بعد إحلالي العقوبة بكم بالصاعقة التي أحللتها بكم, فأماتتكم بعظيم خطئكم الذي كان منكم فيما بينكم وبين ربكم.وهذا القول على تأويل من تأول قوله قول: (ثم بعثناكم) ثم أحييناكم.* * *وقال آخرون: معنى قوله: (ثم بعثناكم)، أي بعثناكم أنبياء .955 - حدثني بذلك موسى بن هارون قال، حدثنا عمرو بن حماد قال، حدثنا أسباط عن السدي .* * *قال أبو جعفر: وتأويل الكلام على ما تأوله السدي: فأخذتكم الصاعقة، ثم أحييناكم من بعد موتكم , وأنتم تنظرون إلى إحيائنا إياكم من بعد موتكم , ثم بعثناكم أنبياء لعلكم تشكرون.وزعم السدي أن ذلك من المقدم الذي معناه التأخير , والمؤخر الذي معناه التقديم.956 - حدثنا بذلك موسى قال، حدثنا عمرو بن حماد قال، حدثنا أسباط , عن السدي.وهذا تأويل يدل ظاهر التلاوة على خلافه، مع إجماع أهل التأويل على تخطئته . والواجب على تأويل السدي الذي حكيناه عنه، أن يكون معنى قوله: (لعلكم تشكرون)، تشكروني على تصييري إياكم أنبياء.* * *وكان سبب قيلهم لموسى ما أخبر الله جل وعز عنهم أنهم قالوا له، من قولهم: لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً , ما:-957 - حدثنا به محمد بن حميد قال، حدثنا سلمة بن الفضل , عن محمد بن إسحاق قال: لما رجع موسى إلى قومه , ورأى ما هم فيه من عبادة العجل , وقال لأخيه وللسامري ما قال , وحرق العجل وذراه في اليم، (159) اختار موسى منهم سبعين رجلا الخيِّر فالخيِّر , وقال: انطلقوا إلى الله عز وجل , فتوبوا إليه مما صنعتم، وسلوه التوبة على من تركتم وراءكم من قومكم؛ صوموا وتطهروا وطهروا ثيابكم. فخرج بهم إلى طور سيناء لميقات وقته له ربه , وكان لا يأتيه إلا بإذن منه وعلم . فقال له السبعون -فيما ذكر لي- حين صنعوا ما أمرهم به، وخرجوا للقاء ربه: (160) يا موسى، اطلب لنا إلى ربك نسمع كلام ربنا، (161) قال: أفعل . فلما دنا موسى من الجبل وقع عليه عمود غمام حتى تغشى الجبل كله , (162) ودنا موسى فدخل فيه , وقال للقوم: ادنوا . وكان موسى إذا كلمه ربه وقع على جبهته نور ساطع لا يستطيع أحد من بني آدم أن ينظر إليه . فضرب دونه الحجاب . ودنا القوم، حتى إذا دخلوا في الغمام وقعوا سجودا , فسمعوه وهو يكلم موسى يأمره وينهاه: افعل، ولا تفعل . فلما فرغ إليه من أمره، انكشف عن موسى الغمام. (163) فأقبل إليهم، فقالوا لموسى: لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً ، فأخذتهم &; 2-87 &; الرجفة -وهي الصاعقة- [فافتلتت أرواحهم] فماتوا جميعا . (164) وقام موسى يناشد ربه ويدعوه ويرغب إليه ويقول: رب لو شئت أهلكتهم من قبل وإياي! قد سفهوا , أفتهلك من ورائي من بني إسرائيل بما تفعل السفهاء منا؟ (165) -أي: إن هذا لهم هلاك , اخترت منهم سبعين رجلا الخير فالخير، أرجع إليهم وليس معي منهم رجل واحد! فما الذي يصدقوني به أو يأمنوني عليه بعد هذا؟ إِنَّا هُدْنَا إِلَيْكَ . فلم يزل موسى يناشد ربه عز وجل ويطلب إليه , (166) حتى رد إليهم أرواحهم , فطلب إليه التوبة لبني إسرائيل من عبادة العجل , فقال: لا إلا أن يقتلوا أنفسهم . (167) .958 - حدثني موسى بن هارون قال، حدثنا عمرو بن حماد قال، حدثنا أسباط بن نصر , عن السدي: لما تابت بنو إسرائيل من عبادة العجل , وتاب الله عليهم بقتل بعضهم بعضا كما أمرهم به , أمر الله تعالى موسى أن يأتيه في ناس من بنى إسرائيل، يعتذرون إليه من عبادة العجل , ووعدهم موعدا , فاختار موسى قومه سبعين رجلا على عينه , ثم ذهب بهم ليعتذروا . فلما أتوا ذلك المكان قالوا: لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً ، فإنك قد كلمته فأرناه: فأخذتهم الصاعقة فماتوا. فقام موسى يبكي ويدعو الله ويقول: رب ماذا أقول لبني إسرائيل إذا أتيتهم وقد أهلكت خيارهم؟ رب لو شئت أهلكتهم من قبل وإياي أتهلكنا بما فعل السفهاء منا؟ فأوحى الله إلى موسى: إن هؤلاء السبعين ممن اتخذ العجل , فذلك حين يقول موسى: إِنْ هِيَ إِلا فِتْنَتُكَ تُضِلُّ بِهَا مَنْ تَشَاءُ وَتَهْدِي مَنْ تَشَاءُ [إلى قوله] &; 2-88 &; إِنَّا هُدْنَا إِلَيْكَ [ الأعراف: 155-156]. [يقول تبنا إليك] . (168) وذلك قوله: وَإِذْ قُلْتُمْ يَا مُوسَى لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً فَأَخَذَتْكُمُ الصَّاعِقَةُ . ثم إن الله جل ثناؤه أحياهم فقاموا وعاشوا رجلا رجلا ينظر بعضهم إلى بعض كيف يحيون , فقالوا: يا موسى أنت تدعو الله فلا تسأله شيئا إلا أعطاك , فادعه يجعلنا أنبياء ! فدعا الله تعالى فجعلهم أنبياء, فذلك قوله: (ثم بعثناكم من بعد موتكم)، ولكنه قدم حرفا وأخر حرفا . (169)959 - حدثني يونس بن عبد الأعلى قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد: قال لهم موسى لما - رجع من عند ربه بالألواح , قد كتب فيها التوراة، فوجدهم يعبدون العجل , فأمرهم بقتل أنفسهم , ففعلوا , فتاب الله عليهم - , (170) : إن هذه الألواح فيها كتاب الله، فيه أمره الذي أمركم به , ونهيه الذي نهاكم عنه . فقالوا: ومن يأخذه بقولك أنت! لا والله حتى نرى الله جهرة , حتى يطلع الله إلينا (171) فيقول: هذا كتابي فخذوه، فما له لا يكلمنا كما كلمك أنت يا موسى، (172) فيقول: هذا كتابي فخذوه؟ وقرأ قول الله تعالى: لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً ، قال: فجاءت غضبة من الله, فجاءتهم صاعقة بعد التوبة , فصعقتهم فماتوا أجمعون . قال: ثم أحياهم الله من بعد موتهم , وقرأ قول الله تعالى: (ثم بعثناكم من بعد موتكم لعلكم تشكرون). فقال لهم موسى: خذوا كتاب الله . فقالوا : لا . فقال: أي شيء أصابكم؟ قالوا: أصابنا أنا متنا ثم حيينا. قال: خذوا كتاب الله. قالوا: لا . فبعث الله تعالى ملائكة فنتقت الجبل &; 2-89 &; فوقهم . (173)960 - حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر , عن قتادة في قوله: (فأخذتكم الصاعقة وأنتم تنظرون ثم بعثناكم من بعد موتكم)، قال: أخذتهم الصاعقة , ثم بعثهم الله تعالى ليكملوا بقية آجالهم.961 - حدثني المثنى قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا ابن أبي جعفر , عن أبيه , عن الربيع بن أنس في قوله: فَأَخَذَتْكُمُ الصَّاعِقَةُ ، قال: هم السبعون الذين اختارهم موسى فساروا معه . قال: فسمعوا كلاما , فقالوا: لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً . قال: فسمعوا صوتا فصعقوا - يقول: ماتوا - فذلك قوله: (ثم بعثناكم من بعد موتكم)، فبعثوا من بعد موتهم، لأن موتهم ذاك كان عقوبة لهم , فبعثوا لبقية آجالهم .* * *فهذا ما روي في السبب الذي من أجله قالوا لموسى: لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً ولا خبر عندنا بصحة شيء مما قاله من ذكرنا قوله في سبب قيلهم ذلك لموسى، تقوم به حجة فيسلم له . (174) وجائز أن يكون ذلك بعض ما قالوه , فإذ كان لا خبر بذلك تقوم به حجة , فالصواب من القول فيه أن يقال: إن الله جل ثناؤه قد أخبر عن قوم موسى أنهم قالوا له: يَا مُوسَى لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً ، كما أخبر عنهم أنهم قالوه . وإنما أخبر الله عز وجل بذلك عنهم الذين خوطبوا بهذه الآيات، توبيخا لهم في كفرهم بمحمد صلى الله عليه و سلم , وقد قامت حجته على من احتج به عليه , ولا حاجة لمن &; 2-90 &; انتهت إليه إلى معرفة السبب الداعي لهم إلى قيل ذلك . وقد قال الذين أخبرنا عنهم الأقوال التي ذكرناها , وجائز أن يكون بعضها حقا كما قال.----------------الهوامش :(157) عند هذا انتهى الخرم الذي ذكرناه في ص : 77 وبدأنا المخطوطة .(158) لم أجد البيت في مكان . وقوله : "هي" بتشديد الياء ، وهي لغة همدان ، يشددون الواو من"هو" كقول القائل .وإن لساني شُهدة يشتفى بهاوهوَّ, على من صبه الله, علقمويشدد الياء من"هي" كقول القائل :والنفس ما أمرت بالعنف آبيهوهي - إن أمرت باللطف تأتمروالضمير في"أبعثها"إلى ناقته. وقوله:"صنيع حول" أي قد رعت حولا - عاما - حتى سمنت وقويت. يقال صنع فرسه صنعا وصنعة، فهو فرس صنيع، والأنثى بغير هاء: إذا أحسن القيام عليه فغذاه وعلفه وسمنه. وكل ما تعهدته حتى جاد فهو صنيع. والرعن: الأنف العظيم من الجبل تراه متقدما. شبه ناقته في جلالها وقوتها بركن الجبل. ذعلبة: ناقة سريعة باقية على السير. وقاح: صلبة صبور، الذكر والأنثى سواء.(159) في المخطوطة : "وذراه في البحر" .(160) في المطبوعة : " للقاء الله" ، وأثبت ما في المخطوطة وتاريخ الطبري . وفي المخطوطة بعد قوله : "ربه" : "لموسى" ، وأما التاريخ ، فلم يذكر"يا موسى" ، ولا"لموسى" .(161) في المطبوعة : "لنسمع كلام . . " وفي التاريخ : "اطلب لنا نسمع كلام ربنا" بحذف"إلى ربك" .(162) في المطبوعة : "وقع عليه الغمام" ، وفي التاريخ : "وقع عليه عمود الغمام" .(163) في المطبوعة : "فلما فرغ من أمره" ، وأثبت ما في المخطوطة والتاريخ . وفيها أيضًا : "وانكشف"بزيادة الواو ، وهو خطأ .(164) الذي بين القوسين زيادة من تاريخ الطبري ، وهي هناك : "فانفلتت أرواحهم" ، والصواب ما أثبته . يقال : "افتلتت نفسه" (بالبناء للمجهول) ، مات فلتة ، أي بغتة ، وفي الحديث : أن رجلا أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : إن أمي افتلتت نفسها ، فماتت ولم توص ، أفأتصدق عنها؟ قال : نعم .(165) في التاريخ : "قد سفهوا ، فيهلك من ورائي . . . إن هذا لهم هلاك" ، بحذف"أي" .(166) قوله : "ويسأله" ليست في المطبوعة .(167) الأثر : 957 - في تاريخ الطبري 1 : 220 - 221 .(168) الزيادة التي بين الأقواس من تاريخ الطبري ، والأولى منهما زيادة لا بد منها .(169) الأثر : 958 في تاريخ الطبري 1 : 221 . وقوله : "قدم حرفا وأخر حرفا" ، هو ما ذكره في تأويل الآية على ما ذهب إليه السدي (ص : 85)"فأخذتكم الصاعقة ، ثم أحييناكم . . )(170) في المطبوعة : "فقال : إن هذه الألواح . . "(171) في المطبوعة : "يطلع الله علينا" .(172) في المطبوعة : "كما يكلمك أنت" . وسيأتي على الصواب في رقم : 1115 .(173) الأثر : 959 - سيأتي أيضًا رقم : 1115 ، وفيه تمام الخبر نتقوا الجبل : اقتلعوه من أصله ورفعوه فوقهم .(174) في المطبوعة : "فسلم لهم" ، وهو خطأ وتعبير فاسد . وإنما أراد التسليم للخبر الصحيح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم . وهذا الذي قاله الطبري دليل على صحة ما ذكرنا من أنه لم يستدل بهذه الأخبار إلا للبيان عن بعض المعاني ، وإن كانت لا تقوم بها الحجة في التفسير ، كما قلنا في التذكرة التي كتبناها في الجزء الأول : 453 - 454 . وانظر بقية كلام الطبري في هذه الفقرة . فإنه كلام بليغ الدلالة ، مفيد في معرفة أسلوب الطبري في تفسيره .
وَ ظَلَّلْنَا عَلَیْكُمُ الْغَمَامَ وَ اَنْزَلْنَا عَلَیْكُمُ الْمَنَّ وَ السَّلْوٰىؕ-كُلُوْا مِنْ طَیِّبٰتِ مَا رَزَقْنٰكُمْؕ-وَ مَا ظَلَمُوْنَا وَ لٰكِنْ كَانُوْۤا اَنْفُسَهُمْ یَظْلِمُوْنَ(۵۷)
اور ہم نے ابر کو تمہارا سائبان کیا (ف۹۲) اور تم پر من اور سلویٰ اتارا کھاؤ ہماری دی ہوئی ستھری چیزیں (ف۹۳) اور انہوں نے کچھ ہمارا نہ بگاڑا ہاں اپنی ہی جانوں کو بگاڑ کرتے تھے-(ف۹۴) اور جب ہم نے فرمایا اس بستی میں جاؤ -
القول في تأويل قوله تعالى وَظَلَّلْنَا عَلَيْكُمُ الْغَمَامَ(وظللنا عليكم الغمام) عطف على قوله: ثُمَّ بَعَثْنَاكُمْ مِنْ بَعْدِ مَوْتِكُمْ . فتأويل الآية: ثم بعثناكم من بعد موتكم , وظللنا عليكم الغمام - وعدد عليهم سائر ما أنعم به عليهم - لعلكم تشكرون .* * *و " الغمام " جمع " غمامة "، كما السحاب جمع سحابة ," والغمام " هو ما غم السماء فألبسها من سحاب وقتام، وغير ذلك مما يسترها عن أعين الناظرين . وكل مغطى فالعرب تسميه مغموما. (175)* * *وقد قيل: إن الغمام التي ظللها الله على بني إسرائيل لم تكن سحابا.962 - حدثنا أحمد بن إسحاق الأهوازي قال، حدثنا أبو أحمد قال، حدثنا سفيان , عن ابن أبي نجيح , عن مجاهد قوله: (وظللنا عليكم الغمام)، قال: ليس بالسحاب.963 - وحدثني المثنى بن إبراهيم قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل , عن أبي نجيح , عن مجاهد قوله: (وظللنا عليكم الغمام)، قال: ليس بالسحاب، هو الغمام الذي يأتي الله فيه يوم القيامة، لم يكن إلا لهم. (176)964 - وحدثني محمد بن عمرو الباهلي قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى , عن ابن أبي نجيح , عن مجاهد في قول الله جل ثناؤه: (وظللنا عليكم الغمام)، قال: هو بمنزلة السحاب.965 - وحدثني القاسم بن الحسن قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج عن ابن جريج قال، قال ابن عباس: (وظللنا عليكم الغمام)، قال: هو غمام أبرد من هذا وأطيب , وهو الذي يأتي الله عز وجل فيه يوم القيامة في قوله: (177) فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمَامِ [ البقرة: 210], وهو الذي جاءت فيه الملائكة يوم بدر. قال ابن عباس: وكان معهم في التيه . (178)* * *وإذ كان معنى الغمام ما وصفنا، مما غم السماء من شيء يغطى وجهها عن الناظر إليها, (179) فليس الذي ظلله الله عز وجل على بني إسرائيل - فوصفه بأنه كان غماما - بأولى، بوصفه إياه بذلك أن يكون سحابا، منه بأن يكون غير ذلك مما ألبس وجه السماء من شيء.* * *وقد قيل: إنه ما ابيض من السحاب.* * *القول في تأويل قوله تعالى وَأَنْزَلْنَا عَلَيْكُمُ الْمَنَّاختلف أهل التأويل في صفة " المن " . فقال بعضهم بما: -966 - حدثني به محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى , عن ابن أبي نجيح , عن مجاهد في قول الله عز وجل: (وأنزلنا عليكم المن)، قال: المن صمغة .967 - حدثنا المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل , عن ابن &; 2-92 &; أبي نجيح , عن مجاهد مثله .968 - حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر , عن قتادة في قوله: (وأنزلنا عليكم المن والسلوى)، يقول: كان المن ينزل عليهم مثل الثلج .* * *وقال آخرون: هو شراب .* ذكر من قال ذلك:969 - حدثني المثنى قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا ابن أبي جعفر , عن أبيه , عن الربيع بن أنس قال: المن، شراب كان ينزل عليهم مثل العسل , فيمزجونه بالماء , ثم يشربونه .* * *وقال آخرون: " المن "، عسل .* ذكر من قال ذلك:970 - حدثنا يونس بن عبد الأعلى، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد: المن: عسل كان ينزل لهم من السماء .971 - حدثنا أحمد بن إسحاق قال، حدثنا أبو أحمد قال، حدثنا إسرائيل , عن جابر , عن عامر قال: عسلكم هذا جزء من سبعين جزءا من المن .* * *وقال آخرون: " المن " الخبز الرقاق . (180)* ذكر من قال ذلك:972 - حدثني المثنى قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا إسماعيل بن عبد الكريم قال، حدثني عبد الصمد قال: سمعت وهبا - وسئل: ما المن ؟ قال: خبز الرقاق، , مثل الذرة , ومثل النقي. (181)* * *وقال آخرون: " المن "، الزنجبيل. (182)* ذكر من قال ذلك:&; 2-93 &;973 - حدثني موسى بن هارون قال، حدثنا عمرو بن حماد قال، حدثنا أسباط , عن السدي: المن كان يسقط على شجر الزنجبيل (183)* * *وقال آخرون: " المن "، هو الذي يسقط على الشجر الذي يأكله الناس.* ذكر من قال ذلك:974 - حدثني القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثتي حجاج , عن ابن جريج قال، قال ابن عباس: كان المن ينزل على شجرهم، فيغدون عليه، فيأكلون منه ما شاءوا. (184) .975 - وحدثني المثنى قال، حدثنا الحماني قال، حدثنا شريك , عن مجالد ، عن عامر في قوله: (وأنزلنا عليكم المن)، قال: المن: الذي يقع على الشجر.976 - حدثت عن المنجاب بن الحارث قال، حدثنا بشر بن عمارة , عن أبي روق , عن الضحاك , عن ابن عباس في قوله: (المن)، قال: المن الذي يسقط من السماء على الشجر فتأكله الناس.977 - حدثنا أحمد بن إسحاق قال، حدثنا أبو أحمد الزبيري قال، حدثنا شريك , عن مجالد , عن عامر قال: المن، هذا الذي يقع على الشجر.* * *وقد قيل . إن " المن "، هو الترنجبين.* * *وقال بعضهم: " المن "، هو الذي يسقط على الثمام والعُشَر , وهو حلو كالعسل , وإياه عنى الأعشى -ميمون بن قيس- بقوله:&; 2-94 &; لو أُطعِموا المن والسلوى مكانَهمُما أبصر الناس طُعما فيهمُ نجعا (185)وتظاهرت الأخبار عن رسول الله صلى الله عليه و سلم أنه صلى الله عليه و سلم قال:978 -" الكمأة من المن, وماؤها شفاء للعين " . (186)وقال بعضهم: " المن "، شراب حلو كانوا يطبخونه فيشربونه .* * *وأما أمية بن أبي الصلت، فإنه جعله في شعره عسلا فقال يصف أمرهم في التيه وما رزقوا فيه:فرأى الله أنهم بمَضِيعٍلا بذي مَزْرعٍ ولا معمورا (187)&; 2-95 &; فَنَساها عليهم غاديات,ومرى مزنهم خلايا وخورا (188)عسلا ناطِفا وماء فراتاوحليبا ذا بهجة مثمورا (189)المثمور: الصافي من اللبن (190) . فجعل المن الذي كان ينزل عليهم عسلا ناطفا , والناطف: هو القاطر . (191) .* * *القول في تأويل قوله تعالى وَالسَّلْوَىقال أبو جعفر: و " السلوى " اسم طائر يشبه السُّمانَى , واحده وجِماعه بلفظ واحد , كذلك السماني لفظ جماعها وواحدها سواء . وقد قيل: إن واحدة السلوى سلواة .* ذكر من قال ذلك:979 - حدثني موسى بن هارون قال، حدثني عمرو بن حماد قال، حدثنا أسباط , عن السدي في خبر ذكره عن أبي مالك , وعن أبي صالح , عن ابن عباس , وعن مرة الهمداني , عن ابن مسعود , وعن ناس من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم: السلوى طير يشبه السُّمانى . (192)980 - حدثني موسى بن هارون قال، حدثنا عمرو قال، حدثنا أسباط , عن السدي قال: كان طيرا أكبر من السمانى .981 - حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر , عن قتادة قال: السلوى: طائر كانت تحشرها عليهم الريح الجنوب.982 - حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى , عن ابن أبي نجيح , عن مجاهد قال: السلوى: طائر .983 - حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل , عن ابن أبي نجيح , عن مجاهد: السلوى طير.984 - حدثني المثنى قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا إسماعيل بن عبد الكريم قال، حدثني عبد الصمد قال: سمعت وهبا - وسئل: ما السلوى؟ فقال: طير سمين مثل الحمام . (193)&; 2-97 &;985 - حدثني يونس بن عبد الأعلى قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد: السلوى طير.986 - حدثنا المثنى قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا ابن أبي جعفر , عن أبيه , عن الربيع بن أنس: السلوى كان طيرا يأتيهم مثل السمانى .987 - حدثني المثنى قال، حدثنا الحماني قال، حدثنا شريك , عن مجالد , عن عامر , قال: السلوى السمانى .988 - حدثت عن المنجاب قال، حدثنا بشر , عن أبي روق , عن الضحاك , عن ابن عباس قال: السلوى، هو السمانى .989 - حدثنا أحمد بن إسحاق قال، أخبرنا أبو أحمد قال، حدثنا شريك , عن مجالد , عن عامر قال: السلوى السمانى .990 - حدثنا ابن بشار قال، حدثنا أبو عامر قال، حدثنا قرة , عن الضحاك قال: السمانى هو السلوى .* * *فإن قال قائل: وما سبب تظليل الله جل ثناؤه الغمام، وإنزاله المن والسلوى على هؤلاء القوم؟قيل: قد اختلف أهل العلم في ذلك . ونحن ذاكرون ما حضرنا منه: -991 - فحدثنا موسى بن هارون قال، حدثنا عمرو بن حماد قال، حدثنا أسباط بن نصر , عن السدي: لما تاب الله على قوم موسى، (194) وأحيا السبعين الذين اختارهم موسى بعد ما أماتهم , أمرهم الله بالسير إلى أريحا , (195) وهي أرض بيت المقدس . فساروا حتى إذا كانوا قريبا منها بعث موسى اثني عشر نقيبا . فكان من أمرهم وأمر الجبارين وأمر قوم موسى، ما قد قص الله في كتابه . (196) &; 2-98 &; فقال قوم موسى لموسى: (اذهب أنت وربك فقاتلا إنا هاهنا قاعدون). فغضب موسى فدعا عليهم فقال: رَبِّ إِنِّي لا أَمْلِكُ إِلا نَفْسِي وَأَخِي فَافْرُقْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ . فكانت عَجْلَةً من موسى عجلها، فقال الله تعالى: (إنها محرمة عليهم أربعين سنة يتيهون في الأرض). فلما ضرب عليهم التيه، ندم موسى , وأتاه قومه الذين كانوا معه يطيعونه فقالوا له: ما صنعت بنا يا موسى؟ فلما ندم، أوحى الله إليه: أن لا تأس على القوم الفاسقين - أي لا تحزن على القوم الذين سميتهم فاسقين - فلم يحزن، فقالوا: يا موسى كيف لنا بماء ههنا ؟ أين الطعام؟ فأنزل ألله عليهم المن - فكان يسقط على شجر الترنجبين (197) - والسلوى = وهو طير يشبه السمانى = فكان يأتي أحدهم فينظر إلى الطير، إن كان سمينا ذبحه وإلا أرسله , فإذا سمن أتاه . فقالوا: هذا الطعام , فأين الشراب؟ فأمر موسى فضرب بعصاه الحجر فانفجرت منه اثنتا عشرة عينا , فشرب كل سبط من عين . فقالوا: هذا الطعام والشراب؟ فأين الظل؟ فظلل عليهم الغمام. فقالوا: هذا الظل، فأين اللباس؟ فكانت ثيابهم تطول معهم كما تطول الصبيان , ولا يتخرق لهم ثوب , فذلك قوله: (وظللنا عليكم الغمام وأنزلنا عليكم المن والسلوى) وقوله: وَإِذِ اسْتَسْقَى مُوسَى لِقَوْمِهِ فَقُلْنَا اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْحَجَرَ فَانْفَجَرَتْ مِنْهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْنًا قَدْ عَلِمَ كُلُّ أُنَاسٍ مَشْرَبَهُمْ . [البقرة: 60] (198)992 - حدثنا ابن حميد قال، حدثنا سلمة , عن ابن إسحاق قال: لما تاب الله عز وجل على بني إسرائيل، وأمر موسى أن يرفع عنهم السيف من عبادة العجل , أمر موسى أن يسير بهم إلى الأرض المقدسة , (199) وقال: إني قد كتبتها لكم دارا وقرارا ومنزلا فاخرج إليها، وجاهد من فيها من العدو، فإني ناصركم &; 2-99 &; عليهم. فسار بهم موسى إلى الأرض المقدسة بأمر الله عز وجل. حتى إذا نزل التيه -بين مصر والشام، وهي أرض ليس فيها خَمَر ولا ظل (200) - دعا موسى ربه حين آذاهم الحر , فظلل عليهم بالغمام ؛ ودعا لهم بالرزق , فأنزل الله لهم المن والسلوى .993 - حدثني المثنى بن إبراهيم قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا ابن أبى جعفر , عن أبيه , عن الربيع بن أنس -994 - وحدثت عن عمار بن الحسن , حدثنا ابن أبي جعفر , عن أبيه , عن الربيع (201) قوله: وَظَلَّلْنَا عَلَيْكُمُ الْغَمَامَ ، قال: ظلل عليهم الغمام في التيه، تاهوا في خمسة فراسخ أو ستة , (202) كلما أصبحوا ساروا غادين , فأمسوا فإذا هم في مكانهم الذي ارتحلوا منه . فكانوا كذلك حتى مرت أربعون سنة . (203) قال: وهم في ذلك ينزل عليهم المن والسلوى، ولا تبلى ثيابهم. ومعهم حجر من حجارة الطور يحملونه معهم , فإذا نزلوا ضربه موسى بعصاه , فانفجرت منه اثنتا عشرة عينا.995 - حدثني المثنى قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا إسماعيل بن عبد الكريم قال، حدثني عبد الصمد قال، سمعت وهبا يقول: إن بني إسرائيل -لما حرم الله عليهم أن يدخلوا الأرض المقدسة أربعين سنة يتيهون في الأرض- شكوا إلى موسى فقالوا: ما نأكل؟ فقال: إن الله سيأتيكم بما تأكلون . قالوا: من أين لنا؟ إلا أن يمطر علينا خبزا! قال: إن الله عز وجل سينزل عليكم خبزا مخبوزا . فكان ينزل عليهم المن - سئل وهب: ما المن؟ قال: خبز الرقاق مثل الذرة أو &; 2-100 &; مثل النقيّ - (204) قالوا: وما نأتدم؟ وهل بد لنا من لحم؟ قال: فإن الله يأتيكم به . فقالوا: من أين لنا؟ إلا أن تأتينا به الريح! قال: فإن الريح تأتيكم به. فكانت الريح تأتيهم بالسلوى - فسئل وهب: ما السلوى؟ قال: طير سمين مثل الحمام، (205) كانت تأتيهم فيأخذون منه من سبت إلى سبت - (206) قالوا: فما نلبس؟ قال: لا يخلق لأحد منكم ثوب أربعين سنة . قالوا: فما نحتذي؟ قال: لا ينقطع لأحدكم شسع أربعين سنة. (207) قالوا: فإن يولد فينا أولاد، فما نكسوهم؟ (208) قال: ثوب الصغير يشب معه . قالوا: فمن أين لنا الماء؟ قال: يأتيكم به الله . قالوا: فمن أين؟ إلا أن يخرج لنا من الحجر ! فأمر الله تبارك وتعالى موسى أن يضرب بعصاه الحجر . قالوا: فما نبصر! تغشانا الظلمة! (209) فضرب لهم عمودا من نور في وسط عسكرهم، أضاء عسكرهم كله , قالوا: فبم نستظل؟ فإن الشمس علينا شديده! قال: يظلكم الله بالغمام . (210) .996 - حدثني يونس بن عبد الأعلى قال، أخبرنا ابن وهب، قال ابن زيد , فذكر نحو حديث موسى بن هارون، عن عمرو بن حماد , عن أسباط , عن السدي .997 - حدثني القاسم بن الحسن قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج قال، قال ابن جريج: قال عبد الله بن عباس: خلق لهم في التيه ثياب لا تخلق &; 2-101 &; ولا تدرن . (211) قال، وقال ابن جريج: إن أخذ الرجل من المن والسلوى فوق طعام يوم فسد , إلا أنهم كانوا يأخذون في يوم الجمعة طعام يوم السبت، فلا يصبح فاسدا.* * *القول في تأويل قوله تعالى كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْوهذا مما استغني بدلالة ظاهره على ما ترك منه . وذلك أن تأويل الآية: وظللنا عليكم الغمام , وأنزلنا عليكم المن والسلوى , وقلنا لكم: كلوا من طيبات ما رزقناكم . فترك ذكر قوله: " وقلنا لكم "، لما بينا من دلالة الظاهر في الخطاب عليه. وعنى جل ذكره بقوله: (كلوا من طيبات ما رزقناكم): كلوا من شهيات رزقنا الذي رزقناكموه . (212) وقد قيل عنى بقوله: (من طيبات ما رزقناكم): من حلاله الذي أبحناه لكم فجعلناه لكم رزقا.والأول من القولين أولى بالتأويل، لأنه وصف ما كان القوم فيه من هنيء العيش الذي أعطاهم , فوصف ذلك ب " الطيب "، الذي هو بمعنى اللذة، أحرى من وصفه بأنه حلال مباح .و " ما " التي مع " رزقناكم "، بمعنى " الذي". كأنه قيل: كلوا من طيبات الرزق الذي رزقناكموه.* * *القول في تأويل قوله تعالى وَمَا ظَلَمُونَا وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ (57)وهذا أيضا من الذي استغني بدلالة ظاهره على ما ترك منه. وذلك أن معنى الكلام: كلوا من طيبات ما رزقناكم. فخالفوا ما أمرناهم به وعصوا ربهم، ثم رسولنا إليهم , و " ما ظلمونا " ، فاكتفى بما ظهر عما ترك.وقوله: (وما ظلمونا) يقول: وما ظلمونا بفعلهم ذلك ومعصيتهم , ولكن كانوا أنفسهم يظلمون.ويعني بقوله: (وما ظلمونا)، وما وضعوا فعلهم ذلك وعصيانهم إيانا موضع مضرة علينا ومنقصة لنا , ولكنهم وضعوه من أنفسهم موضع مضرة عليها ومنقصة لها . كما: -999 - حدثنا عن المنجاب قال، حدثنا بشر , عن أبي روق , عن الضحاك , عن ابن عباس: (وما ظلمونا ولكن كانوا أنفسهم يظلمون) قال: يضرون.* * *وقد دللنا فيما مضى، على أن أصل " الظلم ": وضع الشيء في غير موضعه - بما فيه الكفاية , فأغنى ذلك عن إعادته. (213)* * *وكذلك ربنا جل ذكره، لا تضره معصية عاص , ولا يتحيَّف خزائنه ظلم ظالم , ولا تنفعه طاعة مطيع , ولا يزيد في ملكه عدل عادل، بل نفسه يظلم الظالم , وحظها يبخس العاصي , وإياها ينفع المطيع , وحظها يصيب العادل .* * *---------------------------الهوامش :(175) في المطبوعة : "فإن العرب تسميه" .(176) الأثر 963 - في المخطوطة ، ساق هذا الأثر إلى قوله"قال : ليس بالسحاب" ثم قال بعده ما نصه : "وبإسناده عن مجاهد قال : ليس بالسحاب ، هو الغمام الذي . . . " إلى آخر الخبر .(177) في المخطوطة : "فيه في قوله" بحذف"يوم القيامة" .(178) الضمير في قوله : "وكان" ، للغمام .(179) في المطبوعة: "فغطى وجهها" وتلك أجود.(180) في المطبوعة : "خبز الرقاق" . خبز رقاق رقيق ، كطويل وطوال ، صفة . وهو خبز منبسط رقيق .(181) الأثر : 972 - بعض أثر سيأتي برقم : 995 . وفي المخطوطة : "من الذرة" ، وفي ابن كثير كما في المطبوعة ، وسيأتي كذلك في رقم : 995 .(182) في المطبوعة"الترنجبين" ، وكذلك في البغوي"الترنجبين" . وفي تاج العروس : "الترنجبين" . بالضم ، هو المن المذكور في القرآن" . وسيأتي ذلك بعد رقم : 977 ، وهو هنا"الزنجيل" كما في ابن كثير ، والمخطوطة . وانظر لسان العرب : (منن) .(183) في المطبوعة"شجر الترنجبين" .(184) الأثر : 974 - هو في المخطوطة بعد رقم : 976 .(185) ديوانه: 87 من قصيدة طويلة، يذكر فيها ذا التاج هوذة بن علي الحنفي صاحب اليمامة، وكانت بنو تميم قد وثبت على مال وطرف كانت تساق إلى كسرى، فأوقع بهم المكعبر الفارسي، والي كسرى على البحرين، وأدخلهم المشقر - وهو حصن بالبحرين - بخديعة خدعهم بها، فقتل رجالهم واستبقى الغلمان. وكلم هوذة بن علي المكعبر يومئذ في مائة من أسرى بني تميم، فوهبهم له يوم الفصح، فأعتقهم، فقال الأعشى، يذكر ما كان من قبل هوذة في بني تميم:سائل تميما به أيام صفقتهملما أتوه أسارى كلهم ضرعاوسط المشقر في عيطاء مظلمةلا يستطيعون فيها ثَمَّ ممتنعالو أُطعموا المن . . . . . . .. . . . . . . . . . . . . . . . . . . .فوصف بني تميم بالكفر لنعمته (تاريخ الطبري 2: 132 - 134). والطعم: ما أكل من الطعام. ونجع الطعام في الإنسان: هنا أكله وتبينت تنميته، واستمرأه وصلح عليه.(186) الحديث : 978 - هكذا رواه الطبري دون إسناد . وقد صدق في أنه تظاهرت به الأخبار . فقد رواه أحمد والشيخان والترمذي ، من حديث سعيد بن زيد . ورواه أيضًا أحمد والشيخان وابن ماجه ، من حديث أبي سعيد وجابر . ورواه أبو نعيم في الطب ، من حديث ابن عباس وعائشة . انظر مثلا ، المسند : 1625 ، 1626 . والجامع الصغير : 6463 . وزاد المعاد لابن القيم 3 : 383 . وتفسير ابن كثير 1 : 174 - 176 ، وقد ساق كثيرا من طرقه .(187) ديوانه : 34 - 35 . في الأصول والديوان . "ولا مثمورا" . مضيع : بموضع ضياع وهوان وهلاك . يقال : هو بدار مضيعة (بفتح الميم وكسر الضاد) ، كأنه فيها ضائع . وهو مفعلة ، وطرح التاء منها كما يقولون : المنزل والمنزلة . ومزرع : مصدر ميمي من"زرع" يعني ليس بذي زرع ، ومعمور : أي آهل ذهب خرابه . ونصب"ولا معمورا" ، عطفا على محل"بذي مزرع" ، وهو نصب . وآثرت هذه الكلمة ، لأنها هي التي تتفق مع سياقه الشعر ، ولأن التحريف في"معمور" و"مثمور" سهل ، ولما سترى في شرح البيت الثالث .(188) في المطبوعة : "فعفاها" وفي المخطوطة : "فسناها" ، وفي الديوان"فعفاها" ولا معنى لشيء منها ، فاستظهرت أن أقرأها من المخطوط"فنساها" ، أصلها"فنسأها" مهموزة ، كما قالوا : برأ الله الخلق وبراهم بطرح الهمزة . ونسأ الدابة رالإبل ينسؤها نسأ : زجرها وساقها . يقول : ساق عليهم السحاب . غاديات جمع غادية : وهي السحابة التي تنشأ غدوة . ومرى الناقة مريا : مسح ضرعها لتدر . والمزن جمع مزنة : وهي السحابة ذات الماء . وخلايا جمع خلية : وهي الناقة التي خليت للحلب لكرمها وغزارة لبنها . الخور" : إبل حمر إلى الغبرة ، رقيقات الجلود ، طوال الأوبار ، لها شعر ينفذ وبرها ، وهي أطول من سائر الوبر ، فإذا كانت فهي غزار كثيرة اللبن . شبه السحاب الغزير الماء بهذين الضربين من النوق الغزيرة اللبن ، يحلب مطرها عليهم حلبا ، ثم فصل في البيت التالي أنواع ما نزل عليهم من السماء .(189) ناطف ، من نطف ينطف : قطر . وهو مشروح بعد - أي يقطر من السماء . والفرات : أشد الماء عذوبة . ووصف اللبن بأنه ذو بهجة . وهي الحسن والنضارة ، لأنه لم يؤخذ زبده ، فيرق ، وتذهب لمعة الزبد منه ، فاستعار البهجة لذلك . أما قوله : "مثمورا" ، فهي في المطبوعة "ممرورا"، وفي المخطوطة في الصلب كانت تقرأ "مثمورا" ثم لعب فيها قلم الناسخ في الثاء والميم ، ثم كتب هو نفسه في الهامش : "مزمورا" ، ثم شرح في طرف الصفحة فقال : "المزمور : الصافي من اللبن" . وذلك شيء لا وجود له في كتب اللغة ، وقد رأيت أنه كتب في البيت الأول"مثمورا" ، ورجحت أن صوابها"معمورا" ، ورجحت في هذا البيت أن يكون اختلط عليه حين كتب"مثمورا" فعاد فجعلها"مزمورا" .ولم أجد"مثمورا" في كتب اللغة ، ولكن يقال : الثمير والثميرة : اللبن الذي ظهر زبده وتحبب قال ابن شميل : إذا مخض رؤي عليه أمثال الحصف في الجلد ، ثم يجتمع فيصير زبدا ، وما دامت صغارا فهو ثمير . ويقولون : إن لبنك لحسن الثمر ، وقد أثمر مخاضك . فكأنه قال : "مثمورا" ويعني"ثميرا" ، لأن فعيلا بمعنى مفعول هنا .(190) كانت في المطبوعة"الممرور" ، وقد ذكرت في التعليقة ، أنها بهامش المخطوطة"المزمور" .(191) قوله : "فجعل المن . . . " إلى آخر الجملة ليس في المخطوطة .(192) الأثر : 978 - اقتصر في المخطوطة على بعض هذا الإسناد ، إلى قوله : عن السدي" ، وأسقط الباقي ، وهو الإسناد الدائر في تفسيره ، فكأن كل إسناد وقف على السدي ، هو هذا الإسناد ، ثم اجتزأ ببعضه عن جميعه ، كما مضى آنفًا ، وكما سيأتي بعد .(193) الأثر 984 - بعض أثر سيأتي برقم : 995 .(194) في المخطوطة : "على موسى" بحذف"قوم" .(195) في المطبوعة : "بالمسير" ، وهما سواء .(196) هذا اختصار ، وتفصيله في التاريخ في موضعه ، كما سيأتي في موضعه من ذكره مراجعه .(197) في المخطوطة وحدها : "الزنجبيل" . وانظر ما مضى : 92 .(198) الأثر : 991 - في تاريخ الطبري 1 : 221 - 222 .(199) في المخطوطة : "أن يسبق بهم" ، وأراد الناسخ أن يصححها في الهامش ، فكتب"-" ولم يتمها .(200) الخمر (بفتحتين) : كل ما سترك من شجر أو بناء أو غيره .(201) هذا الإسناد الثاني ساقط من المخطوطة .(202) في المخطوطة : "فإذا هو في قدر" مصفحة ، وانظر تفسير الطبري 6 : 116 - 117 ، 119 (بولاق) وقوله : "قدر" ليست في المطبوعة .(203) في المخطوطة : "حتى قمرت أربعين سنة" محرفا .(204) هذه الجملة سلفت في الأثر رقم : 972(205) هذه الجملة سلفت في الأثر رقم : 984(206) في المطبوعة : "من السبت إلى السبت" .(207) الشسع : أحد سيور النعل الذي يدخل بين الإصبعين(208) في المطبوعة : "فإن فينا أولادا" .(209) في المطبوعة : "فبم نبصر" .(210) الأثر : 995 - إسحاق : هو ابن راهويه الإمام الكبير . إسماعيل بن عبد الكريم بن معقل ابن منبه الصنعاني : ثقة ، مترجم في التهذيب ، ترجمة البخاري 1 /1 /367 ، وابن أبي حاتم 1 / 1 /187 . وهو يروي هنا عن عمه : عبد الصمد بن معقل بن منبه ، وهو ثقة أيضًا ، مترجم في التهذيب ، وابن أبي حاتم 3 / 1 /50 . وعبد الصمد يروى عن عمه : وهب بن منبه ، هذا الأثر .(211) درن الثوب يدرن درنا فهو درن وأدرن : تلطخ بالوسخ .(212) في المطبوعة : "من مشهيات" ، ليست بشيء .(213) انظر ما مضى 1 : 523 - 524 ، وهذا الجزء 2 : 69 .
وَ اِذْ قُلْنَا ادْخُلُوْا هٰذِهِ الْقَرْیَةَ فَكُلُوْا مِنْهَا حَیْثُ شِئْتُمْ رَغَدًا وَّ ادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا وَّ قُوْلُوْا حِطَّةٌ نَّغْفِرْ لَكُمْ خَطٰیٰكُمْؕ-وَ سَنَزِیْدُ الْمُحْسِنِیْنَ(۵۸)
پھر اس میں جہاں چاہو بے روک ٹوک کھاؤ اور دروازہ میں سجدہ کرتے داخل ہو (ف۹۵) اور کہو ہمارے گناہ معاف ہوں ہم تمہاری خطائیں بخش دیں گے اور قریب ہے کہ نیکی والوں کو اور زیادہ دیں- (ف۹۶)
القول في تأويل قوله تعالى : وَإِذْ قُلْنَا ادْخُلُوا هَذِهِ الْقَرْيَةَو " القرية " -التي أمرهم الله جل ثناؤه أن يدخلوها , فيأكلوا منها رغدا حيث شاءوا- فيما ذكر لنا: بيت المقدس .*ذكر الرواية بذلك:999 - حدثنا الحسن بن يحيى قال، أنبأنا عبد الرزاق قال، أنبأنا معمر , عن قتادة في قوله: (ادخلوا هذه القرية)، قال: بيت المقدس.1000 - حدثني موسى بن هارون قال، حدثني عمرو بن حماد قال، حدثنا &; 2-103 &; أسباط , عن السدي: (وإذ قلنا ادخلوا هذه القرية) أما القرية، فقرية بيت المقدس.1001 - حُدثت عن عمار بن الحسن قال، حدثنا عبد الله بن أبي جعفر , عن أبيه , عن الربيع: (وإذ قلنا ادخلوا هذه القرية)، يعني بيت المقدس.1002 - حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب، قال: سألته -يعني ابن زيد- عن قوله: (ادخلوا هذه القرية فكلوا منها حيث شئتم) قال: هي أريحا , وهي قريبة من بيت المقدس .* * *القول في تأويل قوله تعالى : فَكُلُوا مِنْهَا حَيْثُ شِئْتُمْ رَغَدًايعني بذلك: فكلوا من هذه القرية حيث شئتم عيشا هنيا واسعا بغير حساب . وقد بينا معنى " الرغد " فيما مضى من كتابنا , وذكرنا أقوال أهل التأويل فيه. (1)* * *القول في تأويل قوله تعالى ذكره وَادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًاأما " الباب " الذي أمروا أن يدخلوه, فإنه قيل: هو باب الحطة من بيت المقدس.* ذكر من قال ذلك:1003 - حدثني محمد بن عمرو الباهلي قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى , عن ابن أبي نجيح , عن مجاهد: (ادخلوا الباب سجدا) قال: باب الحطة، من باب إيلياء، من بيت المقدس.1004 - حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل , عن ابن أبي نجيح , عن مجاهد مثله .&; 2-104 &;1005 - حدثني موسى بن هارون قال، حدثنا عمرو بن حماد , قال: حدثنا أسباط , عن السدي: (وادخلوا الباب سجدا)، أما الباب فباب من أبواب بيت المقدس .1006 - حدثني محمد بن سعد قال، حدثني أبي قال، حدثني عمي قال، حدثني أبي ، عن أبيه , عن ابن عباس قوله: (وادخلوا الباب سجدا) أنه أحد أبواب بيت المقدس , وهو يدعى باب حطة. وأما قوله: (سجدا) فإن ابن عباس كان يتأوله بمعنى الركع.1007 - حدثني محمد بن بشار قال، حدثنا أبو أحمد الزبيري قال، حدثنا سفيان، عن الأعمش , عن المنهال بن عمرو , عن سعيد بن جبير , عن ابن عباس في قوله: (ادخلوا الباب سجدا)، قال: ركعا من باب صغير.1008 - حدثنا الحسن بن الزبرقان النخعي قال، حدثنا أبو أسامة , عن سفيان , عن الأعمش , عن المنهال , عن سعيد , عن ابن عباس في قوله: (ادخلوا الباب سجدا)، قال: أمروا أن يدخلوا ركعا .* * *قال أبو جعفر: وأصل " السجود " الانحناء لمن سُجد له معظَّما بذلك. فكل منحن لشيء تعظيما له فهو " ساجد " . ومنه قول الشاعر: (2)بجَمْع تضل البُلْقُ في حَجَراتهترى الأكْم منه سجدا للحوافر (3)يعني بقوله: " سجدا " خاشعة خاضعة . ومن ذلك قول أعشى بني قيس بن ثعلبة:يراوح من صلوات المليكطورا سجودا وطورا جؤارا (4)فذلك تأويل ابن عباس قوله: (سجدا) ركعا , لأن الراكع منحن , وإن كان الساجد أشد انحناء منه.* * *القول في تأويل قوله تعالى : وَقُولُوا حِطَّةٌوتأويل قوله: (حطة)، فعلة , من قول القائل: " حط الله عنك خطاياك فهو يحطها حطة " , بمنزلة الردة والحِدة والمِدة من حددت ومددت.* * *واختلف أهل التأويل في تأويله . فقال بعضهم بنحو الذي قلنا في ذلك.* ذكر من قال ذلك: (5)1009 - حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر: (وقولوا حطة)، قال قال: الحسن وقتادة: أي احطُط عنا خطايانا.1010 - حدثنا يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد: (وقولوا &; 2-106 &; حطة)، يحط الله بها عنكم ذنبكم وخطيئتكم. (6)1011 - حدثنا القاسم بن الحسن قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج قال، قال ابن جريج، قال ابن عباس: (قولوا حطة) قال: يحط عنكم خطاياكم .1012 - حدثنا أبو كريب قال، حدثنا وكيع , عن سفيان , عن الأعمش , عن المنهال بن عمرو , عن سعيد بن جبير , عن ابن عباس قوله: (حطة)، مغفرة .10113 - حدثت عن عمار بن الحسن قال، حدثنا ابن أبي جعفر , عن أبيه , عن الربيع قوله: (حطة)، قال: يحط عنكم خطاياكم .1014 - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، أخبرني حجاج , عن ابن جريج قال، قال لي عطاء في قوله: (وقولوا حطة)، قال: سمعنا أنه: يحط عنهم خطاياهم.* * *وقال آخرون: معنى ذلك: قولوا " لا إله إلا الله "، كأنهم وجهوا تأويله: قولوا الذي يحط عنكم خطاياكم , وهو قول لا إله إلا الله .* ذكر من قال ذلك:1015 - حدثني المثنى بن إبراهيم وسعد بن عبد الله بن عبد الحكم المصري قالا أخبرنا حفص بن عمر , قال حدثنا الحكم بن أبان , عن عكرمة: (وقولوا حطة)، قال: قولوا،" لا إله إلا الله " .* * *وقال آخرون بمثل معنى قول عكرمة , إلا أنهم جعلوا القول الذي أمروا بقيله: الاستغفار .* ذكر من قال ذلك:1016 - حدثنا الحسن بن الزبرقان النخعي , حدثنا أبو أسامة , عن سفيان , عن الأعمش , عن المنهال , عن سعيد بن جبير , عن ابن عباس: (وقولوا حطة) قال: أمروا أن يستغفروا.* * *وقال آخرون نظير قول عكرمة , إلا أنهم قالوا: القول الذي أمروا أن يقولوه، هو أن يقولوا: هذا الأمر حق كما قيل لكم .* ذكر من قال ذلك:1017 - حدثت عن المنجاب قال، حدثنا بشر , عن أبي روق , عن الضحاك , عن ابن عباس في قوله: (وقولوا حطة)، قال: قولوا هذا الأمر حق كما قيل لكم.* * *واختلف أهل العربية في المعنى الذي من أجله رفعت " الحطة ".فقال بعض نحويي البصرة: رفعت " الحطة " بمعنى " قولوا " ليكن منك حطة لذنوبنا, كما تقول للرجل: سَمْعُك.وقال آخرون منهم: هي كلمة أمرهم الله أن يقولوها مرفوعة , وفرض عليهم قيلها كذلك .وقال بعض نحويي الكوفيين: رفعت " الحطة " بضمير " هذه " , كأنه قال: وقولوا: " هذه " حطة. (7)وقال آخرون منهم: هي مرفوعة بضمير معناه الخبر , كأنه قال: قولوا ما هو حطة, فتكون " حطة " حينئذ خبرا ل " ما ".* * *قال أبو جعفر: والذي هو أقرب عندي في ذلك إلى الصواب، وأشبه بظاهر الكتاب: أن يكون رفع " حطة " بنية خبر محذوف قد دل عليه ظاهر التلاوة , وهو دخولنا الباب سجدا حطة , فكفى من تكريره بهذا اللفظ، ما دل عليه الظاهر من التنزيل , وهو قوله: وَادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا ، كما قال جل ثناؤه: &; 2-108 &; وَإِذْ قَالَتْ أُمَّةٌ مِنْهُمْ لِمَ تَعِظُونَ قَوْمًا اللَّهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا قَالُوا مَعْذِرَةً إِلَى رَبِّكُمْ [الأعراف: 164]، (8) يعني: موعظتنا إياهم معذرة إلى ربكم . فكذلك عندي تأويل قوله: (وقولوا حطة)، يعني بذلك: وإذ قلنا ادخلوا هذه القرية ، وادخلوا الباب سجدا، وقولوا: دخولنا ذلك سجدا حطة لذنوبنا. وهذا القول على نحو تأويل الربيع بن أنس وابن جريج وابن زيد، الذي ذكرناه آنفا .(9) قال أبوجعفر: وأما على تأويل قول عكرمة , فإن الواجب أن تكون القراءة بالنصب في" حطة " , لأن القوم إن كانوا أمروا أن يقولوا: " لا إله إلا الله " , أو أن يقولوا: " نستغفر الله " , فقد قيل لهم: قولوا هذا القول , ف " قولوا " واقع حينئذ على " الحطة " , لأن " الحطة " على قول عكرمة - هي قول " لا إله إلا الله " , وإذا كانت هي قول " لا إله إلا الله " , فالقول عليها واقع , كما لو أمر رجل رجلا بقول الخير فقال له: " قل خيرا " نصبا , ولم يكن صوابا أن يقول له: " قل خير "، إلا على استكراه شديد.وفي إجماع القَرَأَةِ على رفع " الحطة " (10) بيان واضح على خلاف الذي قاله عكرمة من التأويل في قوله: (وقولوا حطة) . وكذلك الواجب على التأويل الذي رويناه عن الحسن وقتادة في قوله: (وقولوا حطة)، (11) أن تكون القراءة في" حطة " نصبا. لأن من شأن العرب -إذا وضعوا المصادر مواضع الأفعال، وحذفوا الأفعال- أن ينصبوا المصادر. كما قال الشاعر: (12)&; 2-109 &; أبيدوا بأيدي عصبة وسيوفهمعلى أمهات الهام ضربا شآميا (13)وكقول القائل للرجل: " سمعا وطاعة " بمعنى: أسمع سمعا وأطيع طاعة , وكما قال جل ثناؤه: مَعَاذَ اللَّهِ [يوسف: 23] بمعنى: نعوذ بالله.* * *القول في تأويل قوله تعالى : نَغْفِرْ لَكُمْيعني بقوله: (نغفر لكم) نتغمد لكم بالرحمة خطاياكم، ونسترها عليكم، فلا نفضحكم بالعقوبة عليها.* * *وأصل " الغفر " التغطية والستر , فكل ساتر شيئا فهو غافره . ومن ذلك قيل للبيضة من الحديد التي تتخذ جُنة للرأس " مغفر " , لأنها تغطي الرأس وتجنه. ومثله " غمد السيف ", وهو ما تغمده فواراه. (14) ولذلك قيل لزئبر الثوب: " غفرة " , لتغطيته الثوب، (15) وحوله بين الناظر والنظر إليه . ومنه قول أوس بن حجر:&; 2-110 &; فلا أعتب ابن العم إن كان جاهلاوأغفر عنه الجهل إن كان أجهلا (16)يعني بقوله: وأغفر عنه الجهل: أستر عليه جهله بحلمي عنه.* * *القول في تأويل قوله تعالى : خَطَايَاكُمْو " الخطايا " جمع " خطية " بغير همز، كما " المطايا " جمع " مطية " , والحشايا جمع حشية . وإنما ترك جمع " الخطايا " بالهمز , لأن ترك الهمز في" خطيئة " أكثر من الهمز , فجمع على " خطايا " , على أن واحدتها غير مهموزة . ولو كانت " الخطايا " مجموعة على " خطيئة " بالهمز: لقيل خطائي على مثل قبيلة وقبائل , وصحيفة وصحائف . وقد تجمع " خطيئة " بالتاء، فيهمز فيقال " خطيئات " . و " الخطيئة " فعيلة، من " خَطِئَ الرجل يخطأ خِطْأ "، وذلك إذا عدل عن سبيل الحق. ومنه قول الشاعر: (17)وإن مُهَاجِرَيْن تَكَنَّفاهلعمر الله قد خطئا وخابا (18)يعني: أضلا الحق وأثما.* * *القول في تأويل قوله تعالى ذكره وَسَنَزِيدُ الْمُحْسِنِينَ (58)وتأويل ذلك ما روي لنا عن ابن عباس , وهو ما:-1018 - حدثنا به القاسم بن الحسن قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج قال، قال ابن جريج , قال ابن عباس: (وسنزيد المحسنين) ، من كان منكم محسنا زيد في إحسانه , ومن كان مخطئا نغفر له خطيئته.فتأويل الآية: وإذ قلنا ادخلوا هذه القرية مباحا لكم كل ما فيها من الطيبات , موسعا عليكم بغير حساب ؛ وادخلوا الباب سجدا , وقولوا: سجودنا هذا لله حطة من ربنا لذنوبنا يحط به آثامنا , نتغمد لكم ذنوب المذنب منكم فنسترها عليه , ونحط أوزاره عنه , وسنزيد المحسن منكم - إلى إحساننا السالف عنده - إحسانا . ثم أخبر الله جل ثناؤه عن عظيم جهالتهم , وسوء طاعتهم ربهم وعصيانهم لأنبيائهم، واستهزائهم برسله , مع عظيم آلاء الله عز وجل عندهم , وعجائب ما أراهم من آياته وعبره , موبخا بذلك أبناءهم الذين خوطبوا بهذه الآيات , ومعلمهم أنهم إن تعدوا (19) في تكذيبهم محمدا صلى الله عليه وسلم، وجحودهم نبوته، مع عظيم إحسان الله بمبعثه فيهم إليهم , وعجائب ما أظهر على يده من الحجج بين أظهرهم - أن يكونوا كأسلافهم الذين وصف صفتهم ، وقص علينا أنباءهم في هذه الآيات , فقال جل ثناؤه: فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُوا قَوْلا غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ فَأَنْزَلْنَا عَلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا رِجْزًا مِنَ السَّمَاءِ الآية.----------------الهوامش :(1) انظر ما مضى 1 : 515 - 516 .(2) هو زيد الخيل بن مهلهل الطائي ، الفارس المشهور .(3) سيأتي بعد في هذا الجزء 1: 289 (بولاق)، والكامل 1: 258 ، والمعاني الكبير : 890 ، والأضداد لابن الأنباري : 256 ، وحماسة ابن الشجري : 19 ، ومجموعة المعاني: 192 ، وغيرها . والباء في قوله "بجمع" متعلقة ببيت سالف هو : بَنِي عَامِرٍ, هَلْ تَعْرِفُونَ إِذَا غَدَاأَبُو مِكْنَفٍ قَدْ شَدَّ عَقْدَ الدَّوَابِرِ?والبلق جمع أبلق وبلقاء: الفرس يرتفع تحجيلها إلى الفخذين. والحجرات جمع حجرة (بفتح فسكون) : الناحية. والأكم (بضم فسكون، وأصلها بضمتين) جمع إكام، جمع أكمة: وهي تل يكون أشد ارتفاعا مما حوله، دون الجبل، غليظ فيه حجارة . قال ابن قتيبة في المعاني الكبير: "يقول: إذا ضلت البلق فيه مع شهرتها فلم تعرف، فغيرها أحرى أن يضل. يصف كثرة الجيش، ويريد أن الأكم قد خشعت من وقع الحوافر" . وفي المطبوعة هنا "فيه" والجيد ما أثبته ، والضمير في "منه" للجيش أو الجمع.(4) ديوانه : 41 ، وسيأتي في 18 : 28 (بولاق) ، ومعه بيت آخر في 14 : 82 (بولاق) راوح يراوح مراوحة : عمل عملين في عمل ، يعمل ذامرة وذا مرة ، قال لبيد يصف فرسا .وولّى عامدا لِطِيات فَلْجيراوح بين صون وابتذالوقوله : "من صلوات""من" هنا لبيان الجنس ، مثل قوله تعالى : يحلون فيها من أساور من ذهب ويلبسون ثيابا خضرا من سندس واستبرق" . وحذف"بين" التي تقتضيها"يراوح" ، لدلالة ما يأتي عليها ، وهو قوله : "طورا . . وطورا" . والجؤار : رفع الصوت بالدعاء مع تضرع واستغاثة وجزع . جأر إلى ربه يجأر جؤارا .(5) في المطبوعة : "ذلك منهم" بالزيادة .(6) في المطبوعة : "وخطاياكم" .(7) الضمير : المضمر أو الإضمار ، كما سلف في 1 : 427 تعليق : 1 ، وقد رأينا أيضًا في كلام نقله الشريف المرتضى في أماليه 1 : 334 عن أبي بكر بن الأنباري قال : "كاد ، لا تضمر ، ولابد من أن يكون منطوقا بها ، ولو جاز ضميرها لجاز : قام عبد الله ، بمعنى كاد عبد الله يقوم . . . " ، وهي هنا بمعنى الإضمار لا شك . وسيأتي في الفقرة التالية أيضًا ، بمعنى المضمر .(8) قراءتنا : "معذرة" بالنصب في مصاحفنا . وقد ذكر الطبري في تفسير الآية 9 : 63 (بولاق) أن الرفع قراءة عامة قراء الحجاز والكوفة والبصرة ، وقرأ بعض أهل الكوفة"معذرة" بالنصب(9) من هنا أول جزء في التجزئة القديمة التي نقل عنها كاتب مخطوطتنا . وأولها : بسم الله الرحمن الرحيم رب يسر برحمتك(10) في المطبوعة"القراء" ، كما جرت عليه في كل ما مضى(11) انظر رقم : 1010 فيما سلف .(12) هو الفرزدق(13) ديوانه: 890 في قصيدة يمدح فيها يزيد عبد الملك، ويذكر إيقاعه بيزيد بن المهلب في سنة 102 (انظر خبره في تاريخ الطبري 8: 151 - 160). ورواية ديوانه."أناخوا بأيدى طاعة، وسيوفهم" قوله:"أناخوا"، أي ذلوا وخضعوا، أو صرعوا فماتوا، كأنهم إبل أناخت واستقرت. وقوله:"أيدي طاعة"، أي أهل طاعة.(14) في المطبوعة "ومنه غمد السيف"، وهذا يجعل الكلام مضطربا مقحما، فرجح عندي أن تكون"ومنه"، و"مثله" لأنه فسر"نغفر" بقوله"نتغمد". وفي المطبوعة:" ما يغمده فيواريه"، وأثبت ما في المخطوطة.(15) في المطبوعة:"غفر". والغفر جمع غفرة، وزئبر الثوب: هو ما يعلو الثوب الجديد من مائه، كالذي يعلو القطيفة والخز، ويسمونه"درز الثوب" أيضًا. وفي المطبوعة:"لتغطيته العورة.. والنظر إليها"، وهي عبارة غريبة فاسدة، والذي في المخطوطة"لتغطيته الثوب" كما أثبتناها، يعني الزئبر كما وصفنا. ويقال غفر الثوب: إذا أثار زئبره، يكون كالمنتفش على وجه الثوب.هذا، وقد انتهت المخطوطة التي اعتمدنا عند قوله:"لتغطية الثوب". ويأتي بعدها خرم طويل سيستغرق أجزاء برمتها، كما سنبينه في مواضعه.(16) ديوانه، قصيدة" 31. وهذه الرواية جاءت في شرح شواهد المغني: 137، وأما في سائر الكتب:"إن كان ظالما"، وهي أجود. وقوله:"أجهل" بمعنى جاهل، كما قالوا"أوجل" بمعنى وجل، وأميل بمعنى مائل، وأوحد بمعنى واحد، وغيرها. ورواية صدر البيت على الصواب:"ألا أعتب" كما في المفضليات 590 وغيره، أو"وقد أعتب" كما في القرطين 2: 69. ويروى"ولا أشتم ابن العم". يقول: أبلغ رضاه إذا ظلم او جهل، فأترك له ما لا يحب إلى ما يرضاه.(17) هو أمية بن الأسكر (طبقات فحول الشعراء : 159 - 160 )(18) أمالي القالي 3 : 109 ، وكتاب المعمرين : 68 والخزانة 2 : 405 ، ويروى صدره"أتاه مهاجران تكنفاه" . وأما عجزه فاختلفت رواياته : "بترك كبيرة خطئا . . " و"ليترك شيخه خطئا . . " ، "ففارق شيخه ، . . " وكان أمية قد أسن ، عمر في الجاهلية عمرا طويلا ، وألفاه الإسلام هرما . ثم جاء زمن عمر ، فخرج ابنه كلاب غازيا ، وتركه هامة اليوم أو غد . فقال أبياتا منها هذا للبيت ، فلما سمعها عمر ، كتب إلى سعد بن أبي وقاص : أن رحل كلاب بن أمية بن الأسكر ، فرحله . وله مع عمر في هذه الحادثة قصة جيدة (في القالي 1 : 109 ) .(19) سياق الجملة : " . . إن تعدوا . . أن يكونوا" ، و"إن" هنا ، نافية بمعنى"ما" ، كالتي في قوله : "قل إن أدري أقريب ما توعدون" ، وقوله : "إن أدري لعله فتنة لكم" .
