READ
Surah Ibrahim
اِبرٰهِيْم
52 Ayaat مکیۃ
رَبَّنَا اغْفِرْ لِیْ وَ لِوَالِدَیَّ وَ لِلْمُؤْمِنِیْنَ یَوْمَ یَقُوْمُ الْحِسَابُ۠(۴۱)
اے ہمارے رب مجھے بخش دے اور میرے ماں باپ کو (ف۹۵) اور سب مسلمانوں کو جس دن حساب قائم ہوگا،
كما أسألك- يا إلهى- أن تغفر لي ذنوبي، وأن تغفر لوالدي وللمؤمنين، يوم يقوم الناس للحساب، فتجازى كل إنسان بما يستحقه من ثواب أو عقاب.وإنما طلب إبراهيم لوالديه المغفرة، قبل أن يتبين له أن والده عدو لله. فلما تبين له ذلك تبرأ منه. قال- تعالى- وَما كانَ اسْتِغْفارُ إِبْراهِيمَ لِأَبِيهِ إِلَّا عَنْ مَوْعِدَةٍ وَعَدَها إِيَّاهُ، فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلَّهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ .أما أمه فقال بعضهم: إنها كانت مؤمنة، وقال آخرون: لعلها توفيت قبل نبوته.وبعد أن حكى- سبحانه- تلك الدعوات الطيبات التي تضرع بها إبراهيم إلى ربه، والتي تضمنت أمهات الفضائل، كسلامة القلب، وطهارة النفس، ورقة العاطفة، وحسن المراقبة، وحب الخير لغيره.بعد كل ذلك حكى- سبحانه- أحوال الظالمين يوم القيامة، وأقوالهم في ذلك اليوم الشديد، ورده- تعالى- عليهم، والأسباب التي أدت إلى خسرانهم ... فقال- تعالى-:
وَ لَا تَحْسَبَنَّ اللّٰهَ غَافِلًا عَمَّا یَعْمَلُ الظّٰلِمُوْنَ۬ؕ -اِنَّمَا یُؤَخِّرُهُمْ لِیَوْمٍ تَشْخَصُ فِیْهِ الْاَبْصَارُۙ(۴۲)
اور ہرگز اللہ کو بےخبر نہ جاننا ظالموں کے کام سے (ف۹۶) انہیں ڈھیل نہیں دے رہا ہے مگر ایسے دن کے لیے جس میں (ف۹۷)
قال الإمام القرطبي: «قوله- تعالى- وَلا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ ... هذا تسلية للنبي صلى الله عليه وسلم بعد أن عجبه من أفعال المشركين، ومخالفتهم دين إبراهيم، أى: اصبر كما صبر إبراهيم، وأعلم المشركين أن تأخير العذاب ليس للرضا بأفعالهم، بل سنة الله إمهال العصاة مدة. قال ميمون بن مهران: هذا وعيد للظالم. وتعزية للمظلوم» .والخطاب في «ولا تحسين» ، يجوز أن يكون للنبي صلى الله عليه وسلم لقصد زيادة تثبيته على الحق، ودوامه على ذلك، ويجوز أن يكون لكل من يصلح للخطاب.والغفلة: سهو يعترى الإنسان بسبب قلة تيقظه وانتباهه، ولا شك أن ذلك محال في حق الله- تعالى-، لذا وجب حمل المعنى على أن المراد بالغفلة هنا: ترك عقاب المجرمين.والمراد بالظالمين: كل من انحرفوا عن طريق الحق، واتبعوا طريق الباطل، ويدخل فيهم دخولا أوليا مشركو مكة، الذين أبوا الدخول في الإسلام الذي جاءهم به النبي صلى الله عليه وسلم.وقوله إِنَّما يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصارُ استئناف وقع تعليلا للنهى السابق.وقوله «تشخص» من الشخوص بمعنى رفع البصر بدون تحرك يقال شخص بصر فلان- من باب خضع- فهو شاخص، إذا فتح عينيه وجعل لا يطرف من شدة الخوف والفزع.والمعنى: ولا تحسبن- أيها الرسول الكريم- أن الله تعالى- تارك عقاب هؤلاء الظالمين، الذين كذبوك في دعوتك، كلا لن يترك الله- تعالى- عقابهم، وإنما يؤخره ليوم هائل شديد، هو يوم القيامة الذي ترتفع فيه أبصار أهل الموقف، فلا تطرف أجفانهم من هول ما يرونه.
