READ

Surah Al-Anbiyaa

اَلْاَ نْبِيَآء
112 Ayaat    مکیۃ


21:0
بِسْمِ اللّٰهِ الرَّحْمٰنِ الرَّحِیْمِ
اللہ کے نام سے شروع جو بہت مہربان رحمت والا

سورة الفاتحة هي السورة الوحيدة التي أمر الإسلام أتباعه أن يقرءوها في كل صلاة. وفي جميع الركعات، وفي كل الأوقات، ولهذا أصبح حفظها ميسورا لكل مؤمن.وهذه السورة على صغر حجمها، وقلة آياتها، قد اشتملت بوجه إجمالي على مقاصد الدين من توحيد، وتعبد، وأحكام، ووعد ووعيد.ونرى من الخير قبل أن نبدأ في تفسيرها بالتفصيل، أن نمهد لذلك بالكلام عما يأتي:أولا: متى نزلت سورة الفاتحة؟للإجابة على هذا السؤال نقول: إن الرأي الراجح بين المحققين من العلماء أنها نزلت بمكة، بل هي من أوائل ما نزل من القرآن بمكة.وقيل: إنها مدنية. وقيل: إنها نزلت مرتين مرة بمكة حين فرضت الصلاة ومرة بالمدينة حين حولت القبلة.قال القرطبي: الأول أصح لقوله- تعالى- في سورة الحجر: وَلَقَدْ آتَيْناكَ سَبْعاً مِنَ الْمَثانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ وسورة الحجر مكية بالإجماع. ولا خلاف في أن فرض الصلاة كان بمكة، وما حفظ أنه لم يكن في الإسلام قط صلاة بغير الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ «يدل على ذلك قوله صلّى الله عليه وسلّم: «لا صلاة إلا بفاتحة الكتاب» . وهذا خبر عن الحكم لا عن الابتداء» .ثانيا: عدد آياتها: وهي سبع آيات لقوله- تعالى-: وَلَقَدْ آتَيْناكَ سَبْعاً مِنَ الْمَثانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ. قال العلماء: السبع المثاني هي الفاتحة.وقال ابن كثير: هي سبع آيات بلا خلاف. وقال عمرو بن عبيد: هي ثماني آيات لأنه جعل إِيَّاكَ نَعْبُدُ آية. وقال حسين الجعفي: هي ست آيات وهذان القولان شاذان» .ثالثا: أسماؤها: لسورة الفاتحة أسماء كثيرة من أشهرها:1- «الفاتحة أو فاتحة الكتاب، وسميت بذلك لأنه تفتتح قراءة القرآن بها لفظا. وتفتتح بها الكتابة في المصحف خطا، وتفتتح بها الصلوات، وإن لم تكن هي أول ما نزل من القرآن. وقد اشتهرت بهذا الاسم في أيام النبوة.وقد أصبح هذا الاسم علما بالغلبة لتلك الطائفة من الآيات التي مبدؤها الْحَمْدُ لِلَّهِ..ونهايتها.. وَلَا الضَّالِّينَ.2- «أم القرآن أو الكتاب» وسميت بذلك لاشتمالها إجمالا على المقاصد التي ذكرت فيه تفصيلا، أو لاشتمالها على ما فيه من الثناء على الله بما هو أهله، والتعبد بأمره ونهيه، وبيان وعده ووعيده، أو على جملة معانيه من الحكم النظرية، والأحكام العملية التي هي سلوك الصراط المستقيم، والاطلاع على معارج السعداء ومنازل الأشقياء.قال ابن جرير: «والعرب تسمى كل أمر جامع أمّا، وكل مقدم له توابع تتبعه «أما» فتقول للجلدة التي تجمع الدماغ: «أم الرأس» . وتسمى لواء الجيش ورايتهم التي يجتمعون تحتها «أما» .3- «السبع المثاني» جمع مثنى كفعلي اسم مكان. أو مثنى- بالتشديد- من التثنية على غير قياس. وسميت بذلك لأنها سبع آيات في الصلاة، أى تكرر فيها أخرج الإمام أحمد، عن أبي هريرة، عن النبي صلّى الله عليه وسلّم أنه قال: «هي أم القرآن، وهي السبع المثاني، وهي القرآن العظيم» .4- وتسمى- أيضا- سورة «الحمد» . 5- و «الكنز» . 6- و «الواقية» .7- و «الشفاء» ، لحديث. هي الشفاء من كل داء.8- و «الكافية» لأنها تكفي عن سواها ولا يكفى سواها عنها.9- و «الأساس» . 10- و «الرقية» .هذا، وقد ذكر القرطبي للفاتحة اثنى عشر اسما، كما ذكر السيوطي لها في كتابه «الإتقان» خمسة وعشرين اسما.رابعا: فضلها: ورد في فضل سورة الفاتحة أحاديث كثيرة منها:ما رواه البخاري في صحيحه عن أبي سعيد بن المعلى- رضي الله عنه- قال:كنت أصلي في المسجد، فدعاني النبي صلّى الله عليه وسلّم فلم أجبه فقلت: يا رسول الله، إني كنت أصلّي.فقال: ألم يقل الله: اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذا دَعاكُمْ.ثم قال لي: «لأعلمنك سورة هي أعظم السور في القرآن قبل أن تخرج من المسجد» . ثم أخذ بيدي، فلما أراد أن يخرج، قلت: يا رسول الله. ألم تقل: لأعلمنك سورة هي أعظم سورة في القرآن. قال: الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ، هي السبع المثاني والقرآن العظيم الذي أوتيته» .وروى مسلّم والنسائي، عن ابن عباس، قال:بينما جبريل قاعد عند النبي صلّى الله عليه وسلّم سمع نقيضا من فوقه- أي: صوتا- فرفع رأسه فقال:هذا باب من السماء فتح اليوم لم يفتح قط إلا اليوم. فسلّم وقال: أبشر بنورين قد أوتيتهما، ولم يؤتهما نبي قبلك: فاتحة الكتاب، وخواتيم سورة البقرة، لم تقرأ بحرف منهما إلا أعطيته» .وروى مسلّم عن أبي هريرة- رضي الله عنه- عن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال:«من صلّى صلاة لم يقرأ فيها بأم القرآن فهي خداج (ثلاثا) : غير تمام» فقيل لأبي هريرة: إنا نكون وراء الإمام؟ فقال: اقرأ بها في نفسك فإني سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول: قال الله- تعالى-: «قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين، ولعبدي ما سأل» ، فإذا قال العبد:الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ. قال الله: حمدني عبدي، وإذا قال: الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ. قال الله تعالى: أثنى علي عبدي. وإذا قال: مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ قال الله: مجدني عبدي. فإذا قال:إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ. قال الله: هذا بيني وبين عبدي ولعبدي ما سأل. فإذا قال:اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ. صِراطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ.قال الله: «هذا لعبدي ولعبدي ما سأل» .وأخرج الإمام أحمد في مسنده، عن عبد الله بن جابر، أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال له: ألا أخبرك بأخير سورة في القرآن؟ قلت: بلى يا رسول الله. قال: اقرأ: الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ حتى تختمها .تلك هي بعض الأحاديث التي وردت في فضل هذه السورة الكريمة.وقد ذكر العلماء أنه يسن للمسلّم قبل القراءة أن يستعيذ بالله من الشيطان الرجيم، استجابة لقوله- تعالى- فَإِذا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطانِ الرَّجِيمِ .ومعنى «أعوذ بالله من الشيطان الرجيم» : ألتجئ إلى الله وأتحصن به، واستجير بجنابه من الشيطان الرجيم أن يضرني في ديني أو دنياي.قال ابن كثير: «والشيطان في لغة العرب كل متمرد من الجن والإنس والدواب وكل شيء.وهو مشتق من شطن إذا بعد، فهو بعيد بطبعه عن طباع الشر، وبعيد بفسقه عن كل خير.وقيل: مشتق من شاط لأنه مخلوق من نار. والأول أصح إذ عليه يدل كلام العرب، فهم:يقولون تشيطن فلان إذا فعل أفعال الشيطان، ولو كان من شاط. لقالوا: تشيط، فالشيطان مشتق من البعد على الصحيح» .والرجيم: فعيل بمعنى مفعول أي أنه مرجوم مطرود من رحمة الله ومن كل خير، وقيل:رجيم بمعنى راجم لأنه يرجم الناس بالوساوس والشكوك.قال بعض العلماء: «وإنما خصت القراءة بطلب الاستعاذة مع أنه قد أمر بها على وجه العموم في جميع الشئون، لأن القرآن مصدر الهداية والشيطان مصدر الضلال، فهو يقف للإنسان بالمرصاد في هذا الشأن على وجه خاص، فيثير أمامه ألوانا من الشكوك فيما يقرأ، وفيما يفيد من قراءته، وفيما يقصد بها، فيفوت عليه الانتفاع بهدى الله وآياته، فعلمنا الله أن نتقي ذلك كله بهذه الاستعاذة التي هي في الواقع عنوان صدق، وتعبير حق، عن امتلاء قلب المؤمن بمعنى اللجوء إلى الله، وقوة عزيمته في طرد الوساوس والشكوك، واستقبال الهداية بقلب طاهر،وعقل واع، وإيمان ثابت» .قال القرطبي: وقد أجمع العلماء على أن التعوذ ليس من القرآن ولا آية منه، وهو قول القارئ: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم .والآن وبعد هذا التمهيد الموجز الذي تكلمنا فيه عن نزول سورة الفاتحة، وعن عدد آياتها، وعن أشهر أسمائها، وعن بعض الأحاديث التي وردت في فضلها نحب أن نبدأ في تفسير السورة الكريمة فنقول- وبالله التوفيق-: بسم ٱلله الرَّحْمٰنِ الرَّحِيمِ الاسم: اللفظ الذى يدل على ذات أو معنى. وقد اختلف النحويون في اشتقاقه على وجهين، فقال البصريون: هو مشتق من السمو، وهو العلو والرفعة، فقيل: اسم، لأن صاحبه بمنزلة المرتفع به.وقال الكوفيون: إنه مشتق من السمة وهي العلامة، لأن الاسم علامة لمن وضع له، فأصل اسم على هذا " وسم ".ويرى المحققون أن رأي البصريين أرجح، لأنه يقال في تصغير " اسم " سُمىَ، وفي جمعه أسماء، والتصغير والجمع يردان الأشياء إلى أصولها. ولو كان أصله وسم - كما قال الكوفيون - لقيل في جمعه: أوسام، وفي تصغيره وسيم.ولفظ الجلالة وهو " الله " علم على ذات الخالق - عز وجل - تفرد به - سبحانه - ولا يطلق على غيره، ولا يشاركه فيه أحد.قال القرطبي: قوله " الله " هذا الاسم أكبر أسمائه - سبحانه - وأجمعها حتى قال بعض العلماء: إنه اسم الله الأعظم ولم يتسم به غيره، ولذلك لم يثن ولم يجمع: فالله اسم للموجود الحق الجامع لصفات الإِلهية، المنعوت بنعوت الربوبيه، المنفرد بالوجود الحقيقي، لا إله إلا هو - سبحانه -و ٱلرَّحْمٰنِ ٱلرَّحِيمِ صفتان مشتقتان من الرحمة. والرحمة في أصل اللغة: رقة في القلب تقتضي الإِحسان، وهذا المعنى لا يليق أن يكون وصفاً لله - تعالى-، ولذا فسرها بعض العلماء بإرادة الإِحسان. وفسرها آخرون بالإِحسان نفسه.والموافق لمذهب السلف أن يقال: هي صفة قائمة بذاته - تعالى - لا نعرف حقيقتها، وإنما نعرف أثرها الذي هو الإِحسان.وقد كثرت أقوال المفسرين في العلاقة بين هاتين الصفتين، فبعضهم يرى أن ٱلرَّحْمٰنِ هو المنعم على جميع الخلق. وأن ٱلرَّحِيمِ هو المنعم على المؤمنين خاصه. ويرى آخرون أن ٱلرَّحْمٰنِ هو المنعم بجلائل النعم، وأن ٱلرَّحِيمِ هو المنعم بدقائقها.ويرى فريق ثالث أن الوصفين بمعنى واحد وأن الثاني منهما تأكيد للأول. والذى يراه المحققون من العلماء أن الصفتين ليستا بمعنى واحد، بل روعي فب كل منهما معنى لم يراع في الآخر، فالرحمن بمعنى عظيم الرحمة، لأن فعلان صيغة مبالغة في كثرة الشيء وعظمته، ويلزم منه الدوام كغضبان وسكران. والرحيم بمعنى دائم الرحمة، لأن صيغته فعيل تستعمل في الصفات الدائمة ككريم وظريف. فكأنه قيل: العظيم الرحمة الدائمة.أو أن ٱلرَّحْمٰنِ صفة ذاتية هي مبدأ الرحمة والإِحسان. و ٱلرَّحِيمِ صفة فعل تدل على وصول الرحمة والإِحسان وتعديهما إلى المنعم عليه.ولعل مما يؤيد ذلك أن لفظ الرحمن لم يذكر في القرآن إلا مجرى عليه الصفات كما هو الشأنِ في أسماء الذات. قال - تعالى-: ٱلرَّحْمَٰنُ عَلَّمَ ٱلْقُرْآنَ و ٱلرَّحْمَٰنُ عَلَى ٱلْعَرْشِ ٱسْتَوَىٰ قُلِ ٱدْعُواْ ٱللَّهَ أَوِ ٱدْعُواْ ٱلرَّحْمَٰنَ وهكذا...أما لفظ الرحيم فقد كثر في القرآن استعماله وصفاً فعلياً، وجاء في الغالب بأسلوب التعدية والتعلق بالمنعم عليه. قال - تعالى - إِنَّ ٱللَّهَ بِٱلنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَّحِيمٌ وَكَانَ بِٱلْمُؤْمِنِينَ رَحِيماً إِنَّهُ كَانَ بِكُمْ رَحِيماً إلخ.قال بعض العلماء " وهذا الرأي في نظرنا هو أقوى الآراء، فإن تخصيص أحد الوصفين بدقائق النعم أو ببعض المنعم عليهم لا دليل عليه، كما أنه ليس مستساغاً أن يقال في القرآن: إن كلمة ذكرت بعد أخرى لمجرد تأكيد المعنى المستفاد منها ".والجار والمجرور " بسم " متعلق بمحذوف تقديره ابتدئ.والمعنى: ابتدئ قراءتي متبركاً ومتيمناً باسم الله الذى هو الأول والآخر، والظاهر والباطن، والذى رحمته وسعت كل شيء، وأتبرأ مما كان يفعله المشركون والضالون، من ابتدائهم قراءتهم وأفعالهم باسم اللات أو باسم العزى أو باسم غيرهما من الآلهة الباطلة.هذا وقد أجمع العلماء على أن البسملة جزء آية من سورة النمل فى قوله - تعالى - إِنَّهُ مِن سُلَيْمَانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ ٱللَّهِ ٱلرَّحْمَٰنِ ٱلرَّحِيمِ ثم اختلفوا بعد ذلك في كونها آية مستقلة أنزلت للفصل بين السور مرة واحدة، أو هى آية من سورة الفاتحة ومن كل سورة ألخ.فبعضهم يرى أن البسملة آية من الفاتحة ومن كل سورة، ومن حججهم أن السلف قد أثبتوها في المصحف مع الأمر بتجريد القرآن مما ليس منه، ولذا لم يكتبوا " آمين ". فثبت بهذا أن البسملة جزء من الفاتحة ومن كل سورة.وبهذا الرأي قال ابن عباس وابن عمر وأبو هريرة وسعيد بن جبير والشافعي، وأحمد في أحد قوليه.ويرى آخرون أن البسملة ليست آية من الفاتحة ولا من غيرها من السور، وقالوا: إنها آية فذة. من القرآن أنزلت للفصل والتبرك للابتداء بها، ومن حججهم أنها لو كانت آية من الفاتحة ومن كل سورة، لما اختلف الناس في ذلك، ولما اضطربت أقوالهم في كونها آية من كل سورة أو من الفاتحة فقط.وكما وقع الخلاف بين العلماء في كونها آية مستقلة أو آية من كل سورة، فقد وقع الخلاف بينهم - أيضاً - في وجوب قراءتها فى الصلاة، وفي الجهر بها أو الإِسرار إذا قرئت.وتحقيق القول في ذلك مرجعه إلى كتب الفقه، وإلى كتب التفسير التي عنيت بتفسير آيات الأحكام.
21:1
اِقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ وَ هُمْ فِیْ غَفْلَةٍ مُّعْرِضُوْنَۚ(۱)
لوگوں کا حساب نزدیک اور وہ غفلت میں منہ پھیرے ہیں (ف۲)

