READ

Surah Saba

سَبَا
54 Ayaat    مکیۃ


34:0
بِسْمِ اللّٰهِ الرَّحْمٰنِ الرَّحِیْمِ
اللہ کے نام سے شروع جو بہت مہربان رحمت والا

القول في تأويل الاستعاذةتأويل قوله : ( أعوذ ) .قال أبو جعفر : والاستعاذة : الاستجارة . وتأويل قول القائل : ( أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ) أستجير بالله - دون غيره من سائر خلقه - من الشيطان أن يضرني في ديني ، أو يصدني عن حق يلزمني لربي .تأويل قوله : ( من الشيطان )قال أبو جعفر : والشيطان ، في كلام العرب : كل متمرد من الجن والإنس والدواب وكل شيء . وكذلك قال ربنا جل ثناؤه : ( وكذلك جعلنا لكل نبي عدوا شياطين الإنس والجن ) [ سورة الأنعام : 112 ] ، فجعل من الإنس شياطين ، مثل الذي جعل من الجن .وقال عمر بن الخطاب رحمة الله عليه ، وركب برذونا فجعل يتبختر به ، فجعل يضربه فلا يزداد إلا تبخترا ، فنزل عنه ، وقال : ما حملتموني إلا على شيطان! ما نزلت عنه حتى أنكرت نفسي .136 - حدثنا بذلك يونس بن عبد الأعلى ، قال : أنبأنا ابن وهب ، قال : أخبرني هشام بن سعد ، عن زيد بن أسلم ، عن أبيه ، عن عمر .قال أبو جعفر : وإنما سمي المتمرد من كل شيء شيطانا ، لمفارقة أخلاقه وأفعاله أخلاق سائر جنسه وأفعاله ، وبعده من الخير . وقد قيل : إنه أخذ من [ ص: 112 ] قول القائل : شطنت داري من دارك - يريد بذلك : بعدت . ومن ذلك قول نابغة بني ذبيان :نأت بسعاد عنك نوى شطون فبانت والفؤاد بها رهينوالنوى : الوجه الذي نوته وقصدته . والشطون : البعيد . فكأن الشيطان - على هذا التأويل - فيعال من شطن . ومما يدل على أن ذلك كذلك ، قول أمية بن أبي الصلت :أيما شاطن عصاه عكاه ثم يلقى في السجن والأكبالولو كان فعلان ، من شاط يشيط ، لقال : أيما شائط ، ولكنه قال : أيما شاطن ، لأنه من "شطن يشطن ، فهو شاطن" .تأويل قوله : ( الرجيم ) .وأما الرجيم فهو : فعيل بمعنى مفعول ، كقول القائل : كف خضيب ، ولحية دهين ، ورجل لعين ، يريد بذلك : مخضوبة ومدهونة وملعون . وتأويل الرجيم : الملعون المشتوم . وكل مشتوم بقول رديء أو سب فهو مرجوم . وأصل الرجم الرمي ، بقول كان أو بفعل . ومن الرجم بالقول قول أبي إبراهيم لإبراهيم صلوات الله عليه : ( لئن لم تنته لأرجمنك ) [ سورة مريم : 46 ] .وقد يجوز أن يكون قيل للشيطان رجيم ، لأن الله جل ثناؤه طرده من سماواته ، ورجمه بالشهب الثواقب [ ص: 113 ]وقد روي عن ابن عباس ، أن أول ما نزل جبريل على النبي صلى الله عليه وسلم علمه الاستعاذة .137 - حدثنا أبو كريب ، قال : حدثنا عثمان بن سعيد ، قال : حدثنا بشر بن عمارة ، قال : حدثنا أبو روق ، عن الضحاك ، عن عبد الله بن عباس ، قال : أول ما نزل جبريل على محمد قال : "يا محمد استعذ ، قل : أستعيذ بالسميع العليم من الشيطان الرجيم " ، ثم قال : قل : "بسم الله الرحمن الرحيم " ، ثم قال : ( اقرأ باسم ربك الذي خلق ) [ العلق : 1 ] . قال عبد الله : وهي أول سورة أنزلها الله على محمد بلسان جبريل .فأمره أن يتعوذ بالله دون خلقه .القول في تأويل بسم الله الرحمن الرحيمالقول في تأويل قوله : ( بسم )قال أبو جعفر : إن الله تعالى ذكره وتقدست أسماؤه أدب نبيه محمدا صلى الله عليه وسلم بتعليمه تقديم ذكر أسمائه الحسنى أمام جميع أفعاله ، ، وتقدم إليه في وصفه بها قبل جميع مهماته ، وجعل ما أدبه به من ذلك وعلمه إياه ، منه لجميع خلقه سنة يستنون بها ، وسبيلا يتبعونه عليها ، فبه افتتاح أوائل منطقهم ، وصدور رسائلهم وكتبهم وحاجاتهم ، حتى أغنت دلالة ما ظهر من قول القائل : "بسم الله " ، على ما بطن من مراده الذي هو محذوف .وذلك أن الباء من "بسم الله " مقتضية فعلا يكون لها جالبا ، ولا فعل معها ظاهر ، فأغنت سامع القائل "بسم الله " معرفته بمراد قائله ، عن إظهار قائل ذلك مراده قولا إذ كان كل ناطق به عند افتتاحه أمرا ، قد أحضر منطقه به - إما معه ، وإما قبله بلا فصل - ما قد أغنى سامعه عن دلالة شاهدة على الذي من أجله افتتح قيله به . فصار استغناء سامع ذلك منه عن إظهار ما حذف منه ، نظير استغنائه - إذا سمع قائلا قيل له : ما أكلت اليوم ؟ فقال : "طعاما " - عن أن يكرر المسئول مع قوله "طعاما " ، أكلت ، لما قد ظهر لديه من الدلالة على أن ذلك معناه ، بتقدم مسألة السائل إياه عما أكل . فمعقول إذا أن قول [ ص: 115 ] القائل إذا قال : "بسم الله الرحمن الرحيم " ثم افتتح تاليا سورة ، أن إتباعه "بسم الله الرحمن الرحيم " تلاوة السورة ، ينبئ عن معنى قوله : "بسم الله الرحمن الرحيم " ومفهوم به أنه مريد بذلك : أقرأ بسم الله الرحمن الرحيم . وكذلك قوله : "بسم الله " عند نهوضه للقيام أو عند قعوده وسائر أفعاله ، ينبئ عن معنى مراده بقوله "بسم الله " ، وأنه أراد بقيله "بسم الله " ، أقوم باسم الله ، وأقعد باسم الله . وكذلك سائر الأفعال .وهذا الذي قلنا في تأويل ذلك ، هو معنى قول ابن عباس الذي : -138 - حدثنا به أبو كريب ، قال : حدثنا عثمان بن سعيد ، قال : حدثنا بشر بن عمارة ، قال : حدثنا أبو روق ، عن الضحاك ، عن عبد الله بن عباس ، قال : إن أول ما نزل به جبريل على محمد ، قال : "يا محمد ، قل : أستعيذ بالسميع العليم من الشيطان الرجيم " ثم قال : "قل بسم الله الرحمن الرحيم " . قال : قال له جبريل : قل بسم الله يا محمد ، يقول : اقرأ بذكر الله ربك ، وقم واقعد بذكر الله .قال أبو جعفر : فإن قال لنا قائل : فإن كان تأويل قوله "بسم الله " ما وصفت ، والجالب الباء في "بسم الله " ما ذكرت ، فكيف قيل "بسم الله " ، بمعنى أقرأ باسم الله " ، أو أقوم أو أقعد باسم الله ؟ وقد علمت أن كل قارئ كتاب الله ، فبعون الله وتوفيقه قراءته ، وأن كل قائم أو قاعد أو فاعل فعلا فبالله قيامه وقعوده وفعله . وهلا - إذ كان ذلك كذلك - قيل " بالله الرحمن الرحيم " ولم يقل "بسم الله " ؟ فإن قول القائل : أقوم وأقعد بالله الرحمن الرحيم ، أو أقرأ بالله - أوضح معنى لسامعه من قوله "بسم الله " ، إذ كان قوله أقوم "أقوم أو أقعد باسم الله " ، يوهم سامعه أن قيامه وقعوده بمعنى غير الله .قيل له ، وبالله التوفيق : إن المقصود إليه من معنى ذلك غير ما توهمته في نفسك . وإنما معنى قوله "باسم الله " : أبدأ بتسمية الله وذكره قبل كل شيء ، [ ص: 116 ] أو أقرأ بتسميتي الله ، أو أقوم وأقعد بتسميتي الله وذكره - لا أنه يعني بقيله "بسم الله " : أقوم بالله ، أو أقرأ بالله ، فيكون قول القائل : أقرأ بالله ، أو أقوم أو أقعد بالله - أولى بوجه الصواب في ذلك من قوله "بسم الله " .فإن قال : فإن كان الأمر في ذلك على ما وصفت ، فكيف قيل : "بسم الله " وقد علمت أن الاسم اسم ، وأن التسمية مصدر من قولك سميت ؟قيل : إن العرب قد تخرج المصادر مبهمة على أسماء مختلفة ، كقولهم : أكرمت فلانا كرامة ، وإنما بناء مصدر "أفعلت " - إذا أخرج على فعله - "الإفعال " . وكقولهم : أهنت فلانا هوانا ، وكلمته كلاما . وبناء مصدر : "فعلت " التفعيل . ومن ذلك قول الشاعر :أكفرا بعد رد الموت عني وبعد عطائك المائة الرتاعايريد : إعطائك . ومنه قول الآخر :وإن كان هذا البخل منك سجية لقد كنت في طولي رجاءك أشعبايريد : في إطالتي رجاءك . ومنه قول الآخر :أظليم إن مصابكم رجلا أهدى السلام تحية ظلميريد : إصابتكم . والشواهد في هذا المعنى تكثر ، وفيما ذكرنا كفاية ، لمن وفق لفهمه . [ ص: 117 ]فإذ كان الأمر - على ما وصفنا ، من إخراج العرب مصادر الأفعال على غير بناء أفعالها - كثيرا ، وكان تصديرها إياها على مخارج الأسماء موجودا فاشيا ، فبين بذلك صواب ما قلنا من التأويل في قول القائل "بسم الله " ، أن معناه في ذلك عند ابتدائه في فعل أو قول : أبدأ بتسمية الله ، قبل فعلي ، أو قبل قولي .وكذلك معنى قول القائل عند ابتدائه بتلاوة القرآن : "بسم الله الرحمن الرحيم " ، إنما معناه : أقرأ مبتدئا بتسمية الله ، أو أبتدئ قراءتي بتسمية الله . فجعل "الاسم " مكان التسمية ، كما جعل الكلام مكان التكليم ، والعطاء مكان الإعطاء .وبمثل الذي قلنا من التأويل في ذلك ، روي الخبر عن عبد الله بن عباس .139 - حدثنا أبو كريب ، قال : حدثنا عثمان بن سعيد ، قال : حدثنا بشر بن عمارة ، قال : حدثنا أبو روق ، عن الضحاك ، عن عبد الله بن عباس ، قال : أول ما نزل جبريل على محمد صلى الله عليه وسلم قال : "يا محمد ، قل : أستعيذ بالسميع العليم من الشيطان الرجيم " ، ثم قال : "قل : بسم الله الرحمن الرحيم " .قال ابن عباس : "بسم الله " ، يقول له جبريل : يا محمد ، اقرأ بذكر الله ربك ، وقم واقعد بذكر الله .وهذا التأويل من ابن عباس ينبئ عن صحة ما قلنا - من أنه يراد بقول القائل مفتتحا قراءته : "بسم الله الرحمن الرحيم " : أقرأ بتسمية الله وذكره ، وأفتتح القراءة بتسمية الله ، بأسمائه الحسنى وصفاته العلى - ويوضح فساد قول من زعم أن معنى ذلك من قائله : بالله الرحمن الرحيم أول كل شيء ، مع أن العباد [ ص: 118 ] إنما أمروا أن يبتدئوا عند فواتح أمورهم بتسمية الله ، لا بالخبر عن عظمته وصفاته ، كالذي أمروا به من التسمية على الذبائح والصيد ، وعند المطعم والمشرب ، وسائر أفعالهم . وكذلك الذي أمروا به من تسميته عند افتتاح تلاوة تنزيل الله ، وصدور رسائلهم وكتبهم .ولا خلاف بين الجميع من علماء الأمة ، أن قائلا لو قال عند تذكيته بعض بهائم الأنعام "بالله " ، ولم يقل "بسم الله " ، أنه مخالف - بتركه قيل : "بسم الله " ما سن له عند التذكية من القول . وقد علم بذلك أنه لم يرد بقوله "بسم الله " "بالله " ، كما قال الزاعم أن اسم الله في قول الله : "بسم الله الرحمن الرحيم " هو الله . لأن ذلك لو كان كما زعم ، لوجب أن يكون القائل عند تذكيته ذبيحته "بالله " ، قائلا ما سن له من القول على الذبيحة . وفي إجماع الجميع على أن قائل ذلك تارك ما سن له من القول على ذبيحته - إذ لم يقل "بسم الله " - دليل واضح على فساد ما ادعى من التأويل في قول القائل : "بسم الله " ، أنه مراد به "بالله " ، وأن اسم الله هو الله .وليس هذا الموضع من مواضع الإكثار في الإبانة عن الاسم : أهو المسمى ، أم غيره ، أم هو صفة له ؟ فنطيل الكتاب به ، وإنما هذا موضع من مواضع الإبانة عن الاسم المضاف إلى الله : أهو اسم ، أم مصدر بمعنى التسمية ؟ [ ص: 119 ] فإن قال قائل : فما أنت قائل في بيت لبيد بن ربيعة :إلى الحول ، ثم اسم السلام عليكما ، ومن يبك حولا كاملا فقد اعتذرفقد تأوله مقدم في العلم بلغة العرب ، أنه معني به : ثم السلام عليكما ، وأن اسم السلام هو السلام ؟قيل له : لو جاز ذلك وصح تأويله فيه على ما تأول ، لجاز أن يقال : رأيت اسم زيد ، وأكلت اسم الطعام ، وشربت اسم الشراب; وفي إجماع جميع العرب على إحالة ذلك ما ينبئ عن فساد تأويل من تأول قول لبيد : "ثم اسم السلام [ ص: 120 ] عليكما " ، أنه أراد : ثم السلام عليكما ، وادعائه أن إدخال الاسم في ذلك وإضافته إلى السلام إنما جاز ، إذ كان اسم المسمى هو المسمى بعينه .ويسأل القائلون قول من حكينا قوله هذا ، فيقال لهم : أتستجيزون في العربية أن يقال : "أكلت اسم العسل " ، يعني بذلك : أكلت العسل ، كما جاز عندكم : اسم السلام عليك ، وأنتم تريدون : السلام عليك ؟فإن قالوا : نعم ! خرجوا من لسان العرب ، وأجازوا في لغتها ما تخطئه جميع العرب في لغتها . وإن قالوا : لا ؛ سئلوا الفرق بينهما . فلن يقولوا في أحدهما قولا إلا ألزموا في الآخر مثله .فإن قال لنا قائل : فما معنى قول لبيد هذا عندك ؟قيل له : يحتمل ذلك وجهين ، كلاهما غير الذي قاله من حكينا قوله .أحدهما : أن "السلام " اسم من أسماء الله ، فجائز أن يكون لبيد عنى بقوله : "ثم اسم السلام عليكما " ، ثم الزما اسم الله وذكره بعد ذلك ، ودعا ذكري والبكاء علي; على وجه الإغراء . فرفع الاسم ، إذ أخر الحرف الذي يأتي بمعنى الإغراء . وقد تفعل العرب ذلك ، إذا أخرت الإغراء وقدمت المغرى به ، وإن كانت قد تنصب به وهو مؤخر . ومن ذلك قول الشاعر :يا أيها المائح دلوي دونكا! إني رأيت الناس يحمدونكا!فأغرى ب "دونك " ، وهي مؤخرة ، وإنما معناه : دونك دلوي . فذلك قول لبيد :إلى الحول ثم اسم السلام عليكمايعني : عليكما اسم السلام ، أي : الزما ذكر الله ودعا ذكري والوجد بي ، لأن من بكى حولا على امرئ ميت فقد اعتذر . فهذا أحد وجهيه . [ ص: 121 ]والوجه الآخر منهما : ثم تسميتي الله عليكما ، كما يقول القائل للشيء يراه فيعجبه : "اسم الله عليك " يعوذه بذلك من السوء ، فكأنه قال : ثم اسم الله عليكما من السوء ، وكأن الوجه الأول أشبه المعنيين بقول لبيد .ويقال لمن وجه بيت لبيد هذا إلى أن معناه : ثم السلام عليكما ، أترى ما قلنا - من هذين الوجهين - جائزا ، أو أحدهما ، أو غير ما قلت فيه ؟فإن قال : لا ! أبان مقداره من العلم بتصاريف وجوه كلام العرب ، وأغنى خصمه عن مناظرته .وإن قال : بلى !قيل له : فما برهانك على صحة ما ادعيت من التأويل أنه الصواب ، دون الذي ذكرت أنه محتمله - من الوجه الذي يلزمنا تسليمه لك ؟ ولا سبيل إلى ذلك .وأما الخبر الذي : -140 - حدثنا به إسماعيل بن الفضل ، قال : حدثنا إبراهيم بن العلاء بن الضحاك وهو يلقب بزبريق قال : حدثنا إسماعيل بن عياش ، عن إسماعيل بن يحيى ، عن ابن أبي مليكة ، عمن حدثه ، عن ابن مسعود - ومسعر بن كدام ، عن عطية ، عن أبي سعيد - قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن عيسى ابن مريم أسلمته أمه إلى الكتاب ليعلمه ، فقال له المعلم : اكتب "بسم " فقال له عيسى : وما "بسم " ؟ فقال له المعلم : ما أدري ! فقال عيسى : الباء بهاء الله ، والسين : سناؤه ، والميم : مملكته . [ ص: 122 ]فأخشى أن يكون غلطا من المحدث ، وأن يكون أراد ب س م ، على سبيل ما يعلم المبتدئ من الصبيان في الكتاب حروف أبي جاد ، فغلط بذلك ، فوصله ، فقال : "بسم " ، لأنه لا معنى لهذا التأويل إذا تلي "بسم الله الرحمن الرحيم " ، على ما يتلوه القارئ في كتاب الله ، لاستحالة معناه على المفهوم به عند جميع العرب وأهل لسانها ، إذا حمل تأويله على ذلك .القول في تأويل قوله جل ثناؤه : ( الله ) .قال أبو جعفر : وأما تأويل قول الله تعالى ذكره "الله " ، فإنه على معنى ما روي لنا عن عبد الله بن عباس - : هو الذي يألهه كل شيء ، ويعبده كل خلق . [ ص: 123 ]141 - وذلك أن أبا كريب حدثنا ، قال : حدثنا عثمان بن سعيد ، قال : حدثنا بشر بن عمارة ، قال : حدثنا أبو روق ، عن الضحاك ، عن عبد الله بن عباس ، قال : "الله " ذو الألوهية والمعبودية على خلقه أجمعين .فإن قال لنا قائل : فهل لذلك في "فعل ويفعل " أصل كان منه بناء هذا الاسم ؟قيل : أما سماعا من العرب فلا ولكن استدلالا .فإن قال : وما دل على أن الألوهية هي العبادة ، وأن الإله هو المعبود ، وأن له أصلا في "فعل ويفعل " .قيل : لا تمانع بين العرب في الحكم لقول القائل - يصف رجلا بعبادة ، وبطلب ما عند الله جل ذكره : "تأله فلان " - بالصحة ولا خلاف . ومن ذلك قول رؤبة بن العجاج :لله در الغانيات المده سبحن واسترجعن من تألهييعني : من تعبدي وطلبي الله بعملي .ولا شك أن "التأله " ، التفعل من : "أله يأله " ، وأن معنى "أله " - إذا نطق به : - عبد الله . وقد جاء منه مصدر يدل على أن العرب قد نطقت منه ب "فعل يفعل " بغير زيادة .142 - وذلك ما حدثنا به سفيان بن وكيع ، قال حدثنا أبي ، عن نافع بن عمر ، عن عمرو بن دينار ، عن ابن عباس : أنه قرأ " ويذرك وآلهتك " سورة الأعراف : 127 قال : عبادتك ، ويقال : إنه كان يعبد ولا يعبد . [ ص: 124 ]143 - حدثنا سفيان ، قال : حدثنا ابن عيينة ، عن عمرو بن دينار ، عن محمد بن عمرو بن الحسن ، عن ابن عباس : ( ويذرك وآلهتك ) ، قال : إنما كان فرعون يعبد ولا يعبدوكذلك كان عبد الله يقرؤها ومجاهد .144 - حدثنا القاسم قال : حدثنا الحسين بن داود ، قال : أخبرني حجاج ، عن ابن جريج ، عن مجاهد : قوله " ويذرك وآلهتك " قال : وعبادتك ولا شك أن الإلاهة - على ما فسره ابن عباس ومجاهد - مصدر من قول القائل : أله الله فلان إلاهة ، كما يقال : عبد الله فلان عبادة ، وعبر الرؤيا عبارة . فقد بين قول ابن عباس ومجاهد هذا : أن "أله " عبد ، وأن "الإلاهة " مصدره .فإن قال : فإن كان جائزا أن يقال لمن عبد الله : ألهه - على تأويل قول ابن عباس ومجاهد - فكيف الواجب في ذلك أن يقال ، إذا أراد المخبر الخبر عن استيجاب الله ذلك على عبده ؟ [ ص: 125 ]قيل : أما الرواية فلا رواية فيه عندنا ، ولكن الواجب - على قياس ما جاء به الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي : -145 - حدثنا به إسماعيل بن الفضل ، حدثنا إبراهيم بن العلاء ، قال : حدثنا إسماعيل بن عياش ، عن إسماعيل بن يحيى ، عن ابن أبي مليكة ، عمن حدثه عن ابن مسعود - ومسعر بن كدام ، عن عطية العوفي ، عن أبي سعيد - قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن عيسى أسلمته أمه إلى الكتاب ليعلمه فقال له المعلم اكتب "الله " فقال له عيسى : "أتدري ما الله ؟ الله إله الآلهة " .- أن يقال ، الله جل جلاله أله العبد ، والعبد ألهه . وأن يكون قول القائل "الله " - من كلام العرب أصله "الإله " .فإن قال : وكيف يجوز أن يكون ذلك كذلك ، مع اختلاف لفظيهما ؟قيل : كما جاز أن يكون قوله : ( لكنا هو الله ربي ) [ سورة الكهف : 38 ] أصله : لكن أنا ، هو الله ربي ، كما قال الشاعر :وترمينني بالطرف ، أي أنت مذنب وتقلينني ، لكن إياك لا أقلييريد : لكن أنا إياك لا أقلي ، فحذف الهمزة من "أنا " فالتقت نون "أنا " "ونون "لكن " وهي ساكنة ، فأدغمت في نون "أنا " فصارتا نونا مشددة . فكذلك "الله " أصله "الإله " ، أسقطت الهمزة التي هي فاء الاسم ، فالتقت اللام التي هي عين الاسم ، واللام الزائدة التي دخلت مع الألف الزائدة وهي ساكنة ، فأدغمت في [ ص: 126 ] الأخرى التي هي عين الاسم ، فصارتا في اللفظ لاما واحدة مشددة ، كما وصفنا من قول الله ( لكنا هو الله ربي ) .القول في تأويل قوله جل ثناؤه : ( الرحمن الرحيم ) .قال أبو جعفر : وأما " الرحمن " ، فهو فعلان ، من رحم ، و "الرحيم " فعيل منه . والعرب كثيرا ما تبني الأسماء من "فعل يفعل " على "فعلان " ، كقولهم من غضب : غضبان ، ومن سكر : سكران ، ومن عطش : عطشان . فكذلك قولهم "رحمن " من رحم ، لأن "فعل " منه : رحم يرحم . وقيل "رحيم " ، وإن كانت عين "فعل " منها مكسورة ، لأنه مدح . ومن شأن العرب أن يحملوا أبنية الأسماء - إذا كان فيها مدح أو ذم - على "فعيل " ، وإن كانت عين "فعل " منها مكسورة أو مفتوحة ، كما قالوا من "علم " عالم وعليم ، ومن "قدر " قادر وقدير . وليس ذلك منها بناء على أفعالها ، لأن البناء من "فعل يفعل " و "فعل يفعل " فاعل . فلو كان "الرحمن والرحيم " خارجين على بناء أفعالهما لكانت صورتهما "الراحم " .فإن قال قائل : فإذا كان الرحمن والرحيم اسمين مشتقين من الرحمة ، فما وجه تكرير ذلك ، وأحدهما مؤد عن معنى الآخر ؟قيل له : ليس الأمر في ذلك على ما ظننت ، بل لكل كلمة منهما معنى لا تؤدي الأخرى منهما عنها .فإن قال : وما المعنى الذي انفردت به كل واحدة منهما ، فصارت إحداهما غير مؤدية المعنى عن الأخرى ؟قيل : أما من جهة العربية ، فلا تمانع بين أهل المعرفة بلغات العرب ، أن قول القائل : "الرحمن " - عن أبنية الأسماء [ ص: 127 ] من "فعل يفعل " - أشد عدولا من قوله "الرحيم " . ولا خلاف مع ذلك بينهم ، أن كل اسم كان له أصل في "فعل يفعل " - ثم كان عن أصله من "فعل يفعل " أشد عدولا - أن الموصوف به مفضل على الموصوف بالاسم المبني على أصله من "فعل يفعل " ، إذا كانت التسمية به مدحا أو ذما . فهذا ما في قول القائل "الرحمن " ، من زيادة المعنى على قوله "الرحيم " في اللغة .وأما من جهة الأثر والخبر ، ففيه بين أهل التأويل اختلاف : -146 - فحدثني السري بن يحيى التميمي ، قال : حدثنا عثمان بن زفر ، قال : سمعت العرزمي يقول : "الرحمن الرحيم " ، قال : الرحمن بجميع الخلق ، "الرحيم" قال : بالمؤمنين .147 - حدثنا إسماعيل بن الفضل ، قال : حدثنا إبراهيم بن العلاء ، قال : حدثنا إسماعيل بن عياش ، عن إسماعيل بن يحيى ، عن ابن أبي مليكة ، عمن حدثه ، عن ابن مسعود - ومسعر بن كدام ، عن عطية العوفي ، عن أبي سعيد - يعني الخدري - قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن عيسى ابن مريم قال : الرحمن رحمن الآخرة والدنيا ، والرحيم رحيم الآخرة " .فهذان الخبران قد أنبآ عن فرق ما بين تسمية الله جل ثناؤه باسمه الذي هو "رحمن " ، وتسميته باسمه الذي هو "رحيم " ، واختلاف معنى الكلمتين - وإن اختلفا في معنى ذلك الفرق ، فدل أحدهما على أن ذلك في الدنيا ، ودل الآخر على أنه في الآخرة .فإن قال : فأي هذين التأويلين أولى عندك بالصحة ؟ [ ص: 128 ]قيل : لجميعهما عندنا في الصحة مخرج ، فلا وجه لقول قائل : أيهما أولى بالصحة ؟ وذلك أن المعنى الذي في تسمية الله بالرحمن ، دون الذي في تسميته بالرحيم : هو أنه بالتسمية بالرحمن موصوف بعموم الرحمة جميع خلقه ، وأنه بالتسمية بالرحيم موصوف بخصوص الرحمة بعض خلقه ، إما في كل الأحوال ، وإما في بعض الأحوال . فلا شك - إذا كان ذلك كذلك - أن ذلك الخصوص الذي في وصفه بالرحيم لا يستحيل عن معناه ، في الدنيا كان ذلك أو في الآخرة ، أو فيهما جميعا .فإذا كان صحيحا ما قلنا من ذلك - وكان الله جل ثناؤه قد خص عباده المؤمنين في عاجل الدنيا بما لطف بهم من توفيقه إياهم لطاعته ، والإيمان به وبرسله ، واتباع أمره واجتناب معاصيه ، مما خذل عنه من أشرك به ، وكفر وخالف ما أمره به ، وركب معاصيه; وكان مع ذلك قد جعل ، جل ثناؤه ، ما أعد في آجل الآخرة في جناته من النعيم المقيم والفوز المبين ، لمن آمن به ، وصدق رسله ، وعمل بطاعته ، خالصا ، دون من أشرك وكفر به - كان بينا أن الله قد خص المؤمنين من رحمته في الدنيا والآخرة ، مع ما قد عمهم به والكفار في الدنيا من الإفضال والإحسان إلى جميعهم ، في البسط في الرزق ، وتسخير السحاب بالغيث ، وإخراج النبات من الأرض ، وصحة الأجسام والعقول ، وسائر النعم التي لا تحصى ، التي يشترك فيها المؤمنون والكافرون .فربنا جل ثناؤه رحمن جميع خلقه في الدنيا والآخرة ، ورحيم المؤمنين خاصة في الدنيا والآخرة . فأما الذي عم جميعهم به في الدنيا من رحمته فكان رحمانا لهم به ، فما ذكرنا مع نظائره التي لا سبيل إلى إحصائها لأحد من خلقه ، كما قال جل ثناؤه : ( وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها ) [ سورة إبراهيم : 34 ، وسورة النحل : 18 ] .وأما في الآخرة ، فالذي عم جميعهم به فيها من رحمته ، فكان لهم رحمانا ، تسويته [ ص: 129 ] بين جميعهم جل ذكره في عدله وقضائه ، فلا يظلم أحدا منهم مثقال ذرة ، وإن تك حسنة يضاعفها ويؤت من لدنه أجرا عظيما ، وتوفى كل نفس ما كسبت . فذلك معنى عمومه في الآخرة جميعهم برحمته ، الذي كان به رحمانا في الآخرة .وأما ما خص به المؤمنين في عاجل الدنيا من رحمته ، الذي كان به رحيما لهم فيها ، كما قال جل ذكره : ( وكان بالمؤمنين رحيما ) [ سورة الأحزاب : 43 ] فما وصفنا من اللطف لهم في دينهم ، فخصهم به ، دون من خذله من أهل الكفر به .وأما ما خصهم به في الآخرة ، فكان به رحيما لهم دون الكافرين ، فما وصفنا آنفا مما أعد لهم دون غيرهم من النعيم ، والكرامة التي تقصر عنها الأماني .وأما القول الآخر في تأويله فهو ما : -148 - حدثنا به أبو كريب ، قال : حدثنا عثمان بن سعيد ، قال : حدثنا بشر بن عمارة ، قال : حدثنا أبو روق ، عن الضحاك ، عن عبد الله بن عباس ، قال : الرحمن ، الفعلان من الرحمة ، وهو من كلام العرب . قال : الرحمن الرحيم : الرقيق الرفيق بمن أحب أن يرحمه ، والبعيد الشديد على من أحب أن يعنف عليه . وكذلك أسماؤه كلها .وهذا التأويل من ابن عباس ، يدل على أن الذي به ربنا رحمن ، هو الذي به رحيم ، وإن كان لقوله "الرحمن " من المعنى ، ما ليس لقوله "الرحيم " . لأنه جعل معنى "الرحمن " بمعنى الرقيق على من رق عليه ، ومعنى "الرحيم " بمعنى الرفيق بمن رفق به .والقول الذي رويناه في تأويل ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم وذكرناه عن العرزمي ، أشبه بتأويله من هذا القول الذي رويناه عن ابن عباس . وإن [ ص: 130 ] كان هذا القول موافقا معناه معنى ذلك ، في أن للرحمن من المعنى ما ليس للرحيم ، وأن للرحيم تأويلا غير تأويل الرحمن .والقول الثالث في تأويل ذلك ما : -149 - حدثني به عمران بن بكار الكلاعي ، قال : حدثنا يحيى بن صالح ، قال : حدثنا أبو الأزهر نصر بن عمرو اللخمي من أهل فلسطين ، قال : سمعت عطاء الخراساني يقول : كان الرحمن ، فلما اختزل الرحمن من اسمه كان الرحمن الرحيم .والذي أراد ، إن شاء الله ، عطاء بقوله هذا : أن الرحمن كان من أسماء الله التي لا يتسمى بها أحد من خلقه ، فلما تسمى به الكذاب مسيلمة - وهو اختزاله إياه ، يعني اقتطاعه من أسمائه لنفسه - أخبر الله جل ثناؤه أن اسمه "الرحمن الرحيم " ليفصل بذلك لعباده اسمه من اسم من قد تسمى بأسمائه ، إذ كان لا يسمى أحد "الرحمن الرحيم " ، فيجمع له هذان الاسمان ، غيره جل ذكره . وإنما يتسمى بعض خلقه إما رحيما ، أو يتسمى رحمن . فأما "رحمن رحيم " ، فلم يجتمعا قط لأحد سواه ، ولا يجمعان لأحد غيره . فكأن معنى قول عطاء هذا : أن الله جل ثناؤه إنما فصل بتكرير الرحيم على الرحمن ، بين اسمه واسم غيره من خلقه ، اختلف معناهما أو اتفقا .والذي قال عطاء من ذلك غير فاسد المعنى ، بل جائز أن يكون جل ثناؤه خص نفسه بالتسمية بهما معا مجتمعين ، إبانة لها من خلقه ، ليعرف عباده بذكرهما مجموعين أنه المقصود بذكرهما دون من سواه من خلقه ، مع ما في تأويل كل واحد منهما من المعنى الذي ليس في الآخر منهما . [ ص: 131 ]وقد زعم بعض أهل الغباء أن العرب كانت لا تعرف "الرحمن " ، ولم يكن ذلك في لغتها ولذلك قال المشركون للنبي صلى الله عليه وسلم : ( وما الرحمن أنسجد لما تأمرنا ) [ سورة الفرقان : 60 ] ، إنكارا منهم لهذا الاسم ، كأنه كان محالا عنده أن ينكر أهل الشرك ما كانوا عالمين بصحته ، أو : لا ، وكأنه لم يتل من كتاب الله قول الله ( الذين آتيناهم الكتاب يعرفونه ) - يعني محمدا - ( كما يعرفون أبناءهم ) [ سورة البقرة : 146 ] وهم مع ذلك به مكذبون ، ولنبوته جاحدون! فيعلم بذلك أنهم قد كانوا يدافعون حقيقة ما قد ثبت عندهم صحته ، واستحكمت لديهم معرفته . وقد أنشد لبعض الجاهلية الجهلاء :ألا ضربت تلك الفتاة هجينها ألا قضب الرحمن ربي يمينهاوقال سلامة بن جندل السعدي :عجلتم علينا عجلتينا عليكم وما يشأ الرحمن يعقد ويطلق[ ص: 132 ]وقد زعم أيضا بعض من ضعفت معرفته بتأويل أهل التأويل ، وقلت روايته لأقوال السلف من أهل التفسير ، أن "الرحمن " مجازه : ذو الرحمة ، و "الرحيم " مجازه : الراحم ، ثم قال : قد يقدرون اللفظين من لفظ والمعنى واحد ، وذلك لاتساع الكلام عندهم . قال : وقد فعلوا مثل ذلك فقالوا : ندمان ونديم ، ثم استشهد ببيت برج بن مسهر الطائي :وندمان يزيد الكأس طيبا ، سقيت وقد تغورت النجومواستشهد بأبيات نظائره في النديم والندمان ، ففرق بين معنى الرحمن والرحيم في التأويل لقوله : الرحمن ذو الرحمة ، والرحيم الراحم ، وإن كان قد ترك بيان تأويل معنييهما على صحته . ثم مثل ذلك باللفظين يأتيان بمعنى واحد ، فعاد إلى ما قد جعله بمعنيين ، فجعله مثال ما هو بمعنى واحد مع اختلاف الألفاظ .ولا شك أن ذا الرحمة هو الذي ثبت أن له الرحمة ، وصح أنها له صفة; وأن الراحم هو الموصوف بأنه سيرحم ، أو قد رحم فانقضى ذلك منه ، أو هو فيه .ولا دلالة له فيه حينئذ أن الرحمة له صفة ، كالدلالة على أنها له صفة ، إذا وصف بأنه ذو الرحمة . فأين معنى "الرحمن الرحيم " على تأويله ، من معنى الكلمتين تأتيان مقدرتين من لفظ واحد باختلاف الألفاظ واتفاق المعاني ؟ ولكن القول إذا كان غير أصل معتمد عليه ، كان واضحا عواره .وإن قال لنا قائل : ولم قدم اسم الله الذي هو "الله " ، على اسمه الذي هو "الرحمن " ، واسمه الذي هو "الرحمن " ، على اسمه الذي هو "الرحيم " ؟قيل : لأن من شأن العرب ، إذا أرادوا الخبر عن مخبر عنه ، أن يقدموا اسمه ، ثم يتبعوه صفاته ونعوته . وهذا هو الواجب في الحكم : أن يكون الاسم مقدما قبل نعته وصفته ، ليعلم السامع الخبر ، عمن الخبر . فإذا كان ذلك كذلك - [ ص: 133 ] وكان لله جل ذكره أسماء قد حرم على خلقه أن يتسموا بها ، خص بها نفسه دونهم ، وذلك مثل "الله " و "الرحمن " و "الخالق "; وأسماء أباح لهم أن يسمي بعضهم بعضا بها ، وذلك : كالرحيم والسميع والبصير والكريم ، وما أشبه ذلك من الأسماء - كان الواجب أن تقدم أسماؤه التي هي له خاصة دون جميع خلقه ، ليعرف السامع ذلك من توجه إليه الحمد والتمجيد ، ثم يتبع ذلك بأسمائه التي قد تسمى بها غيره ، بعد علم المخاطب أو السامع من توجه إليه ما يتلو ذلك من المعاني . فبدأ الله جل ذكره باسمه لأن الألوهية ليست لغيره جل ثناؤه من وجه من الوجوه ، لا من جهة التسمي به ، ولا من جهة المعنى . وذلك أنا قد بينا أن معنى "الله " تعالى ذكره المعبود ، ولا معبود غيره جل جلاله ، وأن التسمي به قد حرمه الله جل ثناؤه ، وإن قصد المتسمي به ما يقصد المتسمي بسعيد وهو شقي ، وبحسن وهو قبيح .أولا ترى أن الله جل جلاله قال في غير آية من كتابه : ( أإله مع الله ) فاستكبر ذلك من المقر به ، وقال تعالى في خصوصه نفسه بالله وبالرحمن : ( قل ادعوا الله أو ادعوا الرحمن أيا ما تدعوا فله الأسماء الحسنى ) [ سورة الإسراء : 110 ] . ثم ثنى باسمه ، الذي هو الرحمن ، إذ كان قد منع أيضا خلقه التسمي به ، وإن كان من خلقه من قد يستحق تسميته ببعض معانيه . وذلك أنه قد يجوز وصف كثير ممن هو دون الله من خلقه ، ببعض صفات الرحمة . وغير جائز أن يستحق بعض الألوهية أحد دونه . فلذلك جاء الرحمن ثانيا لاسمه الذي هو "الله " .وأما اسمه الذي هو "الرحيم " فقد ذكرنا أنه مما هو جائز وصف غيره به . والرحمة من صفاته جل ذكره ، فكان - إذ كان الأمر على ما وصفنا - واقعا مواقع نعوت الأسماء اللواتي هن توابعها ، بعد تقدم الأسماء عليها . فهذا وجه تقديم اسم الله [ ص: 133 ] الذي هو "الله " ، على اسمه الذي هو "الرحمن " ، واسمه الذي هو "الرحمن " على اسمه الذي هو "الرحيم " .وقد كان الحسن البصري يقول في "الرحمن " مثل ما قلنا ، أنه من أسماء الله التي منع التسمي بها العباد .150 - حدثنا محمد بن بشار ، قال : حدثنا حماد بن مسعدة ، عن عوف ، عن الحسن ، قال : "الرحمن " اسم ممنوع .مع أن في إجماع الأمة من منع التسمي به جميع الناس ، ما يغني عن الاستشهاد على صحة ما قلنا في ذلك بقول الحسن وغيره
34:1
اَلْحَمْدُ لِلّٰهِ الَّذِیْ لَهٗ مَا فِی السَّمٰوٰتِ وَ مَا فِی الْاَرْضِ وَ لَهُ الْحَمْدُ فِی الْاٰخِرَةِؕ-وَ هُوَ الْحَكِیْمُ الْخَبِیْرُ(۱)
سب خوبیاں اللہ کو کہ اسی کا مال ہے جو کچھ آسمانوں میں ہے اور جو کچھ زمین میں (ف۲) اور آخرت میں اسی کی تعریف ہے (ف۳) اور وہی ہے حکمت والا خبردار،

