READ
Surah An-Nahl
اَلنَّحْل
128 Ayaat مکیۃ
شَاكِرًا لِّاَنْعُمِهٖؕ-اِجْتَبٰىهُ وَ هَدٰىهُ اِلٰى صِرَاطٍ مُّسْتَقِیْمٍ(۱۲۱)
اس کے احسانوں پر شکر کرنے والا، اللہ نے اسے چن لیا (ف۲۷۸) اور اسے سیدھی راہ دکھائی،
ووصفه- خامسا- بقوله- سبحانه-: شاكِراً لِأَنْعُمِهِ أى: معترفا بفضل الله- تعالى- عليه، ومستعملا نعمه فيما خلقت له، ومؤديا حقوق خالقه فيها. قال- تعالى-: وَإِبْراهِيمَ الَّذِي وَفَّى أى: قام بأداء جميع ما كلفه الله به.وبعد أن مدح- سبحانه- إبراهيم بتلك الصفات الجامعة لمجامع الخير، أتبع ذلك ببيان فضله- تعالى- عليه فقال: اجْتَباهُ أى اختاره واصطفاه للنبوة. من الاجتباء بمعنى الاصطفاء والاختيار.واجتباء الله- تعالى- لعبده معناه: اختصاصه ذلك العبد بخصائص ومزايا يحصل له عن طريقها أنواع من النعم بدون كسب منه.وَهَداهُ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ أى: وأرشده إلى الطريق القويم، الذي دعا الصالحون ربهم أن يرشدهم إليه، حيث قالوا في تضرعهم: اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ. وهو طريق الإسلام.
وَ اٰتَیْنٰهُ فِی الدُّنْیَا حَسَنَةًؕ-وَ اِنَّهٗ فِی الْاٰخِرَةِ لَمِنَ الصّٰلِحِیْنَؕ(۱۲۲)
اور ہم نے اسے دنیا میں بھلائی دی (ف۲۷۹) اور بیشک وہ آخرت میں شایان قرب ہے،
وَآتَيْناهُ فِي الدُّنْيا حَسَنَةً أى: وجمعنا له خير الدنيا من كل ما يحتاج المؤمن إليه ليحيا حياة طيبة، كهدايته إلى الدين الحق، ومنحه نعمة النبوة، وإعطائه الذرية الصالحة، والسيرة الحسنة، والمال الوفير.وقد أشار القرآن الكريم إلى جانب من هذه النعم، كما في قوله- تعالى-: وَاجْعَلْ لِي لِسانَ صِدْقٍ فِي الْآخِرِينَ .وكما في قوله- تعالى-: فَلَمَّا اعْتَزَلَهُمْ وَما يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَهَبْنا لَهُ إِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ وَكُلًّا جَعَلْنا نَبِيًّا.. .وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ أى: وإنه في الدار الآخرة لمندرج في عباد الله الصالحين، الذين رضى الله عنهم ورضوا عنه، والذين كانت لهم جنات الفردوس نزلا.
ثُمَّ اَوْحَیْنَاۤ اِلَیْكَ اَنِ اتَّبِـعْ مِلَّةَ اِبْرٰهِیْمَ حَنِیْفًاؕ-وَ مَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِیْنَ(۱۲۳)
پھر ہم نے تمہیں وحی بھیجی کہ دین ابراہیم کی پیروی کرو جو ہر باطل سے الگ تھا اور مشرک نہ تھا، (ف۲۸۰)
ثم ختم- سبحانه- هذه النعم التي منحها لخليله إبراهيم، بأمر نبيه محمد صلى الله عليه وسلم أن يتبع ملة أبيه إبراهيم- عليه السلام- فقال- تعالى-: ثُمَّ أَوْحَيْنا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْراهِيمَ حَنِيفاً وَما كانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ.والمراد بملة إبراهيم: شريعته التي أمره الله- تعالى- باتباعها في عقيدته وعبادته ومعاملاته، وهي شريعة الإسلام، التي عبر عنها آنفا بالصراط المستقيم في قوله- تعالى-:اجْتَباهُ وَهَداهُ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ.والمراد باتباع الرسول صلى الله عليه وسلم له في ذلك: الاقتداء به في التوحيد وفي أصول الدين، الثابتة في كل الشرائع، لا الفروع الشرعية التي تختلف من شريعة إلى أخرى، بحسب المصالح التي يريدها الله- تعالى- لعباده.