تمهيد بين يدي السورة1- سورة الأنبياء، من السور المكية. وعدد آياتها اثنتا عشرة ومائة عند الكوفيين.وعند غيرهم إحدى عشرة آية ومائة. وكان نزولها بعد سورة إبراهيم.قال الآلوسى: وهي سورة عظيمة، فيها موعظة فخيمة، فقد أخرج ابن مردويه وأبو نعيم في الحلية، وابن عساكر، عن عامر بن ربيعة أنه نزل به رجل من العرب فأكرمه عامر، وكلم فيه رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فجاءه الرجل فقال: إنى استقطعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم واديا ما في العرب واد أفضل منه. وقد أردت أن أقطع لك منه قطعة تكون لك ولعقبك من بعدك.فقال عامر: لا حاجة لي في ذلك، فقد نزلت اليوم سورة أذهلتنا عن الدنيا.ثم قرأ: اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مُعْرِضُونَ.. .2- وعند ما نقرأ هذه السورة الكريمة بتدبر وتأمل، نراها في مطلعها تسوق لنا ما يهز القلوب، ويحملها على الاستعداد لاستقبال يوم القيامة بالإيمان والعمل الصالح، ويزجرها عن الغفلة والإعراض.قال- تعالى-: اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مُعْرِضُونَ. ما يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنْ رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ إِلَّا اسْتَمَعُوهُ وَهُمْ يَلْعَبُونَ ...3- ثم تحكى السورة بعد ذلك ألوانا من الشبهات التي أثارها المشركون حول الرسول صلّى الله عليه وسلّم وحول دعوته، وردت عليهم بما يبطل شبهاتهم وأقوالهم، فقال- تعالى-: بَلْ قالُوا أَضْغاثُ أَحْلامٍ بَلِ افْتَراهُ، بَلْ هُوَ شاعِرٌ، فَلْيَأْتِنا بِآيَةٍ كَما أُرْسِلَ الْأَوَّلُونَ ما آمَنَتْ قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْناها أَفَهُمْ يُؤْمِنُونَ وَما أَرْسَلْنا قَبْلَكَ إِلَّا رِجالًا نُوحِي إِلَيْهِمْ فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ وَما جَعَلْناهُمْ جَسَداً لا يَأْكُلُونَ الطَّعامَ وَما كانُوا خالِدِينَ.4- ثم ساقت السورة الكريمة بعد ذلك ادلة متعددة على وحدانية الله- تعالى- وعلى شمول قدرته. منها قوله- عز وجل-: أَمِ اتَّخَذُوا آلِهَةً مِنَ الْأَرْضِ هُمْ يُنْشِرُونَ لَوْ كانَ فِيهِما آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتا فَسُبْحانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ لا يُسْئَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْئَلُونَ.وقوله- سبحانه-: أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ كانَتا رَتْقاً فَفَتَقْناهُما، وَجَعَلْنا مِنَ الْماءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلا يُؤْمِنُونَ وَجَعَلْنا فِي الْأَرْضِ رَواسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِهِمْ وَجَعَلْنا فِيها فِجاجاً سُبُلًا لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ وَجَعَلْنَا السَّماءَ سَقْفاً مَحْفُوظاً وَهُمْ عَنْ آياتِها مُعْرِضُونَ.5- وبعد أن ذكرت السورة ألوانا من نعم الله على خلقه، وحكت جانبا من تصرفات المشركين السيئة مع النبي صلّى الله عليه وسلّم أتبعت ذلك بتسليته صلّى الله عليه وسلّم عما قالوه في شأنه.قال- تعالى-: وَلَقَدِ اسْتُهْزِئَ بِرُسُلٍ مِنْ قَبْلِكَ فَحاقَ بِالَّذِينَ سَخِرُوا مِنْهُمْ ما كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ.6- ثم عرضت السورة الكريمة جانبا من قصص بعض الأنبياء، تارة على سبيل الإجمال، وتارة بشيء من التفصيل، فتحدثت عن موسى وهارون، وعن إبراهيم ولوط، وعن إسحاق ويعقوب، وعن نوح وأيوب، وعن داود وسليمان، وعن إسماعيل وإدريس، وعن يونس وزكريا.وفي نهاية حديثها عنهم- صلوات الله وسلامه عليهم- عقبت بالمقصود الأساسى من رسالتهم، وهو دعوة الناس جميعا إلى إخلاص العبادة لله- تعالى-، وأنهم جميعا قد جاءوا برسالة واحدة في جوهرها، فقال- تعالى-: إِنَّ هذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً واحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ.7- ثم تحدثت في أواخرها عن أشراط الساعة، وعن أهوالها، وعن أحوال الناس فيها.قال- تعالى-: حَتَّى إِذا فُتِحَتْ يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ وَهُمْ مِنْ كُلِّ حَدَبٍ يَنْسِلُونَ وَاقْتَرَبَ الْوَعْدُ الْحَقُّ فَإِذا هِيَ شاخِصَةٌ أَبْصارُ الَّذِينَ كَفَرُوا، يا وَيْلَنا قَدْ كُنَّا فِي غَفْلَةٍ مِنْ هذا بَلْ كُنَّا ظالِمِينَ.8- ثم ختم- سبحانه- سورة الأنبياء بالحديث عن سنة من سننه التي لا تتخلف، وعن رسالة نبيه صلّى الله عليه وسلّم وعن موقفه من أعدائه، فقال- تعالى-:وَلَقَدْ كَتَبْنا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُها عِبادِيَ الصَّالِحُونَ إِنَّ فِي هذا لَبَلاغاً لِقَوْمٍ عابِدِينَ وَما أَرْسَلْناكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعالَمِينَ قُلْ إِنَّما يُوحى إِلَيَّ أَنَّما إِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ فَهَلْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُلْ آذَنْتُكُمْ عَلى سَواءٍ، وَإِنْ أَدْرِي أَقَرِيبٌ أَمْ بَعِيدٌ ما تُوعَدُونَ إِنَّهُ يَعْلَمُ الْجَهْرَ مِنَ الْقَوْلِ وَيَعْلَمُ ما تَكْتُمُونَ وَإِنْ أَدْرِي لَعَلَّهُ فِتْنَةٌ لَكُمْ وَمَتاعٌ إِلى حِينٍ قالَ رَبِّ احْكُمْ بِالْحَقِّ وَرَبُّنَا الرَّحْمنُ الْمُسْتَعانُ عَلى ما تَصِفُونَ.وبعد: فهذا عرض إجمالى لسورة الأنبياء، ومنه نرى أنها قد أقامت ألوانا من الأدلة على وحدانية الله- تعالى-، وعلى صدق الرسول صلّى الله عليه وسلّم فيما يبلغه عن ربه، وعلى أن يوم القيامة حق ...كما حكت شبهات المشركين وردت عليها بما يبطلها، كما ساقت نماذج متعددة من قصص الأنبياء- عليهم الصلاة والسلام.ونسأل الله- تعالى- أن يجعل هذا العمل خالصا لوجهه الكريم. وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.قوله - سبحانه - : ( اقترب ) من القرب الذى هو ضد البعد .والمعنى : قرب الزمن الذى يحاسب فيه الناس على أعمالهم فى الدنيا ، والحال أن الكافرين منهم فى غفلة تامة عن هذا الحساب ، وفى إعراض مستمر عن الاستعداد له بالإيمان والعمل الصالح .قال الإمام ابن كثير : هذا تنبيه من الله - عز وجل - على اقتراب الساعة ودنوها ، وأن الناس فى غفلة عنها ، أى لا يعملون لها ، ولا يستعدون من أجلها .قال - تعالى - : ( أتى أَمْرُ الله فَلاَ تَسْتَعْجِلُوهُ . . . ) وقال : ( اقتربت الساعة وانشق القمر وَإِن يَرَوْاْ آيَةً يُعْرِضُواْ وَيَقُولُواْ سِحْرٌ مُّسْتَمِرٌّ ) وعبر سبحانه - بالقرب مع أنه قد مضى على نزول هذه الآية وأمثالها أكثر من أربعة عشر قرنا ، لأن كل آت وإن طالت أوقات استقباله وترقبه ، قريب الوقوع ، ولأن ذلك الوقت وإن كان كبيرا فى عرف الناس ، إلا أنه عند الله - تعالى - قليل ، كما قال - سبحانه - : ( وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بالعذاب وَلَن يُخْلِفَ الله وَعْدَهُ وَإِنَّ يَوْماً عِندَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِّمَّا تَعُدُّونَ ) وقال - تعالى - : ( إِنَّهُمْ يَرَوْنَهُ بَعِيداً وَنَرَاهُ قَرِيباً ) وقال - تعالى - : ( اقترب لِلنَّاسِ . . . ) بلفظ العموم ، مع أن ما بعده من ألفاظ الغفلة والإعراض يشعر بأن المراد بهم الكافرون ، للتنبيه على أن الحساب سيشمل الجميع ، إلا أنه بالنسبة للكافرين سيكون حسابا عسيرا .قال صاحب الكشاف : وصفهم بالغفلة مع الإعراض ، على معنى : أنهم غافلون عن حسابهم ساهون لا يتفكرون فى عاقبتهم ، ولا يتفطنون لما ترجع إليه خاتمة أمرهم ، مع اقتضاء عقولهم أنه لا بد من جزاء للمحسن والمسىء . وإذا قرعت لهم العصا ، ونبهوا عن سنة الغفلة ، وفطنوا لذلك بما يتلى عليهم من الآيات والنذر ، أعرضوا وسدوا أسماعهم ونفروا .وفي التعبير عن اقتراب يوم القيامة باقتراب الحساب، زيادة في الترهيب والتخويف، وفي الحض على الاستعداد لهذا اليوم، لأنه يوم يحاسب فيه الناس على أعمالهم في الدنيا حسابا دقيقا، ولن تملك فيه نفس لنفس شيئا، وإنما يجازى فيه كل إنسان بحسب عمله.
21:2
مَا یَاْتِیْهِمْ مِّنْ ذِكْرٍ مِّنْ رَّبِّهِمْ مُّحْدَثٍ اِلَّا اسْتَمَعُوْهُ وَ هُمْ یَلْعَبُوْنَۙ(۲)
جب ان کے رب کے پاس سے انہیں کوئی نئی نصیحت آتی ہے تو اسے نہیں سنتے مگر کھیلتے ہوئے، (ف۳)

وقوله- سبحانه-: ما يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنْ رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ إِلَّا اسْتَمَعُوهُ وَهُمْ يَلْعَبُونَ بيان لمواقف هؤلاء الغافلين اللاهين ممن يذكرهم بأهوال ذلك اليوم.والمراد بالذكر: ما ينزل من آيات القرآن على النبي صلّى الله عليه وسلّم.والمراد بالمحدث: الحديث العهد بالنزول على النبي صلّى الله عليه وسلّم وهو صفة لذكر.أى: أن هؤلاء الغافلين المعرضين عن الاستعداد ليوم الحساب، لا يصل إلى أسماعهم شيء من القرآن الكريم، الذي أنزله الله- تعالى- على قلب نبيه صلّى الله عليه وسلّم آية فآية، أو سورة بعد سورة في أوقات متقاربة، إلا استمعوا إلى هذا القرآن المحدث تنزيله على الرسولصلّى الله عليه وسلّم وهم يلعبون، دون أن يحرك منهم عاطفة نحو الإيمان به، فهم لانطماس بصيرتهم، وقسوة قلوبهم، وجحود نفوسهم للحق، لا يتعظون ولا يعتبرون.وقوله: ما يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ.. يشعر بأن ما نزل من قرآن قد وصل إليهم دون أن يتعبوا أنفسهم في الحصول عليه، بل أتاهم وهم في أماكنهم بدون سعى إليه.وقوله ذِكْرٍ فاعل ومِنْ مزيدة للتأكيد.وقوله مِنْ رَبِّهِمْ متعلق بمحذوف صفة لذكر، ومِنْ لابتداء الغاية أى:ما يأتيهم من ذكر كائن من ربهم وخالقهم ورازقهم، في حال من الأحوال، إلا استمعوه وهم هازلون مستهترون.
21:3
لَاهِیَةً قُلُوْبُهُمْؕ-وَ اَسَرُّوا النَّجْوَى ﳓ الَّذِیْنَ ظَلَمُوْا ﳓ هَلْ هٰذَاۤ اِلَّا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْۚ-اَفَتَاْتُوْنَ السِّحْرَ وَ اَنْتُمْ تُبْصِرُوْنَ(۳)
ان کے دل کھیل میں پڑے ہیں (ف۴) اور ظالموں نے آپس میں خفیہ مشورت کی (ف۵) کہ یہ کون ہیں ایک تم ہی جیسے آدمی تو ہیں (ف۶) کیا جادو کے پاس جاتے ہو دیکھ بھال کر،

