READ

Surah Yusuf

يُوْسُف
111 Ayaat    مکیۃ


12:81
اِرْجِعُوْۤا اِلٰۤى اَبِیْكُمْ فَقُوْلُوْا یٰۤاَبَانَاۤ اِنَّ ابْنَكَ سَرَقَۚ-وَ مَا شَهِدْنَاۤ اِلَّا بِمَا عَلِمْنَا وَ مَا كُنَّا لِلْغَیْبِ حٰفِظِیْنَ(۸۱)
اپنے باپ کے پاس لوٹ کر جاؤ پھر عرض کرو اے ہمارے باپ بیشک آپ کے بیٹے نے چوری کی (ف۱۸۷) اور ہم تو اتنی ہی بات کے گواہ ہوئے تھے جتنی ہمارے علم میں تھی (ف۱۸۸) اور ہم غیب کے نگہبان نہ تھے (ف۱۸۹)

ثم واصل كبيرهم حديثه معهم فقال: «ارجعوا» يا إخوتى «إلى أبيكم» يعقوب «فقولوا» له برفق وتلطف. «يا أبانا إن ابنك» بنيامين «سرق» صواع الملك، ووجد الصواع في رحله وقولوا له أيضا: إننا «ما شهدنا إلا بما علمنا» أى: وما شهدنا على أخينا بهذه الشهادة إلا على حسب علمنا ويقيننا بأنه سرق.«وما كنا للغيب حافظين» أى: وما كنا نعلم الغيب بأنه سيسرق صواع الملك، عند ما أعطيناك عهودنا ومواثيقنا بأن نأتيك به معنا إلا أن يحاط بنا.
12:82
وَ سْــٴَـلِ الْقَرْیَةَ الَّتِیْ كُنَّا فِیْهَا وَ الْعِیْرَ الَّتِیْۤ اَقْبَلْنَا فِیْهَاؕ-وَ اِنَّا لَصٰدِقُوْنَ(۸۲)
اور اس بستی سے پوچھ دیکھئے جس میں ہم تھے اور اس قافلہ سے جس میں ہم آئے، اور ہم بیشک سچے ہیں (ف۱۹۰)

وقولوا كذلك على سبيل زيادة التأكيد، إن كنت في شك من قولنا هذا فاسأل «القرية التي كنا فيها» والمراد بالقرية أهلها.أى: فأرسل من تريد إرساله إلى أهل القرية التي حصلت فيها حادثة السرقة فإنهم سيذكرون لك تفاصيلها.قالوا: ومرادهم بالقرية مدينة مصر التي حدث فيها ما حدث، وعبروا عنها بالقرية لأنهم يقصدون مكانا معينا منها، وهو الذي حصل فيه التفتيش لرحالهم، والمراجعة بينهم وبين عزيز مصر ومعاونيه.وقوله: وَالْعِيرَ الَّتِي أَقْبَلْنا فِيها معطوف على ما قبله.أى: اسأل أهل القرية التي كنا فيها، واسأل «العير» أى: قوافل التجارة التي كنا فيها عند ذهابنا وإيابنا فإن أصحاب هذه القوافل يعلمون ما حدث من ابنك «بنيامين» .وقوله وَإِنَّا لَصادِقُونَ أى: وإنا لصادقون في كل ما أخبرناك به. فكن واثقا من صدقنا.وقد ختم كبيرهم كلامه بهذه الجملة، زيادة في تأكيد صدقهم، لأن ماضيهم معه يبعث على الريبة والشك، فهم الذين قالوا له قبل ذلك في شأن يوسف: «أرسله معنا غدا يرتع ويلعب وإنا له لحافظون» ثم ألقوا به في الجب، «وجاءوا أباهم عشاء يبكون ... » .وإلى هنا تكون السورة الكريمة قد صورت بأسلوب حافل بالإثارة والمحاورة، والأخذ والرد، والترغيب والترهيب.. ما دار بين يوسف وإخوته عند ما قدموا إليه للمرة الثانية ومعهم شقيقه «بنيامين» .فماذا كان بعد ذلك؟ لقد كان بعد ذلك أن عاد الإخوة إلى أبيهم وتركوا بمصر كبيرهم وأخاهم بنيامين، ويطوى القرآن الحكيم- على عادته في هذه السورة الكريمة- أثر ذلك على قلب أبيهم المفجوع، إلا أنه يسوق لنا رده عليهم، الذي يدل على كمال إيمانه، وسعة آماله في رحمة الله- تعالى- فيقول:
12:83
قَالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ اَنْفُسُكُمْ اَمْرًاؕ-فَصَبْرٌ جَمِیْلٌؕ-عَسَى اللّٰهُ اَنْ یَّاْتِیَنِیْ بِهِمْ جَمِیْعًاؕ-اِنَّهٗ هُوَ الْعَلِیْمُ الْحَكِیْمُ(۸۳)
کہا (ف۱۹۱) تمہارے نفس نے تمہیں کچھ حیلہ بنادیا، تو اچھا صبر ہے، قریب ہے کہ اللہ ان سب کو مجھ سے لا، ملائے (ف۱۹۲) بیشک وہی علم و حکمت والا ہے،

أى: «قال» يعقوب لبنيه، الذين حضروا إليه من رحلتهم، فأخبروه بما هيج أحزانه ...قال لهم: بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَمْراً فَصَبْرٌ جَمِيلٌ أى: ليس الأمر كما تدعون، ولكن أنفسكم هي التي زينت لكم أمرا أنتم أردتموه، فصبرى على ما قلتم صبر جميل، أى لا جزع معه، ولا شكوى إلا لله- تعالى-.قال ابن كثير: «قال لهم كما قال لهم حين جاءوا على قميص يوسف بدم كذب «بل سولت لكم أنفسكم أمرا فصبر جميل» .قال محمد بن إسحاق: لما جاءوا يعقوب وأخبروه بما جرى، اتهمهم، وظن أن ما فعلوه ببنيامين يشبه ما فعلوه بيوسف فقال: «بل سولت لكم أنفسكم أمرا ... » .وقال بعض الناس: لما كان صنيعهم هذا مرتبا على فعلهم الأول، سحب حكم الأول عليه، وصح قوله «بل سولت لكم أنفسكم أمرا ... » .والخلاصة أن الذي حمل يعقوب- عليه السلام- على هذا القول لهم، المفيد لتشككه في صدق ما أثبتوه لأنفسهم من البراءة، هو ماضيهم معه، فإنهم قد سبق لهم أن فجعوه في يوسف بعد أن عاهدوه على المحافظة عليه.ولكن يعقوب هنا أضاف إلى هذه الجملة جملة أخرى تدل على قوة أمله في رحمة الله، وفي رجائه الذي لا يخيب في أن يجمع شمله بأبنائه جميعا فقال- عليه السلام- عَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَنِي بِهِمْ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ.أى: عسى الله- تعالى- أن يجمعني بأولادى جميعا- يوسف وبنيامين وروبيل الذي تخلف عنهم في مصر- إنه- سبحانه- هو العليم بحالي، الحكيم في كل ما يفعله ويقضى به.وهذا القول من يعقوب- عليه السلام- يدل دلالة واضحة على كمال إيمانه، وحسن صلته بالله- تعالى- وقوة رجائه في كرمه وعطفه ولطفه- سبحانه-.وكأنه بهذا القول يرى بنور الله الذي غرسه في قلبه، ما يراه غيره بحواسه وجوارحه.
12:84
وَ تَوَلّٰى عَنْهُمْ وَ قَالَ یٰۤاَسَفٰى عَلٰى یُوْسُفَ وَ ابْیَضَّتْ عَیْنٰهُ مِنَ الْحُزْنِ فَهُوَ كَظِیْمٌ(۸۴)
اور ان سے منہ پھیرا (ف۱۹۳) اور کہا ہائے افسوس! یوسف کی جدائی پر اور اس کی آنکھیں غم سے سفید ہوگئیں (ف۱۹۴) وہ غصہ کھا تا رہا،