مُهْطِعِیْنَ مُقْنِعِیْ رُءُوْسِهِمْ لَا یَرْتَدُّ اِلَیْهِمْ طَرْفُهُمْۚ -وَ اَفْـٕدَتُهُمْ هَوَآءٌؕ(۴۳)
آنکھیں کھلی کی کھلی رہ جائیں گی بے تحاشا دوڑے نکلیں گے (ف۹۸) اپنے سر اٹھائے ہوئے کہ ان کی پلک ان کی طرف لوٹتی نہیں (ف۹۹) اور ان کے دلوں میں کچھ سکت نہ ہوگی (ف۱۰۰)
ثم بين- سبحانه- بعض أحوال هؤلاء الظالمين في هذا اليوم العظيم فقال- تعالى-:مُهْطِعِينَ مُقْنِعِي رُؤُسِهِمْ، لا يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ، وَأَفْئِدَتُهُمْ هَواءٌ.والإهطاع السير السريع. يقال: أهطع فلان في مشيه فهو يهطع إهطاعا إذا أسرع في سيره بذلة واضطراب.و «مقنعي رؤوسهم» أى رافعيها، يقال: أهطع فلان رأسه، إذا نصبه ورفعه دون أن يلتفت يمينا أو شمالا. وقيل، إقناع الرءوس طأطأتها وانتكاسها.الأفئدة: جمع فؤاد، والمراد بها القلوب.والمعنى: أن هؤلاء الظالمين يخرجون من قبورهم في هذا اليوم مسرعين إلى الداعي بذلة واستكانة، كإسراع الأسير الخائف، رافعي رءوسهم إلى السماء مع إدامة النظر بأبصارهم إلى ما بين أيديهم من غير التفات إلى شيء.«لا يرتد إليهم طرفهم» أى: لا تتحرك أجفان عيونهم، بل تبقى مفتوحة بدون حراك لهول ما يشاهدونه في هذا اليوم العصيب.«وأفئدتهم هواء» أى: وقلوبهم فارغة خالية عن الفهم، بحيث لا تعى شيئا من شدة الفزع والدهشة، ومنه قولهم في شأن الأحمق والجبان قلبهما هواء، أى لا رأى فيه ولا قوة.وأفرد هواء وإن كان خبرا عن جمع لأنه في معنى فارغة أو خالية.قال- تعالى- وَأَصْبَحَ فُؤادُ أُمِّ مُوسى فارِغاً ... أى خاليا من كل شيء إلا من التفكير في شأن مصير ابنها موسى- عليه السلام-.فأنت ترى أن الله- تعالى- قد وصف هؤلاء الظالمين في هاتين الآيتين بجملة من الصفات الدالة على فزعهم وحيرتهم.وصفهم أولا بشخوص الأبصار، ووصفهم ثانيا بالإسراع إلى الداعي في ذلة وانكسار،ووصفهم ثالثا برفع رءوسهم في حيرة واضطراب، ووصفهم رابعا: بانفتاح عيونهم دون أن تطرف من شدة الوجل، ووصفهم خامسا بخلو قلوبهم من إدراك أى شيء بسبب ما اعتراهم من دهشة ورعب.وقوله- سبحانه-: وَأَفْئِدَتُهُمْ هَواءٌ من باب التشبيه البليغ الذي حذفت فيه الأداة، والتقدير: وقلوبهم كالهواء في الخلو من الإدراك من شدة الهول.