وقوله: لاهِيَةً قُلُوبُهُمْ حال أخرى من أحوالهم الغريبة التي تدل على نهاية طغيانهم وفجورهم، لأنهم بجانب استماعهم إلى ما ينزل من القرآن بلعب وغفلة، تستقبله قلوبهم- التي هي محل التدبر والتفكر- بلهو واستخفاف.ثم حكى- سبحانه- لونا من ألوان مكرهم وخبثهم فقال: وَأَسَرُّوا النَّجْوَى الَّذِينَ ظَلَمُوا والنجوى: المسارة بالحديث، وإخفاؤه عن الناس.أى: بعد أن استمعوا إلى القرآن بإعراض ولهو واستهتار، اختلى بعضهم ببعض، وبالغوا في إخفاء ما يضمرونه من سوء نحو النبي صلّى الله عليه وسلّم ونحو ما جاء به من عند الله- تعالى-، وحاولوا أن يظهروا ذلك فيما بينهم فحسب، مبالغة منهم في المكر السيئ الذي حاق بهم.وقوله- سبحانه-: هَلْ هذا إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ. أَفَتَأْتُونَ السِّحْرَ وَأَنْتُمْ تُبْصِرُونَ بيان لما قالوه في تناجيهم من سوء.والاستفهام للنفي والإنكار.أى: أنهم قالوا في تناجيهم: ما هذا الذي يدعى النبوة، وهو محمد صلّى الله عليه وسلّم إلا بشر مثلكم، ولا يمكن أن يكون رسولا، وما جاءنا به إنما هو السحر بعينه، فكيف تذهبون إليه، وتقبلون منه ما يدعيه، والحال أنكم تعاينون بأبصاركم سحره.وما حملهم على هذا القول الباطل إلا توهمهم أن الرسول لا يكون من البشر، وأن كل ما يظهر على يد مدعى النبوة من البشر من خوارق، إنما هو من قبيل السحر.قال الآلوسى: وأرادوا بقولهم: «ما هذا إلا بشر مثلكم» أى: من جنسكم، وما أتى به سحر، تعلمون ذلك فتأتونه وتحضرونه على وجه الإذعان والقبول وأنتم تعاينون أنه سحر. قالوا ذلك بناء على ما ارتكز في اعتقادهم الزائغ أن الرسول لا يكون إلا ملكا، وأن كل ما يظهر على يد البشر من الخوارق من قبيل السحر. وعنوا بالسحر. هنا القرآن الكريم، ففي ذلك إنكار لحقيته على أبلغ وجه، قاتلهم الله- تعالى-: أنّى يؤفكون. وإنما أسروا ذلك، لأنه كان على طريق توثيق العهد، وترتيب مبادئ الشر والفساد وتمهيد مقدمات المكر والكيد في هدم أمر النبوة. وإطفاء نور الدين ويأبى الله إلا أن يتم نوره ولو كره المشركون .هذا، ودعوى المشركين أن الرسول لا يكون بشرا، قد حكاها القرآن في كثير من آياته، ومن ذلك قوله- تعالى-: وَما مَنَعَ النَّاسَ أَنْ يُؤْمِنُوا إِذْ جاءَهُمُ الْهُدى، إِلَّا أَنْ قالُوا أَبَعَثَ اللَّهُ بَشَراً رَسُولًا .وقد رد الله- تعالى- عليهم هذه الدعوى الكاذبة في كثير من آيات كتابه- أيضا، ومن ذلك قوله عز وجل-: وَما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ إِلَّا رِجالًا نُوحِي إِلَيْهِمْ مِنْ أَهْلِ الْقُرى.. .
21:4
قٰلَ رَبِّیْ یَعْلَمُ الْقَوْلَ فِی السَّمَآءِ وَ الْاَرْضِ٘-وَ هُوَ السَّمِیْعُ الْعَلِیْمُ(۴)
نبی نے فرمایا میرا رب جانتا ہے آسمانوں اور زمین میں ہر بات کو، اور وہی ہے سنتا جانتا (ف۷)

ثم حكى- سبحانه- بعد ذلك ما لقنه لنبيه صلّى الله عليه وسلّم من الرد عليهم، فقال: قالَ رَبِّي يَعْلَمُ الْقَوْلَ فِي السَّماءِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ.أى: قال الرسول صلّى الله عليه وسلّم في الرد على ما تناجوا به سرا: ربي الذي أرسلنى لإخراجكم من ظلمات الكفر إلى نور الإيمان. يعلم ما تقولونه سواء كان سرا أم جهرا، وسواء أكان القائل موجودا في السماء أم في الأرض، وهو وحده السميع لجميع ما يسمع، العليم بكل شيء في هذا الكون.وما دام الأمر كذلك فأنا سأمضى في طريقي مبلغا رسالته- سبحانه-، أما أنتم فسترون سوء عاقبتكم إذا ما سرتم في طريق الكفر والعناد.وفي قراءة سبعية بلفظ قل على الأمر للنبي صلّى الله عليه وسلّم.أى: قل لهم- أيها الرسول الكريم- ربي يعلم القول في السماء والأرض وهو السميع العليم.
21:5
بَلْ قَالُوْۤا اَضْغَاثُ اَحْلَامٍۭ بَلِ افْتَرٰىهُ بَلْ هُوَ شَاعِرٌ ۚۖ-فَلْیَاْتِنَا بِاٰیَةٍ كَمَاۤ اُرْسِلَ الْاَوَّلُوْنَ(۵)
بلکہ بولے پریشان خوابیں ہیں (ف۸) بلکہ ان کی گڑھت (گھڑی ہوئی چیز) ہے (ف۹) بلکہ یہ شاعر ہیں (ف۱۰) تو ہمارے پاس کوئی نشانی لائیں جیسے اگلے بھیجے گئے تھے (ف۱۱)

وقوله- تعالى-: بَلْ قالُوا أَضْغاثُ أَحْلامٍ، بَلِ افْتَراهُ، بَلْ هُوَ شاعِرٌ إضراب من جهته- تعالى-، وانتقال من حكاية قولهم السابق هَلْ هذا إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ.. إلى حكاية أقوال أخرى باطلة قالوها في شأنه صلّى الله عليه وسلّم وفي شأن ما جاء به.أى: أن هؤلاء الكافرين لم يكتفوا بما قالوه قبل ذلك في شأن الرسول صلّى الله عليه وسلّم من أنه بشر وما جاء به سحر، بل أضافوا إلى ذلك أن القرآن أضغاث أحلام. أى: أخلاط كأخلاط الأحلام، وأنه أباطيل لا حقيقة لها.والأضغاث: جمع ضغث. وأصله ما جمع من أنواع شتى من النبات ثم حزم في حزمة واحدة.والأحلام: جمع حلم- بضم الحاء وسكون اللام- وهو ما يراه النائم مما ليس بحسن.وقد استعير هذا التركيب لما يراه النائم من وساوس وأحلام خلال نومه بَلِ افْتَراهُ أى: اختلق هذا القرآن من عند نفسه.بَلْ هُوَ شاعِرٌ أى: أن الرسول صلّى الله عليه وسلّم شاعر- في زعمهم- وما أتى به هو نوع من الشعر التخييلى الذي لا حقيقة له.ثم أضافوا إلى هذا التخبط واضطراب قولهم: فَلْيَأْتِنا بِآيَةٍ كَما أُرْسِلَ الْأَوَّلُونَ.ومرادهم بالآية هنا: آية كونية، والجملة جواب لشرط محذوف يفصح عنه السياق، والتقدير: إن لم يكن كما قلنا في شأنه من أنه شاعر بل كان رسولا حقا فليأتنا بخارق يدل على صدقه كناقة صالح، وعصا موسى، وإحياء عيسى للأموات.. فإن المرسلين السابقين فعلوا ذلك.وكأنهم- لانطماس بصائرهم وشدة جهالاتهم- لا يعتبرون القرآن الذي هو آية الآيات- لا يعتبرونه آية ومعجزة تدل على صدقه صلّى الله عليه وسلّم.فأنت ترى أن هذه الآية الكريمة قد صورت تخبط هؤلاء المشركين تصويرا حكيما، شأنهم في ذلك شأن الحائر المضطرب الذي لا يستطيع الثبات على قرار، بل هو لتمحله وتعلله ينتقل من دعوى باطلة إلى أخرى أشد منها بطلانا.وقد نفى القرآن عن الرسول صلّى الله عليه وسلّم كل هذه الدعاوى الباطلة، ومن ذلك قوله- تعالى-: وَما هُوَ بِقَوْلِ شاعِرٍ قَلِيلًا ما تُؤْمِنُونَ وَلا بِقَوْلِ كاهِنٍ قَلِيلًا ما تَذَكَّرُونَ تَنْزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعالَمِينَ .وقوله- سبحانه- وَما عَلَّمْناهُ الشِّعْرَ وَما يَنْبَغِي لَهُ إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ وَقُرْآنٌ مُبِينٌ لِيُنْذِرَ مَنْ كانَ حَيًّا وَيَحِقَّ الْقَوْلُ عَلَى الْكافِرِينَ .
21:6
مَاۤ اٰمَنَتْ قَبْلَهُمْ مِّنْ قَرْیَةٍ اَهْلَكْنٰهَاۚ-اَفَهُمْ یُؤْمِنُوْنَ(۶)
ان سے پہلے کوئی بستی ایمان نہ لائی جسے ہم نے ہلاک کیا، تو کیا یہ ایمان لائیں گے (ف۱۲)

ثم بين- سبحانه- جانبا من مظاهر فضله ورحمته بهؤلاء الذين أرسل إليهم رسوله محمدا صلّى الله عليه وسلّم فقال: ما آمَنَتْ قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْناها أَفَهُمْ يُؤْمِنُونَ.أى: أن هؤلاء الجاهلين من قومك- أيها الرسول الكريم- قد طلبوا منك آية كونية كالتي جاء بها موسى وعيسى وصالح.. وهذه الخوارق عند ما جاء بها هؤلاء الرسل ولم يؤمن بها أقوامهم أهلكنا هؤلاء الأقوام، وفقا لسنتنا التي لا تتخلف في إهلاك من يكذبون بآياتنا، ولو أنا أعطيناك هذه الخوارق ولم يؤمن بها قومك لأهلكناهم كما أهلكنا السابقين، لذا اقتضت حكمتنا ورحمتنا أن نمنع عنهم ما طلبوه، لأنهم بشر كالسابقين. ومادام السابقون لم يؤمنوا بهذه الخوارق فهؤلاء أيضا لن يؤمنوا بها.فالاستفهام في قوله: أَفَهُمْ يُؤْمِنُونَ للإنكار. أى: أن هؤلاء الكافرين من أمتك- أيها الرسول الكريم- لن يؤمنوا بهذه الخوارق التي طلبوها متى جاءتهم لأنهم لا يقلون عتوا وعنادا عن السابقين الذين لم يؤمنوا بها فأهلكهم الله.وصدق الله إذ يقول: إِنَّ الَّذِينَ حَقَّتْ عَلَيْهِمْ كَلِمَتُ رَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ وَلَوْ جاءَتْهُمْ كُلُّ آيَةٍ حَتَّى يَرَوُا الْعَذابَ الْأَلِيمَ .ثم بين- سبحانه- أن حكمته قد اقتضت أن يكون جميع الرسل من البشر وأن يعيشوا الحياة التي تقتضيها الطبيعة البشرية، وأن يؤيدهم الله- تعالى- بالمعجزات الدالة على صدقهم، فقال- تعالى-:
21:7
وَ مَاۤ اَرْسَلْنَا قَبْلَكَ اِلَّا رِجَالًا نُّوْحِیْۤ اِلَیْهِمْ فَسْــٴَـلُوْۤا اَهْلَ الذِّكْرِ اِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُوْنَ(۷)
اور ہم نے تم سے پہلے نہ بھیجے مگر مرد جنہیں ہم وحی کرتے (ف۱۳) تو اے لوگو! علم والوں سے پوچھو اگر تمہیں علم نہ ہو (ف۱۴)

أى: وما أرسلنا قبلك- أيها الرسول الكريم- إلى الأمم السابقة إلا رسلا من البشر، ليعيشوا حياة البشر، ويتمكنوا من التعامل والتخاطب والتفاهم مع من هم من جنسهم، ولو كان الرسل من غير البشر لما كانت هناك وشيجة ورابطة بينهم وبين أقوامهم.وهذه الجملة رد مفحم على المشركين الجاهلين الذين استبعدوا أن يكون الرسول بشرا وقالوا قبل ذلك: هَلْ هذا إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ.وقوله- تعالى- نُوحِي إِلَيْهِمْ استئناف مبين لكيفية الإرسال.أى: اقتضت حكمتنا أن يكون الرسل من الرجال، وأن نبلغهم ما نكلفهم به عن طريق الوحى المنزل إليهم من جهتنا.وقوله- سبحانه-: فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ توبيخ لهم وتجهيل، لأنهم قالوا ما قالوا بدون تعقل أو تدبر.والمراد بأهل الذكر: علماء أهل الكتاب الذين كان المشركون يرجعون إليهم في أمور دينهم.والفاء في قوله: فَسْئَلُوا.. لترتيب ما بعدها على ما قبلها. وجواب الشرط محذوف لدلالة الكلام عليه.أى: مادامت قد بلغت بكم الجهالة أن تستبعدوا أن يكون الرسول بشرا فاسألوا أهل العلم في ذلك، فسيبينون لكم أن الرسل السابقين لم يكونوا إلا رجالا.قال القرطبي: قوله- تعالى-: فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ يريد أهل التوراة والإنجيل الذين آمنوا بالنبي صلّى الله عليه وسلّم وسماهم أهل الذكر، لأنهم كانوا يذكرون خبر الأنبياء، مما لم تعرفه العرب، وكان كفار قريش يراجعون أهل الكتاب في أمر النبي صلّى الله عليه وسلّم.وقال ابن زيد: أراد بالذكر: القرآن. أى: فاسألوا المؤمنين العالمين من أهل القرآن.. .
21:8
وَ مَا جَعَلْنٰهُمْ جَسَدًا لَّا یَاْكُلُوْنَ الطَّعَامَ وَ مَا كَانُوْا خٰلِدِیْنَ(۸)
اور ہم نے انہیں (ف۱۵) خالی بدن نہ بنایا کہ کھانا نہ کھائیں (ف۱۶) اور نہ وہ دنیا میں ہمیشہ رہیں،