ثم يصور- سبحانه- ما اعترى يعقوب من أحزانه على يوسف، جددها فراق بنيامين له فقال- تعالى- وَتَوَلَّى عَنْهُمْ وَقالَ يا أَسَفى عَلى يُوسُفَ، وَابْيَضَّتْ عَيْناهُ مِنَ الْحُزْنِ فَهُوَ كَظِيمٌ.وقوله «يا أسفا» من الأسف وهو أشد الحزن والتحسر على ما فات من أحداث. يقال:أسف فلان على كذا يأسف أسفا، إذا حزن حزنا شديدا.وألفه بدل من ياء المتكلم للتخفيف والأصل يا أسفى.وكظيم بمعنى مكظوم، وهو الممتلئ بالحزن ولكنه يخفيه من الناس ولا يبديه لهم.ومنه قوله- تعالى- وَالْكاظِمِينَ الْغَيْظَ أى: المخفين له، مأخوذ من كظم فلان السقاء: إذا سده على ما بداخله.والمعنى: وبعد أن استمع يعقوب إلى ما قاله له أبناؤه، ورد عليهم ... انتابته الأحزان والهموم، وتجددت في قلبه الشجون ... فتركهم واعتزل مجلسهم وقال:«يا أسفا على يوسف» أى: يا حزنى الشديد على يوسف أقبل فهذا أوان إقبالك.وَابْيَضَّتْ عينا يعقوب من شدة الحزن على يوسف وأخيه حتى ضعف بصره، حيث انقلب سواد عينيه بياضا من كثرة البكاء.فَهُوَ كَظِيمٌ أى: ممتلئ حزنا على فراق يوسف له، إلا أنه كاتم لهذا الحزن لا يبوح به لغيره من الناس.قالوا: وإنما تأسف على يوسف دون أخويه- بنيامين وروبيل- مع أن الرزء الأحدث أشد على النفس ... لأن الرزء في يوسف كان قاعدة مصيباته التي ترتبت عليها الرزايا والخطوب ولأن حبه ليوسف كان حبا خاصا لا يؤثر فيه مرور الأعوام ... ولأن من شأن المصيبة الجديدة أن تذكر بالمصيبة السابقة عليها، وتهيج أحزانها، وقد عبر عن هذا المعنى متمم ابن نويرة في رثائه لأخيه مالك فقال:لقد لامنى عند القبور على البكا ... رفيقي لتذراف الدموع السوافكفقال أتبكي كل قبر رأيته ... لقبر ثوى بين اللوى والدكادكفقلت له: إن الشجى يبعث الشجى ... فدعني، فهذا كله قبر مالكوقال صاحب الكشاف: «فإن قلت: كيف جاز لنبي الله يعقوب أن يبلغ به الجزع ذلك المبلغ؟قلت: الإنسان مجبول على أن لا يملك نفسه عند الشدائد من الحزن.ولقد بكى النبي صلى الله عليه وسلم على ولده إبراهيم وقال: إن العين تدمع، والقلب يحزن، ولا نقول إلا ما يرضى ربنا، وإنا بفراقك يا إبراهيم لمحزونون.وإنما الجزع المذموم ما يقع من الجهلة من الصياح والنياحة، ولطم الصدور والوجوه وتمزيق الثياب.وعن الحسن أنه بكى على ولد له، فقيل له في ذلك؟ فقال: ما رأيت الله جعل الحزن عارا على يعقوب» .
12:85
قَالُوْا تَاللّٰهِ تَفْتَؤُا تَذْكُرُ یُوْسُفَ حَتّٰى تَكُوْنَ حَرَضًا اَوْ تَكُوْنَ مِنَ الْهٰلِكِیْنَ(۸۵)
بولے (ف۱۹۵) خدا کی قسم! آپ ہمیشہ یوسف کی یاد کرتے رہیں گے یہاں تک کہ گور کنارے جا لگیں یا جان سے گزر جائیں،

ثم يحكى القرآن ما قاله أبناء يعقوب له، وقد رأوه على هذه الصورة من الهم والحزن فيقول: قالُوا تَاللَّهِ تَفْتَؤُا تَذْكُرُ يُوسُفَ حَتَّى تَكُونَ حَرَضاً أَوْ تَكُونَ مِنَ الْهالِكِينَ.قال الشوكانى: قوله «تفتأ» أى: لا تفتأ، فحذف حرف النفي لأمن اللبس. قال الكسائي: فتأت وفتئت أفعل كذا: أى ما زلت أفعل كذا.وقال الفراء: إن «لا» مضمرة. أى لا تفتأ ... ومنه قول الشاعر:فقلت يمين الله أبرح قاعدا ... ولو قطعوا رأسى لديك وأوصالىأى: «لا أبرح قاعدا ... » .و «حرضا» مصدر حرض. كتعب- والحرض: الإشراف على الهلاك من شدة الحزن أو المرض أو غيرهما.والمعنى: قال أبناء يعقوب له بعد أن سمعوه وهو يتحسر على فراق يوسف له: تالله- يا أبانا- ما تزال تذكر يوسف بهذا الحنين الجارف، والحزن المضنى، «حتى تكون حرضا» . أى: مشرفا على الموت لطول مرضك.«أو تكون من الهالكين» المفارقين لهذه الدنيا.
12:86
قَالَ اِنَّمَاۤ اَشْكُوْا بَثِّیْ وَ حُزْنِیْۤ اِلَى اللّٰهِ وَ اَعْلَمُ مِنَ اللّٰهِ مَا لَا تَعْلَمُوْنَ(۸۶)
کہا میں تو اپنی پریشانی اور غم کی فریاد اللہ ہی سے کرتا ہوں (ف۱۹۶) اور مجھے اللہ کی وہ شانیں معلوم ہیں جو تم نہیں جانتے (ف۱۹۷)

وهنا يرد عليهم الأب الذي يشعر بغير ما يشعرون به من ألم وأمل ... قالَ إِنَّما أَشْكُوا بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ وَأَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ ما لا تَعْلَمُونَ.و «البث» ما ينزل بالإنسان من مصائب يعظم حزن صاحبها بسببها. حتى أنه لا يستطيع إخفاء هذا الحزن، وأصله التفريق وإثارة الشيء ومنه قولهم: بثت الريح التراب إذا فرقته.قالوا: والإنسان إذا قدر على كتم ما نزل به من المصائب كان حزنا، وإذا لم يقدر على كتمه كان بثا ...والمعنى: قال يعقوب لأولاده الذين لاموه على شدة حزنه على يوسف: إنما أشكو، «بثي» أى: همي الذي انطوى عليه صدري «إلى الله» - تعالى- وحده، لا إلى غيره، فهو العليم بحالي، وهو القادر على تفريج كربى، فاتركوني وشأنى مع ربي وخالقي. فإنى «أعلم من الله» أى: من لطفه وإحسانه وثوابه على الصبر على المصيبة «ما لا تعلمون» أنتم، وإنى لأرجو أن يرحمني وأن يلطف بي، وأن يجمع شملي بمن فارقنى من أولادى، فإن حسن ظني به- سبحانه- عظيم.قال صاحب الظلال: «وفي هذه الكلمات- التي حكاها القرآن عن يعقوب- عليه السلام-، يتجلى الشعور بحقيقة الألوهية في هذا القلب الموصول، كما تتجلى هذه الحقيقة ذاتها بجلالها الغامر، ولألائها الباهر.إن هذا الواقع الظاهر الميئس من يوسف، وهذا المدى الطويل الذي يقطع الرجاء من حياته فضلا عن عودته إلى أبيه ... إن هذا كله لا يؤثر شيئا في شعور الرجل الصالح بربه، فهو يعلم من حقيقة ربه ومن شأنه ما لا يعلمه هؤلاء المحجوبون عن تلك الحقيقة ...وهذه قيمة الإيمان بالله ...إن هذه الكلمات «أعلم من الله ما لا تعلمون» تجلو هذه الحقيقة بما لا تملك كلماتنا نحن أن تجلوها. وتعرض مذاقا يعرفه من ذاق مثله، فيدرك ماذا تعنى هذه الكلمات في نفس العبد الصالح يعقوب ... والقلب الذي ذاق هذا المذاق، لا تبلغ الشدائد منه- مهما- بلغت إلا أن يتعمق اللمس والمشاهدة والمذاق ... » .
12:87
یٰبَنِیَّ اذْهَبُوْا فَتَحَسَّسُوْا مِنْ یُّوْسُفَ وَ اَخِیْهِ وَ لَا تَایْــٴَـسُوْا مِنْ رَّوْحِ اللّٰهِؕ-اِنَّهٗ لَا یَایْــٴَـسُ مِنْ رَّوْحِ اللّٰهِ اِلَّا الْقَوْمُ الْكٰفِرُوْنَ(۸۷)
اے بیٹو! جا ؤ یوسف اور اس کے بھائی کا سراغ لگاؤ اور اللہ کی رحمت سے مایوس نہ ہو، بیشک اللہ کی رحمت سے نا امید نہیں ہوتے مگر کافر لوگ (ف۱۹۸)

ثم يمضى يعقوب- عليه السلام- في رده على أولاده فيأمرهم أن يواصلوا بحثهم عن يوسف وأخيه، وأن لا يقنطوا من رحمة الله فيقول: يا بَنِيَّ اذْهَبُوا فَتَحَسَّسُوا مِنْ يُوسُفَ وَأَخِيهِ وَلا تَيْأَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِنَّهُ لا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكافِرُونَ.والتحسس: هو طلب الشيء بطريق الحواس بدقة وحكمة وصبر على البحث.أى: قال يعقوب لأبنائه: يا بنى «اذهبوا» إلى أرض مصر وإلى أى مكان تتوقعون فيه وجود يوسف وأخيه «فتحسسوا» أمرهما. وتخبروا خبرهما، وتعرفوا نبأهما بدون كلل أو ملل.وفي التعبير بقوله «فتحسسوا» إشارة إلى أمره لهم بالبحث الجاد الحكيم المتأنى «ولا تيأسوا من روح الله» أى: ولا تقنطوا من فرج الله وسعة رحمته، وأصل معنى الروح التنفس. يقال: أراح الإنسان إذا تنفس، ثم استعير لحلول الفرج.وكلمة «روح» - بفتح الراء- أدل على هذا المعنى، لما فيها من ظل الاسترواح من الكرب الخانق بما تتنسمه الأرواح من رحمة الله.وقوله إِنَّهُ لا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكافِرُونَ تعليل لحضهم على التحسس أى: لا تقصروا في البحث عن يوسف وأخيه، ولا تقنطوا من رحمة الله، فإنه لا يقنط من رحمة الله إلا القوم الكافرون، لعدم علمهم بالله- تعالى- وبصفاته وبعظيم قدرته، وبواسع رحمته ...أما المؤمنون فإنهم لا ييأسون من فرج الله أبدا، حتى ولو أحاطت بهم الكروب، واشتدت عليهم المصائب ...واستجاب الأبناء لنصيحة أبيهم، فأعدوا عدتهم للرحيل إلى مصر للمرة الثالثة، ثم ساروا في طريقهم حتى دخلوها، والتقوا بعزيز مصر الذي احتجز أخاهم بنيامين، وتحكى السورة الكريمة ما دار بينهم وبينه فتقول:
12:88
فَلَمَّا دَخَلُوْا عَلَیْهِ قَالُوْا یٰۤاَیُّهَا الْعَزِیْزُ مَسَّنَا وَ اَهْلَنَا الضُّرُّ وَ جِئْنَا بِبِضَاعَةٍ مُّزْجٰىةٍ فَاَوْفِ لَنَا الْكَیْلَ وَ تَصَدَّقْ عَلَیْنَاؕ-اِنَّ اللّٰهَ یَجْزِی الْمُتَصَدِّقِیْنَ(۸۸)
پھر جب وہ یوسف کے پاس پہنچے بولے اے عزیز ہمیں اور ہمارے گھر والوں کو مصیبت پہنچی (ف۱۹۹) اور ہم بے قدر پونجی لے کر آئے ہیں (ف۲۰۰) تو آپ ہمیں پورا ناپ دیجئے (ف۲۰۱) اور ہم پر خیرات کیجئے (ف۲۰۲) بیشک اللہ خیرات والوں کو صلہ دیتا ہے (ف۲۰۳)

