READ

Surah al-Baqarah

اَلْبَقَرَة
286 Ayaat    مدنیۃ


2:161
اِنَّ الَّذِیْنَ كَفَرُوْا وَ مَاتُوْا وَ هُمْ كُفَّارٌ اُولٰٓىٕكَ عَلَیْهِمْ لَعْنَةُ اللّٰهِ وَ الْمَلٰٓىٕكَةِ وَ النَّاسِ اَجْمَعِیْنَۙ(۱۶۱)
بیشک وہ جنہوں نے کفر کیا اور کافر ہی مرے ان پر لعنت ہے اللہ اور فرشتوں اور آدمیوں سب کی، (ف۲۹۰)

وأما من كفر واستمر على كفره حتى مات ولم يرجع إلى ربه, ولم ينب إليه, ولم يتب عن قريب فأولئك عَلَيْهِمْ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ لأنه لما صار كفرهم وصفا ثابتا, صارت اللعنة عليهم وصفا ثابتا لا تزول, لأن الحكم يدور مع علته, وجودا وعدما.
2:162
خٰلِدِیْنَ فِیْهَاۚ-لَا یُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذَابُ وَ لَا هُمْ یُنْظَرُوْنَ(۱۶۲)
ہمیشہ رہیں گے اس میں نہ ان پر سے عذاب ہلکا ہو اور نہ انہیں مہلت دی جائے،

و خَالِدِينَ فِيهَا أي: في اللعنة, أو في العذاب والمعنيان لَا يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذَابُ بل عذابهم دائم شديد مستمر وَلَا هُمْ يُنْظَرُونَ أي: يمهلون, لأن وقت الإمهال وهو الدنيا قد مضى, ولم يبق لهم عذر فيعتذرون.
2:163
وَ اِلٰهُكُمْ اِلٰهٌ وَّاحِدٌۚ-لَاۤ اِلٰهَ اِلَّا هُوَ الرَّحْمٰنُ الرَّحِیْمُ۠(۱۶۳)
اور تمہارا معبود ایک معبود ہے (ف۲۹۱) اس کے سوا کوئی معبود نہیں مگر وہی بڑی رحمت والا مہربان

يخبر تعالى - وهو أصدق القائلين - أنه إِلَهٌ وَاحِدٌ أي: متوحد منفرد في ذاته, وأسمائه, وصفاته, وأفعاله، فليس له شريك في ذاته, ولا سمي له ولا كفو له, ولا مثل, ولا نظير, ولا خالق, ولا مدبر غيره، فإذا كان كذلك, فهو المستحق لأن يؤله ويعبد بجميع أنواع العبادة, ولا يشرك به أحد من خلقه, لأنه الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ المتصف بالرحمة العظيمة, التي لا يماثلها رحمة أحد, فقد وسعت كل شيء وعمت كل حي، فبرحمته وجدت المخلوقات, وبرحمته حصلت لها أنواع الكمالات، وبرحمته اندفع عنها كل نقمة، وبرحمته عرّف عباده نفسه بصفاته وآلائه, وبيَّن لهم كل ما يحتاجون إليه من مصالح دينهم ودنياهم, بإرسال الرسل, وإنزال الكتب. فإذا علم أن ما بالعباد من نعمة, فمن الله, وأن أحدا من المخلوقين, لا ينفع أحدا، علم أن الله هو المستحق لجميع أنواع العبادة, وأن يفرد بالمحبة والخوف, والرجاء, والتعظيم, والتوكل, وغير ذلك من أنواع الطاعات. وأن من أظلم الظلم, وأقبح القبيح, أن يعدل عن عبادته إلى عبادة العبيد, وأن يشرك المخلوق من تراب, برب الأرباب, أو يعبد المخلوق المدبر العاجز من جميع الوجوه, مع الخالق المدبر القادر القوي، الذي قد قهر كل شيء ودان له كل شيء. ففي هذه الآية, إثبات وحدانية الباري وإلهيته، وتقريرها بنفيها عن غيره من المخلوقين وبيان أصل الدليل على ذلك وهو إثبات رحمته التي من آثارها وجود جميع النعم, واندفاع [جميع] النقم، فهذا دليل إجمالي على وحدانيته تعالى.
2:164
اِنَّ فِیْ خَلْقِ السَّمٰوٰتِ وَ الْاَرْضِ وَ اخْتِلَافِ الَّیْلِ وَ النَّهَارِ وَ الْفُلْكِ الَّتِیْ تَجْرِیْ فِی الْبَحْرِ بِمَا یَنْفَعُ النَّاسَ وَ مَاۤ اَنْزَلَ اللّٰهُ مِنَ السَّمَآءِ مِنْ مَّآءٍ فَاَحْیَا بِهِ الْاَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَ بَثَّ فِیْهَا مِنْ كُلِّ دَآبَّةٍ ۪-وَّ تَصْرِیْفِ الرِّیٰحِ وَ السَّحَابِ الْمُسَخَّرِ بَیْنَ السَّمَآءِ وَ الْاَرْضِ لَاٰیٰتٍ لِّقَوْمٍ یَّعْقِلُوْنَ(۱۶۴)
بیشک آسمانوں (ف۲۹۲) اور زمین کی پیدائش اور رات و دن کا بدلتے آنا اور کشتی کہ دریا میں لوگوں کے فائدے لے کر چلتی ہے اور وہ جو اللہ نے آسمان سے پانی اتار کر مردہ زمین کو اس سے جِلا دیا اور زمین میں ہر قسم کے جانور پھیلائے اور ہواؤں کی گردش اور وہ بادل کہ آسمان و زمین کے بیچ میں حکم کا باندھا ہے ان سب میں عقلمندوں کے لئے ضرور نشانیاں ہیں،

أخبر تعالى أن في هذه المخلوقات العظيمة, آيات أي: أدلة على وحدانية الباري وإلهيته، وعظيم سلطانه ورحمته وسائر صفاته، ولكنها لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ أي: لمن لهم عقول يعملونها فيما خلقت له، فعلى حسب ما منّ الله على عبده من العقل, ينتفع بالآيات ويعرفها بعقله وفكره وتدبُّره، ففي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ في ارتفاعها واتساعها, وإحكامها, وإتقانها, وما جعل الله فيها من الشمس والقمر, والنجوم, وتنظيمها لمصالح العباد. وفي خلق الْأَرْضِ مهادا للخلق, يمكنهم القرار عليها والانتفاع بما عليها, والاعتبار. ما يدل ذلك على انفراد الله تعالى بالخلق والتدبير, وبيان قدرته العظيمة التي بها خلقها, وحكمته التي بها أتقنها, وأحسنها ونظمها, وعلمه ورحمته التي بها أودع ما أودع, من منافع الخلق ومصالحهم, وضروراتهم وحاجاتهم. وفي ذلك أبلغ الدليل على كماله, واستحقاقه أن يفرد بالعبادة, لانفراده بالخلق والتدبير, والقيام بشئون عباده و في اخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وهو تعاقبهما على الدوام, إذا ذهب أحدهما, خلفه الآخر، وفي اختلافهما في الحر, والبرد, والتوسط, وفي الطول, والقصر, والتوسط, وما ينشأ عن ذلك من الفصول, التي بها انتظام مصالح بني آدم وحيواناتهم, وجميع ما على وجه الأرض, من أشجار ونوابت، كل ذلك بانتظام وتدبير, وتسخير, تنبهر له العقول, وتعجز عن إدراكه من الرجال الفحول, ما يدل ذلك على قدرة مصرفها, وعلمه وحكمته, ورحمته الواسعة, ولطفه الشامل, وتصريفه وتدبيره, الذي تفرد به, وعظمته, وعظمة ملكه وسلطانه, مما يوجب أن يؤله ويعبد, ويفرد بالمحبة والتعظيم, والخوف والرجاء, وبذل الجهد في محابه ومراضيه. و في وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ وهي السفن والمراكب ونحوها, مما ألهم الله عباده صنعتها, وخلق لهم من الآلات الداخلية والخارجية ما أقدرهم عليها. ثم سخر لها هذا البحر العظيم والرياح, التي تحملها بما فيها من الركاب والأموال, والبضائع التي هي من منافع الناس, وبما تقوم به مصالحهم وتنتظم معايشهم. فمن الذي ألهمهم صنعتها, وأقدرهم عليها, وخلق لهم من الآلات ما به يعملونها؟ أم من الذي سخر لها البحر, تجري فيه بإذنه وتسخيره, والرياح؟ أم من الذي خلق للمراكب البرية والبحرية, النار والمعادن المعينة على حملها, وحمل ما فيها من الأموال؟ فهل هذه الأمور, حصلت اتفاقا, أم استقل بعملها هذا المخلوق الضعيف العاجز, الذي خرج من بطن أمه, لا علم له ولا قدرة، ثم خلق له ربه القدرة, وعلمه ما يشاء تعليمه، أم المسخر لذلك رب واحد, حكيم عليم, لا يعجزه شيء, ولا يمتنع عليه شيء؟ بل الأشياء قد دانت لربوبيته, واستكانت لعظمته, وخضعت لجبروته. وغاية العبد الضعيف, أن جعله الله جزءا من أجزاء الأسباب, التي بها وجدت هذه الأمور العظام, فهذا يدل على رحمة الله وعنايته بخلقه, وذلك يوجب أن تكون المحبة كلها له, والخوف والرجاء, وجميع الطاعة, والذل والتعظيم. وَمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ مَاءٍ وهو المطر النازل من السحاب. فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا فأظهرت من أنواع الأقوات, وأصناف النبات, ما هو من ضرورات الخلائق, التي لا يعيشون بدونها. أليس ذلك دليلا على قدرة من أنزله, وأخرج به ما أخرج ورحمته, ولطفه بعباده, وقيامه بمصالحهم, وشدة افتقارهم وضرورتهم إليه من كل وجه؟ أما يوجب ذلك أن يكون هو معبودهم وإلههم؟ أليس ذلك دليلا على إحياء الموتى ومجازاتهم بأعمالهم؟ وَبَثَّ فِيهَا أي: في الأرض مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ أي: نشر في أقطار الأرض من الدواب المتنوعة, ما هو دليل على قدرته وعظمته, ووحدانيته وسلطانه العظيم، وسخرها للناس, ينتفعون بها بجميع وجوه الانتفاع. فمنها: ما يأكلون من لحمه, ويشربون من دره، ومنها: ما يركبون، ومنها: ما هو ساع في مصالحهم وحراستهم, ومنها: ما يعتبر به، ومع أنه بث فيها من كل دابة، فإنه سبحانه هو القائم بأرزاقهم, المتكفل بأقواتهم، فما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها, ويعلم مستقرها ومستودعها. وفي تَصْرِيفِ الرِّيَاحِ باردة وحارة, وجنوبا وشمالا, وشرقا ودبورا وبين ذلك، وتارة تثير السحاب, وتارة تؤلف بينه, وتارة تلقحه, وتارة تدره, وتارة تمزقه وتزيل ضرره, وتارة تكون رحمة, وتارة ترسل بالعذاب. فمن الذي صرفها هذا التصريف, وأودع فيها من منافع العباد, ما لا يستغنون عنه؟ وسخرها ليعيش فيها جميع الحيوانات, وتصلح الأبدان والأشجار, والحبوب والنوابت, إلا العزيز الحكيم الرحيم, اللطيف بعباده المستحق لكل ذل وخضوع, ومحبة وإنابة وعبادة؟. وفي تسخير السحاب بين السماء والأرض على خفته ولطافته يحمل الماء الكثير, فيسوقه الله إلى حيث شاء، فيحيي به البلاد والعباد, ويروي التلول والوهاد, وينزله على الخلق وقت حاجتهم إليه، فإذا كان يضرهم كثرته, أمسكه عنهم, فينزله رحمة ولطفا, ويصرفه عناية وعطفا، فما أعظم سلطانه, وأغزر إحسانه, وألطف امتنانه" أليس من القبيح بالعباد, أن يتمتعوا برزقه, ويعيشوا ببره وهم يستعينون بذلك على مساخطه ومعاصيه؟ أليس ذلك دليلا على حلمه وصبره, وعفوه وصفحه, وعميم لطفه؟ فله الحمد أولا وآخرا, وباطنا وظاهرا. والحاصل, أنه كلما تدبر العاقل في هذه المخلوقات, وتغلغل فكره في بدائع المبتدعات, وازداد تأمله للصنعة وما أودع فيها من لطائف البر والحكمة, علم بذلك, أنها خلقت للحق وبالحق, وأنها صحائف آيات, وكتب دلالات, على ما أخبر به الله عن نفسه ووحدانيته, وما أخبرت به الرسل من اليوم الآخر, وأنها مسخرات, ليس لها تدبير ولا استعصاء على مدبرها ومصرفها. فتعرف أن العالم العلوي والسفلي كلهم إليه مفتقرون, وإليه صامدون، وأنه الغني بالذات عن جميع المخلوقات، فلا إله إلا الله, ولا رب سواه.
2:165
وَ مِنَ النَّاسِ مَنْ یَّتَّخِذُ مِنْ دُوْنِ اللّٰهِ اَنْدَادًا یُّحِبُّوْنَهُمْ كَحُبِّ اللّٰهِؕ-وَ الَّذِیْنَ اٰمَنُوْۤا اَشَدُّ حُبًّا لِّلّٰهِؕ-وَ لَوْ یَرَى الَّذِیْنَ ظَلَمُوْۤا اِذْ یَرَوْنَ الْعَذَابَۙ-اَنَّ الْقُوَّةَ لِلّٰهِ جَمِیْعًاۙ-وَّ اَنَّ اللّٰهَ شَدِیْدُ الْعَذَابِ (۱۶۵)
اور کچھ لوگ اللہ کے سوا اور معبود بنالیتے ہیں کہ انہیں اللہ کی طرح محبوب رکھتے ہیں اور ایمان والوں کو اللہ کے برابر کسی کی محبت نہیں اور کیسے ہو اگر دیکھیں ظالم وہ وقت جب کہ عذاب ان کی آنکھوں کے سامنے آئے گا اس لئے کہ سارا زور خدا کو ہے اور اس لئے کہ اللہ کا عذاب بہت سخت ہے،

