READ
Surah al-Baqarah
اَلْبَقَرَة
286 Ayaat مدنیۃ
وَ لِلْمُطَلَّقٰتِ مَتَاعٌۢ بِالْمَعْرُوْفِؕ-حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِیْنَ(۲۴۱)
اور طلاق والیوں کے لئے بھی مناسب طور پر نان و نفقہ ہے، یہ واجب ہے پرہیزگاروں پر،
أي: لكل مطلقة متاع بالمعروف حقا على كل متق، جبرا لخاطرها وأداء لبعض حقوقها، وهذه المتعة واجبة على من طلقت قبل المسيس، والفرض سنة في حق غيرها كما تقدم، هذا أحسن ما قيل فيها، وقيل إن المتعة واجبة على كل مطلقة احتجاجا بعموم هذه الآية، ولكن القاعدة أن المطلق محمول على المقيّد، وتقدم أن الله فرض المتعة للمطلقة قبل الفرض والمسيس خاصة.
كَذٰلِكَ یُبَیِّنُ اللّٰهُ لَكُمْ اٰیٰتِهٖ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُوْنَ۠ (۲۴۲)
اللہ یونہی بیان کرتا ہے تمہارے لئے اپنی آیتیں کہ کہیں تمہیں سمجھ ہو،
ولما بيّن تعالى هذه الأحكام العظيمة المشتملة على الحكمة والرحمة امتن بها على عباده فقال: كذلك يبين الله لكم آياته أي: حدوده، وحلاله وحرامه والأحكام النافعة لكم، لعلكم تعقلونها فتعرفونها وتعرفون المقصود منها، فإن من عرف ذلك أوجب له العمل بها، ثم قال تعالى:
اَلَمْ تَرَ اِلَى الَّذِیْنَ خَرَجُوْا مِنْ دِیَارِهِمْ وَ هُمْ اُلُوْفٌ حَذَرَ الْمَوْتِ۪- فَقَالَ لَهُمُ اللّٰهُ مُوْتُوْا۫- ثُمَّ اَحْیَاهُمْؕ-اِنَّ اللّٰهَ لَذُوْ فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ وَ لٰكِنَّ اَكْثَرَ النَّاسِ لَا یَشْكُرُوْنَ(۲۴۳)
اے محبوب کیا تم نے نہ دیکھا تھا انہیں جو اپنے گھروں سے نکلے اور وہ ہزاروں تھے موت کے ڈر سے، تو اللہ نے ان سے فرمایا مرجاؤ پھر انہیں زندہ فرمادیا، بیشک اللہ لوگوں پر فضل کرنے والا ہے مگر اکثر لوگ ناشکرے ہیں (ف۴۹۰)
يقص تعالى علينا قصة الذين خرجوا من ديارهم على كثرتهم واتفاق مقاصدهم، بأن الذي أخرجهم منها حذر الموت من وباء أو غيره، يقصدون بهذا الخروج السلامة من الموت، ولكن لا يغني حذر عن قدر، فقال لهم الله موتوا فماتوا ثم إن الله تعالى أحياهم إما بدعوة نبي أو بغير ذلك، رحمة بهم ولطفا وحلما، وبيانا لآياته لخلقه بإحياء الموتى، ولهذا قال: إن الله لذو فضل أي: عظيم على الناس ولكن أكثرهم لا يشكرون فلا تزيدهم النعمة شكرا، بل ربما استعانوا بنعم الله على معاصيه، وقليل منهم الشكور الذي يعرف النعمة ويقر بها ويصرفها في طاعة المنعم.
وَ قَاتِلُوْا فِیْ سَبِیْلِ اللّٰهِ وَ اعْلَمُوْۤا اَنَّ اللّٰهَ سَمِیْعٌ عَلِیْمٌ(۲۴۴)
اور لڑو اللہ کی راہ میں (ف۴۹۱) اور جان لو کہ اللہ سنتا جانتا ہے،
ثم أمر تعالى بالقتال في سبيله، وهو قتال الأعداء الكفار لإعلاء كلمة الله ونصر دينه، فقال: وقاتلوا في سبيل الله واعلموا أن الله سميع عليم أي: فأحسنوا نياتكم واقصدوا بذلك وجه الله، واعلموا أنه لا يفيدكم القعود عن القتال شيئا، ولو ظننتم أن في القعود حياتكم وبقاءكم، فليس الأمر كذلك، ولهذا ذكر القصة السابقة توطئة لهذا الأمر، فكما لم ينفع الذين خرجوا من ديارهم حذر الموت خروجهم، بل أتاهم ما حذروا من غير أن يحتسبوا، فاعلموا أنكم كذلك.
مَنْ ذَا الَّذِیْ یُقْرِضُ اللّٰهَ قَرْضًا حَسَنًا فَیُضٰعِفَهٗ لَهٗۤ اَضْعَافًا كَثِیْرَةًؕ-وَ اللّٰهُ یَقْبِضُ وَ یَبْصُۜطُ۪-وَ اِلَیْهِ تُرْجَعُوْنَ(۲۴۵)
ہے کوئی جو اللہ کو قرض حسن دے (ف۴۹۲) تو اللہ اس کے لئے بہت گنُا بڑھا دے اور اللہ تنگی اور کشائیش کرتا ہے (ف۴۹۳) اور تمہیں اسی کی طرف پھر جانا،
ولما كان القتال فى سبيل الله لا يتم إلا بالنفقة وبذل الأموال في ذلك، أمر تعالى بالإنفاق في سبيله ورغب فيه، وسماه قرضا فقال: من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا فينفق ما تيسر من أمواله في طرق الخيرات، خصوصا في الجهاد، والحسن هو الحلال المقصود به وجه الله تعالى، فيضاعفه له أضعافا كثيرة الحسنة بعشرة أمثالها إلى سبع مائة ضعف إلى أضعاف كثيرة، بحسب حالة المنفق، ونيته ونفع نفقته والحاجة إليها، ولما كان الإنسان ربما توهم أنه إذا أنفق افتقر دفع تعالى هذا الوهم بقوله: والله يقبض ويبسط أي: يوسع الرزق على من يشاء ويقبضه عمن يشاء، فالتصرف كله بيديه ومدار الأمور راجع إليه، فالإمساك لا يبسط الرزق، والإنفاق لا يقبضه، ومع ذلك فالإنفاق غير ضائع على أهله، بل لهم يوم يجدون ما قدموه كاملا موفرا مضاعفا، فلهذا قال: وإليه ترجعون فيجازيكم بأعمالكم. ففي هذه الآيات دليل على أن الأسباب لا تنفع مع القضاء والقدر، وخصوصا الأسباب التي تترك بها أوامر الله. وفيها: الآية العظيمة بإحياء الموتى أعيانا في هذه الدار. وفيها: الأمر بالقتال والنفقة في سبيل الله، وذكر الأسباب الداعية لذلك الحاثة عليه، من تسميته قرضا، ومضاعفته، وأن الله يقبض ويبسط وإليه ترجعون.
اَلَمْ تَرَ اِلَى الْمَلَاِ مِنْۢ بَنِیْۤ اِسْرَآءِیْلَ مِنْۢ بَعْدِ مُوْسٰىۘ-اِذْ قَالُوْا لِنَبِیٍّ لَّهُمُ ابْعَثْ لَنَا مَلِكًا نُّقَاتِلْ فِیْ سَبِیْلِ اللّٰهِؕ-قَالَ هَلْ عَسَیْتُمْ اِنْ كُتِبَ عَلَیْكُمُ الْقِتَالُ اَلَّا تُقَاتِلُوْاؕ-قَالُوْا وَ مَا لَنَاۤ اَلَّا نُقَاتِلَ فِیْ سَبِیْلِ اللّٰهِ وَ قَدْ اُخْرِجْنَا مِنْ دِیَارِنَا وَ اَبْنَآىٕنَاؕ-فَلَمَّا كُتِبَ عَلَیْهِمُ الْقِتَالُ تَوَلَّوْا اِلَّا قَلِیْلًا مِّنْهُمْؕ-وَ اللّٰهُ عَلِیْمٌۢ بِالظّٰلِمِیْنَ(۲۴۶)
اے محبوب !کیا تم نے نہ دیکھا بنی اسرائیل کے ایک گروہ کو جو موسیٰ کے بعد ہوا (ف۴۹۴) جب اپنے ایک پیغمبر سے بولے ہمارے لیے کھڑا کردو ایک بادشاہ کہ ہم خدا کی راہ میں لڑیں، نبی نے فرمایا کیا تمہارے انداز ایسے ہیں کہ تم پر جہاد فرض کیا جائے تو پھر نہ کرو، بولے ہمیں کیا ہوا کہ ہم اللہ کی راہ میں نہ لڑیں حالانکہ ہم نکالے گئے ہیں اپنے وطن اور اپنی اولاد سے (ف۴۹۵) تو پھر جب ان پر جہاد فرض کیا گیا منہ پھیر گئے مگر ان میں کے تھوڑے (ف۴۹۶) اور اللہ خوب جانتا ہے ظالموں کو،
يقص تعالى على نبيه قصة الملأ من بني إسرائيل وهم الأشراف والرؤساء، وخص الملأ بالذكر، لأنهم في العادة هم الذين يبحثون عن مصالحهم ليتفقوا فيتبعهم غيرهم على ما يرونه، وذلك أنهم أتوا إلى نبي لهم بعد موسى عليه السلام فقالوا له ابعث لنا ملكا أي: عيِّن لنا ملكا نقاتل في سبيل الله ليجتمع متفرقنا ويقاوم بنا عدونا، ولعلهم في ذلك الوقت ليس لهم رئيس يجمعهم، كما جرت عادة القبائل أصحاب البيوت، كل بيت لا يرضى أن يكون من البيت الآخر رئيس، فالتمسوا من نبيهم تعيين ملك يرضي الطرفين ويكون تعيينه خاصا لعوائدهم، وكانت أنبياء بني إسرائيل تسوسهم، كلما مات نبي خلفه نبي آخر، فلما قالوا لنبيهم تلك المقالة قال لهم نبيهم هل عسيتم إن كتب عليكم القتال ألا تقاتلوا أي: لعلكم تطلبون شيئا وهو إذا كتب عليكم لا تقومون به، فعرض عليهم العافية فلم يقبلوها، واعتمدوا على عزمهم ونيتهم، فقالوا: وما لنا ألا نقاتل في سبيل الله وقد أخرجنا من ديارنا وأبنائنا أي: أي شيء يمنعنا من القتال وقد ألجأنا إليه، بأن أخرجنا من أوطاننا وسبيت ذرارينا، فهذا موجب لكوننا نقاتل ولو لم يكتب علينا، فكيف مع أنه فرض علينا وقد حصل ما حصل، ولهذا لما لم تكن نياتهم حسنة ولم يقوَ توكلهم على ربهم فلما كتب عليهم القتال تولوا فجبنوا عن قتال الأعداء وضعفوا عن المصادمة، وزال ما كانوا عزموا عليه، واستولى على أكثرهم الخور والجبن إلا قليلا منهم فعصمهم الله وثبتهم وقوى قلوبهم فالتزموا أمر الله ووطنوا أنفسهم على مقارعة أعدائه، فحازوا شرف الدنيا والآخرة، وأما أكثرهم فظلموا أنفسهم وتركوا أمر الله، فلهذا قال: والله عليم بالظالمين
وَ قَالَ لَهُمْ نَبِیُّهُمْ اِنَّ اللّٰهَ قَدْ بَعَثَ لَكُمْ طَالُوْتَ مَلِكًاؕ-قَالُوْۤا اَنّٰى یَكُوْنُ لَهُ الْمُلْكُ عَلَیْنَا وَ نَحْنُ اَحَقُّ بِالْمُلْكِ مِنْهُ وَ لَمْ یُؤْتَ سَعَةً مِّنَ الْمَالِؕ-قَالَ اِنَّ اللّٰهَ اصْطَفٰىهُ عَلَیْكُمْ وَ زَادَهٗ بَسْطَةً فِی الْعِلْمِ وَ الْجِسْمِؕ-وَ اللّٰهُ یُؤْتِیْ مُلْكَهٗ مَنْ یَّشَآءُؕ-وَ اللّٰهُ وَاسِعٌ عَلِیْمٌ(۲۴۷)
اور ان سے ان کے نبی نے فرمایا بیشک اللہ نے طالوت کو تمہارا بادشاہ بنا کر بھیجا ہے (ف۴۹۷) بولے اسے ہم پر بادشاہی کیونکر ہوگی (ف۴۹۸) اور ہم اس سے زیادہ سلطنت کے مستحق ہیں اور اسے مال میں بھی وسعت نہیں دی گئی (ف۴۹۹) فرمایا اسے اللہ نے تم پر چن لیا (ف۵۰۰) اور اسے علم اور جسم میں کشادگی زیادہ دی (ف۵۰۱) اور اللہ اپنا ملک جسے چاہ ے دے (ف۵۰۲) اور اللہ وسعت والا علم والا ہے (ف۵۰۳)
وقال لهم نبيهم مجيبا لطلبهم إن الله قد بعث لكم طالوت ملكا فكان هذا تعيينا من الله الواجب عليهم فيه القبول والانقياد وترك الاعتراض، ولكن أبوا إلا أن يعترضوا، فقالوا: أنى يكون له الملك علينا ونحن أحق بالملك منه ولم يؤت سعة من المال أي: كيف يكون ملكا وهو دوننا في الشرف والنسب ونحن أحق بالملك منه. ومع هذا فهو فقير ليس عنده ما يقوم به الملك من الأموال، وهذا بناء منهم على ظن فاسد، وهو أن الملك ونحوه من الولايات مستلزم لشرف النسب وكثرة المال، ولم يعلموا أن الصفات الحقيقية التي توجب التقديم مقدمة عليها، فلهذا قال لهم نبيهم: إن الله اصطفاه عليكم فلزمكم الانقياد لذلك وزاده بسطة في العلم والجسم أي: فضله عليكم بالعلم والجسم، أي: بقوة الرأي والجسم اللذين بهما تتم أمور الملك، لأنه إذا تم رأيه وقوي على تنفيذ ما يقتضيه الرأي المصيب، حصل بذلك الكمال، ومتى فاته واحد من الأمرين اختل عليه الأمر، فلو كان قوي البدن مع ضعف الرأي، حصل في الملك خرق وقهر ومخالفة للمشروع، قوة على غير حكمة، ولو كان عالما بالأمور وليس له قوة على تنفيذها لم يفده الرأي الذي لا ينفذه شيئا والله واسع الفضل كثير الكرم، لا يخص برحمته وبره العام أحدا عن أحد، ولا شريفا عن وضيع، ولكنه مع ذلك عليم بمن يستحق الفضل فيضعه فيه، فأزال بهذا الكلام ما في قلوبهم من كل ريب وشك وشبهة لتبيينه أن أسباب الملك متوفرة فيه، وأن فضل الله يؤتيه من يشاء من عباده، ليس له راد، ولا لإحسانه صاد.
