READ

Surah Yusuf

يُوْسُف
111 Ayaat    مکیۃ


12:41
یٰصَاحِبَیِ السِّجْنِ اَمَّاۤ اَحَدُكُمَا فَیَسْقِیْ رَبَّهٗ خَمْرًاۚ-وَ اَمَّا الْاٰخَرُ فَیُصْلَبُ فَتَاْكُلُ الطَّیْرُ مِنْ رَّاْسِهٖؕ-قُضِیَ الْاَمْرُ الَّذِیْ فِیْهِ تَسْتَفْتِیٰنِؕ(۴۱)
اے قید خانہ کے دونوں ساتھیو! تم میں ایک تو اپنے رب (بادشاہ) کو شراب پلائے گا (ف۱۱۰) رہا دوسرا (ف۱۱۱) وہ سو ُلی دیا جائے گا تو پرندے اس کا سر کھائیں گے (ف۱۱۲) حکم ہوچکا اس بات کا جس کا تم سوال کرتے تھے (ف۱۱۳)

وبعد أن عرف يوسف صاحبيه في السجن بنفسه، وأقام لهما الأدلة على أن عبادة الله- تعالى- وحده هي الدين الحق ودعاهما إلى الدخول فيه..بعد كل ذلك شرع في تفسير رؤياهما ليزيدهما ثقة في قوله، فقال: يا صاحِبَيِ السِّجْنِ أَمَّا أَحَدُكُما وهو ساقى الملك، فيخرج من السجن بريئا ويسقى «ربه» أى: سيده الملك «خمرا» .وَأَمَّا الْآخَرُ وهو خباز الملك وصاحب طعامه «فيصلب» أى: فيقتل ثم يصلب «فتأكل الطير من رأسه» بعد موته.ولم يعين يوسف- عليه السلام- من هو الذي يسقى ربه خمرا، ومن هو الذي يصلب، وإنما اكتفى بقوله «أما أحدكما ... وأما الآخر» تلطفا معهما، وتحرجا من مواجهة صاحب المصير السيئ بمصيره، وإن كان في تعبيره ما يشير الى مصير كل منهما بطريق غير مباشر.ثم أكد لهما الأمر واثقا من صدق العلم الذي علمه الله إياه، فقال: قُضِيَ الْأَمْرُ الَّذِي فِيهِ تَسْتَفْتِيانِ.والاستفتاء: مصدر استفتى إذا طلب الفتوى من غيره في أمر خفى عليه فهمه أى: تم التفسير الصحيح لرؤييكما اللتين سألتمانى عن تأويلهما.
12:42
وَ قَالَ لِلَّذِیْ ظَنَّ اَنَّهٗ نَاجٍ مِّنْهُمَا اذْكُرْنِیْ عِنْدَ رَبِّكَ٘-فَاَنْسٰىهُ الشَّیْطٰنُ ذِكْرَ رَبِّهٖ فَلَبِثَ فِی السِّجْنِ بِضْعَ سِنِیْنَ۠(۴۲)
اور یوسف نے ان دونوں میں سے جسے بچتا سمجھا (ف۱۱۴) اس سے کہا اپنے رب (بادشاہ) کے پاس میرا ذکر کرنا (ف۱۱۵) تو شیطان نے اسے بھلا دیا کہ اپنے رب (بادشاہ) کے سامنے یوسف کا ذکر کرے تو یوسف کئی برس اور جیل خانہ میں رہا (ف۱۱۶)

ثم ختم يوسف- عليه السلام- حديثه مع صاحبيه في السجن، بأن أوصى الذي ينجو منهما بوصية حكاها القرآن في قوله: وَقالَ لِلَّذِي ظَنَّ أَنَّهُ ناجٍ مِنْهُمَا، اذْكُرْنِي عِنْدَ رَبِّكَ، فَأَنْساهُ الشَّيْطانُ ذِكْرَ رَبِّهِ، فَلَبِثَ فِي السِّجْنِ بِضْعَ سِنِينَ.أى: «وقال» يوسف- عليه السلام- للفتى الذي اعتقد أنه سينجو منهما وهو ساقى الملك، أيها الساقي بعد أن تخرج من السجن وتعود إلى عملك عند سيدك الملك، اذكر حقيقة حالي عنده، وأنى سجين مظلوم.ولكن الساقي بعد أن عاد إلى عمله عند الملك، لم ينفذ الوصية، لأن الشيطان أنساه ما قاله له يوسف، فكانت النتيجة أن لبث يوسف- عليه السلام- في السجن مظلوما بضع سنين.والبضع- بالكسر- من ثلاث إلى تسع، وهو مأخوذ من البضع- بالفتح- بمعنى القطع والشق. يقال: بضعت الشيء أى: قطعته.وقد اختلفوا في المدة التي قضاها يوسف في السجن على أقوال من أشهرها أنه لبث فيه سبع سنين.وعلى هذا التفسير يكون الضمير في «فأنساه» يعود إلى ساقى الملك، ويكون المراد بربه أى: سيده ملك مصر.وهناك من يرى أن الضمير في قوله «فأنساه» يعود إلى يوسف- عليه السلام- وأن المراد بالرب هنا: الخالق- عز وجل-، وعليه يكون المعنى.وقال يوسف- عليه السلام- للفتى الذي اعتقد نجاته وهو ساقى الملك: اذكر مظلمتي عند سيدك الملك عند ما تعود إليه. واذكر له إحسانى لتفسير الرؤى ...وقوله فَأَنْساهُ الشَّيْطانُ ذِكْرَ رَبِّهِ أى: فأنسى الشيطان يوسف أن يذكر حاجته لله وحده، ولا يذكرها للساقى ليبلغها إلى الملك.فكانت النتيجة أن لبث يوسف في السجن بضع سنين بسبب هذا الاعتماد على المخلوق.والذي يبدو لنا أن التفسير الأول أقرب إلى الصواب، لأنه هو الظاهر من معنى الآية الكريمة، ولأن قوله- تعالى- بعد ذلك وَقالَ الَّذِي نَجا مِنْهُما وَادَّكَرَ بَعْدَ أُمَّةٍ أَنَا أُنَبِّئُكُمْ بِتَأْوِيلِهِ فَأَرْسِلُونِ ... يدل دلالة واضحة على أن الضمير في قوله «فأنساه» يعود إلى ساقى الملك، وأن المراد بربه أى سيده.وقد علق الإمام الرازي على هذه الآية تعليقا يشعر بترجيحه للرأى الثاني فقال ما ملخصه: «واعلم أن الاستعانة بالناس في دفع الظلم جائزة في الشريعة، إلا أن حسنات الأبرار سيئات المقربين، فهذا وإن كان جائزا لعامة الخلق، إلا أن الأولى بالصديقين أن يقطعوا نظرهم عن الأسباب بالكلية، وألا يشتغلوا إلا بمسبب الأسباب..ثم قال: والذي جربته من أول عمرى إلى آخره أن الإنسان كلما عول في أمر من الأمور على غير الله، صار ذلك سببا إلى البلاء وإلى المحنة ... وإذا عول العبد على الله ولم يرجع إلى أحد من الخلق حصل ذلك المطلوب على أحسن الوجوه، فهذه التجربة قد استمرت لي من أول عمرى إلى هذا الوقت الذي بلغت فيه السابعة والخمسين من عمرى.ثم قال: واعلم أن الحق هو قول من قال إن الضمير في قوله: «فأنساه الشيطان ذكر ربه» راجع إلى يوسف.. والمعنى: أن الشيطان أنسى يوسف أن يذكر ربه وخالقه..» .ونحن مع احترامنا لرأى الفخر الرازي، إلا أننا ما زلنا نرى أن عودة الضمير في قوله «فأنساه» إلى الساقي الذي ظن يوسف أنه هو الناجي من العقوبة، أولى لما سبق أن ذكرناه.قال ابن كثير: وقوله اذْكُرْنِي عِنْدَ رَبِّكَ فَأَنْساهُ الشَّيْطانُ ذِكْرَ رَبِّهِ ...أى: «قال يوسف اذكر قصتي عند ربك وهو الملك، فنسي ذلك الموصى أن يذكر مولاه بذلك، وكان نسيانه من جملة مكايد الشيطان.. هذا هو الصواب أن الضمير في قوله:«فأنساه» .. عائد على الناجي كما قال مجاهد ومحمد بن إسحاق وغير واحد ... » .وإلى هنا تكون الآيات الكريمة قد قصت علينا بأسلوبها المشوق الحكيم جانبا من حياة يوسف- عليه السلام- في السجن فماذا كان بعد ذلك؟لقد كان بعد ذلك أن أراد الله- تعالى- فتح باب الفرج ليوسف- عليه السلام-، وكان من أسباب ذلك أن رأى الملك في منامه رؤيا أفزعته، ولم يستطع أحد تأويلها تأويلا صحيحا سوى يوسف- عليه السلام- استمع إلى القرآن وهو يقص ذلك فيقول:
12:43
وَ قَالَ الْمَلِكُ اِنِّیْۤ اَرٰى سَبْعَ بَقَرٰتٍ سِمَانٍ یَّاْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَافٌ وَّ سَبْعَ سُنْۢبُلٰتٍ خُضْرٍ وَّ اُخَرَ یٰبِسٰتٍؕ-یٰۤاَیُّهَا الْمَلَاُ اَفْتُوْنِیْ فِیْ رُءْیَایَ اِنْ كُنْتُمْ لِلرُّءْیَا تَعْبُرُوْنَ(۴۳)
اور بادشاہ نے کہا میں نے خواب میں دیکھیں سات گائیں فربہ کہ انہیں سات دُبلی گائیں کھارہی ہیں اور سات بالیں ہری اور دوسری سات سوکھی (ف۱۱۷) اے درباریو! میرے خواب کا جواب دو اگر تمہیں خواب کی تعبیر آتی ہو،

فقوله- سبحانه-: وَقالَ الْمَلِكُ إِنِّي أَرى سَبْعَ بَقَراتٍ سِمانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجافٌ شروع في حكاية الرؤيا التي رآها ملك مصر في ذلك الوقت ...قال ابن كثير: «هذه الرؤيا من ملك مصر، مما قدر الله- تعالى- أنها كانت سببا لخروج يوسف- عليه السلام- من السجن معززا مكرما، وذلك أن الملك رأى هذه الرؤيا، فهالته وتعجب من أمرها، وما يكون تفسيرها فجمع الكهنة وكبراء دولته وأمراءها، وقص عليهم ما رأى، وسألهم عن تأويلها، فلم يعرفوا ذلك ... ».وقوله «عجاف» جمع عجفاء والعجف- بفتح العين والجيم- ذهاب السمن، يقال: هذا رجل أعجف وامرأة عجفاء، إذا ظهر ضعفهما وهزالهما..أى: وقال ملك مصر في ذلك الوقت لكبار رجال مملكته: إنى رأيت فيما يرى النائم «سبع بقرات» قد امتلأن شحما ولحما يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجافٌ أى: يأكل هذه البقرات السبع السمان، سبع بقرات أخرى عجاف أى: مهازيل ضعاف.ورأيت- أيضا- فيما يرى النائم «سبع سنبلات خضر» قد امتلأت حبا، ورأيت إلى جانبها سبع سنبلات «أخر يابسات» قد ذهبت نضارتها وخضرتها، ومع هذا فقد التوت اليابسات على الخضر حتى غلبتها.يا أَيُّهَا الْمَلَأُ أى: الأشراف والعلماء من قومي «أفتونى في رؤياي» أى: فسروا لي رؤياي هذه وبينوا لي ما تدل عليه.إِنْ كُنْتُمْ لِلرُّءْيا تَعْبُرُونَ أى: إن كنتم تعرفون تفسيرها وتأويلها معرفة سليمة، وتعلمون تعبيرها علما مستمرا.و «تعبرون» من العبر، وهو اجتياز الطريق أو النهر من جهة إلى أخرى وسمى المفسر للرؤيا عابرا، لأنه يتأمل فيها وينتقل من كل طرف فيها إلى الطرف الآخر، كما ينتقل عابر النهر أو الطريق من جهة إلى أخرى.قال بعض العلماء: والتعريف في «الملك» للعهد، أى ملك مصر، وسماه القرآن هنا ملكا ولم يسمه فرعون، لأن هذا الملك لم يكن من الفراعنة ملوك مصر المصريين، وإنما كان ملكا لمصر أيام أن حكمها «الهكسوس» وهم العمالقة الذين ملكوا مصر من 1900 قبل الميلاد إلى سنة 1525 ق. م.فالتعبير عنه بالملك هنا، دون التعبير عنه بفرعون مع أنه عبر عن ملك مصر في زمن موسى بفرعون، يعتبر من دقائق إعجاز القرآن العلمي.. .وقال «إنى أرى» بصيغة المضارع مع أنه قد رأى بالفعل، استحضارا لصورة الرؤيا حتى لكأنها ماثلة أمامه.وقال «وأخر يابسات» بدون إعادة لفظ سبع كما في البقرات، للاكتفاء بدلالة المقابل في البقرات عليه.قال صاحب الكشاف: فإن قلت: هل في الآية دليل على أن السنبلات اليابسة كانت سبعا كالخضر؟قلت: الكلام مبنى على انصبابه إلى هذا العدد في البقرات السمان والعجاف والسنابل الخضر، فوجب أن يتناول معنى الأخر السبع، ويكون قوله «وأخر يابسات» بمعنى: وسبعا أخر يابسات» .وفي نداء الملك لقومه قوله يا أَيُّهَا الْمَلَأُ أَفْتُونِي ... تشريف لهم، وحض على استعمال عقولهم وعلومهم في تفسير هذه الرؤيا التي أزعجته.واللام في قوله «للرؤيا» لتقوية الفعل «تعبرون» حيث تأخر عن معموله.ويبدو أن القوم في ذلك الزمان، كان بعضهم يشتغل بتفسير الرؤى، وكان لهذا التفسير مكانته الهامة فيهم ...فقد مرت بنا رؤيا يوسف، ورؤيا رفيقيه في السجن، ثم جاءت رؤيا الملك هنا، وهذا يشعر بأن انفراد يوسف- عليه السلام- بتأويل رؤيا الملك، في زمن كثر فيه البارعون في تأويل الرؤى، كان بمثابة معجزة أو ما يشبه المعجزة من الله- تعالى- ليوسف- عليه السلام- حتى تزداد مكانته عند الملك وحاشيته.
12:44
قَالُوْۤا اَضْغَاثُ اَحْلَامٍۚ-وَ مَا نَحْنُ بِتَاْوِیْلِ الْاَحْلَامِ بِعٰلِمِیْنَ(۴۴)
بولے پریشان خوابیں ہیں اور ہم خواب کی تعبیر نہیں جانتے،

وقوله- سبحانه- قالُوا أَضْغاثُ أَحْلامٍ وَما نَحْنُ بِتَأْوِيلِ الْأَحْلامِ بِعالِمِينَ حكاية لما رد به الكهان والأشراف على ما طلبه الملك منهم.والأضغاث: جمع ضغث- بكسر الضاد- وهو ما جمع في حزمة واحدة من مختلف النيات وأعواد الشجر، فصار خليطا غير متجانس.والأحلام: جمع حلم وحلم- بإسكان اللام وضمها تبعا للحاء- وهو ما يراه النائم في منامه، وتطلق كثيرا على ما ليس بحسن، ففي الحديث الصحيح: «الرؤيا من الله والحلم من الشيطان».أى: قال الملأ للملك: ما رأيته أيها الملك في نومك ما هو إلا تخاليط أحلام ومنامات باطلة، فلا تهتم بها.فهم قد شبهوا ما رآه بالأضغاث في اختلاطها، وعدم التجانس بين أطرافها.ثم أضافوا إلى ذلك قولهم: «وما نحن بتأويل الأحلام بعالمين» .أى: إننا لسنا من أهل العلم بتفسير تخاليط الأحلام، وإنما نحن من أهل العلم بتفسير المنامات المعقولة المفهومة.وقولهم هذا إنما هو اعتذار عن جهلهم، بمعرفة تفسير رؤيا الملك، ويبدو أن الملك كان يتوقع منهم هذا الجهل، كما يشعر به قوله- تعالى- إِنْ كُنْتُمْ لِلرُّءْيا تَعْبُرُونَ فقد أتى بإن المفيدة للشك.قال صاحب الكشاف: «فإن قلت: ما هو إلا حلم واحد فلماذا قالوا أضغاث أحلام فجمعوا!؟.قلت: هو كما تقول فلان يركب الخيل، ويلبس عمائم الخز، لمن لا يركب إلا فرسا واحدا وماله إلا عمامة فردة، تزيدا في الوصف، فهؤلاء أيضا تزيدوا في وصف الحلم بالبطلان فجعلوه أضغاث أحلام ويجوز أن يكون قد قص عليهم مع هذه الرؤيا سواها».
12:45
وَ قَالَ الَّذِیْ نَجَا مِنْهُمَا وَ ادَّكَرَ بَعْدَ اُمَّةٍ اَنَا اُنَبِّئُكُمْ بِتَاْوِیْلِهٖ فَاَرْسِلُوْنِ(۴۵)
اور بولا وہ جو ان دونوں میں سے بچا تھا (ف۱۱۸) اور ایک مدت بعد اسے یاد آیا (ف۱۱۹) میں تمہیں اس کی تعبیر بتاؤں گا مجھے بھیجو (ف۱۲۰)