ما أحسن اتصال هذه الآية بما قبلها، فإنه تعالى, لما بين وحدانيته وأدلتها القاطعة, وبراهينها الساطعة الموصلة إلى علم اليقين, المزيلة لكل شك، ذكر هنا أن مِنَ النَّاسِ مع هذا البيان التام من يتخذ من المخلوقين أندادا لله أي: نظراء ومثلاء, يساويهم في الله بالعبادة والمحبة, والتعظيم والطاعة. ومن كان بهذه الحالة - بعد إقامة الحجة, وبيان التوحيد - علم أنه معاند لله, مشاق له, أو معرض عن تدبر آياته والتفكر في مخلوقاته, فليس له أدنى عذر في ذلك, بل قد حقت عليه كلمة العذاب. وهؤلاء الذين يتخذون الأنداد مع الله, لا يسوونهم بالله في الخلق والرزق والتدبير, وإنما يسوونهم به في العبادة, فيعبدونهم، ليقربوهم إليه، وفي قوله: اتخذوا دليل على أنه ليس لله ند وإنما المشركون جعلوا بعض المخلوقات أندادا له, تسمية مجردة, ولفظا فارغا من المعنى، كما قال تعالى: وَجَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكَاءَ قُلْ سَمُّوهُمْ أَمْ تُنَبِّئُونَهُ بِمَا لَا يَعْلَمُ فِي الْأَرْضِ أَمْ بِظَاهِرٍ مِنَ الْقَوْلِ إِنْ هِيَ إِلَّا أَسْمَاءٌ سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ فالمخلوق ليس ندا لله لأن الله هو الخالق, وغيره مخلوق, والرب الرازق ومن عداه مرزوق, والله هو الغني وأنتم الفقراء، وهو الكامل من كل الوجوه, والعبيد ناقصون من جميع الوجوه، والله هو النافع الضار, والمخلوق ليس له من النفع والضر والأمر شيء، فعلم علما يقينا, بطلان قول من اتخذ من دون الله آلهة وأندادا، سواء كان ملكا أو نبيا, أو صالحا, صنما, أو غير ذلك، وأن الله هو المستحق للمحبة الكاملة, والذل التام، فلهذا مدح الله المؤمنين بقوله: وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ أي: من أهل الأنداد لأندادهم, لأنهم أخلصوا محبتهم له, وهؤلاء أشركوا بها، ولأنهم أحبوا من يستحق المحبة على الحقيقة, الذي محبته هي عين صلاح العبد وسعادته وفوزه، والمشركون أحبوا من لا يستحق من الحب شيئا, ومحبته عين شقاء العبد وفساده, وتشتت أمره. فلهذا توعدهم الله بقوله: وَلَوْ يَرَى الَّذِينَ ظَلَمُوا باتخاذ الأنداد والانقياد لغير رب العباد وظلموا الخلق بصدهم عن سبيل الله, وسعيهم فيما يضرهم. إِذْ يَرَوْنَ الْعَذَابَ أي: يوم القيامة عيانا بأبصارهم، أَنَّ الْقُوَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا وَأَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعَذَابِ أي: لعلموا علما جازما, أن القوة والقدرة لله كلها, وأن أندادهم ليس فيها من القوة شيء، فتبين لهم في ذلك اليوم ضعفها وعجزها, لا كما اشتبه عليهم في الدنيا, وظنوا أن لها من الأمر شيئا, وأنها تقربهم إليه وتوصلهم إليه، فخاب ظنهم, وبطل سعيهم, وحق عليهم شدة العذاب, ولم تدفع عنهم أندادهم شيئا, ولم تغن عنهم مثقال ذرة من النفع، بل يحصل لهم الضرر منها, من حيث ظنوا نفعها. وتبرأ المتبوعون من التابعين, وتقطعت بينهم الوصل, التي كانت في الدنيا, لأنها كانت لغير الله, وعلى غير أمر الله, ومتعلقة بالباطل الذي لا حقيقة له, فاضمحلت أعمالهم, وتلاشت أحوالهم، وتبين لهم أنهم كانوا كاذبين, وأن أعمالهم التي يؤملون نفعها وحصول نتيجتها, انقلبت عليهم حسرة وندامة, وأنهم خالدون في النار لا يخرجون منها أبدا، فهل بعد هذا الخسران خسران؟ ذلك بأنهم اتبعوا الباطل، فعملوا العمل الباطل ورجوا غير مرجو, وتعلقوا بغير متعلق, فبطلت الأعمال ببطلان متعلقها، ولما بطلت وقعت الحسرة بما فاتهم من الأمل فيها, فضرتهم غاية الضرر، وهذا بخلاف من تعلق بالله الملك الحق المبين, وأخلص العمل لوجهه, ورجا نفعه، فهذا قد وضع الحق في موضعه, فكانت أعماله حقا, لتعلقها بالحق, ففاز بنتيجة عمله, ووجد جزاءه عند ربه, غير منقطع كما قال تعالى: الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ أَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَآمَنُوا بِمَا نُزِّلَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَهُوَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ كَفَّرَ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَأَصْلَحَ بَالَهُمْ ذَلِكَ بِأَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا اتَّبَعُوا الْبَاطِلَ وَأَنَّ الَّذِينَ آمَنُوا اتَّبَعُوا الْحَقَّ مِنْ رَبِّهِمْ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ لِلنَّاسِ أَمْثَالَهُمْ وحينئذ يتمنى التابعون أن يردوا إلى الدنيا فيتبرأوا من متبوعيهم, بأن يتركوا الشرك بالله, ويقبلوا على إخلاص العمل لله، وهيهات, فات الأمر, وليس الوقت وقت إمهال وإنظار، ومع هذا, فهم كذبة, فلو ردوا لعادوا لما نهوا عنه، وإنما هو قول يقولونه, وأماني يتمنونها, حنقا وغيظا على المتبوعين لما تبرأوا منهم والذنب ذنبهم، فرأس المتبوعين على الشر, إبليس, ومع هذا يقول لأتباعه لما قضي الأمر إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدْتُكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَمَا كَانَ لِي عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ إِلَّا أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلَا تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنْفُسَكُمْ
2:166
اِذْ تَبَرَّاَ الَّذِیْنَ اتُّبِعُوْا مِنَ الَّذِیْنَ اتَّبَعُوْا وَ رَاَوُا الْعَذَابَ وَ تَقَطَّعَتْ بِهِمُ الْاَسْبَابُ(۱۶۶)
جب بیزار ہوں گے پیشوا اپنے پیروؤں سے (ف۲۹۳) اور دیکھیں گے عذاب اور کٹ جائیں گی ان کی سب ڈوریں (ف۲۹۴)

وتبرأ المتبوعون من التابعين, وتقطعت بينهم الوصل, التي كانت في الدنيا, لأنها كانت لغير الله, وعلى غير أمر الله, ومتعلقة بالباطل الذي لا حقيقة له, فاضمحلت أعمالهم, وتلاشت أحوالهم، وتبين لهم أنهم كانوا كاذبين, وأن أعمالهم التي يؤملون نفعها وحصول نتيجتها, انقلبت عليهم حسرة وندامة, وأنهم خالدون في النار لا يخرجون منها أبدا، فهل بعد هذا الخسران خسران؟ ذلك بأنهم اتبعوا الباطل، فعملوا العمل الباطل ورجوا غير مرجو, وتعلقوا بغير متعلق, فبطلت الأعمال ببطلان متعلقها، ولما بطلت وقعت الحسرة بما فاتهم من الأمل فيها, فضرتهم غاية الضرر، وهذا بخلاف من تعلق بالله الملك الحق المبين, وأخلص العمل لوجهه, ورجا نفعه، فهذا قد وضع الحق في موضعه, فكانت أعماله حقا, لتعلقها بالحق, ففاز بنتيجة عمله, ووجد جزاءه عند ربه, غير منقطع كما قال تعالى: الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ أَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَآمَنُوا بِمَا نُزِّلَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَهُوَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ كَفَّرَ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَأَصْلَحَ بَالَهُمْ ذَلِكَ بِأَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا اتَّبَعُوا الْبَاطِلَ وَأَنَّ الَّذِينَ آمَنُوا اتَّبَعُوا الْحَقَّ مِنْ رَبِّهِمْ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ لِلنَّاسِ أَمْثَالَهُمْ
2:167
وَ قَالَ الَّذِیْنَ اتَّبَعُوْا لَوْ اَنَّ لَنَا كَرَّةً فَنَتَبَرَّاَ مِنْهُمْ كَمَا تَبَرَّءُوْا مِنَّاؕ-كَذٰلِكَ یُرِیْهِمُ اللّٰهُ اَعْمَالَهُمْ حَسَرٰتٍ عَلَیْهِمْؕ-وَ مَا هُمْ بِخٰرِجِیْنَ مِنَ النَّارِ۠(۱۶۷)
اور کہیں گے پیرو کاش ہمیں لوٹ کر جانا ہوتا (دنیا میں) تو ہم ان سے توڑ دیتے جیسے انہوں نے ہم سے توڑ دی، یونہی اللہ انہیں دکھائے گا ان کے کام ان پر حسرتیں ہوکر (ف۲۹۵) اور وہ دوزخ سے نکلنے والے نہیں

وحينئذ يتمنى التابعون أن يردوا إلى الدنيا فيتبرأوا من متبوعيهم, بأن يتركوا الشرك بالله, ويقبلوا على إخلاص العمل لله، وهيهات, فات الأمر, وليس الوقت وقت إمهال وإنظار، ومع هذا, فهم كذبة, فلو ردوا لعادوا لما نهوا عنه، وإنما هو قول يقولونه, وأماني يتمنونها, حنقا وغيظا على المتبوعين لما تبرأوا منهم والذنب ذنبهم، فرأس المتبوعين على الشر, إبليس, ومع هذا يقول لأتباعه لما قضي الأمر إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدْتُكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَمَا كَانَ لِي عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ إِلَّا أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلَا تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنْفُسَكُمْ
2:168
یٰۤاَیُّهَا النَّاسُ كُلُوْا مِمَّا فِی الْاَرْضِ حَلٰلًا طَیِّبًا ﳲ وَّ لَا تَتَّبِعُوْا خُطُوٰتِ الشَّیْطٰنِؕ-اِنَّهٗ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِیْنٌ(۱۶۸)
اے لوگوں کھاؤ جو کچھ زمین میں (ف۲۹۶) حلال پاکیزہ ہے اور شیطان کے قدم پر قدم نہ رکھو، بیشک وہ تمہارا کھلا دشمن ہے،

هذا خطاب للناس كلهم, مؤمنهم وكافرهم، فامتن عليهم بأن أمرهم أن يأكلوا من جميع ما في الأرض، من حبوب, وثمار, وفواكه, وحيوانات, حالة كونها حَلَالًا أي: محللا لكم تناوله، ليس بغصب ولا سرقة, ولا محصلا بمعاملة محرمة أو على وجه محرم، أو معينا على محرم. طَيِّبًا أي: ليس بخبيث, كالميتة والدم, ولحم الخنزير, والخبائث كلها، ففي هذه الآية, دليل على أن الأصل في الأعيان الإباحة، أكلا وانتفاعا, وأن المحرم نوعان: إما محرم لذاته, وهو الخبيث الذي هو ضد الطيب، وإما محرم لما عرض له, وهو المحرم لتعلق حق الله, أو حق عباده به, وهو ضد الحلال. وفيه دليل على أن الأكل بقدر ما يقيم البنية واجب, يأثم تاركه لظاهر الأمر، ولما أمرهم باتباع ما أمرهم به - إذ هو عين صلاحهم - نهاهم عن اتباع خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ أي: طرقه التي يأمر بها, وهي جميع المعاصي من كفر, وفسوق, وظلم، ويدخل في ذلك تحريم السوائب, والحام, ونحو ذلك، ويدخل فيه أيضا تناول المأكولات المحرمة، إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ أي: ظاهر العداوة, فلا يريد بأمركم إلا غشكم, وأن تكونوا من أصحاب السعير،
2:169
اِنَّمَا یَاْمُرُكُمْ بِالسُّوْٓءِ وَ الْفَحْشَآءِ وَ اَنْ تَقُوْلُوْا عَلَى اللّٰهِ مَا لَا تَعْلَمُوْنَ(۱۶۹)
وہ تو تمہیں یہی حکم دے گا بدی اور بے حیائی کا اور یہ کہ اللہ پر وہ بات جوڑو جس کی تمہیں خبر نہیں،

فلم يكتف ربنا بنهينا عن اتباع خطواته, حتى أخبرنا - وهو أصدق القائلين - بعداوته الداعية للحذر منه, ثم لم يكتف بذلك, حتى أخبرنا بتفصيل ما يأمر به, وأنه أقبح الأشياء, وأعظمها مفسدة فقال: إِنَّمَا يَأْمُرُكُمْ بِالسُّوءِ أي: الشر الذي يسوء صاحبه, فيدخل في ذلك, جميع المعاصي، فيكون قوله: وَالْفَحْشَاءِ من باب عطف الخاص على العام؛ لأن الفحشاء من المعاصي, ما تناهى قبحه, كالزنا, وشرب الخمر, والقتل, والقذف, والبخل ونحو ذلك, مما يستفحشه من له عقل، وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ فيدخل في ذلك, القول على الله بلا علم, في شرعه, وقدره، فمن وصف الله بغير ما وصف به نفسه, أو وصفه به رسوله, أو نفى عنه ما أثبته لنفسه, أو أثبت له ما نفاه عن نفسه, فقد قال على الله بلا علم، ومن زعم أن لله ندا, وأوثانا, تقرب من عبدها من الله, فقد قال على الله بلا علم، ومن قال: إن الله أحل كذا, أو حرم كذا, أو أمر بكذا, أو نهى عن كذا, بغير بصيرة, فقد قال على الله بلا علم، ومن قال: الله خلق هذا الصنف من المخلوقات, للعلة الفلانية بلا برهان له بذلك, فقد قال على الله بلا علم، ومن أعظم القول على الله بلا علم, أن يتأول المتأول كلامه, أو كلام رسوله, على معان اصطلح عليها طائفة من طوائف الضلال, ثم يقول: إن الله أرادها، فالقول على الله بلا علم, من أكبر المحرمات, وأشملها, وأكبر طرق الشيطان التي يدعو إليها, فهذه طرق الشيطان التي يدعو إليها هو وجنوده, ويبذلون مكرهم وخداعهم, على إغواء الخلق بما يقدرون عليه. وأما الله تعالى, فإنه يأمر بالعدل والإحسان, وإيتاء ذي القربى, وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي، فلينظر العبد نفسه, مع أي الداعيين هو, ومن أي الحزبين؟ أتتبع داعي الله الذي يريد لك الخير والسعادة الدنيوية والأخروية, الذي كل الفلاح بطاعته, وكل الفوز في خدمته, وجميع الأرباح في معاملة المنعم بالنعم الظاهرة والباطنة, الذي لا يأمر إلا بالخير, ولا ينهى إلا عن الشر، أم تتبع داعي الشيطان, الذي هو عدو الإنسان, الذي يريد لك الشر, ويسعى بجهده على إهلاكك في الدنيا والآخرة؟ الذي كل الشر في طاعته, وكل الخسران في ولايته، الذي لا يأمر إلا بشر, ولا ينهى إلا عن خير.
2:170
وَ اِذَا قِیْلَ لَهُمُ اتَّبِعُوْا مَاۤ اَنْزَلَ اللّٰهُ قَالُوْا بَلْ نَتَّبِـعُ مَاۤ اَلْفَیْنَا عَلَیْهِ اٰبَآءَنَاؕ-اَوَ لَوْ كَانَ اٰبَآؤُهُمْ لَا یَعْقِلُوْنَ شَیْــٴًـا وَّ لَا یَهْتَدُوْنَ(۱۷۰)
اور جب ان سے کہا جائے اللہ کے اتارے پر چلو (ف۲۹۷) تو کہیں بلکہ ہم تو اس پر چلیں گے جس پر اپنے باپ دادا کو پایا کیا اگرچہ ان کے باپ دادا نہ کچھ عقل رکھتے ہوں نہ ہدایت (ف۲۹۸)

ثم أخبر تعالى عن حال المشركين إذا أمروا باتباع ما أنزل الله على رسوله - مما تقدم وصفه - رغبوا عن ذلك وقالوا: بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا فاكتفوا بتقليد الآباء, وزهدوا في الإيمان بالأنبياء، ومع هذا فآباؤهم أجهل الناس, وأشدهم ضلالا وهذه شبهة لرد الحق واهية، فهذا دليل على إعراضهم عن الحق, ورغبتهم عنه, وعدم إنصافهم، فلو هدوا لرشدهم, وحسن قصدهم, لكان الحق هو القصد، ومن جعل الحق قصده, ووازن بينه وبين غيره, تبين له الحق قطعا, واتبعه إن كان منصفا.
2:171
وَ مَثَلُ الَّذِیْنَ كَفَرُوْا كَمَثَلِ الَّذِیْ یَنْعِقُ بِمَا لَا یَسْمَعُ اِلَّا دُعَآءً وَّ نِدَآءًؕ-صُمٌّۢ بُكْمٌ عُمْیٌ فَهُمْ لَا یَعْقِلُوْنَ(۱۷۱)
اور کافروں کی کہاوت اس کی سی ہے جو پکارے ایسے کو کہ خالی چیخ و پکار کے سوا کچھ نہ سنے (ف۲۹۹) بہرے، گونگے، اندھے تو انہیں سمجھ نہیں (ف۳۰۰)