أى: ثم أوحينا إليك- أيها الرسول الكريم- بأن تتبع في عقيدتك وشريعتك مِلَّةَ إِبْراهِيمَ حَنِيفاً أى: شريعته التي هي شريعة الإسلام.قال صاحب الكشاف: قوله- تعالى-: ثُمَّ أَوْحَيْنا إِلَيْكَ.. في «ثم» هذه ما فيها من تعظيم منزلة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإجلال محله، والإيذان بأن أشرف ما أوتى خليل الله إبراهيم من الكرامة، وأجل ما أوتى من النعمة، اتباع رسول الله صلى الله عليه وسلم لملته، من جهة أنها دلت على تباعد هذا النعت في المرتبة، من بين سائر النعوت التي أثنى الله عليه بها .وقال القرطبي: وفي هذه الآية دليل على جواز اتباع الأفضل للمفضول فيما يؤدى إلى الصواب، ولا درك على الفاضل في هذا، فإن النبي صلى الله عليه وسلم أفضل الأنبياء، وقد أمر بالاقتداء بهم، قال- تعالى-: أُولئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُداهُمُ اقْتَدِهْ.. وقال- سبحانه- هنا: ثُمَّ أَوْحَيْنا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْراهِيمَ حَنِيفاً.. .وقوله: حَنِيفاً حال من إبراهيم، أى: من المضاف إليه، وصح ذلك لأن المضاف هنا وهو مِلَّةَ كالجزء من المضاف إليه وهو إبراهيم من حيث صحة الاستغناء بالثاني عن الأول، لأن قولك: أن اتبع إبراهيم حنيفا كلام تام..وقد أشار ابن مالك- رحمه الله- إلى هذا المعنى بقوله:ولا تجز حالا من المضاف له ... إلا إذا اقتضى المضاف عملهأو كان جزء ماله أضيفا ... أو مثل جزئه فلا تحيفاوقوله- سبحانه-: وَما كانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ تنزيه لإبراهيم- عليه السلام- عن أى لون من ألوان الإشراك بالله- تعالى-.أى: وما كان إبراهيم- عليه السلام- من المشركين مع الله- تعالى- آلهة أخرى لا في عقيدته ولا في عبادته ولا في أى شأن من شئونه.وفي ذلك رد على المشركين الذين زعموا أنهم على ملة ابراهيم، ورد- أيضا- على اليهود والنصارى الذين زعموا أن إبراهيم- عليه السلام- كان على ملتهم.قال- تعالى-: ما كانَ إِبْراهِيمُ يَهُودِيًّا وَلا نَصْرانِيًّا وَلكِنْ كانَ حَنِيفاً مُسْلِماً وَما كانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ .
اِنَّمَا جُعِلَ السَّبْتُ عَلَى الَّذِیْنَ اخْتَلَفُوْا فِیْهِؕ-وَ اِنَّ رَبَّكَ لَیَحْكُمُ بَیْنَهُمْ یَوْمَ الْقِیٰمَةِ فِیْمَا كَانُوْا فِیْهِ یَخْتَلِفُوْنَ(۱۲۴)
ہفتہ تو انہیں پر رکھا گیا تھا جو اس میں مختلف ہوگئے (ف۲۸۱) اور بیشک تمہارا رب قیا مت کے دن ان میں فیصلہ کردے گا جس بات میں اختلاف کرتے تھے، (ف۲۸۲)
وبعد أن بين- سبحانه- حقيقة عقيدة إبراهيم، ومدحه بجملة من الصفات الجليلة، وبين جانبا من مظاهر فضله- سبحانه- عليه، أتبع ذلك ببيان أن تحريم العمل في يوم السبت أمر خاص باليهود، ولا علاقة له بشريعة إبراهيم أو بشريعة محمد صلى الله عليه وسلم فقال- تعالى-: إِنَّما جُعِلَ السَّبْتُ عَلَى الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ....والمراد بالسبت: اليوم المسمى بهذا الاسم، وأصله- كما يقول ابن جرير- الهدوء والسكوت في راحة ودعة، ولذلك قيل للنائم مسبوت لهدوئه وسكون جسده واستراحته، كما قال- جل ثناؤه-: وَجَعَلْنا نَوْمَكُمْ سُباتاً أى: راحة لأبدانكم.. .والكلام على حذف مضاف، والمعنى: إنما جعل تعظيم يوم السبت، والتخلي فيه للعبادة، عَلَى الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ وهم اليهود، حيث أمرهم نبيهم موسى- عليه السلام- بتعظيم يوم الجمعة، فخالفوه واختاروا السبت.