READ

Surah Ibrahim

اِبرٰهِيْم
52 Ayaat    مکیۃ


14:0
بِسْمِ اللّٰهِ الرَّحْمٰنِ الرَّحِیْمِ
اللہ کے نام سے شروع جو بہت مہربان رحمت والا

القول في الاستعاذةوفيها اثنتا عشرة مسألة :الأولى : أمر الله تعالى بالاستعاذة عند أول كل قراءة فقال تعالى : فإذا قرأت القرآن فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم [ النحل : 98 ] أي إذا أردت أن تقرأ ; فأوقع الماضي موقع المستقبل كما قال الشاعر :وإني لآتيكم لذكري الذي مضى من الود واستئناف ما كان في غدأراد ما يكون في غد ; وقيل : في الكلام تقديم وتأخير ، وأن كل فعلين تقاربا في المعنى جاز تقديم أيهما شئت ; كما قال تعالى : ثم دنا فتدلى [ النجم : 8 ] المعنى فتدلى ثم دنا ; ومثله : اقتربت الساعة وانشق القمر [ القمر : 1 ] وهو كثير .الثانية : هذا الأمر على الندب في قول الجمهور في كل قراءة في غير الصلاة . واختلفوا فيه في الصلاة . حكى النقاش عن عطاء : أن الاستعاذة واجبة ، وكان ابن سيرين والنخعي وقوم يتعوذون في الصلاة كل ركعة ، ويمتثلون أمر الله في الاستعاذة على العموم ، وأبو حنيفة والشافعي يتعوذان في الركعة الأولى من الصلاة ويريان قراءة الصلاة كلها كقراءة واحدة ; ومالك لا يرى التعوذ في الصلاة المفروضة ويراه في قيام رمضان .الثالثة : أجمع العلماء على أن التعوذ ليس من القرآن ولا آية منه ، وهو قول القارئ : أعوذ بالله من الشيطان الرجيم . وهذا اللفظ هو الذي عليه الجمهور من العلماء في التعوذ لأنه لفظ كتاب الله تعالى . وروي عن ابن مسعود أنه قال : قلت أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم ; فقال لي النبي صلى الله عليه وسلم : يا ابن أم عبد أعوذ بالله من الشيطان الرجيم هكذا أقرأني جبريل عن اللوح المحفوظ عن القلم .الرابعة : روى أبو داود وابن ماجه في سننهما عن جبير بن مطعم أنه رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي صلاة فقال عمرو : لا أدري أي صلاة هي ؟ فقال : " الله أكبر كبيرا الله أكبر كبيرا - ثلاثا - الحمد لله كثيرا الحمد لله كثيرا - ثلاثا - وسبحان الله بكرة وأصيلا - ثلاثا - أعوذ بالله من الشيطان من نفخه ونفثه وهمزه . قال عمرو : همزه المؤتة ، ونفثه الشعر ، ونفخه الكبر . وقال ابن ماجه : المؤتة يعني الجنون . والنفث : نفخ الرجل من فيه من غير أن يخرج ريقه . والكبر : التيه . وروى أبو داود عن أبي سعيد الخدري قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قام من الليل كبر ثم يقول : سبحانك اللهم وبحمدك تبارك اسمك وتعالى جدك ولا إله غيرك - ثم يقول : لا إله إلا الله - ثلاثا ثم يقول : - الله أكبر كبيرا - ثلاثا - أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم من همزه ونفخه ونفثه ثم يقرأ . وروى سليمان بن سالم عن ابن القاسم رحمه الله أن الاستعاذة : أعوذ بالله العظيم من الشيطان الرجيم إن الله هو السميع العليم بسم الله الرحمن الرحيم . قال ابن عطية : " وأما المقرئون فأكثروا في هذا من تبديل الصفة في اسم الله تعالى وفي الجهة الأخرى ، كقول بعضهم : أعوذ بالله المجيد ، من الشيطان المريد ; ونحو هذا مما لا أقول فيه : نعمت البدعة ، ولا أقول : إنه لا يجوز " .الخامسة : قال المهدوي : أجمع القراء على إظهار الاستعاذة في أول قراءة سورة " الحمد " إلا حمزة فإنه أسرها . وروى السدي عن أهل المدينة أنهم كانوا يفتتحون القراءة بالبسملة . وذكر أبو الليث السمرقندي عن بعض المفسرين أن التعوذ فرض ، فإذا نسيه القارئ وذكره في بعض الحزب قطع وتعوذ ، ثم ابتدأ من أوله . وبعضهم يقول : يستعيذ ثم يرجع إلى موضعه الذي وقف فيه ; وبالأول قال أسانيد الحجاز والعراق ; وبالثاني قال أسانيد الشام ومصر .السادسة : حكى الزهراوي قال : نزلت الآية في الصلاة وندبنا إلى الاستعاذة في غير الصلاة وليس بفرض . قال غيره : كانت فرضا على النبي صلى الله عليه وسلم وحده ، ثم تأسينا به .السابعة : روي عن أبي هريرة أن الاستعاذة بعد القراءة ; وقاله داود . قال أبو بكر بن العربي : انتهى العي بقوم إلى أن قالوا : إذا فرغ القارئ من قراءة القرآن يستعيذ بالله من الشيطان الرجيم . وقد روى أبو سعيد الخدري أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يتعوذ في صلاته قبل القراءة ، وهذا نص . فإن قيل : فما الفائدة في الاستعاذة من الشيطان الرجيم وقت القراءة ؟ قلنا : فائدتها امتثال الأمر ، وليس للشرعيات فائدة إلا القيام بحق الوفاء لها في امتثالها أمرا أو اجتنابها نهيا ; وقد قيل : فائدتها امتثال الأمر بالاستعاذة من وسوسة الشيطان عند القراءة ; كما قال تعالى وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبي إلا إذا تمنى ألقى الشيطان في أمنيته [ الحج : 52 ] . قال ابن العربي : ومن أغرب ما وجدناه قول مالك في المجموعة في تفسير هذه الآية : فإذا قرأت القرآن فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم [ النحل : 98 ] قال : ذلك بعد قراءة أم القرآن لمن قرأ في الصلاة ، وهذا قول لم يرد به أثر ، ولا يعضده نظر ; فإن كان هذا كما قال بعض الناس : إن الاستعاذة بعد القراءة ، كان تخصيص ذلك بقراءة أم القرآن في الصلاة دعوى عريضة ، ولا تشبه أصل مالك ولا فهمه ; فالله أعلم بسر هذه الرواية .الثامنة : في فضل التعوذ . روى مسلم عن سليمان بن صرد قال : استب رجلان عند النبي صلى الله عليه وسلم فجعل أحدهما يغضب ويحمر وجهه فنظر إليه النبي صلى الله عليه وسلم فقال : إني لأعلم كلمة لو قالها لذهب ذا عنه ، أعوذ بالله من الشيطان الرجيم . فقام إلى الرجل رجل ممن سمع النبي صلى الله عليه وسلم فقال : هل تدري ما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم آنفا ؟ قال : إني لأعلم كلمة لو قالها لذهب ذا عنه أعوذ بالله من الشيطان الرجيم فقال له الرجل : أمجنونا تراني ! أخرجه البخاري أيضا . وروى مسلم أيضا عن عثمان بن أبي العاص الثقفي أنه أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله ، إن الشيطان قد حال بيني وبين صلاتي وقراءتي يلبسها علي ، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : ذاك شيطان يقال له خنزب فإذا أحسسته فتعوذ بالله منه واتفل عن يسارك ثلاثا قال : ففعلت فأذهبه الله عني . وروى أبو داود عن ابن عمر قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سافر فأقبل عليه الليل قال : يا أرض ربي وربك الله أعوذ بالله من شرك [ وشر ما فيك ] [ و ] شر ما خلق فيك ومن شر ما يدب عليك [ وأعوذ بالله ] من أسد وأسود ومن الحية والعقرب ومن [ ساكن ] البلد ووالد وما ولد وروت خولة بنت حكيم قالت : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : من نزل منزلا ثم قال أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق لم يضره شيء حتى يرتحل . أخرجه الموطأ ومسلم والترمذي وقال : حديث حسن غريب صحيح . وما يتعوذ منه كثير ثابت في الأخبار ، والله المستعان .التاسعة : معنى الاستعاذة في كلام العرب : الاستجارة والتحيز إلى الشيء ، على معنى الامتناع به من المكروه ; يقال : عذت بفلان واستعذت به ; أي لجأت إليه . وهو عياذي ; أي ملجئي . وأعذت غيري به وعوذته بمعنى . ويقال : عوذ بالله منك ; أي أعوذ بالله منك ; قال الراجزقالت وفيها حيدة وذعر عوذ بربي منكم وحجروالعرب تقول عند الأمر تنكره : حجرا له ، بالضم ، أي دفعا ، وهو استعاذة من الأمر . والعوذة والمعاذة والتعويذ كله بمعنى . وأصل أعوذ : أعوذ نقلت الضمة إلى العين لاستثقالها على الواو فسكنت .العاشرة : الشيطان واحد الشياطين ; على التكسير والنون أصلية ; لأنه من شطن إذا بعد عن الخير . وشطنت داره أي بعدت ; قال الشاعر [ النابغة الذبياني ] :نأت بسعاد عنك نوى شطون فبانت والفؤاد بها رهينوبئر شطون أي بعيدة القعر . والشطن : الحبل ; سمي به لبعد طرفيه وامتداده . ووصف أعرابي فرسا لا يحفى فقال : كأنه شيطان في أشطان . وسمي الشيطان شيطانا لبعده عن الحق وتمرده ; وذلك أن كل عات متمرد من الجن والإنس والدواب شيطان ; قال جرير :أيام يدعونني الشيطان من غزل وهن يهوينني إذ كنت شيطاناوقيل : إن شيطانا مأخوذ من شاط يشيط إذا هلك ، فالنون زائدة . وشاط إذا احترق وشيطت اللحم إذا دخنته ولم تنضجه . واشتاط الرجل إذا احتد غضبا . وناقة مشياط التي يطير فيها السمن . واشتاط إذا هلك ; قال الأعشى :قد نخضب العير من مكنون فائله وقد يشيط على أرماحنا البطلأي يهلك . ويرد على هذه الفرقة أن سيبويه حكى أن العرب تقول : تشيطن فلان إذا فعل أفعال الشياطين ، فهذا بين أنه تفيعل من شطن ، ولو كان من شاط لقالوا : تشيط ، ويرد عليهم أيضا بيت أمية بن أبي الصلت :أيما شاطن عصاه عكاه ورماه في السجن والأغلالفهذا شاطن من شطن لا شك فيه .الحادية عشرة : الرجيم أي المبعد من الخير المهان . وأصل الرجم : الرمي بالحجارة ، وقد رجمته أرجمه ، فهو رجيم ومرجوم . والرجم : القتل واللعن والطرد والشتم ، وقد قيل هذا كله في قوله تعالى : لئن لم تنته يانوح لتكونن من المرجومين [ الشعراء : 116 ] . وقول أبي إبراهيم : لئن لم تنته لأرجمنك [ مريم : 46 ] . وسيأتي إن شاء الله تعالى .الثانية عشرة : روى الأعمش عن أبي وائل عن عبد الله قال : قال علي بن أبي طالب عليه السلام : رأيت النبي صلى الله عليه وسلم عند الصفا وهو مقبل على شخص في صورة الفيل وهو يلعنه ، قلت : ومن هذا الذي تلعنه يا رسول الله ؟ قال هذا الشيطان الرجيم فقلت : يا عدو الله ، والله لأقتلنك والله لأقتلنك ولأريحن الأمة منك ; قال : ما هذا جزائي منك ; قلت : وما جزاؤك مني يا عدو الله ؟ قال : والله ما أبغضك أحد قط إلا شركت أباه في رحم أمه .وفيها سبع وعشرون مسألة :الأولى : قال العلماء : ( بسم الله الرحمن الرحيم ) قسم من ربنا أنزله عند رأس كل سورة ، يقسم لعباده إن هذا الذي وضعت لكم يا عبادي في هذه السورة حق ، وإني أفي لكم بجميع ما ضمنت في هذه السورة من وعدي ولطفي وبري . و ( بسم الله الرحمن الرحيم ) مما أنزله الله تعالى في كتابنا وعلى هذه الأمة خصوصا بعد سليمان عليه السلام . وقال بعض العلماء : إن بسم الله الرحمن الرحيم تضمنت جميع الشرع ، لأنها تدل على الذات وعلى الصفات ; وهذا صحيح .الثانية : قال سعيد بن أبي سكينة : بلغني أن علي بن أبي طالب رضي الله عنه نظر إلى رجل يكتب : ( بسم الله الرحمن الرحيم ) فقال له : جودها فإن رجلا جودها فغفر له . قال سعيد : وبلغني أن رجلا نظر إلى قرطاس فيه ( بسم الله الرحمن الرحيم ) فقبله ووضعه على عينيه فغفر له . ومن هذا المعنى قصة بشر الحافي ، فإنه لما رفع الرقعة التي فيها اسم الله وطيبها طيب اسمه ، ذكره القشيري . وروى النسائي عن أبي المليح عن ردف رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إذا عثرت بك الدابة فلا تقل تعس الشيطان فإنه يتعاظم حتى يصير مثل البيت ويقول بقوته صرعته ولكن قل بسم الله الرحمن الرحيم فإنه يتصاغر حتى يصير مثل الذباب . وقال علي بن الحسين في تفسير قوله تعالى : وإذا ذكرت ربك في القرآن وحده ولوا على أدبارهم نفورا [ الإسراء : 46 ] قال معناه : إذا قلت : بسم الله الرحمن الرحيم . وروى وكيع عن الأعمش عن أبي وائل عن عبد الله بن مسعود قال : من أراد أن ينجيه الله من الزبانية التسعة عشر فليقرأ : بسم الله الرحمن الرحيم ليجعل الله تعالى له بكل حرف منها جنة من كل واحد . فالبسملة تسعة عشر حرفا على عدد ملائكة أهل النار الذين قال الله فيهم : عليها تسعة عشر [ المدثر : 30 ] وهم يقولون في كل أفعالهم : ( بسم الله الرحمن الرحيم ) فمن هنالك هي قوتهم ، وببسم الله استضلعوا . قال ابن عطية : ونظير هذا قولهم في ليلة القدر : إنها ليلة سبع وعشرين ، مراعاة للفظة ( هي ) من كلمات سورة : إنا أنزلناه [ القدر : 1 ] . ونظيره أيضا قولهم في عدد الملائكة الذين ابتدروا قول القائل : ربنا ولك الحمد حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه ، فإنها بضعة وثلاثون حرفا ; فلذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم : لقد رأيت بضعا وثلاثين ملكا يبتدرونها أيهم يكتبها أول . قال ابن عطية : وهذا من ملح التفسير وليس من متين العلم .الثالثة : روى الشعبي والأعمش أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يكتب ( باسمك اللهم ) حتى أمر أن يكتب ( بسم الله ) فكتبها ; فلما نزلت : قل ادعوا الله أو ادعوا الرحمن [ الإسراء : 110 ] كتب ( بسم الله الرحمن ) فلما نزلت : إنه من سليمان وإنه بسم الله الرحمن الرحيم [ النمل : 30 ] كتبها . وفي مصنف أبي داود قال الشعبي وأبو مالك وقتادة وثابت بن عمارة : إن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكتب بسم الله حتى نزلت سورة " النمل " .الرابعة : روي عن جعفر الصادق رضي الله عنه أنه قال : البسملة تيجان السور .قلت : وهذا يدل على أنها ليست بآية من الفاتحة ولا غيرها . وقد اختلف العلماء في هذا المعنى على ثلاثة أقوال :( الأول ) ليست بآية من الفاتحة ولا غيرها ; وهو قول مالك . ( الثاني ) أنها آية من كل سورة ; وهو قول عبد الله بن المبارك . ( الثالث ) قال الشافعي : هي آية في الفاتحة ; وتردد قوله في سائر السور ; فمرة قال : هي آية من كل سورة ، ومرة قال : ليست بآية إلا في الفاتحة وحدها . ولا خلاف بينهم في أنها آية من القرآن في سورة النمل .واحتج الشافعي بما رواه الدارقطني من حديث أبي بكر الحنفي عن عبد الحميد بن جعفر عن نوح بن أبي بلال عن سعيد بن أبي سعيد المقبري عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : إذا قرأتم " الحمد لله رب العالمين " فاقرءوا " بسم الله الرحمن الرحيم " إنها أم القرآن وأم الكتاب والسبع المثاني و " بسم الله الرحمن الرحيم " ، إحداها . رفع هذا الحديث عبد الحميد بن جعفر وعبد الحميد هذا وثقه أحمد بن حنبل ويحيى بن سعيد ويحيى بن معين ; وأبو حاتم يقول فيه : محله الصدق ; وكان سفيان الثوري يضعفه ويحمل عليه . ونوح بن أبي بلال ثقة مشهور .وحجة ابن المبارك وأحد قولي الشافعي ما رواه مسلم عن أنس قال : بينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم بين أظهرنا إذ أغفى إغفاءة ثم رفع رأسه متبسما ; فقلنا : ما أضحكك يا رسول الله ؟ قال : أنزلت علي آنفا سورة فقرأ : بسم الله الرحمن الرحيم إنا أعطيناك الكوثر فصل لربك وانحر إن شانئك هو الأبتر وذكر الحديث ، وسيأتي بكماله في سورة الكوثر إن شاء الله تعالى .الخامسة : الصحيح من هذه الأقوال قول مالك ; لأن القرآن لا يثبت بأخبار الآحاد وإنما طريقه التواتر القطعي الذي لا يختلف فيه . قال ابن العربي : ويكفيك أنها ليست من القرآن اختلاف الناس فيها ، والقرآن لا يختلف فيه . والأخبار الصحاح التي لا مطعن فيها دالة على أن البسملة ليست بآية من الفاتحة ولا غيرها إلا في النمل وحدها . روى مسلم عن أبي هريرة قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : قال [ تعالى ] : " قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين ولعبدي ما سأل فإذا قال العبد : ( الحمد لله رب العالمين ) قال الله تعالى حمدني عبدي وإذا قال : ( الرحمن الرحيم ) قال الله تعالى : أثنى علي عبدي وإذا قال : ( مالك يوم الدين ) قال مجدني عبدي - وقال مرة : فوض إلى عبدي - فإذا قال : ( إياك نعبد وإياك نستعين ) قال : هذا بيني وبين عبدي ، ولعبدي ما سأل ، فإذا قال : ( اهدنا الصراط المستقيم صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين ) قال : هذا لعبدي ولعبدي ما سأل . فقوله سبحانه : " قسمت الصلاة " يريد الفاتحة ، وسماها صلاة لأن الصلاة لا تصح إلا بها ; فجعل الثلاث الآيات الأول لنفسه ، واختص بها تبارك اسمه ، ولم يختلف المسلمون فيها . ثم الآية الرابعة جعلها بينه وبين عبده ; لأنها تضمنت تذلل العبد وطلب الاستعانة منه ، وذلك يتضمن تعظيم الله تعالى ، ثم ثلاث آيات تتمة سبع آيات . ومما يدل على أنها ثلاث قوله : " هؤلاء لعبدي " أخرجه مالك ; ولم يقل : هاتان ; فهذا يدل على أن ( أنعمت عليهم ) آية . قال ابن بكير قال مالك : " أنعمت عليهم " آية ، ثم الآية السابعة إلى آخرها . فثبت بهذه القسمة التي قسمها الله تعالى وبقوله عليه السلام لأبي : كيف تقرأ إذا افتتحت الصلاة قال : فقرأت : الحمد لله رب العالمين حتى أتيت على آخرها - أن البسملة ليست بآية منها ، وكذا عد أهل المدينة وأهل الشام وأهل البصرة ; وأكثر القراء عدوا : ( أنعمت عليهم ) آية ، وكذا روى قتادة عن أبي نضرة عن أبي هريرة قال : الآية السادسة : ( أنعمت عليهم ) . وأما أهل الكوفة من القراء والفقهاء فإنهم عدوا فيها ( بسم الله الرحمن الرحيم ) ولم يعدوا ( أنعمت عليهم ) .فإن قيل : فإنها ثبتت في المصحف وهي مكتوبة بخطه ونقلت نقله ، كما نقلت في النمل ، وذلك متواتر عنهم . قلنا : ما ذكرتموه صحيح ; ولكن لكونها قرآنا ، أو لكونها فاصلة بين السور - كما روي عن الصحابة : كنا لا نعرف انقضاء السورة حتى تنزل " بسم الله الرحمن الرحيم " أخرجه أبو داود - أو تبركا بها ، كما قد اتفقت الأمة على كتبها في أوائل الكتب والرسائل ؟ كل ذلك محتمل . وقد قال الجريري : سئل الحسن عن ( بسم الله الرحمن الرحيم ) قال : في صدور الرسائل . وقال الحسن أيضا : لم تنزل ( بسم الله الرحمن الرحيم ) في شيء من القرآن إلا في " طس " إنه من سليمان وإنه بسم الله الرحمن الرحيم . والفيصل أن القرآن لا يثبت بالنظر والاستدلال ، وإنما يثبت بالنقل المتواتر القطعي الاضطراري . ثم قد اضطرب قول الشافعي فيها في أول كل سورة فدل على أنها ليست بآية من كل سورة ; والحمد لله .فإن قيل : فقد روى جماعة قرآنيتها ، وقد تولى الدارقطني جمع ذلك في جزء صححه . قلنا : لسنا ننكر الرواية بذلك وقد أشرنا إليها ، ولنا أخبار ثابتة في مقابلتها ، رواها الأئمة الثقات والفقهاء الأثبات . روت عائشة في صحيح مسلم قالت : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يستفتح الصلاة بالتكبير ، والقراءة ب " الحمد لله رب العالمين " ، الحديث . وسيأتي بكماله . وروى مسلم أيضا عن أنس بن مالك قال : صليت خلف النبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر وعثمان ، فكانوا يستفتحون بالحمد لله رب العالمين ; لا يذكرون " بسم الله الرحمن الرحيم " في أول قراءة ولا في آخرها .ثم إن مذهبنا يترجح في ذلك بوجه عظيم ، وهو المعقول ; وذلك أن مسجد النبي صلى الله عليه وسلم بالمدينة انقضت عليه العصور ، ومرت عليه الأزمنة والدهور ، من لدن رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى زمان مالك ، ولم يقرأ أحد فيه قط " بسم الله الرحمن الرحيم " ؛ اتباعا للسنة ، وهذا يرد أحاديثكم .بيد أن أصحابنا استحبوا قراءتها في النفل ; وعليه تحمل الآثار الواردة في قراءتها أو على السعة في ذلك . قال مالك : ولا بأس أن يقرأ بها في النافلة ومن يعرض القرآن عرضا .وجملة مذهب مالك وأصحابه : أنها ليست عندهم آية من فاتحة الكتاب ولا غيرها ، ولا يقرأ بها المصلي في المكتوبة ولا في غيرها سرا ولا جهرا ; ويجوز أن يقرأها في النوافل . هذا هو المشهور من مذهبه عند أصحابه . وعنه رواية أخرى أنها تقرأ أول السورة في النوافل ، ولا تقرأ أول أم القرآن . وروى عنه ابن نافع ابتداء القراءة بها في الصلاة الفرض والنفل ولا تترك بحال . ومن أهل المدينة من يقول : إنه لابد فيها من ( بسم الله الرحمن الرحيم ) منهم ابن عمر ، وابن شهاب ; وبه قال الشافعي وأحمد وإسحاق وأبو ثور وأبو عبيد . وهذا يدل على أن المسألة مسألة اجتهادية لا قطعية ، كما ظنه بعض الجهال من المتفقهة الذي يلزم على قوله تكفير المسلمين ; وليس كما ظن لوجود الاختلاف المذكور ; والحمد لله .وقد ذهب جمع من العلماء إلى الإسرار بها مع الفاتحة ; منهم : أبو حنيفة والثوري ; وروى ذلك عن عمر وعلي وابن مسعود وعمار وابن الزبير ; وهو قول الحكم وحماد ; وبه قال أحمد بن حنبل وأبو عبيد ; وروي عن الأوزاعي مثل ذلك ; حكاه أبو عمر بن عبد البر في ( الاستذكار ) . واحتجوا من الأثر في ذلك بما رواه منصور بن زاذان عن أنس بن مالك قال : صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يسمعنا قراءة ( بسم الله الرحمن الرحيم ) . وما رواه عمار بن زريق عن الأعمش عن شعبة عن ثابت عن أنس قال : صليت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر وعثمان فلم أسمع أحدا منهم يقرأ بسم الله الرحمن الرحيم .قلت : هذا قول حسن ، وعليه تتفق الآثار عن أنس ولا تتضاد ويخرج به من الخلاف في قراءة البسملة . وقد روي عن سعيد بن جبير قال : كان المشركون يحضرون بالمسجد ; فإذا قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( بسم الله الرحمن الرحيم ) قالوا : هذا محمد يذكر رحمان اليمامة - يعنون مسيلمة - فأمر أن يخافت ب " بسم الله الرحمن الرحيم " ، ونزل : ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها . قال الترمذي الحكيم أبو عبد الله : فبقي ذلك إلى يومنا هذا على ذلك الرسم وإن زالت العلة ، كما بقي الرمل في الطواف وإن زالت العلة ، وبقيت المخافتة في صلاة النهار وإن زالت العلة .