ثم قال [تعالى]: وَمَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا كَمَثَلِ الَّذِي يَنْعِقُ بِمَا لَا يَسْمَعُ إِلَّا دُعَاءً وَنِدَاءً صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لَا يَعْقِلُونَ لما بين تعالى عدم انقيادهم لما جاءت به الرسل, وردهم لذلك بالتقليد, علم من ذلك أنهم غير قابلين للحق, ولا مستجيبين له, بل كان معلوما لكل أحد أنهم لن يزولوا عن عنادهم، أخبر تعالى, أن مثلهم عند دعاء الداعي لهم إلى الإيمان كمثل البهائم التي ينعق لها راعيها, وليس لها علم بما يقول راعيها ومناديها، فهم يسمعون مجرد الصوت, الذي تقوم به عليهم الحجة, ولكنهم لا يفقهونه فقها ينفعهم, فلهذا كانوا صما, لا يسمعون الحق سماع فهم وقبول, عميا, لا ينظرون نظر اعتبار, بكما, فلا ينطقون بما فيه خير لهم. والسبب الموجب لذلك كله, أنه ليس لهم عقل صحيح, بل هم أسفه السفهاء, وأجهل الجهلاء. فهل يستريب العاقل, أن من دعي إلى الرشاد, وذيد عن الفساد, ونهي عن اقتحام العذاب, وأمر بما فيه صلاحه وفلاحه, وفوزه, ونعيمه فعصى الناصح, وتولى عن أمر ربه, واقتحم النار على بصيرة, واتبع الباطل, ونبذ الحق - أن هذا ليس له مسكة من عقل, وأنه لو اتصف بالمكر والخديعة والدهاء, فإنه من أسفه السفهاء.
2:172
یٰۤاَیُّهَا الَّذِیْنَ اٰمَنُوْا كُلُوْا مِنْ طَیِّبٰتِ مَا رَزَقْنٰكُمْ وَ اشْكُرُوْا لِلّٰهِ اِنْ كُنْتُمْ اِیَّاهُ تَعْبُدُوْنَ(۱۷۲)
اے ایمان والو! کھاؤ ہماری دی ہوئی ستھری چیزیں اور اللہ کا احسان مانو اگر تم اسی کو پوجتے ہو (ف۳۰۱)

هذا أمر للمؤمنين خاصة, بعد الأمر العام, وذلك أنهم هم المنتفعون على الحقيقة بالأوامر والنواهي, بسبب إيمانهم, فأمرهم بأكل الطيبات من الرزق, والشكر لله على إنعامه, باستعمالها بطاعته, والتقوي بها على ما يوصل إليه، فأمرهم بما أمر به المرسلين في قوله يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا فالشكر في هذه الآية, هو العمل الصالح، وهنا لم يقل " حلالا " لأن المؤمن أباح الله له الطيبات من الرزق خالصة من التبعة، ولأن إيمانه يحجزه عن تناول ما ليس له. وقوله إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ أي: فاشكروه، فدل على أن من لم يشكر الله, لم يعبده وحده, كما أن من شكره, فقد عبده, وأتى بما أمر به، ويدل أيضا على أن أكل الطيب, سبب للعمل الصالح وقبوله، والأمر بالشكر, عقيب النعم؛ لأن الشكر يحفظ النعم الموجودة, ويجلب النعم المفقودة كما أن الكفر, ينفر النعم المفقودة ويزيل النعم الموجودة.
2:173
اِنَّمَا حَرَّمَ عَلَیْكُمُ الْمَیْتَةَ وَ الدَّمَ وَ لَحْمَ الْخِنْزِیْرِ وَ مَاۤ اُهِلَّ بِهٖ لِغَیْرِ اللّٰهِۚ-فَمَنِ اضْطُرَّ غَیْرَ بَاغٍ وَّ لَا عَادٍ فَلَاۤ اِثْمَ عَلَیْهِؕ-اِنَّ اللّٰهَ غَفُوْرٌ رَّحِیْمٌ(۱۷۳)
اس نے یہی تم پر حرام کئے ہیں مردار (ف۳۰۲) اور خون (ف۳۰۳) اور سُور کا گوشت (ف۳۰۴) اور وہ جانور جو غیر خدان کا نام لے کر ذبح کیا گیا (ف۳۰۵) تو جو نا چار ہو (ف۳۰۶) نہ یوں کہ خواہش سے کھائے اور نہ یوں کہ ضرورت سے آگے بڑھے تو اس پر گناہ نہیں، بیشک اللہ بخشنے والا مہربان ہے،

ولما ذكر تعالى إباحة الطيبات ذكر تحريم الخبائث فقال إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وهي: ما مات بغير تذكية شرعية, لأن الميتة خبيثة مضرة, لرداءتها في نفسها, ولأن الأغلب, أن تكون عن مرض, فيكون زيادة ضرر واستثنى الشارع من هذا العموم, ميتة الجراد, وسمك البحر, فإنه حلال طيب. وَالدَّمَ أي: المسفوح كما قيد في الآية الأخرى. وَمَا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللَّهِ أي: ذبح لغير الله, كالذي يذبح للأصنام والأوثان من الأحجار, والقبور ونحوها, وهذا المذكور غير حاصر للمحرمات، جيء به لبيان أجناس الخبائث المدلول عليها بمفهوم قوله: طَيِّبَاتِ فعموم المحرمات, تستفاد من الآية السابقة, من قوله: حَلَالًا طَيِّبًا كما تقدم. وإنما حرم علينا هذه الخبائث ونحوها, لطفا بنا, وتنزيها عن المضر، ومع هذا فَمَنِ اضْطُرَّ أي: ألجئ إلى المحرم, بجوع وعدم, أو إكراه، غَيْرَ بَاغٍ أي: غير طالب للمحرم, مع قدرته على الحلال, أو مع عدم جوعه، وَلَا عَادٍ أي: متجاوز الحد في تناول ما أبيح له, اضطرارا، فمن اضطر وهو غير قادر على الحلال، وأكل بقدر الضرورة فلا يزيد عليها، فَلَا إِثْمَ [أي: جناح] عليه، وإذا ارتفع الجناح الإثم رجع الأمر إلى ما كان عليه، والإنسان بهذه الحالة, مأمور بالأكل, بل منهي أن يلقي بيده إلى التهلكة, وأن يقتل نفسه. فيجب, إذًا عليه الأكل, ويأثم إن ترك الأكل حتى مات, فيكون قاتلا لنفسه. وهذه الإباحة والتوسعة, من رحمته تعالى بعباده, فلهذا ختمها بهذين الاسمين الكريمين المناسبين غاية المناسبة فقال: إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ولما كان الحل مشروطا بهذين الشرطين, وكان الإنسان في هذه الحالة, ربما لا يستقصي تمام الاستقصاء في تحقيقها - أخبر تعالى أنه غفور, فيغفر ما أخطأ فيه في هذه الحال, خصوصا وقد غلبته الضرورة, وأذهبت حواسه المشقة. وفي هذه الآية دليل على القاعدة المشهورة: " الضرورات تبيح المحظورات " فكل محظور, اضطر إليه الإنسان, فقد أباحه له, الملك الرحمن. [فله الحمد والشكر, أولا وآخرا, وظاهرا وباطنا].
2:174
اِنَّ الَّذِیْنَ یَكْتُمُوْنَ مَاۤ اَنْزَلَ اللّٰهُ مِنَ الْكِتٰبِ وَ یَشْتَرُوْنَ بِهٖ ثَمَنًا قَلِیْلًاۙ-اُولٰٓىٕكَ مَا یَاْكُلُوْنَ فِیْ بُطُوْنِهِمْ اِلَّا النَّارَ وَ لَا یُكَلِّمُهُمُ اللّٰهُ یَوْمَ الْقِیٰمَةِ وَ لَا یُزَكِّیْهِمْۖ-ۚ وَ لَهُمْ عَذَابٌ اَلِیْمٌ(۱۷۴)
وہ جو چھپاتے ہیں (ف۳۰۸) اللہ کی کتاب اور اسکے بدلے ذلیل قیمت لیتےہیں وہ اپنے پیٹ میں آگ ہی بھرتے ہیں (ف۳۰۹) اور اللہ قیامت کے دن ان سے بات نہ کرے گا اور نہ انہیں ستھرا کرے، اور ان کے لئے دردناک عذاب ہے،

هذا وعيد شديد لمن كتم ما أنزل الله على رسله, من العلم الذي أخذ الله الميثاق على أهله, أن يبينوه للناس ولا يكتموه، فمن تعوض عنه بالحطام الدنيوي, ونبذ أمر الله, فأولئك: مَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ إِلَّا النَّارَ لأن هذا الثمن الذي اكتسبوه, إنما حصل لهم بأقبح المكاسب, وأعظم المحرمات, فكان جزاؤهم من جنس عملهم، وَلَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بل قد سخط عليهم وأعرض عنهم، فهذا أعظم عليهم من عذاب النار، وَلَا يُزَكِّيهِمْ أي: لا يطهرهم من الأخلاق الرذيلة, وليس لهم أعمال تصلح للمدح والرضا والجزاء عليها، وإنما لم يزكهم لأنهم فعلوا أسباب عدم التزكية التي أعظم أسبابها العمل بكتاب الله, والاهتداء به, والدعوة إليه، فهؤلاء نبذوا كتاب الله, وأعرضوا عنه, واختاروا الضلالة على الهدى, والعذاب على المغفرة، فهؤلاء لا يصلح لهم إلا النار, فكيف يصبرون عليها, وأنى لهم الجلد عليها؟"
2:175
اُولٰٓىٕكَ الَّذِیْنَ اشْتَرَوُا الضَّلٰلَةَ بِالْهُدٰى وَ الْعَذَابَ بِالْمَغْفِرَةِۚ-فَمَاۤ اَصْبَرَهُمْ عَلَى النَّارِ(۱۷۵)
وہ لوگ ہیں جنہوں نے ہدایت کے بدلے گمراہی مول لی اور بخشش کے بدلے عذاب، تو کس درجہ انہیں آگ کی سہار (برداشت) ہے

هذا وعيد شديد لمن كتم ما أنزل الله على رسله, من العلم الذي أخذ الله الميثاق على أهله, أن يبينوه للناس ولا يكتموه، فمن تعوض عنه بالحطام الدنيوي, ونبذ أمر الله, فأولئك: مَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ إِلَّا النَّارَ لأن هذا الثمن الذي اكتسبوه, إنما حصل لهم بأقبح المكاسب, وأعظم المحرمات, فكان جزاؤهم من جنس عملهم، وَلَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بل قد سخط عليهم وأعرض عنهم، فهذا أعظم عليهم من عذاب النار، وَلَا يُزَكِّيهِمْ أي: لا يطهرهم من الأخلاق الرذيلة, وليس لهم أعمال تصلح للمدح والرضا والجزاء عليها، وإنما لم يزكهم لأنهم فعلوا أسباب عدم التزكية التي أعظم أسبابها العمل بكتاب الله, والاهتداء به, والدعوة إليه، فهؤلاء نبذوا كتاب الله, وأعرضوا عنه, واختاروا الضلالة على الهدى, والعذاب على المغفرة، فهؤلاء لا يصلح لهم إلا النار, فكيف يصبرون عليها, وأنى لهم الجلد عليها؟"
2:176
ذٰلِكَ بِاَنَّ اللّٰهَ نَزَّلَ الْكِتٰبَ بِالْحَقِّؕ-وَ اِنَّ الَّذِیْنَ اخْتَلَفُوْا فِی الْكِتٰبِ لَفِیْ شِقَاقٍۭ بَعِیْدٍ۠(۱۷۶)
یہ اس لئے کہ اللہ نے کتاب حق کے ساتھ اتاری، اور بے شک جو لوگ کتاب میں اختلاف ڈالنے لگے (ف۳۱۰) وہ ضرور پرلے سرے کے جھگڑالو ہیں،

ذَلِكَ المذكور, وهو مجازاته بالعدل, ومنعه أسباب الهداية, ممن أباها واختار سواها. بِأَنَّ اللَّهَ نَزَّلَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ ومن الحق, مجازاة المحسن بإحسانه, والمسيء بإساءته. وأيضا ففي قوله: نَزَّلَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ ما يدل على أن الله أنزله لهداية خلقه, وتبيين الحق من الباطل, والهدى من الضلال، فمن صرفه عن مقصوده, فهو حقيق بأن يجازى بأعظم العقوبة. وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِي الْكِتَابِ لَفِي شِقَاقٍ بَعِيدٍ أي: وإن الذين اختلفوا في الكتاب, فآمنوا ببعضه, وكفروا ببعضه، والذين حرفوه وصرفوه على أهوائهم ومراداتهم لَفِي شِقَاقٍ أي: محادة، بَعِيدٍ عن الحق لأنهم قد خالفوا الكتاب الذي جاء بالحق الموجب للاتفاق وعدم التناقض، فمرج أمرهم, وكثر شقاقهم, وترتب على ذلك افتراقهم، بخلاف أهل الكتاب الذين آمنوا به, وحكموه في كل شيء, فإنهم اتفقوا وارتفقوا بالمحبة والاجتماع عليه. وقد تضمنت هذه الآيات, الوعيد للكاتمين لما أنزل الله, المؤثرين عليه, عرض الدنيا بالعذاب والسخط, وأن الله لا يطهرهم بالتوفيق, ولا بالمغفرة، وذكر السبب في ذلك بإيثارهم الضلالة على الهدى، فترتب على ذلك اختيار العذاب على المغفرة، ثم توجع لهم بشدة صبرهم على النار, لعملهم بالأسباب التي يعلمون أنها موصلة إليها، وأن الكتاب مشتمل على الحق الموجب للاتفاق عليه, وعدم الافتراق، وأن كل من خالفه, فهو في غاية البعد عن الحق, والمنازعة والمخاصمة, والله أعلم.
2:177
لَیْسَ الْبِرَّ اَنْ تُوَلُّوْا وُجُوْهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَ الْمَغْرِبِ وَ لٰكِنَّ الْبِرَّ مَنْ اٰمَنَ بِاللّٰهِ وَ الْیَوْمِ الْاٰخِرِ وَ الْمَلٰٓىٕكَةِ وَ الْكِتٰبِ وَ النَّبِیّٖنَۚ-وَ اٰتَى الْمَالَ عَلٰى حُبِّهٖ ذَوِی الْقُرْبٰى وَ الْیَتٰمٰى وَ الْمَسٰكِیْنَ وَ ابْنَ السَّبِیْلِۙ-وَ السَّآىٕلِیْنَ وَ فِی الرِّقَابِۚ-وَ اَقَامَ الصَّلٰوةَ وَ اٰتَى الزَّكٰوةَۚ-وَ الْمُوْفُوْنَ بِعَهْدِهِمْ اِذَا عٰهَدُوْاۚ-وَ الصّٰبِرِیْنَ فِی الْبَاْسَآءِ وَ الضَّرَّآءِ وَ حِیْنَ الْبَاْسِؕ-اُولٰٓىٕكَ الَّذِیْنَ صَدَقُوْاؕ-وَ اُولٰٓىٕكَ هُمُ الْمُتَّقُوْنَ(۱۷۷)
کچھ اصل نیکی یہ نہیں کہ منہ مشرق یا مغرب کی طرف کرو (ف۳۱۱) ہاں اصلی نیکی یہ کہ ایمان لائے اللہ اور قیامت اور فرشتوں اور کتاب اور پیغمبروں پر (ف۳۱۲) اور اللہ کی محبت میں اپنا عزیز مال دے رشتہ داروں اور یتیموں اور مسکینوں اور راہ گیر اور سائلوں کو اور گردنیں چھوڑانے میں (ف ۳۱۳) اور نماز قائم رکھے اور زکوٰة دے اور اپنا قول پورا کرنے والے جب عہد کریں اور صبر والے مصیبت اور سختی میں اور جہاد کے وقت یہی ہیں جنہوں نے اپنی بات سچی کی اور یہی پرہیزگار ہیں،