وَ اَنْذِرِ النَّاسَ یَوْمَ یَاْتِیْهِمُ الْعَذَابُ فَیَقُوْلُ الَّذِیْنَ ظَلَمُوْا رَبَّنَاۤ اَخِّرْنَاۤ اِلٰۤى اَجَلٍ قَرِیْبٍۙ- نُّجِبْ دَعْوَتَكَ وَ نَتَّبِـعِ الرُّسُلَؕ- اَوَ لَمْ تَكُوْنُوْۤا اَقْسَمْتُمْ مِّنْ قَبْلُ مَا لَكُمْ مِّنْ زَوَالٍۙ(۴۴)
اور لوگوں کو اس دن سے ڈراؤ (ف۱۰۱) جب ان پر عذاب آئے گا تو ظالم (ف۱۰۲) کہیں گے اے ہمارے رب! تھوڑی دیر ہمیں (ف۱۰۳) مہلت دے کہ ہم تیرا بلانا مانیں (ف۱۰۴) اور رسولوں کی غلامی کریں (ف۱۰۵) تو کیا تم پہلے (ف۱۰۶) قسم نہ کھاچکے تھے کہ ہمیں دنیا سے کہیں ہٹ کر جانا نہیں (ف۱۰۷)
ثم أمر الله تعالى- رسوله صلى الله عليه وسلم أن يحذر الناس من أهوال هذا اليوم، وأن يقدموا العمل الصالح الذي ينفعهم فقال- تعالى- وَأَنْذِرِ النَّاسَ يَوْمَ يَأْتِيهِمُ الْعَذابُ فَيَقُولُ الَّذِينَ ظَلَمُوا رَبَّنا أَخِّرْنا إِلى أَجَلٍ قَرِيبٍ نُجِبْ دَعْوَتَكَ وَنَتَّبِعِ الرُّسُلَ....والإنذار: التخويف من ارتكاب شيء تسوء عاقبته.والمراد بالناس: جميعهم، وقيل المراد بهم الكفار. ويبدو أن الأول أرجح لأن الإنذار يكون للمؤمن كما يكون للكافر، إلا أن المؤمن يستجيب للنصح فينجو من العقاب، والكافر لا يستجيب فيحل عليه العذاب.والمعنى: وخوف- أيها الرسول الكريم- الناس من أهوال يوم القيامة، ومرهم بأن يستعدوا له بالإيمان والعمل الصالح، من قبل أن يحل عذابه بالظالمين منهم فيقولون: يا ربنا أعدنا إلى الحياة مرة أخرى، وأخر أعمارنا وحسابنا إلى وقت قريب، حتى نستطيع فيه أن نستجيب لدعوتك التي تأمرنا بإخلاص العبادة لك، وأن نتبع رسلك في كل ما أمرونا به ونتدارك ما فرطنا فيه من أعمال الدنيا.قال الجمل: «وقوله: «يوم يأتيهم العذاب ... » مفعول ثان لأنذر على حذف المضاف، أى: أنذرهم أهواله وعظائمه، فهو مفعول به لا مفعول فيه، إذ لا إنذار في ذلك اليوم، وإنما الإنذار يقع في الدنيا..» .وإنما اقتصر- سبحانه- على ذكر إتيان العذاب في هذا اليوم. مع كون الثواب يحصل فيه- أيضا- لأن المقام مقام تهديد وزجر، فكان من المناسب ذكر أهواله وشدائده.وجمع لفظ الرسل فقال: «نجب دعوتك ونتبع الرسل» للإشارة إلى أن الرسل جميعا قد جاءوا برسالة واحدة في جوهرها وأصولها، وهي إخلاص العبادة لله- تعالى-، والدعوة إلى مكارم الأخلاق.وفي معنى هذه الآية الكريمة جاءت آيات كثيرة ومنها قوله- تعالى- حَتَّى إِذا جاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قالَ رَبِّ ارْجِعُونِ لَعَلِّي أَعْمَلُ صالِحاً فِيما تَرَكْتُ، كَلَّا إِنَّها كَلِمَةٌ هُوَ قائِلُها وَمِنْ وَرائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ.وقوله- تعالى-: وَلَوْ تَرى إِذِ الْمُجْرِمُونَ ناكِسُوا رُؤُسِهِمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ، رَبَّنا أَبْصَرْنا وَسَمِعْنا فَارْجِعْنا نَعْمَلْ صالِحاً إِنَّا مُوقِنُونَ» .وجملة «أو لم تكونوا أقسمتم من قبل مالكم من زوال» مقول لقول محذوف.والزوال: الانتقال من مكان إلى آخر، أو من حال إلى حال، والمراد به هنا: انتقالهم من قبورهم إلى الحساب يوم القيامة.والمعنى: أن هؤلاء الظالمين عند ما يقولون يا ربنا أخرنا إلى أجل قريب نجب دعوتك ونتبع الرسل.يقال لهم من قبل الله والملائكة على سبيل التوبيخ والتبكيت: أو لم تكونوا- أيها الظالمون- تقسمون بالأيمان المغلظة في الدنيا، بأنكم بعد موتكم ستبقون في قبوركم إلى أن تبلى أجسادكم، وأنه ليس بعد ذلك من بعث ولا حساب، ولا ثواب ولا عقاب.قال- تعالى- وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمانِهِمْ لا يَبْعَثُ اللَّهُ مَنْ يَمُوتُ.فالجملة الكريمة تحكى رفض مطالبهم بأبلغ أسلوب، حتى يزدادوا حزنا على حزنهم، وحسرة على حسرتهم.وجملة «مالكم من زوال» جواب القسم.