السادسة : اتفقت الأمة على جواز كتبها في أول كل كتاب من كتب العلم والرسائل ; فإن كان الكتاب ديوان شعر فروى مجالد عن الشعبي قال : أجمعوا ألا يكتبوا أمام الشعر : بسم الله الرحمن الرحيم . وقال الزهري : مضت السنة ألا يكتبوا في الشعر : ( بسم الله الرحمن الرحيم ) . وذهب إلى رسم التسمية في أول كتب الشعر سعيد بن جبير ، وتابعه على ذلك أكثر المتأخرين . قال أبو بكر الخطيب : وهو الذي نختاره ونستحبه .السابعة : قال الماوردي ويقال لمن قال بسم الله : مبسمل ، وهي لغة مولدة ، وقد جاءت في الشعر ; قال عمر بن أبي ربيعة :لقد بسملت ليلى غداة لقيتها فيا حبذا ذاك الحبيب المبسملقلت : المشهور عن أهل اللغة بسمل . قال يعقوب بن السكيت والمطرز والثعالبي وغيرهم من أهل اللغة : بسمل الرجل ، إذا قال : بسم الله . يقال : قد أكثرت من البسملة ; أي من قول بسم الله ، ومثله : حوقل الرجل ، إذا قال : لا حول ولا قوة إلا بالله ، وهلل ، إذا قال : لا إله إلا الله ، وسبحل ، إذا قال : سبحان الله ، وحمدل ، إذا قال : الحمد لله ، وحيصل ، إذا قال : حي على الصلاة ، وجعفل ، إذا قال : جعلت فداك . وطبقل ، إذا قال : أطال الله بقاءك . ودمعز ، إذا قال أدام الله عزك . وحيفل ، إذا قال : حي على الفلاح . ولم يذكر المطرز : الحيصلة ، إذا قال : حي على الصلاة . وجعفل ، إذا قال : جعلت فداك . وطبقل ، إذا قال أطال الله بقاءك . ودمعز إذا قال : أدام الله عزك .الثامنة : ندب الشرع إلى ذكر البسملة في أول كل فعل ; كالأكل والشرب والنحر ; والجماع والطهارة وركوب البحر ، إلى غير ذلك من الأفعال ; قال الله تعالى : فكلوا مما ذكر اسم الله عليه . وقال اركبوا فيها بسم الله مجريها ومرساها . وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أغلق بابك واذكر اسم الله وأطفئ مصباحك واذكر اسم الله وخمر إناءك واذكر اسم الله وأوك سقاءك واذكر اسم الله . وقال لو أن أحدكم إذا أراد أن يأتي أهله قال : بسم الله اللهم جنبنا الشيطان وجنب الشيطان ما رزقتنا فإنه إن يقدر بينهما ولد في ذلك لم يضره شيطان أبدا . وقال لعمر بن أبي سلمة يا غلام سم الله وكل بيمينك وكل مما يليك وقال : إن الشيطان يستحل الطعام أن لا يذكر اسم الله عليه وقال : من لم يذبح فليذبح باسم الله . وشكا إليه عثمان بن أبي العاص وجعا يجده في جسده منذ أسلم ، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم ضع يدك على الذي تألم من جسدك وقل بسم الله ثلاثا وقل سبع مرات أعوذ بعزة [ بالله ] وقدرته من شر ما أجد وأحاذر . هذا كله ثابت في الصحيح . وروى ابن ماجه والترمذي عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ستر ما بين الجن وعورات بني آدم إذا دخل الكنيف أن يقول : بسم الله . وروى الدارقطني عن عائشة قالت : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا مس طهوره سمى الله تعالى ، ثم يفرغ الماء على يديه .التاسعة : قال علماؤنا : وفيها رد على القدرية وغيرهم ممن يقول : إن أفعالهم مقدورة لهم ، وموضع الاحتجاج عليهم من ذلك أن الله سبحانه أمرنا عند الابتداء بكل فعل أن نفتتح بذلك ، كما ذكرنا .فمعنى بسم الله ، أي بالله . ومعنى ( بالله ) أي بخلقه وتقديره يوصل إلى ما يوصل إليه . وسيأتي لهذا مزيد بيان إن شاء الله تعالى . وقال بعضهم : معنى قوله ( بسم الله ) يعني بدأت بعون الله وتوفيقه وبركته ; وهذا تعليم من الله تعالى عباده ، ليذكروا اسمه عند افتتاح القراءة وغيرها ، حتى يكون الافتتاح ببركة الله جل وعز .العاشرة : ذهب أبو عبيدة معمر بن المثنى إلى أن ( اسم ) صلة زائدة ، واستشهد بقول لبيد :إلى الحول ثم اسم السلام عليكما ومن يبك حولا كاملا فقد اعتذرفذكر ( اسم ) زيادة ، وإنما أراد : ثم السلام عليكما .وقد استدل علماؤنا بقول لبيد هذا على أن الاسم هو المسمى . وسيأتي الكلام فيه في هذا الباب وغيره ، إن شاء الله تعالى .الحادية عشرة : اختلف في معنى زيادة : " اسم " ; فقال قطرب : زيدت لإجلال ذكره تعالى وتعظيمه . وقال الأخفش : زيدت ليخرج بذكرها من حكم القسم إلى قصد التبرك ; لأن أصل الكلام : بالله .الثانية عشرة : اختلفوا أيضا في معنى دخول الباء عليه ، هل دخلت على معنى الأمر ؟ والتقدير : ابدأ بسم الله . أو على معنى الخبر ؟ والتقدير : ابتدأت بسم الله ; قولان : الأول للفراء ، والثاني للزجاج . ف ( باسم ) في موضع نصب على التأويلين . وقيل : المعنى ابتدائي بسم الله ; ف ( بسم الله ) في موضع رفع خبر الابتداء . وقيل : الخبر محذوف ; أي ابتدائي مستقر أو ثابت بسم الله ; فإذا أظهرته كان " بسم الله " في موضع نصب بثابت أو مستقر ، وكان بمنزلة قولك : زيد في الدار . وفي التنزيل : فلما رآه مستقرا عنده قال هذا من فضل ربي ف ( عنده ) في موضع نصب ; روي هذا عن نحاة أهل البصرة . وقيل : التقدير ابتدائي ببسم الله موجود أو ثابت ، ف ( باسم ) في موضع نصب بالمصدر الذي هو ابتدائي .الثالثة عشرة : بسم الله ، تكتب بغير ألف استغناء عنها بباء الإلصاق في اللفظ والخط لكثرة الاستعمال ، بخلاف قوله : اقرأ باسم ربك فإنها لم تحذف ؛ لقلة الاستعمال . واختلفوا في حذفها مع الرحمن والقاهر ; فقال الكسائي وسعيد الأخفش : تحذف الألف . وقال يحيى بن وثاب : لا تحذف إلا مع بسم الله فقط ، لأن الاستعمال إنما كثر فيه .الرابعة عشر : واختلف في تخصيص باء الجر بالكسر على ثلاثة معان ; فقيل : ليناسب لفظها عملها . وقيل : لما كانت الباء لا تدخل إلا على الأسماء خصت بالخفض الذي لا يكون إلا في الأسماء . الثالث : ليفرق بينهما وبين ما قد يكون من الحروف اسما ; نحو الكاف في قول الشاعر :ورحنا بكابن الماء يجنب وسطناأي بمثل ابن الماء أو ما كان مثله .الخامسة عشرة : اسم ، وزنه افع ، والذاهب منه الواو ; لأنه من سموت ، وجمعه أسماء ، وتصغيره سمي . واختلف في تقدير أصله ، فقيل : فعل ، وقيل : فعل . قال الجوهري : وأسماء يكون جمعا لهذا الوزن ، وهو مثل جذع وأجذاع ، وقفل وأقفال ; وهذا لا تدرك صيغته إلا بالسماع . وفيه أربع لغات : إسم بالكسر ، وأسم بالضم . قال أحمد بن يحيى : من ضم الألف أخذه من سموت أسمو ، ومن كسر أخذه من سميت أسمي . ويقال : سم وسم ، وينشد :والله أسماك سما مباركا آثرك الله به إيثاركاوقال آخر :وعامنا أعجبنا مقدمه يدعى أبا السمح وقرضاب سمهمبتركا كل عظم يلحمهقرضب الرجل : إذا أكل شيئا يابسا ، فهو قرضاب . ( سمه ) بالضم والكسر جميعا .ومنه قول الآخر :باسم الذي في كل سورة سمهوسكنت السين من ( باسم ) اعتلالا على غير قياس ، وألفه ألف وصل ، وربما جعلها الشاعر ألف قطع للضرورة ; كقول الأحوص :وما أنا بالمخسوس في جذم مالك ولا من تسمى ثم يلتزم الإسماالسادسة عشرة : تقول العرب في النسب إلى الاسم : سموي ، وإن شئت " اسمي " ، تركته على حاله ، وجمعه أسماء ، وجمع الأسماء أسام . وحكى الفراء : أعيذك بأسماوات الله .السابعة عشرة : اختلفوا في اشتقاق الاسم على وجهين : فقال البصريون : هو مشتق من السمو وهو العلو والرفعة ، فقيل : اسم لأن صاحبه بمنزلة المرتفع به . وقيل : لأن الاسم يسموا بالمسمى فيرفعه عن غيره . وقيل : إنما سمي الاسم اسما لأنه علا بقوته على قسمي الكلام : الحرف والفعل ; والاسم أقوى منهما بالإجماع لأنه الأصل ; فلعلوه عليهما سمي اسما ; فهذه ثلاثة أقوال .وقال الكوفيون : إنه مشتق من السمة وهي العلامة ; لأن الاسم علامة لمن وضع له ; فأصل اسم على هذا ( وسم ) . والأول أصح ; لأنه يقال في التصغير سمي وفي الجمع أسماء ; والجمع والتصغير يردان الأشياء إلى أصولها ; فلا يقال : وسيم ولا أوسام . ويدل على صحته أيضا فائدة الخلاف وهي :الثامنة عشرة : فإن من قال الاسم مشتق من العلو يقول : لم يزل الله سبحانه موصوفا قبل وجود الخلق وبعد وجودهم وعند فنائهم ، ولا تأثير لهم في أسمائه ولا صفاته ; وهذا قول أهل السنة . ومن قال الاسم مشتق من السمة يقول : كان الله في الأزل بلا اسم ولا صفة ، فلما خلق الخلق جعلوا له أسماء وصفات ، فإذا أفناهم بقي بلا اسم ولا صفة ; وهذا قول المعتزلة وهو خلاف ما أجمعت عليه الأمة ، وهو أعظم في الخطأ من قولهم : إن كلامه مخلوق ، تعالى الله عن ذلك ! وعلى هذا الخلاف وقع الكلام في الاسم والمسمى وهي :التاسعة عشرة : فذهب أهل الحق - فيما نقل القاضي أبو بكر بن الطيب - إلى أن الاسم هو المسمى ، وارتضاه ابن فورك ; وهو قول أبي عبيدة وسيبويه . فإذا قال قائل : الله عالم ; فقوله دال على الذات الموصوفة بكونه عالما ، فالاسم لكونه عالما وهو المسمى بعينه . وكذلك إذا قال : الله خالق ; فالخالق هو الرب ، وهو بعينه الاسم . فالاسم عندهم هو المسمى بعينه من غير تفصيل .قال ابن الحصار : من ينفي الصفات من المبتدعة يزعم أن لا مدلول للتسميات إلا الذات ، ولذلك يقولون : الاسم غير المسمى ، ومن يثبت الصفات يثبت للتسميات مدلولات هي أوصاف الذات وهي غير العبارات وهي الأسماء عندهم . وسيأتي لهذه مزيد بيان في ( البقرة ) و ( الأعراف ) إن شاء الله تعالى .الموفية عشرين - قوله : ( الله ) هذا الاسم أكبر أسمائه سبحانه وأجمعها ، حتى قال بعض العلماء : إنه اسم الله الأعظم ولم يتسم به غيره ; ولذلك لم يثن ولم يجمع ، وهو أحد تأويلي قوله تعالى : هل تعلم له سميا أي من تسمى باسمه الذي هو ( الله ) . فالله اسم للموجود الحق الجامع لصفات الإلهية ، المنعوت بنعوت الربوبية ، المنفرد بالوجود الحقيقي ، لا إله إلا هو سبحانه . وقيل : معناه الذي يستحق أن يعبد . وقيل : معناه واجب الوجود الذي لم يزل ولا يزال ; والمعنى واحد .الحادية والعشرون : واختلفوا في هذا الاسم هل هو مشتق أو موضوع للذات علم ؟ فذهب إلى الأول كثير من أهل العلم . واختلفوا في اشتقاقه وأصله ; فروى سيبويه عن الخليل أن أصله إلاه ، مثل فعال ; فأدخلت الألف واللام بدلا من الهمزة . قال سيبويه : مثل الناس أصله أناس . وقيل : أصل الكلمة ( لاه ) وعليه دخلت الألف واللام للتعظيم ، وهذا اختيار سيبويه . وأنشد :لاه ابن عمك لا أفضلت في حسب عني ولا أنت دياني فتخزونيكذا الرواية : فتخزوني ، بالخاء المعجمة ومعناه : تسوسني .وقال الكسائي والفراء : معنى " بسم الله " بسم الإله ; فحذفوا الهمزة وأدغموا اللام الأولى في الثانية فصارتا لاما مشددة ; كما قال عز وجل : لكنا هو الله ربي ومعناه : لكن أنا ، كذلك قرأها الحسن . ثم قيل : هو مشتق من ( وله ) إذا تحير ; والوله : ذهاب العقل . يقال : رجل واله وامرأة والهة وواله ، وماء موله : أرسل في الصحاري . فالله سبحانه تتحير الألباب وتذهب في حقائق صفاته والفكر في معرفته . فعلى هذا أصل : ( إلاه ) ، ( ولاه ) وأن الهمزة مبدلة من واو كما أبدلت في إشاح ووشاح ، وإسادة ووسادة ، وروي عن الخليل . وروي عن الضحاك أنه قال : إنما سمي : ( الله ) إلها ، لأن الخلق يتألهون إليه في حوائجهم ، ويتضرعون إليه عند شدائدهم ، وذكر عن الخليل بن أحمد أنه قال : لأن الخلق يألهون إليه ( بنصب اللام ) ويألهون أيضا ( بكسرها ) وهما لغتان . وقيل : إنه مشتق من الارتفاع ، فكانت العرب تقول لكل شيء مرتفع لاها ، فكانوا يقولون إذا طلعت الشمس : لاهت . وقيل : هو مشتق من أله الرجل إذا تعبد . وتأله إذا تنسك ، ومن ذلك قوله تعالى : ( ويذرك وإلاهتك ) على هذه القراءة ; فإن ابن عباس وغيره قالوا : وعبادتك .قالوا : فاسم الله مشتق من هذا ، فالله سبحانه معناه المقصود بالعبادة ، ومنه قول الموحدين : لا إله إلا الله ، معناه لا معبود غير الله . و ( إلا ) في الكلمة بمعنى غير ، لا بمعنى الاستثناء . وزعم بعضهم أن الأصل فيه ( الهاء ) التي هي الكناية عن الغائب ، وذلك أنهم أثبتوه موجودا في فطر عقولهم فأشاروا إليه بحرف الكناية ثم زيدت فيه لام الملك إذ قد علموا أنه خالق الأشياء ومالكها فصار ( له ) ثم زيدت فيه الألف واللام تعظيما وتفخيما .القول الثاني : ذهب إليه جماعة من العلماء أيضا منهم الشافعي وأبو المعالي والخطابي والغزالي والمفضل وغيرهم ، وروي عن الخليل وسيبويه : أن الألف واللام لازمة له لا يجوز حذفهما منه . قال الخطابي : والدليل على أن الألف واللام من بنية هذا الاسم ، ولم يدخلا للتعريف : دخول حرف النداء عليه ; كقولك : يا الله ، وحروف النداء لا تجتمع مع الألف واللام للتعريف ; ألا ترى أنك لا تقول : يا الرحمن ولا : يا الرحيم ، كما تقول : يا الله ، فدل على أنهما من بنية الاسم . والله أعلم .الثانية والعشرون : واختلفوا أيضا في اشتقاق اسمه الرحمن ; فقال بعضهم : لا اشتقاق له لأنه من الأسماء المختصة به سبحانه ، ولأنه لو كان مشتقا من الرحمة لاتصل بذكر المرحوم ، فجاز أن يقال : الله رحمن بعباده ، كما يقال : رحيم بعباده . وأيضا لو كان مشتقا من الرحمة لم تنكره العرب حين سمعوه ، إذ كانوا لا ينكرون رحمة ربهم ، وقد قال الله عز وجل : وإذا قيل لهم اسجدوا للرحمن قالوا وما الرحمن الآية . ولما كتب علي رضي الله عنه في صلح الحديبية بأمر النبي صلى الله عليه وسلم : بسم الله الرحمن الرحيم قال سهيل بن عمرو : أما ( بسم الله الرحمن الرحيم ) فما ندري ما ( بسم الله الرحمن الرحيم ) ! ولكن اكتب ما نعرف : باسمك اللهم ، الحديث . قال ابن العربي‏ : إنما جهلوا الصفة دون الموصوف ، واستدل على ذلك بقولهم : وما الرحمن ؟ ولم يقولوا : ومن الرحمن ؟ قال ابن الحصار : وكأنه رحمه الله لم يقرأ الآية الأخرى : " وهم يكفرون بالرحمن " . وذهب الجمهور من الناس إلى أن ( الرحمن ) مشتق من الرحمة مبني على المبالغة ; ومعناه ذو الرحمة الذي لا نظير له فيها ؛ فلذلك لا يثنى ولا يجمع كما يثنى ( الرحيم ) ويجمع .قال ابن الحصار : ومما يدل على الاشتقاق ما خرجه الترمذي وصححه عن عبد الرحمن بن عوف أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : قال الله عز وجل أنا الرحمن خلقت الرحم وشققت لها اسما من اسمي فمن وصلها وصلته ومن قطعها قطعته . وهذا نص في الاشتقاق ، فلا معنى للمخالفة والشقاق ، وإنكار العرب له لجهلهم بالله وبما وجب له .الثالثة والعشرون : زعم المبرد فيما ذكر ابن الأنباري في كتاب ( الزاهر ) له : أن ( الرحمن ) اسم عبراني فجاء معه ب ( الرحيم ) وأنشد :لن تدركوا المجد أو تشروا عباءكم بالخز أو تجعلوا الينبوت ضمرانا أو تتركون إلى القسين هجرتكمومسحكم صلبهم رحمان قرباناقال أبو إسحاق الزجاج في ( معاني القرآن ) : وقال أحمد بن يحيى : " الرحيم " عربي و " الرحمان " عبراني ، فلهذا جمع بينهما . وهذا القول مرغوب عنه .وقال أبو العباس : النعت قد يقع للمدح ; كما تقول : قال جرير الشاعر : وروى مطرف عن قتادة في قول الله عز وجل ( بسم الله الرحمن الرحيم ) قال : مدح نفسه . قال أبو إسحاق : وهذا قول حسن . وقال قطرب : يجوز أن يكون جمع بينهما للتوكيد . قال أبو إسحاق : وهذا قول حسن ، وفي التوكيد أعظم الفائدة ، وهو كثير في كلام العرب ، ويستغنى عن الاستشهاد ; والفائدة في ذلك ما قاله محمد بن يزيد : إنه تفضل بعد تفضل ، وإنعام بعد إنعام ، وتقوية لمطامع الراغبين ، ووعد لا يخيب آمله .الرابعة والعشرون : واختلفوا هل هما بمعنى واحد أو بمعنيين ؟ فقيل : هما بمعنى واحد ; كندمان ونديم . قالهأبو عبيدة . وقيل : ليس بناء فعلان كفعيل ، فإن فعلان لا يقع إلا على مبالغة الفعل ; نحو قولك : رجل غضبان ، للممتلئ غضبا . وفعيل قد يكون بمعنى الفاعل والمفعول . قال عملس :فأما إذا عضت بك الحرب عضة فإنك معطوف عليك رحيمف ( الرحمن ) خاص الاسم عام الفعل . و ( الرحيم ) عام الاسم خاص الفعل . هذا قول الجمهور .قال أبو علي الفارسي : ( الرحمن ) اسم عام في جميع أنواع الرحمة ، يختص به الله . ( والرحيم ) إنما هو في جهة المؤمنين ; كما قال تعالى : وكان بالمؤمنين رحيما . وقال العرزمي ( الرحمن ) بجميع خلقه في الأمطار ونعم الحواس والنعم العامة ، و ( الرحيم ) بالمؤمنين في الهداية لهم ، واللطف بهم . وقال ابن المبارك : ( الرحمن ) إذا سئل أعطى ، و ( الرحيم ) إذا لم يسأل غضب . وروى ابن ماجه في سننه والترمذي في جامعه عن أبي صالح عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من لم يسأل الله يغضب عليه لفظ الترمذي . وقال ابن ماجه : من لم يدع الله سبحانه غضب عليه . وقال : سألت أبا زرعة عن أبي صالح هذا ، فقال : هو الذي يقال له : الفارسي وهو خوزي ولا أعرف اسمه . وقد أخذ بعض الشعراء هذا المعنى فقال :الله يغضب إن تركت سؤاله وبني آدم حين يسأل يغضبوقال ابن عباس : هما اسمان رقيقان ، أحدهما أرق من الآخر ، أي أكثر رحمة .قال الخطابي : وهذا مشكل ; لأن الرقة لا مدخل لها في شيء من صفات الله تعالى .وقال الحسين بن الفضل البجلي : هذا وهم من الراوي ، لأن الرقة ليست من صفات الله تعالى في شيء ، وإنما هما اسمان رفيقان أحدهما أرفق من الآخر ، والرفق من صفات الله عز وجل ; قال النبي صلى الله عليه وسلم : إن الله رفيق يحب الرفق ويعطي على الرفق ما لا يعطي على العنف .الخامسة والعشرون : أكثر العلماء على أن ( الرحمن ) مختص بالله عز وجل ، لا يجوز أن يسمى به غيره ، ألا تراه قال : قل ادعوا الله أو ادعوا الرحمن فعادل الاسم الذي لا يشركه فيه غيره . وقال : واسأل من أرسلنا من قبلك من رسلنا أجعلنا من دون الرحمن آلهة يعبدون فأخبر أن الرحمن هو المستحق للعبادة جل وعز . وقد تجاسر مسيلمة الكذاب - لعنه الله - فتسمى برحمان اليمامة ، ولم يتسم به حتى قرع مسامعه نعت الكذاب فألزمه الله تعالى نعت الكذاب لذلك ، وإن كان كل كافر كاذبا ، فقد صار هذا الوصف لمسيلمة علما يعرف به ، ألزمه الله إياه . وقد قيل في اسمه " الرحمن " : إنه اسم الله الأعظم ذكره ابن العربي .السادسة والعشرون : الرحيم صفة مطلقة للمخلوقين ، ولما في الرحمن من العموم قدم في كلامنا على الرحيم مع موافقة التنزيل ; قاله المهدوي . وقيل : إن معنى الرحيم أي بالرحيم وصلتم إلى الله وإلى الرحمن ، ف ( الرحيم ) نعت محمد صلى الله عليه وسلم ، وقد نعته تعالى بذلك فقال : ( رؤوف رحيم ) فكأن المعنى أن يقول بسم الله الرحمن وبالرحيم ، أي وبمحمد صلى الله عليه وسلم وصلتم إلي ، أي باتباعه وبما جاء به وصلتم إلى ثوابي وكرامتي والنظر إلى وجهي والله أعلم .السابعة والعشرون : روي عن علي بن أبي طالب كرم الله وجهه أنه قال في قوله ( بسم الله ) : إنه شفاء من كل داء ، وعون على كل دواء . وأما الرحمن فهو عون لكل من آمن به ، وهو اسم لم يسم به غيره . وأما الرحيم فهو لمن تاب وآمن وعمل صالحا .وقد فسره بعضهم على الحروف ; فروي عن عثمان بن عفان أنه سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن تفسير ( بسم الله الرحمن الرحيم ) فقال : أما الباء فبلاء الله وروحه ونضرته وبهاؤه وأما السين فسناء الله وأما الميم فملك الله وأما الله فلا إله غيره وأما الرحمن فالعاطف على البر والفاجر من خلقه وأما الرحيم فالرفيق بالمؤمنين خاصة . وروي عن كعب الأحبار أنه قال : الباء بهاؤه والسين سناؤه فلا شيء أعلى منه والميم ملكه وهو على كل شيء قدير فلا شيء يعازه . وقد قيل : إن كل حرف هو افتتاح اسم من أسمائه ; فالباء مفتاح اسمه " بصير " ، والسين مفتاح اسمه " سميع " ، والميم مفتاح اسمه " مليك " ، والألف مفتاح اسمه " الله " ، واللام مفتاح اسمه " لطيف " ، والهاء مفتاح اسمه هاد ، والراء مفتاح اسمه " رازق " ، والحاء مفتاح اسمه " حليم " ، والنون مفتاح اسمه " نور " ; ومعنى هذا كله دعاء الله تعالى عند افتتاح كل شيء .الثامنة والعشرون : واختلف في وصل ( الرحيم ) ب ( الحمد لله ) ; فروي عن أم سلمة عن النبي صلى الله عليه وسلم : ( الرحيم ألحمد ) يسكن الميم ويقف عليها ، ويبتدئ بألف مقطوعة . وقرأ به قوم من الكوفيين . وقرأ جمهور الناس : ( الرحيم الحمد ) تعرب الرحيم بالخفض وبوصل الألف من ( الحمد ) . وحكى الكسائي عن بعض العرب أنها تقرأ ( الرحيم الحمد ) ، بفتح الميم وصلة الألف ; كأنه سكنت الميم وقطعت الألف ثم ألقيت حركتها على الميم وحذفت . قال ابن عطية : ولم ترو هذه قراءة عن أحد فيما علمت . وهذا نظر يحيى بن زياد في قوله تعالى : الم الله .
14:1
الٓرٰ- كِتٰبٌ اَنْزَلْنٰهُ اِلَیْكَ لِتُخْرِ جَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمٰتِ اِلَى النُّوْرِ ﳔ بِاِذْنِ رَبِّهِمْ اِلٰى صِرَاطِ الْعَزِیْزِ الْحَمِیْدِۙ(۱)
ایک کتاب ہے (ف۲) کہ ہم نے تمہاری طرف اتاری کہ تم لوگوں کو (ف۳) اندھیریوں سے (ف۴) اجالے میں لا ؤ (ف۵) ان کے رب کے حکم سے اس کی راہ (ف۶) کی طرف جو عزت والا سب خوبیوں والا ہے