فَبَدَّلَ الَّذِیْنَ ظَلَمُوْا قَوْلًا غَیْرَ الَّذِیْ قِیْلَ لَهُمْ فَاَنْزَلْنَا عَلَى الَّذِیْنَ ظَلَمُوْا رِجْزًا مِّنَ السَّمَآءِ بِمَا كَانُوْا یَفْسُقُوْنَ۠(۵۹)
تو ظالموں نے اور بات بدل دی جو فرمائی گئی تھی اس کے سوا (ف۹۷) تو ہم نے آسمان سے ان پر عذاب اتارا (ف۹۸) بدلہ ان کی بے حکمی کا۔
القول في تأويل قوله تعالى : فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُوا قَوْلا غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْوتأويل قوله: (فبدل)، فغير . ويعني بقوله: (الذين ظلموا)، الذين فعلوا ما لم يكن لهم فعله . ويعني بقوله: (قولا غير الذي قيل لهم)، بدلوا قولا غير الذي أمروا أن يقولوه، فقالوا خلافه. وذلك هو التبديل والتغيير الذي كان منهم . وكان تبديلهم - بالقول الذي أمروا أن يقولوا - قولا غيره , (20) ما:-1019 - حدثنا به الحسن بن يحيي قال، أخبرنا عبد الرازق قال، أخبرنا معمر عن همام بن منبه، أنه سمع أبا هريرة يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: قال الله لبني إسرائيل: " ادخلوا الباب سجدا وقولوا حطة نغفر لكم خطاياكم " , فبدلوا ودخلوا الباب يزحفون على أستاههم، وقالوا: حبة في شعيرة . (21)1020 - حدثنا ابن حميد قال، حدثنا سلمة وعلي بن مجاهد قالا حدثنا محمد بن إسحاق , عن صالح بن كيسان , عن صالح مولى التوأمة , عن أبي هريرة , عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:-1021 - وحدثت عن محمد بن أبي محمد مولى زيد بن ثابت , عن سعيد &; 2-113 &; بن جبير , أو عن عكرمة , عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: دخلوا الباب - الذي أمروا أن يدخلوا منه سجدا - يزحفون على أستاههم، يقولون: حنطة في شعيرة. (22)1022 - وحدثني محمد بن عبد الله المحاربي قال، حدثنا عبد الله بن المبارك , عن معمر , عن همام , عن أبي هريرة , عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله: حِطَّةٌ ، قال: بدلوا فقالوا: حبة . (23)1023 - حدثنا ابن بشار قال، حدثنا عبد الرحمن بن مهدي قال، حدثنا سفيان , عن السدي , عن أبي سعيد ، عن أبي الكنود , عن عبد الله: (ادخلوا الباب سجدا وقولوا حطة) قالوا: حنطة حمراء فيها شعيرة . فأنزل الله: (فبدل الذين ظلموا قولا غير الذي قيل لهم) .1024 - حدثنا محمد بن بشار قال، حدثنا أبو أحمد الزبيري قال، حدثنا سفيان , عن الأعمش , عن المنهال بن عمرو , عن سعيد بن جبير , عن ابن عباس في قوله: ( ادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا ) قال: ركوعا - من باب صغير ، فجعلوا يدخلون من قبل أستاههم ويقولون: حنطة . فذلك قوله: (فبدل الذين ظلموا قولا غير الذي قيل لهم) .1025 - حدثنا الحسن بن الزبرقان النخعي قال، حدثنا أبو أسامة , عن سفيان , عن الأعمش , عن المنهال , عن سعيد , عن ابن عباس قال: أمروا &; 2-114 &; أن يدخلوا ركعا ويقولوا: حطة . قال أمروا أن يستغفروا ، قال: فجعلوا يدخلون من قبل أستاههم من باب صغير ويقولون: حنطة - يستهزئون . فذلك قوله: (فبدل الذين ظلموا قولا غير الذي قيل لهم) .1026 - حدثنا الحسن بن يحيي قال، أنبأنا عبد الرازق قال، أنبأنا معمر , عن قتادة والحسن: ( ادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا ) قالا دخلوها على غير الجهة التي أمروا بها , فدخلوها متزحفين على أوراكهم , وبدلوا قولا غير الذي قيل لهم , فقالوا حبة في شعيرة.1027 - حدثني محمد بن عمرو الباهلي . قال، حدثنا أبو عاصم , قال: حدثنا عيسى عن ابن أبي نجيح , عن مجاهد قال: أمر موسى قومه أن يدخلوا الباب سجدا ويقولوا: حطة , وطؤطئ لهم الباب ليسجدوا، فلم يسجدوا، ودخلوا على أدبارهم، وقالوا: حنطة . (24)1028 - حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل , عن ابن أبي نجيح , عن مجاهد قال: أمر موسى قومه أن يدخلوا المسجد ويقولوا: حطة . وطؤطئ لهم الباب ليخفضوا رءوسهم , فلم يسجدوا ودخلوا على أستاهم إلى الجبل -وهو الجبل الذي تجلى له ربه- وقالوا: حنطة . فذلك التبديل الذي قال الله عز وجل: (فبدل الذين ظلموا قولا غير الذي قيل لهم) . (25)1029 - حدثني موسى بن هارون الهمداني [قال، حدثني عمرو بن حماد قال، حدثنا أسباط، عن السدي، عن مرة الهمداني]،عن ابن مسعود أنه قال: إنهم قالوا: " هطى سمقا يا ازبة هزبا " , وهو بالعربية: حبة حنطة حمراء مثقوبة فيها شعيرة سوداء . فذلك قوله: (فبدل الذين ظلموا قولا غير الذي قيل لهم) .1030 - حدثنا أبو كريب قال، حدثنا وكيع، عن سفيان، عن الأعمش، &; 2-115 &; عن المنهال، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس: وَادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا قال: فدخلوا على أستاهم مقنعي رءوسهم .1031 - حدثنا سفيان بن وكيع قال، حدثنا أبي عن النضر بن عدي , عن عكرمة: وَادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا فدخلوا مقنعي رءوسهم - وَقُولُوا حِطَّةٌ فقالوا: حنطة حمراء فيها شعيرة . فذلك قوله: (فبدل الذين ظلموا قولا غير الذي قيل لهم) .1032 - حدثت عن عمار بن الحسن قال، حدثنا ابن أبي جعفر , عن أبيه , عن الربيع بن أنس: وَادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا وَقُولُوا حِطَّةٌ ، قال: فكان سجود أحدهم على خده . و (قولوا حطة) نحط عنكم خطاياكم , فقالوا: حنطة . وقال بعضهم: حبة في شعيرة، فبدل الذين ظلموا قولا غير الذي قيل لهم .1033 - وحدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد: وَادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا وَقُولُوا حِطَّةٌ يحط الله بها عنكم ذنبكم وخطيئاتكم، قال: فاستهزءوا به - يعني بموسى - وقالوا: ما يشاء موسى أن يلعب بنا إلا لعب بنا، حطة حطة !! أي شيء حطة؟ وقال بعضهم لبعض: حنطة .1034 - حدثنا القاسم بن الحسن قال، حدثني الحسين قال، حدثني حجاج عن ابن جريج , وقال ابن عباس: لما دخلوا قالوا: حبة في شعيرة .1035 - حدثني محمد بن سعد قال، حدثني أبي سعد بن محمد بن الحسن قال، أخبرني عمي , عن أبيه , عن ابن عباس قال: لما دخلوا الباب قالوا: حبة في شعيرة ," فبدلوا قولا غير الذي قيل لهم ".* * *القول في تأويل قوله تعالى : فَأَنْزَلْنَا عَلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا رِجْزًا مِنَ السَّمَاءِيعني بقوله: (فأنزلنا على الذين ظلموا)، = على الذين فعلوا ما لم يكن لهم فعله، من تبديلهم القول - الذي أمرهم الله جل وعز أن يقولوه - قولا غيره , ومعصيتهم إياه فيما أمرهم به، وبركوبهم ما قد نهاهم عن ركوبه، = (رجزا من السماء بما كانوا يفسقون) .* * *و " الرِّجز " في لغة العرب، العذاب , وهو غير " الرُّجز ". (26) وذلك أن الرِّجز: البثر، (27) ومنه الخبر الذي روي عن النبي صلى الله عليه وسلم في الطاعون أنه قال: " إنه رجز عذب به بعض الأمم الذين قبلكم " .1036 - حدثني يونس بن عبد الأعلى قال، أخبرنا ابن وهب قال، أخبرني يونس , عن ابن شهاب قال، أخبرني عامر بن سعد بن أبي وقاص , عن أسامة بن زيد , عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " إن هذا الوجع -أو السقم- رجز عذب له بعض الأمم قبلكم " . (28)1037 - وحدثني أبو شيبة بن أبي بكر بن أبي شيبة قال، حدثنا عمر بن حفص قال، حدثنا أبي، عن الشيباني، عن رياح بن عبيدة , عن عامر بن سعد قال: شهدت أسامة بن زيد عند سعد بن مالك يقول: قال رسول الله صلى &; 2-117 &; الله عليه وسلم: إن الطاعون رجز أنزل على من كان قبلكم - أو على بني إسرائيل. (29)* * *وبمثل الذي قلنا في تأويل ذلك قال أهل التأويل .* ذكر من قال ذلك:1038 - حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر , عن قتادة في قوله: (رجزا)، قال: عذابا .1039 - حدثني المثنى قال، حدثنا آدم العسقلاني قال، حدثنا أبو جعفر , عن الربيع , عن أبي العالية في قوله: (فأنزلنا على الذين ظلموا رجزا من السماء)، قال: الرجز، الغضب.1040 - حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد: لما قيل لبني إسرائيل: - ادخلوا الباب سجدا وقولوا حطة، فبدل الذين ظلموا منهم قولا غير الذي قيل لهم - بعث الله جل وعز عليهم الطاعون , فلم يبق منهم أحدا. وقرأ: (فأنزلنا على الذين ظلموا رجزا من السماء بما كانوا يفسقون) ، قال: وبقي الأبناء = ففيهم الفضل والعبادة -التي توصف في بني إسرائيل- والخير = وهلك الأباء كلهم , أهلكهم الطاعون .1041 - حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد: االرِّجز العذاب . وكل شيء في القرآن " رِجز "، فهو عذاب .&; 2-118 &;1042 - حدثت عن المنجاب قال، حدثنا بشر , عن أبي روق , عن الضحاك , عن ابن عباس في قوله: (رجزا)، قال: كل شيء في كتاب الله من " الرِّجز " يعني به العذاب .* * *وقد دللنا على أن تأويل " الرِّجز " العذاب . وعذاب الله جل ثناؤه أصناف مختلفة . وقد أخبر الله جل ثناؤه أنه أنزل على الذين وصفنا أمرهم الرجز من السماء . وجائز أن يكون ذلك طاعونا , وجائز أن يكون غيره . ولا دلالة في ظاهر القرآن ولا في أثر عن الرسول ثابت، (30) أي أصناف ذلك كان .فالصواب من القول في ذلك أن يقال كما قال الله عز وجل: فأنزلنا عليهم رجزا من السماء بفسقهم.غير أنه يغلب على النفس صحة ما قاله ابن زيد، للخبر الذي ذكرت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في إخباره عن الطاعون أنه رجز , وأنه عذب به قوم قبلنا . وإن كنت لا أقول إن ذلك كذلك يقينا، لأن الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم لا بيان فيه أي أمة عذبت بذلك . وقد يجوز أن يكون الذين عذبوا به، كانوا غير الذين وصف الله صفتهم في قوله: فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُوا قَوْلا غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ .* * *القول في تأويل قوله تعالى : بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ (59)وقد دللنا -فيما مضى من كتابنا هذا- على أن معنى " الفسق "، الخروج من الشيء . (31)فتأويل قوله: (بما كانوا يفسقون) إذا: بما كانوا يتركون طاعة الله عز وجل, فيخرجون عنها إلى معصيته وخلاف أمره.------------------الهوامش :(20) قوله : "قولا" مفعول"تبديلهم" . وأما خبر"كان" فهو قوله : "ما حدثنا به الحسن . . . " .(21) الحديث: 1019 - رواه أحمد في المسند: 8213 (ج 2 ص 318 حلبي)، عن عبد الرزاق، بهذا الإسناد، ولكن بلفظ"حبة في شعرة". وكذلك رواه البخاري 6: 312، و8 : 228- 229 (فتح الباري) ، من طريق عبد الرازق. وذكر الحافظ (8: 229) أن لفظ "شعرة" رواية أكثر رواة البخاري، وأن رواية الكشميهني"شعيرة". وذكره ابن كثير 1: 180، ونسبه أيضًا لمسلم والترمذي، من رواية عبد الرزاق.(22) الحديث: 1020، 1021 - هو الحديث السابق، ولكن رواه الطبري هنا بإسنادين. أحدهما صحيح متصل، والآخر ضعيف فيه راو مبهم بين ابن إسحاق ومحمد ابن أبي محمد.صالح بن كيسان المدني: تابعي ثقة. وصالح مولى التوأمة: هو ابن نبهان، وهو ثقة أيضًا، إلا أنه تغير بأخرة، فمن روى عنه قديما فحديثه صحيح. وصالح بن كيسان قديم، وهو بلديه، فالراجح أن يكون ممن سمع منه قبل تغيره.(23) الحديث : 1022 - هو مختصر من الحديث : 1019 . وقد رواه أحمد في المسند : 8095 (ج 2 ص 312 حلبي) عن يحيى بن آدم ، عن ابن المبارك ، بهذا الإسناد ، مطولا . وكذلك رواه البخاري 8 : 125 (فتح الباري) ، مطولا ، من طريق عبد الرحمن بن مهدي . عن ابن المبارك .(24) الأثر : 1027 . سيأتي تمامه في رقم : 1116 .(25) الأثر : 1028 - انظر ما سيأتي رقم : 1117 ، فهو منه .(26) الرجز (بضم فسكون) ، وهو الذي جاء في قوله تعالى في سورة المدثر : "والرجز فاهجر" . وذكر الطبري فرق ما بينهما في 29 : 92 (بولاق) فقال : "الرجز بضم الراء . . . الأوثان"(27) البثر : خراج صغار ، كالذي يكون من الطاعون والجدري .(28) الحديث : 1036 - إسناده صحيح . وقد ذكره ابن كثير 1 : 182 ، وقال : "وهذا الحديث أصله مخرج في الصحيحين ، من حديث الزهري ، ومن حديث مالك عن محمد بن المنكدر وسالم أبي النضر - عن عامر بن سعد ، بنحوه" . ورواه أحمد في المسند ، من طريق الزهري (5 : 207 - 208 حلبي) . ورواية أيضًا (5 : 209) ، من طريق حبيب بن أبي ثابت ، عن إبراهيم بن سعد ، عن أسامة بن زيد ، مطولا .(29) الحديث 1037 - وهذا إسناد آخر صحيح، للحديث السابق. أبو شيبة بن أبي بكر بن أبي شيبة: هو"إبراهيم بن عبد الله بن محمد"، وهو ثقة، روى عنه أيضًا النسائي وأبو زرعة وأبو حاتم، مترجم في التهذيب، وابن أبي حاتم 1 /1/ 110. عمر بن حفص بن غياث: ثقة، روى عنه البخاري ومسلم في الصحيحين. أبوه حفص بن غياث: ثقة مأمون، معروف، أخرج له الجماعة. الشيباني: هو أبو إسحاق، سليمان بن أبي سليمان، ثقة حجة. رياح بن عبيدة: هو بكسر الراء وفتح الياء التحتية المخففة، ووقع في المطبوعة"رباح" بالوحدة، وهو تصحيف. و"عبيدة" بفتح العين وكسر الباء الموحدة، ورياح هذا بصري ثقة، وثقه ابن معين وأبو زرعة، وهو مترجم في التهذيب 3: 299 - 300، والكبير للبخاري 2 / 1 /300، وابن أبي حاتم 1 / 2 /511، والمشتبه للذهبي، ص: 212. وهو غير"رياح بن عبيدة السلمى الكوفي"، فرق بينهما المزى في التهذيب. والذهبي في المشتبه. وأنكر الحافظ ابن حجر ذلك على المزى، ولكنه تبع الذهبي في تبصير المنتبه، ولم يعقب عليه، وهو الصواب، إن شاء الله.(30) انظر تفسير قوله"ظاهر القرآن" فيما مضى : 2 : 15 والمراجع.(31) انظر ما سلف 1 : 409 - 410 ، وقد ذكر الآية هناك في أثر عن ابن عباس ، فيه : "أي بما بعدوا عن امري" ، (ص 410 ) .
وَ اِذِ اسْتَسْقٰى مُوْسٰى لِقَوْمِهٖ فَقُلْنَا اضْرِبْ بِّعَصَاكَ الْحَجَرَؕ-فَانْفَجَرَتْ مِنْهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ عَیْنًاؕ-قَدْ عَلِمَ كُلُّ اُنَاسٍ مَّشْرَبَهُمْؕ-كُلُوْا وَ اشْرَبُوْا مِنْ رِّزْقِ اللّٰهِ وَ لَا تَعْثَوْا فِی الْاَرْضِ مُفْسِدِیْنَ(۶۰)
اور جب موسیٰ نے اپنی قوم کے لئے پانی مانگا تو ہم نے فرمایا اس پتھر پر اپنا عصا مارو فوراً اس میں سے بارہ چشمے بہ نکلے (ف۹۹) ہر گروہ نے اپنا گھاٹ پہچان لیا کھاؤ اور پیؤ خدا کا دیا (ف۱۰۰) اور زمین میں فساد اٹھاتے نہ پھرو(ف۱۰۱)
القول في تأويل قوله تعالى : وَإِذِ اسْتَسْقَى مُوسَى لِقَوْمِهِ فَقُلْنَا اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْحَجَرَ فَانْفَجَرَتْ مِنْهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْنًا قَدْ عَلِمَ كُلُّ أُنَاسٍ مَشْرَبَهُمْيعني بقوله: (وإذ استسقى موسى لقومه) ، وإذ استسقانا موسى لقومه، أي سألنا أن نسقي قومه ماء . فترك ذكر المسئول ذلك , والمعنى الذي سأل موسى, (32) إذْ كان فيما ذكر من الكلام الظاهر دلالة على معنى ما ترك.وكذلك قوله: (فقلنا اضرب بعصاك الحجر فانفجرت منه اثنتا عشرة عينا)، مما استغني بدلالة الظاهر على المتروك منه . وذلك أن معنى الكلام: فقلنا اضرب بعصاك الحجر , فضربه، فانفجرت . فترك ذكر الخبر عن ضرب موسى الحجر , إذ كان فيما ذكر دلالة على المراد منه .وكذلك قوله: (قد علم كل أناس مشربهم)، إنما معناه: قد علم كل أناس منهم مشربهم . فترك ذكر " منهم " لدلالة الكلام عليه .* * *وقد دللنا فيما مضى على أن " أناس " جمع لا واحد له من لفظه، (33) وأن " الإنسان " لو جمع على لفظه لقيل: أناسيّ وأناسية. (34)* * *وقوم موسى هم بنو إسرائيل، الذين قص الله عز وجل قصصهم في هذه الآيات . وإنما استسقى لهم ربه الماء في الحال التي تاهوا فيها في التيه , كما:-1043 - حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد بن زريع , عن سعيد بن أبي عروبة , عن قتادة قوله: (وإذ استسقى موسى لقومه) الآية قال، كان هذا إذْ هم في البرية اشتكوا إلى نبيهم الظمأ , فأمروا بحجر طوري - أي من الطور - أن يضربه موسى بعصاه . فكانوا يحملونه معهم , فإذا نزلوا ضربه موسى بعصاه فانفجرت منه اثنتا عشرة عينا , لكل سبط عين معلومة مستفيض ماؤها لهم .1044 - حدثني تميم بن المنتصرقال، حدثنا يزيد بن هارون قال، حدثنا أصبغ بن زيد , عن القاسم بن أبي أيوب , عن سعيد بن جبير , عن ابن عباس قال: ذلك في التيه؛ ظلل عليهم الغمام , وأنزل عليهم المن والسلوى , وجعل لهم ثيابا لا تبلى ولا تتسخ , وجُعل بين ظهرانيهم حجر مربع , وأمر موسى فضرب بعصاه الحجر , فانفجرت منه اثنتا عشرة عينا في كل ناحية منه ثلاث عيون , لكل سبط عين ؛ ولا يرتحلون منقلة إلا وجدوا ذلك الحجر معهم بالمكان الذي كان به معهم في المنزل الأول . (35) .1045 - حدثني عبد الكريم قال، أخبرنا إبراهيم بن بشار قال، حدثنا سفيان , عن أبي سعيد , عن عكرمة عن ابن عباس قال: ذلك في التيه . ضرب لهم موسى الحجر , فصار فيه اثنتا عشرة عينا من ماء , لكل سبط منهم عين يشربون منها .1046 - وحدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى , عن ابن أبي نجيح , عن مجاهد: (فقلنا اضرب بعصاك الحجر فانفجرت منه اثنتا عشرة عينا) لكل سبط منهم عين . كل ذلك كان في تيههم حين تاهوا .1047 - حدثنا القاسم بن الحسن قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج &; 2-121 &; , عن ابن جريج , عن مجاهد قوله: (وإذ استسقى موسى لقومه)، قال: خافوا الظمأ في تيههم حين تاهوا , فانفجر لهم الحجر اثنتي عشرة عينا ، ضربه موسى . قال ابن جريج: قال ابن عباس: " الأسباط" بنو يعقوب، كانوا اثني عشر رجلا كل واحد منهم ولد سبطا، أمة من الناس . (36)1048 - وحدثني يونس بن عبد الأعلى قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد: استسقى لهم موسى في التيه , فسقوا في حجر مثل رأس الشاة، قال: يلقونه في جوانب الجوالَق إذا ارتحلوا , (37) ويقرعه موسى بالعصا إذا نزل , فتنفجر منه اثنتا عشرة عينا , لكل سبط منهم عين ، فكان بنو إسرائيل يشربون منه , حتى إذا كان الرحيل استمسكت العيون , وقيل به فألقى في جانب الجوالق (38) . فإذا نزل رمى به ، فقرعه بالعصا , فتفجرت عين من كل ناحية مثل البحر.1049 - حدثني موسى بن هارون قال، حدثنا عمرو بن حماد قال، حدثني أسباط , عن السدي قال: كان ذلك في التيه .* * *وأما قوله: (قد علم كل أناس مشربهم)، فإنما أخبر الله عنهم بذلك. لأن معناهم -في الذي أخرج الله جل وعز لهم من الحجر، الذي وصف جل ذكره في هذه الآية صفته- (39) من الشرب كان مخالفا معاني سائر الخلق فيما أخرج الله لهم من المياه من الجبال والأرضين، التي لا مالك لها سوى الله عز وجل . وذلك &; 2-122 &; أن الله كان جعل لكل سبط من الأسباط الاثني عشر، عينا من الحجر الذي وصف صفته في هذه الآية، يشرب منها دون سائر الأسباط غيره، لا يدخل سبط منهم في شرب سبط غيره. وكان مع ذلك لكل عين من تلك العيون الاثنتي عشرة، موضع من الحجر قد عرفه السبط الذي منه شربه. فلذلك خص جل ثناؤه هؤلاء بالخبر عنهم: أن كل أناس منهم كانوا عالمين بمشربهم دون غيرهم من الناس . إذ كان غيرهم -في الماء الذي لا يملكه أحد- شركاء في منابعه ومسايله. وكان كل سبط من هؤلاء مفردا بشرب منبع من منابع الحجر - دون سائر منابعه - خاص لهم دون سائر الأسباط غيرهم. فلذلك خصوا بالخبر عنهم: أن كل أناس منهم قد علموا مشربهم.* * *القول في تأويل قوله تعالى : كُلُوا وَاشْرَبُوا مِنْ رِزْقِ اللَّهِوهذا أيضا مما استغني بذكر ما هو ظاهر منه، عن ذكره ما ترك ذكره . وذلك أن تأويل الكلام: فَقُلْنَا اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْحَجَرَ ، فضربه فانفجرت منه اثنتا عشرة عينا , قد علم كل أناس مشربهم , فقيل لهم: كلوا واشربوا من رزق الله. أخبر الله جل ثناؤه أنه أمرهم بأكل ما رزقهم في التيه من المن والسلوى , وبشرب ما فجر لهم فيه من الماء من الحجر المتعاور، (40) الذي لا قرار له في الأرض , ولا سبيل إليه [إلا] لمالكيه، (41) يتدفق بعيون الماء، ويزخر بينابيع العذب الفرات، بقدرة ذي الجلال والإكرام .ثم تقدم جل ذكره إليهم (42) - مع إباحتهم ما أباح، وإنعامه بما &; 2-123 &; أنعم به عليهم من العيش الهنيء - بالنهي عن السعي في الأرض فسادا , والعَثَا فيها استكبارا , فقال جل ثناؤه لهم: وَلا تَعْثَوْا فِي الأَرْضِ مُفْسِدِينَ .* * *القول في تأويل قوله تعالى : وَلا تَعْثَوْا فِي الأَرْضِ مُفْسِدِينَ (60)يعني بقوله: (لا تعثوا) لا تطغوا , ولا تسعوا في الأرض مفسدين . كما:-1050 - حدثني به المثنى قال، حدثنا آدم قال، حدثنا أبو جعفر , عن الربيع , عن أبي العالية: (ولا تعثوا في الأرض مفسدين)، يقول: لا تسعوا في الأرض فسادا.1051 - حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد في قوله: (ولا تعثوا في الأرض مفسدين) لا تعث: لا تطغ .1052 - حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد بن زريع قال، حدثنا سعيد , عن قتادة: (ولا تعثوا في الأرض مفسدين)، أي لا تسيروا في الأرض مفسدين .1053 - حدثت عن المنجاب قال، حدثنا بشر , عن أبي روق , عن الضحاك , عن ابن عباس: (ولا تعثوا في الأرض مفسدين)، لا تسعوا في الأرض .وأصل " العَثَا " شدة الإفساد , بل هو أشد الإفساد. (43) يقال منه: " عَثِيَ فلان في الأرض " -إذا تجاوز في الإفساد إلى غايته-" يعثى عثا " مقصور , وللجماعة: هم يعثون . وفيه لغتان أخريان، إحداهما: " عثا يعثو عُثُوّا " . ومن قرأها بهذه اللغة , فإنه ينبغي له أن يضم الثاء من " يعثو " , ولا أعلم قارئا يقتدى بقراءته &; 2-124 &; قرأ به. (44) ومن نطق بهذه اللغة مخبرا عن نفسه قال: " عثوت أعثو " , ومن نطق باللغة الأولى قال: " عَثِيت أَعْثَى ".والأخرى منهما: " عاث يعيث عيثا وعيوثا وعيثانا " , كل ذلك بمعنى واحد . ومن " العيث " قول رؤبة بن العجاج:وعاث فينا مستحل عائث:مُصَدِّق أو تاجر مقاعث (45)يعني بقوله: " عاث فينا "، أفسد فينا.-----------------الهوامش :(32) قوله" والمعنى الذي سأل موسى" ، يعني"والشيء" وهو الماء(33) في المطبوعة : "ان الناس جمع لا واحد له" ، وقد مضى ذلك ، ولكنه هنا أراد"أناس" ، المذكور في الآية ، وهو أيضًا جمع لا واحد له من لفظه ، وإن قال بعضهم إنه جمع إنس(34) انظر ما سلف 1 : 268 .(35) المنقلة : المرحلة من مراحل السفر ، والجمع مناقل .(36) في المطبوعة : "ولد سبطا وأمة من الناس" ، والصواب حذف واو العطف فإن قوله "أمة من الناس" تفسير قوله"سبطا" .(37) الجوالق : وعاء كبير منسوج من صوف أو شعر ، تحمل فيه الأطعمة ، وهو الذي نسميه في بلادنا"الشوال" محرفة من"الجوالق" .(38) "قيل به" مبني للمجهول من"قال به" . وقال بالشيء : رفعه أو حمله . والعرب تجعل القول عبارة عن جميع الأفعال وتطلقه على غير الكلام واللسان . يقولون : قال برجله : إذا بدأ يتقدم ومشى ، أو إذا أشار بها للركل . ويقولون : قال بالماء على يده أي قلبه وصبه . وما أشبه ذلك . وقد مضى مثل ذلك آنفًا ص 54 تعليق : 3 ، ص : 64 تعليق : 4 .(39) سياق الجملة "لأن معناهم . . من الشرب ، كالذي مخالفا معاني" ، وفصل كعادته فيما بينا مرارا . يعني لأن شربهم كان مخالفا شرب سائر الناس . .(40) الحجر المتعاور : الحجر المتبادل ، ينقل من يد إلى يد . من تعاوروا الشيء : إذا تبادلوه ، ولا يتعاور شيء حتى يكون منقولا ، أما الثابت فلا يتعاوره الناس ولا يتبادلونه .(41) في المطبوعة : "لا سبيل إليه لمالكيه" ، وهو كلام بلا معنى . والصواب ما أثبتناه بزيادة"إلا" ويدل على صواب ذلك ما مضى منذ قليل في تفسير ما سبق من الآية .(42) تقدم إليه بكذا : إذا أمره .(43) العثا : مصدر : عثى يعثى ، كرضى يرضى ، وهي لغة الحجاز . ولم أجد هذا المصدر إلا في تاج العروس . ولست أعلم أهو بفتح العين ام بكسرها . ولكني أستظهر أن يكون فتح العين هو الأرجح .(44) "القراءة سنة ، ولا يقرأ بما قرأ به القراء" . لسان العرب (عثى) .(45) ديوانه" 30 . مستحل : قد استحل أموالهم واستباحها . والمصدق : هو العامل الذي يقبض زكاة أموال الناس ، وهو وكيل الفقراء في القبض ، وله أن يتصرف لهم بما يؤديه إليه اجتهاده ، فربما جار إذا لم يكن من أهل الورع . قعث الشيء يقعثه : استأصله واستوعبه . وقعثه فانقعث : إذا قلعه من أصله فانقلع . ولم تذكر معاجم اللغة : " قاعث فهو مقاعث" ، ولكنه لما أراد أن التاجر يأتي بظلمه وجوره وإغلائه السعر ، فيستأصل أموال الناس ويقتلعها ، والناس يدافعونه عن أموالهم - اشتق له من المفاعلة التي تكون بين اثنين : "قاعث فهو مقاعث" ، أي يحاول استئصال أموال الناس ، والناس يدافعونه عن أموالهم .
وَ اِذْ قُلْتُمْ یٰمُوْسٰى لَنْ نَّصْبِرَ عَلٰى طَعَامٍ وَّاحِدٍ فَادْعُ لَنَا رَبَّكَ یُخْرِ جْ لَنَا مِمَّا تُنْۢبِتُ الْاَرْضُ مِنْۢ بَقْلِهَا وَ قِثَّآىٕهَا وَ فُوْمِهَا وَ عَدَسِهَا وَ بَصَلِهَاؕ-قَالَ اَتَسْتَبْدِلُوْنَ الَّذِیْ هُوَ اَدْنٰى بِالَّذِیْ هُوَ خَیْرٌؕ-اِهْبِطُوْا مِصْرًا فَاِنَّ لَكُمْ مَّا سَاَلْتُمْؕ-وَ ضُرِبَتْ عَلَیْهِمُ الذِّلَّةُ وَ الْمَسْكَنَةُۗ-وَ بَآءُوْ بِغَضَبٍ مِّنَ اللّٰهِؕ ذٰلِكَ بِاَنَّهُمْ كَانُوْا یَكْفُرُوْنَ بِاٰیٰتِ اللّٰهِ وَ یَقْتُلُوْنَ النَّبِیّٖنَ بِغَیْرِ الْحَقِّؕ-ذٰلِكَ بِمَا عَصَوْا وَّ كَانُوْا یَعْتَدُوْنَ۠(۶۱)
اور جب تم نے کہا اے موسیٰ (ف۱۰۲) ہم سے تو ایک کھانے پر (ف۱۰۳) ہرگز صبر نہ ہوگا تو آپ اپنے رب سے دعا کیجئے کہ زمین کی اگائی ہوئی چیزیں ہمارے لئے نکالے کچھ ساگ اور ککڑی اور گیہوں اور مسور اور پیاز فرمایا کیا ادنیٰ چیز کو بہتر کے بدلے مانگتے ہو (ف۱۰۴) اچھا مصر (ف۱۰۵) یا کسی شہر میں اترو وہاں تمہیں ملے گا جو تم نے مانگا (ف۱۰۶) اور ان پر مقرر کردی گئی خواری اور ناداری (ف۱۰۷) اور خدا کے غضب میں لوٹے (ف۱۰۸) یہ بدلہ تھا اس کا کہ وہ اللہ کی آیتوں کا انکار کرتے اور انبیاء کو ناحق شہید کرتے (ف۱۰۹) یہ بدلہ تھا ان کی نافرمانیوں اور حد سے بڑھنے کا-
القول في تأويل قوله تعالى : وَإِذْ قُلْتُمْ يَا مُوسَى لَنْ نَصْبِرَ عَلَى طَعَامٍ وَاحِدٍ فَادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُخْرِجْ لَنَا مِمَّا تُنْبِتُ الأَرْضُ مِنْ بَقْلِهَا وَقِثَّائِهَا وَفُومِهَا وَعَدَسِهَا وَبَصَلِهَاقد دللنا -فيما مضى قبل- على معنى " الصبر " وأنه كف النفس وحبسها عن الشيء. (46) فإذ كان ذلك كذلك , فمعنى الآية إذا: واذكروا إذا قلتم -يا معشر بني إسرائيل-: لن نطيق حبس أنفسنا على طعام واحد - وذلك " الطعام الواحد "، هو ما أخبر الله جل ثناؤه أنه أطعمهموه في تيههم، وهو " السلوى " &; 2-125 &; في قول بعض أهل التأويل , وفي قول وهب بن منبه هو " الخبز النقي مع اللحم " - فاسأل لنا ربك يخرج لنا مما تنبت الأرض من البقل والقثاء ، وما سمى الله مع ذلك، وذكر أنهم سألوه موسى .* * *وكان سبب مسألتهم موسى ذلك فيما بلغنا , ما: -1054 - حدثنا به بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد بن زريع قال، حدثنا سعيد , عن قتادة قوله: (وإذ قلتم يا موسى لن نصبر على طعام واحد) قال: كان القوم في البرية قد ظلل عليهم الغمام , وأنزل عليهم المن والسلوى , فملوا ذلك , وذكروا عيشا كان لهم بمصر , فسألوه موسى . فقال الله تعالى: اهْبِطُوا مِصْرًا فَإِنَّ لَكُمْ مَا سَأَلْتُمْ .1055 - حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر , عن قتادة في قوله: (لن نصبر على طعام واحد)، قال: ملوا طعامهم , وذكروا عيشهم الذي كانوا فيه قبل ذلك , قالوا: (ادع لنا ربك يخرج لنا مما تنبت الأرض من بقلها وقثائها وفومها) الآية .1056 - حدثني المثنى بن إبراهيم قال، حدثنا آدم قال، حدثنا أبو جعفر , عن الربيع , عن أبي العالية في قوله: (وإذ قلتم يا موسى لن نصبر على طعام واحد)، قال: كان طعامهم السلوى , وشرابهم المن , فسألوا ما ذكر , فقيل لهم: اهْبِطُوا مِصْرًا فَإِنَّ لَكُمْ مَا سَأَلْتُمْ .* * *قال أبو جعفر: وقال قتادة: إنهم لما قدموا الشام فقدوا أطعمتهم التي كانوا يأكلونها , فقالوا: (ادع لنا ربك يخرج لنا مما تنبت الأرض من بقلها وقثائها وفومها وعدسها وبصلها)، وكانوا قد ظلل عليهم الغمام، وأنزل عليهم المن والسلوى , فملوا ذلك , وذكروا عيشا كانوا فيه بمصر .1057 - حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى &; 2-126 &; قال، سمعت ابن أبي نجيح في قوله عز وجل: (لن نصبر على طعام واحد)، المن والسلوى , فاستبدلوا به البقل وما ذكر معه .1058 - حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل , عن ابن أبي نجيح , عن مجاهد بمثله سواء .1059 - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثنا حجاج , عن ابن جريج , عن مجاهد بمثله .1060 - حدثني موسى بن هارون قال، حدثنا عمرو بن حماد قال، حدثنا أسباط , عن السدي: أُعطوا في التيه ما أُعطوا , فملوا ذلك وقالوا: (يا موسى لن نصبر على طعام واحد فادع لنا ربك يخرج لنا مما تنبت الأرض من بقلها وقثائها وفومها وعدسها وبصلها) .1061 - حدثني يونس بن عبد الأعلى قال، أخبرنا ابن وهب قال، أنبأنا ابن زيد قال: كان طعام بني إسرائيل في التيه واحدا , وشرابهم واحدا. كان شرابهم عسلا ينزل لهم من السماء يقال له المن , وطعامهم طير يقال له السلوى , يأكلون الطير ويشربون العسل , لم يكونوا يعرفون خبزا ولا غيره . فقالوا: " يَا مُوسَى لَنْ نَصْبِرَ عَلَى طَعَامٍ وَاحِدٍ فَادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُخْرِجْ لَنَا مِمَّا تُنْبِتُ الأَرْضُ مِنْ بَقْلِهَا "، فقرأ حتى بلغ: اهْبِطُوا مِصْرًا فَإِنَّ لَكُمْ مَا سَأَلْتُمْ .* * *وإنما قال جل ذكره: (يخرج لنا مما تنبت الأرض) - ولم يذكر الذي سألوه أن يدعو ربه ليخرج لهم من الأرض , فيقول: قالوا ادع لنا ربك يخرج لنا كذا وكذا مما تنبته الأرض من بقلها وقثائها - لأن " من " تأتي بمعنى التبعيض لما بعدها , فاكتفي بها عن ذكر التبعيض , إذ كان معلوما بدخولها معنى ما أريد بالكلام الذي هي فيه. كقول القائل: أصبح اليوم عند فلان من الطعام " يريد شيئا منه.وقد قال بعضهم: " من " ههنا بمعنى الإلغاء والإسقاط . كأن معنى الكلام &; 2-127 &; عنده: يخرج لنا ما تنبت الأرض من بقلها . واستشهد على ذلك بقول العرب: " ما رأيت من أحد " بمعنى: ما رأيت أحدا , وبقول الله: وَيُكَفِّرُ عَنْكُمْ مِنْ سَيِّئَاتِكُمْ [ البقرة: 271]، وبقولهم: " قد كان من حديث , فخل عني حتى أذهب , يريدون: قد كان حديث .وقد أنكر من أهل العربية جماعة أن تكون " من " بمعنى الإلغاء في شيء من الكلام , وادعوا أن دخولها في كل موضع دخلت فيه، مؤذن أن المتكلم مريد لبعض ما أدخلت فيه لا جميعه , وأنها لا تدخل في موضع إلا لمعنى مفهوم .فتأويل الكلام إذا - على ما وصفنا من أمر " من " (47) -: فادع لنا ربك يخرج لنا بعض ما تنبت الأرض من بقلها وقثائها .* * *و " البقل " و " القثاء " و " العدس " و " البصل " , هو ما قد عرفه الناس بينهم من نبات الأرض وحبها .* * *وأما " الفوم " , فإن أهل التأويل اختلفوا فيه . فقال بعضهم: هو الحنطة والخبز.* ذكر من قال ذلك:1062 - حدثنا محمد بن بشار قال، حدثنا أبو أحمد ومؤمل قالا حدثنا سفيان , عن ابن أبي نجيح , عن عطاء قال: الفوم:، الخبز .1063 - حدثنا أحمد بن إسحاق قال، حدثنا أبو أحمد، حدثنا سفيان , عن ابن جريج , عن عطاء ومجاهد قوله: (وفومها) قالا خبزها .1064 - حدثني زكريا بن يحيى بن أبي زائدة ومحمد بن عمرو قالا حدثنا أبو عاصم , عن عيسى بن ميمون , عن ابن أبي نجيح , عن مجاهد: (وفومها)، قال: الخبز .1065 - حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد , عن سعيد , عن قتادة والحسن: الفوم، هو الحب الذي يختبزه الناس .1066 - حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر , عن قتادة والحسن بمثله .1067 - حدثني يعقوب بن إبراهيم قال، حدثنا هشيم قال، أخبرنا حصين , عن أبي مالك في قوله: (وفومها) قال: الحنطة .1068 - حدثني موسى بن هارون قال، حدثنا عمرو بن حماد قال، حدثنا أسباط بن نصر عن السدي: (وفومها)، الحنطة.1069 - حدثني المثنى قال، حدثنا عمرو بن عون قال، حدثنا هشيم , عن يونس , عن الحسن وحصين , عن أبي مالك في قوله: (وفومها)، الحنطة.1070 - حدثني المثنى قال، حدثنا آدم قال، حدثنا أبو جعفر الرازي , عن قتادة قال: الفوم، الحب الذي يختبز الناس منه .1071 - حدثني القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج , عن ابن جريج قال، قال لى عطاء بن أبي رياح قوله: (وفومها)، قال: خبزها، قالها مجاهد .1072 - حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال لي ابن زيد: الفوم، الخبز.1073 - حدثني يحيى بن عثمان السهمي قال، حدثنا عبد الله بن صالح قال، حدثني معاوية , عن علي بن أبي طلحة , عن ابن عباس في قوله: (وفومها) يقول: الحنطة والخبز .1074 - حُدثت عن المنجاب قال، حدثنا بشر , عن أبي روق , عن الضحاك , عن ابن عباس في قوله: (وفومها) قال: هو البر بعينه، الحنطة.1075 - حدثنا علي بن الحسن قال، حدثنا مسلم الجرمي قال، حدثنا عيسى بن يونس , عن رشدين بن كريب , عن أبيه , عن ابن عباس في قول الله عز وجل: (وفومها) قال: الفوم، الحنطة بلسان بني هاشم . (48)1076 - حدثني عبد الرحمن بن عبد الله بن عبد الحكم قال، حدثنا عبد العزيز بن منصور , عن نافع بن أبي نعيم، أن عبد الله بن عباس سئل عن قول الله: (وفومها)، قال: الحنطة، أما سمعت قول أُحَيْحة بن الجُلاح وهو يقول:قد كنت أغنى الناس شخصا واحداوَرَد المدينة عن زراعة فوم (49)* * *وقال آخرون: هو الثوم .* ذكر من قال ذلك:1077 - حدثني أحمد بن إسحاق الأهوازي قال، حدثنا أبو أحمد قال، حدثنا شريك , عن ليث , عن مجاهد قال: هو هذا الثوم .1078 - حدثني المثنى بن إبراهيم قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا ابن أبي جعفر , عن أبيه , عن الربيع قال: الفوم، الثوم .* * *وهو في بعض القراءات " وثومها " .* * *وقد ذكر أن تسمية الحنطة والخبز جميعا " فوما " من اللغة القديمة . حكي سماعا من أهل هذه اللغة: " فوموا لنا " , بمعنى اختبزوا لنا .* * *وذكر أن ذلك قراءة عبد الله بن مسعود: " وثومها " بالثاء . (50) فإن كان ذلك صحيحا، فإنه من الحروف المبدلة كقولهم: " وقعوا في عاثور شر: وعافور شر " وكقولهم "" للأثافي، أثاثي؛ وللمغافير، مغاثير وما أشبه ذلك مما تقلب الثاء فاء والفاء ثاء، لتقارب مخرج الفاء من مخرج الثاء. و " المغافير " شبيه بالشيء الحلو، يشبه بالعسل، ينزل من السماء حلوا، يقع على الشجر ونحوها.* * *القول في تأويل قوله تعالى : قَالَ أَتَسْتَبْدِلُونَ الَّذِي هُوَ أَدْنَى بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌيعني بقوله: (قال أتستبدلون الذي هو أدنى بالذي هو خير)، قال: لهم موسى: أتأخذون الذي هو أخس خطرا وقيمة وقدرا من العيش , بدلا بالذي هو خير منه خطرا وقيمة وقدرا؟ وذلك كان استبدالهم .* * *وأصل " الاستبدال ": هو ترك شيء لآخر غيره مكان المتروك .* * *ومعنى قوله: (أدنى) أخس وأوضع وأصغر قدرا وخطرا . وأصله من قولهم: " هذا رجل دني بين الدناءة " و " إنه ليدنِّي في الأمور " بغير همز، إذا كان يتتبع خسيسها . وقد ذكر الهمز عن بعض العرب في ذلك، سماعا منهم . يقولون: ما كنتَ دانئا، ولقد دنأتَ ، (51) وأنشدني بعض أصحابنا عن غيره، أنه سمع بعض بني كلاب ينشد بيت الأعشى (52)&; 2-131 &;باسلةُ الوقعِ سرابيلهابيض إلى دانِئِها الظاهر (53)بهمز الدانئ , وأنه سمعهم يقولون: " إنه لدانئ خبيث " بالهمز . (54) فإن كان ذلك عنهم صحيحا , فالهمز فيه لغة، وتركه أخرى .* * *ولا شك أن من استبدل بالمن والسلوى البقل والقثاء والعدس والبصل والثوم , فقد استبدل الوضيع من العيش بالرفيع منه .* * *وقد تأول بعضهم قوله: (الذي هو أدنى) بمعنى: الذي هو أقرب , ووجه قوله: (أدنى)، إلى أنه أفعل من " الدنو " الذي هو بمعنى القرب .* * *وبنحو الذي قلنا في معنى قوله: (الذي هو أدنى) قاله عدد من أهل التأويل في تأويله .* ذكر من قال ذلك:1079 - حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد بن زريع , عن سعيد , عن قتادة قال: (أتستبدلون الذي هو أدنى بالذي هو خير)، يقول: أتستبدلون الذي هو شر بالذي هو خير منه .1080 - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج &; 2-132 &; عن ابن جريج , عن مجاهد قوله: (الذي هو أدنى) قال: أردأ.* * *القول في تأويل قوله تعالى ذكره اهْبِطُوا مِصْرًا فَإِنَّ لَكُمْ مَا سَأَلْتُمْوتأويل ذلك: فدعا موسى، فاستجبنا له , فقلنا لهم: " اهبطوا مصرا " ، وهو من المحذوف الذي اجتزئ بدلالة ظاهره على ذكر ما حذف وترك منه .* * *وقد دللنا -فيما مضى- على أن معنى " الهبوط" إلى المكان، إنما هو النزول إليه والحلول به . (55)* * *فتأويل الآية إذا: وإذ قلتم يا موسى لن نصبر على طعام واحد، فادع لنا ربك يخرج لنا مما تنبت الأرض من بقلها وقثائها وفومها وعدسها وبصلها. قال لهم موسى: أتستبدلون الذي هو أخس وأردأ من العيش، بالذي هو خير منه. فدعا لهم موسى ربه أن يعطيهم ما سألوه , فاستجاب الله له دعاءه , فأعطاهم ما طلبوا , وقال الله لهم: (اهبطوا مصرا فإن لكم ما سألتم) .* * *ثم اختلف القَرَأَة في قراءة قوله (56) (مصرا) فقرأه عامة القَرَأَة: " مصرا " بتنوين " المصر " وإجرائه. وقرأه بعضهم بترك التنوين وحذف الألف منه . فأما الذين نونوه وأجروه , فإنهم عنوا به مصرا من الأمصار، لا مصرا بعينه . فتأويله -على قراءتهم-: اهبطوا مصرا من الأمصار , لأنكم في البدو , والذي طلبتم لا يكون في البوادي والفيافي , وإنما يكون في القرى والأمصار , فإن لكم -إذا هبطتموه- ما سألتم من العيش . وقد يجوز أن يكون بعض من قرأ ذلك &; 2-133 &; بالإجراء والتنوين , كان تأويل الكلام عنده: " اهبطوا مصرا " البلدة التي تعرف بهذا الاسم، وهي" مصر " التي خرجوا عنها . غير أنه أجراها ونونها اتباعا منه خط المصحف , لأن في المصحف ألفا ثابتة في" مصر " , فيكون سبيل قراءته ذلك بالإجراء والتنوين، سبيل من قرأ: قَوَارِيرَا * قَوَارِيرَا مِنْ فِضَّةٍ [ الإنسان: 15-16] منونة اتباعا منه خط المصحف . وأما الذي لم ينون مصر فإنه لا شك أنه عنى " مصر " التي تعرف بهذا الاسم بعينها دون سائر البلدان غيرها. (57)* * *وقد اختلف أهل التأويل في ذلك، نظير اختلاف القَرَأَة في قراءته .1081 - حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد بن زريع , عن سعيد , عن قتادة: (اهبطوا مصرا)، أي مصرا من الأمصار، فإن لكم ما سألتم.1082 - وحدثني موسى بن هارون قال، حدثنا عمرو بن حماد قال، حدثنا أسباط , عن السدي: (اهبطوا مصرا) من الأمصار , فإن لكم ما سألتم. فلما خرجوا من التيه، رفع المن والسلوى وأكلوا البقول .1083 - وحدثني المثنى قال، حدثني آدم قال، حدثنا أبو جعفر , عن قتادة في قوله: (اهبطوا مصرا) قال: يعني مصرا من الأمصار .1084 - وحدثنا القاسم بن الحسن قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج , عن ابن جريج , عن مجاهد: (اهبطوا مصرا) قال: مصرا من الأمصار . زعموا أنهم لم يرجعوا إلى مصر.1085- حدثني يونس بن عبد الأعلى قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد: (اهبطوا مصرا)، قال: مصرا من الأمصار . و " مصر " لا تُجْرَى في الكلام. فقيل: أي مصر. فقال: الأرض المقدسة التي كتب الله لهم، وقرأ قول الله جل ثناؤه: ادْخُلُوا الأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ [المائدة: 21].* * *&; 2-134 &;وقال آخرون: هي مصر التي كان فيها فرعون.* ذكر من قال ذلك:1086 - حدثني المثنى، حدثنا آدم , حدثنا أبو جعفر , عن الربيع , عن أبي العالية في قوله: (اهبطوا مصرا) قال: يعني به مصر فرعون .1087 - حدثنا عن عمار بن الحسن , عن ابن أبي جعفر , عن أبيه , عن الربيع مثله .* * *ومن حجة من قال إن الله جل ثناؤه إنما عنى بقوله: (اهبطوا مصرا)، مصرا من الأمصار دون " مصر " فرعون بعينها -: أن الله جعل أرض الشام لبني إسرائيل مساكن بعد أن أخرجهم من مصر . وإنما ابتلاهم بالتيه بامتناعهم على موسى في حرب الجبابرة، إذ قال لهم: يَا قَوْمِ ادْخُلُوا الأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَلا تَرْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِكُمْ فَتَنْقَلِبُوا خَاسِرِينَ * قَالُوا يَا مُوسَى إِنَّ فِيهَا قَوْمًا جَبَّارِينَ وَإِنَّا لَنْ نَدْخُلَهَا حَتَّى يَخْرُجُوا مِنْهَا فَإِنْ يَخْرُجُوا مِنْهَا فَإِنَّا دَاخِلُونَ * قَالَ رَجُلانِ مِنَ الَّذِينَ يَخَافُونَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمَا ادْخُلُوا عَلَيْهِمُ الْبَابَ فَإِذَا دَخَلْتُمُوهُ فَإِنَّكُمْ غَالِبُونَ وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ * قَالُوا يَا مُوسَى إِنَّا لَنْ نَدْخُلَهَا أَبَدًا مَا دَامُوا فِيهَا فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ [المائدة: 21-24]، فحرم الله جل وعز على قائلي ذلك -فيما ذكر لنا- دخولها حتى هلكوا في التيه. وابتلاهم بالتيهان في الأرض أربعين سنة , ثم أهبط ذريتهم الشأم , فأسكنهم الأرض المقدسة , وجعل هلاك الجبابرة على أيديهم مع يوشع بن نون - بعد وفاة موسى بن عمران . فرأينا الله جل وعز قد أخبر عنهم أنه كتب لهم الأرض المقدسة، ولم يخبرنا عنهم أنه ردهم إلى مصر بعد إخراجه إياهم منها , فيجوز لنا أن نقرأ: " اهبطوا مصر " , ونتأوله أنه ردهم إليها .