وَّ سَكَنْتُمْ فِیْ مَسٰكِنِ الَّذِیْنَ ظَلَمُوْۤا اَنْفُسَهُمْ وَ تَبَیَّنَ لَكُمْ كَیْفَ فَعَلْنَا بِهِمْ وَ ضَرَبْنَا لَكُمُ الْاَمْثَالَ(۴۵)
اور تم ان کے گھروں میں بسے جنہوں نے اپنا برا کیا تھا (ف۱۰۸) اور تم پر خوب کھل گیا ہم نے ان کے ساتھ کیسا کیا (ف۱۰۹) اور ہم نے تمہیں مثالیں دے کر بتادیا (ف۱۱۰)
وقوله- سبحانه-: وَسَكَنْتُمْ فِي مَساكِنِ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ... معطوف على «أقسمتم..» .والمراد بالسكنى: الحلول في أماكن الظالمين لوقت يكفى للاتعاظ والاعتبار وكفار قريش كانوا يمرون بديار قوم ثمود في رحلتهم إلى الشام، وكانوا يحطون رحالهم هناك، كما كانوا يمرون على ديار قوم عاد في رحلتهم إلى اليمن.والمعنى: لقد أقسمتم- أيها الضالون- بأنكم ما لكم من انتقال من دار الدنيا إلى دار الآخرة، وحللتم في مساكن القوم الظالمين.«وتبين لكم» عن طريق المشاهدة وتواتر الأخبار.«كيف فعلنا بهم» من الإهلاك والتدمير بسبب كفرهم وفسوقهم.«وضربنا لكم الأمثال» بما فعلوه وبما فعلناه بهم، عن طريق كتابنا، وعلى لسان رسولنا محمد صلى الله عليه وسلم.وكان من الواجب عليكم بعد كل ذلك أن تعتبروا وتتعظوا وتثوبوا إلى رشدكم، وتدخلوا في الإسلام، ولكنكم كنتم قوما فاسقين، سائرين على نهج هؤلاء المهلكين في الكفر والفجور، فاليوم ذوقوا العذاب بسبب جحودكم للحق في الدنيا.قال الإمام ابن كثير عند تفسيره لهذه الآية: «أى: قد رأيتم وبلغكم ما أحللنا بالأمم المكذبة قبلكم، ومع هذا لم يكن لكم فيهم معتبر، ولم يكن فيما أوقعنا بهم مزدجر لكم.قال- تعالى- حِكْمَةٌ بالِغَةٌ فَما تُغْنِ النُّذُرُ.