وقوله- تعالى- فَلَمَّا دَخَلُوا عَلَيْهِ قالُوا يا أَيُّهَا الْعَزِيزُ مَسَّنا وَأَهْلَنَا الضُّرُّ وَجِئْنا بِبِضاعَةٍ مُزْجاةٍ فَأَوْفِ لَنَا الْكَيْلَ وَتَصَدَّقْ عَلَيْنا ... حكاية لما قاله إخوة يوسف له، بعد أن امتثلوا أمر أبيهم، فخرجوا إلى مصر للمرة الثالثة، ليتحسسوا من يوسف وأخيه، وليشتروا من عزيزها ما هم في حاجة إليه من طعام.والبضاعة: هي القطعة من المال، يقصد بها شراء شيء.والمزجاة: هي القليلة الرديئة التي ينصرف عنها التجار إهمالا لها.قالوا: وكانت بضاعتهم دراهم زيوفا لا تؤخذ إلا بوضيعة- أى: بأقل قيمة- وقيل غير ذلك.وأصل الإزجاء: السوق والدفع قليلا قليلا، ومنه قوله- تعالى- أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُزْجِي سَحاباً.... أى: يرسله رويدا رويدا ...وسميت البضاعة الرديئة القليلة مزجاة، لأنها ترد وتدفع ولا يقبلها التجار إلا بأبخس الأثمان.والمعنى: وقال إخوة يوسف له بأدب واستعطاف، بعد أن دخلوا عليه للمرة الثالثة «يا أيها العزيز» أى: الملك صاحب الجاه والسلطان والسعة في الرزق، «مسنا وأهلنا الضر» أى:أصابنا وأصاب أهلنا معنا الفقر والجدب والهزل من شدة الجوع.وَجِئْنا بِبِضاعَةٍ مُزْجاةٍ أى: وجئنا معنا من بلادنا ببضاعة قليلة رديئة يردها وينصرف عنها كل من يراها من التجار، إهمالا لها، واحتقارا لشأنها.وإنما قالوا له ذلك: استدرارا لعطفه، وتحريكا لمروءته وسخائه، قبل أن يخبروه بمطلبهم الذي حكاه القرآن في قوله:فَأَوْفِ لَنَا الْكَيْلَ وَتَصَدَّقْ عَلَيْنا ... أى: هذا هو حالنا شرحناه لك، وهو يدعو إلى الشفقة والرحمة، ما دام أمرنا كذلك، فأتمم لنا كيلنا ولا تنقص منه شيئا، وتصدق علينا فوق حقنا بما أنت أهل له من كرم ورحمة إِنَّ اللَّهَ يَجْزِي الْمُتَصَدِّقِينَ على غيرهم جزاء كريما حسنا ويبدو أن يوسف- عليه السلام- قد تأثر بما أصابهم من ضر وضيق حال، تأثرا جعله لا يستطيع أن يخفى حقيقته عنهم أكثر من ذلك، فبادرهم بقوله: قالَ: هَلْ عَلِمْتُمْ ما فَعَلْتُمْ بِيُوسُفَ وَأَخِيهِ إِذْ أَنْتُمْ جاهِلُونَ.
12:89
قَالَ هَلْ عَلِمْتُمْ مَّا فَعَلْتُمْ بِیُوْسُفَ وَ اَخِیْهِ اِذْ اَنْتُمْ جٰهِلُوْنَ(۸۹)
بولے کچھ خبر ہے تم نے یوسف اور اس کے بھائی کے ساتھ کیا کِیا تھا جب تم نادان تھے (ف۲۰۴)

أى: قال لهم يوسف- عليه السلام- على سبيل التعريض بهم، والتذكير بأخطائهم:هل علمتم ما فعلتموه بيوسف وأخيه من أذى وعدوان عليهما، وقت أن كنتم تجهلون سوء عاقبة هذا الأذى والعدوان.قالوا: وقوله هذا يدل على سمو أخلاقه حتى لكأنه يلتمس لهم العذر، لأن ما فعلوه معه ومع أخيه كان في وقت جهلهم وقصور عقولهم، وعدم علمهم بقبح ما أقدموا عليه ...وقيل: نفى عنهم العلم وأثبت لهم الجهل، لأنهم لم يعملوا بمقتضى علمهم.والأول أولى وأقرب إلى ما يدل عليه سياق الآيات بعد ذلك، من عفوه عنهم، وطلب المغفرة لهم.
12:90
قَالُوْۤا ءَاِنَّكَ لَاَنْتَ یُوْسُفُؕ-قَالَ اَنَا یُوْسُفُ وَ هٰذَاۤ اَخِیْ٘-قَدْ مَنَّ اللّٰهُ عَلَیْنَاؕ-اِنَّهٗ مَنْ یَّتَّقِ وَ یَصْبِرْ فَاِنَّ اللّٰهَ لَا یُضِیْعُ اَجْرَ الْمُحْسِنِیْنَ(۹۰)
بولے کیا سچ مچ آپ ہی یوسف ہیں، کہا میں یوسف ہوں اور یہ میرا بھائی، بیشک اللہ نے ہم پر احسان کیا (ف۲۰۵) بیشک جو پرہیزگاری اور صبر کرے تو اللہ نیکوں کا نیگ (اجر) ضائع نہیں کرتا (ف۲۰۶)

وهنا يعود إلى الإخوة صوابهم، وتلوح لهم سمات أخيهم يوسف، فيقولون له في دهشة وتعجب قالُوا أَإِنَّكَ لَأَنْتَ يُوسُفُ؟.أى: أإنك لأنت أخونا يوسف الذي أكرمنا ... والذي فارقناه وهو صغير فأصبح الآن عزيز مصر، والمتصرف في شئونها؟ ..فرد عليهم بقوله قالَ أَنَا يُوسُفُ الذي تتحدثون عنه. والذي فعلتم معه ما فعلتم ...«وهذا أخى» بنيامين الذي ألهمنى الله الفعل الذي عن طريقه احتجزته عندي، ولم أرسله معكم ...«قد منّ الله» - تعالى- «علينا» حيث جمعنا بعد فراق طويل، وبدل أحوالنا من عسر إلى يسر ومن ضيق إلى فرج ...ثم علل ذلك بما حكاه القرآن عنه في قوله إِنَّهُ مَنْ يَتَّقِ وَيَصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ.أى: إن من شأن الإنسان الذي يتقى الله- تعالى- ويصون نفسه عن كل ما لا يرضاه، ويصبر على قضائه وقدره، فإنه- تعالى- يرحمه برحمته، ويكرمه بكرمه، لأنه- سبحانه- لا يضيع أجر من أحسن عملا، وتلك سنته- سبحانه- التي لا تتخلف ...
12:91
قَالُوْا تَاللّٰهِ لَقَدْ اٰثَرَكَ اللّٰهُ عَلَیْنَا وَ اِنْ كُنَّا لَخٰطِـٕیْنَ(۹۱)
بولے خدا کی قسم! بیشک اللہ نے آپ کو ہم پر فضیلت دی اور بیشک ہم خطاوار تھے (ف۲۰۷)

وهنا يتجسد في أذهان إخوة يوسف ما فعلوه معه في الماضي، فينتابهم الخزي والخجل، حيث قابل إساءتهم إليه بالإحسان عليهم، فقالوا له في استعطاف وتذلل: قالُوا تَاللَّهِ لَقَدْ آثَرَكَ اللَّهُ عَلَيْنا، وَإِنْ كُنَّا لَخاطِئِينَ أى: نقسم بالله- تعالى- لقد اختارك الله- تعالى- لرسالته، وفضلك علينا بالتقوى وبالصبر وبكل الصفات الكريمة.أما نحن فقد كنا خاطئين فيما فعلناه معك، ومتعمدين لما ارتكبناه في حقك من جرائم، ولذلك أعزك الله- تعالى- وأذلنا، وأغناك وأفقرنا، ونرجو منك الصفح والعفو.
12:92
قَالَ لَا تَثْرِیْبَ عَلَیْكُمُ الْیَوْمَؕ-یَغْفِرُ اللّٰهُ لَكُمْ٘-وَ هُوَ اَرْحَمُ الرّٰحِمِیْنَ(۹۲)
کہا آج (ف۲۰۸) تم پر کچھ ملامت نہیں، اللہ تمہیں معاف کرے، اور وہ سب مہربانوں سے بڑھ کر مہربان ہے (ف۲۰۹)