ثم أكد- سبحانه- هذه الحقيقة وهي كون الرسل من البشر فقال: وَما جَعَلْناهُمْ جَسَداً لا يَأْكُلُونَ الطَّعامَ وَما كانُوا خالِدِينَ.والضمير في جَعَلْناهُمْ يعود إلى الرسل، والجسد مصدر جسد الدم يجسد- من باب فرح- إذا التصق بغيره، وأطلق على الجسم جسد، لالتصاق أجزائه بعضها ببعض، ويطلق هذا اللفظ على الواحد المذكر وغيره ولذلك أفرد، أو هو أفرد لإرادة الجنس.أى: وما جعلنا الرسل السابقين عليك يا محمد أجسادا لا تأكل ولا تشرب كالملائكة، وإنما جعلناهم مثلك يأكلون ويشربون ويتزوجون ويتناسلون ويعتريهم ما يعترى البشر من سرور وحزن، ويقظة ونوم.. وغير ذلك مما يحسه البشر.وما جعلناهم- أيضا- خالدين في هذه الحياة بدون موت، وإنما جعلنا لأعمارهم أجلا محددا تنتهي حياتهم عنده بدون تأخير أو تقديم.قال- تعالى-: إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ عِنْدَ رَبِّكُمْ تَخْتَصِمُونَ.
21:9
ثُمَّ صَدَقْنٰهُمُ الْوَعْدَ فَاَنْجَیْنٰهُمْ وَ مَنْ نَّشَآءُ وَ اَهْلَكْنَا الْمُسْرِفِیْنَ(۹)
پھر ہم نے اپنا وعدہ انہیں سچا کر دکھایا (ف۱۷) تو انہیں نجات دی اور جن کو چاہی (ف۱۸) اور حد سے بڑھنے والوں کو (ف۱۹) ہلاک کردیا

وقوله- سبحانه-: ثُمَّ صَدَقْناهُمُ الْوَعْدَ.. بيان لسنة الله- تعالى- الجارية مع رسله- عليهم الصلاة والسلام-.أى: ثم صدقنا هؤلاء الرسل ما وعدناهم به من جعل العاقبة لهم فَأَنْجَيْناهُمْ من العذاب الذي أنزلناه بأعدائهم. وأنجينا معهم مَنْ نَشاءُ إنجاءهم من المؤمنين بهم.وَأَهْلَكْنَا الْمُسْرِفِينَ الذين تجاوزوا الحدود في كفرهم وتطاولهم على الرسل الكرام، وإعراضهم عن دعوتهم.وإلى هنا نرى الآيات الكريمة من أول السورة إلى هنا، قد أنذرت الناس باقتراب يوم الحساب، وحذرتهم من الغفلة عنه، ومن الإعراض عن الاستعداد له بالإيمان والعمل الصالح، وحكت ما قاله المشركون من تهم باطلة تتعلق بالرسول صلّى الله عليه وسلّم وبما جاء به من عند ربه- تعالى- وردت عليها بما يزهقها، ليحق الحق ويبطل الباطل ولو كره المجرمون.ثم بين- سبحانه- أن ما أنزله على نبيه صلّى الله عليه وسلّم هو خير الآيات وأخلدها وأشرفها، وأنه يشرف الأمة التي تنتسب إليه، وأن الأمم السابقة التي كذبت بالخوارق والمعجزات التي جاء بها الرسل- عليهم السلام- أهلكها الله- تعالى- هلاك استئصال- فقال- تعالى-:
21:10
لَقَدْ اَنْزَلْنَاۤ اِلَیْكُمْ كِتٰبًا فِیْهِ ذِكْرُكُمْؕ-اَفَلَا تَعْقِلُوْنَ۠(۱۰)
بیشک ہم سے تمہاری طرف (ف۲۰) ایک کتاب اتاری جس میں تمہاری ناموری ہے (ف۲۱) تو کیا تمہیں عقل نہیں (ف۲۲)

قال الآلوسى: «قوله- تعالى-: لَقَدْ أَنْزَلْنا إِلَيْكُمْ كِتاباً.. كلام مستأنف لتحقيق حقية القرآن العظيم، الذي ذكر في صدر السورة إعراض الناس عما يأتيهم من آياته، واستهزاؤهم به، واضطرابهم في أمره، وبيان علو مرتبته، إثر تحقيق رسالته صلّى الله عليه وسلّم، ببيان أنه كسائر الرسل الكرام، وقد صدر الكلام بالتوكيد القسمي، إظهارا لمزيد الاعتناء بمضمونه وإيذانا، بأن المخاطبين في أقصى مراتب النكير، والخطاب لقريش، وجوز أن يكون لجميع العرب.».والمعنى: لقد أنزلنا إليكم يا معشر العرب عن طريق رسولنا محمد صلّى الله عليه وسلّم كتابا عظيم الشأن، نير البرهان، مشتملا على ما يسعدكم، وهذا الكتاب فِيهِ ذِكْرُكُمْأى: فيه شرفكم، وعلو منزلتكم، وحسن موعظتكم، وشفاء صدوركم.أَفَلا تَعْقِلُونَ ذلك، مع أن هذا الأمر واضح، ولا يحتاج إلى جدال أو مناقشة.فالاستفهام لإنكار عدم تدبرهم في شأن هذا الكتاب الذي أنزله الله- تعالى- ليظفروا بسببه بالذكر الجميل، وبالموعظة الحسنة، كما قال- تعالى- وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْئَلُونَ .وإن من مظاهر كون القرآن الكريم فيه ذكر العرب وشرفهم، أنه نزل بلغتهم، وأنه المعجزة الباقية الخالدة بخلاف غيره من المعجزات التي أيد الله- تعالى- بها الرسل السابقين، وأنه الكتاب الذي قادوا به البشرية قرونا طويلة. عند ما حملوه إلى الناس، فقرأوه عليهم، وشرحوا لهم أحكامه وآدابه وتشريعاته.. وما أصيب العرب في دينهم ودنياهم إلا يوم أن تخلوا عن العمل بهدايات هذا الكتاب، وقصروا في تبليغه إلى الناس.
21:11
وَ كَمْ قَصَمْنَا مِنْ قَرْیَةٍ كَانَتْ ظَالِمَةً وَّ اَنْشَاْنَا بَعْدَهَا قَوْمًا اٰخَرِیْنَ(۱۱)
اور کتنی ہی بستیاں ہم نے تباہ کردیں کہ وہ ستمگار تھیں (ف۲۳) اور ان کے بعد اور قوم پیدا کی،

ثم بين- سبحانه- ما أنزله بالقوم الظالمين فقال: وَكَمْ قَصَمْنا مِنْ قَرْيَةٍ كانَتْ ظالِمَةً وَأَنْشَأْنا بَعْدَها قَوْماً آخَرِينَ.و «كم» هنا خبرية مفيدة للتكثير، وهي في محل نصب على أنها مفعول مقدم «لقصمنا» .وأصل القصم: كسر الشيء حتى ينقطع وينفصل عن غيره، يقال: قصم فلان ظهر فلان، إذا كسره حتى النهاية، بخلاف الفصم فهو صدع الشيء من غير قطع وانفصال.قال القرطبي: «والقصم: الكسر، يقال: قصمت ظهر فلان، وانقصمت سنه، إذا انكسرت.والمعنى ها هنا به الإهلاك. وأما الفصم- بالفاء- فهو الصدع في الشيء من غير بينونة» .أى: وكثيرا من القرى الظالمة التي تجاوز أهلها حدود الحق، ومردوا على الكفر والضلال، أبدناها مع أهلها، وعذبناها عذابا نكرا، بسبب ظلمهم وبغيهم، وأنشأنا من بعدهم قوما آخرين ليسوا مثلهم.وأوقع- سبحانه- فعل القصم على القرى، للإشعار بأن الهلاك قد أصابها وأصاب أهلها معها. فالكل قد دمره- سبحانه- تدميرا.أما عند الإنشاء فقد أوقع الفعل على القوم فقال: وَأَنْشَأْنا بَعْدَها قَوْماً آخَرِينَ للإيماء إلى أن هؤلاء القوم الآخرين، الذين لم يكونوا أمثال السابقين، هم الذين ينشئون القرى ويعمرونها.وشبيه بهذه الآية قوله- تعالى-: وَكَمْ أَهْلَكْنا مِنَ الْقُرُونِ مِنْ بَعْدِ نُوحٍ وَكَفى بِرَبِّكَ بِذُنُوبِ عِبادِهِ خَبِيراً بَصِيراً .
21:12
فَلَمَّاۤ اَحَسُّوْا بَاْسَنَاۤ اِذَا هُمْ مِّنْهَا یَرْكُضُوْنَؕ(۱۲)
تو جب انہوں نے (ف۲۴) ہمارا عذاب پایا جبھی وہ اس سے بھاگنے لگے (ف۲۵)

ثم صور- سبحانه- حال هؤلاء الظالمين عند ما أحسوا بالعذاب وهو نازل بهم فقال:فَلَمَّا أَحَسُّوا بَأْسَنا إِذا هُمْ مِنْها يَرْكُضُونَ.وقوله: أَحَسُّوا من الإحساس. وهو إدراك الشيء بالحاسة. يقال: أحس فلان الشيء، إذا علمه بالحس، وأحس بالشيء، إذا شعر به بحاسته.وقوله: يَرْكُضُونَ من الركض وهو السير السريع، وأصله: أن يضرب الرجل دابته برجله ليحثها على الجري والسرعة في المشي. والمقصود به هنا: الهرب بسرعة.أى: فلما أحس هؤلاء الظالمون عذابنا المدمر، وأيقنوا نزوله بهم، وعلموا ذلك علما مؤكدا، إذا هم يخرجون من قريتهم يَرْكُضُونَ أى: يهربون بسرعة وذعر، حتى لكأنهم من اضطرابهم وخوفهم يظنون أن ذلك سينجيهم.وإذا هنا فجائية، والجملة بعدها جواب «لما» .
21:13
لَا تَرْكُضُوْا وَ ارْجِعُوْۤا اِلٰى مَاۤ اُتْرِفْتُمْ فِیْهِ وَ مَسٰكِنِكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْــٴَـلُوْنَ(۱۳)
نہ بھاگو اور لوٹ کے جاؤ ان آسائشوں کی طرف جو تم کو دی گئیں تھیں اور اپنے مکانوں کی طرف شاید تم سے پوچھنا ہو (ف۲۶)

وقوله- سبحانه-: لا تَرْكُضُوا وَارْجِعُوا إِلى ما أُتْرِفْتُمْ فِيهِ وَمَساكِنِكُمْ حكاية لما تقوله لهم الملائكة وهم يركضون هربا- على سبيل التهكم والاستهزاء.أى: يقال لهم من جهة الملائكة أو من جهة المؤمنين لا تركضوا هاربين وَارْجِعُوا إِلى قريتكم وإلى ما أُتْرِفْتُمْ فِيهِ أى: وإلى ما نعمتم فيه من العيش الهنيء. والخير الوفير، الذي أبطركم وجعلكم تجحدون النعم، ولم تستعملوها فيما خلقت له.فقوله: أُتْرِفْتُمْ من الترفه- بالتاء المشددة مع الضم- وهي النعمة والطعام الطيب. يقال: ترف فلان- كفرح- إذا تنعم. وفلان أترفته النعمة، إذا أطغته أو نعمته.وقوله: وَمَساكِنِكُمْ معطوف على ما.أى: لا تهربوا وارجعوا إلى ما نعمتم فيه من العيش الهنيء، وإلى مساكنكم التي كنتم تسكنونها، وتتفاخرون بها.لَعَلَّكُمْ تُسْئَلُونَ أى يقصدكم غيركم لسؤالكم عما نزل بكم، فتجيبوا عن علم ومشاهدة.قال صاحب الكشاف: «قوله لَعَلَّكُمْ تُسْئَلُونَ تهكم بهم وتوبيخ، أى: ارجعوا إلى نعيمكم ومساكنكم لعلكم تسألون غدا عما جرى عليكم ونزل بأموالكم ومساكنكم. فتجيبوا السائل عن علم ومشاهدة.أو ارجعوا واجلسوا كما كنتم في مجالسكم، وترتبوا في مراتبكم حتى يسألكم حشمكم وعبيدكم، ومن تملكون أمره. وينفذ فيه أمركم ونهيكم، ويقول لكم: بم تأمرون؟ وبماذا ترسمون؟وكيف نأتى ونذر كعادة المنعمين المخدّمين.أو يسألكم الناس في أنديتكم.. ويستشيرونكم في المهمات. ويستضيئون بآرائكم.أو يسألكم الوافدون عليكم، ويستمطرون سحائب أكفكم.. قيل لهم ذلك تهكما إلى تهكم، وتوبيخا إلى توبيخ» .
21:14
قَالُوْا یٰوَیْلَنَاۤ اِنَّا كُنَّا ظٰلِمِیْنَ(۱۴)
بولے ہائے خرابی ہماری بیشک ہم ظالم تھے (ف۲۷)

وهنا أدرك هؤلاء الظالمون، أن الأمر جد لا هزل، وأن العذاب نازل بهم لا محالة، وأن القائلين لهم لا تركضوا، إنما يتهكمون بهم. فأخذ أولئك الظالمون يتفجعون ويتحسرون قائلين: يا وَيْلَنا إِنَّا كُنَّا ظالِمِينَ.والويل: الفضيحة والبلية والمصيبة التي يعقبها الهلاك. وهي كلمة جزع وتحسر.وتستعمل عند ما تحيط بالإنسان داهية عظيمة، وكأن المتحسر لنزول مصيبة به، ينادى ويلته ويطلب حضورها بعد تنزيلها منزلة من ينادى.أى: قالوا عند ما تيقنوا أن الهلاك نازل بهم: يا هلاكنا إنا كنا ظالمين لأنفسنا، مستوجبين للعذاب. بسبب إعراضنا عن الحق، وتكذيبنا لمن جاء به.
21:15
فَمَا زَالَتْ تِّلْكَ دَعْوٰىهُمْ حَتّٰى جَعَلْنٰهُمْ حَصِیْدًا خٰمِدِیْنَ(۱۵)
تو وہ یہی پکارتے رہے یہاں تک کہ ہم نے انہیں کردیا کاٹے ہوئے (ف۲۸) بجھے ہوئے،