وَ قَدْ مَكَرُوْا مَكْرَهُمْ وَ عِنْدَ اللّٰهِ مَكْرُهُمْؕ- وَ اِنْ كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُوْلَ مِنْهُ الْجِبَالُ(۴۶)
اور بیشک وہ (ف۱۱۱) اپنا سا داؤں (فریب) چلے (ف۱۱۲) اور ان کا داؤں اللہ کے قابو میں ہے، اور ان کا داؤں کچھ ایسانہ تھا جس سے یہ پہاڑ ٹل جائیں (ف۱۱۳)
ثم بين- سبحانه- بعد ذلك لونا آخر من ألوان عراقتهم في الكفر والجحود فقال:وَقَدْ مَكَرُوا مَكْرَهُمْ وَعِنْدَ اللَّهِ مَكْرُهُمْ.والمكر: تبييت فعل السوء بالغير وإضماره، مع إظهار ما يخالف ذلك. وانتصب «مكرهم» الأول على أنه مفعول مطلق لمكروا، لبيان النوع، والإضافة فيه من إضافة المصدر لفاعله.أى: أن هؤلاء الظالمين جاءتهم العبر فلم يعتبروا، بل أضافوا إلى ذلك أنهم مكروا بالرسول صلى الله عليه وسلم مكرهم العظيم الذي استفرغوا فيه جهدهم لإبطال الحق، وإحقاق الباطل، والذي كان من مظاهره محاولتهم قتل الرسول صلى الله عليه وسلم.وقوله وَعِنْدَ اللَّهِ مَكْرُهُمْ أى: وفي علم الله- تعالى- الذي لا يغيب عنه شيء مكرهم، وسيجازيهم عليه بما يستحقونه من عذاب مهين.وقوله- تعالى- وَإِنْ كانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبالُ قرأ الجمهور «لتزول» - بكسر اللام على أنها لام الجحود والفعل منصوب بعدها. بأن مضمرة وجوبا، و «إن» في قوله وَإِنْ كانَ مَكْرُهُمْ نافية بمعنى ما.والمعنى: ولقد مكر هؤلاء الكافرون مكرهم الشديد الذي اشتهروا به، وفي علم الله- تعالى- مكرهم، وما كان مكرهم- مهما عظم واشتد- لتنتقل منه الجبال من أماكنها، لأنه لم يتجاوز مكر أمثالهم ممن دمرناهم تدميرا.وعلى هذه القراءة يكون المقصود بهذه الجملة الكريمة، الاستخفاف بهم وبمكرهم، وبيان أن ما يضمرونه من سوء ليس خافيا على الله- تعالى- ولن يزلزل المؤمنين في عقيدتهم، لأن إيمانهم كالجبال الرواسي في ثباته ورسوخه.وقرأ «الكسائي» «لتزول» - بفتح اللام على أنها لام الابتداء، ورفع الفعل بعدها- و «إن» مخففة من الثقيلة.فيكون المعنى: وقد مكروا مكرهم، وعند الله مكرهم، وإن مكرهم من الشدة بحيث تزول منه الجبال وتنقلع من أماكنها، لو كان لها أن تزول أو تنقلع.وعلى هذه القراءة يكون المراد بهذه الجملة الكريمة التعظيم والتهويل من شأن مكرهم، وأنه أمر شنيع أو شديد في بابه، كما في قوله- تعالى-: وَقالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمنُ وَلَداً لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئاً إِدًّا تَكادُ السَّماواتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ، وَتَنْشَقُّ الْأَرْضُ. وَتَخِرُّ الْجِبالُ هَدًّا. .
فَلَا تَحْسَبَنَّ اللّٰهَ مُخْلِفَ وَعْدِهٖ رُسُلَهٗؕ- اِنَّ اللّٰهَ عَزِیْزٌ ذُو انْتِقَامٍؕ(۴۷)
تو ہر گز خیال نہ کرنا کہ اللہ اپنے رسولوں سے وعدہ خلاف کرے گا (ف۱۱۴) بیشک اللہ غالب ہے بدلہ لینے والا،
وقوله- سبحانه-: فَلا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ مُخْلِفَ وَعْدِهِ رُسُلَهُ.. تفريع على ما تقدم من قوله- تعالى- وَلا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ.. وتأكيد لتسلية الرسول صلى الله عليه وسلم ولتثبيت يقينه.وقوله «مخلف» اسم فاعل من الإخلاف، بمعنى عدم الوفاء بالوعد وهو مفعول ثان لتحسب والمراد بالوعد هنا: ما وعد الله- تعالى- به أنبياءه ورسله من نصره إياهم، ومن جعل العاقبة لهم.قال- تعالى- إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَياةِ الدُّنْيا. وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهادُ .وقال- تعالى- كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ.والمعنى: لقد وعدناك- أيها الرسول الكريم- بعذاب الظالمين، وأخبرناك بجانب من العذاب الذي يحل بهم يوم القيامة، وما دام الأمر كذلك فاثبت على الحق أنت وأتباعك، وثق بأن الله- تعالى- لن يخلف ما وعدك به من نصر على أعدائك.قال صاحب الكشاف: فإن قلت: هلا قيل: مخلف رسله وعده، ولم قدم المفعول الثاني لمخلف- وهو: وعده- على المفعول الأول- وهو رسله-؟قلت: قدم الوعد ليعلم أنه- سبحانه- لا يخلف الوعد أصلا، كقوله- تعالى- إِنَّ اللَّهَ لا يُخْلِفُ الْمِيعادَ.ثم قال «رسله» ليؤذن أنه إذا لم يخلف وعده أحدا، وليس من شأنه إخلاف المواعيد، فكيف يخلفه مع رسله الذين هم خيرته وصفوته من خلقه..».ويرى صاحب الانتصاف أن تقدم المفعول الثاني هنا، إنما هو للإيذان بالعناية به، لأن الآية في سياق الإنذار والتهديد للظالمين بما توعدهم الله- تعالى- به على ألسنة رسله، فكان المهم في هذه الحال تقديم ذكر الوعيد على غيره.وقوله- سبحانه- إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ ذُو انتِقامٍ تعليل للنهى عن الحسبان المذكور.والعزيز: الغالب على كل شيء.أى: إن الله- تعالى- غالب على كل شيء، وذو انتقام شديد من أعدائه لأنهم تحت قدرته، ومادام الأمر كذلك فإخلاف الوعد منتف في حقه- تعالى-.
یَوْمَ تُبَدَّلُ الْاَرْضُ غَیْرَ الْاَرْضِ وَ السَّمٰوٰتُ وَ بَرَزُوْا لِلّٰهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ(۴۸)
جس دن (ف۱۱۵) بدل دی جائے گی زمین اس زمین کے سوا اور آسمان (ف۱۱۶) اور لوگ سب نکل کھڑے ہوں گے (ف۱۱۷) ایک اللہکے سامنے جو سب پر غالب ہے
ثم بين- سبحانه- بعد ذلك بعض العلامات التي تدل على قرب قيام الساعة فقال- تعالى-: يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ وَالسَّماواتُ وَبَرَزُوا لِلَّهِ الْواحِدِ الْقَهَّارِ.والظرف «يوم» متعلق بمحذوف تقديره اذكر.وقوله «تبدل» من التبديل بمعنى التغيير، وهذا التغيير والتبديل لهما قد يكون في ذواتهما كما في قوله- تعالى- إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآياتِنا سَوْفَ نُصْلِيهِمْ ناراً كُلَّما نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْناهُمْ جُلُوداً غَيْرَها لِيَذُوقُوا الْعَذابَ...وقد يكون في صفاتهما كقولك «بدلت الحلقة خاتما» وقد يكون فيهما معا وقد ذكر الإمام ابن كثير جملة من الأحاديث عند تفسيره لهذه الآية الكريمة فقال: «وقال الإمام أحمد، حدثنا محمد بن عدى، عن داود، عن الشعبي، عن مسروق، عن عائشة أنها قالت: أنا أول الناس سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن هذه الآية يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ ... قالت: قلت:أين الناس يومئذ يا رسول الله؟ قال: على الصراط.وفي رواية أنه صلى الله عليه وسلم قال لها: «لقد سألتنى عن شيء ما سألنى عنه أحد من أمتى، ذاك أن الناس- يومئذ يكونون- على جسر جهنم».والمعنى: اذكر- أيها العاقل- لتتعظ وتعتبر يوم يتغير هذا العالم المعهود بعالم آخر جديد، يأتى به الله- تعالى- على حسب إرادته ومشيئته ويوم يخرج الخلائق جميعا من قبورهم ليستوفوا جزاءهم، وليجازوا على أعمالهم. من الله- تعالى- الواحد الأحد، الذي قهر كل شيء وغلبه، ودانت له الرقاب، وخضعت له الألباب.وختمت الآية الكريمة بهذين الوصفين لله- تعالى- للرد على المشركين الذين جعلوا مع الله آلهة أخرى يشركونها معه في العبادة، ويتوهمون أن هذه الآلهة سوف تدافع عنهم يوم القيامة.