القول في تأويل قوله تعالى : الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَلَهُ الْحَمْدُ فِي الآخِرَةِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ (1)يقول تعالى ذكره: الشكر الكامل والحمد التام كله للمعبود الذي هو مالك جميع ما في السماوات السبع وما في الأرضين السبع دون كل ما يعبدونه، ودون كل شيء سواه لا مالك لشيء من ذلك غيره، فالمعنى الذي هو مالك جميعه (وَلَهُ الْحَمْدُ فِي الآخِرَةِ) يقول: وله الشكر الكامل في الآخرة كالذي هو له ذلك في الدنيا العاجلة؛ لأن منه النعم كلها على كل من في السماوات والأرض في الدنيا، ومنه يكون ذلك في الآخرة فالحمد لله خالصا دون ما سواه في عاجل الدنيا وآجل الآخرة لأن النعم كلها من قبله لا يشركه فيها أحد من دونه وهو الحكيم في تدبيره خلقه وصرفه إياهم في تقديره، خبير بهم وبما يصلحهم، وبما عملوا وما هم عاملون، محيط بجميع ذلك.وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.* ذكر من قال ذلك:حدثنا بشر قال ثنا يزيد قال ثنا سعيد عن قتادة (وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ) حكيم في أمره، خبير بخلقه.
34:2
یَعْلَمُ مَا یَلِجُ فِی الْاَرْضِ وَ مَا یَخْرُ جُ مِنْهَا وَ مَا یَنْزِلُ مِنَ السَّمَآءِ وَ مَا یَعْرُجُ فِیْهَاؕ-وَ هُوَ الرَّحِیْمُ الْغَفُوْرُ(۲)
جانتا ہے جو کچھ زمین میں جاتا ہے (ف۴) اور جو زمین سے نکلتا ہے (ف۵) اور جو آسمان سے اترتا ہے (ف۶) اور جو اس میں چڑھتا ہے (ف۷) اور وہی ہے مہربان بخشنے والا،

القول في تأويل قوله تعالى : يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمَا يَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا وَهُوَ الرَّحِيمُ الْغَفُورُ (2)يقول تعالى ذكره: يعلم ما يدخل الأرض وما يغيب فيها من شيء. من قولهم: ولجت في كذا: إذا دخلت فيه، كما قال الشاعر:رأيتُ القوافي يَتَّلجنَ مَوَالِجًاتَضَايَقُ عَنها أن تَوَلَّجها الإبَرْ (1)يعني بقوله (يتَّلجن موالجا): يدخلن مداخل (وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا) يقول: وما يخرج من الأرض ( وَمَا يَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا ) يعني: وما يصعد في السماء، وذلك خبر من الله أنه العالم الذي لا يخفى عليه شيء في السماوات والأرض، مما ظهر فيها وما بطن، وهو الرحيم الغفور، وهو الرحيم بأهل التوبة من عباده أن يعذبهم بعد توبتهم، الغفور لذنوبهم إذا تابوا منها.------------------------الهوامش:(1) البيت في الشعر المنسوب إلى طرفة بن العبد البكري، وليس في ديوانه الذي فيه أشعار الشعراء الستة (انظره في العقد الثمين، في دواوين الشعراء الجاهليين لألورد الألماني، طبع غريفز) ولد سنة 1869 (وورد في) اللسان: ولج (غير منسوب. كما ورد في فرائد القلائد، في مختصر شرح الشواهد للعيني 391) قال: فإن القوافي ... إلخ. قاله طرفه بن العبد. والقوافي جمع قافية، وأراد به هنا: القصيدة، لاشتمال القافية عليها. والشواهد في (يتلجن) أصله (يوتلجن)؛ لأنه من ولج: إذا دخل. فأبدلت الواو تاء، وأدغمت التاء في التاء. والموالج جمع مولج، وهو موضع الولوج. الإبر: جمع إبرة: الخياط. ا ه. قلت: يريد طرفة أن قصائد الهجاء تبلغ من التأثير في نفس المهجو مواضع بعيدة، لا تنالها أسنة الإبر إذا طعن بها المهجو وهو شبيه بقول الآخر: والقول ينفذ ما لا ينفذ الإبر.
34:3
وَ قَالَ الَّذِیْنَ كَفَرُوْا لَا تَاْتِیْنَا السَّاعَةُؕ-قُلْ بَلٰى وَ رَبِّیْ لَتَاْتِیَنَّكُمْۙ-عٰلِمِ الْغَیْبِۚ-لَا یَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ فِی السَّمٰوٰتِ وَ لَا فِی الْاَرْضِ وَ لَاۤ اَصْغَرُ مِنْ ذٰلِكَ وَ لَاۤ اَكْبَرُ اِلَّا فِیْ كِتٰبٍ مُّبِیْنٍۗۙ(۳)
اور کافر بولے ہم پر قیامت نہ آئے گی (ف۸) تم فرماؤ کیوں نہیں میرے رب کی قسم بیشک ضرور آئے گی غیب جاننے والا (ف۹) اس سے غیب نہیں ذرہ بھر کوئی چیز آسمانوں میں اور نہ زمین میں اور نہ اس سے چھوٹی اور نہ بڑی مگر ایک صاف بتانے والی کتاب میں ہے (ف۱۰)

القول في تأويل قوله تعالى : وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لا تَأْتِينَا السَّاعَةُ قُلْ بَلَى وَرَبِّي لَتَأْتِيَنَّكُمْ عَالِمِ الْغَيْبِ لا يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلا فِي الأَرْضِ وَلا أَصْغَرُ مِنْ ذَلِكَ وَلا أَكْبَرُ إِلا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ (3)يقول تعالى ذكره: ويستعجلك يا محمد الذين جحدوا قدرة الله على إعادة خلقه بعد فنائهم بهيئتهم التي كانوا بها من قبل فنائهم من قومك بقيام الساعة؛ استهزاء بوعدك إياهم وتكذيبا لخبرك، قل لهم: بلى تأتيكم وربي، قسمًا به لتأتينكم الساعة، ثم عاد جل جلاله بعد ذكره الساعة على نفسه، وتمجيدها فقال (عَالِمِ الْغَيْبِ).واختلفت القراء في قراءة ذلك؛ فقرأته عامة قراء المدينة (عَالِمُ الْغَيْبِ) على مثال فاعل، بالرفع على الاستئناف؛ إذ دخل بين قوله (وَرَبِّي) وبين قوله (عَالِمِ الْغَيْبِ) كلام حائل بينه وبينه، وقرأ ذلك بعض قراء الكوفة والبصرة، (عَالِمِ) على مثال فاعل غير أنهم خفضوا عالم ردًّا منهم له على قوله (وَرَبِّي) إذ كان من صفته. وقرأ ذلك بقية عامة قراء الكوفة (عَلام الْغَيْبِ) على مثال فعَّال، وبالخفض ردًّا لإعرابه على إعراب قوله (وربي) إذ كان من نعته.والصواب من القول في ذلك عندنا أن كلَّ هذه القراءات الثلاث قراءات مشهورات في قراء الأمصار متقاربات المعاني، فبأيتهن قرأ القارىء فمصيب، غير أن أعجب القراءات في ذلك إليَّ أن أقرأ بها(عَلام الْغَيْبِ) على القراءة التي ذكرتها عن عامة قراء أهل الكوفة، فأما اختيار علام على عالم فلأنها أبلغ في المدح. وأما الخفض فيها فلأنها من نعت الرب، وهو في موضع جر، وعنى بقوله (عَلام الْغَيْبِ) علام ما يغيب عن أبصار الخلق فلا يراه أحد، إما ما لم يكونه مما سيكونه أو ما قد كونه فلم يطلع عليه أحدًا غيره، وإنما وصف جل ثناؤه في هذا الموضع نفسه بعلمه الغيب إعلامًا منه خلقه أن الساعة لا يعلم وقت مجيئها أحد سواه، وإن كانت جائية فقال لنبيه محمد صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم: قل للذين كفروا بربهم: بلى وربِّكم لتأتينكم الساعة، ولكنه لا يعلم وقت مجيئها أحد سوى علام الغيوب، الذي لا يعزب عنه مثقال ذرة.يعني جل ثناؤه بقوله (لا يَعْزُبُ عَنْهُ) لا يغيب عنه ولكنه ظاهر له.وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل* ذكر من قال ذلك:حدثنا علي قال ثنا أَبو صالح قال ثني معاوية عن علي عن ابن عباس في قوله (لا يَعْزُبُ عَنْهُ) يقول: لا يغيب عنه.حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أَبو عاصم، قال: ثنا عيسى، وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء جميعا، عن ابن أَبي نجيح، عن مجاهد في قول الله: (لا يَعْزُبُ عَنْهُ) قال: لا يغيب.حدثنا بشر قال ثنا يزيد قال ثنا سعيد عن قتادة (لا يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ) أي: لا يغيب عنه.وقد بيَّنَّا ذلك بشواهده فيما مضى بما أغنى عن إعادته في هذا الموضع.وقوله (مِثْقَالُ ذَرَّةٍ) يعني: زنة ذرة في السماوات ولا في الأرض يقول تعالى ذكره: لا يغيب عنه شيء من زنة ذرة فما فوقها فما دونها، أين كان في السماوات ولا في الأرض (وَلا أَصْغَرُ مِنْ ذَلِكَ) يقول: ولا يعزب عنه أصغر من مثقال ذرة (وَلا أَكْبَرُ) منه (إِلا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ) يقول: هو مثبت في كتاب يبين للناظر فيه أن الله تعالى ذكره قد أثبته وأحصاه وعلمه فلم يعزب عن علمه.
34:4
لِّیَجْزِیَ الَّذِیْنَ اٰمَنُوْا وَ عَمِلُوا الصّٰلِحٰتِؕ-اُولٰٓىٕكَ لَهُمْ مَّغْفِرَةٌ وَّ رِزْقٌ كَرِیْمٌ(۴)
تاکہ صلہ دے انہیں جو ایمان لائے اور اچھے کام کیے یہ ہیں جن کے لیے بخشش ہے اور عزت کی روزی (ف۱۱)

القول في تأويل قوله تعالى : لِيَجْزِيَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ (4)يقول تعالى ذكره: أثبت ذلك في الكتاب المبين كي يثيب الذين آمنوا بالله ورسوله وعملوا بما أمرهم الله ورسوله به وانتهوا عما نهاهم عنه على طاعتهم ربهم (أُولَئِكَ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ) يقول جل ثناؤه: لهؤلاء الذين آمنوا وعملوا الصالحات مغفرة من ربهم لذنوبهم (وَرِزْقٌ كَرِيمٌ) يقول: وعيش هنيء يوم القيامة في الجنة.كما حدثنا بشر قال ثنا يزيد قال ثنا سعيد عن قتادة (أُولَئِكَ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ) لذنوبهم (وَرِزْقٌ كَرِيمٌ) في الجنة.
34:5
وَ الَّذِیْنَ سَعَوْ فِیْۤ اٰیٰتِنَا مُعٰجِزِیْنَ اُولٰٓىٕكَ لَهُمْ عَذَابٌ مِّنْ رِّجْزٍ اَلِیْمٌ(۵)
اور جنہوں نے ہماری آیتوں میں ہرانے کی کوشش کی (ف۱۲) ان کے لیے سخت عذاب دردناک میں سے عذاب ہے،

القول في تأويل قوله تعالى : وَالَّذِينَ سَعَوْا فِي آيَاتِنَا مُعَاجِزِينَ أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مِنْ رِجْزٍ أَلِيمٌ (5)يقول تعالى ذكره: أثبت ذلك في الكتاب ليجزي المؤمنين ما وصف وليجزي الذين سعوا في آياتنا معاجزين، يقول: وكي يثيب الذين عملوا في إبطال أدلتنا وحججنا معاونين (2) يحسبون أنهم يسبقوننا بأنفسهم فلا نقدر عليهم (أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ) يقول: هؤلاء لهم عذاب من شديد العذاب الأليم، ويعني بالأليم: الموجع.وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.* ذكر من قال ذلك:حدثنا بشر قال ثنا يزيد قال ثنا سعيد عن قتادة قوله ( وَالَّذِينَ سَعَوْا فِي آيَاتِنَا مُعَاجِزِينَ ) أي: لا يعجزون ( أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مِنْ رِجْزٍ أَلِيمٌ ) قال: الرجز: سوء العذاب، الأليم الموجع.حدثني يونس قال أخبرنا ابن وهب قال: قال ابن زيد في قول الله ( وَالَّذِينَ سَعَوْا فِي آيَاتِنَا مُعَاجِزِينَ ) قال: جاهدين ليهبطوها أو يبطلوها، قال: وهم المشركون، وقرأ لا تَسْمَعُوا لِهَذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ . ------------------------الهوامش:(2) (في اللسان: عجز): معاجزين: أي: يعاجزون الأنبياء وأولياء الله، أي يقاتلونهم ويمانعونهم، ليصيروهم إلى المعجز عن أمر الله. ويقال: فلان يعاجز عن الحق إلى الباطل، أي يميل إليه ويلجأ.
34:6
وَ یَرَى الَّذِیْنَ اُوْتُوا الْعِلْمَ الَّذِیْۤ اُنْزِلَ اِلَیْكَ مِنْ رَّبِّكَ هُوَ الْحَقَّۙ-وَ یَهْدِیْۤ اِلٰى صِرَاطِ الْعَزِیْزِ الْحَمِیْدِ(۶)
اور جنہیں علم والا (ف۱۳) وہ جانتے ہیں کہ جو کچھ تمہاری طرف تمہارے رب کے پاس سے اترا (ف۱۴) وہی حق ہے اور عزت والے سب خوبیوں سراہے کی راہ بتاتا ہے،