قالوا: فإن احتج محتج بقول الله جل ثناؤه: فَأَخْرَجْنَاهُمْ مِنْ جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ * وَكُنُوزٍ وَمَقَامٍ كَرِيمٍ * كَذَلِكَ وَأَوْرَثْنَاهَا بَنِي إِسْرَائِيلَ [ الشعراء: 57-59] قيل لهم: (58) فإن الله جل ثناؤه إنما أورثهم ذلك، فملكهم إياها ولم يردهم إليها , وجعل مساكنهم الشأم .* * *وأما الذين قالوا: إن الله إنما عنى بقوله جل وعز: (اهبطوا مصرَ) مصرَ ؛ فإن من حجتهم التي احتجوا بها الآية التي قال فيها: فَأَخْرَجْنَاهُمْ مِنْ جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ * وَكُنُوزٍ وَمَقَامٍ كَرِيمٍ * كَذَلِكَ وَأَوْرَثْنَاهَا بَنِي إِسْرَائِيلَ [ الشعراء: 57-59] وقوله: كَمْ تَرَكُوا مِنْ جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ * وَزُرُوعٍ وَمَقَامٍ كَرِيمٍ * وَنَعْمَةٍ كَانُوا فِيهَا فَاكِهِينَ * كَذَلِكَ وَأَوْرَثْنَاهَا قَوْمًا آخَرِينَ [ الدخان: 25-28]، قالوا: فأخبر الله جل ثناؤه أنه قد ورثهم ذلك وجعلها لهم , فلم يكونوا يرثونها ثم لا ينتفعون بها . قالوا: ولا يكونون منتفعين بها إلا بمصير بعضهم إليها , وإلا فلا وجه للانتفاع بها، إن لم يصيروا، أو يصر بعضهم إليها . قالوا: (59) وأخرى، أنها في قراءة أبي بن كعب وعبد الله بن مسعود: " اهبطوا مصر " بغير ألف . قالوا: ففي ذلك الدلالة البينة أنها " مصر " بعينها .* * *قال أبوجعفر: والذي نقول به في ذلك أنه لا دلالة في كتاب الله على الصواب من هذين التأويلين , ولا خبر به عن الرسول صلى الله عليه وسلم يقطع مجيئه العذر. وأهل التأويل متنازعون تأويله ، فأولى الأقوال في ذلك عندنا بالصواب أن يقال: (60) إن موسى سأل ربه أن يعطي قومه ما سألوه من نبات الأرض - على ما بينه الله جل وعز في كتابه - وهم في الأرض تائهون , فاستجاب الله لموسى دعاءه , وأمره أن يهبط بمن معه من قومه &; 2-136 &; قرارا من الأرض التي تنبت لهم ما سأل لهم من ذلك , إذ كان الذي سألوه لا تنبته إلا القرى والأمصار، وأنه قد أعطاهم ذلك إذ صاروا إليه. وجائز أن يكون ذلك القرار " مصر "، وجائز أن يكون " الشأم " .فأما القراءة فإنها بالألف والتنوين: (اهبطوا مصرا) وهي القراءة التي لا يجوز عندي غيرها، لاجتماع خطوط مصاحف المسلمين , واتفاق قراءة القَرَأَة على ذلك . ولم يقرأ بترك التنوين فيه وإسقاط الألف منه، إلا من لا يجوز الاعتراض به على الحجة، (61) فيما جاءت به من القراءة مستفيضا بينهما.* * *القول في تأويل قوله تعالى : وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ وَالْمَسْكَنَةُقال أبو جعفر: يعنى بقوله: (وضربت) أي فرضت . ووضعت عليهم الذلة وألزموها . من قول القائل: " ضرب الإمام الجزية على أهل الذمة " و " ضرب الرجل على عبده الخراج " يعني بذلك وضعه فألزمه إياه , ومن قولهم: " ضرب الأمير على الجيش البعث " , يراد به: ألزمهموه . (62)* * *وأما " الذلة " فهي" الفعلة " من قول القائل: ذل فلان يذل ذلا وذلة ، ك " الصغرة " من " صغُر الأمر " , و " القِعدة " من " قعد ". (63)و " الذلة " هي الصغار الذي أمر الله جل ثناؤه عباده المؤمنين أن لا يعطوهم أمانا على القرار على ما هم عليه من كفرهم به وبرسوله - إلا أن يبذلوا الجزية عليه لهم , فقال عز وجل: قَاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلا بِالْيَوْمِ الآخِرِ وَلا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ &; 2-137 &; [ التوبة: 29] كما:-1088 - حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر , عن الحسن وقتادة في قوله: (وضربت عليهم الذلة)، قالا يعطون الجزية عن يد وهم صاغرون .* * *وأما " المسكنة " فإنها مصدر " المسكين " . يقال: " ما فيهم أسكن من فلان " (64) و " ما كان مسكينا " و " لقد تمسكن مسكنة ". ومن العرب من يقول: " تمسكن تمسكنا ". و " المسكنة " في هذا الموضع مسكنة الفاقة والحاجة , وهي خشوعها وذلها ، كما:-1089 - حدثني به المثنى بن إبراهيم قال، حدثنا آدم قال، حدثنا أبو جعفر , عن الربيع , عن أبي العالية في قوله: (والمسكنة) قال: الفاقة.1090 - حدثني موسى قال، حدثنا عمرو بن حماد قال، حدثنا أسباط , عن السدي قوله: (وضربت عليهم الذلة والمسكنة)، قال: الفقر.1091 - وحدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد في قوله: (وضربت عليهم الذلة والمسكنة)، قال: هؤلاء يهود بني إسرائيل . قلت له: هم قبط مصر؟ قال: وما لقبط مصر وهذا، لا والله ما هم هم , ولكنهم اليهود، يهود بني إسرائيل.* * *فأخبرهم الله جل ثناؤه أنه يبدلهم بالعز ذلا وبالنعمة بؤسا , وبالرضا عنهم غضبا , جزاء منه لهم على كفرهم بآياته، وقتلهم أنبياءه ورسله، اعتداء وظلما منهم بغير حق , وعصيانهم له , وخلافا عليه .* * *القول في تأويل قوله تعالى : وَبَاءُوا بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِقال أبو جعفر: يعني بقوله: (وباءوا بغضب من الله)، انصرفوا ورجعوا . ولا يقال " باؤوا " إلا موصولا إما بخير، وإما بشر . يقال منه: " باء فلان بذنبه يبوء به بوءا وبواء " . ومنه قول الله عز وجل إِنِّي أُرِيدُ أَنْ تَبُوءَ بِإِثْمِي وَإِثْمِكَ [ المائدة : 29] يعني: تنصرف متحملهما وترجع بهما، قد صارا عليك دوني .* * *فمعنى الكلام إذا: ورجعوا منصرفين متحملين غضب الله , قد صار عليهم من الله غضب , ووجب عليهم منه سخط . كما:-1092 - حُدثت عن عمار بن الحسن قال، حدثنا ابن أبي جعفر , عن أبيه , عن الربيع في قوله: (وباؤوا بغضب من الله) فحدث عليهم غضب من الله .1093 - حدثنا يحيى بن أبي طالب قال، أخبرنا يزيد قال، أخبرنا جويبر , عن الضحاك في قوله: (وباؤوا بغضب من الله) قال: استحقوا الغضب من الله .* * *وقدمنا معنى غضب الله على عبده فيما مضى من كتابنا هذا , فأغنى عن إعادته في هذا الموضع . (65)* * *&; 2-139 &;القول في تأويل قوله تعالى : ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُوا يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ الْحَقِّقال أبو جعفر: يعني بقوله جل ثناؤه: " ذلك " ضرب الذلة والمسكنة عليهم , وإحلاله غضبه بهم . فدل بقوله: " ذلك " - وهي يعني به ما وصفنا - على أن قول القائل: " ذلك " يشمل المعاني الكثيرة إذا أشير به إليها.* * *ويعني بقوله: (بأنهم كانوا يكفرون) ، من أجل أنهم كانوا يكفرون . يقول: فعلنا بهم -من إحلال الذل والمسكنة والسخط بهم- من أجل أنهم كانوا يكفرون بآيات الله ويقتلون النبيين بغير الحق , كما قال أعشى بني ثعلبة:مليكيةٌ جَاوَرَتْ بالحجاز قوما عداة وأرضا شطيرا (66)بما قد تَرَبَّع روض القطاوروض التناضِب حتى تصيرا (67)يعني بذلك: جاورت بهذا المكان، هذه المرأة، قوما عداة وأرضا بعيدة من أهله - لمكان قربها كان منه ومن قومه وبلده - (68) من تربعها روض القطا وروض التناضب . فكذلك قوله: (وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ وَالْمَسْكَنَةُ وَبَاءُوا بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُوا يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ) يقول: كان ذلك منا بكفرهم بآياتنا , وجزاء لهم بقتلهم أنبياءنا .* * *وقد بينا فيما مضى من كتابنا أن معنى " الكفر ": تغطية الشيء وستره، (69) وأن "آيات الله " حججه وأعلامه وأدلته على توحيده وصدق رسله . (70)فمعنى الكلام إذا: فعلنا بهم ذلك، من أجل أنهم كانوا يجحدون حجج الله على توحيده وتصديق رسله، ويدفعون حقيتها , ويكذبون بها.* * *ويعني بقوله: (ويقتلون النبيين بغير الحق) : ويقتلون رسل الله الذين ابتعثهم -لإنباء ما أرسلهم به عنه- لمن أرسلوا إليه.* * *وهم جماع، وأحدهم " نبي" , غير مهموز , وأصله الهمز , لأنه من " أنبأ عن الله فهو ينبئ عنه إنباء "، وإنما الاسم منه،" منبئ" ولكنه صرف وهو " مفعل " إلى " فعيل " , كما صرف " سميع " إلى " فعيل " من " مسمع " , و " بصير " من " مبصر " , وأشباه ذلك , (71) وأبدل مكان الهمزة من " النبيء " الياء , فقيل: " نبي" . هذا ويجمع " النبي" أيضا على " أنبياء " , وإنما جمعوه كذلك، لإلحاقهم " النبيء "، بإبدال الهمزة منه ياء، بالنعوت التي تأتي على تقدير " فعيل " من ذوات الياء والواو . وذلك أنهم إذا جمعوا ما كان من النعوت على تقدير " فعيل " من ذوات الياء والواو، جمعوه على " أفعلاء " كقولهم: " ولي وأولياء " ، و " وصي وأوصياء " &; 2-141 &; ، و " دعى وأدعياء " . ولو جمعوه على أصله الذي هو أصله ، وعلى أن الواحد " نبيء " مهموز، لجمعوه على " فعلاء " , فقيل لهم " النبآء " , على مثال " النبهاء " , (72) لأن ذلك جمع ما كان على فعيل من غير ذوات الياء والواو من النعوت، كجمعهم الشريك شركاء , والعليم علماء ، والحكيم حكماء , وما أشبه ذلك . وقد حكي سماعا من العرب في جمع " النبي"" النبآء " , وذلك من لغة الذين يهمزون " النبيء " , ثم يجمعونه على " النبآء " - على ما قد بينت . ومن ذلك قول عباس بن مرداس في مدح النبي صلى الله عليه وسلم .يا خاتم النبآء إنك مرسلبالخير كلُّ هدى السبيل هداكا (73)فقال : " يا خاتم النبآء " , على أن واحدهم " نبيء " مهموز . وقد قال بعضهم: (74) " النبي" و " النبوة " غير مهموز ، لأنهما مأخوذان من " النَّبْوَة " , وهي مثل " النَّجْوَة " , وهو المكان المرتفع ، وكان يقول: إن أصل " النبي" الطريق , ويستشهد على ذلك ببيت القطامي:لما وردن نَبِيَّا واستَتَبّ بهامُسْحَنْفِر كخطوط السَّيْح مُنْسَحِل (75)&; 2-142 &;يقول: إنما سمى الطريق " نبيا " , لأنه ظاهر مستبين، من " النَّبوة " . ويقول: لم أسمع أحدا يهمز " النبي" . قال . وقد ذكرنا ما في ذلك، وبينا ما فيه الكفاية إن شاء الله.* * *ويعني بقوله: (ويقتلون النبيين بغير الحق ) ، أنهم كانوا يقتلون رسل الله، بغير إذن الله لهم بقتلهم، منكرين رسالتهم، جاحدين نبوتهم.* * *القول في تأويل قوله تعالى ذكره ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ (61)وقوله: (ذلك)، رد على ذَلِكَ الأولى. ومعنى الكلام: وضربت عليهم الذلة والمسكنة, وباؤوا بغضب من الله من أجل كفرهم بآيات الله, وقتلهم النبيين بغير الحق, من أجل عصيانهم ربهم , واعتدائهم حدوده، فقال جل ثناؤه.(ذلك بما عصوا)، والمعنى: ذلك بعصيانهم وكفرهم معتدين.* * *و " الاعتداء "، تجاوز الحد الذي حده الله لعباده إلى غيره. وكل متجاوز حد شيء إلى غيره فقد تعداه إلى ما جاوز إليه. ومعنى الكلام: فعلت بهم ما فعلت من ذلك، بما عصوا أمري, وتجاوزوا حدي إلى ما نهيتهم عنه.* * *---------------------------الهوامش :(46) انظر ما مضى في هذا الجزء 2 : 11(47) في المطبوعة : "على ما وصفنا من أمر من ذكرنا" ، و"ذكرنا" زائدة ولا شك ، كما تبين من سياق كلامه السالف والآتي .(48) الحديث : 1075 - مسلم الجرمي : سبق أن رجحنا في : 154 ، 649 ، 846 أنه"الجرمي" بالجيم . وقد ثبت هنا في المطبوعة بالجيم على ما رجحنا . رشدين - بكسر الراء وسكون الشين المعجمعة وكسر الدال المهملة - بن كريب : ضعيف ، بينا القول في ضعفه في شرح المسند : 2571 . وأبوه ، كريب بن أبي مسلم : تابعي ثقة .(49) الحديث: 1076 - عبد الرحمن بن عبد الحكم المصري: ثقة، كان من أهل الحديث عالما بالتواريخ، صنف تاريخ مصر وغيره، كما في التهذيب، مات سنة 257. وهو مؤلف كتاب (فتوح مصر) المطبوع في أوربة. شيخه عبد العزيز بن منصور: لم أجد له ذكرا فيما بين يدي من المراجع، إلا في فتوح مصر، ص 40 س 7 - 8 قال ابن عبد الحكم هناك:"حدثنا عبد العزيز بن منصور اليحصبى، عن عاصم بن حكيم.." وشيخه، نافع: هو نافع بن عبد الرحمن بن أبي نعيم المدني، أحد القراء السبعة المعروفين وهو لم يدرك ابن عباس، إنما يروي عن التابعين، وله ترجمة في التهذيب، والكبير للبخاري 4 / 2 / 8، وابن أبي حاتم 4 / 1 /456 - 457، وتاريخ إصبهان لأبي نعيم 2: 326 - 327.والبيت في اللسان (فوم)، ونسبه لأبي محجن الثقفي، أنشده الأخفش له، وروايته:قد كنت أحسبني كأغنى واحدنزل المدينة . . .وفي الروض الأنف 2 : 45 نسبه لأحيحة ، أو لأبي محجن ، ورواه"سكن المدينة" .(50) انظر معاني القرآن للفراء 1 : 41(51) هذا كله من قول الفراء في معاني القرآن 1 : 42 . وكان في المطبوعة"ما كنت دنيا" ، والصواب ما أثبته من كتاب الفراء .(52) الذي سمع هذا هو الفراء . انظر معاني القرآن له 1 : 42 ، والطبري يجهله دائما(53) ديوانه : 108 ، وروايته"إلى جانبه الظاهر" . يصف حصنا . قال قبل :في مجدل شيد بنيانهيزل عنه ظفر الطائريجمع خضراء لها سورةتعصف بالدارع والحاسرباسلة الوقع . . . . . .. . . . . . . . . . . . . . . . . . .والضمير في قوله:"سرابيلها" راجع إلى"خضراء" يقال: كتيبة خضراء، وهي التي غلب عليها لبس الحديد وعلاها سواده، والخضرة سواد عندهم. والسرابيل هنا: الدروع، جمع سربال: وهو كل ما لبس كالدرع وغيره. وقال الفراء:"يعني الدروع على خاصتها - يعني الكتيبة - إلى الخسيس منها". كأنه أراد: يلبسون الدروع من شريف إلى خسيس. وأما رواية الديوان: فالضمير في"جانبه"، راجع إلى"المجدل" وهي أبين الروايتين معنى وأصحهما.(54) في معاني الفراء زيادة بين قوسين من بعض النسخ : [إذا كان ماجنا](55) انظر ما مضى 1 : 534 .(56) في المطبوعة : "الفراء" ، ورددناها إلى الذي جرى عليه لفظ الطبري فيما سلف ، في كل المواضع التي جروا على تبديلها من"قرأة" ، إلى"قراء" .(57) انظر ما قاله الفراء في معاني القرآن 1 : 42 - 43 .(58) في المطبوعة : "قيل لهم" ، وهو خطأ . والضمير في"له" راجع إلى قوله : "فإن احتج محتج" .(59) قوله : "وأخرى" ، أي وحجة أخرى . وانظر معاني القرآن للفراء 1 : 43(60) في المطبوعة : "عندنا والصواب" ، وهو سهو ناسخ .(61) الحجة هنا : الذين يحتج بهم .(62) البعث : بعث الجند إلى الغزو .(63) لم أجد فيما بين يدي من الكتب من نص على صِغرة فرة" و"قعدة" مصدر على فعلة مثل : نشد الدابة نِشدة ، ليس للهيئة ، وإن وافقها في الوزن .(64) قاله أبو عبيدة في مجاز القرآن : 42 ، وفسره فقال : "أي أفقر منه" .(65) انظر ما سلف 1 : 188 - 189 .(66) ديوانه : 67 . مليكية ، منسوبة إلى"المليك" : وهو الملك ، يعني من نبات الملوك . العداة ، جمع عاد ، وهو العدو . الشطير : البعيد ، والغريب ، أراد أنها في أرض مجهولة . وذكره الأرض في هذا البيت . يعني أنها نزلت ديار قوم نشبت العداوة بيننا وبينهم ، في غربة بعيدة . فصرت لا أقدر عليها .(67) قوله"بما" بمعنى بسبب تربعها وتربع القوم المكان وارتبعوه : أقاموا فيه في زمن الربيع . وروض القطا ، من أشهر رياض العرب ، في أرض الحجاز . وروض التناضب أيضًا بالحجاز عند سرف . وقوله : "حتى تصيرا" ، من قولهم صار الرجل يصير فهو صائر : إذا حضر الماء ، والقوم الذين يحضرون الماء يقال لهم : الصائرة . والصير (بكسر الصاد) الماء الذي يحضره الناس . يقول : اغتربت في غير قومها ، لما دفعها إلى ذلك طلب الربيع والخصب ومساقط الماء في البلاد .(68) كانت هذه الجملة في المخطوطات والمطبوعة هكذا : "وأرضا بعيدة من أهله بمكان قربها كان منه ومن قومه وبدلا من تربعها . . " ، وهو كلام لا معنى له . وقد جعلت"بمكان" ، "لمكان" و"بدلا" ، "بلده" . فصار لها معنى تطمئن إليه النفس والجملة بين الخطين اعتراض ، وتفسير لقوله : " أرضا بعيدة من أهله" .(69) انظر ما سلف 1 : 255 .(70) انظر ما سلف 1 : 552 .(71) كان في المطبوعة : "مفعل" مكان"مسمع" . وليس يعني بقوله"سميع" ، صفة الله عز وجل ، بل يعني ما جاء في شعر عمرو بن معد يكرب . أَمِنْ رَيْحَانَةَ الدَّاعِي السَّمِيعُ ?يُؤَرِّقُنِي وَأَصْحَابِي هُجُوعُأي: الداعي المسمع. وانظر ما سلف 1: 283 .(72) في المطبعة : "النبعاء" وفي المخطوطات"النبآء" .(73) من أبيات له في سيرة ابن هشام 4 : 103 وغيرها . والضمير الفاعل في قول"هداكا" ، لله سبحانه وتعالى ، دل عليه ما في قوله"إنك مرسل بالخير" ، فإن الله هو الذي أرسله . وهو مضبوط في أكثر الكتب"كل" بالرفع ، و"هدى" ، و"هداكا" بضم الهاء .(74) كأنه يريد الكسائي (البحر المحيط 1 : 220) . ووجدت في معجم البلدان 8 : 249"وقال أبو بكر بن الأنباري في"الزاهر" في قول القطامي . . إن النبي في هذا البيت هو الطريق" ، وليس يعنيه أبو جعفر ، فإن أبا بكر قد ولد سنة 271 وتوفى 328 . وقد رد هذا القول أبو القاسم الزجاج - فيما نقل ياقوت - فقال : "كيف يكون ذلك من أسماء الطريق ، وهو يقول : "لما وردن نبيا" ، وقد كانت قبل وروده على الطريق؟ فكأنه قال : "لما وردن طريقا" ، وهذا لا معنى له ، إلا أن يكون أراد طريقا بعينه في مكان مخصوص ، فيرجع إلى أنه اسم مكان بعينه ، قيل : هو رمل بعينه ، وقيل : هو اسم جبل" . وانظر تحقيق ذلك في معجم البلدان ، ومعجم ما استعجم ، وغيرهما .(75) ديوان : 4 ، في قصيدته الجيدة المشهورة ، والضمير في"وردن" للإبل ذكرها قبل . وروايته"واستتب بنا" . نبي كثيب رمل مرتفع في ديار بني تغلب ، ذكره القطامي في كثير من شعره . واستتب الأمر والطريق : استوى واستقام وتبين واطراد وامتد . مسحنفر ، صفة للطريق : واسع ممتد ذاهب بين . والسبح : ضرب من البرود أو العباء مخطط ، يلبس ، أو يستتر به ويفرش . شبه آثار السير عليها بخطوط البرد . وسجلت الريح الأرض فانسحلت : كشطت ما عليها . ووصف الطريق بذلك ، لأنه قد استتب بالسير وصار لاحبا واضحا .
اِنَّ الَّذِیْنَ اٰمَنُوْا وَ الَّذِیْنَ هَادُوْا وَ النَّصٰرٰى وَ الصّٰبِـٕیْنَ مَنْ اٰمَنَ بِاللّٰهِ وَ الْیَوْمِ الْاٰخِرِ وَ عَمِلَ صَالِحًا فَلَهُمْ اَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْۚ-وَ لَا خَوْفٌ عَلَیْهِمْ وَ لَا هُمْ یَحْزَنُوْنَ(۶۲)
بیشک ایمان والے نیز یہودیوں اور نصرانیوں اور ستارہ پرستوں میں سے وہ کہ سچے دل سے اللہ اور پچھلے دن پر ایمان لائیں اور نیک کام کریں ان کا ثواب ان کے رب کے پاس ہے اور نہ انہیں کچھ اندیشہ ہو اور نہ کچھ غم(ف۱۱۰)
القول في تأويل قوله تعالى : إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُواقال أبو جعفر: أما " الذين آمنوا "، فهم المصدقون رسول الله فيما أتاهم به من الحق من عند الله, وإيمانهم بذلك، تصديقهم به - على ما قد بيناه فيما مضى من كتابنا هذا. (1)* * *وأما " الذين هادوا ", فهم اليهود. ومعنى: " هادوا "، تابوا. يقال منه: " هاد القوم يهودون هودا وهادة " . (2) وقيل: إنما سميت اليهود " يهود "، من أجل قولهم: إِنَّا هُدْنَا إِلَيْكَ . [سورة الأعراف: 156].1094 - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج, عن ابن جريج قال: إنما سميت اليهود من أجل أنهم قالوا: إِنَّا هُدْنَا إِلَيْكَ .* * *القول في تأويل قوله عز وجل : وَالنَّصَارَىقال أبو جعفر: و " النصارى " جمع, واحدهم نصران, كما واحد السكارى سكران, وواحد النشاوى نشوان. وكذلك جمع كل نعت كان واحده على " فعلان " فإن جمعه على " فعالى ". إلا أن المستفيض من كلام العرب في واحد " النصارى "" نصراني". وقد حكى عنهم سماعا " نصران " بطرح الياء, ومنه قول الشاعر:تراه إذا زار العشي مُحَنِّفًاويضحي لديه وهو نصران شامس (3)وسمع منهم في الأنثى : " نصرانة ", قال الشاعر : (4)فَكِلْتَاهُمَا خَرَّتْ وَأَسْجَدَ رَأْسُهَاكَمَا سَجَدَتْ نَصْرَانَةٌ لَمْ تَحَنَّفِ (5)يقال: أسجد، إذا مال. (6) وقد سمع في جمعهم " أنصار "، بمعنى النصارى. قال الشاعر:لَمَّا رَأَيْتُ نَبَطًا أَنْصَارَاشَمَّرْتُ عَنْ رُكْبَتِيَ الإِزَارَاكُنْتُ لَهُمْ مِنَ النَّصَارَى جَارَا (7)وهذه الأبيات التي ذكرتها، تدل على أنهم سموا " نصارى " لنصرة بعضهم بعضا، وتناصرهم بينهم. وقد قيل إنهم سموا " نصارى "، من أجل أنهم نزلوا أرضا يقال لها " ناصرة ".&; 2-145 &;1095 - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج, عن ابن جريج: " النصارى " إنما سموا نصارى من أجل أنهم نزلوا أرضا يقال لها " ناصرة ".* * *ويقول آخرون: لقوله: مَنْ أَنْصَارِي إِلَى اللَّهِ [سورة الصف: 14].* * *وقد ذكر عن ابن عباس من طريق غير مرتضًى أنه كان يقول: إنما سميت النصارى نصارى, لأن قرية عيسى ابن مريم كانت تسمى " ناصرة ", وكان أصحابه يسمون الناصريين, وكان يقال لعيسى: " الناصري".1096 - حدثت بذلك عن هشام بن محمد, عن أبيه, عن أبي صالح, عن ابن عباس.1096 - حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد, عن قتادة قال: إنما سموا نصارى، لأنهم كانوا بقرية يقال لها ناصرة ينزلها عيسى ابن مريم, فهو اسم تسموا به، ولم يؤمروا به.1098 - حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر, عن قتادة في قوله: الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى [ المائدة: 14] قال: تسموا بقرية يقال لها " ناصرة ", كان عيسى ابن مريم ينزلها.* * *القول في تأويل قوله تعالى : وَالصَّابِئِينَقال أبو جعفر: و " الصابئون " جمع " صابئ", وهو المستحدث سوى دينه دينا, كالمرتد من أهل الإسلام عن دينه. وكل خارج من دين كان عليه إلى آخر غيره، تسميه العرب: " صابئا ". يقال منه: " صبأ فلان يصبأ صبْأ ". ويقال: " صبأت النجوم ": إذا طلعت." وصبأ علينا فلان موضع كذا وكذا ", يعني به: طلع.* * *واختلف أهل التأويل فيمن يلزمه هذا الاسم من أهل الملل. فقال بعضهم: يلزم ذلك كل من خرج من دين إلى غير دين. وقالوا: الذين عنى الله بهذا الاسم، قوم لا دين لهم* ذكر من قال ذلك:1099 - حدثنا محمد بن بشار قال، حدثنا عبد الرحمن بن مهدي.1100 - وحدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق جميعا, عن سفيان, عن ليث, عن مجاهد قال: الصابئون ليسوا بيهود ولا نصارى، ولا دين لهم.1101 - حدثنا ابن بشار قال، حدثنا عبد الرحمن قال، حدثنا سفيان, عن الحجاج بن أرطاة, عن القاسم بن أبي بزة, عن مجاهد مثله.1102 - حدثنا ابن حميد قال، حدثنا حكام, عن عنبسة, عن الحجاج, عن مجاهد قال: الصابئون بين المجوس واليهود، لا تؤكل ذبائحهم، ولا تنكح نساؤهم.1103 - حدثنا ابن حميد قال، حدثنا حكام, عن عنبسة, عن حجاج, عن قتادة, عن الحسن مثل ذلك.1104 - حدثنا محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى, عن ابن أبي نجيح: " الصابئين " بين اليهود والمجوس لا دين لهم.1105 - حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد مثله.1106 - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج قال، قال ابن جريج: قال مجاهد: " الصابئين " بين المجوس واليهود, لا دين لهم. قال ابن جريج: قلت لعطاء: " الصابئين " زعموا أنها قبيلة من نحو السواد، (8) ليسوا بمجوس ولا يهود ولا نصارى. قال: قد سمعنا ذلك, وقد قال المشركون للنبي: قد صبأ.&; 2-147 &;1107 - وحدثني يونس بن عبد الأعلى قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد في قوله: " والصابئين " قال: الصابئون، [أهل] دين من الأديان كانوا بجزيرة الموصل (9) يقولون: لا إله إلا الله, وليس لهم عمل ولا كتاب ولا نبي، إلا قول لا إله إلا الله. قال: ولم يؤمنوا برسول الله, فمن أجل ذلك كان المشركون يقولون للنبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه: " هؤلاء الصابئون "، يشبهونهم بهم.* * *وقال آخرون: هم قوم يعيدون الملائكة ويصلون إلى القبلة* ذكر من قال ذلك:1108 - حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال، حدثنا المعتمر بن سليمان, عن أبيه, عن الحسن قال: حدثني زياد (10) أن الصابئين يصلون إلى القبلة، ويصلون الخمس. قال: فأراد أن يضع عنهم الجزية. قال: فخبر بعد أنهم يعبدون الملائكة.1109 - وحدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد, عن قتادة قوله: (والصابئين) قال: الصابئون قوم يعبدون الملائكة, يصلون إلى القبلة, ويقرءون الزبور.1110 - حدثني المثنى قال، حدثنا آدم, حدثنا أبو جعفر, عن الربيع, عن أبي العالية قال: الصابئون فرقة من أهل الكتاب يقرءون الزبور. قال أبو جعفر الرازي: وبلغني أيضا أن الصابئين قوم يعبدون الملائكة, ويقرءون الزبور, ويصلون إلى القبلة.* * *وقال آخرون: بل هم طائفة من أهل الكتاب* ذكر من قال ذلك:1111 - حدثنا سفيان بن وكيع قال، حدثنا أبي ، عن سفيان قال: سئل السدي عن الصابئين، فقال: هم طائفة من أهل الكتاب.* * *القول في تأويل قوله تعالى ذكره مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْقال أبو جعفر: يعني بقوله: (من آمن بالله واليوم الآخر)، من صدق وأقر بالبعث بعد الممات يوم القيامة، وعمل صالحا فأطاع الله, فلهم أجرهم عند ربهم. يعني بقوله: (فلهم أجرهم عند ربهم)، فلهم ثواب عملهم الصالح عند ربهم.* * *فإن قال لنا قائل: فأين تمام قوله: إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ ؟قيل: تمامه جملة قوله: (من آمن بالله واليوم الآخر). لأن معناه: من آمن منهم بالله واليوم الآخر، فترك ذكر " منهم " لدلالة الكلام عليه، استغناء بما ذكر عما ترك ذكره.فإن قال: وما معنى هذا الكلام؟قيل: إن معناه: إن الذين آمنوا والذين هادوا والنصارى والصابئين، من يؤمن بالله واليوم الآخر، فلهم أجرهم عند ربهم.فإن قال: وكيف يؤمن المؤمن؟قيل: ليس المعنى في المؤمن المعنى الذي ظننته، من انتقال من دين إلى دين، كانتقال اليهودي والنصراني إلى الإيمان = وإن كان قد قيل إن الذين عنوا بذلك، من كان من أهل الكتاب على إيمانه بعيسى وبما جاء به, حتى أدرك محمدا صلى الله عليه وسلم فآمن به وصدقه, فقيل لأولئك الذين كانوا مؤمنين بعيسى وبما جاء به، إذ أدركوا محمدا صلى الله عليه وسلم: آمنوا بمحمد وبما جاء به = ولكن معنى إيمان المؤمن في هذا الموضع، ثباته على إيمانه وتركه تبديله. وأما إيمان اليهود والنصارى والصابئين, فالتصديق بمحمد صلى الله عليه وسلم وبما جاء به, فمن يؤمن منهم بمحمد, وبما جاء به واليوم الآخر, ويعمل صالحا, فلم يبدل ولم يغير حتى توفي على ذلك, فله ثواب عمله وأجره عند ربه, كما وصف جل ثناؤه.فإن قال قائل: وكيف قال: " فلهم أجرهم عند ربهم "، وإنما لفظه " من " لفظ واحد, والفعل معه موحد؟قيل: " من "، وإن كان الذي يليه من الفعل موحدا, فإن معنى الواحد والاثنين والجمع، والتذكير والتأنيث, لأنه في كل هذه الأحوال على هيئة واحدة وصورة واحدة لا يتغير. فالعرب توحد معه الفعل - وإن كان في معنى جمع - للفظه ، وتجمع أخرى معه الفعل لمعناه, كما قال جل ثناؤه: وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُونَ إِلَيْكَ أَفَأَنْتَ تُسْمِعُ الصُّمَّ وَلَوْ كَانُوا لا يَعْقِلُونَ * وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْظُرُ إِلَيْكَ أَفَأَنْتَ تَهْدِي الْعُمْيَ وَلَوْ كَانُوا لا يُبْصِرُونَ [ يونس: 42-43]. فجمع مرة مع " من " الفعل لمعناه, ووحد أخرى معه الفعل لأنه في لفظ الواحد, كما قال الشاعر:ألما بسلمى عنكما إن عرضتما,وقولا لها: عوجي على من تخلفوا (11)فقال: " تخلفوا ", وجعل " من " بمنزلة " الذين "، وقال الفرزدق:تعال فإن عاهدتني لا تخوننينكن مثل من يا ذئب يصطحبان (12)فثنى " يصطحبان " لمعنى " من ". فكذلك قوله: (من آمن بالله واليوم الآخر وعمل صالحا فلهم أجرهم عند ربهم)، وحد "آمن وعمل صالحا " للفظ " من ", وجمع ذكرهم في قوله: (فلهم أجرهم)، لمعناه, لأنه في معنى جمع.* * *وأما قوله : وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ (62)فإنه يعني به جل ذكره: ولا خوف عليهم فيما قدموا عليه من أهوال القيامة, ولا هم يحزنون على ما خلفوا وراءهم من الدنيا وعيشها، عند معاينتهم ما أعد الله لهم من الثواب والنعيم المقيم عنده.* * ** ذكر من قال عُني بقوله: مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ ، مؤمنو أهل الكتاب الذين أدركوا رسول الله صلى الله عليه وسلم:1112 - حدثني موسى بن هارون قال، حدثنا عمرو قال، حدثنا أسباط بن نصر, عن السدي: إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا الآية, قال: نزلت هذه الآية في أصحاب سلمان الفارسي. وكان سلمان من جُنْدَيسابور, وكان من أشرافهم, وكان ابن الملك صديقا له مؤاخيا, لا يقضي واحد منهم أمرا دون صاحبه, وكانا يركبان إلى الصيد جميعا. فبينما هما في الصيد، إذ رفع لهما بيت من عباء, (13) فأتياه فإذا هما فيه برجل بين يديه مصحف يقرأ فيه &; 2-151 &; وهو يبكي. فسألاه: ما هذا؟ فقال: الذي يريد أن يعلم هذا لا يقف موقفكما, فإن كنتما تريدان أن تعلما ما فيه فانزلا حتى أعلمكما. فنزلا إليه, فقال لهما: هذا كتاب جاء من عند الله, أمر فيه بطاعته ونهى عن معصيته, فيه: أن لا تزني, ولا تسرق, ولا تأخذ أموال الناس بالباطل. فقص عليهما ما فيه, وهو الإنجيل الذي أنزله الله على عيسى. فوقع في قلوبهما، وتابعاه فأسلما. وقال لهما: إن ذبيحة قومكما عليكما حرام.فلم يزالا معه كذلك يتعلمان منه, حتى كان عيد للملك, فجعل طعاما, (14) ثم جمع الناس والأشراف, وأرسل إلى ابن الملك فدعاه إلى صنيعه ليأكل مع الناس. فأبى الفتى، وقال: إني عنك مشغول, فكل أنت وأصحابك. فلما أكثر عليه من الرسل, أخبرهم أنه لا يأكل من طعامهم. فبعث الملك إلى ابنه فدعاه. وقال: ما أمرك هذا؟ قال: إنا لا نأكل من ذبائحكم, إنكم كفار، ليس تحل ذبائحكم. فقال له الملك: من أمرك بهذا؟ فأخبره أن الراهب أمره بذلك. فدعا الراهب فقال: ماذا يقول ابني؟ قال: صدق ابنك. قال له: لولا أن الدم فينا عظيم لقتلتك, ولكن اخرج من أرضنا. فأجله أجلا. فقال سلمان: فقمنا نبكي عليه, فقال لهما: إن كنتما صادقين, فإنا في بِيعة بالموصل مع ستين رجلا نعبد الله فيها, فأتونا فيها.فخرج الراهب, وبقي سلمان وابن الملك: فجعل يقول لابن الملك: انطلق بنا! وابن الملك يقول: نعم. وجعل ابن الملك يبيع متاعه يريد الجهاز. فلما أبطأ على سلمان, خرج سلمان حتى أتاهم, فنزل على صاحبه، وهو رب البيعة. &; 2-152 &; وكان أهل تلك البيعة من أفضل الرهبان, (15) فكان سلمان: معهم يجتهد في العبادة ويتعب نفسه, فقال له الشيخ: إنك غلام حدث تتكلف من العبادة ما لا تطيق, وأنا خائف أن تفتر وتعجز, فارفق بنفسك وخفف عليها. فقال له سلمان: أرأيت الذي تأمرني به، أهو أفضل أو الذي أصنع؟ قال: بل الذي تصنع. قال: فخل عني.ثم إن صاحب البيعة دعاه فقال: أتعلم أن هذه البيعة لي, وأنا أحق الناس بها, ولو شئت أن أخرج هؤلاء منها لفعلت! ولكني رجل أضعُف عن عبادة هؤلاء, وأنا أريد أن أتحول من هذه البيعة إلى بيعة أخرى هم أهون عبادة من هؤلاء, فإن شئت أن تقيم ههنا فأقم, وإن شئت أن تنطلق معي فانطلق. قال له سلمان: أي البيعتين أفضل أهلا؟ قال: هذه. قال سلمان: فأنا أكون في هذه. فأقام سلمان بها وأوصى صاحب البيعة عالم البيعة بسلمان, فكان سلمان يتعبد معهم.ثم إن الشيخ العالم أراد أن يأتي بيت المقدس, فقال لسلمان: إن أردت أن تنطلق معي فانطلق, وإن شئت أن تقيم فأقم. فقال له سلمان: أيهما أفضل، أنطلق معك أم أقيم؟ قال: لا بل تنطلق معي. فانطلق معه. فمروا بمقعد على ظهر الطريق ملقى, فلما رآهما نادى: يا سيد الرهبان، ارحمني يرحمك الله! فلم يكلمه ولم ينظر إليه. وانطلقا حتى أتيا بيت المقدس, فقال الشيخ لسلمان: اخرج فاطلب العلم، فإنه يحضر هذا المسجد علماء أهل الأرض. فخرج سلمان يسمع منهم, فرجع يوما حزينا, فقال له الشيخ: ما لك يا سلمان؟ قال: أرى الخير كله قد ذهب به من كان قبلنا من الأنبياء وأتباعهم! فقال له الشيخ: يا سلمان لا تحزن, فإنه قد بقي نبي ليس من نبي بأفضل تبعا منه، وهذا زمانه الذي يخرج فيه, ولا أراني أدركه, وأما أنت فشاب لعلك أن تدركه, وهو &; 2-153 &; يخرج في أرض العرب فإن أدركته فآمن به واتبعه. فقال له سلمان: فأخبرني عن علامته بشيء. قال: نعم, هو مختوم في ظهره بخاتم النبوة, وهو يأكل الهدية ولا يأكل الصدقة. ثم رجعا حتى بلغا مكان المقعد, فناداهما فقال: يا سيد الرهبان، ارحمني يرحمك الله! فعطف إليه حماره, فأخذ بيده فرفعه, فضرب به الأرض ودعا له وقال: قم بإذن الله! فقام صحيحا يشتد, (16) فجعل سلمان يتعجب وهو ينظر إليه يشتد. وسار الراهب فتغيب عن سلمان، ولا يعلم سلمان.ثم إن سلمان فزع فطلب الراهب. فلقيه رجلان من العرب من كلب، فسألهما: هل رأيتما الراهب؟ فأناخ أحدهما راحلته, قال: نعم راعي الصرمة هذا! (17) فحمله فانطلق به إلى المدينة.قال سلمان: فأصابني من الحزن شيء لم يصبني مثله قط. فاشترته امرأة من جهينة فكان يرعى عليها هو وغلام لها يتراوحان الغنم هذا يوما وهذا يوما, فكان سلمان يجمع الدراهم ينتظر خروج محمد صلى الله عليه وسلم. فبينا هو يوما يرعى, إذ أتاه صاحبه الذي يعقبه, (18) فقال: أشعرت أنه قد قدم اليوم المدينة رجل يزعم أنه نبي؟ (19) فقال له سلمان: أقم في الغنم حتى آتيك .فهبط سلمان إلى المدينة, فنطر إلى النبي صلى الله عليه وسلم ودار حوله. فلما رآه النبي صلى الله عليه وسلم عرف ما يريد, فأرسل ثوبه حتى خرج خاتمه, فلما رآه أتاه وكلمه. ثم انطلق فاشترى بدينار، ببعضه شاة وببعضه خبزا, ثم أتاه به. فقال: " ما هذا "؟ قال سلمان: هذه صدقة قال: " لا حاجة لي بها، &; 2-154 &; فأخرجها فليأكلها المسلمون ". ثم انطلق فاشترى بدينار آخر خبزا ولحما, فأتى به النبي صلى الله عليه وسلم فقال: ما هذا؟ قال: هذه هدية. قال: فاقعد [فكل] (20) فقعد فأكلا جميعا منها. فبينا هو يحدثه إذ ذكر أصحابه فأخبره خبرهم فقال: كانوا يصومون ويصلون ويؤمنون بك, ويشهدون أنك ستبعث نبيا. فلما فرغ سلمان من ثنائه عليهم، قال له نبي الله صلى الله عليه وسلم: يا سلمان، هم من أهل النار. فاشتد ذلك على سلمان, وقد كان قال له سلمان: لو أدركوك صدقوك واتبعوك, فأنزل الله هذه الآية: إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ . (21)فكان إيمان اليهود: أنه من تمسك بالتوراة وسنة موسى، حتى جاء عيسى. فلما جاء عيسى كان من تمسك بالتوراة وأخذ بسنة موسى - فلم يدعها ولم يتبع عيسى - كان هالكا. وإيمان النصارى: أنه من تمسك بالإنجيل منهم وشرائع عيسى كان مؤمنا مقبولا منه, حتى جاء محمد صلى الله عليه وسلم, فمن لم يتبع محمدا صلى الله عليه وسلم منهم ويدع ما كان عليه من سنة عيسى والإنجيل - كان هالكا.* * *1113 - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج, عن ابن جريج, عن مجاهد قوله: إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا الآية. قال &; 2-155 &; سأل (22) سلمان الفارسي النبي صلى الله عليه وسلم عن أولئك النصارى وما رأى من أعمالهم, قال: لم يموتوا على الإسلام. قال سلمان: فأظلمت عليّ الأرض، وذكرت اجتهادهم, (23) فنزلت هذه الآية: إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا . (24) فدعا سلمان فقال: " نزلت هذه الآية في أصحابك ". ثم قال النبي صلى الله عليه وسلم " من مات على دين عيسى ومات على الإسلام قبل أن يسمع بي، فهو على خير؛ ومن سمع بي اليوم ولم يؤمن بي فقد هلك ". (25)* * *وقال ابن عباس بما:-1114 - حدثني المثنى قال، حدثنا أبو صالح قال، حدثني معاوية بن صالح, عن ابن أبي طلحة, عن ابن عباس قوله: إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ إلى قوله: (ولا هم يحزنون). فأنزل الله تعالى بعد هذا: وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ [ آل عمران: 85]وهذا الخبر يدل على أن ابن عباس كان يرى أن الله جل ثناؤه كان قد وعد من عمل صالحا - من اليهود والنصارى والصابئين - على عمله، في الآخرة الجنة, ثم نسخ ذلك بقوله: وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ .* * *فتأويل الآية إذًا على ما ذكرنا عن مجاهد والسدي: إن الذين آمنوا من هذه الأمة, والذين هادوا، والنصارى، والصابئين - من آمن من اليهود والنصارى والصابئين بالله واليوم الآخر - فلهم أجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون.* * *والذي قلنا من التأويل الأول، أشبه بظاهر التنزيل, لأن الله جل ثناؤه لم يخصص - بالأجر على العمل الصالح مع الإيمان - بعض خلقه دون بعض منهم, والخبر بقوله: مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ، عن جميع ما ذكر في أول الآية.--------------الهوامش :(1) انظر ما سلف 1 : 234 - 235 .(2) قوله"هادة" ، مصدر لم أجده في كتب اللغة .(3) لم أعرف قائله . الأضداد لابن الأنباري : 155 ، ورواه : "تراه ويضحى وهو . . " ونقله أبو حيان في البحر المحيط 1 : 238 عن الطبري ، وفيهما"إذا دار العشى" وأخطأ القرطبي (تفسيره 1 : 369) فقال : و"أنشد سيبويه" وذكر البيت ، ولم ينشده سيبويه . وروى صدره .(تراه إذا دار العشا متحنفا)والبيت في صفة الحرباء . و"محنفا" : قد تحنف ، أو صار إلى الحنيفية . ويعني أنه مستقبل القبلة . وقوله : "لديه" ، أي لدى العشى ، ويريد قبل أن يستوى العشى أو لدى الضحى ، ويكون قد ذكره في بيت قبله . وقوله : "شامس" ، يريد مستقبل الشمس ، قبل المشرق . يقول يستقبل الشمس كأنه نصراني ، وهو كقول ذي الرمة في صفة الحرباء أيضًا :إذا حول الظل العشى رأيتهحنيفا, وفي قرن الضحى ينتصر(4) هو أبو الأخزر الحماني.(5) سيبويه 2 : 29 ، 104 ، واللسان (حنف)، يصف ناقتين، طأطأتا رؤوسهما من الإعياء، فشبه رأس الناقة في طأطأتها، برأس النصرانية إذا طأطأته في صلاتها. وأسجد الرجل: طأطأ رأسه وخفضه وانحنى. قال حميد بن ثور، يصف نوقا:فلما لوين على معصموكف خضيب وأسوارهافضول أزمتها أسجدتسجود النصاري لأحبارها(6) بيان الطبري عن معنى"أسجد" ليس بجيد .(7) لم أعرف صاحب الرجز . والأبيات ، في معاني القرآن للفراء 1 : 44 أمالي ابن الشجرى 1 : 79 ، 371 . أنشده شاهدا على حذف واو العطف : أي"وكنت لهم من النصارى جارا" ، ثم أنشده في الموضع الآخر شاهدا على حذف الفاء العاطفة أي"فكنت لهم . . " .(8) يعني سواد العراق .(9) في المطبوعة"الصابئون دين من الأديان" ، والزيادة بين القوسين لا بد منها .(10) زياد ، هو زياد بن أبيه ، والى العراق في زمن معاوية رضي الله عنه .(11) في ديوان لامرىء القيس ، منسوب إليه من قصيدة عدتها 23 بيتا ، وفيه : "ويقال إنها لرجل من كندة" وأولها :ديار بها الظلمان والعِين تعكفوقفت بها تبكي ودمعك يذرفوالأضداد لابن الأنباري : 288 قال أنشده الفراء ، وروايته صدره :(ألما بسلمى لمة إذ وقفتما)والذي في رواية الطبري من قوله : "عنكما" زائدة في الكلام ، والعرب تقول : "سر عنك" ، و"أنفذ عنك" أي امض ، وجز - لا معنى ل"عنك" وفي حديث عمر رضي الله عنه : أنه طاف بالبيت مع يعلى بن أمية ، فلما انتهى إلى الركن الغربي الذي يلي الأسود قال له : ألا تستلم؟ فقال : انفذ عنك ، فإن النبي صلى الله عليه وسلم لم يستلمه . وفي الحديث تفسيره : أي دعه وتجاوزه . وقوله"عرضتما" من قولهم : عرض الرجل : إذا أتى العروض (بفتح العين) ، وهي مكة والمدينة وما حولهما .(12) ديوانه : 870 ، وسيبويه 1 : 404 ، والكامل 1 : 216 ، وطبقات فحول الشعراء : 310 ، والأضداد : 288 ، وأمالي ابن الشجري 2 : 311 . ورواية ديوانه"تعش فإن واثقتني" . وهو بيت من قصيدته الجيدة التي قالها حين نزل به ذئب فأضافه .(13) رفع له الشيء (بالبناء للمجهول) : أبصره من بعد . وفي المطبوعة : " بيت من خباء" والخباء بيت من وبر أو صوف . فهو كلام لا معنى له . وفي الدر المنثور 1 : 73 وروى الخبر بطوله : "من عباءة" . والصواب ما أثبته . والعباء ضرب من الأكسية فيه خطوط سود كبار ، وهو هنا مفرد ، وجمعه أعبية . والعباء أيضًا جمع عباءة .(14) في الدر المنثور : "فجمع طعاما" ، وأظن أن الصواب : فصنع طعاما" ، ويدل على صواب ذلك قوله بعد : "فدعاه إلى صنيعه" . يقال : صنع لهم طعاما ، وكنت في صنيع فلان : أي مأدبته ومدعاته .(15) في الدر المنثور : "فكان أهل تلك البيعة ، أفضل مرتبة من الرهبان" .(16) اشتد : عدا وأسرع .(17) الصرمة : القطيع من الإبل والغنم .(18) عقبه يعقبه : جاء بعده في نوبته ، ومنه التعاقب : أن يأتب هذا ويذهب ذاك .(19) أشعرت : علمت .(20) الزيادة من الدر المنثور 1 : 74 .(21) الحديث : 1112 - هذا حديث منقطع ، في شأن إسلام"سلمان الفارسي" . وقال الحافظ في الإصابة 3 : 113 : "ورويت قصته من طرق كثيرة ، من أصحها ما أخرجه أحمد من حديثه نفسه . وأخرجها الحاكم من وجه آخر عنه أيضًا . وأخرجه الحاكم من حديث بريدة . وعلق البخاري طرفا منها . وفي سياق قصته في إسلامه اختلاف يتعسر الجمع فيه" . وإشارته إلى رواية أحمد ، هي في المسند ه : 441 - 444 (حلبي) ، وهي بالإسناد نفسه في ابن سعد 4 : 53 - 57 . وانظر المستدرك للحاكم 3 : 599 - 604 . وتاريخ إصبهان لأبي نعيم 1 : 48 - 57 ، والحلية لأبي نعيم 1 : 190 - 195 .(22) في المطبوعة : "قال سلمان الفارسي للنبي صلى الله عليه وسلم" ، بحذف"سأل" . والصواب من الدر المنثور 1 : 74 .(23) في المطبوعة : "وذكر اجتهادهم" ، والصواب من الدر المنثور(24) الآية لم ترد في المطبوعة ، ووردت في نص المدر المنثور .(25) الحديث : 1113 - وهذا منقطع أيضًا .