ثم بين- سبحانه- ما حدث بعد أن عجز الملأ من قوم الملك عن تأويل رؤياه فقال:وَقالَ الَّذِي نَجا مِنْهُما أى: وقال أحد الرجلين اللذين كانا مع يوسف في السجن ثم خرج منه بريئا وهو ساقى الملك.وَادَّكَرَ بَعْدَ أُمَّةٍ: وتذكر بعد حين طويل من الزمان كيف فسر له يوسف رؤياه تفسيرا صادقا أيام أن كان معه في السجن.وأصل «ادكر» اذتكر بوزن افتعل، مأخوذ من الذكر- بتشديد الذال وضمها- قلبت تاء الافتعال دالا لثقلها ولتقارب مخرجيهما، ثم قلبت الذال دالا ليتأتى إدغامها في الدال، لأنها أخف من الذال.والأمة: الجماعة التي تؤم وتقصد لأمر ما، والمراد بها هنا: المدة المتطاولة من الزمان وكان هذا الساقي قد نسى ما أوصاه به يوسف من قوله «اذكرني عند ربك» فلما قال الملك ما قاله بشأن رؤياه، تذكر هذا الساقي حال يوسف.قالوا: وكان ذلك بعد سنتين من خروجه من السجن.وقوله أَنَا أُنَبِّئُكُمْ بِتَأْوِيلِهِ فَأَرْسِلُونِ أى: قال الساقي للملك وحاشيته: أنا أخبركم بتأويله: بتفسير رؤيا الملك التي خفى تفسيرها على الملأ من قومه. فأرسلون، أى: فابعثونى إلى من عنده العلم الصحيح الصادق بتفسيرها.ولم يذكر لهم اسم المرسل إليه، وهو يوسف- عليه السلام- لأنه أراد أن يفاجئهم بخبره بعد حصول تأويله للرؤيا، فيكون ذلك أوقع في قلوبهم، وأسمى لشأن يوسف- عليه السلام-.وقال فَأَرْسِلُونِ ليشعرهم أن هذا التأويل ليس من عند نفسه، وإنما هو من عند من يرسلونه إليه وهو يوسف- عليه السلام.
12:46
یُوْسُفُ اَیُّهَا الصِّدِّیْقُ اَفْتِنَا فِیْ سَبْعِ بَقَرٰتٍ سِمَانٍ یَّاْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَافٌ وَّ سَبْعِ سُنْۢبُلٰتٍ خُضْرٍ وَّ اُخَرَ یٰبِسٰتٍۙ-لَّعَلِّیْۤ اَرْجِعُ اِلَى النَّاسِ لَعَلَّهُمْ یَعْلَمُوْنَ(۴۶)
اے یوسف! اے صدیق! ہمیں تعبیر دیجئے سات فربہ گایوں کی جنہیں سات دُبلی کھاتی ہیں اور سات ہری بالیں اور دوسری سات سوکھی (ف۱۲۱) شاید میں لوگوں کی طرف لوٹ کر جاؤں شاید وہ آگاہ ہوں (ف۱۲۲)

وقوله يُوسُفُ أَيُّهَا الصِّدِّيقُ أَفْتِنا ... من بديع الإيجاز بالحذف في القرآن الكريم، لأن المحذوف لا يتعلق بذكره غرض.والتقدير: قال لهم أنا أنبئكم بتأويله فأرسلون إلى من عنده العلم بذلك، فأرسلوه فجاء إلى يوسف في السجن فقال له: يا يوسف يا أيها الصديق.والصديق: هو الإنسان الذي صار الصدق دأبه وشيمته في كل أحواله، ووصفه بذلك لأنه جرب منه الصدق التام أيام أن كان معه في السجن.وقوله «أفتنا» أى فسر لنا تلك الرؤيا التي رآها الملك، والتي عجز الناس عن تفسيرها، وهي أن الملك رأى في منامه «سبع بقرات سمان يأكلهن سبع عجاف، وسبع سنبلات خضر وأخر يابسات» .وقوله «لعلى أرجع إلى الناس لعلهم يعلمون» تعليل لطلب الفتوى، وبيان لأهمّيّتها بالنسبة له وليوسف- عليه السلام.أى: فسر لنا هذه الرؤيا «لعلى أرجع إلى الناس» وهم الملك وأهل الحل والعقد في مملكته، «لعلهم يعلمون» تأويلها، فينتفعون به، وترتفع منزلتك عندهم.
12:47
قَالَ تَزْرَعُوْنَ سَبْعَ سِنِیْنَ دَاَبًاۚ-فَمَا حَصَدْتُّمْ فَذَرُوْهُ فِیْ سُنْۢبُلِهٖۤ اِلَّا قَلِیْلًا مِّمَّا تَاْكُلُوْنَ(۴۷)
کہا تم کھیتی کرو گے سات برس لگارتار (ف۱۲۳) تو جو کاٹو اسے اس کی بال میں رہنے دو (ف۱۲۴) مگر تھوڑا جتنا کھالو (ف۱۲۵)

وهنا تجد يوسف- عليه السلام- لا يكتفى بتأويل الرؤيا تأويلا مجردا بل يؤولها تأويلا صادقا صحيحا، ومعه النصح والإرشاد إلى ما يجب عمله في مثل هذه الأحوال، فقال: - كما حكى القرآن عنه-: قالَ تَزْرَعُونَ سَبْعَ سِنِينَ دَأَباً....وتزرعون هاهنا: خبر في معنى الأمر، بدليل قوله بعد ذلك «فذروه» ...وعبر عن الأمر بالمضارع مبالغة في التعبير عن استجابتهم لنصيحته، فكأنهم قد امتثلوا أمره، وهو يخبر عن هذا الامتثال.ودَأَباً مصدر دأب على الشيء إذا استمر عليه ولازمه يقال: دأب فلان على فعل هذا الشيء يدأب دأبا ودأبا إذا داوم عليه، وهو حال من ضمير «تزرعون» أى قال يوسف للساقى: فارجع إلى قومك فقل لهم إن يوسف يأمركم أن تزرعوا أرضكم سبع سنين زراعة مستمرة على حسب عادتكم.فَما حَصَدْتُمْ من زرعكم في كل سنة، فذروه في سنبله، أى: فاتركوا الحب في سنبله ولا تخرجوه منها حتى لا يتعرض للتلف بسبب السوس أو ما يشبهه: إلا قليلا مما تأكلون،أى: اتركوا الحب في سنبله فلا تخرجوه منها، إلا شيئا قليلا منه فأخرجوه من السنابل لحاجتكم إليه في مأكلكم.وفي هذه الجملة إرشاد لهم إلى أن من الواجب عليهم أن يقتصدوا في مأكولاتهم إلى أقصى حد ممكن لأن المصلحة تقتضي ذلك.قال القرطبي: هذه الآية أصل في القول بالمصالح الشرعية التي هي حفظ الأديان والنفوس والعقول والأنساب والأموال، فكل ما تضمن تحصيل شيء من هذه الأمور فهو مصلحة، وكل ما يفوت شيئا منها فهو مفسدة ودفعه مصلحة ولا خلاف، فإن مقصود الشرائع إرشاد الناس إلى مصالحهم الدنيوية ليحصل لهم التمكن من معرفة الله- تعالى- وعبادته الموصلتين إلى السعادة الأخروية، ومراعاة ذلك فضل من الله- عز وجل- ورحمة رحم بها عباده ... ».
12:48
ثُمَّ یَاْتِیْ مِنْۢ بَعْدِ ذٰلِكَ سَبْعٌ شِدَادٌ یَّاْكُلْنَ مَا قَدَّمْتُمْ لَهُنَّ اِلَّا قَلِیْلًا مِّمَّا تُحْصِنُوْنَ(۴۸)
پھر اس کے بعد سات برس کرّے (سخت تنگی والے) آئیں گے (ف۱۲۶) کہ کھا جائیں گے جو تم نے ان کے لیے پہلے جمع کر رکھا تھا (ف۱۲۷) مگر تھوڑا جو بچالو (ف۱۲۸)

وقوله ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِ ذلِكَ أى: من بعد تلك السنين السبع المذكورات التي تزرعونها على عادتكم المستمرة في الزراعة.سَبْعٌ شِدادٌ أى: سبع سنين صعاب على الناس، لما فيهن من الجدب والقحط، يأكلن ما قدمتم لهن، أى: يأكل أهل تلك السنين الشداد، كل ما ادخروه في السنوات السبع المتقدمة من حبوب في سنابلها.وأسند الأكل إلى السنين على سبيل المجاز العقلي، من إسناد الشيء إلى زمانه.وقوله إِلَّا قَلِيلًا مِمَّا تُحْصِنُونَ أى: أن تلك السنين المجدبة ستأكلون فيها ما ادخرتموه في السنوات السابقة، إلا شيئا قليلا منه يبقى محرزا، لتنتفعوا به في زراعتكم لأرضكم.فقوله تُحْصِنُونَ من الإحصان بمعنى الإحراز والادخار، يقال أحصن فلان الشيء، إذا جعله في الحصن، وهو الموضع الحصين الذي لا يوصل إليه إلا بصعوبة.وحاصل تفسير يوسف- عليه السلام- لتلك الرؤيا: أنه فسر البقرات السمان والسنبلات الخضر، بالسنين السبع المخصبة. وفسر البقرات العجاف والسنبلات اليابسات بالسنين السبع المجدبة التي تأتى في أعقاب السنين المخصبة وفسر ابتلاع البقرات العجاف للبقرات السمان، بأكلهم ما جمع في السنين المخصبة، في السنين المجدبة.ولقد كان هذا التأويل لرؤيا الملك تأويلا صحيحا صادقا من يوسف- عليه السلام- بسببه أنقذ الله- تعالى- مصر من مجاعة سبع سنين.
12:49
ثُمَّ یَاْتِیْ مِنْۢ بَعْدِ ذٰلِكَ عَامٌ فِیْهِ یُغَاثُ النَّاسُ وَ فِیْهِ یَعْصِرُوْنَ۠(۴۹)
پھر ان کے بعد ایک برس آئے گا جس میں لوگوں کو مینھ دیا جائے گا اور اس میں رس نچوڑیں گے (ف۱۲۹)

وقوله ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِ ذلِكَ عامٌ فِيهِ يُغاثُ النَّاسُ وَفِيهِ يَعْصِرُونَ تبشير لهم بأن الخير سيأتيهم، بعد تلك السنوات الشداد، فقد جرت سنة الله- تعالى- أن يعقب العسر باليسر.ولفظ يُغاثُ من الغوث بمعنى إزالة الهم والكرب عن طريق الأمطار التي يسوقها الله- تعالى- لهم بعد تلك السنوات الشداد التي قل فيها المطر.يقال: غاث الله- تعالى- البلاد غيثا، إذا ساق لها المطر بعد أن يئسوا من نزوله، ويعصرون من العصر وهو الضغط على ما من شأنه أن يعصر، لإخراج ما فيه من مائع سواء كان هذا المائع زيتا أم ماء أم غيرهما.أى: ثم يأتى من بعد تلك السنين السبع الشداد، عام فيه تزول الهموم والكروب ونقص الأموال عن الناس، بسبب إرسال الله- تعالى- المطر عليهم، فتخضر الأرض وتنبت من كل زوج بهيج، وفيه يعصرون من ثمار مزروعاتهم ما من شأنه أن يعصر كالزيتون وما يشبهه.وهذا كناية عن بدء حلول الرخاء بهم، بعد تلك السنوات الشداد، وما قاله يوسف- عليه السلام- عن هذا العام الذي يأتى في أعقاب السنوات السبع الشداد، لا مقابل له في رؤيا الملك، بل هو خارج عنها، وذلك لزيادة التبشير للملك والناس، ولإفهامهم أن هذا العلم إنما بوحي من الله- تعالى- الذي يجب أن يخلص له الجميع العبادة والطاعة.وإلى هنا نرى أن يوسف- عليه السلام- قد فسر رؤيا الملك تفسيرا سليما حكيما، من نتائجه الخير للملك وقومه ...فماذا فعل الملك مع يوسف- عليه السلام- بعد ذلك؟لقد قص علينا القرآن الكريم ما طلبه الملك من حاشيته وما رد به يوسف- عليه السلام- على رسول الملك، وما قالته النسوة وامرأة العزيز في شأن يوسف وما طلبه- عليه السلام- من الملك، استمع إلى القرآن الكريم وهو يحكى كل ذلك بأسلوبه الخاص فيقول:
12:50
وَ قَالَ الْمَلِكُ ائْتُوْنِیْ بِهٖۚ-فَلَمَّا جَآءَهُ الرَّسُوْلُ قَالَ ارْجِعْ اِلٰى رَبِّكَ فَسْــٴَـلْهُ مَا بَالُ النِّسْوَةِ الّٰتِیْ قَطَّعْنَ اَیْدِیَهُنَّؕ-اِنَّ رَبِّیْ بِكَیْدِهِنَّ عَلِیْمٌ(۵۰)
اور بادشاہ بولا کہ انہیں میرے پاس لے آؤ تو جب اس کے پاس ایلچی آیا (ف۱۳۰) کہا اپنے رب (بادشاہ) کے پاس پلٹ جا پھر اس سے پوچھ (ف۱۳۱) کیا حال ہے اور عورتوں کا جنہوں نے اپنے ہاتھ کاٹے تھے، بیشک میرا رب ان کا فریب جانتا ہے (ف۱۳۲)