وَ قَالَ لَهُمْ نَبِیُّهُمْ اِنَّ اٰیَةَ مُلْكِهٖۤ اَنْ یَّاْتِیَكُمُ التَّابُوْتُ فِیْهِ سَكِیْنَةٌ مِّنْ رَّبِّكُمْ وَ بَقِیَّةٌ مِّمَّا تَرَكَ اٰلُ مُوْسٰى وَ اٰلُ هٰرُوْنَ تَحْمِلُهُ الْمَلٰٓىٕكَةُؕ-اِنَّ فِیْ ذٰلِكَ لَاٰیَةً لَّكُمْ اِنْ كُنْتُمْ مُّؤْمِنِیْنَ۠(۲۴۸)
اور ان سے ان کے نبی نے فرمایا اس کی بادشاہی کی نشانی یہ ہے کہ آئے تمہارے پاس تابوت (ف۵۰۴) جس میں تمہارے رب کی طرف سے دلوں کا چین ہے اور کچھ بچی ہوئی چیزیں معزز موسی ٰ او ر معزز ہارون کے ترکہ کی اٹھاتے لائیں گے اسے فرشتے، بیشک اس میں بڑی نشانی ہے تمہارے لئے اگر ایمان رکھتے ہو،
ثم ذكر لهم نبيهم أيضا آية حسية يشاهدونها وهي إتيان التابوت الذي قد فقدوه زمانا طويلا وفي ذلك التابوت سكينة تسكن بها قلوبهم، وتطمئن لها خواطرهم، وفيه بقية مما ترك آل موسى وآل هارون، فأتت به الملائكة حاملة له وهم يرونه عيانا.
فَلَمَّا فَصَلَ طَالُوْتُ بِالْجُنُوْدِۙ-قَالَ اِنَّ اللّٰهَ مُبْتَلِیْكُمْ بِنَهَرٍۚ-فَمَنْ شَرِبَ مِنْهُ فَلَیْسَ مِنِّیْۚ-وَ مَنْ لَّمْ یَطْعَمْهُ فَاِنَّهٗ مِنِّیْۤ اِلَّا مَنِ اغْتَرَفَ غُرْفَةًۢ بِیَدِهٖۚ-فَشَرِبُوْا مِنْهُ اِلَّا قَلِیْلًا مِّنْهُمْؕ-فَلَمَّا جَاوَزَهٗ هُوَ وَ الَّذِیْنَ اٰمَنُوْا مَعَهٗۙ-قَالُوْا لَا طَاقَةَ لَنَا الْیَوْمَ بِجَالُوْتَ وَ جُنُوْدِهٖؕ-قَالَ الَّذِیْنَ یَظُنُّوْنَ اَنَّهُمْ مُّلٰقُوا اللّٰهِۙ- كَمْ مِّنْ فِئَةٍ قَلِیْلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِیْرَةًۢ بِاِذْنِ اللّٰهِؕ-وَ اللّٰهُ مَعَ الصّٰبِرِیْنَ(۲۴۹)
پھر جب طالوت لشکروں کو لے کر شہر سے جدا ہوا بولا بیشک اللہ تمہیں ایک نہر سے آزمانے والا ہے تو جو اس کا پانی پئے وہ میرا نہیں اور جو نہ پیئے وہ میرا ہے مگر وہ جو ایک چلُو اپنے ہاتھ سے لے لے (ف۵۰۶) تو سب نے اس سے پیا مگر تھوڑوں نے (ف۵۰۷) پھر جب طالوت اور اس کے ساتھ کے مسلمان نہر کے پار گئے بولے ہم میں آج طاقت نہیں جالوت اور اس کے لشکروں کی بولے وہ جنہیں اللہ سے ملنے کا یقین تھا کہ بارہا کم جماعت غالب آئی ہے زیادہ گروہ پر اللہ کے حکم سے، اور اللہ صابروں کے ساتھ ہے (ف۵۰۸)
أي: لما تملَّك طالوت ببني إسرائيل واستقر له الملك تجهزوا لقتال عدوهم، فلما فصل طالوت بجنود بني إسرائيل وكانوا عددا كثيرا وجما غفيرا، امتحنهم بأمر الله ليتبين الثابت المطمئن ممن ليس كذلك فقال: إن الله مبتليكم بنهر فمن شرب منه فليس مني فهو عاص ولا يتبعنا لعدم صبره وثباته ولمعصيته ومن لم يطعمه أي: لم يشرب منه فإنه مني إلا من اغترف غرفة بيده فلا جناح عليه في ذلك، ولعل الله أن يجعل فيها بركة فتكفيه، وفي هذا الابتلاء ما يدل على أن الماء قد قل عليهم ليتحقق الامتحان، فعصى أكثرهم وشربوا من النهر الشرب المنهي عنه، ورجعوا على أعقابهم ونكصوا عن قتال عدوهم وكان في عدم صبرهم عن الماء ساعة واحدة أكبر دليل على عدم صبرهم على القتال الذي سيتطاول وتحصل فيه المشقة الكبيرة، وكان في رجوعهم عن باقي العسكر ما يزداد به الثابتون توكلا على الله، وتضرعا واستكانة وتبرؤا من حولهم وقوتهم، وزيادة صبر لقلتهم وكثرة عدوهم، فلهذا قال تعالى: فلما جاوزه أي: النهر هو أي: طالوت والذين آمنوا معه وهم الذين أطاعوا أمر الله ولم يشربوا من النهر الشرب المنهي عنه فرأوا... قلتهم وكثرة أعدائهم، قالوا أي: قال كثير منهم لا طاقة لنا اليوم بجالوت وجنوده لكثرتهم وعَددهم وعُددهم قال الذين يظنون أنهم ملاقوا الله أي: يستيقنون ذلك، وهم أهل الإيمان الثابت واليقين الراسخ، مثبتين لباقيهم ومطمئنين لخواطرهم، وآمرين لهم بالصبر كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله أي: بإرادته ومشيئته فالأمر لله تعالى، والعزيز من أعزه الله، والذليل من أذله الله، فلا تغني الكثرة مع خذلانه، ولا تضر القلة مع نصره، والله مع الصابرين بالنصر والمعونة والتوفيق، فأعظم جالب لمعونة الله صبر العبد لله، فوقعت موعظته في قلوبهم وأثرت معهم.
وَ لَمَّا بَرَزُوْا لِجَالُوْتَ وَ جُنُوْدِهٖ قَالُوْا رَبَّنَاۤ اَفْرِغْ عَلَیْنَا صَبْرًا وَّ ثَبِّتْ اَقْدَامَنَا وَ انْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكٰفِرِیْنَؕ(۲۵۰)
پھر جب سامنے آئے جالوت اور اس کے لشکروں کے عرض کی اے رب ہمارے ہم پر صبر انڈیل اور ہمارے پاؤں جمے رکھ کافر لوگوں پرہماری مدد کر،
ولهذا لما برزوا لجالوت وجنوده قالوا جميعهم ربنا أفرغ علينا صبرا أي: قو قلوبنا، وأوزعنا الصبر، وثبت أقدامنا عن التزلزل والفرار، وانصرنا على القوم الكافرين.
فَهَزَمُوْهُمْ بِاِذْنِ اللّٰهِ ﳜ وَ قَتَلَ دَاوٗدُ جَالُوْتَ وَ اٰتٰىهُ اللّٰهُ الْمُلْكَ وَ الْحِكْمَةَ وَ عَلَّمَهٗ مِمَّا یَشَآءُؕ-وَ لَوْ لَا دَفْعُ اللّٰهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍۙ-لَّفَسَدَتِ الْاَرْضُ وَ لٰكِنَّ اللّٰهَ ذُوْ فَضْلٍ عَلَى الْعٰلَمِیْنَ(۲۵۱)
تو انہوں نے ان کو بھگا دیا اللہ کے حکم سے، اور قتل کیا داؤد نے جالوت کو (ف۵۰۹) اور اللہ نے اسے سلطنت اور حکمت (ف۵۱۰) عطا فرمائی اور اسے جو چاہا سکھایا (ف۵۱۱) اور اگر اللہ لوگوں میں بعض سے بعض کو دفع نہ کرے (ف۵۱۲) تو ضرور زمین تباہ ہوجائے مگر اللہ سارے جہان پر فضل کرنے والا ہے،
من هاهنا نعلم أن جالوت وجنوده كانوا كفارا، فاستجاب الله لهم ذلك الدعاء لإتيانهم بالأسباب الموجبة لذلك، ونصرهم عليهم فهزموهم بإذن الله وقتل داود عليه السلام، وكان مع جنود طالوت، جالوت أي: باشر قتل ملك الكفار بيده لشجاعته وقوته وصبره وآتاه الله أي: آتى الله داود الملك والحكمة أي: منَّ عليه بتملكه على بني إسرائيل مع الحكمة، وهي النبوة المشتملة على الشرع العظيم والصراط المستقيم، ولهذا قال وعلمه مما يشاء من العلوم الشرعية والعلوم السياسية، فجمع الله له الملك والنبوة، وقد كان من قبله من الأنبياء يكون الملك لغيرهم، فلما نصرهم الله تعالى اطمأنوا في ديارهم وعبدوا الله آمنين مطمئنين لخذلان أعدائهم وتمكينهم من الأرض، وهذا كله من آثار الجهاد في سبيله، فلو لم يكن لم يحصل ذلك فلهذا قال تعالى: ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لفسدت الأرض أي: لولا أنه يدفع بمن يقاتل في سبيله كيد الفجار وتكالب الكفار لفسدت الأرض باستيلاء الكفار عليها وإقامتهم شعائر الكفر ومنعهم من عبادة الله تعالى، وإظهار دينه ولكن الله ذو فضل على العالمين حيث شرع لهم الجهاد الذي فيه سعادتهم والمدافعة عنهم ومكنهم من الأرض بأسباب يعلمونها، وأسباب لا يعلمونها.