القول في تأويل قوله تعالى : وَيَرَى الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ الَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ هُوَ الْحَقَّ وَيَهْدِي إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ (6)يقول تعالى ذكره: أثبت ذلك في كتاب مبين ليجزي الذين آمنوا والذين سعوا في آياتنا ما قد بين لهم، وليرى الذين أوتوا العلم، فيرى في موضع نصب عطفًا به على قوله: يجزي في قوله لِيَجْزِيَ الَّذِينَ آمَنُوا وعنى بالذين أوتوا العلم مسلمة أهل الكتاب كعبد الله بن سلام، ونظرائه الذين قد قرءوا كتب الله التي أنزلت قبل الفرقان، فقال تعالى ذكره: وليرى هؤلاء الذين أوتوا العلم بكتاب الله الذي هو التوراة الكتاب الذي أنزل إليك يا محمد من ربك هو الحق.وقيل: عنى بالذين أوتوا العلم: أصحاب رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم.* ذكر من قال ذلك:حدثنا بشر قال: ثنا يزيد قال: ثنا سعيد عن قتادة ( وَيَرَى الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ الَّذِي أُنزلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ هُوَ الْحَقَّ ) قال: أصحاب محمد.وقوله ( وَيَهْدِي إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ ) يقول: ويرشد من اتبعه وعمل بما فيه إلى سبيل الله العزيز في انتقامه من أعدائه الحميد عند خلقه، فأياديه عندهم ونعمه لديهم. وإنما يعني أن الكتاب الذي أنزل على محمد يهدي إلى الإسلام.
34:7
وَ قَالَ الَّذِیْنَ كَفَرُوْا هَلْ نَدُلُّكُمْ عَلٰى رَجُلٍ یُّنَبِّئُكُمْ اِذَا مُزِّقْتُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍۙ-اِنَّكُمْ لَفِیْ خَلْقٍ جَدِیْدٍۚ(۷)
اور کافر بولے (ف۱۵) کیا ہم تمہیں ایسا مرد بتادیں (ف۱۶) جو تمہیں خبر دے کہ جب تم پرزہ ہوکر بالکل ریزہ ہوکر بالکل ریزہ ریزہ ہوجاؤ تو پھر تمہیں نیا بَننا ہے،

القول في تأويل قوله تعالى : وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا هَلْ نَدُلُّكُمْ عَلَى رَجُلٍ يُنَبِّئُكُمْ إِذَا مُزِّقْتُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ إِنَّكُمْ لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ (7)يقول تعالى ذكره: وقال الذين كفروا بالله وبرسوله محمد صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم متعجبين من وعده إياهم البعث بعد الممات بعضهم لبعض (هَلْ نَدُلُّكُمْ) أيها الناس ( عَلَى رَجُلٍ يُنَبِّئُكُمْ إِذَا مُزِّقْتُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ إِنَّكُمْ لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ ) يقول: يخبركم أنكم بعد تقطعكم في الأرض بلاء (3) وبعد مصيركم في التراب رفاتًا، عائدون كهيئتكم قبل الممات خلقًا جديدًا.كما حدثنا بشر قال ثنا يزيد قال ثنا سعيد عن قتادة ( وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا هَلْ نَدُلُّكُمْ عَلَى رَجُلٍ يُنَبِّئُكُمْ إِذَا مُزِّقْتُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ ) قال ذلك مشركو قريش والمشركون من الناس ( يُنَبِّئُكُمْ إِذَا مُزِّقْتُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ ) إذا أكلتكم الأرض وصرتم رفاتا وعظاما وقطعتكم السباع والطير ( إِنَّكُمْ لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ ) ستحيون وتبعثون.حدثني يونس قال أخبرنا ابن وهب قال: قال ابن زيد في قوله (هَلْ نَدُلُّكُمْ عَلَى رَجُلٍ ...) إلى (خَلْقٍ جَدِيدٍ) قال: يقول: (إِذَا مُزِّقْتُمْ) وإذا بليتم وكنتم عظاما وترابا ورفاتا، ذلك (كُلَّ مُمَزَّقٍ إِنَّكُمْ لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ) قال: ينبئكم أنكم فكسر إن ولم يعمل ينبئكم فيها ولكن ابتدأ بها ابتداء، لأن النبأ خبر وقول، فالكسر في إن لمعنى الحكاية في قوله (يُنَبِّئُكُمْ) دون لفظه، كأنه قيل: يقول لكم (إِنَّكُمْ لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ) .------------------------الهوامش:(3) بلاء: بفتح الباء، ممدود: مصدر بلي، بكسر اللام. تقول بلي الثوب بلى وبلاء(اللسان).
34:8
اَفْتَرٰى عَلَى اللّٰهِ كَذِبًا اَمْ بِهٖ جِنَّةٌؕ-بَلِ الَّذِیْنَ لَا یُؤْمِنُوْنَ بِالْاٰخِرَةِ فِی الْعَذَابِ وَ الضَّلٰلِ الْبَعِیْدِ(۸)
کیا اللہ پر اس نے جھوٹ باندھا یا اسے سودا ہے (ف۱۷) بلکہ وہ جو آخرت پر ایمان نہیں لاتے (ف۱۸) عذاب اور دور کی گمراہی میں ہیں،

القول في تأويل قوله تعالى : أَفْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَمْ بِهِ جِنَّةٌ بَلِ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ فِي الْعَذَابِ وَالضَّلالِ الْبَعِيدِ (8)يقول تعالى ذكره مخبرا عن قيل هؤلاء الذين كفروا به وأنكروا البعث بعد الممات بعضهم لبعض معجبين من رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم في وعده إياهم ذلك: أفترى هذا الذي يعدنا أنا بعد أن نمزق كل ممزق في خلق جديد على الله كذبا، فتخلق عليه بذلك باطلا من القول وتخرص عليه قول الزور (أَمْ بِهِ جِنَّةٌ) يقول: أم هو مجنون فيتكلم بما لا معنى له.وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.* ذكر من قال ذلك:حدثنا بشر قال: ثنا يزيد قال: ثنا سعيد عن قتادة قال: قالوا تكذيبا(أَفْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا) قال: قالوا: إما أن يكون يكذب على الله (أَمْ ِبِه جِنَّةٌ) وإما أن يكون مجنونًا(بَلِ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ ...) الآية.حدثني يونس قال أخبرنا ابن وهب قال: قال ابن زيد: ثم قال بعضهم لبعض (أَفْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَمْ بِهِ جِنَّةٌ) الرجل مجنون فيتكلم بما لا يعقل فقال الله ( الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ فِي الْعَذَابِ وَالضَّلالِ الْبَعِيدِ ) .وقوله ( بَلِ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ فِي الْعَذَابِ وَالضَّلالِ الْبَعِيدِ ) يقول تعالى ذكره: ما الأمر كما قال هؤلاء المشركون في محمد صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم وظنوا به من أنه افترى على الله كذبا، أو أن به جنة، لكن الذين لا يؤمنون بالآخرة من هؤلاء المشركين في عذاب الله في الآخرة وفي الذهاب البعيد عن طريق الحق وقصد السبيل فهم من أجل ذلك يقولون فيه ما يقولون.حدثني يونس بن عبد الأعلى قال أخبرنا ابن وهب قال: قال ابن زيد قال الله ( بَلِ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ فِي الْعَذَابِ وَالضَّلالِ الْبَعِيدِ ) وأمره أن يحلف لهم ليعتبروا وقرأ قُلْ بَلَى وَرَبِّي لَتُبْعَثُنَّ ثُمَّ لَتُنَبَّؤُنَّ ... الآية كلها وقرأ قُلْ بَلَى وَرَبِّي لَتَأْتِيَنَّكُمْ . وقطعت الألف من قوله (أَفْتَرَى عَلَى اللَّهِ) في القطع والوصل، ففتحت لأنها ألف استفهام. فأما الألف التي بعدها التي هي ألف افتعل فإنها ذهبت لأنها خفيفة زائدة تسقط في اتصال الكلام، ونظيرها سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَسْتَغْفَرْتَ لَهُمْ و بِيَدَيَّ أَسْتَكْبَرْتَ و أَصْطَفَى الْبَنَاتِ وما أشبه ذلك. وأما ألف آلآنَ و آلذَّكَرَيْنِ فطولت هذه، ولم تطول تلك لأن آلآن وآلذكرين كانت مفتوحة فلو أسقطت لم يكن بين الاستفهام والخبر فرق فجعل التطويل فيها فرقا بين الاستفهام والخبر، وألف الاستفهام مفتوحة فكانتا مفترقتين بذلك فأغنى ذلك دلالة على الفرق من التطويل.
34:9
اَفَلَمْ یَرَوْا اِلٰى مَا بَیْنَ اَیْدِیْهِمْ وَ مَا خَلْفَهُمْ مِّنَ السَّمَآءِ وَ الْاَرْضِؕ-اِنْ نَّشَاْ نَخْسِفْ بِهِمُ الْاَرْضَ اَوْ نُسْقِطْ عَلَیْهِمْ كِسَفًا مِّنَ السَّمَآءِؕ-اِنَّ فِیْ ذٰلِكَ لَاٰیَةً لِّكُلِّ عَبْدٍ مُّنِیْبٍ۠(۹)
تو کیا انہوں نے نہ دیکھا جو ان کے آگے اور پیچھے ہے آسمان اور زمین (ف۱۹) ہم چاہیں تو انہیں (ف۲۰) زمین میں دھنسادیں یا ان پر آسمان کا ٹکڑا گرادیں، بیشک اس (ف۲۱) میں نشانی ہے ہر رجوع لانے والے بندے کے لیے (ف۲۲)

القول في تأويل قوله تعالى : أَفَلَمْ يَرَوْا إِلَى مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ إِنْ نَشَأْ نَخْسِفْ بِهِمُ الأَرْضَ أَوْ نُسْقِطْ عَلَيْهِمْ كِسَفًا مِنَ السَّمَاءِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِكُلِّ عَبْدٍ مُنِيبٍ (9)يقول تعالى ذكره: أفلم ينظر هؤلاء المكذبون بالمعاد الجاحدون البعث بعد الممات القائلون لرسولنا محمد صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم أَفْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَمْ بِهِ جِنَّةٌ إلى ما بين أيديهم وما خلفهم من السماء والأرض، فيعلموا أنهم حيث كانوا فإن أرضي وسمائي محيطة بهم من بين أيديهم ومن خلفهم وعن أيمانهم وعن شمائلهم؛ فيرتدعوا عن جهلهم وينزجروا عن تكذيبهم بآياتنا حذرًا أن نأمر الأرض فتخسف بهم أو السماء فتسقط عليه قطعًا، فإنا إن نشأ نفعل ذلك بهم فعلنا.وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.* ذكر من قال ذلك:حدثنا بشر قال ثنا يزيد قال ثنا سعيد عن قتادة قوله ( أَفَلَمْ يَرَوْا إِلَى مَا &; 20-356 &; بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ ) قال: ينظرون عن أيمانهم وعن شمائلهم كيف السماء قد أحاطت بهم (إِنْ نَشَأْ نَخْسِفْ بِهِمُ الأرْضَ) كما خسفنا بمن كان قبلهم (أَوْ نُسْقِطْ عَلَيْهِمْ كِسَفًا مِنَ السَّمَاءِ) أي: قطعًا من السماء.وقوله ( إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِكُلِّ عَبْدٍ مُنِيبٍ ) يقول تعالى ذكره: إن في إحاطة السماء والأرض بعباد الله لآية: يقول: لدلالة لكل عبد منيب: يقول لكل عبد أناب إلى ربه بالتوبة، ورجع إلى معرفة توحيده والإقرار بربوبيته والاعتراف بوحدانيته والإذعان لطاعته على أن فاعل ذلك لا يمتنع عليه فعل شيء أراد فعله ولا يتعذر عليه فعل شيء شاءه.وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.* ذكر من قال ذلك:حدثنا بشر قال ثنا سعيد عن قتادة ( إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِكُلِّ عَبْدٍ مُنِيبٍ ) والمنيب: المقبل التائب.
34:10
وَ لَقَدْ اٰتَیْنَا دَاوٗدَ مِنَّا فَضْلًاؕ-یٰجِبَالُ اَوِّبِیْ مَعَهٗ وَ الطَّیْرَۚ-وَ اَلَنَّا لَهُ الْحَدِیْدَۙ(۱۰)
اور بیشک ہم نے داؤد کو اپنا بڑا فضل دیا (ف۲۳) اے پہاڑو! اس کے ساتھ اللہ کی رجوع کرو اور اے پرندو! (ف۲۴) اور ہم نے اس کے لیے لوہا نرم کیا (ف۲۵)

القول في تأويل قوله تعالى : وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُدَ مِنَّا فَضْلا يَا جِبَالُ أَوِّبِي مَعَهُ وَالطَّيْرَ وَأَلَنَّا لَهُ الْحَدِيدَ (10)يقول تعالى ذكره: ولقد أعطينا داود منا فضلا وقلنا للجبال (أَوِّبِي مَعَهُ) : سبحي معه إذا سبح. والتأويب عند العرب: الرجوع ومبيت الرجل في منزله وأهله، ومنه قول الشاعر:يَوْمَانِ يَومُ مقاماتٍ وأنديةٍويومُ سَيرٍ إلَى الأعْدَاءِ تَأْوِيبِ (1)أي رجوع وقد كان بعضهم يقرؤه (أُوْبِي مَعَهُ) من آب يئوب، بمعنى تصرفي معه، وتلك قراءة لا أستجيز القراءة بها لخلافها قراءة الحجة.وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.* ذكر من قال ذلك:حدثني سليمان بن عبد الجبار قال ثني محمد بن الصلت قال ثنا أَبو كدينة، وحدثنا محمد بن سنان القزاز قال ثنا الحسن بن الحسن الأشقر قال ثنا أَبو كدينة عن عطاء عن سعيد بن جبير عن ابن عباس (أَوِّبِي مَعَهُ) قال: سبحي معه.حدثني محمد بن سعد قال ثني أَبي قال ثني عمي قال ثني أَبي عن أبيه عن ابن عباس قوله (يَا جِبَالُ أَوِّبِي مَعَهُ) يقول: سبحي معه.حدثنا أَبو عبد الرحمن العلائي قال ثنا مِسْعر عن أَبي حصين عن أَبي عبد الرحمن (يَا جِبَالُ أَوِّبِي مَعَهُ) يقول: سبحي.حدثنا ابن حميد قال ثنا حكام عن عنبسة عن أَبي إسحاق عن أَبي ميسرة (يَا جِبَالُ أَوِّبِي مَعَهُ) قال: سبحي بلسان الحبشة.حدثني يحيى بن طلحة اليربوعي قال: ثنا فضيل عن منصور عن مجاهد في قوله (يَا جِبَالُ أَوِّبِي مَعَهُ) قال: سبحي معه.حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أَبو عاصم، قال: ثنا عيسى، وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء جميعا، عن ابن أَبي نجيح، عن مجاهد قوله (يَا جِبَالُ أَوِّبِي مَعَهُ) قال: سبحي.حدثنا بشر قال ثنا يزيد قال ثنا سعيد عن قتادة (يَا جِبَالُ أَوِّبِي مَعَهُ) أي: سبحي معه إذا سبح.حدثني يونس قال أخبرنا ابن وهب قال: قال ابن زيد في قوله (يَا جِبَالُ أَوِّبِي مَعَهُ) قال: سبحي معه، قال: والطيرُ أيضًا.حُدثت عن الحسين قال سمعت أبا معاذ يقول أخبرنا عبيد قال سمعت الضحاك يقول في قوله (يَا جِبَالُ أَوِّبِي مَعَهُ) قال: سبحي.حدثنا عمرو بن عبد الحميد قال ثنا مروان بن معاوية عن جويبر عن الضحاك قوله (يَا جِبَالُ أَوِّبِي مَعَهُ) سبحي معه.وقوله (وَالطَّيْرَ) وفي نصب الطير وجهان: أحدهما على ما قاله ابن زيد من أن الطير نوديت كما نوديت الجبال فتكون منصوبة من أجل أنها معطوفة على مرفوع بما لا يحسن إعادة رافعه عليه فيكون كالمصدر (2) عن جهته، والآخر: فعل ضمير متروك استغني بدلالة الكلام عليه، فيكون معنى الكلام: فقلنا يا جبال أوبي معه وسخرنا له الطير. وإن رفع ردا على ما في قوله: سبحي من ذكر الجبال كان جائزًا، وقد يجوز رفع الطير وهو معطوف على الجبال، وإن لم يحسن نداؤها بالذي نوديت به الجبال، فيكون ذلك كما قال الشاعر:ألا يا عمرُو والضحاكَ سِيرافقد جاوزتما خَمَرَ الطريقِ (3)وقوله (وَأَلَنَّا لَهُ الْحَدِيدَ) ذكر أن الحديد كان في يده كالطين المبلول يصرفه في يده كيف يشاء بغير إدخال نار ولا ضرب بحديد.* ذكر من قال ذلك:حدثنا بشر قال ثنا يزيد قال ثنا سعيد عن قتادة (وَأَلَنَّا لَهُ الْحَدِيدَ) سخر الله له الحديد بغير نار.حدثنا ابن بشار قال: ثنا ابن عثمة قال: ثنا سعيد بن بشير عن قتادة في قوله (وَأَلَنَّا لَهُ الْحَدِيدَ) كان يسويها بيده ولا يدخلها نارًا ولا يضربها بحديدة.-----------------------الهوامش :(1) البيت لسلامة بن جندل. قاله أبو عبيدة في (مجاز القرآن، مصورة الجامعة رقم 26059 ص 197 - ب) وانظره في المفضليات طبع القاهرة سنة 1926 والتأويب أن يبيت في أهله. قال سلامة بن جندل: (يومان ... البيت). استشهد به (اللسان: أوب) ونسبه لسلامة وقال: التأويب أن يسير النهار أجمع، وينزل الليل. وقيل: هو تباري الركاب في السير. قال: سلامة ... البيت. ثم قال التأويب في كلام العرب: سير النهار كله إلى الليل. يقال: أوب القوم تأويبا: أي ساروا بالنهار. و (في اللسان: أوب): والتأويب: الرجوع. وقوله عز وجل: (يا جبال أوبي معه) ويقرأ: (أوبي معه) أي بضم الهمزة. فمن قرأ أوبي معه (بفتح الهمزة، وشد الواو المكسورة) فمعناه: يا جبال سبحي معه، ورجعة التسبح لأنه قال: سخرنا الجبال معه يسبحن. ومن قرأ (أوبي معه) أي بضم الهمزة، فمعناه: عودي معه في التسبيح كلما عاد فيه.(2) لعله كالمصروف عن جهته.(3) البيت من شواهد الفراء في معاني القرآن (الورقة 261) قال في قوله تعالى: (يا جبال أوبي معه والطير): منصوبة على جهتين: إحداهما أن تنصبهما بالفعل، بقوله: (ولقد آتينا داود منا فضلا) وسخرنا له الطير، فيكون مثل قوله: أطعمته طعاما وما تريد، وسقيته ماء. فيجوز ذلك. والوجه الآخر بالنداء، لأنك إذا قلت: يا عمرو والصلت أقبلا، نصبت: الصلت بدعائهما، فإذا فقدت كان كالمعدول عن جهته، فنصب، وقد يجوز رفعه، على أن يتبع ما قبله. ويجوز رفعه على أوبي أنت والطير. وأنشدني بعض العرب النداء إذا نصب، لفقده يا أيها: (ألا يا عمرو والضحاك) والخمر بالتحريك: ما سترك من الشجر وغيرها، فيجوز نصب الضحاك ورفعه. وقال الآخر: يا طلحة الكامل وابن الكامل.
34:11
اَنِ اعْمَلْ سٰبِغٰتٍ وَّ قَدِّرْ فِی السَّرْدِ وَ اعْمَلُوْا صَالِحًاؕ-اِنِّیْ بِمَا تَعْمَلُوْنَ بَصِیْرٌ(۱۱)
کہ وسیع زِر ہیں بنا اور بنانے میں اندازے کا لحاظ رکھ (ف۲۶) اور تم سب نیکی کرو، بیشک تمہارے کام دیکھ رہا ہوں،

وقوله (أَنِ اعْمَلْ سَابِغَاتٍ) يقول: وعهدنا إليه أن اعمل سابغات: وهي التوامُّ الكوامل من الدروع.وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.* ذكر من قال ذلك:حدثنا بشر قال ثنا يزيد قال ثنا سعيد عن قتادة (أَنِ اعْمَلْ سَابِغَاتٍ) دروع وكان أول من صنعها داود، إنما كان قبل ذلك صفائح.حدثني يونس قال أخبرنا ابن وهب قال قال ابن زيد في قوله (أَنِ اعْمَلْ سَابِغَاتٍ) قال: السابغات دروع الحديد.وقوله (وَقَدِّرْ فِي السَّرْدِ) اختلف أهل التأويل في السرد؛ فقال بعضهم: السرد هو مسمار حلق الدرع.* ذكر من قال ذلك:حدثنا بشر قال ثنا يزيد قال ثنا سعيد عن قتادة (وَقَدِّرْ فِي السرْدِ) قال: كان يجعلها بغير نار، ولا يقرعها بحديد، ثم يسردها. والسرد: المسامير التي في الحلق.وقال آخرون: هو الحلق بعينها.* ذكر من قال ذلك:حدثني يونس قال أخبرنا ابن وهب قال: قال ابن زيد في قوله (وَقَدِّرْ فِي السَّرْدِ) قال: السرد حلقه، أي: قدر تلك الحلق، قال: وقال الشاعر:أجادَ المُسَدِّي سَرْدَهَا وَأَذَالَهَا (4)قال: يقول وسعها وأجاد حلقها.حدثنا محمد بن سعد قال ثني أَبي قال ثني عمي قال ثني أَبي عن أبيه عن ابن عباس (وَقَدِّرْ فِي السَّرْدِ) يعني بالسرد: ثقب الدروع فيسد قتيرها. وقال بعض أهل العلم بكلام العرب: يقال درع مسرودة إذا كانت مسمورة الحلق، واستشهد لقيله ذلك بقول الشاعر:وَعَلَيهِمَا مَسْرُودَتَانِ قَضَاهُمَادَاودُ أَوْ صَنَعُ السَّوَابِغِ تُبَّعُ (5)وقيل: إنما قال الله لداود (وَقَدِّرْ فِي السَّرْدِ) لأنها كانت قبل صفائح.* ذكر من قال ذلك:حدثنا نصر بن علي قال ثنا أَبي قال ثنا خالد بن قيس عن قتادة (وَقَدِّرْ فِي السَّرْدِ) قال: كانت صفائح فأمر أن يسردها حلقًا، وعنى بقوله (وَقَدِّرْ فِي السَّرْدِ) : وقدر المسامير في حلق الدروع حتى يكون بمقدار لا تغلظ المسمار، وتضيق الحلقة فتفصم الحلقة، ولا توسع الحلقة وتصغر المسامير وتدقها فتسلس في الحلقة.وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.* ذكر من قال ذلك:حدثني محمد بن عمرو قال: ثنا أَبو عاصم، قال: ثنا عيسى، وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء جميعا، عن ابن أَبي نجيح، عن مجاهد في قوله (وَقَدِّرْ فِي السَّرْدِ) قال: قدر المسامير والحلق؛ لا تدق المسامير فتسلس ولا تجلها، قال محمد بن عمرو وقال الحارث: فتفصم.حدثني علي بن سهل قال ثنا حجاج عن ابن جريج عن مجاهد في قوله (وَقَدِّرْ فِي السَّرْدِ) قال: لا تصغر المسمار وتعظم الحلقة فتسلس، ولا تعظم المسمار وتصغر الحلقة فيفصم المسمار.حدثني يعقوب قال ثنا ابن عيينة قال ثنا أَبي عن الحكم في قوله (وَقَدِّرْ فِي السَّرْدِ) قال: لا تغلظ المسمار فيفصم الحلقة ولا تدقه فيقلق.وقوله (وَاعْمَلُوا صَالِحًا) يقول تعالى ذكره: واعمل يا داود أنت وآلك بطاعة الله (إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ) يقول جل ثناؤه: إني بما تعمل أنت وأتباعك ذو بصر لا يخفى عليَّ منه شيء، وأنا مجازيك وإياهم على جميع ذلك.--------------------الهوامش :(4) البيت لكثير عزة بن عبد الرحمن الخزاعي (اللسان: ذيل) وصدره:على ابن أَبي العاص دلاص حصينة. . . . . . . . . . . . . . . . . . .قال : وذيل فلان ثوبه تذييلا: إذا طوله. وملاء مذيل: طويل الذيل. ويقال: وأذال فلان ثوبه إذا أطال ذيله؛ قال كثير:على ابن أَبي العاص . . . . .. . . . . . . . . . . وأذالهاوسردها: سمرها بالمسامير، كما يأتي في الشواهد بعده. والمسدي: من التسديد وهي أن يجعل الدرع مضاعفة، لها سدى ولحمة. (على التشبيه بالثوب الذي له سدى ولحمة) أو السدى: أسفل الثوب والدرع، والتسديد منه توسع أسفلها حتى لا يعوق لابسه في السير إذا كان ضيقا، وهذا الشاهد في معنى الشاهد الذي بعده.(5) البيت من شواهد أَبي عبيدة في (معاني القرآن 198 - أ) من مصورة الجامعة على أنه يقال درع مسرودة: أي مسمورة الحلق. وقال الفراء في (معاني القرآن، الورقة 261): وقال عز وجل: (أن اعمل سابغات): الدروع (وقدر في السرد) يقول: لا تجعل مسمار الدروع دقيقا، فيقلق، ولا غليظا، فيفصم الحلق. وفي (اللسان: قضى): والقضاء: بمعنى العمل، ويكون بمعنى العمل، ويكون بمعنى الصنع والتقدير قال أبو ذؤيب: "وعليهما مسرودتان ... البيت". قال ابن السيرافي: قضاهما فرغ من عملها أو قلت: ومعنى البيت أنهما جاءا وعليهما درعان سابغتان أي طويلتان محكمتا الصنع، كأنهما من صنع داود عليه السلام، أو من صنع تبع ملك اليمن العظيم
34:12
وَ لِسُلَیْمٰنَ الرِّیْحَ غُدُوُّهَا شَهْرٌ وَّ رَوَاحُهَا شَهْرٌۚ-وَ اَسَلْنَا لَهٗ عَیْنَ الْقِطْرِؕ-وَ مِنَ الْجِنِّ مَنْ یَّعْمَلُ بَیْنَ یَدَیْهِ بِاِذْنِ رَبِّهٖؕ-وَ مَنْ یَّزِغْ مِنْهُمْ عَنْ اَمْرِنَا نُذِقْهُ مِنْ عَذَابِ السَّعِیْرِ(۱۲)
اور سلیمان کے بس میں ہوا کردی اس کی صبح کی منزل ایک مہینہ کی راہ اور شام کی منزل ایک مہینے کی راہ (ف۲۷) اور ہم نے اس کے لیے پگھلے ہوئے تانبے کا چشمہ بہایا (ف۲۸) اور جنوں میں سے وہ جو اس کے آگے کا م کرتے اس کے رب کے حکم سے (ف۲۹) ادر جو ان میں ہما رے حکم سے پھرے (ف ۳۰) ہم اسے بھڑ کتی آ گ کا عذاب چکھائیں گے،