فقوله- سبحانه- وَقالَ الْمَلِكُ ائْتُونِي بِهِ ... حكاية لما طلبه الملك في ذلك الوقت من معاونيه في شأن يوسف- عليه السلام-، وفي الكلام حذف يفهم من المقام، والتقدير:وقال الملك بعد أن سمع من ساقيه ما قاله يوسف في تفسير الرؤيا أحضروا لي يوسف هذا لأراه وأسمع منه، وأستفيد من علمه.وهذا يدل- كما يقول الإمام الرازي- على فضيلة العلم، فإنه- سبحانه- جعل ما علمه ليوسف سببا لخلاصه من المحنة الدنيوية، فكيف لا يكون العلم سببا للخلاص من المحن الأخروية؟ .وقوله- سبحانه- فَلَمَّا جاءَهُ الرَّسُولُ قالَ ارْجِعْ إِلى رَبِّكَ فَسْئَلْهُ ما بالُ النِّسْوَةِ اللَّاتِي قَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ، إِنَّ رَبِّي بِكَيْدِهِنَّ عَلِيمٌ بيان لما قاله يوسف- عليه السلام- لرسول الملك ...أى: فلما جاء رسول الملك إلى يوسف ليخبره بأن الملك يريد لقاءه، قال له يوسف بأناة وإباء: ارجع إلى ربك، أى إلى سيدك الملك «فاسأله» قبل خروجي من السجن وذهابي إليه «ما بال النسوة اللاتي قطعن أيديهن» أى: ما حالهن، وما حقيقة أمرهن معى، لأن الكشف عن حقيقة أمرهن معى يهمني أن يكون واضحا في الأذهان والعقول، حتى يعرف الجميع أننى برئ، وأننى نقى العرض طاهر الذيل.والمراد بالسؤال في قوله «ارجع إلى ربك فاسأله» الحث والتحريض على معرفة حقيقة أمر النسوة اللائي قطعن أيديهن ...ولم يكشف له يوسف عن حقيقة أمرهن معه لزيادة تهييجه على البحث والتقصي إذ من شأن الإنسان- خصوصا إذا كان- حاكما- أن يأنف من أن يسأل عن شيء مهم، ثم لا يهتم بالإجابة عنه.وقد آثر يوسف- عليه السلام- أن يكون هذا السؤال وهو في السجن لتظهر الحقيقة خالصة ناصعة، دون تدخل منه في شأنها.وجعل السؤال عن النسوة اللائي قطعن أيديهن دون امرأة العزيز، وفاء لحق زوجها، واحترازا من مكرها، ولأنهن كن شواهد على إقرارها بأنها قد راودته عن نفسه، فقد قالت أمامهن بكل تبجح وتكشف فَذلِكُنَّ الَّذِي لُمْتُنَّنِي فِيهِ وَلَقَدْ راوَدْتُهُ عَنْ نَفْسِهِ فَاسْتَعْصَمَ وَلَئِنْ لَمْ يَفْعَلْ ما آمُرُهُ لَيُسْجَنَنَّ وَلَيَكُوناً مِنَ الصَّاغِرِينَ» .واكتفى بالسؤال عن تقطيع أيديهن، دون التعرض لكيدهن له، سترا لهن، وتنزها منه- عليه السلام- عن ذكرهن بما يسوؤهن.ولذا فقد اكتفى بالإشارة الإجمالية إلى كيدهن، وفوض أمرهن إلى الله- تعالى- فقال:إِنَّ رَبِّي بِكَيْدِهِنَّ عَلِيمٌ.أى إن ربي وحده هو العليم بمكرهن بي، وكيدهن لي، وهو- سبحانه- هو الذي يتولى حسابهن على ذلك.ولا شك في أن امتناع يوسف- عليه السلام- عن الذهاب إلى الملك إلا بعد التحقيق في قضيته، يدل دلالة واضحة على صبره، وسمو نفسه، وعلو همته ...ولقد أجاد صاحب الكشاف في تعليله لامتناع يوسف عن الخروج من السجن للقاء الملك إلا بعد أن تثبت براءته فقال: «إنما تأنى وتثبت يوسف في إجابة الملك، وقدم سؤال النسوة، ليظهر براءة ساحته عما قذف به وسجن فيه، لئلا يتسلق به الحاسدون إلى تقبيح أمره عنده. ويجعلوه سلما إلى حط منزلته لديه، ولئلا يقولوا: ما خلد في السجن إلا لأمر عظيم، وجرم كبير، حق به أن يسجن ويعذب، ويستكف شره.وفيه دليل على أن الاجتهاد في نفى التهم، واجب وجوب اتقاء الوقوف في مواقفها» .وقد ساق الإمام ابن كثير عند تفسيره لهذه الآية بعض الأحاديث في فضل يوسف- عليه السلام- فقال ما ملخصه:وقد وردت السنة بمدحه على ذلك- أى على امتناعه من الخروج من السجن حتى يتحقق الملك ورعيته من براءة ساحته ونزاهة عرضه- ففي الصحيحين عن أبى هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «نحن أحق بالشك من إبراهيم، إذ قال: رب أرنى كيف تحيى الموتى؟ قال: أو لم تؤمن؟ قال بلى ولكن ليطمئن قلبي، ويرحم الله لوطا، لقد كان يأوى إلى ركن شديد، ولو لبثت في السجن ما لبث يوسف لأجبت الداعي» .وروى الإمام أحمد عن أبى هريرة في قوله- تعالى- فَسْئَلْهُ ما بالُ النِّسْوَةِ اللَّاتِي قَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ ... أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لو كنت أنا لأسرعت الإجابة، وما ابتغيت العذر» .وروى عبد الرزاق عن عكرمة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لقد عجبت من يوسف وصبره وكرمه والله يغفر له حين سئل عن البقرات العجاف والسمان، ولو كنت مكانه ما أجبتهم حتى أشترط أن يخرجونى.ولقد عجبت من يوسف وصبره وكرمه والله يغفر له، حين أتاه الرسول، ولو كنت مكانه لبادرتهم إلى الباب، ولكنه أراد أن يكون له العذر» .
12:51
قَالَ مَا خَطْبُكُنَّ اِذْ رَاوَدْتُّنَّ یُوْسُفَ عَنْ نَّفْسِهٖؕ-قُلْنَ حَاشَ لِلّٰهِ مَا عَلِمْنَا عَلَیْهِ مِنْ سُوْٓءٍؕ-قَالَتِ امْرَاَتُ الْعَزِیْزِ الْــٴٰـنَ حَصْحَصَ الْحَقُّ٘-اَنَا رَاوَدْتُّهٗ عَنْ نَّفْسِهٖ وَ اِنَّهٗ لَمِنَ الصّٰدِقِیْنَ(۵۱)
بادشاہ نے کہا اے عورتو! تمہارا کیا کام تھا جب تم نے یوسف کا دل لبھانا چاہا، بولیں اللہ کو پاکی ہے ہم نے ان میں کوئی بدی نہیں پائی عزیز کی عورت (ف۱۳۳) بولی اب اصلی بات کھل گئی، میں نے ان کا جی لبھانا چاہا تھا اور وہ بیشک سچے ہیں (ف۱۳۴)

هذا، وقوله- سبحانه- قالَ ما خَطْبُكُنَّ إِذْ راوَدْتُنَّ يُوسُفَ عَنْ نَفْسِهِ حكاية لما فعله الملك بعد أن بلغه الرسول بما طلبه يوسف منه.وفي الكلام حذف يفهم من السياق، والتقدير: وبعد أن رجع رسول الملك إليه وأخبره بما قاله يوسف، استجاب الملك لما طلبه يوسف منه، فأخضر النسوة وقال لهن: ما خطبكن إذ راودتن يوسف عن نفسه.والخطب: مصدر خطب يخطب، ويطلق- غالبا- على الأمر المهم الذي يجعل الناس يتحدثون فيه كثيرا، وجمعه خطوب.والمعنى: بعد أن جمع الملك النسوة قال لهن: ما الأمر الهام الذي حملكن في الماضي على أن تراودن يوسف عن نفسه؟ وهل وجدتن فيه ميلا إلى الاستجابة لكنّ..؟قال صاحب الظلال ما ملخصه: «والخطب الأمر الجلل ... فكأن الملك كان قد استقصى فعلم أمرهن قبل أن يواجههن، وهو المعتاد في مثل هذه الأحوال، ليكون الملك على بينة من الأمر وظروفه قبل الخوض فيه، فهو يواجههن مقررا الاتهام، ومشيرا إلى أمر لهن جلل..ومن هذا نعلم شيئا بما دار في حفل الاستقبال في بيت الوزير، وما قالته النسوة ليوسف، وما لمحن به وأشرن إليه، من الإغراء الذي بلغ حد المراودة.ومن هذا نتخيل صورة لهذه الأوساط ونسائها حتى في ذلك العهد الموغل في التاريخ، فالجاهلية هي الجاهلية دائما، وأنه حيثما كان الترف، وكانت القصور والحاشية، كان التحلل والتميع والفجور الناعم الذي يرتدى ثياب الأرستقراطية» .وأمام هذه المواجهة التي واجههن بها الملك، لم يملكن الإنكار، بل قلن بلسان واحد:حاشَ لِلَّهِ أى: معاذ الله.ما عَلِمْنا عَلَيْهِ مِنْ سُوءٍ قط، وإنما الذي علمناه منه هو الاستعصام عن كل سوء.وهنا قالَتِ امْرَأَةُ الْعَزِيزِ ويبدو أنها كانت حاضرة، معهن عند الملك.الْآنَ حَصْحَصَ الْحَقُّ أى: الآن ظهر الحق وانكشف انكشافا تاما بعد أن كان خافيا والفعل حصحص أصله حص، كما قيل، كبكب في كب، وهو مأخوذ من الحص بمعنى الاستئصال والإزالة، تقول: فلان حص شعره إذا استأصله وأزاله فظهر ما كان خافيا من تحته ...ثم أضافت إلى ذلك قولها «أنا راودته عن نفسه» أى: أنا التي طلبت منه ما طلبت «وإنه لمن الصادقين» في قوله «هي راودتني عن نفسي» .وهكذا يشاء الله- تعالى- أن تثبت براءة يوسف على رءوس الأشهاد، بتلك الطريقة التي يراها الملك، وتنطق بها امرأة العزيز، والنسوة اللائي قطعن أيديهن.قال صاحب الكشاف: «ولا مزيد على شهادتهن له بالبراءة والنزاهة، واعترافهن على أنفسهن بأنه لم يتعلق بشيء مما قذفنه به لأنهن خصومه، وإذا اعترف الخصم بأن صاحبه على الحق وهو على الباطل لم يبق لأحد مقال» - إذ الفضل ما شهدت به الأعداء-.ثم واصلت امرأة العزيز حديثها فقالت: ذلِكَ لِيَعْلَمَ أَنِّي لَمْ أَخُنْهُ بِالْغَيْبِ وَأَنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي كَيْدَ الْخائِنِينَ.أى: ذلك الذي قلته واعترفت به على نفسي من أنى راودته عن نفسه، إنما قلته ليعلم يوسف أنى لم أخنه في غيبته، ولم أقل فيه شيئا يسوؤه بعد أن فارقنى، ولبث بعيدا عنى في السجن بضع سنين، وإنما أنا أقرر أمام الملك وحاشيته بأنه من الصادقين ...وإنما قررت ذلك لأن الله- تعالى- لا يهدى كيد الخائنين، أى: لا ينفذ كيدهم ولا يسدده، بل يفضحه ويزهقه ولو بعد حين من الزمان.لذا فأنا التزمت الأمانة في الحديث عنه، وابتعدت عن الخيانة، لأن الله- تعالى- لا يرضاها ولا يقبلها.فأنت ترى أن هذه المرأة التي شهدت على نفسها شهادة لا تبالي بما يترتب عليها بشأنها، قد عللت شهادتها هذه بعلتين:إحداهما: كراهتها أن تخونه في غيبته بعد أن فقد الدفاع عن نفسه وهو في السجن..وثانيتهما: علمها بأن الله- تعالى- لا يهدى كيد الخائنين ولا يسدده، وإنما يبطله ويزهقه..ثم أضافت إلى كل ذلك قولها: وَما أُبَرِّئُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ، إِلَّا ما رَحِمَ رَبِّي، إِنَّ رَبِّي غَفُورٌ رَحِيمٌ.أى: ومع أنى أعترف بأنه من الصادقين، وأعترف بأنى لم أخنه بالغيب، إلا أنى مع كل ذلك لا أبرئ نفسي ولا أنزهها عن الميل إلى الهوى، وعن محاولة وصفه بما هو برىء منه، فأنا التي قلت لزوجي في حالة دهشتى وانفعالى الشديد، ما جَزاءُ مَنْ أَرادَ بِأَهْلِكَ سُوءاً إِلَّا أَنْ يُسْجَنَ أَوْ عَذابٌ أَلِيمٌ وما حملني على هذا القول إلا هواى وشهواتى، ونفسي إن النفس البشرية لكثيرة الأمر لصاحبها بالسوء إلا نفسا رحمها الله وعصمها من الزلل والانحراف، كنفس يوسف- عليه السلام- وجملة إِنَّ رَبِّي غَفُورٌ رَحِيمٌ تعليل لما قبلها، أى: إن ربي كثير الغفران وكثير الرحمة، لمن يشاء أن يغفر له ويرحمه من عباده.والذي يتأمل هذا الكلام الذي حكاه القرآن عن امرأة العزيز، يراه زاخرا بالصراحة التي ليس بعدها صراحة، وبالمشاعر والانفعالات الدالة على احترامها ليوسف الذي خاف مقام ربه ونهى النفس عن الهوى، رغم الإغراءات المصحوبة بالترغيب والترهيب، ويبدو لنا- والله أعلم- أن هذا الكلام ما قالته امرأة العزيز، إلا بعد أن استقرت عقيدة الإيمان التي آمن بها يوسف في قلبها، وبعد أن رأت فيه إنسانا يختلف في استعصامه بالله وفي سمو نفسه، عن غيره من الناس الذين رأتهم.
12:52
ذٰلِكَ لِیَعْلَمَ اَنِّیْ لَمْ اَخُنْهُ بِالْغَیْبِ وَ اَنَّ اللّٰهَ لَا یَهْدِیْ كَیْدَ الْخَآىٕنِیْنَ(۵۲)
یوسف نے کہا یہ میں نے اس لیے کیا کہ عزیز کو معلوم ہوجائے کہ میں نے پیٹھ پیچھے اس کی خیانت نہ کی اور اللہ دغا بازوں کا مکر نہیں چلنے دیتا،

هذا، ويرى كثير من المفسرين أن كلام امرأة العزيز قد انتهى عند قوله- تعالى- وَإِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ وأن قوله- تعالى- بعد ذلك ذلِكَ لِيَعْلَمَ أَنِّي لَمْ أَخُنْهُ بِالْغَيْبِ ... إلى قوله- تعالى- إِنَّ رَبِّي غَفُورٌ رَحِيمٌ هو من كلام يوسف- عليه السلام-، فيكون المعنى:وذلك ليعلم «أى العزيز» أنى لم أخنه، في أهله بِالْغَيْبِ أى في غيبته وَأَنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي كَيْدَ الْخائِنِينَ من النساء والرجال، بل يبطل هذا الكيد ويفضحه.
12:53
وَ مَاۤ اُبَرِّئُ نَفْسِیْۚ-اِنَّ النَّفْسَ لَاَمَّارَةٌۢ بِالسُّوْٓءِ اِلَّا مَا رَحِمَ رَبِّیْؕ-اِنَّ رَبِّیْ غَفُوْرٌ رَّحِیْمٌ(۵۳)
اور میں اپنے نفس کو بے قصور نہیں بتاتا (ف۱۳۵) بیشک نفس تو برائی کا بڑا حکم دینے والا ہے مگر جس پر میرا رب رحم کرے (ف۱۳۶) بیشک میرا رب بخشنے والا مہربان ہے (ف۱۳۷)

وَما أُبَرِّئُ نَفْسِي أى: ولا أنزهها عن السوء، وهذا من باب التواضع منه- عليه السلام- إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ أى: إن هذا الجنس من الأنفس البشرية، شأنه الأمر بالسوء والميل إلى الشهوات.إِلَّا ما رَحِمَ رَبِّي من النفوس فعصمها عن أن تكون أمارة بالسوء.إِنَّ رَبِّي غَفُورٌ رَحِيمٌ لمن شاء أن يغفر له ويرحمه من خلقه.والذي نراه أن الرأى الأول الذي سرنا عليه هو الجدير بالقبول، لأنه هو المناسب لسياق الآيات من غير تكلف، ولأنه لا يؤدى إلى تفكك الكلام وانقطاع بعضه عن بعض، بخلاف الرأى الثاني الذي يرى أصحابه أن كلام امرأة العزيز قد انتهى عند قوله- تعالى- «وإنه لمن الصادقين» فإنه يؤدى إلى تفكك الكلام، وعدم ارتباط بعضه ببعض، فضلا عن أن وقائع التاريخ لا تؤيده، لأن يوسف- عليه السلام- كان في السجن عند ما أحضر الملك النسوة وقال لهن: «ما خطبكن إذ راودتن يوسف عن نفسه ... » . وعند ما قالت امرأة العزيز أمام الملك وأمامهن: «الآن حصحص الحق..» إلى قوله- تعالى- إِنَّ رَبِّي غَفُورٌ رَحِيمٌ.ومن المفسرين الذين أيدوا الرأى الأول الإمام ابن كثير فقد قال ما ملخصه: «ذلك ليعلم أنى لم أخنه بالغيب ... » تقول: إنما اعترفت بهذا على نفسي، بأنى راودت هذا الشاب فامتنع، وَما أُبَرِّئُ نَفْسِي ... تقول المرأة: ولست أبرئ نفسي، فإن النفس تتحدث وتتمنى، ولهذا راودته لأنها أمارة بالسوء.إِلَّا ما رَحِمَ رَبِّي أى: من عصمه الله- تعالى- ...ثم قال: «وهذا القول هو الأشهر والأليق والأنسب بسياق القصة ومعاني الكلام. لأن سياق الكلام كله من كلام امرأة العزيز بحضرة الملك، ولم يكن يوسف- عليه السلام- عندهم، بل بعد ذلك أحضره الملك» .وإلى هنا تكون السورة الكريمة قد حدثتنا عن القسم الأول من حياة يوسف- عليه السلام- القسم الذي تعرض خلاله لألوان من المحن والآلام، بعضها من إخوته، وبعضها من امرأة العزيز، وبعضها من السجن ومرارته ...
12:54
وَ قَالَ الْمَلِكُ ائْتُوْنِیْ بِهٖۤ اَسْتَخْلِصْهُ لِنَفْسِیْۚ-فَلَمَّا كَلَّمَهٗ قَالَ اِنَّكَ الْیَوْمَ لَدَیْنَا مَكِیْنٌ اَمِیْنٌ(۵۴)
اور بادشاہ بولا انہيں میرے پاس لے آؤ کہ میں انہیں اپنے لیے چن لوں (ف۱۳۸) پھر جب اس سے بات کی کہا بیشک آج آپ ہمارے یہاں معزز معتمد ہیں (ف۱۳۹)