وَ اِذْ اَخَذْنَا مِیْثَاقَكُمْ وَ رَفَعْنَا فَوْقَكُمُ الطُّوْرَؕ-خُذُوْا مَاۤ اٰتَیْنٰكُمْ بِقُوَّةٍ وَّ اذْكُرُوْا مَا فِیْهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُوْنَ(۶۳)
اور جب ہم نے تم سے عہد لیا (ف۱۱۱) اور تم پر طور کو اونچا کیا (ف۱۱۲) لو جو کچھ ہم تم کو دیتے ہیں زور سے (ف۱۱۳) اور اس کے مضمون یاد کرو اس امید پر کہ تمہیں پرہیزگاری ملے-
القول في تأويل قوله تعالى : وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْقال أبو جعفر: " الميثاق "،" المفعال "، من " الوثيقة "، إما بيمين, وإما بعهد أو غير ذلك من الوثائق. (26)ويعني بقوله: (وإذ أخذنا ميثاقكم) الميثاق الذي أخبر جل ثناؤه أنه أخذ منهم في قوله: وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ لا تَعْبُدُونَ إِلا اللَّهَ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا [ البقرة: 83-85] الآيات الذي ذكر معها. وكان سبب أخذ الميثاق عليهم - فيما ذكره ابن زيد - ما:-1115 - حدثني به يونس بن عبد الأعلى قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد: لما رجع موسى من عند ربه بالألواح. قال لقومه بني إسرائيل: إن هذه الألواح فيها كتاب الله, فيه أمره الذي أمركم به ونهيه الذي نهاكم عنه. (27) فقالوا: ومن يأخذه بقولك أنت؟ لا والله حتى نرى الله جهرة، حتى يطلع الله إلينا فيقول: هذا كتابي فخذوه! فما له لا يكلمنا كما كلمك أنت يا موسى، فيقول: هذا كتابي فخذوه؟ قال: فجاءت غضبة من الله، فجاءتهم صاعقة فصعقتهم, فماتوا أجمعون. قال: ثم أحياهم الله بعد موتهم, فقال لهم موسى: خذوا كتاب الله. فقالوا: لا. قال: أي شيء أصابكم؟ قالوا: متنا ثم حيينا! (28) قال: خذوا ص[ 2-157 ] كتاب الله. قالوا: لا. فبعث ملائكته فنتقت الجبل فوقهم, فقيل لهم: أتعرفون هذا؟ قالوا: نعم, هذا الطور, قال: خذوا الكتاب وإلا طرحناه عليكم. قال: فأخذوه بالميثاق، وقرأ قول الله: وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ لا تَعْبُدُونَ إِلا اللَّهَ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا حتى بلغ: وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ [ البقرة: 83-85]، قال: ولو كانوا أخذوه أول مرة، لأخذوه بغير ميثاق. (29)* * *القول في تأويل قوله تعالى : وَرَفَعْنَا فَوْقَكُمُ الطُّورَقال أبو جعفر: وأما " الطور " فإنه الجبل في كلام العرب, ومنه قول العجاج:دانَى جناحيه من الطور فمرتَقَضِّيَ البازي إذا البازي كسر (30)وقيل: إنه اسم جبل بعينه. وذكر أنه الجبل الذي ناجى الله عليه موسى. وقيل: إنه من الجبال ما أنبت دون ما لم ينبت. (31)* * ** ذكر من قال: هو الجبل كائنا ما كان:1116 - حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم, عن عيسى, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد قال: أمر موسى قومه أن يدخلوا الباب سجدا ويقولوا: حِطَّةٌ وطؤطئ لهم الباب ليسجدوا, فلم يسجدوا ودخلوا على أدبارهم, وقالوا حنطة. فنتق فوقهم الجبل - يقول: أخرج أصل الجبل من الأرض فرفعه فوقهم كالظلة = و " الطور "، بالسريانية، الجبل = تخويفا، أو خوفا, شك أبو عاصم، فدخلوا سجدا على خوف، وأعينهم إلى الجبل. هو الجبل الذي تجلى له ربه. (32)1117 - وحدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد قال: رفع الجبل فوقهم كالسحابة, فقيل لهم: لتؤمنن أو ليقعن عليكم. فآمنوا. والجبل بالسريانية: " الطور ".1118 - حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد بن زريع قال، حدثنا سعيد, عن قتادة قوله: (وإذ أخذنا ميثاقكم ورفعنا فوقكم الطور) قال: الطور الجبل؛ كانوا بأصله، فرفع عليهم فوق رؤوسهم, فقال: لتأخذن أمري، أو لأرمينكم به.1119 - حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر, عن قتادة: (ورفعنا فوقكم الطور)، قال: الطور الجبل. اقتلعه الله فرفعه فوقهم, فقال: خُذُوا مَا آتَيْنَاكُمْ بِقُوَّةٍ فأقروا بذلك.1120 - وحدثني المثنى قال، حدثنا آدم قال، حدثنا أبو جعفر ، عن الربيع, عن أبي العالية: (ورفعنا فوقكم الطور) قال: رفع فوقهم الجبل، يخوفهم به.[2-159 ]1121 - حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبي, عن النضر, عن عكرمة قال: الطور الجبل.1122 - وحدثنا موسى قال، حدثنا عمرو بن حماد قال، حدثنا أسباط, عن السدي: لما قال الله لهم: ادخلوا الباب سجدا وقولوا حطة. فأبوا أن يسجدوا، أمر الله الجبل أن يقع عليهم, فنظروا إليه وقد غشيهم, فسقطوا سجدا على شق, ونظروا بالشق الآخر، فرحمهم الله فكشفه عنهم فذلك قوله: وَإِذْ نَتَقْنَا الْجَبَلَ فَوْقَهُمْ كَأَنَّهُ ظُلَّةٌ [ الأعراف: 171] ، وقوله: ( وَرَفَعْنَا فَوْقَكُمُ الطُّورَ ).1123 - وحدثني يونس بن عبد الأعلى قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد: الجبل بالسريانية الطور.* * *وقال آخرون: " الطور " اسم للجبل الذي ناجى الله موسى عليه.* ذكر من قال ذلك:1124 - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج, عن ابن جريج قال: قال ابن عباس: الطور، الجبل الذي أنزلت عليه التوراة - يعني على موسى - وكانت بنو إسرائيل أسفل منه. قال ابن جريج: وقال لي عطاء: رفع الجبل على بني إسرائيل، فقال: لتؤمنن به أو ليقعن عليكم. فذلك قوله: كَأَنَّهُ ظُلَّةٌ .* * *وقال آخرون: الطور، من الجبال، ما أنبت خاصة.* ذكر من قال ذلك:1125 - حدثت عن المنجاب قال، حدثنا بشر بن عمارة, عن أبي روق, عن الضحاك, عن ابن عباس في قوله: (الطور) قال: الطور من الجبال ما أنبت, وما لم ينبت فليس بطور.* * *القول في تأويل قوله تعالى ذكره خُذُوا مَا آتَيْنَاكُمْ بِقُوَّةٍقال أبو جعفر: اختلف أهل العربية في تأويل ذلك. فقال بعض نحويي أهل البصرة: هو مما استغني بدلالة الظاهر المذكور عما ترك ذكره له. وذلك أن معنى الكلام: ورفعنا فوقكم الطور، وقلنا لكم: خذوا ما آتيناكم بقوة, وإلا قذفناه عليكم.وقال بعض نحويي أهل الكوفة: أخذ الميثاق قول فلا حاجة بالكلام إلى إضمار قول فيه, فيكون من كلامين، غير أنه ينبغي لكل ما خالف القول من الكلام -الذي هو بمعنى القول- أن يكون معه " أن " كما قال الله جل ثناؤه إِنَّا أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ أَنْ أَنْذِرْ قَوْمَكَ [ نوح: 1] قال: ويجوز أن تحذف " أن ".والصواب في ذلك عندنا: أن كل كلام نطق به -مفهوم به معنى ما أريد- ففيه الكفاية من غيره.ويعني بقوله: (خذوا ما آتيناكم)، ما أمرناكم به في التوراة.وأصل " الإيتاء "، الإعطاء. (33)* * *ويعني بقوله: (بقوة) بجد في تأدية ما أمركم فيه وافترض عليكم، كما:-1126 - حدثت عن إبراهيم بن بشار قال، : حدثنا ابن عيينة قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد: (خذوا ما آتيناكم بقوة). قال: تعملوا بما فيه.1127 - وحدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد مثله.1128 - وحدثني المثنى قال، حدثنا آدم قال، حدثنا أبو جعفر, عن ص[ 2-161 ] الربيع, عن أبي العالية: (خذوا ما آتيناكم بقوة)، قال: بطاعة.1129 - حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرازق قال، أخبرنا معمر, عن قتادة: (خذوا ما آتيناكم بقوة). قال: " القوة " الجد, وإلا قذفته عليكم. قال: فأقروا بذلك: أنهم يأخذون ما أوتوا بقوة.1130 - حدثني موسى بن هارون قال، حدثنا عمرو قال، حدثنا أسباط, عن السدي: (بقوة)، يعني: بجد واجتهاد.1131 - وحدثني يونس بن عبد الأعلى قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد - وسألته عن قول الله: (خذوا ما آتيناكم بقوة) - قال: خذوا الكتاب الذي جاء به موسى يصدق ويحق.* * *فتأويل الآية إذا: خذوا ما افترضناه عليكم في كتابنا من الفرائض، فاقبلوه، واعملوا باجتهاد منكم في أدائه، من غير تقصير ولا توان. وذلك هو معنى أخذهم إياه بقوة ، بجد.* * *القول في تأويل قوله تعالى ذكره وَاذْكُرُوا مَا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (63)قال أبو جعفر: يعني: واذكروا ما فيما آتيناكم من كتابنا من وعد ووعيد شديد، وترغيب وترهيب, فاتلوه، واعتبروا به، وتدبروه إذا فعلتم ذلك، كي تتقوا وتخافوا عقابي، (34) بإصراركم على ضلالكم فتنتهوا إلى طاعتي، وتنزعوا عما أنتم عليه من معصيتي. كما:-1132 - حدثنا ابن حميد قال، حدثنا سلمة قال، حدثنا ابن إسحاق, عن &; 2-162 &; داود بن الحصين, عن عكرمة عن ابن عباس: (لعلكم تتقون)، قال: تنزعون عما أنتم عليه.* * *والذي آتاهم الله، هو التوراة. كما:-1133 - حدثني المثنى قال، حدثنا آدم قال، حدثنا أبو جعفر, عن الربيع, عن أبي العالية: (واذكروا ما فيه) يقول: اذكروا ما في التوراة.1134 - كما حدثت عن عمار بن الحسن قال، حدثنا عبد الله بن أبي جعفر, عن أبيه, عن الربيع في قوله: (واذكروا ما فيه) يقول: أمروا بما في التوراة.1135 - وحدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، سألت ابن زيد عن قول الله: (واذكروا ما فيه)، قال: اعملوا بما فيه بطاعة لله وصدق. (35) قال: وقال: اذكروا ما فيه، لا تنسوه ولا تغفلوه.-----------------الهوامش :(26) انظر ما سلف 1 : 414 ، في قوله تعالى : "من بعد ميثاقه" [سورة البقرة : 27] .(27) في المطبوعة : "وأمره الذي أمركم" ، والتصحيح من روايته في رقم : 959 .(28) في رقم : 959 : "قالوا أصابنا أنا متنا . . " .(29) الأثر رقم : 1115 - مضى أكثره في رقم : 959 .(30) ديوانه : 17 ، وهو من قصيدة جيدة يذكر فيها مآثر عمر بن عبيد الله بن معمر التيمي ، وقد ولي الولايات العظيمة ، وفتح الفتوح الكثيرة ، وقاتل الخوارج . والضمير في قوله : "دانى" يعود إلى متأخر ، وهو"البازي" المذكور في البيت بعده . فإن قبله ، ذكر عمر بن عبيد الله وكتائبه من حوله :حول ابن غراء حصان إن وترفات, وإن طالب بالوغم اقتدرإذا الكرام ابتدروا الباع ابتدردانى جناحيه .........يريد : "ابتدر منقضا انقضاض البازي من الطور ، دانى جناحيه . . فمر" فقدم وأخر . وهو من جيد التقديم والتأخير . وقوله : "دانى" أي ضم جناحيه وقر بهما وضيق ما بينهما تأهبا للانقضاض من ذروة الجبل . ومر : أسرع إسراعا شديدا . وقوله : "تقضى" أصلها"تقضض" ، فقلب الضاد الأخيرة ياء ، استثقل ثلاث ضادات ، كما فعلوا في"ظنن""وتظنى" على التحويل . وتقضض الطائر : هوى في طيرانه يريد الوقوع . والبازي : ضرب من الصقور ، شديد . وكسر الطائر جناحيه : ضم منهما شيئا - أي قليلا- وهو يريد السقوط .(31) هذا قول لم أجده في كتب اللغة في مادته .(32) الأثر رقم : 1116 - مضى صدر منه برقم : 1027 .(33) انظر ما سلف 1 : 574 .(34) انظر ما مضى في بيان"لعل" بمعنى"كى" 1 : 364 -365 ، وهذا الجزء 2 : 68 .(35) في المطبوعة : "بطاعة الله وصدق" خطأ .
ثُمَّ تَوَلَّیْتُمْ مِّنْۢ بَعْدِ ذٰلِكَۚ-فَلَوْ لَا فَضْلُ اللّٰهِ عَلَیْكُمْ وَ رَحْمَتُهٗ لَكُنْتُمْ مِّنَ الْخٰسِرِیْنَ(۶۴)
پھر اس کے بعد تم پھر گئے تو اگر اللہ کا فضل اور اس کی رحمت تم پر نہ ہوتی تو تم ٹوٹے والوں میں ہو جاتے -(ف۱۱۴)
القول في تأويل قوله تعالى : ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَقال أبو جعفر: يعني بقوله جل ثناؤه: (ثم توليتم): ثم أعرضتم. وإنما هو " تفعلتم " من قولهم: " ولاني فلان دبره " إذا استدبر عنه وخلفه خلف ظهره. ثم يستعمل ذلك في كل تارك طاعة أمر بها، ومعرض بوجهه. (36) يقال: " قد تولى فلان عن طاعة فلان, وتولى عن مواصلته "، ومنه قول الله جل ثناؤه: فَلَمَّا آتَاهُمْ مِنْ فَضْلِهِ بَخِلُوا بِهِ وَتَوَلَّوْا وَهُمْ مُعْرِضُونَ [ التوبة: 76]، يعني بذلك: خالفوا ما كانوا وعدوا الله من قولهم: لَئِنْ آتَانَا مِنْ فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ وَلَنَكُونَنَّ مِنَ الصَّالِحِينَ ص[2-163 ] [ التوبة: 75]، ونبذوا ذلك وراء ظهورهم* * *ومن شأن العرب استعارة الكلمة ووضعها مكان نظيرها, كما قال أبو خراش الهذلي: (37)فليس كعهد الدار يا أم مالكولكن أحاطت بالرقاب السلاسل (38)وعاد الفتى كالكهل ليس بقائلسوى الحق شيئا واستراح العواذل (39)يعني بقوله: " أحاطت بالرقاب السلاسل "، أن الإسلام صار - في منعه إيانا ما كنا نأتيه في الجاهلية، مما حرمه الله علينا في الإسلام - بمنزلة السلاسل المحيطة برقابنا، التي تحول بين من كانت في رقبته مع الغل الذي في يده، وبين ما حاول أن يتناوله.ونظائر ذلك في كلام العرب أكثر من أن تحصى. فكذلك قوله: (ثم توليتم ص[ 2-164 ] من بعد ذلك)، يعني بذلك: أنكم تركتم العمل بما أخذنا ميثاقكم وعهودكم على العمل به بجد واجتهاد، بعد إعطائكم ربكم المواثيق على العمل به، والقيام بما أمركم به في كتابكم، فنبذتموه وراء ظهوركم.وكنى بقوله جل ذكره: " ذلك "، عن جميع ما قبله في الآية المتقدمة, أعني قوله: وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ وَرَفَعْنَا فَوْقَكُمُ الطُّورَ .* * *القول في تأويل قوله تعالى ذكره فَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُقال أبو جعفر: يعني بقوله جل ذكره: (فلولا فضل الله عليكم)، فلولا أن الله تفضل عليكم بالتوبة = بعد نكثكم الميثاق الذي واثقتموه - إذ رفع فوقكم الطور - بأنكم تجتهدون في طاعته, وأداء فرائضه, والقيام بما أمركم به, والانتهاء عما نهاكم عنه في الكتاب الذي آتاكم, فأنعم عليكم بالإسلام ورحمته التي رحمكم بها - وتجاوز عنكم خطيئتكم التي ركبتموها - بمراجعتكم طاعة ربكم = لكنتم من الخاسرين.وهذا، وإن كان خطابا لمن كان بين ظهراني مهاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم من أهل الكتاب أيام رسول الله صلى الله عليه وسلم, فإنما هو خبر عن أسلافهم, فأخرج الخبر مخرج المخبر عنهم - على نحو ما قد بينا فيما مضى، من أن القبيلة من العرب تخاطب القبيلة عند الفخار أو غيره، بما مضى من فعل أسلاف المخاطِب بأسلاف المخاطَب, فتضيف فعل أسلاف المخاطِب إلى نفسها, فتقول: فعلنا بكم, وفعلنا بكم. وقد ذكرنا بعض الشواهد في ذلك من شعرهم فيما مضى. (40)* * *وقد زعم بعضهم أن الخطاب في هذه الآيات، إنما أخرج بإضافة الفعل إلى المخاطبين به، والفعل لغيرهم، لأن المخاطبين بذلك كانوا يتولون من كان فعل ذلك من أوائل بني إسرائيل, فصيرهم الله منهم من أجل ولايتهم لهم.* * *وقال بعضهم: إنما قيل ذلك كذلك, لأن سامعيه كانوا عالمين -وإن كان الخطاب خرج خطابا للأحياء من بني إسرائيل وأهل الكتاب- (41) أن المعنى في ذلك إنما هو خبر عما قص الله من أنباء أسلافهم. فاستغنى بعلم السامعين بذلك، عن ذكر أسلافهم بأعيانهم. ومثل ذلك يقول الشاعر: (42)إذ ما انتسبنا لم تلدني لئيمةولم تجدي من أن تقري به بدا (43)فقال: " إذا ما انتسبنا ", و " إذا " تقتضي من الفعل مستقبلا ثم قال: " لم تلدني لئيمة ", فأخبر عن ماض من الفعل. وذلك أن الولادة قد مضت وتقدمت. وإنما فعل ذلك - عند المحتج به - لأن السامع قد فهم معناه. فجعل ما ذكرنا - من خطاب الله أهل الكتاب الذين كانوا بين ظهراني مهاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم أيام رسول الله صلى الله عليه وسلم، بإضافة أفعال أسلافهم إليهم - نظير ذلك.والأول الذي قلنا، هو المستفيض من كلام العرب وخطابها.* * *وكان أبو العالية يقول في قوله: (فلولا فضل الله عليكم ورحمته) - فيما ذكر لنا - نحو القول الذي قلناه.1136 - حدثني المثنى بن إبراهيم قال، حدثنا آدم قال، حدثنا أبو النضر, عن الربيع, عن أبي العالية: (فلولا فضل الله عليكم ورحمته)، قال: " فضل الله "، الإسلام," ورحمته "، القرآن.1137 - وحدثت عن عمار، قال، حدثنا ابن أبي جعفر [عن أبيه], عن الربيع بمثله. (44)* * *القول في تأويل قوله تعالى : لَكُنْتُمْ مِنَ الْخَاسِرِينَ (64)قال أبو جعفر: فلولا فضل الله عليكم ورحمته إياكم - بإنقاذه إياكم بالتوبة عليكم من خطيئتكم وجرمكم - لكنتم الباخسين أنفسكم حظوظها دائما, الهالكين بما اجترمتم من نقض ميثاقكم، وخلافكم أمره وطاعته.وقد تقدم بياننا قبل بالشواهد، عن معنى " الخسار " بما أغنى عن إعادته في هذا الموضع. (45)----------------الهوامش :(36) في المطبوعة : "طاعة أمر : عز وجل" ، بزيادة الثناء على ربنا سبحانه ، وعلى أن"أمر" مبني للمعلوم . وهذا مخالف للسياق ، وسهو من النساخ .(37) كان في المطبوعة : "قال أبو ذؤيب الهذلي" ، وهو خطأ فاضح ، لا يقع في مثله مثل أبي جعفر .(38) ديوان الهذليين 2 : 150 ، وسيرة ابن هشام 4 : 116 ، والأغاني 21 : 41 ، والكامل 1 : 267 . وهي أبيات جياد في رثاء صديق . وذلك أن زهير بن العجوة الهذلي من بني عمرو بن الحارث - وكان ابن عم ابي خراش ، وله صديقا - خرج يطلب الغنائم يوم حنين فأسر ، وكتف في أناس أخذهم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فرآه جميل بن معمر الجمحي - وكانت بينهما إحنة في الجاهلية - فقال له : أنت الماشي لنا بالمغايظ؟ فضرب عنقه ، فقال أبو خراش يرثيه . وقال لجميل بن معمر :وإنك لو واجهته إذ لقيتهفنازلته, أو كنت ممن ينازللظل جميل أسوأ القوم تلةولكن قرن الظهر للمرء شاغلفليس كعهد . . . . . . . . . .. . . . . . . . . . . . . . . . . . . .وفي المطبوعة : "فليس لعهد الدار" خطأ . ويعني بقوله : "الدار" : مكة وما حولها وما جاورها . يقول : ليس الأمر كما عهدت بها وعهدتا ، جاء الإسلام فهدم ذلك كله .(39) يقول : فارق الفتى أخلاق فتوته وعرامه ، وصار كالكهل في أناته وتثبته ، فإن الدين قد وقذ الفتيان ذوى البأس وسكنهم من مخافة عقاب ربهم في القتل من غير قتال ومعركة . فاستراحت العواذل لأنهن أصبحن لا يجدن ما يعذلن فيه أزواجهن من التعرض للهلاك .(40) انظر ما مضى في هذا الجزء 2 : 38 - 39 .(41) في المطبوعة : "إذ المعنى في ذلك . . " ، وهو كلام لا يستقيم . وسياق الجملة يقتضي أن توضع"أن" مكان"إذ" أي : "لأن سامعيه كانوا عالمين . . أن المعنى في ذلك . . " ، وما بينهما فصل واعتراض .(42) في حاشية الأمير على مغنى اللبيب 1 : 25 قال : "في حاشية السيوطي" قائله زائدة ابن صعصعة الفقعسي ، يعرض بزوجته ، وكانت أمها سرية" ، ولم ينسبه السيوطي في شرحه على شواهد المغنى : 33 .(43) سيأتي في هذا الجزء 1 : 333 (بولاق) ، وفي 3 : 49 (بولاق) ، ومعانى الفراء : 61 ، 178 وقبل البيت يقول لامرأته .رمتنى عن قوس العدو, وباعدتعبيدة, زاد الله ما بيننا بعدا(44) ما بين القوسين زيادة لا بد منها ، وانظر آخر إسناد عن عمار بن الحسن رقم : 1134 .(45) انظر ما مضى 1 : 417 .
وَ لَقَدْ عَلِمْتُمُ الَّذِیْنَ اعْتَدَوْا مِنْكُمْ فِی السَّبْتِ فَقُلْنَا لَهُمْ كُوْنُوْا قِرَدَةً خٰسِـٕیْنَۚ(۶۵)
اور بیشک ضرور تمہیں معلوم ہے تم میں کے وہ جنہوں نے ہفتہ میں سرکشی کی (ف۱۱۵) تو ہم نے ان سے فرمایا کہ ہوجاؤ بندر دھتکارے ہوئے -
القول في تأويل قوله تعالى : وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ الَّذِينَ اعْتَدَوْا مِنْكُمْ فِي السَّبْتِقال أبو جعفر: يعني بقوله: (ولقد علمتم)، ولقد عرفتم. (46) كقولك: " قد علمت أخاك ولم أكن أعلمه ", يعني عرفته، ولم أكن أعرفه, كما قال جل ثناؤه: وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ [ الأنفال: 60]، يعني: لا تعرفونهم الله يعرفهم.* * *وقوله: (الذين اعتدوا منكم في السبت)، أي الذين تجاوزوا حدي، وركبوا ما نهيتهم عنه في يوم السبت، وعصوا أمري.وقد دللت -فيما مضى- على أن " الاعتداء "، أصله تجاوز الحد في كل شيء. بما أغنى عن إعادته في هذا الموضع. (47)* * *قال أبو جعفر: وهذه الآية وآيات بعدها تتلوها, مما عدد جل ثناؤه فيها على بني إسرائيل - الذين كانوا بين خلال دور الأنصار زمان النبي صلى الله عليه وسلم، الذين ابتدأ بذكرهم في أول هذه السورة من نكث أسلافهم عهد الله وميثاقه - (48) ما كانوا يبرمون من العقود, وحذر المخاطبين بها أن يحل بهم - بإصرارهم على كفرهم، ومقامهم على جحود نبوة محمد صلى الله عليه وسلم، وتركهم اتباعه والتصديق بما جاءهم به من عند ربه - مثل الذي حل بأوائلهم من المسخ والرجف والصعق, وما لا قبل لهم به من غضب الله وسخطه. كالذي:-1138 - حدثنا أبو كريب قال، حدثنا عثمان بن سعيد قال، حدثنا بشر بن عمارة, عن أبي روق, عن الضحاك, عن ابن عباس: (ولقد علمتم الذين اعتدوا منكم في السبت) يقول: ولقد عرفتم. وهذا تحذير لهم من المعصية. يقول: احذروا أن يصيبكم ما أصاب أصحاب السبت، إذ عصوني, اعتدوا - يقول: اجترؤوا - في السبت. قال: لم يبعث الله نبيا إلا أمره بالجُمعة ، ص[ 2-168 ] وأخبره بفضلها وعظمها في السموات وعند الملائكة, وأن الساعة تقوم فيها. فمن اتبع الأنبياء فيما مضى كما اتبعت أمة محمد صلى الله عليه وسلم محمدا، قبل الجمعة وسمع وأطاع، وعرف فضلها وثبت عليها، كما أمر الله تعالى به نبيه صلى الله عليه وسلم. (49) ومن لم يفعل ذلك، كان بمنزلة الذين ذكر الله في كتابه فقال: " وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ الَّذِينَ اعْتَدَوْا مِنْكُمْ فِي السَّبْتِ فَقُلْنَا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خَاسِئِينَ". وذلك أن اليهود قالت لموسى - حين أمرهم بالجمعة، وأخبرهم بفضلها -: يا موسى، كيف تأمرنا بالجمعة وتفضلها على الأيام كلها, والسبت أفضل الأيام كلها، لأن الله خلق السموات والأرض والأقوات في ستة أيام، وسبت له كل شيء مطيعا يوم السبت, (50) وكان آخر الستة؟ قال: وكذلك قالت النصارى لعيسى ابن مريم - حين أمرهم بالجمعة - قالوا له: كيف تأمرنا بالجمعة وأول الأيام أفضلها وسيدها, والأول أفضل, والله واحد, والواحد الأول أفضل؟ فأوحى الله إلى عيسى: أن دعهم والأحد, ولكن ليفعلوا فيه كذا وكذا. - مما أمرهم به. فلم يفعلوا, فقص الله تعالى قصصهم في الكتاب بمعصيتهم. قال: وكذلك قال الله لموسى - حين قالت له اليهود ما قالوا في أمر السبت -: أن دعهم والسبت، فلا يصيدوا فيه سمكا ولا غيره, ولا يعملوا شيئا كما قالوا. قال: فكان إذا كان السبت ظهرت الحيتان على الماء، فهو قوله: إِذْ تَأْتِيهِمْ حِيتَانُهُمْ يَوْمَ سَبْتِهِمْ شُرَّعًا [ الأعراف: 163]، يقول: ظاهرة على الماء, ذلك لمعصيتهم موسى - وإذا كان غير يوم السبت، صارت صيدا كسائر الأيام فهو قوله: وَيَوْمَ لا يَسْبِتُونَ لا تَأْتِيهِمْ [ الأعراف: 163]. ففعلت الحيتان ذلك ما شاء الله. فلما رأوها كذلك، طمعوا في أخذها وخافوا العقوبة, فتناول بعضهم ص[ 2-169] ٍ منها فلم تمتنع عليه, وحذر العقوبة التي حذرهم موسى من الله تعالى. فلما رأوا أن العقوبة لا تحل بهم، عادوا، وأخبر بعضهم بعضا بأنهم قد أخذوا السمك ولم يصبهم شيء, فكثَّروا في ذلك، وظنوا أن ما قال لهم موسى كان باطلا. وهو قول الله جل ثناؤه: " وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ الَّذِينَ اعْتَدَوْا مِنْكُمْ فِي السَّبْتِ فَقُلْنَا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خَاسِئِينَ " - يقول: لهؤلاء الذين صادوا السمك - فمسخهم الله قردة بمعصيتهم. يقول: إذًا لم يحيوا في الأرض إلا ثلاثة أيام. [ قال: ولم يعش مسخ قط فوق ثلاثة أيام] (51) ولم يأكل ولم يشرب ولم ينسل. وقد خلق الله القردة والخنازير وسائر الخلق في الستة الأيام التي ذكر الله في كتابه. فمسخ هؤلاء القوم في صورة القردة, وكذلك يفعل بمن شاء، كما يشاء, ويحوله كما يشاء.1139 - حدثنا ابن حميد قال، حدثنا سلمة بن الفضل قال، حدثنا محمد بن إسحاق, عن داود بن الحصين, عن عكرمة مولى ابن عباس قال: قال ابن عباس: إن الله إنما افترض على بني إسرائيل اليوم الذي افترض عليكم في عيدكم -يوم الجمعة-. فخالفوا إلى السبت فعظموه، وتركوا ما أمروا به. فلما أبوا إلا لزوم السبت، ابتلاهم الله فيه, فحرم عليهم ما أحل لهم في غيره. وكانوا في قرية بين أيلة والطور يقال لها " مدين ". فحرم الله عليهم في السبت الحيتان: صيدها وأكلها. وكانوا إذا كان يوم السبت أقبلت إليهم شرعا إلى ساحل بحرهم, حتى إذا ذهب السبت ذهبن, فلم يروا حوتا صغيرا ولا كبيرا. حتى إذا كان يوم السبت أتين إليهم شرعا, حتى إذا ذهب السبت ذهبن. فكانوا كذلك, حتى إذا طال عليهم الأمد وقَرِموا إلى الحيتان, (52) عمد رجل منهم فأخذ حوتا سرا يوم السبت، فخزمه بخيط, ثم أرسله في الماء, وأوتد له وتدا في الساحل فأوثقه، ثم تركه. حتى إذا كان الغد، جاء فأخذه - أي: إني لم آخذه في ص[ 2-170 ٍ يوم السبت - ثم انطلق به فأكله. حتى إذا كان يوم السبت الآخر، عاد لمثل ذلك، ووجد الناس ريح الحيتان، فقال أهل القرية: والله لقد وجدنا ريح الحيتان! ثم عثروا على صنيع ذلك الرجل. (53) قال: ففعلوا كما فعل, وأكلوا سرا زمانا طويلا لم يعجل الله عليهم بعقوبة، حتى صادوها علانية وباعوها بالأسواق. وقالت طائفة منهم من أهل البقيّة: (54) ويحكم! اتقوا الله! ونهوهم عما كانوا يصنعون. وقالت طائفة أخرى لم تأكل الحيتان، ولم تنه القوم عما صنعوا: لِمَ تَعِظُونَ قَوْمًا اللَّهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا قَالُوا مَعْذِرَةً إِلَى رَبِّكُمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ لسخطنا أعمالهم - وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ [ الأعراف: 164]، قال ابن عباس: فبينما هم على ذلك، أصبحت تلك البقية في أنديتهم ومساجدهم, وفقدوا الناس فلا يرونهم. فقال بعضهم لبعض: إن للناس لشأنا! فانظروا ما هو! فذهبوا ينظرون في دورهم, فوجدوها مغلقة عليهم, قد دخلوا ليلا فغلقوها على أنفسهم، كما يغلق الناس على أنفسهم, فأصبحوا فيها قردة, وإنهم ليعرفون الرجل بعينه وإنه لقرد, والمرأة بعينها وإنها لقردة, والصبي بعينه وإنه لقرد. قال: يقول ابن عباس: فلولا ما ذكر الله أنه أنجى الذين نهوا عن السوء، لقلنا أهلك الجميع منهم. قالوا: وهي القرية التي قال الله لمحمد صلى الله عليه وسلم: وَاسْأَلْهُمْ عَنِ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَتْ حَاضِرَةَ الْبَحْرِ الآية [ الأعراف: 163] .1140 - حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد بن زريع قال، حدثنا سعيد, عن قتادة قوله: (ولقد علمتم الذين اعتدوا منكم في السبت فقلنا لهم كونوا قردة ص[ 2-171 ] خاسئين): أحلت لهم الحيتان، وحرمت عليهم يوم السبت بلاء من الله، ليعلم من يطيعه ممن يعصيه. فصار القوم ثلاثة أصناف: فأما صنف فأمسك ونهى عن المعصية, وأما صنف فأمسك عن حرمة الله، وأما صنف فانتهك حرمة الله ومرد على المعصية. فلما أبوا إلا الاعتداء إلى ما نهوا عنه, قال الله لهم: كُونُوا قِرَدَةً خَاسِئِينَ فصاروا قردة لها أذناب, تعاوى بعد ما كانوا رجالا ونساء.1141 - حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر, عن قتادة في قوله: (ولقد علمتم الذين اعتدوا منكم في السبت)، قال: نهوا عن صيد الحيتان يوم السبت, فكانت تشرع إليهم يوم السبت, وبلوا بذلك، فاعتدوا فاصطادوها, فجعلهم الله قردة خاسئين.1142 - حدثني موسى قال، حدثنا عمرو قال، حدثنا أسباط, عن السدي: " وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ الَّذِينَ اعْتَدَوْا مِنْكُمْ فِي السَّبْتِ فَقُلْنَا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خَاسِئِينَ " قال: فهم أهل " أيلة ", وهي القرية التي كانت حاضرة البحر، فكانت الحيتان إذا كان يوم السبت - وقد حرم الله على اليهود أن يعملوا في السبت شيئا - لم يبق في البحر حوت إلا خرج، حتى يخرجن خراطيمهن من الماء. فإذا كان يوم الأحد لزمن سُفل البحر فلم ير منهن شيء حتى يكون يوم السبت. فذلك قوله: وَاسْأَلْهُمْ عَنِ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَتْ حَاضِرَةَ الْبَحْرِ إِذْ يَعْدُونَ فِي السَّبْتِ إِذْ تَأْتِيهِمْ حِيتَانُهُمْ يَوْمَ سَبْتِهِمْ شُرَّعًا وَيَوْمَ لا يَسْبِتُونَ لا تَأْتِيهِمْ [ الأعراف: 163]، فاشتهى بعضهم السمك, فجعل الرجل يحفر الحفيرة ويجعل لها نهرا إلى البحر. فإذا كان يوم السبت فتح النهر, فأقبل الموج بالحيتان يضربها حتى يلقيها في الحفيرة. ويريد الحوت أن يخرج، فلا يطيق من أجل قلة ماء النهر, فيمكث [فيها]. (55) فإذا كان يوم الأحد جاء فأخذه. فجعل الرجل يشوي ص[ 2-172 ]السمك, فيجد جاره ريحه, فيسأله فيخبره، فيصنع مثل ما صنع جاره. حتى إذا فشا فيهم أكل السمك، قال لهم علماؤهم: ويحكم! إنما تصطادون السمك يوم السبت وهو لا يحل لكم! فقالوا: إنما صدناه يوم الأحد حين أخذناه, فقال الفقهاء: لا ولكنكم صدتموه يوم فتحتم له الماء فدخل. فقالوا: لا! وعتوا أن ينتهوا. فقال بعض الذين نهوهم لبعض: لِمَ تَعِظُونَ قَوْمًا اللَّهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا [ الأعراف: 164]، يقول: لم تعظونهم، وقد وعظتموهم فلم يطيعوكم؟ فقال بعضهم: مَعْذِرَةً إِلَى رَبِّكُمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ [ الأعراف: 164]. فلما أبوا قال المسلمون: والله لا نساكنكم في قرية واحدة. فقسموا القرية بجدار, ففتح المسلمون بابا والمعتدون في السبت بابا, ولعنهم داود. فجعل المسلمون يخرجون من بابهم والكفار من بابهم. فخرج المسلمون ذات يوم، ولم يفتح الكفار بابهم. فلما أبطئوا عليهم، تسور المسلمون عليهم الحائط, فإذا هم قردة يثب بعضهم على بعض, ففتحوا عنهم، فذهبوا في الأرض. فذلك قول الله عز وجل: فَلَمَّا عَتَوْا عَنْ مَا نُهُوا عَنْهُ قُلْنَا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خَاسِئِينَ [ الأعراف: 166]، فذلك حين يقول: لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُدَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ [ المائدة: 78]، فهم القردة.1143 - حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد في قوله: " الَّذِينَ اعْتَدَوْا مِنْكُمْ فِي السَّبْتِ فَقُلْنَا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خَاسِئِينَ " . قال: لم يمسخوا، إنما هو مثل ضربه الله لهم، مثل ما ضرب مثل الحمار يحمل أسفارا (56) .1144 - حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل, عن ص[ 2-173 ] ابن أبي نجيح, عن مجاهد: " وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ الَّذِينَ اعْتَدَوْا مِنْكُمْ فِي السَّبْتِ فَقُلْنَا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خَاسِئِينَ". قال: مسخت قلوبهم, ولم يمسخوا قردة, وإنما هو مثل ضربه الله لهم، كمثل الحمار يحمل أسفارا.* * *قال أبو جعفر: وهذا القول الذي قاله مجاهد، قول لظاهر ما دل عليه كتاب الله مخالف. (57) وذلك أن الله أخبر في كتابه أنه جعل منهم القردة والخنازير وعبد الطاغوت, (58) كما أخبر عنهم أنهم قالوا لنبيهم: أَرِنَا اللَّهَ جَهْرَةً [ النساء: 153]، وأن الله تعالى ذكره أصعقهم عند مسألتهم ذلك ربهم، وأنهم عبدوا العجل, فجعل توبتهم قتل أنفسهم, وأنهم أمروا بدخول الأرض المقدسة فقالوا لنبيهم: اذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ [ المائدة: 24] فابتلاهم بالتيه. فسواء قائل قال: (59) هم لم يمسخهم قردة, وقد أخبر جل ذكره أنه جعل منهم قردة وخنازير - وآخر قال: لم يكن شيء مما أخبر الله عن بني إسرائيل أنه كان منهم - من الخلاف على أنبيائهم، والنكال والعقوبات التي أحلها الله بهم. (60) ومن أنكر شيئا من ذلك وأقر بآخر منه, سئل البرهان على قوله، وعورض -فيما أنكر من ذلك- بما أقر به, ثم يسأل الفرق من خبر مستفيض أو أثر صحيح.هذا مع خلاف قول مجاهد قول جميع الحجة التي لا يجوز عليها الخطأ والكذب فيما نقلته مجمعة عليه. وكفى دليلا على فساد قول، إجماعها على تخطئته.* * *ص[ 2-174 ]القول في تأويل قوله تعالى : فَقُلْنَا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خَاسِئِينَ (65)قال أبو جعفر: يعني بقوله: (فقلنا لهم) أي: فقلنا للذين اعتدوا في السبت - يعني في يوم السبت.* * *وأصل " السبت " الهدوّ والسكون في راحة ودعة, ولذلك قيل للنائم " مسبوت " لهدوّه وسكون جسده واستراحته, كما قال جل ثناؤه: وَجَعَلْنَا نَوْمَكُمْ سُبَاتًا [ النبأ: 9] أي راحة لأجسادكم. وهو مصدر من قول القائل: " سبت فلان يسبت سبتا ".وقد قيل: إنه سمي" سبتا "، لأن الله جل ثناؤه فرغ يوم الجمعة - وهو اليوم الذي قبله - من خلق جميع خلقه.* * *وقوله: (كونوا قردة خاسئين)، أي: صيروا كذلك.* * *و " الخاسئ" المبعد المطرود، كما يخسأ الكلب يقال منه: " خسأته أخسؤه خسأ وخسوءا, وهو يخسأ خسوءا ". قال: ويقال: " خسأته فخسأ وانخسأ ". ومنه قول الراجز:كالكلب إن قلت له اخسأ انخسأ (61)يعني: إن طردته انطرد ذليلا صاغرا.فكذلك معنى قوله: (كونوا قردة خاسئين) أي، مبعدين من الخير أذلاء صغراء، (62) كما:-1145 - حدثنا محمد بن بشار, (63) قال، حدثنا أبو أحمد الزبيري قال، حدثنا سفيان, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد في قوله: (كونوا قردة خاسئين) قال: صاغرين.1146 - حدثنا أحمد بن إسحاق قال، حدثنا أبو أحمد قال، حدثنا سفيان, عن رجل, عن مجاهد مثله.1147 - حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد مثله.1148 - حدثني الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر, عن قتادة: (خاسئين)، قال: صاغرين.1149 - حدثني المثنى قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا ابن أبي جعفر, عن أبيه, عن الربيع في قوله: (كونوا قردة خاسئين)، أي أذلة صاغرين.1150 - وحدثت عن المنجاب قال، حدثنا بشر بن عمارة, عن أبي روق, عن الضحاك, عن ابن عباس: خاسئا، يعني ذليلا.---------------------الهوامش :(46) سيأتي دليل هذا من تفسير ابن عباس في رقم : 1138 .(47) انظر ما مضى من هذا الجزء : 2 : 142 .(48) سياق عبارته : مما عدد الله على بني إسرائيل . . . ما كانوا يبرمون من العقود" ، وما بينهما فصل بصفة"بني إسرائيل" .(49) في المطبوعة : "بما أمره الله تعالى به ونبيه صلى الله عليه وسلم" ، وهي جملة غير صحيحة ، صححتها كما ترى .(50) سبت : سكن ، وقولهم : "سبت له" ، يريدون : خشع له وانقطع عن كل عمل إلا عبادته سبحانه وانظر ما سيأتي ص : 174 .(51) هذه الزيادة من تفسير ابن كثير 1 : 193 ، والدر المنثور 1 : 75 ، وهي زيادة لا بد منها . وفي المطبوعة بعدها؛"ولم تأكل ولم تشرب ، ولم تنسل" خطأ .(52) القرم : شدة الشهوة إلى اللحم ، قرم يقرم (بفتح الراء) قرما (بفتحتين) .(53) عثر على الأمر : اطلع عليه وكان خافيا . وفي المطبوعة : "على ما صنع" ، وأثبت نص ابن كثير في التفسير 1 : 194 .(54) في المطبوعة : "من أهل التقية" ، وهو خطأ محض . أهل البقية : هم أهل التمييز والفهم ، يبقون على أنفسهم بطاعة الله ، وبتمسكهم بالدين المرضي . وفلان بقية : فيه فضل وخير فيما يمدح به وسيأتي بعد على الصواب . وقال الله تعالى : ( فَلَوْلا كَانَ مِنَ الْقُرُونِ مِنْ قَبْلِكُمْ أُولُو بَقِيَّةٍ يَنْهَوْنَ عَنِ الْفَسَادِ فِي الْأَرْضِ ) [سورة هود : 116] .(55) الزيادة من تفسير ابن كثير 1 : 195 .(56) سورة الجمعة: 54 .(57) انظر معنى"ظاهر" فيما سلف 2 : 15 والمراجع .(58) سورة المائدة : 60 .(59) في المطبوعة : "فسواء قال قائل" ، وسياق العبارة يقتضي التقديم . لقوله"وآخر قال" .(60) في المطبوعة : "والعقوبات والأنكال" ، ليس صوابا . والنكال : العذاب الشديد يكون عبرة للناس حتى ينكلوا عن شيء ويخافوه . وأما"الأنكال" فجمع نكل : وهو القيد .(61) لسان العرب : (خسأ) ، وروايته : "إن قيل له" .(62) صاغر ، جمعه صغرة (بفتحات) . وهذا ما نصوا عليه ، ولم أجد"صغراء" على وزن جهلاء ، وهو جمع في بعض الصفات التي على وزن"فاعل" ، مثل شاعر وشعراء ، وعالم وعلماء . فهم يشبهون"فاعلا" ب "فعيل" نحو كريم وكرماء ، فيجمعونه كجمعه .(63) في المطبوعة"حدثنا بشار" وهو خطأ لا شك فيه ، وأقرب إسناد مثله مر بنا هو رقم : 1062 .
فَجَعَلْنٰهَا نَكَالًا لِّمَا بَیْنَ یَدَیْهَا وَ مَا خَلْفَهَا وَ مَوْعِظَةً لِّلْمُتَّقِیْنَ(۶۶)
تو ہم نے (اس بستی کا) یہ واقعہ اس کے آگے اور پیچھے والوں کے لیے عبرت کردیا اور پرہیزگاروں کے لیے نصیحت-
القول في تأويل قوله تعالى : فَجَعَلْنَاهَاقال أبو جعفر: اختلف أهل التأويل في تأويل " الهاء والألف " في قوله: (فجعلناها)، وعلام هي عائدة؟ فروي عن ابن عباس فيها قولان: أحدهما ما:-1151 - حدثنا به أبو كريب قال، حدثنا عثمان بن سعيد قال، حدثنا بشر بن عمارة قال، حدثنا أبو روق، عن الضحاك, عن ابن عباس: (فجعلناها) فجعلنا تلك العقوبة -وهي المسخة-" نكالا ".فالهاء والألف من قوله: (فجعلناها) -على قول ابن عباس هذا- كناية ص[ 2-176 ]; عن " المسخة ", وهي" فعلة " مسخهم الله مسخة. (64)فمعنى الكلام على هذا التأويل: فقلنا لهم: كونوا قردة خاسئين، فصاروا قردة ممسوخين، (فجعلناها)، فجعلنا عقوبتنا ومسخنا إياهم، نَكَالا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهَا وَمَا خَلْفَهَا وَمَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ .* * *والقول الآخر من قولي ابن عباس، ما:-1151 - حدثني به محمد بن سعد قال، حدثني أبي قال، حدثني عمي قال، حدثني أبي, عن أبيه, عن ابن عباس: (فجعلناها)، يعني الحيتان.و " الهاء والألف " -على هذا القول- من ذكر الحيتان, ولم يجر لها ذكر. ولكن لما كان في الخبر دلالة، كني عن ذكرها. والدلالة على ذلك قوله: وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ الَّذِينَ اعْتَدَوْا مِنْكُمْ فِي السَّبْتِ .* * *وقال آخرون: فجعلنا القرية التي اعتدى أهلها في السبت. ف " الهاء " و " الألف " -في قول هؤلاء- كناية عن قرية القوم الذين مسخوا.* * *وقال آخرون: معنى ذلك فجعلنا القردة الذين مسخوا " نكالا لما بين يديها وما خلفها ", فجعلوا " الهاء والألف " كناية عن القردة.* * *وقال آخرون: (فجعلناها)، يعني به: فجعلنا الأمة التي اعتدت في السبت " نكالا ".* * *القول في تأويل قوله تعالى : نَكَالاو " النكال " مصدر من قول القائل: " نكَّل فلان بفلان تنكيلا ونكالا ". وأصل " النكال "، العقوبة, كما قال عدي بن زيد العباد :لا ص[ 2-177 ] يسخط الضليل ما يسع العبد ولا في نكاله تنكير (65)* * *وبمثل الذي قلنا في ذلك روي الخبر عن ابن عباس:1152 - حدثنا أبو كريب قال، حدثنا عثمان بن سعيد قال، حدثنا بشر بن عمارة قال، حدثنا أبو روق, عن الضحاك, عن ابن عباس: (نكالا) يقول: عقوبة.1153 - حدثني المثنى قال، حدثني إسحاق قال، حدثني ابن أبي جعفر, عن أبيه, عن الربيع في قوله: (فجعلناها نكالا)، أي عقوبة.* * *القول في تأويل قوله تعالى : لِمَا بَيْنَ يَدَيْهَا وَمَا خَلْفَهَاقال أبو جعفر: اختلف أهل التأويل في تأويل ذلك. فقال بعضهم بما:-1154 - حدثنا به أبو كريب قال، حدثنا عثمان بن سعيد قال، حدثنا بشر بن عمارة, عن أبي روق, عن الضحاك, عن ابن عباس: (لما بين يديها) يقول: ليحذر من بعدهم عقوبتي.(وما خلفها)، يقول: الذين كانوا بقوا معهم.1155 - حدثني المثنى قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا ابن أبي جعفر, عن أبيه, عن الربيع: (لما بين يدلها وما خلفها)، لما خلا لهم من الذنوب, (66) (وما خلفها)، أي عبرة لمن بقي من الناس.* * *وقال آخرون بما:1156 - حدثني ابن حميد قال، حدثنا سلمة قال، حدثني ابن إسحاق, عن داود بن الحصين, عن عكرمة مولى ابن عباس قال: قال ابن عباس: (فجعلناها نكالا لما بين يديها وما خلفها)، أي من القرى.* * *وقال آخرون بما:-1157 - حدثنا به بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد, عن قتادة قال الله ( فجعلناها نكالا لما بين يديها) -من ذنوب القوم-(وما خلفها)، أي للحيتان التي أصابوا.1158 - حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر, عن قتادة في قوله: (لما بين يديها)، من ذنوبها، (وما خلفها)، من الحيتان.1159 - حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثني عيسى, عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد في قول الله تعالى: (لما بين يديها)، ما مضى من خطاياهم إلى أن هلكوا به.1160 - حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد: (نكالا لما بين يديها وما خلفها)، يقول: " بين يديها "، ما مضى من خطاياهم,(وما خلفها) خطاياهم التي هلكوا بها.1161 - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج, عن ابن جريج, عن مجاهد, مثله - إلا أنه قال: (وما خلفها)، خطيئتهم التي هلكوا بها.* * *وقال آخرون بما:-1162 - حدثني به موسى بن هارون قال، حدثنا عمرو قال، حدثنا أسباط, عن السدي: (فجعلناها نكالا لما بين يديها وما خلفها) قال: أما " ما بين يديها " فما سلف من عملهم,(وما خلفها)، فمن كان بعدهم من الأمم، أن يعصوا فيصنع الله بهم مثل ذلك.* * *وقال آخرون بما:-1163 - حدثني به ابن سعد قال، حدثني أبي قال، حدثني عمي قال، حدثني أبي, عن أبيه، عن ابن عباس قوله, " فَجَعَلْنَاهَا نَكَالا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهَا وَمَا خَلْفَهَا "، يعني الحيتان، جعلها نكالا " لما بين يديها وما خلفها "، من الذنوب التي عملوا قبل الحيتان, وما عملوا بعد الحيتان. فذلك قوله: (ما بين يديها وما خلفها).* * *قال أبو جعفر: وأولى هذه التأويلات بتأويل الآية، ما رواه الضحاك عن ابن عباس. وذلك لما وصفنا من أن " الهاء والألف " - في قوله: فَجَعَلْنَاهَا نَكَالا - بأن تكون من ذكر العقوبة والمسخة التي مسخها القوم، أولى منها بأن تكون من ذكر غيرها. من أجل أن الله جل ثناؤه إنما يحذر خلقه بأسه وسطوته، بذلك يخوفهم (67) . وفي إبانته عز ذكره - بقوله: نَكَالا أنه عنى به العقوبة التي أحلها بالقوم - ما يعلم أنه عنى بقوله: " فَجَعَلْنَاهَا نَكَالا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهَا وَمَا خَلْفَهَا " ، فجعلنا عقوبتنا التي أحللناها بهم عقوبة لما بين يديها وما خلفها - دون غيره من المعاني. وإذْ كانت " الهاء والألف " - بأن تكون من ذكر المسخة والعقوبة، أولى منها بأن تكون من ذكر غيرها؛ فكذلك العائد في قوله: (لما بين يديها وما خلفها) من " الهاء والألف ": أن يكون من ذكر " الهاء والألف " اللتين في قوله: فَجَعَلْنَاهَا ، أولى من أن يكون من[ذكر] غيره. (68)فتأويل الكلام - إذْ كان الأمر على ما وصفنا -: فقلنا لهم كونوا قردة خاسئين, فجعلنا عقوبتنا لهم عقوبة لما بين يديها من ذنوبهم السالفة منهم، بمسخنا إياهم وعقوبتنا لهم - (69) ولما خلف عقوبتنا لهم من أمثال ذنوبهم: أن يعمل بها عامل, ص[ 2-180 ] فيمسخوا مثل ما مسخوا, وأن يحل بهم مثل الذي حل بهم، تحذيرا من الله تعالى ذكره عباده: أن يأتوا من معاصيه مثل الذي أتى الممسوخون، فيعاقبوا عقوبتهم.وأما الذي قال في تأويل ذلك: فَجَعَلْنَاهَا ، يعني الحيتان، عقوبة لما بين يدي الحيتان من ذنوب القوم وما بعدها من ذنوبهم - فإنه أبعد في الانتزاع. وذلك أن الحيتان لم يجر لها ذكر فيقال: فَجَعَلْنَاهَا . فإن ظن ظان أن ذلك جائز - وإن لم يكن جرى للحيتان ذكر - لأن العرب قد تكني عن الاسم ولم يجر له ذكر, فإن ذلك وإن كان كذلك, فغير جائز أن يترك المفهوم من ظاهر الكتاب - والمعقول به ظاهر في الخطاب والتنزيل - إلى باطن لا دلالة عليه من ظاهر التنزيل، ولا خبر عن الرسول صلى الله عليه وسلم منقول، (70) ولا فيه من الحجة إجماع مستفيض.وأما تأويل من تأول ذلك: لما بين يديها من القرى وما خلفها, فينظر إلى تأويل من تأول ذلك: بما بين يدي الحيتان وما خلفها.* * *القول في تأويل قوله تعالى : وَمَوْعِظَةًو " الموعظة "، مصدر من قول القائل: " وعظت الرجل أعظه وعظا وموعظة "، إذا ذكرته.* * *فتأويل الآية: فجعلناها نكالا لما بين يديها وما خلفها وتذكرة للمتقين, ليتعظوا بها, ويعتبروا, ويتذكروا بها, كما:-1164 - حدثنا أبو كريب قال، حدثنا عثمان بن سعيد قال، حدثنا بشر بن عمارة, عن أبي روق، عن الضحاك, عن ابن عباس: (وموعظة) يقول: وتذكرة وعبرة للمتقين.* * *القول في تأويل قوله تعالى لِلْمُتَّقِينَ (66)وأما " المتقون "، فهم الذين اتقوا، بأداء فرائضه واجتناب معاصيه، كما:-1165 - حدثنا أبو كريب قال، حدثنا عثمان بن سعيد قال، حدثنا بشر بن عمارة قال، حدثنا أبو روق, عن الضحاك, عن ابن عباس: (وموعظة للمتقين)، يقول: للمؤمنين الذين يتقون الشرك ويعملون بطاعتي.* * *فجعل تعالى ذكره ما أحل بالذين اعتدوا في السبت من عقوبته، موعظة للمتقين خاصة، وعبرة للمؤمنين، دون الكافرين به - إلى يوم القيامة -، كالذي:-1166 - حدثنا ابن حميد قال، حدثنا سلمة قال، حدثني ابن إسحاق, عن داود بن الحصين, عن عكرمة مولى ابن عباس, عن عبد الله بن عباس في قوله: (وموعظة للمتقين)، إلى يوم القيامة.1167 - حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد, عن قتادة: (وموعظة للمتقين)، أي: بعدهم.1168 - حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر, عن قتادة مثله.1169 - حدثنا موسى قال، حدثنا عمرو قال، حدثنا أسباط, عن السدي: أما " موعظة للمتقين ", فهم أمة محمد صلى الله عليه وسلم.1170 - حدثني المثنى قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا ابن أبي جعفر, عن أبيه, عن الربيع: (وموعظة للمتقين)، قال: فكانت موعظة للمتقين خاصة.1171 - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسن قال، حدثني حجاج, عن ابن جريج في قوله: (وموعظة للمتقين)، أي لمن بعدهم.--------------------الهوامش :(64) كأنه يريد أنه مصدر : كقولهم : رحمه الله رحمة، ولم يرد المرة ، وسيدل على ذلك ما يقوله بعد سطرين .(65) لم أجد البيت في جميع المراجع التي ذكرت قصيدة عدي بن زيد التي كتبها إلى النعمان من محبسه . وقد أثبت البيت كما هو في النسخ السقيمة التي بقيت من تفسير الطبري ، وظني أن يكون البيت :لا يكُظ المليك ما يسع العبد ولا في نكاله تنكيرفلم يحسن الناسخ قراءة"يكظ" كتبها "يسخط" ، ووضع مكان"المليك""الضليل" وكظه الأمر : بهظه وشق عليه . يقول للنعمان : أنت مليك قادر ، فلا يبهظك ما يسع عبيدك من العفو عمن أساء واجترم ، فإن عاقبت ، فما في عقابك ما يستنكر ، فأنت السيد المطاع النافذ أمرك في رعيتك صغيرهم وكبيرهم .(66) خلا : مضى وذهب وانقضى .(67) في المطبوعة : "وبذلك يخوفهم" ، ولعل الأجود ما أثبت .(68) ما بين القوسين زيادة لا بد منها في سياق الجملة .(69) في المطبوعة"مسخنا إياهم" بحذف حرف الجر ، وهو غير مستقيم ، وقوله : "ولما خلف عقوبتنا لهم" على قوله : "لما بين يديها . . . " .(70) انظر تفسير"ظاهر" و"باطن" فيما سلف من هذا الجزء 2 : 15 والمراجع .