تفسير سورة إبراهيمصلى الله على محمد وآله وسلم تسليمامكية كلها في قول الحسن وعكرمة وجابر . وقال ابن عباس وقتادة : إلا آيتين منها مدنيتين وقيل : ثلاث ، نزلت في الذين حاربوا الله ورسوله وهي قوله تعالى : ألم تر إلى الذين بدلوا نعمة الله كفرا إلى قوله : فإن مصيركم إلى النار .بسم الله الرحمن الرحيمالر كتاب أنزلناه إليك لتخرج الناس من الظلمات إلى النور بإذن ربهم إلى صراط العزيز الحميدقوله تعالى : الر كتاب أنزلناه إليك تقدم معناه . لتخرج الناس أي بالكتاب ، وهو القرآن ، أي بدعائك إليه . من الظلمات إلى النور أي من ظلمات الكفر والضلالة والجهل إلى نور الإيمان والعلم ; وهذا على التمثيل ; لأن الكفر بمنزلة الظلمة ; والإسلام بمنزلة النور . وقيل : من البدعة إلى السنة ، ومن الشك إلى اليقين ، والمعنى . متقارب .بإذن ربهم أي بتوفيقه إياهم ولطفه بهم ، والباء في " بإذن ربهم " متعلقة ب " تخرج " وأضيف الفعل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - لأنه الداعي والمنذر الهادي .إلى صراط العزيز الحميد هو كقولك : خرجت إلى زيد العاقل الفاضل من غير واو ، لأنهما شيء واحد ; والله هو العزيز الذي لا مثل له ولا شبيه . وقيل : العزيز الذي لا يغلبه غالب . وقيل : العزيز المنيع في ملكه وسلطانه . الحميد أي المحمود بكل لسان ، والممجد في كل مكان على كل حال . وروى مقسم عن ابن عباس قال : كان قوم آمنوا بعيسى ابن مريم ، وقوم كفروا به ، فلما بعث محمد - صلى الله عليه وسلم - آمن به الذين كفروا بعيسى ، وكفر الذين آمنوا بعيسى ; فنزلت هذه الآية ، ذكره الماوردي .
14:2
اللّٰهِ الَّذِیْ لَهٗ مَا فِی السَّمٰوٰتِ وَ مَا فِی الْاَرْضِؕ-وَ وَیْلٌ لِّلْكٰفِرِیْنَ مِنْ عَذَابٍ شَدِیْدِ ﹰ ۙ(۲)
اللہ کہ اسی کا ہے جو کچھ آسمانوں میں ہے اور جو کچھ زمین میں (ف۷) اور کافروں کی خرابی ہے ایک سخت عذاب سے