ثم بدأت بعد ذلك في الحديث عن الجانب الثاني من حياته عليه السلام.وهو جانب الرخاء والعز والتمكين في حياته، فقال- تعالى-: وَقالَ الْمَلِكُ ائْتُونِي بِهِ أَسْتَخْلِصْهُ لِنَفْسِي....وفي الكلام إيجاز بالحذف، والتقدير: وبعد أن انكشفت للملك براءة يوسف- عليه السلام- انكشافا تاما، بسبب ما سمعه عنه من النسوة ومن امرأة العزيز، وبعد أن سمع تفسيره للرؤيا وأعجب به، كما أعجب بسمو نفسه وإبائه ...بعد كل ذلك قال الملك لخاصته: ائتوني بيوسف هذا، ليكون خالصا لنفسي، وخاصا بي في تصريف أمورى، وكتمان أسرارى، وتسيير دفة الحكم في مملكتي.والسين والتاء في قوله «أستخلصه» للمبالغة في الخلوص له، فهما للطلب كما في استجاب، والاستخلاص طلب خلوص الشيء من شوائب الشركة.فكأن الملك قد شبه يوسف- عليه السلام- بالشيء النفيس النادر، الذي يجب أن يستأثر به الملك دون أن يشاركه فيه أحد سواه.والفاء في قوله «فلما كلمه قال إنك اليوم لدينا مكين أمين» معطوفة على محذوف يفهم من السياق.والضمير المنصوب في «كلّمه» يعود على الملك- على الراجح-.والمراد باليوم: الزمان الذي حدث فيه التخاطب بين الملك ويوسف.ومَكِينٌ صفة مشبهة من الفعل مكن- بضم الكاف-، بمعنى صاحب مكانة ومرتبة عظيمة، يقال: مكن فلان مكانة إذا ارتفعت منزلته، ويقال: مكنت فلانا من هذا الشيء إذا جعلت له عليه سلطانا وقدرة.أَمِينٌ بزنة فعيل بمعنى مفعول، أى: مأمون على ما نكلفك به، ومحل ثقتنا.والمعنى: وقال الملك لجنده ائتوني بيوسف هذا أستخلصه لنفسي فأتوه به إلى مجلسه.فازداد حب الملك له وتقديره إياه وقال له: إنك منذ اليوم عندنا صاحب الكلمة النافذة، والمنزلة الرفيعة، التي تجعلنا نأتمنك على كل شيء في هذه المملكة، وتلك المقالة من الملك ليوسف، هي أولى بشائر عاقبة الصبر وعزة النفس، وطهارة القلب، والاستعصام بحبل الله المتين ...
12:55
قَالَ اجْعَلْنِیْ عَلٰى خَزَآىٕنِ الْاَرْضِۚ-اِنِّیْ حَفِیْظٌ عَلِیْمٌ(۵۵)
یوسف نے کہا مجھے زمین کے خزانوں پر کردے بیشک میں حفاظت والا علم والا ہوں (ف۱۴۰)

وهنا طلب يوسف- عليه السلام- من الملك بعزة وإباء أن يجعله في الوظيفة التي يحسن القيام بأعبائها قالَ: اجْعَلْنِي عَلى خَزائِنِ الْأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ والخزائن جمع خزانة- بكسر الخاء وهي اسم للمكان الذي يخزن فيه الشيء، والمراد بالأرض: أرض مصر.أى: قال يوسف- عليه السلام- للملك: اجعلنى- أيها الملك- المتصرف الأول في خزائن أرض مملكتك، المشتملة على ما يحتاج إليه الناس من أموال وأطعمة، لأنى شديد الحفظ لما فيها، عليم بوجوه تصريفها فيما يفيد وينفع ...فأنت ترى أن يوسف- عليه السلام- لم يسأل الملك شيئا لنفسه من أعراض الدنيا، وإنما طلب منه أن يعينه في منصب يتمكن بواسطته من القيام برعاية مصالح الأمة، وتدبير شئونها ... لأنها مقبلة على سنوات عجاف، تحتاج إلى خبرة يوسف وأمانته وكفاءته، وعلمه ...قال صاحب الكشاف: «وصف يوسف نفسه بالأمانة والكفاية اللتين هما طلبة الملوك ممن يولونه، وإنما قال ذلك ليتوصل إلى إمضاء أحكام الله تعالى- وإقامة الحق، وبسط العدل، والتمكن مما لأجله تبعث الأنبياء إلى العباد، ولعلمه أن أحدا غيره لا يقومه مقامه في ذلك، فطلب التولية ابتغاء وجه الله- لا لحب الملك والدنيا» .وقال القرطبي ما ملخصه: «ودلت الآية- أيضا- على جواز أن يطلب الإنسان عملا يكون له أهلا.فإن قيل: فإن ذلك يعارضه ما جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في الأحاديث الصحيحة من نهيه عن طلب الإمارة ...فالجواب: أولا: أن يوسف- عليه السلام- إنما طلب الولاية لأنه علم أنه لا أحد يقوم مقامه في العدل والإصلاح وتوصيل الفقراء إلى حقوقهم، فرأى أن ذلك فرض متعين عليه، فإنه لم يكن هناك غيره ...الثاني: أنه لم يقل اجعلنى على خزائن الأرض لأنى حسيب كريم، وإن كان كذلك، ولم يقل إنى جميل مليح ... وإنما قال إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ فسألها بالحفظ والعلم لا بالنسب والجمال.الثالث: إنما قال ذلك عند من لا يعرفه فأراد تعريف نفسه، وصار ذلك مستثنى من قوله- تعالى- فَلا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ ... .والخلاصة أن يوسف- عليه السلام- إنما قال ما قال للملك، وطلب ما طلب منه، لأنه علم أن هذا المنصب لا يصلح له أحد سواه في ذلك الوقت وفي تلك الظروف، فهو يريد من ورائه خدمة الأمة لأجر منفعة شخصية لنفسه ...وما قاله إنما هو من باب التحدث بنعمة الله- تعالى- الذي أعطاه هذه الصفات الكريمة، والمناقب العالية، وليس من باب تزكية النفس المحظورة.
12:56
وَ كَذٰلِكَ مَكَّنَّا لِیُوْسُفَ فِی الْاَرْضِۚ-یَتَبَوَّاُ مِنْهَا حَیْثُ یَشَآءُؕ-نُصِیْبُ بِرَحْمَتِنَا مَنْ نَّشَآءُ وَ لَا نُضِیْعُ اَجْرَ الْمُحْسِنِیْنَ(۵۶)
اور یوں ہی ہم نے یوسف کو اس ملک پر قدرت بخشی اس میں جہاں چاہے رہے (ف۱۴۱) ہم اپنی رحمت (ف۱۴۲) جسے چاہیں پہنچائیں اور ہم نیکوں کا نیگ (اَجر) ضائع نہیں کرتے،

هذا، وقوله- سبحانه- وَكَذلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الْأَرْضِ ... بيان لسنة الله- تعالى- في خلقه، من كونه- سبحانه- لا يضيع أجر الصابرين المحسنين أى: ومثل هذا التمكين العظيم. مكنا ليوسف في أرض مصر، بعد أن مكث في سجنها بضع سنين، لا لذنب اقترفه، وإنما لاستعصامه بأمر الله.وقوله يَتَبَوَّأُ مِنْها حَيْثُ يَشاءُ تفصيل للتمكين الذي منحه الله- تعالى- ليوسف في أرض مصر، والتبوأ اتخاذ المكان للنزول به. يقال: بوأ فلان فلانا منزلا. أى مكنه منه وأنزله به أى: ومثل هذا التمكين العظيم، مكنا ليوسف في أرض مصر، حيث هيأنا له أن ينتقل في أماكنها ومنازلها حيث يشاء له التنقل، دون أن يمنعه مانع من الحلول في أى مكان فيها.فالجملة الكريمة كناية عن قدرته على التصرف والتنقل في جميع أرض مصر، كما يتصرف ويتنقل الرجل في منزله الخاص.وقوله: نُصِيبُ بِرَحْمَتِنا مَنْ نَشاءُ ... بيان لكمال قدرته ونفاذ إرادته- سبحانه-أى: نصيب برحمتنا وفضلنا وعطائنا من نشاء عطاءه من عبادنا بمقتضى حكمتنا ومشيئتنا.وَلا نُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ الذين يتقنون أداء ما كلفهم الله بأدائه، بل نوفيهم أجورهم على إحسانهم في الدنيا قبل الآخرة إذا شئنا ذلك.
12:57
وَ لَاَجْرُ الْاٰخِرَةِ خَیْرٌ لِّلَّذِیْنَ اٰمَنُوْا وَ كَانُوْا یَتَّقُوْنَ۠(۵۷)
اور بیشک آخرت کا ثواب ان کے لیے بہتر جو ایمان لائے اور پرہیزگار رہے (ف۱۴۳)

وَلَأَجْرُ الْآخِرَةِ خَيْرٌ وأبقى لِلَّذِينَ آمَنُوا بالله- تعالى- إيمانا حقا وَكانُوا يَتَّقُونَ خالقهم- عز وجل- في كل ما يأتون وما يذرون، بأن يصونوا أنفسهم عن كل ما يغضبه.وهكذا كافأ الله- تعالى- يوسف على صبره وتقواه وإحسانه، بما يستحقه من خير وسعادة في الدنيا والآخرة.ثم تطوى السورة بعد ذلك أحداثا نكل معرفتها إلى فهم القارئ وفطنته، فهي لم تحدثنا- مثلا- عن الطريقة التي اتبعها يوسف في إدارته لخزائن أرض مصر، اكتفاء بقوله إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ للدلالة على كفايته وأمانته.كذلك لم تحدثنا عن أحوال الناس في السنوات السبع العجاف، وفي السنوات الخضر لأن هذا مقرر ومعروف في دنيا الناس.كذلك لم تحدثنا عن صلة الملك وحاشيته بيوسف، بعد أن صار أمينا على خزائن الأرض، بل أفسحت المجال كله للحديث عن يوسف، إنزالا للناس منازلهم، إذ هو صاحب التفسير الصحيح لرؤيا الملك، وصاحب الأفكار الحكيمة التي أنقذت الأمة من فقر سبع سنوات شداد، وصاحب الدعوة إلى وحدانية الله- تعالى- وإخلاص العبادة له، بين قوم يشركون مع الله في العبادة آلهة أخرى.لم تحدثنا السورة الكريمة عن كل ذلك، في أعقاب حديثها عن تمكين الله- تعالى- ليوسف في الأرض، وإنما انتقلت بنا بعد ذلك مباشرة إلى الحديث عن لقاء يوسف بإخوته، وعما دار بينه وبينهم من محاورات، وعن إكرامه لهم ...قال تعالى:
12:58
وَ جَآءَ اِخْوَةُ یُوْسُفَ فَدَخَلُوْا عَلَیْهِ فَعَرَفَهُمْ وَ هُمْ لَهٗ مُنْكِرُوْنَ(۵۸)
اور یوسف کے بھائی آئے تو اس کے پاس حاضر ہوئے تو یوسف نے انہیں (ف۱۴۴) پہچان لیا اور وہ اس سے انجان رہے (ف۱۴۵)

قال الفخر الرازي- رحمه الله- اعلم أنه لما عم القحط في البلاد، ووصل أيضا إلى البلدة التي كان يسكنها يعقوب- عليه السلام- وصعب الزمان عليهم فقال لبنيه: إن بمصر صالحا يمير الناس- أى يعطيهم الطعام وما هم في حاجة إليه في معاشهم- فاذهبوا إليه بدراهمكم، وخذوا منه الطعام، فخرجوا إليه وهم عشرة وبقي «بنيامين» مع أبيه، ودخلوا على يوسف- عليه السلام- وصارت هذه الواقعة كالسبب في اجتماع يوسف مع إخوته، وظهور صدق ما أخبره الله- تعالى- عنه في قوله ليوسف حال ما ألقوه في الجب لَتُنَبِّئَنَّهُمْ بِأَمْرِهِمْ هذا وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ.وقد جاءوا إليه جميعا- ما عدا «بنيامين» وهو الشقيق الأصغر ليوسف ليحصلوا منه على أكبر كمية من الطعام على حسب عددهم، وليكون عندهم القدرة على صد العدوان إذا ما تعرض لهم قطاع الطرق الذين يكثرون في أوقات الجدب والجوع.وعبر عن معرفة يوسف لهم بالجملة الفعلية، وعن جهلهم له بالجملة الاسمية للإشعار بأن معرفته لهم حصلت بمجرد رؤيته لهم، أما هم فعدم معرفتهم له كان أمرا ثابتا متمكنا منهم.قال صاحب الكشاف: «لم يعرفوه لطول العهد، ومفارقته إياهم في سن الحداثة ولاعتقادهم أنه قد هلك، ولذهابه عن أوهامهم لقلة فكرهم فيه، واهتمامهم بشأنه، ولبعد حاله التي بلغها من الملك والسلطان عن حاله التي فارقوه عليها طريحا في البئر، حتى لو تخيلوا أنه هو لكذبوا أنفسهم وظنونهم، ولأن الملك مما يبدل الزي، ويلبس صاحبه من التهيب والاستعظام ما ينكر له المعروف ... » «2» .ويؤخذ من هذه الآية الكريمة أن المجاعة التي حدثت في السبع السنين الشداد شملت مصر وما جاورها من البلاد- كما سبق أن أشرنا-.كما يؤخذ منها أن مصر كانت محط أنظار المعسرين من مختلف البلاد بفضل حسن تدبير يوسف- عليه السلام- وأخذه الأمور بالعدالة والرحمة وسهره على مصالح الناس، ومراقبته لشئون بيع الطعام، وعدم الاعتماد على غيره حتى إن إخوته قد دخلوا عليه وحده، دون غيره من المسئولين في مصر.
12:59
وَ لَمَّا جَهَّزَهُمْ بِجَهَازِهِمْ قَالَ ائْتُوْنِیْ بِاَخٍ لَّكُمْ مِّنْ اَبِیْكُمْۚ-اَلَا تَرَوْنَ اَنِّیْۤ اُوْفِی الْكَیْلَ وَ اَنَا خَیْرُ الْمُنْزِلِیْنَ(۵۹)
اور جب ان کا سامان مہیا کردیا (ف۱۴۶) کہ اپنا سوتیلا بھائی (ف۱۴۷) میرے پاس لے آؤ کیا نہیں دیکھتے کہ میں پورا ناپتا ہوں (ف۱۴۸) اور میں سب سے بہتر مہمان نواز ہوں،