تِلْكَ اٰیٰتُ اللّٰهِ نَتْلُوْهَا عَلَیْكَ بِالْحَقِّؕ-وَ اِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِیْنَ(۲۵۲)
یہ اللہ کی آیتیں ہیں کہ ہم اے محبوب تم پر ٹھیک ٹھیک پڑھتے ہیں، اور تم بےشک رسولوں میں ہو۔
ثم قال تعالى: تلك آيات الله نتلوها عليك بالحق أي: بالصدق الذي لا ريب فيها المتضمن للاعتبار والاستبصار وبيان حقائق الأمور وإنك لمن المرسلين فهذه شهادة من الله لرسوله برسالته التي من جملة أدلتها ما قصه الله عليه من أخبار الأمم السالفين والأنبياء وأتباعهم وأعدائهم التي لولا خبر الله إياه لما كان عنده بذلك علم بل لم يكن في قومه من عنده شيء من هذه الأمور، فدل أنه رسول الله حقا ونبيه صدقا الذي بعثه بالحق ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون. وفي هذه القصة من الآيات والعبر ما يتذكر به أولو الألباب، فمنها: أن اجتماع أهل الكلمة والحل والعقد وبحثهم في الطريق الذي تستقيم به أمورهم وفهمه، ثم العمل به، أكبر سبب لارتقائهم وحصول مقصودهم، كما وقع لهؤلاء الملأ حين راجعوا نبيهم في تعيين ملك تجتمع به كلمتهم ويلم متفرقهم، وتحصل له الطاعة منهم، ومنها: أن الحق كلما عورض وأوردت عليه الشبه ازداد وضوحا وتميز وحصل به اليقين التام كما جرى لهؤلاء، لما اعترضوا على استحقاق طالوت للملك أجيبوا بأجوبة حصل بها الإقناع وزوال الشبه والريب. ومنها: أن العلم والرأي: مع القوة المنفذة بهما كمال الولايات، وبفقدهما أو فقد أحدهما نقصانها وضررها. ومنها: أن الاتكال على النفس سبب الفشل والخذلان، والاستعانة بالله والصبر والالتجاء إليه سبب النصر، فالأول كما في قولهم لنبيهم وما لنا ألا نقاتل في سبيل الله وقد أخرجنا من ديارنا وأبنائنا فكأنه نتيجة ذلك أنه لما كتب عليهم القتال تولوا، والثاني في قوله: ولما برزوا لجالوت وجنوده قالوا ربنا أفرغ علينا صبرا وثبت أقدامنا وانصرنا على القوم الكافرين فهزموهم بإذن الله ومنها: أن من حكمة الله تعالى تمييز الخبيث من الطيب، والصادق من الكاذب، والصابر من الجبان، وأنه لم يكن ليذر العباد على ما هم عليه من الاختلاط وعدم التمييز. ومنها: أن من رحمته وسننه الجارية أن يدفع ضرر الكفار والمنافقين بالمؤمنين المقاتلين، وأنه لولا ذلك لفسدت الأرض باستيلاء الكفر وشعائره عليها، ثم قال تعالى:
تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلٰى بَعْضٍۘ-مِنْهُمْ مَّنْ كَلَّمَ اللّٰهُ وَ رَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجٰتٍؕ-وَ اٰتَیْنَا عِیْسَى ابْنَ مَرْیَمَ الْبَیِّنٰتِ وَ اَیَّدْنٰهُ بِرُوْحِ الْقُدُسِؕ-وَ لَوْ شَآءَ اللّٰهُ مَا اقْتَتَلَ الَّذِیْنَ مِنْۢ بَعْدِهِمْ مِّنْۢ بَعْدِ مَا جَآءَتْهُمُ الْبَیِّنٰتُ وَ لٰكِنِ اخْتَلَفُوْا فَمِنْهُمْ مَّنْ اٰمَنَ وَ مِنْهُمْ مَّنْ كَفَرَؕ-وَ لَوْ شَآءَ اللّٰهُ مَا اقْتَتَلُوْا۫-وَ لٰكِنَّ اللّٰهَ یَفْعَلُ مَا یُرِیْدُ۠(۲۵۳)
یہ (ف۵۱۳) رسول ہیں کہ ہم نے ان میں ایک کو دوسرے پر افضل کیا (ف۵۱۴) ان میں کسی سے اللہ نے کلام فرمایا (ف۵۱۵) اور کوئی وہ ہے جسے سب پر درجوں بلند کیا (ف۵۱۶) اور ہم نے مریم کے بیٹے عیسیٰ کو کھلی نشانیاں دیں (ف۵۱۷) اور پاکیزہ روح سے اس کی مدد کی (ف۵۱۸) اور اللہ چاہتا تو ان کے بعد والے آپس میں نہ لڑتے نہ اس کے کہ ان کے پاس کھلی نشانیاں آچکیں (ف۵۱۹) لیکن وہ مختلف ہوگئے ان میں کوئی ایمان پر رہا اور کوئی کافر ہوگیا (ف۵۲۰) اور اللہ چاہتا تو وہ نہ لڑتے مگر اللہ جو چاہے کرے(ف۵۲۱)
يخبر تعالى أنه فضل بعض الرسل على بعض بما خصهم من بين سائر الناس بإيحائه وإرسالهم إلى الناس، ودعائهم الخلق إلى الله، ثم فضل بعضهم على بعض بما أودع فيهم من الأوصاف الحميدة والأفعال السديدة والنفع العام، فمنهم من كلمه الله كموسى بن عمران خصه بالكلام، ومنهم من رفعه على سائرهم درجات كنبينا صلى الله عليه وسلم الذي اجتمع فيه من الفضائل ما تفرق في غيره، وجمع الله له من المناقب ما فاق به الأولين والآخرين وآتينا عيسى ابن مريم البينات الدالات على نبوته وأنه عبد الله ورسوله وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه وأيدناه بروح القدس أي: بالإيمان واليقين الذي أيده به الله وقواه على ما أمر به، وقيل أيده بجبريل عليه السلام يلازمه في أحواله ولو شاء الله ما اقتتل الذين من بعدهم من بعد ما جاءتهم البينات الموجبة للاجتماع على الإيمان ولكن اختلفوا فمنهم من آمن ومنهم من كفر فكان موجب هذا الاختلاف التفرق والمعاداة والمقاتلة، ومع هذا فلو شاء الله بعد هذا الاختلاف ما اقتتلوا، فدل ذلك على أن مشيئة الله نافذة غالبة للأسباب، وإنما تنفع الأسباب مع عدم معارضة المشيئة، فإذا وجدت اضمحل كل سبب، وزال كل موجب، فلهذا قال ولكن الله يفعل ما يريد فإرادته غالبة ومشيئته نافذة، وفي هذا ونحوه دلالة على أن الله تعالى لم يزل يفعل ما اقتضته مشيئته وحكمته، ومن جملة ما يفعله ما أخبر به عن نفسه وأخبر به عنه رسوله صلى الله عليه وسلم من الاستواء والنزول والأقوال، والأفعال التي يعبرون عنها بالأفعال الاختيارية. فائدة: كما يجب على المكلف معرفته بربه، فيجب عليه معرفته برسله، ما يجب لهم ويمتنع عليهم ويجوز في حقهم، ويؤخذ جميع ذلك مما وصفهم الله به في آيات متعددة، منها: أنهم رجال لا نساء، من أهل القرى لا من أهل البوادي، وأنهم مصطفون مختارون، جمع الله لهم من الصفات الحميدة ما به الاصطفاء والاختيار، وأنهم سالمون من كل ما يقدح في رسالتهم من كذب وخيانة وكتمان وعيوب مزرية، وأنهم لا يقرون على خطأ فيما يتعلق بالرسالة والتكليف، وأن الله تعالى خصهم بوحيه، فلهذا وجب الإيمان بهم وطاعتهم ومن لم يؤمن بهم فهو كافر، ومن قدح في واحد منهم أو سبه فهو كافر يتحتم قتله، ودلائل هذه الجمل كثيرة، من تدبر القرآن تبين له الحق
یٰۤاَیُّهَا الَّذِیْنَ اٰمَنُوْۤا اَنْفِقُوْا مِمَّا رَزَقْنٰكُمْ مِّنْ قَبْلِ اَنْ یَّاْتِیَ یَوْمٌ لَّا بَیْعٌ فِیْهِ وَ لَا خُلَّةٌ وَّ لَا شَفَاعَةٌؕ-وَ الْكٰفِرُوْنَ هُمُ الظّٰلِمُوْنَ(۲۵۴)
اے ایمان والو! اللہ کی راہ میں ہمارے دیئے میں سے خرچ کرو وہ دن آنے سے پہلے جس میں نہ خرید و فروخت ہے اور نہ کافروں کے لئے دوستی اور نہ شفاعت، اور کافر خود ہی ظالم ہیں (ف۵۲۲)
وهذا من لطف الله بعباده أن أمرهم بتقديم شيء مما رزقهم الله، من صدقة واجبة ومستحبة، ليكون لهم ذخرا وأجرا موفرا في يوم يحتاج فيه العاملون إلى مثقال ذرة من الخير، فلا بيع فيه ولو افتدى الإنسان نفسه بملء الأرض ذهبا ليفتدي به من عذاب يوم القيامة ما تقبل منه، ولم ينفعه خليل ولا صديق لا بوجاهة ولا بشفاعة، وهو اليوم الذي فيه يخسر المبطلون ويحصل الخزي على الظالمين، وهم الذين وضعوا الشيء في غير موضعه، فتركوا الواجب من حق الله وحق عباده وتعدوا الحلال إلى الحرام، وأعظم أنواع الظلم الكفر بالله الذي هو وضع العبادة التي يتعين أن تكون لله فيصرفها الكافر إلى مخلوق مثله، فلهذا قال تعالى: والكافرون هم الظالمون وهذا من باب الحصر، أي: الذين ثبت لهم الظلم التام، كما قال تعالى: إن الشرك لظلم عظيم
اَللّٰهُ لَاۤ اِلٰهَ اِلَّا هُوَۚ-اَلْحَیُّ الْقَیُّوْمُ ﳛ لَا تَاْخُذُهٗ سِنَةٌ وَّ لَا نَوْمٌؕ-لَهٗ مَا فِی السَّمٰوٰتِ وَ مَا فِی الْاَرْضِؕ-مَنْ ذَا الَّذِیْ یَشْفَعُ عِنْدَهٗۤ اِلَّا بِاِذْنِهٖؕ-یَعْلَمُ مَا بَیْنَ اَیْدِیْهِمْ وَ مَا خَلْفَهُمْۚ-وَ لَا یُحِیْطُوْنَ بِشَیْءٍ مِّنْ عِلْمِهٖۤ اِلَّا بِمَا شَآءَۚ-وَسِعَ كُرْسِیُّهُ السَّمٰوٰتِ وَ الْاَرْضَۚ-وَ لَا یَـُٔوْدُهٗ حِفْظُهُمَاۚ-وَ هُوَ الْعَلِیُّ الْعَظِیْمُ(۲۵۵)
اللہ ہے جس کے سوا کوئی معبود نہیں (ف۵۲۳) وہ آپ زندہ اور اوروں کا قائم رکھنے والا (ف۵۲۴) اسے نہ اونگھ آئے نہ نیند (ف۵۲۵) اسی کا ہے جو کچھ آسمانوں میں ہے اور جو کچھ زمین میں (ف۵۲۶) وہ کون ہے جو اس کے یہاں سفارش کرے بغیر اس کے حکم کے (ف۵۲۷) جانتا ہے جو کچھ ان کے آگے ہے اور جو کچھ ان کے پیچھے (ف۵۲۹) اور وہ نہیں پاتے اس کے علم میں سے مگر جتنا وہ چاہے (ف۵۲۹) اس کی کرسی میں سمائے ہوئے آسمان اور زمین (ف۵۳۰) اور اسے بھاری نہیں ان کی نگہبانی اور وہی ہے بلند بڑائی والا (ف۵۳۱)
هذه الآية الكريمة أعظم آيات القرآن وأفضلها وأجلها، وذلك لما اشتملت عليه من الأمور العظيمة والصفات الكريمة، فلهذا كثرت الأحاديث في الترغيب في قراءتها وجعلها وردا للإنسان في أوقاته صباحا ومساء وعند نومه وأدبار الصلوات المكتوبات، فأخبر تعالى عن نفسه الكريمة بأن لا إله إلا هو أي: لا معبود بحق سواه، فهو الإله الحق الذي تتعين أن تكون جميع أنواع العبادة والطاعة والتأله له تعالى، لكماله وكمال صفاته وعظيم نعمه، ولكون العبد مستحقا أن يكون عبدا لربه، ممتثلا أوامره مجتنبا نواهيه، وكل ما سوى الله تعالى باطل، فعبادة ما سواه باطلة، لكون ما سوى الله مخلوقا ناقصا مدبرا فقيرا من جميع الوجوه، فلم يستحق شيئا من أنواع العبادة، وقوله: الحي القيوم هذان الاسمان الكريمان يدلان على سائر الأسماء الحسنى دلالة مطابقة وتضمنا ولزوما، فالحي من له الحياة الكاملة المستلزمة لجميع صفات الذات، كالسمع والبصر والعلم والقدرة، ونحو ذلك، والقيوم: هو الذي قام بنفسه وقام بغيره، وذلك مستلزم لجميع الأفعال التي اتصف بها رب العالمين من فعله ما يشاء من الاستواء والنزول والكلام والقول والخلق والرزق والإماتة والإحياء، وسائر أنواع التدبير، كل ذلك داخل في قيومية الباري، ولهذا قال بعض المحققين: إنهما الاسم الأعظم الذي إذا دعي الله به أجاب، وإذا سئل به أعطى، ومن تمام حياته وقيوميته أن لا تأخذه سنة ولا نوم والسنة النعاس له ما في السماوات وما في الأرض أي: هو المالك وما سواه مملوك وهو الخالق الرازق المدبر وغيره مخلوق مرزوق مدبر لا يملك لنفسه ولا لغيره مثقال ذرة في السماوات ولا في الأرض فلهذا قال: من ذا الذي يشفع عنده إلا بإذنه أي: لا أحد يشفع عنده بدون إذنه، فالشفاعة كلها لله تعالى، ولكنه تعالى إذا أراد أن يرحم من يشاء من عباده أذن لمن أراد أن يكرمه من عباده أن يشفع فيه، لا يبتدئ الشافع قبل الإذن، ثم قال يعلم ما بين أيديهم أي: ما مضى من جميع الأمور وما خلفهم أي: ما يستقبل منها، فعلمه تعالى محيط بتفاصيل الأمور، متقدمها ومتأخرها، بالظواهر والبواطن، بالغيب والشهادة، والعباد ليس لهم من الأمر شيء ولا من العلم مثقال ذرة إلا ما علمهم تعالى، ولهذا قال: ولا يحيطون بشيء من علمه إلا بما شاء وسع كرسيه السماوات والأرض وهذا يدل على كمال عظمته وسعة سلطانه، إذا كان هذه حالة الكرسي أنه يسع السماوات والأرض على عظمتهما وعظمة من فيهما، والكرسي ليس أكبر مخلوقات الله تعالى، بل هنا ما هو أعظم منه وهو العرش، وما لا يعلمه إلا هو، وفي عظمة هذه المخلوقات تحير الأفكار وتكل الأبصار، وتقلقل الجبال وتكع عنها فحول الرجال، فكيف بعظمة خالقها ومبدعها، والذي أودع فيها من الحكم والأسرار ما أودع، والذي قد أمسك السماوات والأرض أن تزولا من غير تعب ولا نصب، فلهذا قال: ولا يؤوده أي: يثقله حفظهما وهو العلي بذاته فوق عرشه، العلي بقهره لجميع المخلوقات، العلي بقدره لكمال صفاته العظيم الذي تتضائل عند عظمته جبروت الجبابرة، وتصغر في جانب جلاله أنوف الملوك القاهرة، فسبحان من له العظمة العظيمة والكبرياء الجسيمة والقهر والغلبة لكل شيء، فقد اشتملت هذه الآية على توحيد الإلهية وتوحيد الربوبية وتوحيد الأسماء والصفات، وعلى إحاطة ملكه وإحاطة علمه وسعة سلطانه وجلاله ومجده، وعظمته وكبريائه وعلوه على جميع مخلوقاته، فهذه الآية بمفردها عقيدة في أسماء الله وصفاته، متضمنة لجميع الأسماء الحسنى والصفات العلا، ثم قال تعالى:
لَاۤ اِكْرَاهَ فِی الدِّیْنِ ﳜ قَدْ تَّبَیَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَیِّۚ-فَمَنْ یَّكْفُرْ بِالطَّاغُوْتِ وَ یُؤْمِنْۢ بِاللّٰهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقٰىۗ-لَا انْفِصَامَ لَهَاؕ-وَ اللّٰهُ سَمِیْعٌ عَلِیْمٌ(۲۵۶)
کچھ زبردستی نہیں (ف۵۳۲) دین میں بیشک خوب جدا ہوگئی ہے نیک راہ گمراہی سے تو جو شیطان کو نہ مانے اور اللہ پر ایمان لائے (ف۵۳۳) اس نے بڑی محکم گرہ تھامی جسے کبھی کھلنا نہیں، اور اللہ سنتا جانتا ہے،
يخبر تعالى أنه لا إكراه في الدين لعدم الحاجة إلى الإكراه عليه، لأن الإكراه لا يكون إلا على أمر خفية أعلامه، غامضة أثاره، أو أمر في غاية الكراهة للنفوس، وأما هذا الدين القويم والصراط المستقيم فقد تبينت أعلامه للعقول، وظهرت طرقه، وتبين أمره، وعرف الرشد من الغي، فالموفق إذا نظر أدنى نظر إليه آثره واختاره، وأما من كان سيئ القصد فاسد الإرادة، خبيث النفس يرى الحق فيختار عليه الباطل، ويبصر الحسن فيميل إلى القبيح، فهذا ليس لله حاجة في إكراهه على الدين، لعدم النتيجة والفائدة فيه، والمكره ليس إيمانه صحيحا، ولا تدل الآية الكريمة على ترك قتال الكفار المحاربين، وإنما فيها أن حقيقة الدين من حيث هو موجب لقبوله لكل منصف قصده اتباع الحق، وأما القتال وعدمه فلم تتعرض له، وإنما يؤخذ فرض القتال من نصوص أخر، ولكن يستدل في الآية الكريمة على قبول الجزية من غير أهل الكتاب، كما هو قول كثير من العلماء، فمن يكفر بالطاغوت فيترك عبادة ما سوى الله وطاعة الشيطان، ويؤمن بالله إيمانا تاما أوجب له عبادة ربه وطاعته فقد استمسك بالعروة الوثقى أي: بالدين القويم الذي ثبتت قواعده ورسخت أركانه، وكان المتمسك به على ثقة من أمره، لكونه استمسك بالعروة الوثقى التي لا انفصام لها وأما من عكس القضية فكفر بالله وآمن بالطاغوت، فقد أطلق هذه العروة الوثقى التي بها العصمة والنجاة، واستمسك بكل باطل مآله إلى الجحيم والله سميع عليم فيجازي كلا منهما بحسب ما علمه منهم من الخير والشر، وهذا هو الغاية لمن استمسك بالعروة الوثقى ولمن لم يستمسك بها.
اَللّٰهُ وَلِیُّ الَّذِیْنَ اٰمَنُوْاۙ-یُخْرِجُهُمْ مِّنَ الظُّلُمٰتِ اِلَى النُّوْرِ۬ؕ-وَ الَّذِیْنَ كَفَرُوْۤا اَوْلِیٰٓـٴُـھُمُ الطَّاغُوْتُۙ- یُخْرِجُوْنَهُمْ مِّنَ النُّوْرِ اِلَى الظُّلُمٰتِؕ-اُولٰٓىٕكَ اَصْحٰبُ النَّارِۚ-هُمْ فِیْهَا خٰلِدُوْنَ۠(۲۵۷)
اللہ والی ہے مسلمانوں کا انہیں اندھیریوں سے (ف۵۳۴) نور کی طرف نکلتا ہے، اور کافروں کے حمایتی شیطان ہیں وہ انہیں نور سے اندھیریوں کی طرف نکالتے ہیں یہی لوگ دوزخ والے ہیں انہیں ہمیشہ اس میں رہنا،
ثم ذكر السبب الذي أوصلهم إلى ذلك فقال: الله ولي الذين آمنوا وهذا يشمل ولايتهم لربهم، بأن تولوه فلا يبغون عنه بدلا ولا يشركون به أحدا، قد اتخذوه حبيبا ووليا، ووالوا أولياءه وعادوا أعداءه، فتولاهم بلطفه ومنَّ عليهم بإحسانه، فأخرجهم من ظلمات الكفر والمعاصي والجهل إلى نور الإيمان والطاعة والعلم، وكان جزاؤهم على هذا أن سلمهم من ظلمات القبر والحشر والقيامة إلى النعيم المقيم والراحة والفسحة والسرور والذين كفروا أولياؤهم الطاغوت فتولوا الشيطان وحزبه، واتخذوه من دون الله وليا ووالوه وتركوا ولاية ربهم وسيدهم، فسلطهم عليهم عقوبة لهم فكانوا يؤزونهم إلى المعاصي أزا، ويزعجونهم إلى الشر إزعاجا، فيخرجونهم من نور الإيمان والعلم والطاعة إلى ظلمة الكفر والجهل والمعاصي، فكان جزاؤهم على ذلك أن حرموا الخيرات، وفاتهم النعيم والبهجة والمسرات، وكانوا من حزب الشيطان وأولياءه في دار الحسرة، فلهذا قال تعالى: أولئك أصحاب النار هم فيها خالدون
اَلَمْ تَرَ اِلَى الَّذِیْ حَآجَّ اِبْرٰهٖمَ فِیْ رَبِّهٖۤ اَنْ اٰتٰىهُ اللّٰهُ الْمُلْكَۘ-اِذْ قَالَ اِبْرٰهٖمُ رَبِّیَ الَّذِیْ یُحْیٖ وَ یُمِیْتُۙ-قَالَ اَنَا اُحْیٖ وَ اُمِیْتُؕ-قَالَ اِبْرٰهٖمُ فَاِنَّ اللّٰهَ یَاْتِیْ بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَاْتِ بِهَا مِنَ الْمَغْرِبِ فَبُهِتَ الَّذِیْ كَفَرَؕ-وَ اللّٰهُ لَا یَهْدِی الْقَوْمَ الظّٰلِمِیْنَۚ(۲۵۸)
اے محبوب! کیا تم نے نہ دیکھا تھا اسے جو ابراہیم سے جھگڑا اس کے رب کے بارے میں اس پر (ف۵۳۵) کہ اللہ نے اسے بادشاہی دی (ف۵۳۶) جبکہ ابراہیم نے کہا کہ میرا رب وہ ہے جو جِلاتا اور مارتا ہے (ف۵۳۷) بولا میں جِلاتا اور مارتا ہوں (ف۵۳۸) ابراہیم نے فرمایا تو اللہ سورج کو لاتا ہے پورب (مشرق) سے تو اس کو پچھم (مغرب) سے لے آ (ف۵۳۹) تو ہوش اڑ گئے کافروں کے، اور اللہ راہ نہیں دکھاتا ظالموں کو،
يقول تعالى: ألم تر إلى الذي حاج إبراهيم في ربه أي: إلى جرائته وتجاهله وعناده ومحاجته فيما لا يقبل التشكيك، وما حمله على ذلك إلا أن آتاه الله الملك فطغى وبغى ورأى نفسه مترئسا على رعيته، فحمله ذلك على أن حاج إبراهيم في ربوبية الله فزعم أنه يفعل كما يفعل الله، فقال إبراهيم ربي الذي يحيي ويميت أي: هو المنفرد بأنواع التصرف، وخص منه الإحياء والإماتة لكونهما أعظم أنواع التدابير، ولأن الإحياء مبدأ الحياة الدنيا والإماتة مبدأ ما يكون في الآخرة، فقال ذلك المحاج: أنا أحيي وأميت ولم يقل أنا الذي أحيي وأميت، لأنه لم يدع الاستقلال بالتصرف، وإنما زعم أنه يفعل كفعل الله ويصنع صنعه، فزعم أنه يقتل شخصا فيكون قد أماته، ويستبقي شخصا فيكون قد أحياه، فلما رآه إبراهيم يغالط في مجادلته ويتكلم بشيء لا يصلح أن يكون شبهة فضلا عن كونه حجة، اطرد معه في الدليل فقال إبراهيم: فإن الله يأتي بالشمس من المشرق أي: عيانا يقر به كل أحد حتى ذلك الكافر فأت بها من المغرب وهذا إلزام له بطرد دليله إن كان صادقا في دعواه، فلما قال له أمرا لا قوة له في شبهة تشوش دليله، ولا قادحا يقدح في سبيله بهت الذي كفر أي: تحير فلم يرجع إليه جوابا وانقطعت حجته وسقطت شبهته، وهذه حالة المبطل المعاند الذي يريد أن يقاوم الحق ويغالبه، فإنه مغلوب مقهور، فلذلك قال تعالى: والله لا يهدي القوم الظالمين بل يبقيهم على كفرهم وضلالهم، وهم الذين اختاروا لأنفسهم ذلك، وإلا فلو كان قصدهم الحق والهداية لهداهم إليه ويسر لهم أسباب الوصول إليه، ففي هذه الآية برهان قاطع على تفرد الرب بالخلق والتدبير، ويلزم من ذلك أن يفرد بالعبادة والإنابة والتوكل عليه في جميع الأحوال، قال ابن القيم رحمه الله: وفي هذه المناظرة نكتة لطيفة جدا، وهي أن شرك العالم إنما هو مستند إلى عبادة الكواكب والقبور، ثم صورت الأصنام على صورها، فتضمن الدليلان اللذان استدل بهما إبراهيم إبطال إلهية تلك جملة بأن الله وحده هو الذي يحيي ويميت، ولا يصلح الحي الذي يموت للإلهية لا في حال حياته ولا بعد موته، فإن له ربا قادرا قاهرا متصرفا فيه إحياء وإماتة، ومن كان كذلك فكيف يكون إلها حتى يتخذ الصنم على صورته، ويعبد من دونه، وكذلك الكواكب أظهرها وأكبرها للحس هذه الشمس وهي مربوبة مدبرة مسخرة، لا تصرف لها بنفسها بوجه ما، بل ربها وخالقها سبحانه يأتي بها من مشرقها فتنقاد لأمره ومشيئته، فهي مربوبة مسخرة مدبرة، لا إله يعبد من دون الله. " من مفتاح دار السعادة
اَوْ كَالَّذِیْ مَرَّ عَلٰى قَرْیَةٍ وَّ هِیَ خَاوِیَةٌ عَلٰى عُرُوْشِهَاۚ-قَالَ اَنّٰى یُحْیٖ هٰذِهِ اللّٰهُ بَعْدَ مَوْتِهَاۚ-فَاَمَاتَهُ اللّٰهُ مِائَةَ عَامٍ ثُمَّ بَعَثَهٗؕ-قَالَ كَمْ لَبِثْتَؕ-قَالَ لَبِثْتُ یَوْمًا اَوْ بَعْضَ یَوْمٍؕ-قَالَ بَلْ لَّبِثْتَ مِائَةَ عَامٍ فَانْظُرْ اِلٰى طَعَامِكَ وَ شَرَابِكَ لَمْ یَتَسَنَّهْۚ-وَ انْظُرْ اِلٰى حِمَارِكَ وَ لِنَجْعَلَكَ اٰیَةً لِّلنَّاسِ وَ انْظُرْ اِلَى الْعِظَامِ كَیْفَ نُنْشِزُهَا ثُمَّ نَكْسُوْهَا لَحْمًاؕ-فَلَمَّا تَبَیَّنَ لَهٗۙ-قَالَ اَعْلَمُ اَنَّ اللّٰهَ عَلٰى كُلِّ شَیْءٍ قَدِیْرٌ(۲۵۹)
یا اس کی طرح جو گزرا ایک بستی پر (ف۵۴۰) اور وہ ڈھئی (مسمار ہوئی) پڑی تھی اپنی چھتوں پر (ف۵۴۱) بولا اسے کیونکر جِلائے گا اللہ اس کی موت کے بعد تو اللہ نے اسے مردہ رکھا سو برس پھر زندہ کردیا، فرمایا تو یہاں کتنا ٹھہرا، عرض کی دن بھر ٹھہرا ہوں گا یا کچھ کم، فرمایا نہیں تجھے سو برس گزر گئے اور اپنے کھانے اور پانی کو دیکھ کہ اب تک بو نہ لایا اور اپنے گدھے کو دیکھ کہ جس کی ہڈیاں تک سلامت نہ رہیں اور یہ اس لئے کہ تجھے ہم لوگوں کے واسطے نشانی کریں اور ان ہڈیوں کو دیکھ کیونکر ہم انہیں اٹھان دیتے پھر انہیں گوشت پہناتے ہیں جب یہ معاملہ اس پر ظاہر ہوگیا بولا میں خوب جانتا ہوں کہ اللہ سب کچھ کرسکتا ہے،
وهذا أيضا دليل آخر على توحد الله بالخلق والتدبير والإماتة والإحياء، فقال: ( أو كالذي مر على قرية وهي خاوية على عروشها ) أي: قد باد أهلها وفني سكانها وسقطت حيطانها على عروشها، فلم يبق بها أنيس بل بقيت موحشة من أهلها مقفرة، فوقف عليها ذلك الرجل متعجبا و ( قال أنى يحيي هذه الله بعد موتها ) استبعادا لذلك وجهلا بقدرة الله تعالى، فلما أراد الله به خيرا أراه آية في نفسه وفي حماره، وكان معه طعام وشراب، ( فأماته الله مائة عام ثم بعثه قال كم لبثت قال لبثت يوما أو بعض يوم ) استقصارا لتلك المدة التي مات فيها لكونه قد زالت معرفته وحواسه وكان عهد حاله قبل موته، فقيل له ( بل لبثت مائة عام فانظر إلى طعامك وشرابك لم يتسنه ) أي: لم يتغير بل بقي على حاله على تطاول السنين واختلاف الأوقات عليه، ففيه أكبر دليل على قدرته حيث أبقاه وحفظه عن التغير والفساد، مع أن الطعام والشراب من أسرع الأشياء فسادا ( وانظر إلى حمارك ) وكان قد مات وتمزق لحمه وجلده وانتثرت عظامه، وتفرقت أوصاله ( ولنجعلك آية للناس ) على قدرة الله وبعثه الأموات من قبورهم، لتكون أنموذجا محسوسا مشاهدا بالأبصار، فيعلموا بذلك صحة ما أخبرت به الرسل ( وانظر إلى العظام كيف ننشزها ) أي: ندخل بعضها في بعض، ونركب بعضها ببعض ( ثم نكسوها لحما ) فنظر إليها عيانا كما وصفها الله تعالى، ( فلما تبين له ) ذلك وعلم قدرة الله تعالى ( قال أعلم أن الله على كل شيء قدير ) والظاهر من سياق الآية أن هذا رجل منكر للبعث أراد الله به خيرا، وأن يجعله آية ودليلا للناس لثلاثة أوجه أحدها قوله ( أنى يحيي هذه الله بعد موتها ) ولو كان نبيا أو عبدا صالحا لم يقل ذلك، والثاني: أن الله أراه آية في طعامه وشرابه وحماره ونفسه ليراه بعينه فيقر بما أنكره، ولم يذكر في الآية أن القرية المذكورة عمرت وعادت إلى حالتها، ولا في السياق ما يدل على ذلك، ولا في ذلك كثير فائدة، ما الفائدة الدالة على إحياء الله للموتى في قرية خربت ثم رجع إليها أهلها أو غيرهم فعمروها؟! وإنما الدليل الحقيقي في إحيائه وإحياء حماره وإبقاء طعامه وشرابه بحاله، والثالث في قوله: ( فلما تبين له ) أي: تبين له أمر كان يجهله ويخفى عليه، فعلم بذلك صحة ما ذكرناه، والله أعلم.