قوله تعالى : الله الذي له ما في السماوات وما في الأرض وويل للكافرين من عذاب شديدقوله تعالى : الله الذي له ما في السماوات وما في الأرض أي ملكا وعبيدا واختراعا وخلقا . وقرأ نافع وابن عامر وغيرهما : " الله " بالرفع على الابتداء الذي خبره . وقيل : الذي صفة ، والخبر مضمر ; أي الله الذي له ما في السماوات وما في الأرض قادر على كل شيء . الباقون بالخفض نعتا للعزيز الحميد فقدم النعت على المنعوت ; كقولك : مررت بالظريف زيد . وقيل : على البدل من الحميد وليس صفة ; لأن اسم الله صار كالعلم فلا يوصف ; كما لا يوصف بزيد وعمرو ، بل يجوز أن يوصف به من حيث المعنى ; لأن معناه أنه المنفرد بقدرة الإيجاد . وقال أبو عمرو : والخفض على التقديم والتأخير ، مجازه : إلى صراط الله العزيز الحميد الذي له ما في السماوات وما في الأرض . وكان يعقوب إذا وقف على الحميد رفع ، وإذا وصل خفض على النعت . قال ابن الأنباري : من خفض وقف على وما في الأرض .قوله تعالى : وويل للكافرين من عذاب شديد قد تقدم معنى الويل في " البقرة " وقال الزجاج : هي كلمة تقال للعذاب والهلكة . من عذاب شديد أي من جهنم .
14:3
الَّذِیْنَ یَسْتَحِبُّوْنَ الْحَیٰوةَ الدُّنْیَا عَلَى الْاٰخِرَةِ وَ یَصُدُّوْنَ عَنْ سَبِیْلِ اللّٰهِ وَ یَبْغُوْنَهَا عِوَجًاؕ-اُولٰٓىٕكَ فِیْ ضَلٰلٍۭ بَعِیْدٍ(۳)
جنہیں آخرت سے دنیا کی زندگی پیاری ہے اور اللہ کی راہ سے روکتے (ف۸) اور اس میں کجی چاہتے ہیں، وہ دور کی گمراہی میں ہیں (ف۹)

الذين يستحبون الحياة الدنيا على الآخرة ويصدون عن سبيل الله أي يختارونها على الآخرة ، والكافرون يفعلون ذلك . ف " الذين في موضع خفض صفة لهم . وقيل : في موضع رفع خبر ابتداء مضمر ، أي هم الذين ، وقيل : الذين يستحبون مبتدأ وخبره " أولئك " وكل من آثر الدنيا وزهرتها ، واستحب البقاء في نعيمها على النعيم في الآخرة ، وصد عن سبيل الله - أي صرف الناس عنه وهو دين الله ، الذي جاءت به الرسل ، في قول ابن عباس وغيره - فهو داخل في هذه الآية ; وقد قال - صلى الله عليه وسلم - : إن أخوف ما أخاف على أمتي الأئمة المضلون وهو حديث صحيح . وما أكثر ما هم في هذه الأزمان ، والله المستعان . وقيل : يستحبون أي يلتمسون الدنيا من غير وجهها ; لأن نعمة الله لا تلتمس إلا بطاعته دون معصيته .ويبغونها عوجا أي يطلبون لها زيغا وميلا لموافقة أهوائهم ، وقضاء حاجاتهم وأغراضهم . والسبيل تذكر وتؤنث . والعوج بكسر العين في الدين والأمر والأرض وفي كل ما لم يكن قائما ; وبفتح العين في كل ما كان قائما ، كالحائط والرمح ونحوه ; وقد تقدم في " آل عمران " وغيرها .أولئك في ضلال بعيد أي : ذهاب عن الحق بعيد عنه .
14:4
وَ مَاۤ اَرْسَلْنَا مِنْ رَّسُوْلٍ اِلَّا بِلِسَانِ قَوْمِهٖ لِیُبَیِّنَ لَهُمْؕ-فَیُضِلُّ اللّٰهُ مَنْ یَّشَآءُ وَ یَهْدِیْ مَنْ یَّشَآءُؕ-وَ هُوَ الْعَزِیْزُ الْحَكِیْمُ(۴)
اور ہم نے ہر رسول اس کی قوم ہی کی زبان میں بھیجا (ف۱۰) کہ وہ انہیں صاف بتائے (ف۱۱) پھراللہ گمراہ کرتا ہے جسے چاہے اور وہ راہ دکھاتا ہے جسے چاہے، اور وہی عزت و حکمت والا ہے،

قوله تعالى : وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه ليبين لهم فيضل الله من يشاء ويهدي من يشاء وهو العزيز الحكيمقوله تعالى وما أرسلنا من رسول أي قبلك يا محمد إلا بلسان قومه أي بلغتهم ، ليبين لهم أمر دينهم ; ووحد اللسان وإن أضافه إلى القوم لأن المراد اللغة ; فهي اسم جنس يقع على القليل والكثير ; ولا حجة للعجم وغيرهم في هذه الآية ; لأن كل من ترجم له ما جاء به النبي - صلى الله عليه وسلم - ترجمة يفهمها لزمته الحجة ، وقد قال الله تعالى : وما أرسلناك إلا كافة للناس بشيرا ونذيرا . وقال - صلى الله عليه وسلم - : أرسل كل نبي إلى أمته بلسانها وأرسلني الله إلى كل أحمر وأسود من خلقه . وقال - صلى الله عليه وسلم - : والذي نفسي بيده لا يسمع بي أحد من هذه الأمة يهودي ولا نصراني ثم لم يؤمن بالذي أرسلت به إلا كان من أصحاب النار . خرجه مسلم ، وقد تقدم .فيضل الله من يشاء ويهدي من يشاء رد على القدرية في نفوذ المشيئة ، وهو مستأنف ، وليس بمعطوف على ليبين لأن الإرسال إنما وقع للتبيين لا للإضلال . ويجوز النصب في يضل لأن الإرسال صار سببا للإضلال ; فيكون كقوله : ليكون لهم عدوا وحزنا وإنما صار الإرسال سببا للإضلال لأنهم كفروا به لما جاءهم ; فصار كأنه سبب لكفرهموهو العزيز الحكيم تقدم معناه .
14:5
وَ لَقَدْ اَرْسَلْنَا مُوْسٰى بِاٰیٰتِنَاۤ اَنْ اَخْرِ جْ قَوْمَكَ مِنَ الظُّلُمٰتِ اِلَى النُّوْرِ ﳔ وَ ذَكِّرْهُمْ بِاَیّٰىمِ اللّٰهِؕ-اِنَّ فِیْ ذٰلِكَ لَاٰیٰتٍ لِّكُلِّ صَبَّارٍ شَكُوْرٍ(۵)
اور بیشک ہم نے موسیٰ کو اپنی نشانیاں (ف۱۲) دے کر بھیجا کہ اپنی قوم کو اندھیریوں سے (ف۱۳) اجالے میں لا، اور انہیں اللہ کے دن یا د دِلا (ف۱۴) بیشک اس میں نشانیاں ہیں ہر بڑے صبرے والے شکر گزار کرو،

قوله تعالى : ولقد أرسلنا موسى بآياتنا أن أخرج قومك من الظلمات إلى النور وذكرهم بأيام الله إن في ذلك لآيات لكل صبار شكورقوله تعالى : ولقد أرسلنا موسى بآياتنا أي بحجتنا وبراهيننا ; أي بالمعجزات الدالة على صدقه . قال مجاهد : هي التسع الآياتأن أخرج قومك من الظلمات إلى النور نظيره قوله تعالى : لنبينا - عليه السلام - أول السورة : لتخرج الناس من الظلمات إلى النور وقيل : " أن " هنا بمعنى أي ، كقوله تعالى : وانطلق الملأ منهم أن امشوا أي امشوا .قوله تعالى : وذكرهم بأيام الله أي قل لهم قولا يتذكرون به أيام الله تعالى . قال ابن عباس ومجاهد وقتادة : بنعم الله عليهم ; وقاله أبي بن كعب ورواه مرفوعا ; أي بما أنعم الله عليهم من النجاة من فرعون ومن التيه إلى سائر النعم ، وقد تسمى النعم الأيام ; ومنه قول عمرو بن كلثوم :وأيام لنا غر طوالوعن ابن عباس أيضا ومقاتل : بوقائع الله في الأمم السالفة ; يقال : فلان عالم بأيام العرب ، أي بوقائعها . قال ابن زيد : يعني الأيام التي انتقم فيها من الأمم الخالية ; وكذلك روى ابن وهب عن مالك قال : بلاؤه . وقال الطبري : وعظهم بما سلف في الأيام الماضية لهم ، أي بما كان في أيام الله من النعمة والمحنة ; وقد كانوا عبيدا مستذلين ; واكتفى بذكر الأيام عنه لأنها كانت معلومة عندهم . وروى سعيد بن جبير عن ابن عباس عن أبي بن كعب قال : سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : بينا موسى - عليه السلام - في قومه يذكرهم بأيام الله ، وأيام الله بلاؤه ونعماؤه وذكر حديث الخضر ; ودل هذا على جواز الوعظ المرقق للقلوب ، المقوي لليقين . الخالي من كل بدعة ، والمنزه عن كل ضلالة وشبهة .إن في ذلك أي في التذكير بأيام الله " لآيات " أي دلالات . لكل صبار أي كثير الصبر على طاعة الله ، وعن معاصيه . شكور لنعم الله . وقال قتادة : هو العبد ; إذا أعطي شكر ، وإذا ابتلي صبر . وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : الإيمان نصفان نصف صبر ونصف شكر - ثم تلا هذه الآية - إن في ذلك لآيات لكل صبار شكور . ونحوه عن الشعبي موقوفا . وتوارى الحسن البصري عن الحجاج سبع سنين ، فلما بلغه موته قال : اللهم قد أمته فأمت سنته ، وسجد شكرا ، وقرأ : إن في ذلك لآيات لكل صبار شكور . وإنما خص بالآيات كل صبار شكور ; لأنه يعتبر بها ولا يغفل عنها ; كما قال : إنما أنت منذر من يخشاها وإن كان منذرا للجميع .
14:6
وَ اِذْ قَالَ مُوْسٰى لِقَوْمِهِ اذْكُرُوْا نِعْمَةَ اللّٰهِ عَلَیْكُمْ اِذْ اَنْجٰىكُمْ مِّنْ اٰلِ فِرْعَوْنَ یَسُوْمُوْنَكُمْ سُوْٓءَ الْعَذَابِ وَ یُذَبِّحُوْنَ اَبْنَآءَكُمْ وَ یَسْتَحْیُوْنَ نِسَآءَكُمْؕ-وَ فِیْ ذٰلِكُمْ بَلَآءٌ مِّنْ رَّبِّكُمْ عَظِیْمٌ۠(۶)
اور جب موسیٰ نے اپنی قوم سے کہا (ف۱۵) یاد کرو اپنے اوپر اللہ کا احسان جب اس نے تمہیں فرعون والوں سے نجات دی جو تم کو بری مار دیتے تھے اور تمہارے بیٹوں کو ذبح کرتے اور تمہاری بیٹیاں زندہ رکھتے، اور اس میں (ف۱۶) تمہارے رب کا بڑا فضل ہوا،