يقول تعالى: لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ أي: ليس هذا هو البر المقصود من العباد, فيكون كثرة البحث فيه والجدال من العناء الذي ليس تحته إلا الشقاق والخلاف، وهذا نظير قوله صلى الله عليه وسلم: " ليس الشديد بالصرعة, إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب " ونحو ذلك. وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ أي: بأنه إله واحد, موصوف بكل صفة كمال, منزه عن كل نقص. وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وهو كل ما أخبر الله به في كتابه, أو أخبر به الرسول, مما يكون بعد الموت. وَالْمَلَائِكَةِ الذين وصفهم الله لنا في كتابه, ووصفهم رسوله صلى الله عليه وسلم وَالْكِتَابِ أي: جنس الكتب التي أنزلها الله على رسوله, وأعظمها القرآن, فيؤمن بما تضمنه من الأخبار والأحكام، وَالنَّبِيِّينَ عموما, خصوصا خاتمهم وأفضلهم محمد صلى الله عليه وسلم. وَآتَى الْمَالَ وهو كل ما يتموله الإنسان من مال, قليلا كان أو كثيرا، أي: أعطى المال عَلَى حُبِّهِ أي: حب المال ، بيَّن به أن المال محبوب للنفوس, فلا يكاد يخرجه العبد. فمن أخرجه مع حبه له تقربا إلى الله تعالى, كان هذا برهانا لإيمانه، ومن إيتاء المال على حبه, أن يتصدق وهو صحيح شحيح, يأمل الغنى, ويخشى الفقر، وكذلك إذا كانت الصدقة عن قلة, كانت أفضل, لأنه في هذه الحال, يحب إمساكه, لما يتوهمه من العدم والفقر. وكذلك إخراج النفيس من المال, وما يحبه من ماله كما قال تعالى: لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ فكل هؤلاء ممن آتى المال على حبه. ثم ذكر المنفق عليهم, وهم أولى الناس ببرك وإحسانك. من الأقارب الذين تتوجع لمصابهم, وتفرح بسرورهم, الذين يتناصرون ويتعاقلون، فمن أحسن البر وأوفقه, تعاهد الأقارب بالإحسان المالي والقولي, على حسب قربهم وحاجتهم. ومن اليتامى الذين لا كاسب لهم, وليس لهم قوة يستغنون بها، وهذا من رحمته [تعالى] بالعباد, الدالة على أنه تعالى أرحم بهم من الوالد بولده، فالله قد أوصى العباد, وفرض عليهم في أموالهم, الإحسان إلى من فقد آباؤهم ليصيروا كمن لم يفقد والديه، ولأن الجزاء من جنس العمل فمن رحم يتيم غيره, رُحِمَ يتيمه. وَالْمَسَاكِين وهم الذين أسكنتهم الحاجة, وأذلهم الفقر فلهم حق على الأغنياء, بما يدفع مسكنتهم أو يخففها, بما يقدرون عليه, وبما يتيسر، وَابْنَ السَّبِيلِ وهو الغريب المنقطع به في غير بلده، فحث الله عباده على إعطائه من المال, ما يعينه على سفره, لكونه مظنة الحاجة, وكثرة المصارف، فعلى من أنعم الله عليه بوطنه وراحته, وخوله من نعمته, أن يرحم أخاه الغريب, الذي بهذه الصفة, على حسب استطاعته, ولو بتزويده أو إعطائه آلة لسفره, أو دفع ما ينوبه من المظالم وغيرها. وَالسَّائِلِينَ أي: الذين تعرض لهم حاجة من الحوائج, توجب السؤال، كمن ابتلي بأرش جناية, أو ضريبة عليه من ولاة الأمور, أو يسأل الناس لتعمير المصالح العامة, كالمساجد, والمدارس, والقناطر, ونحو ذلك, فهذا له حق وإن كان غنيا وَفِي الرِّقَابِ فيدخل فيه العتق والإعانة عليه, وبذل مال للمكاتب ليوفي سيده, وفداء الأسرى عند الكفار أو عند الظلمة. وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ قد تقدم مرارا, أن الله تعالى يقرن بين الصلاة والزكاة, لكونهما أفضل العبادات, وأكمل القربات, عبادات قلبية, وبدنية, ومالية, وبهما يوزن الإيمان, ويعرف ما مع صاحبه من الإيقان. وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا والعهد: هو الالتزام بإلزام الله أو إلزام العبد لنفسه. فدخل في ذلك حقوق الله كلها, لكون الله ألزم بها عباده والتزموها, ودخلوا تحت عهدتها, ووجب عليهم أداؤها, وحقوق العباد, التي أوجبها الله عليهم, والحقوق التي التزمها العبد كالأيمان والنذور, ونحو ذلك. وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ أي: الفقر, لأن الفقير يحتاج إلى الصبر من وجوه كثيرة, لكونه يحصل له من الآلام القلبية والبدنية المستمرة ما لا يحصل لغيره. فإن تنعم الأغنياء بما لا يقدر عليه تألم، وإن جاع أو جاعت عياله تألم، وإن أكل طعاما غير موافق لهواه تألم، وإن عرى أو كاد تألم, وإن نظر إلى ما بين يديه وما يتوهمه من المستقبل الذي يستعد له تألم, وإن أصابه البرد الذي لا يقدر على دفعه تألم. فكل هذه ونحوها, مصائب, يؤمر بالصبر عليها, والاحتساب, ورجاء الثواب من الله عليها. وَالضَّرَّاءِ أي: المرض على اختلاف أنواعه, من حمى, وقروح, ورياح, ووجع عضو, حتى الضرس والإصبع ونحو ذلك, فإنه يحتاج إلى الصبر على ذلك؛ لأن النفس تضعف, والبدن يألم, وذلك في غاية المشقة على النفوس, خصوصا مع تطاول ذلك, فإنه يؤمر بالصبر, احتسابا لثواب الله [تعالى]. وَحِينَ الْبَأْسِ أي: وقت القتال للأعداء المأمور بقتالهم, لأن الجلاد, يشق غاية المشقة على النفس, ويجزع الإنسان من القتل, أو الجراح أو الأسر, فاحتيج إلى الصبر في ذلك احتسابا, ورجاء لثواب الله [تعالى] الذي منه النصر والمعونة, التي وعدها الصابرين. أُولَئِكَ أي: المتصفون بما ذكر من العقائد الحسنة, والأعمال التي هي آثار الإيمان, وبرهانه ونوره, والأخلاق التي هي جمال الإنسان وحقيقة الإنسانية، فأولئك هم الَّذِينَ صَدَقُوا في إيمانهم, لأن أعمالهم صدقت إيمانهم، وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ لأنهم تركوا المحظور, وفعلوا المأمور؛ لأن هذه الأمور مشتملة على كل خصال الخير, تضمنا ولزوما, لأن الوفاء بالعهد, يدخل فيه الدين كله، ولأن العبادات المنصوص عليها في هذه الآية أكبر العبادات، ومن قام بها, كان بما سواها أقوم, فهؤلاء هم الأبرار الصادقون المتقون. وقد علم ما رتب الله على هذه الأمور الثلاثة, من الثواب الدنيوي والأخروي, مما لا يمكن تفصيله في [مثل] هذا الموضع.
2:178
یٰۤاَیُّهَا الَّذِیْنَ اٰمَنُوْا كُتِبَ عَلَیْكُمُ الْقِصَاصُ فِی الْقَتْلٰىؕ-اَلْحُرُّ بِالْحُرِّ وَ الْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَ الْاُنْثٰى بِالْاُنْثٰىؕ-فَمَنْ عُفِیَ لَهٗ مِنْ اَخِیْهِ شَیْءٌ فَاتِّبَاعٌۢ بِالْمَعْرُوْفِ وَ اَدَآءٌ اِلَیْهِ بِاِحْسَانٍؕ-ذٰلِكَ تَخْفِیْفٌ مِّنْ رَّبِّكُمْ وَ رَحْمَةٌؕ-فَمَنِ اعْتَدٰى بَعْدَ ذٰلِكَ فَلَهٗ عَذَابٌ اَلِیْمٌۚ(۱۷۸)
اے ایمان والوں تم پر فرض ہے (ف۳۴۱) کہ جو ناحق مارے جائیں ان کے خون کا بدلہ لو (ف۳۱۵) آزاد کے بدلے آزاد اور غلام کے بدلے غلام اور عورت کے بدلے عورت (ف۳۱۶) تو جس کے لئے اس کے بھائی کی طرف سے کچھ معافی ہوئی۔ (ف۳۱۷) تو بھلائی سے تقا ضا ہو اور اچھی طرح ادا، یہ تمہارے رب کی طرف سے تمہارا بوجھ پر ہلکا کرنا ہے اور تم پر رحمت تو اس کے بعد جو زیادتی کرے (ف۳۱۸) اس کے لئے دردناک عذاب ہے

يمتن تعالى على عباده المؤمنين, بأنه فرض عليهم الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى أي: المساواة فيه, وأن يقتل القاتل على الصفة, التي قتل عليها المقتول, إقامة للعدل والقسط بين العباد. وتوجيه الخطاب لعموم المؤمنين, فيه دليل على أنه يجب عليهم كلهم، حتى أولياء القاتل حتى القاتل بنفسه إعانة ولي المقتول, إذا طلب القصاص وتمكينه من القاتل, وأنه لا يجوز لهم أن يحولوا بين هذا الحد, ويمنعوا الولي من الاقتصاص, كما عليه عادة الجاهلية, ومن أشبههم من إيواء المحدثين. ثم بيَّن تفصيل ذلك فقال: الْحُرُّ بِالْحُرِّ يدخل بمنطقوقها, الذكر بالذكر، وَالْأُنْثَى بِالْأُنْثَى والأنثى بالذكر, والذكر بالأنثى, فيكون منطوقها مقدما على مفهوم قوله: " الأنثى بالأنثى " مع دلالة السنة, على أن الذكر يقتل بالأنثى، وخرج من عموم هذا الأبوان وإن علوا، فلا يقتلان بالولد, لورود السنة بذلك، مع أن في قوله: الْقِصَاصُ ما يدل على أنه ليس من العدل, أن يقتل الوالد بولده، ولأن في قلب الوالد من الشفقة والرحمة, ما يمنعه من القتل لولده إلا بسبب اختلال في عقله, أو أذية شديدة جدا من الولد له. وخرج من العموم أيضا, الكافر بالسنة, مع أن الآية في خطاب المؤمنين خاصة. وأيضا فليس من العدل أن يقتل ولي الله بعدوه، والعبد بالعبد, ذكرا كان أو أنثى, تساوت قيمتهما أو اختلفت، ودل بمفهومها على أن الحر, لا يقتل بالعبد, لكونه غير مساو له، والأنثى بالأنثى, أخذ بمفهومها بعض أهل العلم فلم يجز قتل الرجل بالمرأة, وتقدم وجه ذلك. وفي هذه الآية دليل على أن الأصل وجوب القود في القتل, وأن الدية بدل عنه، فلهذا قال: فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ أي: عفا ولي المقتول عن القاتل إلى الدية, أو عفا بعض الأولياء, فإنه يسقط القصاص, وتجب الدية, وتكون الخيرة في القود واختيار الدية إلى الولي. فإذا عفا عنه وجب على الولي, [أي: ولي المقتول] أن يتبع القاتل بِالْمَعْرُوفِ من غير أن يشق عليه, ولا يحمله ما لا يطيق, بل يحسن الاقتضاء والطلب, ولا يحرجه. وعلى القاتل أَدَاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ من غير مطل ولا نقص, ولا إساءة فعلية أو قولية, فهل جزاء الإحسان إليه بالعفو, إلا الإحسان بحسن القضاء، وهذا مأمور به في كل ما ثبت في ذمم الناس للإنسان، مأمور من له الحق بالاتباع بالمعروف، ومن عليه الحق, بالأداء بإحسان وفي قوله: فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ ترقيق وحث على العفو إلى الدية، وأحسن من ذلك العفو مجانا. وفي قوله: أَخِيهِ دليل على أن القاتل لا يكفر, لأن المراد بالأخوة هنا أخوة الإيمان, فلم يخرج بالقتل منها، ومن باب أولى أن سائر المعاصي التي هي دون الكفر, لا يكفر بها فاعلها, وإنما ينقص بذلك إيمانه. وإذا عفا أولياء المقتول, أو عفا بعضهم, احتقن دم القاتل, وصار معصوما منهم ومن غيرهم, ولهذا قال: فَمَنِ اعْتَدَى بَعْدَ ذَلِكَ أي: بعد العفو فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ أي: في الآخرة، وأما قتله وعدمه, فيؤخذ مما تقدم, لأنه قتل مكافئا له, فيجب قتله بذلك. وأما من فسر العذاب الأليم بالقتل, فإن الآية تدل على أنه يتعين قتله, ولا يجوز العفو عنه, وبذلك قال بعض العلماء والصحيح الأول, لأن جنايته لا تزيد على جناية غيره.
2:179
وَ لَكُمْ فِی الْقِصَاصِ حَیٰوةٌ یّٰۤاُولِی الْاَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُوْنَ(۱۷۹)
اور خون کا بدلہ لینے میں تمہاری زندگی ہے اے عقل مندو (ف۳۱۹) کہ تم کہیں بچو،

ثم بين تعالى حكمته العظيمة في مشروعية القصاص فقال: وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ أي: تنحقن بذلك الدماء, وتنقمع به الأشقياء, لأن من عرف أنه مقتول إذا قتل, لا يكاد يصدر منه القتل, وإذا رئي القاتل مقتولا انذعر بذلك غيره وانزجر, فلو كانت عقوبة القاتل غير القتل, لم يحصل انكفاف الشر, الذي يحصل بالقتل، وهكذا سائر الحدود الشرعية, فيها من النكاية والانزجار, ما يدل على حكمة الحكيم الغفار، ونكَّر " الحياة " لإفادة التعظيم والتكثير. ولما كان هذا الحكم, لا يعرف حقيقته, إلا أهل العقول الكاملة والألباب الثقيلة, خصهم بالخطاب دون غيرهم، وهذا يدل على أن الله تعالى, يحب من عباده, أن يعملوا أفكارهم وعقولهم, في تدبر ما في أحكامه من الحكم, والمصالح الدالة على كماله, وكمال حكمته وحمده, وعدله ورحمته الواسعة، وأن من كان بهذه المثابة, فقد استحق المدح بأنه من ذوي الألباب الذين وجه إليهم الخطاب, وناداهم رب الأرباب, وكفى بذلك فضلا وشرفا لقوم يعقلون. وقوله: لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ وذلك أن من عرف ربه وعرف ما في دينه وشرعه من الأسرار العظيمة والحكم البديعة والآيات الرفيعة, أوجب له ذلك أن ينقاد لأمر الله, ويعظم معاصيه فيتركها, فيستحق بذلك أن يكون من المتقين.
2:180
كُتِبَ عَلَیْكُمْ اِذَا حَضَرَ اَحَدَكُمُ الْمَوْتُ اِنْ تَرَكَ خَیْرَاﰳ -ۖۚ - الْوَصِیَّةُ لِلْوَالِدَیْنِ وَ الْاَقْرَبِیْنَ بِالْمَعْرُوْفِ-ۚ--حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِیْنَؕ(۱۸۰)
تم پر فرض ہوا کہ جب تم میں کسی کو موت آئے اگر کچھ مال چھوڑے تو وصیت کرجائے اپنے ماں باپ اور قریب کے رشتہ داروں کے لئے موافق دستور (ف۳۲۰) یہ واجب ہے پرہیزگاروں پر،