القول في تأويل قوله تعالى : وَلِسُلَيْمَانَ الرِّيحَ غُدُوُّهَا شَهْرٌ وَرَوَاحُهَا شَهْرٌ وَأَسَلْنَا لَهُ عَيْنَ الْقِطْرِ وَمِنَ الْجِنِّ مَنْ يَعْمَلُ بَيْنَ يَدَيْهِ بِإِذْنِ رَبِّهِ وَمَنْ يَزِغْ مِنْهُمْ عَنْ أَمْرِنَا نُذِقْهُ مِنْ عَذَابِ السَّعِيرِ (12)اختلفت القراء في قراءة قوله (وَلِسُلَيْمَانَ الرِّيحَ) فقرأته عامة قراء الأمصار (وَلِسُلَيْمَانَ الرِّيحَ) بنصب الريح، بمعنى: ولقد آتينا داود منا فضلا وسخرنا لسليمان الريحَ. وقرأ ذلك عاصم: (وَلِسُلَيْمِانَ الرِّيحُ) رفعًا بحرف الصفة إذ لم يظهر الناصب.والصواب من القراءة في ذلك عندنا النصب لإجماع الحجة من القراء عليه.وقوله (غُدُوُّهَا شَهْرٌ) يقول تعالى ذكره: وسخرنا لسليمان الريح، غدوها إلى انتصاف النهار مسيرة شهر، ورواحها من انتصاف النهار إلى الليل مسيرة شهر.وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.* ذكر من قال ذلك:حدثنا بشر قال ثنا يزيد قال ثنا سعيد عن قتادة قوله (وَلِسُلَيْمَانَ الرِّيحَ غُدُوُّهَا شَهْرٌ وَرَوَاحُهَا شَهْرٌ) قال: تغدو مسيرة شهر وتروح مسيرة شهر، قال: مسيرة شهرين في يوم.حدثنا ابن حميد قال ثنا سلمة عن أَبي إسحاق عن بعض أهل العلم عن وهب بن منبه (وَلِسُلَيْمَانَ الرِّيحَ غُدُوُّهَا شَهْرٌ وَرَوَاحُهَا شَهْرٌ) قال: ذكر لي أن منزلا بناحية دجلة مكتوب فيه كتاب كتبه بعض صحابة سليمان؛ إما من الجن وإما من الإنس: نحن نزلناه وما بنيناه، ومبنيًّا وجدناه، غدونا من إصطخر فقِلناه، ونحن رائحون منه إن شاء الله فبائتون بالشام.حدثنا يونس قال أخبرنا ابن وهب قال قال ابن زيد في قوله (وَلِسُلَيْمَانَ الرِّيحَ غُدُوُّهَا شَهْرٌ وَرَوَاحُهَا شَهْرٌ) قال: كان له مركب من خشب، وكان فيه ألف ركن، في كل ركن ألف بيت تركب فيه الجن والإنس، تحت كل ركن ألف شيطان، يرفعون ذلك المركب هم والعصار (6) فإذا ارتفع أتت الريح رخاء فسارت به وساروا معه، يقيل عند قوم بينه وبينهم شهر، ويمسي عند قوم بينه وبينهم شهر، ولا يدري القوم إلا وقد أظلهم معه الجيوش والجنود.حدثنا ابن بشار قال ثنا أَبو عامر قال ثنا قرة عن الحسن في قوله (غُدُوُّهَا شَهْرٌ وَرَوَاحُهَا شَهْرٌ) قال: كان يغدو فيقيل في إصطخر، ثم يروح منها فيكون رواحها بكابل.حدثنا ابن بشار قال ثنا حماد قال ثنا قرة عن الحسن بمثله.وقوله (وَأَسَلْنَا لَهُ عَيْنَ الْقِطْرِ) يقول: وأذبنا له عين النحاس، وأجريناها له.وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.* ذكر من قال ذلك:حدثنا بشر قال ثنا يزيد قال ثنا سعيد عن قتادة (وَأَسَلْنَا لَهُ عَيْنَ الْقِطْرِ) عين النحاس كانت بأرض اليمن، وإنما ينتفع اليوم بما أخرج الله لسليمان.حدثني يونس قال: أخبرنا ابن وهب قال: قال ابن زيد في قوله (وَأَسَلْنَا لَهُ عَيْنَ الْقِطْرِ) قال: الصِّفر سال كما يسيل الماء، يعمل به كما كان يعمل العجين في اللبن.حدثني علي قال: ثنا أَبو صالح قال: ثني معاوية عن علي عن ابن عباس قوله (وَأَسَلْنَا لَهُ عَيْنَ الْقِطْرِ) يقول: النحاس.حدثني محمد بن سعد قال: ثني أَبي قال: ثني عمي قال: ثني أَبي عن أبيه عن ابن عباس قوله (وَأَسَلْنَا لَهُ عَيْنَ الْقِطْرِ) يعني: عين النحاس أسيلت.وقوله (وَمِنَ الْجِنِّ مَنْ يَعْمَلُ بَيْنَ يَدَيْهِ بِإِذْنِ رَبِّهِ) يقول تعالى ذكره: ومن الجن من يطيعه ويأتمر بأمره وينتهى لنهيه؛ فيعمل بين يديه ما يأمره طاعة له بإذن ربه، يقول: بأمر الله بذلك، وتسخيره إياه له (وَمَنْ يَزِغْ مِنْهُمْ عَنْ أَمْرِنَا) يقول: ومن يزل ويعدل من الجن عن أمرنا الذي أمرناه من طاعة سليمان (نُذِقْهُ مِنْ عَذَابِ السَّعِيرِ) في الآخرة، وذلك عذاب نار جهنم الموقدة.وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.* ذكر من قال ذلك:حدثنا بشر قال ثنا يزيد قال ثنا سعيد عن قتادة، وقوله (وَمَنْ يَزِغْ مِنْهُمْ عَنْ أَمْرِنَا) أي: يعدل منهم عن أمرنا عمَّا أمره به سليمان (نُذِقْهُ مِنْ عَذَابِ السَّعِيرِ) .---------------------الهوامش :(6) في (اللسان: عصر)، الإعصار والعصار (ككتاب) أن تهيج الريح فترفعه. والعصار: الغبار الشديد.
34:13
یَعْمَلُوْنَ لَهٗ مَا یَشَآءُ مِنْ مَّحَارِیْبَ وَ تَمَاثِیْلَ وَ جِفَانٍ كَالْجَوَابِ وَ قُدُوْرٍ رّٰسِیٰتٍؕ-اِعْمَلُوْۤا اٰلَ دَاوٗدَ شُكْرًاؕ-وَ قَلِیْلٌ مِّنْ عِبَادِیَ الشَّكُوْرُ(۱۳)
اس کے لیے بناتے جو وہ چاہتا اونچے اونچے محل (ف۳۱) اور تصویریں (ف۳۲) اور بڑے حوضوں کے برابر لگن (ف۳۳) اور لنگردار دیگیں (ف۳۴) اے داؤد والو! شکر کرو (ف۳۵) اور میرے بندوں میں کم ہیں شکر والے،

القول في تأويل قوله تعالى : يَعْمَلُونَ لَهُ مَا يَشَاءُ مِنْ مَحَارِيبَ وَتَمَاثِيلَ وَجِفَانٍ كَالْجَوَابِ وَقُدُورٍ رَاسِيَاتٍ اعْمَلُوا آلَ دَاوُدَ شُكْرًا وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ (13)يقول تعالى ذكره: يعمل الجن لسليمان ما يشاء من محاريب وهي جمع محراب، والمحراب: مقدم كل مسجد وبيت ومصلى، ومنه قول عدي بن زيد:كدُمَي العاجِ في المحاريبِ أو كالبيضِ في الرَّوضِ زَهرُهُ مُسْتَنِيرُ (7)وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.* ذكر من قال ذلك:حدثني محمد بن عمرو قال: ثنا أَبو عاصم، قال: ثنا عيسى، وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء جميعا، عن ابن أَبي نجيح، عن مجاهد قوله (مَا يَشَاءُ مِنْ مَحَارِيبَ) قال: بنيان دون القصور.حدثنا بشر قال ثنا يزيد قال ثنا سعيد عن قتادة (يَعْمَلُونَ لَهُ مَا يَشَاءُ مِنْ مَحَارِيبَ) وقصور ومساجد.حدثني يونس قال أخبرنا ابن وهب قال: قال ابن زيد في قوله (يَعْمَلُونَ لَهُ مَا يَشَاءُ مِنْ مَحَارِيبَ) قال: المحاريب: المساكن، وقرأ قول الله فَنَادَتْهُ الْمَلائِكَةُ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرَابِ .حدثني عمرو بن عبد الحميد الآملي قال ثنا مروان بن معاوية عن جويبر عن الضحاك (يَعْمَلُونَ لَهُ مَا يَشَاءُ مِنْ مَحَارِيبَ) قال: المحاريب: المساجد.وقوله (وَتَمَاثِيلَ) يعني أنهم يعملون له تماثيل من نحاس وزجاج.كما حدثني محمد بن عمرو قال: ثنا أَبو عاصم، قال: ثنا عيسى، وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء جميعا، عن ابن أَبي نجيح، عن مجاهد (وَتَمَاثِيلَ) قال: من نحاس.حدثنا بشر قال ثنا يزيد قال ثنا سعيد عن قتادة (وَتَمَاثِيلَ) قال: من زجاج وشبهه.حدثنا عمرو بن عبد الحميد قال ثنا مروان عن جويبر عن الضحاك في قول الله (وَتَمَاثِيلَ) قال: الصور.قوله (وَجِفَانٍ كَالْجَوَابِ) يقول: وينحتون له ما يشاء من جفان كالجواب، وهي جمع جابية والجابية: الحوض الذي يجبى فيه الماء، كما قال الأعشى ميمون بن قيس:تروحُ علَى نَادِي المُحَلَّقِ جَفْنَةٌكَجَابِيةِ الشَّيخِ العِرَاقِي تَفْهَقُ (8)وكما قال الآخر:فَصَبَّحْتُ جَابِيَةً صُهَارِجاكأنَّها جِلْدُ السَّمَاءِ خارِجا (9)وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.* ذكر من قال ذلك:حدثني علي قال ثنا أَبو صالح قال ثني معاوية عن علي عن ابن عباس قوله (وَجِفَانٍ كَالْجَوَابِ) يقول: كالجوبة من الأرض.حدثني محمد بن سعد قال ثني أَبي قال ثني عمي قال ثنى أَبي عن أبيه عن ابن عباس قوله (وَجِفَانٍ كَالْجَوَابِ) يعني بالجواب: الحياض.وحدثني يعقوب قال ثنا ابن علية عن أَبي رجاء عن الحسن (وَجِفَانٍ كَالْجَوَابِ) قال: كالحياض.حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أَبو عاصم، قال: ثنا عيسى، وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء جميعا، عن ابن أَبي نجيح، عن مجاهد قوله (وَجِفَانٍ كَالْجَوَابِ) قال: حياض الإبل.حدثنا بشر قال ثنا يزيد قال ثنا سعيد عن قتادة (وَجِفَانٍ كَالْجَوَابِ) قال: جفان كجوبة الأرض من العظم، والجوبة من الأرض: يستنقع فيها الماء.حدثت عن الحسين بن الفرج، قال سمعت أبا معاذ يقول أخبرنا عبيد قال سمعت الضحاك يقول في قوله (وَجِفَانٍ كَالْجَوَابِ) كالحياض.حدثنا عمرو قال ثنا مروان بن معاوية قال ثنا جويبر عن الضحاك (وَجِفَانٍ كَالْجَوَابِ) قال: كحياض الإبل من العظم.وقوله (وَقُدُورٍ رَاسيَاتٍ) يقول: وقدور ثابتات لا يحركن عن أماكنهن، ولا تحول لعظمهن.وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.* ذكر من قال ذلك:حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أَبو عاصم، قال: ثنا عيسى، وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء جميعا، عن ابن أَبي نجيح، عن مجاهد قوله (وَقُدُورٍ رَاسِيَاتٍ) قال: عظام.حدثنا بشر قال ثنا يزيد قال ثنا سعيد عن قتادة (وَقُدُورٍ رَاسِيَاتٍ) قال: عظام ثابتات الأرض لا يزلن عن أمكنتهن.حدثني يونس قال أخبرنا ابن وهب قال: قال ابن زيد في قوله (وَقُدُورٍ رَاسِيَاتٍ) قال: مثال الجبال من عِظمها، يعمل فيها الطعام من الكبر والعظم، لا تحرك ولا تنقل، كما قال للجبال: راسيات.وقوله (اعْمَلُوا آلَ دَاودَ شُكْرًا) يقول تعالى ذكره: وقلنا لهم اعملوا بطاعة الله يا آل داود شكرًا له على ما أنعم عليكم من النعم التي خصكم بها عن سائر خلقه مع الشكر له على سائر نعمه التي عمكم بها مع سائر خلقه، وتُرك ذكر: " وقلنا لهم " اكتفاء بدلالة الكلام على ما ترك منه، وأخرج قوله (شُكْرًا) مصدرا من قوله (اعْمَلُوا آلَ دَاودَ) لأن معنى قوله (اعْمَلُوا) اشكروا ربكم بطاعتكم إياه، وأن العمل بالذي رضي الله، لله شكر.وبنحو الذي قلنا في ذلك، قال أهل التأويل.* ذكر من قال ذلك:حدثنا ابن حميد قال: ثنا يحيى بن واضح، قال ثنا موسى بن عبادة عن محمد بن كعب قوله (اعْمَلُوا آلَ دَاودَ شُكْرًا) قال: الشكر تقوى الله والعمل بطاعته.حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد: أخبرني حيوة عن زهرة بن معبد أنه سمع أبا عبد الرحمن الحبلي (10) يقول: (اعْمَلُوا آلَ دَاودَ شُكْرًا) وأفضل الشكر الحمد.قال: أخبرنا ابن وهب قال: قال ابن زيد في قوله: (اعْمَلُوا آلَ دَاودَ شُكْرًا) قال: أعطاكم وعلمكم وسخر لكم ما لم يسخر لغيركم، وعلمكم منطق الطير، اشكروا له يا آل داود قال: الحمد طرف من الشكر.وقوله (وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِي الشَّكُورُ) يقول تعالى ذكره: وقليل من عبادي المخلصو توحيدي والمفردو طاعتي وشكري على نعمتي عليهم.وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.* ذكر من قال ذلك:حدثني علي قال ثنا أَبو صالح قال ثني معاوية عن علي عن ابن عباس قوله (وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِي الشَّكُورُ) يقول: قليل من عبادي الموحدون توحيدهم.--------------------الهوامش :(7) البيت لعدي بن زيد العبادي كما قال المؤلف، وكما في شعراء النصرانية القسم الرابع 455 وقد استشهد به المؤلف في (3 / 2464) من هذا التفسير، على أن المحاريب جمع محراب، وهو مقدم موضع العبادة. فراجعه ثمة.(8) البيت لأعشى بني قيس بن ثعلبة (ديوانه طبعة القاهرة 225) وروايته:نَفَى الذَّمَّ عَنْ آلِ المحلقِ جَفْنَةُكَجابِيَةِ السِّيح العِرَاقيِّ تَفْهَقُوهي رواية مشهورة كالرواية التي أوردها المؤلف. يصف المحلق بالكرم وأن جفنته تروح على ناديه مفعمة لحما وشحما، وهي من كبير الجفان، مثل جابية الماء التي يجمع فيها الشيخ العراقي أيام يفيض النهر، لينفق منه في أيام قلة الماء، فهي جابية كبيرة. وأما من رواه السيح، بالسين والحاء والمهملتين، فهو ما يفيض من الماء ويسيح عن الزيادة بالنهر وقد ذكر في المبرد "الكتاب الكامل" هاتين الروايتين (انظر طبعة مصطفى البابي الحلبي وأولاده 1 : 7) قال في تخريج رواية الشيخ: كذا ينشده أهل البصرة. وتأويله عندهم أن العراقي إذا تمكن من الماء، ملأ جابيته، لأنه حضري ، فلا يعرف مواقع الماء ولا محاله. قال أَبو العباسي: وسمعت أعرابية تنشد: (وهي أم الهيثم الكلابية من ولد المحلق، وهي رواية أهل الكوفة): "كجابية المسيح"، تريد: النهر يجري على جانبيه، فماؤها لا ينقطع، لأن النهر يمده. ا .ه. وقال أبو عبيدة في مجاز القرآن: (الورقة : 198) (وجفان كالجواب): واحدها: جابية وهو الحوض الذي يجبى فيه الماء. وقال الفراء في معاني القرآن الورقة 261 : (وجفان): وهي القصاع الكبار. (كالجواب) الحياض التي للإبل. وفي (اللسان: جبى): الجابية الحوض الذي يجبى فيه الماء للإبل. والجابية: الحوض الضخم وأورد البيت كرواية المؤلف، ثم قال: خص العراقي، لجهله بالمياه، لأنه حضري، فإن وجدها ملأ جابية: وأعدها، ولم يدر متى يجد المياه.(9) هذان بيتان من مشطور الرجز. روى أولهما صاحب (اللسان: صهرج) عن الأزهري. قال: وحوض صهارج: مطلي بالصاروخ: (النورة) والصهارج بالضم مثل الصهرج. وأنشد الأزهري فصبحت جابية صحارجا وقد صهرجوا صهريجا. وفاعل صحبت ضمير يعود على ما قبله، ولعله ذكر الإبل. والرجز غير منسوب. وقوله "كأنها جلد ..." البيت: يشبه لون الجابية أو ماءها بلون السماء في الزرقة. وهذا البيت كالذي قبله شاهد على أن معنى الجابية الحوض الكبير الذي يجمع فيه الماء، وهو الصهارج والصهريج أيضا. شبه جفنة المحلق بالحوض الكبير، لكرمه.(10) الحبلي: بسكون الباء وضمها: منسوب إلى بني الحبلى، بطن من الأنصار، ثقة، توفي سنة مائة. (عن التاج).
34:14
فَلَمَّا قَضَیْنَا عَلَیْهِ الْمَوْتَ مَا دَلَّهُمْ عَلٰى مَوْتِهٖۤ اِلَّا دَآبَّةُ الْاَرْضِ تَاْكُلُ مِنْسَاَتَهٗۚ-فَلَمَّا خَرَّ تَبَیَّنَتِ الْجِنُّ اَنْ لَّوْ كَانُوْا یَعْلَمُوْنَ الْغَیْبَ مَا لَبِثُوْا فِی الْعَذَابِ الْمُهِیْنِ(۱۴)
پھر جب ہم نے اس پر موت کا حکم بھیجا (ف۳۶) جنوں کو اس کی موت نہ بتائی مگر زمین کی دیمک نے کہ اس کا عصا کھاتی تھی، پھر جب سلیمان زمین پر آیا جِنوں کی حقیقت کھل گئی (ف۳۷) اگر غیب جانتے ہوتے (ف۳۸) تو اس خواری کے عذاب میں نہ ہوتے (ف۳۹)

القول في تأويل قوله تعالى : فَلَمَّا قَضَيْنَا عَلَيْهِ الْمَوْتَ مَا دَلَّهُمْ عَلَى مَوْتِهِ إِلا دَابَّةُ الأَرْضِ تَأْكُلُ مِنْسَأَتَهُ فَلَمَّا خَرَّ تَبَيَّنَتِ الْجِنُّ أَنْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ الْغَيْبَ مَا لَبِثُوا فِي الْعَذَابِ الْمُهِينِ (14)يقول تعالى ذكره: فلما أمضينا قضاءنا على سليمان بالموت فمات (مَا دَلَّهُمْ عَلَى مَوْتِهِ) يقول: لم يدل الجن على موت سليمان (إِلا دَابَّةُ الأرْضِ) وهي الأرضة وقعت في عصاه التي كان متكئًا عليها فأكلتها، فذلك قول الله عز وجل (تَأْكُلُ مِنْسَأَتَهُ).وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.* ذكر من قال ذلك:حدثني ابن المثنى وعلي قالا ثنا أَبو صالح قال ثني معاوية عن علي عن ابن عباس قوله ( إِلا دَابَّةُ الأرْضِ تَأْكُلُ مِنْسَأَتَهُ ) يقول: الأرضة تأكل عصاه.حدثنا محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس قوله (تَأْكُلُ مِنْسَأَتَهُ) قال: عصاه.حدثني محمد بن عمرو، قال: ثني أَبو عاصم، قال: ثنا عيسى، وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء جميعا، عن ابن أَبي نجيح، عن مجاهد قوله (إِلا دَابَّةُ الأرْضِ) قال: الأرضة (تَأْكُلُ مِنْسَأَتَهُ) قال: عصاه.حدثني محمد بن عمارة قال ثنا عبد الله بن موسى قال أخبرنا إسرائيل عن أَبي يحيى عن مجاهد (تَأْكُلُ مِنْسَأَتَهُ) قال: عصاه.حدثنا ابن بشار قال ثنا ابن عثمة قال ثنا سعيد بن بشير عن قتادة في قوله (تَأْكُلُ مِنْسَأَتَهُ) أكلت عصاه حتى خرَّ.حدثنا موسى بن هارون قال: ثنا عمرو، قال: ثنا أسباط عن السدي المنسأة: العصا بلسان الحبشة.حدثنا يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد: المنسأة العصا.واختلفت القراء في قراءة قوله (مِنْسَأَتَهُ) فقرأ ذلك عامة قراء أهل المدينة وبعض أهل البصرة (مِنْسَاتَهُ) غير مهموزة، وزعم من اعتل لقارىء ذلك كذلك من أهل البصرة أن المنساة: العصا، وأن أصلها من نسأت بها الغنم، قال: وهي من الهمز الذي تركته العرب، كما تركوا همز النبي والبرية والخابية، وأنشد لترك الهمز في ذلك بيتا لبعض الشعراء:إذا دَبَبْتَ على المِنساةِ من هَرَمٍفقدْ تَبَاعَد عنكَ اللَّهوُ والغَزَلُ (11)وذكر الفراء عن أَبي جعفر الرَّوَاسي أنه سأل عنها أبا عمرو فقال: (مِنْسَاتَهُ) بغير همز.وقرأ ذلك عامة قراء الكوفة (مِنْسَأَتَهُ) بالهمز، وكأنهم وجهوا ذلك إلى أنها مِفْعَلة من نسأت البعير: إذا زجرته ليزداد سيره، كما يقال نسأت اللبن: إذا صببت (12) عليه الماء وهو النسيء، وكما يقال: نسأ الله في أجلك أي أدام (13) الله في أيام حياتك.قال أَبو جعفر: وهما قراءتان قد قرأ بكل واحدة منهما علماء من القراء بمعنى واحد، فبأيتهما قرأ القارىء فمصيب، وإن كنت أختار الهمز فيها لأنه الأصل.وقوله (فَلَمَّا خَرَّ تَبَيَّنَتِ الْجِنُّ) يقول عز وجل: فلما خر سليمان ساقطًا بانكسار منسأته تبينت الجن (أنْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ الْغَيْبَ) الذي يدعون علمه (مَا لَبِثُوا فِي الْعَذَابِ الْمُهِينِ) المذل حولا كاملا بعد موت سليمان، وهم يحسبون أن سليمان حي.وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.* ذكر من قال ذلك:حدثنا أحمد بن منصور قال ثنا موسى بن مسعود أَبو حذيفة قال ثنا إبراهيم بن طهمان عن عطاء بن السائب عن سعيد بن جبير عن ابن عباس عن النبي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم قال: " كَانَ سُلَيمانُ نبيُّ اللهِ إذَا صَلَّى رأى شجرة نابتة بين يديه فيقول لها ما اسمك؟ فتقول كذا، فيقول لأي شيء أنت؟ فإن كانت تُغْرَسُ غُرسَت، وإن كان لدواءٍ كُتبتْ، فبينما هو يصلي ذاتَ يَومٍ إذ رأى شجرةً بين يديه، فقال لها: ما اسمك؟ قالت: الخروب، قال: لأي شيء أنت؟ قالت: لخراب هذا البيت، فقال سليمان: اللهم عمِّ على الجن موتي؛ حتى يعلم الإنس أن الجن لا يعلمون الغيب، فنَحَتَها عصا فتوكَّأ عليها حولا ميتًا، والجن تعمل، فأكلتها الأرضة، فسقط، فتبينت الإنس أن الجن لو كانوا يعلمون الغيب ما لبثوا حولا في العذاب المهين ". قال: وكان ابن عباس يقرؤها كذلك، قال: فشكرت الجن للأرضة فكانت تأتيها بالماء.حدثنا موسى بن هارون قال ثنا عمرو قال ثنا أسباط عن السدي في خبر ذكره عن أَبي مالك وعن أَبي صالح عن ابن عباس وعن مرة الهمداني عن ابن مسعود وعن أناس من أصحاب رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم قال: " كان سليمان يتجرد (14) في بيت المقدس السنة والسنتين، والشهر والشهرين، وأقل من ذلك وأكثر، يَدخل طعامه (15) وشرابه، فدخله في المرة التي مات فيها، وذلك أنه لم يكن يوم يصبح فيه، إلا تنبت فيه شجرة، فيسألها: ما اسمك؟ فتقول الشجرة: اسمي كذا وكذا، فيقول لها: لأي شيء نبت، فتقول: نبت لكذا وكذا. فيأمر بها فتقطع؛ فإن كانت نبتت لغرس غرسها، وإن كانت نبتت لدواء قالت: نبت دواء لكذا وكذا، فيجعلها كذلك، حتى نبتت شجرة يقال لها الخروبة، فسألها ما اسمك؟ فقالت له: أنا الخروبة، فقال: لأي شيء نبتِّ، قالت: لخراب هذا المسجد، قال سليمان: ما كان الله ليخربه وأنا حي، أنت التي على وجهك هلاكي وخراب بيت المقدس، فنزعها وغرسها في حائط له ثم دخل المحراب، فقام يصلي متكئًا على عصاه، فمات ولا تعلم به الشياطين في ذلك، وهم يعملون له يخافون أن يخرج فيعاقبهم، وكانت الشياطين تجتمع حول المحراب، وكان المحراب له كُوىً بين يديه وخلفه، وكان الشيطان الذي يريد أن يخلع يقول: ألست جلدًا إن دخلت، فخرجت من الجانب الآخر، فدخل شيطان من أولئك فمر، ولم يكن شيطان ينظر إلى سليمان في المحراب إلا احترق، فمر ولم يسمع صوت سليمان عليه السلام ، ثم رجع فلم يسمع، ثم رجع فوقع في البيت فلم يحترق، ونظر إلى سليمان قد سقط فخرج فأخبر الناس أن سليمان قد مات، ففتحوا عنه فأخرجوه ووجدوا منسأته، وهي العصا بلسان الحبشة قد أكلتها الأرضة، ولم يعلموا منذ كم مات، فوضعوا الأرضة على العصا، فأكلت منها يومًا وليلة، ثم حسبوا على ذلك النحو، فوجدوه قد مات منذ سنة ". وهي في قراءة ابن مسعود: فمكثوا يدأبون له من بعد موته حولا كاملا فأيقن الناس عند ذلك أن الجن كانوا يكذبونهم، ولو أنهم علموا الغيب لعلموا بموت سليمان ولم يلبثوا في العذاب سنة يعملون له، وذلك قول الله ( مَا دَلَّهُمْ عَلَى مَوْتِهِ إِلا دَابَّةُ الأرْضِ تَأْكُلُ مِنْسَأَتَهُ فَلَمَّا خَرَّ تَبَيَّنَتِ الْجِنُّ أَنْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ الْغَيْبَ مَا لَبِثُوا فِي الْعَذَابِ الْمُهِينِ ) يقول: تبين أمرهم للناس أنهم كانوا يكذبونهم، ثم إن الشياطين قالوا للأرضة: لو كنت تأكلين الطعام أتيناك بأطيب الطعام، ولو كنت تشربين الشراب سقيناك أطيب الشراب، ولكنا سننقل إليك الماء والطين، فالذي يكون في جوف الخشب فهو ما تأتيها به الشياطين شكرًا لها.حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قال: كانت الجن تخبر الإنس أنهم كانوا يعلمون من الغيب أشياء، وأنهم يعلمون ما في غد، فابتلوا بموت سليمان، فمات فلبث سنة على عصاه وهم لا يشعرون بموته، وهم مسخرون تلك السنة يعملون دائبين ( فَلَمَّا خَرَّ تَبَيَّنَتِ الْجِنُّ أَنْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ الْغَيْبَ مَا لَبِثُوا فِي الْعَذَابِ الْمُهِينِ ) ولقد لبثوا يدأبون، ويعملون له حولا.حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله ( مَا دَلَّهُمْ عَلَى مَوْتِهِ إِلا دَابَّةُ الأرْضِ تَأْكُلُ مِنْسَأَتَهُ ) قال: قال سليمان لملك الموت: يا ملك الموت إذا أمرت بي فأعلمني، قال: فأتاه فقال: يا سليمان قد أمرت بك، قد بقيت لك سويعة فدعا الشياطين فبنوا عليه صرحًا من قوارير، ليس له باب فقام يصلي واتكأ على عصاه، قال: فدخل عليه ملك الموت فقبض روحه وهو متكىء على عصاه، ولم يصنع ذلك فرارًا من ملك الموت، قال: والجن تعمل بين يديه وينظرون إليه يحسبون أنه حي، قال: فبعث الله دابة الأرض، قال: دابة تأكل العيدان يقال لها القادح، فدخلت فيها فأكلتها، حتى إذا أكلت جوف العصا، ضعفت وثقل عليها فخر ميتًا، قال: فلما رأت الجن ذلك انفضوا وذهبوا، قال: فذلك قوله ( مَا دَلَّهُمْ عَلَى مَوْتِهِ إِلا دَابَّةُ الأرْضِ تَأْكُلُ مِنْسَأَتَهُ ) قال: والمنسأة: العصا.حدثنا ابن حميد قال ثنا جرير عن عطاء قال: كان سليمان بن داود يصلي، فمات وهو قائم يصلي والجن يعملون لا يعلمون بموته، حتى أكلت الأرضة عصاه فخر وأن في قوله (أَنْ لَوْ كَانُوا) في موضع رفع ب" تَبَيَّن "، لأن معنى الكلام: فلما خر تبين وانكشف، أن لو كان الجن يعلمون الغيب ما لبثوا في العذاب المهين.وأما على التأويل الذي تأوله ابن عباس من أن معناه: تبينت الإنس الجن، فإنه ينبغي أن يكون في موضع نصب بتكريرها على الجن، وكذلك يجب على هذه القراءة أن تكون الجن منصوبة، غير أني لا أعلم أحدًا من قراء الأمصار يقرأ ذلك بنصب الجن، ولو نصب كان في قوله (تَبَيَّنتِ) ضمير من ذكر الإنس.------------------------الهوامش:(11) البيت من شواهد أَبي عبيدة في (مجاز القرآن، الورقة 198 - ب) والرواية فيه "حبيت" في موضع "دببب". وفي هامشه بخط الناسخ: (رواية: دببب). قال أبو عبيدة: (تأكل منسأته): وهي العصا: من نسأت بها الغنم. وهو من المهموز الذي تركت العرب الهمزة من أسمائها، ويهمزون الفعل منها، كما تركوا همزة النبي والبرية والخالية، وهو من أنبأت، ومن برأت، وخبأت. قال: "إذا حببت على المنساة ..." البيت. وبعضهم يهمزها فيقول: منسأة. ا . ه. والبيت في (اللسان: نسأ) وروايته: "إذا دببب ..." البيت. وقال قبل ذلك: والمنسأة: العصا؛ يهمز، ولا يهمز. ينسأ بها. وأبدلوا إبدالا كليا، فقالوا منساة. وأصلها الهمز، ولكنها بدل لازم حكاه سيبويه. وقد قرئ بهما جميعا. قال الفراء في قوله عز وجل: (تأكل منسأته) وهي العصا العظيمة التي تكون مع الراعي. أخذت من نسأت البعير إذا زجرته ليزداد سيره. كما يقال نسأت اللبن إذا صببت عليه الماء. وهو النسئ.(12) كذا في (معاني القرآن للفراء الورقة 261) وفي الأصل: صدرت بتحريف.(13) لعله: أطال.(14) في العرائس للثعلبي (طبعة الحلبي 326) قال ابن عباس وغيره: كان سليمان يحتجب في بيت المقدس ... إلخ.(15) في العرائس: يدخل فيه بطعامه ... إلخ.
34:15
لَقَدْ كَانَ لِسَبَاٍ فِیْ مَسْكَنِهِمْ اٰیَةٌۚ-جَنَّتٰنِ عَنْ یَّمِیْنٍ وَّ شِمَالٍ۬ؕ-كُلُوْا مِنْ رِّزْقِ رَبِّكُمْ وَ اشْكُرُوْا لَهٗؕ-بَلْدَةٌ طَیِّبَةٌ وَّ رَبٌّ غَفُوْرٌ(۱۵)
بیشک سبا (ف۴۰) کے لیے ان کی آبادی میں (ف۴۱) نشانی تھی (ف۴۲) دو باغ دہنے اور بائیں (ف۴۳) اپنے رب کا رزق کھاؤ (ف۴۴) اور اس کا شکر ادا کرو (ف۴۵) پاکیزہ شہر اور (ف۴۶) بخشنے والا رب (ف۴۷)