قوله تعالى : وإذ قال موسى لقومه اذكروا نعمة الله عليكم إذ أنجاكم من آل فرعون يسومونكم سوء العذاب ويذبحون أبناءكم ويستحيون نساءكم وفي ذلكم بلاء من ربكم عظيمقوله تعالى : وإذ قال موسى لقومه اذكروا نعمة الله عليكم إذ أنجاكم من آل فرعون يسومونكم سوء العذاب ويذبحون أبناءكم ويستحيون نساءكم وفي ذلكم بلاء من ربكم عظيم تقدم في البقرة مستوفى والحمد لله .
14:7
وَ اِذْ تَاَذَّنَ رَبُّكُمْ لَىٕنْ شَكَرْتُمْ لَاَزِیْدَنَّكُمْ وَ لَىٕنْ كَفَرْتُمْ اِنَّ عَذَابِیْ لَشَدِیْدٌ(۷)
اور یاد کرو جب تمہارے رب نے سنادیا کہ اگر احسان مانو گے تو میں تمہیں اور دونگا (ف۱۷) اور اگر ناشکری کرو تو میرا عذاب سخت ہے،

قوله تعالى : وإذ تأذن ربكم قيل : هو من قول موسى لقومه . وقيل : هو من قول الله ; أي واذكر يا محمد إذ قال ربك كذا . و " تأذن " وأذن بمعنى أعلم ; مثل أوعد وتوعد ; روي معنى ذلك عن الحسن وغيره . ومنه الأذان ; لأنه إعلام ; قال الشاعر :فلم نشعر بضوء الصبح حتى سمعنا في مجالسنا الأذيناوكان ابن مسعود يقرأ : " وإذ قال ربكم " والمعنى واحد .لئن شكرتم لأزيدنكم أي لئن شكرتم إنعامي لأزيدنكم من فضلي . الحسن : لئن شكرتم نعمتي لأزيدنكم من طاعتي . ابن عباس : لئن وحدتم وأطعتم لأزيدنكم من الثواب ، والمعنى متقارب في هذه الأقوال ; والآية نص في أن الشكر سبب المزيد ; وقد تقدم في " البقرة " ما للعلماء في معنى الشكر . وسئل بعض الصلحاء عن الشكر لله فقال : ألا تتقوى بنعمه على معاصيه . وحكي عن داود - عليه السلام - أنه قال : أي رب كيف أشكرك ، وشكري لك نعمة مجددة منك علي . قال : يا داود الآن شكرتني . قلت : فحقيقة الشكر على هذا الاعتراف بالنعمة للمنعم . وألا يصرفها في غير طاعته ; وأنشد الهادي وهو يأكل :أنالك رزقه لتقوم فيه بطاعته وتشكر بعض حقهفلم تشكر لنعمته ولكن قويت على معاصيه برزقهفغص باللقمة ، وخنقته العبرة . وقال جعفر الصادق : إذا سمعت النعمة نعمة الشكر فتأهب للمزيد .ولئن كفرتم إن عذابي لشديد أي جحدتم حقي . وقيل : نعمي ; وعد بالعذاب على الكفر ، كما وعد بالزيادة على الشكر ، وحذفت الفاء التي في جواب الشرط من " إن " للشهرة .
14:8
وَ قَالَ مُوْسٰۤى اِنْ تَكْفُرُوْۤا اَنْتُمْ وَ مَنْ فِی الْاَرْضِ جَمِیْعًاۙ-فَاِنَّ اللّٰهَ لَغَنِیٌّ حَمِیْدٌ(۸)
اور موسیٰ نے کہا اگر تم اور زمین میں جتنے ہیں سب کا فر ہوجاؤ (ف۱۸) تو بیشک اللہ بے پروہ سب خوبیوں والا ہے،

أي لا يلحقه بذلك نقص , بل هو الغني .( الحميد ) أي المحمود .
14:9
اَلَمْ یَاْتِكُمْ نَبَؤُا الَّذِیْنَ مِنْ قَبْلِكُمْ قَوْمِ نُوْحٍ وَّ عَادٍ وَّ ثَمُوْدَ ﲣ وَ الَّذِیْنَ مِنْۢ بَعْدِهِمْ ﳍ لَا یَعْلَمُهُمْ اِلَّا اللّٰهُؕ-جَآءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَیِّنٰتِ فَرَدُّوْۤا اَیْدِیَهُمْ فِیْۤ اَفْوَاهِهِمْ وَ قَالُوْۤا اِنَّا كَفَرْنَا بِمَاۤ اُرْسِلْتُمْ بِهٖ وَ اِنَّا لَفِیْ شَكٍّ مِّمَّا تَدْعُوْنَنَاۤ اِلَیْهِ مُرِیْبٍ(۹)
کیا تمہیں ان کی خبریں نہ آئیں جو تم سے پہلے تھی نوح کی قوم اور عاد اور ثمود اور جو ان کے بعد ہوئے، انہیں اللہ ہی جانے (ف۱۹) ان کے پاس ان کے رسول روشن دلیلیں لے کر آئے (ف۲۰) تو وہ اپنے ہاتھ (ف۲۱) اپنے منہ کی طرف لے گئے (ف۲۲) اور بولے ہم منکر ہیں اس کے جو تمہارے ہاتھ بھیجا گیا اور جس راہ (ف۲۳) کی طرف ہمیں بلاتے ہو اس میں ہمیں وہ شک ہے کہ بات کھلنے نہیں دیتا،

قوله تعالى : ألم يأتكم نبأ الذين من قبلكم قوم نوح وعاد وثمود النبأ الخبر ، والجمع الأنباء ; قال :ألم يأتيك والأنباء تنميثم قيل : هو من قول موسى . وقيل : من قول الله ; أي واذكر يا محمد إذ قال ربك كذا . وقيل : هو ابتداء خطاب من الله تعالى . وخبر قوم نوح وعاد وثمود مشهور قصه الله في كتابه .وقوله : والذين من بعدهم لا يعلمهم إلا الله أي لا يحصي عددهم إلا الله ، ولا يعرف نسبهم إلا الله ، والنسابون وإن نسبوا إلى آدم فلا يدعون إحصاء جميع الأمم ، وإنما ينسبون البعض ; ويمسكون عن نسب البعض ; وقد روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - لما سمع النسابين ينسبون إلى معد بن عدنان ثم زادوا فقال : كذب النسابون إن الله يقول : لا يعلمهم إلا الله . وقد روي عن عروة بن الزبير أنه قال : ما وجدنا أحدا يعرف ما بين عدنان وإسماعيل . وقال ابن عباس : بين عدنان وإسماعيل ثلاثون أبا لا يعرفون . وكان ابن مسعود يقول حين يقرأ : لا يعلمهم إلا الله . كذب النسابون .جاءتهم رسلهم بالبينات أي بالحجج والدلالات .فردوا أيديهم في أفواههم أي جعل أولئك القوم أيدي أنفسهم في أفواههم ليعضوها غيظا مما جاء به الرسل ; إذ كان فيه تسفيه أحلامهم ، وشتم أصنامهم ; قاله ابن مسعود ، ومثله قاله عبد الرحمن بن زيد ; وقرأ : عضوا عليكم الأنامل من الغيظ . وقال ابن عباس : لما سمعوا كتاب الله عجبوا ورجعوا بأيديهم إلى أفواههم . وقال أبو صالح : كانوا إذا قال لهم نبيهم أنا رسول الله إليكم أشاروا بأصابعهم إلى أفواههم : أن اسكت ، تكذيبا له ، وردا لقوله ; وهذه الأقوال الثلاثة متقاربة المعنى . والضميران للكفار ; والقول الأول أصحها إسنادا ; قال أبو عبيد : حدثنا عبد الرحمن بن مهدي عن سفيان عن أبي إسحاق عن أبي الأحوص عن عبد الله في قوله تعالى : فردوا أيديهم في أفواههم قال : عضوا عليها غيظا ; وقال الشاعر :لو أن سلمى أبصرت تخددي ودقة في عظم ساقي ويديوبعد أهلي وجفاء عودي عضت من الوجد بأطراف اليدوقد مضى هذا المعنى في " آل عمران " مجودا ، والحمد لله . وقال مجاهد وقتادة : ردوا على الرسل قولهم وكذبوهم بأفواههم ; فالضمير الأول للرسل ، والثاني للكفار . وقال الحسن وغيره : جعلوا أيديهم في أفواه الرسل ردا لقولهم ; فالضمير الأول على هذا للكفار ، والثاني للرسل . وقيل معناه : أومئوا للرسل أن يسكتوا . وقال مقاتل : أخذوا أيدي الرسل ووضعوها على أفواه الرسل ليسكتوهم ويقطعوا كلامهم . وقيل : رد الرسل أيدي القوم في أفواههم . وقيل : إن الأيدي هنا النعم ; أي ردوا نعم الرسل بأفواههم ، أي بالنطق والتكذيب ، ومجيء الرسل بالشرائع نعم ; والمعنى : كذبوا بأفواههم ما جاءت به الرسل . و " في " بمعنى الباء ; يقال : جلست في البيت وبالبيت ; وحروف الصفات يقام بعضها مقام بعض . وقال أبو عبيدة : هو ضرب مثل ; أي لم يؤمنوا ولم يجيبوا ; والعرب تقول للرجل إذا أمسك عن الجواب وسكت : قد رد يده في فيه . وقاله الأخفش أيضا . وقال القتبي : لم نسمع أحدا من العرب يقول : رد يده في فيه إذا ترك ما أمر به ; وإنما المعنى : عضوا على الأيدي حنقا وغيظا ; لقول الشاعر :تردون في فيه غش الحسو د حتى يعض علي الأكفايعني أنهم يغيظون الحسود حتى يعض على أصابعه وكفيه . وقال آخر :قد أفنى أنامله أزمة فأضحى يعض علي الوظيفاوقالوا : - يعني الأمم للرسل :وقالوا إنا كفرنا بما أرسلتم به أي بالإرسال على زعمكم ، لا أنهم أقروا أنهم أرسلوا .وإنا لفي شك أي في ريب ومرية .مما تدعوننا إليه من التوحيد ." مريب " أي موجب للريبة ; يقال : أربته إذ فعلت أمرا أوجب ريبة وشكا ; أي نظن أنكم تطلبون الملك والدنيا .
14:10
قَالَتْ رُسُلُهُمْ اَفِی اللّٰهِ شَكٌّ فَاطِرِ السَّمٰوٰتِ وَ الْاَرْضِؕ-یَدْعُوْكُمْ لِیَغْفِرَ لَكُمْ مِّنْ ذُنُوْبِكُمْ وَ یُؤَخِّرَكُمْ اِلٰۤى اَجَلٍ مُّسَمًّىؕ-قَالُوْۤا اِنْ اَنْتُمْ اِلَّا بَشَرٌ مِّثْلُنَاؕ-تُرِیْدُوْنَ اَنْ تَصُدُّوْنَا عَمَّا كَانَ یَعْبُدُ اٰبَآؤُنَا فَاْتُوْنَا بِسُلْطٰنٍ مُّبِیْنٍ(۱۰)
ان کے رسولوں نے کہا کیا اللہ میں شک ہے (ف۲۴) آسمان اور زمین کا بنانے والا، تمہیں بلاتا ہے (ف۲۵) کہ تمہارے کچھ گناہ بخشے (ف۲۶) اور موت کے مقرر وقت تک تمہاری زندگی بے عذاب کاٹ دے، بولے تم تو ہمیں جیسے آدمی ہو (ف۲۷) تم چاہتے ہو کہ ہمیں اس سے باز رکھو جو ہمارے باپ دادا پوجتے تھے (ف۲۸) اب کوئی روشن سند ہمارے پاس لے آؤ (ف۲۹)

قوله تعالى : قالت رسلهم أفي الله شك فاطر السماوات والأرض يدعوكم ليغفر لكم من ذنوبكم ويؤخركم إلى أجل مسمى قالوا إن أنتم إلا بشر مثلنا تريدون أن تصدونا عما كان يعبد آباؤنا فأتونا بسلطان مبينقوله تعالى : قالت رسلهم أفي الله شك استفهام معناه الإنكار ; أي لا شك في الله ; أي في توحيده ; قال قتادة . وقيل : في طاعته . ويحتمل وجها ثالثا : أفي قدرة الله شك ؟ ! لأنهم متفقون عليها ومختلفون فيما عداها ; يدل عليه قوله : فاطر السماوات والأرض خالقها ومخترعها ومنشئها وموجدها بعد العدم ; لينبه على قدرته فلا تجوز العبادة إلا له .يدعوكم ليغفر لكم من ذنوبكم يدعوكم أي إلى طاعته بالرسل والكتب . ليغفر لكم من ذنوبكم قال أبو عبيد : من زائدة . وقال سيبويه : هي للتبعيض ; ويجوز أن يذكر البعض والمراد منه الجميع . وقيل : من للبدل وليست بزائدة ولا مبعضة ; أي لتكون المغفرة بدلا من الذنوب .ويؤخركم إلى أجل مسمى يعني الموت ، فلا يعذبكم في الدنيا .قالوا إن أنتم أي ما أنتم . إلا بشر مثلنا في الهيئة والصورة تأكلون مما نأكل ، وتشربون مما نشرب ، ولستم ملائكة .تريدون أن تصدونا عما كان يعبد آباؤنا من الأصنام والأوثانفأتونا بسلطان مبين أي بحجة ظاهرة ; وكان هذا محالا منهم ; فإن الرسل ما دعوا إلا ومعهم المعجزات .
14:11
قَالَتْ لَهُمْ رُسُلُهُمْ اِنْ نَّحْنُ اِلَّا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ وَ لٰكِنَّ اللّٰهَ یَمُنُّ عَلٰى مَنْ یَّشَآءُ مِنْ عِبَادِهٖؕ-وَ مَا كَانَ لَنَاۤ اَنْ نَّاْتِیَكُمْ بِسُلْطٰنٍ اِلَّا بِاِذْنِ اللّٰهِؕ-وَ عَلَى اللّٰهِ فَلْیَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُوْنَ(۱۱)
ان کے رسولوں نے ان سے کہا (ف۳۰) ہم ہیں تو تمہاری طرح انسان مگر اللہ اپنے بندوں میں جس پر چاہے احسان فرماتا ہے (ف۳۱) اور ہمارا کام نہیں کہ ہم تمہارے پاس کچھ سند لے آئیں مگر اللہ کے حکم سے، اور مسلمانوں کو اللہ ہی پر بھروسہ چاہیے (ف۳۲)