واسم الإشارة في قوله- تعالى-: فَما زالَتْ تِلْكَ دَعْواهُمْ يعود إلى الكلمات التي قالوها على سبيل التحسر عند ما يئسوا من الخلاص والهرب، وتأكدوا من الهلاك، وهي قولهم: يا وَيْلَنا إِنَّا كُنَّا ظالِمِينَ.أى: فما زالوا يرددون تلك الكلمات بتفجع وتحسر واستعطاف.وسميت هذه الكلمات دعوى، لأن المولول كأنه يدعو الويل قائلا: أيها الويل هذا أوانك فأقبل نحوي.وقوله: حَتَّى جَعَلْناهُمْ حَصِيداً خامِدِينَ بيان لما آل إليه حالهم.وخامدين: من الخمود بمعنى الهمود والانطفاء والانتهاء. يقال: خمدت النار تخمد خمدا وخمودا، إذا سكن لهيبها، وانطفأ شررها.أى: فما زالت تلك كلماتهم حتى جعلناهم في الهمود والهلاك كالنبات المحصود بالمناجل، وكالنار الخامدة بعد اشتعالها.وهكذا تكون عاقبة الظالمين. وما ظلمهم الله ولكن كانوا أنفسهم يظلمون.ثم ساق- سبحانه- بعد ذلك ما يدل على قدرته ووحدانيته، وعلى أن من في السموات والأرض لا يستكبرون عن عبادته- تعالى-، فقال- عز وجل-:
21:16
وَ مَا خَلَقْنَا السَّمَآءَ وَ الْاَرْضَ وَ مَا بَیْنَهُمَا لٰعِبِیْنَ(۱۶)
اور ہم نے آسمان اور زمین اور جو کچھ ان کے درمیان ہے عبث نہ بنائے (ف۲۹)

والمعنى: إننا لم نخلق السموات والأرض وما بينهما من مخلوقات لا يعلمها إلا الله، لم نخلق ذلك عبثا، وإنما خلقنا هذه المخلوقات بحكمتنا السامية، وقدرتنا النافذة، ومشيئتنا التي لا يقف في وجهها شيء.
21:17
لَوْ اَرَدْنَاۤ اَنْ نَّتَّخِذَ لَهْوًا لَّاتَّخَذْنٰهُ مِنْ لَّدُنَّاۤ ﳓ اِنْ كُنَّا فٰعِلِیْنَ(۱۷)
اگر ہم کوئی بہلاوا اختیار کرنا چاہتے (ف۳۰) تو اپنے پاس سے اختیار کرتے اگر ہمیں کرنا ہوتا (ف۳۱)

وقوله- تعالى-: لَوْ أَرَدْنا أَنْ نَتَّخِذَ لَهْواً لَاتَّخَذْناهُ مِنْ لَدُنَّا إِنْ كُنَّا فاعِلِينَ استئناف مقرر لمضمون ما قبله، من أن خلق السموات والأرض وما بينهما لم يكن عبثا، وإنما لحكم بالغة، مستتبعة لغايات جليلة، ومنافع عظيمة.و «لو» هنا حرف امتناع لامتناع. أى: امتناع وقوع فعل الجواب لامتناع وقوع فعل الشرط.واللهو: الترويح عن النفس بما لا تقتضيه الحكمة، ولا يتناسب مع الجد، وهو قريب من العبث الباطل تقول: لهوت بهذا الشيء ألهو لهوا، إذا تشاغلت به عن الجد، ويطلقه بعضهم على الولد والزوجة والمرأة.أى: لو أردنا- على سبيل الفرض والتقدير- أن نتخذ ما نتلهى به، لاتخذناه من عندنا ومن جهتنا دون أن يمنعنا أحد مما نريده ولكنا لم نرد ذلك لأنه مستحيل علينا استحالة ذاتية، فيستحيل علينا أن نريده.فالآية الكريمة من باب تعليق المحال على المحال، لأن كلا الأمرين يتنافى مع حكمة الله- تعالى- ومع ذاته الجليلة.وقوله: إِنْ كُنَّا فاعِلِينَ تأكيد لامتناع إرادة اللهو، وأَنْ نافية، أى: ما كنا فاعلين ذلك، لأن اتخاذ اللهو يستحيل علينا.
21:18
بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَیَدْمَغُهٗ فَاِذَا هُوَ زَاهِقٌؕ-وَ لَكُمُ الْوَیْلُ مِمَّا تَصِفُوْنَ(۱۸)
بلکہ ہم حق کو باطل پر پھینک مارتے ہیں تو وہ اس کا بھیجہ نکال دیتا ہے تو جبھی وہ مٹ کر رہ جاتا ہے (ف۳۲) اور تمہاری خرابی ہے (ف۳۳) ان باتوں سے جو بناتے ہو (ف۳۴)

وقوله- سبحانه-: بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْباطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذا هُوَ زاهِقٌ إضراب عن إرادة اتخاذ اللهو، وإثبات لما تقتضيه ذاته- تعالى- مما يخالف ذلك.والقذف: الرمي بسرعة. والاسم القذاف- ككتاب-، وهو سرعة السير، ومنه قولهم: ناقة قذاف- بكسر القاف- إذا كانت متقدمة على غيرها في السير.ويدمغه: أى. يمحقه ويزيله. قال القرطبي: وأصل الدمغ شج الرأس حتى يبلغ الدماغ.أى: ليس من شأننا أن نتخذ لهوا، وإنما الذي من شأننا وحكمتنا، أن نلقى بالحق الذي أرسلنا به رسلنا، على الباطل الذي تشبث به الفاسقون فَيَدْمَغُهُ أى: فيقهره ويهلكه ويزيله إزالة تامة.والتعبير القرآنى البليغ، يرسم هذه السنة الإلهية في صورة حسية متحركة حتى لكأنما الحق قذيفة تنطلق بسرعة فتهوي على الباطل فتشق أم رأسه، فإذا هو زاهق زائل.قال الآلوسى: وفي إذا الفجائية، والجملة الاسمية، من الدلالة على كمال المسارعة في الذهاب والبطلان مالا يخفى، فكأنه زاهق من الأصل .وقوله- تعالى-: وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ وعيد شديد لأولئك الكافرين الذين نسبوا إلى الله- تعالى- مالا يليق به، ووصفوه بأن له صاحبة وولدا سُبْحانَهُ وَتَعالى عَمَّا يَقُولُونَ عُلُوًّا كَبِيراً.أى: ولكم- أيها الضالون المكذبون- الويل والهلاك، من أجل وصفكم له- تعالى- بما لا يليق بشأنه الجليل.
21:19
وَ لَهٗ مَنْ فِی السَّمٰوٰتِ وَ الْاَرْضِؕ-وَ مَنْ عِنْدَهٗ لَا یَسْتَكْبِرُوْنَ عَنْ عِبَادَتِهٖ وَ لَا یَسْتَحْسِرُوْنَۚ(۱۹)
اور اسی کے ہیں جتنے آسمانوں اور زمین میں ہیں (ف۳۵) اور اس کے پاس والے (ف۳۶) اس کی عبادت سے تکبر نہیں کرتے اور نہ تھکیں،

وقوله- تعالى-: وَلَهُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ استئناف مؤكد لما قبله من أن جميع المخلوقات خاضعة لقدرته- تعالى-.أى: وله وحده- سبحانه- جميع من في السموات والأرض، خلقا، وملكا، وتدبيرا، وتصرفا وإحياء، وإماتة، لا يخرج منهم أحد عن علمه وقدرته- عز وجل-.ثم بين- سبحانه- نماذج من عباده الطائعين له، بعد أن حكى أقوال أولئك الضالين، فقال: وَمَنْ عِنْدَهُ لا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبادَتِهِ وَلا يَسْتَحْسِرُونَ يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ لا يَفْتُرُونَ.والاستحسار: الكلل والتعب. يقال: حسر البصر يحسر حسورا- من باب قعد- إذا تعب من طول النظر، ومنه قوله- تعالى-: ثُمَّ ارْجِعِ الْبَصَرَ كَرَّتَيْنِ يَنْقَلِبْ إِلَيْكَ الْبَصَرُ خاسِئاً وَهُوَ حَسِيرٌ أى: كليل متعب.أى: ومن عنده من مخلوقاته وعلى رأسهم الملائكة المقربون، لا يستكبرون عن عبادته- سبحانه- بل يخضعون له خضوعا تاما وَلا يَسْتَحْسِرُونَ أى: ولا يكلون ولا يتعبون.
21:20
یُسَبِّحُوْنَ الَّیْلَ وَ النَّهَارَ لَا یَفْتُرُوْنَ(۲۰)
رات دن اس کی پاکی بولتے ہیں اور سستی نہیں کرتے،

بل هم يُسَبِّحُونَ الله- تعالى- ويحمدونه ويكبرونه. طوال الليل والنهار بدون فتور أو تراخ أو تقصير. يقال: فتر فلان عن الشيء يفتر فتورا، إذا سكن بعد حدة، ولان بعد شدة، ويقال: فتر الماء- من باب قعد- إذا سكن حره فهو فاتر.قالوا: وذلك لأن تسبيح الملائكة لله- تعالى- يجرى منهم مجرى التنفس منا، فهو سجية وطبيعة فيهم وكما أن اشتغالنا لا يمنعنا من الكلام، فكذلك اشتغالهم بالتسبيح لا يمنعهم من سائر الأعمال .وبعد أن بين- سبحانه- أن من مخلوقاته من يقوم بتسبيحه وعبادته بدون انقطاع أو فتور، أتبع ذلك بتوبيخ المشركين وبإقامة الأدلة على وحدانيته، واستحالة أن يكون هناك من يشاركه في ألوهيته فقال- تعالى-:
21:21
اَمِ اتَّخَذُوْۤا اٰلِهَةً مِّنَ الْاَرْضِ هُمْ یُنْشِرُوْنَ(۲۱)
کیا انہوں نے زمین میں سے کچھ ایسے خدا بنالیے ہیں (ف۳۸) کہ وہ کچھ پیدا کرتے ہیں (ف۳۹)

قال الإمام الرازي: اعلم أن الكلام من أول السورة إلى هنا كان في النبوات وما يتصل بها من الكلام سؤالا وجوابا، وأما هذه الآيات فإنها في بيان التوحيد ونفى الأضداد والأنداد..» .والاستفهام في قوله أَمِ اتَّخَذُوا.. للإنكار والتوبيخ. وقوله: يُنْشِرُونَ من النشر بمعنى الإحياء والبعث. يقال: أنشر الله- تعالى- الموتى: إذا بعثهم بعد موتهم.والمعنى: إن هؤلاء الضالين قد أشركوا مع الله- تعالى- آلهة أخرى في العبادة، فهل هذه الآلهة التي اتخذوها تستطيع أن تعيد الحياة إلى الأموات؟كلا إنها لا تستطيع ذلك بإقرارهم ومشاهدتهم، ومادام الأمر كذلك فكيف أباحوا لأنفسهم أن يتخذوا آلهة لا تستطيع أن تفعل شيئا من ذلك أو من غيره؟إن اتخاذهم هذا لمن أكبر الأدلة وأوضحها على جهالاتهم وسفاهاتهم وسوء تفكيرهم.قال صاحب الكشاف ما ملخصه: فإن قلت: كيف أنكر عليهم اتخاذ آلهة تنشر. وما كانوا يدّعون ذلك لآلهتهم، لأنهم كانوا ينكرون البعث أصلا ويقولون: من يحيى العظام وهي رميم؟ قلت: الأمر كما ذكرت ولكنهم بادعائهم لها الإلهية، يلزمهم أن يدعوا لها الإنشار، لأنه لا يستحق هذا الاسم إلا القادر على كل مقدور، والإنشار من جملة المقدورات. وفيه باب من التهكم بهم، والتوبيخ والتجهيل، وإشعار بأن ما استبعدوه من الله- تعالى- لا يصح استبعاده، لأن الإلهية لما صحت صح معها الاقتدار على الإبداء والإعادة .وقوله- سبحانه- مِنَ الْأَرْضِ متعلق باتخذوا، و «من» ابتدائية، أى: اتخذوها من أجزاء الأرض كالحجارة وما يشبهها، ويجوز أن يكون الجار والمجرور متعلق بمحذوف صفة للآلهة، أى: اتخذوا آلهة كائنة من الأرض.. وعلى كلا التقديرين فالمراد بهذا التعبير التحقير والتجهيل.
21:22
لَوْ كَانَ فِیْهِمَاۤ اٰلِهَةٌ اِلَّا اللّٰهُ لَفَسَدَتَاۚ-فَسُبْحٰنَ اللّٰهِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا یَصِفُوْنَ(۲۲)
اگر آسمان و زمین میں اللہ کے سوا اور خدا ہوتے تو ضرور وہ (ف۴۰) تباہ ہوجاتے (ف۴۱) تو پاکی ہے اللہ عرش کے مالک کو ان باتوں سے جو یہ بناتے ہیں (ف۴۲)

ثم ساق- سبحانه- دليلا عقليا مستمدا من واقع هذا الكون فقال: لَوْ كانَ فِيهِما آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتا.أى: لو كان في السموات والأرض آلهة أخرى سوى الله- تعالى-، تدبر أمرهما، لفسدتا ولخرجتا عن نظامهما البديع، الذي لا خلل فيه ولا اضطراب.وذلك لأن تعدد الآلهة يلزمه التنازع والتغالب بينهم.. فيختل النظام لهذا الكون، ويضطرب الأمر، ويعم الفساد في هذا العالم.ولما كان المشاهد غير ذلك إذ كل شيء في هذا الكون يسير بنظام محكم دقيق دل الأمر على أن لهذا الكون كله، إلها واحدا قادرا حكيما لا شريك له.قال صاحب الكشاف: «والمعنى لو كان يتولاهما ويدبر أمرهما آلهة شتى غير الواحد الذي هو فاطرهما لفسدتا.وفيه دلالة على أمرين: أحدهما: وجوب أن لا يكون مدبرهما إلا واحدا.الثاني: أن لا يكون ذلك الواحد إلا إياه وحده، لقوله إِلَّا اللَّهُ.فإن قلت: لم وجب الأمران؟ قلت: لعلمنا أن الرعية تفسد بتدبير الملكين لما يحدث بينهما من التغالب والتناكر والاختلاف.قال عبد الملك بن مروان حين قتل عمرو بن سعيد الأشدق: كان والله أعز على من دم ناظري. ولكن لا يجتمع فحلان في شول- أى: في عدد مع النياق- .وقوله- تعالى-: فَسُبْحانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ تنزيه لله- تعالى- عما قاله الجاهلون في شأنه- عز وجل-.أى: فتنزيها لله وتقديسا وتبرئة لذاته عن أن يكون له شريك في ألوهيته، وجل عما وصفه به الجاهلون.
21:23
لَا یُسْــٴَـلُ عَمَّا یَفْعَلُ وَ هُمْ یُسْــٴَـلُوْنَ(۲۳)
اس سے نہیں پوچھا جاتا جو وہ کرے (ف۴۳) اور ان سب سے سوال ہوگا (ف۴۴)