وَ اِذْ قَالَ مُوْسٰى لِقَوْمِهٖۤ اِنَّ اللّٰهَ یَاْمُرُكُمْ اَنْ تَذْبَحُوْا بَقَرَةًؕ-قَالُوْۤا اَتَتَّخِذُنَا هُزُوًاؕ-قَالَ اَعُوْذُ بِاللّٰهِ اَنْ اَكُوْنَ مِنَ الْجٰهِلِیْنَ(۶۷)
اور جب موسیٰ نے اپنی قوم سے فرمایا خدا تمہیں حکم دیتا ہے کہ ایک گائے ذبح کرو (ف۱۱۶) بولے کہ آپ ہمیں مسخرہ بناتے ہیں (ف۱۱۷) فرمایا خدا کی پناہ کہ میں جاہلوں سے ہوں-(ف۱۱۸)
القول في تأويل قوله تعالى : وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً قَالُوا أَتَتَّخِذُنَا هُزُوًا قَالَ أَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ (67)قال أبو جعفر: وهذه الآية مما وبخ الله بها المخاطبين من بني إسرائيل، في نقض أوائلهم الميثاق الذي أخذه الله عليهم بالطاعة لأنبيائه, فقال لهم: واذكروا أيضا من نكثكم ميثاقي," إذ قال موسى لقومه " - وقومه بنو إسرائيل, إذ ادارءوا في القتيل الذي قتل فيهم إليه: (إن الله يأمركم أن تذبحوا بقرة قالوا أتتخذنا هزوا).و " الهزؤ": اللعب والسخرية, كما قال الراجز: (71)قد هزئت مني أم طيسلهقالت أراه معدما لا شيء له (72)يعني بقوله: قد هزئت: قد سخرت ولعبت.ولا ينبغي أن يكون من أنبياء الله -فيما أخبرت عن الله من أمر أو نهي- هزؤ أو لعب. فظنوا بموسى أنه في أمره إياهم -عن أمر الله تعالى ذكره بذبح البقرة عند تدارئهم في القتيل إليه - أنه هازئ لاعب. ولم يكن لهم أن يظنوا ذلك بنبي الله, وهو يخبرهم أن الله هو الذي أمرهم بذبح البقرة.* * *ص[2-183 ]وحذفت " الفاء " من قوله: (أتتخذنا هزوا)، وهو جواب, لاستغناء ما قبله من الكلام عنه, وحَسُن السكوت على قوله: (إن الله يأمركم أن تذبحوا بقرة)، فجاز لذلك إسقاط" الفاء " من قوله: (أتتخذنا هزوا)، كما جاز وحسن إسقاطها من قوله تعالى قَالَ فَمَا خَطْبُكُمْ أَيُّهَا الْمُرْسَلُونَ * قَالُوا إِنَّا أُرْسِلْنَا [ الحجر: 57 ، 58 الذاريات: 31 ، 32]، ولم يقل: فقالوا إنا أرسلنا. ولو قيل " فقالوا " كان حسنا أيضا جائزا. ولو كان ذلك على كلمة واحدة، لم تسقط منه " الفاء ". وذلك أنك إذا قلت: " قمت ففعلت كذا وكذا "، لم تقل: " قمت فعلت كذا وكذا " (73) لأنها عطف، لا استفهام يوقف عليه.فأخبرهم موسى -إذْ قالوا له ما قالوا- أن المخبر عن الله جل ثناؤه بالهزء والسخرية، من الجاهلين. (74) وبرأ نفسه مما ظنوا به من ذلك فقال: (أعوذ بالله أن أكون من الجاهلين)، يعني من السفهاء الذين يروون عن الله الكذب والباطل.* * *وكان سبب قيل موسى لهم: (إن الله يأمركم أن تذبحوا بقرة )، ما:-1172 - حدثنا به محمد بن عبد الأعلى قال، حدثنا المعتمر بن سليمان قال، سمعت أيوب, عن محمد بن سيرين, عن عبيدة قال: كان في بني إسرائيل رجل عقيم -أو عاقر- قال: فقتله وليه, ثم احتمله فألقاه في سبط غير سبطه. قال: فوقع بينهم فيه الشر حتى أخذوا السلاح. قال: فقال أولو النهى: أتقتتلون وفيكم رسول الله ؟ قال: فأتوا نبي الله, فقال: اذبحوا بقرة! فقالوا: أتتخذنا هزوا، قال: أَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ * قَالُوا ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنَا مَا هِيَ قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ ، إلى قوله: فَذَبَحُوهَا وَمَا كَادُوا يَفْعَلُونَ قال: فضرب، فأخبرهم بقاتله. قال: ولم تؤخذ البقرة إلا بوزنها ذهبا، قال : ص[ 2-184 ] ولو أنهم أخذوا أدنى بقرة لأجزأت عنهم. فلم يورث قاتل بعد ذلك. (75)1173 - وحدثني المثنى قال، حدثنا آدم قال، حدثني أبو جعفر, عن الربيع, عن أبي العالية في قول الله (إن الله يأمركم أن تذبحوا بقرة). قال: كان رجل من بني إسرائيل, وكان غنيا ولم يكن له ولد, وكان له قريب وارثه, فقتله ليرثه, ثم ألقاه على مجمع الطريق, (76) وأتى موسى فقال له: إن قريبي قتل وأُتي إلي أمر عظيم, وإني لا أجد أحدا يبين لي من قتله غيرك يا نبي الله. قال: فنادى موسى في الناس: أنشد الله من كان عنده من هذا علم إلا بينه لنا. فلم يكن عندهم علمه. فأقبل القاتل على موسى فقال: أنت نبي الله, فاسأل لنا ربك أن يبين لنا. فسأل ربه، فأوحى الله إليه: (إن الله يأمركم أن تذبحوا بقرة). فعجبوا وقالوا: أَتَتَّخِذُنَا هُزُوًا قَالَ أَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ * قَالُوا ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنَا مَا هِيَ قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ لا فَارِضٌ - يعني: لا هرمة - وَلا بِكْرٌ - يعني: ولا صغيرة - عَوَانٌ بَيْنَ ذَلِكَ - أي: نصف، بين البكر والهرمة - قَالُوا ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنَا مَا لَوْنُهَا قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ صَفْرَاءُ فَاقِعٌ لَوْنُهَا - أي: صاف لونها - تَسُرُّ النَّاظِرِينَ - أي تعجب الناظرين - قَالُوا ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنَا مَا هِيَ إِنَّ الْبَقَرَ تَشَابَهَ عَلَيْنَا وَإِنَّا إِنْ شَاءَ اللَّهُ لَمُهْتَدُونَ * قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ لا ذَلُولٌ أي: لم يذللها العمل - تُثِيرُ الأَرْضَ - يعني ليست بذلول فتثير الأرض - وَلا تَسْقِي الْحَرْثَ - يقول: ولا تعمل في الحرث - مُسَلَّمَةٌ ، يعني مسلمة من العيوب، لا شِيَةَ فِيهَا - يقول: لا بياض فيها - قَالُوا الآنَ جِئْتَ بِالْحَقِّ فَذَبَحُوهَا وَمَا كَادُوا يَفْعَلُونَ [ 2-185 ] . قال: ولو أن القوم حين أمروا أن يذبحوا بقرة، استعرضوا بقرة من البقر فذبحوها ، (77) لكانت إياها, ولكنهم شددوا على أنفسهم, فشدد الله عليهم. ولولا أن القوم استثنوا فقالوا: وَإِنَّا إِنْ شَاءَ اللَّهُ لَمُهْتَدُونَ ، لما هدوا إليها أبدا. فبلغنا أنهم لم يجدوا البقرة التي نعتت لهم، إلا عند عجوز عندها يتامى, وهي القيمة عليهم. فلما علمت أنهم لا يزكو لهم غيرها، (78) أضعفت عليهم الثمن. فأتوا موسى فأخبروه أنهم لم يجدوا هذا النعت إلا عند فلانة, وأنها سألتهم أضعاف ثمنها. فقال لهم موسى: إن الله قد كان خفف عليكم, فشددتم على أنفسكم, فأعطوها رضاها وحكمها. ففعلوا، واشتروها فذبحوها. فأمرهم موسى أن يأخذوا عظما منها فيضربوا به القتيل. ففعلوا, فرجع إليه روحه, فسمى لهم قاتله, ثم عاد ميتا كما كان. فأخذوا قاتله - وهو الذي كان أتى موسى فشكى إليه, - فقتله الله على أسوء عمله.1174 - حدثني موسى قال، حدثنا عمرو قال، حدثنا أسباط, عن السدي: (وإذ قال موسى لقومه إن الله يأمركم أن تذبحوا بقرة). قال: كان رجل من بني إسرائيل مكثرا من المال, وكانت له ابنة، وكان له ابن أخ محتاج. فخطب إليه ابن أخيه ابنته، فأبي أن يزوجه إياها, فغضب الفتى وقال: والله لأقتلن عمي، ولآخذن ماله، ولأنكحن ابنته، ولآكلن ديته! فأتاه الفتى، وقد قدم تجار في أسباط بني إسرائيل, فقال: يا عم، انطلق معي فخذ لي من تجارة هؤلاء القوم، لعلي أصيب منها, (79) فإنهم إذا رأوك معي أعطوني. فخرج العم مع الفتى ليلا فلما بلغ الشيخ ذلك السبط، قتله الفتى، ثم رجع إلى أهله. فلما أصبح، جاء كأنه يطلب عمه, كأنه لا يدري أين هو، فلم يجده. فانطلق نحوه، فإذا هو بذلك السبط مجتمعين عليه, فأخذهم وقال: قتلتم عمي فأدوا إلي ديته. وجعل يبكي ويحثو التراب على رأسه وينادى: واعماه! فرفعهم إلى موسى, فقضى عليهم بالدية, فقالوا له: يا رسول الله، ادع لنا ربك حتى يبين له من صاحبه، فيؤخذ صاحب الجريمة, (80) فوالله إن ديته علينا لهينة, ولكنا نستحي أن نعير به. فذلك حين يقول الله جل ثناؤه: وَإِذْ قَتَلْتُمْ نَفْسًا فَادَّارَأْتُمْ فِيهَا وَاللَّهُ مُخْرِجٌ مَا كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ . فقال لهم موسى: (إن الله يأمركم أن تذبحوا بقرة). قالوا: نسألك عن القتيل وعمن قتله، وتقول: اذبحوا بقرة! أتهزأ بنا؟ قال موسى: (أعوذ بالله أن أكون من الجاهلين) - قال، قال ابن عباس: فلو اعترضوا بقرة فذبحوها لأجزأت عنهم, ولكنهم شددوا وتعنتوا موسى فشدد الله عليهم - (81) فقالوا: ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنَا مَا هِيَ قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ لا فَارِضٌ وَلا بِكْرٌ عَوَانٌ بَيْنَ ذَلِكَ - والفارض: الهرمة التي لا تلد, والبكر: التي لم تلد إلا ولدا واحدا, والعوان: النصف التي بين ذلك، التي قد ولدت وولد ولدها - فَافْعَلُوا مَا تُؤْمَرُونَ * قَالُوا ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنَا مَا لَوْنُهَا قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ صَفْرَاءُ فَاقِعٌ لَوْنُهَا تَسُرُّ النَّاظِرِينَ - قال: تعجب الناظرين - قَالُوا ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنَا مَا هِيَ إِنَّ الْبَقَرَ تَشَابَهَ عَلَيْنَا وَإِنَّا إِنْ شَاءَ اللَّهُ لَمُهْتَدُونَ * قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ لا ذَلُولٌ تُثِيرُ الأَرْضَ وَلا تَسْقِي الْحَرْثَ مُسَلَّمَةٌ لا شِيَةَ فِيهَا - من بياض ولا سواد ولا حمرة - قَالُوا الآنَ جِئْتَ بِالْحَقِّ . فطلبوها فلم يقدروا عليها.وكان رجل من بني إسرائيل من أبر الناس بأبيه، وإن رجلا مر به معه لؤلؤ يبيعه, فكان أبوه نائما تحت رأسه المفتاح, فقال له الرجل: تشتري مني هذا اللؤلؤ بسبعين ألفا؟ فقال له الفتى: كما أنت حتى يستيقظ أبي فآخذه بثمانين ألفا. فقال له الآخر: أيقظ أباك وهو لك بستين ألفا. فجعل التاجر يحط له حتى بلغ ثلاثين ألفا, وزاد الآخر على أن ينتظر حتى يستيقظ أبوه، حتى بلغ مائة ألف. فلما أكثر عليه قال: لا والله، لا أشتريه منك بشيء أبدا, وأبى أن يوقظ أباه. فعوضه الله من ذلك اللؤلؤ أن جعل له تلك البقرة. فمرت به بنو إسرائيل يطلبون البقرة, فأبصروا البقرة عنده, فسألوه أن يبيعهم إياها بقرة ببقرة، فأبي, فأعطوه ثنتين فأبي, فزادوه حتى بلغوا عشرا، فأبي, فقالوا: والله لا نتركك حتى نأخذها منك. فانطلقوا به إلى موسى فقالوا: يا نبي الله، إنا وجدنا البقرة عند هذا فأبي أن يعطيناها, وقد أعطيناه ثمنا. فقال له موسى: أعطهم بقرتك. فقال: يا رسول الله، أنا أحق بمالي. فقال: صدقت. وقال للقوم: أرضوا صاحبكم. فأعطوه وزنها ذهبا فأبي, فأضعفوا له مثل ما أعطوه وزنها، حتى أعطوه وزنها عشر مرات, فباعهم إياها وأخذ ثمنها. فقال: اذبحوها. فذبحوها فقال: اضربوه ببعضها. فضربوه بالبضعة التي بين الكتفين، فعاش, فسألوه: من قتلك؟ فقال لهم: ابن أخي، قال: أقتله، وآخذ ماله، وأنكح ابنته. فأخذوا الغلام فقتلوه.1175 - حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد, عن قتادة -1176 - وحدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب, عن ابن زيد, عن مجاهد -1177 - وحدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل قال، حدثني خالد بن يزيد, عن مجاهد -1178 - وحدثني المثنى قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا إسماعيل بن عبد الكريم قال، حدثني عبد الصمد بن معقل: أنه سمع وهبا يذكر -1179 - وحدثني القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج, عن ابن جريج, عن مجاهد - وحجاج, عن أبي معشر, عن محمد بن كعب القرظي ومحمد بن قيس -1180 - وحدثني محمد بن سعد قال، حدثني أبي قال، حدثني عمي قال، أخبرني أبي, عن أبيه, عن ابن عباس -- فذكر جميعهم أن السبب الذي من أجله قال لهم موسى: (إن الله يأمركم أن تذبحوا بقرة)، نحو السبب الذي ذكره عبيدة وأبو العالية والسدي، غير أن بعضهم ذكر أن الذي قتل القتيل الذي اختصم في أمره إلى موسى، كان أخا المقتول، وذكر بعضهم أنه كان ابن أخيه، وقال بعضهم: بل كانوا جماعة ورثة استبطئوا حياته. إلا أنهم جميعا مجمعون على أن موسى إنما أمرهم بذبح البقرة من أجل القتيل إذ احتكموا إليه - عن أمر الله إياهم بذلك - (82) فقالوا له: وما ذبح البقرة؟ يبين لنا خصومتنا التي اختصمنا فيها إليك في قتل من قتل، فادُّعِي على بعضنا أنه القاتل! أتهزأ بنا؟ كما:-1181 - حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد: قتل قتيل من بني إسرائيل, فطرح في سبط من الأسباط، فأتى أهل ذلك القتيل إلى ذلك السبط فقالوا: أنتم والله قتلتم صاحبنا. قالوا: لا والله. فأتوا موسى فقالوا: هذا قتيلنا بين أظهرهم، وهم والله قتلوه! فقالوا: لا والله يا نبي الله، طرح علينا! فقال لهم موسى: إن الله يأمركم أن تذبحوا بقرة. فقالوا: أتستهزئ بنا؟ وقرأ قول الله جل ثناؤه: (أتتخذنا هزوا). قالوا: نأتيك فنذكر قتيلنا والذي نحن فيه، فتستهزئ بنا؟ فقال موسى: (أعوذ بالله أن أكون من الجاهلين).1182 - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج, عن ابن جريج, عن مجاهد وحجاج, عن أبي معشر, عن محمد بن كعب القرظي, ومحمد بن قيس: لما أتى أولياء القتيل والذين ادعوا عليهم قتل صاحبهم - موسى وقصوا قصتهم عليه, أوحى الله إليه أن يذبحوا بقرة, فقال لهم موسى: (إن الله يأمركم أن تذبحوا بقرة، قالوا أتتخذنا هزوا قال أعوذ بالله أن أكون من الجاهلين). قالوا: وما البقرة والقتيل؟ قال: أقول لكم: " إن الله يأمركم أن تذبحوا بقرة "، وتقولون: " أتتخذنا هزوا ".------------------الهوامش :(71) هو صخير بن عمير التميمي ، ويقال إن القصيدة للأصمعي نفسه .(72) الأصمعيات : 58 ، وأمالي القالي 2 : 284 ، وانظر تحقيق ما قيل فيها في تعليق سمط اللآلي للراجكوتي : 930 وروايتهم جميعا :تهزأ مني أخت آل طيسله. . . . . . . . . . . . . . . . . . .ويروى"مملقا لا شيء له" و"مبلطا" ، وكلها بمعنى واحد : فقيرا لا شيء له .(73) في المطبوعة : "قمت وفعلت" وفي المطبوعة : "ولم تقل : قمت . . " بزيادة الواو ، وهو فاسد . وانظر معاني القرآن للفراء 1 : 44 .(74) سياق معناه : أخبرهم موسى أن المخبر عن الله بهُزُء وسخرية ، هو من الجاهلين .(75) الأثر : 1172 - عبيدة ، بفتح العين وبعد الباء الموحدة ياء تحتية : هو عبيدة السلماني . وهذا الأثر نقله ابن كثير 1 : 197 - 198 ، من رواية ابن أبي حاتم ، من طريق هشام بن حسان"عن محمد بن سيرين ، عن عبيدة السلماني" . ثم أشار إلى رواية الطبري هذه .وقد مضى أثر آخر : 245 من رواية أيوب وابن عون ، عن ابن سيرين ، عن"عبيدة" . ورجحنا هناك أن صوابه"عبيدة" . فهذا الإسناد الذي هنا يؤيد ما رجحنا .(76) مجمع الطريق : هو حيث يلتقى الناس ويجتمعون ، أو حيث تلتقى الطرق .(77) استعرضوا : أخذوا من عرض البقر (بضم العين وسكون الراء) فلم يبالوا أيها أخذوا . والعرض : الوجه والناحية ، أي ما يعرض لك من الشيء .(78) تقول : "هذا الأمر لا يزكو بفلان" أي لا يليق به ولا يصلح له . فقوله : "لا يزكو لهم غيرها" أي لا يصلح لهم غيرها ولا ينفع فيما أمرهم الله به .(79) في المطبوعة : "أصيب فيها" ، وهو خطأ ، والصواب من تفسير ابن كثير 1 : 200 . أصاب الإنسان من المال وغيره : تناول وأخذ . ويريد أصيب منها ربحا .(80) في المطبوعة : "ادع لنا حتى يتبين" . ونص ابن كثير في تفسيره 1 : 200"ادع لنا ربك حتى يبين لنا من صاحبه ، فيؤخذ صاحب القضية" .(81) أعنته وتعنته : سأله عن شيء أراد به اللبس عليه والمشقة .(82) الأجود أن يكون"عن أمر الله إياه بذلك" .
قَالُوا ادْعُ لَنَا رَبَّكَ یُبَیِّنْ لَّنَا مَا هِیَ ؕ-قَالَ اِنَّهٗ یَقُوْلُ اِنَّهَا بَقَرَةٌ لَّا فَارِضٌ وَّ لَا بِكْرٌؕ-عَوَانٌۢ بَیْنَ ذٰلِكَؕ-فَافْعَلُوْا مَا تُؤْمَرُوْنَ(۶۸)
بولے اپنے رب سے دعا کیجئے کہ وہ ہمیں بتادے گائے کیسی کہا وہ فرماتا ہے کہ وہ ایک گائے ہے نہ بوڑھی اور نہ اَدسر بلکہ ان دونوں کے بیچ میں تو کرو جس کا تمہیں حکم ہوتا ہے،
القول في تأويل قوله تعالى : قَالُوا ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنَا مَا هِيَ قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ لا فَارِضٌ (83)قال أبو جعفر: فقال الذين قيل لهم: إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً - بعد أن علموا واستقر عندهم، أن الذي أمرهم به موسى من ذلك عن أمر الله من ذبح بقرة - جد وحق، (84) (ادع لنا ربك يبين لنا ما هي)، فسألوا موسى أن يسأل ربه لهم ما كان الله قد كفاهم بقوله لهم: " اذبحوا بقرة ". لأنه جل ثناؤه إنما أمرهم بذبح بقرة من البقر - أي بقرة شاءوا ذبحها من غير أن يحصر لهم ذلك على نوع منها دون نوع أو صنف دون صنف - فقالوا بجفاء أخلاقهم وغلظ طبائعهم، وسوء أفهامهم, وتكلف ما قد وضع الله عنهم مؤونته, تعنتا منهم لرسول الله صلى الله عليه وسلم، كما:-1183 - حدثني محمد بن سعد قال، حدثني أبي قال، حدثني عمي قال، حدثني أبي, عن أبيه, عن ابن عباس قال: لما قال لهم موسى: أَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ . قالوا له يتعنتونه: (ادع لنا ربك يبين لنا ما هي).فلما تكلفوا جهلا منهم ما تكلفوا من البحث عما كانوا قد كفوه من صفة البقرة التي أمروا بذبحها، تعنتا منهم نبيهم موسى صلوات الله عليه، بعد الذي كانوا أظهروا له من سوء الظن به فيما أخبرهم عن الله جل ثناؤه، بقولهم: أَتَتَّخِذُنَا هُزُوًا (85) - عاقبهم عز وجل بأن حصر ذبح ما كان أمرهم بذبحه ص[ 2-190 ]; من البقر على نوع منها دون نوع، (86) فقال لهم جل ثناؤه - إذ سألوه فقالوا: ما هي؟ ما صفتها؟ وما حليتها؟ حَلِّها لنا لنعرفها! (87) -قال: (إنها بقرة لا فارض ولا بكر).* * *يعني بقوله جل ثناؤه: (لا فارض) لا مسنة هرمة. يقال منه: " فرضت البقرة تفرض فروضا ", يعني بذلك: أسنت. ومن ذلك قول الشاعر:يا رب ذي ضغن عليَّ فارضِله قروء كقروء الحائضِ (88)يعني بقوله: " فارض "، قديم. يصف ضغنا قديما. ومنه قول الآخر:لها زِجاج ولهاة فارضحدلاء كالوطب نحاه الماخض (89)وبمثل الذي قلنا في تأويل " فارض " قال المتأولون:* ذكر من قال ذلك:1184 - حدثني علي بن سعيد الكندي قال، حدثنا عبد السلام بن حرب, عن خصيف, عن مجاهد: (لا فارض)، قال: لا كبيرة. (90)1185 - حدثنا أبو كريب قال، حدثنا ابن عطية قال، حدثنا شريك, عن خصيف, عن سعيد بن جبير, عن ابن عباس, أو عن عكرمة, شك شريك-: (لا فارض)، قال: الكبيرة.1185 - حدثني محمد بن سعد قال، أخبرني أبي قال، حدثني عمي قال، حدثني أبي, عن أبيه، عن ابن عباس قوله: (لا فارض)، الفارض: الهرمة.1186 - حدثت عن المنجاب قال، حدثنا بشر, عن أبي روق, عن الضحاك, عن ابن عباس: (لا فارض)، يقول: ليست بكبيرة هرمة.1187 - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج قال، قال ابن جريج, عن عطاء الخراساني عن ابن عباس: (لا فارض)، الهرمة.1188 - حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد: " الفارض " الكبيرة.1189 - حدثنا أحمد بن إسحاق الأهوازي قال، حدثنا أبو أحمد الزبيري قال، ص[ 2-192 ] حدثنا شريك, عن خصيف, عن مجاهد قوله: (لا فارض)، قال: الكبيرة.1190 - حدثنا المثنى قال، حدثنا آدم قال، حدثنا أبو جعفر, عن الربيع, عن أبي العالية: (لا فارض)، يعني: لا هرمة.1191 - حدثت عن عمار قال، حدثنا ابن أبي جعفر, عن أبيه, عن الربيع مثله.1192 - حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد, عن قتادة: " الفارض "، الهرمة.1193 - حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، قال معمر, قال قتادة: " الفارض " الهرمة. يقول: ليست بالهرمة ولا البكر عوان بين ذلك.1194 - حدثني موسى بن هارون قال، حدثنا عمرو بن حماد قال، حدثنا أسباط, عن السدي: " الفارض "، الهرمة التي لا تلد.1195 - حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد: " الفارض "، الكبيرة.* * *القول في تأويل قوله تعالى : وَلا بِكْرٌقال أبو جعفر: و " البكر " من إناث البهائم وبني آدم، ما لم يفتحله الفحل, وهي مكسورة الباء، لم يسمع منه " فَعَل " ولا " يفعل ". وأما " البكر " بفتح الباء فهو الفتي من الإبل.* * *وإنما عنى جل ثناؤه بقوله (ولا بكر) ولا صغيرة لم تلد، كما:-1196 - حدثني علي بن سعيد الكندي قال، حدثنا عبد السلام بن حرب, عن خصيف, عن مجاهد: (ولا بكر)، صغيرة.1197 - حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد: " البكر "، الصغيرة.1198 - حدثنا أبو كريب قال، حدثنا الحسن بن عطية قال، حدثنا شريك, عن خصيف, عن سعيد, عن ابن عباس -أو عكرمة، شك-: (ولا بكر)، قال: الصغيرة.1199 - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسن قال، حدثني حجاج قال، قال ابن جريج, عن عطاء الخراساني, عن ابن عباس: (ولا بكر)، الصغيرة.1200 - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني أبو سفيان, عن معمر, عن قتادة: (ولا بكر) ولا صغيرة.1201 - حدثت عن المنجاب قال، حدثنا بشر, عن أبي روق, عن الضحاك, عن ابن عباس: (ولا بكر)، ولا صغيرة ضعيفة.1202 - حدثني المثنى قال، حدثنا آدم قال، حدثنا أبو جعفر, عن الربيع، عن أبي العالية: (ولا بكر)، يعني: ولا صغيرة.1203 - حدثت عن عمار قال، حدثنا ابن أبي جعفر, عن أبيه, عن الربيع, مثله.1204 - وحدثني موسى بن هارون قال، حدثنا عمرو قال، حدثنا أسباط, عن السدي: في" البكر "، لم تلد إلا ولدا واحدا.* * *القول في تأويل قوله تعالى : عَوَانٌقال أبو جعفر: " العوان " النصف التي قد ولدت بطنا بعد بطن, وليست بنعت للبكر. يقال منه: " قد عونت " إذا صارت كذلك.وإنما معنى الكلام أنه يقول: إنها بقرة لا فارض ولا بكر بل عوان ص[ 2-194 ] بين ذلك. ولا يجوز أن يكون " عوان " إلا مبتدأ. لأن قوله بَيْنَ ذَلِكَ ، كناية عن الفارض والبكر, فلا يجوز أن يكون متقدما عليهما، ومنه قول الأخطل:وما بمكة من شُمط مُحَفِّلةوما بيثرب من عُونٍ وأبكار (91)وجمعها " عون " يقال: " امرأة عوان من نسوة عون ". ومنه قول تميم بن مقبل:ومأتم كالدمي حورٍ مدامعهالم تبأس العيش أبكارا ولا عونا (92)وبقرة " عوان، وبقر عون ". قال: وربما قالت العرب: " بقر عُوُن " مثل " رسل " يطلبون بذلك الفرق بين جمع " عوان " من البقر, وجمع " عانة " من الحمر. ويقال: " هذه حرب عوان "، إذا كانت حربا قد قوتل فيها مرة بعد مرة. يمثل ذلك بالمرأة التي ولدت بطنا بعد بطن. وكذلك يقال: " حاجة عوان "، إذا كانت قد قضيت مرة بعد مرة.1205 - حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب، أن ابن زيد أنشده:قعود لدى الأبواب طلاب حاجةعوانٍ من الحاجات أو حاجةً بكرا (93)قال أبو جعفر: والبيت للفرزدق.وبنحو الذي قلنا في ذلك تأوله أهل التأويل.* ذكر من قال ذلك:1206 - حدثنا علي بن سعيد الكندي، حدثنا عبد السلام بن حرب, عن خصيف, عن مجاهد: (عوان بين ذلك)، وسط، قد ولدت بطنا أو بطنين. (94)1207 - حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم, عن عيسى, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد: (عوان)، قال: " العوان ": العانس النصف.1208 - حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد: " العوان "، النصف.1209 - حدثنا أبو كريب قال، حدثنا ابن عطية قال، حدثنا شريك, عن خصيف, عن سعيد بن جبير, عن ابن عباس -أو عكرمة, شك شريك-(عوان)، قال: بين ذلك.1210 - حُدثت عن المنجاب قال، حدثنا بشر, عن أبي روق, عن الضحاك, عن ابن عباس: (عوان)، قال: بين الصغيرة والكبيرة, وهى أقوى ص[ 2-196 ] ما تكون من البقر والدواب، وأحسن ما تكون.1211 - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسن قال، حدثني حجاج قال، قال ابن جريج, عن عطاء الخراساني عن ابن عباس: (عوان)، قال: النصف.1212 - حدثني المثنى قال، حدثنا آدم قال، حدثنا أبو جعفر, عن الربيع, عن أبي العالية: (عوان) نَصَف.1213 - وحُدثت عن عمار، عن ابن أبي جعفر, عن أبيه, عن الربيع, مثله.1214 - حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد بن زريع, عن سعيد, عن قتادة: " العوان "، نَصَف بين ذلك.1214 - حدثنا أحمد بن إسحاق قال، حدثنا أبو أحمد الزبيري قال، حدثنا شريك, عن خصيف, عن مجاهد: (عوان)، التي تنتج شيئا بشرط أن تكون التي قد نتجت بكرة أو بكرتين.1215 - حدثنا موسى قال، حدثنا عمرو قال، حدثنا أسباط, عن السدي: " العوان "، النصَف التي بين ذلك, التي قد ولدت وولد ولدُها.1216 - حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد: " العوان "، بين ذلك، ليست ببكر ولا كبيرة.* * *القول في تأويل قوله تعالى : بَيْنَ ذَلِكَقال أبو جعفر: يعني بقوله: (بين ذلك) بين البكر والهرمة، كما:-1217 - حدثني المثنى قال، حدثنا آدم قال، حدثنا أبو جعفر, عن الربيع, عن أبي العالية: (بين ذلك)، أي بين البكر والهرمة.* * *فإن قال قائل: قد علمت أن " بين " لا تصلح إلا أن تكون مع شيئين ص[ 2-197 ] فصاعدا, فكيف قيل " بين ذلك " و " ذلك " واحد في اللفظ؟قيل: إنما صلحت مع كونها واحدة, لأن " ذلك " بمعنى اثنين, والعرب تجمع في" ذلك " و " ذاك " شيئين ومعنيين من الأفعال, كما يقول القائل: " أظن أخاك قائما, وكان عمرو أباك ", (95) ثم يقول: " قد كان ذاك, وأظن ذلك ". فيجمع ب " ذلك " و " ذاك " الاسم والخبر، الذي كان لا بد ل " ظن " و " كان " منهما . (96)* * *فمعنى الكلام: قال: إنه يقول إنما بقرة لا مسنة هرمة، ولا صغيرة لم تلد, ولكنها بقرة نصف قد ولدت بطنا بعد بطن، بين الهرم والشباب. فجمع " ذلك " معنى الهرم والشباب لما وصفنا, ولو كان مكان الفارض والبكر اسما شخصين، لم يجمع مع " بين " ذلك. وذلك أن " ذلك " لا يؤدي عن اسم شخصين, وغير جائز لمن قال: " كنت بين زيد وعمرو ", أن يقول: " كنت بين ذلك ", وإنما يكون ذلك مع أسماء الأفعال دون أسماء الأشخاص. (97)* * *القول في تأويل قوله تعالى : فَافْعَلُوا مَا تُؤْمَرُونَ (68)قال أبو جعفر: يقول الله لهم جل ثناؤه: افعلوا ما آمركم به، تدركوا حاجاتكم وطلباتكم عندي؛ واذبحوا البقرة التي أمرتكم بذبحها, تصلوا - بانتهائكم إلى طاعتي بذبحها - إلى العلم بقاتل قتيلكم.-----------------الهوامش :(83) الآية كلها ساقطة من الأصول ، فوضعتها في موضعها .(84) قوله"جد وحق" ، خبر قوله"أن الذي أمرهم به موسى . . . "(85) سياق العبارة : "فلما تكلفوا جهلا منهم ما تكلفوا . . عاقبهم . . " ، وما بينهما فصل .(86) في المطبوعة"بأن خص بذبح ما كان أمرهم" ، وعبارة الطبري فيما أرجح هي ما أثبته/ ، وقد قال آنفًا : 189"من غير أن يحصر لهم ذلك على نوع منها دون نوع" ، وسيقول بعد : 197"فحصروا على نوع دون سائر الأنواع" .(87) الحلية (بكسر فسكون) الصفة والصورة : حلى الرجل يحليه تحلية : وصف صورته وهيأته . وتحليت الرجل : عرفت صفته .(88) مجالس ثعلب : 364 ، والمعاني الكبير : 850 ، 1143 ، والحيوان 6 : 66 - 67 ، والأضداد : 22 ، وكتاب القرطين 1 : 44 ، 77 ، واللسان (فرض) ، وغيرها ، وصواب إنشاده :يارب مولى حاسد مباغضعليّ ذي ضغن وضب فارضوالضب : الغيظ والحقد تضمره في القلب . قروء وأقراء جمع قرء (بضم فسكون) : وهو وقت الحيض قال ابن قتيبة : "أي له أوقات تهيج فيها عداوته" ، وقال الجاحظ : "كأنه ذهب إلى أن حقده يخبو ثم يستعر ، ثم يخبو ثم يستعر" .(89) البيت الأول في اللسان (زجج) ، والثاني في المخصص 1 : 162 . وكان في الأصل :له زجاج ولهاة فارضهدلاء كالوطب تجاه الماخضوهو تصحيف . والزجاج جمع زج : وهو الحديدة التي تركب في أسفل الرمح يركز به في الأرض . فاستعاره للألباب . واللهاة : لحمة حمراء في الحنك ، معلقة على عكدة اللسان ، مشرفة على الحلق . والفارض في هذا البيت : الواسع العظيم الضخم يقال : لحية فارض ، وشِقْشِقَة فارض . (وهي لهاة البعير) ودلو فارض قال أبو محمد الفقعسي يذكر دلوا واسعا (وهو الغرب) .والغرب غرب بقري فارضوحدلاء وأحدل : وهو الذي يمشي في شق ، وفي منكبيه ورقبته إقبال على صدره ، وانحناء . والوطب : سقاء اللبن ، يكون من جلد . ونحاه : صرفه وأماله . والماخض : من مخض اللبن : إذا وضع في الممخضة ، ليخرج زبده . لعله يهجو امرأته ، ويذكر قبح أنيابها ، وسعة لهاتها ، من شدة شرهها . ويصف مشيتها مائلة على شق ، وتكدس بدنها بعضه على بعض ، كأنها وطب أماله الماخض يمنة ويسرة يحركه .(90) الخبر 1184 - علي بن سعيد بن مسروق الكندي ، شيخ الطبري : كوفي ثقة ، مترجم في التهذيب ، وابن أبي حاتم 3 / 1 /189 - 190 ، مات سنة 249 . عبد السلام بن حرب الملائي الكوفي ، الحافظ : ثقة حجة ، أخرج له أصحاب الكتب الستة . وترجمه ابن أبي حاتم 3 / 1 /47 .(91) ديوانه : 119 ، وهو يخالف ما رواه الطبري ، وقبله :إني حلفت برب الراقصات وماأضحي بمكة من حجب وأستاروبالهدي - إذا احمرت مذارعهافي يوم نسك وتشريق وتنحاروما بزمزم من شمط محلقهوما بيثرب من عون وأبكاريعني : حلقوا رؤوسهم ، وقد تحللوا من إحرامهم وقضوا حجتهم ، والشمط جمع أشمط : وهو الذي خالط سواد شعره بياض الشيب . فإن صحت رواية الطبري"شمط مُحَفِّلَةٍ" ، فكأنها من الحفيل والاحتفال : وهو الجد والاجتهاد ، يقال منه : رجل ذو حفيل ، وذو حفل وحفلة : له جد واجتهاد ومبالغة فيما أخذ فيه من الأمور . فكأنه عنى : مجتهدون في العبادة والنسك .(92) جمهرة أشعار العرب : 162 ، من جيد شعر تميم بن أبي بن مقبل . والمأتم عند العرب : جماعة النساء - أو الرجال - في خير أو شر . قالوا : والعامة تغلط فتظن أن"المأتم" النوح والنياحة . والدمى جمع دمية : الصورة أو التمثال ، يتنوق في صنعتها ويبالغ في تحسينها ، والعرب تكثر من تشبيه النساء بالدمي . والحور جمع حوراء . والحور أن يشتد بياض بياض العين ، وسواد سوادها ، تستدير حدقتها ، وترق جفونها ، ويبيض ما حولها . وقوله : "لم تبأس" أي لم يلحقها بؤس عيش ، أو لم تشك بؤس عيش بئس يبأس بؤسا ، فهو بائس وبئيس ، افتقر واشتد عليه البؤس . وفي الأصل المطبوع ، وفي اللسان (أتم) : "لم تيأس" بالياء المثناة ، وهو خطأ .(93) ديوان الفرزدق : 227 ، وطبقات فحول الشعراء : 256 ، وتاريخ الطبري : 138 ، وغيرها . وسيأتي في 7 : 188 (بولاق) ، والشعر في زياد، وقبله :دعاني زياد للعطاء ولم أكنلأقربه ما ساق ذو حسب وفراوعند زياد, لو يريد عطاءهم,رجال كثير قد يرى بهمُ فقراويروى : قعودا ، ورواية ابن سلام"طالب حاجة" ، ونصب"أو حاجة بكرا" عطفا على محل"حاجة عوان" ، فمحلها نصب بقوله : "طلاب" .(94) الخبر : 1206 -"على بن سعيد الكندي" : ترجمنا له في : 1184 ، وفي الأصول هنا"سعد" بدل"سعيد" ، وهو خطأ .(95) عبارة الفراء هنا أوضح قال : فلا بد ل"كان" من شيئين" ، ولا بد ل"أظن" من شيئين ثم يجوز أن تقول : "قد كان ذاك ، وأظن ذلك" . معاني القرآن 1 : 45 .(96) كان في المطبوعة : "الذي كان لا بد للظن وكان منهما" ، وهو كلام يضطرب .(97) انظر معاني القرآن للفراء 1 : 45 .
قَالُوا ادْعُ لَنَا رَبَّكَ یُبَیِّنْ لَّنَا مَا لَوْنُهَاؕ-قَالَ اِنَّهٗ یَقُوْلُ اِنَّهَا بَقَرَةٌ صَفْرَآءُۙ-فَاقِعٌ لَّوْنُهَا تَسُرُّ النّٰظِرِیْنَ(۶۹)
بولے اپنے رب سے دعا کیجئے ہمیں بتادے اس کا رنگ کیا ہے کہا وہ فرماتا ہے وہ ایک پیلی گائے ہے جس کی رنگت ڈہڈہاتی دیکھنے والوں کو خوشی دیتی،
القول في تأويل قوله تعالى : قَالُوا ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنَا مَا لَوْنُهَا قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ صَفْرَاءُقال أبو جعفر: ومعنى ذلك: قال قوم موسى لموسى: ادع لنا ربك يبين لنا ما لونها؟ أي لون البقرة التي أمرتنا بذبحها. وهذا أيضا تعنت آخر منهم بعد الأول, وتكلف طلب ما قد كانوا كفوه في المرة الثانية والمسألة الآخرة. وذلك أنهم لم يكونوا حصروا في المرة الثانية - إذ قيل لهم بعد مسألتهم عن حلية البقرة التي كانوا أمروا بذبحها، فأبوا إلا تكلف ما قد كفوه من المسألة عن صفتها، فحصروا على نوع دون سائر الأنواع، عقوبة من الله لهم على مسألتهم التي سألوها نبيهم صلى الله عليه وسلم، تعنتا منهم له. ثم لم يحصرهم على لون منها دون لون, فأبوا إلا تكلف ما كانوا عن تكلفه أغنياء, فقالوا - تعنتا منهم لنبيهم صلى الله عليه وسلم كما ذكر ابن عباس-: (ادع لنا ربك يبين لنا ما لونها) فقيل لهم عقوبة لهم: (إنها بقرة صفراء فاقع لونها تسر الناظرين). فحصروا على لون منها دون لون. ومعنى ذلك: أن البقرة التي أمرتكم بذبحها صفراء فاقع لونها.* * *قال أبو جعفر: ومعنى قوله: (يبين لنا ما لونها)، أي شيء لونها؟ فلذلك كان اللون مرفوعا, لأنه مرافع " ما ". وإنما لم ينصب " ما " بقوله " يبين لنا ", لأن أصل " أي" و " ما "، جمع متفرق الاستفهام. يقول القائل (98) بين لنا أسوداء هذه البقرة أم صفراء؟ فلما لم يكن لقوله: " بين لنا " أن يقع على الاستفهام متفرقا، لم يكن له أن يقع على " أي"، لأنه جمع ذلك المتفرق. (99) وكذلك كل ما كان من نظائره فالعمل فيه واحد، في" ما " و " أي".واختلف أهل التأويل في معنى قوله: (صفراء). فقال بعضهم: معنى ذلك سوداء شديدة السواد.* ذكر من قال ذلك منهم:1218 - حدثني أبو مسعود إسماعيل بن مسعود الجحدري قال، حدثنا نوح بن قيس, عن محمد بن سيف, عن الحسن: (صفراء فاقع لونها)، قال: سوداء شديدة السواد. (100)1219 - حدثني أبو زائدة زكريا بن يحيى بن أبي زائده. والمثنى بن إبراهيم قالا حدثنا مسلم بن إبراهيم قال، حدثنا نوح بن قيس, عن محمد بن سيف, عن أبي رجاء, عن الحسن مثله. (101)* * *وقال آخرون: معنى ذلك: صفراء القرن والظلف.* ذكر من قال ذلك:1220 - حدثني هشام بن يونس النهشلي قال، حدثنا حفص بن غياث, عن أشعث, عن الحسن في قوله: (صفراء فاقع لونها)، قال: صفراء القرن والظلف. (102)1221 - حدثني يعقوب بن إبراهيم قال، حدثني هشيم قال، أخبرنا جويبر, عن كثير بن زياد, عن الحسن في قوله: (صفراء فاقع لونها)، قال: كانت وحشية. (103)1222 - حدثني يعقوب قال، حدثنا مروان بن معاوية, عن إبراهيم, عن أبي حفص, عن مغراء - أو عن رجل -، عن سعيد بن جبير: (بقرة صفراء فاقع لونها)، قال: صفراء القرن والظلف. (104)1223 - حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد: هي صفراء.1224 - حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا الضحاك بن مخلد, عن عيسى, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد: (إنها بقرة صفراء فاقع لونها)، قال: لو أخذوا بقرة صفراء لأجزأت عنهم.* * *قال أبو جعفر: وأحسب أن الذي قال في قوله: (صفراء)، يعني به سوداء, ذهب إلى قوله في نعت الإبل السود: (105) " هذه إبل صفر, وهذه ناقة صفراء " يعني بها سوداء. وإنما قيل ذلك في الإبل لأن سوادها يضرب إلى الصفرة, ومنه قول الشاعر: (106)تلك خيلي منه وتلك ركابيهن صفر أولادها كالزبيب (107)ص[ 2-201 ] يعني بقوله: " هن صفر " هن سود وذلك إن وصفت الإبل به، فليس مما توصف به البقر. مع أن العرب لا تصف السواد بالفقوع, وإنما تصف السواد -إذا وصفته- بالشدة بالحلوكة ونحوها, فتقول: " هو أسود حالك وحانك وحُلكوك, وأسود غِربيب ودَجوجي" - ولا تقول: هو أسود فاقع. وإنما تقول: " هو أصفر فاقع ". فوصفه إياه بالفقوع، من الدليل البين على خلاف التأويل الذي تأول قوله: (إنها بقرة صفراء فاقع) المتأول، بأن معناه سوداء شديدة السواد. (108)* * *القول في تأويل قوله تعالى : فَاقِعٌ لَوْنُهَاقال أبو جعفر: يعني خالص لونها. و " الفقوع " في الصفر، نظير النصوع في البياض, وهو شدته وصفاؤه، كما:-1225 - حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر قال، قال قتادة: (فاقع لونها)، هي الصافي لونها.1226 - حدثني المثنى قال، حدثنا آدم قال، حدثنا أبو جعفر, عن الربيع, عن أبي العالية: (فاقع لونها)، أي صاف لونها.1227 - حُدثت عن عمار قال، حدثنا ابن أبي جعفر, عن أبيه, عن الربيع بمثله.1228 - حدثنا موسى قال، حدثنا عمرو قال، حدثنا أسباط, عن السدي: (فاقع)، قال: نقي لونها.1229 - حدثني محمد بن سعد قال، حدثني أبي قال، حدثني عمي قال، حدثني أبي عن أبيه, عن ابن عباس: (فاقع لونها)، شديدة الصفرة، تكاد من صفرتها تَبْيَضُّ. وقال أبو جعفر: أُراه أبيض! (109)1230 - حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد في قوله: (فاقع لونها)، قال: شديدة صفرتها .* * *يقال منه: " فقع لونه يفقع ويفقع فقعا وفقوعا، فهو فاقع " , كما قال الشاعر:حملت عليه الوَرد حتى تركتهذليلا يسُف الترب واللون فاقع (110)* * *القول في تأويل قوله تعالى : تَسُرُّ النَّاظِرِينَ (69)قال أبو جعفر: يعني بقوله: (تسر الناظرين)، تعجب هذه البقرة -في حسن خلقها ومنظرها وهيئتها- الناظر إليها، كما:-1231 - حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد, عن قتادة: (تسر الناظرين)، أي تعجب الناظرين.1232 - حدثني المثنى قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا إسماعيل بن عبد الكريم قال، حدثني عبد الصمد بن معقل أنه سمع وهبا: (تسر الناظرين)، إذا نظرت إليها يخيل إليك أن شعاع الشمس يخرج من جلدها.1233 - حدثنا موسى قال، حدثنا عمرو قال، حدثنا أسباط, عن السدي: (تسر الناظرين)، قال: تعجب الناطرين.* * *---------------------------الهوامش:(98) في الأصل المطبوعة"كقول القائل" ، وهو فساد .(99) كانت هذه الجملة في المطبوعة : "فلما لم يكن كقوله : بين لنا ، ارتفع على الاستفهام منصرفا ، لم يكن له ارتفع على أي . . " ، وهو كلام ضرب عليه التصحيف ضربا . وانظر ما جاء في معاني الفراء 1 : 46 - 48 ، ففيه بيان شاف كاف .(100) الخبر : 1218 - أبو مسعود إسماعيل بن مسعود الجحدري البصري : ثقة ، روى عنه أيضًا النسائي وأبو حاتم . مترجم في التهذيب ، وابن أبي حاتم 1 / 1 200 مات سنة 248 . نوح بن قيس بن رباح الأزدي الحداني : ، ثقة ، مترجم في التهذيب ، والكبير 4 / 1 /111 - 112 ، وابن أبي حاتم 4 / 1 / 483 .(101) الخبر : 1219 - أبو زائدة زكريا بن يحيى بن أبي يحيى بن أبي زائدة : ثقة ، روى عنه أبو حاتم وغيره ، وذكر بعضهم أن البخاري روى عنه . وهو مترجم في التهذيب ، وابن أبي حاتم 1/2/601 - 602 . مسلم بن إبراهيم : هو الأزدي الفراهيدي الحافظ . محمد بن سيف عن أبي رجاء" . وهو خطأ ، صوابه حذف"عن" .(102) الخبر : 1220 - هشام بن يونس بن وابل النهشلي اللؤلؤي : ثقة ، روى عنه الترمذي ، وسمع منه أبو حاتم . مترجم في التهذيب ، وابن أبي حاتم 4 / 2 / 72 .(103) الخبر : 1221 - كثير بن زياد أبو سهل البرساني - بضم الموحدة وسكون الراء- الأزدي العتكي : ثقة من أكابر أصحاب الحسن . مترجم في التهذيب ، والكبير 4 / 1 /215 ، وابن أبي حاتم 3 / 2 / 151 . والإسناد ضعيف ، من أجل"جويبر بن سعيد" ، كما ذكرنا ضعفه في : 284 . وسيأتي قريبا برقم : 1254 .(104) الخبر : 1222 - مروان بن معاوية : هو الفزاري الكوفي الحافظ ، من شيوخ أحمد وإسحاق والأئمة . مغراء ، بفتح الميم وسكون الغين المعجمة : تابعي روى عن ابن عمر ، وذكره ابن حبان في الثقات ، وترجمه البخاري في الكبير 4 / 2 / 65 ، وابن أبي حاتم 4 / 1/429 ، فلم يذكروا فيه جرحا . ولكن هذا الإسناد ضعيف ، لتردد الراوي : أنه عن مغراء ، أو عن رجل ، فتردد بين ثقة وبين مبهم(105) في المطبوعة : "ذهب إلى قوله" ، وليس بشيء .(106) هو الأعشى الكبير .(107) ديوانه : 219 ، والأضداد : 138 ، واللسان (صفر) ، وغيرها . من قصيدة يمدح بها أبا الأشعث قيس بن معد يكرب الكندي . وكان في الأصل : "تلك خيلي منها" وهو خطأ ، فسياق الشعر :إن قيسا, قيس الفعال أبا الأشعث أمست أمداؤه لِشعوبكل عام يمدني بجمومعند وضع العنان أو بنجيبتلك خيلي منه. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .وما أظن الطبري يخطئ في رواية هذا الشعر ، والركاب : الإبل التي يسار عليها ، لا واحد لها من لفظها ، واحدتها راحلة . والزبيب : ذاوي العنب ، وأسوده أجوده ، ولكنه ليس خالص السواد . يقول : كل ما أملك من خيل ، ومن إبل قد ولدت لي خير ما تلد الإبل ، فهو من جود أبي الأشعث .(108) مجرى العبارة : الذي تأول المتأول بأن معناه . "المتأول" فاعل مرفوع .(109) كأن أبا جعفر أراد أن يعترض على قوله : "تكاد من صفرتها تبيض" ، فقال ما معناه : لو صح ذلك لكان قوله : "فاقع لونها" ، أي أبيض ، والصفرة تشتد ، فإذا خفت ابيضت . هذا هو معنى ما قاله فيما أرجح .(110) لم أعرف قائله . والورد : فرسه .
قَالُوا ادْعُ لَنَا رَبَّكَ یُبَیِّنْ لَّنَا مَا هِیَۙ-اِنَّ الْبَقَرَ تَشٰبَهَ عَلَیْنَاؕ-وَ اِنَّاۤ اِنْ شَآءَ اللّٰهُ لَمُهْتَدُوْنَ(۷۰)
بولے اپنے رب سے دعا کیجئے کہ ہمارے لیے صاف بیان کردے وہ گائے کیسی ہے بیشک گائیوں میں ہم کو شبہ پڑگیا اور اللہ چاہے تو ہم راہ پا جائیں گے -(ف۱۱۹)
القول في تأويل قوله تعالى : قَالُوا ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنَا مَا هِيَ إِنَّ الْبَقَرَ تَشَابَهَ عَلَيْنَا وَإِنَّا إِنْ شَاءَ اللَّهُ لَمُهْتَدُونَ (70)قال أبو جعفر: يعني بقوله: (قالوا) قال قوم موسى - الذين أمروا بذبح البقرة - لموسى. فترك ذكر موسى، وذكر عائد ذكره، اكتفاء بما دل عليه ظاهر الكلام. وذلك أن معنى الكلام: قالوا له: " ادع ربك ". فلم يذكر " له " لما وصفنا.وقوله: (يبين لنا ما هي)، خبر من الله عن القوم بجهلة منهم ثالثة. وذلك أنهم لو كانوا، إذ أمروا بذبح البقرة، ذبحوا أيتها تيسرت مما يقع عليه اسم بقرة، كانت عنهم مجزئة, ولم يكن عليهم غيرها, لأنهم لم يكونوا كلفوها بصفة دون صفة. فلما سألوا بيانها بأي صفة هي, بين لهم أنها بسن من الأسنان دون سن سائر الأسنان, (1) فقيل لهم: هي عوان بين الفارض والبكر والضرع. (2) فكانوا - إذْ بينت لهم سنها- لو ذبحوا أدنى بقرة بالسن التي بينت لهم، كانت عنهم مجزئة, لأنهم لم يكونوا كلفوها بغير السن التي حدت لهم, ولا كانوا حصروا على لون منها دون لون. فلما أبوا إلا أن تكون معرفة لهم بنعوتها، مبينة بحدودها التي تفرق بينها وبين سائر بهائم الأرض، فشددوا على أنفسهم - شدد الله عليهم بكثرة سؤالهم نبيهم واختلافهم عليه. ولذلك قال نبينا صلى الله عليه وسلم لأمته:-1234 -" ذروني ما تركتكم، فإنما أُهلك من كان قبلكم بكثرة سؤالهم واختلافهم على أنبيائهم. فإذا أمرتكم بشيء فأتوه, وإذا نهيتكم عن شيء فانتهوا عنه ما استطعتم ". (3)قال أبو جعفر: ولكن القوم لما زادوا نبيهم موسى صلى الله عليه وسلم أذى وتعنتا, زادهم الله عقوبة وتشديدا, كما:-1235 - حدثنا أبو كريب قال، حدثنا عثام بن علي, عن الأعمش, عن المنهال بن عمرو, عن سعيد بن جبير, عن ابن عباس, قال: لو أخذوا أدنى بقرة اكتفوا بها، لكنهم شددوا فشدد الله عليهم.1236 - حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال، حدثنا المعتمر قال، سمعت أيوب, عن محمد بن سيرين, عن عَبيدة قال: لو أنهم أخذوا أدنى بقرة لأجزأت عنهم. (4)1237 - حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر عن أيوب-1238 - وحدثني المثنى قال، حدثنا آدم قال، حدثنا أبو جعفر, عن هشام بن حسان جميعا, عن ابن سيرين, عن عبيدة السلماني قال: سألوا وشددوا فشدد الله عليهم.1239 - حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال, أخبرنا ابن عيينة, عن عمرو بن دينار, عن عكرمة قال: لو أخذ بنو إسرائيل بقرة ص[ 2-205 ] لأجزأت عنهم. ولولا قولهم: (وإنا إن شاء الله لمهتدون)، لما وجدوها.1240 - حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم, عن عيسى, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد في قول الله: وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً ، لو أخذوا بقرة ما كانت، لأجزأت عنهم. قَالُوا ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنَا مَا هِيَ قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ لا فَارِضٌ وَلا بِكْرٌ ، قال: لو أخذوا بقرة من هذا الوصف لأجزأت عنهم. قَالُوا ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنَا مَا لَوْنُهَا قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ صَفْرَاءُ فَاقِعٌ لَوْنُهَا تَسُرُّ النَّاظِرِينَ ، قال: لو أخذوا بقرة صفراء لأجزأت عنهم.(قالوا ادع لنا ربك يبين لنا ما هي) , قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ لا ذَلُولٌ تُثِيرُ الأَرْضَ وَلا تَسْقِي الْحَرْثَ الآية.1241 - حدثني المثنى بن إبراهيم قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد بنحوه, وزاد فيه: ولكنهم شددوا فشدد عليهم.1242 - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثتي حجاج قال، قال ابن جريج قال، مجاهد: " لو أخذوا بقرة مَّا كانت أجزأت عنهم. قال ابن جريج، قال لي عطاء: لو أخذوا أدنى بقرة كفتهم. قال ابن جريج، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنما أمروا بأدنى بقرة، ولكنهم لما شددوا على أنفسهم شُدد الله عليهم؛ وَايْمُ الله لو أنهم لم يستثنوا لما بينت لهم آخر الأبد ". (5)1243 - حدثني المثنى قال، حدثنا آدم قال، حدثنا أبو جعفر, عن الربيع, عن أبي العالية قال: لو أن القوم حين أمروا أن يذبحوا بقرة، استعرضوا ص[ 2-206 ]; بقرة فذبحوها لكانت إياها, ولكنهم شددوا على أنفسهم فشدد الله عليهم, ولولا أن القوم استثنوا فقالوا: (وإنا إن شاء الله لمهتدون)، لما هدوا إليها أبدا.1244 - حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد, عن قتادة قال: ذكر لنا أن نبي الله صلى الله عليه وسلم كان يقول: " إنما أمر القوم بأدنى بقرة، ولكنهم لما شددوا على أنفسهم شدد عليهم. والذي نفس محمد بيده، لو لم يستثنوا لما بينت لهم آخر الأبد ".1245 - حدثني موسى قال، حدثنا عمرو قال، حدثنا أسباط, عن السدي في خبر ذكره, عن أبي مالك, وعن أبي صالح, عن ابن عباس قال: لو اعترضوا بقرة فذبحوها لأجزأت عنهم، ولكنهم شددوا وتعنتوا موسى فشدد الله عليهم.1246 - حدثنا أبو كريب قال، قال أبو بكر بن عياش، قال ابن عباس: لو أن القوم نظروا أدنى بقرة -يعني بني إسرائيل- لأجزأت عنهم, ولكن شددوا فشدد عليهم, فاشتروها بملء جلدها دنانير. (6)1247 - حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد: لو أخذوا بقرة كما أمرهم الله كفاهم ذلك, ولكن البلاء في هذه المسائل, فقالوا: ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنَا مَا هِيَ ، فشدد عليهم, فقال: إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ لا فَارِضٌ وَلا بِكْرٌ عَوَانٌ بَيْنَ ذَلِكَ , فقالوا: ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنَا مَا لَوْنُهَا قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ صَفْرَاءُ فَاقِعٌ لَوْنُهَا تَسُرُّ النَّاظِرِينَ ، قال: وشدد عليهم أشد من الأول، فقرأ حتى بلغ: مُسَلَّمَةٌ لا شِيَةَ فِيهَا فأبوا أيضا فقالوا: (ادع لنا ربك يبين لنا ما هي إن البقر تشابه علينا وإنا إن شاء الله لمهتدون) فشدد عليهم، فقال: إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ لا ذَلُولٌ تُثِيرُ الأَرْضَ وَلا تَسْقِي الْحَرْثَ مُسَلَّمَةٌ لا شِيَةَ فِيهَا ، ص[ 2-207 ] قال: فاضطروا إلى بقرة لا يعلم على صفتها غيرها, وهي صفراء, ليس فيها سواد ولا بياض. (7)* * *قال أبو جعفر: وهذه الأقوال التي ذكرناها عمن ذكرناها عنه - من الصحابة والتابعين والخالفين بعدهم، من قولهم إن بني إسرائيل لو كانوا أخذوا أدنى بقرة فذبحوها أجزأت عنهم، ولكنهم شددوا فشدد الله عليهم - من أوضح الدلالة على أن القوم كانوا يرون أن حكم الله، فيما أمر ونهى في كتابه وعلى لسان رسوله صلى الله عليه وسلم، على العموم الظاهر، دون الخصوص الباطن, (8) إلا أن يخص, بعض ما عمه ظاهر التنزيل، كتاب من الله أو رسولُ الله, وأن التنزيل أو الرسول، إن خص بعض ما عمه ظاهر التنزيل بحكم خلاف ما دل عليه الظاهر, فالمخصوص من ذلك خارج من حكم الآية التي عمت ذلك الجنس خاصة, وسائر حكم الآية على العموم؛ على نحو ما قد بيناه في كتابنا(كتاب الرسالة) من (لطيف القول في البيان عن أصول الأحكام) - في قولنا في العموم والخصوص, وموافقة قولهم في ذلك قولنا, ومذهبهم مذهبنا, وتخطئتهم قول القائلين بالخصوص في الأحكام, وشهادتهم على فساد قول من قال: حكم الآية الجائية مجيء العموم على العموم، ما لم يختص منها بعض ما عمته الآية. فإن خص منها بعض, فحكم الآية حينئذ على الخصوص .وذلك أن جميع من ذكرنا قوله آنفا - ممن عاب على بني إسرائيل مسألتهم نبيهم صلى الله عليه وسلم عن صفة البقرة التي أمروا بذبحها وسنها وحليتها - رأوا أنهم كانوا في مسألتهم رسول الله صلى الله عليه وسلم موسى ذلك مخطئين, وأنهم لو كانوا استعرضوا أدنى بقرة من البقر - إذ أمروا بذبحها بقوله: إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً ، فذبحوها - كانوا للواجب عليهم من أمر الله في ذلك ص[ 2-208 ] مؤدين، وللحق مطيعين, إذْ لم يكن القوم حصروا على نوع من البقر دون نوع, وسن دون سن.ورأوا مع ذلك أنهم - إذْ سألوا موسى عن سنها فأخبرهم عنها، وحصرهم منها على سن دون سن, ونوع دون نوع, وخص من جميع أنواع البقر نوعا منها - كانوا في مسألتهم إياه في المسألة الثانية، بعد الذي خص لهم من أنوع البقر، من الخطأ على مثل الذي كانوا عليه من الخطأ في مسألتهم إياه المسألة الأولى.وكذلك رأوا أنهم في المسألة الثالثة على مثل الذي كانوا عليه من ذلك في الأولى والثانية, وأن اللازم كان لهم في الحالة الأولى، استعمال ظاهر الأمر، وذبح أي بهيمة شاؤوا مما وقع عليها اسم بقرة.وكذلك رأوا أن اللازم كان لهم في الحال الثانية، استعمال ظاهر الأمر وذبح أي بهيمة شاؤوا مما وقع عليها اسم بقرة عوان لا فارض ولا بكر، ولم يروا أن حكمهم - إذ خص لهم بعض البقر دون البعض في الحالة الثانية - انتقل عن اللازم الذي كان لهم في الحالة الأولى، من استعمال ظاهر الأمر إلى الخصوص. ففي إجماع جميعهم على ما روينا عنهم من ذلك - مع الرواية التي رويناها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بالموافقة لقولهم - دليل واضح على صحة قولنا في العموم والخصوص, وأن أحكام الله جل ثناؤه في آي كتابه - فيما أمر ونهى - على العموم، ما لم يخص ذلك ما يجب التسليم له. وأنه إذا خص منه شيء، فالمخصوص منه خارج حكمه من حكم الآية العامة الظاهر, وسائر حكم الآية على ظاهرها العام - ومؤيد حقيقة ما قلنا في ذلك, (9) وشاهد عدل على فساد قول من خالف قولنا فيه.وقد زعم بعض من عظمت جهالته، واشتدت حيرته, أن القوم إنما سألوا موسى ما سألوا بعد أمر الله إياهم بذبح بقرة من البقر، لأنهم ظنوا أنهم أمروا بذبح بقرة بعينها خصت بذلك, كما خصت عصا موسى في معناها, فسألوه أن يحليها لهم ليعرفوها.ولو كان الجاهل تدبر قوله هذا, لسهل عليه ما استصعب من القول. وذلك أنه استعظم من القوم مسألتهم نبيهم ما سألوه تشددا منهم في دينهم, ثم أضاف إليهم من الأمر ما هو أعظم مما استنكره أن يكون كان منهم. فزعم أنهم كانوا يرون أنه جائز أن يفرض الله عليهم فرضا، ويتعبدهم بعبادة, ثم لا يبين لهم ما يفرض عليهم ويتعبدهم به، حتى يسألوا بيان ذلك لهم! فأضاف إلى الله تعالى ذكره ما لا يجوز إضافته إليه, ونسب القوم من الجهل إلى ما لا ينسب المجانين إليه, فزعم أنهم كانوا يسألون ربهم أن يفرض عليهم الفرائض، فنعوذ بالله من الحيرة, ونسأله التوفيق والهداية.* * *وأما قوله: (إن البقر تشابه علينا)، فإن " البقر " جماع بقرة.وقد قرأ بعضهم: (إن الباقر)، وذلك - وإن كان في الكلام جائزا، لمجيئه في كلام العرب وأشعارها, كما قال ميمون بن قيس: (10)وما ذنبه أن عافت الماء باقروما إن تعاف الماء إلا ليضربا (11)وكما قال أمية: (12)ويسوقون باقر السهل للطود مهازيل خشية أن تبورا (13)- فغير جائزة القراءة به لمخالفته القراءة الجائية مجيء الحجة، بنقل من لا يجوز - عليه فيما نقلوه مجمعين عليه - الخطأ والسهو والكذب .* * *وأما تأويل: (تشابه علينا)، فإنه يعني به، التبس علينا. والقَرَأَة مختلفة في تلاوته. (14) فبعضهم كانوا يتلونه: " تشابه علينا ", بتخفيف الشين ونصب الهاء على مثال " تفاعل ", ويُذَكِّر الفعل، وإن كان " البقر " جماعا. لأن من شأن العرب تذكير كل فعل جمع كانت وحدانه بالهاء، وجمعه بطرح الهاء - وتأنيثه، (15) كما قال الله تعالى في نظيره في التذكير: كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ مُنْقَعِرٍ [ القمر: 20]، فذكر " المنقعر " وهو من صفة النخل، لتذكير لفظ " النخل " - وقال في موضع آخر: كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَةٍ [ الحاقة: 7]، فأنث " الخاوية " وهي من صفة " النخل " - بمعنى النخل. (16) لأنها وإن كانت في لفظ الواحد المذكر -على ما وصفنا قبل- فهي جماع " نخلة ".* * *وكان بعضهم يتلوه: (إن البقر تشَّابهُ علينا)، بتشديد الشين وضم الهاء, فيؤنث الفعل بمعنى تأنيث " البقر ", كما قال: أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَةٍ ، ويدخل في أول " تشابه " تاء تدل على تأنيثها, ثم تدغم التاء الثانية في" شين "" تشابه " لتقارب مخرجها ومخرج " الشين " فتصير " شينا " مشددة، وترفع " الهاء " بالاستقبال والسلامة من الجوازم والنواصب.* * *وكان بعضهم يتلوه: (إن البقر يشَّابهُ علينا)، فيخرج " يشابه " مخرج الخبر عن الذكر، لما ذكرنا من العلة في قراءة من قرأ ذلك: (تشابه) بالتخفيف ونصب " الهاء ", غير أنه كان يرفعه ب " الياء " التي يحدثها في أول " تشابه " التي تأتي بمعنى الاستقبال, وتدغم " التاء " في" الشين " كما فعله القارئ في" تشابه " ب " التاء " والتشديد.* * *قال ابو جعفر: والصواب في ذلك من القراءة عندنا: (إن البقر تَشَابَهَ علينا)، بتخفيف " شين "" تشابه " ونصب " هائه ", بمعنى " تفاعل "، لإجماع الحجة من القراء على تصويب ذلك، ودفعهم ما سواه من القراءات. (17) ولا يعترض على الحجة بقول من يَجُوز عليه فيما نقل السهو والغفلة والخطأ.* * *وأما قوله: (وإنا إن شاء الله لمهتدون)، فإنهم عنوا: وإنا إن شاء الله لمبين لنا ما التبس علينا وتشابه من أمر البقرة التي أمرنا بذبحها. ومعنى " اهتدائهم " في هذا الموضع معنى: " تبينهم " أي ذلك الذي لزمهم ذبحه مما سواه من أجناس البقر. (18)-----------------الهوامش :(1) في المطبوعة : "فبين لهم أنها بسن . . " ، والفاء لا مكان لها هنا .(2) الضرع : الضعيف الضاوي الجسم .(3) الحديث : 1234 - رواه هنا دون إسناد . وهو من حديث أبي هريرة . ووقع في آخره خطأ ، قلب معناه . واللفظ الصحيح ، بالمعنى الصحيح؛"فإذا نهيتكم عن شيء فاجتنبوه ، وإذا أمرتكم بشيء فأتوا منه ما استطعتم" . هذا لفظ البخاري . وقد أفاض الحافظ في شرحه ، في الفتح 13 : 219 - 226 . ورواه أيضًا أحمد : 7361 ، بنحو معناه . وأشرنا هناك إلى كثير من طرقه في المسند وغيره وكذلك رواه مسلم 2 : 221 ، بنحوه ، من طرق . وكذلك رواه ابن حبان في صحيحه ، من طرق : 17 ، 18 ، 19 ، 20 (بتحقيقنا) وفي رواية ابن حبان : 17 ، "قال ابن عجلان : فحدثت به أبان بن صالح ، فقال لي : ما أجود هذه الكلمة ، قوله : فأتوا منه ما استطعتم" . وهو الحديث التاسع من الأربعين النووية ، وقد شرحه ابن رجب ، في جامع العلوم والحكم ، شرحا مسهبا . ولعل الخطأ الذي وقع هنا خطأ من الناسخين . فما أظن الطبري يخفي عليه ما في هذا اللفظ من تهافت .(4) الخبر : 1236 - جاء شيخ الطبري هنا باسم"عمرو بن عبد الأعلى"! وما وجدت راويا يسمى بهذا . وإنما هو"محمد بن عبد الأعلى الصنعاني" ، من شيوخ مسلم وأبي داود وغيرهما ، كما مضى مثل هذا الإسناد على الصواب : 1172 . ومحمد بن عبد الأعلى : بصري ثقة ، مات سنة 245 ، مترجم في التهذيب ، والكبير للبخاري 1 / 1 / 174 ، وابن أبي حاتم 4 / 1 /16 .(5) الخبر : 1242 - جاء في آخره حديث مرفوع ، ذكره ابن جريج . وهو مرسل لا تقوم به حجة . وسيأتي أيضًا : 1244 ، عن قتادة مرسلا . وذكر معناه ابن كثير 1 : 203 ، من تفسيرى ابن أبي حاتم وابن مردويه ، بإسناديهما ، من رواية الحسن ، عن أبي رافع ، عن أبي هريرة ، مرفوعا ، بنحوه . قال ابن كثير : "وهذا حديث غريب من هذا الوجه . وأحسن أحواله أن يكون من كلام أبي هريرة كما تقدم مثله عن السدي ".(6) الخبر : 1246 - هذا الإسناد منقطع بين أبي بكر بن عياش وابن عباس ، كما هو ظاهر لأن ابا بكر يروى عن التابعين ، ومولده بعد موت ابن عباس بدهر . وهذا الخبر ذكره السيوطي 1 : 77 ، ونسبه لابن جرير ، وابن أبي حاتم"من طرق" .(7) الأثر : 1247 - سيأتي تمامه في رقم : 1273 .(8) انظر ما مضى في تفسير" الظاهر ، والباطن" : 2 : 15 والمراجع .(9) في المطبوعة : " ويؤيد حقيقة ما قلنا . . . " ، وهو خطأ ، وقوله"مؤيد حقيقة ما قلنا" معطوف على قوله آنفًا : " ففي إجماع جميعهم . . دليل واضح . . ومؤيد حقيقة ما قلنا . . وشاهد عدل . . " .(10) يعني الأعشى الكبير .(11) ديوانه : 90 ، والحيوان 1 : 19 (وانظر أيضًا 1 : 301 ، 6 : 174) ، واللسان (ثور) وغيرها . من قصيدة يقولها لبني قيس بن سعد ، وما كان بينه وبينهم من قطيعة بعد مواصلة ومودة ، وقبل البيت :وإني وما كلفتموني - وربكمليعلم من أمسى أعق وأحربالكالثور, والجِنِّيّ يضرب ظهرهوما ذنبه إن عافت الماء مشرباقال الجاحظ : "كانوا إذا أوردوا البقر فلم تشرب ، إما لكدر الماء أو لقلة العطش ، ضربوا الثور ليقتحم ، لأن البقر تتبعه كما تتبع الشول الفحل ، وكما تتبع أتن الوحش الحمار . . وكانوا يزعمون أن الجن هي التي تصد الثيران عن الماء ، حتى تمسك البقر عن الشرب ، حتى تهلك . . كأنه قال : إذا كان يضرب أبدا لأنها عافت الماء ، فكأنها إنما عافت الماء ليضرب" .(12) يعني : أمية بن أبي الصلت .(13) ديوانه : 35 ، والحيوان 4 : 467 ، والأزمنة والأمكنة 2 : 124 ، وغيرها . وفي الأصل المطبوع : "باقر الطود للسهل" ، وفي الديوان والحيوان"باقرا يطرد السهل" ، وصواب الرواية ما أثبته من الأزمنة . قال الجاحظ في ذكر نيران العرب : ""ونار أخرى : وهي النار التي كانوا يستمطرون بها في الجاهلية الأولى . فإنهم كانوا إذا تتابعت عليهم الأزمات ، وركد عليهم البلاء ، واشتد الجدب ، واحتاجوا إلى الاستمطار ، اجتمعوا وجمعوا ما قدروا عليه من البقر ، ثم عقدوا في أذنابها وبين عراقيبها السلع والعشر ، ثم صعدوا بها في جبل وعر ، وأشعلوا فيها النيران ، وضجوا بالدعاء والتضرع ، فكانوا يرون أن ذلك من أسباب السقيا" ، وقال ابن الكلبي : " كانوا يضرمون تفاؤلا للبرق" والمهازيل جمع مهزول ، مثل هزيل وجمعه هزلي : وهي التي ضعفت ضعفا شديدا وذهب سمنها . وتبور : تهلك .(14) في المطبوعة : "والقراء" ، ورددتها إلى ما جرى عليه لفظ الطبري ، كما سلف مرارا .(15) وحدان جمع واحد : ويعني أفراده . وقوله"وتأنيثه" معطوف على قوله"تذكير كل فعل" .(16) السياق : "فأنث (الخاوية) . . بمعنى النخل" ، يعني أنثها من أجل معناه وهو جمع مؤنث ، ولم يذكره من أجل لفظه، وهو مذكر .(17) في المطبوعة : "ورفعهم" ، والصواب ما أثبته .(18) يعني أن ذلك من قولهم : هداه ، أي بين له ، ومنه قوله تعالى : "وأما ثمود فهد يناهم" ، أي بينا لهم طريق الهدى .