قوله : قالت لهم رسلهم إن نحن إلا بشر مثلكم ولكن الله يمن على من يشاء من عباده وما كان لنا أن نأتيكم بسلطان إلا بإذن الله وعلى الله فليتوكل المؤمنونقوله تعالى : قالت لهم رسلهم إن نحن إلا بشر مثلكم أي في الصورة والهيئة كما قلتم .ولكن الله يمن على من يشاء من عباده أي يتفضل عليه بالنبوة . وقيل ; بالتوفيق ، والحكمة والمعرفة والهداية . وقال سهل بن عبد الله : بتلاوة القرآن وفهم ما فيه . قلت : وهذا قول حسن ، وقد خرج الطبري من حديث ابن عمر قال قلت لأبي ذر : يا عم أوصني ; قال : سألت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كما سألتني فقال : ما من يوم ولا ليلة ولا ساعة إلا ولله فيه صدقة يمن بها على من يشاء من عباده وما من الله تعالى على عباده بمثل أن يلهمهم ذكره .وما كان لنا أن نأتيكم بسلطان أي بحجة وآية .إلا بإذن الله أي بمشيئته ، وليس ذلك في قدرتنا ; أي لا نستطيع أن نأتي بحجة كما تطلبون إلا بأمره وقدرته ; فلفظه ; لفظ الخبر ، ومعناه النفي ; لأنه لا يحظر على أحد ما لا يقدر عليه .وعلى الله فليتوكل المؤمنون تقدم معناه .
14:12
وَ مَا لَنَاۤ اَلَّا نَتَوَكَّلَ عَلَى اللّٰهِ وَ قَدْ هَدٰىنَا سُبُلَنَاؕ-وَ لَنَصْبِرَنَّ عَلٰى مَاۤ اٰذَیْتُمُوْنَاؕ-وَ عَلَى اللّٰهِ فَلْیَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُوْنَ۠(۱۲)
اور ہمیں کیا ہوا کہ اللہ پر بھروسہ نہ کریں (ف۳۳) اس نے تو ہماری راہیں ہمیں دکھادیں (ف۳۴) اور تم جو ہمیں ستا رہے ہو ہم ضرور اس پر صبر کریں گے، اور بھروسہ کرنے والوں کو اللہ ہی پر بھروسہ چاہیے،

قوله تعالى : وما لنا ألا نتوكل على الله " ما " استفهام في موضع رفع بالابتداء ، و " لنا " الخبر ; وما بعدها في موضع الحال ; التقدير : أي شيء لنا في ترك التوكل على الله .وقد هدانا سبلنا أي الطريق الذي يوصل إلى رحمته ، وينجي من سخطه ونقمته .ولنصبرن ولنصبرن لام قسم ; مجازه : والله لنصبرن على ما آذيتمونا به ، أي من الإهانة والضرب ، والتكذيب والقتل ، ثقة بالله أنه يكفينا ويثيبنا . وعلى الله فليتوكل المتوكلون .
14:13
وَ قَالَ الَّذِیْنَ كَفَرُوْا لِرُسُلِهِمْ لَنُخْرِجَنَّكُمْ مِّنْ اَرْضِنَاۤ اَوْ لَتَعُوْدُنَّ فِیْ مِلَّتِنَاؕ-فَاَوْحٰۤى اِلَیْهِمْ رَبُّهُمْ لَنُهْلِكَنَّ الظّٰلِمِیْنَۙ(۱۳)
اور کافروں نے اپنے رسولوں سے کہا ہم ضرور تمہیں اپنی زمین (ف۳۵) سے نکال دیں گے یا تم ہمارے دین پر کچھ ہوجاؤ، تو انہیں ان کے رب نے وحی بھیجی کہ ہم ضرور ظالموں کو ہلاک کریں گے

قوله تعالى وقال الذين كفروا لرسلهم لنخرجنكم من أرضنا اللام لام قسم ; أي والله لنخرجنكم .أو لتعودن أي حتى تعودوا أو إلا أن تعودوا ; قاله الطبري وغيره . قال ابن العربي : وهو غير مفتقر إلى هذا التقدير ; فإن " أو " على بابها من التخيير ; خير الكفار الرسل بين أن يعودوا في ملتهم أو يخرجوهم من أرضهم ; وهذه سيرة الله تعالى في رسله وعباده ; ألا ترى إلى قوله : وإن كادوا ليستفزونك من الأرض ليخرجوك منها وإذا لا يلبثون خلافك إلا قليلا سنة من قد أرسلنا قبلك من رسلنا وقد تقدم هذا المعنى في " الأعراف " وغيرها . في ملتنا أي إلى ديننا ، فأوحى إليهم ربهم لنهلكن الظالمين
14:14
وَ لَنُسْكِنَنَّكُمُ الْاَرْضَ مِنْۢ بَعْدِهِمْؕ-ذٰلِكَ لِمَنْ خَافَ مَقَامِیْ وَ خَافَ وَعِیْدِ(۱۴)
اور ضرور ہم تم کو ان کے بعد زمین میں بسائیں گے (ف۳۶) یہ اس لیے ہے جو (ف۳۷) میرے حضو ر کھڑے ہونے سے ڈرے اور میں نے جو عذاب کا حکم سنایا ہے، اس سے خوف کرے،

ولنسكننكم الأرض من بعدهم .قوله تعالى : ذلك لمن خاف مقامي وخاف وعيد أي مقامه بين يدي يوم القيامة ; فأضيف المصدر إلى الفاعل . والمقام مصدر كالقيام ; يقال : قام قياما ومقاما ; وأضاف ذلك إليه لاختصاصه به . والمقام بفتح الميم مكان الإقامة ، وبالضم فعل الإقامة ; و ذلك لمن خاف مقامي أي قيامي عليه ، ومراقبتي له ; قال الله تعالى : أفمن هو قائم على كل نفس بما كسبت . وقال الأخفش : ذلك لمن خاف مقامي أي عذابي ، وخاف وعيد أي القرآن وزواجره . وقيل : إنه العذاب . والوعيد الاسم من الوعد .
14:15
وَ اسْتَفْتَحُوْا وَ خَابَ كُلُّ جَبَّارٍ عَنِیْدٍۙ(۱۵)
اور انہوں نے (ف۳۸) فیصلہ مانگا اور ہر سرکش ہٹ دھرم نا مُراد ہوا (ف۳۹)

قوله تعالى : واستفتحوا وخاب كل جبار عنيدقوله تعالى : واستفتحوا أي واستنصروا ; أي أذن للرسل في الاستفتاح على قومهم ، والدعاء بهلاكهم ; قاله ابن عباس وغيره ، وقد مضى في " البقرة " . ومنه الحديث : إن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يستفتح بصعاليك المهاجرين ، أي يستنصر . وقال ابن زيد : استفتحت الأمم بالدعاء كما قالت قريش : اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك الآية . وروي عن ابن عباس . وقيل قال الرسول : إنهم كذبوني فافتح بيني وبينهم فتحا وقالت الأمم : إن كان هؤلاء صادقين فعذبنا ، عن ابن عباس أيضا ; نظيره ائتنا بعذاب الله إن كنت من الصادقين ، ائتنا بما تعدنا إن كنت من المرسلين .وخاب كل جبار عنيد الجبار المتكبر الذي لا يرى لأحد عليه حقا ; هكذا هو عند أهل اللغة ; ذكره النحاس . والعنيد المعاند للحق والمجانب له ، عن ابن عباس وغيره ; يقال : عند عن قومه أي تباعد عنهم . وقيل : هو من العند ، وهو الناحية وعاند فلان أي أخذ في ناحية معرضا ; قال الشاعر :إذا نزلت فاجعلوني وسطا إني كبير لا أطيق العنداوقال الهروي : قوله تعالى : جبار عنيد أي جائر عن القصد ; وهو العنود والعنيد والعاند ; وفي حديث ابن عباس وسئل عن المستحاضة فقال : إنه عرق عاند . قال أبو عبيد : هو الذي عند وبغى كالإنسان يعاند ; فهذا العرق في كثرة ما يخرج منه بمنزلته . وقال شمر : العاند الذي لا يرقأ . وقال عمر يذكر سيرته : أضم العنود ; قال الليث : العنود من الإبل الذي لا يخالطها إنما هو في ناحية أبدا ; أراد من هم بالخلاف أو بمفارقة الجماعة عطفت به إليها . وقال مقاتل : العنيد المتكبر . وقال ابن كيسان : هو الشامخ بأنفه . وقيل : العنود والعنيد الذي يتكبر على الرسل ويذهب عن طريق الحق فلا يسلكها ; تقول العرب : شر الإبل العنود الذي يخرج عن الطريق . وقيل : العنيد العاصي . وقال قتادة : العنيد الذي أبى أن يقول لا إله إلا الله . قلت : والجبار والعنيد في الآية بمعنى واحد ، وإن كان اللفظ مختلفا ، وكل متباعد عن الحق جبار وعنيد أي متكبر . وقيل : إن المراد به في الآية أبو جهل ; ذكره المهدوي . وحكى الماوردي في كتاب أدب الدنيا والدين أن الوليد بن يزيد بن عبد الملك تفاءل يوما في المصحف فخرج له قوله - عز وجل - : واستفتحوا وخاب كل جبار عنيد فمزق المصحف وأنشأ يقول :أتوعد كل جبار عنيد فها أنا ذاك جبار عنيدإذا ما جئت ربك يوم حشر فقل يا رب مزقني الوليدفلم يلبث إلا أياما حتى قتل شر قتلة ، وصلب رأسه على قصره ، ثم على سور بلده .
14:16
مِّنْ وَّرَآىٕهٖ جَهَنَّمُ وَ یُسْقٰى مِنْ مَّآءٍ صَدِیْدٍۙ(۱۶)
جہنم اس کے پیچھے لگی اور اسے پیپ کا پانی پلایا جائے گا،

قوله تعالى : من ورائه جهنم أي من وراء ذلك الكافر جهنم ، أي من بعد هلاكه . ووراء بمعنى بعد ; قال النابغة :حلفت فلم أترك لنفسك ريبة وليس وراء الله للمرء مذهبأي بعد الله جل جلاله ; وكذلك قوله تعالى : ومن ورائه عذاب غليظ أي من بعده ; وقوله تعالى : ويكفرون بما وراءه أي بما سواه ; قاله الفراء . وقال أبو عبيد : بما بعده : وقيل : " من ورائه " أي من أمامه ، ومنه قول الشاعر :ومن ورائك يوم أنت بالغه لا حاضر معجز عنه ولا باديوقال آخر :أترجو بنو مروان سمعي وطاعتي وقومي تميم والفلاة ورائياوقال لبيد :أليس ورائي إن تراخت منيتي لزوم العصا تحنى عليها الأصابعيريد أمامي . وفي التنزيل : وكان وراءهم ملك أي أمامهم ، وإلى هذا ذهب أبو عبيدة وأبو علي قطرب وغيرهما . وقال الأخفش : هو كما يقال هذا الأمر من ورائك ، أي سوف يأتيك ، وأنا من وراء فلان أي في طلبه وسأصل إليه . وقال النحاس في قوله من ورائه جهنم أي من أمامه ، وليس من الأضداد ولكنه من توارى ; أي استتر . وقال الأزهري : إن وراء تكون بمعنى خلف وأمام فهو من الأضداد ، وقاله أبو عبيدة أيضا ، واشتقاقهما مما توارى واستتر ، فجهنم توارى ولا تظهر ، فصارت من وراء لأنها لا ترى ، حكاه ابن الأنباري وهو حسن .قوله تعالى : ويسقى من ماء صديد أي من ماء مثل الصديد ، كما يقال للرجل الشجاع أسد ، أي مثل الأسد ، وهو تمثيل وتشبيه . وقيل : هو ما يسيل من أجسام أهل النار من القيح والدم . وقال محمد بن كعب القرظي والربيع بن أنس : هو غسالة أهل النار ، وذلك ماء يسيل من فروج الزناة والزواني . وقيل : هو من ماء كرهته تصد عنه ، فيكون الصديد مأخوذا من الصد . وذكر ابن المبارك ، أخبرنا صفوان بن عمرو عن عبيد الله بن بسر عن أبي أمامة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في قوله : ويسقى من ماء صديد يتجرعه قال : يقرب إلى فيه فيكرهه فإذا أدني منه شوى وجهه ووقعت فروة رأسه فإذا شربه قطع أمعاءه حتى تخرج من دبره يقول الله : وسقوا ماء حميما فقطع أمعاءهم ويقول الله : وإن يستغيثوا يغاثوا بماء كالمهل يشوي الوجوه بئس الشراب خرجه الترمذي ، وقال : حديث غريب ، وعبيد الله بن بسر الذي روى عنه صفوان بن عمرو حديث أبي أمامة لعله أن يكون أخا عبد الله بن بسر .
14:17
یَّتَجَرَّعُهٗ وَ لَا یَكَادُ یُسِیْغُهٗ وَ یَاْتِیْهِ الْمَوْتُ مِنْ كُلِّ مَكَانٍ وَّ مَا هُوَ بِمَیِّتٍؕ-وَ مِنْ وَّرَآىٕهٖ عَذَابٌ غَلِیْظٌ(۱۷)
بہ مشکل اس کا تھوڑا تھوڑا گھونٹ لے گا اور گلے سے نیچے اتارنے کی امید نہ ہوگی (ف۴۰) اور اسے ہر طرف سے موت آئے گی اور مرے گا نہیں، اور اس کے پیچھے ایک گاڑھا عذاب (ف۴۱)

يتجرعه أي يتحساه جرعا لا مرة واحدة لمرارته وحرارته .ولا يكاد يسيغه أي يبتلعه ; يقال : جرع الماء واجترعه وتجرعه بمعنى . وساغ الشراب في الحلق يسوغ سوغا إذا كان سلسا سهلا ، وأساغه الله إساغة . و يكاد صلة ; أي يسيغه بعد إبطاء ، قال الله تعالى : وما كادوا يفعلون أي فعلوا بعد إبطاء ، ولهذا قال : يصهر به ما في بطونهم والجلود فهذا يدل على الإساغة . وقال ابن عباس : يجيزه ولا يمر به .ويأتيه الموت من كل مكان قال ابن عباس : أي يأتيه أسباب الموت من كل جهة عن يمينه وشماله ، ومن فوقه وتحته ومن قدامه وخلفه ، كقول : لهم من فوقهم ظلل من النار ومن تحتهم ظلل . وقال إبراهيم التيمي : يأتيه من كل مكان من جسده حتى من أطراف شعره ; للآلام التي في كل مكان من جسده . وقال الضحاك : إنه ليأتيه الموت من كل ناحية ومكان حتى من إبهام رجليه . وقال الأخفش : يعني البلايا التي تصيب الكافر في النار سماها موتا ، وهي من أعظم الموت . وقيل : إنه لا يبقى عضو من أعضائه إلا وكل به نوع من العذاب ; لو مات سبعين مرة لكان أهون عليه من نوع منها في فرد لحظة ; إما حية تنهشه ; أو عقرب تلسبه ، أو نار تسفعه ، أو قيد برجليه ، أو غل في عنقه ، أو سلسلة يقرن بها ، أو تابوت يكون فيه ، أو زقوم أو حميم ، أو غير ذلك من العذاب ، وقال محمد بن كعب : إذا دعا الكافر في جهنم بالشراب فرآه مات موتات ، فإذا دنا منه مات موتات ، فإذا شرب منه مات موتات ; فذلك قوله : ويأتيه الموت من كل مكان وما هو بميت . قال الضحاك : لا يموت فيستريح . وقال ابن جريج : تعلق روحه في حنجرته فلا تخرج من فيه فيموت ، ولا ترجع إلى مكانها من جوفه فتنفعه الحياة ; ونظيره قوله : لا يموت فيها ولا يحيا . وقيل : يخلق الله في جسده آلاما كل واحد منها كألم الموت . وقيل :وما هو بميت لتطاول شدائد الموت به ، وامتداد سكراته عليه ; ليكون ذلك زيادة في عذابه . قلت : ويظهر من هذا أنه يموت ، وليس كذلك ; لقوله تعالى : لا يقضى عليهم فيموتوا ولا يخفف عنهم من عذابها وبذلك وردت السنة ; فأحوال الكفار أحوال من استولى عليه سكرات الموت دائما ، والله أعلم .ومن ورائه أي من أمامه .عذاب غليظ أي شديد متواصل الآلام غير فتور ; ومنه قوله : وليجدوا فيكم غلظة أي شدة وقوة . وقال فضيل بن عياض في قول الله تعالى : ومن ورائه عذاب غليظ قال : حبس الأنفاس .
14:18
مَثَلُ الَّذِیْنَ كَفَرُوْا بِرَبِّهِمْ اَعْمَالُهُمْ كَرَ مَادِ ﹰ اشْتَدَّتْ بِهِ الرِّیْحُ فِیْ یَوْمٍ عَاصِفٍؕ-لَا یَقْدِرُوْنَ مِمَّا كَسَبُوْا عَلٰى شَیْءٍؕ-ذٰلِكَ هُوَ الضَّلٰلُ الْبَعِیْدُ(۱۸)
اپنے رب سے منکروں کا حال ایسا ہے کہ ان کے کام ہیں (ف ۴۲) جیسے راکھ کہ اس پر ہوا کا سخت جھونکا آیا آندھی کے دن میں (ف۴۳) ساری کمائی میں سے کچھ ہاتھ نہ لگا، یہی ہے دور کی گمراہی،