أي: فرض الله عليكم, يا معشر المؤمنين إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ أي: أسبابه, كالمرض المشرف على الهلاك, وحضور أسباب المهالك، وكان قد تَرَكَ خَيْرًا [أي: مالا] وهو المال الكثير عرفا, فعليه أن يوصي لوالديه وأقرب الناس إليه بالمعروف, على قدر حاله من غير سرف, ولا اقتصار على الأبعد, دون الأقرب، بل يرتبهم على القرب والحاجة, ولهذا أتى فيه بأفعل التفضيل. وقوله: حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ دل على وجوب ذلك, لأن الحق هو: الثابت، وقد جعله الله من موجبات التقوى. واعلم أن جمهور المفسرين يرون أن هذه الآية منسوخة بآية المواريث، وبعضهم يرى أنها في الوالدين والأقربين غير الوارثين, مع أنه لم يدل على التخصيص بذلك دليل، والأحسن في هذا أن يقال: إن هذه الوصية للوالدين والأقربين مجملة, ردها الله تعالى إلى العرف الجاري. ثم إن الله تعالى قدر للوالدين الوارثين وغيرهما من الأقارب الوارثين هذا المعروف في آيات المواريث, بعد أن كان مجملا، وبقي الحكم فيمن لم يرثوا من الوالدين الممنوعين من الإرث وغيرهما ممن حجب بشخص أو وصف, فإن الإنسان مأمور بالوصية لهؤلاء وهم أحق الناس ببره، وهذا القول تتفق عليه الأمة, ويحصل به الجمع بين القولين المتقدمين, لأن كلا من القائلين بهما كل منهم لحظ ملحظا, واختلف المورد. فبهذا الجمع, يحصل الاتفاق, والجمع بين الآيات, لأنه مهما أمكن الجمع كان أحسن من ادعاء النسخ, الذي لم يدل عليه دليل صحيح.
2:181
فَمَنْۢ بَدَّلَهٗ بَعْدَ مَا سَمِعَهٗ فَاِنَّمَاۤ اِثْمُهٗ عَلَى الَّذِیْنَ یُبَدِّلُوْنَهٗؕ-اِنَّ اللّٰهَ سَمِیْعٌ عَلِیْمٌؕ(۱۸۱)
تو جو وصیت کو سن سنا کر بدل دے (ف۳۲۱) اس کا گناہ انہیں بدلنے والوں پر ہے (ف۳۲۲) بیشک اللہ سنتا جانتا ہے،

ولما كان الموصي قد يمتنع من الوصية, لما يتوهمه أن من بعده, قد يبدل ما وصى به قال تعالى: فَمَنْ بَدَّلَهُ أي: الإيصاء للمذكورين أو غيرهم بَعْدَمَا سَمِعَهُ [أي:] بعدما عقله, وعرف طرقه وتنفيذه، فَإِنَّمَا إِثْمُهُ عَلَى الَّذِينَ يُبَدِّلُونَهُ وإلا فالموصي وقع أجره على الله, وإنما الإثم على المبدل المغير. إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ يسمع سائر الأصوات, ومنه سماعه لمقالة الموصي ووصيته، فينبغي له أن يراقب من يسمعه ويراه, وأن لا يجور في وصيته، عَلِيمٌ بنيته, وعليم بعمل الموصى إليه، فإذا اجتهد الموصي, وعلم الله من نيته ذلك, أثابه ولو أخطأ، وفيه التحذير للموصى إليه من التبديل، فإن الله عليم به, مطلع على ما فعله, فليحذر من الله، هذا حكم الوصية العادلة.
2:182
فَمَنْ خَافَ مِنْ مُّوْصٍ جَنَفًا اَوْ اِثْمًا فَاَصْلَحَ بَیْنَهُمْ فَلَاۤ اِثْمَ عَلَیْهِؕ-اِنَّ اللّٰهَ غَفُوْرٌ رَّحِیْمٌ۠(۱۸۲)
پھر جسے اندیشہ ہوا کہ وصیت کرنے والے نے کچھ بے انصافی یا گناہ کیا تو اس نے ان میں صلح کرادی اس پر کچھ گناہ نہیں (ف۳۲۳) بیشک اللہ بخشنے والا مہربان ہے

وأما الوصية التي فيها حيف وجنف, وإثم، فينبغي لمن حضر الموصي وقت الوصية بها, أن ينصحه بما هو الأحسن والأعدل, وأن ينهاه عن الجور والجنف, وهو: الميل بها عن خطأ, من غير تعمد, والإثم: وهو التعمد لذلك. فإن لم يفعل ذلك, فينبغي له أن يصلح بين الموصى إليهم, ويتوصل إلى العدل بينهم على وجه التراضي والمصالحة, ووعظهم بتبرئة ذمة ميتهم فهذا قد فعل معروفا عظيما, وليس عليهم إثم, كما على مبدل الوصية الجائزة، ولهذا قال: إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ أي: يغفر جميع الزلات, ويصفح عن التبعات لمن تاب إليه, ومنه مغفرته لمن غض من نفسه, وترك بعض حقه لأخيه, لأن من سامح, سامحه الله، غفور لميتهم الجائر في وصيته, إذا احتسبوا بمسامحة بعضهم بعضا لأجل براءة ذمته، رحيم بعباده, حيث شرع لهم كل أمر به يتراحمون ويتعاطفون، فدلت هذه الآيات على الحث على الوصية, وعلى بيان من هي له, وعلى وعيد المبدل للوصية العادلة, والترغيب في الإصلاح في الوصية الجائرة.
2:183
یٰۤاَیُّهَا الَّذِیْنَ اٰمَنُوْا كُتِبَ عَلَیْكُمُ الصِّیَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِیْنَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُوْنَۙ(۱۸۳)
اے ایمان والو! (ف۳۲۴) تم پر روزے فرض کیے گئے جیسے اگلوں پر فرض ہوئے تھے کہ کہیں تمہیں پرہیزگاری ملے، ف۳۲۵)

يخبر تعالى بما منَّ به على عباده, بأنه فرض عليهم الصيام, كما فرضه على الأمم السابقة, لأنه من الشرائع والأوامر التي هي مصلحة للخلق في كل زمان. وفيه تنشيط لهذه الأمة, بأنه ينبغي لكم أن تنافسوا غيركم في تكميل الأعمال, والمسارعة إلى صالح الخصال, وأنه ليس من الأمور الثقيلة, التي اختصيتم بها. ثم ذكر تعالى حكمته في مشروعية الصيام فقال: لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ فإن الصيام من أكبر أسباب التقوى, لأن فيه امتثال أمر الله واجتناب نهيه. فمما اشتمل عليه من التقوى: أن الصائم يترك ما حرم الله عليه من الأكل والشرب والجماع ونحوها, التي تميل إليها نفسه, متقربا بذلك إلى الله, راجيا بتركها, ثوابه، فهذا من التقوى. ومنها: أن الصائم يدرب نفسه على مراقبة الله تعالى, فيترك ما تهوى نفسه, مع قدرته عليه, لعلمه باطلاع الله عليه، ومنها: أن الصيام يضيق مجاري الشيطان, فإنه يجري من ابن آدم مجرى الدم, فبالصيام, يضعف نفوذه, وتقل منه المعاصي، ومنها: أن الصائم في الغالب, تكثر طاعته, والطاعات من خصال التقوى، ومنها: أن الغني إذا ذاق ألم الجوع, أوجب له ذلك, مواساة الفقراء المعدمين, وهذا من خصال التقوى.
2:184
اَیَّامًا مَّعْدُوْدٰتٍؕ-فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَّرِیْضًا اَوْ عَلٰى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ اَیَّامٍ اُخَرَؕ-وَ عَلَى الَّذِیْنَ یُطِیْقُوْنَهٗ فِدْیَةٌ طَعَامُ مِسْكِیْنٍؕ-فَمَنْ تَطَوَّعَ خَیْرًا فَهُوَ خَیْرٌ لَّهٗؕ-وَ اَنْ تَصُوْمُوْا خَیْرٌ لَّكُمْ اِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُوْنَ(۱۸۴)
گنتی کے دن ہیں (ف۳۲۶) تو تم میں جو کوئی بیمار یا سفر میں ہو (ف۳۲۷) تو اتنے روزے اور دنوں میں اور جنہیں اس کی طاقت نہ ہو وہ بدلہ دیں ایک مسکین کا کھانا (ف۳۲۸) پھر جو اپنی طرف سے نیکی زیادہ کرے (ف۳۲۹) تو وہ اس کے لئے بہتر ہے اور روزہ رکھنا تمہارے لئے زیادہ بھلا ہے اگر تم جانو (ف۳۳۰)

ولما ذكر أنه فرض عليهم الصيام, أخبر أنه أيام معدودات, أي: قليلة في غاية السهولة. ثم سهل تسهيلا آخر. فقال: فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وذلك للمشقة, في الغالب, رخص الله لهما, في الفطر. ولما كان لا بد من حصول مصلحة الصيام لكل مؤمن, أمرهما أن يقضياه في أيام أخر إذا زال المرض, وانقضى السفر, وحصلت الراحة. وفي قوله: فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ فيه دليل على أنه يقضي عدد أيام رمضان, كاملا كان, أو ناقصا, وعلى أنه يجوز أن يقضي أياما قصيرة باردة, عن أيام طويلة حارة كالعكس. وقوله: وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ أي: يطيقون الصيام فِدْيَةٌ عن كل يوم يفطرونه طَعَامُ مِسْكِينٍ وهذا في ابتداء فرض الصيام, لما كانوا غير معتادين للصيام, وكان فرضه حتما, فيه مشقة عليهم, درجهم الرب الحكيم, بأسهل طريق، وخيَّر المطيق للصوم بين أن يصوم, وهو أفضل, أو يطعم، ولهذا قال: وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ ثم بعد ذلك, جعل الصيام حتما على المطيق وغير المطيق, يفطر ويقضيه في أيام أخر [وقيل: وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ أي: يتكلفونه، ويشق عليهم مشقة غير محتملة, كالشيخ الكبير, فدية عن كل يوم مسكين وهذا هو الصحيح]
2:185
شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِیْۤ اُنْزِلَ فِیْهِ الْقُرْاٰنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَ بَیِّنٰتٍ مِّنَ الْهُدٰى وَ الْفُرْقَانِۚ-فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْیَصُمْهُؕ-وَ مَنْ كَانَ مَرِیْضًا اَوْ عَلٰى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ اَیَّامٍ اُخَرَؕ-یُرِیْدُ اللّٰهُ بِكُمُ الْیُسْرَ وَ لَا یُرِیْدُ بِكُمُ الْعُسْرَ٘-وَ لِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَ لِتُكَبِّرُوا اللّٰهَ عَلٰى مَا هَدٰىكُمْ وَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُوْنَ(۱۸۵)
رمضان کا مہینہ جس میں قرآن اترا (ف۳۳۱) لوگوں کے لئے ہدایت اور رہنمائی اور فیصلہ کی روشن باتیں تو تم میں جو کوئی یہ مہینہ پائے، ضرور اس کے روزے رکھے اور جو بیمار یا سفر میں ہو تو اتنے روزے اور دنوں میں اللہ تم پر آسانی چاہتا ہے اور تم پر دشواری نہیں چاہتا اور اس لئے کہ تم گنتی پوری کرو (ف۳۳۲) اور اللہ کی بڑائی بولو اس پر کہ اس نے تمہیں ہدایت کی اور کہیں تم حق گزار ہو،

شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ أي: الصوم المفروض عليكم, هو شهر رمضان, الشهر العظيم, الذي قد حصل لكم فيه من الله الفضل العظيم، وهو القرآن الكريم, المشتمل على الهداية لمصالحكم الدينية والدنيوية, وتبيين الحق بأوضح بيان, والفرقان بين الحق والباطل, والهدى والضلال, وأهل السعادة وأهل الشقاوة. فحقيق بشهر, هذا فضله, وهذا إحسان الله عليكم فيه, أن يكون موسما للعباد مفروضا فيه الصيام. فلما قرره, وبين فضيلته, وحكمة الله تعالى في تخصيصه قال: فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ هذا فيه تعيين الصيام على القادر الصحيح الحاضر. ولما كان النسخ للتخيير, بين الصيام والفداء خاصة, أعاد الرخصة للمريض والمسافر, لئلا يتوهم أن الرخصة أيضا منسوخة [فقال] يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ أي: يريد الله تعالى أن ييسر عليكم الطرق الموصلة إلى رضوانه أعظم تيسير, ويسهلها أشد تسهيل، ولهذا كان جميع ما أمر الله به عباده في غاية السهولة في أصله. وإذا حصلت بعض العوارض الموجبة لثقله, سهَّله تسهيلا آخر, إما بإسقاطه, أو تخفيفه بأنواع التخفيفات. وهذه جملة لا يمكن تفصيلها, لأن تفاصيلها, جميع الشرعيات, ويدخل فيها جميع الرخص والتخفيفات. وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وهذا - والله أعلم - لئلا يتوهم متوهم, أن صيام رمضان, يحصل المقصود منه ببعضه, دفع هذا الوهم بالأمر بتكميل عدته، ويشكر الله [تعالى] عند إتمامه على توفيقه وتسهيله وتبيينه لعباده, وبالتكبير عند انقضائه, ويدخل في ذلك التكبير عند رؤية هلال شوال إلى فراغ خطبة العيد.
2:186
وَ اِذَا سَاَلَكَ عِبَادِیْ عَنِّیْ فَاِنِّیْ قَرِیْبٌؕ-اُجِیْبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ اِذَا دَعَانِۙ-فَلْیَسْتَجِیْبُوْا لِیْ وَ لْیُؤْمِنُوْا بِیْ لَعَلَّهُمْ یَرْشُدُوْنَ(۱۸۶)
اور اے محبوب جب تم سے میرے بندے مجھے پوچھیں تو میں نزدیک ہوں (ف۳۳۳) دعا قبول کرتا ہوں پکارنے والے کی جب مجھے پکارے (ف۳۳۴) تو انہیں چاہئے میرا حکم مانیں اور مجھ پر ایمان لائیں کہ کہیں راہ پائیں،

هذا جواب سؤال، سأل النبي صلى الله عليه وسلم بعض أصحابه فقالوا: يا رسول الله, أقريب ربنا فنناجيه, أم بعيد فنناديه؟ فنزل: وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ لأنه تعالى, الرقيب الشهيد, المطلع على السر وأخفى, يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور, فهو قريب أيضا من داعيه, بالإجابة، ولهذا قال: أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ والدعاء نوعان: دعاء عبادة, ودعاء مسألة. والقرب نوعان: قرب بعلمه من كل خلقه, وقرب من عابديه وداعيه بالإجابة والمعونة والتوفيق. فمن دعا ربه بقلب حاضر, ودعاء مشروع, ولم يمنع مانع من إجابة الدعاء, كأكل الحرام ونحوه, فإن الله قد وعده بالإجابة، وخصوصا إذا أتى بأسباب إجابة الدعاء, وهي الاستجابة لله تعالى بالانقياد لأوامره ونواهيه القولية والفعلية, والإيمان به, الموجب للاستجابة، فلهذا قال: فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ أي: يحصل لهم الرشد الذي هو الهداية للإيمان والأعمال الصالحة, ويزول عنهم الغي المنافي للإيمان والأعمال الصالحة. ولأن الإيمان بالله والاستجابة لأمره, سبب لحصول العلم كما قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَانًا
2:187
اُحِلَّ لَكُمْ لَیْلَةَ الصِّیَامِ الرَّفَثُ اِلٰى نِسَآىٕكُمْؕ-هُنَّ لِبَاسٌ لَّكُمْ وَ اَنْتُمْ لِبَاسٌ لَّهُنَّؕ-عَلِمَ اللّٰهُ اَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَخْتَانُوْنَ اَنْفُسَكُمْ فَتَابَ عَلَیْكُمْ وَ عَفَا عَنْكُمْۚ-فَالْــٴٰـنَ بَاشِرُوْهُنَّ وَ ابْتَغُوْا مَا كَتَبَ اللّٰهُ لَكُمْ۪-وَ كُلُوْا وَ اشْرَبُوْا حَتّٰى یَتَبَیَّنَ لَكُمُ الْخَیْطُ الْاَبْیَضُ مِنَ الْخَیْطِ الْاَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ۪-ثُمَّ اَتِمُّوا الصِّیَامَ اِلَى الَّیْلِۚ-وَ لَا تُبَاشِرُوْهُنَّ وَ اَنْتُمْ عٰكِفُوْنَۙ-فِی الْمَسٰجِدِؕ-تِلْكَ حُدُوْدُ اللّٰهِ فَلَا تَقْرَبُوْهَاؕ-كَذٰلِكَ یُبَیِّنُ اللّٰهُ اٰیٰتِهٖ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ یَتَّقُوْنَ(۱۸۷)
روزہ کی راتوں میں اپنی عورتوں کے پاس جانا تمہارے لئے حلال ہوا (ف۳۳۵) وہ تمہاری لباس ہیں اور تم ان کے لباس، اللہ نے جانا کہ تم اپنی جانوں کو خیانت میں ڈالتے تھے تو اس نے تمہاری توبہ قبول کی اور تمہیں معاف فرمایا (ف۳۳۶) تو اب ان سے صحبت کرو (ف۳۳۷) اور طلب کرو جو اللہ نے تمہارے نصیب میں لکھا ہو (ف۳۳۸) اور کھاؤ اور پیئو (ف۳۳۹) یہاں تک کہ تمہارے لئے ظاہر ہوجائے سفیدی کا ڈورا سیاہی کے ڈورے سے (پوپھٹ کر) (ف۳۴۰) پھر رات آنے تک روزے پورے کرو (ف۳۴۱) اور عورتوں کو ہاتھ نہ لگاؤ جب تم مسجدوں میں اعتکاف سے ہو (ف۳۴۲) یہ اللہ کی حدیں ہیں ان کے پاس نہ جاؤ اللہ یوں ہی بیان کرتا ہے لوگوں سے اپنی آیتیں کہ کہیں انہیں پرہیزگاری ملے،