القول في تأويل قوله تعالى : لَقَدْ كَانَ لِسَبَإٍ فِي مَسْكَنِهِمْ آيَةٌ جَنَّتَانِ عَنْ يَمِينٍ وَشِمَالٍ كُلُوا مِنْ رِزْقِ رَبِّكُمْ وَاشْكُرُوا لَهُ بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ وَرَبٌّ غَفُورٌ (15)يقول تعالى ذكره: لقد كان لولد سبأ في مسكنهم علامة بينة، وحجة واضحة على أنه لا رب لهم إلا الذي أنعم عليهم النعم التي كانوا فيها.وسبأ عن رسول الله اسم أَبي اليمن.* ذكر من قال ذلك:حدثنا أَبو كريب قال ثنا وكيع عن أَبي حيان الكلبي عن يحيى بن هانئ عن عروة المرادي عن رجل منهم يقال له: فروة بن مسيك قال: قلت يا رسول الله أخبرني عن سبأ ما كان؟ رجلا كان أو امرأة، أو جبلا أو دواب؟ فقال: " لا كان رجلا من العرب وله عشرة أولاد؛ فتيمن منهم ستة وتشاءم منهم أربعة، فأما الذين تيمنوا منهم فكندة وحمير والأزد والأشعريون ومذحج وأنمار الذين منها خثعم وبُجَيلة، وأما الذين تشاءموا؛ فعاملة وجُذام ولخم وغسَّان " .حدثنا أَبو كريب قال ثنا أَبو أسامة قال ثني الحسن بن الحكم قال ثنا أبو سَبْرة النخَعي عن فروة بن مسيك القُطَيْعي قال: قال رجل يا رسول الله: أخبرني عن سبأ ما هو؟ أرض أو امرأة؟ قال: ليس بأرض ولا امرأة، ولكنه رجل ولَدَ عشرة من الولد؛ فتيامن ستة وتشاءم أربعة، فأما الذين تشاءموا فلخم وجُذام وعاملة وغسان، وأما الذين تيامنوا فكندة والأشعريون والأزد ومذحج وحمير وأنمار "، فقال رجل: ما أنمار؟ قال: " الذين منهم خثعم وبجيلة " .حدثنا أَبو كريب قال ثنا العَنْقزي قال أخبرنى أسباط بن نصر عن يحيى بن هانئ المرادي عن أبيه أو عن عمه (أسباطٌ شك) قال: قدم فروة بن مسيك على رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم فقال: يا رسول الله أخبرني عن سبأ أجبلا كان أو أرضًا؟ فقال: " لم يكن جبلا ولا أرضًا ولكنه كان رجلا من العرب ولد عشرة قبائل ثم ذكر نحوه، إلا أنه قال: " وأنمار الذين يقولون منهم بجيلة وخثعم " . فإن كان الأمر كما روي عن رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم من أن سبأ رجل، كان الإجراء فيه وغير الإجراء معتدلين، أما الإجراء فعلى أنه اسم رجل معروف، وأما ترك الإجراء فعلى أنه اسم قبيلة أو أرض. وقد قرأ بكل واحدة منهما علماء من القراء.واختلفت القراء في قراءة قوله (فِي مسكنهم) فقرأته عامة قراء المدينة والبصرة وبعض الكوفيين (فِي مِسِاكِنِهِمْ) على الجماع، بمعنى منازل آل سبأ. وقرأ ذلك عامة قراء الكوفيين (فِي مَسْكِنِهِمْ) على التوحيد، وبكسر الكاف، وهي لغة لأهل اليمن فيما ذكر لي. وقرأ حمزة (مَسْكَنِهِمْ) على التوحيد وفتح الكاف.والصواب من القول في ذلك عندنا: أن كل ذلك قراءات متقاربات المعنى، فبأي ذلك قرأ القارىء فمصيب.وقوله (آيَةٌ) قد بينا معناها قبل.وأما قوله (جَنَّتَانِ عَنْ يَمِينٍ وَشِمَالٍ) فإنه يعني: بستانان كانا بين جبلين، عن يمين من أتاهما وشماله.وكان من صنفهما فيما ذُكر لنا ما حدثنا محمد بن بشار قال ثنا سليمان قال ثنا أَبو هلال قال سمعت قتادة في قوله ( لَقَدْ كَانَ لِسَبَإٍ فِي مَسْكَنِهِمْ آيَةٌ جَنَّتَانِ عَنْ يَمِينٍ وَشِمَالٍ ) قال: كانت جنتان بين جبلين فكانت المرأة تخرج مكتلها على رأسها فتمشي بين جبلين، فيمتلىء مكتلها، وما مست بيدها، فلما طغوا بعث الله عليهم دابة، يقال لها " جُرَذ " فنقبت عليهم فغرقتهم، فما بقي لهم إلا أَثْل، وشيء من سدر قليل.حدثنا يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله ( لَقَدْ كَانَ لِسَبَإٍ فِي مَسْكَنِهِمْ آيَةٌ جَنَّتَانِ عَنْ يَمِينٍ وَشِمَالٍ ...) إلى قوله فَأَعْرَضُوا فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ سَيْلَ الْعَرِمِ قال: ولم يكن يرى في قريتهم بعوضة قط، ولا ذباب ولا برغوث ولا عقرب ولا حية، وإن كان الركب ليأتون وفي ثيابهم القُمَّل والدواب، فما هم إلا أن ينظروا إلى بيوتهم، فتموت الدواب، قال: وإن كان الإنسان ليدخل الجنتين، فيمسك القفة على رأسه فيخرج حين يخرج، وقد امتلأت تلك القفة من أنواع الفاكهة ولم يتناول منها شيئا بيده، قال: والسّدُّ يسقيها.ورفعت الجنتان في قوله (جَنَّتَانِ عَنْ يَمِينٍ وَشِمَالٍ) ترجمة عن الآية، لأن معنى الكلام: لقد كان لسبأ في مسكنهم آية هي جنتان عن أيمانهم وشمائلهم.وقوله (كُلُوا مِنْ رِزْقِ رَبِّكُمْ) الذي يرزقكم من هاتين الجنتين من زروعهما وأثمارهما، (وَاشْكُرُوا لَهُ) على ما أنعم به عليكم من رزقه ذلك، وإلى هذا منتهى الخبر، ثم ابتدأ الخبر عن البلدة فقيل: هذه بلدة طيبة أي ليست بسبخة، ولكنها كما ذكرنا من صفتها عن عبد الرحمن بن زيد أن كانت كما وصفها به ابن زيد من أنه لم يكن فيها شيء مؤذٍ؛ الهمج والدبيب والهوام (وَرَبٌّ غَفُورٌ) يقول: ورب غفور لذنوبكم إن أنتم أطعتموه.وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.* ذكر من قال ذلك:حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة قوله (بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ وَرَبٌّ غَفُورٌ) وربكم غفور لذنوبكم، قوم أعطاهم الله نعمة، وأمرهم بطاعته ونهاهم عن معصيته.
34:16
فَاَعْرَضُوْا فَاَرْسَلْنَا عَلَیْهِمْ سَیْلَ الْعَرِمِ وَ بَدَّلْنٰهُمْ بِجَنَّتَیْهِمْ جَنَّتَیْنِ ذَوَاتَیْ اُكُلٍ خَمْطٍ وَّ اَثْلٍ وَّ شَیْءٍ مِّنْ سِدْرٍ قَلِیْلٍ(۱۶)
تو انہوں نے منہ پھیرا (ف۴۸) تو ہم نے ان پر زور کا اہلا (سیلاب) بھیجا (ف۴۹) اور ان کے باغوں کے عوض دو باغ انہیں بدل دیے جن میں بکٹا (بدمزہ) میوہ (ف۵۰) اور جھاؤ اور کچھ تھوڑی سی بیریاں (ف۵۱)

القول في تأويل قوله تعالى : فَأَعْرَضُوا فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ سَيْلَ الْعَرِمِ وَبَدَّلْنَاهُمْ بِجَنَّتَيْهِمْ جَنَّتَيْنِ ذَوَاتَيْ أُكُلٍ خَمْطٍ وَأَثْلٍ وَشَيْءٍ مِنْ سِدْرٍ قَلِيلٍ (16)يقول تعالى ذكره: فأعرضت سبأ عن طاعة ربها وصدت عن اتباع ما دعتها إليه رسلها من أنه خالقها.كما حدثنا ابن حميد قال: ثنا سلمة قال ثني محمد بن إسحاق عن وهب بن منبه اليماني قال: لقد بعث الله إلى سبأ ثلاثة عشر نبيًّا فكذبوهم ( فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ سَيْلَ الْعَرِمِ ) يقول تعالى ذكره: فثقبنا عليهم حين أعرضوا عن تصديق رسلنا سدهم الذي كان يحبس عنهم السيول.والعرم المسناة التي تحبس الماء، واحدها عرمة، وإياه عنى الأعشى بقوله:فَفِي ذَاكَ للْمُؤْتَسِي أُسْوَةٌوَمَأْرِبُ عَفَّى عليه العَرِمْرِجامٌ بَنَتْهُ لَهُمْ حِمْيَرٌإذا جَاءَ ماؤهُمُ لمْ يَرمْ (1)وكان العرم فيما ذكر مما بنته بلقيس.* ذكر من قال ذلك:حدثنا أحمد بن إبراهيم الدورقي قال ثني وهب بن جرير قال ثنا أَبي قال سمعت المغيرة بن حكيم قال: لما ملكت بلقيس، جعل قومها يقتتلون على ماء واديهم، قال فجعلت تنهاهم فلا يطيعونها، فتركت ملكها وانطلقت إلى قصر لها وتركتهم، فلما كثر الشر بينهم وندموا أتوها، فأرادوها على أن ترجع إلى ملكها فأبت فقالوا: لترجعن أو لنقتلنك، فقالت: إنكم لا تطيعونني وليست لكم عقول، ولا تطيعوني، قالوا: فإنا نطيعك، وإنا لم نجد فينا خيرًا بعدك، فجاءت فأمرت بواديهم، فسد بالعرم.قال أحمد قال وهب قال أبي: فسألت المغيرة بن حكيم عن العرم فقال: هو بكلام حمير المسنَّاة فسدت ما بين الجبلين فحبست الماء من وراء السد، وجعلت له أبوابًا بعضها فوق بعض وبنت من دونه بركة ضخمة، فجعلت فيها اثني عشر مخرجًا على عدة أنهارهم، فلما جاء المطر احتبس السيل من وراء السد فأمرت بالباب الأعلى ففتح فجرى ماؤه في البركة، وأمرت بالبعر فألقي فيها فجعل بعض البعر يخرج أسرع من بعض، فلم تزل تضيق تلك الأنهار، وترسل البعر في الماء حتى خرج جميعًا معًا، فكانت تقسمه بينهم على ذلك، حتى كان من شأنها وشأن سليمان ما كان.حدثنا أحمد بن عمر البصري قال ثنا أَبو صالح بن زريق قال أخبرنا شريك عن أَبي إسحاق عن أَبي ميسرة في قوله ( فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ سَيْلَ الْعَرِمِ ) قال: المسناة بلحن اليمن.حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أَبو عاصم، قال: ثنا عيسى، وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء جميعا، عن ابن أَبي نجيح، عن مجاهد في قول الله: (سَيْلَ الْعَرِمِ) قال: شديد، وقيل: إن العرم اسم وادٍ كان لهؤلاء القوم.* ذكر من قال ذلك:حدثني محمد بن سعد، قال: ثنى أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس قوله ( فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ سَيْلَ الْعَرِمِ ) قال: وادٍ كان باليمن، كان يسيل إلى مكة، وكانوا يسقون وينتهي سيلهم إليه.حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة ( فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ سَيْلَ الْعَرِمِ ) ذُكر لنا أن سيل العرم وادٍ كانت تجتمع إليه مسايل من أودية شتى، فعمدوا فسدوا ما بين الجبلين بالقير والحجارة وجعلوا عليه أبوابا، وكانوا يأخذون من مائه ما احتاجوا إليه، ويسدون عنهم ما لم يعنوا به من مائه شيئا.حدثت عن الحسين قال سمعت أبا معاذ يقول أخبرنا عبيد قال سمعت الضحاك يقول في قوله ( فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ سَيْلَ الْعَرِمِ ) وادٍ يدعى العرم، وكان إذا مطر سالت أودية اليمن إلى العرم، واجتمع إليه الماء فعمدت سبأ إلى العرم فسدوا ما بين الجبلين، فحجزوه بالصخر والقار، فانسد زمانًا من الدهر، لا يرجون الماء، يقول: لا يخافون.وقال آخرون: العرم صفة للمسناة التي كانت لهم وليس باسم لها.* ذكر من قال ذلك:حدثني علي قال ثنا أَبو صالح قال ثني معاوية عن علي عن ابن عباس قوله (سَيْلَ الْعَرِمِ) يقول: الشديد، وكان السبب الذي سبب الله لإرسال ذلك السيل عليهم فيما ذُكر لي جُرذًا ابتعثه الله على سدهم، فثقب فيه ثقبًا.ثم اختلف أهل العلم في صفة ما حدث عن ذلك الثقب مما كان فيه خراب جنتيهم.فقال بعضهم: كان صفة ذلك أن السيل لما وجد عملا في السد عمل فيه، ثم فاض الماء على جناتهم؛ فغرقها وخرب أرضهم وديارهم.* ذكر من قال ذلك:حدثنا ابن حميد قال ثنا سلمة قال ثني محمد بن إسحاق عن وهب بن منبه اليماني قال: كان لهم، يعني لسبأ، سد، قد كانوا بنوه بنيانًا أبدًا، وهو الذي كان يرد عنهم السيل إذا جاء أن يغشى أموالهم، وكان فيما يزعمون في علمهم من كهانتهم، أنه إنما يخرب عليهم سدهم ذلك فأرة، فلم يتركوا فرجة بين حجرين إلا ربطوا عندها هرة، فلما جاء زمانه وما أراد الله بهم من التغريق، أقبلت فيما يذكرون فأرة حمراء إلى هرة من تلك الهرر فساورتها، حتى استأخرت عنها أي الهرة، فدخلت في الفرجة التي كانت عندها، فغلغلت في السد فحفرت فيه حتى وهنته للسيل وهم لا يدرون، فلما جاء السيل وجد خللا فدخل فيه حتى قلع السد وفاض على الأموال فاحتملها فلم يبق منها إلا ما ذكره الله، فلما تفرقوا نزلوا على كهانة عمران بن عامر.حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة قال: لما ترك القوم أمر الله بعث الله عليهم جُرذًا يسمى الخُلْد، فثقبه من أسفله حتى غرق به جناتهم، وخرب به أرضهم عقوبة بأعمالهم.حدثنا عن الحسين قال سمعت أبا معاذ يقول أخبرنا عبيد بن سليمان قال سمعت الضحاك يقول: لما طغوا وبغوا، يعني سبأ، بعث الله عليهم جرذا فخرق عليهم السد فأغرقهم الله.حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد: بعث الله عليه جرذا وسلطه على الذي كان يحبس الماء الذي يسقيها، فأخرب في أفواه تلك الحجارة وكل شيء منها من رصاص وغيره، حتى تركها حجارة، ثم بعث الله سيل العرم، فاقتلع ذلك السد وما كان يحبس، واقتلع تلك الجنتين، فذهب بهما، وقرأ ( فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ سَيْلَ الْعَرِمِ وَبَدَّلْنَاهُمْ بِجَنَّتَيْهِمْ جَنَّتَيْنِ ) قال: ذهب بتلك القرى والجنتين.وقال آخرون: كانت صفة ذلك أن الماء الذي كانوا يعمرون به جناتهم سال إلى موضع غير الموضع الذي كانوا ينتفعون به، فبذلك خربت جناتهم.* ذكر من قال ذلك:حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس قال: بعث الله عليهم، يعني على العرم، دابة من الأرض فثقبت فيه ثقبًا، فسال ذلك الماء إلى موضع غير الموضع الذي كانوا ينتفعون به، وأبدلهم الله مكان جنتيهم جنتين ذواتي أُكُل خَمْط، وذلك حين عصوا، وبطروا المعيشة.والقول الأول أشبه بما دل عليه ظاهر التنزيل، وذلك أن الله تعالى ذكره أخبر أنه أرسل عليهم سيل العرم، ولا يكون إرسال ذلك عليهم إلا بإسالته عليهم، أو على جناتهم وأرضهم لا بصرفه عنهم.وقوله ( وَبَدَّلْنَاهُمْ بِجَنَّتَيْهِمْ جَنَّتَيْنِ ذَوَاتَيْ أُكُلٍ خَمْطٍ ) يقول تعالى ذكره: وجعلنا لهم مكان بساتينهم من الفواكه والثمار بساتين من جنى ثمر الأراك، والأراك هو الخمط.وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.* ذكر من قال ذلك:حدثني علي قال ثنا أَبو صالح قال ثني معاوية عن علي عن ابن عباس قال: أبدلهم الله مكان جنتيهم جنتين ذواتي أكل خمط، والخمط: الأراك.حدثني يعقوب، قال: ثنا ابن علية عن أَبي رجاء قال سمعت الحسن يقول في قوله (ذَوَاتَيْ أُكُلٍ خَمْطٍ) قال: أراه قال: الخمط: الأراك.حدثني محمد بن عمارة قال ثني عبد الله بن موسى قال أخبرنا إسرائيل عن أَبي يحيى عن مجاهد (أُكُلٍ خَمْطٍ) قال: الخمط: الأراك.حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أَبو عاصم، قال: ثنا عيسى، وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء جميعا، عن ابن أَبي نجيح، عن مجاهد (ذَوَاتَيْ أُكُلٍ خَمْطٍ) قال: الأراك.حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة (ذَوَاتَيْ أُكُلٍ خَمْطٍ) والخمط: الأراك، وأكله: بريره.حُدثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذ يقول: أخبرنا عبيد، قال: سمعت الضحاك يقول في قوله ( وَبَدَّلْنَاهُمْ بِجَنَّتَيْهِمْ جَنَّتَيْنِ ذَوَاتَيْ أُكُلٍ خَمْطٍ ) قال: بدلهم الله بجنان الفواكه والأعناب، إذ أصبحت جناتهم خمطًا وهو الأراك.حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله ( وَبَدَّلْنَاهُمْ بِجَنَّتَيْهِمْ جَنَّتَيْنِ ) قال: أذهب تلك القرى والجنتين، وأبدلهم الذي أخبرك ذواتي أكل خمط، قال: فالخمط: الأراك، قال: جعل مكان العنب أراكًا، والفاكهة أثلا وشيئًا من سدر قليل.واختلفت القراء في قراءة ذلك، فقرأته عامة قراء الأمصار بتنوين " أكُلٍ" غير أَبي عمرو، فإنه يضيفها إلى الخمط بمعنى ذواتي ثمر خمط. وأما الذين لم يضيفوا ذلك إلى الخمط وينونون الأكل، فإنهم جعلوا الخمط هو الأكل، فردوه عليه في إعرابه. وبضم الألف والكاف من الأكل قرأت قراء الأمصار، غير نافع، فإنه كان يخفف منها.والصواب من القراءة في ذلك عندي قراءة من قرأه (ذَوَاتَيْ أُكُل) بضم الألف والكاف لإجماع الحجة من القراء عليه، وبتنوين أكل لاستفاضة القراءة بذلك في قراء الأمصار، من غير أن أرى خطأ قراءة من قرأ ذلك بإضافته إلى الخمط، وذلك في إضافته وترك إضافته، نظير قول العرب في بستان فلان أعنابُ كرمٍ وأعنابٌ كرم، فتضيف أحيانًا الأعناب إلى الكرم لأنها منه، وتنون أحيانًا، ثم تترجم بالكرم عنها، إذ كانت الأعناب ثمر الكرم.وأما الأثل: فإنه يقال له: الطَّرفاء، وقيل: شجر شبيه بالطرفاء غير أنه أعظم منها، وقيل: إنها السَّمُر.* ذكر من قال ذلك:حدثني علي، قال: ثنا صالح، قال: ثني معاوية، عن علي، عن ابن عباس (وَأَثْلٍ) قال: الأثل: الطرفاء.وقوله (وَشَيْءٍ مِنْ سِدْرٍ قَلِيلٍ) يقول: ذواتي أكل خمط وأثل وشيء من سدر قليل.وكان قتادة يقول في ذلك ما حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثني سعيد، عن قتادة ( ذَوَاتَيْ أُكُلٍ خَمْطٍ وَأَثْلٍ وَشَيْءٍ مِنْ سِدْرٍ قَلِيلٍ ) قال: بينما شجر القوم خير الشجر، إذ صيره الله من شر الشجر بأعمالهم.------------------------الهوامش:(1) البيتان للأعشى بني قيس بن ثعلبة (ديوانه طبع القاهرة ص 43) من قصيدة يمدح بها قيس بن معد يكرب، من المتقارب. وفيه: "وقفى" في موضع "عفى" و "رخام" بالخاء، في موضع "رجام" بالجيم. وفي بعض نسخ الديوان: "مواره" في موضع "ماؤه". قال الفراء: وقوله: (سيل العرم) كانت مسناة تحبس الماء، على ثلاثة أبواب منها. فيسقون من ذلك الماء من الباب الأول (الأعلى) ثم الثاني (الأوسط) ثم الآخر (الأسفل) ، فلا ينفذ حتى يثوب الماء من السنة المقبلة. وكانوا أنعم قوم عيشا، فلما أعرضوا وجحدوا الرسل، بثق الله عليهم تلك المسناة، فغرقت أرضهم، ودفن بيوتهم الرمل. والبيتان من شواهد أبي عبيدة في مجاز القرآن، وروايته: "قفى" في موضع "عفى" وهو بمعناه. و "رخام" بالخاء في موضع رجام، والرجام: الصخور العظيمة، جمع رجمة. توضع على القبر ونحوه. وفسر قوله "لم يرم": أي حبسه. والضمير راجع إلى الماء. وقال في قوله تعالى: (سيل العرم): واحدها عرمة، وهي بناء مثل المشان، يحبس بها الماء فيشرف به على الماء في وسط الأرض، ويترك فيه سبل للسفينة. فتلك العرمات. واحدها عرمة. ا ه . وفي (اللسان: سني) المسناة: العرم. وفي (اللسان: عرم) العرم يفتح الراء وكسرها، وكذلك واحدها، وهو العرمة: والعرم سد يعترض به الوادي. والجمع عرم. وقيل العرم: وجمع لا واحد له. وقال أبو حنيفة: العزم الأحباس تبنى في أوساط الأودية. ا . ه . وهي ما نسميه اليوم: خزانات أو قناطر.
34:17
ذٰلِكَ جَزَیْنٰهُمْ بِمَا كَفَرُوْاؕ-وَ هَلْ نُجٰزِیْۤ اِلَّا الْكَفُوْرَ(۱۷)
ہم نے انہیں یہ بدلہ دیا ان کی ناشکری (ف۵۲) کی سزا، اور ہم کسے سزا دیتے ہیں اسی کو جو نا شکرا ہے،