فرد عليهم يوسف- عليه السلام- بقوله: قالَ لا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ.والتثريب: التعيير والتوبيخ والتأنيب. وأصله كما يقول الآلوسى: من الثرب، وهو الشحم الرقيق في الجوف وعلى الكرش ... فاستعير للتأنيب الذي يمزق الأعراض ويذهب بهاء الوجه، لأنه بإزالة الشحم يبدو الهزال، كما أنه بالتأنيب واللوم تظهر العيوب، فالجامع بينهما طريان النقص بعد الكمال.أى: قال يوسف لإخوته على سبيل الصفح والعفو يا إخوتى: لا لوم ولا تأنيب ولا تعيير عليكم اليوم، فقد عفوت عما صدر منكم في حقي وفي حق أخى من أخطاء وآثام وأرجو الله- تعالى- أن يغفر لكم ما فرط منكم من ذنوب وهو- سبحانه- أرحم الراحمين بعباده.وقوله «لا تثريب» اسم لا النافية للجنس، و «عليكم» متعلق بمحذوف خبر لا، و «اليوم» متعلق بذلك الخبر المحذوف.أى: لا تقريع ولا تأنيب ثابت أو مستقر عليكم اليوم.وليس التقييد باليوم لإفادة أن التقريع ثابت في غيره، بل المراد نفيه عنهم في كل ما مضى من الزمان، لأن الإنسان إذا لم يوبخ صاحبه في أول لقاء معه على أخطائه فلأن يترك ذلك بعد أول لقاء أولى.
12:93
اِذْهَبُوْا بِقَمِیْصِیْ هٰذَا فَاَلْقُوْهُ عَلٰى وَجْهِ اَبِیْ یَاْتِ بَصِیْرًاۚ-وَ اْتُوْنِیْ بِاَهْلِكُمْ اَجْمَعِیْنَ۠(۹۳)
میرا یہ کرتا لے جاؤ (ف۲۱۰) اسے میرے باپ کے منہ پر ڈالو ان کی آنکھیں کھل جائیں گی اور اپنے سب گھر بھر کو میرے پاس لے آ ؤ،

ثم انتقل يوسف- عليه السلام- من الحديث عن الصفح عنهم إلى الحديث عن أبيه الذي ابيضت عيناه عليه من الحزن فقال:اذْهَبُوا بِقَمِيصِي هذا فَأَلْقُوهُ عَلى وَجْهِ أَبِي يَأْتِ بَصِيراً وَأْتُونِي بِأَهْلِكُمْ أَجْمَعِينَ.أى. اذهبوا يا إخوتى بقميصي هذا «فألقوه على وجه أبى» الذي طال حزنه بسبب فراقي له «يأت بصيرا» أى يرتد إليه كامل بصره، بعد أن ضعف من شدة الحزن.«وأتونى» معه إلى هنا ومعكم أهلكم جميعا من رجال ونساء وأطفال.وقول يوسف هذا إنما هو بوحي من الله- تعالى- فهو- سبحانه- الذي ألهمه أن إلقاء قميصه على وجه أبيه يؤدى إلى ارتداد بصره إليه كاملا، وهذا من باب خرق العادة بالنسبة لهذين النبيين الكريمين.
12:94
وَ لَمَّا فَصَلَتِ الْعِیْرُ قَالَ اَبُوْهُمْ اِنِّیْ لَاَجِدُ رِیْحَ یُوْسُفَ لَوْ لَاۤ اَنْ تُفَنِّدُوْنِ(۹۴)
جب قافلہ مصر سے جدا ہوا (ف۲۱۱) یہاں ان کے باپ نے (ف۲۱۲) کہا بیشک میں یوسف کی خوشبو پا تا ہوں اگر مجھے یہ نہ کہو کہ سٹھ (بہک) گیا ہے،

واستجاب الإخوة لتوجيه يوسف، فأخذوا قميصه وعادوا إلى أوطانهم ويصور القرآن ما حدث فيقول: وَلَمَّا فَصَلَتِ الْعِيرُ قالَ أَبُوهُمْ إِنِّي لَأَجِدُ رِيحَ يُوسُفَ لَوْلا أَنْ تُفَنِّدُونِ.و «فصلت العير» أى خرجت من مكان إلى مكان آخر. يقال: فصل فلان من بلده كذا فصولا، إذا جاوز حدودها إلى حدود بلدة أخرى.و «تفندون» من الفند وهو ضعف العقل بسبب المرض والتقدم في السن.والمعنى: وحين غادرت الإبل التي تحمل إخوة يوسف حدود مصر، وأخذت طريقها إلى الأرض التي يسكنها يعقوب وبنوه، قال يعقوب- عليه السلام- لمن كان جالسا معه من أهله وأقاربه، استمعوا إلى «إنى لأجد ريح يوسف» .أى: رائحته التي تدل عليه، وتشير إلى قرب لقائي به.و «لولا» أن تنسبونى إلى الفند وضعف العقل لصدقتمونى فيما قلت، أو لولا أن تنسبونى إلى ذلك لقلت لكم إنى أشعر أن لقائي بيوسف قد اقترب وقته وحان زمانه.فجواب لولا محذوف لدلالة الكلام عليه.وقد أشم الله- تعالى- يعقوب- عليه السلام- ما عبق من القميص من رائحة يوسف من مسيرة أيام، وهي معجزة ظاهرة له- عليه الصلاة والسلام-.وقال الإمام مالك- رحمه الله- أوصل الله- تعالى- ريح قميص يوسف ليعقوب، كما أوصل عرش بلقيس إلى سليمان قبل أن يرتد إلى سليمان طرفه.
12:95
قَالُوْا تَاللّٰهِ اِنَّكَ لَفِیْ ضَلٰلِكَ الْقَدِیْمِ(۹۵)
بیٹے بولے خدا کی قسم! آپ اپنی اسی پرانی خود رفتگی میں ہیں (ف۲۱۳)

ولكن المحيطين بيعقوب الذين قال لهم هذا القول، لم يشموا ما شمه، ولم يجدوا ما وجده، فردوا عليه بقولهم: قالُوا تَاللَّهِ إِنَّكَ لَفِي ضَلالِكَ الْقَدِيمِ.قالوا له على سبيل التسلية: إنك يا يعقوب ما زلت غارقا في خطئك القديم الذي لا تريد أن يفارقك. وهو حبك ليوسف وأملك في لقائه والإكثار من ذكره.
12:96
فَلَمَّاۤ اَنْ جَآءَ الْبَشِیْرُ اَلْقٰىهُ عَلٰى وَجْهِهٖ فَارْتَدَّ بَصِیْرًاۚ-قَالَ اَلَمْ اَقُلْ لَّكُمْ ﳐ اِنِّیْۤ اَعْلَمُ مِنَ اللّٰهِ مَا لَا تَعْلَمُوْنَ(۹۶)
پھر جب خوشی سنانے والا آیا (ف۲۱۴) اس نے وہ کرتا یعقوب کے منہ پر ڈالا اسی وقت اس کی آنکھیں پھر آئیں (دیکھنے لگیں) کہ میں نہ کہتا تھا کہ مجھے اللہ کی وہ شانیں معلوم ہیں جو تم نہیں جانتے (ف۲۱۵)

وتحقق ما وجده يعقوب من رائحة يوسف ... وحل أوان المفاجأة التي حكاها القرآن في قوله فَلَمَّا أَنْ جاءَ الْبَشِيرُ أَلْقاهُ عَلى وَجْهِهِ فَارْتَدَّ بَصِيراً، قالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ ما لا تَعْلَمُونَ.أى: وحين اقترب أبناء يعقوب من دار أبيهم، تقدم البشير الذي يحمل قميص يوسف إلى يعقوب، فألقى القميص على وجهه فعاد إلى يعقوب بصره كأن لم يكن به ضعف أو مرض من قبل ذلك.وهذه معجزة أكرم الله- تعالى- بها نبيه يعقوب- عليه السلام- حيث رد إليه بصره بسبب إلقاء قميص يوسف على وجهه.وهنا قال يعقوب لأبنائه ولمن أنكر عليه قوله إِنِّي لَأَجِدُ رِيحَ يُوسُفَ أَلَمْ أَقُلْ قبل ذلك إِنِّي أَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ أى: من رحمته وفضله وإحسانه ما لا تَعْلَمُونَ أنتم.
12:97
قَالُوْا یٰۤاَبَانَا اسْتَغْفِرْ لَنَا ذُنُوْبَنَاۤ اِنَّا كُنَّا خٰطِـٕیْنَ(۹۷)
بولے اے ہمارے باپ! ہمارے گناہوں کی معافی مانگئے بیشک ہم خطاوار ہیں،

وهنا قال الأبناء لأبيهم في تذلل واستعطاف: يا أَبانَا اسْتَغْفِرْ لَنا ذُنُوبَنا.أى: تضرع إلى الله- تعالى- أن يغفر لنا ما فرط منا من ذنوب في حقك وفي حق أخوينا يوسف وبنيامين.إِنَّا كُنَّا خاطِئِينَ في حقك وفي حق أخوينا، ومن شأن الكريم أن يصفح ويعفو عمن اعترف له بالخطإ.
12:98
قَالَ سَوْفَ اَسْتَغْفِرُ لَكُمْ رَبِّیْؕ-اِنَّهٗ هُوَ الْغَفُوْرُ الرَّحِیْمُ(۹۸)
کہا جلد میں تمہاری بخشش اپنے رب سے چاہو ں گا، بیشک وہی بخشنے والا مہربان ہے (ف۲۱۶)