وَ اِذْ قَالَ اِبْرٰهٖمُ رَبِّ اَرِنِیْ كَیْفَ تُحْیِ الْمَوْتٰىؕ-قَالَ اَوَ لَمْ تُؤْمِنْؕ-قَالَ بَلٰى وَ لٰكِنْ لِّیَطْمَىٕنَّ قَلْبِیْؕ-قَالَ فَخُذْ اَرْبَعَةً مِّنَ الطَّیْرِ فَصُرْهُنَّ اِلَیْكَ ثُمَّ اجْعَلْ عَلٰى كُلِّ جَبَلٍ مِّنْهُنَّ جُزْءًا ثُمَّ ادْعُهُنَّ یَاْتِیْنَكَ سَعْیًاؕ-وَ اعْلَمْ اَنَّ اللّٰهَ عَزِیْزٌ حَكِیْمٌ۠(۲۶۰)
اور جب عرض کی ابراہیم نے (ف۵۴۲) اے رب میرے مجھے دکھا دے تو کیونکر مردے جِلائے گا فرمایا کیا تجھے یقین نہیں (ف۵۴۳) عرض کی یقین کیوں نہیں مگر یہ چاہتا ہوں کہ میرے دل کو قرار آجائے (ف۵۴۴) فرمایا تو اچھا، چار پرندے لے کر اپنے ساتھ ہلالے (ف۵۴۵) پھر ان کا ایک ایک ٹکڑا ہر پہاڑ پر رکھ دے پھر انہیں بلا وہ تیرے پاس چلے آئیں گے پاؤں سے دوڑتے (ف۵۴۶) اور جان رکھ کہ اللہ غالب حکمت والا ہے
وهذا فيه أيضا أعظم دلالة حسية على قدرة الله وإحيائه الموتى للبعث والجزاء، فأخبر تعالى عن خليله إبراهيم أنه سأله أن يريه ببصره كيف يحيي الموتى، لأنه قد تيقن ذلك بخبر الله تعالى، ولكنه أحب أن يشاهده عيانا ليحصل له مرتبة عين اليقين، فلهذا قال الله له: أولم تؤمن قال بلى ولكن ليطمئن قلبي وذلك أنه بتوارد الأدلة اليقينية مما يزداد به الإيمان ويكمل به الإيقان ويسعى في نيله أولو العرفان، فقال له ربه فخذ أربعة من الطير فصرهن إليك أي: ضمهن ليكون ذلك بمرأى منك ومشاهدة وعلى يديك. ثم اجعل على كل جبل منهن جزءا أي: مزقهن، اخلط أجزاءهن بعضها ببعض، واجعل على كل جبل، أي: من الجبال التي في القرب منه، جزء من تلك الأجزاء ثم ادعهن يأتينك سعيا أي: تحصل لهن حياة كاملة، ويأتينك في هذه القوة وسرعة الطيران، ففعل إبراهيم عليه السلام ذلك وحصل له ما أراد وهذا من ملكوت السماوات والأرض الذي أراه الله إياه في قوله وكذلك نري إبراهيم ملكوت السماوات والأرض وليكون من الموقنين ثم قال: واعلم أن الله عزيز حكيم أي: ذو قوة عظيمة سخر بها المخلوقات، فلم يستعص عليه شيء منها، بل هي منقادة لعزته خاضعة لجلاله، ومع ذلك فأفعاله تعالى تابعة لحكمته، لا يفعل شيئا عبثا:
مَثَلُ الَّذِیْنَ یُنْفِقُوْنَ اَمْوَالَهُمْ فِیْ سَبِیْلِ اللّٰهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ اَنْۢبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِیْ كُلِّ سُنْۢبُلَةٍ مِّائَةُ حَبَّةٍؕ-وَ اللّٰهُ یُضٰعِفُ لِمَنْ یَّشَآءُؕ-وَ اللّٰهُ وَاسِعٌ عَلِیْمٌ(۲۶۱)
ان کی کہاوت جو اپنے مال اللہ کی راہ میں خرچ کرتے ہیں (ف۵۴۷) اس دانہ کی طرح جس نے اگائیں سات بالیں (ف۵۴۸) ہر بال میں سو دانے (ف۵۴۹) اور اللہ اس سے بھی زیادہ بڑھائے جس کے لئے چاہے اور اللہ وسعت والا علم والا ہے،
هذا بيان للمضاعفة التي ذكرها الله في قوله مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافًا كَثِيرَةً وهنا قال: ( مثل الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله ) أي: في طاعته ومرضاته، وأولاها إنفاقها في الجهاد في سبيله ( كمثل حبة أنبتت سبع سنابل في كل سنبلة مائة حبة ) وهذا إحضار لصورة المضاعفة بهذا المثل، الذي كان العبد يشاهده ببصره فيشاهد هذه المضاعفة ببصيرته، فيقوى شاهد الإيمان مع شاهد العيان، فتنقاد النفس مذعنة للإنفاق سامحة بها مؤملة لهذه المضاعفة الجزيلة والمنة الجليلة، ( والله يضاعف ) هذه المضاعفة ( لمن يشاء ) أي: بحسب حال المنفق وإخلاصه وصدقه وبحسب حال النفقة وحلها ونفعها ووقوعها موقعها، ويحتمل أن يكون ( والله يضاعف ) أكثر من هذه المضاعفة ( لمن يشاء ) فيعطيهم أجرهم بغير حساب ( والله واسع ) الفضل، واسع العطاء، لا ينقصه نائل ولا يحفيه سائل، فلا يتوهم المنفق أن تلك المضاعفة فيها نوع مبالغة، لأن الله تعالى لا يتعاظمه شيء ولا ينقصه العطاء على كثرته، ومع هذا فهو ( عليم ) بمن يستحق هذه المضاعفة ومن لا يستحقها، فيضع المضاعفة في موضعها لكمال علمه وحكمته.
اَلَّذِیْنَ یُنْفِقُوْنَ اَمْوَالَهُمْ فِیْ سَبِیْلِ اللّٰهِ ثُمَّ لَا یُتْبِعُوْنَ مَاۤ اَنْفَقُوْا مَنًّا وَّ لَاۤ اَذًىۙ-لَّهُمْ اَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْۚ-وَ لَا خَوْفٌ عَلَیْهِمْ وَ لَا هُمْ یَحْزَنُوْنَ(۲۶۲)
وہ جو اپنے مال اللہ کی راہ میں خرچ کرتے ہیں (ف۵۵۰) پھر دیئے پیچھے نہ احسان رکھیں نہ تکلیف دیں (ف۵۵۱) ان کا نیگ (انعام) ان کے رب کے پاس ہے اور انہیں نہ کچھ اندیشہ ہو نہ کچھ غم،
أي: الذين ينفقون أموالهم في طاعة الله وسبيله، ولا يتبعونها بما ينقصها ويفسدها من المن بها على المنفق عليه بالقلب أو باللسان، بأن يعدد عليه إحسانه ويطلب منه مقابلته، ولا أذية له قولية أو فعلية، فهؤلاء لهم أجرهم اللائق بهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون، فحصل لهم الخير واندفع عنهم الشر لأنهم عملوا عملا خالصا لله سالما من المفسدات.
قَوْلٌ مَّعْرُوْفٌ وَّ مَغْفِرَةٌ خَیْرٌ مِّنْ صَدَقَةٍ یَّتْبَعُهَاۤ اَذًىؕ-وَ اللّٰهُ غَنِیٌّ حَلِیْمٌ(۲۶۳)
اچھی بات کہنا اور درگزر کرنا (ف۵۵۲) اس خیرات سے بہتر ہے جس کے بعد ستانا ہو (ف۵۵۳) اور اللہ بے پراہ حلم والا ہے،
قول معروف أي: تعرفه القلوب ولا تنكره، ويدخل في ذلك كل قول كريم فيه إدخال السرور على قلب المسلم، ويدخل فيه رد السائل بالقول الجميل والدعاء له ومغفرة لمن أساء إليك بترك مؤاخذته والعفو عنه، ويدخل فيه العفو عما يصدر من السائل مما لا ينبغي، فالقول المعروف والمغفرة خير من الصدقة التي يتبعها أذى، لأن القول المعروف إحسان قولي، والمغفرة إحسان أيضا بترك المؤاخذة، وكلاهما إحسان ما فيه مفسد، فهما أفضل من الإحسان بالصدقة التي يتبعها أذى بمنّ أو غيره، ومفهوم الآية أن الصدقة التي لا يتبعها أذى أفضل من القول المعروف والمغفرة، وإنما كان المنّ بالصدقة مفسدا لها محرما، لأن المنّة لله تعالى وحده، والإحسان كله لله، فالعبد لا يمنّ بنعمة الله وإحسانه وفضله وهو ليس منه، وأيضا فإن المانّ مستعبِدٌ لمن يمنّ عليه، والذل والاستعباد لا ينبغي إلا لله، والله غني بذاته عن جميع مخلوقاته، وكلها مفتقرة إليه بالذات في جميع الحالات والأوقات، فصدقتكم وإنفاقكم وطاعاتكم يعود مصلحتها إليكم ونفعها إليكم، والله غني عنها، ومع هذا فهو حليم على من عصاه لا يعاجله بعقوبة مع قدرته عليه، ولكن رحمته وإحسانه وحلمه يمنعه من معاجلته للعاصين، بل يمهلهم ويصرّف لهم الآيات لعلهم يرجعون إليه وينيبون إليه، فإذا علم تعالى أنه لا خير فيهم ولا تغني عنهم الآيات ولا تفيد بهم المثلات أنزل بهم عقابه وحرمهم جزيل ثوابه.