وقوله ( ذَلِكَ جَزَيْنَاهُمْ بِمَا كَفَرُوا ) يقول تعالى ذكره: هذا الذي فعلنا بهؤلاء القوم من سبأ من إرسالنا عليهم سيل العرم، حتى هلكت أموالهم، وخربت جناتهم، جزاءً منَّا على كفرهم بنا، وتكذيبهم رسلنا، و " ذَلِكَ" من قوله (ذَلِكَ جَزَيْنَاهُمْ) في موضع نصب بموقوع جزيناهم عليه، ومعنى الكلام: جزيناهم ذلك بما كفروا.وقوله ( وَهَلْ نُجَازِي إِلا الْكَفُورَ ) اختلفت القراء في قراءته؛ فقرأته عامة قراء المدينة والبصرة وبعض أهل الكوفة (وهل يُجازَى) بالياء وبفتح الزاي على وجه ما لم يسمَّ فاعله (إلا الْكَفُورُ) رفعًا. وقرأ ذلك عامة قراء الكوفة (وهل نُجَازِي) بالنون وبكسر الزاي (إلا الكَفُور) بالنصب.والصواب من القول في ذلك أنهما قراءتان مشهورتان في قراء الأمصار، متقاربتا المعنى، فبأيتهما قرأ القارىء فمصيب، ومعنى الكلام: كذلك كافأناهم على كفرهم بالله وهل يجازى إلا الكفور لنعمة الله.فإن قال قائل: أوما يجزي الله أهل الإيمان به على أعمالهم الصالحة، فيخص أهل الكفر بالجزاء؟ فيقال: وهل يجازى إلا الكفور؟ قيل: إن المجازاة في هذا الموضع المكافأة، والله تعالى ذكره وعد أهل الإيمان به التفضل عليهم، وأن يجعل لهم بالواحدة من أعمالهم الصالحة عشر أمثالها إلى ما لا نهاية له من التضعيف، ووعد المسيء من عباده أن يجعل بالواحدة من سيئاته مثلها مكافأة له على جرمه، والمكافأة لأهل الكبائر والكفر، والجزاء لأهل الإيمان مع التفضل، فلذلك قال جل ثناؤه في هذا الموضع (وَهَلْ يُجَازَى إِلا الْكَفُورُ) ؟ كأنه قال جل ثناؤه: لا يجازى: لا يكافأ على عمله إلا الكفور، إذا كانت المكافأة مثل المكافَأ عليه، والله لا يغفر له من ذنوبه شيئًا، ولا يمحص شيء منها في الدنيا.وأما المؤمن فإنه يتفضل عليه على ما وصفت.وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.* ذكر من قال ذلك:حدثنا محمد بن عمرو، قال: ثنا أَبو عاصم، قال: ثنا عيسى، وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء جميعا، عن ابن أَبي نجيح، عن مجاهد (وَهَلْ نُجَازِي) : نعاقب.حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة ( ذَلِكَ جَزَيْنَاهُمْ بِمَا كَفَرُوا وَهَلْ نُجَازِي إِلا الْكَفُورَ ) إن الله تعالى إذا أراد بعبده كرامة تقبل حسناته، وإذا أراد بعبده هوانًا أمسك عليه ذنوبه حتى يُوَافَى به يوم القيامة. قال: وذُكر لنا أن رجلا بينما هو في طريق من طريق المدينة، إذ مرت به امرأة، فأتبعها بصره، حتى أتى على حائط، فشج وجهه، فأتى نبي الله ووجهه يسيل دمًا، فقال: يا نبي الله فعلت كذا وكذا، فقال له نبي الله: " إن الله إذا أراد بعبد كرامة عجل له عقوبة ذنبه في الدنيا، وإذا أراد الله بعبد هوانًا أمسك عليه ذنبه حتى يُوافَى به يوم القيامة، كأنه عَيرٌ أبتر ".
34:18
وَ جَعَلْنَا بَیْنَهُمْ وَ بَیْنَ الْقُرَى الَّتِیْ بٰرَكْنَا فِیْهَا قُرًى ظَاهِرَةً وَّ قَدَّرْنَا فِیْهَا السَّیْرَؕ-سِیْرُوْا فِیْهَا لَیَالِیَ وَ اَیَّامًا اٰمِنِیْنَ(۱۸)
اور ہم نے کیے تھے ان میں (ف۵۳) اور ان شہروں میں ہم نے برکت رکھی (ف۵۴) سر راہ کتنے شہر (ف۵۵) اور انہیں منزل کے اندازے پر رکھا (ف۵۶) ان میں چلو راتوں اور دنوں امن و امان سے (ف۵۷)

القول في تأويل قوله تعالى : وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْقُرَى الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا قُرًى ظَاهِرَةً وَقَدَّرْنَا فِيهَا السَّيْرَ سِيرُوا فِيهَا لَيَالِيَ وَأَيَّامًا آمِنِينَ (18)يقول تعالى ذكره مخبرًا عن نعمته التي كان أنعمها على هؤلاء القوم الذين ظلموا أنفسهم: وجعلنا بين بلدهم وبين القرى التى باركنا فيها وهي الشأم، قرى ظاهرة.وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.* ذكر من قال ذلك:حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أَبو عاصم، قال: ثنا عيسى، وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء جميعا، عن ابن أَبى نجيح، عن مجاهد قوله ( الْقُرَى الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا ) قال: الشأم.حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة ( وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْقُرَى الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا ) يعني الشأم.حدثني علي بن سهل قال: ثنا حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد ( الْقُرَى الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا ) قال: الشأم.وقيل: عُنِي بالقرى التى بورك فيها بيت المقدس.* ذكر من قال ذلك:حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس ( وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْقُرَى الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا قُرًى ظَاهِرَةً ) قال: الأرض التي باركنا فيها: هي الأرض المقدسة.وقوله (قُرًى ظَاهِرَةً) يعني: قرى متصلة، وهي قرًى عرَبِيَّةٌ.وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.* ذكر من قال ذلك:حدثني يعقوب قال ثنا ابن علية، عن أَبي رجاء، قال: سمعت الحسن في قوله ( وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْقُرَى الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا قُرًى ظَاهِرَةً ) قال: قرًى متواصلة، قال: كان أحدهم يغدو فيقيل في قرية ويروح فيأوي إلى قرية أخرى. قال: وكانت المرأة تضع زنبيلها على رأسها، ثم تمتهن بمغزلها، فلا تأتى بيتها حتى يمتلىء من كل الثمار.حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة (قُرًى ظَاهِرَةً) أي: متواصلة.حدثني محمد بن سعد، قال: ثنى أبي، قال: ثني عمي، قال: ثنى أبي، عن أبيه، عن ابن عباس قوله (قُرًى ظَاهِرَةً) يعني: قرًى عربية بين المدينة والشام.حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنى أَبو عاصم، قال: ثنا عيسى، وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثناء ورقاء جميعا، عن ابن أَبي نجيح، عن مجاهد قوله (قُرًى ظَاهِرَةً) قال: السَّرَوَات.حُدثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذ يقول: أخبرنا عبيد، قال: سمعت الضحاك يقول في قوله (قُرًى ظَاهِرَةً) يعني: قرًى عربية وهي بين المدينة والشأم.حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب قال: قال ابن زيد، في قوله ( وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْقُرَى الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا قُرًى ظَاهِرَةً ) قال: كان بين قريتهم وقرى الشأم قرى ظاهرة، قال: إن كانت المرأة لتخرج معها مغزلها ومكتلها على رأسها، تروح من قرية وتغدوها، وتبيت في قرية لا تحمل زادًا ولا ماءً لما بينها وبين الشأم.وقوله (وَقَدَّرْنَا فِيهَا السَّيْرَ) يقول تعالى ذكره: وجعلنا بين قراهم والقرى التي باركنا فيها سيرًا مقدرًا من منزل إلى منزل وقرية إلى قرية، لا ينزلون إلا فى قرية ولا يغدون إلا من قرية.وقوله (سِيرُوا فِيهَا لَيَالِيَ وَأَيَّامًا آمِنِينَ) يقول: وقلنا لهم سيروا في هذه القرى ما بين قراكم والقرى التي باركنا فيها لياليَ وأيَّامًا آمنين لا تخافون جوعًا ولا عطشًا، ولا من أحد ظلمًا.وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.* ذكر من قال ذلك:حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة ( سِيرُوا فِيهَا لَيَالِيَ وَأَيَّامًا آمِنِينَ ) لا يخافون ظلمًا ولا جوعًا، وإنما يغدون فيقيلون، ويروحون فيبيتون في قرية أهل جنة ونهر، حتى لقد ذُكر لنا أن المرأة كانت تضع مكتلها على رأسها، وتمتهن بيدها، فيمتلىء مكتلها من الثمر قبل أن ترجع إلى أهلها من غير أن تخترف شيئًا، وكان الرجل يسافر لا يحمل معه زادًا ولا سقاء مما بُسِط للقوم.حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله (وَأَيَّامًا آمِنِينَ) قال: ليس فيها خوف.
34:19
فَقَالُوْا رَبَّنَا بٰعِدْ بَیْنَ اَسْفَارِنَا وَ ظَلَمُوْۤا اَنْفُسَهُمْ فَجَعَلْنٰهُمْ اَحَادِیْثَ وَ مَزَّقْنٰهُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍؕ-اِنَّ فِیْ ذٰلِكَ لَاٰیٰتٍ لِّكُلِّ صَبَّارٍ شَكُوْرٍ(۱۹)
تو بولے اے ہمارے رب! ہمیں سفر میں دوری ڈال (ف۵۸) اور انہوں نے خود اپنا ہی نقصان کیا تو ہم نے انہیں کہانیاں کردیا (ف۵۹) اور انہیں پوری پریشانی سے پراگندہ کردیا (ف۶۰) بیشک اس میں ضروری نشانیاں ہیں ہر بڑے صبر والے ہر بڑے شکر والے کے لیے (ف۶۱)

القول في تأويل قوله تعالى : فَقَالُوا رَبَّنَا بَاعِدْ بَيْنَ أَسْفَارِنَا وَظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ فَجَعَلْنَاهُمْ أَحَادِيثَ وَمَزَّقْنَاهُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ (19)اختلف القراء في قراءة قوله: ( رَبَّنَا بَاعِدْ بَيْنَ أَسْفَارِنَا ) فقرأته عامة قراء المدينة والكوفة ( رَبَّنَا بَاعِدْ بَيْنَ أَسْفَارِنَا ) على وجه الدعاء والمسألة بالألف. وقرأ ذلك بعض أهل مكة والبصرة (بَعِّدْ) بتشديد العين على الدعاء أيضًا. وذكر عن المتقدمين أنه كان يقرؤه (رَبنَا بَاعَدَ بَيْنَ أَسْفَارِنَا) على وجه الخبر من الله أن الله فعل بهم ذلك، وحكي عن آخر أنه قرأه (رَبَّنَا بَعَّدَ) على وجه الخبر أيضًا غير أن الرب منادى.والصواب من القراءة في ذلك عندنا(رَبَّنَا بَاعِدْ) و (بَعِّدْ) لأنهما القراءتان المعروفتان في قراءة الأمصار، وما عداهما فغير معروف فيهم، على أن التأويل من أهل التأويل أيضًا يحقق قراءة من قرأه على وجه الدعاء والمسألة، وذلك أيضًا مما يزيد القراءة الأخرى بعدًا من الصواب.فإذا كان هو الصواب من القراءة، فتأويل الكلام: فقالوا: يا ربنا باعدْ بين أسفارنا؛ فاجعل بيننا وبين الشأم فلوات ومفاوز، لنركب فيها الرواحل، ونتزود معنا فيها الأزواد، وهذا من الدلالة على بطر القوم نعمة الله عليهم وإحسانه إليهم، وجهلهم بمقدار العافية، ولقد عجل لهم ربهم الإجابة، كما عجل للقائلين إِنْ كَانَ هَذَا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِنَ السَّمَاءِ أَوِ ائْتِنَا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ أعطاهم ما رغبوا إليه فيه وطلبوا من المسألة.وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.* ذكر من قال ذلك:حدثني أَبو حصين عبد الله بن أحمد بن يونس، قال ثنا عَبْثَر، قال ثنا حصين عن أَبي مالك في هذه الآية ( فَقَالُوا رَبَّنَا بَاعِدْ بَيْنَ أَسْفَارِنَا ) قال: كانت لهم قرى متصلة باليمن، كان بعضها ينظر إلى بعض، فبطروا ذلك، وقالوا: ربنا باعد بين أسفارنا، قال: فأرسل الله عليهم سيل العرم، وجعل طعامهم أثلا وخمطًا وشيئًا من سدر قليل.حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أَبي، عن أبيه، عن ابن عباس قوله ( فَقَالُوا رَبَّنَا بَاعِدْ بَيْنَ أَسْفَارِنَا وَظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ) قال: فإنهم بطروا عيشهم، وقالوا: لو كان جَنَى جناتنا أبعد مما هي كان أجدر أن نشتهيه، فمُزِّقوا بين الشأم وسبأ، وبدلوا بجنتيهم جنتين ذواتي أكل خمط، وأثل وشيء من سدر قليل.حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة ( فَقَالُوا رَبَّنَا بَاعِدْ بَيْنَ أَسْفَارِنَا ) بطر القوم نعمة الله وغمطوا كرامة الله، قال الله ( وَظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ فَجَعَلْنَاهُمْ أَحَادِيثَ ) .حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله ( فَقَالُوا رَبَّنَا بَاعِدْ بَيْنَ أَسْفَارِنَا ) حتى نبيت في الفلوات والصحاري (فَظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ) .وقوله (فَظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ) وكان ظلمهم اياها عملَهم بما يسخط الله عليهم من معاصيه مما يوجب لهم عقاب الله (فَجَعَلْنَاهُمْ أَحَادِيثَ) يقول: صيرناهم أحاديث للناس يضربون بهم المثل في السبِّ، فيقال: تفرق القوم أيادي سَبَا، وأيدي سبا إذا تفرقوا وتقطعوا.وقوله (وَمَزَّقْنَاهُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ) يقول: وقطعناهم في البلاد كل مقطع.كما حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة ( وَظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ فَجَعَلْنَاهُمْ أَحَادِيثَ وَمَزَّقْنَاهُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ ) قال قتادة: قال عامر الشعبي: أما غسان فقد لحقوا بالشأم، وأما الأنصار فلحقوا بيثرب، وأما خزاعة فلحقوا بتهامة، وأما الأزد فلحقوا بعُمان.حدثنا ابن حميد، قال: ثنا سلمة، عن ابن إسحاق، قال: يزعمون أن عمران بن عامر وهو عم القوم كان كاهنًا، فرأى في كهانته أن قومه سيمزقون ويتباعدون؛ فقال لهم: إني قد علمت أنكم ستمزقون، فمن كان منكم ذا هم بعيد وجمل شديد ومزاد جديد فليلحق بكأس أو كرود، قال: فكانت وادعة بن عمرو، ومن كان منكم ذا هم مدنٍ وأمرد عن فليلحق بأرض شنَّ فكانت عوف بن عمرو، وهم الذين يقال لهم بارق، ومن كان منكم يريد عيشًا آينًا وحرمًا آمنًا فليلحق بالأرزين فكانت خزاعة، ومن كان يريد الراسيات في الوحل المطعمات في المحل فليلحق بيثرب ذات النخل فكانت الأوس والخزرج فهما هذان الحيان من الأنصار، ومن كان يريد خمرًا وخميرًا وذهبًا وحريرًا وملكًا وتأميرًا فليلحق بكوسَى وبصرَى فكانت غسان بنو جفنة ملوك الشأم ومن كان منهم بالعراق، قال ابن إسحاق: قد سمعت بعض أهل العلم يقول: إنما قالت هذه المقالة طريفة امرأة عمران بن عامر، وكانت كاهنة، فرأت في كهانتها ذلك، والله أعلم أي ذلك كان، قال: فلما تفرقوا، نزلوا على كهانة عمران بن عامر.وقوله ( إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ ) يقول تعالى ذكره: إن في تمزيقناهم كل ممزق لآيات، يقول: لعظة وعبرة ودلالة على واجب حق الله على عبده من الشكر على نعمه إذا أنعم عليه وحقه من الصبر على محنته إذا امتحنه ببلاء لكل صبار شكور على نعمه.وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.* ذكر من قال ذلك:حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة ( إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ ) كان مطرف يقول: نعم العبد الصبارالشكور الذي إذا أعطي شكر وإذا ابتلي صبر.
34:20
وَ لَقَدْ صَدَّقَ عَلَیْهِمْ اِبْلِیْسُ ظَنَّهٗ فَاتَّبَعُوْهُ اِلَّا فَرِیْقًا مِّنَ الْمُؤْمِنِیْنَ(۲۰)
اور بیشک ابلیس نے انہیں اپنا گمان سچ کر دکھایا (ف۶۲) تو وہ اس کے پیچھے ہولیے مگر ایک گروہ کہ مسلمان تھا (ف۶۳)

القول في تأويل قوله تعالى : وَلَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُ فَاتَّبَعُوهُ إِلا فَرِيقًا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (20)اختلفت القراء في قراءة قوله ( وَلَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُ ) فقرأ ذلك عامة قراء الكوفيين (وَلَقَدْ صَدَّقَ) بتشديد الدال من صدق، بمعنى أنه قال ظنا منه وَلا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ وقال فَبِعِزَّتِكَ لأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ * إِلا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ ثم صدق ظنه ذلك فيهم فحقق ذلك بهم، وباتباعهم إياه. وقرأ ذلك عامة قراء المدينة والشأم والبصرة (وَلَقَدْ صَدَقَ) بتخفيف الدال بمعنى: ولقد صدق عليهم ظنه.والصواب من القول في ذلك عندي أنهما قراءتان معروفتان متقاربتا المعنى، وذلك أن إبليس قد صدق على كفرة بني آدم في ظنه، وصدق عليهم ظنه الذي ظن حين قال: ثُمَّ لآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَنْ شَمَائِلِهِمْ وَلا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ وحين قال وَلأُضِلَّنَّهُمْ وَلأُمَنِّيَنَّهُمْ ... الآية، قال ذلك عدو الله ظنًا منه أنه يفعل ذلك لا علمًا، فصار ذلك حقًّا باتباعهم إياه. فبأي القراءتين قرأ القارىء فمصيب. فإذا كان ذلك كذلك فتأويل الكلام على قراءة من قرأ بتشديد الدال: ولقد ظن إبليس بهؤلاء الذين بدلناهم بجنتيهم جنتين ذواتي أكل خمط عقوبة منَّا لهم، ظنًّا غير يقين، علم أنهم يتبعونه ويطيعونه في معصية الله فصدق ظنه عليهم بإغوائه إياهم حتى أطاعوه وعصوا ربهم إلا فريقًا من المؤمنين بالله فإنهم ثبتوا على طاعة الله ومعصية إبليس.وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.* ذكر من قال ذلك:حدثني أحمد بن يوسف قال: ثنا القاسم قال: ثنا حجاج عن هارون قالَ: أخبرني عمرو بن مالك عن أَبي الجوزاء عن ابن عباس أنه قرأ ( وَلَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُ ) مشددة، وقال: ظن ظنًّا فصدَّق ظنه.حدثنا ابن بشار قال: ثنا يحيى عن سفيان عن منصور عن مجاهد ( وَلَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُ ) قال: ظن ظنًّا فاتبعوا ظنه.قال: ثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة قوله ( وَلَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُ ) قال الله: ما كان إلا ظنًّا ظنه، والله لا يصدق كاذبًا ولا يكذب صادقًا.حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله ( وَلَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُ ) قال: أرأيت هؤلاء الذين كَرَّمتهم عليَّ وفضلتهم وشرفتهم لا تجد أكثرهم شاكرين، وكان ذلك ظنًّا منه بغير علم، فقال الله ( فَاتَّبَعُوهُ إِلا فَرِيقًا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ) .
34:21
وَ مَا كَانَ لَهٗ عَلَیْهِمْ مِّنْ سُلْطٰنٍ اِلَّا لِنَعْلَمَ مَنْ یُّؤْمِنُ بِالْاٰخِرَةِ مِمَّنْ هُوَ مِنْهَا فِیْ شَكٍّؕ-وَ رَبُّكَ عَلٰى كُلِّ شَیْءٍ حَفِیْظٌ۠(۲۱)
اور شیطان کا ان پر (ف۶۴) کچھ قابو نہ تھا مگر اس لیے کہ ہم دکھادیں کہ کون آخرت پر ایمان لاتا اور کون اس سے شک میں ہے، اور تمہارا رب ہر چیز پر نگہبان ہے،

القول في تأويل قوله تعالى : وَمَا كَانَ لَهُ عَلَيْهِمْ مِنْ سُلْطَانٍ إِلا لِنَعْلَمَ مَنْ يُؤْمِنُ بِالآخِرَةِ مِمَّنْ هُوَ مِنْهَا فِي شَكٍّ وَرَبُّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَفِيظٌ (21)يقول تعالى ذكره: وما كان لإبليس على هؤلاء القوم الذين وصف صفتهم من حجة يضلهم بها إلا بتسليطناه عليهم؛ ليُعلم حزبُنا وأولياؤنا(مَنْ يُؤْمِنُ بِالآخِرَةِ) يقول: من يصدق بالبعث والثواب والعقاب (مِمَّنْ هُوَ مِنْهَا فِي شَكٍّ) فلا يوقن بالمعاد، ولا يصدق بثواب ولا عقاب.وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.* ذكر من قال ذلك:حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة قوله ( وَمَا كَانَ لَهُ عَلَيْهِمْ مِنْ سُلْطَانٍ ) قال: قال الحسن: والله ما ضربهم بعصا ولا سيف ولا سوط، إلا أمانيَّ وغرورًا دعاهم إليها.قال: ثنا سعيد عن قتادة قوله ( إِلا لِنَعْلَمَ مَنْ يُؤْمِنُ بِالآخِرَةِ مِمَّنْ هُوَ مِنْهَا فِي شَكٍّ ) قال: وإنما كان بلاءً ليعلم الله المؤمن من الكافر. وقيل: عُني بقوله ( إِلا لِنَعْلَمَ مَنْ يُؤْمِنُ بِالآخِرَةِ ) إلا لنعلم ذلك موجودًا ظاهرًا ليستحق به الثواب أو العقاب.وقوله ( وَرَبُّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَفِيظٌ ) يقول تعالى ذكره: وربك يا محمد على أعمال هؤلاء الكفرة به، وغير ذلك من الأشياء كلها(حَفِيظٌ) لا يعزب عنه علم شيء منه، وهو مجازٍ جميعهم يوم القيامة بما كسبوا في الدنيا من خير وشر.
34:22
قُلِ ادْعُوا الَّذِیْنَ زَعَمْتُمْ مِّنْ دُوْنِ اللّٰهِۚ-لَا یَمْلِكُوْنَ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ فِی السَّمٰوٰتِ وَ لَا فِی الْاَرْضِ وَ مَا لَهُمْ فِیْهِمَا مِنْ شِرْكٍ وَّ مَا لَهٗ مِنْهُمْ مِّنْ ظَهِیْرٍ(۲۲)
تم فرماؤ (ف۶۵) پکارو انہیں جنہیں اللہ کے سوا (ف۶۶) سمجھے بیٹھے ہو (ف۶۷) وہ ذرہ بھر کے مالک نہیں آسمانوں میں اور نہ زمین میں اور نہ ان کا ان دونوں میں کچھ حصہ اور نہ اللہ کا ان میں سے کوئی مددگار،

القول في تأويل قوله تعالى : قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ لا يَمْلِكُونَ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلا فِي الأَرْضِ وَمَا لَهُمْ فِيهِمَا مِنْ شِرْكٍ وَمَا لَهُ مِنْهُمْ مِنْ ظَهِيرٍ (22)يقول تعالى ذكره: فهذا فعلُنا بولينا ومن أطاعنا، داود وسليمان الذي فعلنا بهما من إنعامنا عليهما النعم التي لا كفاء لها إذ شكرانا، وذاك فعلنا بسبأ الذين فعلنا بهم، إذ بطروا نعمتنا وكذبوا رسلنا وكفروا أيادينا، فقل يا محمد لهؤلاء المشركين بربهم من قومك الجاحدين نعمنا عندهم: ادعوا أيها القوم الذين زعمتم أنهم لله شريك من دونه، فسلوهم أن يفعلوا بكم بعض أفعالنا بالذين وصفنا أمرهم من إنعام أو إياس، فإن لم يقدروا على ذلك فاعلموا أنكم مبطلون؛ لأن الشركة في الربوبية لا تصلح ولا تجوز، ثم وصف الذين يدعون من دون الله فقال: إنهم لا يملكون مثقال ذرة في السماوات ولا في الأرض من خير ولا شر ولا ضر ولا نفع، فكيف يكون إلهًا من كان كذلك.وقوله (وَمَا لَهُمْ فِيهِمَا مِنْ شِرْكٍ) يقول تعالى ذكره: ولا هم إذ لم يكونوا يملكون مثقال ذرة في السماوات ولا في الأرض منفردين بملكه من دون الله يملكونه على وجه الشركة، لأن الأملاك في المملوكات لا تكون لمالكها إلا على أحد وجهين: إما مقسومًا، وإما مشاعًا، يقول: وآلهتهم التي يدعون من دون الله لا يملكون وزن ذرة في السماوات ولا في الأرض، لا مشاعًا ولا مقسومًا، فكيف يكون من كان هكذا شريكًا لمن له ملك جميع ذلك.وقوله (وَمَا لَهُ مِنْهُمْ مِنْ ظَهِيرٍ) يقول: وما لله من الآلهة التي يدعون من دونه معين على خلق شيء من ذلك، ولا على حفظه، إذ لم يكن لها ملك شيء منه مشاعًا ولا مقسومًا، فيقال: هو لك شريك من أجل أنه أعان وإن لم يكن له ملك شيء منه.وبنحو الذي قلنا فى ذلك قال أهل التأويل.* ذكر من قال ذلك:حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة قوله ( قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ لا يَمْلِكُونَ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلا فِي الأرْضِ وَمَا لَهُمْ فِيهِمَا مِنْ شِرْكٍ ) يقول: ما لله من شريك في السماء ولا في الأرض (وَمَا لَهُ مِنْهُمْ) من الذين يدعون من دون الله (مِنْ ظَهِيرٍ) من عون بشيء.
34:23
وَ لَا تَنْفَعُ الشَّفَاعَةُ عِنْدَهٗۤ اِلَّا لِمَنْ اَذِنَ لَهٗؕ-حَتّٰۤى اِذَا فُزِّعَ عَنْ قُلُوْبِهِمْ قَالُوْا مَا ذَاۙ-قَالَ رَبُّكُمْؕ-قَالُوا الْحَقَّۚ-وَ هُوَ الْعَلِیُّ الْكَبِیْرُ(۲۳)
اور اس کے پاس شفاعت کام نہیں دیتی مگر جس کے لیے وہ اذن فرمائے، یہاں تک کہ جب اذن دے کر ان کے دلوں کی گھبراہٹ دور فرمادی جاتی ہے، ایک دوسرے سے (ف۶۸) کہتے ہیں تمہارے ربنے کیا ہی بات فرمائی، وہ کہتے ہیں جو فرمایا حق فرمایا (ف۶۹) اور وہی ہے بلند بڑائی والا،