فكان رد أبيهم عليهم أن قال لهم سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ رَبِّي أى: سوف أتضرع إلى ربي لكي يغفر لكم ذنوبكم.إِنَّهُ- سبحانه- هُوَ الْغَفُورُ أى الكثير المغفرة الرَّحِيمُ أى: الكثير الرحمة لمن شاء أن يغفر له ويرحمه من عباده.وهكذا صورت لنا السورة الكريمة ما دار بين يوسف وإخوته، وبين يعقوب وبنيه في هذا اللقاء المثير الحافل بالمفاجآت والبشارات.ولكن الأمر لم ينته عند هذا الحد، فقد كانت هناك مفاجآت وبشارات أخرى تحققت معها رؤيا يوسف وهو صغير، كما تحقق معها تأويل يعقوب لها فقد هاجر يعقوب ببنيه وأهله إلى مصر للقاء ابنه يوسف، وهناك اجتمع شملهم واستمع إلى القرآن الكريم وهو يحكى ذلك في نهاية القصة فيقول:
12:99
فَلَمَّا دَخَلُوْا عَلٰى یُوْسُفَ اٰوٰۤى اِلَیْهِ اَبَوَیْهِ وَ قَالَ ادْخُلُوْا مِصْرَ اِنْ شَآءَ اللّٰهُ اٰمِنِیْنَؕ(۹۹)
پھر جب وہ سب یوسف کے پاس پہنچے اس نے اپنے ماں (ف۲۱۷) باپ کو اپنے پاس جگہ دی اور کہا مصر میں (ف۲۱۸) داخل ہو اللہ چاہے تو امان کے ساتھ (ف۲۱۹)

وقوله- سبحانه- فَلَمَّا دَخَلُوا عَلى يُوسُفَ آوى إِلَيْهِ أَبَوَيْهِ ... معطوف على كلام محذوف والتقدير:استجاب إخوة يوسف لقوله لهم: اذْهَبُوا بِقَمِيصِي هذا فَأَلْقُوهُ عَلى وَجْهِ أَبِي يَأْتِ بَصِيراً وَأْتُونِي بِأَهْلِكُمْ أَجْمَعِينَ فأتوا بأهلهم أجمعين، حيث رحلوا جميعا من بلادهم إلى مصر ومعهم أبوهم، فلما وصلوا إليها ودخلوا على يوسف، ضم إليه أبويه وعانقهما عناقا حارا.وقال للجميع ادْخُلُوا بلاد مِصْرَ إِنْ شاءَ اللَّهُ آمِنِينَ من الجوع والخوف.وقد ذكر المفسرون هنا كلاما يدل على أن يوسف- عليه السلام- وحاشيته ووجهاء مصر، عند ما بلغهم قدوم يعقوب بأسرته إلى مصر، خرجوا جميعا لاستقبالهم كما ذكروا أن المراد بأبويه: أبوه وخالته، لأن أمه ماتت وهو صغير.إلا أن ابن كثير قال: «قال محمد بن إسحاق وابن جرير: كان أبوه وأمه يعيشان، وأنه لم يقم دليل على موت أمه، وظاهر القرآن يدل على حياتها» ...ثم قال: «وهذا الذي ذكره ابن جرير، هو الذي يدل عليه السياق» .والمراد بدخول مصر: الاستقرار بها، والسكن في ربوعها.قالوا: وكان عدد أفراد أسرة يعقوب الذين حضروا معه ليقيموا في مصر ما بين الثمانين والتسعين.
12:100
وَ رَفَعَ اَبَوَیْهِ عَلَى الْعَرْشِ وَ خَرُّوْا لَهٗ سُجَّدًاۚ-وَ قَالَ یٰۤاَبَتِ هٰذَا تَاْوِیْلُ رُءْیَایَ مِنْ قَبْلُ٘-قَدْ جَعَلَهَا رَبِّیْ حَقًّاؕ-وَ قَدْ اَحْسَنَ بِیْۤ اِذْ اَخْرَجَنِیْ مِنَ السِّجْنِ وَ جَآءَ بِكُمْ مِّنَ الْبَدْوِ مِنْۢ بَعْدِ اَنْ نَّزَغَ الشَّیْطٰنُ بَیْنِیْ وَ بَیْنَ اِخْوَتِیْؕ-اِنَّ رَبِّیْ لَطِیْفٌ لِّمَا یَشَآءُؕ-اِنَّهٗ هُوَ الْعَلِیْمُ الْحَكِیْمُ(۱۰۰)
اور اپنے ماں باپ کو تخت پر بٹھایا اور سب (ف۲۲۰) اس کے لیے سجدے میں گرے (ف۲۲۱) اور یوسف نے کہا اے میرے باپ یہ میرے پہلے خواب کی تعبیر ہے (ف۲۲۲) بیشک اسے میرے رب نے سچا کیا، اور بیشک اس نے مجھ پر احسان کیا کہ مجھے قید سے نکالا (ف۲۲۳) اور آپ سب کو گاؤں سے لے آیا بعد اس کے کہ شیطان نے مجھ میں اور میرے بھائیوں میں ناچاقی کرادی تھی، بیشک میرا رب جس بات کو چاہے آسان کردے بیشک وہی علم و حکمت والا ہے (ف۲۲۴)

والمراد بالعرش في قوله وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ السرير الذي يجلس عليه.أى: وأجلس يوسف أبويه معه على السرير الذي يجلس عليه، تكريما لهما، وإعلاء من شأنهما.وَخَرُّوا لَهُ سُجَّداً أى: وخر يعقوب وأسرته ساجدين من أجل يوسف، وكان ذلك جائزا في شريعتهم على أنه لون من التحية، وليس المقصود به السجود الشرعي لأنه لا يكون إلا لله- تعالى-.«وقال» يوسف متحدثا بنعمة الله يا أَبَتِ هذا تَأْوِيلُ رُءْيايَ مِنْ قَبْلُ قَدْ جَعَلَها رَبِّي حَقًّا....أى: وقال يوسف لأبيه: هذا السجود الذي سجدتموه لي الآن، هو تفسير رؤياي التي رأيتها في صغرى. فقد جعل ربي هذه الرؤيا حقا، وأرانى تأويلها وتفسيرها بعد أن مضى عليها الزمن الطويل.قالوا: وكان بين الرؤيا وبين ظهور تأويلها أربعون سنة.والمراد بهذه الرؤيا ما أشار إليه القرآن في مطلع هذه السورة في قوله يا أَبَتِ إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَباً وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي ساجِدِينَ.ثم قال يوسف لأبيه أيضا: وَقَدْ أَحْسَنَ بِي ربي- عز وجل- إِذْ أَخْرَجَنِي مِنَ السِّجْنِ بعد أن مكثت بين جدرانه بضع سنين.وعدى فعل الإحسان بالباء مع أن الأصل فيه أن يتعدى بإلى، لتضمنه معنى اللطف ولم يذكر نعمة إخراجه من الجب، حتى لا يجرح شعور إخوته الذين سبق أن قال لهم:لا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ.وقوله وَجاءَ بِكُمْ مِنَ الْبَدْوِ معطوف على ما قبله تعدادا لنعم الله- تعالى- أى: وقد أحسن بي ربي حيث أخرجنى من السجن، وأحسن بي أيضا حيث يسر لكم أموركم، وجمعنى بكم في مصر، بعد أن كنتم مقيمين في البادية في أرض كنعان بفلسطين.وقوله مِنْ بَعْدِ أَنْ نَزَغَ الشَّيْطانُ بَيْنِي وَبَيْنَ إِخْوَتِي أى جمعنى بكم من بعد أن أفسد الشيطان بيني وبين إخوتى، حيث حملهم على أن يلقوا بي في الجب.وأصل نَزَغَ من النزغ بمعنى النخس والدفع. يقال: نزغ الراكب دابته إذا نخسها ودفعها لتسرع في سيرها.وأسند النزغ إلى الشيطان، لأنه هو الموسوس به، والدافع إليه، ولأن في ذلك سترا على إخوته وتأدبا معهم.وقوله إِنَّ رَبِّي لَطِيفٌ لِما يَشاءُ إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ تذييل قصد به الثناء على الله- تعالى- بما هو أهله.أى: إن ربي وخالقي، لطيف التدبير لما يشاء تدبيره من أمور عباده، رفيق بهم في جميع شئونهم من حيث لا يعلمون.إنه- سبحانه- هو العليم بأحوال خلقه علما تاما، الحكيم في جميع أقواله وأفعاله.
12:101
رَبِّ قَدْ اٰتَیْتَنِیْ مِنَ الْمُلْكِ وَ عَلَّمْتَنِیْ مِنْ تَاْوِیْلِ الْاَحَادِیْثِۚ-فَاطِرَ السَّمٰوٰتِ وَ الْاَرْضِ- اَنْتَ وَلِیّٖ فِی الدُّنْیَا وَ الْاٰخِرَةِۚ-تَوَفَّنِیْ مُسْلِمًا وَّ اَلْحِقْنِیْ بِالصّٰلِحِیْنَ(۱۰۱)
اے میرے رب بیشک تو نے مجھے ایک سلطنت دی اور مجھے کچھ باتوں کا انجام نکالنا سکھایا، اے آسمانوں اور زمین کے بنانے والے تو میرا کام بنانے والا ہے دنیا اور آخرت میں، مجھے مسلمان اٹھا اور ان سے مِلا جو تیرے قرب خاص کے لائق ہیں (ف۲۲۵)