وقوله- سبحانه- وَلَمَّا جَهَّزَهُمْ بِجَهازِهِمْ قالَ ائْتُونِي بِأَخٍ لَكُمْ مِنْ أَبِيكُمْ ... بيان لما فعله يوسف معهم بعد أن عرفهم دون أن يعرفوه.وأصل الجهاز- بفتح الجيم وكسرها قليل-: ما يحتاج إليه المسافر من زاد ومتاع، يقال: جهزت المسافر، أى هيأت له جهازه الذي يحتاج إليه في سفره، ومنه جهاز العروس وهو ما تزف به إلى زوجها، وجهاز الميت وهو ما يحتاج إليه في دفنه ...والمراد: أن يوسف بعد أن دخل عليه إخوته وعرفهم، أكرم وفادتهم. وعاملهم معاملة طيبة جعلتهم يأنسون إليه، وهيأ لهم ما هم في حاجة إليه من الطعام وغيره، ثم استدرجهم بعد ذلك في الكلام حتى عرف منهم على وجه التفصيل أحوالهم.وذلك لأن قوله لهم ائْتُونِي بِأَخٍ لَكُمْ مِنْ أَبِيكُمْ يستلزم أن حديثا متنوعا نشأ بينه وبينهم، عرف منه يوسف، أن لهم أخا من أبيهم لم يحضر معهم وإلا فلو كان هذا الطلب منه لهم بعد معرفته لهم مباشرة، لشعروا بأنه يعرفهم وهو لا يريد ذلك.ومن هنا قال المفسرون: إن قوله ائْتُونِي بِأَخٍ لَكُمْ مِنْ أَبِيكُمْ يقتضى كلاما دار بينه وبينهم نشأ عنه هذا الطلب، ومما قالوه في توضيح هذا الكلام: ما روى من أنهم بعد أن دخلوا عليه قال لهم: من أنتم وما شأنكم؟ فقالوا: نحن قوم من أهل الشام، جئنا نمتار، ولنا أب شيخ صديق نبي من الأنبياء اسمه يعقوب، فقال لهم: كم عددكم قالوا عشرة، وقد كنا اثنى عشر، فذهب أخ لنا إلى البرية فهلك، وكان أحبنا إلى أبينا، وقد سكن بعده إلى أخ له أصغر منه، هو باق لديه يتسلى به، فقال لهم حينئذ ائتوني بأخ لكم من أبيكم».ويروى أنه قال لهم ذلك بعد أن طلبوا منه شيئا زائدا عن عددهم، لأن لهم أخا لم يحضر معهم، فأعطاهم ما طلبوه، واشترط عليهم إحضار أخيهم هذا معهم، ليتأكد من صدقهم».والمعنى: وبعد أن أعطى يوسف إخوته ما هم في حاجة إليه، وعرف منهم أن لهم أخا من أبيهم قد تركوه في منازلهم ولم يحضر معهم، قال لهم: أنا أريدكم في الزيارة القادمة لي، أن تحضروه معكم لأراه ...وقوله «من أبيكم» حال من قوله «أخ لكم» أى: أخ لكم حالة كونه من أبيكم، وليس شقيقا لكم، فإن هذا هو الذي أريده ولا أريد غيره.وهذا من باب المبالغة في عدم الكشف لهم عن نفسه، حتى لكأنه لا معرفة له بهم ولا به إلا من ذكرهم إياه له.وقوله: أَلا تَرَوْنَ أَنِّي أُوفِي الْكَيْلَ وَأَنَا خَيْرُ الْمُنْزِلِينَ تحريض لهم على الإتيان به، وترغيب لهم في ذلك حتى ينشطوا في إحضاره معهم.أى: ألا ترون أنى أكرمت وفادتكم، وأعطيتكم فوق ما تريدون من الطعام، وأنزلتكم ببلدى منزلا كريما ... وما دام أمرى معكم كذلك، فلا بد من أن تأتونى معكم بأخيكم من أبيكم في المرة القادمة، لكي أزيد في إكرامكم وعطائكم.والمراد بإيفاء الكيل: إتمامه بدون تطفيف أو تنقيص.وعبر بصيغة الاستقبال «ألا ترون ... » مع كونه قد قال هذا القول بعد تجهيزه لهم.للدلالة على أن إيفاءه هذا عادة مستمرة له معهم كلما أتوه.وجملة وَأَنَا خَيْرُ الْمُنْزِلِينَ حالية، والمنزل: المضيف لغيره. أى: والحال أنى خير المضيفين لمن نزل في ضيافتي، وقد شاهدتم ذلك بأنفسكم.
12:60
فَاِنْ لَّمْ تَاْتُوْنِیْ بِهٖ فَلَا كَیْلَ لَكُمْ عِنْدِیْ وَ لَا تَقْرَبُوْنِ(۶۰)
پھر اگر اسے لیکر میرے پاس نہ آؤ تو تمہارے لیے میرے یہاں ماپ نہیں اور میرے پاس نہ پھٹکنا،

ثم أتبع هذا الترغيب بالترهيب فقال: فَإِنْ لَمْ تَأْتُونِي بِهِ فَلا كَيْلَ لَكُمْ عِنْدِي وَلا تَقْرَبُونِ.أى: لقد رأيتم منى كل خير في لقائكم معى هذا، وقد طلبت منكم أن تصحبوا معكم أخاكم من أبيكم في لقائكم القادم معى، فإن لم تأتونى به معكم عند عودتكم إلى، فإنى لن أبيعكم شيئا مما تريدونه من الأطعمة وغيرها، وفضلا عن ذلك فإنى أحذركم من أن تقربوا بلادي فضلا عن دخولها.هذا التحذير منه- عليه السلام- لهم، يشعر بأن إخوته قد ذكروا له بأنهم سيعودون إليه مرة أخرى، لأن ما معهم من طعام لا يكفيهم إلا لوقت محدود من الزمان.
12:61
قَالُوْا سَنُرَاوِدُ عَنْهُ اَبَاهُ وَ اِنَّا لَفٰعِلُوْنَ(۶۱)
بولے ہم اس کی خواہش کریں گے اس کے باپ سے اور ہمیں یہ ضرور کرنا،

وقوله- سبحانه-: قالُوا سَنُراوِدُ عَنْهُ أَباهُ وَإِنَّا لَفاعِلُونَ حكاية لما رد به إخوة يوسف عليه.فعرفهم وهم له منكرون، وبعد أن طلب منهم بقوة أن يعودوا إليه ومعهم أخوهم لأبيهم ...فماذا كان بعد ذلك؟لقد حكت لنا السورة الكريمة ما دار بين إخوة يوسف وبين أبيهم من محاورات طلبوا خلالها منه أن يأذن لهم في اصطحاب «بنيامين» معهم في رحلتهم القادمة إلى مصر، كما حكت ما رد به أبوهم عليهم. قال- تعالى-:
12:62
وَ قَالَ لِفِتْیٰنِهِ اجْعَلُوْا بِضَاعَتَهُمْ فِیْ رِحَالِهِمْ لَعَلَّهُمْ یَعْرِفُوْنَهَاۤ اِذَا انْقَلَبُوْۤا اِلٰۤى اَهْلِهِمْ لَعَلَّهُمْ یَرْجِعُوْنَ(۶۲)
اور یوسف نے اپنے غلاموں سے کہا ان کی پونجی ان کی خورجیوں میں رکھ دو (ف۱۴۹) شاید وہ اسے پہچانیں جب اپنے گھر کی طرف لوٹ کر جائیں (ف۱۵۰) شاید وہ واپس آئیں،

ثم بين - سبحانه - ما فعله يوسف مع إخوته وهم على وشك الرحيل فقالك ( وَقَالَ لِفِتْيَانِهِ اجعلوا بِضَاعَتَهُمْ فِي رِحَالِهِمْ لَعَلَّهُمْ يَعْرِفُونَهَآ إِذَا انقلبوا إلى أَهْلِهِمْ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ ) .والفتيان : جمع فتى والمراد بهم هنا من يقومون بخدمته ومساعدته فى عمله .والبضاعة فى الأصل : القطعة الوفيرة من الأموال التى تققنى للتجارة ، مأخوذة من البضع بمعنى القطع .والمراد بها هنا : أثمان الطعام الذى أعطاه لهم يوسف - عليه السلام - .والرحال : جمع رحل ، وهو ما يوضع على البعير من متاع الراكب .والمعنى : وقال يوسف - عليه السلام - لفتيانه الذين يقومون بتلبية مطالبه : أعيدوا إلى رحال هؤلاء القوم - وهم إخوته - الأثمان التى دفعوها لنا فى مقابل ما أخذوه منا من طعام ، وافعلوا ذلك دون أن يشعروا بكم ، لعل هؤلاء القوم عندما يعودون إلى بلادهم ، ويفتحون أمتعتهم ، فيجدون فيها الأثمان التى دفعوها لنا فى مقابل ما أخذوه من طعام غيره .لعلهم حينئذ يرجعون إلينا مرة أخرى ، ليدفعوها لنا فى مقابل ما أخذوه .وكأن يوسف - عليه السلام - أراد بفعله هذا حملهم على الرجوع إليه ومعهم " بنيامين " لأن من شأن النفوس الكبيرة أن تقابل الإِحسان بالإِحسان وأن تأنف من أخذ المبيع دون أن تدفع لصاحبه ثمنه .وقوله ( لَعَلَّهُمْ يَعْرِفُونَهَآ إِذَا انقلبوا إلى أَهْلِهِمْ ) تعليل لأمره فتيانه يجعل البضاعة فى رحال إخوته .إذ أن معرفتهم بأن بضاعتهم قد ردت إليهم لا يتم إلا بعد انقلابهم - أى رجوعهم - إلى أهلهم ، وبعد تفريغها عندهم .وقوله ( لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ ) جواب للأمر . أى : اجعلوها كذلك ، لعلهم بعد اكتشافهم أنهم ما دفعوا لنا ثمن ما أخذوه ، يرجعون إلينا ليدفعوا لنا حقنا .وإلى هنا تكون السورة الكريمة قد حدثتنا عما دار بين يوسف وإخوته بعد أن دخلوا عليه فعرفهم وهم له منكرون ، وبعد أن طلب منهم بقوة أن يعودوا إليه ومعهم أخوهم لأبيهم . . . فماذا كان بعد ذلك؟
12:63
فَلَمَّا رَجَعُوْۤا اِلٰۤى اَبِیْهِمْ قَالُوْا یٰۤاَبَانَا مُنِعَ مِنَّا الْكَیْلُ فَاَرْسِلْ مَعَنَاۤ اَخَانَا نَكْتَلْ وَ اِنَّا لَهٗ لَحٰفِظُوْنَ(۶۳)
پھر جب وہ اپنے باپ کی طرف لوٹ کر گئے (ف۱۵۱) بولے اے ہمارے باپ ہم سے غلہ روک دیا گیا ہے (ف۱۵۲) تو ہمارے بھائی کو ہمارے پاس بھیج دیجئے کہ غلہ لائیں اور ہم ضرور اس کی حفاظت کریں گے،

وقوله- سبحانه-: فَلَمَّا رَجَعُوا إِلى أَبِيهِمْ قالُوا يا أَبانا مُنِعَ مِنَّا الْكَيْلُ فَأَرْسِلْ مَعَنا أَخانا نَكْتَلْ ... حكاية لما قاله إخوة يوسف لأبيهم فور التقائهم به.والمراد بالكيل: الطعام المكيل الذي هم في حاجة إليه.والمراد بمنعه: الحيلولة بينهم وبينه في المستقبل، لأن رجوعهم بالطعام قرينة على ذلك.والآية الكريمة معطوفة على كلام محذوف، يدرك من السياق والتقدير: ترك إخوة يوسف مصر، وعادوا إلى بلادهم، بعد أن وعدوه بتنفيذ ما طلبه منهم، فلما وصلوا إلى بلادهم، ودخلوا على أبيهم قالوا له بدون تمهل.يا أَبانا لقد حكم عزيز مصر بعدم بيع أى طعام لنا بعد هذه المرة إذا لم نأخذ معنا أخانا «بنيامين» ليراه عند عودتنا إليه فقد قال لنا مهددا عند مغادرتنا له: فَإِنْ لَمْ تَأْتُونِي بِهِ فَلا كَيْلَ لَكُمْ عِنْدِي وَلا تَقْرَبُونِ.وأنت تعلم أننا لا بد من عودتنا إليه، لجلب احتياجاتنا من الطعام وغيره، فنرجوك أن توافقنا على اصطحاب «بنيامين» معنا «وإنا له لحافظون» حفظا تاما من أن يصيبه مكروه.والآية الكريمة واضحة الدلالة على أن قولهم هذا لأبيهم، كان بمجرد رجوعهم إليه، وكان قبل أن يفتحوا متاعهم ليعرفوا ما بداخله ...وكأنهم فعلوا ذلك ليشعروه بأن إرسال بنيامين معهم عند سفرهم إلى مصر، أمر على أكبر جانب من الأهمية، وأن عدم إرساله سيترتب عليه منع الطعام عنهم.وقرأ حمزة والكسائي «فأرسل معنا أخانا يكتل» - بالياء- أى: فأرسله معنا ليأخذ نصيبه من الطعام المكال، لأن عزيز مصر لا يعطى طعاما لمن كان غائبا.وعلى كلا القراءتين فالفعل مجزوم في جواب الطلب.وقالوا له وَإِنَّا لَهُ لَحافِظُونَ بالجملة الاسمية، لتأكيد حفظهم له: وأن ذلك أمر ثابت عندهم ثبوتا لا مناص منه.ولكن يبدو أن قولهم هذا قد حرك كوامن الأحزان والآلام في نفس يعقوب، فهم الذين سبق أن قالوا له في شأن يوسف- أيضا- أَرْسِلْهُ مَعَنا غَداً يَرْتَعْ وَيَلْعَبْ وَإِنَّا لَهُ لَحافِظُونَ.
12:64
قَالَ هَلْ اٰمَنُكُمْ عَلَیْهِ اِلَّا كَمَاۤ اَمِنْتُكُمْ عَلٰۤى اَخِیْهِ مِنْ قَبْلُؕ-فَاللّٰهُ خَیْرٌ حٰفِظًا۪-وَّ هُوَ اَرْحَمُ الرّٰحِمِیْنَ(۶۴)
کہا کیا اس کے بارے میں تم پر ویسا ہی اعتبار کرلوں جیسا پہلے اس کے بھائی کے بارے میں کیا تھا (ف۱۵۳) تو اللہ سب سے بہتر نگہبان اور وہ ہر مہربان سے بڑھ کر مہربان،

لذا نجده يرد عليهم في استنكار وألم بقوله: قالَ هَلْ آمَنُكُمْ عَلَيْهِ إِلَّا كَما أَمِنْتُكُمْ عَلى أَخِيهِ مِنْ قَبْلُ....أى: قال يعقوب لأولاده بعد أن طلبوا منه بإلحاح إرسال أخيهم معهم، وبعد أن تعهدوا بحفظه: أتريدون أن أأتمنكم على ابني «بنيامين» ، كما ائتمنتكم على شقيقه يوسف من قبل هذا الوقت، فكانت النتيجة التي تعرفونها جمعا، وهي فراق يوسف لي فراقا لا يعلم مداه إلا الله- تعالى-؟!! لا، إننى لا أثق بوعودكم بعد الذي حدث منكم معى في شأن يوسف. فالاستفهام في قوله «هل آمنكم ... » للإنكار والنفي.وقوله فَاللَّهُ خَيْرٌ حافِظاً وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ تفريع على استنكاره لطلبهم إرسال «بنيامين» معهم، وتصريح منه لهم بأن حفظ الله- تعالى- خير من حفظهم.أى: إننى لا أثق بوعودكم لي بعد الذي حدث منكم بالنسبة ليوسف، وإنما أثق بحفظ الله ورعايته «فالله» - تعالى- «خير حافظا» لمن يشاء حفظه، فمن حفظه سلم، ومن لم يحفظه لم يسلم، كما لم يسلم أخوه يوسف من قبل حين ائتمنتكم عليه «وهو» - سبحانه- أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ لخلقه، فأرجو أن يشملني برحمته، ولا يفجعنى في «بنيامين» ، كما فجعت في شقيقه يوسف من قبل.ويبدو أن الأبناء قد اقتنعوا برد أبيهم عليهم، واشتموا من هذا الرد إمكان إرساله معهم، لذا لم يراجعوه مرة أخرى.قال الآلوسى ما ملخصه: «وهذا- أى رد يعقوب عليهم- ميل منه- عليه السلام- إلى الإذن والإرسال لما رأى فيه من المصلحة، وفيه أيضا من التوكل على الله- تعالى- ما لا يخفى، ولذا روى أن الله- تعالى- قال: «وعزتي وجلالي لأردهما عليك إذ توكلت على ... » وقرأ أكثر السبعة فالله خير حفظا ... وقرأ حمزة والكسائي وحفص «حافِظاً ... » وعلى القراءتين فهو منصوب على أنه تمييز ... » .
12:65
وَ لَمَّا فَتَحُوْا مَتَاعَهُمْ وَجَدُوْا بِضَاعَتَهُمْ رُدَّتْ اِلَیْهِمْؕ-قَالُوْا یٰۤاَبَانَا مَا نَبْغِیْؕ-هٰذِهٖ بِضَاعَتُنَا رُدَّتْ اِلَیْنَاۚ-وَ نَمِیْرُ اَهْلَنَا وَ نَحْفَظُ اَخَانَا وَ نَزْدَادُ كَیْلَ بَعِیْرٍؕ-ذٰلِكَ كَیْلٌ یَّسِیْرٌ(۶۵)
اور جب انہوں نے اپنا اسباب کھولا اپنی پونجی پائی کہ ان کو پھیر دی گئی ہے، بولے اے ہمارے باپ اب اور کیا چاہیں، یہ ہے ہماری پونجی ہمیں واپس کردی گئی اور ہم اپنے گھر کے لیے غلہ لائیں اور اپنے بھائی کی حفاظت کریں اور ایک اونٹ کا بوجھ اور زیادہ پائیں، یہ دنیا بادشاہ کے سامنے کچھ نہیں (ف۱۵۴)