كان في أول فرض الصيام، يحرم على المسلمين في الليل بعد النوم الأكل والشرب والجماع، فحصلت المشقة لبعضهم، فخفف الله تعالى عنهم ذلك، وأباح في ليالي الصيام كلها الأكل والشرب والجماع، سواء نام أو لم ينم، لكونهم يختانون أنفسهم بترك بعض ما أمروا به. فتاب الله عليكم بأن وسع لكم أمرا كان - لولا توسعته - موجبا للإثم وعفا عنكم ما سلف من التخون. فالآن بعد هذه الرخصة والسعة من الله باشروهن وطأ وقبلة ولمسا وغير ذلك. وابتغوا ما كتب الله لكم أي: انووا في مباشرتكم لزوجاتكم التقرب إلى الله تعالى والمقصود الأعظم من الوطء، وهو حصول الذرية وإعفاف فرجه وفرج زوجته، وحصول مقاصد النكاح. ومما كتب الله لكم ليلة القدر، الموافقة لليالي صيام رمضان، فلا ينبغي لكم أن تشتغلوا بهذه اللذة عنها وتضيعوها، فاللذة مدركة، وليلة القدر إذا فاتت لم تدرك. وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر هذا غاية للأكل والشرب والجماع، وفيه أنه إذا أكل ونحوه شاكا في طلوع الفجر فلا بأس عليه. وفيه: دليل على استحباب السحور للأمر، وأنه يستحب تأخيره أخذا من معنى رخصة الله وتسهيله على العباد. وفيه أيضا دليل على أنه يجوز أن يدركه الفجر وهو جنب من الجماع قبل أن يغتسل، ويصح صيامه، لأن لازم إباحة الجماع إلى طلوع الفجر، أن يدركه الفجر وهو جنب، ولازم الحق حق. ثم إذا طلع الفجر أتموا الصيام أي: الإمساك عن المفطرات إلى الليل وهو غروب الشمس ولما كان إباحة الوطء في ليالي الصيام ليست إباحته عامة لكل أحد، فإن المعتكف لا يحل له ذلك، استثناه بقوله: ولا تباشروهن وأنتم عاكفون في المساجد أي: وأنتم متصفون بذلك، ودلت الآية على مشروعية الاعتكاف، وهو لزوم المسجد لطاعة الله [تعالى]، وانقطاعا إليه، وأن الاعتكاف لا يصح إلا في المسجد. ويستفاد من تعريف المساجد، أنها المساجد المعروفة عندهم، وهي التي تقام فيها الصلوات الخمس. وفيه أن الوطء من مفسدات الاعتكاف. تلك المذكورات - وهو تحريم الأكل والشرب والجماع ونحوه من المفطرات في الصيام، وتحريم الفطر على غير المعذور، وتحريم الوطء على المعتكف، ونحو ذلك من المحرمات حدود الله التي حدها لعباده، ونهاهم عنها، فقال: فلا تقربوها أبلغ من قوله: " فلا تفعلوها " لأن القربان، يشمل النهي عن فعل المحرم بنفسه، والنهي عن وسائله الموصلة إليه. والعبد مأمور بترك المحرمات، والبعد منها غاية ما يمكنه، وترك كل سبب يدعو إليها، وأما الأوامر فيقول الله فيها: تلك حدود الله فلا تعتدوها فينهى عن مجاوزتها. كذلك أي: بيَّن [الله] لعباده الأحكام السابقة أتم تبيين، وأوضحها لهم أكمل إيضاح. يبين الله آياته للناس لعلهم يتقون فإنهم إذا بان لهم الحق اتبعوه، وإذا تبين لهم الباطل اجتنبوه، فإن الإنسان قد يفعل المحرم على وجه الجهل بأنه محرم، ولو علم تحريمه لم يفعله، فإذا بين الله للناس آياته، لم يبق لهم عذر ولا حجة، فكان ذلك سببا للتقوى.
2:188
وَ لَا تَاْكُلُوْۤا اَمْوَالَكُمْ بَیْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ وَ تُدْلُوْا بِهَاۤ اِلَى الْحُكَّامِ لِتَاْكُلُوْا فَرِیْقًا مِّنْ اَمْوَالِ النَّاسِ بِالْاِثْمِ وَ اَنْتُمْ تَعْلَمُوْنَ۠(۱۸۸)
اور آپس میں ایک دوسرے کا مال ناحق نہ کھاؤ اور نہ حاکموں کے پاس ان کا مقدمہ اس لئے پہنچاؤ کہ لوگوں کا کچھ مال ناجائز طور پر کھاؤ (ف۳۴۳) جان بوجھ کر،

أي: ولا تأخذوا أموالكم أي: أموال غيركم، أضافها إليهم, لأنه ينبغي للمسلم أن يحب لأخيه ما يحب لنفسه, ويحترم ماله كما يحترم ماله؛ ولأن أكله لمال غيره يجرئ غيره على أكل ماله عند القدرة. ولما كان أكلها نوعين: نوعا بحق, ونوعا بباطل, وكان المحرم إنما هو أكلها بالباطل, قيده تعالى بذلك، ويدخل في ذلك أكلها على وجه الغصب والسرقة والخيانة في وديعة أو عارية, أو نحو ذلك، ويدخل فيه أيضا, أخذها على وجه المعاوضة, بمعاوضة محرمة, كعقود الربا, والقمار كلها, فإنها من أكل المال بالباطل, لأنه ليس في مقابلة عوض مباح، ويدخل في ذلك أخذها بسبب غش في البيع والشراء والإجارة, ونحوها، ويدخل في ذلك استعمال الأجراء وأكل أجرتهم، وكذلك أخذهم أجرة على عمل لم يقوموا بواجبه، ويدخل في ذلك أخذ الأجرة على العبادات والقربات التي لا تصح حتى يقصد بها وجه الله تعالى، ويدخل في ذلك الأخذ من الزكوات والصدقات, والأوقاف، والوصايا, لمن ليس له حق منها, أو فوق حقه. فكل هذا ونحوه, من أكل المال بالباطل, فلا يحل ذلك بوجه من الوجوه، حتى ولو حصل فيه النزاع وحصل الارتفاع إلى حاكم الشرع, وأدلى من يريد أكلها بالباطل بحجة, غلبت حجة المحق, وحكم له الحاكم بذلك، فإن حكم الحاكم, لا يبيح محرما, ولا يحلل حراما, إنما يحكم على نحو مما يسمع, وإلا فحقائق الأمور باقية، فليس في حكم الحاكم للمبطل راحة, ولا شبهة, ولا استراحة. فمن أدلى إلى الحاكم بحجة باطلة, وحكم له بذلك, فإنه لا يحل له, ويكون آكلا لمال غيره, بالباطل والإثم, وهو عالم بذلك. فيكون أبلغ في عقوبته, وأشد في نكاله. وعلى هذا فالوكيل إذا علم أن موكله مبطل في دعواه, لم يحل له أن يخاصم عن الخائن كما قال تعالى: وَلَا تَكُنْ لِلْخَائِنِينَ خَصِيمًا
2:189
یَسْــٴَـلُوْنَكَ عَنِ الْاَهِلَّةِؕ-قُلْ هِیَ مَوَاقِیْتُ لِلنَّاسِ وَ الْحَجِّؕ-وَ لَیْسَ الْبِرُّ بِاَنْ تَاْتُوا الْبُیُوْتَ مِنْ ظُهُوْرِهَا وَ لٰكِنَّ الْبِرَّ مَنِ اتَّقٰىۚ-وَ اْتُوا الْبُیُوْتَ مِنْ اَبْوَابِهَا۪-وَ اتَّقُوا اللّٰهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُوْنَ(۱۸۹)
تم سے نئے چاند کو پوچھتے ہیں (ف۳۴۴) تم فرمادو وہ وقت کی علامتیں ہیں لوگوں اور حج کے لئے (ف۳۴۵) اور یہ کچھ بھلائی نہیں کہ (ف۳۴۶) گھروں میں پچھیت (پچھلی دیوار) توڑ کر آ ؤ ہاں بھلائی تو پرہیزگاری ہے، اور گھروں میں دروازوں سے آ ؤ (ف۳۴۷) اور اللہ سے ڈرتے رہو اس امید پر کہ فلاح پاؤ

يقول تعالى: يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ جمع - هلال - ما فائدتها وحكمتها؟ أو عن ذاتها، قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ أي: جعلها الله تعالى بلطفه ورحمته على هذا التدبير يبدو الهلال ضعيفا في أول الشهر, ثم يتزايد إلى نصفه, ثم يشرع في النقص إلى كماله, وهكذا, ليعرف الناس بذلك, مواقيت عباداتهم من الصيام, وأوقات الزكاة, والكفارات, وأوقات الحج. ولما كان الحج يقع في أشهر معلومات, ويستغرق أوقاتا كثيرة قال: وَالْحَجِّ وكذلك تعرف بذلك, أوقات الديون المؤجلات, ومدة الإجارات, ومدة العدد والحمل, وغير ذلك مما هو من حاجات الخلق، فجعله تعالى, حسابا, يعرفه كل أحد, من صغير, وكبير, وعالم, وجاهل، فلو كان الحساب بالسنة الشمسية, لم يعرفه إلا النادر من الناس. وَلَيْسَ الْبِرُّ بِأَنْ تَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ ظُهُورِهَا وهذا كما كان الأنصار وغيرهم من العرب, إذا أحرموا, لم يدخلوا البيوت من أبوابها, تعبدا بذلك, وظنا أنه بر. فأخبر الله أنه ليس ببر لأن الله تعالى, لم يشرعه لهم، وكل من تعبد بعبادة لم يشرعها الله ولا رسوله, فهو متعبد ببدعة، وأمرهم أن يأتوا البيوت من أبوابها لما فيه من السهولة عليهم, التي هي قاعدة من قواعد الشرع. ويستفاد من إشارة الآية أنه ينبغي في كل أمر من الأمور, أن يأتيه الإنسان من الطريق السهل القريب, الذي قد جعل له موصلا، فالآمر بالمعروف, والناهي عن المنكر, ينبغي أن ينظر في حالة المأمور, ويستعمل معه الرفق والسياسة, التي بها يحصل المقصود أو بعضه، والمتعلم والمعلم, ينبغي أن يسلك أقرب طريق وأسهله, يحصل به مقصوده، وهكذا كل من حاول أمرا من الأمور وأتاه من أبوابه وثابر عليه, فلا بد أن يحصل له المقصود بعون الملك المعبود. وَاتَّقُوا اللَّهَ هذا هو البر الذي أمر الله به, وهو لزوم تقواه على الدوام, بامتثال أوامره, واجتناب نواهيه, فإنه سبب للفلاح, الذي هو الفوز بالمطلوب, والنجاة من المرهوب، فمن لم يتق الله تعالى, لم يكن له سبيل إلى الفلاح, ومن اتقاه, فاز بالفلاح والنجاح.
2:190
وَ قَاتِلُوْا فِیْ سَبِیْلِ اللّٰهِ الَّذِیْنَ یُقَاتِلُوْنَكُمْ وَ لَا تَعْتَدُوْاؕ-اِنَّ اللّٰهَ لَا یُحِبُّ الْمُعْتَدِیْنَ(۱۹۰)
اور اللہ کی راہ میں لڑو (ف۳۴۸) ان سے جو تم سے لڑتے ہیں (ف۳۴۹) اور حد سے نہ بڑھو (ف۳۵۰) اللہ پسند نہیں رکھتا حد سے بڑھنے والوں کو،

هذه الآيات, تتضمن الأمر بالقتال في سبيل الله, وهذا كان بعد الهجرة إلى المدينة, لما قوي المسلمون للقتال, أمرهم الله به, بعد ما كانوا مأمورين بكف أيديهم، وفي تخصيص القتال فِي سَبِيلِ اللَّهِ حث على الإخلاص, ونهي عن الاقتتال في الفتن بين المسلمين. الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ أي: الذين هم مستعدون لقتالكم, وهم المكلفون الرجال, غير الشيوخ الذين لا رأي لهم ولا قتال. والنهي عن الاعتداء, يشمل أنواع الاعتداء كلها, من قتل من لا يقاتل, من النساء, والمجانين والأطفال, والرهبان ونحوهم والتمثيل بالقتلى, وقتل الحيوانات, وقطع الأشجار [ونحوها], لغير مصلحة تعود للمسلمين. ومن الاعتداء, مقاتلة من تقبل منهم الجزية إذا بذلوها, فإن ذلك لا يجوز.
2:191
وَ اقْتُلُوْهُمْ حَیْثُ ثَقِفْتُمُوْهُمْ وَ اَخْرِجُوْهُمْ مِّنْ حَیْثُ اَخْرَجُوْكُمْ وَ الْفِتْنَةُ اَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِۚ-وَ لَا تُقٰتِلُوْهُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ حَتّٰى یُقٰتِلُوْكُمْ فِیْهِۚ-فَاِنْ قٰتَلُوْكُمْ فَاقْتُلُوْهُمْؕ-كَذٰلِكَ جَزَآءُ الْكٰفِرِیْنَ(۱۹۱)
اور کافروں کو جہاں پاؤ مارو (ف۳۵۱) اور انہیں نکال دو (ف۳۵۲) جہاں سے انہوں نے تمہیں نکا لا تھا (ف۳۵۳) اور ان کا فساد تو قتل سے بھی سخت ہے (ف۳۵۴) اور مسجد حرام کے پاس ان سے نہ لڑو جب تک وہ تم سے وہاں نہ لڑیں (ف۳۵۵) اور اگر تم سے لڑیں تو انہیں قتل کرو (ف۳۵۶) کافروں کی یہی سزا ہے،

وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ هذا أمر بقتالهم, أينما وجدوا في كل وقت, وفي كل زمان قتال مدافعة, وقتال مهاجمة ثم استثنى من هذا العموم قتالهم عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وأنه لا يجوز إلا أن يبدأوا بالقتال, فإنهم يقاتلون جزاء لهم على اعتدائهم، وهذا مستمر في كل وقت, حتى ينتهوا عن كفرهم فيسلموا, فإن الله يتوب عليهم, ولو حصل منهم ما حصل من الكفر بالله, والشرك في المسجد الحرام, وصد الرسول والمؤمنين عنه وهذا من رحمته وكرمه بعباده. ولما كان القتال عند المسجد الحرام, يتوهم أنه مفسدة في هذا البلد الحرام, أخبر تعالى أن المفسدة بالفتنة عنده بالشرك, والصد عن دينه, أشد من مفسدة القتل, فليس عليكم - أيها المسلمون - حرج في قتالهم. ويستدل بهذه الآية على القاعدة المشهورة، وهي: أنه يرتكب أخف المفسدتين, لدفع أعلاهما.
2:192
فَاِنِ انْتَهَوْا فَاِنَّ اللّٰهَ غَفُوْرٌ رَّحِیْمٌ(۱۹۲)
پھر اگر وہ باز رہیں (ف۳۵۷) تو بیشک اللہ بخشنے والا مہربان ہے،

ثم ذكر تعالى المقصود من القتال في سبيله, وأنه ليس المقصود به, سفك دماء الكفار, وأخذ أموالهم، ولكن المقصود به أن يَكُونَ الدِّينُ لِلَّهِ تعالى, فيظهر دين الله [تعالى], على سائر الأديان, ويدفع كل ما يعارضه, من الشرك وغيره, وهو المراد بالفتنة، فإذا حصل هذا المقصود, فلا قتل ولا قتال، فَإِنِ انْتَهَوْا عن قتالكم عند المسجد الحرام فَلَا عُدْوَانَ إِلَّا عَلَى الظَّالِمِينَ أي: فليس عليهم منكم اعتداء, إلا من ظلم منهم, فإنه يستحق المعاقبة, بقدر ظلمه.
2:193
وَ قٰتِلُوْهُمْ حَتّٰى لَا تَكُوْنَ فِتْنَةٌ وَّ یَكُوْنَ الدِّیْنُ لِلّٰهِؕ-فَاِنِ انْتَهَوْا فَلَا عُدْوَانَ اِلَّا عَلَى الظّٰلِمِیْنَ(۱۹۳)
اور ان سے لڑو یہاں تک کہ کوئی فتنہ نہ رہے اور ایک اللہ کی پوجا ہو پھر اگر وہ باز آئیں (ف۳۵۸) تو زیادتی نہیں مگر ظالموں پر،

ثم ذكر تعالى المقصود من القتال في سبيله, وأنه ليس المقصود به, سفك دماء الكفار, وأخذ أموالهم، ولكن المقصود به أن يَكُونَ الدِّينُ لِلَّهِ تعالى, فيظهر دين الله [تعالى], على سائر الأديان, ويدفع كل ما يعارضه, من الشرك وغيره, وهو المراد بالفتنة، فإذا حصل هذا المقصود, فلا قتل ولا قتال، فَإِنِ انْتَهَوْا عن قتالكم عند المسجد الحرام فَلَا عُدْوَانَ إِلَّا عَلَى الظَّالِمِينَ أي: فليس عليهم منكم اعتداء, إلا من ظلم منهم, فإنه يستحق المعاقبة, بقدر ظلمه.
2:194
اَلشَّهْرُ الْحَرَامُ بِالشَّهْرِ الْحَرَامِ وَ الْحُرُمٰتُ قِصَاصٌؕ-فَمَنِ اعْتَدٰى عَلَیْكُمْ فَاعْتَدُوْا عَلَیْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدٰى عَلَیْكُمْ۪-وَ اتَّقُوا اللّٰهَ وَ اعْلَمُوْۤا اَنَّ اللّٰهَ مَعَ الْمُتَّقِیْنَ(۱۹۴)
ماہ حرام کے بدلے ماہ حرام اور ادب کے بدلے ادب ہے (ف۳۵۹) جو تم پر زیادتی کرے اس پر زیادتی کرو اتنی ہی جتنی اس نے کی اور اللہ سے ڈرتے رہو اور جان رکھو کہ اللہ ڈر والوں کے ساتھ ہے،

يقول تعالى: الشَّهْرُ الْحَرَامُ بِالشَّهْرِ الْحَرَامِ يحتمل أن يكون المراد به ما وقع من صد المشركين للنبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه عام الحديبية, عن الدخول لمكة, وقاضوهم على دخولها من قابل, وكان الصد والقضاء في شهر حرام, وهو ذو القعدة, فيكون هذا بهذا، فيكون فيه, تطييب لقلوب الصحابة, بتمام نسكهم, وكماله. ويحتمل أن يكون المعنى: إنكم إن قاتلتموهم في الشهر الحرام فقد قاتلوكم فيه, وهم المعتدون, فليس عليكم في ذلك حرج، وعلى هذا فيكون قوله: وَالْحُرُمَاتُ قِصَاصٌ من باب عطف العام على الخاص، أي: كل شيء يحترم من شهر حرام, أو بلد حرام, أو إحرام, أو ما هو أعم من ذلك, جميع ما أمر الشرع باحترامه, فمن تجرأ عليها فإنه يقتص منه، فمن قاتل في الشهر الحرام, قوتل، ومن هتك البلد الحرام, أخذ منه الحد, ولم يكن له حرمة، ومن قتل مكافئا له قتل به, ومن جرحه أو قطع عضوا, منه, اقتص منه، ومن أخذ مال غيره المحترم, أخذ منه بدله، ولكن هل لصاحب الحق أن يأخذ من ماله بقدر حقه أم لا؟ خلاف بين العلماء, الراجح من ذلك, أنه إن كان سبب الحق ظاهرا كالضيف, إذا لم يقره غيره, والزوجة, والقريب إذا امتنع من تجب عليه النفقة [من الإنفاق عليه] فإنه يجوز أخذه من ماله. وإن كان السبب خفيا, كمن جحد دين غيره, أو خانه في وديعة, أو سرق منه ونحو ذلك, فإنه لا يجوز له أن يأخذ من ماله مقابلة له, جمعا بين الأدلة, ولهذا قال تعالى, تأكيدا وتقوية لما تقدم: فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ هذا تفسير لصفة المقاصة, وأنها هي المماثلة في مقابلة المعتدي. ولما كانت النفوس - في الغالب - لا تقف على حدها إذا رخص لها في المعاقبة لطلبها التشفي, أمر تعالى بلزوم تقواه, التي هي الوقوف عند حدوده, وعدم تجاوزها, وأخبر تعالى أنه مَعَ الْمُتَّقِينَ أي: بالعون, والنصر, والتأييد, والتوفيق. ومن كان الله معه, حصل له السعادة الأبدية، ومن لم يلزم التقوى تخلى عنه وليه, وخذله, فوكله إلى نفسه فصار هلاكه أقرب إليه من حبل الوريد.
2:195
وَ اَنْفِقُوْا فِیْ سَبِیْلِ اللّٰهِ وَ لَا تُلْقُوْا بِاَیْدِیْكُمْ اِلَى التَّهْلُكَةِ ﳝ- وَ اَحْسِنُوْاۚۛ-اِنَّ اللّٰهَ یُحِبُّ الْمُحْسِنِیْنَ(۱۹۵)
اور اللہ کی راہ میں خرچ کرو (ف۳۶۰) اور اپنے ہاتھوں، ہلاکت میں نہ پڑو (ف۳۶۱) اور بھلائی والے ہو جاؤ بیشک بھلائی والے اللہ کے محبوب ہیں،

يأمر تعالى عباده بالنفقة في سبيله, وهو إخراج الأموال في الطرق الموصلة إلى الله، وهي كل طرق الخير, من صدقة على مسكين, أو قريب, أو إنفاق على من تجب مؤنته.وأعظم ذلك وأول ما دخل في ذلك الإنفاق في الجهاد في سبيل الله، فإن النفقة فيه جهاد بالمال, وهو فرض كالجهاد بالبدن، وفيها من المصالح العظيمة, الإعانة على تقوية المسلمين, وعلى توهية الشرك وأهله, وعلى إقامة دين الله وإعزازه، فالجهاد في سبيل الله لا يقوم إلا على ساق النفقة، فالنفقة له كالروح, لا يمكن وجوده بدونها، وفي ترك الإنفاق في سبيل الله, إبطال للجهاد, وتسليط للأعداء, وشدة تكالبهم، فيكون قوله تعالى: ( وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ ) كالتعليل لذلك، والإلقاء باليد إلى التهلكة يرجع إلى أمرين: ترك ما أمر به العبد, إذا كان تركه موجبا أو مقاربا لهلاك البدن أو الروح، وفعل ما هو سبب موصل إلى تلف النفس أو الروح, فيدخل تحت ذلك أمور كثيرة، فمن ذلك, ترك الجهاد في سبيل الله, أو النفقة فيه, الموجب لتسلط الأعداء، ومن ذلك تغرير الإنسان بنفسه في مقاتلة أو سفر مخوف, أو محل مسبعة أو حيات, أو يصعد شجرا أو بنيانا خطرا, أو يدخل تحت شيء فيه خطر ونحو ذلك، فهذا ونحوه, ممن ألقى بيده إلى التهلكة.ومن الإلقاء باليد إلى التهلكة الإقامة على معاصي الله, واليأس من التوبة، ومنها ترك ما أمر الله به من الفرائض, التي في تركها هلاك للروح والدين.ولما كانت النفقة في سبيل الله نوعا من أنواع الإحسان, أمر بالإحسان عموما فقال: ( وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ ) وهذا يشمل جميع أنواع الإحسان, لأنه لم يقيده بشيء دون شيء، فيدخل فيه الإحسان بالمال كما تقدم.ويدخل فيه الإحسان بالجاه, بالشفاعات ونحو ذلك، ويدخل في ذلك, الإحسان بالأمر بالمعروف, والنهي عن المنكر, وتعليم العلم النافع، ويدخل في ذلك قضاء حوائج الناس, من تفريج كرباتهم وإزالة شداتهم, وعيادة مرضاهم, وتشييع جنائزهم, وإرشاد ضالهم, وإعانة من يعمل عملا والعمل لمن لا يحسن العمل ونحو ذلك, مما هو من الإحسان الذي أمر الله به، ويدخل في الإحسان أيضا, الإحسان في عبادة الله تعالى, وهو كما ذكر النبي صلى الله عليه وسلم: « أن تعبد الله كأنك تراه, فإن لم تكن تراه, فإنه يراك »فمن اتصف بهذه الصفات, كان من الذين قال الله فيهم: لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ وكان الله معه يسدده ويرشده ويعينه على كل أموره.ولما فرغ تعالى من [ ذكر ] أحكام الصيام فالجهاد, ذكر أحكام الحج فقال:
2:196
وَ اَتِمُّوا الْحَجَّ وَ الْعُمْرَةَ لِلّٰهِؕ-فَاِنْ اُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَیْسَرَ مِنَ الْهَدْیِۚ-وَ لَا تَحْلِقُوْا رُءُوْسَكُمْ حَتّٰى یَبْلُغَ الْهَدْیُ مَحِلَّهٗؕ-فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَّرِیْضًا اَوْ بِهٖۤ اَذًى مِّنْ رَّاْسِهٖ فَفِدْیَةٌ مِّنْ صِیَامٍ اَوْ صَدَقَةٍ اَوْ نُسُكٍۚ-فَاِذَاۤ اَمِنْتُمْٙ-فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ اِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَیْسَرَ مِنَ الْهَدْیِۚ-فَمَنْ لَّمْ یَجِدْ فَصِیَامُ ثَلٰثَةِ اَیَّامٍ فِی الْحَجِّ وَ سَبْعَةٍ اِذَا رَجَعْتُمْؕ-تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌؕ-ذٰلِكَ لِمَنْ لَّمْ یَكُنْ اَهْلُهٗ حَاضِرِی الْمَسْجِدِ الْحَرَامِؕ-وَ اتَّقُوا اللّٰهَ وَ اعْلَمُوْۤا اَنَّ اللّٰهَ شَدِیْدُ الْعِقَابِ۠(۱۹۶)
اور حج اور عمرہ اللہ کے لئے پورا کرو (ف۳۶۲) پھر اگر تم روکے جاؤ (ف۳۶۳) تو قربانی بھیجو جو میسر آئے (ف۳۶۴) اور اپنے سر نہ منڈاؤ جب تک قربانی اپنے ٹھکانے نہ پہنچ جائے (ف۳۶۵) پھر جو تم میں بیمار ہو یا اس کے سر میں کچھ تکلیف ہے (ف۳۶۶) تو بدلے دے روزے (ف۳۶۷) یا خیرات (ف۳۶۸) یا قربانی، پھر جب تم اطمینان سے ہو تو جو حج سے عمرہ ملانے کا فائدہ اٹھائے (ف۳۶۹) اس پر قربانی ہے جیسی میسر آئے (ف۳۷۰) پھر جسے مقدور نہ ہو تو تین روزے حج کے دنوں میں رکھے (ف۳۷۱) اور سات جب اپنے گھر پلٹ کر جاؤ یہ پورے دس ہوئے یہ حکم اس کے لئے ہے جو مکہ کا رہنے والا نہ ہو (ف۳۷۲) اور اللہ سے ڈرتے رہو اور جان رکھو کہ اللہ کا عذاب سخت ہے،