ثم ختم يوسف- عليه السلام- ثناءه على الله- تعالى- بهذا الدعاء الذي حكاه القرآن عنه في قوله: رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ أى: يا رب قد أعطيتنى شيئا عظيما من الملك والسلطان بفضلك وكرمك.وَعَلَّمْتَنِي- أيضا- شيئا كثيرا مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحادِيثِ أى: من تفسيرها وتعبيرها تعبيرا صادقا بتوفيقك وإحسانك.فاطِرَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ أى: خالقهما على غير مثال سابق، وهو منصوب على النداء بحرف مقدر أى: يا فاطر السموات والأرض.أَنْتَ وَلِيِّي وناصري ومعينى فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ.تَوَفَّنِي عند ما يدركني أجلى على الإسلام، وأبقنى مُسْلِماً مدة حياتي.وَأَلْحِقْنِي في قبري ويوم الحساب بِالصَّالِحِينَ من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا.وبهذا الدعاء الجامع الذي توجه به يوسف إلى ربه- تعالى- يختتم القرآن الكريم قصة يوسف مع أبيه ومع إخوته ومع غيرهم ممن عاشرهم والتقى بهم وهو دعاء يدل على أن يوسف- عليه السلام- لم يشغله الجاه والسلطان ولم يشغله لقاؤه عن طاعة ربه، وعن تذكر الآخرة وما فيها من حساب..وهذا هو شأن المصطفين الأخيار الذين نسأل الله- تعالى- أن يحشرنا معهم، ويلحقنا بهم، ويوفقنا للسير على نهجهم ثم يختتم الله- تعالى- هذه السورة الكريمة بما يدل على أن هذا القرآن من عند الله- تعالى- وبما يدخل التسلية على قلب الرسول صلى الله عليه وسلم وبما يفتح له باب الأمل في النصر على أعدائه ... فيقول:
12:102
ذٰلِكَ مِنْ اَنْۢبَآءِ الْغَیْبِ نُوْحِیْهِ اِلَیْكَۚ-وَ مَا كُنْتَ لَدَیْهِمْ اِذْ اَجْمَعُوْۤا اَمْرَهُمْ وَ هُمْ یَمْكُرُوْنَ(۱۰۲)
یہ کچھ غیب کی خبریں ہیں جو ہم تمہاری طرف وحی کرتے ہیں اور تم ان کے پاس نہ تھے (ف۲۲۶) جب انہوں نے اپنا کام پکا کیا تھا اور وہ داؤں چل رہے تھے (ف۲۲۷)

واسم الإشارة في قوله- سبحانه- ذلِكَ مِنْ أَنْباءِ الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيْكَ.... يعود على ما ذكره الله- تعالى- في هذه السورة من قصص يتعلق بيوسف وإخوته وأبيه وغيرهم، أى: ذلك الذي قصصناه عليك- أيها الرسول الكريم- في هذه السورة، وما قصصناه عليك في غيرها مِنْ أَنْباءِ الْغَيْبِ أى: من الأخبار الغيبية التي لا يعلمها علما تاما شاملا إلا الله- تعالى- وحده.ونحن نُوحِيهِ إِلَيْكَ ونعلمك به لما فيه من العبر والعظات.وقوله: وَما كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ أَجْمَعُوا أَمْرَهُمْ وَهُمْ يَمْكُرُونَ مسوق للتدليل على أن هذا القصص من أنباء الغيب الموحاة إلى النبي صلى الله عليه وسلم.أى: ومما يشهد بأن هذا الذي قصصناه عليك في هذه السورة من أنباء الغيب، أنك- أيها الرسول الكريم- ما كنت حاضرا مع إخوة يوسف، وقت أن أجمعوا أمرهم للمكر به، ثم استقر رأيهم على إلقائه في الجب، وما كنت حاضرا أيضا وقت أن مكرت امرأة العزيز بيوسف، وما كنت مشاهدا لتلك الأحداث المتنوعة التي اشتملت عليها هذه السورة الكريمة، ولكنا أخبرناك بكل ذلك لتقرأه على الناس، ولينتفعوا بما فيه من حكم وأحكام، وعبر وعظات.وشبيه بهذه الآية قوله- تعالى- في خلال قصة نوح- عليه السلام-: تِلْكَ مِنْ أَنْباءِ الْغَيْبِ نُوحِيها إِلَيْكَ ما كُنْتَ تَعْلَمُها أَنْتَ وَلا قَوْمُكَ مِنْ قَبْلِ هذا فَاصْبِرْ إِنَّ الْعاقِبَةَ لِلْمُتَّقِينَ .وقوله- تعالى- في خلال قصة موسى- عليه السلام- وَما كُنْتَ بِجانِبِ الْغَرْبِيِّ إِذْ قَضَيْنا إِلى مُوسَى الْأَمْرَ وَما كُنْتَ مِنَ الشَّاهِدِينَ .وقوله- تعالى- في خلال حديثه عن مريم ذلِكَ مِنْ أَنْباءِ الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيْكَ، وَما كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يُلْقُونَ أَقْلامَهُمْ أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ، وَما كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يَخْتَصِمُونَ .إلى غير ذلك من الآيات التي تدل على أن هذا القرآن من عند الله- تعالى- لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن معاصرا لمن جاء القرآن بقصصهم، ولم يطلع على كتاب فيه خبرهم، فلم يبق لعلمه صلى الله عليه وسلم بذلك طريق إلا طريق الوحى.
12:103
وَ مَاۤ اَكْثَرُ النَّاسِ وَ لَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِیْنَ(۱۰۳)
اور اکثر آدمی تم کتنا ہی چاہو ایمان نہ لائیں گے،

ثم ساق- سبحانه- ما يبعث التسلية والتعزية في قلب النبي صلى الله عليه وسلم فقال:وَما أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ.أى: لقد جئت- أيها الرسول- للناس بدين الفطرة، الذي ترتاح له النفوس وتتقبله القلوب بسرور وانشراح. ولكن أكثر الناس قد استحوذ عليهم الشيطان، فمسخ نفوسهم وقلوبهم، فصاروا مع حرصك على إيمانهم، ومع حرصك على دعوتهم إلى الحق على بصيرة، لا يؤمنون بك، ولا يستجيبون لدعوتك، لاستيلاء المطامع والشهوات والأحقاد على نفوسهم.وفي التعبير بقوله- سبحانه- وَما أَكْثَرُ النَّاسِ ... إشعار بأن هناك قلة من الناس قد استجابت بدون تردد لدعوة النبي صلى الله عليه وسلم، فدخلت في الدين الحق، عن طواعية واختيار.وقوله وَلَوْ حَرَصْتَ جملة معترضة لبيان أنه مهما بالغ النبي صلى الله عليه وسلم في كشف الحق، فإنهم سادرون في ضلالهم وكفرهم، إذ الحرص طلب الشيء باجتهاد.قال الآلوسى ما ملخصه: «سألت قريش واليهود رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قصة يوسف، فنزلت مشروحة شرحا وافيا، فأمل النبي صلى الله عليه وسلم أن يكون ذلك سببا في إسلامهم، فلما لم يفعلوا حزن صلى الله عليه وسلم فعزاه الله- تعالى- بذلك» .
12:104
وَ مَا تَسْــٴَـلُهُمْ عَلَیْهِ مِنْ اَجْرٍؕ-اِنْ هُوَ اِلَّا ذِكْرٌ لِّلْعٰلَمِیْنَ۠(۱۰۴)
اور تم اس پر ان سے کچھ اجرت نہ مانگتے یہ (ف۲۲۸) تو نہیں مگر سارے جہان کو نصیحت،

وقوله وَما تَسْئَلُهُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعالَمِينَ زيادة في تسلية الرسول صلى الله عليه وسلم وفي إعلاء شأنه.أى أنك- أيها الرسول الكريم- ما تسألهم على هذا القرآن الذي تتلوه عليهم لهدايتهم وسعادتهم من أجر ولو كان زهيدا ضئيلا. كما يفعل غيرك من الكهان والأحبار والرهبان ...وإنما تفعل ما تفعل ابتغاء رضا الله- تعالى- ونشر دينه.وقوله إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعالَمِينَ أى: ما هذا القرآن الذي تقرؤه عليهم إلا تذكير وعظة وهداية للعالمين كافة لا يختص به قوم دون قوم، ولا جنس دون جنس.قالوا: وهذه الجملة كالتعليل لما قبلها، لأن التذكير العام لكل الناس، يتنافى مع أخذ الأجرة من البعض دون البعض، وإنما تتأتى الأجرة، إذا كانت الدعوة خاصة وليست عامة.
12:105
وَ كَاَیِّنْ مِّنْ اٰیَةٍ فِی السَّمٰوٰتِ وَ الْاَرْضِ یَمُرُّوْنَ عَلَیْهَا وَ هُمْ عَنْهَا مُعْرِضُوْنَ(۱۰۵)
اور کتنی نشانیاں ہیں (ف۲۲۹) آسمانوں اور زمین میں کہ اکثر لوگ ان پر گزرتے ہیں (ف۲۳۰) اور ان سے بے خبر رہتے ہیں،