وقوله- تعالى-: لا يُسْئَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْئَلُونَ تأكيد لوحدانيته وقدرته- سبحانه- أى: لا يسأله سائل- سبحانه- عما يفعله بعباده من إعزاز وإذلال. وهداية وإضلال، وغنى وفقر، وصحة ومرض، وإسعاد وإشقاء.. لأنه هو الرب المالك المتصرف في شئون خلقه، وهم يسألون يوم القيامة عن أعمالهم وأقوالهم لأنهم عبيده، وقد أرسل إليهم الرسل مبشرين ومنذرين، فمنهم من اتبع الرسل فسعد وفاز، ومنهم من استحب العمى على الهدى فشقي وهلك.
21:24
اَمِ اتَّخَذُوْا مِنْ دُوْنِهٖۤ اٰلِهَةًؕ-قُلْ هَاتُوْا بُرْهَانَكُمْۚ-هٰذَا ذِكْرُ مَنْ مَّعِیَ وَ ذِكْرُ مَنْ قَبْلِیْؕ-بَلْ اَكْثَرُهُمْ لَا یَعْلَمُوْنَۙ-الْحَقَّ فَهُمْ مُّعْرِضُوْنَ(۲۴)
کیا اللہ کے سوا اور خدا بنا رکھے ہیں، تم فرماؤ (ف۴۵) اپنی دلیل لاؤ (ف۴۶) یہ قرآن میرے ساتھ والوں کا ذکر ہے (ف۴۷) اور مجھ سے اگلوں کا تذکرہ (ف۴۸) بلکہ ان میں اکثر حق کو نہیں جانتے تو وہ رو گرداں، ہیں (ف۴۹)

وبعد أن ساق- سبحانه- دليلا عقليا على وحدانيته، أتبعه بدليل آخر نقلي، فقال- تعالى-: أَمِ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آلِهَةً قُلْ هاتُوا بُرْهانَكُمْ، هذا ذِكْرُ مَنْ مَعِيَ وَذِكْرُ مَنْ قَبْلِي ...قال الآلوسى ما ملخصه: هذا إضراب وانتقال من إظهار بطلان كون ما اتخذوه آلهة، لخلوها من خصائصها التي من جملتها الإنشار، إلى تبكيتهم ومطالبتهم بالبرهان على دعواهم الباطلة، وتحقيق أن جميع الكتب السماوية ناطقة بحقية التوحيد، وبطلان الإشراك.. .أى: إن هؤلاء الكافرين قد أشركوا مع الله- تعالى- آلهة أخرى في العبادة، بسبب جهلهم وعنادهم وجحودهم للحق.. قل لهم- أيها الرسول الكريم- على سبيل التبكيت والتوبيخ هاتُوا بُرْهانَكُمْ على أن مع الله- تعالى- آلهة أخرى تستحق مشاركته في العبادة والطاعة؟ ولا شك أنهم لا برهان لهم على ذلك.وقوله- تعالى-: هذا ذِكْرُ مَنْ مَعِيَ وَذِكْرُ مَنْ قَبْلِي زيادة في تبكيتهم وفي إظهار عجزهم، أى: هذا الوحى الإلهى الناطق بتوحيد الله- تعالى- موجود في القرآن الكريم المشتمل على ذكر المعاصرين لي من أتباعى، وموجود في كتب الأنبياء السابقين، كالتوراة التي أنزلها الله على موسى، والإنجيل الذي أنزله على عيسى، فمن أين أتيتم أنتم بهؤلاء الشركاء، وكيف اتخذتموهم آلهة مع أنهم لا برهان عليهم لا من جهة العقل ولا من جهة النقل؟فاسم الإشارة هذا في قوله: هذا ذِكْرُ مَنْ مَعِيَ مبتدأ، مشار به إلى الوحى الإلهى، وقد أخبر عنه- سبحانه- بخبرين- كما يقول الشيخ الجمل-: «فبالنظر للخبر الأول يراد به القرآن، وبالنظر للخبر الثاني يراد به ما عداه من الكتب السماوية» .وقوله- تعالى-: بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ الْحَقَّ فَهُمْ مُعْرِضُونَ إضراب من جهته- تعالى- عن مناقشتهم ومطالبتهم بالبرهان، وانتقال من الأمر بتبكيتهم إلى الأمر بإهمالهم استصغارا لشأنهم.أى: دعهم- أيها الرسول الكريم- في باطلهم يعمهون فإنهم قوم أكثرهم يجهلون الحق، ولا يستطيعون التمييز بينه وبين الباطل. فهم لأجل ذلك منصرفون عن الهدى، ومتجهون إلى الضلال، ومن جهل شيئا عاداه.
21:25
وَ مَاۤ اَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَّسُوْلٍ اِلَّا نُوْحِیْۤ اِلَیْهِ اَنَّهٗ لَاۤ اِلٰهَ اِلَّاۤ اَنَا فَاعْبُدُوْنِ(۲۵)
اور ہم نے تم سے پہلے کوئی رسول نہ بھیجا مگر یہ کہ ہم اس کی طرف وحی فرماتے کہ میرے سوا کوئی معبود نہیں تو مجھی کو پوجو،

ثم بين- سبحانه- أن جميع الرسل- عليهم الصلاة والسلام- قد أمروا أقوامهم بإخلاص العبادة لله، ونبذ الشرك والشركاء، فقال- تعالى-: وَما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ.أى: وما أرسلنا من قبلك من رسول يا محمد إلا وأ فهمناه عن طريق وحينا أنه لا إله يستحق العبادة والطاعة إلا أنا، فعليه أن يأمر قومه بطاعتي وعبادتي والخضوع لي وحدي.هذا، والمتدبر لهذه الآيات الكريمة، يراها قد أقامت أحكم الأدلة العقلية والنقلية على وجوب إخلاص العبادة لله الواحد القهار. وعلى أن الذين يتخذون معه آلهة أخرى سفهاء جاهلون.ثم حكى- سبحانه- بعد ذلك شبهة من الشبهات الباطلة التي تفوه بها المشركون، ورد عليهم ردا مفحما، فقال- تعالى-:
21:26
وَ قَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمٰنُ وَلَدًا سُبْحٰنَهٗؕ-بَلْ عِبَادٌ مُّكْرَمُوْنَۙ(۲۶)
اور بولے رحمن نے بیٹا اختیار کیا (ف۵۰) پاک ہے وہ (ف۵۱) بلکہ بندے ہیں عزت والے (ف۵۲)

قال الآلوسى ما ملخصه: «قوله- تعالى-: وَقالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمنُ وَلَداً، حكاية لجناية فريق من المشركين لإظهار بطلانها، وبيان تنزهه- سبحانه- عن ذلك، إثر بيان تنزهه- جل وعلا- عن الشركاء على الإطلاق، وهم حي من خزاعة قالوا: الملائكة بنات الله، ونقل الواحدي أن قريشا وبعض العرب قالوا ذلك.والآية مشنعة على كل من نسب إلى الله- تعالى- ذلك كاليهود والنصارى..» .أى: وقال المشركون الذين انطمست بصائرهم عن معرفة الحق «اتخذ الرحمن ولدا سبحانه» .أى: تنزه وتقدس الله- تعالى- عن ذلك جل وعلا عما يقولونه علوا كبيرا.وقوله: بَلْ عِبادٌ مُكْرَمُونَ إضراب عما قالوه، وإبطال له، وثناء على ملائكته الذين زعم فريق من المشركين أنهم بنات الله.وعباد: جمع عبد. والعبودية لله- تعالى- معناها: إظهار التذلل له- سبحانه-، والخضوع لذاته.ومكرم: اسم مفعول من أكرم، وإكرام الله- تعالى- لعبده معناه: إحسانه إليه وإنعامه عليه.أى: لقد كذب هؤلاء المشركون في زعمهم أن الملائكة بنات الله، والحق أن الملائكة هم عباد مخلوقون له- تعالى- ومقربون إليه ومكرمون عنده.
21:27
لَا یَسْبِقُوْنَهٗ بِالْقَوْلِ وَ هُمْ بِاَمْرِهٖ یَعْمَلُوْنَ(۲۷)
بات میں اس سے سبقت نہیں کرتے اور وہ اسی کے حکم پر کاربند ہوتے ہیں،

وقوله: لا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ أى: لا يتكلمون إلا بما يأمرهم به، ولا يقولون شيئا بدون إذنه، كما هو شأن العبيد الطائعين لسيدهم.وأصل الكلام: لا يسبق قولهم قوله- عز وجل- إلا أنه- سبحانه- أسند السبق إليهم، تنزيلا لسبق قولهم لقوله، منزلة سبقهم إياه، للإشعار بمزيد طاعتهم وتنزيههم عن كل قول بغير إذنه- تعالى-.وقوله: وَهُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ بيان لتبعيتهم له- تعالى- في الأعمال إثر بيان تبعيتهم له- سبحانه- في الأقوال.أى: وهم بأمره وحده يعملون لا بأمر أحد سواه، ولا بأمر أنفسهم، كما قال- تعالى- في آية أخرى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ ناراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجارَةُ. عَلَيْها مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدادٌ لا يَعْصُونَ اللَّهَ ما أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ ما يُؤْمَرُونَ .
21:28
یَعْلَمُ مَا بَیْنَ اَیْدِیْهِمْ وَ مَا خَلْفَهُمْ وَ لَا یَشْفَعُوْنَۙ-اِلَّا لِمَنِ ارْتَضٰى وَ هُمْ مِّنْ خَشْیَتِهٖ مُشْفِقُوْنَ(۲۸)
وہ جانتا ہے جو ان کے آگے ہے اور جو ان کے پیچھے ہے (ف۵۳) اور شفاعت نہیں کرتے مگر اس کے لیے جسے وہ پسند فرمائے (ف۵۴) اور وہ اس کے خوف سے ڈر رہے ہیں،

ثم بين- سبحانه- مظهرا من مظاهر علمه الشامل، وحكمه النافذ، فقال يَعْلَمُ ما بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَما خَلْفَهُمْ.. أى: يعلم- سبحانه- أحوالهم كلها صغيرها وكبيرها، متقدمها ومتأخرها، وَلا يَشْفَعُونَ لأحد من خلقه إلا لمن ارتضى الله- تعالى- شفاعتهم له.وَهُمْ مِنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ أى: وهم لخوفهم من الله ومن عقابه حذرون وجلون.فأنت ترى أن الله- تعالى- قد وصف الملائكة في هذه الآيات بجملة من الصفات الكريمة التي تدل على طاعتهم المطلقة لله- تعالى- وعلى إكرامه- سبحانه- لهم.
21:29
وَ مَنْ یَّقُلْ مِنْهُمْ اِنِّیْۤ اِلٰهٌ مِّنْ دُوْنِهٖ فَذٰلِكَ نَجْزِیْهِ جَهَنَّمَؕ-كَذٰلِكَ نَجْزِی الظّٰلِمِیْنَ۠(۲۹)
اور ان میں جو کوئی کہے کہ میں اللہ کے سوا معبود ہوں (ف۵۵) تو اسے ہم جہنم کی جزا دیں گے، ہم ایسی ہی سزا دیتے ہیں ستمگاروں کو،

ثم بين- سبحانه- بعد ذلك أنهم مع كرامتهم عند الله- تعالى- لو ادعى أحد منهم- على سبيل الفرض- أنه إله، لعاقبه الله عقابا شديدا، فقال- تعالى-: وَمَنْ يَقُلْ مِنْهُمْ إِنِّي إِلهٌ مِنْ دُونِهِ، فَذلِكَ نَجْزِيهِ جَهَنَّمَ، كَذلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ.أى: ومن يقل من الملائكة- على سبيل الفرض والتقدير- إِنِّي إِلهٌ مِنْ دُونِهِ أى:من دون الله- عز وجل- «فذلك» الذي ادعى هذا الادعاء الكاذب «نجزيه جهنم» أى: نجعل جزاءه الإلقاء في جهنم كسائر المجرمين الكاذبين، ولا يغنى عنه ما سبق له من طاعة وتكريم كَذلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ أى: مثل هذا الجزاء الرادع الفظيع نجزى كل ظالم يضع الأمور في غير موضعها، إذ أن حقوق الله- تعالى- لا يجوز لأحد- كائنا من كان- أن ينسبها لنفسه، سواء أكان ملكا مقربا، أم نبيا مرسلا.وبعد أن ساق- سبحانه- ألوانا من الأدلة الكونية الشاهدة بوحدانيته، ومن الأدلة النقلية النافية للشركاء، ومن الأدلة الوجدانية التي تهيج القلوب نحو الحق.. أتبع ذلك بتحريض الكافرين على التدبر في ملكوت السموات والأرض، لعل هذا التدبر يهديهم إلى الإيمان، فقال- تعالى-:
21:30
اَوَ لَمْ یَرَ الَّذِیْنَ كَفَرُوْۤا اَنَّ السَّمٰوٰتِ وَ الْاَرْضَ كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنٰهُمَاؕ-وَ جَعَلْنَا مِنَ الْمَآءِ كُلَّ شَیْءٍ حَیٍّؕ-اَفَلَا یُؤْمِنُوْنَ(۳۰)
کیا کافروں نے یہ خیال نہ کیا کہ آسمان اور زمین بند تھے تو ہم نے انہیں کھولا (ف۵۶) اور ہم نے ہر جاندار چیز پانی سے بنائی (ف۵۷) تو کیا وہ ایمان لائیں گے،