القول في تأويل قوله تعالى : وَلا تَنْفَعُ الشَّفَاعَةُ عِنْدَهُ إِلا لِمَنْ أَذِنَ لَهُ حَتَّى إِذَا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ قَالُوا مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ قَالُوا الْحَقَّ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ (23)يقول تعالى ذكره: ولا تنفع شفاعة شافع كائنًا من كان الشافع لمن شفع له، إلا أن يشفع لمن أذن الله في الشفاعة، يقول تعالى: فإذا كانت الشفاعات لا تنفع عند الله أحدًا إلا لمن أذن الله في الشفاعة له، والله لا يأذن لأحد من أوليائه في الشفاعة لأحد من الكفرة به وأنتم أهل كفر به أيها المشركون، فكيف تعبدون من تعبدونه من دون الله زعمًا منكم أنكم تعبدونه ليقربكم إلى الله زلفى وليشفع لكم عند ربكم. ف " مَن " إذ كان هذا معنى الكلام التي في قوله (إِلا لِمَنْ أَذِنَ لَهُ) : المشفوع له.واختلفت القراء في قراءة قوله (أُذِنَ لَهُ) فقرأ ذلك عامة القراء بضم الألف من (أُذِنَ لَهُ) على وجه ما لم يسم فاعله، وقرأه بعض الكوفيين (أَذِنَ لَهُ) على اختلاف أيضًا عنه فيه، بمعنى أذن الله له.وقوله (حَتَّى إِذَا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ) يقول: حتى إذا جُلِىَ عن قلوبهم وكشف عنها الفزع وذهب.وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.* ذكر من قال ذلك:حدثني علي قال: ثنا أَبو صالح قال: حدثني معاوية، عن علي، عن ابن عباس قوله (حَتَّى إِذَا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ) يعني: جُلِيَ.حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أَبو عاصم، قال: ثنا عيسى، &; 20-396 &; وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء جميعا، عن ابن أَبي نجيح، عن مجاهد (حَتَّى إِذَا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ) قال: كشف عنها الغطاء يوم القيامة.حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة قال: إذا جلي عن قلوبهم.واختلف أهل التأويل في الموصوفين بهذه الصفة من هم؟ وما السبب الذي من أجله فزِّع عن قلوبهم؟ فقال بعضهم: الذي فزع عن قلوبهم الملائكة، قالوا: وإنما يفزِّع عن قلوبهم من غشية تصيبهم عند سماعهم الله بالوحي.* ذكر من قال ذلك:حدثني يعقوب قال: ثنا ابن عُلية، عن داود عن الشعبي قال: قال ابن مسعود في هذه الآية (حَتَّى إِذَا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ) قال: إذا حدث أمر عند ذي العرش سمع مَن دونه من الملائكة صوتًا كجر السلسلة على الصفا فيُغشى عليهم، فإذا ذهب الفزع عن قلوبهم تنادوا: (مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ)؟ قال: فيقول: من شاء قال الحق وهو العلي الكبير.حدثنا ابن عبد الأعلى قال: ثنا المعتمر قال: سمعت داود، عن عامر، عن مسروق قال: إذا حدث عند ذي العرش أمر سمعت الملائكة صوتًا كجر السلسلة على الصفا، قال: فيُغشى عليهم، فإذا فزع عن قلوبهم قالوا: ماذا قال ربكم؟ قال: فيقول من شاء الله الحق وهو العلي الكبير.حدثنا ابن المثنى قال: ثني عبد الأعلى قال: ثنا داود، عن عامر، عن ابن مسعود أنه قال: إذا حدث أمر عند ذي العرش. ثم ذكر نحو معناه إلا أنه قال: فيُغشى عليهم من الفزع، حتى إذا ذهب ذلك عنهم تنادوا: ماذا قال ربكم؟حدثنا ابن حميد قال: ثنا جرير، عن منصور، عن إبراهيم، عن عبد الله بن مسعود في قوله (حَتَّى إِذَا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ) قال: إن الوحي إذا أُلقِي سمع أهل السماوات صلصلة كصلصلة السلسلة على الصفوان، قال: فيتنادون في &; 20-397 &; السماوات: ماذا قال ربكم؟ قال: فيتنادون الحق وهو العلي الكبير.وبه عن منصور عن أَبي الضحى عن مسروق عن عبد الله، مثله.حدثنا ابن حميد قال: ثنا يعقوب عن جعفر عن سعيد، قال: ينزل الأمر من عند رب العزة إلى السماء الدنيا؛ فيفزَع أهل السماء الدنيا، حتى يستبين لهم الأمر الذي نزل فيه، فيقول بعضهم لبعض: ماذا قال ربكم؟ فيقولون: قال الحق وهو العلي الكبير، فذلك قوله (حَتَّى إِذَا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ ...) الآية.حدثنا أحمد بن عبدة الضَّبي قال: ثنا سفيان بن عيينة، عن عمرو بن دينار عن عكرمة قال: ثنا أَبو هريرة عن النبي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم قال: " إن الله إذا قضى أمرًا في السماء ضربت الملائكة بأجنحتها جميعًا، ولقوله صوت كصوت السلسلة على الصفا الصفوان فذلك قوله ( حَتَّى إِذَا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ قَالُوا مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ قَالُوا الْحَقَّ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ ) .حدثني يعقوب قال: ثنا ابن عُلية، قال: ثنا أيوب عن هشام بن عروة قال: قال الحارث بن هشام لرسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم: كيف يأتيك الوحي؟ قال: " يأتيني في صلصَلةٍ كصلصلة الجرس، فَيَفصِمُ عني حين يَفْصِمُ وقد وَعَيتُه ويأتي أحيَانًا في مِثْلِ صُورة الرجل، فيكلِّمُني به كلامًا هو أهونُ عليَّ".حدثني زكريا بن أبان المصري، قال: ثنا نعيم قال: ثنا الوليد بن مسلم، عن عبد الرحمن بن يزيد بن جابر، عن ابن أَبي زكريا، عن جابر بن حَيْوَة، عن النَّواس بن سمعان قال: قال رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم: " إذا أراد الله أن يُوحِيَ بالأمرِ تكلَّمَ بالوَحي، أخذَتِ السماوات منه رَجفةٌ أو قال رِعْدَةٌ شديدةٌ خوفَ أمرِ الله فإذا سمِعَ بذلك أهل السماوات صَعِقوا وخرُّوا لله سجَّدًا فيكون أول من يرفع رأسَهُ جبرائيل فيكلمُه الله من وحيه بما أراد، ثم يمر جبرائيل على الملائكة كلما مر بسماء سأله ملائكتها: ماذا قال ربنا يا جبرائيل؟ فيقول &; 20-398 &; جبرائيل: قال الحقَّ وهو العلي الكبير، قال: فيقولون كلهم مثل ما قال جبرائيل، فينتهي جبرائيل بالوحي حيث أمره الله ".حُدثت عن الحسين ، قال: سمعت أبا معاذ قال: أخبرنا عبيد، قال: سمعت الضحاك يقول في قوله (حَتَّى إِذَا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ ...) الآية، قال: كان ابن عباس يقول: إن الله لما أراد أن يوحي إلى محمد، دعا جبريل، فلما تكلم ربنا بالوحي ، كان صوته كصوت الحديد على الصفا، فلما سمع أهل السماوات صوت الحديد خروا سُجَّدًا، فلما أتى عليهم جبرائيل بالرسالة رفعوا رءوسهم ، فقالوا: ( مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ قَالُوا الْحَقَّ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ ) وهذا قول الملائكة.حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس قوله (حَتَّى إِذَا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ ...) إلى (وَهُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ) قال: لما أوحى الله تعالى ذكره إلى محمد صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم دعا الرسول من الملائكة فبعث بالوحي، سمعت الملائكة صوت الجبار يتكلم بالوحي فلما كشف عن قلوبهم سألوا عما قال الله فقالوا الحق وعلموا أن الله لا يقول إلا حقًّا وأنه منجز ما وعد، قال ابن عباس: وصوت الوحي كصوت الحديد على الصفا فلما سمعوه خروا سجدا، فلما رفعوا رءوسهم ( قَالُوا مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ قَالُوا الْحَقَّ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ ) ثم أمر الله نبيه أن يسأل الناس قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاوَاتِ ... إلى قوله فِي ضَلالٍ مُبِينٍ .حدثنا ابن بشار قال: ثنا أَبو عامر قال: ثنا قرة عن عبد الله بن القاسم في قوله (حَتَّى إِذَا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ ...) الآية، قال: الوحي ينزل من السماء، فإذا قضاه ( قَالُوا مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ قَالُوا الْحَقَّ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ ) .حدثنا ابن حميد قال: ثنا جرير عن مغيرة عن إبراهيم عن عبد الله في قوله (حَتَّى إِذَا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ) قال: إن الوحي إذا قضي في زوايا السماء، قال: مثل وقع الفولاذ على الصخرة، قال: فيشفقون لا يدرون ما حدث فيفزعون، فإذا مرت بهم الرسل ( قَالُوا مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ قَالُوا الْحَقَّ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ ) .وقال آخرون ممن قال: الموصوفون بذلك الملائكة، إنما يفزع عن قلوبهم فزعُهم من قضاء الله الذي يقضيه حذرًا أن يكون ذلك قيام الساعة.* ذكر من قال ذلك:حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة قوله (حَتَّى إِذَا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ قَالُوا مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ ...) الآية، قال: يوحي الله إلى جبرائيل فتفْرَق الملائكة، أو تفزع مخافة أن يكون شيء من أمر الساعة، فإذا جُلِيَ عن قلوبهم وعلموا أنه ليس ذلك من أمر الساعة ( قَالُوا مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ قَالُوا الْحَقَّ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ ).وقال آخرون: بل ذلك من فعل ملائكة السماوات إذا مرت بها المعقِّبات فزعًا أن يكون حدث أمر الساعة.* ذكر من قال ذلك:حُدثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذ يقول: أخبرنا عبيد، قال: سمعت الضحاك يقول في قوله (حَتَّى إِذَا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ ...) الآية، زعم ابن مسعود أن الملائكة المعقبات الذين يختلفون إلى الأرض يكتبون أعمالهم، إذا أرسلهم الرب فانحدروا سمع لهم صوت شديد، فيحسب الذين هم أسفل منهم من الملائكة أنه من أمر الساعة، فخروا سجدًا، وهكذا كلما مروا عليهم يفعلون ذلك من خوف ربهم.وقال آخرون: بل الموصوفون بذلك المشركون، قالوا: وإنما يفزِّع الشيطان عن قلوبهم، قال: وإنما يقولون: ماذا قال ربكم عند نزول المنية بهم.* ذكر من قال ذلك:حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله (حَتَّى إِذَا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ) قال: فزع الشيطان عن قلوبهم وفارقهم وأمانيهم، وما كان يضلهم ( قَالُوا مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ قَالُوا الْحَقَّ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ ) قال: وهذا في بني آدم، وهذا عند الموت أقروا به حين لم ينفعهم الإقرار.وأولى الأقوال في ذلك بالصواب القول الذي ذكره الشعبي عن ابن مسعود لصحة الخبر الذي ذكرناه عن ابن عباس عن رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم بتأييده. وإذ كان ذلك كذلك، فمعنى الكلام: لا تنفع الشفاعة عنده إلا لمن أذن له أن يشفع عنده، فإذا أذن الله لمن أذن له أن يشفع فزع لسماعه إذنه، حتى إذا فزِّع عن قلوبهم فجلِّيَ عنها، وكشف الفزع عنهم قالوا: ماذا قال ربكم؟ قالت الملائكة: الحق، (وَهُوَ الْعَلِيُّ) على كل شيء (الْكَبِيرُ) الذي لا شيء دونه. والعرب تستعمل " فزِّع " في معنيين فتقول للشجاع الذي به تنزل الأمور التي يفزع منها: هو مفزَّع، وتقول للجبان الذي يفزَع من كل شيء: إنه لمفزَّع، وكذلك تقول للرجل الذي يقضي له الناس في الأمور بالغلبة على من نازله فيها: هو مغلِّب، وإذا أريد به هذا المعنى كان غالبًا، وتقول للرجل أيضًا الذي هو مغلوب أبدًا: مغلَّب.وقد اختلفت القراء في قراءة ذلك؛ فقرأته عامة قراء الأمصار أجمعون (فُزِّعَ) بالزاي والعين على التأويل الذي ذكرناه عن ابن مسعود ومن قال بقوله في ذلك، وروي عن الحسن أنه قرأ ذلك (حَتَّى إِذَا فُرِغَ عَنْ قُلُوبِهِمْ) بالراء والغين على التأويل الذي ذكرناه عن ابن زيد. وقد يحتمل توجيه معنى قراءة الحسن ذلك كذلك، إلى (حَتَّى إِذَا فُرِغَ عَنْ قُلُوبِهِمْ) فصارت فارغة من الفزع الذي كان حل بها، ذُكر عن مجاهد أنه قرأ ذلك (فُزِعَ) بمعنى: كشف الله الفزع عنها.والصواب من القراءة في ذلك القراءة بالزاي والعين لإجماع الحجة من القراء وأهل التأويل عليها، ولصحة الخبر الذي ذكرناه عن رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم بتأييدها، والدلالة على صحتها.
34:24
قُلْ مَنْ یَّرْزُقُكُمْ مِّنَ السَّمٰوٰتِ وَ الْاَرْضِؕ-قُلِ اللّٰهُۙ-وَ اِنَّاۤ اَوْ اِیَّاكُمْ لَعَلٰى هُدًى اَوْ فِیْ ضَلٰلٍ مُّبِیْنٍ(۲۴)
تم فرماؤ کون جو تمہیں روزی دیتا ہے آسمانوں اور زمین سے (ف۷۰) تم خود ہی فرماؤ اللہ (ف۷۱) اور بیشک ہم یا تم (ف۷۲) یا تو ضرور ہدایت پر ہیں یا کھلی گمراہی میں (ف۷۳)

القول في تأويل قوله تعالى : قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ قُلِ اللَّهُ وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَى هُدًى أَوْ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ (24)يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم: قل يا محمد لهؤلاء المشركين بربهم الأوثان والأصنام: من يرزقكم من السماوات والأرض بإنزاله الغيث عليكم منها حياة لحروثكم، وصلاحًا لمعايشكم، وتسخيره الشمس والقمر والنجوم لمنافعكم، ومنافع أقواتكم، والأرض بإخراجه منها أقواتكم وأقوات أنعامكم، وترك الخبر عن جواب القوم استغناء بدلالة الكلام عليه، ثم ذكره، وهو: فإن قالوا: لا ندري، فقل: الذي يرزقكم ذلك الله وإنَّا أو إياكم أيها القوم لعلى هدى أو في ضلال مبين: يقول: قل لهم: إنا لعلى هدى أو في ضلال، أو إنكم على ضلال أو هدى.وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.* ذكر من قال ذلك:حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة ( قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ قُلِ اللَّهُ وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَى هُدًى أَوْ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ ) قال: قد قال ذلك أصحاب محمد للمشركين، والله ما أنا وأنتم على أمر واحد، إن أحد الفريقين لمهتد.وقد قال قوم: معنى ذلك: وإنا لعلى هدى وإنكم لفي ضلال مبين.* ذكر من قال ذلك:حثني إسحاق بن إبراهيم الشهيدي قال: ثنا عتاب بن بشير، عن خصيف عن عكرمة وزياد في قوله ( وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَى هُدًى أَوْ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ ) قال: إنا لعلى هدى، وإنكم لفي ضلال مبين.واختلف أهل العربية في وجه دخول " أو " في هذا الموضع؛ فقال بعض نحويي البصرة: ليس ذلك لأنه شك ولكن هذا في كلام العرب على أنه هو المهتدي، قال: وقد يقول الرجل لعبده: أحدنا ضارب صاحبه. ولا يكون فيه إشكال على السامع أن المولى هو الضارب.وقال آخر منهم: معنى ذلك: إنا لعلى هدى، وإنكم إياكم لفي ضلال مبين، لأن العرب تضع " أو " في موضع واو الموالاة، قال جرير:أثَعْلَبَةَ الفَوَارسِ أوْ رِياحاعَدَلتَ بهم طُهَيَّةَ والخِشابا (1)قال: يعني: ثعلبة ورياحا، قال: وقد تكلم بهذا من لا يشك في دينه، وقد علموا أنهم على هدى، وأولئك في ضلال، فيقال: هذا وإن كان كلامًا واحدًا على جهة الاستهزاء، فقال: هذا لهم، وقال:فإن يَكُ حبُّهُمْ رُشْدًا أُصِبْهُولسْتُ بِمُخْطِيءٍ إن كانَ غيَّا (2)وقال بعض نحويي الكوفة: معنى " أو " ومعنى الواو في هذا الموضع في المعنى، غير أن القرينة على غير ذلك، لا تكون " أو " بمنزلة الواو ولكنها تكون في الأمر المفوض، كما تقول: إن شئت فخذ درهمًا أو اثنين، فله أن يأخذ اثنين أو واحدًا، وليس له أن يأخذ ثلاثة. قال: وهو في قول من لا يبصر العربية، ويجعل " أو " بمنزلة الواو، ويجوز له أن يأخذ ثلاثة، لأنه في قولهم بمنزلة قولك: خذ درهمًا أو اثنين، قال: والمعنى في ( إِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ ) إنا لضالون أو مهتدون، وإنكم أيضًا لضالون وهو يعلم أن رسوله هو المهتدي وأن غيره الضال. قال: وأنت تقول في الكلام للرجل يكذبك: والله إن أحدنا لكاذب، وأنت تعنيه، وكذبته تكذيبًا غير مكشوف، وهو في القرآن وكلام العرب كثير، أن يوجه الكلام إلى أحسن مذاهبه إذا عرف، كقول القائل لمن قال: والله لقد قدم فلان، وهو كاذب، فيقول: قل: إن شاء الله، أو قل: فيما أظن، فيكذبه بأحسن تصريح التكذيب. قال: ومن كلام العرب أن يقولوا: قاتله الله، ثم يستقبح فيقولون: قاتله الله، وكاتعه الله. قال: ومن ذلك: ويحك وويسك، إنما هي في معنى ويلك، إلا أنها دونها. والصواب من القول في ذلك عندي أن ذلك أمر من الله لنبيه بتكذيب من أمره بخطابه بهذا القول بأجمل التكذيب، كما يقول الرجل لصاحب يخاطبه، وهو يريد تكذيبه في خبر له: أحدنا كاذب، وقائل ذلك يعني صاحبه لا نفسه، فلهذا المعنى صير الكلام ب " أو ".------------------------الهوامش:(1) البيت لجرير. وهو من شواهد سيبويه (الكتاب 1 : 52 ، 489) وروايته في الموضع الثاني "أو رياحا". وفي الموضع الأول: "أم ريحا". قال: فأما إذا قلت أتضرب أو تحبس زيدا، وهو بمنزلة أزيدا أو عمرا ضربت. قال الشاعر: "أثعلبة ... البيت". وإن قلت: أزيدا تضرب أو تقتل كان كقولك أتقتل زيدا أو عمرا ضربت. قال: و"أم" في كل هذا: جيد. وإن قال: أتجلس أم تذهب. فأم وأو فيه سواء.والبيت: من شواهد أبي عبيدة في: (مجاز القرآن الورقة 99 - ب) قال في تفسير الآية: (وإنا أو إياكم لعلى هدى أو في ضلال مبين): لأن العرب تضع أو في موضع واو الموالاة، قال: أثعلبة الفوارس أو ... البيت. يعني ثعلبة ورياحا. وقال قد يتكلم بهذا من يشك في دينه، وقد علموا أنهم على هدى، وأولئك على ضلال، فقال هذا، وإن كان كلاما واحدا، على وجه الاستهزاء يقال هذا له. وقال:إنْ يَكُنْ حُبُّهُمْ رُشْدًا أُصِبْهُوَلَسْتُ بِمُخْطِئٍ إنْ كانَ غَيًّاقلت: وقد سمى ابن هشام في المعنى "أو" هذه: أو التي للإبهام.(2) البيت لأبي الأسود الدؤلي، قال صاحب الأغاني ترجمته: كان أَبو الأسود الدؤلي نازلا في بني قشير، وكانت بنو قشير عثمانية، وكانت امرأته أمُّ عوف منهم، فكانوا يؤذونه ويسبونه وينالون من علي بن أبي طالب بحضرته، ليغيظوه به، ويرمونه بالليل، فقال في ذلك أبياتا يهجوهم ويمدح عليا وآل بيته. فقال له بنو قشير: شككت يا أبا الأسود في صاحبك حيث تقول: (فإن يك حبهم رشدا أصبه) فقال: أما سمعتم قول الله عز وجل: (وإنا أو إياكم لعلى هدى أو في ضلال مبين). أفترى الله جل وعز شكك في نبيه. وقد روي أن معاوية قال هذه المقالة، فأجابه بهذا الجواب. ا . ه. وقال الفراء في معاني القرآن (الورقتان 263 ، 264) في تفسير قوله تعالى: (وإنا أو إياكم) ... الآية: قال المفسرون: معناه: وإنا لعلى هدى، وأنتم في ضلال مبين.معنى "أو" معنى الواو عندهم. كذلك هو المعنى. غير أن العربية على غير ذلك. لا تكون "أو" بمنزلة الواو، ولكنها تكون في الأمر المفوض (واو الإباحة) كما تقول: إن شئت خذ درهما أو اثنين، فله أن يأخذ واحدا أو اثنين، وليس له أن يأخذ ثلاثة؛ في قول من لا يبصر بالعربية، ويجعل أو بمنزلة الواو، ويجوز له أن يأخذ ثلاثة، لأنه في قولهم بمنزلة قولك: خذ درهما واثنين.فالمعنى في قوله: (إنا أو إياكم) إنا لضالون أو مهتدون، وإنكم أيضا لضالون أو مهتدون، وهو يعلم أن رسوله المهتدي، وأن غيره الضالون ... إلخ ما قاله.
34:25
قُلْ لَّا تُسْــٴَـلُوْنَ عَمَّاۤ اَجْرَمْنَا وَ لَا نُسْــٴَـلُ عَمَّا تَعْمَلُوْنَ(۲۵)
تم فرماؤ ہم نے تمہارے گمان میں اگر کوئی جرم کیا تو اس کی تم سے پوچھ نہیں، نہ تمہارے کوتکوں کا ہم سے سوال (ف۷۴)

القول في تأويل قوله تعالى : قُلْ لا تُسْأَلُونَ عَمَّا أَجْرَمْنَا وَلا نُسْأَلُ عَمَّا تَعْمَلُونَ (25)يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم: قل لهؤلاء المشركين: أحد فريقينا على هدى والآخر على ضلال، لا تسألون أنتم عمَّا أجرمنا نحن من جرم، ولا نسأل نحن عما تعملون أنتم من عمل، قل لهم: يجمع بيننا ربنا يوم القيامة عنده ثم يفتح بيننا بالحق. يقول: ثم يقضي بيننا بالعدل، فيتبين عند ذلك المهتدي منَّا من الضال (وَهُوَ الْفَتَّاحُ الْعَلِيمُ) يقول: والله القاضي العليم بالقضاء بين خلقه، لأنه لا تخفى عنه خافيه، ولا يحتاج إلى شهود تعرفه المحق من المبطل.وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل* ذكر من قال ذلك:
34:26
قُلْ یَجْمَعُ بَیْنَنَا رَبُّنَا ثُمَّ یَفْتَحُ بَیْنَنَا بِالْحَقِّؕ-وَ هُوَ الْفَتَّاحُ الْعَلِیْمُ(۲۶)
تم فرماؤ ہمارا رب ہم سب کو جمع کرے گا (ف۷۵) پھر ہم میں سچا فیصلہ فرمادے گا (ف۷۶) اور وہی ہے بڑا نیاؤ چکانے(درست فیصلہ کرنے) والا سب کچھ جانتا،

حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة قوله (قُلْ يَجْمَعُ بَيْنَنَا رَبُّنَا) يوم القيامة (ثُمَّ يَفْتَحُ بَيْنَنَا) أي: يقضي بيننا.حدثني علي قال: ثنا أَبو صالح قال: ثني معاوية عن علي عن ابن عباس قوله (وَهُوَ الْفَتَّاحُ الْعَلِيمُ) يقول: القاضي.
34:27
قُلْ اَرُوْنِیَ الَّذِیْنَ اَلْحَقْتُمْ بِهٖ شُرَكَآءَ كَلَّاؕ-بَلْ هُوَ اللّٰهُ الْعَزِیْزُ الْحَكِیْمُ(۲۷)
تم فرماؤ مجھے دکھاؤ تو وہ شریک جو تم نے اس سے ملائے ہیں (ف۷۷) ہشت، بلکہ وہی ہے اللہ عزت والا حکمت والا،

القول في تأويل قوله تعالى : قُلْ أَرُونِيَ الَّذِينَ أَلْحَقْتُمْ بِهِ شُرَكَاءَ كَلا بَلْ هُوَ اللَّهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (27)يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم: قل يا محمد لهؤلاء المشركين بالله الآلهة والأصنام: أروني أيها القوم الذين ألحقتموهم بالله فصيرتموهم له شركاء في عبادتكم إياهم ماذا خلقوا من الأرض أم لهم شرك في السماوات (كلا) يقول تعالى ذكره: كذبوا ليس الأمر كما وصفوا، ولا كما جعلوا وقالوا من أن لله شريكًا، بل هو المعبود الذي لا شريك له، ولا يصلح أن يكون له شريك في ملكه، العزيز في انتقامه ممن أشرك به من خلقه، الحكيم في تدبيره خلقه.
34:28
وَ مَاۤ اَرْسَلْنٰكَ اِلَّا كَآفَّةً لِّلنَّاسِ بَشِیْرًا وَّ نَذِیْرًا وَّ لٰكِنَّ اَكْثَرَ النَّاسِ لَا یَعْلَمُوْنَ(۲۸)
اور اے محبوب! ہم نے تم کو نہ بھیجا مگر ایسی رسالت سے جو تمام آدمیوں کو گھیرنے والی ہے (ف۷۸) خوشخبری دیتا (ف۷۹) اور ڈر سناتا (ف۸۰) لیکن بہت لوگ نہیں جانتے (ف۸۱)