ثم بين- سبحانه- أن هؤلاء المشركين تطالعهم الدلائل والبراهين الدالة على وحدانية الله- تعالى- وقدرته، ولكنهم في عمى عنها فقال: وَكَأَيِّنْ مِنْ آيَةٍ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ يَمُرُّونَ عَلَيْها وَهُمْ عَنْها مُعْرِضُونَ.وكَأَيِّنْ كلمة مركبة من كاف التشبيه وأى الاستفهامية المنونة، ثم تنوسى معنى جزئيتها وصارت كلمة واحدة بمعنى كم الخبرية المفيدة للتكثير.والمراد بالآية هنا: العبرة والعظمة الدالة على وحدانية الله وقدرته يمر بها هؤلاء المشركون فلا يلتفتون إليها، ولا يتفكرون فيها، ولا يعتبرون بها، لأن بصائرهم قد انطمست بسبب استحواذ الأهواء والشهوات والعناد عليها.قال ابن كثير ما ملخصه: يخبر- تعالى- في هذه الآية عن غفلة أكثر الناس عن التفكير في آيات الله ودلائل توحيده، بما خلقه- سبحانه- في السموات من كواكب زاهرات، وسيارات وأفلاك ... وفي الأرض من حدائق وجنات، وجبال راسيات، وبحار زاخرات، وحيوانات ونبات ... فسبحان الواحد الأحد، خالق أنواع المخلوقات، المنفرد بالدوام والبقاء والصمدية ... » .
12:106
وَ مَا یُؤْمِنُ اَكْثَرُهُمْ بِاللّٰهِ اِلَّا وَ هُمْ مُّشْرِكُوْنَ(۱۰۶)
اور ان میں اکثر وہ ہیں کہ اللہ پر یقین نہیں لاتے مگر شرک کرتے ہوئے (ف۲۳۱)

ثم بين- سبحانه- أنهم بجانب غفلتهم وجهالتهم، لا يؤمنون إيمانا صحيحا فقال- تعالى- وَما يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ.أى: وما يؤمن أكثر هؤلاء الضالين بالله في إقرارهم بوجوده، وفي اعترافهم بأنه هو الخالق، إلا وهم مشركون به في عقيدتهم وفي عبادتهم وفي تصرفاتهم، فإنهم مع اعترافهم بأن خالقهم وخالق السموات والأرض هو الله لكنهم مع ذلك كانوا يتقربون إلى أصنامهم بالعبادة ويقولون ما نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونا إِلَى اللَّهِ زُلْفى.والآية تشمل كل شرك سواء أكان ظاهرا أم خفيا، كبيرا أم صغيرا. وقد ساق ابن كثير هنا جملة من الأحاديث في هذا المعنى، كلها تنهى عن الشرك أيا كان لونه، منها قوله صلى الله عليه وسلم:عند ما سئل أى الذنب أعظم؟ قال: «أن تجعل لله ندا وهو خلقك» ومنها قوله: «إن الرقى والتمائم والتولة شرك» .ومنها قوله صلى الله عليه وسلم: «إن أخوف ما أخاف عليكم الشرك الأصغر، قالوا: وما الشرك الأصغر؟ قال: الرياء» .ومنها قوله صلى الله عليه وسلم: فيما يرويه عن ربه- عز وجل-: يقول الله- تعالى- «أنا أغنى الشركاء عن الشرك من عمل عملا أشرك فيه معى غيرى، تركته وشركه» .فالآية الكريمة تنهى عن كل شرك، وتدعو إلى إخلاص العبادة والطاعة لله رب العالمين.
12:107
اَفَاَمِنُوْۤا اَنْ تَاْتِیَهُمْ غَاشِیَةٌ مِّنْ عَذَابِ اللّٰهِ اَوْ تَاْتِیَهُمُ السَّاعَةُ بَغْتَةً وَّ هُمْ لَا یَشْعُرُوْنَ(۱۰۷)
کیا اس سے نڈر ہو بیٹھے کہ اللہ کا عذاب انہیں آکر گھیر لے یا قیامت ان پر اچانک آجائے اور انہیں خبر نہ ہو،

ثم هددهم- سبحانه- بحلول قارعة تدمرهم تدميرا فقال- تعالى-: أَفَأَمِنُوا أَنْ تَأْتِيَهُمْ غاشِيَةٌ مِنْ عَذابِ اللَّهِ أَوْ تَأْتِيَهُمُ السَّاعَةُ بَغْتَةً وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ.والغاشية كل ما يغطى الشيء ويستره، والمراد بها: ما يغشاهم ويغمرهم من العذاب.والاستفهام للتوبيخ والتقريع.والمعنى: أفأمن هؤلاء الضالون، أن يأتيهم عذاب من الله- تعالى- يغشاهم ويغمرهم ويشمل كل أجزائهم. وأمنوا أن تأتيهم الساعة فجأة دون أن يسبقها ما يدل عليها، بحيث لا يشعرون بإتيانها إلا عند قيامها.إن كانوا قد أمنوا كل ذلك، فهم في غمرة ساهون، وفي الكفر والطغيان غارقون، فإنه فَلا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخاسِرُونَ.
12:108
قُلْ هٰذِهٖ سَبِیْلِیْۤ اَدْعُوْۤا اِلَى اللّٰهِ ﱘ عَلٰى بَصِیْرَةٍ اَنَا وَ مَنِ اتَّبَعَنِیْؕ-وَ سُبْحٰنَ اللّٰهِ وَ مَاۤ اَنَا مِنَ الْمُشْرِكِیْنَ(۱۰۸)
تم فرماؤ (ف۲۳۲) یہ میری راہ ہے میں اللہ کی طرف بلاتا ہوں میں اور جو میرے قدموں پرچلیں دل کی آنکھیں رکھتے ہیں ۰ف۲۳۳) اور اللہ کو پاکی ہے (ف۲۳۴) اور میں شریک کرنے والا نہیں،

ثم أمر الله- تعالى- نبيه- صلى الله عليه وسلم: أن يسير في طريقه الذي رسمه له، وأن يدعو الناس إليه فقال: قُلْ هذِهِ سَبِيلِي، أَدْعُوا إِلَى اللَّهِ عَلى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي ... والبصيرة:المعرفة التي يتميز بها الحق من الباطل.أى: قل- أيها الرسول الكريم- للناس هذه طريقي وسبيلي واحدة مستقيمة لا عوج فيها ولا شبهة، وهي أنى أدعو إلى إخلاص العبادة لله- تعالى- وحده، ببصيرة مستنيرة، وحجة واضحة، وكذلك أتباعى يفعلون ذلك ... ولن نكفّ عن دعوتنا هذه مهما اعترضتنا العقبات.واسم الإشارة هذِهِ مبتدأ. وسَبِيلِي خبر، وجملة أَدْعُوا إِلَى اللَّهِ عَلى بَصِيرَةٍ ... حالية، وقد جيء بها على سبيل التفسير للطريقة التي انتهجها الرسول صلى الله عليه وسلم في دعوته.وقوله وَسُبْحانَ اللَّهِ وَما أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ تنزيه لله- تعالى- عن كل ما لا يليق به على أبلغ وجه.أى: وأنزه الله- تعالى- تنزيها كاملا عن الشرك والشركاء، وما أنا من المشركين به في عبادته أو طاعته في أى وقت من الأوقات.
12:109
وَ مَاۤ اَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ اِلَّا رِجَالًا نُّوْحِیْۤ اِلَیْهِمْ مِّنْ اَهْلِ الْقُرٰىؕ-اَفَلَمْ یَسِیْرُوْا فِی الْاَرْضِ فَیَنْظُرُوْا كَیْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِیْنَ مِنْ قَبْلِهِمْؕ-وَ لَدَارُ الْاٰخِرَةِ خَیْرٌ لِّلَّذِیْنَ اتَّقَوْاؕ-اَفَلَا تَعْقِلُوْنَ(۱۰۹)
اور ہم نے تم سے پہلے جتنے رسول بھیجے سب مرد ہی تھے (ف۲۳۵) جنہیں ہم وحی کرتے اور سب شہر کے ساکن تھے (ف۲۳۶) تو یہ لوگ زمین پرچلے نہیں تو دیکھتے ان سے پہلوں کا کیا انجام ہوا (ف۲۳۷) اور بیشک آخرت کا گھر پرہیزگاروں کے لیے بہتر تو کیا تمہیں عقل نہیں،