قَالَ اِنَّهٗ یَقُوْلُ اِنَّهَا بَقَرَةٌ لَّا ذَلُوْلٌ تُثِیْرُ الْاَرْضَ وَ لَا تَسْقِی الْحَرْثَۚ-مُسَلَّمَةٌ لَّا شِیَةَ فِیْهَاؕ-قَالُوا الْـٰٔنَ جِئْتَ بِالْحَقِّؕ-فَذَبَحُوْهَا وَ مَا كَادُوْا یَفْعَلُوْنَ۠(۷۱)
کہا وہ فرماتا ہے کہ وہ ایک گائے ہے جس سے خدمت نہیں لی جاتی کہ زمین جوتے اور نہ کھیتی کو پانی دے بے عیب ہے جس میں کوئی داغ نہیں بولے اب آپ ٹھیک بات لائے (ف ۱۲۰) تو اسے ذبح کیا اور (ذبح) کرتے معلوم نہ ہوتے تھے(ف۱۲۱)
القول في تأويل قوله تعالى : قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ لا ذَلُولٌ تُثِيرُ الأَرْضَ وَلا تَسْقِي الْحَرْثَقال أبو جعفر: وتأويل ذلك: قال موسى: إن الله يقول إن البقرة التي أمرتكم بذبحها بقرة لا ذلول.ويعني بقوله: (لا ذلول)، أي لم يذللها العمل. فمعنى الآية: إنها بقرة لم تذللها إثارة الأرض بأظلافها, ولا سُنِيَ عليها الماء فيُسقى عليها الزرع. (19) كما يقال للدابة التي قد ذللها الركوب أو العمل: " دابة ذلول بينة الذِّل " بكسر الذال. (20) ويقال في مثله من بني آدم: " رجل ذليل بين الذِّل والذلة ".1248 - حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد, عن قتادة قوله: (إنها بقرة لا ذلول)، يقول: صعبة لم يذلها عمل,(تثير الأرض ولا تسقي الحرث).1249 - حدثني موسى قال، حدثنا عمرو قال، حدثنا أسباط, عن السدي: (إنها بقرة لا ذلول تثير الأرض)، يقول: بقرة ليست بذلول يزرع عليها, وليست تسقي الحرث.1250 - حدثني المثنى قال، حدثنا آدم قال، حدثنا أبو جعفر, عن الربيع, عن أبي العالية: (إنها بقرة لا ذلول)، أي لم يذللها العمل.(تثير الأرض) يعني: ليست بذلول فتثير الأرض.(ولا تسقي الحرث) يقول: ولا تعمل في الحرث.1251 - حُدثت عن عمار قال، حدثنا ابن أبي جعفر, عن أبيه, عن ص[ 2-213 ] الربيع: (إنها بقرة لا ذلول) يقول: لم يذلها العمل,(تثير الأرض) يقول: تثير الأرض بأظلافها, (21) (ولا تسقي الحرث)، يقول: لا تعمل في الحرث.1252 - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج قال، قال ابن جريج, قال الأعرج، قال مجاهد، قوله: (لا ذلول تثير الأرض ولا تسقي الحرث)، يقول: ليست بذلول فتفعل ذلك.1253 - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثنا أبو سفيان، عن معمر, عن قتادة: ليست بذلول تثير الأرض ولا تسقي الحرث.* * *قال أبو جعفر: ويعني بقوله: (تثير الأرض)، تقلب الأرض للحرث. يقال منه: " أثرت الأرض أثيرها إثارة "، إذا قلبتها للزرع. وإنما وصفها جل ثناؤه بهذه الصفة، لأنها كانت -فيما قيل- وَحشِيّة.1254 - حدثني يعقوب بن إبراهيم قال، حدثنا هشيم قال، أخبرنا جويبر, عن كثير بن زياد, عن الحسن قال: كانت وحشية. (22)* * *القول في تأويل قوله تعالى : مُسَلَّمَةٌقال أبو جعفر: ومعنى " مسلمة " " مفعلة " من " السلامة ". يقال منه: " سُلِّمت تسلم فهي مسلمة.* * *ثم اختلف أهل التأويل في المعنى الذي سلمت منه, فوصفها الله بالسلامة منه. فقال مجاهد بما:-1255 - حدثنا به محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم, عن عيسى, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد: " مسلمة "، يقول: مسلمة من الشية, و لا شِيَةَ فِيهَا ، ص[ 2-214 ] لا بياض فيها ولا سواد.1256 - حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد مثله.1257 - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج, عن ابن جريج قال, قال مجاهد: (مسلمة)، قال: مسلمة من الشية، لا شِيَةَ فِيهَا لا بياض فيها ولا سواد.* * *وقال آخرون: مسلمة من العيوب.* ذكر من قال ذلك:1258 - حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد, عن قتادة: (مسلمة لا شية فيها)، أي مسلمة من العيوب.1259 - حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر, عن قتادة: (مسلمة)، يقول: لا عيب فيها.1260 - حدثني المثنى قال، حدثنا آدم قال، حدثنا أبو جعفر, عن الربيع, عن أبي العالية: (مسلمة)، يعني مسلمة من العيوب.1261 - حُدثت عن عمار قال، حدثنا ابن أبي جعفر, عن أبيه, عن الربيع بمثله.1262 - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج قال، قال ابن جريج، قال ابن عباس قوله: (مسلمة)، لا عَوَارَ فيها. (23)* * *قال أبو جعفر: والذي قاله ابن عباس وأبو العالية ومن قال بمثل قولهما في تأويل ذلك، أولى بتأويل الآية مما قاله مجاهد. لأن سلامتها لو كانت من سائر أنواع الألوان سوى لون جلدها, لكان في قوله: (مسلمة) مُكْتَفًى عن قوله: لا شِيَةَ فِيهَا . وفي قوله: لا شِيَةَ فِيهَا ، ما يوضح عن أن معنى قوله: (مُسَلَّمة)، غير معنى قوله: لا شِيَةَ فِيهَا ، وإذ كان ذلك كذلك, فمعنى الكلام: إنه ص[ 2-215 ] يقول: إنها بقرة لم تذللها إثارة الأرض وقلبها للحراثة، ولا السنو عليها للمزارع, (24) وهي مع ذلك صحيحة مسلمة من العيوب.* * *القول في تأويل قوله تعالى : لا شِيَةَ فِيهَاقال أبو جعفر: يعني بقوله: (لا شية فيها)، لا لون فيها يخالف لون جلدها. وأصله من " وشي الثوب ", وهو تحسين عيوبه التي تكون فيه، بضروب مختلفة من ألوان سداه ولحمته, (25) يقال منه: " وشيت الثوب فأنا أشيه شية ووشيا "، ومنه قيل للساعي بالرجل إلى السلطان أو غيره: " واش ", لكذبه عليه عنده، وتحسينه كذبه بالأباطيل. يقال منه: " وشيت به إلى السلطان وشاية ". ومنه قول كعب بن زهير:تسعى الوشاة جَنَابَيْها وقولهُمُإنك يا ابن أبي سُلمى لمقتول (26)و " الوشاة جمع واش "، يعني أنهم يتقولون بالأباطيل، ويخبرونه أنه إن لحق بالنبي صلى الله عليه وسلم قتله.وقد زعم بعض أهل العربية أن " الوشي"، العلامة. وذلك لا معنى له، إلا أن يكون أراد بذلك تحسين الثوب بالأعلام. لأنه معلوم أن القائل: " وشيت بفلان إلى فلان " غير جائز أن يتوهم عليه أنه أراد: جعلت له عنده علامة. ص[ 2-216 ] وإنما قيل: (لا شية فيها) وهي من " وشيت "، لأن " الواو " لما أسقطت من أولها أبدلت مكانها " الهاء " في آخرها. كما قيل: " وزنته زنة " و " وسن سِنة " (27) و " وعدته عِدة " و " وديته دِية " .* * *وبمثل الذي قلنا في معنى قوله: (لا شية فيها)، قال أهل التأويل:1263 - حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد, عن قتادة: (لا شية فيها)، أي لا بياض فيها.1264 - حدثنا الحسن قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر، عن قتادة مثله.1265 - حدثني المثنى قال، حدثنا آدم قال، حدثنا أبو جعفر, عن الربيع، عن أبي العالية: (لا شية فيها)، يقول: لا بياض فيها.1266 - حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد: (لا شية فيها) أي لا بياض فيها ولا سواد.1267 - حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد مثله.1268 - حدثنا أبو كريب قال، حدثنا ابن إدريس, عن أبيه, عن عطية: (لا شية فيها)، قال: لونها واحد، ليس فيها سوى لونها.1269 - حدثني موسى قال، حدثنا عمرو قال، حدثنا أسباط, عن السدي: (لا شية فيها)، من بياض ولا سواد ولا حمرة.1270 - حدثني يونس بن عبد الأعلى قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد: (لا شية فيها)، هي صفراء، ليس فيها بياض ولا سواد.1271 - حدثت عن عمار قال، حدثنا ابن أبي جعفر, عن أبيه, عن الربيع: (لا شية فيها)، يقول: لا بياض فيها.* * *القول في تأويل قوله تعالى : قَالُوا الآنَ جِئْتَ بِالْحَقِّقال أبو جعفر: اختلف أهل التأويل في تأويل قوله: (قالوا الآن جئت بالحق). فقال بعضهم: معنى ذلك: الآن بينت لنا الحق فتبيناه, وعرفنا أية بقرة عنيت. (28) وممن قال ذلك قتادة :1272 - حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد, عن قتادة: (قالوا الآن جئت بالحق)، أي الآن بينت لنا.* * *وقال بعضهم: ذلك خبر من الله جل ثناؤه عن القوم أنهم نسبوا نبي الله موسى صلوات الله عليه، إلى أنه لم يكن يأتيهم بالحق في أمر البقرة قبل ذلك. وممن روي عنه هذا القول عبد الرحمن بن زيد :1273 - حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد: اضطروا إلى بقرة لا يعلمون على صفتها غيرها, وهي صفراء ليس فيها سواد ولا بياض, فقالوا: هذه بقرة فلان: (الآن جئت بالحق)، وقبل ذلك والله قد جاءهم بالحق. (29)* * *قال أبو جعفر: وأولى التأويلين عندنا بقوله: (قالوا الآن جئت بالحق)، قول قتادة. وهو أن تأويله: الآن بينت لنا الحق في أمر البقر, فعرفنا أيها الواجب علينا ذبحها منها. (30) لأن الله جل ثناؤه قد أخبر عنهم أنهم قد أطاعوه فذبحوها، بعد ص[ 2-218 ] قيلهم هذا. مع غلظ مؤونة ذبحها عليهم، وثقل أمرها, فقال: فَذَبَحُوهَا وَمَا كَادُوا يَفْعَلُونَ ، وإن كانوا قد قالوا - بقولهم: الآن بينت لنا الحق - هراء من القول, وأتوا خطأ وجهلا من الأمر. وذلك أن نبي الله موسى صلى الله عليه وسلم كان مبينا لهم - في كل مسألة سألوها إياه, ورد رادوه في أمر البقر - (31) الحق. وإنما يقال: " الآن بينت لنا الحق " لمن لم يكن مبينا قبل ذلك, فأما من كان كل قيله -فيما أبان عن الله تعالى ذكره- حقا وبيانا, فغير جائز أن يقال له = في بعض ما أبان عن الله في أمره ونهيه، وأدى عنه إلى عباده من فرائضه التي أوجبها عليهم: (الآن جئت بالحق)، كأنه لم يكن جاءهم بالحق قبل ذلك!* * *وقد كان بعض من سلف يزعم أن القوم ارتدوا عن دينهم وكفروا بقولهم لموسى: (الآن جئت بالحق)، ويزعم أنهم نفوا أن يكون موسى أتاهم بالحق في أمر البقرة قبل ذلك, وأن ذلك من فعلهم وقيلهم كفر.وليس الذي قال من ذلك عندنا كما قال، لأنهم أذعنوا بالطاعة بذبحها, وإن كان قيلهم الذي قالوه لموسى جهلة منهم وهفوة من هفواتهم.* * *القول في تأويل قوله تعالى : فَذَبَحُوهَا وَمَا كَادُوا يَفْعَلُونَ (71)قال أبو جعفر: يعني بقوله: (فذبحوها)، فذبح قوم موسى البقرة، التي وصفها الله لهم وأمرهم بذبحها.ويعني بقوله: (وما كادوا يفعلون)، أي: قاربوا أن يَدَعوا ذبحها, ويتركوا فرض الله عليهم في ذلك.* * *ثم اختلف أهل التأويل في السبب الذي من أجله كادوا أن يضيعوا فرض الله عليهم، في ذبح ما أمرهم بذبحه من ذلك. فقال بعضهم: ذلك السبب كان ص[ 2-219 ] غلاء ثمن البقرة التي أمروا بذبحها، وبينت لهم صفتها.* ذكر من قال ذلك:1274 - حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا أبو معشر المدني, عن محمد بن كعب القرظي في قوله: (فذبحوها وما كادوا يفعلون) قال: لغلاء ثمنها.1275 - حدثنا محمد بن عبد الله بن عبيد الهلالي قال، حدثنا عبد العزيز بن الخطاب قال، حدثنا أبو معشر, عن محمد بن كعب القرظي: (فذبحوها وما كادوا يفعلون)، قال: من كثرة قيمتها. (32)1276 - حدثنا القاسم قال، أخبرنا الحسين قال، حدثنا حجاج, عن ابن جريج, عن مجاهد وحجاج, عن أبي معشر, عن محمد بن كعب القرظي ومحمد بن قيس - في حديث فيه طول, ذكر أن حديث بعضهم دخل في حديث بعض - قوله: (فذبحوها وما كادوا يفعلون)، لكثرة الثمن, أخذوها بملء مسكها ذهبا من مال المقتول, (33) فكان سواء لم يكن فيه فضل فذبحوها.1277 - حدثت عن المنجاب قال، حدثنا بشر بن عمارة, عن أبي روق, عن الضحاك, عن ابن عباس: (فذبحوها وما كادوا يفعلون)، يقول: كادوا لا يفعلون، ولم يكن الذي أرادوا، لأنهم أرادوا أن لا يذبحوها: وكل شيء في القرآن " كاد " أو " كادوا " أو " لو "، فإنه لا يكون. وهو مثل قوله: أَكَادُ أُخْفِيهَا [ طه: 15 ]* * *وقال آخرون: لم يكادوا أن يفعلوا ذلك خوف الفضيحة، إن أطلع الله على ص[ 2-220 ] قاتل القتيل الذي اختصموا فيه إلى موسى.* * *قال أبو جعفر: والصواب من التأويل عندنا, أن القوم لم يكادوا يفعلون ما أمرهم الله به من ذبح البقرة، للخلتين كلتيهما: إحداهما غلاء ثمنها، مع ما ذكر لنا من صغر خطرها وقلة قيمتها؛ والأخرى خوف عظيم الفضيحة على أنفسهم، بإظهار الله نبيه موسى صلوات الله عليه وأتباعه - على قاتله.* * *فأما غلاء ثمنها، فإنه قد روي لنا فيه ضروب من الروايات.1278 - فحدثني موسى بن هارون قال، حدثنا عمرو بن حماد قال، حدثنا أسباط, عن السدي قال: اشتروها بوزنها عشر مرات ذهبا, فباعهم صاحبها إياها وأخذ ثمنها.1279 - حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال، حدثنا المعتمر بن سليمان قال، سمعت أيوب, عن محمد بن سيرين, عن عبيدة قال: اشتروها بملء جلدها دنانير.1280 - حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد قال: كانت البقرة لرجل يبر أمه، فرزقه الله أن جعل تلك البقرة له, فباعها بملء جلدها ذهبا.1281 - حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل قال، حدثني خالد بن يزيد, عن مجاهد قال: أعطوا صاحبها ملء مسكها ذهبا فباعها منهم.1282 - حدثني المثنى قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا إسماعيل بن عبد الكريم قال، حدثني عبد الصمد بن معقل أنه سمع وهبا يقول: اشتروها منه على أن يملئوا له جلدها دنانير, ثم ذبحوها فعمدوا إلى جلد البقرة فملئوه دنانير, ثم دفعوها إليه.1283 - حدثني محمد بن سعد قال، حدثني أبي قال، حدثني عمي (34) ص[2-221 ] قال حدثني أبي، عن أبيه, عن ابن عباس قال: وجدوها عند رجل يزعم أنه ليس بائعها بمال أبدا, فلم يزالوا به حتى جعلوا له أن يسلخوا له مسكها فيملئوه له دنانير, فرضي به فأعطاهم إياها.1284 - حدثني المثنى قال، حدثنا آدم قال، حدثنا أبو جعفر, عن الربيع, عن أبي العالية قال: لم يجدوها إلا عند عجوز, وإنها سألتهم أضعاف ثمنها, فقال لهم موسى: أعطوها رضاها وحكمها. ففعلوا, واشتروها فذبحوها.1285 - حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر قال، قال أيوب, عن ابن سيرين, عن عَبيدة قال: لم يجدوا هذه البقرة إلا عند رجل واحد, فباعها بوزنها ذهبا, أو ملء مسكها ذهبا - فذبحوها.1286 - حدثني المثنى قال، حدثنا آدم قال، حدثنا أبو جعفر, عن هشام بن حسان, عن محمد بن سيرين, عن عبيدة السلماني قال: وجدوا البقرة عند رجل, فقال: إني لا أبيعها إلا بملء جلدها ذهبا, فاشتروها بملء جلدها ذهبا.1287 - حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد: جعلوا يزيدون صاحبها حتى ملئوا له مسكها - وهو جلدها - ذهبا.* * *وأما صغر خطرها وقلة قيمتها, فإن الحسن بن يحيى:-1288 - حدثنا قال، حدثنا عبد الرزاق قال، أخبرنا ابن عيينة قال، حدثني محمد بن سوقة, عن عكرمة قال: ما كان ثمنها إلا ثلاثة دنانير.وأما ما قلنا من خوفهم الفضيحة على أنفسهم, فإن وهب بن منبه كان يقول: إن القوم إذ أمروا بذبح البقرة، إنما قالوا لموسى: أَتَتَّخِذُنَا هُزُوًا ، لعلمهم بأنهم سيفتضحون إذا ذبحت، فحادوا عن ذبحها.1289 - حدثت بذلك عن إسماعيل بن عبد الكريم, عن عبد الصمد بن معقل, عن وهب بن منبه.وكان ابن عباس يقول: إن القوم، بعد أن أحيا الله الميت فأخبرهم بقاتله, ص[ 2-222 ] أنكرت قتلته قتله, فقالوا: والله ما قتلناه؛ بعد أن رأوا الآية والحق.1290 - حدثني بذلك محمد بن سعد قال، حدثني أبي قال، حدثني عمي قال، حدثتي أبي عن أبيه, عن ابن عباس.----------------الهوامش :(19) سنت الناقة تسنو ، وسنا الرجل يسنو سنوا وسناية : إذا سقى الأرض . والسانية : هي الناضحة ، وهي الناقة أو غيرها مما يسقى عليها الزرع ، والجمع : السواني .(20) الذل : اللين ، ضد الصعوبة .(21) في المطبوعة : "تبين الأرض" ، وهو تصحيف .(22) الأثر : 1254 - سلف قريبا برقم : 1221 .(23) العوار (بفتح العين ، وتضم) : العيب .(24) انظر ما سلف في هذا الجزء : 211 تعليق : 1 .(25) السدَى : الأسفل من الثوب ، واللُّحمة : الأعلى منه يداخل السدَى .(26) ديوانه : 19 ، وسيرة ابن هشام 4 : 153 ، والروض الأنف 2 : 314 ، والفائق (قحل) ورواية الديوان "بجنبيها" ورواية ابن هشام : "تسعى الغواة" . وقوله : "جنابيها" . والجناب : الناحية ، ويريد ناحية الجنب . يقال : "جنبيه ، وجانبيه ، وجنابيه ، . والضمير في قوله : "جنابيها" لناقته التي ذكرها قبل . وقوله : "وقولهم : إنك . . " ، حال ، أي : وهم يقولون ، والمعنى يكثرون القول عليه : إنك يا ابن أبي سلمى لمقتول ، كأنهم لا يقولون غير ذلك ، ترهيبا له وتخويفا .(27) في المطبوعة : " ووسيته سية" ، وهو كلام لا أصل له ، وكأنه مصحف ما أثبت .(28) في المطبوعة : "فتبيناه وعرفناه أنه بقرة عينت" ، تصحيف وتحريف ، وهو فاسد جدا . مضى في ص" 209 نقض الطبري لقول من زعم أنهم ظنوا أنهم أمروا بذبح بقرة بعينها . فسألوه أن يصفها لهم ليعرفوها ، وسمى قائل ذلك : جاهلا ، وشفى في بيان جهله ، فلو كان الله تعالى"عينها" لهم ، لبين لهم ما عين ، إذا أمر بذبحها .(29) الأثر : 1273 - بعض الأثر : 1247 ، وهنا زيادة عليه من تمامه .(30) في المطبوعة : "الآن بينت لنا الحق في أمر البقرة ، فعرفنا أنها الواجب علينا ذبحها منها" ، و"البقرة"و"أنها" تصحيف وتحريف ، يفسد معنى ما قال الطبري ىنفا ص : 209 ، وما سيأتي بعد هذه الجملة . وانظر التعليق السالف رقم : 1 .(31) السياق : "كان مبينا لهم . . الحق" ، ما بينهما فصل ، كعادته في الفصل .(32) الخبر : 1275 - محمد بن عبد الله بن عبيد بن عقيل الهلالي ، شيخ الطبري : ثقة ، روى عنه أيضًا أبو داود والنسائي وابن ماجه وغيرهم . مترجم في التهذيب ، ولم أجد له ترجمة في غيره . عبد العزيز ابن الخطاب الكوفي أبو الحسن : ثقة ، روى عنه أبو زرعة وأبو حاتم وغيرهما ، مترجم في التهذيب ، وابن أبي حاتم 2 / 2 /381 . أبو معشر : هو نجيح - بفتح النون - بن عبد الرحمن السندي - بكسر السين - المدني ، وهو ضعيف . البخاري في الكبير 4 / 2 /114 ، وقال : "منكر الحديث" وابن أبي حاتم 4 /1 / 495 . محمد بن كعب القرظي : تابعي ثقة معروف .(33) المسك (بفتح فسكون) : جلد البقرة وغيرها من الحيوان .(34) في المطبوعة : محمد بن سعيد قال حدثني أبي قال حدثني يحيى" ، وهذا خطأ ، والصواب ما أثبته . وقد مضى الكلام على هذا الإسناد في 1 : 263 - 264 ، وهو كثير الدوران في تفسير الطبري" ، وسيأتي بعد في رقم : 1290على الصواب .
وَ اِذْ قَتَلْتُمْ نَفْسًا فَادّٰرَءْتُمْ فِیْهَاؕ-وَ اللّٰهُ مُخْرِ جٌ مَّا كُنْتُمْ تَكْتُمُوْنَۚ(۷۲)
اور جب تم نے ایک خون کیا تو ایک دوسرے پر اس کی تہمت ڈالنے لگے اور اللہ کو ظاہر کرنا تھا جو تم چھپاتے تھے،
القول في تأويل قوله تعالى : وَإِذْ قَتَلْتُمْ نَفْسًا فَادَّارَأْتُمْ فِيهَاقال أبو جعفر: يعني بقوله جل ثناؤه: (وإذ قتلتم نفسا)، واذكروا يا بني إسرائيل إذ قتلتم نفسا. و " النفس " التي قتلوها، هي النفس التي ذكرنا قصتها في تأويل قوله: وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً .* * *وقوله: (فادارأتم فيها)، يعني فاختلفتم وتنازعتم. وإنما هو " فتدارأتم فيها " على مثال " تفاعلتم "، من الدرء. و " الدرء ": العوج, ومنه قول أبي النجم العجلي:خشية ضَغّام إذا هم جَسَريأكل ذا الدرء ويقصي من حقر (35)يعني: ذا العوج والعسر. ومنه قول رؤبة بن العجاج:أدركتها قدام كل مِدْرَهِبالدفع عني درء كل عُنْجُهِ (36) ص[ 2-223 ]ومنه الخبر الذي:-1291 - حدثنا به أبو كريب قال، حدثنا مصعب بن المقدام, عن إسرائيل, عن إبراهيم بن المهاجر, عن مجاهد, عن السائب قال: جاءني عثمان وزهير ابنا أمية, فاستأذنا لي على رسول الله صلى الله عليه وسلم, فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أنا أعلم به منكما, ألم تكن شريكي في الجاهلية؟ قلت: نعم، بأبي أنت وأمي, فنعم الشريك كنت لا تماري ولا تداري" . (37)ص[ 2-224 ]يعني بقوله:لا تداري، لا تخالف رفيقك وشريكك ولا تنازعه ولا تشارُّه.* * *وإنما أصل (فادارأتم)، فتدارأتم, ولكن التاء قريبة من مخرج الدال - وذلك أن مخرج التاء من طرف اللسان وأصول الشفتين, ومخرج الدال من طرف اللسان وأطراف الثنيتين - فأدغمت التاء في الدال، فجعلت دالا مشددة كما قال الشاعر:تولي الضجيع إذا ما استافها خَصِراعذب المذاق إذا ما اتّابعَ القُبَل (38)يريد إذا ما تتابع القبل, فأدغم إحدى التاءين في الأخرى. فلما أدغمت التاء في الدال فجعلت دالا مثلها سكنت, فجلبوا ألفا ليصلوا إلى الكلام بها, وذلك إذا كان قبله شيء، لأن الإدغام لا يكون إلا وقبله شيء, ومنه قول الله جل ثناؤه: حَتَّى إِذَا ادَّارَكُوا فِيهَا جَمِيعًا [ الأعراف: 38]، إنما هو " تداركوا ", ولكن التاء منها أدغمت في الدال، فصارت دالا مشددة, وجعلت فيها ألف -إذ وصلت بكلام قبلها ليسلم الإدغام. وإذا لم يكن قبل ذلك ما يواصله, وابتدئ به, قيل: تداركوا وتثاقلوا, فأظهروا الإدغام. وقد قيل يقال: " اداركوا، وادارءوا ".وقد قيل إن معنى قوله: (فادارأتم فيها)، فتدافعتم فيها. من قول القائل: " درأت هذا الأمر عني", ومن قول الله: وَيَدْرَأُ عَنْهَا الْعَذَابَ [ النور: 8]، بمعنى ص[ 2-225 ] يدفع عنها العذاب. وهذا قول قريب المعنى من القول الأول. لأن القوم إنما تدافعوا قتل قتيل, فانتفى كل فريق منهم أن يكون قاتله, كما قد بينا قبل قيما مضى من كتابنا هذا. (39) وبنحو الذي قلنا في معنى قوله: (فادارأتم فيها) قال أهل التأويل.1292 - حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثني عيسى, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد في قول الله: (فادارأتم فيها)، قال: اختلفتم فيها.1293 - حدثنا المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد مثله.1294 - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج, عن ابن جريج: (وإذ قتلتم نفسا فادارأتم فيها) قال بعضهم: أنتم قتلتموه. وقال الآخرون: أنتم قتلتموه.1295 - حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد في قوله: (فادارأتم فيها)، قال: اختلفتم, وهو التنازع، تنازعوا فيه. قال: قال هؤلاء: أنتم قتلتموه. وقال هؤلاء: لا.* * *وكان تدارؤهم في النفس التي قتلوها كما:-1296 - حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم, عن عيسى, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد قال: صاحب البقرة رجل من بني إسرائيل، قتله رجل فألقاه على باب ناس آخرين, فجاء أولياء المقتول فادعوا دمه عندهم، فانتفوا -أو انتفلوا- منه. شك أبو عاصم. (40)1297 - حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل, عن ص[ 2-226 ] ابن أبي نجيح, عن مجاهد بمثله سواء - إلا أنه قال: فادعوا دمه عندهم فانتفوا -ولم يشك- منه. (41)1298 - حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد, عن قتادة قال: قتيل كان في بني إسرائيل. فقذف كل سبط منهم [سبطا به]، (42) حتى تفاقم بينهم الشر، حتى ترافعوا في ذلك إلى نبي الله صلى الله عليه وسلم. فأوحى الله إلى موسى: أن اذبح بقرة فاضربه ببعضها. فذكر لنا أن وليه الذي كان يطلب بدمه هو الذي قتله، من أجل ميراث كان بينهم.1299- حدثني ابن سعد قال، حدثني عمي قال، حدثني أبي, عن أبيه, عن ابن عباس في شأن البقرة. وذلك أن شيخا من بني إسرائيل على عهد موسى كان مكثرا من المال وكان بنو أخيه فقراء لا مال لهم, وكان الشيخ لا ولد له, وكان بنو أخيه ورثته. فقالوا: ليت عمنا قد مات فورثنا ماله! وإنه لما تطاول عليهم أن لا يموت عمهم، أتاهم الشيطان, فقال: هل لكم إلى أن تقتلوا عمكم، فترثوا ماله, وتغرموا أهل المدينة التي لستم بها ديته؟ - وذلك أنهما كانتا مدينتين، كانوا في إحداهما, فكان القتيل إذا قتل وطرح بين المدينتين, قيس ما بين القتيل وما بين المدينتين, فأيهما كانت أقرب إليه غرمت الدية - وأنهم لما سول لهم الشيطان ذلك، وتطاول عليهم أن لا يموت عمهم, عمدوا إليه فقتلوه, ثم عمدوا فطرحوه على باب المدينة التي ليسوا فيها. فلما أصبح أهل المدينة، جاء بنو أخي الشيخ, فقالوا: عمنا قتل على باب مدينتكم, فوالله لتغرمن لنا دية عمنا. قال أهل المدينة: نقسم بالله ما قتلنا ولا علمنا قاتلا ولا فتحنا باب مدينتنا منذ أغلق حتى أصبحنا. وأنهم عمدوا إلى موسى, فلما أتوا قال بنو أخي الشيخ: عمنا وجدناه مقتولا على باب مدينتهم. وقال أهل المدينة: نقسم بالله ما قتلناه، ولا فتحنا باب المدينة من حين أغلقناه حتى أصبحنا. وأن جبريل جاء بأمر ربنا السميع العليم إلى موسى,ص[ 2-227 ] فقال: قل لهم: إن الله يأمركم أن تذبحوا بقرة فتضربوه ببعضها.1300 - حدثنا القاسم قال، حدثنا حسين قال، حدثني حجاج, عن ابن جريج, عن مجاهد - وحجاج عن أبي معشر, عن محمد بن كعب القرظي ومحمد بن قيس - دخل حديث بعضهم في حديث بعض, قالوا: إن سبطا من بني إسرائيل، لما رأوا كثرة شرور الناس، بنوا مدينة فاعتزلوا شرور الناس, فكانوا إذا أمسوا لم يتركوا أحدا منهم خارجا إلا أدخلوه, وإذا أصبحوا قام رئيسهم فنظر وتشرف، (43) فإذا لم ير شيئا فتح المدينة، فكانوا مع الناس حتى يمسوا. وكان رجل من بني إسرائيل له مال كثير, ولم يكن له وارث غير ابن أخيه, فطال عليه حياته, فقتله ليرثه، ثم حمله فوضعه على باب المدينة، ثم كمن في مكان هو وأصحابه. قال: فتشرف رئيس المدينة على باب المدينة، فنظر فلم ير شيئا. ففتح الباب, فلما رأى القتيل رد الباب: فناداه ابن أخي المقتول وأصحابه: هيهات! قتلتموه ثم تردون الباب؟ وكان موسى لما رأى القتل كثيرا في أصحابه بني إسرائيل، (44) كان إذا رأى القتيل بين ظهري القوم. أخذهم. فكاد يكون بين أخي المقتول وبين أهل المدينة قتال، حتى لبس الفريقان السلاح, ثم كف بعضهم عن بعض. فأتوا موسى فذكروا له شأنهم، فقالوا: يا رسول الله، إن هؤلاء قتلوا قتيلا ثم ردوا الباب. وقال أهل المدينة: يا رسول الله، قد عرفت اعتزالنا الشرور، وبنينا مدينة -كما رأيت- نعتزل شرور الناس، ما قتلنا ولا علمنا قاتلا. فأوحى الله تعالى ذكره إليه: أن يذبحوا بقرة, فقال لهم موسى: إن الله يأمركم أن تذبحوا بقرة.1301 - حدثني المثنى قال، حدثنا آدم قال، حدثنا أبو جعفر, عن هشام بن حسان, عن محمد بن سيرين, عن عبيدة قال: كان في بني إسرائيل رجل عقيم وله مال كثير, فقتله ابن أخ له، فجره فألقاه على باب ناس آخرين. ص[2-228 ] ثم أصبحوا، فادعاه عليهم، حتى تسلح هؤلاء وهؤلاء, فأرادوا أن يقتتلوا, فقال، ذوو النهى منهم: أتقتتلون وفيكم نبي الله؟ فأمسكوا حتى أتوا موسى, فقصوا عليه القصة, فأمرهم أن يذبحوا بقرة فيضربوه ببعضها, فقالوا: أَتَتَّخِذُنَا هُزُوًا ؟ قال: أعوذ بالله أن أكون من الجاهلين.1302 - حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد: قتيل من بني إسرائيل، طرح في سبط من الأسباط, فأتى أهل ذلك السبط إلى ذلك السبط فقالوا: أنتم والله قتلتم صاحبنا. فقالوا: لا والله. فأتوا إلى موسى فقالوا: هذا قتيلنا بين أظهرهم, وهم والله قتلوه. فقالوا: لا والله يا نبي الله، طرح علينا. فقال لهم موسى صلى الله عليه وسلم: إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً .* * *قال أبو جعفر: فكان اختلافهم وتنازعهم وخصامهم بينهم - في أمر القتيل الذي ذكرنا أمره، على ما روينا من علمائنا من أهل التأويل - هو " الدرء " الذي قال الله جل ثناؤه لذريتهم وبقايا أولادهم: (فَادَّارَأْتُمْ فِيهَا وَاللَّهُ مُخْرِجٌ مَا كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ).* * *القول في تأويل قوله تعالى : وَاللَّهُ مُخْرِجٌ مَا كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ (72)قال أبو جعفر: ويعني بقوله: (والله مخرج ما كنتم تكتمون)، والله معلن ما كنتم تسرونه من قتل القتيل الذي قتلتم، ثم ادارأتم فيه.* * *ومعنى " الإخراج " -في هذا الموضع- الإظهار والإعلان لمن خفي ذلك عنه، وإطلاعهم عليه, كما قال الله تعالى ذكره: أَلَّا يَسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي يُخْرِجُ الْخَبْءَ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ [ النمل: 25] يعني بذلك: يظهره ويطلعه من مخبئه بعد خفائه.* * *والذي كانوا يكتمونه فأخرجه، هو قتل القاتل القتيل. لما كتم ذلك ص[ 2-229 ] القاتل ومن علمه ممن شايعه على ذلك، (45) حتى أظهره الله وأخرجه, فأعلن أمره لمن لا يعلم أمره.* * *وعَنَى جل ذكره بقوله: (تكتمون)، تسرون وتغيبون، كما:1303 - حدثنا محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد في قول الله: (والله مخرج ما كنتم تكتمون)، قال: تغيبون.1304 - حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد: (ما كنتم تكتمون)، ما كنتم تغيبون.--------------الهوامش :(35) لم أجد البيت في مكان ، وكان في المطبوعة .خشية طغام إذا هم حسر. . . . . . . . . . . . . . . . . . .وهو كلام مختل . والضغام من الضغم : وهو أن يملأ فمه مما أهوى إليه . وجسر جسورا وجسارة مضى ونفذ من شدة إقدامه .(36) ديوانه : 166 من قصيدة يصف بها نفسه . والضمير في قوله : "أدركتها" إلى ما سبق في رجزه .وَحقّةٍ ليست بقول الترهوقوله : "حقة" ، يعني خصومة أو منافرة أو مفاخرة ، أو ما أشبه ذلك . والمدره : هو المدافع الذي يقدم عند الخصومة ، بلسان أو يد . والعنجه والعنجهي : ذو الكبر والعظمة حتى كاد يبلغ الجهل والحمق ومنه العنجهية .(37) الحديث : 1291 - في هذا الإسناد ضعف ، وفي الحديث نفسه اضطراب ، كما سيأتي : أبو كريب : هو محمد بن العلاء بن كريب الحافظ ، ثقة كبير ، من شيوخ أصحاب الكتب الستة ، روى عنه الطبري كثيرا . مات سنة 248 . مصعب بن المقدام الخثعمي : ثقة ، وضعفه بعضهم ، وأخرج له مسلم في صحيحه ، مترجم في التهذيب ، والكبير للبخاري 4 / 1 / 354 ، وابن أبي حاتم 4 /1 / 308. إسرائيل : هو ابن يونس بن أبي إسحاق السبيعي ، وهو ثقة حافظ معروف . إبراهيم بن المهاجر بن جابر البجلي : ثقة ، تكلم فيه بغير حجة ، وأخرج له مسلم . مترجم في التهذيب ، والكبير للبخاري 1 / 1 / 328 ، وصرح بأنه سمع مجاهدا ، وابن أبي حاتم 1 /1 / 132 - 133 . السائب : صحابي - كما هو ظاهر من هذا الحديث وغيره ، واختلف فيه كثيرا ، فقيل : "السائب بن أبي السائب صيفي بن عائذ . . " ، وقيل : "السائب بن عبد الله المخزومي" ، بل قيل أيضًا : "قيس بن السائب"! والذي جزم به البخاري في الكبير 2 / 2 / 152 واقتصر عليه : "السائب بن أبي السائب القرشي المكي ، له صحبة" . وكذلك صنع ابن أبي حاتم 2 /1 / 242 ، وقال : "منهم من يقول : له صحبة ، ومنهم من يقول : لأبيه صحبة . روى عنه مجاهد . يقال : "إنه مولى مجاهد من فوق" . وفي الإصابة 3 : 60 نقلا عن ابن أبي شيبة ، أنه روى من طريق يونس بن خباب عن مجاهد : "كنت أقود السائب ، فيقول لي : يا مجاهد . . " . ولو صح هذا لثبت اتصال الإسناد ، لكن يونس بن خباب ضعيف .والحديث روى أحمد في المسند : 15566 (3 : 425 حلبي) نحو معناه ، بزيادة ونقص ، عن أسود بن عامر ، عن إسرائيل ، عن إبراهيم بن مهاجر ، عن مجاهد ، "عن السائب بن عبد الله" ، ثم روى بعده مثله ، بمعناه ، مطولا ومختصرا ، من طرق ، وفي بعضها" عن مجاهد ، عن قائد السائب ، عن السائب" .وروى أبو داود : 4836 ، نحوه ، من طريق الثوري ، عن إبراهيم بن المهاجر ، عن مجاهد ، عن قائد السائب ، عن السائب وقال المنذري في تهذيب السنن : 4669"وأخرجه النسائي وابن ماجه . . وهذا الحديث قد اختلف في إسناده اختلافا كثيرا . وذكر ابو عمر يوسف بن عبد البر النمري : أن هذا الحديث مضطرب جدا . . وهذا الاضطراب لا تقوم به حجة" .وقد وقع في متن الحديث هنا خطأ ، لا ندري : أهو من الرواية ، أم من الناسخين . وذلك قوله"جاءني عثمان وزهير ابنا أمية" . فلا يوجد في الصحابة من يسمي بهذا ولا بذاك . والصواب ما في رواية المسند : 15566"جاء بي عثمان بن عفان ، وزهير" . وزهير : هو ابن أبي أمية ، أخو أم سلمة ، أم المؤمنين ، وهي بنت أبي أمية . كما بين ذلك في الإصابة 3 : 13 - 14 ، إذ قال : "وروى ابن منده من طريق مجاهد ، عن السائب شريك رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ذهب بي عثمان ، وزهير بن أبي أمية . . "وانظر نسب قريش للمصعب ، ص : 333 . حيث جزم بأن"السائب بن أبي السائب صيفي" قتل يوم بدر كافرا؛ وانظر أيضًا الإشارة إلى أصل القصة في الإصابة 3 : 13 - 14 ، 60 ، و 4 : 74 ، و5 : 253 - 254 . والموضوع لا يزال محتاجا إلى تحقيق وبحث .(38) لم أعرف قائله ، وسيأتي في 10 : 94 (بولاق) ، وفي المطبوعة هنا"اشتاقها" وهو خطأ والصحيح ما أثبته من هناك . وساف الشيء يسوفه سوفا واستافه : دنا منه وشمه . واستعاره للقبلة ، كما استعاروا الشم للقبلة ، لأن دنو الأنف يسبق ما أراد المريد . قال الراعي يصف ما يصف من القبلةيثني مُساوفها غضروف أرنبةشماء, من رخصة في جيدها غيدقال الزمخشري : "ساوفتها" ضاجعتها ، ولكنه في البيت : الذي يُقبِّل .(39) انظر ما سلف رقم : 1172 ، 1180 .(40) انتفل من الشيء : انتفى منه وتبرأ ، وأنكر أن يكون فعله أو عرفه وفي حديث ابن عمر : "إن فلانا انتفل من ولده" أي تبرأ منه .(41) في المطبوعة : "ولم يشك فيه" ، وهو خطأ وتصحيف . "لم يشك" فاصلة بين الفعل وحرفه .(42) الزيادة بين القوسين ، لا بد منها ليستقيم معناه ، وأخشى أن يكون في الأصول تحريف لم أعثر على صوابه .(43) تشرف الشيء واسشرفه : وضع يده على حاجبه كالذي يستظل من الشمس ، حتى يبصره ويستبينه .(44) لعل الصواب : "كثر في أصحابه" .(45) "ذلك" في قوله : "لما كتم ذلك" مفعول ، هو كناية عن قوله : "هو قتل القاتل القتيل" .
فَقُلْنَا اضْرِبُوْهُ بِبَعْضِهَاؕ-كَذٰلِكَ یُحْیِ اللّٰهُ الْمَوْتٰىۙ-وَ یُرِیْكُمْ اٰیٰتِهٖ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُوْنَ(۷۳)
تو ہم نے فرمایا اس مقتول کو اس گائے کا ایک ٹکڑا مارو (ف۱۲۲) اللہ یونہی مرُدے جلائے گا۔ اور تمہیں اپنی نشانیاں دکھاتا ہے کہ کہیں تمہیں عقل ہو(ف۱۲۳)
القول في تأويل قوله تعالى : فَقُلْنَا اضْرِبُوهُ بِبَعْضِهَاقال أبو جعفر: يعني جل ذكره بقوله: فقلنا لقوم موسى الذين ادارءوا في القتيل (46) - الذي قد تقدم وصفنا أمره - : اضربوا القتيل. و " الهاء " التي في قوله: (اضربوه) من ذكر القتيل؛(ببعضها) أي: ببعض البقرة التي أمرهم الله بذبحها فذبحوها.* * *ثم اختلف العلماء في البعض الذي ضرب به القتيل من البقرة، وأي عضو كان ذلك منها. فقال بعضهم: ضرب بفخذ البقرة القتيل.* ذكر من قال ذلك:1305 - حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد قال: ضرب بفخذ البقرة فقام حيا, فقال: قتلني فلان. ثم عاد في ميتته.ص[ 2-230 ]1306 - حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد قال: ضرب بفخذ البقرة, ثم ذكر مثله.1307 - حدثنا أبو كريب قال، حدثنا جابر بن نوح, عن النضر بن عربي, عن عكرمة: (فقلنا اضربوه ببعضها)، قال: بفخذها، فلما ضرب بها عاش، وقال: قتلني فلان. ثم عاد إلى حاله. (47)1308 - حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل, عن خالد بن يزيد, عن مجاهد قال: ضرب بفخذها الرجل، فقام حيا فقال: قتلني فلان. ثم عاد في ميتته.1309 - حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر قال، قال أيوب ، عن ابن سيرين, عن عبيدة: ضربوا المقتول ببعض لحمها -وقال معمر، عن قتادة - : ضربوه بلحم الفخذ فعاش, فقال: قتلني فلان.1310 - حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد, عن قتادة قال: ذكر لنا أنهم ضربوه بفخذها، فأحياه الله فأنبأ بقاتله الذي قتله، وتكلم ثم مات.* * *وقال آخرون: الذي ضرب به منها، هو البضعة التي بين الكتفين. (48)* ذكر من قال ذلك:1311 - حدثني موسى قال، حدثنا عمرو قال، حدثنا أسباط, عن السدي: (فقلنا اضربوه ببعضها)، فضربوه بالبضعة التي بين الكتفين فعاش, فسألوه: من قتلك؟ فقال لهم: ابن أخي.ص[ 2-231 ]وقال آخرون: الذي أمروا أن يضربوه به منها، عظم من عظامها.* ذكر من قال ذلك:1312 - حدثني المثنى قال، حدثنا آدم قال، حدثنا أبو جعفر, عن الربيع, عن أبي العالية قال: أمرهم موسى أن يأخذوا عظما منها فيضربوا به القتيل. ففعلوا, فرجع إليه روحه, فسمى لهم قاتله، ثم عاد ميتا كما كان. فأخذ قاتله، وهو الذي أتى موسى فشكا إليه، فقتله الله على أسوأ عمله.* * *وقال آخرون بما:-1313 - حدثني به يونس بن عبد الأعلى قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد: ضربوا الميت ببعض آرابها فإذا هو قاعد - (49) قالوا: من قتلك؟ قال: ابن أخي. قال: وكان قتله وطرحه على ذلك السبط, أراد أن يأخذ ديته.* * *قال أبو جعفر: والصواب من القول في تأويل قوله عندنا: (فقلنا اضربوه ببعضها)، أن يقال: أمرهم الله جل ثناؤه أن يضربوا القتيل ببعض البقرة ليحيا المضروب. ولا دلالة في الآية، ولا [في] خبر تقوم به حجة، (50) على أي أبعاضها التي أمر القوم أن يضربوا القتيل به. وجائز أن يكون الذي أمروا أن يضربوه به هو الفخذ, وجائز أن يكون ذلك الذنب وغضروف الكتف، وغير ذلك من أبعاضها. ولا يضر الجهل بأي ذلك ضربوا القتيل, ولا ينفع العلم به، مع الإقرار بأن القوم قد ضربوا القتيل ببعض البقرة بعد ذبحها فأحياه الله.* * *قال أبو جعفر: فإن قال قائل: وما كان معنى الأمر بضرب القتيل ببعضها؟ قيل: ليحيا فينبئ نبي الله موسى صلى الله عليه وسلم والذين ادارءوا فيه - من قاتله.ص[ 2-232 ]فإن قال قائل: وأين الخبر عن أن الله جل ثناؤه أمرهم بذلك لذلك؟ قيل: ترك ذلك اكتفاء بدلالة ما ذكر من الكلام الدال عليه - نحو الذي ذكرنا من نظائر ذلك فيما مضى. ومعنى الكلام: فقلنا: اضربوه ببعضها ليحيا, فضربوه فحيي - كما قال جل ثناؤه: أَنِ اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْبَحْرَ فَانْفَلَقَ [ الشعراء: 63]، والمعنى: فضرب فانفلق - دل على ذلك قوله: (51) كَذَلِكَ يُحْيِي اللَّهُ الْمَوْتَى وَيُرِيكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ .* * *القول في تأويل قوله تعالى : كَذَلِكَ يُحْيِي اللَّهُ الْمَوْتَىقال أبو جعفر: وقوله: (كذلك يحيي الله الموتى)، مخاطبة من الله عباده المؤمنين, واحتجاج منه على المشركين المكذبين بالبعث, وأمرهم بالاعتبار بما كان منه جل ثناؤه من إحياء قتيل بني إسرائيل بعد مماته في الدنيا. فقال لهم تعالى ذكره: أيها المكذبون بالبعث بعد الممات, اعتبروا بإحيائي هذا القتيل بعد مماته, فإني كما أحييته في الدنيا، فكذلك أحيي الموتى بعد مماتهم, فأبعثهم يوم البعث.وإنما احتج جل ذكره بذلك على مشركي العرب، (52) وهم قوم أميون لا كتاب لهم, لأن الذين كانوا يعلمون علم ذلك من بني إسرائيل كانوا بين أظهرهم، وفيهم نزلت هذه الآيات, فأخبرهم جل ذكره بذلك، ليتعرفوا علم من قِبَلَهم.* * *ص[ 2-233 ]القول في تأويل قوله تعالى : وَيُرِيكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (73)قال أبو جعفر: يعني جل ذكره: ويريكم الله أيها الكافرون المكذبون بمحمد صلى الله عليه وسلم، وبما جاء به من عند الله - من آياته = وآياته: أعلامه وحججه الدالة على نبوته = (53) لتعقلوا وتفهموا أنه محق صادق، فتؤمنوا به وتتبعوه.-----------------الهوامش :(46) في المطبوعة : " . . بقوله فقلنا لقوم موسى" ، والصواب زيادة لفظ الآية ، كما فعلت .(47) الخبر : 1307 - النضر بن عربي الباهلي : ثقة من أتباع التابعين ، وثقه ابن معين وغيره ، مات سنة 168 ، مترجم في التهذيب ، والكبير للبخاري 4 / 2 /89 ، وابن أبي حاتم 4 / 1 / 475 .(48) البضعة : القطعة من اللحم ، قولهم : بضع اللحم : قطعه .(49) آراب جمع إرب (بكسر فسكون) : وهو العضو ، يقال : قطعه إربا إربا ، أي عضوا عضوا .(50) الزيادة بين القوسين ، أولى من حذفها .(51) في المطبوعة : "يدل على ذلك قوله . . " ، وليست بشيء .(52) في المطبوعة : "فإنما احتج . . " ، والفاء ليست بشيء هنا .(53) انظر ما سلف 1 : 552 ، وهذا الجزء 2 : 139 .