قال الجمل ما ملخصه: قوله- سبحانه-: عَلَى الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ أى: خالفوا نبيهم، حيث أمرهم: أن يعظموا يوم الجمعة بالتفرغ للعبادة فيه، وشدد عليهم بتحريم الاصطياد فيه: فليس المراد بالاختلاف أن بعضهم رضى، وبعضهم لم يرض، بل المراد به امتناع الجميع- حيث قالوا لا نريد يوم الجمعة، واختاروا السبت.ثم قال: وفي معنى الآية قول آخر. قال قتادة: إن الذين اختلفوا فيه هم اليهود، حيث استحله بعضهم وحرمه بعضهم، فعلى هذا القول يكون معنى قوله إِنَّما جُعِلَ السَّبْتُ ...أى: وبال يوم السبت ولعنته عَلَى الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ، وهم اليهود، حيث استحله بعضهم فاصطادوا فيه، فعذبوا ومسخوا.. وثبت بعضهم على تحريمه فلم يصطد فيه، فلم يعذبوا.. والقول الأول أقرب إلى الصحة .وقال الإمام ابن كثير: وقد ثبت في الصحيحين عن أبى هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «نحن الآخرون السابقون يوم القيامة، بيد أنهم- أى أهل الكتاب- أوتوا الكتاب من قبلنا، ثم هذا يومهم الذي فرض الله عليهم- أى يوم الجمعة- فاختلفوا فيه، فهدانا الله له، فالناس لنا فيه تبع، اليهود غدا والنصارى بعد غد» .ثم بين- سبحانه- حكمه العادل فيهم فقال: وَإِنَّ رَبَّكَ لَيَحْكُمُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ فِيما كانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ. أى: وإن ربك- أيها الرسول الكريم- ليحكم بين هؤلاء المختلفين يوم القيامة، بأن ينزل بهم العقوبة التي يستحقونها بسبب مخالفتهم لنبيهم، وإعراضهم عن طاعته فيما أمرهم به من تعظيم يوم الجمعة.ويصح أن يكون المعنى: وإن ربك ليحكم بحكمه العادل بين هؤلاء اليهود الذين اختلفوا في شأن يوم السبت، حيث استحله بعضهم، وحرمه البعض الآخر، فيجازى كل فريق بما يستحقه من ثواب أو عقاب.وبذلك نرى الآيات الكريمة قد مدحت إبراهيم- عليه السلام- مدحا عظيما، وذكرت جانبا من المآثر التي أكرمه الله- تعالى- بها، وبرأته مما ألصقه به المشركون وأهل الكتاب من تهم باطلة، ودعاوى كاذبة.
اُدْعُ اِلٰى سَبِیْلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَ الْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَ جَادِلْهُمْ بِالَّتِیْ هِیَ اَحْسَنُؕ-اِنَّ رَبَّكَ هُوَ اَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِیْلِهٖ وَ هُوَ اَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِیْنَ(۱۲۵)
اپنے رب کی راہ کی طرف بلاؤ (ف۲۸۳) پکی تدبیر اور اچھی نصیحت سے (ف۲۸۴) اور ان سے اس طریقہ پر بحث کرو جو سب سے بہتر ہو (ف۲۸۵) بیشک تمہارا رب خوب جانتا ہے جو اس کی راہ سے بہکا اور وہ خوب جانتا ہے راہ والوں کو،
ثم ختم- سبحانه- السورة الكريمة بتلك الآيات الجامعة لآداب الدعوة إلى الله، والهادية إلى مكارم الأخلاق، فقال- تعالى-:وبذلك نرى الآية الكريمة قد رسمت أقوم طرق الدعوة إلى الله- تعالى- وعينت أحكم وسائلها، وأنجعها في هداية النفوس.إنها تأمر الدعاة في كل زمان ومكان أن تكون دعوتهم إلى سبيل الله لا إلى سبيل غيره: إلى طريق الحق لا طريق الباطل، وإنها تأمرهم- أيضا- أن يراعوا في دعوتهم أحوال الناس، وطباعهم، وسعة مداركهم، وظروف حياتهم، وتفاوت ثقافاتهم.