وقوله رَتْقاً مصدر رتقه رتقا: إذا سده. يقال: رتق فلان الفتق رتقا، إذا ضمه وسده، وهو ضد الفتق الذي هو بمعنى الشق والفصل.وللعلماء في معنى هذه الآية أقوال أشهرها: أن معنى كانَتا رَتْقاً أن السماء كانت صماء لا ينزل منها مطر، وأن الأرض كانت لا يخرج منها نبات، ففتق الله- تعالى- السماء بأن جعل المطر ينزل منها، وفتق الأرض بأن جعل النبات يخرج منها.وهذا التفسير منسوب إلى ابن عباس، فقد سئل عن ذلك فقال: كانت السموات رتقا لا تمطر، وكانت الأرض رتقا لا تنبت، فلما خلق- سبحانه- للأرض أهلا، فتق هذه بالمطر، وفتق هذه بالنبات .ومنهم من يرى أن المعنى: كانت السموات والأرض متلاصقتين كالشىء الواحد، ففتقهما الله- تعالى- بأن فصل بينهما، فرفع السماء إلى مكانها، وأبقى الأرض في مقرها، وفصل بينهما بالهواء.قال قتادة قوله كانَتا رَتْقاً يعنى أنهما كانا شيئا واحدا ففصل الله بينهما بالهواء .ومنهم من يرى أن معنى «كانتا رتقا» أن السموات السبع كانت متلاصقة بعضها ببعض ففتقها الله- تعالى- بأن جعلها سبع سموات منفصلة، والأرضون كانت كذلك رتقا، ففصل الله- تعالى- بينها وجعلها سبعا.قال مجاهد: كانت السموات طبقة واحدة مؤتلفة، ففتقها فجعلها سبع سموات، وكذلك الأرضين كانت طبقة واحدة ففتقها فجعلها سبعا .وقد رجح بعض العلماء المعنى الأول فقال ما ملخصه: كونهما «كانتا رتقا» بمعنى أن السماء لا ينزل منها مطر، والأرض لا تنبت، ففتق- سبحانه- السماء بالمطر والأرض بالنبات، هو الراجح وتدل عليه قرائن من كتاب الله- تعالى- منها:أن قوله- تعالى-: أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا.. يدل على أنهم رأوا ذلك لأن الأظهر في رأى أنها بصرية، والذي يرونه بأبصارهم هو أن السماء تكون لا ينزل منها مطر، والأرض لا نبات فيها. فيشاهدون بأبصارهم نزول المطر من السماء، وخروج النبات من الأرض.ومنها: أنه- سبحانه- أتبع ذلك بقوله: وَجَعَلْنا مِنَ الْماءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ والظاهر اتصال هذا الكلام بما قبله. أى: وجعلنا من الماء الذي أنزلناه بفتقنا السماء، وأنبتنا به أنواع النبات بفتقنا الأرض، كل شيء حي.ومنها: أن هذا المعنى جاء موضحا في آيات أخرى، كقوله- تعالى-: وَالسَّماءِ ذاتِ الرَّجْعِ. وَالْأَرْضِ ذاتِ الصَّدْعِ والمراد بالرجع: نزول المطر من السماء تارة بعد أخرى، والمراد بالصدع: انشقاق الأرض عن النبات. واختار هذا القول ابن جرير وابن عطية والفخر الرازي.فإن قيل: هذا الوجه مرجوح، لأن المطر لا ينزل من السموات، بل من سماء واحدة وهي سماء الدنيا؟قلنا: إنما أطلق عليه لفظ الجمع، لأن كل قطعة فيها سماء كما يقال: ثوب أخلاق- أى:قطع .والآية الكريمة مسوقة لتجهيل المشركين وتوبيخهم على كفرهم، مع أنهم يشاهدون بأعينهم ما يدل دلالة واضحة على وحدانية الله- تعالى- وقدرته، ويعلمون أن من كان كذلك،لا يصح أن تترك عبادته إلى عبادة حجر أو نحوه، مما لا يضر ولا ينفع.والمعنى: أو لم يشاهد الذين كفروا بأبصارهم، ويعلموا بعقولهم، أن السموات والأرض كانتا رتقا، بحيث لا ينزل من السماء مطر، ولا يخرج من الأرض نبات، ففتق الله- تعالى- السماء بالمطر، والأرض بالنبات.إنهم بلا شك يشاهدون ذلك، ويعقلونه بأفكارهم. ولكنهم لاستيلاء الجحود والعناد عليهم، يعبدون من دونه- سبحانه- مالا ينفع من عبده، ولا يضر من عصاه.وقال- سبحانه-: كانَتا بالتثنية، باعتبار النوعين اللذين هما نوع السماء، ونوع الأرض، كما في قوله- عز وجل-: إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ أَنْ تَزُولا ...وقوله- تعالى-: وَجَعَلْنا مِنَ الْماءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ.. تأكيد لمضمون ما سبق، وتقرير لوحدانيته ونفاذ قدرته- سبحانه- والجعل بمعنى الخلق. ومِنَ ابتدائية.أى: وخلقنا من الماء بقدرتنا النافذة، كل شيء متصف بالحياة الحقيقية وهو الحيوان، أو كل شيء نام فيدخل النبات، ويراد من الحياة ما يشمل النمو.وهذا العام مخصوص بما سوى الملائكة والجن مما هو حي، لأن الملائكة- كما جاء في بعض الأخبار خلقوا من النور، والجن مخلوقون من النار.قال- تعالى- خَلَقَ الْإِنْسانَ مِنْ صَلْصالٍ كَالْفَخَّارِ وَخَلَقَ الْجَانَّ مِنْ مارِجٍ مِنْ نارٍ.قال القرطبي: وفي قوله- تعالى-: وَجَعَلْنا مِنَ الْماءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ ثلاث تأويلات: أحدها: أنه خلق كل شيء من الماء. قاله قتادة. الثاني: حفظ حياة كل شيء بالماء: الثالث: وجعلنا من ماء الصلب- أى: النطفة- كل شيء حي.. .وقوله: أَفَلا يُؤْمِنُونَ إنكار لعدم إيمانهم مع وضوح كل ما يدعو إلى الإيمان الحق، والفاء للعطف على مقدر يستدعيه هذا الإنكار.أى: أيشاهدون بأعينهم ما يدل على وحدانية الله وقدرته. ومع ذلك لا يؤمنون؟إن أمرهم هذا لمن أعجب العجب، وأغرب الغرائب!!.
21:31
وَ جَعَلْنَا فِی الْاَرْضِ رَوَاسِیَ اَنْ تَمِیْدَ بِهِمْ وَ جَعَلْنَا فِیْهَا فِجَاجًا سُبُلًا لَّعَلَّهُمْ یَهْتَدُوْنَ(۳۱)
اور زمین میں ہم نے لنگر ڈالے (ف۵۸) کہ انھیں لے کر نہ کانپے اور ہم نے اس میں کشادہ راہیں رکھیں کہ کہیں وہ راہ پائیں (ف۵۹)

ثم ساق- سبحانه- أدلة أخرى على وحدانيته وقدرته فقال: وَجَعَلْنا فِي الْأَرْضِ رَواسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِهِمْ ...الرواسي: جمع راسية، من رسا الشيء إذا ثبت ورسخ، والمراد بها الجبال الثابتة الراسخة في الأرض.أى: وجعلنا في الأرض جبالا ثوابت، كراهة أن تَمِيدَ بِهِمْ أى: أن تضطرب وتتحرك بهم الأرض. يقال: ماد الشيء يميد ميدا- من باب باع إذا تحرك واهتز.وَجَعَلْنا فِيها فِجاجاً سُبُلًا لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ، والفجاج. جمع فج وهو الطريق الواسع.والسبل: جمع سبيل وهو الطريق. وهو بدل من فِجاجاً.أى: وجعلنا في الأرض طرقا واسعة، ومنافذ متعددة، لعلهم بذلك يهتدون ويتوصلون إلى الأماكن التي يريدون الوصول إليها. ويعلمون أن الذي وهبهم كل هذه النعم، هو الله- تعالى- الذي يجب أن يخلصوا له العبادة والطاعة.
21:32
وَ جَعَلْنَا السَّمَآءَ سَقْفًا مَّحْفُوْظًا ۚۖ-وَّ هُمْ عَنْ اٰیٰتِهَا مُعْرِضُوْنَ(۳۲)
اور ہم نے آسمان کو چھت بنایا نگاہ رکھی گئی (ف۶۰) اور وہ (ف۶۱) اس کی نشانیوں سے روگرداں ہیں (ف۶۲)

وَجَعَلْنَا السَّماءَ سَقْفاً مَحْفُوظاً وَهُمْ عَنْ آياتِها مُعْرِضُونَ أى: وجعلنا السماء سقفا للأرض كما يكون السقف للبيت، وجعلناه محفوظا من السقوط ومن التشقق، ومن كل شيطان رجيم. وهم- أى المشركون- عن آياتها الدالة على قدرتنا ووحدانيتنا وعلمنا. معرضون ذاهلون، لا يتعظون ولا يتذكرون.ومن الآيات الدالة على حفظ السماء من السقوط، قوله- تعالى-: ... وَيُمْسِكُ السَّماءَ أَنْ تَقَعَ عَلَى الْأَرْضِ إِلَّا بِإِذْنِهِ إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَؤُفٌ رَحِيمٌ .ومن الآيات الدالة على حفظها من التشقق والتفطر قوله- سبحانه-: أَفَلَمْ يَنْظُرُوا إِلَى السَّماءِ فَوْقَهُمْ كَيْفَ بَنَيْناها وَزَيَّنَّاها وَما لَها مِنْ فُرُوجٍ. .وعلى حفظها من الشياطين قوله- تعالى-: وَحَفِظْناها مِنْ كُلِّ شَيْطانٍ رَجِيمٍ .ومن الآيات الدالة على إعراض هؤلاء المشركين عن العبر والعظات قوله- سبحانه-:وَكَأَيِّنْ مِنْ آيَةٍ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ يَمُرُّونَ عَلَيْها وَهُمْ عَنْها مُعْرِضُونَ .
21:33
وَ هُوَ الَّذِیْ خَلَقَ الَّیْلَ وَ النَّهَارَ وَ الشَّمْسَ وَ الْقَمَرَؕ-كُلٌّ فِیْ فَلَكٍ یَّسْبَحُوْنَ(۳۳)
اور وہی ہے جس نے بنائے رات (ف۶۳) اور دن (ف۶۴) اور سورج اور چاند ہر ایک ایک گھیرے میں پیر رہا ہے (ف۶۵)

ثم ختم- سبحانه- هذه الآيات الدالة على قدرته ووحدانيته بقوله- تعالى- وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ، وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ، كُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ.أى: وهو وحده- سبحانه- الذي خلق بقدرته الليل والنهار بهذا النظام البديع، وخلق الشمس والقمر بهذا الإحكام العجيب «كل» أى: كل واحد من الشمس والقمر يسير في فلكه وطريقه المقدر له بسرعة وانتظام، كالسابح في الماء.وقوله: يَسْبَحُونَ من السبح وهو المر السريع في الماء أو الهواء.وجاء يسبحون بضمير العقلاء. لكون السباحة المسندة إليهما من فعل العقلاء، كما في قوله- تعالى-: وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي ساجِدِينَ.هذا والمتأمل في هذه الآيات يراها قد ساقت جملة من الأدلة على وحدانية الله- تعالى- وعلى كمال قدرته.ثم بين- سبحانه- أن مصير البشر جميعا إلى الفناء، وأن كل نفس ذائقة الموت، وأن من طبيعة الإنسان تعجل الأمور قبل أوانها، وأن المشركين لو علموا المصير السيئ الذي ينتظرهم يوم القيامة، لما قالوا ما قالوه من باطل، ولما فعلوا ما فعلوه من قبائح، قال- تعالى-:
21:34
وَ مَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِّنْ قَبْلِكَ الْخُلْدَؕ-اَفَاۡىٕنْ مِّتَّ فَهُمُ الْخٰلِدُوْنَ(۳۴)
اور ہم نے تم سے پہلے کسی آدمی کے لیے دنیا میں ہمیشگی نہ بنائی (ف۶۶) تو کیا اگر تم انتقال فرماؤ تو یہ ہمیشہ رہیں گے (ف۶۷)

قال القرطبي: قوله- تعالى-: وَما جَعَلْنا لِبَشَرٍ مِنْ قَبْلِكَ الْخُلْدَ أى دوام البقاء في الدنيا.نزلت حين قالوا: نتربص بمحمد صلّى الله عليه وسلّم ريب المنون. وذلك أن المشركين كانوا يدفعون نبوته ويقولون: شاعر نتربص به ريب المنون، ولعله يموت كما مات شاعر بنى فلان، فقال الله- تعالى-: قد مات الأنبياء قبلك يا محمد، وتولى الله دينه بالنصر والحياطة، فهكذا نحفظ دينك وشرعك.. .والاستفهام في قوله- سبحانه-: أَفَإِنْ مِتَّ فَهُمُ الْخالِدُونَ للإنكار والنفي..والمعنى: وما جعلنا- أيها الرسول الكريم- لبشر من قبلك- كائنا من كان- الخلود في هذه الحياة، وأنت إن مت فهم- أيضا- سيموتون في الوقت الذي حدده الله- تعالى- لانقضاء عمرك وأعمارهم، وما دام الأمر كذلك فذرهم في جهالتهم يعمهون، ولا تلتفت إلى شماتتهم فيك، أو إلى تربصهم بك، فإنك ميت وإنهم ميتون، وكل شيء هالك إلا وجهه له الحكم وإليه ترجعون، ورحم الله الإمام الشافعى حيث يقول:تمنى أناس أن أموت. وإن أمت ... فتلك سبيل لست فيها بأوحدفقل للذي يبغى خلاف الذي مضى ... تهيأ لأخرى مثلها، وكأن قدوقال شاعر آخر:إذا ما الدهر جر على أناس ... كلاكله أناخ بآخرينافقل للشامتين بنا أفيقوا ... سيلقى الشامتون كما لقينا
21:35
كُلُّ نَفْسٍ ذَآىٕقَةُ الْمَوْتِؕ-وَ نَبْلُوْكُمْ بِالشَّرِّ وَ الْخَیْرِ فِتْنَةًؕ-وَ اِلَیْنَا تُرْجَعُوْنَ(۳۵)
ہر جان کو موت کا مزہ چکھنا ہے، اور ہم تمہاری آزمائش کرتے ہیں برائی اور بھلائی سے (ف۶۸) جانچنے کو (ف۶۹) اور ہماری ہی طرف تمہیں لوٹ کر آنا ہے (ف۷۰)