ثُمَّ قَسَتْ قُلُوْبُكُمْ مِّنْۢ بَعْدِ ذٰلِكَ فَهِیَ كَالْحِجَارَةِ اَوْ اَشَدُّ قَسْوَةًؕ-وَ اِنَّ مِنَ الْحِجَارَةِ لَمَا یَتَفَجَّرُ مِنْهُ الْاَنْهٰرُؕ-وَ اِنَّ مِنْهَا لَمَا یَشَّقَّقُ فَیَخْرُ جُ مِنْهُ الْمَآءُؕ-وَ اِنَّ مِنْهَا لَمَا یَهْبِطُ مِنْ خَشْیَةِ اللّٰهِؕ-وَ مَا اللّٰهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُوْنَ(۷۴)
پھر اس کے بعد تمہارے دل سخت ہوگئے (ف۱۲۴) تو وہ پتھروں کی مثل ہیں بلکہ ان سے بھی زیادہ کرّے اور پتھروں میں تو کچھ وہ ہیں جن سے ندیاں بہہ نکلتی ہیں اور کچھ وہ ہیں جو پھٹ جاتے ہیں تو ان سے پانی نکلتا ہے اور کچھ وہ ہیں جو اللہ کے ڈر سے گر پڑتے ہیں (ف۱۲۵) اور اللہ تمہارے کوتکوں سے بے خبر نہیں،
القول في تأويل قوله تعالى : ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَقال أبو جعفر: يعني بذلك كفار بني إسرائيل, وهم -فيما ذكر- بنو أخي المقتول, فقال لهم: " ثم قست قلوبكم ": أي جفت وغلظت وعست, كما قال الراجز:وقد قسوت وقسا لداتي (54)يقال: " قسا " و " عسا " و " عتا " بمعنى واحد, وذلك إذا جفا وغلظ وصلب. يقال: منه: قسا قلبه يقسو قسوا وقسوة وقساوة وقَساء. (55)* * *ويعني بقوله: (من بعد ذلك)، من بعد أن أحيا المقتول لهم الذي - ادارءوا ص[ 2-234 ] في قتله، فأخبرهم بقاتله، وبالسبب الذي من أجله قتله، (56) كما قد وصفنا قبل على ما جاءت الآثار والأخبار - وفصل الله تعالى ذكره بخبره بين المحق منهم والمبطل (57) . وكانت قساوة قلوبهم التي وصفهم الله بها، أنهم -فيما بلغنا- أنكروا أن يكونوا هم قتلوا القتيل الذي أحياه الله, فأخبر بني إسرائيل بأنهم كانوا قتلته، بعد إخباره إياهم بذلك, وبعد ميتته الثانية، كما:-1314 - حدثني محمد بن سعد قال، حدثني أبي قال، حدثني عمي قال، حدثني أبي, عن أبيه, عن ابن عباس قال: لما ضرب المقتول ببعضها - يعني ببعض البقرة - جلس حيا, فقيل له: من قتلك؟ فقال: بنو أخي قتلوني. ثم قبض فقال بنو أخيه حين قبض: والله ما قتلناه! فكذبوا بالحق بعد إذ رأوه, فقال الله: (ثم قست قلوبكم من بعد ذلك) -يعني بني أخي الشيخ- فَهِيَ كَالْحِجَارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً .1315 - حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد, عن سعيد, عن قتادة: (ثم قست قلوبكم من بعد ذلك)، يقول: من بعد ما أراهم الله من إحياء الموتى, وبعد ما أراهم من أمر القتيل - ما أراهم, فَهِيَ كَالْحِجَارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً .* * *القول في تأويل قوله تعالى : فَهِيَ كَالْحِجَارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةًقال أبو جعفر: يعني بقوله: (فهي): " قلوبكم ". يقول: ثم صلبت قلوبكم -بعد إذ رأيتم الحق فتبينتموه وعرفتموه- عن الخضوع له والإذعان لواجب حق الله عليكم, فقلوبكم كالحجارة صلابة ويبسا وغلظا وشدة, أو " أشد قسوة "، ص[ 2-235 ] يعني: قلوبهم - عن الإذعان لواجب حق الله عليهم, والإقرار له باللازم من حقوقه لهم- أشد صلابة من الحجارة. (58)* * *فإن سأل سائل فقال: وما وجه قوله: (فهي كالحجارة أو أشد قسوة)، و " أو " عند أهل العربية، إنما تأتي في الكلام لمعنى الشك, والله تعالى جل ذكره غير جائز في خبره الشك؟قيل: إن ذلك على غير الوجه الذي توهمته، من أنه شك من الله جل ذكره فيما أخبر عنه, ولكنه خبر منه عن قلوبهم القاسية، أنها - عند عباده الذين هم أصحابها، الذين كذبوا بالحق بعد ما رأوا العظيم من آيات الله - كالحجارة قسوة أو أشد من الحجارة، عندهم وعند من عرف شأنهم.* * *وقد قال في ذلك جماعة من أهل العربية أقوالا فقال بعضهم: إنما أراد الله جل ثناؤه بقوله: (فهي كالحجارة أو أشد قسوة)، وما أشبه ذلك من الأخبار التي تأتي ب " أو ", كقوله: وَأَرْسَلْنَاهُ إِلَى مِائَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ [ الصافات: 147]، وكقول الله جل ذكره: وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَى هُدًى أَوْ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ [ سبأ: 24] [الإبهام على من خاطبه] (59) فهو عالم أي ذلك كان. قالوا: ونظير ذلك قول القائل: أكلت بسرة أو رطبة, (60) وهو عالم أي ذلك أكل، ولكنه أبهم على المخاطب, كما قال أبو الأسود الدؤلي:أحب محمدا حبا شديداوعباسا وحمزة والوصيا (61)&; 2-236 &; فإن يك حبهم رشدا أصبهولست بمخطئ إن كان غياقالوا: ولا شك أن أبا الأسود لم يكن شاكا في أن حب من سمى - رَشَد, ولكنه أبهم على من خاطبه به. وقد ذكر عن أبي الأسود أنه لما قال هذه الأبيات قيل له: شككت! فقال: كلا والله! ثم انتزع بقول الله عز وجل: وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَى هُدًى أَوْ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ ، فقال: أَوَ كان شاكا -من أخبر بهذا- في الهادي من الضلال. (62)* * *وقال بعضهم: ذلك كقول القائل: " ما أطعمتك إلا حلوا أو حامضا ", وقد أطعمه النوعين جميعا. فقالوا: فقائل ذلك لم يكن شاكا أنه قد أطعم صاحبه الحلو والحامض كليهما, ولكنه أراد الخبر عما أطعمه إياه أنه لم يخرج عن هذين النوعين. قالوا: فكذلك قوله: (فهي كالحجارة أو أشد قسوة)، إنما معناه: فقلوبهم لا تخرج من أحد هذين المثلين، إما أن تكون مثلا للحجارة في القسوة, وإما أن تكون أشد منها قسوة. ومعنى ذلك على هذا التأويل: فبعضها كالحجارة قسوة, وبعضها أشد قسوة من الحجارة.وقال بعضهم: " أو " في قوله: (أو أشد قسوة)، بمعنى، وأشد قسوة, كما قال تبارك وتعالى: وَلا تُطِعْ مِنْهُمْ آثِمًا أَوْ كَفُورًا [ الإنسان: 24] بمعنى: وكفورا، وكما قال جرير بن عطية:نال الخلافة أو كانت له قدراكما أتى ربه موسى على قدر (63)يعني: نال الخلافة، وكانت له قدرا، وكما قال النابغة:قالت: ألا ليتما هذا الحمام لناإلى حمامتنا أو نصفه فقد (64) ص[ 2-237 ]يريد. ونصفه* * *وقال آخرون: " أو " في هذا الموضع بمعنى " بل ", فكان تأويله عندهم: فهي كالحجارة بل أشد قسوة, كما قال جل ثناؤه: وَأَرْسَلْنَاهُ إِلَى مِائَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ [ الصافات: 147]، بمعنى: بل يزيدون.* * *وقال آخرون: معنى ذلك: فهي كالحجارة، أو أشد قسوة عندكم.* * *قال أبو جعفر: ولكل مما قيل من هذه الأقوال التي حكينا وجه ومخرج في كلام العرب. غير أن أعجب الأقوال إلي في ذلك ما قلناه أولا ثم القول الذي ذكرناه عمن وجه ذلك إلى أنه بمعنى: فهي أوجه في القسوة: إما أن تكون كالحجارة، أو أشد, (65) على تأويل أن منها كالحجارة, ومنها أشد قسوة. لأن " أو "، وإن استعملت في أماكن من أماكن " الواو " حتى يلتبس معناها ومعنى " الواو "، لتقارب معنييهما في بعض تلك الأماكن - (66) فإن أصلها أن تأتي بمعنى أحد الاثنين. فتوجيهها إلى أصلها - ما وجدنا إلى ذلك سبيلا (67) أعجب إلي من إخراجها عن أصلها، ومعناها المعروف لها.* * *قال أبو جعفر: وأما الرفع في قوله: (أو أشد قسوة) فمن وجهين: أحدهما: أن يكون عطفا على معنى " الكاف " في قوله: (كالحجارة)، لأن معناها الرفع. وذلك أن معناها معنى " مثل "، [فيكون تأويله] (68) فهي مثل الحجارة أو أشد قسوة من الحجارة.ص[ 2-238 ]والوجه الآخر: أن يكون مرفوعا، على معنى تكرير " هي" عليه. فيكون تأويل ذلك: فهي كالحجارة، أو هي أشد قسوة من الحجارة.* * *القول في تأويل قوله تعالى : وَإِنَّ مِنَ الْحِجَارَةِ لَمَا يَتَفَجَّرُ مِنْهُ الأَنْهَارُقال أبو جعفر: يعني بقوله جل ذكره: (وإن من الحجارة لما يتفجر منه الأنهار): وإن من الحجارة حجارة يتفجر منها الماء الذي تكون منه الأنهار, فاستغنى بذكر الأنهار عن ذكر الماء. (69) وإنما ذكر فقال " منه "، للفظ " ما ". (70)* * *و " التفجر ": " التفعل " من " تفجر الماء ", (71) وذلك إذا تنزل خارجا من منبعه. وكل سائل شخص خارجا من موضعه ومكانه، فقد " انفجر "، ماء كان ذلك أو دما أو صديدا أو غير ذلك, ومنه قوله عمر بن لجأ:ولما أن قرنت إلى جريرأبى ذو بطنه إلا انفجارا (72)يعني: إلا خروجا وسيلانا.* * *القول في تأويل قوله تعالى : وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَشَّقَّقُ فَيَخْرُجُ مِنْهُ الْمَاءُقال أبو جعفر: يعني بقوله جل ثناؤه: " وإن منها لما يشقق "، ص[ 2-239 ] وإن من الحجارة لحجارة يشقق. وتشققها: تصدعها. (73) وإنما هي: لما يتشقق, ولكن التاء أدغمت في الشين فصارت شينا مشددة.وقوله: (فيخرج منه الماء) فيكون عينا نابعة وأنهارا جارية.* * *القول في تأويل قوله تعالى : وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِقال أبو جعفر: يعني بذلك جل ثناؤه: وإن من الحجارة لما يهبط - أي يتردى من رأس الجبل إلى الأرض والسفح - (74) من خوف الله وخشيته. وقد دللنا على معنى " الهبوط" فيما مضى، بما أغنى عن إعادته في هذا الموضع. (75)* * *قال أبو جعفر: وأدخلت هذه " اللامات " اللواتي في" ما "، توكيدا للخبر.وإنما وصف الله تعالى ذكره الحجارة بما وصفها به - من أن منها المتفجر منه الأنهار, وأن منها المتشقق بالماء, وأن منها الهابط من خشية الله، بعد الذي جعل منها لقلوب الذين أخبر عن قسوة قلوبهم من بني إسرائيل، (76) مثلا - معذرة منه جل ثناؤه لها، (77) دون الذين أخبر عن قسوة قلوبهم من بني إسرائيل إذ كانوا بالصفة التي وصفهم الله بها من التكذيب لرسله، والجحود لآياته، بعد الذي أراهم من الآيات والعبر، وعاينوا من عجائب الأدلة والحجج، مع ما أعطاهم تعالى ذكره من صحة العقول، ومن به عليهم من سلامة النفوس التي لم &; 2-240 &; يعطها الحجر والمدر, ثم هو مع ذلك منه ما يتفجر بالأنهار، ومنه ما يتشقق بالماء، ومنه ما يهبط من خشية الله, فأخبر تعالى ذكره أن من الحجارة ما هو ألين من قلوبهم لما يدعون إليه من الحق، كما:-1316 - حدثنا ابن حميد قال، حدثنا سلمة, عن ابن إسحاق.* * *وبنحو الذي قلنا في تأويل ذلك، قال أهل التأويل.* ذكر من قال ذلك:1317 - حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا عيسى, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد في قول الله جل ثناؤه: (ثم قست قلوبكم من بعد ذلك فهي كالحجارة أو أشد قسوة وإن من الحجارة لما يتفجر منه الأنهار وإن منها لما يشقق فيخرج منه الماء وإن منها لما يهبط من خشية الله)، قال: كل حجر يتفجر منه الماء، أو يتشقق عن ماء, أو يتردى من رأس جبل, فهو من خشية الله عز وجل, نزل بذلك القرآن.1318 - حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد مثله.1319 - حدثني بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد, عن قتادة: فَهِيَ كَالْحِجَارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً ثم عذر الحجارة ولم يعذر شقي ابن آدم. فقال: (وإن من الحجارة لما يتفجر منه الأنهار وإن منها لما يشقق فيخرج منه الماء وإن منها لما يهبط من خشية الله).1320 - حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أحبرنا معمر, عن قتادة مثله.1321 - حدثني محمد بن سعد قال، حدثني أبي قال، حدثني عمي قال، حدثني أبي, عن أبيه, عن ابن عباس قال: ثم عذر الله الحجارة فقال: وَإِنَّ مِنَ الْحِجَارَةِ لَمَا يَتَفَجَّرُ مِنْهُ الأَنْهَارُ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَشَّقَّقُ فَيَخْرُجُ مِنْهُ الْمَاءُ .1322 - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثنا حجاج, عن ابن ص[ 2-241 ]جريج أنه قال فيها: كل حجر انفجر منه ماء، أو تشقق عن ماء، أو تردى من جبل, فمن خشية الله. نزل به القرآن.* * *قال أبو جعفر: ثم اختلف أهل التأويل في معنى هبوط ما هبط من الحجارة من خشية الله.فقال بعضهم: إن هبوط ما هبط منها من خشية الله تفيؤ ظلاله. (78)وقال آخرون: ذلك الجبل الذي صار دكا إذ تجلى له ربه. (79)وقال بعضهم: ذلك كان منه ويكون، بأن الله جل ذكره أعطى بعض الحجارة المعرفة والفهم, فعقل طاعة الله فأطاعه.1324 - كالذي روي عن الجذع الذي كان يستند إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا خطب، فلما تحول عنه حن. (80)1325 - وكالذي روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " إن حجرا كان يسلم علي في الجاهلية إني لأعرفه الآن ". (81)ص[2-242 ]وقال آخرون: بل قوله: ( يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ ) كقوله: جِدَارًا يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَّ ولا إرادة له. قالوا وإنما أريد بذلك أنه من عظم أمر الله، يرى كأنه هابط خاشع من ذل خشية الله, كما قال زيد الخيل:بجمع تضل البلق في حَجَراتهترى الأكْمَ منه سجدا للحوافر (82)وكما قال سويد بن أبي كاهل يصف عدوا له:ساجد المنخر لا يرفعهخاشع الطرف أصم المستمع (83)يريد أنه ذليل. (84)وكما قال جرير بن عطية:لما أتى خبر الرسول تضعضعتسور المدينة والجبال الخشع (85)* * *وقال آخرون: معنى قوله: (يهبط من خشية الله)، أي: يوجب الخشية لغيره، بدلالته على صانعه، كما قيل: " ناقة تاجرة "، إذا كانت من نجابتها وفراهتها تدعو الناس إلى الرغبة فيها, كما قال جرير بن عطية:ص[ 2-243 ] وأعور من نبهان, أما نهارهفأعمى, وأما ليله فبصير (86)فجعل الصفة لليل والنهار, وهو يريد بذلك صاحبه النبهاني الذي يهجوه, من أجل أنه فيهما كان ما وصفه به.* * *وهذه الأقوال، وإن كانت غير بعيدات المعنى مما تحتمله الآية من التأويل, فإن تأويل أهل التأويل من علماء سلف الأمة بخلافها، فلذلك لم نستجز صرف تأويل الآية إلى معنى منها. (87)* * *وقد دللنا فيما مضى على معنى " الخشية ", وأنها الرهبة والمخافة, فكرهنا إعادة ذلك في هذا الموضع. (88)* * *القول في تأويل قوله تعالى : وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ (74)قال أبو جعفر: يعني بقوله: (وما الله بغافل عما تعملون)، وما الله بغافل -يا معشر المكذبين بآياته، والجاحدين نبوة رسوله محمد صلى الله عليه وسلم, والمتقولين عليه الأباطيل من بني إسرائيل وأحبار اليهود- عما تعملون من أعمالكم الخبيثة، وأفعالكم الرديئة، ولكنه محصيها عليكم, فمجازيكم بها في الآخرة، أو معاقبكم بها في الدنيا. (89)ص[ 2-244 ]وأصل " الغفلة " عن الشيء، تركه على وجه السهو عنه، والنسيان له.* * *فأخبرهم تعالى ذكره أنه غير غافل عن أفعالهم الخبيثة، ولا ساه عنها, بل هو لها محص, ولها حافظ.-----------------الهوامش :(54) لم أعرف قائله ، وسيأتي في 6 : 99 (بولاق) ، وكان في الأصل هنا"وقسا لدنى" ، وهو خطأ . ولداتى جمع لدة ، ولدة الرجل : تربه ، ولد معه . وقسا هنا بمعنى : أسن وكبر وولي شبابه ، وجف عوده . ولم ترد بذلك المعنى في المعاجم .(55) أنا في شك في ضبطه المصدر الأول من هذه المصادر الأربعة وهو"قسوا" ، وتبعت في ضبطه القاموس المحيط ، وإن ، كان قد ضبط بالقلم ، وأخشى أن يكون مصدرا على"فعول" مثل دنا يدنوا دنوا ، وسما يسمو سموا .(56) في المطبوعة : "وما السبب" وليست بشيء .(57) سياق العبارة بلا فصل"من بعد أن أحيى المقتول لهم . . وفصل بخبره بين المحق منهم والمبطل" .(58) كانت هذه الجملة في المطبوعة هكذا : "كالحجارة صلابة ويبسا وغلظا وشدة ، أو أشد صلابة ، يعني قلوبكم عن الإذعان لواجب حق الله عليهم ، والإقرار له باللازم من حقوقه لهم من الحجارة" . وكأنها سهو من الناسخ ، فرددته إلى أصله بحمد الله .(59) اللسان (سكن) . غاله الشيء يغوله : ذهب به فلم تدر أين هو وأجن: ستر وأخفى .(60) ما بين القوسين زيادة لا بد منها حتى يستقيم الكلام ، استظهرته من قوله بعد : "ولكنه أبهم على المخاطب" ، ومن تفسير ابن كثير 1 : 209 ، 210 .(61) ديوانه : 32 (من نفائس المخطوطات) ، والأغاني 11 : 113 ، وإنباه الرواة 1 : 17 ، وسيأتي البيت الثاني وحده في 22 : 65 (بولاق) ورواية الديوان : "وفيهم أسوة إن كان غيا" .(62) قوله"في الهادي من الضلال" يعني نبيه صلى الله عليه وسلم . وعبارة الأغاني : أفترى الله عز وجل شك في نبيه" .(63) سلف هذا البيت وتخريجه في 1 : 337 .(64) ديوانه : 32 ، وروايته هناك"ونصفه" . وهو من قصيدته المشهورة التي يعتذر فيها إلى النعمان . والضمير في قوله : "قالت" إلى"فتاة الحي ، المذكورة في شعر قبله ، وهي زرقاء اليمامة . وهو خبر مشهور ، لا نطيل بذكره .(65) في المطبوعة : "فهي أوجه في القسوة من أن تكون كالحجارة أو أشد" ، واستظهرت تصويبه مما مضى آنفًا ، ومن تأويله بعد ، فوضعت"إما" مكان"من" .(66) انظر ما سلف في 1 : 327 - 328 .(67) في المطبوعة : "من وجد إلى ذلك سبيلا" . وهو خطأ .(68) زدت ما بين القوسين ، ليستقيم الكلام .(69) في المطبوعة : "بذكر الماء عن ذكر الأنهار" ، وهو خطأ بين .(70) في المطبوعة : "وإنما ذكر فقيل . . " ، وهو لا شيء .(71) في المطبوعة : "من : فجر الماء" ، وهو خطأ يدل السياق على خلافه ، وهو ما أثبت .(72) طبقات فحول الشعراء : 369 ، والأغاني 8 : 72 ، وروايتهما"إلا انحدارا" ، وراوية الطبري أعرق في الشعر . وفي المطبوعة"قربت" ، وهو خطأ محض . قاله عمر بن لجأا حين أخذهما أبو بكر ابن حزم - بأمر الوليد بن عبد الملك - فقرنهما ، وأقامهما على البلس يشهر بهما ، فكان التميمي ينشد هذا البيت في هجاء جرير . وقوله : "ذو بطنه" ، كناية جيدة عما يشمأز من ذكره .(73) أسقط ذكر الآية في المطبوعة ، كأنه استطال التكرار؛ وأقمنا الكلام على نهج أبي جعفر وفي المطبوعة : "لحجارة تشقق" ، ورددتها إلى الصواب أيضًا .(74) تردى من الجبل ترديا : طاح وسقط .(75) انظر ما سلف 1 : 534 ، وهذا الجزء 2 : 132 .(76) سياق هذه العبارة : جعل منها مثلا لقلوب الذين .(77) وسياق هذه الجملة : وإنما وصف الله بما وصفها به . . معذرة منه لها" أي للحجارة ، وما بين ذلك فصل كدأب جعفر رحمه الله .(78) يريد قوله تعالى في سورة النحل : 48 ( أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى مَا خَلَقَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ يَتَفَيَّأُ ظِلَالُهُ عَنِ الْيَمِينِ وَالشَّمَائِلِ سُجَّدًا لِلَّهِ وَهُمْ دَاخِرُونَ ) . وانظر تفسير الآية من تفسير الطبري 14 : 78 ، 79 (بولاق) .(79) يريد قوله تعالى في سورة الأعراف : 143 : ( فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا وَخَرَّ مُوسَى صَعِقًا ) .(80) الحديث : 1324 - قصة حنين الجذع لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، متواترة صحيحة ، لا يشك في صحتها إلا من لا يريد أن يؤمن . وقد عقد الحافظ ابن كثير في التاريخ بابا لذلك 6 : 125 - 132 قال في أوله : "باب حنين الجذع شوقا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وشفقا من فراقه . وقد ورد من حديث جماعة من الصحابة ، بطرق متعددة ، تفيد القطع عند أئمة هذا الشأن ، وفرسان هذا الميدان، ثم ساق من الأحاديث الصحاح من دواوين السنة . وانظر منها في المسند: 2236 ، 3430 من حديث ابن عباس . و2237 ، 3431 ، من حديث أنس . و3432 من حديث ابن عباس وأنس . وصحيح البخاري 6 : 443 (من الفتح) .(81) الحديث : 1325 - روى مسلم في صحيحه 2 : 203 - 204 ، عن جابر بن سمرة قال : "قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إني لأعرف حجرا بمكة ، كان يسلم عليّ قبل أن أبعث ، إني لأعرفه الآن" . وذكره ابن كثير في التاريخ 6 : 134 ، من مسند أحمد ، ثم نسبه لصحيح مسلم ، ومسند الطيالسي .(82) مضى هذا البيت في هذا الجزء : 2 : 104 وورد هنا"ترى الأكم فيها" والصواب ما أثبته ، كما مضى آنفًا ، وفي الأضداد لابن الأنباري"منها" مكان"فيها" .(83) المفضليات : 407 ، والأضداد لابن الأنباري : 257 . من قصيدته المحكمة . و"ساجد" منصوب إذ قبله ، في ذكر عدوه هذا :ثم ولى وهو لا يحمى استهطائر الإتراف عنه قد وقعوفي الأصل المطبوع : "إذ يرفعه" ، وهو خلل في الكلام . وأثبت ما في المفضليات ، ورواية ابن الأنباري : "ما يرفعه" . . يقول أذله فطأطأ رأسه خزيا ، وألزم الأرض بصره ، وصار كأنه أصم لا يسمع ما يقال له ، فهو لا حراك به ، مات وهو حي قائم ، لا يحير جوابا . ولذلك قال بعده :فر مني هاربا شيطانهحيث لا يعطى, ولا شيئا منع(84) هذه الجملة كانت قبل البيت ، فرددتها إلى حيث ينبغي أن ترد .(85) سلف هذا البيت وتخرجه في هذا الجزء 2 : 17 ، وروايته هناك "خبر الزبير" ، وهي أصح وأجود .(86) سلف هذا البيت وتخريجه في 1 : 317 من طبعتنا هذه ، وأغفلت هناك أن أرده إلى هذا الموضع من التفسير ، فقيده .(87) ليت من تهور من أهل زماننا ، فاجترأ على جعل كتاب ربه منبعا يستقى منه ما يشاء لأهوائه وأهواء أصحاب السلطان - سمع ما يقول أبو جعفر ، فيما تجيزه لغة العرب ، فكيف بما هو تهجم على كلام ربه بغير علم ولا هدى ولا حجة؟ اللهم إنا نبرأ إليك منهم ، ونستعيذ بك أن نضل على آثارهم .(88) انظر ما سلف 1 : 559 - 560 ، وهو من تفسير" فارهبون" ، ولم ترد مادة (خشي) في القرآن قبل هذا الموضع ، فلذلك قطعت بأنه أحال على هذه الآية .(89) كانت في المطبوعة"يحصيها ، . . فيجازيكم . . أو يعاقبكم" بالياء في أولها جميعا ، واستجزت أن أردها إلى الاسمية ، لأن الطبري هكذا يقول ، وقد سلف مثل ذلك مرارا ، ورأيت النساخ تصرفوا فيه كما بيناه في موضعه . فاستأنست بنهجه في بيانه ، وهو أبلغ وأقوم .
اَفَتَطْمَعُوْنَ اَنْ یُّؤْمِنُوْا لَكُمْ وَ قَدْ كَانَ فَرِیْقٌ مِّنْهُمْ یَسْمَعُوْنَ كَلٰمَ اللّٰهِ ثُمَّ یُحَرِّفُوْنَهٗ مِنْۢ بَعْدِ مَا عَقَلُوْهُ وَ هُمْ یَعْلَمُوْنَ(۷۵)
تو اے مسلمانو! کیا تمہیں یہ طمع ہے کہ یہ (یہودی) تمہارا یقین لائیں گے اور ان میں کا تو ایک گروہ وه تھا کہ اللہ کا کلام سنتے پھر سمجھنے کے بعد اسے دانستہ بدل دیتے، ف۱۲۶)
القول في تأويل قوله تعالى : أَفَتَطْمَعُونَ أَنْ يُؤْمِنُوا لَكُمْقال أبو جعفر: يعني بقوله جل ثناؤه: (أفتطمعون) يا أصحاب محمد, أي: أفترجون يا معشر المؤمنين بمحمد صلى الله عليه وسلم، والمصدقين ما جاءكم به من عند الله، أن يؤمن لكم يهود بني إسرائيل؟* * *ويعني بقوله: (أن يؤمنوا لكم)، أن يصدقوكم بما جاءكم به نبيكم صلى الله عليه وسلم محمد من عند ربكم، كما:-1326 - حُدثت عن عمار بن الحسن, عن ابن أبي جعفر, عن أبيه, عن الربيع في قوله (أفتطمعون أن يؤمنوا لكم)، يعني أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم،" أن يؤمنوا لكم " يقول: أفتطمعون أن يؤمن لكم اليهود؟.1327 - حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد, عن قتادة: (أفتطمعون أن يؤمنوا لكم) الآية, قال: هم اليهود.* * *القول في تأويل قوله تعالى : وَقَدْ كَانَ فَرِيقٌ مِنْهُمْقال أبو جعفر: أما " الفريق " فجمع، كالطائفة، لا واحد له من لفظه. وهو " فعيل " من " التفرق " سمي به الجماع، كما سميت الجماعة ب " الحزب "، من " التحزب "، وما أشبه ذلك. ومنه قول أعشى بني ثعلبة:&; 2-245 &; أجَدّوا فلما خفت أن يتفرقوافريقين, منهم مُصعِد ومُصوِّب (90)يعني بقوله: (منهم)، من بني إسرائيل. وإنما جعل الله الذين كانوا على عهد موسى ومن بعدهم من بني إسرائيل، من اليهود الذين قال الله لأصحاب محمد صلى الله عليه وسلم: أَفَتَطْمَعُونَ أَنْ يُؤْمِنُوا لَكُمْ - لأنهم كانوا آباءَهم وأسلافهم, فجعلهم منهم، إذ كانوا عشائرهم وفَرَطهم وأسلافهم, كما يذكر الرجل اليوم الرجل، وقد مضى على منهاج الذاكر وطريقته. وكان من قومه وعشيرته, فيقول: " كان منا فلان "، (91) يعني أنه كان من أهل طريقته أو مذهبه، أو من قومه وعشيرته. فكذلك قوله: (وقد كان فريق منهم).* * *القول في تأويل قوله تعالى : يَسْمَعُونَ كَلامَ اللَّهِ ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ مِنْ بَعْدِ مَا عَقَلُوهُ وَهُمْ يَعْلَمُونَ (75)قال أبو جعفر: اختلف أهل التأويل في الذين عنى الله بقوله: (وقد كان فريق منهم يسمعون كلام الله ثم يحرفونه من بعد ما عقلوه وهم يعلمون). فقال بعضهم بما:-1328 - حدثني به محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى, عن ابن أبى نجيح, عن مجاهد في قول الله: (أفتطمعون أن يؤمنوا لكم وقد كان فريق منهم يسمعون كلام الله ثم يحرفونه من بعد ما عقلوه وهم يعلمون)، فالذين يحرفونه والذين يكتمونه، هم العلماء منهم.1329 - حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد بنحوه.1330 - حدثني موسى قال، حدثنا عمرو بن حماد قال، حدثنا أسباط, عن السدي: (أفتطمعون أن يؤمنوا لكم وقد كان فريق منهم يسمعون كلام الله ثم يحرفونه من بعد ما عقلوه)، قال: هي التوراة، حرفوها.1331 - حدثنا يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد في قوله: (يسمعون كلام الله ثم يحرفونه)، قال: التوراة التي أنزلها عليهم، يحرفونها, يجعلون الحلال فيها حراما، والحرام فيها حلالا والحق فيها باطلا والباطل فيها حقا, إذا جاءهم المحق برِشوة أخرجوا له كتاب الله, وإذا جاءهم المبطل برِشوة أخرجوا له ذلك الكتاب، (92) فهو فيه محق. وإن جاء أحد يسألهم شيئا ليس فيه حق ولا رشوة ولا شيء، أمروه بالحق. فقال لهم: أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلا تَعْقِلُونَ [ البقرة: 44].* * *وقال آخرون في ذلك بما:-1332 - حُدثت عن عمار بن الحسن قال، أخبرنا ابن أبي جعفر, عن أبيه, عن الربيع في قوله: (وقد كان فريق منهم يسمعون كلام الله ثم يحرفونه من بعد ما عقلوه وهم يعلمون)، فكانوا يسمعون من ذلك كما يسمع أهل النبوة, ثم يحرفونه من بعد ما عقلوه وهم يعلمون.1333 - حدثنا ابن حميد قال، حدثنا سلمة, عن ابن إسحاق في قوله: (وقد كان فريق منهم يسمعون كلام الله) الآية, قال: ليس قوله: (يسمعون كلام الله)، يسمعون التوراة. كلهم قد سمعها، ولكنهم الذين سألوا موسى رؤية ربهم فأخذتهم الصاعقة فيها.1334 - حدثنا ابن حميد قال، حدثنا سلمة, عن محمد بن إسحاق قال: بلغني عن بعض أهل العلم أنهم قالوا لموسى: يا موسى، قد حيل بيننا وبين رؤية الله عز وجل, فأسمعنا كلامه حين يكلمك. فطلب ذلك موسى إلى ربه فقال: نعم, فمرهم فليتطهروا، وليطهروا ثيابهم، ويصوموا. ففعلوا. ثم خرج بهم حتى أتى الطور, فلما غشيهم الغمام أمرهم موسى عليه السلام[أن يسجدوا] فوقعوا سجودا, (93) وكلمه ربه فسمعوا كلامه، يأمرهم وينهاهم, حتى عقلوا ما سمعوا. ثم انصرف بهم إلى بني إسرائيل. فلما جاءوهم حرف فريق منهم ما أمرهم به, وقالوا حين قال موسى لبني إسرائيل: إن الله قد أمركم بكذا وكذا, قال ذلك الفريق الذي ذكرهم الله: إنما قال كذا وكذا - خلافا لما قال الله عز وجل لهم. فهم الذين عنى الله لرسوله محمد صلى الله عليه وسلم.* * *قال أبو جعفر: وأولى التأويلين اللذين ذكرت بالآية، وأشبههما بما دل عليه ظاهر التلاوة, ما قاله الربيع بن أنس، والذي حكاه ابن إسحاق عن بعض أهل العلم: من أن الله تعالى ذكره إنما عنى بذلك من سمع كلامه من بني إسرائيل، سماع موسى إياه منه، ثم حرف ذلك وبدل، من بعد سماعه وعلمه به وفهمه إياه. وذلك أن الله جل ثناؤه إنما أخبر أن التحريف كان من فريق منهم كانوا يسمعون كلام الله عز وجل، استعظاما من الله لما كانوا يأتون من البهتان، بعد توكيد الحجة عليهم والبرهان, وإيذانا منه تعالى ذكره عبادَه المؤمنين، قطع أطماعهم من إيمان بقايا نسلهم بما أتاهم به محمد من الحق والنور والهدى, (94) فقال لهم: كيف تطمعون في تصديق هؤلاء اليهود إياكم وإنما تخبرونهم - بالذي تخبرونهم من الأنباء عن الله عز وجل - عن غيب لم يشاهدوه ولم ييعاينوه وقد كان بعضهم يسمع من الله كلامه وأمره ونهيه, ثم يبدله ويحرفه ويجحده, فهؤلاء الذين بين &; 2-248 &; أظهركم من بقايا نسلهم، أحرى أن يجحدوا ما أتيتموهم به من الحق، وهم لا يسمعونه من الله, وإنما يسمعونه منكم - (95) وأقرب إلى أن يحرفوا ما في كتبهم من صفة نبيكم محمد صلى الله عليه وسلم ونعته ويبدلوه، وهم به عالمون، فيجحدوه ويكذبوا - (96) من أوائلهم الذين باشروا كلام الله من الله جل ثناؤه، ثم حرفوه من بعد ما عقلوه وعلموه متعمدين التحريف.ولو كان تأويل الآية على ما قاله الذين زعموا أنه عني بقوله: (يسمعون كلام الله)، يسمعون التوراة, لم يكن لذكر قوله: (يسمعون كلام الله) معنى مفهوم. لأن ذلك قد سمعه المحرف منهم وغير المحرف، فخصوص المحرف منهم بأنه كان يسمع كلام الله - إن كان التأويل على ما قاله الذين ذكرنا قولهم - دون غيرهم ممن كان يسمع ذلك سماعهم لا معنى له. (97)فإن ظن ظان [أنه] إنما صلح أن يقال ذلك لقوله: (يحرفونه)، فقد أغفل وجه الصواب في ذلك. (98) وذلك أن ذلك لو كان كذلك لقيل: أفتطمعون أن يؤمنوا لكم وقد كان فريق منهم يحرفون كلام الله من بعد ما عقلوه وهم يعلمون. ولكنه جل ثناؤه أخبر عن خاص من اليهود، كانوا أعطوا - من مباشرتهم سماعَ كلام الله - ما لم يعطه أحد غير الأنبياء والرسل, ثم بدلوا وحرفوا ما سمعوا من ذلك. فلذلك وصفهم بما وصفهم به، للخصوص الذي كان خص به هؤلاء الفريق الذي ذكرهم في كتابه تعالى ذكره.* * *ويعني بقوله: (ثم يحرفونه)، ثم يبدلون معناه وتأويله ويغيرونه. وأصله من " انحراف الشيء عن جهته ", وهو ميله عنها إلى غيرها. فكذلك قوله: (يحرفونه) أي يميلونه عن وجهه ومعناه الذي هو معناه، إلى غيره. فأخبر الله جل ثناؤه أنهم فعلوا ما فعلوا من ذلك على علم منهم بتأويل ما حرفوا, وأنه بخلاف ما حرفوه إليه. فقال: (يحرفونه من بعد ما عقلوه)، يعني: من بعد ما عقلوا تأويله، (وهم يعلمون)، أي: يعلمون أنهم في تحريفهم ما حرفوا من ذلك مبطلون كاذبون. وذلك إخبار من الله جل ثناؤه عن إقدامهم على البهت, ومناصبتهم العداوة له ولرسوله موسى صلى الله عليه وسلم, وأن بقاياهم - من مناصبتهم العداوة لله ولرسوله محمد صلى الله عليه وسلم بغيا وحسدا - على مثل الذي كان عليه أوائلهم من ذلك في عصر موسى عليه الصلاة والسلام.---------------الهوامش :(90) ديوانه : 137 ، وفي المطبوعة : "أخذوا" خطأ . أجد السير : انكمش فيه وأسرع مصعد : مبتدئ في صعوده إلى نجد والحجاز . ومُصَوِّب منحدر في رجوعه إلى العراق والشام وأشباه ذلك وبعد البيت من تمامه .طلبتهمُ, تَطوى بي البيد جَسْرَةشُوَيْقَئةُ النابين وجَناء ذِعْلب(91) انظر ما سلف في هذا الجزء 2 : 38 ، 39 .(92) يعني : "ذلك الكتاب" المحرف ، لا"كتاب الله" الصادق .(93) ما بين القوسين زيادة من ابن كثير 1 : 212 .(94) في المطبوعة"وإيذانا منه . . وقطع أطماعهم" بالعطف بالواو ، وليس يستقيم . وآذنه الأمر وآذنه به يذانا : أعلمه . فقوله : "قطع" منصوب مفعول ثان للمصدر"إيذانا" .(95) قوله : "وأقرب" ، معطوف على قوله : "أحرى . . " .(96) قوله : "من أوائلهم . . " متعلق بقوله آنفًا : "أحرى أن يجحدوا . . وأقرب إلى أن يحرفوا . . " .(97) سياق العبارة : فخصوص المحرف بأنه . . لا معنى له" .(98) الزيادة بين القوسين لا بد منها .
وَ اِذَا لَقُوا الَّذِیْنَ اٰمَنُوْا قَالُوْۤا اٰمَنَّا ۚۖ-وَ اِذَا خَلَا بَعْضُهُمْ اِلٰى بَعْضٍ قَالُوْۤا اَتُحَدِّثُوْنَهُمْ بِمَا فَتَحَ اللّٰهُ عَلَیْكُمْ لِیُحَآجُّوْكُمْ بِهٖ عِنْدَ رَبِّكُمْؕ-اَفَلَا تَعْقِلُوْنَ(۷۶)
اور جب مسلمانوں سے ملیں تو کہیں ہم ایمان لائے (ف۱۲۷) اور جب آپس میں اکیلے ہوں تو کہیں وہ علم جو اللہ نے تم پر کھولا مسلمانوں سے بیان کیے دیتے ہو کہ اس سے تمہارے رب کے یہاں تمہیں پر حجت لائیں کیا تمہیں عقل نہیں -
القول في تأويل قوله تعالى : وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا آمَنَّاقال أبو جعفر: أما قوله: (وإذا لقوا الذين آمنوا قالوا آمنا)، فإنه خبر من الله جل ذكره عن الذين أيأس أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم من إيمانهم - من يهود بني إسرائيل، الذين كان فريق منهم يسمعون كلام الله ثم يحرفونه من بعد ما عقلوه وهم يعلمون - وهم الذين إذا لقوا الذين آمنوا بالله ورسوله محمد صلى الله عليه وسلم قالوا: آمنا. يعني بذلك: أنهم إذا لقوا الذين صدقوا بالله وبمحمد صلى الله عليه وسلم وبما جاء به من عند الله، قالوا: آمنا - أي صدقنا بمحمد وبما صدقتم به، وأقررنا بذلك. أخبر الله عز وجل أنهم تخلقوا بأخلاق المنافقين، وسلكوا منهاجهم، كما:-1335 - حدثني محمد بن سعد قال، حدثني أبي قال، حدثني عمي قال، حدثني أبي ، عن أبيه, عن جده, عن ابن عباس قوله: (وإذا لقوا الذين آمنوا قالوا آمنا وإذا خلا بعضهم إلى بعض قالوا أتحدثونهم بما فتح الله عليكم)، وذلك أن نفرا من اليهود كانوا إذا لقوا محمدا صلى الله عليه وسلم قالوا:آمنا, وإذا خلا بعضهم إلى بعض قالوا: أتحدثونهم بما فتح الله عليكم.1336 - حدثنا أبو كريب قال، حدثنا عثمان بن سعيد, عن بشر بن عمارة, عن أبي روق, عن الضحاك, عن ابن عباس: (وإذا لقوا الذين آمنوا قالوا آمنا)، يعني المنافقين من اليهود، كانوا إذا لقوا أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم قالوا: آمنا.* * *وقد روي عن ابن عباس في تأويل ذلك قول آخر وهو ما:-1337 - حدثنا به ابن حميد قال، حدثنا سلمة بن الفضل, عن محمد بن إسحاق, عن محمد بن أبي محمد, عن عكرمة, أو عن سعيد بن جبير, عن ابن عباس: (وإذا لقوا الذين آمنوا قالوا آمنا)، أي: بصاحبكم رسول الله صلى الله عليه وسلم, ولكنه إليكم خاصة.1338 - حدثنا موسى قال، حدثنا عمرو قال، حدثنا أسباط, عن السدي: (وإذا لقوا الذين آمنوا قالوا آمنا) الآية, قال: هؤلاء ناس من اليهود، آمنوا ثم نافقوا.* * *القول في تأويل قوله تعالى : وَإِذَا خَلا بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ قَالُوا أَتُحَدِّثُونَهُمْ بِمَا فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ لِيُحَاجُّوكُمْ بِهِ عِنْدَ رَبِّكُمْ أَفَلا تَعْقِلُونَ (76)قال أبو جعفر: يعني بقوله: (وإذا خلا بعضهم إلى بعض) أي: إذا خلا بعض هؤلاء اليهود -الذين وصف الله صفتهم- إلى بعض منهم، فصاروا في خلاء من الناس غيرهم, وذلك هو الموضع الذي ليس فيه غيرهم -" قالوا " يعني: قال بعضهم لبعض -: " أتحدثونهم بما فتح الله عليكم ".* * *ثم اختلف أهل التأويل في تأويل قوله: (بما فتح الله عليكم). فقال بعضهم بما:-1339 - حدثنا أبو كريب قال، حدثنا عثمان بن سعيد, عن بشر بن عمارة, عن أبي روق, عن الضحاك, عن ابن عباس: (وإذا خلا بعضهم إلى بعض قالوا أتحدثونهم بما فتح الله عليكم)، يعني: بما أمركم الله به. فيقول الآخرون: إنما نستهزئ بهم ونضحك.* * *وقال آخرون بما:-1340 - حدثنا ابن حميد قال, حدثنا سلمة، عن ابن اسحاق، عن محمد بن أبي محمد، عن عكرمة، أو عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس: وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا آمَنَّا ، أي: بصاحبكم رسول الله, ولكنه إليكم خاصة, وإذا خلا بعضهم إلى بعض قالوا: لا تحدثوا العرب بهذا، فإنكم قد كنتم تستفتحون به عليهم, فكان منهم. (99) فأنزل الله: (وإذا لقوا الذين آمنوا قالوا آمنا وإذا خلا بعضهم إلى بعض قالوا أتحدثونهم بما فتح الله عليكم ليحاجوكم به عند ربكم)، أي: تقرون بأنه نبي, وقد علمتم أنه قد أخذ له الميثاق عليكم باتباعه, وهو يخبرهم أنه النبي الذي كنا ننتظر ونجده في كتابنا؟ اجحدوه ولا تقروا لهم به. يقول الله: أَوَلَا يَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ .1341 - حدثني المثنى قال، حدثنا آدم قال، حدثنا أبو جعفر, عن الربيع, عن أبي العالية في قوله: (أتحدثونهم بما فتح الله عليكم)، أي بما أنزل الله عليكم في كتابكم من نعت محمد صلى الله عليه وسلم.1342 - حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد بن زريع, عن سعيد, عن قتادة: (قالوا أتحدثونهم بما فتح الله عليكم)، أي: بما من الله عليكم في كتابكم من نعت محمد صلى الله عليه وسلم, فإنكم إذا فعلتم ذلك احتجوا به عليكم، (أفلا تعقلون).1343 - حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر, عن قتادة: (أتحدثونهم بما فتح الله عليكم)، ليحتجوا به عليكم.1344 - حدثني المثنى قال، حدثني آدم قال، حدثنا أبو جعفر قال، قال قتادة: (أتحدثونهم بما فتح الله عليكم)، يعني: بما أنزل الله عليكم من أمر محمد صلى الله عليه وسلم ونعته.* * *وقال آخرون في ذلك بما:-1345 - حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم, عن عيسى, عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: (بما فتح الله عليكم ليحاجوكم به عند ربكم) قال: قول يهود بني قريظة، (100) حين سبهم النبي صلى الله عليه وسلم بأنهم إخوة القردة والخنازير, قالوا: من حدثك؟ هذا حين أرسل إليهم عليا فآذوا محمدا, فقال: يا إخوة القردة والخنازير. (101)1346 - حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيقة قال، حدثنا شبل, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد مثله - إلا أنه قال: هذا، حين أرسل إليهم علي بن أبي طالب رضي الله عنه وآذوا النبي صلى الله عليه وسلم فقال: " اخسئوا يا إخوة القردة والخنازير " .1347 - حدثنا القاسم قال، حدثني الحسين قال، حدثني حجاج, عن ابن جريج قال، أخبرني القاسم بن أبي بزة, عن مجاهد في قوله: (أتحدثونهم بما فتح الله عليكم)، قال: قام النبي صلى الله عليه وسلم يوم قريظة تحت حصونهم فقال: " يا إخوان القردة، ويا إخوان الخنازير، ويا عبدة الطاغوت ". فقالوا: من أخبر هذا محمدا؟ ما خرج هذا إلا منكم!(أتحدثونهم بما فتح الله عليكم)! بما حكم الله، للفتح ، ليكون لهم حجة عليكم. قال ابن جريج, عن مجاهد: هذا حين أرسل إليهم عليا فآذوا محمدا صلى الله عليه وسلم. (102)* * *وقال آخرون بما:-1348 - حدثنا موسى قال، حدثنا عمرو قال، حدثنا أسباط, عن السدي: (قالوا أتحدثونهم بما فتح الله عليكم) - من العذاب -" ليحاجوكم به عند ربكم " هؤلاء ناس من اليهود آمنوا ثم نافقوا, فكانوا يحدثون المؤمنين من العرب بما عذبوا به, فقال بعضهم لبعض: أتحدثونهم بما فتح الله عليكم من العذاب، ليقولوا نحن أحب إلى الله منكم, وأكرم على الله منكم؟* * *وقال آخرون بما:-1349 - حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد في قوله: (وإذا خلا بعضهم إلى بعض قالوا أتحدثونهم بما فتح الله عليكم ليحاجوكم به عند ربكم): قال: كانوا إذا سئلوا عن الشيء قالوا: أما تعلمون في التوراة كذا وكذا؟ قالوا: بلى! - قال: وهم يهود - فيقول لهم رؤساؤهم الذين يرجعون إليهم: ما لكم تخبرونهم بالذي أنزل الله عليكم فيحاجوكم به عند ربكم؟ أفلا تعقلون؟ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يدخلن علينا قصبة المدينة إلا مؤمن (103) . فقال رؤساؤهم من أهل الكفر والنفاق: اذهبوا فقولوا آمنا, واكفروا إذا رجعتم. قال: فكانوا يأتون المدينة بالبُكَر ويرجعون إليهم بعد العصر (104) وقرأ قول الله: وَقَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ آمِنُوا بِالَّذِي أُنْزِلَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَجْهَ النَّهَارِ وَاكْفُرُوا آخِرَهُ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ [ آل عمران: 72]. وكانوا يقولون إذا دخلوا المدينة: نحن مسلمون. ليعلموا خبر رسول الله صلى الله عليه وسلم وأمره، فإذا رجعوا رجعوا إلى الكفر. فلما أخبر الله نبيه صلى الله عليه وسلم بهم, قطع ذلك عنهم فلم يكونوا يدخلون. وكان المؤمنون الذين مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يظنون أنهم مؤمنون, فيقولون لهم: أليس قد قال الله لكم كذا وكذا؟ فيقولون: بلى! فإذا رجعوا إلى قومهم [يعني الرؤساء] - قالوا: " أتحدثونهم بما فتح الله عليكم "، الآية. (105)* * *وأصل " الفتح " في كلام العرب: النصر والقضاء، والحكم. يقال منه: " اللهم افتح بيني وبين فلان "، أي احكم بيني وبينه, ومنه قول الشاعر:ألا أبلغ بني عُصْمٍ رسولابأني عن فُتاحَتكم غني (106)قال أبو جعفر: قال: ويقال للقاضي: " الفتاح " (107) ومنه قول الله عز وجل: رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا بِالْحَقِّ وَأَنْتَ خَيْرُ الْفَاتِحِينَ [ الأعراف: 89] أي احكم بيننا وبينهم.* * *فإذا كان معنى الفتح ما وصفنا, تبين أن معنى قوله: (قالوا أتحدثونهم بما فتح الله عليكم ليحاجوكم به عند ربكم) إنما هو أتحدثونهم بما حكم الله به عليكم، وقضاه فيكم؟ ومن حكمه جل ثناؤه عليهم ما أخذ به ميثاقهم من الإيمان بمحمد صلى الله عليه وسلم, وبما جاء به في التوراة. ومن قضائه فيهم أن جعل منهم القردة والخنازير, وغير ذلك من أحكامه وقضائه فيهم. وكل ذلك كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم وللمؤمنين به، حجةً على المكذبين من اليهود المقرين بحكم التوراة، وغير ذلك [من أحكامه وقضائه]. (108)فإذ كان كذلك. (109) فالذي هو أولى عندي بتأويل الآية قول من قال: معنى ذلك: أتحدثونهم بما فتح الله عليكم من بعث محمد صلى الله عليه وسلم إلى خلقه؟ لأن الله جل ثناؤه إنما قص في أول هذه الآية الخبر عن قولهم لرسول الله صلى الله عليه وسلم ولأصحابه: آمنا بما جاء به محمد صلى الله عليه وسلم; فالذي هو أولى بآخرها أن يكون نظير الخبر عما ابتدئ به أولها.وإذا كان ذلك كذلك, فالواجب أن يكون تلاومهم، كان فيما بينهم، فيما كانوا أظهروه لرسول الله صلى الله عليه وسلم ولأصحابه من قولهم لهم: آمنا بمحمد صلى الله عليه وسلم وبما جاء به. وكان قيلهم ذلك، من أجل أنهم يجدون ذلك في كتبهم، وكانوا يخبرون أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك. فكان تلاومهم -فيما بينهم إذا خلوا- على ما كانوا يخبرونهم بما هو حجة للمسلمين عليهم عند ربهم. وذلك أنهم كانوا يخبرونهم عن وجود نعت محمد صلى الله عليه وسلم في كتبهم، ويكفرون به, وكان فتح الله الذي فتحه للمسلمين على اليهود، وحكمه عليهم لهم في كتابهم، أن يؤمنوا بمحمد صلى الله عليه وسلم إذا بعث. فلما بعث كفروا به، مع علمهم بنبوته.* * *قال أبو جعفر: وقوله: (أفلا تعقلون)، خبر من الله تعالى ذكره - عن اليهود اللائمين إخوانهم على ما أخبروا أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم بما فتح الله لهم عليهم - أنهم قالوا لهم: أفلا تفقهون أيها القوم وتعقلون، أن إخباركم أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم بما في كتبكم أنه نبي مبعوث، حجة لهم عليكم عند ربكم، يحتجون بها عليكم؟ أي: فلا تفعلوا ذلك, ولا تقولوا لهم مثل ما قلتم, ولا تخبروهم بمثل ما أخبرتموهم به من ذلك. فقال جل ثناؤه: أَوَلا يَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ .* * *---------------------------الهوامش :(99) قوله : "فكان منهم" ، أي كان منهم النبي الذي كانوا يستفتحون به على مشركي العرب ويستنصرون ، ويرجون أن يكون منهم ، فكان من العرب . وسيأتي خبر استفتاحهم بعد في تفسير الآية : 89 من سورة البقرة في هذا الجزء .(100) في المطبوعة : "يهود من قريظة" ، ليست بشيء .(101) من أول قوله : "قالوا من حدثك؟ . . " إلى آخر العبارة ، تفسير للقصة قبله . وقوله"فقال : يا إخوة القردة والخنازير" من كلام رسول الله صلى الله عليهم وسلم ، لا كلام علي رضي الله عنه . وسيظهر ذلك في الخبرين بعده .(102) الأثر : 1347 - في ابن كثير 1 : 214 وفيه : "من أخبر بهذا الأمر محمدا؟ ما خرج هذا القول إلا منكم" .(103) قصبة القرية : وسطها وجوفها . وقصبة البلاد : مدينتها ، لأنها تكون في أوسطها .(104) البكر جمع بكرة (بضم فسكون) : وهي الغدوة ، أول النهار .(105) الأثر : 1349 في ابن كثير 1 : 213 - 214 ، والزيادة بين القوسين منه .(106) ينسب للأسعر الجعفي ، ومحمد بن حمران بن أبي حمران . انظر تعليق الراجكوتي في سمط اللآلئ : 927 .(107) أمالي القالي 2 : 281 واللسان (فتح) (رسل) ، وغيرهما ، وبنو عصم ، هم رهط عمرو ابن معد يكرب الزبيدي . وقد اختلفت روايات البيت اختلافا شديدا ، وليس هذا مكان تحقيقها ، لطولها .(108) ما بين القوسين ، زيادة استظهرتها من سابق بيانه ، ليستقيم الكلام .(109) في المطبوعة : "فإن كان كذلك" ، والزيادة ماضية على نهج أبي جعفر .