وأن يخاطبوا كل طائفة بالقدر الذي تسعه عقولهم، وبالأسلوب الذي يؤثر في نفوسهم، وبالطريقة التي ترضى قلوبهم وعواطفهم.فمن لم يقنعه القول المحكم، قد تقنعه الموعظة الحسنة، ومن لم تقنعه الموعظة الحسنة. قد يقنعه الجدال بالتي هي أحسن.ولذلك كان من الواجب على الدعاة الى الحق، أن يتزودوا بجانب ثقافتهم الدينية الأصيلة الواسعة- بالكثير من ألوان العلوم الأخرى كعلوم النفس والاجتماع والتاريخ، وطبائع الأفراد والأمم.. فإنه ليس شيء أنجع في الدعوة من معرفة طبائع الناس وميولهم، وتغذية هذه الطبائع والميول بما يشبعها من الزاد النافع، وبما يجعلها تقبل على فعل الخير، وتدبر عن فعل الشر.وكما أن أمراض الأجسام مختلفة، ووسائل علاجها مختلفة- أيضا-، فكذلك أمراض النفوس متنوعة، ووسائل علاجها متباينة.فمن الناس من يكون علاجه بالمقالة المحكمة: ومنهم من يكون علاجه بالعبارة الرقيقة الرفيقة التي تهز المشاعر، وتثير الوجدان، ومنهم من يكون علاجه بالمحاورة والمناقشة والمناظرة والمجادلة بالتي هي أحسن، لأن النفس الإنسانية لها كبرياؤها وعنادها، وقلما تتراجع عن الرأى الذي آمنت به. إلا بالمجادلة بالتي هي أحسن. والحق: أن الدعاة إلى الله- تعالى- إذا فقهوا هذه الحقائق فتسلحوا بسلاح الإيمان والعلم، وأخلصوا لله- تعالى- القول والعمل، وفطنوا إلى أنجع الأساليب في الدعوة إلى الله، وخاطبوا الناس على قدر عقولهم واستعدادهم.. نجحوا في دعوتهم، وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء.قال الآلوسى: وإنما تفاوتت طرق دعوته صلى الله عليه وسلم لتفاوت مراتب الناس، فمنهم خواص، وهم أصحاب نفوس مشرقة، قوية الاستعداد لإدراك المعاني، مائلة إلى تحصيل اليقين على اختلاف مراتبه، وهؤلاء يدعون بالحكمة.ومنهم عوام، أصحاب نفوس كدرة ضعيفة الاستعداد، شديدة الإلف بالمحسوسات، قوية التعلق بالرسوم والعادات، قاصرة عن درجة البرهان، لكن لا عناد عندهم، وهؤلاء يدعون بالموعظة الحسنة.ومنهم من يعاند ويجادل بالباطل ليدحض به الحق، لما غلب عليه من تقليد الأسلاف، ورسخ فيه من العقائد الباطلة، فصار بحيث لا تنفعه المواعظ والعبر، بل لا بد من إلقامه الحجر بأحسن طرق الجدال، لتلين عريكته، وتزول شكيمته، وهؤلاء الذين أمر صلى الله عليه وسلم بجدالهم بالتي هي أحسن .وقوله- سبحانه-: إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ بيان لكمال علم الله- تعالى- وإحاطته بكل شيء، وإرشاد للدعاة في شخص نبيهم صلى الله عليه وسلم إلى أن عليهم أن يدعوا الناس بالطريقة التي بينها- سبحانه- لهم، ثم يتركوا النتائج له- تعالى- يسيرها كيف يشاء.والظاهر أن صيغة التفضيل أَعْلَمُ في هذه الآية وأمثالها، المراد بها مطلق الوصف لا المفاضلة، لأن الله- تعالى- لا يشاركه أحد في علم أحوال خلقه، من شقاوة وسعادة، وهداية وضلال.والمعنى: إن ربك- أيها الرسول الكريم- هو وحده العليم بمن ضل من خلقه عن صراطه المستقيم، وهو وحده العليم بالمهتدين منهم إلى السبيل الحق وسيجازى كل فريق منهم بما يستحقه من ثواب أو عقاب.وما دام الأمر كذلك، فعليك- أيها الرسول الكريم- أن تسلك في دعوتك إلى سبيل ربك، الطرق التي أرشدك إليها، من الحكمة والموعظة الحسنة، والمجادلة بالتي هي أحسن، ومن كان فيه خير- كما يقول صاحب الكشاف- كفاه الوعظ القليل، والنصيحة اليسيرة، ومن لا خير فيه عجزت عنه الحيل، وكأنك تضرب منه في حديد بارد .