ثم أكد- سبحانه- عدم خلود بشر في هذه الحياة فقال: كُلُّ نَفْسٍ ذائِقَةُ الْمَوْتِ.أى: كل نفس أوجدها الله- تعالى- في هذه الحياة، ستذوق مرارة نزول الموت بها.ومفارقة روحها لجسدها.قال الآلوسى ما ملخصه: والموت عند الأشعرى، كيفية وجودية تضاد الحياة، وعند كثيرين غيره: أنه عدم الحياة عما من شأنه الحياة بالفعل.وقال بعضهم: المراد بالنفس هنا: النفس الإنسانية لأن الكلام مسوق لنفى خلود البشر.واختير عمومها لتشمل نفوس البشر والجن وسائر نفوس الحيوان .وقوله- تعالى-: وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنا تُرْجَعُونَ بيان لسنة من سننه- تعالى- في معاملة عباده.وقوله- سبحانه-: وَنَبْلُوكُمْ من البلو بمعنى الاختبار والامتحان. يقال: فلان بلاه الله بخير أو شر يبلوه بلوا، وأبلاه وابتلاه ابتلاء، بمعنى امتحنه .وقوله: فِتْنَةً مصدر مؤكد لنبلوكم من غير لفظه.أى: كل نفس ذائقة الموت، ونختبركم في هذه الحياة بألوان من النعم وبألوان من المحن، لنرى أتشكرون عند النعمة، وتصبرون عند المحنة، أم يكون حالكم ليس كذلك؟ وفي جميع الأحوال فإن مرجعكم إلينا لا محالة، وسنجازيكم بما تستحقون من ثواب على شكركم وصبركم، وسنجازى غير الشاكرين وغير الصابرين بما يستحقون من عقاب، ولا يظلم ربك أحدا.قال بعض العلماء: «والابتلاء بالشر مفهوم أمره ليتكشف مدى احتمال المبتلى، ومدى صبره على الضر، ومدى ثقته في ربه، ورجائه في رحمته.. فأما الابتلاء بالخير فهو في حاجة إلى بيان.إن الابتلاء بالخير أشد وطأة. فكثيرون يصمدون أمام الابتلاء بالشر ولكن القلة القليلة هي التي تصمد للابتلاء بالخير.كثيرون يصبرون على الابتلاء بالمرض والضعف، وقليلون هم الذين يصبرون على الابتلاء بالصحة والقدرة.كثيرون يصبرون على الفقر والحرمان، فلا تتهاوى نفوسهم ولا تذل. وقليلون هم الذين يصبرون على الثراء ومغرياته وما يثيره من أطماع.كثيرون يصبرون على الكفاح والجراح، وقليلون هم الذين يصبرون على الدعة، ولا يصابون بالحرص الذي يذل أعناق الرجال.إن الابتلاء بالشر قد يثير الكبرياء، ويستحث المقاومة ويجند الأعصاب لاستقبال الشدة..أما الرخاء فقد يرخى الأعصاب ويفقدها المقاومة.. إلا من عصم الله، وصدق رسوله الله صلّى الله عليه وسلّم حيث يقول: «عجبا لأمر المؤمن، إن أمره كله خير، وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن، إن أصابته سراء شكر فكان خيرا له، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرا له» .وشبيه بهذه الآية قوله- تعالى-: وَلَقَدْ أَرْسَلْنا إِلى أُمَمٍ مِنْ قَبْلِكَ فَأَخَذْناهُمْ بِالْبَأْساءِ وَالضَّرَّاءِ لَعَلَّهُمْ يَتَضَرَّعُونَ .وقوله- سبحانه-: وَبَلَوْناهُمْ بِالْحَسَناتِ وَالسَّيِّئاتِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ .
21:36
وَ اِذَا رَاٰكَ الَّذِیْنَ كَفَرُوْۤا اِنْ یَّتَّخِذُوْنَكَ اِلَّا هُزُوًاؕ-اَهٰذَا الَّذِیْ یَذْكُرُ اٰلِهَتَكُمْۚ-وَ هُمْ بِذِكْرِ الرَّحْمٰنِ هُمْ كٰفِرُوْنَ(۳۶)
اور جب کافر تمہیں دیکھتے ہیں تو تمہیں نہیں ٹھہراتے مگر ٹھٹھا (ف۷۱) کیا یہ ہیں وہ جو تمہارے خداؤں کو برا کہتے ہیں اور وہ (ف۷۲) رحمن ہی کی یاد سے منکر ہیں (ف۷۳)

ثم حكى- سبحانه- جانبا من السفاهات التي كان المشركون يقابلون بها النبي صلّى الله عليه وسلّم فقال: وَإِذا رَآكَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَتَّخِذُونَكَ إِلَّا هُزُواً.أى: وإذا أبصرك المشركون- أيها الرسول الكريم- سخروا منك، واستخفوا بك وقالوا على سبيل التهوين من شأنك: أَهذَا الَّذِي يَذْكُرُ آلِهَتَكُمْ أى: أهذا هو مدعى النبوة الذي يذكر آلهتكم بسوء ويعيبها، وينفى شفاعتها لنا، وأنها تقربنا إلى الله زلفى.وقوله- سبحانه-: وَهُمْ بِذِكْرِ الرَّحْمنِ هُمْ كافِرُونَ في محل نصب حال من ضمير القول المقدر.أى: أنهم يقولون فيما بينهم أهذا هو الرسول الذي يذكر آلهتكم بسوء، والحال أن هؤلاء المشركين الجاهلين، كافرون بالقرآن الذي أنزله الله- تعالى- عليك- أيها الرسول الكريم- لتخرج الناس به من الظلمات إلى النور.فالآية الكريمة تنعى على هؤلاء المشركين جهالاتهم وسفاهاتهم، حيث استكثروا على الرسول صلّى الله عليه وسلّم أن يذم آلهتهم التي لا تنفع ولا تضر ولم يستكثروا على أنفسهم، أن يكفروا بخالقهم وبذكره الذي أنزله على نبيه صلّى الله عليه وسلّم ليكون رحمة لهم.قال صاحب الكشاف: الذكر يكون بخير وبخلافه. فإذا دلت الحال على أحدهما أطلق ولم يقيد. كقولك للرجل: سمعت فلانا يذكرك، فإن كان الذاكر صديقا فهو ثناء، وإن كان عدوا فهو ذم، ومنه قوله: أَهذَا الَّذِي يَذْكُرُ آلِهَتَكُمْ.والمعنى: أنهم عاكفون على ذكر آلهتهم بهممهم، وربما يجب أن لا تذكر به من كونهم شفعاء وشهداء. ويسوءهم أن يذكرها ذاكر بخلاف ذلك. وأما ذكر الله- تعالى- وما يجب أن يذكر به من الوحدانية، فهم به كافرون لا يصدقون به أصلا، فهم أحق بأن يتّخذوا هزوا منك، فإنك محق وهم مبطلون.. فسبحان من أضلهم حتى تأدبوا مع الأوثان، وأساءوا الأدب مع الرحمن» .
21:37
خُلِقَ الْاِنْسَانُ مِنْ عَجَلٍؕ-سَاُورِیْكُمْ اٰیٰتِیْ فَلَا تَسْتَعْجِلُوْنِ(۳۷)
آدمی جلد باز بنایا گیا، اب میں تمہیں اپنی نشانیاں دکھاؤں گا مجھ سے جلدی نہ کرو (ف۷۴)

ثم بين- سبحانه- ما جبل عليه الإنسان من تسرع وتعجل فقال: خُلِقَ الْإِنْسانُ مِنْ عَجَلٍ.والعجل: طلب الشيء وتحريه قبل أوانه، وهو ضد البطء.والمراد بالإنسان: جنسه.والمعنى: خلق جنس الإنسان مجبولا على العجلة والتسرع فتراه يستعجل حدوث الأشياء قبل وقتها المحدد لها، مع أن ذلك قد يؤدى إلى ضرره.فالمراد من الآية الكريمة وصف الإنسان بالمبالغة في تعجل الأمور قبل وقتها، حتى لكأنه مخلوق من نفس التعجل. والعرب تقول: فلان خلق من كذا، يعنون بذلك المبالغة في اتصاف هذا الإنسان بما وصف به، ومنه قولهم خلق فلان من كرم، وخلقت فلانة من الجمال.وقوله: سَأُرِيكُمْ آياتِي فَلا تَسْتَعْجِلُونِ تهديد وزجر لأولئك الكافرين الذين كانوا يستعجلون العذاب.أى: سأريكم عقابي وانتقامي منكم- أيها المشركون- فلا تتعجلوا ذلك فإنه آت لا ريب فيه.قال ابن كثير: والحكمة في ذكر عجلة الإنسان هنا: أنه- سبحانه- لما ذكر المستهزئين بالرسول صلّى الله عليه وسلّم وقع في النفوس سرعة الانتقام منهم. فقال- سبحانه-: خُلِقَ الْإِنْسانُ مِنْ عَجَلٍ لأنه- تعالى- يملى للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته، يؤجل ثم يعجل، وينظر ثم لا يؤخر، ولهذا قال: سَأُرِيكُمْ آياتِي أى: نقمى واقتدارى على من عصاني فَلا تَسْتَعْجِلُونِ .وقال الآلوسى: «والنهى عن استعجالهم إياه- تعالى- مع أن نفوسهم جبلت على العجلة، ليمنعوها عما تريده وليس هذا من التكليف بما لا يطاق. لأنه- سبحانه- أعطاهم من الأسباب ما يستطيعون به كف النفس عن مقتضاها، ويرجع هذا النهى إلى الأمر بالصبر» .
21:38
وَ یَقُوْلُوْنَ مَتٰى هٰذَا الْوَعْدُ اِنْ كُنْتُمْ صٰدِقِیْنَ(۳۸)
اور کہتے ہیں کب ہوگا یہ وعدہ (ف۷۵) اگر تم سچے ہو،

ثم أكد - سبحانه - ما يدل على تعجلهم لما فيه هلاكهم فقال : ( وَيَقُولُونَ متى هذا الوعد إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ ) .أى : أن هؤلاء المشركين بلغ من طغيانهم وجهلهم أنهم كانوا يتعجلون العذاب الذى توعدهم الله - تعالى - به إذا ما استمروا على كفرهم . ويقولون للرسول - صلى الله عليه وسلم - ولأصحابه - على سبيل التهكم والاستهزاء - متى يقع هذا العذاب الذى توعدتمونا به . إننا مترقبون له ، فإن كنتم صادقين فى وعيدكم ، فأسرعوا فى إنزاله . وأسرعوا فى دعوة ربكم - سبحانه - أن يأتى بالساعة .وجواب الشرط لقوله ( إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ ) محذوف ، لدلالة ما قبله عليه .أى : إن كنتم صادقين فى وعيدكم بأن هناك عذابا ينتظرنا ، فأتوا به بسرعة .
21:39
لَوْ یَعْلَمُ الَّذِیْنَ كَفَرُوْا حِیْنَ لَا یَكُفُّوْنَ عَنْ وُّجُوْهِهِمُ النَّارَ وَ لَا عَنْ ظُهُوْرِهِمْ وَ لَا هُمْ یُنْصَرُوْنَ(۳۹)
کسی طرح جانتے کافر اس وقت کو جب نہ روک سکیں گے اپنے مونہوں سے آگے (ف۷۶) اور نہ اپنی پیٹھوں سے اور نہ ان کی مدد ہو (ف۷۷)

وهنا يسوق القرآن ما يدل على غفلتهم وسوء تفكيرهم، وعلى أنهم لو كانوا يعلمون ما ينتظرهم من عذاب يوم القيامة، لما تفوهوا بما تفوهوا به- فيقول- سبحانه- لَوْ يَعْلَمُ الَّذِينَ كَفَرُوا حِينَ لا يَكُفُّونَ عَنْ وُجُوهِهِمُ النَّارَ وَلا عَنْ ظُهُورِهِمْ، وَلا هُمْ يُنْصَرُونَ.وجواب «لو» محذوف. و «يعلم» بمعنى يعرف، و «حين» مفعوله.أى: لو عرف الكافرون وقت وقوع العذاب بهم. وما فيه من فظائع تجعلهم يعجزون عن دفع النار عن وجوههم وعن ظهورهم.. لو يعرفون ذلك لما استعجلوه. ولما استخفوا بالنبي صلّى الله عليه وسلّم وبأصحابه، لكن عدم معرفتهم هي التي جعلتهم يستعجلون ويستهزئون.وخص- سبحانه- الوجوه والظهور بالذكر. لكونهما أظهر الجوانب، ولبيان أن العذاب سيغشاهم من أمامهم ومن خلفهم دون أن يملكوا له دفعا.وقال- سبحانه- وَلا هُمْ يُنْصَرُونَ لبيان أنهم مع عجزهم عن دفع العذاب بأنفسهم. فإن غيرهم- أيضا- لن يستطيع دفعه عنهم.قال صاحب الكشاف: «جواب «لو» محذوف. و «حين» مفعول به ليعلم. أى: لو يعلمون الوقت الذي يستعلمون عنه بقولهم: «متى هذا الوعد» وهو وقت صعب شديد تحيط بهم فيه النار من وراء وقدام، فلا يقدرون على دفعها ومنعها من أنفسهم، ولا يجدون ناصرا ينصرهم لما كانوا بتلك الصفة من الكفر والاستهزاء والاستعجال، ولكن جهلهم به هو الذي هونه عندهم، ويجوز أن يكون «يعلم» متروكا بلا تعدية، بمعنى: لو كان معهم علم ولم يكونوا جاهلين، لما كانوا مستعجلين، وحين: منصوب بمضمر، أى حين «لا يكفون عن وجوههم النار» يعلمون أنهم كانوا على الباطل.. .
21:40
بَلْ تَاْتِیْهِمْ بَغْتَةً فَتَبْهَتُهُمْ فَلَا یَسْتَطِیْعُوْنَ رَدَّهَا وَ لَا هُمْ یُنْظَرُوْنَ(۴۰)
بلکہ وہ ان پر اچانک آپڑے گی (ف۷۸) تو انہیں بے حواس کردے گی پھر نہ وہ اسے پھیرسکیں گے اور نہ انہیں مہلت دی جائے گی (ف۷۹)

وقوله- سبحانه- بَلْ تَأْتِيهِمْ بَغْتَةً فَتَبْهَتُهُمْ.. بيان لسرعة قيام الساعة، ومفاجأتها لهم. أى: بل تأتيهم الساعة الموعود بها، وبعذابهم فيها، مفاجأة من غير شعور بمجيئها «فتبهتهم» أى: فتدهشهم وتحيرهم، والبهت: الانقطاع والحيرة.«فلا يستطيعون ردها» أى: فلا يستطيعون دفع الساعة أوردها عنهم وَلا هُمْ يُنْظَرُونَ أى: ولا هم يمهلون لتوبة أو معذرة.
  FONT
  THEME
  TRANSLATION
  • English | Ahmed Ali
  • Urdu | Ahmed Raza Khan
  • Turkish | Ali-Bulaç
  • German | Bubenheim Elyas
  • Chinese | Chineese
  • Spanish | Cortes
  • Dutch | Dutch
  • Portuguese | El-Hayek
  • English | English
  • Urdu | Fateh Muhammad Jalandhry
  • French | French
  • Hausa | Hausa
  • Indonesian | Indonesian-Bahasa
  • Italian | Italian
  • Korean | Korean
  • Malay | Malay
  • Russian | Russian
  • Tamil | Tamil
  • Thai | Thai
  • Farsi | مکارم شیرازی
  TAFSEER
  • العربية | التفسير الميسر
  • العربية | تفسير الجلالين
  • العربية | تفسير السعدي
  • العربية | تفسير ابن كثير
  • العربية | تفسير الوسيط لطنطاوي
  • العربية | تفسير البغوي
  • العربية | تفسير القرطبي
  • العربية | تفسير الطبري
  • English | Arberry
  • English | Yusuf Ali
  • Dutch | Keyzer
  • Dutch | Leemhuis
  • Dutch | Siregar
  • Urdu | Sirat ul Jinan
  HELP

اَلْاَ نْبِيَآء
اَلْاَ نْبِيَآء
  00:00



Download

اَلْاَ نْبِيَآء
اَلْاَ نْبِيَآء
  00:00



Download