یٰۤاَیُّهَا الَّذِیْنَ اٰمَنُوْا لَا تُبْطِلُوْا صَدَقٰتِكُمْ بِالْمَنِّ وَ الْاَذٰىۙ-كَالَّذِیْ یُنْفِقُ مَالَهٗ رِئَآءَ النَّاسِ وَ لَا یُؤْمِنُ بِاللّٰهِ وَ الْیَوْمِ الْاٰخِرِؕ-فَمَثَلُهٗ كَمَثَلِ صَفْوَانٍ عَلَیْهِ تُرَابٌ فَاَصَابَهٗ وَابِلٌ فَتَرَكَهٗ صَلْدًاؕ-لَا یَقْدِرُوْنَ عَلٰى شَیْءٍ مِّمَّا كَسَبُوْاؕ-وَ اللّٰهُ لَا یَهْدِی الْقَوْمَ الْكٰفِرِیْنَ(۲۶۴)
اے ایمان والوں اپنے صدقے باطل نہ کردو احسان رکھ کر اور ایذا دے کر (ف۵۵۴) اس کی طرح جو اپنا مال لوگوں کے دکھاوے کے لئے خرچ کرے اور اللہ اور قیامت پر ایمان نہ لائے، تو اس کی کہاوت ایسی ہے جیسے ایک چٹان کہ اس پر مٹی ہے اب اس پر زور کا پانی پڑا جس نے اسے نرا پتھر کر چھوڑا (ف۵۵۵) اپنی کمائی سے کسی چیز پر قابو نہ پائیں گے، اور اللہ کافروں کو راہ نہیں دیتا،
ينهى عباده تعالى لطفا بهم ورحمة عن إبطال صدقاتهم بالمن والأذى ففيه أن المن والأذى يبطل الصدقة، ويستدل بهذا على أن الأعمال السيئة تبطل الأعمال الحسنة، كما قال تعالى: ولا تجهروا له بالقول كجهر بعضكم لبعض أن تحبط أعمالكم وأنتم لا تشعرون فكما أن الحسنات يذهبن السيئات فالسيئات تبطل ما قابلها من الحسنات، وفي هذه الآية مع قوله تعالى ولا تبطلوا أعمالكم حث على تكميل الأعمال وحفظها من كل ما يفسدها لئلا يضيع العمل سدى، وقوله: كالذي ينفق ماله رئاء الناس ولا يؤمن بالله واليوم الآخر أي: أنتم وإن قصدتم بذلك وجه الله في ابتداء الأمر، فإن المنة والأذى مبطلان لأعمالكم، فتصير أعمالكم بمنزلة الذي يعمل لمراءاة الناس ولا يريد به الله والدار الآخرة، فهذا لا شك أن عمله من أصله مردود، لأن شرط العمل أن يكون لله وحده وهذا في الحقيقة عمل للناس لا لله، فأعماله باطلة وسعيه غير مشكور، فمثله المطابق لحاله كمثل صفوان وهو الحجر الأملس الشديد عليه تراب فأصابه وابل أي: مطر غزير فتركه صلدا أي: ليس عليه شيء من التراب، فكذلك حال هذا المرائي، قلبه غليظ قاس بمنزلة الصفوان، وصدقته ونحوها من أعماله بمنزلة التراب الذي على الصفوان، إذا رآه الجاهل بحاله ظن أنه أرض زكية قابلة للنبات، فإذا انكشفت حقيقة حاله زال ذلك التراب وتبين أن عمله بمنزلة السراب، وأن قلبه غير صالح لنبات الزرع وزكائه عليه، بل الرياء الذي فيه والإرادات الخبيثة تمنع من انتفاعه بشيء من عمله، فلهذا لا يقدرون على شيء من أعمالهم التي اكتسبوها، لأنهم وضعوها في غير موضعها وجعلوها لمخلوق مثلهم، لا يملك لهم ضررا ولا نفعا وانصرفوا عن عبادة من تنفعهم عبادته، فصرف الله قلوبهم عن الهداية، فلهذا قال: والله لا يهدي القوم الكافرين
وَ مَثَلُ الَّذِیْنَ یُنْفِقُوْنَ اَمْوَالَهُمُ ابْتِغَآءَ مَرْضَاتِ اللّٰهِ وَ تَثْبِیْتًا مِّنْ اَنْفُسِهِمْ كَمَثَلِ جَنَّةٍۭ بِرَبْوَةٍ اَصَابَهَا وَابِلٌ فَاٰتَتْ اُكُلَهَا ضِعْفَیْنِۚ-فَاِنْ لَّمْ یُصِبْهَا وَابِلٌ فَطَلٌّؕ-وَ اللّٰهُ بِمَا تَعْمَلُوْنَ بَصِیْرٌ(۲۶۵)
اور ان کی کہاوت جو اپنے مال اللہ کی رضا چاہنے میں خرچ کرتے ہیں اور اپنے دل جمانے کو (ف۵۵۶) اس باغ کی سی ہے جو بھوڑ (رتیلی زمین) پر ہو اس پر زور کا پانی پڑا تو دُونے میوے لایا پھر اگر زور کا مینھ اسے نہ پہنچے تو اوس کافی ہے (ف۵۵۷) اور اللہ تمہارے کام دیکھ رہا ہے (ف۵۵۸)
هذا مثل المنفقين أموالهم على وجه تزكو عليه نفقاتهم وتقبل به صدقاتهم فقال تعالى: ومثل الذين ينفقون أموالهم ابتغاء مرضاة الله أي: قصدهم بذلك رضى ربهم والفوز بقربه وتثبيتا من أنفسهم أي: صدر الإنفاق على وجه منشرحة له النفس سخية به، لا على وجه التردد وضعف النفس في إخراجها وذلك أن النفقة يعرض لها آفتان إما أن يقصد الإنسان بها محمدة الناس ومدحهم وهو الرياء، أو يخرجها على خور وضعف عزيمة وتردد، فهؤلاء سلموا من هاتين الآفتين فأنفقوا ابتغاء مرضات الله لا لغير ذلك من المقاصد، وتثبيتا من أنفسهم، فمثل نفقة هؤلاء كمثل جنة أي: كثيرة الأشجار غزيرة الظلال، من الاجتنان وهو الستر، لستر أشجارها ما فيها، وهذه الجنة بربوة أي: محل مرتفع ضاح للشمس في أول النهار ووسطه وآخره، فثماره أكثر الثمار وأحسنها، ليست بمحل نازل عن الرياح والشمس، ف أصابها أي: تلك الجنة التي بربوة وابل وهو المطر الغزير فآتت أكلها ضعفين أي: تضاعفت ثمراتها لطيب أرضها ووجود الأسباب الموجبة لذلك، وحصول الماء الكثير الذي ينميها ويكملها فإن لم يصبها وابل فطل أي: مطر قليل يكفيها لطيب منبتها، فهذه حالة المنفقين أهل النفقات الكثيرة والقليلة كل على حسب حاله، وكل ينمى له ما أنفق أتم تنمية وأكملها والمنمي لها هو الذي أرحم بك من نفسك، الذي يريد مصلحتك حيث لا تريدها، فيالله لو قدر وجود بستان في هذه الدار بهذه الصفة لأسرعت إليه الهمم وتزاحم عليه كل أحد، ولحصل الاقتتال عنده، مع انقضاء هذه الدار وفنائها وكثرة آفاتها وشدة نصبها وعنائها، وهذا الثواب الذي ذكره الله كأن المؤمن ينظر إليه بعين بصيرة الإيمان، دائم مستمر فيه أنواع المسرات والفرحات، ومع هذا تجد النفوس عنه راقدة، والعزائم عن طلبه خامدة، أترى ذلك زهدا في الآخرة ونعيمها، أم ضعف إيمان بوعد الله ورجاء ثوابه؟! وإلا فلو تيقن العبد ذلك حق اليقين وباشر الإيمان به بشاشة قلبه لانبعثت من قلبه مزعجات الشوق إليه، وتوجهت همم عزائمه إليه، وطوعت نفسه له بكثرة النفقات رجاء المثوبات، ولهذا قال تعالى: والله بما تعملون بصير فيعلم عمل كل عامل ومصدر ذلك العمل، فيجازيه عليه أتم الجزاء
اَیَوَدُّ اَحَدُكُمْ اَنْ تَكُوْنَ لَهٗ جَنَّةٌ مِّنْ نَّخِیْلٍ وَّ اَعْنَابٍ تَجْرِیْ مِنْ تَحْتِهَا الْاَنْهٰرُۙ-لَهٗ فِیْهَا مِنْ كُلِّ الثَّمَرٰتِۙ- وَ اَصَابَهُ الْكِبَرُ وَ لَهٗ ذُرِّیَّةٌ ضُعَفَآءُﳚ -فَاَصَابَهَاۤ اِعْصَارٌ فِیْهِ نَارٌ فَاحْتَرَقَتْؕ-كَذٰلِكَ یُبَیِّنُ اللّٰهُ لَكُمُ الْاٰیٰتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُوْنَ۠(۲۶۶)
کیا تم میں کوئی اسے پسند رکھے گا (ف۵۵۹) کہ اس کے پاس ایک باغ ہو کھجوروں اور انگوروں کا (ف۵۶۰) جس کے نیچے ندیاں بہتیں اس کے لئے اس میں ہر قسم کے پھلوں سے ہے (ف۵۶۱) اور اسے بڑھاپا آیا (ف۵۶۲) اور اس کے ناتوان بچے ہیں (ف۵۶۳) تو آیا اس پر ایک بگولا جس میں آگ تھی تو جل گیا (ف۵۶۴) ایسا ہی بیان کرتا ہے اللہ تم سے اپنی آیتیں کہ کہیں تم دھیان لگاؤ (ف۵۶۵)
وهذا المثل مضروب لمن عمل عملا لوجه الله تعالى من صدقة أو غيرها ثم عمل أعمالا تفسده، فمثله كمثل صاحب هذا البستان الذي فيه من كل الثمرات، وخص منها النخل والعنب لفضلهما وكثرة منافعهما، لكونهما غذاء وقوتا وفاكهة وحلوى، وتلك الجنة فيها الأنهار الجارية التي تسقيها من غير مؤنة، وكان صاحبها قد اغتبط بها وسرته، ثم إنه أصابه الكبر فضعف عن العمل وزاد حرصه، وكان له ذرية ضعفاء ما فيهم معاونة له، بل هم كل عليه، ونفقته ونفقتهم من تلك الجنة، فبينما هو كذلك إذ أصاب تلك الجنة إعصار وهو الريح القوية التي تستدير ثم ترتفع في الجو، وفي ذلك الإعصار نار فاحترقت تلك الجنة، فلا تسأل عما لقي ذلك الذي أصابه الكبر من الهم والغم والحزن، فلو قدر أن الحزن يقتل صاحبه لقتله الحزن، كذلك من عمل عملا لوجه الله فإن أعماله بمنزلة البذر للزروع والثمار، ولا يزال كذلك حتى يحصل له من عمله جنة موصوفة بغاية الحسن والبهاء، وتلك المفسدات التي تفسد الأعمال بمنزلة الإعصار الذي فيه نار، والعبد أحوج ما يكون لعمله إذا مات وكان بحالة لا يقدر معها على العمل، فيجد عمله الذي يؤمل نفعه هباء منثورا، ووجد الله عنده فوفاه حسابه. والله سريع الحساب فلو علم الإنسان وتصور هذه الحال وكان له أدنى مسكة من عقل لم يقدم على ما فيه مضرته ونهاية حسرته ولكن ضعف الإيمان والعقل وقلة البصيرة يصير صاحبه إلى هذه الحالة التي لو صدرت من مجنون لا يعقل لكان ذلك عظيما وخطره جسيما، فلهذا أمر تعالى بالتفكر وحثَّ عليه، فقال: كذلك يبين الله لكم الآيات لعلكم تتفكرون
یٰۤاَیُّهَا الَّذِیْنَ اٰمَنُوْۤا اَنْفِقُوْا مِنْ طَیِّبٰتِ مَا كَسَبْتُمْ وَ مِمَّاۤ اَخْرَجْنَا لَكُمْ مِّنَ الْاَرْضِ۪-وَ لَا تَیَمَّمُوا الْخَبِیْثَ مِنْهُ تُنْفِقُوْنَ وَ لَسْتُمْ بِاٰخِذِیْهِ اِلَّاۤ اَنْ تُغْمِضُوْا فِیْهِؕ-وَ اعْلَمُوْۤا اَنَّ اللّٰهَ غَنِیٌّ حَمِیْدٌ(۲۶۷)