القول في تأويل قوله تعالى : وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلا كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ (28)يقول تعالى ذكره: وما أرسلناك يا محمد إلى هؤلاء المشركين بالله من قومك خاصة، ولكنا أرسلناك كافة للناس أجمعين؛ العرب منهم والعجم، والأحمر والأسود، بشيرًا من أطاعك، ونذيرًا من كذبك ( وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ ) أن الله أرسلك كذلك إلى جميع البشر.وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.* ذكر من قال ذلك:حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة قوله ( وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلا كَافَّةً لِلنَّاسِ ) قال: أرسل الله محمدًا إلى العرب والعجم، فأكرمُهُم على الله أطوعهم له.ذكر لنا نبي الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم قال: " أنَا سابِقُ العربِ وصُهيبُ سابِقُ الرُّومِ وبِلالُ سابقُ الحبشةِ وسلْمَانُ سابقُ فارِسَ".
34:29
وَ یَقُوْلُوْنَ مَتٰى هٰذَا الْوَعْدُ اِنْ كُنْتُمْ صٰدِقِیْنَ(۲۹)
اور کہتے ہیں یہ وعدہ کب آئے گا (ف۸۲) اگر تم سچے ہو،

القول في تأويل قوله تعالى : وَيَقُولُونَ مَتَى هَذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (29)يقول تعالى ذكره: ويقول هؤلاء المشركون بالله إذا سمعوا وعيد الله الكفار وما هو فاعل بهم في معادهم مما أنزل الله في كتابه (مَتَى هَذَا الْوَعْدُ) جائيًا، وفي أي وقت هو كائن (إِنْ كُنْتُمْ) فيما تعدوننا من ذلك (صَادِقِينَ) أنه كائن.
34:30
قُلْ لَّكُمْ مِّیْعَادُ یَوْمٍ لَّا تَسْتَاْخِرُوْنَ عَنْهُ سَاعَةً وَّ لَا تَسْتَقْدِمُوْنَ۠(۳۰)
تم فرماؤ تمہارے لیے ایک ایسے دن کا وعدہ جس سے تم نہ ایک گھڑی پیچھے ہٹ سکو اور نہ آگے بڑھ سکو (ف۸۳)

قال الله لنبيه: (قُلْ) لهم يا محمد (لَكُمْ) أيها القوم (مِيعَادُ يَوْمٍ) هو آتيكم (لا تَسْتَأْخِرُونَ عَنْهُ) إذا جاءكم (سَاعَةً) فتنظروا للتوبة والإنابة (وَلا تَسْتَقْدِمُونَ) قبله بالعذاب لأن الله جعل لكم ذلك أجلا.
34:31
وَ قَالَ الَّذِیْنَ كَفَرُوْا لَنْ نُّؤْمِنَ بِهٰذَا الْقُرْاٰنِ وَ لَا بِالَّذِیْ بَیْنَ یَدَیْهِؕ-وَ لَوْ تَرٰۤى اِذِ الظّٰلِمُوْنَ مَوْقُوْفُوْنَ عِنْدَ رَبِّهِمْ ۚۖ--یَرْجِعُ بَعْضُهُمْ اِلٰى بَعْضِ-ﹰالْقَوْلَۚ -یَقُوْلُ الَّذِیْنَ اسْتُضْعِفُوْا لِلَّذِیْنَ اسْتَكْبَرُوْا لَوْ لَاۤ اَنْتُمْ لَكُنَّا مُؤْمِنِیْنَ(۳۱)
اور کافر بولے ہم ہرگز نہ ایمان لائیں گے اس قرآن پر اور نہ ان کتابوں پر جو اس سے آگے تھیں (ف۸۴) اور کسی طرح تو دیکھے جب ظالم اپنے رب کے پاس کھڑے کیے جائیں گے، ان میں ایک دوسرے پر بات ڈالے گا وہ جو دبے تھے (ف۸۵) ان سے کہیں گے جو اونچے کھینچتے (بڑے بنے ہوئے) تھے (ف۸۶) اگر تم نہ ہوتے (ف۸۷) تو ہم ضرور ایمان لے آتے،

القول في تأويل قوله تعالى : وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَنْ نُؤْمِنَ بِهَذَا الْقُرْآنِ وَلا بِالَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَلَوْ تَرَى إِذِ الظَّالِمُونَ مَوْقُوفُونَ عِنْدَ رَبِّهِمْ يَرْجِعُ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ الْقَوْلَ يَقُولُ الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا لَوْلا أَنْتُمْ لَكُنَّا مُؤْمِنِينَ (31)يقول تعالى ذكره: (وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا) من مشركي العرب (لَنْ نُؤْمِنَ بِهَذَا الْقُرْآنِ) الذي جاءنا به محمد صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم ولا بالكتاب الذي جاء به غيره من بين يديه.كما حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة قوله ( لَنْ نُؤْمِنَ بِهَذَا الْقُرْآنِ وَلا بِالَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ ) قال: قال المشركون: لن نؤمن بهذا القرآن ولا بالذي بين يديه من الكتب والأنبياء.وقوله ( وَلَوْ تَرَى إِذِ الظَّالِمُونَ مَوْقُوفُونَ عِنْدَ رَبِّهِمْ ) يتلاومون، يحاور بعضهم بعضًا؛ يقول المستضعفون، كانوا في الدنيا، للذين كانوا عليهم فيها يستكبرون: لولا أنتم أيها الرؤساء والكبراء في الدنيا لكنا مؤمنين بالله وآياته.
34:32
قَالَ الَّذِیْنَ اسْتَكْبَرُوْا لِلَّذِیْنَ اسْتُضْعِفُوْۤا اَنَحْنُ صَدَدْنٰكُمْ عَنِ الْهُدٰى بَعْدَ اِذْ جَآءَكُمْ بَلْ كُنْتُمْ مُّجْرِمِیْنَ(۳۲)
وہ جو اونچے کھینچتے تھے ان سے کہیں گے جو دبے ہوئے تھے کیا ہم نے تمہیں روک دیا ہدایت سے بعد اس کے کہ تمہارے پاس آئی بلکہ تم خود مجرم تھے،

القول في تأويل قوله تعالى : قَالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا لِلَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا أَنَحْنُ صَدَدْنَاكُمْ عَنِ الْهُدَى بَعْدَ إِذْ جَاءَكُمْ بَلْ كُنْتُمْ مُجْرِمِينَ (32)يقول تعالى ذكره: (قَالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا) في الدنيا، فرأسوا في الضلالة والكفر بالله (لِلَّذِينّ اسْتُضْعِفُوا) فيها فكانوا أتباعًا لأهل الضلالة منهم إذ قالوا لهم لَوْلا أَنْتُمْ لَكُنَّا مُؤْمِنِينَ : (أَنَحْنُ صَدَدْنَاكُمْ عَنِ الْهُدَى) ومنعناكم من اتباع الحق (بَعْدَ إِذْ جَاءَكُمْ) من عند الله يبين لكم (بَلْ كُنْتُمْ مُجْرِمِينَ) فمنعكم إيثاركم الكفر بالله على الإيمان من اتباع الهدى، والإيمان بالله ورسوله.
34:33
وَ قَالَ الَّذِیْنَ اسْتُضْعِفُوْا لِلَّذِیْنَ اسْتَكْبَرُوْا بَلْ مَكْرُ الَّیْلِ وَ النَّهَارِ اِذْ تَاْمُرُوْنَنَاۤ اَنْ نَّكْفُرَ بِاللّٰهِ وَ نَجْعَلَ لَهٗۤ اَنْدَادًاؕ-وَ اَسَرُّوا النَّدَامَةَ لَمَّا رَاَوُا الْعَذَابَؕ-وَ جَعَلْنَا الْاَغْلٰلَ فِیْۤ اَعْنَاقِ الَّذِیْنَ كَفَرُوْاؕ-هَلْ یُجْزَوْنَ اِلَّا مَا كَانُوْا یَعْمَلُوْنَ(۳۳)
اور کہیں گے وہ جو دبے ہوئے تھے ان سے جو اونچے کھینچتے تھے بلکہ رات دن کا داؤں (فریب) تھا (ف۸۸) جبکہ تم ہمیں حکم دیتے تھے کہ اللہ کا انکار کریں اور اس کے برابر والے ٹھہرائیں، اور دل ہی دل میں پچھتانے لگے (ف۸۹) جب عذاب دیکھا (ف۹۰) اور ہم نے طوق ڈالے ان کی گردنوں میں جو منکر تھے (ف۹۱) وہ کیا بدلہ پائیں گے مگر وہی جو کچھ کرتے تھے (ف۹۲)

القول في تأويل قوله تعالى : وَقَالَ الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا بَلْ مَكْرُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ إِذْ تَأْمُرُونَنَا أَنْ نَكْفُرَ بِاللَّهِ وَنَجْعَلَ لَهُ أَنْدَادًا وَأَسَرُّوا النَّدَامَةَ لَمَّا رَأَوُا الْعَذَابَ وَجَعَلْنَا الأَغْلالَ فِي أَعْنَاقِ الَّذِينَ كَفَرُوا هَلْ يُجْزَوْنَ إِلا مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (33)يقول تعالى ذكره: (وَقَالَ الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا) من الكفرة بالله في الدنيا، فكانوا أتباعًا لرؤسائهم في الضلالة (لِلَّذِينّ اسْتَكْبَرُوا) فيها، فكانوا لهم رؤساء (بَلْ مَكْرُ) كم لنا ب(اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ) صدنا عن الهدى ( إِذْ تَأْمُرُونَنَا أَنْ نَكْفُرَ بِاللَّهِ وَنَجْعَلَ لَهُ ) أمثالا وأشباهًا في العبادة والألوهة، فأضيف إلى الليل والنهار. والمعنى ما ذكرنا من مكر المستكبرين بالمستضعفين في الليل والنهار، على اتساع العرب في الذي قد عُرِفَ معناها فيه من منطقها، من نقل صفة الشيء إلى غيره، فتقول للرجل: يا فلان نهارك صائم وليلك قائم، وكما &; 20-408 &; قال الشاعر:وَنِمْتِ ومَا لَيْلُ المَطِيِّ بنَائمِ (1)وما أشبه ذلك مما قد مضى بياننا له في غير هذا الموضع من كتابنا هذا.وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.* ذكر من قال ذلك:حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله ( بَلْ مَكْرُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ إِذْ تَأْمُرُونَنَا أَنْ نَكْفُرَ بِاللَّهِ وَنَجْعَلَ لَهُ أَنْدَادًا ) يقول: بل مكركم بنا في الليل والنهار أيها العظماء الرؤساء حتى أزلتمونا عن عبادة الله.وقد ذُكر في تأويله عن سعيد بن جبير ما حدثنا أَبو كريب قال: ثنا ابن يمان عن أشعث عن جعفر عن سعيد بن جبير ( بَلْ مَكْرُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ ) قال: مرُّ الليل والنهار.وقوله ( إِذْ تَأْمُرُونَنَا أَنْ نَكْفُرَ بِاللَّهِ ) يقول: حين تأمروننا أن نكفر بالله.وقوله (وَنَجْعَلَ لَهُ أَنْدَادًا) يقول: شركاء.كما حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة قوله (وَنَجْعَلَ لَهُ أَنْدَادًا) شركاء.قوله ( وَأَسَرُّوا النَّدَامَةَ لَمَّا رَأَوُا الْعَذَابَ ) يقول: وندموا على ما فرطوا من طاعة الله في الدنيا حين عاينوا عذاب الله الذي أعده لهم.كما حدثنا بشر، قال: ثنا سعيد، عن قتادة (وَأَسَرُّوا الندَامَةَ) بينهم ( لَمَّا رَأَوُا الْعَذَابَ ) .قوله ( وَجَعَلْنَا الأغْلالَ فِي أَعْنَاقِ الَّذِينَ كَفَرُوا ) وغلت أيدي الكافرين بالله في جهنم إلى أعناقهم في جوامع من نار جهنم، جزاء بما كانوا بالله في الدنيا يكفرون، يقول جل ثناؤه: ما يفعل الله ذلك بهم إلا ثوابًا لأعمالهم الخبيثة التي كانوا في الدنيا يعملونها، ومكافأة لهم عليها.------------------------الهوامش:(1) هذا عجز بيت لجرير بن عطية الخطفي الشاعر الإسلامي، وصدره:لقد لمتنا يا أم غيلان في السرى(ديوانه طبعة الصاوي 554) واستشهد به المؤلف على أنك تقول يا فلان نهارك صائم وليلك قائم، فتسلم الصيام والقيام إلى الليل والنهار إسنادا مجازيا عقليا، والأصل فيه أن يسند الصيام والقيام للرجل لا للزمان، وذلك من باب التوسع المجازي، العلاقة هنا الزمانية، والقرينة هنا عقلية. وذلك نظير قوله تعالى: (بل مكر الليل والنهار). أصله: بل مكركم بنا في الليل والنهار، ثم أسند الفعل إليهما. قال الفراء في (معاني القرآن ، الورقة 274): وقوله: (بل مكر الليل والنهار): المكر ليس لليل ولا النهار، وإنما المعنى: بل مكركم بالليل والنهار. وقد يجوز أن تضيف الفعل إلى الليل والنهار، ويكونا كالفاعلين؛ لأن العرب تقول: نهارك صائم، وليلك قائم، ثم تضيف الفعل إلى الليل والنهار، وهو المعنى للآدميين، كما تقول: نام ليلك. ا . ه.
34:34
وَ مَاۤ اَرْسَلْنَا فِیْ قَرْیَةٍ مِّنْ نَّذِیْرٍ اِلَّا قَالَ مُتْرَفُوْهَاۤۙ-اِنَّا بِمَاۤ اُرْسِلْتُمْ بِهٖ كٰفِرُوْنَ(۳۴)
اور ہم نے جب کبھی کسی شہر میں کوئی ڈر سنانے والا بھیجا وہاں کے آسودوں (امیروں) نے یہی کہا کہ تم جو لے کر بھیجے گئے ہم اس کے منکر ہیں (ف۹۳)

القول في تأويل قوله تعالى : وَمَا أَرْسَلْنَا فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَذِيرٍ إِلا قَالَ مُتْرَفُوهَا إِنَّا بِمَا أُرْسِلْتُمْ بِهِ كَافِرُونَ (34)يقول تعالى ذكره: وما بعثنا إلى أهل قرية نذيرًا ينذرهم بأسنا أن ينزل بهم على معصيتهم إيانا، إلا قال كبراؤها ورؤساؤها في الضلالة كما قال قوم فرعون من المشركين له: إنَّا بما أرسلتم به من النذارة، وبعثتم به من توحيد الله، والبراءة من الآلهة والأنداد، كافرون.وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.* ذكر من قال ذلك:حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة قوله ( وَمَا أَرْسَلْنَا فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَذِيرٍ إِلا قَالَ مُتْرَفُوهَا إِنَّا بِمَا أُرْسِلْتُمْ بِهِ كَافِرُونَ ) قال: هم رءوسهم وقادتهم في الشر.
34:35
وَ قَالُوْا نَحْنُ اَكْثَرُ اَمْوَالًا وَّ اَوْلَادًاۙ-وَّ مَا نَحْنُ بِمُعَذَّبِیْنَ(۳۵)
اور بولے ہم مال اور اولاد میں بڑھ کر ہیں اور ہم پر عذاب ہونا نہیں (ف۹۴)

القول في تأويل قوله تعالى : وَقَالُوا نَحْنُ أَكْثَرُ أَمْوَالا وَأَوْلادًا وَمَا نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ (35)يقول تعالى ذكره: وقال أهل الاستكبار على الله من كل قرية أرسلنا فيها نذيرًا لأنبيائنا ورسلنا: نحن أكثر أموالا وأولادًا وما نحن في الآخرة بمعذبين لأن الله لو لم يكن راضيًا ما نحن عليه من الملة والعمل لم يخولنا الأموال والأولاد، ولم يبسط لنا في الرزق، وإنما أعطانا ما أعطانا من ذلك لرضاه أعمالنا، وآثرنا بما آثرنا على غيرنا لفضلنا، وزلفة لنا عنده.
34:36
قُلْ اِنَّ رَبِّیْ یَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ یَّشَآءُ وَ یَقْدِرُ وَ لٰكِنَّ اَكْثَرَ النَّاسِ لَا یَعْلَمُوْنَ۠(۳۶)
تم فرماؤ بیشک میرا رب رزق وسیع کرتا ہے جس کے لیے چاہے اور تنگی فرماتا ہے (ف۹۵) لیکن بہت لوگ نہیں جانتے،

يقول الله لنبيه محمد صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم: قل لهم يا محمد (إِنَّ رَبِّي يَبْسُطُ الرِّزْقَ) من المعاش والرياش في الدنيا(لِمَنْ يَشَاءُ) من خلقه (وَيَقْدِرُ) فيضيق على من يشاء لا لمحبة فيمن يبسط له ذلك ولا خير فيه ولا زلفة له استحق بها منه، ولا لبغض منه لمن قدر عليه ذلك ولا مقت، ولكنه يفعل ذلك محنة لعباده وابتلاء، وأكثر الناس لا يعلمون أن الله يفعل ذلك اختبارًا لعباده ولكنهم يظنون أن ذلك منه محبة لمن بسط له ومقت لمن قدر عليه.وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.* ذكر من قال ذلك:حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله وَمَا أَمْوَالُكُمْ وَلا أَوْلادُكُمْ بِالَّتِي تُقَرِّبُكُمْ عِنْدَنَا زُلْفَى ... الآية، قال: قالوا: نحن أكثر أموالا وأولادًا، فأخبرهم الله أنه ليست أموالكم ولا أولادكم بالتي تقربكم عندنا زلفى إِلا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ، قال: وهذا قول المشركين لرسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم وأصحابه، قالوا: لو لم يكن الله عنا راضيًا لم يعطنا هذا، كما قال قارون: لولا أن الله رضِيَ بي وبحالي ما أعطاني هذا، قال: أَوَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ قَدْ أَهْلَكَ مِنْ قَبْلِهِ مِنَ الْقُرُونِ ... إلى آخر الآية.
34:37
وَ مَاۤ اَمْوَالُكُمْ وَ لَاۤ اَوْلَادُكُمْ بِالَّتِیْ تُقَرِّبُكُمْ عِنْدَنَا زُلْفٰۤى اِلَّا مَنْ اٰمَنَ وَ عَمِلَ صَالِحًا٘-فَاُولٰٓىٕكَ لَهُمْ جَزَآءُ الضِّعْفِ بِمَا عَمِلُوْا وَ هُمْ فِی الْغُرُفٰتِ اٰمِنُوْنَ(۳۷)
اور تمہارے مال اور تمہاری اولاد اس قابل نہیں کہ تمہیں ہمارے قریب تک پہنچائیں مگر وہ جو ایمان لائے اور نیکی کی (ف۹۶) ان کے لیے دُونا دُوں (کئی گنا) صلہ (ف۹۷) ان کے عمل کا بدلہ اور وہ بالاخانوں میں امن و امان سے ہیں (ف۹۸)

القول في تأويل قوله تعالى : وَمَا أَمْوَالُكُمْ وَلا أَوْلادُكُمْ بِالَّتِي تُقَرِّبُكُمْ عِنْدَنَا زُلْفَى إِلا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَأُولَئِكَ لَهُمْ جَزَاءُ الضِّعْفِ بِمَا عَمِلُوا وَهُمْ فِي الْغُرُفَاتِ آمِنُونَ (37)يقول جل ثناؤه: وما أموالكم التي تفتخرون بها أيها القوم على الناس ولا أولادكم الذين تتكبرون بهم، بالتي تقربكم منَّا قربة.وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.* ذكر من قال ذلك:حدثنا محمد بن عمرو، قال: ثنا أَبو عاصم، قال: ثنا عيسى، وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء جميعا، عن ابن أَبي نجيح، عن مجاهد قوله (عِنْدَنَا زُلْفَى) قال: قربى.حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة قوله ( وَمَا أَمْوَالُكُمْ وَلا أَوْلادُكُمْ بِالَّتِي تُقَرِّبُكُمْ عِنْدَنَا زُلْفَى ) لا يعتبر الناس بكثرة المال والولد، وإن الكافر قد يعطى المال، وربما حبس عن المؤمن. وقال جل ثناؤه: ( وَمَا أَمْوَالُكُمْ وَلا أَوْلادُكُمْ بِالَّتِي تُقَرِّبُكُمْ عِنْدَنَا زُلْفَى ) ولم يقل باللَّتين، وقد ذكر الأموال والأولاد، وهما نوعان مختلفان، لأنه ذُكر من كل نوع منهما جمع يصلح فيه التي، ولو قال قائل: أراد بذلك أحد النوعين لم يبعد قوله، وكان ذلك كقول الشاعر:نحنُ بِمَا عِندَنا وأنتَ بماعِندكَ رَاضٍ والرأيُ مختَلِفُ (2)ولم يقل راضيان.وقوله (إِلا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا) اختلف أهل التأويل في معنى ذلك؛ فقال بعضهم: معنى ذلك وما أموالكم ولا أولادكم بالتي تقربكم عندنا زلفى إلا من آمن وعمل صالحًا فإنه تقربهم أموالهم وأولادهم بطاعتهم الله في ذلك وأدائهم فيه حقه إلى الله زلفى دون أهل الكفر بالله.* ذكر من قال ذلك:حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قول الله (إِلا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا) قال: لم تضرهم أموالهم ولا أولادهم في الدنيا للمؤمنين، وقرأ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ فالحسنى: الجنة، والزيادة: ما أعطاهم الله في الدنيا لم يحاسبهم به، كما حاسب الآخرين، فمن حمل على هذا التأويل نصب بوقوع تقرب عليه، وقد يحتمل أن يكون " من " في موضع رفع، فيكون كأنه قيل: وما هو إلا من آمن وعمل صالحًا.وقوله (فَأُولَئِكَ لَهُمْ جَزَاءُ الضِّعْف) يقول: فهؤلاء لهم من الله على أعمالهم الصالحة الضعف من الثواب، بالواحدة عشر.وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.* ذكر من قال ذلك:حدثنا يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله (فَأُولَئِكَ لَهُمْ جَزَاءُ الضِّعْفِ بِمَا عَمِلُوا) قال: بأعمالهم الواحد عشر، وفي سبيل الله بالواحد سبعمائة.وقوله (فِي الْغُرُفَاتِ آمِنُونَ) يقول: وهم في غرفات الجنات آمنون من عذاب الله.------------------------الهوامش:(2) البيت لقيس بن الخطيم من قصيدة من المنسرح، كما في معاهد التنصيص شرح شواهد التلخيص. لعبد الرحيم العباسي وقد تقدم الكلام عليه في (10 : 122) مبسوطا. فراجعه ثمة.
34:38
وَ الَّذِیْنَ یَسْعَوْنَ فِیْۤ اٰیٰتِنَا مُعٰجِزِیْنَ اُولٰٓىٕكَ فِی الْعَذَابِ مُحْضَرُوْنَ(۳۸)
اور ہو جو ہماری آیتوں میں ہرانے کی کوشش کرتے ہیں (ف۹۹) وہ عذاب میں لادھرے جائیں گے (ف۱۰۰)

القول في تأويل قوله تعالى : وَالَّذِينَ يَسْعَوْنَ فِي آيَاتِنَا مُعَاجِزِينَ أُولَئِكَ فِي الْعَذَابِ مُحْضَرُونَ (38)يقول تعالى ذكره: والذين يعملون في آياتنا، يعني: في حججنا وآي كتابنا، يبتغون إبطاله ويريدون إطفاء نوره معاونين، يحسبون أنهم يفوتوننا بأنفسهم ويعجزوننا(أُولَئِكَ فِي الْعَذَابِ مُحْضَرُونَ) يعني: في عذاب جهنم محضرون يوم القيامة .
34:39
قُلْ اِنَّ رَبِّیْ یَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ یَّشَآءُ مِنْ عِبَادِهٖ وَ یَقْدِرُ لَهٗؕ-وَ مَاۤ اَنْفَقْتُمْ مِّنْ شَیْءٍ فَهُوَ یُخْلِفُهٗۚ-وَ هُوَ خَیْرُ الرّٰزِقِیْنَ(۳۹)
تم فرماؤ بیشک میرا رب رزق وسیع فرماتا ہے اپنے بندوں میں جس کے لیے چاہے اور تنگی فرماتا ہے جس کے لیے چاہے (ف۱۰۱) اور جو چیز تم اللہ کی راہ میں خرچ کرو وہ اس کے بدلے اور دے گا (ف۱۰۲) اور وہ سب سے بہتر رزق دینے والا (ف۱۰۳)

( قُلْ إِنَّ رَبِّي يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ ) يقول تعالى ذكره: قل يا محمد إن ربي يبسط الرزق لمن يشاء من خلقه فيوسعه عليه تكرمة له وغير تكرمة، ويقدر على من يشاء منهم فيضيقه ويقتره إهانة له وغير إهانة، بل محنة واختبارًا( وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ ) يقول: وما أنفقتم أيها الناس من نفقة في طاعة الله، فإن الله يخلفها عليكم.وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.* ذكر من قال ذلك:حدثنا ابن بشار قال: ثنا يحيى قال: ثنا سفيان عن المنهال بن عمرو، عن سعيد بن جبير ( وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ ) قال: ما كان في غير إسراف ولا تقتير.وقوله (وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ) يقول: وهو خير من قيل إنه يرزق ووصف به، وذلك أنه قد يوصف بذلك من دونه فيقال: فلان يرزق أهله وعياله.
34:40
وَ یَوْمَ یَحْشُرُهُمْ جَمِیْعًا ثُمَّ یَقُوْلُ لِلْمَلٰٓىٕكَةِ اَهٰۤؤُلَآءِ اِیَّاكُمْ كَانُوْا یَعْبُدُوْنَ(۴۰)
اور جس دن ان سب کو اٹھائے گا (ف۱۰۴) پھر فرشتوں سے فرمائے گا کیا یہ تمہیں پوجتے تھے (ف۱۰۵)

القول في تأويل قوله تعالى : وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا ثُمَّ يَقُولُ لِلْمَلائِكَةِ أَهَؤُلاءِ إِيَّاكُمْ كَانُوا يَعْبُدُونَ (40)يقول تعالى ذكره: ويوم نحشر هؤلاء الكفار بالله جميعًا، ثم نقول للملائكة: أهؤلاء كانوا يعبدونكم من دوننا؟ فتتبرأ منهم الملائكة .
  FONT
  THEME
  TRANSLATION
  • English | Ahmed Ali
  • Urdu | Ahmed Raza Khan
  • Turkish | Ali-Bulaç
  • German | Bubenheim Elyas
  • Chinese | Chineese
  • Spanish | Cortes
  • Dutch | Dutch
  • Portuguese | El-Hayek
  • English | English
  • Urdu | Fateh Muhammad Jalandhry
  • French | French
  • Hausa | Hausa
  • Indonesian | Indonesian-Bahasa
  • Italian | Italian
  • Korean | Korean
  • Malay | Malay
  • Russian | Russian
  • Tamil | Tamil
  • Thai | Thai
  • Farsi | مکارم شیرازی
  TAFSEER
  • العربية | التفسير الميسر
  • العربية | تفسير الجلالين
  • العربية | تفسير السعدي
  • العربية | تفسير ابن كثير
  • العربية | تفسير الوسيط لطنطاوي
  • العربية | تفسير البغوي
  • العربية | تفسير القرطبي
  • العربية | تفسير الطبري
  • English | Arberry
  • English | Yusuf Ali
  • Dutch | Keyzer
  • Dutch | Leemhuis
  • Dutch | Siregar
  • Urdu | Sirat ul Jinan
  HELP

سَبَا
سَبَا
  00:00



Download

سَبَا
سَبَا
  00:00



Download