وَ اِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوْا بِمِثْلِ مَا عُوْقِبْتُمْ بِهٖؕ-وَ لَىٕنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَیْرٌ لِّلصّٰبِرِیْنَ(۱۲۶)
اور اگر تم سزا دو تو ایسی ہی سزا دو جیسی تمہیں تکلیف پہونچائی تھی (ف۲۸۶) اور اگر تم صبر کرو (ف۲۸۷) تو بیشک صبر والوں کو صبر سب سے اچھا،
وبعد أن بين- سبحانه- أنجع أساليب الدعوة إلى سبيله في حالة المسالمة والمجادلة بالحجة والبرهان، أتبع ذلك ببيان ما ينبغي على المسلم أن يفعله في حالة الاعتداء عليه أو على دعوته فقال- تعالى-: وَإِنْ عاقَبْتُمْ فَعاقِبُوا بِمِثْلِ ما عُوقِبْتُمْ بِهِ....أى: وإن أردتم معاقبة من ظلمكم واعتدى عليك، فعاقبوه بمثل ما فعله بكم، ولا تزيدوا على ذلك، فإن الزيادة حيف يبغضه الله- تعالى-.ثم أرشدهم- سبحانه- إلى ما هو أسمى من مقابلة الشر بمثله فقال: وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ.والضمير في قوله لَهُوَ يعود إلى المصدر في قوله صَبَرْتُمْ، والمصدر إما أن يراد به الجنس فيكون المعنى: ولئن صبرتم فالصبر خير للصابرين، وأنتم منهم.وإما أن يراد به صبرهم الخاص فيكون المعنى: ولئن صبرتم عن المعاقبة بالمثل، لصبركم خير لكم، فوضع- سبحانه- الصابرين موضع لكم على سبيل المدح لهم، والثناء عليهم بصفة الصبر.هذا، وقد ذكر جمع من المفسرين أن هذه الآية الكريمة نزلت في أعقاب غزوة أحد، بعد أن مثل المشركون بحمزة- رضى الله عنه-.قال الإمام ابن كثير ما ملخصه: روى الحافظ البزار عن أبى هريرة- رضى الله عنه- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وقف على حمزة بن عبد المطلب حين استشهد. فنظر الى منظر لم ينظر أوجع للقلب منه.وقد مثل المشركون به. فقال صلى الله عليه وسلم: رحمة الله عليك، لقد كنت وصولا للرحم، فعولا للخيرات. والله لولا حزن من بعدك عليك لسرني أن أتركك حتى يحشرك الله من بطون السباع. أما والله لأمثلن بسبعين منهم مكانك. فنزلت هذه الآية. فكفر رسول الله صلى الله عليه وسلم عن يمينه.ثم قال ابن كثير بعد روايته لهذا الحديث: وهذا إسناد فيه ضعف لأن أحد رواته وهو «صالح بن بشير المري» ضعيف عند الأئمة. وقال البخاري هو منكر الحديث.ثم قال ابن كثير- رحمه الله-: وروى عبد الله بن الإمام أحمد في مسند أبيه عن أبى بن كعب، قال: لما كان يوم أحد قتل من الأنصار ستون رجلا، ومن المهاجرين ستة، فقال أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم: لئن كان لنا يوم مثل هذا اليوم من المشركين لنمثلن بهم، فلما كان يوم الفتح قال رجل: لا تعرف قريش بعد اليوم. فنادى مناد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أمن الأبيض والأسود إلا فلانا وفلانا- ناسا سماهم-، فنزلت الآية.فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم «نصبر ولا نعاقب» .والذي نراه أن الآية الكريمة- حتى ولو كان سبب نزولها ما ذكر- إلا أن التوجيهات التي اشتملت عليها صالحة لكل زمان ومكان، لأن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب، وعلى رأس هذه التوجيهات السامية التي اشتملت عليها: دعوة المسلمين الى التزام العدالة في أحكامهم، وحضهم على الصبر والصفح ما دام ذلك لا يضر بمصلحتهم ومصلحة الدعوة الإسلامية.وشبيه بهذه الآية الكريمة قوله- تعالى-: وَجَزاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُها، فَمَنْ عَفا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ ... .