اے ایمان والو! اپنی پاک کمائیوں میں سے کچھ دو (ف۵۶۶) اور اس میں سے جو ہم نے تمہارے لئے زمین سے نکالا (ف۵۶۷) اور خاص ناقص کا ارادہ نہ کرو کہ دو تو اس میں سے (ف۵۶۸) اور تمہیں ملے تو نہ لوگے جب تک اس میں چشم پوشی نہ کرو اور جان رکھو کہ اللہ بے پروانہ سراہا گیا ہے۔
يأمر تعالى عباده المؤمنين بالنفقة من طيبات ما يسر لهم من المكاسب، ومما أخرج لهم من الأرض فكما منَّ عليكم بتسهيل تحصيله فأنفقوا منه شكرا لله وأداء لبعض حقوق إخوانكم عليكم، وتطهيرا لأموالكم، واقصدوا في تلك النفقة الطيب الذي تحبونه لأنفسكم، ولا تيمموا الرديء الذي لا ترغبونه ولا تأخذونه إلا على وجه الإغماض والمسامحة واعلموا أن الله غني حميد فهو غني عنكم ونفع صدقاتكم وأعمالكم عائد إليكم، ومع هذا فهو حميد على ما يأمركم به من الأوامر الحميدة والخصال السديدة، فعليكم أن تمتثلوا أوامره لأنها قوت القلوب وحياة النفوس ونعيم الأرواح
اَلشَّیْطٰنُ یَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَ یَاْمُرُكُمْ بِالْفَحْشَآءِۚ-وَ اللّٰهُ یَعِدُكُمْ مَّغْفِرَةً مِّنْهُ وَ فَضْلًاؕ-وَ اللّٰهُ وَاسِعٌ عَلِیْمٌۖۙ(۲۶۸)
شیطان تمہیں اندیشہ دلاتا ہے (ف۵۶۹) محتاجی کا اور حکم دیتا ہے بے حیائی کا (ف۵۷۰) اور اللہ تم سے وعدہ فرماتا ہے بخشش اور فضل کا (ف۵۷۱) اور اللہ وسعت و الا علم والا ہے،
وإياكم أن تتبعوا عدوكم الشيطان الذي يأمركم بالإمساك، ويخوفكم بالفقر والحاجة إذا أنفقتم، وليس هذا نصحا لكم، بل هذا غاية الغش إنما يدعو حزبه ليكونوا من أصحاب السعير بل أطيعوا ربكم الذي يأمركم بالنفقة على وجه يسهل عليكم ولا يضركم، ومع هذا فهو يعدكم مغفرة لذنوبكم وتطهيرا لعيوبكم وفضلا وإحسانا إليكم في الدنيا والآخرة، من الخلف العاجل، وانشراح الصدر ونعيم القلب والروح والقبر، وحصول ثوابها وتوفيتها يوم القيامة، وليس هذا عظيما عليه لأنه واسع الفضل عظيم الإحسان عليم بما يصدر منكم من النفقات قليلها وكثيرها، سرها وعلنها، فيجازيكم عليها من سعته وفضله وإحسانه، فلينظر العبد نفسه إلى أي الداعيين يميل، فقد تضمنت هاتان الآيتان أمورا عظيمة منها: الحث على الإنفاق، ومنها: بيان الأسباب الموجبة لذلك، ومنها: وجوب الزكاة من النقدين وعروض التجارة كلها، لأنها داخلة في قوله: من طيبات ما كسبتم ومنها: وجوب الزكاة في الخارج من الأرض من الحبوب والثمار والمعادن، ومنها: أن الزكاة على من له الزرع والثمر لا على صاحب الأرض، لقوله أخرجنا لكم فمن أخرجت له وجبت عليه ومنها: أن الأموال المعدة للاقتناء من العقارات والأواني ونحوها ليس فيها زكاة، وكذلك الديون والغصوب ونحوهما إذا كانت مجهولة، أو عند من لا يقدر ربها على استخراجها منه، ليس فيها زكاة، لأن الله أوجب النفقة من الأموال التي يحصل فيها النماء الخارج من الأرض، وأموال التجارة مواساة من نمائها، وأما الأموال التي غير معدة لذلك ولا مقدورا عليها فليس فيها هذا المعنى، ومنها: أن الرديء ينهى عن إخراجه ولا يجزئ في الزكاة
یُّؤْتِی الْحِكْمَةَ مَنْ یَّشَآءُۚ-وَ مَنْ یُّؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ اُوْتِیَ خَیْرًا كَثِیْرًاؕ-وَ مَا یَذَّكَّرُ اِلَّاۤ اُولُوا الْاَلْبَابِ(۲۶۹)
اللہ حکمت دیتا ہے (ف۵۷۲) جسے چاہے اور جسے حکمت ملی اسے بہت بھلائی ملی، اور نصیحت نہیں مانتے مگر عقل والے،
لما أمر تعالى بهذه الأوامر العظيمة المشتملة على الأسرار والحكم وكان ذلك لا يحصل لكل أحد، بل لمن منَّ عليه وآتاه الله الحكمة، وهي العلم النافع والعمل الصالح ومعرفة أسرار الشرائع وحكمها، وإن من آتاه الله الحكمة فقد آتاه خيرا كثيرا وأي خير أعظم من خير فيه سعادة الدارين والنجاة من شقاوتهما! وفيه التخصيص بهذا الفضل وكونه من ورثة الأنبياء، فكمال العبد متوقف على الحكمة، إذ كماله بتكميل قوتيه العلمية والعملية فتكميل قوته العلمية بمعرفة الحق ومعرفة المقصود به، وتكميل قوته العملية بالعمل بالخير وترك الشر، وبذلك يتمكن من الإصابة بالقول والعمل وتنزيل الأمور منازلها في نفسه وفي غيره، وبدون ذلك لا يمكنه ذلك، ولما كان الله تعالى قد فطر عباده على عبادته ومحبة الخير والقصد للحق، فبعث الله الرسل مذكرين لهم بما ركز في فطرهم وعقولهم، ومفصلين لهم ما لم يعرفوه، انقسم الناس قسمين قسم أجابوا دعوتهم فتذكروا ما ينفعهم ففعلوه، وما يضرهم فتركوه، وهؤلاء هم أولو الألباب الكاملة، والعقول التامة، وقسم لم يستجيبوا لدعوتهم، بل أجابوا ما عرض لفطرهم من الفساد، وتركوا طاعة رب العباد، فهؤلاء ليسوا من أولي الألباب، فلهذا قال تعالى: ( وما يذكر إلا أولو الألباب ) .
وَ مَاۤ اَنْفَقْتُمْ مِّنْ نَّفَقَةٍ اَوْ نَذَرْتُمْ مِّنْ نَّذْرٍ فَاِنَّ اللّٰهَ یَعْلَمُهٗؕ-وَ مَا لِلظّٰلِمِیْنَ مِنْ اَنْصَارٍ(۲۷۰)
اور تم جو خرچ کرو (ف۵۷۳) یا منت مانو (ف۵۷۴) اللہ کو اس کی خبر ہے (ف۵۷۵) اور ظالموں کا کوئی مددگار نہیں،
وهذا فيه المجازاة على النفقات، واجبها ومستحبها، قليلها وكثيرها، التي أمر الله بها، والنذور التي ألزمها المكلف نفسه، وإن الله تعالى يعلمها فلا يخفى عليه منها شيء، ويعلم ما صدرت عنه، هل هو الإخلاص أو غيره، فإن صدرت عن إخلاص وطلب لمرضاة الله جازى عليها بالفضل العظيم والثواب الجسيم، وإن لم ينفق العبد ما وجب عليه من النفقات ولم يوف ما أوجبه على نفسه من المنذورات، أو قصد بذلك رضى المخلوقات، فإنه ظالم قد وضع الشيء في غير موضعه، واستحق العقوبة البليغة، ولم ينفعه أحد من الخلق ولم ينصره، فلهذا قال: وما للظالمين من أنصار
اِنْ تُبْدُوا الصَّدَقٰتِ فَنِعِمَّا هِیَۚ-وَ اِنْ تُخْفُوْهَا وَ تُؤْتُوْهَا الْفُقَرَآءَ فَهُوَ خَیْرٌ لَّكُمْؕ-وَ یُكَفِّرُ عَنْكُمْ مِّنْ سَیِّاٰتِكُمْؕ-وَ اللّٰهُ بِمَا تَعْمَلُوْنَ خَبِیْرٌ(۲۷۱)
اگر خیرات اعلانیہ دو تو وہ کیا ہی اچھی بات ہے اور اگر چھپا کر فقیروں کو دو یہ تمہارے لئے سب سے بہتر ہے (ف۵۷۶) اور اسمیں تمہارے کچھ گناہ گھٹیں گے، اور اللہ کو تمہارے کاموں کی خبر ہے،
أي: إن تبدوا الصدقات فتظهروها وتكون علانية حيث كان القصد بها وجه الله فنعما هي أي: فنعم الشيء هي لحصول المقصود بها وإن تخفوها أي: تسروها وتؤتوها الفقراء فهو خير لكم ففي هذا أن صدقة السر على الفقير أفضل من صدقة العلانية، وأما إذا لم تؤت الصدقات الفقراء فمفهوم الآية أن السر ليس خيرا من العلانية، فيرجع في ذلك إلى المصلحة، فإن كان في إظهارها إظهار شعائر الدين وحصول الاقتداء ونحوه، فهو أفضل من الإسرار، ودل قوله: وتؤتوها الفقراء على أنه ينبغي للمتصدق أن يتحرى بصدقته المحتاجين، ولا يعطي محتاجا وغيره أحوج منه، ولما ذكر تعالى أن الصدقة خير للمتصدق ويتضمن ذلك حصول الثواب قال: ويكفر عنكم من سيئاتكم ففيه دفع العقاب والله بما تعملون خبير من خير وشر، قليل وكثير والمقصود من ذلك المجازاة.
لَیْسَ عَلَیْكَ هُدٰىهُمْ وَ لٰكِنَّ اللّٰهَ یَهْدِیْ مَنْ یَّشَآءُؕ-وَ مَا تُنْفِقُوْا مِنْ خَیْرٍ فَلِاَنْفُسِكُمْؕ-وَ مَا تُنْفِقُوْنَ اِلَّا ابْتِغَآءَ وَجْهِ اللّٰهِؕ-وَ مَا تُنْفِقُوْا مِنْ خَیْرٍ یُّوَفَّ اِلَیْكُمْ وَ اَنْتُمْ لَا تُظْلَمُوْنَ(۲۷۲)
انہیں راہ دینا تمہارے ذمہ لازم نہیں، (ف۵۷۷) ہاں اللہ راہ دیتا ہے جسے چاہتا ہے، اور تم جو اچھی چیز دو تو تمہارا ہی بھلا ہے (ف۵۷۸) اور تمہیں خرچ کرنا مناسب نہیں مگر اللہ کی مرضی چاہنے کے لئے، اور جو مال دو تمہیں پورا ملے گا اور نقصان نہ دیئے جاؤ گے،
يقول تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم ليس عليك هدى الخلق، وإنما عليك البلاغ المبين، والهداية بيد الله تعالى، ففيها دلالة على أن النفقة كما تكون على المسلم تكون على الكافر ولو لم يهتد، فلهذا قال: وما تنفقوا من خير أي: قليل أو كثير على أي شخص كان من مسلم وكافر فلأنفسكم أي: نفعه راجع إليكم وما تنفقون إلا ابتغاء وجه الله هذا إخبار عن نفقات المؤمنين الصادرة عن إيمانهم أنها لا تكون إلا لوجه الله تعالى، لأن إيمانهم يمنعهم عن المقاصد الردية ويوجب لهم الإخلاص وما تنفقوا من خير يوف إليكم يوم القيامة تستوفون أجوركم وأنتم لا تظلمون أي: تنقصون من أعمالكم شيئا ولا مثقال ذرة، كما لا يزاد في سيئاتكم.