ثم اتجه الأبناء بعد هذه المحاورة مع أبيهم إلى أمتعتهم ليفتحوها ويخرجوا ما بها من زاد حضروا به من مصر، فكانت المفاجأة التي حكاها القرآن في قوله:وَلَمَّا فَتَحُوا مَتاعَهُمْ وَجَدُوا بِضاعَتَهُمْ رُدَّتْ إِلَيْهِمْ....أى: وحين فتحوا أوعيتهم التي بداخلها الطعام الذي اشتروه من عزيز مصر. فوجئوا بوجود أثمان هذا الطعام قد رد إليهم معه، ولم يأخذها عزيز مصر، بل دسها داخل أوعيتهم دون أن يشعروا، فدهشوا وقالوا لأبيهم متعجبين:يا أَبانا ما نَبْغِي هذِهِ بِضاعَتُنا رُدَّتْ إِلَيْنا أى: يا أبانا ماذا نطلب من الإحسان والكرم أكثر من هذا الذي فعله معنا عزيز مصر؟ لقد أعطانا الطعام الذي نريده، ثم رد إلينا ثمنه الذي دفعناه له دون أن يخبرنا بذلك.فما في قوله ما نَبْغِي استفهامية، والاستفهام للتعجب من كرم عزيز مصر، وهي مفعول نبغى، ونبغى من البغاء- بضم الباء- وهو الطلب.والمراد ببضاعتهم: الثمن الذي دفعوه للعزيز في مقابل ما أخذوه منه من زاد.وجملة هذِهِ بِضاعَتُنا رُدَّتْ إِلَيْنا مستأنفة لتوضيح ما دل عليه الاستفهام من التعجب، بسبب ما فعله معهم عزيز مصر من مروءة وسخاء.فكأنهم قالوا لأبيهم: كيف لا نعجب وندهش، وهذه بضاعتنا ردت إلينا من حيث لا ندري ومعها الأحمال التي اشتريناها من عزيز مصر لم ينقص منها شيء؟وقوله وَنَمِيرُ أَهْلَنا معطوف على مقدر يفهم من الكلام، أى: «هذه بضاعتنا ردت إلينا» فننتفع بها في معاشنا، ونمير أهلنا، أى: نجلب لهم الميرة- بكسر الميم وسكون الياء- وهي الزاد الذي يؤتى به من مكان إلى آخر.وَنَحْفَظُ أَخانا عند سفره معنا من أى مكروه.وَنَزْدادُ بوجوده معنا عند الدخول على عزيز مصر.كَيْلَ بَعِيرٍ أى: ويعطينا العزيز حمل بعير من الزاد، زيادة على هذه المرة نظرا لوجود أخينا معنا.ولعل قولهم هذا كان سببه أن يوسف- عليه السلام- كان يعطى من الطعام على عدد الرءوس، حتى يستطيع أن يوفر القوت للجميع في تلك السنوات الشداد.واسم الإشارة في قوله- سبحانه- ذلِكَ كَيْلٌ يَسِيرٌ يعود إلى الزاد الذي أحضروه من مصر أى: ذلك الطعام الذي أعطانا إياه عزيز مصر طعام يسير، لا يكفينا إلا لمدة قليلة من الزمان، ويجب أن نعود إلى مصر لنأتى بطعام آخر.وفي هذه الجمل المتعددة التي حكاها القرآن عنهم، تحريض واضح منهم لأبيهم على أن يسمح لهم باصطحاب «بنيامين» معهم في رحلتهم القادمة إلى مصر.ومن مظاهر هذا التحريض: مدحهم لعزيز مصر الذي رد لهم أثمان مشترياتهم، وحاجتهم الملحة إلى استجلاب طعام جديد، وتعهدهم بحفظ أخيهم وازدياد الأطعمة بسبب وجوده معهم.
12:66
قَالَ لَنْ اُرْسِلَهٗ مَعَكُمْ حَتّٰى تُؤْتُوْنِ مَوْثِقًا مِّنَ اللّٰهِ لَتَاْتُنَّنِیْ بِهٖۤ اِلَّاۤ اَنْ یُّحَاطَ بِكُمْۚ-فَلَمَّاۤ اٰتَوْهُ مَوْثِقَهُمْ قَالَ اللّٰهُ عَلٰى مَا نَقُوْلُ وَكِیْلٌ(۶۶)
کہا میں ہرگز اسے تمہارے ساتھ نہ بھیجوں گا جب تک تم مجھے کا اللہ کا یہ عہد نہ دے دو (ف۱۵۵) کہ ضرور اسے لے کر آ ؤ گے مگر یہ کہ تم گھِر جاؤ (ف۱۵۶) پھر انہوں نے یعقوب کو عہد دے دیا کہا (ف۱۵۷) اللہ کا ذمہ ہے ان باتوں پر جو کہہ رہے ہیں،

ولكن يعقوب- عليه السلام- مع كل هذا التحريض والإلحاح، لم يستجب لهم إلا على كره منه، واشترط لهذه الاستجابة ما حكاه القرآن في قوله:قالَ لَنْ أُرْسِلَهُ مَعَكُمْ حَتَّى تُؤْتُونِ مَوْثِقاً مِنَ اللَّهِ لَتَأْتُنَّنِي بِهِ إِلَّا أَنْ يُحاطَ بِكُمْ.والموثق: العهد الموثق باليمين، وجمعه مواثيق.أى: قال يعقوب- عليه السلام- لهم: والله لن أرسل معكم «بنيامين» إلى مصر، حتى تحلفوا لي بالله، بأن تقولوا: والله لنأتينك به عند عودتنا، ولن نتخلى عن ذلك، «إلا أن يحاط بنا» أى: إلا أن نهلك جميعا، أو أن نغلب عليه بما هو فوق طاقتنا.يقولون: أحيط بفلان إذا هلك أو قارب الهلاك، وأصله من إحاطة العدو بالشخص، واستعمل في الهلاك، لأن من أحاط به العدو يهلك غالبا.وسمى الحلف بالله- تعالى- موثقا، لأنه مما تؤكد به العهود وتقوى وقد أذن الله- تعالى- بذلك عند وجود ما يقتضى الحلف به- سبحانه-.وقوله: «لتأتننى به» جواب لقسم محذوف والاستثناء في قوله «إلا أن يحاط بكم» مفرغ من أعم الأحوال، والتقدير: لن أرسله معكم حتى تحلفوا بالله وتقولوا: والله لنأتينك به معنا عند عودتنا، في جميع الأحوال والظروف إلا في حال هلاككم أو في حال عجزكم التام عن مدافعة أمر حال بينكم وبين الإتيان به معكم.وقوله فَلَمَّا آتَوْهُ مَوْثِقَهُمْ أى: فلما أعطى الأبناء أباهم العهد الموثق باليمين بأن أقسموا له بأن يأتوا بأخيهم معهم عند عودتهم من مصر.«قال» لهم على سبيل التأكيد والحض على وجوب الوفاء: الله- تعالى- على ما نقول أنا وأنتم وكيل، أى: مطلع ورقيب، وسيجازى الأوفياء خيرا، وسيجازى الناقضين لعهودهم بما يستحقون من عقاب.قال ابن كثير: «وإنما فعل ذلك، لأنه لم يجد بدا من بعثهم لأجل الميرة التي لا غنى لهم عنها فبعثه معهم» .
12:67
وَ قَالَ یٰبَنِیَّ لَا تَدْخُلُوْا مِنْۢ بَابٍ وَّاحِدٍ وَّ ادْخُلُوْا مِنْ اَبْوَابٍ مُّتَفَرِّقَةٍؕ-وَ مَاۤ اُغْنِیْ عَنْكُمْ مِّنَ اللّٰهِ مِنْ شَیْءٍؕ-اِنِ الْحُكْمُ اِلَّا لِلّٰهِؕ-عَلَیْهِ تَوَكَّلْتُۚ-وَ عَلَیْهِ فَلْیَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُوْنَ(۶۷)
اور کہا اے میرے بیٹوں! (ف۱۵۸) ایک دروازے سے نہ داخل ہونا اور جدا جدا دروا زوں سے جانا (ف۱۵۹) میں تمہیں اللہ سے بچا نہیں سکتا (ف۱۶۰) حکم تو سب اللہ ہی کا ہے، میں نے اسی پر بھروسہ کیا اور بھروسہ کرنے والوں کو اسی پر بھروسہ چاہیے،

ثم حكى- سبحانه- بعد ذلك ما وصى به يعقوب أبناءه عند سفرهم فقال وَقالَ يا بَنِيَّ لا تَدْخُلُوا مِنْ بابٍ واحِدٍ وَادْخُلُوا مِنْ أَبْوابٍ مُتَفَرِّقَةٍ....أى: وقال يعقوب- الأب العطوف- لأبنائه وهو يودعهم: يا بنى إذا وصلتم إلى مصر، فلا تدخلوا كلكم من باب واحد، وأنتم أحد عشر رجلا بل ادخلوا من أبوابها المتفرقة، بحيث يدخل كل اثنين أو ثلاثة من باب.قالوا: وكانت أبواب مصر في ذلك الوقت أربعة أبواب.وقد ذكر المفسرون أسبابا متعددة لوصية يعقوب هذه لأبنائه، وأحسن هذه الأسباب ما ذكره الآلوسى في قوله: نهاهم عن الدخول من باب واحد، حذرا من إصابة العين أى من الحسد، فإنهم كانوا ذوى جمال وشارة حسنة ... فكانوا مظنة لأن يعانوا- أى لأن يحسدوا- إذا ما دخلوا كوكبة واحدة ...ثم قال: والعين حق، كما صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وصح أيضا بزيادة «ولو كان شيء يسبق القدر سبقته العين» ...وقد ورد أيضا: «إن العين لتدخل الرجل القبر، والجمل القدر» .وقيل: إن السبب في وصية يعقوب لأبنائه بهذه الوصية، خوفه عليهم من أن يسترعى عددهم حراس مدينة مصر إذا ما دخلوا من باب واحد، فيترامى في أذهانهم أنهم جواسيس أو ما شابه ذلك، فربما سجنوهم، أو حالوا بينهم وبين الوصول إلى يوسف- عليه السلام- ...وقوله وَما أُغْنِي عَنْكُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ اعتراف منه- عليه السلام- بأن دخولهم من الأبواب المتفرقة، لن يحول بينهم وبين ما قدره- تعالى- وأراده لهم، وإنما هو أمرهم بذلك من باب الأخذ بالأسباب المشروعة.أى: وإنى بقولي هذا لكم، لا أدفع عنكم شيئا قدره الله عليكم، ولو كان هذا الشيء قليلا.إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ أى: ما الحكم في كل شيء إلا لله- تعالى- وحده لا ينازعه في ذلك منازع. ولا يدافعه مدافع.«وعليه» وحده «توكلت» في كل أمورى.«وعليه» وحده «فليتوكل المتوكلون» أى المريدون للتوكل الحق، والاعتماد الصدق الذي لا يتعارض مع الأخذ بالأسباب التي شرعها الله وأمر بها.إذ أن كلا من التوكل والأخذ بالأسباب مطلوب من العبد، إلا أن العاقل عند ما يأخذ في الأسباب يجزم بأن الحكم لله وحده في كل الأمور، وأن الأسباب ما هي إلا أمور عادية، يوجد الله- تعالى- معها ما يريد إيجاده، ويمنع ما يريد منعه، فهو الفعال لما يريد.ويعقوب- عليه السلام- عند ما أوصى أبناءه بهذه الوصية، أراد بها تعليمهم الاعتماد على توفيق الله ولطفه، مع الأخذ بالأسباب المعتادة الظاهرة تأدبا مع الله- تعالى- واضع الأسباب ومشرعها ...
12:68
وَ لَمَّا دَخَلُوْا مِنْ حَیْثُ اَمَرَهُمْ اَبُوْهُمْؕ-مَا كَانَ یُغْنِیْ عَنْهُمْ مِّنَ اللّٰهِ مِنْ شَیْءٍ اِلَّا حَاجَةً فِیْ نَفْسِ یَعْقُوْبَ قَضٰىهَاؕ-وَ اِنَّهٗ لَذُوْ عِلْمٍ لِّمَا عَلَّمْنٰهُ وَ لٰكِنَّ اَكْثَرَ النَّاسِ لَا یَعْلَمُوْنَ۠(۶۸)
اور جب وہ داخل ہوئے جہاں سے ان کے باپ نے حکم دیا تھا (ف۱۶۱) وہ کچھ انہیں کچھ انہیں اللہ سے بچا نہ سکتا ہاں یعقوب کے جی کی ایک خواہش تھی جو اس نے پوری کرلی، اور بیشک وہ صاحب علم ہے ہمارے سکھائے سے مگر اکثر لوگ نہیں جانتے (ف۱۶۲)

ثم بين- سبحانه- أن الأبناء قد امتثلوا أمر أبيهم لهم فقال: وَلَمَّا دَخَلُوا مِنْ حَيْثُ أَمَرَهُمْ أَبُوهُمْ، ما كانَ يُغْنِي عَنْهُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا حاجَةً فِي نَفْسِ يَعْقُوبَ قَضاها.والمراد بالحاجة هنا: نصيحته لأبنائه بأن يدخلوا من أبواب متفرقة، خوفا عليهم من الحسد. ومعنى «قضاها» أظهرها ولم يستطع كتمانها يقال: قضى فلان حاجة لنفسه إذا أظهر ما أضمره فيها.أى: وحين دخل أبناء يعقوب من الأبواب المتفرقة التي أمرهم أبوهم بالدخول منها.«ما كان» هذا الدخول «يغنى عنهم» أى يدفع عنهم من قدر «الله من شيء» قدره عليهم، ولكن الذي حمل يعقوب على أمرهم بذلك، حاجة أى رغبة خطرت في نفسه «قضاها» أى: أظهرها ووصاهم بها ولم يستطع إخفاءها لشدة حبه لهم مع اعتقاده بأن كل شيء بقضاء الله وقدره.وقوله- سبحانه- وَإِنَّهُ لَذُو عِلْمٍ لِما عَلَّمْناهُ ثناء من الله- تعالى- على يعقوب بالعلم وحسن التدبير.أى: وإن يعقوب- عليه السلام- لذو علم عظيم، للشيء الذي علمناه إياه عن طريق وحينا، فهو لا ينسى منه شيئا إلا ما شاء الله.وقوله وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ أى: لا يعلمون ما يعلمه يعقوب- عليه السلام- من أن الأخذ بالأسباب لا يتنافى مع التوكل على الله- تعالى- أو: ولكن أكثر الناس لا يعلمون ما أعطاه الله- تعالى- لأنبيائه وأصفيائه من العلم والمعرفة وحسن التأني للأمور.وإلى هنا تكون الآيات الكريمة قد فصلت الحديث عما دار بين إخوة يوسف وبين أبيهم في شأن سفر أخيهم معهم.. فماذا كان بعد ذلك؟لقد كان بعد ذلك أن سافر إخوة يوسف إلى مصر، ومعهم «بنيامين» الشقيق الأصغر ليوسف، والتقوا هناك بيوسف، وتكشف هذا اللقاء عن أحداث مثيرة، زاخرة بالانفعالات والمفاجآت والمحاورات ... التي حكاها القرآن في قوله- تعالى-:
12:69
وَ لَمَّا دَخَلُوْا عَلٰى یُوْسُفَ اٰوٰۤى اِلَیْهِ اَخَاهُ قَالَ اِنِّیْۤ اَنَا اَخُوْكَ فَلَا تَبْتَىٕسْ بِمَا كَانُوْا یَعْمَلُوْنَ(۶۹)
اور جب وہ یوسف کے پاس گئے (ف۱۶۳) اس نے اپنے بھائی کو اپنے پاس جگہ دی (ف۱۶۴) کہا یقین جان میں ہی تیرا بھائی (ف۱۶۵) ہوں تو یہ جو کچھ کرتے ہیں اس کا غم نہ کھا (ف۱۶۶)