وَ تَرَى الْمُجْرِمِیْنَ یَوْمَىٕذٍ مُّقَرَّنِیْنَ فِی الْاَصْفَادِۚ(۴۹)
اور اس دن تم مجرموں (ف۱۱۸) کو دیکھو گے کہ بیڑیوں میں ایک دوسرے سے جڑے ہوں گے (ف۱۱۹)
ثم بين- سبحانه- بعد ذلك ما يحل بالمجرمين يوم القيامة من عذاب عنيف مهين يناسب إجرامهم وكفرهم فقال: وَتَرَى الْمُجْرِمِينَ يَوْمَئِذٍ مُقَرَّنِينَ فِي الْأَصْفادِ، سَرابِيلُهُمْ مِنْ قَطِرانٍ وَتَغْشى وُجُوهَهُمُ النَّارُ.وقوله «مقرنين» جمع مقرن، وهو من جمع مع غيره في قرن ووثاق واحد يربطان به.والأصفاد: جمع صفد- بفتح الفاء- وهو القيد الذي يوضع في الرجل، أو الغل- بضم الغين- الذي تضم به اليد والرجل إلى العنق.
سَرَابِیْلُهُمْ مِّنْ قَطِرَانٍ وَّ تَغْشٰى وُجُوْهَهُمُ النَّارُۙ(۵۰)
ان کے کرُتے رال ہوں گے (ف۱۲۰) اور ان کے چہرے آ گ ڈھانپ لے گی
والسرابيل: جمع سربال وهو القميص.والقطران: مادة حارة نتنة شديدة الاشتعال تصلى بها جلود الإبل الجربى، ليزول الجرب منها. أى: وترى- أيها العاقل- المجرمين في هذا اليوم العسير عليهم «مقرنين في الأصفاد» أى: قد قرن بعضهم مع بعض، وضم كل قرين إلى من يشبهه في الكفر وفي الفسوق وفي العصيان، وقد قيدوا جميعا بالأصفاد والقيود والأغلال.قال- تعالى- احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْواجَهُمْ...أى: وأمثالهم من العصاة، فعابد الصنم يكون مع عابد الصنم، وشارب الخمر مع شارب الخمر. ويصح أن يكون اقترانهم مع الشياطين كما قال- تعالى- فَوَ رَبِّكَ لَنَحْشُرَنَّهُمْ وَالشَّياطِينَ ثُمَّ لَنُحْضِرَنَّهُمْ حَوْلَ جَهَنَّمَ جِثِيًّا.هذا عن مشهد المجرمين وهم مقرنون في الأصفاد، وهو مشهد مهين مذل ولكنه ليس كافيا في عقابهم، بل يضاف إليه أن ملابسهم من قطران، ليجتمع لهم لذعته، وقبح لونه، ونتن ريحه، وسرعة اشتعاله، وفوق كل ذلك فإن وجوههم تعلوها وتحيط بها النار التي تستعر بأجسادهم المسربلة بالقطران.وخص- سبحانه الوجوه بغشيان النار لها، لكونها أعز موضع في البدن وأشرفه.
لِیَجْزِیَ اللّٰهُ كُلَّ نَفْسٍ مَّا كَسَبَتْؕ- اِنَّ اللّٰهَ سَرِیْعُ الْحِسَابِ(۵۱)
اس لیے کہ اللہ ہر جان کو اس کی کمائی کا بدلہ دے، بیشک اللہ کو حساب کرتے کچھ دیر نہیں لگتی،
وقوله- سبحانه- لِيَجْزِيَ اللَّهُ كُلَّ نَفْسٍ ما كَسَبَتْ ... متعلق بمحذوف، والتقدير:فعل ما فعل- سبحانه- من إثابة المؤمنين، ومعاقبة المجرمين، ليجازى كل نفس بما تستحقه من خير أو شر، دون أن يظلم ربك أحدا.وقوله إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسابِ أى: إنه- سبحانه- سريع المحاسبة لعباده، لأنه لا يشغله شأن عن شأن، بل جميع الخلق بالنسبة لقدرته كالنفس الواحدة.قال- تعالى- ما خَلْقُكُمْ وَلا بَعْثُكُمْ إِلَّا كَنَفْسٍ واحِدَةٍ...