ثم بين- سبحانه- أن رسالته صلى الله عليه وسلم ليست بدعا من بين الرسالات السماوية، وإنما قد سبقه إلى ذلك رجال يشبهونه في الدعوة إلى الله، فقال- تعالى- وَما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ إِلَّا رِجالًا نُوحِي إِلَيْهِمْ مِنْ أَهْلِ الْقُرى....أى: وما أرسلنا من قبلك- أيها الرسول الكريم- لتبليغ أوامرنا ونواهينا إلى الناس، إلا رجالا مثلك، وهؤلاء الرجال اختصصناهم بوحينا ليبلغوه إلى من أرسلوا إليهم، واصطفيناهم من بين أهل القرى والمدائن، لكونهم أصفى عقولا. وأكثر حلما.وإنما جعلنا الرسل من الرجال ولم نجعلهم من الملائكة أو من الجن أو من غيرهم، لأن الجنس إلى جنسه أميل، وأكثرهم تفهما وإدراكا لما يلقى عليه من أبناء جنسه.ثم نعى- سبحانه- على هؤلاء المشركين غفلتهم وجهالتهم فقال: أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ....أى: أوصلت الجهالة والغفلة بهؤلاء المشركين، أنهم لم يتعظوا بما أصاب الجاحدين من قبلهم من عذاب دمرهم تدميرا، وهؤلاء الجاحدون الذين دمروا ما زالت آثار بعضهم باقية وظاهرة في الأرض. وقومك- يا محمد- يمرون عليهم في الصباح وفي المساء وهم في طريقهم إلى بلاد الشام، كقوم صالح وقوم لوط- عليهما السلام-.فالجملة توبيخ شديد لأهل مكة على عدم اعتبارهم بسوء مصير من كان على شاكلتهم في الشرك والجحود.وقوله وَلَدارُ الْآخِرَةِ وما فيها من نعيم دائم خَيْرٌ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا الله- تعالى- وصانوا أنفسهم عن كل ما لا يرضيه.أَفَلا تَعْقِلُونَ أيها المشركون ما خاطبناكم به فيحملكم هذا التعقل والتدبر إلى الدخول في الإيمان، ونبذ الكفر والطغيان.
12:110
حَتّٰۤى اِذَا اسْتَایْــٴَـسَ الرُّسُلُ وَ ظَنُّوْۤا اَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوْا جَآءَهُمْ نَصْرُنَا فَنُجِّیَ مَنْ نَّشَآءُؕ-وَ لَا یُرَدُّ بَاْسُنَا عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِیْنَ(۱۱۰)
یہاں تک جب رسولوں کو ظاہری اسباب کی امید نہ رہی (ف۲۳۸) اور لوگ سمجھے کہ رسولوں نے غلط کہا تھا (ف۲۳۹) اس وقت ہماری مدد آئی تو جسے ہم نے چاہا بچالیا گیا (ف۲۴۰) اور ہمارا عذاب مجرموں سے پھیرا نہیں جاتا،

ثم حكى- سبحانه- سنة من سننه التي لا تتخلف ولا تتبدل فقال: حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا جاءَهُمْ نَصْرُنا....وفي قوله قَدْ كُذِبُوا وردت قراءتان سبعيتان إحداهما بتشديد الذال والثانية بالتخفيف.وعلى القراءتين فالغاية في قوله- تعالى- حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ غاية لكلام محذوف دل عليه السياق.والمعنى على القراءة التي بالتشديد. لقد أرسلنا رسلنا لهداية الناس، فأعرض الكثيرون منهم عن دعوتهم، ووقفوا منهم موقف المنكر والمعاند والمحارب لهدايتهم، وضاق الرسل ذرعا بموقف هؤلاء الجاحدين، حتى إذا استيأس الرسل الكرام من إيمان هؤلاء الجاحدين، وظنوا- أى الرسل- أن أقوامهم الجاحدين قد كذبوهم في كل ما جاءوهم به لكثرة إعراضهم عنهم، وإيذائهم لهم ... أى: حتى إذا ما وصل الرسل إلى هذا الحد من ضيقهم بأقوامهم الجاحدين جاءهم نصرنا الذي لا يتخلف.والمعنى على القراءة الثانية التي هي بالتخفيف: حتى إذا يئس الرسل من إيمان أقوامهم يأسا شديدا، وظن هؤلاء الأقوام أن الرسل قد كذبوا عليهم فيما جاءوهم به، وفيما هددوهم به من عذاب إذا ما استمروا على كفرهم..حتى إذا ما وصل الأمر بالرسل وبالأقوام إلى هذا الحد، جاء نصرنا الذي لا يتخلف إلى هؤلاء الرسل، فضلا منا وكرما..فالضمير في قوله كُذِبُوا بالتشديد يعود على الرسل، أما على قراءة التخفيف كُذِبُوا فيعود إلى الأقوام الجاحدين.ومنهم من جعل الضمير- أيضا- على قراءة كُذِبُوا بالتخفيف يعود على الرسل، فيكون المعنى: حتى إذا استيأس الرسل من إيمان قومهم، وظنوا- أى الرسل- أن نفوسهم قد كذبت عليهم في تحديد موعد انتصارهم على أعدائهم لأن البلاء قد طال. والنصر قد تأخر ... جاءهم- أى الرسل- نصرنا الذي لا يتخلف.قال الشيخ القاسمى في بيان هذا المعنى: قال الحكيم الترمذي: ووجهه- أى هذا القول السابق- أن الرسل كانت تخاف بعد أن وعدهم الله النصر، أن يتخلف النصر، لا عن تهمة بوعد الله، بل عن تهمة لنفوسهم أن تكون قد أحدثت حدثا ينقض ذلك الشرط، فكان النصر إذا طال انتظاره واشتد البلاء عليهم، دخلهم الظن من هذه الجهة» .وهذا يدل على شدة محاسبة الرسل- عليهم الصلاة والسلام- لنفوسهم، وحسن صلتهم بخالقهم- عز وجل-.وقوله- سبحانه- فَنُجِّيَ مَنْ نَشاءُ وَلا يُرَدُّ بَأْسُنا عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ معطوف على ما قبله، ومتفرع عليه.أى: جاءهم نصرنا الذي وعدناهم به، بأن أنزلنا العذاب على أعدائهم، فنجا من نشاء إنجاءه وهم المؤمنون بالرسل، ولا يرد بأسنا وعذابنا عن القوم المجرمين عند نزوله بهم.
12:111
لَقَدْ كَانَ فِیْ قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِّاُولِی الْاَلْبَابِؕ-مَا كَانَ حَدِیْثًا یُّفْتَرٰى وَ لٰكِنْ تَصْدِیْقَ الَّذِیْ بَیْنَ یَدَیْهِ وَ تَفْصِیْلَ كُلِّ شَیْءٍ وَّ هُدًى وَّ رَحْمَةً لِّقَوْمٍ یُّؤْمِنُوْنَ۠(۱۱۱)
بیشک ان کی خبروں سے (ف۲۴۱) عقل مندوں کی آنکھیں کھلتی ہیں (ف۲۴۲) یہ کوئی بناوٹ کی بات نہیں (ف۲۴۳) لیکن اپنوں سے اگلے کاموں کی (ف۲۴۴) تصدیق ہے اور ہر چیز کا مفصل بیان اور مسلمانوں کے لیے ہدایت اور رحمت،

ثم ختم- سبحانه- هذه السورة الكريمة بقوله لَقَدْ كانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُولِي الْأَلْبابِ أى: لقد كان في قصص أولئك الأنبياء الكرام وما جرى لهم من أقوامهم، عبرة وعظة لأصحاب العقول السليمة، والأفكار القويمة، بسبب ما اشتمل عليه هذا القصص من حكم وأحكام، وآداب وهدايات.وما كانَ هذا المقصوص في كتاب الله- تعالى- حَدِيثاً يُفْتَرى أى يختلق.وَلكِنْ كان تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ من الكتب السابقة عليه، كالتوراة والإنجيل والزبور، فهو المهيمن على هذه الكتب، والمؤيد لما فيها من أخبار صحيحة، والمبين لما وقع فيها من تحريف وتغيير، والحاكم عليها بالنسخ أو بالتقرير.وَتَفْصِيلَ كُلِّ شَيْءٍ أى: وكان في هذا الكتاب- أيضا- تفصيل وتوضيح كل شيء من الشرائع المجملة التي تحتاج إلى ذلك.وَهُدىً وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ أى: وكان هداية تامة، ورحمة شاملة، لقوم يؤمنون به، ويعملون بما فيه من أمر ونهى، وينتفعون بما اشتمل عليه من وجوه العبر والعظات.وبعد: فهذا تفسير لسورة يوسف- عليه السلام- تلك السورة الزاخرة بالحكم والأحكام، وبالآداب والأخلاق، وبالمحاورات والمجادلات، وبأحوال النفوس البشرية في حبها وبغضها، وعسرها ويسرها، وخيرها وشرها. وعطائها ومنعها وسرها وعلانيتها، ورضاها وغضبها، وحزنها وسرورها..أسأل الله- تعالى- أن ينفعنا بهدى كتابه، وأن يجعله شفيعا لنا يوم نلقاه وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
  FONT
  THEME
  TRANSLATION
  • English | Ahmed Ali
  • Urdu | Ahmed Raza Khan
  • Turkish | Ali-Bulaç
  • German | Bubenheim Elyas
  • Chinese | Chineese
  • Spanish | Cortes
  • Dutch | Dutch
  • Portuguese | El-Hayek
  • English | English
  • Urdu | Fateh Muhammad Jalandhry
  • French | French
  • Hausa | Hausa
  • Indonesian | Indonesian-Bahasa
  • Italian | Italian
  • Korean | Korean
  • Malay | Malay
  • Russian | Russian
  • Tamil | Tamil
  • Thai | Thai
  • Farsi | مکارم شیرازی
  TAFSEER
  • العربية | التفسير الميسر
  • العربية | تفسير الجلالين
  • العربية | تفسير السعدي
  • العربية | تفسير ابن كثير
  • العربية | تفسير الوسيط لطنطاوي
  • العربية | تفسير البغوي
  • العربية | تفسير القرطبي
  • العربية | تفسير الطبري
  • English | Arberry
  • English | Yusuf Ali
  • Dutch | Keyzer
  • Dutch | Leemhuis
  • Dutch | Siregar
  • Urdu | Sirat ul Jinan
  HELP

يُوْسُف
يُوْسُف
  00:00



Download

يُوْسُف
يُوْسُف
  00:00



Download