وقوله- سبحانه- وَلَمَّا دَخَلُوا عَلى يُوسُفَ آوى إِلَيْهِ أَخاهُ ... شروع في بيان ما دار بين يوسف- عليه السلام- وبين شقيقه «بنيامين» بعد أن حضر مع إخوته.وقوله آوى من الإيواء بمعنى الضم. يقال: آوى فلان فلانا إذا ضمه إلى نفسه، ويقال: تأوت الطير وتآوت، إذا تضامت وتجمعت.وقوله فَلا تَبْتَئِسْ: افتعال من البؤس وهو الشدة والضر. يقال بئس- كسمع- فلان بؤسا وبئوسا، إذا اشتد حزنه وهمه.والمعنى: وحين دخل إخوة يوسف عليه، ما كان منه إلا أن ضم إليه شقيقه وقال له مطمئنا ومواسيا: إنى أنا أخوك الشقيق. فلا تحزن بسبب ما فعله إخوتنا معنا من الحسد والأذى، فإن الله- تعالى- قد عوض صبرنا خيرا، وأعطانا الكثير من خيره وإحسانه.قال الإمام ابن كثير: يخبر الله- تعالى- عن إخوة يوسف لما قدموا على يوسف ومعهم أخوه «بنيامين» وأدخلهم دار كرامته ومنزل ضيافته وأفاض عليهم الصلة والإحسان، واختلى بأخيه فأطلعه على شأنه وما جرى له وقال: «لا تبتئس» أى: لا تأسف على ما صنعوا بي، وأمره بكتمان هذا عنهم، وأن لا يطلعهم على ما أطلعه عليه من أنه أخوه وتواطأ معه أنه سيحتال على أن يبقيه عنده معززا مكرما معظما.
12:70
فَلَمَّا جَهَّزَهُمْ بِجَهَازِهِمْ جَعَلَ السِّقَایَةَ فِیْ رَحْلِ اَخِیْهِ ثُمَّ اَذَّنَ مُؤَذِّنٌ اَیَّتُهَا الْعِیْرُ اِنَّكُمْ لَسٰرِقُوْنَ(۷۰)
پھر جب ان کا سامان مہیا کردیا (ف۱۶۷) پیالہ اپنے بھائی کے کجاوے میں رکھ دیا (ف۱۶۸) پھر ایک منادی نے ندا کی اے قافلہ والو! بیشک تم چور ہو،

ثم بين- سبحانه- ما فعله يوسف- عليه السلام- مع إخوته، لكي يبقى أخاه معه فلا يسافر معهم عند رحيلهم فقال: فَلَمَّا جَهَّزَهُمْ بِجَهازِهِمْ جَعَلَ السِّقايَةَ فِي رَحْلِ أَخِيهِ ... والجهاز كما سبق أن بينا: ما يحتاج إليه المسافر من زاد ومتاع..والسقاية: إناء كان الملك يشرب فيه، وعادة ما يكون من معدن نفيس ولقد كان يوسف- عليه السلام- يكتال به في ذلك الوقت نظرا لقلة الطعام وندرته.وهذه السقاية هي التي أطلق عليها القرآن بعد ذلك لفظ الصواع أى:وحين أعطى يوسف إخوته ما هم في حاجة إليه من زاد وطعام، أو عز إلى بعض فتيانه أن يدسوا الصواع في متاع أخيه «بنيامين» دون أن يشعر بهم أحد ...وقوله ثُمَّ أَذَّنَ مُؤَذِّنٌ أَيَّتُهَا الْعِيرُ إِنَّكُمْ لَسارِقُونَ بيان لما قاله بعض أعوان يوسف لإخوته عند ما تهيئوا للسفر، وأوشكوا على الرحيل.والمراد بالمؤذن هنا: المنادى بصوت مرتفع ليعلم الناس ما يريد إعلامهم به. والمراد بالعير هنا: أصحابها. والأصل فيها أنها اسم للإبل التي تحمل الطعام وقيل العير تطلق في الأصل على قافلة الحمير، ثم تجوز فيها فأطلقت على كل قافلة تحمل الزاد وألوان التجارة.أى: ثم نادى مناد على إخوة يوسف- عليه السلام- وهم يتجهزون للسفر، أو وهم منطلقون إلى بلادهم بقوله: يا أصحاب هذه القافلة توقفوا حتى يفصل في شأنكم فأنتم متهمون بالسرقة.قال الآلوسى ما ملخصه: «والذي يظهر أن ما فعله يوسف، من جعله السقاية في رحل أخيه. ومن اتهامه لإخوته بالسرقة.. إنما كان بوحي من الله- تعالى- لما علم- سبحانه- في ذلك من الصلاح، ولما أراد من امتحانهم بذلك. ويؤيده قوله- تعالى-: كَذلِكَ كِدْنا لِيُوسُفَ.
12:71
قَالُوْا وَ اَقْبَلُوْا عَلَیْهِمْ مَّا ذَا تَفْقِدُوْنَ(۷۱)
بولے اور ان کی طرف متوجہ ہوئے تم کیا نہیں پاتے،

ثم بين- سبحانه- ما قاله إخوة يوسف بعد أن سمعوا المؤذن يستوقفهم ويتهمهم بالسرقة فقال- تعالى- قالُوا وَأَقْبَلُوا عَلَيْهِمْ ماذا تَفْقِدُونَ.وتفقدون: من الفقد، وهو غيبة الشيء عن الحس بحيث لا يعرف مكانه.أى: قال إخوة يوسف بدهشة وفزع لمن ناداهم وأخبرهم بأنهم سارقون، قالوا لهم: ماذا تفقدون- أيها الناس- من أشياء حتى اتهمتمونا بأننا سارقون؟!!!
12:72
قَالُوْا نَفْقِدُ صُوَاعَ الْمَلِكِ وَ لِمَنْ جَآءَ بِهٖ حِمْلُ بَعِیْرٍ وَّ اَنَا بِهٖ زَعِیْمٌ(۷۲)
بولے، بادشاہ کا پیمانہ نہیں ملتا اور جو اسے لائے گا اس کے لیے ایک اونٹ کا بوجھ ہے اور میں اس کا ضامن ہوں،

وهنا رد عليهم المؤذن ومن معه من حراس: قالُوا نَفْقِدُ صُواعَ الْمَلِكِ أى: صاعه الذي يشرب فيه، ويكتال به للممتارين.وَلِمَنْ جاءَ بِهِ أى بهذا الصاع، أو دل على سارقه.حِمْلُ بَعِيرٍ من الطعام زيادة على حقه كمكافأة له.وَأَنَا بِهِ زَعِيمٌ أى: وأنا بهذا الحمل كفيل بأن أدفعه لمن جاءنا بصواع الملك.ويبدو أن القائل لهذا القول هو المؤذن السابق، ولعله قد قال ذلك بتوجيه من يوسف- عليه السلام-.
12:73
قَالُوْا تَاللّٰهِ لَقَدْ عَلِمْتُمْ مَّا جِئْنَا لِنُفْسِدَ فِی الْاَرْضِ وَ مَا كُنَّا سٰرِقِیْنَ(۷۳)
بولے خدا کی قسم! تمہیں خوب معلوم ہے کہ ہم زمین میں فساد کرنے نہ آئے اور نہ ہم چور ہیں،

وهنا نجد إخوة يوسف يردون عليهم ردا يدل على استنكارهم لهذه التهمة وعلى تأكدهم من براءتهم فيقولون: قالُوا تَاللَّهِ لَقَدْ عَلِمْتُمْ ما جِئْنا لِنُفْسِدَ فِي الْأَرْضِ وَما كُنَّا سارِقِينَ.أى: قال إخوة يوسف للمنادى ومن معه الذين اتهموهم بالسرقة: تالله يا قوم، لقد علمتم من حالنا وسلوكنا وأخلاقنا، أننا ما جئنا إلى بلادكم، لكي نفسد فيها أو نرتكب ما لا يليق، وما كنا في يوم من الأيام ونحن في أرضكم لنرتكب هذه الجريمة، لأنها تضرنا ولا تنفعنا، حيث إننا في حاجة إلى التردد على بلادكم لجلب الطعام، والسرقة تحول بيننا وبين ذلك، لأنكم بسببها ستمنعوننا من دخول أرضكم، وهذه خسارة عظيمة بالنسبة لنا.
12:74
قَالُوْا فَمَا جَزَآؤُهٗۤ اِنْ كُنْتُمْ كٰذِبِیْنَ(۷۴)
بولے پھر کیا سزا ہے اس کی اگر تم جھوٹے ہو (ف۱۶۹)

وهنا يرد عليهم المنادى وأعوانه بقولهم: قالُوا فَما جَزاؤُهُ إِنْ كُنْتُمْ كاذِبِينَ.أى: قال المنادى وأعوانه لإخوة يوسف الذين نفوا عن أنفسهم تهمة السرقة نفيا تاما.إذا فما جزاء وعقاب هذا السارق لصواع الملك في شريعتكم، إن وجدنا هذا الصواع في حوزتكم، وكنتم كاذبين في دعواكم أنكم ما كنتم سارقين.
12:75
قَالُوْا جَزَآؤُهٗ مَنْ وُّجِدَ فِیْ رَحْلِهٖ فَهُوَ جَزَآؤُهٗؕ-كَذٰلِكَ نَجْزِی الظّٰلِمِیْنَ(۷۵)
بولے اس کی سزا یہ ہے کہ جس کے اسباب میں ملے وہی اس کے بدلے میں غلام بنے (ف۱۷۰) ہمارے یہاں ظالموں کی یہی سزا ہے (ف۱۷۱)

فرد عليهم إخوة يوسف ببيان حكم هذا السارق في شريعتهم بقولهم: قالُوا جَزاؤُهُ مَنْ وُجِدَ فِي رَحْلِهِ فَهُوَ جَزاؤُهُ، كَذلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ.والمراد بالجزاء: العقاب الذي يعاقب به السارق في شريعتهم، والضمير في قوله «جزاؤه» يعود إلى السارق.أى: قال إخوة يوسف: جزاء هذا السارق الذي يوجد صواع الملك في رحله ومتاعه أن يسترق لمدة سنة، هذا هو جزاؤه في شريعتنا.قال الشوكانى ما ملخصه: وقوله «جزاؤه» مبتدأ، وقوله «من وجد في رحله» خبر المبتدأ.والتقدير: جزاء السرقة للصواع أخذ من وجد في رحله- أى استرقاقه لمدة سنة-، وتكون جملة «فهو جزاؤه» لتأكيد الجملة الأولى وتقريرها. قال الزجاج وقوله «فهو جزاؤه» زيادة في البيان. أى: جزاؤه أخذ السارق فهو جزاؤه لا غير».وقالوا «جزاؤه من وجد في رحله» ولم يقولوا جزاء السارق أو جزاء سرقته، للإشارة إلى كمال نزاهتهم، وبراءة ساحتهم من السرقة، حتى لكأن ألسنتهم لا تطاوعهم بأن ينطقوا بها في هذا المقام.وقوله: كَذلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ مؤكد لما قبله، أى مثل هذا الجزاء العادل، وهو الاسترقاق لمدة سنة، نجازي الظالمين الذين يعتدون على أموال غيرهم.
12:76
فَبَدَاَ بِاَوْعِیَتِهِمْ قَبْلَ وِعَآءِ اَخِیْهِ ثُمَّ اسْتَخْرَجَهَا مِنْ وِّعَآءِ اَخِیْهِؕ-كَذٰلِكَ كِدْنَا لِیُوْسُفَؕ-مَا كَانَ لِیَاْخُذَ اَخَاهُ فِیْ دِیْنِ الْمَلِكِ اِلَّاۤ اَنْ یَّشَآءَ اللّٰهُؕ-نَرْفَعُ دَرَجٰتٍ مَّنْ نَّشَآءُؕ-وَ فَوْقَ كُلِّ ذِیْ عِلْمٍ عَلِیْمٌ(۷۶)
تو اول ان کی خرُجیوں سے تلاشی شروع کی اپنے بھائی (ف۱۷۲) کی خرُجی سے پہلے پھر اسے اپنے بھائی کی خرُجی سے نکال لیا (ف۱۷۳) ہم نے یوسف کو یہی تدبیر بتائی (ف۱۷۴) بادشاہی قانون میں اسے نہیں پہنچتا تھا کہ اپنے بھائی کو لے لے (ف۱۷۵) مگر یہ کہ خدا چاہے (ف۱۷۶) ہم جسے چاہیں درجوں بلند کریں (ف۱۷۷) اور ہر علم والے اوپر ایک علم والا ہے (ف۱۷۸)

وقوله- سبحانه- فَبَدَأَ بِأَوْعِيَتِهِمْ قَبْلَ وِعاءِ أَخِيهِ ثُمَّ اسْتَخْرَجَها مِنْ وِعاءِ أَخِيهِ معطوف على كلام محذوف يفهم من المقام.والتقدير: وبعد هذه المحاورة التي دارت بين إخوة يوسف وبين الذين اتهموهم بالسرقة أخبر الإخوة بتفتيش أمتعتهم للبحث عن الصواع بداخلها.«فبدأ» المؤذن بتفتيش أوعيتهم، قبل أن يفتش وعاء «بنيامين» فلم يجد شيئا بداخل أوعيتهم.فلما وصل إلى وعاء «بنيامين» وقام بتفتيشه وجد السقاية بداخله، فاستخرجها منه على مشهد منهم جميعا.ويبدو أن هذا الحوار من أوله كان بمشهد ومرأى من يوسف- عليه السلام- وكان أيضا بتدبير وتوجيه منه للمؤذن ومن معه، فهو الذي أمر المؤذن بأن ينادى «أيتها العير إنكم لسارقون» ، وهو الذي أشار عليه بأن يسألهم عن حكم السارق في شريعتهم، وهو الذي أمره بأن يبدأ بتفتيش أوعيتهم قبل أن يفتش وعاء شقيقه «بنيامين» دفعا للتهمة، ونفيا للشبهة ...روى أنه لما بلغت النوبة إلى وعاء «بنيامين» لتفتيشه قال يوسف- عليه السلام-:ما أظن هذا أخذ شيئا؟ فقالوا: والله لا تتركه حتى تنظر في رحله، فإنه أطيب لنفسك وأنفسنا».ويطوى القرآن ما اعترى إخوة يوسف من دهشة وخزي، بعد أن وجدت السقاية في رحل «بنيامين» وبعد أن أقسموا بالله على براءتهم من تهمة السرقة ... يطوى القرآن كل ذلك، ليترك للعقول أن تتصوره ...ثم يعقب على ما حدث ببيان الحكمة التي من أجلها ألهم الله- تعالى- يوسف أن يفعل ما فعل من دس السقاية في رحل أخيه، ومن سؤال إخوته عن جزاء السارق في شريعتهم فيقول كَذلِكَ كِدْنا لِيُوسُفَ، ما كانَ لِيَأْخُذَ أَخاهُ فِي دِينِ الْمَلِكِ إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللَّهُ....و «كدنا» من الكيد وأصله الاحتيال والمكر، وهو صرف غيرك عما يريده بحيلة، وهو مذموم إن تحرى به الفاعل الشر والقبيح، ومحمود إن تحرى به الفاعل الخير والجميل.والمراد به هنا: النوع المحمود، واللام في «ليوسف» للتعليل.والمراد بدين الملك: شريعته التي يسير عليها في الحكم بين الناس.والمعنى: مثل هذا التدبير الحكيم دبرنا من أجل يوسف ما يوصله إلى غرضه ومقصده، وهو احتجاز أخيه بنيامين معه، بأن ألهمناه بأن يضع السقاية في رحل أخيه، وبأن يسأل إخوته عن حكم السارق في شريعتهم.. وما كان يوسف ليستطيع أن يحتجز أخاه معه، لو نفذ شريعة ملك مصر، لأن شريعته لا تجيز استرقاق السارق سنة كما هو الحال في شريعة يعقوب، وإنما تعاقب السارق بضربه وتغريمه قيمة ما سرقه.وما كان يوسف ليفعل كل ذلك التدبير الحكيم في حال من الأحوال، إلا في حال مشيئة الله ومعونته وإذنه بذلك، فهو- سبحانه- الذي ألهمه أن يدس السقاية في رحل أخيه، وهو- سبحانه- الذي ألهمه أن يسأل إخوته عن عقوبة السارق في شريعتهم حتى يطبقها على من يوجد صواع الملك في رحله منهم.والجملة الكريمة بيان لمظهر من مظاهر فضل الله- تعالى- على يوسف حيث ألهمه ما يوصله إلى مقصوده بأحكم أسلوب.قال الآلوسى ما ملخصه: قوله: «كذلك كدنا ليوسف» أى: مثل ذلك الكيد العجيب وهو إرشاد الإخوة إلى الإفتاء المذكور ... دبرنا وصنفنا من أجل يوسف ما يحصل به غرضه ...وقوله «ما كان ليأخذ أخاه في دين الملك» أى في حكمه وقضائه والكلام استئناف وتعليل لذلك الكيد، كأنه قيل: لماذا فعل؟ فقيل: لأنه لم يكن ليأخذ أخاه جزاء وجود الصواع عنده في دين الملك في أمر السارق إلا بذلك الكيد، لأن جزاء السارق في دينه أن يضاعف عليه الغرم ... دون أن يسترق كما هو الحال في شريعة يعقوب.وقوله «إلا أن يشاء الله» أى: لم يكن يوسف ليتمكن من أخذ أخيه في حال من الأحوال، إلا في حال مشيئته- تعالى- التي هي عبارة عن ذلك الكيد المذكور ... ».قالوا: وفي الآية دليل على جواز التوصل إلى الأغراض الصحيحة بما صورته صورة الحيلة والمكيدة إذا لم يخالف ذلك شرعا ثابتا».وقوله- سبحانه- نَرْفَعُ دَرَجاتٍ مَنْ نَشاءُ وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ استئناف لبيان قدرة الله- تعالى- وسعة رحمته وعطائه.أى: نرفع من نشاء رفعه من عبادنا إلى درجات عالية من العلوم والمعارف والعطايا والمواهب ... كما رفعنا درجات يوسف- عليه السلام-.وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ من أولئك المرفوعين «عليم» يزيد عنهم في علمهم وفي مكانتهم عند الله- تعالى- فهو- سبحانه- العليم بأحوال عباده، وبمنازلهم عنده، وبأعلاهم درجة ومكانة.وقال- سبحانه- «نرفع» بصيغة الاستقبال وللأشعار بأن ذلك سنة من سننه الإلهية التي لا تتخلف ولا تتبدل، وأن عطاءه- سبحانه- لا يناله إلا الذين تشملهم إرادته ومشيئته كما تقتضيه حكمته.وجاءت كلمة «درجات» بالتنكير، للإشارة إلى عظمها وكثرتها.
12:77
قَالُوْۤا اِنْ یَّسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ اَخٌ لَّهٗ مِنْ قَبْلُۚ-فَاَسَرَّهَا یُوْسُفُ فِیْ نَفْسِهٖ وَ لَمْ یُبْدِهَا لَهُمْۚ-قَالَ اَنْتُمْ شَرٌّ مَّكَانًاۚ-وَ اللّٰهُ اَعْلَمُ بِمَا تَصِفُوْنَ(۷۷)
بھائی بولے اگر یہ چوری کرے (ف۱۷۹) تو بیشک اس سے پہلے اس کا بھائی چوری کرچکا ہے (ف۱۸۰) تو یوسف نے یہ بات اپنے دل میں رکھی اور ان پر ظاہر نہ کی، جی میں کہا تم بدتر جگہ ہو (ف۱۸۱) اور اللہ خوب جانتا ہے جو باتیں بناتے ہو،