لِلْفُقَرَآءِ الَّذِیْنَ اُحْصِرُوْا فِیْ سَبِیْلِ اللّٰهِ لَا یَسْتَطِیْعُوْنَ ضَرْبًا فِی الْاَرْضِ٘-یَحْسَبُهُمُ الْجَاهِلُ اَغْنِیَآءَ مِنَ التَّعَفُّفِۚ-تَعْرِفُهُمْ بِسِیْمٰىهُمْۚ-لَا یَسْــٴَـلُوْنَ النَّاسَ اِلْحَافًاؕ-وَ مَا تُنْفِقُوْا مِنْ خَیْرٍ فَاِنَّ اللّٰهَ بِهٖ عَلِیْمٌ۠(۲۷۳)
ان فقیروں کے لئے جو راہ خدا میں روکے گئے (ف۵۷۹) زمین میں چل نہیں سکتے (ف۵۸۰) نادان انہیں تونگر سمجھے بچنے کے سبب (ف۵۸۱) تو انہیں ان کی صورت سے پہچان لے گا (ف۵۸۲) لوگوں سے سوال نہیں کرتے کہ گڑ گڑانا پڑے اور تم جو خیرات کرو اللہ اسے جانتا ہے،
ثم ذكر مصرف النفقات الذين هم أولى الناس بها فوصفهم بست صفات أحدها الفقر، والثاني قوله: أحصروا في سبيل الله أي: قصروها على طاعة الله من جهاد وغيره، فهم مستعدون لذلك محبوسون له، الثالث عجزهم عن الأسفار لطلب الرزق فقال: لا يستطيعون ضربا في الأرض أي: سفرا للتكسب، الرابع قوله: يحسبهم الجاهل أغنياء من التعفف وهذا بيان لصدق صبرهم وحسن تعففهم. الخامس: أنه قال: تعرفهم بسيماهم أي: بالعلامة التي ذكرها الله في وصفهم، وهذا لا ينافي قوله: يحسبهم الجاهل أغنياء فإن الجاهل بحالهم ليس له فطنة يتفرس بها ما هم عليه، وأما الفطن المتفرس فمجرد ما يراهم يعرفهم بعلامتهم، السادس قوله: لا يسألون الناس إلحافا أي: لا يسألونهم سؤال إلحاف، أي: إلحاح، بل إن صدر منهم سؤال إذا احتاجوا لذلك لم يلحوا على من سألوا، فهؤلاء أولى الناس وأحقهم بالصدقات لما وصفهم به من جميل الصفات، وأما النفقة من حيث هي على أي شخص كان، فهي خير وإحسان وبر يثاب عليها صاحبها ويؤجر، فلهذا قال: وما تنفقوا من خير فإن الله به عليم
اَلَّذِیْنَ یُنْفِقُوْنَ اَمْوَالَهُمْ بِالَّیْلِ وَ النَّهَارِ سِرًّا وَّ عَلَانِیَةً فَلَهُمْ اَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْۚ-وَ لَا خَوْفٌ عَلَیْهِمْ وَ لَا هُمْ یَحْزَنُوْنَ(ؔ۲۷۴)
وہ جو اپنے مال خیرات کرتے ہیں رات میں اور دن میں چھپے اور ظاہر (ف۵۸۳) ان کے لئے ان کا نیگ (انعام، حصہ) ہے ان کے رب کے پاس ان کو نہ کچھ اندیشہ ہو نہ کچھ غم،
ثم ذكر حالة المتصدقين في جميع الأوقات على جميع الأحوال فقال: الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله أي: طاعته وطريق مرضاته، لا في المحرمات والمكروهات وشهوات أنفسهم بالليل والنهار سرا وعلانية فلهم أجرهم عند ربهم أي: أجر عظيم من خير عند الرب الرحيم ولا خوف عليهم إذا خاف المقصرون ولا هم يحزنون إذا حزن المفرطون، ففازوا بحصول المقصود المطلوب، ونجوا من الشرور والمرهوب، ولما كمل تعالى حالة المحسنين إلى عباده بأنواع النفقات ذكر حالة الظالمين المسيئين إليهم غاية الإساءة
اَلَّذِیْنَ یَاْكُلُوْنَ الرِّبٰوا لَا یَقُوْمُوْنَ اِلَّا كَمَا یَقُوْمُ الَّذِیْ یَتَخَبَّطُهُ الشَّیْطٰنُ مِنَ الْمَسِّؕ-ذٰلِكَ بِاَنَّهُمْ قَالُوْۤا اِنَّمَا الْبَیْعُ مِثْلُ الرِّبٰواۘ-وَ اَحَلَّ اللّٰهُ الْبَیْعَ وَ حَرَّمَ الرِّبٰواؕ-فَمَنْ جَآءَهٗ مَوْعِظَةٌ مِّنْ رَّبِّهٖ فَانْتَهٰى فَلَهٗ مَا سَلَفَؕ-وَ اَمْرُهٗۤ اِلَى اللّٰهِؕ-وَ مَنْ عَادَ فَاُولٰٓىٕكَ اَصْحٰبُ النَّارِۚ-هُمْ فِیْهَا خٰلِدُوْنَ(۲۷۵)
وہ جو سود کھاتے ہیں (ف۵۸۴) قیامت کے دن نہ کھڑے ہوں گے مگر، جیسے کھڑا ہوتا ہے وہ جسے آسیب نے چھو کر مخبوط بنادیا ہو (ف۵۸۵) اس لئے کہ انہوں نے کہا بیع بھی تو سود ہی کے مانند ہے، اور اللہ نے حلال کیا بیع کو اور حرام کیا سود، تو جسے اس کے رب کے پاس سے نصیحت آئی اور وہ باز رہا تو اسے حلال ہے جو پہلے لے چکا، (ف۵۸۶) اور اس کا کام خدا کے سپرد ہے (ف۵۸۷) اور جو اب ایسی حرکت کرے گا تو وہ دوزخی ہے وہ اس میں مدتو ں رہیں گے (ف۵۸۸)
يخبر تعالى عن أكلة الربا وسوء مآلهم وشدة منقلبهم، أنهم لا يقومون من قبورهم ليوم نشورهم إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس أي: يصرعه الشيطان بالجنون، فيقومون من قبورهم حيارى سكارى مضطربين، متوقعين لعظيم النكال وعسر الوبال، فكما تقلبت عقولهم و قالوا إنما البيع مثل الربا وهذا لا يكون إلا من جاهل عظيم جهله، أو متجاهل عظيم عناده، جازاهم الله من جنس أحوالهم فصارت أحوالهم أحوال المجانين، ويحتمل أن يكون قوله: لا يقومون إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس أنه لما انسلبت عقولهم في طلب المكاسب الربوية خفت أحلامهم وضعفت آراؤهم، وصاروا في هيئتهم وحركاتهم يشبهون المجانين في عدم انتظامها وانسلاخ العقل الأدبي عنهم، قال الله تعالى رادا عليهم ومبينا حكمته العظيمة وأحل الله البيع أي: لما فيه من عموم المصلحة وشدة الحاجة وحصول الضرر بتحريمه، وهذا أصل في حل جميع أنواع التصرفات الكسبية حتى يرد ما يدل على المنع وحرم الربا لما فيه من الظلم وسوء العاقبة، والربا نوعان: ربا نسيئة كبيع الربا بما يشاركه في العلة نسيئة، ومنه جعل ما في الذمة رأس مال، سلم، وربا فضل، وهو بيع ما يجري فيه الربا بجنسه متفاضلا، وكلاهما محرم بالكتاب والسنة، والإجماع على ربا النسيئة، وشذ من أباح ربا الفضل وخالف النصوص المستفيضة، بل الربا من كبائر الذنوب وموبقاتها فمن جاءه موعظة من ربه أي: وعظ وتذكير وترهيب عن تعاطي الربا على يد من قيضه الله لموعظته رحمة من الله بالموعوظ، وإقامة للحجة عليه فانتهى عن فعله وانزجر عن تعاطيه فله ما سلف أي: ما تقدم من المعاملات التي فعلها قبل أن تبلغه الموعظة جزاء لقبوله للنصيحة، دل مفهوم الآية أن من لم ينته جوزي بالأول والآخر وأمره إلى الله في مجازاته وفيما يستقبل من أموره ومن عاد إلى تعاطي الربا ولم تنفعه الموعظة، بل أصر على ذلك فأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون اختلف العلماء رحمهم الله في نصوص الوعيد التي ظاهرها تخليد أهل الكبائر من الذنوب التي دون الشرك بالله، والأحسن فيها أن يقال هذه الأمور التي رتب الله عليها الخلود في النار موجبات ومقتضيات لذلك، ولكن الموجب إن لم يوجد ما يمنعه ترتب عليه مقتضاه، وقد علم بالكتاب والسنة وإجماع سلف الأمة أن التوحيد والإيمان مانع من الخلود في النار، فلولا ما مع الإنسان من التوحيد لصار عمله صالحا للخلود فيها بقطع النظر عن كفره.
یَمْحَقُ اللّٰهُ الرِّبٰوا وَ یُرْبِی الصَّدَقٰتِؕ-وَ اللّٰهُ لَا یُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ اَثِیْمٍ(۲۷۶)
اللہ ہلاک کرتا ہے سود کو (ف۵۸۹) اور بڑھاتا ہے خیرات کو (ف۵۹۰) اور اللہ کو پسند نہیں آتا کوئی ناشکرا بڑا گنہگار،
ثم قال تعالى: يمحق الله الربا أي: يذهبه ويذهب بركته ذاتا ووصفا، فيكون سببا لوقوع الآفات فيه ونزع البركة عنه، وإن أنفق منه لم يؤجر عليه بل يكون زادا له إلى النار ويربي الصدقات أي: ينميها وينزل البركة في المال الذي أخرجت منه وينمي أجر صاحبها وهذا لأن الجزاء من جنس العمل، فإن المرابي قد ظلم الناس وأخذ أموالهم على وجه غير شرعي، فجوزي بذهاب ماله، والمحسن إليهم بأنواع الإحسان ربه أكرم منه، فيحسن عليه كما أحسن على عباده والله لا يحب كل كفار لنعم الله، لا يؤدي ما أوجب عليه من الصدقات، ولا يسلم منه ومن شره عباد الله أثيم أي: قد فعل ما هو سبب لإثمه وعقوبته.
اِنَّ الَّذِیْنَ اٰمَنُوْا وَ عَمِلُوا الصّٰلِحٰتِ وَ اَقَامُوا الصَّلٰوةَ وَ اٰتَوُا الزَّكٰوةَ لَهُمْ اَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْۚ-وَ لَا خَوْفٌ عَلَیْهِمْ وَ لَا هُمْ یَحْزَنُوْنَ(۲۷۷)
بیشک وہ جو ایمان لائے اور اچھے کام کئے اور نماز قائم کی اور زکوٰة دی ان کا نیگ (انعام) ان کے رب کے پاس ہے، اور نہ انہیں کچھ اندیشہ ہو، نہ کچھ غم،
لما ذكر أكلة الربا وكان من المعلوم أنهم لو كانوا مؤمنين إيمانا ينفعهم لم يصدر منهم ما صدر ذكر حالة المؤمنين وأجرهم، وخاطبهم بالإيمان، ونهاهم عن أكل الربا إن كانوا مؤمنين
یٰۤاَیُّهَا الَّذِیْنَ اٰمَنُوا اتَّقُوا اللّٰهَ وَ ذَرُوْا مَا بَقِیَ مِنَ الرِّبٰۤوا اِنْ كُنْتُمْ مُّؤْمِنِیْنَ(۲۷۸)
اے ایمان والو! اللہ سے ڈرو اور چھوڑ دو جو باقی رہ گیا ہے سود اگر مسلمان ہو (ف۵۹۱)
لما ذكر أكلة الربا وكان من المعلوم أنهم لو كانوا مؤمنين إيمانا ينفعهم لم يصدر منهم ما صدر ذكر حالة المؤمنين وأجرهم، وخاطبهم بالإيمان، ونهاهم عن أكل الربا إن كانوا مؤمنين، وهؤلاء هم الذين يقبلون موعظة ربهم وينقادون لأمره، وأمرهم أن يتقوه، ومن جملة تقواه أن يذروا ما بقي من الربا أي: المعاملات الحاضرة الموجودة، وأما ما سلف، فمن اتعظ عفا الله عنه ما سلف،
فَاِنْ لَّمْ تَفْعَلُوْا فَاْذَنُوْا بِحَرْبٍ مِّنَ اللّٰهِ وَ رَسُوْلِهٖۚ-وَ اِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوْسُ اَمْوَالِكُمْۚ-لَا تَظْلِمُوْنَ وَ لَا تُظْلَمُوْنَ(۲۷۹)
پھر اگر ایسا نہ کرو تو یقین کرلو اللہ اور اللہ کے رسول سے لڑائی کا (ف۵۹۲) اور اگر تم توبہ کرو تو اپنا اصل مال لے لو نہ تم کسی کو نقصان پہچاؤ (ف۵۹۳) نہ تمہیں نقصان ہو (ف۵۹۴)
وأما من لم ينزجر بموعظة الله ولم يقبل نصيحته فإنه مشاق لربه محارب له، وهو عاجز ضعيف ليس له يدان في محاربة العزيز الحكيم الذي يمهل للظالم ولا يهمله حتى إذا أخذه، أخذه أخذ عزيز مقتدر وإن تبتم عن الربا فلكم رءوس أموالكم أي: أنزلوا عليها لا تظلمون من عاملتموه بأخذ الزيادة التي هي الربا ولا تظلمون بنقص رءوس أموالكم.
وَ اِنْ كَانَ ذُوْ عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ اِلٰى مَیْسَرَةٍؕ-وَ اَنْ تَصَدَّقُوْا خَیْرٌ لَّكُمْ اِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُوْنَ(۲۸۰)
اور اگر قرضدار تنگی والا ہے تو اسے مہلت دو آسانی تک، اور قرض اس پر بالکل چھوڑ دینا تمہارے لئے اور بھلا ہے اگر جانو(ف۵۹۵)
وإن كان المدين ذو عسرة لا يجد وفاء فنظرة إلى ميسرة وهذا واجب عليه أن ينظره حتى يجد ما يوفي به وأن تصدقوا خير لكم إن كنتم تعلمون إما بإسقاطها أو بعضها.
- English | Ahmed Ali
- Urdu | Ahmed Raza Khan
- Turkish | Ali-Bulaç
- German | Bubenheim Elyas
- Chinese | Chineese
- Spanish | Cortes
- Dutch | Dutch
- Portuguese | El-Hayek
- English | English
- Urdu | Fateh Muhammad Jalandhry
- French | French
- Hausa | Hausa
- Indonesian | Indonesian-Bahasa
- Italian | Italian
- Korean | Korean
- Malay | Malay
- Russian | Russian
- Tamil | Tamil
- Thai | Thai
- Farsi | مکارم شیرازی
- العربية | التفسير الميسر
- العربية | تفسير الجلالين
- العربية | تفسير السعدي
- العربية | تفسير ابن كثير
- العربية | تفسير الوسيط لطنطاوي
- العربية | تفسير البغوي
- العربية | تفسير القرطبي
- العربية | تفسير الطبري
- English | Arberry
- English | Yusuf Ali
- Dutch | Keyzer
- Dutch | Leemhuis
- Dutch | Siregar
- Urdu | Sirat ul Jinan