هٰذَا بَلٰغٌ لِّلنَّاسِ وَ لِیُنْذَرُوْا بِهٖ وَ لِیَعْلَمُوْۤا اَنَّمَا هُوَ اِلٰهٌ وَّاحِدٌ وَّ لِیَذَّكَّرَ اُولُوا الْاَلْبَابِ۠(۵۲)
یہ (ف۱۲۱) لوگوں کو حکم پہنچانا ہے اور اس لیے کہ وہ اس سے ڈرائے جائیں اور اس لیے کہ وہ جان لیں کہ وہ ایک ہی معبود ہے (ف۱۲۲) اور اس لیے کہ عقل والے نصیحت مانیں،
ثم ختم- سبحانه- السورة الكريمة بقوله- تعالى- هذا بَلاغٌ لِلنَّاسِ وَلِيُنْذَرُوا بِهِ وَلِيَعْلَمُوا أَنَّما هُوَ إِلهٌ واحِدٌ، وَلِيَذَّكَّرَ أُولُوا الْأَلْبابِ.واسم الإشارة «هذا» يعود إلى ما أنزله الله- تعالى- من قرآن في هذه السورة وفي غيرها. و «بلاغ» مصدر بمعنى التبليغ.والإنذار: التخويف من سوء عاقبة ارتكاب الشرور والآثام.والألباب: جمع لب وهو الخالص من كل شيء، والمراد بها العقول.أى: هذا القرآن الكريم الذي أنزلناه عليك يا محمد، فيه التبليغ الكافي لهداية الناس، وفيه ما يخوفهم من سوء عاقبة الكفر والفسوق والعصيان، وفيه ما يجعلهم يعلمون عن طريق توجيهاته وهداياته ودلائله، أن الله- تعالى- واحد لا شريك له، وفيه ما يجعل أصحاب العقول السليمة يتعظون ويعتبرون، فيترتب على ذلك سعادتهم في الدنيا والآخرة.وخص- سبحانه- بالتذكر أولى الألباب، لأنهم هم الذين ينتفعون بهداية القرآن الكريم، أما غيرهم فهم كالأنعام بل هم أضل.وقد رتب- سبحانه- في هذه الآية الكريمة، وسائل الدعوة إلى الحق ترتيبا عقليا حكيما، فبدأ بالصفة العامة وهي التبليغ، ثم ثنى بما يعقب ذلك من إنذار وتخويف، ثم ثلث بما ينشأ عنهما من العلم بوحدانية الله- تعالى-، ثم ختم بالثناء على أصحاب العقول السليمةالذين ينتفعون بما يسمعون وبما يبصرون.قال الإمام الرازي: «هذه الآية دالة على أنه لا فضيلة للإنسان، ولا منقبة له، إلا بسبب عقله، لأنه- تعالى- بين أنه إنما أنزل هذه الكتب، وإنما بعث الرسل، لتذكير أولى الألباب ... ».وبعد: فهذه سورة إبراهيم- عليه السلام- وهذا تفسير لها.أسأل الله- تعالى- أن يجعل القرآن ربيع قلوبنا، وأنس نفوسنا، وشفيعا لنا يوم نلقاه- تعالى-.
- English | Ahmed Ali
- Urdu | Ahmed Raza Khan
- Turkish | Ali-Bulaç
- German | Bubenheim Elyas
- Chinese | Chineese
- Spanish | Cortes
- Dutch | Dutch
- Portuguese | El-Hayek
- English | English
- Urdu | Fateh Muhammad Jalandhry
- French | French
- Hausa | Hausa
- Indonesian | Indonesian-Bahasa
- Italian | Italian
- Korean | Korean
- Malay | Malay
- Russian | Russian
- Tamil | Tamil
- Thai | Thai
- Farsi | مکارم شیرازی
- العربية | التفسير الميسر
- العربية | تفسير الجلالين
- العربية | تفسير السعدي
- العربية | تفسير ابن كثير
- العربية | تفسير الوسيط لطنطاوي
- العربية | تفسير البغوي
- العربية | تفسير القرطبي
- العربية | تفسير الطبري
- English | Arberry
- English | Yusuf Ali
- Dutch | Keyzer
- Dutch | Leemhuis
- Dutch | Siregar
- Urdu | Sirat ul Jinan