ثم حكى- سبحانه- ما قاله إخوة يوسف في أعقاب ثبوت تهمة السرقة على أخيه «بنيامين» فقال- تعالى- قالُوا إِنْ يَسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَهُ مِنْ قَبْلُ....أى: قال إخوة يوسف- عليه السلام- بعد هذا الموقف المحرج لهم. إن يسرق بنيامين هذا الصواع الخاص بالملك فقد سرق أخ له من قبل- وهو يوسف- ما يشبه ذلك.وقولهم هذا يدل على أن صنيعهم بيوسف وأخيه ما زال متمكنا من نفوسهم.وقد ذكر المفسرون هنا روايات متعددة في مرادهم بقولهم هذا، ومن بين هذه الروايات ما أخرجه ابن مردويه عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال في الآية: سرق يوسف- عليه السلام- صنما لجده وكان هذا الصنم من ذهب وفضة، فكسره وألقاه على الطريق، فعير إخوته بذلك»وقوله فَأَسَرَّها يُوسُفُ فِي نَفْسِهِ وَلَمْ يُبْدِها لَهُمْ، قالَ أَنْتُمْ شَرٌّ مَكاناً وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِما تَصِفُونَ بيان لموقفه من مقالتهم، والضمير في «فأسرها» يعود إلى تلك المقالة التي قالوها.أى: سمع يوسف- عليه السلام- ما قاله إخوته في حقه وفي حق شقيقه فساءه ذلك، ولكنه كظم غيظه، ولم يظهر لهم تأثره مما قالوه وإنما رد عليهم بقوله «بل أنتم» أيها الإخوة «شر مكانا» أى: موضعا ومنزلا ممن نسبتموه إلى السرقة وهو برىء، لأنكم أنتم الذين كذبتم على أبيكم وخدعتموه، وقلتم له بعد أن ألقيتم أخاكم في الجب، لقد أكله الذئب.«والله» - تعالى- «أعلم» منى ومنكم «بما تصفون» به غيركم من الأوصاف التي يخالفها الحق، ولا يؤيدها الواقع.
12:78
قَالُوْا یٰۤاَیُّهَا الْعَزِیْزُ اِنَّ لَهٗۤ اَبًا شَیْخًا كَبِیْرًا فَخُذْ اَحَدَنَا مَكَانَهٗۚ-اِنَّا نَرٰىكَ مِنَ الْمُحْسِنِیْنَ(۷۸)
بولے اے عزیز! اس کے ایک باپ ہیں بوڑھے بڑے (ف۱۸۲) تو ہم میں اس کی جگہ کسی کو لے لو، بیشک ہم تمہارے احسان دیکھ رہے ہیں،

ثم حكى- سبحانه- ما قالوا ليوسف على سبيل الرجاء والاستعطاف لكي يطلق لهم أخاهم حتى يعود معهم إلى أبيهم فقال: قالُوا يا أَيُّهَا الْعَزِيزُ إِنَّ لَهُ أَباً شَيْخاً كَبِيراً فَخُذْ أَحَدَنا مَكانَهُ إِنَّا نَراكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ.أى: قال إخوة يوسف له على سبيل الاستعطاف: يا أَيُّهَا الْعَزِيزُ الذي أكرمنا وأحسن إلينا «إن» أخانا هذا الذي أخذته على سبيل الاسترقاق لمدة سنة، قد ترك من خلفه في بلادنا «أبا شيخا كبيرا» متقدما في السن، وهذا الأب يحب هذا الابن حبا جما فإذا كان ولا بد من أن تأخذ واحدا على سبيل الاسترقاق بسبب هذه السرقة «فخذ أحدنا مكانه» حتى لا نفجع أبانا فيه.وإننا ما طلبنا منك هذا الطلب، إلا لأننا «نراك من المحسنين» إلينا، المكرمين لنا، فسر على طريق هذا الإحسان والإكرام، وأطلق سراح أخينا «بنيامين» ليسافر معنا.
12:79
قَالَ مَعَاذَ اللّٰهِ اَنْ نَّاْخُذَ اِلَّا مَنْ وَّجَدْنَا مَتَاعَنَا عِنْدَهٗۤۙ-اِنَّاۤ اِذًا لَّظٰلِمُوْنَ۠(۷۹)
کہا (ف۱۸۳) خدا کی پناہ کہ ہم میں مگر اسی کو جس کے پاس ہمارا مال ملا (ف۱۸۴) جب تو ہم ظالم ہوں گے،

ولكن هذا الرجاء والتلطف والاستعطاف منهم ليوسف، لم ينفعهم شيئا، فقد رد عليهم في حزم وحسم بقوله: قالَ مَعاذَ اللَّهِ أَنْ نَأْخُذَ إِلَّا مَنْ وَجَدْنا مَتاعَنا عِنْدَهُ ... و «معاذ» منصوب بفعل محذوف.أى: قال يوسف لهم: نعوذ بالله- تعالى- معاذا، من أن نأخذ في جريمة السرقة إلا الشخص الذي وجدنا صواع الملك عنده وهو «بنيامين» .وأنتم الذين أفتيتم بأن السارق في شريعتكم عقوبته استرقاقه لمدة سنة، فنحن نسير في هذا الحكم تبعا لشريعتكم.إِنَّا إِذاً لَظالِمُونَ إذا أخذنا شخصا آخر سوى الذي وجدنا متاعنا عنده. والظلم تأباه شريعتنا كما تأباه شريعتكم، فاتركوا الجدال في هذا الأمر الذي لا ينفع معه الجدال، لأننا لا نريد أن نكون ظالمين.وبهذا الرد الحاسم قطع يوسف حبال آمال إخوته في العفو عن بنيامين أو في أخذ أحدهم مكانه، فانسحبوا من أمامه تعلوهم الكآبة، وطفقوا يفكرون في مصيرهم وفي موقفهم من أبيهم عند العودة إليه ...
12:80
فَلَمَّا اسْتَایْــٴَـسُوْا مِنْهُ خَلَصُوْا نَجِیًّاؕ-قَالَ كَبِیْرُهُمْ اَلَمْ تَعْلَمُوْۤا اَنَّ اَبَاكُمْ قَدْ اَخَذَ عَلَیْكُمْ مَّوْثِقًا مِّنَ اللّٰهِ وَ مِنْ قَبْلُ مَا فَرَّطْتُّمْ فِیْ یُوْسُفَۚ-فَلَنْ اَبْرَحَ الْاَرْضَ حَتّٰى یَاْذَنَ لِیْۤ اَبِیْۤ اَوْ یَحْكُمَ اللّٰهُ لِیْۚ-وَ هُوَ خَیْرُ الْحٰكِمِیْنَ(۸۰)
پھر جب اس سے نا امید ہوئے الگ جاکر سرگوشی کرنے لگے، ان کا بڑا بھائی بولا کیا تمہیں خبر نہیں کہ تمہارے باپ نے تم سے اللہ کا عہد لے لیا تھا اور اس سے پہلے یوسف کے حق میں تم نے کیسی تقصیر کی تو میں یہاں سے نہ ٹلوں گا یہاں تک کہ میرے باپ (ف۱۸۵) اجازت دیں یا اللہ مجھے حکم فرمائے (ف۱۸۶) اور اس کا حکم سب سے بہتر،

وقد حكى القرآن ذلك بأسلوبه البليغ فقال: فَلَمَّا اسْتَيْأَسُوا مِنْهُ خَلَصُوا نَجِيًّا قالَ كَبِيرُهُمْ أَلَمْ تَعْلَمُوا أَنَّ أَباكُمْ قَدْ أَخَذَ عَلَيْكُمْ مَوْثِقاً مِنَ اللَّهِ وَمِنْ قَبْلُ ما فَرَّطْتُمْ فِي يُوسُفَ....وقوله «استيأسوا» يئسوا يأسا تاما فالسين والتاء للمبالغة.و «خلصوا» من الخلوص بمعنى الانفراد.و «نجيا» حال من فاعل خلصوا. وهو مصدر أطلق على المتناجين في السر على سبيل المبالغة.والفاء في قوله فَلَمَّا اسْتَيْأَسُوا مِنْهُ ... معطوفة على محذوف يفهم من الكلام.والتقدير: لقد بذل إخوة يوسف أقصى جهودهم معه ليطلق لهم سراح أخيهم بنيامين، فلما يئسوا يأسا تاما من الوصول إلى مطلوبهم، انفردوا عن الناس ليتشاوروا فيما يفعلونه، وفيما يقولونه لأبيهم عند ما يعودون إليه ولا يجد معهم «بنيامين» ..هذه الجملة الكريمة وهي قوله- تعالى- فَلَمَّا اسْتَيْأَسُوا مِنْهُ خَلَصُوا نَجِيًّا من أبلغ الجمل التي اشتمل عليها القرآن الكريم، ومن العلماء الذين أشاروا إلى ذلك الإمام الثعالبي في كتاب «الإيجاز والإعجاز» فقد قال: من أراد أن يعرف جوامع الكلم، ويتنبه لفضل الاختصار ويحيط ببلاغة الإيجاز، ويفطن لكفاية الإيجاز، فليتدبر القرآن وليتأمل علوه على سائر الكلام.ثم قال: فمن ذلك قوله- تعالى- في إخوة يوسف فَلَمَّا اسْتَيْأَسُوا مِنْهُ خَلَصُوا نَجِيًّا وهذه صفة اعتزالهم جميع الناس، وتقليبهم الآراء ظهرا لبطن، وأخذهم في تزوير ما يلقون به أباهم عند عودتهم إليه، وما يوردون عليه من ذكر الحادث. فتضمنت تلك الكلمات القصيرة، معاني القصة الطويلة».وقوله: قالَ كَبِيرُهُمْ أَلَمْ تَعْلَمُوا أَنَّ أَباكُمْ ... إلخ بيان لما قاله لهم أحدهم خلال تناجيهم مع بعضهم في عزلة عن الناس.ولم يذكر القرآن اسم كبيرهم، لأنه لا يتعلق بذكره غرض منهم، وقد ذكر بعض المفسرين أن المراد به «روبيل» لأنه أسنهم، وذكر بعضهم أنه «يهوذا» لأنه كبيرهم في العقل ...أى: وحين اختلى إخوة يوسف بعضهم مع بعض لينظروا في أمرهم بعد أن احتجز عزيز مصر أخاهم بنيامين، قال لهم كبيرهم:«ألم تعلموا» وأنتم تريدون الرجوع إلى أبيكم وليس معكم «بنيامين» .«أن أباكم قد أخذ عليكم موثقا من الله» عند ما أرسله معكم، بأن تحافظوا عليه، وأن لا تعودوا إليه بدونه إلا أن يحاط بكم.وألم تعلموا كذلك أنكم في الماضي قد فرطتم وقصرتم في شأن يوسف، حيث عاهدتم أباكم على حفظه، ثم ألقيتم به في الجب.والاستفهام في قوله: «ألم تعلموا ... » للتقرير. أى: لقد علمتم علما يقينا بعهد أبيكم عليكم بشأن بنيامين، وعلمتم علما يقينا بخيانتكم لعهد أبيكم في شأن يوسف، فبأى وجه تعودون إلى أبيكم وليس معكم أخوكم بنيامين؟قال الشوكانى: قوله: أَلَمْ تَعْلَمُوا أَنَّ أَباكُمْ قَدْ أَخَذَ عَلَيْكُمْ مَوْثِقاً مِنَ اللَّهِ أى عهدا من الله- تعالى- بحفظ ابنه ورده إليه. ومعنى كونه من الله: أنه بإذنه.وقوله وَمِنْ قَبْلُ ما فَرَّطْتُمْ فِي يُوسُفَ معطوف على ما قبله. والتقدير: ألم تعلموا أن أباكم ... وتعلموا تفريطكم في يوسف، فقوله «ومن قبل» متعلق بتعلموا.أى: تعلموا تفريطكم في يوسف من قبل. على أن ما مصدرية.وقوله فَلَنْ أَبْرَحَ الْأَرْضَ حَتَّى يَأْذَنَ لِي أَبِي أَوْ يَحْكُمَ اللَّهُ لِي ... حكاية للقرار الذي اتخذه كبيرهم بالنسبة لنفسه.أى: قال كبير إخوة يوسف لهم: لقد علمتم ما سبق أن قلته لكم، فانظروا في أمركم، أما أنا «فلن أبرح الأرض» أى: فلن أفارق أرض مصر «حتى يأذن لي أبى» بمفارقتها، لأنه قد أخذ علينا العهد الذي تعلمونه بشأن أخى بنيامين. «أو يحكم الله لي» بالخروج منها وبمفارقتها على وجه لا يؤدى إلى نقض الميثاق مع أبى «وهو» - سبحانه- «خير الحاكمين» لأنه لا يحكم إلا بالحق والعدل.
  FONT
  THEME
  TRANSLATION
  • English | Ahmed Ali
  • Urdu | Ahmed Raza Khan
  • Turkish | Ali-Bulaç
  • German | Bubenheim Elyas
  • Chinese | Chineese
  • Spanish | Cortes
  • Dutch | Dutch
  • Portuguese | El-Hayek
  • English | English
  • Urdu | Fateh Muhammad Jalandhry
  • French | French
  • Hausa | Hausa
  • Indonesian | Indonesian-Bahasa
  • Italian | Italian
  • Korean | Korean
  • Malay | Malay
  • Russian | Russian
  • Tamil | Tamil
  • Thai | Thai
  • Farsi | مکارم شیرازی
  TAFSEER
  • العربية | التفسير الميسر
  • العربية | تفسير الجلالين
  • العربية | تفسير السعدي
  • العربية | تفسير ابن كثير
  • العربية | تفسير الوسيط لطنطاوي
  • العربية | تفسير البغوي
  • العربية | تفسير القرطبي
  • العربية | تفسير الطبري
  • English | Arberry
  • English | Yusuf Ali
  • Dutch | Keyzer
  • Dutch | Leemhuis
  • Dutch | Siregar
  • Urdu | Sirat ul Jinan
  HELP

يُوْسُف
يُوْسُف
  00:00



Download

يُوْسُف
يُوْسُف
  00:00



Download