اَوَ لَا یَعْلَمُوْنَ اَنَّ اللّٰهَ یَعْلَمُ مَا یُسِرُّوْنَ وَ مَا یُعْلِنُوْنَ(۷۷)
کیا تم نہیں جانتے کہ اللہ جانتا ہے جو کچھ وہ چھپاتے ہیں اور جو کچھ ظاہر کرتے ہیں-
القول في تأويل قوله تعالى : أَوَلا يَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ (77)قال أبو جعفر: يعني بقوله جل ثناؤه: (أَوَلَا يعلمون أن الله يعلم ما يسرون وما يعلنون)، أولا يعلم - هؤلاء اللائمون من اليهود إخوانهم من أهل ملتهم, على كونهم إذا لقوا الذين آمنوا قالوا: آمنا، وعلى إخبارهم المؤمنين بما في كتبهم من نعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ومبعثه, القائلون لهم: أَتُحَدِّثُونَهُمْ بِمَا فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ لِيُحَاجُّوكُمْ بِهِ عِنْدَ رَبِّكُمْ - أن الله عالم بما يسرون، فيخفونه عن المؤمنين في خلائهم = من كفرهم، وتلاومهم بينهم على إظهارهم ما أظهروا لرسول الله وللمؤمنين به من الإقرار بمحمد صلى الله عليه وسلم, وعلى قيلهم لهم: آمنا, ونهي بعضهم بعضا أن يخبروا المؤمنين بما فتح الله للمؤمنين عليهم, وقضى لهم عليهم في كتبهم، من حقيقة نبوة محمد صلى الله عليه وسلم ونعته ومبعثه = وما يعلنون، فيظهرونه لمحمد صلى الله عليه وسلم ولأصحابه المؤمنين به إذا لقوهم، من قيلهم لهم: آمنا بمحمد صلى الله عليه وسلم وبما جاء به، نفاقا وخداعا لله ولرسوله وللمؤمنين؟ كما:-1350 - حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد, عن قتادة: (أَوَلَا يعلمون أن الله يعلم ما يسرون)، من كفرهم وتكذيبهم محمدا صلى الله عليه وسلم إذا خلا بعضهم إلى بعض,(وما يعلنون) إذا لقوا أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم قالوا: آمنا ليرضوهم بذلك.1351 - حدثني المثنى قال، حدثنا آدم قال، حدثنا أبو جعفر, عن الربيع, عن أبي العالية: (أَوَلَا يعلمون أن الله يعلم ما يسرون وما يعلنون)، يعني ما أسروا من كفرهم بمحمد صلى الله عليه وسلم، وتكذيبهم به, وهم يجدونه مكتوبا عندهم، (وما يعلنون)، يعني: ما أعلنوا حين قالوا للمؤمنين: آمنا
وَ مِنْهُمْ اُمِّیُّوْنَ لَا یَعْلَمُوْنَ الْكِتٰبَ اِلَّاۤ اَمَانِیَّ وَ اِنْ هُمْ اِلَّا یَظُنُّوْنَ(۷۸)
اور ان میں کچھ اَن پڑھ ہیں کہ جو کتاب (ف۱۲۸) کو نہیں جانتے مگر زبانی پڑھ لینا (ف۱۲۹) یا کچھ اپنی من گھڑت اور وہ نرے گمان میں ہیں -
القول في تأويل قوله تعالى : وَمِنْهُمْ أُمِّيُّونَقال أبو جعفر: يعني بقوله جل ثناؤه: (ومنهم أميون)، ومن هؤلاء -اليهود الذين قص الله قصصهم في هذه الآيات, وأيأس أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم من إيمانهم فقال لهم: أَفَتَطْمَعُونَ أَنْ يُؤْمِنُوا لَكُمْ وَقَدْ كَانَ فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَسْمَعُونَ كَلامَ اللَّهِ ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ مِنْ بَعْدِ مَا عَقَلُوهُ ، وهم إذا لقوكم قالوا: آمنا، كما:-1352 - حدثنا المثنى قال، حدثنا آدم قال، حدثنا أبو جعفر, عن الربيع, عن أبي العالية: (ومنهم أميون)، يعني: من اليهود.1353 - وحُدثت عن عمار قال، حدثنا ابن أبي جعفر, عن أبيه, عن الربيع مثله.1354 - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج, عن ابن جريج, عن مجاهد: (ومنهم أميون)، قال: أناس من يهود.* * *قال أبو جعفر: يعني ب " الأميين " ، الذين لا يكتبون ولا يقرءون.ومنه قول النبي صلى الله عليه وسلم: " إنا أمة أمية لا نكتب ولا نحسب " (1) يقال منه: " رجل أمي بين الأمية ". (2) كما:-1356 - حدثني المثنى قال، حدثني سويد بن نصر قال، أخبرنا ابن المبارك, عن سفيان, عن منصور، عن إبراهيم: (ومنهم أميون لا يعلمون الكتاب)، قال: منهم من لا يحسن أن يكتب. (3)1357 - حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد في قوله: (ومنهم أميون) قال: أميون لا يقرءون الكتاب من اليهود.* * *وروي عن ابن عباس قول خلاف هذا القول, وهو ما:-1358 - حدثنا أبو كريب قال، حدثنا عثمان بن سعيد, عن بشر بن عمارة, عن أبي روق, عن الضحاك, عن ابن عباس: (ومنهم أميون)، قال: الأميون قوم لم يصدقوا رسولا أرسله الله, ولا كتابا أنزله الله, فكتبوا كتابا بأيديهم, ثم قالوا لقوم سِفلة جهال: هذا من عند الله. وقال: قد أخبر أنهم يكتبون بأيديهم, ثم سماهم أميين، لجحودهم كتب الله ورسله. (4)* * *قال أبو جعفر: وهذا التأويل تأويل على خلاف ما يعرف من كلام العرب المستفيض بينهم, وذلك أن " الأمي" عند العرب: هو الذي لا يكتب.* * *قال أبو جعفر: وأرى أنه قيل للأمي" أمي"؛ نسبة له بأنه لا يكتب إلى " أمه ", لأن الكتاب كان في الرجال دون النساء, فنسب من لا يكتب ولا يخط من الرجال -إلى أمه- في جهله بالكتابة، دون أبيه، كما ذكرنا عن النبي صلى الله عليه وسلم من قوله: " إنا أمة أمية لا نكتب ولا نحسب "، وكما قال: هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الأُمِّيِّينَ رَسُولا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ [ الجمعة: 2]. (5) فإذا كان معنى " الأمي" في كلام العرب ما وصفنا, فالذي هو أولى بتأويل الآية ما قاله النخعي، من أن معنى قوله: (ومنهم أميون): ومنهم من لا يحسن أن يكتب.* * *القول في تأويل قوله تعالى : لا يَعْلَمُونَ الْكِتَابَ إِلا أَمَانِيَّقال أبو جعفر: يعني بقوله: (لا يعلمون الكتاب)، لا يعلمون ما في الكتاب الذي أنزله الله، ولا يدرون ما أودعه الله من حدوده وأحكامه وفرائضه، كهيئة البهائم, كالذي:-1359 - حدثني الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر, عن قتادة في قوله,(ومنهم أميون لا يعلمون الكتاب إلا أماني): إنما هم أمثال البهائم، لا يعلمون شيئا.1360 - حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد, عن قتادة قوله: (لا يعلمون الكتاب)، يقول: لا يعلمون الكتاب ولا يدرون ما فيه.1361 - حدثني المثنى قال، حدثنا آدم قال، حدثنا أبو جعفر, عن الربيع, عن أبي العالية: (لا يعلمون الكتاب) لا يدرون ما فيه.1362 - حدثنا ابن حميد قال، حدثنا سلمة, عن ابن إسحاق, عن محمد بن أبي محمد, عن عكرمة, أو عن سعيد بن جبير, عن ابن عباس: (لا يعلمون الكتاب) قال: لا يدرون بما فيه.1363 - حدثنا يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد: (لا يعلمون الكتاب)، لا يعلمون شيئا, لا يقرءون التوراة. ليست تستظهر، إنما تقرأ هكذا. فإذا لم يكتب أحدهم، لم يستطع أن يقرأ. (6)1364 - حدثنا أبو كريب قال، حدثنا عثمان بن سعيد, عن بشر بن عمارة, عن أبي روق, عن الضحاك, عن ابن عباس في قوله,(لا يعلمون الكتاب)، قال: لا يعرفون الكتاب الذي أنزله الله.* * *قال أبو جعفر: وإنما عني ب " الكتاب ": التوراة, ولذلك أدخلت فيه " الألف واللام " لأنه قصد به كتاب معروف بعينه.* * *ومعناه: ومنهم فريق لا يكتبون، ولا يدرون ما في الكتاب الذي عرفتموه الذي هو عندهم - وهم ينتحلونه ويدعون الإقرار به - من أحكام الله وفرائضه، وما فيه من حدوده التي بينها فيه.[واختلف أهل التأويل في تأويل قوله] (7) (إلا أماني) فقال بعضهم بما:-1365 - حدثنا به أبو كريب قال، حدثنا عثمان بن سعيد, عن بشر بن عمارة, عن أبي روق, عن الضحاك, عن ابن عباس: (إلا أماني)، يقول: إلا قولا يقولونه بأفواههم كذبا.1366 - حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد: (لا يعلمون الكتاب إلا أماني): إلا كذبا.1367 - حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد، مثله.* * *وقال آخرون بما:-1368 - حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد بن زريع قال، حدثنا سعيد, عن قتادة: (إلا أماني)، يقول: يتمنون على الله ما ليس لهم.1369 - حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر, عن قتادة: (إلا أماني)، يقول: يتمنون على الله الباطل وما ليس لهم.1370 - حدثني المثنى قال، حدثنا أبو صالح,[عن معاوية بن صالح]، عن علي بن أبي طلحة, عن ابن عباس قوله: (لا يعلمون الكتاب إلا أماني)، يقول: إلا أحاديث.1371 - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج, عن ابن جريج, عن مجاهد: (ومنهم أميون لا يعلمون الكتاب إلا أماني)، قال: أناس من يهود لم يكونوا يعلمون من الكتاب شيئا, وكانوا يتكلمون بالظن بغير ما في كتاب الله, ويقولون: هو من الكتاب. أماني يتمنونها.1372 - حدثنا المثنى قال، حدثنا آدم قال، حدثنا أبو جعفر, عن الربيع, عن أبي العالية: (إلا أماني)، يتمنون على الله ما ليس لهم.1373 - حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد في قوله: (إلا أماني)، قال: تمنوا فقالوا: نحن من أهل الكتاب. وليسوا منهم.* * *قال أبو جعفر: وأولى ما روينا في تأويل قوله: (إلا أماني)، بالحق، وأشبهه بالصواب, الذي قاله ابن عباس - الذي رواه عنه الضحاك - وقول مجاهد: إن " الأميين " الذين وصفهم الله بما وصفهم به في هذه الآية، أنهم لا يفقهون من الكتاب الذي أنزله الله على موسى شيئا, ولكنهم يتخرصون الكذب ويتقولون الأباطيل كذبا وزورا. (8)* * *و " التمني" في هذا الموضع, هو تخلق الكذب وتخرصه وافتعاله. يقال منه: " تمنيت كذا "، إذا افتعلته وتخرصته. ومنه الخبر الذي روي عن عثمان بن عفان رضي الله عنه: " ما تغنيت ولا تمنيت "، (9) يعني بقوله: " ما تمنيت "، ما تخرصت الباطل، ولا اختلقت الكذب والإفك.* * *والذي يدل على صحة ما قلنا في ذلك - وأنه أولى بتأويل قوله: (إلا أماني) من غيره من الأقوال - قول الله جل ثناؤه: وَإِنْ هُمْ إِلا يَظُنُّونَ . فأخبر عنهم جل ثناؤه أنهم يتمنون ما يتمنون من الأكاذيب، ظنا منهم لا يقينا. ولو كان معني ذلك أنهم " يتلونه "، لم يكونوا ظانين, وكذلك لو كان معناه: " يشتهونه ". لأن الذي يتلوه، إذا تدبره علمه. ولا يستحق - الذي يتلو كتابا قرأه، وإن لم يتدبره بتركه التدبر أن يقال: هو ظان لما يتلو، إلا أن يكون شاكا في نفس ما يتلوه، لا يدري أحق هو أم باطل. ولم يكن القوم - الذين كانوا يتلون التوراة على عصر نبينا محمد صلى الله عليه وسلم من اليهود -فيما بلغنا- شاكين في التوراة أنها من عند الله. وكذلك " المتمني" الذي هو في معنى " المشتهي" غير جائز أن يقال: هو ظان في تمنيه. لأن التمني من المتمني، إذا تمنى ما قد وجد عينه. فغير جائز أن يقال: هو شاك، فيما هو به عالم. لأن العلم والشك معنيان ينفي كل واحد منهما صاحبه، لا يجوز اجتماعهما في حيز واحد. والمتمني في حال تمنيه، موجود تمنيه، فغير جائز أن يقال: هو يظن تمنيه. (10)* * *وإنما قيل: (لا يعلمون الكتاب إلا أماني)، والأماني من غير نوع " الكتاب ", كما قال ربنا جل ثناؤه: مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلا اتِّبَاعَ الظَّنِّ [ النساء: 157] و " الظن " من " العلم " بمعزل. وكما قال: وَمَا لأَحَدٍ عِنْدَهُ مِنْ نِعْمَةٍ تُجْزَى * إِلا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِ الأَعْلَى [ الليل: 19-20]، وكما قال الشاعر: (11)ليس بيني وبين قيس عتابغير طعن الكُلَى وضرب الرقاب (12)وكما قال نابغة بني ذبيان:حلفت يمينا غير ذي مَثْنَوية,ولا علم إلا حسنَ ظن بصاحب (13)في نظائر لما ذكرنا يطول بإحصائها الكتاب. (14)ويخرجُ ب " إلا " ما بعدها من معنى ما قبلها ومن صفته, وإن كان كل واحد منهما من غير شكل الآخر ومن غير نوعه. ويسمي ذلك بعض أهل العربية " استثناء منقطعا "، لانقطاع الكلام الذي يأتي بعد " إلا " عن معنى ما قبلها. وإنما يكون ذلك كذلك، في كل موضع حسن أن يوضع فيه مكان " إلا "" لكن "؛ فيعلم حينئذ انقطاع معنى الثاني عن معنى الأول, ألا ترى أنك إذا قلت: (ومنهم أميون لا يعلمون الكتاب إلا أماني) ثم أردت وضع " لكن " مكان " إلا " وحذف " إلا " , وجدت الكلام صحيحا معناه، صحته وفيه " إلا "؟ وذلك إذا قلت: ومنهم أميون لا يعلمون الكتاب لكن أماني. يعني: لكنهم يتمنون. وكذلك قوله: مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلا اتِّبَاعَ الظَّنِّ ، لكن اتباع الظن, بمعنى: لكنهم يتبعون الظن. وكذلك جميع هذا النوع من الكلام على ما وصفنا.* * *وقد ذكر عن بعض القَرَأَة أنه قرأ: (15) (إلا أماني) مخففة. ومن خفف ذلك وجهه إلى نحو جمعهم " المفتاح "" مفاتح ", و " القرقور "،" قراقر ", (16) وأنياء الجمع لما حذفت خففت الياء الأصلية - أعني من " الأماني" - كما جمعوا " الأثفية "" أثافي" مخففة, كما قال زهير بن أبي سلمى:أثافيَ سُفْعا في مُعَرَّسِ مِرْجَلونُؤْيا كجِذم الحوض لم يَتَثَلَّم (17)وأما من ثقل: (أماني) فشدد ياءها، فإنه وجه ذلك إلى نحو جمعهم " المفتاح مفاتيح, والقرقور قراقير, والزنبور زنابير "، فاجتمعت ياء " فعاليل " ولامها، وهما جميعا ياآن، فأدغمت إحداهما في الأخرى، فصارتا ياء واحدة مشددة.* * *فأما القراءة التي لا يجوز غيرها عندي لقارئ في ذلك، فتشديد ياء " الأماني", لإجماع القَرَأَة على أنها القراءة التي مضى على القراءة بها السلف - مستفيض ذلك بينهم، غير مدفوعة صحته - وشذوذ القارئ بتخفيفها عما عليه الحجة مجمعة في ذلك. (18) وكفى دليلا على خطأ قارئ ذلك بتخفيفها، (19) إجماعها على تخطئته.* * *القول في تأويل قوله تعالى : وَإِنْ هُمْ إِلا يَظُنُّونَ (78)قال أبو جعفر: يعني بقوله جل ثناؤه: (وإن هم إلا يظنون)، وما هم، كما قال جل ثناؤه: قَالَتْ لَهُمْ رُسُلُهُمْ إِنْ نَحْنُ إِلا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ [ إبراهيم: 11]، يعني بذلك: ما نحن إلا بشر مثلكم.* * *ومعنى قوله: (إلا يظنون): إلا يشكون، ولا يعلمون حقيقته وصحته. و " الظن " - في هذا الموضع- الشك.فمعنى الآية: ومنهم من لا يكتب ولا يخط ولا يعلم كتاب الله ولا يدري ما فيه، إلا تخرصا وتقولا على الله الباطل، ظنا منه أنه محق في تخرصه وتقوله الباطل.* * *وإنما وصفهم الله تعالى ذكره بأنهم في تخرصهم على ظن أنهم محقون وهم مبطلون, لأنهم كانوا قد سمعوا من رؤسائهم وأحبارهم أمورا حسبوها من كتاب الله, ولم تكن من كتاب الله, فوصفهم جل ثناؤه بأنهم يتركون التصديق بالذي يوقنون به أنه من عند الله مما جاء به محمد صلى الله عليه وسلم, ويتبعون ما هم فيه شاكون, وفي حقيقته مرتابون، مما أخبرهم به كبراؤهم ورؤساؤهم وأحبارهم عنادا منهم لله ولرسوله, ومخالفة منهم لأمر الله، واغترارا منهم بإمهال الله إياهم. وبنحو ما قلنا في تأويل قوله: (وإن هم إلا يظنون)، قال فيه المتأولون من السلف:1374 - حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد: (وإن هم إلا يظنون) إلا يكذبون.1375 - حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد مثله.1376 - حدثنا القاسم قال، حدثنا حجاج, عن ابن جريج, عن مجاهد مثله.1377 - حدثنا ابن حميد قال، حدثنا سلمة, عن ابن إسحاق قال، حدثني محمد بن أبي محمد, عن عكرمة أو عن سعيد بن جبير, عن ابن عباس: (لا يعلمون الكتاب إلا أماني وإن هم إلا يظنون)، أي لا يعلمون ولا يدرون ما فيه, وهم يجحدون نبوتك بالظن.1378 - حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد, عن قتادة: (وإن هم إلا يظنون)، قال: يظنون الظنون بغير الحق.1379 - حدثني المثنى قال، حدثنا آدم قال، حدثنا أبو جعفر, عن الربيع, عن أبي العالية قال: يظنون الظنون بغير الحق.1380 - حُدثت عن عمار قال، حدثنا ابن أبي جعفر, عن أبيه, عن الربيع مثله.---------------الهوامش :(1) الحديث : 1355 - هو حديث صحيح . ورواه البخاري 4 : 108 - 109 (من الفتح) ، ورواه أيضًا مسلم وأبو داود والنسائي ، كما في الجامع الصغير للسيوطي ، رقم : 2521 .(2) كان في المطبوعة : "أي بين الأمية" ، فحذفت"أي" ، فليس ذلك مما يقال .(3) قوله "لا يحسن أن يكتب" نفى لمعرفة الكتابة، لا لجودة معرفة الكتابة، كما يسبق إلى الوهم. وقديما قام بعض أساتذتنا يدعي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، كان يعرف الكتابة، ولكنة لا يحسنها، لخبر استدل به هو - أو اتبع فيه من استدل به من أعاجم المستشرقين - وهو ما جاء في تاريخ الطبري 3: 80 في شرح قصة الحديبية، حين جاء سهيل بن عمرو، لكتابة الصلح. روى الطبري عن البراء بن عازب قال:".. فلما كتب الكتاب، كتب:"هذا ما تقاضى عليه محمد رسول الله"، فقالوا لو نعلم أنك رسول الله ما منعناك، ولكن أنت محمد بن عبد الله. قال: أنا رسول الله، وأنا محمد بن عبد الله. قال لعلي: امح"رسول الله". قال: لا والله لا أمحاك أبدا. فأخذه رسول الله وليس يحسن يكتب: "فكتب مكان "رسول الله" "محمد"، فكتب: " هذا ما قاضى عليه محمد" .فظن أولا أن ضمير الفاعل في قوله "فكتب مكان "رسول الله" - محمد" ، هو رسول الله صلى الله عليه. وليس كذلك بل هو: علي بن أبي طالب الكاتب. وفي الكلام اختصار، فإنه لما أمر عليا أن يمحو الكتاب فأبى، أخذه رسول الله، وليس يحسن يكتب، فمحاه. وتفسير ذلك قد أتى في حديث البخاري عن البراء بن عازب أيضًا 3: 184:"فقال لعلى" امحه. فقال على: ما أنا بالذي أمحاه فمحاه رسول الله صلى عليه وسلم بيده".وأخرى أنه أخطأ في معنى"يحسن"، فإنها هنا بمعنى"يعلم"، وهو أدب حسن في العبارة، حتى لا ينفي عنه العلم، وقد جاء في تفسير الطبري 21: 6 في تفسير قوله تعالى:"أحسن كل شيء خلقه"، ما نصه:"معنى ذلك: أعلم كل شيء خلقه. كأنهم وجهوا تأويل الكلام إلى أنه ألهم كل خلقه ما يحتاجون إليه. وأنه قوله:"أحسن"، إنما هو من قول القائل:"فلا يحسن كذا"، إذا كان يعلمه". هذا، والعرب تتأدب بمثل هذا، فتضع اللفظ مكان اللفظ؛ وتبطل بعض معناه، ليكون تنزيها للسان، أو تكرمه للذي تخبر عنه. فمعنى قوله:"ليس يحسن يكتب"، أي ليس يعرف يكتب. وقد أطال السهيلي في الروض الأنف 1: 230 بكلام ليس يغني في تفسير هذا الكلمة.(4) قال ابن كثير في تفسيره 1 : 215 ، وساق الخبر وكلام الطبري ، ثم قال : "قلت : في صحة هذا عن ابن عباس - بهذا الإسناد - نظر ، والله أعلم" .(5) اقتصر في المطبوعة على قوله : "رسولا منهم" ، وأتممت الآية ، لأنه يستدل بها على أنه جاء يعلم الأمين"الكتاب" .(6) الأثر : 1363 - كان في المطبوعة : "حدثنا بشر قال أخبرنا ابن وهب . . " ، وهو سهو من الناسخ ، والإسناد كثير الدوران في التفسير ، أقربه رقم 1357 .(7) ما بين القوسين زيادة يقتضيها الكلام . وكأن الناسخ سها فأغفلها .(8) في المطبوعة : "وأنهم لا يفقهون" بزيادة الواو ، وهو خطأ لا يستقيم ، والصواب ما أثبته من ابن كثير 1 : 216 .(9) في الفائق 1 : 163 عن عثمان رضي الله عنه : "قد اختبأت عند الله خصالا : إني لرابع الإسلام ، وزوجني رسول الله صلى الله عليه وسلم ابنته ثم ابنته ، وبايعته بيدي هذه اليمنى فما مسست بها ذكرى ، وما تغنيت ولا تمنيت ، ولا شربت خمرا في جاهلية ولا إسلام" . وروى الطبري في تاريخه في خبر مقتله رضي الله عنه 5 : 130 ، أن الرجل الذي انتدب لقتله دخل عليه فقال له : "اخلعها وندعك . فقال : ويحك! ما كشفت امرأة في جاهلية ولا إسلام ، ولا تغنيت ولا تمنيت ، ولا وضعت يميني على عورتي منذ بايعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولست خالعا قميصا كسانيه الله عز وجل" .(10) في المطبوعة : "غير جائز" ، والصواب إثبات الفاء .(11) هو عمرو بن الأيهم التغلبي النصراني ، وقيل اسمه : عمير ، وقيل هو أعشى تغلب . روي عن الأخطل أنه قيل له وهو يموت : على من تخلف قومك؟ قال : على العميرين . يعني القطامي عمير ابن أشيم ، وعمير بن الأهتم .(12) سيبويه 1 : 365 ، والوحشيات رقم : 55 ، ومعجم الشعراء : 242 ، وحماسة البحتري : 32 ، وانظر تحقيق الراجكوتي في سمط اللآلئ : 184 . والشعر يقوله في هجاء قيس عيلان يقول فيها :قاتل الله قيس عيلان طراما لهم دون غدرة من حجابثم إن سيبويه أنشد البيت برفع"غير" ، على البدل من"عتاب" ، اتساعا ومجازا .(13) ديوانه : 42 ، وسيبويه 1 : 365 ، وغيرهما ، وروايتهم جميعا : "بصاحب" ، وكان في الأصل المطبوع"بغائب" ، وأظن أن ما كان في الطبري خطأ من النساخ ، لأنه لا يتفق مع الشعر . فالنابغة يمدح بهذه الأبيات عمرو بن الحارث الأعرج الغساني ، فيقول قبله :على لعمرو نعمة بعد نعمةلوالده, ليست, بذات عقاربحلفت يمينا . . . .. . . . . . . . . . . . . . . . . . . .لئن كان للقبرين : قبر بجلقوقبر بصيداء الذي عند حاربوللحارث الجفني سيد قومهليلتمسن بالجيش دار المحاربوقوله : "مثنوية" أي استثناء . فهو يقول لعمرو : حلفت يمينا لئن كان من هو - من ولد هؤلاء الملوك من آبائه ، الذين عدد قبورهم ومآثرهم - ليغزون من حاربه في عقر داره وليهزمنه ، ولم أقل هذا عن علم إلا ما عندي في صاحبي من حسن الظن . فرواية الطبري لا تستقيم ، إن صحت عنه .(14) انظر سيبويه 1 : 363 - 366"هذا باب يختار فيه النصب ، لأن الآخر ليس من نوع الأول" . ثم الباب الذي يليه : "هذا باب ما لا يكون إلا على معنى : ولكن" .(15) في المطبوعة : "بعض القراء" و"لإجماع القراء" ، ورددته إلى ما جرى عليه الطبري آنفًا .(16) انظر معاني القرآن للفراء : 1 : 49 .(17) ديوانه : 7 المرجل : قدر يطبخ فيها ، ومعرس المرجل : حيث يقام فيه ، من التعريس : وهو النزول والإقامة, وسفع جمع أسفع : والسفعة: سواد تخالطه حمرة ، من أثر النار ودخانها . والنؤي : ما يقام من الحجارة حول الخباء حتى لا يدخله ماء المطر . وجذم الحوض : حرفه وأصله . يعني : النؤي قد ذهب أعلاه وبقى أصله لم يتحطم ، كبقايا الحوض . يقول : عرفت الدار بهذه الآثار ، قبله : "فلأيا عرفت الدار بعد توهم" ، "ونصب"أثافي" بقوله : "توهم" .(18) سياق العبارة : لإجماع القَرَأَة على أنها القراءة . . وعلى شذوذ القارئ بتخفيفها" على العطف .(19) في المطبوعة : "وكفى خطأ على قارئ ذلك" ، وهو ليس بكلام صحيح ، والصواب ما أثبته ، استظهار من عبارة الطبري ، فيما سلف من أشباه ذلك .
فَوَیْلٌ لِّلَّذِیْنَ یَكْتُبُوْنَ الْكِتٰبَ بِاَیْدِیْهِمْۗ-ثُمَّ یَقُوْلُوْنَ هٰذَا مِنْ عِنْدِ اللّٰهِ لِیَشْتَرُوْا بِهٖ ثَمَنًا قَلِیْلًاؕ-فَوَیْلٌ لَّهُمْ مِّمَّا كَتَبَتْ اَیْدِیْهِمْ وَ وَیْلٌ لَّهُمْ مِّمَّا یَكْسِبُوْنَ(۷۹)
تو خرابی ہے ان کے لئے جو کتاب اپنے ہاتھ سے لکھیں پھر کہہ دیں یہ خدا کے پاس سے ہے کہ اس کے عوض تھوڑے دام حاصل کریں (ف۱۳۰) تو خرابی ہے ان کے لئے ان کے ہاتھوں کے لکھے سے اور خرابی ان کے لئے اس کمائی سے-
القول في تأويل قوله تعالى : فَوَيْلٌقال أبو جعفر: اختلف أهل التأويل في تأويل قوله: (فويل). فقال بعضهم بما:-1381 - حدثنا أبو كريب قال، حدثنا عثمان بن سعيد, عن بشر بن عمارة, عن أبي روق عن الضحاك, عن ابن عباس (فويل)، يقول: فالعذاب عليهم. (20)* * *وقال آخرون بما:-1382 - حدثنا به ابن بشار قال، حدثنا ابن مهدي قال، حدثنا سفيان, عن زياد بن فياض قال: سمعت أبا عياض يقول: الويل: ما يسيل من صديد في أصل جهنم. (21)1383 - حدثنا بشر بن أبان الحطاب قال، حدثنا وكيع, عن سفيان, عن زياد بن فياض, عن أبي عياض في قوله: (فويل)، قال: صهريج في أصل جهنم، يسيل فيه صديدهم. (22)1384 - حدثنا علي بن سهل الرملي قال، حدثنا زيد بن أبي الزرقاء قال، حدثنا سفيان عن زياد بن فياض, عن أبي عياض قال: الويل، واد من صديد في جهنم. (23)1385 - حدثنا ابن حميد قال، حدثنا مهران، عن شقيق قال: (ويل)، ما يسيل من صديد في أصل جهنم.* * *وقال آخرون بما:-1386 - حدثنا به المثنى قال، حدثنا إبراهيم بن عبد السلام بن صالح التستري. قال، حدثنا علي بن جرير, عن حماد بن سلمة بن عبد الحميد بن جعفر, عن كنانة العدوي, عن عثمان بن عفان, عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " الويل جبل في النار ". (24)1387 - حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، حدثني عمرو بن الحارث, عن دراج, عن أبي الهيثم, عن أبي سعيد, عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " ويل واد في جهنم، يهوي فيه الكافر أربعين خريفا قبل أن يبلغ إلى قعره ". (25)* * *قال أبو جعفر: فمعنى الآية - على ما روي عمن ذكرت قوله في تأويل (ويل)-: فالعذاب = الذي هو شرب صديد أهل جهنم في أسفل الجحيم = لليهود الذين يكتبون الباطل بأيديهم، ثم يقولون: هذا من عند الله.* * *القول في تأويل قوله تعالى : لِلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هَذَا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ لِيَشْتَرُوا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلاقال أبو جعفر: يعني بذلك الذين حرفوا كتاب الله من يهود بني إسرائيل, وكتبوا كتابا على ما تأولوه من تأويلاتهم، مخالفا لما أنزل الله على نبيه موسى صلى الله عليه وسلم, ثم باعوه من قوم لا علم لهم بها، ولا بما في التوراة، جهال بما في كتب الله - لطلب عرض من الدنيا خسيس, فقال الله لهم: فَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ وَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا يَكْسِبُونَ ، كما:-1388 - حدثني موسى قال، حدثنا عمرو قال، حدثنا أسباط, عن السدي: (فويل للذين يكتبون الكتاب بأيديهم ثم يقولون هذا من عند الله ليشتروا به ثمنا قليلا)، قال: كان ناس من اليهود كتبوا كتابا من عندهم، يبيعونه من العرب, ويحدثونهم أنه من عند الله، ليأخذوا به ثمنا قليلا.1389 - حدثنا أبو كريب قال، حدثنا عثمان بن سعيد قال، حدثنا بشر بن عمارة, عن أبي روق, عن الضحاك, عن ابن عباس قال: الأميون قوم لم يصدقوا رسولا أرسله الله, ولا كتابا أنزله الله, فكتبوا كتابا بأيديهم, ثم قالوا لقوم سِفلة جهال: هذا من عند الله " ليشتروا به ثمنا قليلا ". قال: عرضا من عرض الدنيا.1390 - حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم, عن عيسى, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد في قول الله: (للذين يكتبون الكتاب بأيديهم ثم يقولون هذا من عند الله)، قال: هؤلاء الذين عرفوا أنه من عند الله، يحرفونه.1391 - حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد مثله, إلا أنه قال: ثم يحرفونه.1392 - حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد, عن قتادة: (فويل للذين يكتبون الكتاب بأيديهم) الآية, وهم اليهود.1393 - حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر, عن قتادة في قوله: (فويل للذين يكتبون الكتاب بأيديهم ثم يقولون هذا من عند الله)، قال: كان ناس من بني إسرائيل كتبوا كتابا بأيديهم، ليتأكلوا الناس, فقالوا: هذا من عند الله, وما هو من عند الله. (26)1394 - حدثني المثنى قال، حدثنا آدم قال، حدثنا أبو جعفر, عن الربيع, عن أبي العالية قوله: (فويل للذين يكتبون الكتاب بأيديهم ثم يقولون هذا من عند الله ليشتروا به ثمنا قليلا)، قال: عمدوا إلى ما أنزل الله في كتابهم من نعت محمد صلى الله عليه وسلم فحرفوه عن مواضعه، يبتغون بذلك عرضا من عرض الدنيا, فقال: فَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ وَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا يَكْسِبُونَ .1395 - حدثني المثنى بن إبراهيم قال، حدثنا إبراهيم بن عبد السلام قال، حدثنا علي بن جرير, عن حماد بن سلمة, عن عبد الحميد بن جعفر, عن كنانة العدوي, عن عثمان بن عفان رضي الله عنه, عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: فَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ وَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا يَكْسِبُونَ ، الويل: جبل في النار، وهو الذي أنزل في اليهود، لأنهم حرفوا التوراة, وزادوا فيها ما يحبون, ومحوا منها ما يكرهون, ومحوا اسم محمد صلى الله عليه وسلم من التوراة. فلذلك غضب الله عليهم، فرفع بعض التوراة، فقال: فَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ وَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا يَكْسِبُونَ . (27)1396 - حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، أخبرني سعيد بن أبي أيوب, عن محمد بن عجلان, عن زيد بن أسلم, عن عطاء بن يسار. قال: ويل، واد في جهنم، لو سيرت فيه الجبال لانماعت من شدة حره. (28)* * *قال أبو جعفر: إن قال لنا قائل: ما وجه قوله: (29) (فويل للذين يكتبون الكتاب بأيديهم)؟ وهل تكون الكتابة بغير اليد، حتى احتاج المخاطبون بهذه المخاطبة، إلى أن يخبروا عن هؤلاء - القوم الذين قص الله قصتهم - أنهم كانوا يكتبون الكتاب بأيديهم؟قيل له: إن الكتاب من بني آدم، وإن كان منهم باليد, فإنه قد يضاف الكتاب إلى غير كاتبه وغير المتولي رسم خطه فيقال: " كتب فلان إلى فلان بكذا "، وإن كان المتولي كتابته بيده، غير المضاف إليه الكتاب, إذا كان الكاتب كتبه بأمر المضاف إليه الكتاب. فأعلم ربنا بقوله: (فويل للذين يكتبون الكتاب بأيديهم) عباده المؤمنين، أن أحبار اليهود تلي كتابة الكذب والفرية على الله بأيديهم، على علم منهم وعمد للكذب على الله، ثم تنحله إلى أنه من عند الله وفي كتاب الله، (30) تَكَذُّبا على الله وافتراء عليه. فنفى جل ثناؤه بقوله: (يكتبون الكتاب بأيديهم)، أن يكون ولي كتابة ذلك بعض جهالهم بأمر علمائهم وأحبارهم. وذلك نظير قول القائل: " باعني فلان عينُه كذا وكذا, فاشترى فلان نفسه كذا "، يراد بإدخال " النفس والعين " في ذلك، نفي اللبس عن سامعه، أن يكون المتولي بيع ذلك أو شراءه، غير الموصوف له أمره, (31)ويوجب حقيقة الفعل للمخبر عنه، فكذلك قوله: (فويل للذين يكتبون الكتاب بأيديهم).* * *القول في تأويل قوله تعالى : فَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ وَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا يَكْسِبُونَ (79)قال أبو جعفر: يعني جل ثناؤه بقوله: (فويل لهم مما كتبت أيديهم)، أي فالعذاب - في الوادي السائل من صديد أهل النار في أسفل جهنم - لهم, يعني: للذين يكتبون الكتاب، الذي وصفنا أمره، من يهود بني إسرائيل محرفا, ثم قالوا: هذا من عند الله، ابتغاء عرض من الدنيا به قليل ممن يبتاعه منهم.* * *وقوله: (مما كتبت أيديهم)، يقول: من الذي كتبت أيديهم من ذلك، وويل لهم أيضا(مما يكسبون)، يعني: مما يعملون من الخطايا, ويجترحون من الآثام, ويكسبون من الحرام، بكتابهم الذي يكتبونه بأيديهم, بخلاف ما أنزل الله, ثم يأكلون ثمنه، وقد باعوه ممن باعوه منهم على أنه من كتاب الله، كما:-1397 - حدثني المثنى قال، حدثنا آدم قال، حدثنا أبو جعفر, عن الربيع, عن أبي العالية: (وويل لهم مما يكسبون)، يعني: من الخطيئة.1398 - حدثنا أبو كريب قال، حدثنا عثمان بن سعيد, عن بشر بن عمارة, عن أبي روق, عن الضحاك, عن ابن عباس: (فويل لهم)، يقول: فالعذاب عليهم. قال: يقول: من الذي كتبوا بأيديهم من ذلك الكذب، (وويل لهم مما يكسبون)، يقول: مما يأكلون به من السفلة وغيرهم.* * *قال أبو جعفر: وأصل " الكسب ": العمل. فكل عامل عملا بمباشرة منه لما عمل ومعاناة باحتراف, فهو كاسب لما عمل, كما قال لبيد بن ربيعة:لمعفر قهد تنازع شلوهغبس كواسب لا يُمَنُّ طعامُها (32)--------------الهوامش :(20) في المطبوعة : "فويل لهم" . والصواب حذف"لهم" ، ليست من الآية هنا .(21) الخبر : 1382 - سفيان : هو الثوري . زياد بن فياض الخزاعي : ثقة ، مات سنة 129 . مترجم في التهذيب ، والكبير للبخاري 2 / 1 /334 ، وابن أبي حاتم 1 / 2 /542 . أبو عياض : هو عمرو بن الأسود العنسي ، تابعي ثقة ، كان من عباد أهل الشأم وزهادهم . مترجم في التهذيب ، وابن أبي حاتم 3 / 1 / 220 - 221 .(22) الخبر : 1383 - بشر بن أبان الحطاب ، شيخ الطبري : لم أجد له ترجمة ولا ذكرا فيما بين يدى من المراجع .(23) الخبر : 1384 - علي بن سهل الرملي ، شيخ الطبري : ثقة ، مات سنة 261 . مترجم في التهذيب ، وابن أبي حاتم 3 / 1 /189 . وزيد بن أبي الزرقاء الموصلي ، نزيل الرملة : ثقة ، مات سنة 194 . مترجم في التهذيب ، والكبير 2 /1 /361 ، وابن أبي حاتم 1 / 2/ 575 . سفيان هو الثوري . "عن زياد بن فياض" ، كالإسنادين اللذين قبله . وفي المطبوعة : "سفيان بن زياد بن فياض" ، وهو تحريف .(24) الحديث: 1386 - هذا الإسناد مشكل. ووقع فيه هنا خطأ. من الناسخ أو الطابع، صححناه من الرواية الآتية: 1395 فقد كان فيه"حماد بن سلمة بن عبد الحميد بن جعفر"؛ وصوابه"عن عبد الحميد بن جعفر"، كما هو بديهي.أما ما أشكل علينا فيه: فراويان لم نجد لهما ذكرا ولا ترجمة.أحدهما:"إبراهيم بن عبد السلام بن صالح التستري". وسيأتي في الإسناد الآخر"إبراهيم بن عبد السلام" فقط. ولم أستطع أن أعرف من هو؟ وقد نقل ابن كثير 1: 217 الحديث الآتي: 1395، وأكمل نسب هذا الشيخ، ولكنه وقع فيه هكذا "إبراهيم بن عبد السلام، حدثنا صالح القشيري"! وأنا لست على ثقة من دقة التصحيح في طبعة تفسير ابن كثير، وأرى أن ما نسخة الطبري أقرب إلى الصحة.الراوي الآخر:"على بن جرير". وقد أتعبنى أن أعرف من هو؟ مع البحث في كل المراجع، وتقليبه على كل الاحتمالات.أما عبد الحميد بن جعفر: فإنه الأنصاري الأوسى المدني، وهو ثقة، وثقه أحمد وابن سعد وغيرهما، مات سنة 153، مترجم في التهذيب، وابن أبي حاتم 3 / 1 /10. و"كنانة العدوي":هو كنافة ابن نعيم، وهو تابعي ثقة، مترجم في التهذيب، والكبير للبخاري 4 / 1 /236، وابن أبي حاتم 3 / 2 /169. ولكني أخشى أن لا يكون أدرك عثمان بن عفان، فإنهم لم يذكروا له رواية إلا عن أبي برزة الأسلمي وقصيبة بن المخارق، وهما متأخران كثيرا عن عثمان.وأيا ما كان، فهذا الحديث لا أظنه مما يقوم إسناده. وهو مختصر من الحديث الآتي: 1395. والحافظ ابن كثير حين ذكره عن الطبري، وصفه بأنه"غريب جدا". وقد ذكره السيوطي أيضًا 1: 82، ولم ينسباه لغير الطبري. فالله أعلم.(25) الحديث : 1387 - إسناده صحيح . عمرو بن الحارث بن يعقوب الأنصاري المصري : ثقة حافظ متقن ، مترجم في التهذيب ، وابن سعد 7 / 2 / 203 وابن أبي حاتم 3 / 1 / 225 . دراج ، بفتح الدال وتشديد الراء : هو ابن سمعان ، أبو السمح ، المصري القاص ، وهو ثقة ، فيه خلاف كثير . والراجح عندنا أنه ثقة ، كما بينا ذلك في شرح المسند : 6634 ، وفي تعليقنا على تهذيب السنن : 2388 . أبو الهيثم : هو سليمان بن عمرو العتواري المصري ، كان يتيما لأبي سعيد الخدري ، وكان في حجره . وهو تابعي ثقة ، مترجم في التهذيب ، والكبير للبخاري 2 / 2 / 28 - 29 ، وابن أبي حاتم 2 /1 / 131 - 132 .والحديث رواه ابن أبي حاتم - كما نقل عنه ابن كثير 1 : 217 - عن يونس بن عبد الأعلى ، شيخ الطبري هنا ، بهذا الإسناد .ورواه الحاكم في المستدرك 4 : 596 ، من طريق بحر بن نصر . عن ابن وهب ، بهذا الإسناد ، بزيادة في آخره . وقال : "هذا حديث صحيح الإسناد ، ولم يخرجاه" . ووافقه الذهبي .ورواه أحمد في المسند : 11735 (ج 3 ص 75 حلبي) ، عن حسن بن موسى ، عن ابن لهيعة ، عن دراج ، به ، بزيادة في آخره . وقال ابن كثير - عقب رواية ابن أبي حاتم : "ورواه الترمذي عن عبد بن حميد ، عن الحسن بن موسى . . وقال هذا حديث غريب ، لا نعرفه إلا من حديث ابن لهيعة . قلت [القائل ابن كثير] : لم ينفرد به ابن لهيعة كما ترى . ولكن الآفة ممن بعده! وهذا الحديث بهذا الإسناد مرفوعا - منكر"!أقول : وابن كثير يريد بذلك جرح دراج أبي السمح ، وجعله علة الحديث . والصحيح ما ذهبنا إليه . وقد رواه ابن حبان في صحيحه أيضًا . كما في الدر المنثور 1 : 82 .(26) يقال فلان يستأكل الضعفاء : يأخذ أموالهم ويأكلها . أما قوله : "ليتأكلوا" ، فلم أجد في المعاجم"يتأكل" ، فإن صح نص الطبري ، وإلا فهي عربية معرقة ، صح أو لم يصح .(27) الحديث : 1395 - مضى الكلام فيه مفصلا : 1386 .(28) سيرت : أدخلت ودفعت لتسير . وانماع الملح في الماء : ذاب . وفي اللسان روى تفسير عطاء ، وفيه : "لماعت" ، أي ذابت وسالت .(29) في المطبوعة : "فما وجه فويل للذين . . " ، كأنه سقط حرف من ناسخ أو طابع .(30) يقال : نحل فلان فلانا شعرا : نسبه إليه باطلا . وكره الطبري أن يقول ما لا يجوز لأحد في ذكر ربه سبحانه وتعالى ، فانتهج طريقا في أساليب العربية ، فقال : "فنحله إلى أنه من عند الله" أي نسبه باطلا إلى أنه من عند الله . ولم يعد الفعل إلى مفعوليه .(31) كان في المطبوعة : "أن يكون المتولى بيع ذلك وشراءه ، غير الموصوف به بأمره" وهو كلام غير واضح ولا مفهوم ، فآثرت أن أصححه ما استطعت .(32) من معلقته النبيلة . واللام في قوله"لمعفر" ، ترده إلى البيت قبله :خنساء ضيعت الفَرِيرَ, فلم يَرِمعُرض الشقائق طوفها وبُغَامهاوالخنساء : البقرة الوحشية ، والفرير : ولدها . والشقائق : أرض غليظة بين رملتين ، أودعت هناك فيه ولدها . وطوفها طوافها حائرة . بغامها : صوتها صائحة باكية . ظلت تطوف وتنادي ولدها .وقوله:"لمعفر"، أي طوفها وبغامها من أجل"معفر". والمعفر: الذي ألقي في العفر، وهو التراب، صادت ولدها الذئاب. قهد: هو ولد البقر، لطيف الجسم أبيض اللون. والشلو: العضو من اللحم، أو الجسد كله. وغبس: غبر، وهي الذئاب. لا يمن طعامها: تكسب طعامها بنفسها، فلا يمن عليها أحد.
وَ قَالُوْا لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ اِلَّاۤ اَیَّامًا مَّعْدُوْدَةًؕ-قُلْ اَتَّخَذْتُمْ عِنْدَ اللّٰهِ عَهْدًا فَلَنْ یُّخْلِفَ اللّٰهُ عَهْدَهٗۤ اَمْ تَقُوْلُوْنَ عَلَى اللّٰهِ مَا لَا تَعْلَمُوْنَ(۸۰)
اور بولے ہمیں تو آگ نہ چھوئے گی مگر گنتی کے دن (ف۱۳۱) تم فرمادو کیا خدا سے تم نے کوئی عہد لے رکھا ہے جب تو اللہ ہرگز اپنا عہد خلاف نہ کرے گا (ف۱۳۲) یا خدا پر وہ بات کہتے ہو جس کا تمہیں علم نہیں -
القول في تأويل قوله تعالى : وَقَالُوا لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلا أَيَّامًا مَعْدُودَةًقال أبو جعفر: يعني بقوله: (وقالوا)، اليهود, يقول: وقالت اليهود: (لن تمسنا النار)، يعني لن تلاقي أجسامنا النار ولن ندخلها،" إلا أياما معدودة ". وإنما قيل " معدودة " وإن لم يكن مبينا عددها في التنزيل، لأن الله جل ثناؤه أخبر عنهم بذلك وهم عارفون عدد الأيام، التي يوقتونها لمكثهم في النار. فلذلك ترك ذكر تسمية عدد تلك الأيام، وسماها " معدودة " لما وصفنا.* * *ثم اختلف أهل التأويل في مبلغ الأيام المعدودة التي عينها اليهود، القائلون ما أخبر الله عنهم من ذلك .* فقال بعضهم بما:-1399 - حدثنا به أبو كريب قال، حدثنا عثمان بن سعيد, عن بشر بن عمارة, عن أبي روق, عن الضحاك, عن ابن عباس: (وقالوا لن تمسنا النار إلا أياما معدودة)، قال ذلك أعداء الله اليهود, قالوا: لن يدخلنا الله النار إلا تحلة القسم، الأيام التي أصبنا فيها العجل: أربعين يوما, فإذا انقضت عنا تلك الأيام, انقطع عنا العذاب والقسم.1400 - حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر, عن قتادة في قوله: (لن تمسنا النار إلا أياما معدودة)، قالوا: أياما معدودة بما أصبنا في العجل.1401 - حدثنا موسى قال، حدثنا عمرو قال، حدثنا أسباط, عن السدي: (وقالوا لن تمسنا النار إلا أياما معدودة)، قال: قالت اليهود: إن الله يدخلنا النار فنمكث فيها أربعين ليلة, حتى إذا أكلت النار خطايانا واستنقتنا, (33) نادى مناد: أخرجوا كل مختون من ولد بني إسرائيل. فلذلك أمرنا أن نختتن. قالوا: فلا يدعون منا في النار أحدا إلا أخرجوه.1402 - حدثني المثنى قال، حدثنا آدم قال، حدثنا أبو جعفر, عن الربيع, عن أبي العالية قال: قالت اليهود: إن ربنا عتب علينا في أمرنا, فأقسم ليعذبنا أربعين ليلة, ثم يخرجنا. فأكذبهم الله.1403 - حدثني المثنى قال، حدثنا آدم قال، حدثنا أبو جعفر, عن قتادة قال: قالت اليهود: لن ندخل النار إلا تحلة القسم, عدد الأيام التي عبدنا فيها العجل.1404 - حدثني محمد بن سعد قال، حدثني أبي قال، حدثني عمي قال، حدثني أبي, عن أبيه, عن ابن عباس قوله: (لن تمسنا النار إلا أياما معدودة) الآية، قال ابن عباس: ذكر أن اليهود وجدوا في التوراة مكتوبا، أن ما بين طرفي جهنم مسيرة أربعين سنة، إلى أن ينتهوا إلى شجرة الزقوم نابتة في أصل الجحيم - وكان ابن عباس يقول: إن الجحيم سقر, وفيه شجرة الزقوم - فزعم أعداء الله، أنه إذا خلا العدد الذي وجدوا في كتابهم أياما معدودة - وإنما يعني بذلك المسير الذي ينتهي إلى أصل الجحيم - فقالوا: إذا خلا العدد انتهى الأجل. فلا عذاب، وتذهب جهنم وتهلك. (34) فذلك قوله: (لن تمسنا النار إلا أياما معدودة)، يعنون بذلك الأجل. فقال ابن عباس: لما اقتحموا من باب جهنم، ساروا في العذاب حتى انتهوا إلى شجرة الزقوم آخر يوم من الأيام المعدودة, قال لهم خزان سقر: زعمتم أنكم لن تمسكم النار إلا أياما معدودة! فقد خلا العدد وأنتم في الأبد! فأخذ بهم في الصَّعود في جهنم يرهقون. (35)1405 - حدثني محمد بن سعد قال، حدثني أبي قال، حدثني عمي قال، حدثني أبي, عن أبيه, عن ابن عباس: (وقالوا لن تمسنا النار إلا أياما معدودة)، إلا أربعين ليلة.1406 - حدثني المثنى قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا حفص بن عمر, عن الحكم بن أبان, عن عكرمة قال: خاصمت اليهود رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا: لن ندخل النار إلا أربعين ليلة, وسيخلفنا فيها قوم آخرون - يعنون محمدا وأصحابه. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده على رءوسهم (36) " بل أنتم فيها خالدون، لا يخلفكم فيها أحد " . فأنزل الله جل ثناؤه: (وقالوا لن تمسنا النار إلا أياما معدودة).1407 - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثنا حجاج, عن ابن جريج قال، أخبرني الحكم بن أبان, عن عكرمة، قال: اجتمعت يهود يوما تخاصم النبي صلى الله عليه وسلم. فقالوا: (لن تمسنا النار إلا أياما معدودة)، - وسموا أربعين يوما - ثم يخلفنا، أو يلحقنا، فيها أناس. فأشاروا إلى النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " كذبتم, بل أنتم فيها خالدون مخلدون، لا نلحقكم ولا نخلفكم فيها إن شاء الله أبدا ". (37)1408 - حدثني يونس بن عبد الأعلى قال، أخبرنا علي بن معبد, عن أبي معاوية, عن جويبر, عن الضحاك في قوله: (لن تمسنا النار إلا أياما معدودة)، قال: قالت اليهود: لا نعذب في النار يوم القيامة إلا أربعين يوما مقدار ما عبدنا العجل.1409 - حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد: حدثني أبي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لهم: " أنشدكم بالله وبالتوراة التي أنزلها الله على موسى يوم طور سيناء, مَن أهل النار الذين أنزلهم الله في التوراة؟ وقالوا: إن ربهم غضب عليهم غضبة, فنمكث في النار أربعين ليلة, ثم نخرج فتخلفوننا فيها. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: كذبتم والله، لا نخلفكم فيها أبدا ". فنزل القرآن تصديقا لقول النبي صلى الله عليه وسلم وتكذيبا لهم: (وقالوا لن تمسنا النار إلا أياما معدودة قل أتخذتم عند الله عهدا) إلى قوله: هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ . (38)* * *وقال آخرون في ذلك بما:-1410 - حدثنا أبو كريب قال، حدثنا يونس بن بكير قال، حدثنا ابن إسحاق قال، حدثني محمد بن أبي محمد مولى زيد بن ثابت قال، حدثني سعيد بن جبير أو عكرمة, عن ابن عباس قال: كانت يهود يقولون: إنما مدة الدنيا سبعة آلاف سنة, وإنما يعذب الله الناس يوم القيامة بكل ألف سنة من أيام الدنيا يوما واحدا من أيام الآخرة, وإنها سبعة أيام. فأنزل الله في ذلك من قولهم: (وقالوا لن تمسنا النار إلا أياما معدودة) الآية.1411 - حدثنا ابن حميد قال، حدثنا سلمة, عن محمد بن إسحاق قال، حدثني محمد بن أبي محمد, عن سعيد بن جبير أو عكرمة, عن ابن عباس قال: قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة، ويهود تقول: إنما مدة الدنيا سبعة آلاف سنة, وإنما يعذب الناس في النار بكل ألف سنة من أيام الدنيا، يوما واحدا في النار من أيام الآخرة, فإنما هي سبعة أيام، ثم ينقطع العذاب. فأنزل الله عز وجل في ذلك من قولهم: (لن تمسنا النار) الآية.1412 - حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم, عن عيسى, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد في قول الله: (قالوا لن تمسنا النار إلا أياما معدودة)، قال: كانت تقول: إنما الدنيا سبعة آلاف سنة, وإنما نعذب مكان كل ألف سنة يوما.1413 - حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد مثله - إلا أنه قال: كانت اليهود تقول: إنما الدنيا, وسائر الحديث مثله.1414 - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج قال، قال ابن جريج, قال مجاهد: وقالوا لن تمسنا النار إلا أياما معدودة من الدهر. وسموا عدة سبعة آلاف سنة, من كل ألف سنة يوما. يهود تقوله.* * *القول في تأويل قوله تعالى : قُلْ أَتَّخَذْتُمْ عِنْدَ اللَّهِ عَهْدًا فَلَنْ يُخْلِفَ اللَّهُ عَهْدَهُ أَمْ تَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ (80)قال أبو جعفر: لما قالت اليهود ما قالت من قولها: لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلا أَيَّامًا مَعْدُودَةً - على ما قد بينا من تأويل ذلك - قال الله لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: قل يا محمد، لمعشر اليهود: (أتخذتم عند الله عهدا): أأخذتم بما تقولون من ذلك من الله ميثاقا، فالله لا ينقض ميثاقه، ولا يبدل وعده وعقده, أم تقولون على الله الباطل جهلا وجراءة عليه؟ كما:-1415 - حدثنا محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم, عن عيسى, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد: (قل أتخذتم عند الله عهدا) أي: موثقا من الله بذلك أنه كما تقولون.1416 - حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد مثله.1417 - حدثني المثنى قال، حدثنا آدم قال، حدثنا أبو جعفر, عن قتادة قال: قالت اليهود: لن ندخل النار إلا تحلة القسم، عدة الأيام التي عبدنا فيها العجل، فقال الله: (أتخذتم عند الله عهدا)، بهذا الذي تقولونه؟ ألكم بهذا حجة وبرهان؟ فلن يخلف الله عهده، فهاتوا حجتكم وبرهانكم، أم تقولون على الله ما لا تعلمون؟1418 - حدثنا أبو كريب قال، حدثنا عثمان بن سعيد, عن بشر بن عمارة, عن أبي روق, عن الضحاك, عن ابن عباس قال: لما قالت اليهود ما قالت, قال الله جل ثناؤه لمحمد، قل : ( أَتَّخَذْتُمْ عِنْدَ اللَّهِ عَهْدًا ) ، يقول: أدخرتم عند الله عهدا؟ يقول: أقلتم لا إله إلا الله لم تشركوا ولم تكفروا به؟ فإن كنتم قلتموها فارجوا بها, وإن كنتم لم تقولوها، فلم تقولون على الله ما لا تعلمون؟ يقول: لو كنتم قلتم لا إله إلا الله ولم تشركوا به شيئا, ثم متم على ذلك، لكان لكم ذخرا عندي, ولم أخلف وعدي لكم: أني أجازيكم بها.1419 - حدثني موسى بن هارون قال، حدثنا عمرو قال، حدثنا أسباط عن السدي قال: لما قالت اليهود ما قالت, قال الله عز وجل: (قل أتخذتم عند الله عهدا فلن يخلف الله عهده)- وقال في مكان آخر: وَغَرَّهُمْ فِي دِينِهِمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ . [ آل عمران: 24]، ثم أخبر الخبر فقال: بَلَى مَنْ كَسَبَ سَيِّئَةً .* * *قال أبو جعفر: وهذه الأقوال التي رويناها عن ابن عباس ومجاهد وقتادة، بنحو ما قلنا في تأويل قوله: ( قل أتخذتم عند الله عهدا). لأن مما أعطاه الله عباده من ميثاقه: أن من آمن به وأطاع أمره، نجاه من ناره يوم القيامة. ومن الإيمان به، الإقرار بأن لا إله إلا الله. وكذلك من ميثاقه الذي واثقهم به: أن من أتى الله يوم القيامة بحجة تكون له نجاة من النار، فينجيه منها. وكل ذلك، وإن اختلفت ألفاظ قائليه, فمتفق المعاني، على ما قلنا فيه. والله تعالى أعلم.---------------الهوامش :(33) نقيت الثوب (بتشديد القاف) وأنقيته نقاء فهو نقي : نظيف . و"استنقيته" ليست في المعاجم ، ولكنها صحيحة البناء والمعنى .(34) خلا يخلو : مضى وذهب وانقضى .(35) الصعود : مشقة العذاب ، ولكنه أراد هنا ما قالوا : جبل في جهنم من جمرة واحدة ، يكلف الكافر ارتقاءه ، ويضرب بالمقامع ، فكلما وضع عليه رجله ذابت إلى أسفل دركة ، ثم تعود مكانها صحيحة ، والله أعلم .(36) قال بيده : أشار . وقد مضى مثل ذلك مرارا .(37) الحديثان : 1406 ، 1407 - هما حديث واحد بإسنادين . ونسبه السيوطي أيضًا 1 : 84 ، لعبد بن حميد ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم . وهو حديث مرسل ، لا تقوم به حجة .(38) الحديث : 1409 - هو حديث مرسل أيضًا .
- English | Ahmed Ali
- Urdu | Ahmed Raza Khan
- Turkish | Ali-Bulaç
- German | Bubenheim Elyas
- Chinese | Chineese
- Spanish | Cortes
- Dutch | Dutch
- Portuguese | El-Hayek
- English | English
- Urdu | Fateh Muhammad Jalandhry
- French | French
- Hausa | Hausa
- Indonesian | Indonesian-Bahasa
- Italian | Italian
- Korean | Korean
- Malay | Malay
- Russian | Russian
- Tamil | Tamil
- Thai | Thai
- Farsi | مکارم شیرازی
- العربية | التفسير الميسر
- العربية | تفسير الجلالين
- العربية | تفسير السعدي
- العربية | تفسير ابن كثير
- العربية | تفسير الوسيط لطنطاوي
- العربية | تفسير البغوي
- العربية | تفسير القرطبي
- العربية | تفسير الطبري
- English | Arberry
- English | Yusuf Ali
- Dutch | Keyzer
- Dutch | Leemhuis
- Dutch | Siregar
- Urdu | Sirat ul Jinan