يستدل بقوله [تعالى]: وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ على أمور: أحدها: وجوب الحج والعمرة, وفرضيتهما. الثاني: وجوب إتمامهما بأركانهما, وواجباتهما, التي قد دل عليها فعل النبي صلى الله عليه وسلم وقوله: " خذوا عني مناسككم " الثالث: أن فيه حجة لمن قال بوجوب العمرة. الرابع: أن الحج والعمرة يجب إتمامهما بالشروع فيهما, ولو كانا نفلا. الخامس: الأمر بإتقانهما وإحسانهما, وهذا قدر زائد على فعل ما يلزم لهما. السادس: وفيه الأمر بإخلاصهما لله تعالى. السابع: أنه لا يخرج المحرم بهما بشيء من الأشياء حتى يكملهما, إلا بما استثناه الله, وهو الحصر, فلهذا قال: فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ أي: منعتم من الوصول إلى البيت لتكميلهما, بمرض, أو ضلالة, أو عدو, ونحو ذلك من أنواع الحصر, الذي هو المنع. فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ أي: فاذبحوا ما استيسر من الهدي, وهو سبع بدنة, أو سبع بقرة, أو شاة يذبحها المحصر, ويحلق ويحل من إحرامه بسبب الحصر كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه, لما صدهم المشركون عام الحديبية، فإن لم يجد الهدي, فليصم بدله عشرة أيام كما في المتمتع ثم يحل. ثم قال تعالى: وَلَا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ وهذا من محظورات الإحرام, إزالة الشعر, بحلق أو غيره, لأن المعنى واحد من الرأس, أو من البدن, لأن المقصود من ذلك, حصول الشعث والمنع من الترفه بإزالته, وهو موجود في بقية الشعر. وقاس كثير من العلماء على إزالة الشعر, تقليم الأظفار بجامع الترفه، ويستمر المنع مما ذكر, حتى يبلغ الهدي محله, وهو يوم النحر، والأفضل أن يكون الحلق بعد النحر, كما تدل عليه الآية. ويستدل بهذه الآية على أن المتمتع إذا ساق الهدي, لم يتحلل من عمرته قبل يوم النحر، فإذا طاف وسعى للعمرة, أحرم بالحج, ولم يكن له إحلال بسبب سوق الهدي، وإنما منع تبارك وتعالى من ذلك, لما فيه من الذل والخضوع لله والانكسار له, والتواضع الذي هو عين مصلحة العبد, وليس عليه في ذلك من ضرر، فإذا حصل الضرر بأن كان به أذى من مرض, ينتفع بحلق رأسه له, أو قروح, أو قمل ونحو ذلك فإنه يحل له أن يحلق رأسه, ولكن يكون عليه فدية من صيام ثلاثة أيام, أو صدقة على ستة مساكين أو نسك ما يجزئ في أضحية, فهو مخير، والنسك أفضل, فالصدقة, فالصيام. ومثل هذا, كل ما كان في معنى ذلك, من تقليم الأظفار, أو تغطية الرأس, أو لبس المخيط, أو الطيب, فإنه يجوز عند الضرورة, مع وجوب الفدية المذكورة لأن القصد من الجميع, إزالة ما به يترفه. ثم قال تعالى: فَإِذَا أَمِنْتُمْ أي: بأن قدرتم على البيت من غير مانع عدو وغيره، فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ بأن توصل بها إليه, وانتفع بتمتعه بعد الفراغ منها. فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ أي: فعليه ما تيسر من الهدي, وهو ما يجزئ في أضحية، وهذا دم نسك, مقابلة لحصول النسكين له في سفرة واحدة, ولإنعام الله عليه بحصول الانتفاع بالمتعة بعد فراغ العمرة, وقبل الشروع في الحج، ومثلها القِران لحصول النسكين له. ويدل مفهوم الآية, على أن المفرد للحج, ليس عليه هدي، ودلت الآية, على جواز, بل فضيلة المتعة, وعلى جواز فعلها في أشهر الحج. فَمَنْ لَمْ يَجِدْ أي الهدي أو ثمنه فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ أول جوازها من حين الإحرام بالعمرة, وآخرها ثلاثة أيام بعد النحر, أيام رمي الجمار, والمبيت ب "منى" ولكن الأفضل منها, أن يصوم السابع, والثامن, والتاسع، وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ أي: فرغتم من أعمال الحج, فيجوز فعلها في مكة, وفي الطريق, وعند وصوله إلى أهله. ذَلِكَ المذكور من وجوب الهدي على المتمتع لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ بأن كان عند مسافة قصر فأكثر, أو بعيدا عنه عرفات, فهذا الذي يجب عليه الهدي, لحصول النسكين له في سفر واحد، وأما من كان أهله من حاضري المسجد الحرام, فليس عليه هدي لعدم الموجب لذلك. وَاتَّقُوا اللَّهَ أي: في جميع أموركم, بامتثال أوامره, واجتناب نواهيه، ومن ذلك, امتثالكم, لهذه المأمورات, واجتناب هذه المحظورات المذكورة في هذه الآية. وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ أي: لمن عصاه, وهذا هو الموجب للتقوى, فإن من خاف عقاب الله, انكف عما يوجب العقاب، كما أن من رجا ثواب الله عمل لما يوصله إلى الثواب، وأما من لم يخف العقاب, ولم يرج الثواب, اقتحم المحارم, وتجرأ على ترك الواجبات
2:197
اَلْحَجُّ اَشْهُرٌ مَّعْلُوْمٰتٌۚ-فَمَنْ فَرَضَ فِیْهِنَّ الْحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَ لَا فُسُوْقَۙ-وَ لَا جِدَالَ فِی الْحَجِّؕ-وَ مَا تَفْعَلُوْا مِنْ خَیْرٍ یَّعْلَمْهُ اللّٰهُ ﳳ-وَ تَزَوَّدُوْا فَاِنَّ خَیْرَ الزَّادِ التَّقْوٰى٘-وَ اتَّقُوْنِ یٰۤاُولِی الْاَلْبَابِ(۱۹۷)
حج کے کئی مہینہ ہیں جانے ہوئے (ف۳۷۳) تو جو ان میں حج کی نیت کرے (ف۳۷۴) تو نہ عورتوں کے سامنے صحبت کا تذکرہ ہو نہ کوئی گناہ، نہ کسی سے جھگڑا (ف۳۷۵) حج کے وقت تک اور تم جو بھلائی کرو اللہ اسے جانتا ہے (ف۳۷۶) اور توشہ ساتھ لو کہ سب سے بہتر توشہ پرہیزگاری ہے (ف۳۷۷) اور مجھ سے ڈرتے رہو اے عقل والو، ف۳۷۸)

يخبر تعالى أن الْحَجَّ واقع في أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ عند المخاطبين, مشهورات, بحيث لا تحتاج إلى تخصيص، كما احتاج الصيام إلى تعيين شهره, وكما بين تعالى أوقات الصلوات الخمس. وأما الحج فقد كان من ملة إبراهيم, التي لم تزل مستمرة في ذريته معروفة بينهم. والمراد بالأشهر المعلومات عند جمهور العلماء: شوال, وذو القعدة, وعشر من ذي الحجة, فهي التي يقع فيها الإحرام بالحج غالبا. فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ أي: أحرم به, لأن الشروع فيه يصيره فرضا, ولو كان نفلا. واستدل بهذه الآية الشافعي ومن تابعه, على أنه لا يجوز الإحرام بالحج قبل أشهره، قلت لو قيل: إن فيها دلالة لقول الجمهور, بصحة الإحرام [بالحج] قبل أشهره لكان قريبا، فإن قوله: فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ دليل على أن الفرض قد يقع في الأشهر المذكورة وقد لا يقع فيها, وإلا لم يقيده. وقوله: فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ أي: يجب أن تعظموا الإحرام بالحج, وخصوصا الواقع في أشهره, وتصونوه عن كل ما يفسده أو ينقصه, من الرفث وهو الجماع ومقدماته الفعلية والقولية, خصوصا عند النساء بحضرتهن. والفسوق وهو: جميع المعاصي, ومنها محظورات الإحرام. والجدال وهو: المماراة والمنازعة والمخاصمة, لكونها تثير الشر, وتوقع العداوة. والمقصود من الحج, الذل والانكسار لله, والتقرب إليه بما أمكن من القربات, والتنزه عن مقارفة السيئات, فإنه بذلك يكون مبرورا والمبرور, ليس له جزاء إلا الجنة، وهذه الأشياء وإن كانت ممنوعة في كل مكان وزمان, فإنها يتغلظ المنع عنها في الحج. واعلم أنه لا يتم التقرب إلى الله بترك المعاصي حتى يفعل الأوامر، ولهذا قال تعالى: وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللَّهُ أتى ب " من " لتنصيص على العموم، فكل خير وقربة وعبادة, داخل في ذلك، أي: فإن الله به عليم, وهذا يتضمن غاية الحث على أفعال الخير, وخصوصا في تلك البقاع الشريفة والحرمات المنيفة, فإنه ينبغي تدارك ما أمكن تداركه فيها, من صلاة, وصيام, وصدقة, وطواف, وإحسان قولي وفعلي. ثم أمر تعالى بالتزود لهذا السفر المبارك, فإن التزود فيه الاستغناء عن المخلوقين, والكف عن أموالهم, سؤالا واستشرافا، وفي الإكثار منه نفع وإعانة للمسافرين, وزيادة قربة لرب العالمين، وهذا الزاد الذي المراد منه إقامة البنية بلغة ومتاع. وأما الزاد الحقيقي المستمر نفعه لصاحبه, في دنياه, وأخراه, فهو زاد التقوى الذي هو زاد إلى دار القرار, وهو الموصل لأكمل لذة, وأجل نعيم دائم أبدا، ومن ترك هذا الزاد, فهو المنقطع به الذي هو عرضة لكل شر, وممنوع من الوصول إلى دار المتقين. فهذا مدح للتقوى. ثم أمر بها أولي الألباب فقال: وَاتَّقُونِ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ أي: يا أهل العقول الرزينة, اتقوا ربكم الذي تقواه أعظم ما تأمر به العقول, وتركها دليل على الجهل, وفساد الرأي
2:198
لَیْسَ عَلَیْكُمْ جُنَاحٌ اَنْ تَبْتَغُوْا فَضْلًا مِّنْ رَّبِّكُمْؕ-فَاِذَاۤ اَفَضْتُمْ مِّنْ عَرَفٰتٍ فَاذْكُرُوا اللّٰهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ۪-وَ اذْكُرُوْهُ كَمَا هَدٰىكُمْۚ-وَ اِنْ كُنْتُمْ مِّنْ قَبْلِهٖ لَمِنَ الضَّآلِّیْنَ(۱۹۸)
تم پر کچھ گناہ نہیں (ف۳۷۹) کہ اپنے رب کا فضل تلاش کرو، تو جب عرفات سے پلٹو (ف۳۸۰) تو اللہ کی یاد کرو (ف۳۸۱) مشعر حرام کے پاس (ف۳۸۲) اور اس کا ذکر کرو جیسے اس نے تمہیں ہدایت فرمائی اور بیشک اس سے پہلے تم بہکے ہوئے تھے، ف۳۸۳)

لما أمر تعالى بالتقوى, أخبر تعالى أن ابتغاء فضل الله بالتكسب في مواسم الحج وغيره, ليس فيه حرج إذا لم يشغل عما يجب إذا كان المقصود هو الحج, وكان الكسب حلالا منسوبا إلى فضل الله, لا منسوبا إلى حذق العبد, والوقوف مع السبب, ونسيان المسبب, فإن هذا هو الحرج بعينه. وفي قوله: فَإِذَا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ دلالة على أمور: أحدها: الوقوف بعرفة, وأنه كان معروفا أنه ركن من أركان الحج، فالإفاضة من عرفات, لا تكون إلا بعد الوقوف. الثاني: الأمر بذكر الله عند المشعر الحرام, وهو المزدلفة, وذلك أيضا معروف, يكون ليلة النحر بائتا بها, وبعد صلاة الفجر, يقف في المزدلفة داعيا, حتى يسفر جدا, ويدخل في ذكر الله عنده, إيقاع الفرائض والنوافل فيه. الثالث: أن الوقوف بمزدلفة, متأخر عن الوقوف بعرفة, كما تدل عليه الفاء والترتيب. الرابع, والخامس: أن عرفات ومزدلفة, كلاهما من مشاعر الحج المقصود فعلها, وإظهارها. السادس: أن مزدلفة في الحرم, كما قيده بالحرام. السابع: أن عرفة في الحل, كما هو مفهوم التقييد ب " مزدلفة " وَاذْكُرُوهُ كَمَا هَدَاكُمْ وَإِنْ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الضَّالِّينَ أي: اذكروا الله تعالى كما منّ عليكم بالهداية بعد الضلال, وكما علمكم ما لم تكونوا تعلمون، فهذه من أكبر النعم, التي يجب شكرها ومقابلتها بذكر المنعم بالقلب واللسان.
2:199
ثُمَّ اَفِیْضُوْا مِنْ حَیْثُ اَفَاضَ النَّاسُ وَ اسْتَغْفِرُوا اللّٰهَؕ-اِنَّ اللّٰهَ غَفُوْرٌ رَّحِیْمٌ(۱۹۹)
پھر بات یہ ہے کہ اے قریشیو! تم بھی وہیں سے پلٹو جہاں سے لوگ پلٹتے ہیں (ف۳۸۴) اور اللہ سے معافی مانگو، بیشک اللہ بخشنے والا مہربان ہے،

ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ أي: ثم أفيضوا من مزدلفة من حيث أفاض الناس, من لدن إبراهيم عليه السلام إلى الآن، والمقصود من هذه الإفاضة كان معروفا عندهم, وهو رمي الجمار, وذبح الهدايا, والطواف, والسعي, والمبيت ب " منى " ليالي التشريق وتكميل باقي المناسك. ولما كانت [هذه] الإفاضة, يقصد بها ما ذكر, والمذكورات آخر المناسك, أمر تعالى عند الفراغ منها باستغفاره والإكثار من ذكره، فالاستغفار للخلل الواقع من العبد, في أداء عبادته وتقصيره فيها، وذكر الله شكر الله على إنعامه عليه بالتوفيق لهذه العبادة العظيمة والمنة الجسيمة. وهكذا ينبغي للعبد, كلما فرغ من عبادة, أن يستغفر الله عن التقصير, ويشكره على التوفيق, لا كمن يرى أنه قد أكمل العبادة, ومن بها على ربه, وجعلت له محلا ومنزلة رفيعة, فهذا حقيق بالمقت, ورد الفعل، كما أن الأول, حقيق بالقبول والتوفيق لأعمال أخر.
2:200
فَاِذَا قَضَیْتُمْ مَّنَاسِكَكُمْ فَاذْكُرُوا اللّٰهَ كَذِكْرِكُمْ اٰبَآءَكُمْ اَوْ اَشَدَّ ذِكْرًاؕ-فَمِنَ النَّاسِ مَنْ یَّقُوْلُ رَبَّنَاۤ اٰتِنَا فِی الدُّنْیَا وَ مَا لَهٗ فِی الْاٰخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ(۲۰۰)
پھر جب اپنے حج کے کام پورے کرچکو (ف۳۸۵) تو اللہ کا ذکر کرو جیسے اپنے باپ دادا کا ذکر کرتے تھے (ف۳۸۶) بلکہ اس سے زیادہ اور کوئی آدمی یوں کہتا ہے کہ اے رب ہمارے ہمیں دنیا میں دے اور آخرت میں اس کا کچھ حصہ نہیں،

ثم أخبر تعالى عن أحوال الخلق, وأن الجميع يسألونه مطالبهم, ويستدفعونه ما يضرهم, ولكن مقاصدهم تختلف، فمنهم: مَنْ يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا أي: يسأله من مطالب الدنيا ما هو من شهواته, وليس له في الآخرة من نصيب, لرغبته عنها, وقصر همته على الدنيا، ومنهم من يدعو الله لمصلحة الدارين, ويفتقر إليه في مهمات دينه ودنياه، وكل من هؤلاء وهؤلاء, لهم نصيب من كسبهم وعملهم, وسيجازيهم تعالى على حسب أعمالهم, وهماتهم ونياتهم, جزاء دائرا بين العدل والفضل, يحمد عليه أكمل حمد وأتمه، وفي هذه الآية دليل على أن الله يجيب دعوة كل داع, مسلما أو كافرا, أو فاسقا، ولكن ليست إجابته دعاء من دعاه, دليلا على محبته له وقربه منه, إلا في مطالب الآخرة ومهمات الدين. والحسنة المطلوبة في الدنيا يدخل فيها كل ما يحسن وقعه عند العبد, من رزق هنيء واسع حلال, وزوجة صالحة, وولد تقر به العين, وراحة, وعلم نافع, وعمل صالح, ونحو ذلك, من المطالب المحبوبة والمباحة. وحسنة الآخرة, هي السلامة من العقوبات, في القبر, والموقف, والنار, وحصول رضا الله, والفوز بالنعيم المقيم, والقرب من الرب الرحيم، فصار هذا الدعاء, أجمع دعاء وأكمله, وأولاه بالإيثار, ولهذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يكثر من الدعاء به, والحث عليه.
  FONT
  THEME
  TRANSLATION
  • English | Ahmed Ali
  • Urdu | Ahmed Raza Khan
  • Turkish | Ali-Bulaç
  • German | Bubenheim Elyas
  • Chinese | Chineese
  • Spanish | Cortes
  • Dutch | Dutch
  • Portuguese | El-Hayek
  • English | English
  • Urdu | Fateh Muhammad Jalandhry
  • French | French
  • Hausa | Hausa
  • Indonesian | Indonesian-Bahasa
  • Italian | Italian
  • Korean | Korean
  • Malay | Malay
  • Russian | Russian
  • Tamil | Tamil
  • Thai | Thai
  • Farsi | مکارم شیرازی
  TAFSEER
  • العربية | التفسير الميسر
  • العربية | تفسير الجلالين
  • العربية | تفسير السعدي
  • العربية | تفسير ابن كثير
  • العربية | تفسير الوسيط لطنطاوي
  • العربية | تفسير البغوي
  • العربية | تفسير القرطبي
  • العربية | تفسير الطبري
  • English | Arberry
  • English | Yusuf Ali
  • Dutch | Keyzer
  • Dutch | Leemhuis
  • Dutch | Siregar
  • Urdu | Sirat ul Jinan
  HELP

اَلْبَقَرَة
اَلْبَقَرَة
  00:00



Download

اَلْبَقَرَة
اَلْبَقَرَة
  00:00



Download