وَ اصْبِرْ وَ مَا صَبْرُكَ اِلَّا بِاللّٰهِ وَ لَا تَحْزَنْ عَلَیْهِمْ وَ لَا تَكُ فِیْ ضَیْقٍ مِّمَّا یَمْكُرُوْنَ(۱۲۷)
اور اے محبوب! تم صبر کرو اور تمہارا صبر اللہ ہی کی توفیق سے ہے اور ان کا غم نہ کھاؤ (ف۲۸۸) اور ان کے فریبوں سے دل تنگ نہ ہو، ف۲۸۹)
ثم أمر- سبحانه- بالصبر أمرا صريحا، بعد أن بين حسن عاقبته فقال: وَاصْبِرْ وَما صَبْرُكَ إِلَّا بِاللَّهِ....أى:: واصبر- أيها الرسول الكريم- على أذى قومك، وما صبرك في حال من الأحوال بمؤت ثماره المرجوة منه إلا بتوفيق الله- تعالى- لك، وبتثبيته إياك، وما دام الأمر كذلك فالجأ إليه وحده، واستعن به- سبحانه- في كل أمورك، فالاستثناء مفرغ من أعم الأحوال.ثم نهاه- سبحانه- عن الحزن بسبب كفر الكافرين، فإن الهداية والإضلال بقدرة الله وحده فقال- تعالى-: وَلا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلا تَكُ فِي ضَيْقٍ مِمَّا يَمْكُرُونَ.أى ولا تحزن بسبب كفر الكافرين، وإصرارهم على ذلك، وإعراضهم عن دعوتك، ولا يضق صدرك بمكرهم، فإن الله- تعالى- ناصرك عليهم، ومنجيك من شرورهم.
اِنَّ اللّٰهَ مَعَ الَّذِیْنَ اتَّقَوْا وَّ الَّذِیْنَ هُمْ مُّحْسِنُوْنَ۠(۱۲۸)
بیشک اللہ ان کے ساتھ ہے جو ڈرتے ہیں اور جو نیکیاں کرتے ہیں،
وقوله- تعالى-: إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ تعليل لما سبق من أمره بالصبر، ومن نهيه عن الحزن وضيق الصدر.أى: إن الله- تعالى- بمعونته وتأييده مع الذين اتقوه في كل أحوالهم، وصانوا أنفسهم عن كل ما لا يرضاه. ومع الذين يحسنون القول والعلم، بأن يؤدوهما بالطريقة التي أمر الإسلام بها، ومن كان الله- تعالى- معه، سعد في دنياه وفي أخراه.وقد قيل لبعض الصالحين وهو يحتضر: أوص. فقال: إنما الوصية من المال. ولا مال لي، ولكني أوصيكم بالعمل بخواتيم سورة النحل.وبعد فهذه سورة النحل، وهذا تفسير لها. نسأل الله- تعالى- أن يجعله خالصا لوجهه، ونافعا لعباده.وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
- English | Ahmed Ali
- Urdu | Ahmed Raza Khan
- Turkish | Ali-Bulaç
- German | Bubenheim Elyas
- Chinese | Chineese
- Spanish | Cortes
- Dutch | Dutch
- Portuguese | El-Hayek
- English | English
- Urdu | Fateh Muhammad Jalandhry
- French | French
- Hausa | Hausa
- Indonesian | Indonesian-Bahasa
- Italian | Italian
- Korean | Korean
- Malay | Malay
- Russian | Russian
- Tamil | Tamil
- Thai | Thai
- Farsi | مکارم شیرازی
- العربية | التفسير الميسر
- العربية | تفسير الجلالين
- العربية | تفسير السعدي
- العربية | تفسير ابن كثير
- العربية | تفسير الوسيط لطنطاوي
- العربية | تفسير البغوي
- العربية | تفسير القرطبي
- العربية | تفسير الطبري
- English | Arberry
- English | Yusuf Ali
- Dutch | Keyzer
- Dutch | Leemhuis
- Dutch | Siregar
- Urdu | Sirat ul Jinan