قوله : مثل الذين كفروا بربهم أعمالهم كرماد اشتدت به الريح في يوم عاصف لا يقدرون مما كسبوا على شيء ذلك هو الضلال البعيدقوله تعالى : مثل الذين كفروا بربهم أعمالهم كرماد اختلف النحويون في رفع " مثل " فقال سيبويه : ارتفع بالابتداء والخبر مضمر ; التقدير : وفيما يتلى عليكم أو يقص مثل الذين كفروا بربهم ثم ابتدأ فقال : أعمالهم كرماد أي كمثل رماد اشتدت به الريح . وقال الزجاج : أي مثل الذين كفروا فيما يتلى عليكم أعمالهم كرماد ، وهو عند الفراء على إلغاء المثل ، التقدير : الذين كفروا بربهم أعمالهم كرماد . وعنه أيضا أنه على حذف مضاف ; التقدير : مثل أعمال الذين كفروا بربهم كرماد ; وذكر الأول عنه المهدوي ، والثاني القشيري والثعلبي ويجوز أن يكون مبتدأ كما يقال : صفة فلان أسمر ; ف " مثل " بمعنى صفة . ويجوز في الكلام جر أعمالهم على بدل الاشتمال من " الذين " واتصل هذا بقوله : وخاب كل جبار عنيد والمعنى : أعمالهم محبطة غير مقبولة . والرماد ما بقي بعد احتراق الشيء ; فضرب الله هذه الآية مثلا لأعمال الكفار في أنه يمحقها كما تمحق الريح الشديدة الرماد في يوم عاصف . والعصف شدة الريح ; وإنما كان ذلك لأنهم أشركوا فيها غير الله تعالى . وفي وصف اليوم بالعصوف ثلاثة أقاويل : أحدها : أن العصوف وإن كان للريح فإن اليوم قد يوصف به ; لأن الريح تكون فيه ، فجاز أن يقال : يوم عاصف ، كما يقال : يوم حار ويوم بارد ، والبرد والحر فيهما . والثاني : أن يريد في يوم عاصف الريح ; لأنها ذكرت في أول الكلمة ، كما قال الشاعر :إذا جاء يوم مظلم الشمس كاسفيريد كاسف الشمس فحذف ; لأنه قد مر ذكره ; ذكرهما الهروي . والثالث : أنه من نعت الريح ; غير أنه لما جاء بعد اليوم أتبع إعرابه كما قيل : جحر ضب خرب ; ذكره الثعلبي والماوردي . وقرأ ابن أبي إسحاق وإبراهيم بن أبي بكر في يوم عاصف .لا يقدرون يعني الكفار . مما كسبوا على شيء يريد في الآخرة ; أي من ثواب ما عملوا من البر في الدنيا ، لإحباطه بالكفر .ذلك هو الضلال البعيد أي الخسران الكبير ; وإنما جعله كبيرا بعيدا لفوات استدراكه بالموت .
14:19
اَلَمْ تَرَ اَنَّ اللّٰهَ خَلَقَ السَّمٰوٰتِ وَ الْاَرْضَ بِالْحَقِّؕ-اِنْ یَّشَاْ یُذْهِبْكُمْ وَ یَاْتِ بِخَلْقٍ جَدِیْدٍۙ(۱۹)
کیا تو نے نہ دیکھا کہ اللہ نے آسمان اور زمین حق کے ساتھ بنائے (ف۴۴) اگر چاہے تو تمہیں لے جائے (ف۴۵) اور ایک نئی مخلوق لے آئے (ف۴۶)

قوله تعالى : ألم تر أن الله خلق السماوات والأرض بالحق الرؤية هنا رؤية القلب ; لأن المعنى : ألم ينته علمك إليه . وقرأ حمزة والكسائي خالق السماوات والأرض . ومعنى " بالحق " ليستدل بها على قدرته .إن يشأ يذهبكم أيها الناس ; أي هو قادر على الإفناء كما قدر على إيجاد الأشياء ; فلا تعصوه فإنكم إن عصيتموه يذهبكم ويأت بخلق جديد أفضل وأطوع منكم ; إذ لو كانوا مثل الأولين فلا فائدة في الإبدال .
14:20
وَّ مَا ذٰلِكَ عَلَى اللّٰهِ بِعَزِیْزٍ(۲۰)
اور یہ (ف۴۷) اللہ پر کچھ دشوار نہیں،

وما ذلك على الله بعزيز أي منيع متعذر
14:21
وَ بَرَزُوْا لِلّٰهِ جَمِیْعًا فَقَالَ الضُّعَفٰٓؤُا لِلَّذِیْنَ اسْتَكْبَرُوْۤا اِنَّا كُنَّا لَكُمْ تَبَعًا فَهَلْ اَنْتُمْ مُّغْنُوْنَ عَنَّا مِنْ عَذَابِ اللّٰهِ مِنْ شَیْءٍؕ-قَالُوْا لَوْ هَدٰىنَا اللّٰهُ لَهَدَیْنٰكُمْؕ-سَوَآءٌ عَلَیْنَاۤ اَجَزِعْنَاۤ اَمْ صَبَرْنَا مَا لَنَا مِنْ مَّحِیْصٍ۠(۲۱)
اور سب اللہ کے حضور (ف۴۸) اعلانیہ حاضر ہوں گے تو جو کمزور تھے (ف۴۹) بڑائی والوں سے کہیں گے (ف۵۰) ہم تمہارے تابع تھے کیا تم سے ہوسکتا ہے کہ اللہ کے عذاب میں سے کچھ ہم پر سے ٹال دو (ف۵۱) کہیں گے اللہ ہمیں ہدایت کرتا تو ہم تمہیں کرتے (ف۴۲) ہم پر ایک سا ہے چاہے بے قراری کریں یا صبر سے رہیں ہمیں کہیں پناہ نہیں،

قوله : وبرزوا لله جميعا أي برزوا من قبورهم ، يعني يوم القيامة . والبروز الظهور . والبراز المكان الواسع لظهوره ; ومنه امرأة برزة أي تظهر للناس ; فمعنى ، برزوا ظهروا من قبورهم . وجاء بلفظ الماضي ومعناه الاستقبال ، واتصل هذا بقوله : وخاب كل جبار عنيد أي وقاربوا لما استفتحوا فأهلكوا ، ثم بعثوا للحساب فبرزوا لله جميعا لا يسترهم عنه ساتر . " لله " لأجل أمر الله إياهم بالبروز .فقال الضعفاء يعني الأتباعللذين استكبروا وهم القادة .إنا كنا لكم تبعا يجوز أن يكون " تبع " مصدرا ; التقدير : ذوي تبع . ويجوز أن يكون جمع تابع ; مثل حارس وحرس ، وخادم وخدم ، وراصد ورصد ، وباقر وبقر .فهل أنتم مغنون أي دافعون عنا من عذاب الله من شيء أي شيئا ، و " من " صلة ; يقال : أغنى عنه إذا دفع عنه الأذى ، وأغناه إذا أوصل إليه النفع .قالوا لو هدانا الله لهديناكم أي لو هدانا الله إلى الإيمان لهديناكم إليه . وقيل : لو هدانا الله إلى طريق الجنة لهديناكم إليها . وقيل ; لو نجانا الله من العذاب لنجيناكم منه ." سواء علينا " هذا ابتداء خبره " أجزعنا " أي : سواء علينا أجزعنا أم صبرنا ما لنا من محيص أي من مهرب وملجأ . ويجوز أن يكون بمعنى المصدر ، وبمعنى الاسم ; يقال : حاص فلان عن كذا أي فر وزاغ يحيص حيصا وحيوصا وحيصانا ; والمعنى : ما لنا وجه نتباعد به عن النار . وروي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : ( يقول أهل النار إذا اشتد بهم العذاب تعالوا نصبر فيصبرون خمسمائة عام فلما رأوا أن ذلك لا ينفعهم قالوا هلم فلنجزع فيجزعون ويصيحون خمسمائة عام فلما رأوا أن ذلك لا ينفعهم قالوا سواء علينا أجزعنا أم صبرنا ما لنا من محيص . وقال محمد بن كعب القرظي : ذكر لنا أن أهل النار يقول بعضهم لبعض : يا هؤلاء ! قد نزل بكم من البلاء والعذاب ما قد ترون ، فهلم فلنصبر ; فلعل الصبر ينفعنا كما صبر أهل الطاعة على طاعة الله فنفعهم الصبر إذ صبروا ; فأجمعوا رأيهم على الصبر فصبروا ; فطال صبرهم فجزعوا ، فنادوا : سواء علينا أجزعنا أم صبرنا ما لنا من محيص أي منجى ، فقام إبليس عند ذلك فقال : إن الله وعدكم وعد الحق ووعدتكم فأخلفتكم وما كان لي عليكم من سلطان إلا أن دعوتكم فاستجبتم لي فلا تلوموني ولوموا أنفسكم ما أنا بمصرخكميقول : لست بمغن عنكم شيئا وما أنتم بمصرخي إني كفرت بما أشركتموني من قبل الحديث بطوله ، وقد كتبناه في كتاب التذكرة بكماله .
14:22
وَ قَالَ الشَّیْطٰنُ لَمَّا قُضِیَ الْاَمْرُ اِنَّ اللّٰهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَ وَعَدْتُّكُمْ فَاَخْلَفْتُكُمْؕ-وَ مَا كَانَ لِیَ عَلَیْكُمْ مِّنْ سُلْطٰنٍ اِلَّاۤ اَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِیْۚ-فَلَا تَلُوْمُوْنِیْ وَ لُوْمُوْۤا اَنْفُسَكُمْؕ-مَاۤ اَنَا بِمُصْرِخِكُمْ وَ مَاۤ اَنْتُمْ بِمُصْرِخِیَّؕ-اِنِّیْ كَفَرْتُ بِمَاۤ اَشْرَكْتُمُوْنِ مِنْ قَبْلُؕ-اِنَّ الظّٰلِمِیْنَ لَهُمْ عَذَابٌ اَلِیْمٌ(۲۲)
اور شیطان کہے گا جب فیصلہ ہوچکے گا (ف۵۳) بیشک اللہ نے تم کو سچا وعدہ دیا تھا (ف۵۴) اور میں نے جو تم کو وعدہ دیا تھا (ف۵۵) وہ میں نے تم سے جھوٹا کیا اور میرا تم پر کچھ قابو نہ تھا (ف۵۶) مگر یہی کہ میں نے تم کو (ف۵۷) بلایا تم نے میری مان لی (ف۵۸) تو اب مجھ پر الزام نہ رکھو (ف۵۹) خود اپنے اوپر الزام رکھو نہ میں تمہاری فریاد کو پہنچ سکوں نہ تم میری فریاد کو پہنچ سکو، وہ جو پہلے تم نے مجھے شریک ٹھہرایا تھا (ف۶۰) میں اس سے سخت بیزار ہوں، بیشک ظالموں کے لیے دردناک عذاب ہے،

وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الْأَمْرُ إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدْتُكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ إِلَّا أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلَا تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنْفُسَكُمْ مَا أَنَا بِمُصْرِخِكُمْ وَمَا أَنْتُمْ بِمُصْرِخِيَّقوله تعالى وقال الشيطان لما قضي الأمر قال الحسن : يقف إبليس يوم القيامة خطيبا في جهنم على منبر من نار يسمعه الخلائق جميعا . ومعنى : لما قضي الأمر أي حصل أهل الجنة في الجنة وأهل النار في النار ، على ما يأتي بيانه في " مريم " عليها السلام . إن الله وعدكم وعد الحق يعني البعث والجنة والنار وثواب المطيع وعقاب العاصي فصدقكم وعده ، ووعدتكم أن لا بعث ولا جنة ولا نار ولا ثواب ولا عقاب فأخلفتكم . وروى ابن المبارك من حديث عقبة بن عامر عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في حديث الشفاعة قال : فيقول عيسى أدلكم على النبي الأمي ، فيأتوني فيأذن الله لي أن أقوم فيثور مجلسي من أطيب ريح شمها أحد حتى آتي ربي فيشفعني ويجعل لي نورا من شعر رأسي إلى ظفر قدمي ثم يقول الكافرون قد وجد المؤمنون من يشفع لهم فمن يشفع لنا فيقولون ما هو غير إبليس هو الذي أضلنا ، فيأتونه فيقولون قد وجد المؤمنون من يشفع لهم فاشفع لنا فإنك أضللتنا فيثور مجلسه من أنتن ريح شمها أحد ثم يعظم نحيبهم ويقول عند ذلك : إن الله وعدكم وعد الحق ووعدتكم فأخلفتكم الآية . " وعد الحق " هو إضافة الشيء إلى نعته كقولهم : مسجد الجامع ; قال الفراء قال البصريون : وعدكم وعد اليوم الحق أو وعدكم وعد الوعد الحق فصدقكم ; فحذف المصدر لدلالة الحال . وما كان لي عليكم من سلطان أي من حجة وبيان ; أي ما أظهرت لكم حجة على ما وعدتكم وزينته لكم في الدنيا ، إلا أن دعوتكم فاستجبتم لي أي أغويتكم فتابعتموني . وقيل : لم أقهركم على ما دعوتكم إليه . إلا أن دعوتكم هو استثناء منقطع ; أي لكن دعوتكم بالوسواس فاستجبتم لي باختياركم ، فلا تلوموني ولوموا أنفسكم وقيل : وما كان لي عليكم من سلطان أي على قلوبكم وموضع إيمانكم لكن دعوتكم فاستجبتم لي ; وهذا على أنه خطب العاصي المؤمن والكافر الجاحد ; وفيه نظر ; لقوله : لما قضي الأمر فإنه يدل على أنه خطب الكفار دون العاصين الموحدين ; والله أعلم . فلا تلوموني ولوموا أنفسكم إذا جئتموني من غير حجة . ما أنا بمصرخكم أي بمغيثكم . وما أنتم بمصرخي أي بمغيثي . والصارخ والمستصرخ هو الذي يطلب النصرة والمعاونة ، والمصرخ هو المغيث . قال سلامة بن جندل :كنا إذا ما أتانا صارخ فزع وكان الصراخ له قرع الظنابيبوقال أمية بن أبي الصلت :ولا تجزعوا إني لكم غير مصرخ وليس لكم عندي غناء ولا نصر. يقال : صرخ فلان أي استغاث يصرخ صرخا وصراخا وصرخة . واصطرخ بمعنى صرخ . والتصرخ تكلف الصراخ . والمصرخ المغيث ، والمستصرخ المستغيث ; تقول منه : استصرخني فأصرخته . والصريخ صوت المستصرخ . والصريخ أيضا الصارخ ، وهو المغيث والمستغيث ، وهو من الأضداد ; قاله الجوهري . وقراءة العامة بمصرخي بفتح الياء . وقرأ الأعمش وحمزة بمصرخي بكسر الياء . والأصل فيها بمصرخيين فذهبت النون للإضافة ، وأدغمت ياء الجماعة في ياء الإضافة ، فمن نصب فلأجل التضعيف ، ولأن ياء الإضافة إذا سكن ما قبلها تعين فيها الفتح مثل : هواي وعصاي ، فإن تحرك ما قبلها جاز الفتح والإسكان ، مثل : غلامي وغلامتي ، ومن كسر فلالتقاء الساكنين حركت إلى الكسر ; لأن الياء أخت الكسرة . وقال الفراء : قراءة حمزة وهم منه ، وقل من سلم منهم عن خطأ . وقال الزجاج : هذه قراءة رديئة ولا وجه لها إلا وجه ضعيف . وقال قطرب : هذه لغة بني يربوع يزيدون على ياء الإضافة ياء . القشيري : والذي يغني عن هذا أن ما يثبت بالتواتر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - فلا يجوز أن يقال فيه هو خطأ أو قبيح أو رديء ، بل هو في القرآن فصيح ، وفيه ما هو أفصح منه ، فلعل هؤلاء أرادوا أن غير هذا الذي قرأ به حمزة أفصح .إني كفرت بما أشركتموني من قبل أي كفرت بإشراككم إياي مع الله تعالى في الطاعة ; ف " ما " بمعنى المصدر . وقال ابن جريج : إني كفرت اليوم بما كنتم تدعونه في الدنيا من الشرك بالله تعالى . قتادة : إني عصيت الله . الثوري : كفرت بطاعتكم إياي في الدنيا .إن الظالمين لهم عذاب أليم . وفي هذه الآيات رد على القدرية والمعتزلة والإمامية ومن كان على طريقهم ; انظر إلى قول المتبوعين : لو هدانا الله لهديناكم وقول إبليس : إن الله وعدكم وعد الحق كيف اعترفوا بالحق في صفات الله تعالى وهم في دركات النار ; كما قال في موضع آخر : كلما ألقي فيها فوج سألهم خزنتها إلى قول : فاعترفوا بذنبهم واعترافهم في دركات لظى بالحق ليس بنافع ، وإنما ينفع الاعتراف صاحبه في الدنيا ; قال الله - عز وجل - : وآخرون اعترفوا بذنوبهم خلطوا عملا صالحا وآخر سيئا عسى الله أن يتوب عليهم و " عسى " من الله واجبة .
14:23
وَ اُدْخِلَ الَّذِیْنَ اٰمَنُوْا وَ عَمِلُوا الصّٰلِحٰتِ جَنّٰتٍ تَجْرِیْ مِنْ تَحْتِهَا الْاَنْهٰرُ خٰلِدِیْنَ فِیْهَا بِاِذْنِ رَبِّهِمْؕ-تَحِیَّتُهُمْ فِیْهَا سَلٰمٌ(۲۳)
اور وہ جو ایمان لائے اور اچھے کام کیے وہ باغوں میں داخل کیے جائیں گے جن کے نیچے نہریں رواں ہمیشہ ان میں رہیں اپنے رب کے حکم سے، اس میں ان کے ملتے وقت کا اکرام سلام ہے (ف۶۱)

قوله تعالى : وأدخل الذين آمنوا وعملوا الصالحات جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها بإذن ربهم تحيتهم فيها سلامقوله تعالى : وأدخل الذين آمنوا وعملوا الصالحات جنات أي في جنات لأن دخلت لا يتعدى ; كما لا يتعدى نقيضه وهو خرجت ، ولا يقاس عليه ; قاله المهدوي . ولما أخبر تعالى بحال أهل النار أخبر بحال أهل الجنة أيضا . وقراءة الجماعة أدخل على أنه فعل مبني للمفعول . وقرأ الحسن وأدخل على الاستقبال والاستئناف .بإذن ربهم أي بأمره . وقيل : بمشيئته وتيسيره . وقال : " بإذن ربهم " ولم يقل : بإذني تعظيما وتفخيما .تحيتهم فيها سلام تقدم في يونس والحمد لله .
14:24
اَلَمْ تَرَ كَیْفَ ضَرَبَ اللّٰهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَیِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَیِّبَةٍ اَصْلُهَا ثَابِتٌ وَّ فَرْعُهَا فِی السَّمَآءِۙ(۲۴)
کیا تم نے نہ دیکھا اللہ نے کیسی مثال بیان فرمائی پاکیزہ بات کی (ف۶۲) جیسے پاکیزہ درخت جس کی جڑ قائم اور شاخیں آسمان میں،

قوله تعالى : ألم تر كيف ضرب الله مثلا كلمة طيبة كشجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها في السماءفيه مسألتان : الأولى : قوله تعالى : ألم تر كيف ضرب الله مثلا لما ذكر تعالى مثل أعمال الكفار وأنها كرماد اشتدت به الريح في يوم عاصف ، ذكر مثل أقوال المؤمنين وغيرها ، ثم فسر ذلك المثل فقال : " كلمة طيبة " الثمر ، فحذف لدلالة الكلام عليه . قال ابن عباس : الكلمة الطيبة لا إله إلا الله ، والشجرة الطيبة المؤمن . وقال مجاهد وابن جريج : الكلمة الطيبة الإيمان . عطية العوفي والربيع بن أنس : هي المؤمن نفسه . وقال مجاهد أيضا وعكرمة : الشجرة النخلة ; فيجوز أن يكون المعنى : أصل الكلمة في قلب المؤمن - وهو الإيمان - شبهه بالنخلة في المنبت ، وشبه ارتفاع عمله في السماء بارتفاع فروع النخلة ، وثواب الله له بالثمر . وروي من حديث أنس عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : إن مثل الإيمان كمثل شجرة ثابتة ، الإيمان عروقها والصلاة أصلها والزكاة فروعها والصيام أغصانها والتأذي في الله نباتها وحسن الخلق ورقها والكف عن محارم الله ثمرتها . ويجوز أن يكون المعنى : أصل النخلة ثابت في الأرض ; أي عروقها تشرب من الأرض وتسقيها السماء من فوقها ، فهي زاكية نامية . وخرج الترمذي من حديث أنس بن مالك قال : أتي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بقناع فيه رطب ، فقال : مثلا كلمة طيبة كشجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها - قال - هي النخلة ، ومثل كلمة خبيثة كشجرة خبيثة اجتثت من فوق الأرض ما لها من قرار - قال - هي الحنظل . وروي عن أنس قوله وقال : وهو أصح . وخرج الدارقطني عن ابن عمر قال : ( قرأ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ضرب الله مثلا كلمة طيبة كشجرة طيبة أصلها ثابت فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : أتدرون ما هي فوقع في نفسي أنها النخلة . قال السهيلي ولا يصح فيها ما روي عن علي بن أبي طالب أنها جوزة الهند ; لما صح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في حديث ابن عمر إن من الشجرة شجرة لا يسقط ورقها وهي مثل المؤمن خبروني ما هي - ثم قال - هي النخلة خرجه مالك في " الموطأ " من رواية ابن القاسم وغيره إلا يحيى فإنه أسقطه من روايته . وخرجه أهل الصحيح وزاد فيه الحارث بن أسامة زيادة تساوي رحلة ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : وهي النخلة لا تسقط لها أنملة وكذلك المؤمن لا تسقط له دعوة . فبين معنى الحديث والمماثلةوذكر الغزنوي عنه - عليه السلام - : مثل المؤمن كالنخلة إن صاحبته نفعك وإن جالسته نفعك وإن شاورته نفعك كالنخلة كل شيء منها ينتفع به . وقال : كلوا من عمتكم يعني النخلة خلقت من فضلة طينة آدم - عليه السلام - وكذلك أنها برأسها تبقى ، وبقلبها تحيا ، وثمرها بامتزاج الذكر والأنثى . وقد قيل : إنها لما كانت أشبه الأشجار بالإنسان شبهت به ; وذلك أن كل شجرة إذا قطع رأسها تشعبت الغصون من جوانبها ، والنخلة إذا قطع رأسها يبست وذهبت أصلا ; ولأنها تشبه الإنسان وسائر الحيوان في الالتقاح لأنها لا تحمل حتى تلقح قال النبي - صلى الله عليه وسلم - : " خير المال سكة مأبورة ومهرة مأمورة ) . والإبار اللقاح وسيأتي في سورة " الحجر " بيانه . ولأنها من فضلة طينة آدم . ويقال : إن الله - عز وجل - لما صور آدم من الطين فضلت قطعة طين فصورها بيده وغرسها في جنة عدن . قال النبي - صلى الله عليه وسلم - : أكرموا عمتكم قالوا : ومن عمتنا يا رسول الله ؟ قال : النخلة .
14:25
تُؤْتِیْۤ اُكُلَهَا كُلَّ حِیْنٍۭ بِاِذْنِ رَبِّهَاؕ-وَ یَضْرِبُ اللّٰهُ الْاَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ یَتَذَكَّرُوْنَ(۲۵)
ہر وقت پھل دیتا ہے اپنے رب کے حکم سے (ف۶۳) اور اللہ لوگوں کے لیے مثالیں بیان فرماتا ہے کہ کہیں وہ سمجھیں (ف۶۴)

تؤتي أكلها كل حين قال الربيع : كل حين غدوة وعشية كذلك يصعد عمل المؤمن أول النهار وآخره ; وقال ابن عباس . وعنه تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها قال : هو شجرة جوزة الهند لا تتعطل من ثمرة ، تحمل في كل شهر ، شبه عمل المؤمن لله - عز وجل - في كل وقت : بالنخلة التي تؤتي أكلها في أوقات مختلفة . وقال الضحاك : كل ساعة من ليل أو نهار شتاء وصيفا يؤكل في جميع الأوقات ، وكذلك المؤمن لا يخلو من الخير في الأوقات كلها . وقال النحاس : وهذه الأقوال متقاربة غير متناقضة ; لأن الحين عند جميع أهل اللغة إلا من شذ منهم بمعنى الوقت يقع لقليل الزمان وكثيره ، وأنشد الأصمعي بيت النابغة :تناذرها الراقون من سوء سمها تطلقه حينا وحينا تراجعفهذا يبين لك أن الحين بمعنى الوقت ، فالإيمان ثابت في قلب المؤمن ، وعمله وقوله وتسبيحه عال مرتفع في السماء ارتفاع فروع النخلة ، وما يكسب من بركة الإيمان وثوابه كما ينال من ثمرة النخلة في أوقات السنة كلها ، من الرطب والبسر والبلح والزهو والتمر والطلع . وفي رواية عن ابن عباس : إن الشجرة شجرة في الجنة تثمر في كل وقت . و " مثلا " مفعول ب " ضرب " ، و " كلمة " بدل منه ، والكاف في قوله : " كشجرة " في موضع نصب على الحال من كلمة التقدير : كلمة طيبة مشبهة بشجرة طيبة . الثانية : قوله تعالى : " تؤتي أكلها كل حين " لما كانت الأشجار تؤتي أكلها كل سنة مرة كان في ذلك بيان حكم الحين ; ولهذا قلنا : من حلف ألا يكلم فلانا حينا ، ولا يقول كذا حينا أن الحين سنة . وقد ورد الحين في موضع آخر يراد به أكثر من ذلك لقوله تعالى :هل أتى على الإنسان حين من الدهر قيل في " التفسير " : أربعون عاما . وحكى عكرمة أن رجلا قال : إن فعلت كذا وكذا إلى حين فغلامه حر ، فأتى عمر بن عبد العزيز فسأله ، فسألني عنها فقلت : إن من الحين حينا لا يدرك ، قوله : وإن أدري لعله فتنة لكم ومتاع إلى حين فأرى أن تمسك ما بين صرام النخلة إلى حملها ، فكأنه أعجبه ; وهو قول أبي حنيفة في الحين أنه ستة أشهر اتباعا لعكرمة وغيره . وقد مضى ما للعلماء في الحين في " البقرة " مستوفى والحمد لله .ويضرب الله الأمثال أي الأشباه للناس لعلهم يتذكرون ويعتبرون ; وقد تقدم .
14:26
وَ مَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِیْثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِیْثَةِ ﹰ اجْتُثَّتْ مِنْ فَوْقِ الْاَرْضِ مَا لَهَا مِنْ قَرَارٍ(۲۶)
اور گندی بات (ف۶۵) کی مثال جیسے ایک گندہ پیڑ (ف۶۶) کہ زمین کے اوپر سے کاٹ دیا گیا اب اسے کوئی قیام نہیں (ف۶۷)

قوله تعالى : ومثل كلمة خبيثة كشجرة خبيثة اجتثت من فوق الأرض ما لها من قرار قوله تعالى : ومثل كلمة خبيثة كشجرة خبيثة الكلمة الخبيثة كلمة الكفر . وقيل : الكافر نفسه . والشجرة الخبيثة شجرة الحنظل كما في حديث أنس ، وهو قول ابن عباس ومجاهد وغيرهما ، وعن ابن عباس أيضا : أنها شجرة لم تخلق على الأرض . وقيل : هي شجرة الثوم ; عن ابن عباس أيضا . وقيل : الكمأة أو الطحلبة . وقيل : الكشوث ، وهي شجرة لا ورق لها ولا عروق في الأرض ; قال الشاعر :وهم كشوث فلا أصل ولا ورق" اجتثت من فوق الأرض " اقتلعت من أصلها ; قال ابن عباس ; ومنه قول لقيط :هو الجلاء الذي يجتث أصلكم فمن رأى مثل ذا يوما ومن سمعاوقال المؤرج : أخذت جثتها وهي نفسها ، والجثة شخص الإنسان قاعدا أو قائما . وجثه قلعه ، واجتثه اقتلعه من فوق الأرض ; أي ليس لها أصل راسخ يشرب بعروقه من الأرض . ما لها من قرار أي من أصل في الأرض . وقيل : من ثبات ; فكذلك الكافر لا حجة له ولا ثبات ولا خير فيه ، وما يصعد له قول طيب ولا عمل صالح . وروى معاوية بن صالح عن علي بن أبي طلحة في قوله تعالى : ضرب الله مثلا كلمة طيبة قال : لا إله إلا الله ، " كشجرة طيبة " قال : المؤمن ، " أصلها ثابت " لا إله إلا الله ثابتة في قلب المؤمن ، " ومثل كلمة خبيثة " قال : الشرك ، " كشجرة خبيثة " قال : المشرك ، " اجتثت من فوق الأرض ما لها من قرار " أي ليس للمشرك أصل يعمل عليه . وقيل : يرجع المثل إلى الدعاء إلى الإيمان ، والدعاء إلى الشرك ; لأن الكلمة يفهم منها القول والدعاء إلى الشيء .
14:27
یُثَبِّتُ اللّٰهُ الَّذِیْنَ اٰمَنُوْا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِی الْحَیٰوةِ الدُّنْیَا وَ فِی الْاٰخِرَةِۚ-وَ یُضِلُّ اللّٰهُ الظّٰلِمِیْنَ ﳜ وَ یَفْعَلُ اللّٰهُ مَا یَشَآءُ۠(۲۷)
اللہ ثابت رکھتا ہے ایمان والوں کو حق بات (ف۶۸) پر دنیا کی زندگی میں (ف۶۹) اور آخرت میں (ف۷۰) اور اللہ ظالموں کو گمراہ کرتا ہے (ف۷۱) اور اللہ جو چاہے کرے،

قوله تعالى : يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة ويضل الله الظالمين ويفعل الله ما يشاءقوله تعالى : يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت قال ابن عباس : هو لا إله إلا الله . وروى النسائي عن البراء قال : قال : " يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة " نزلت في عذاب القبر ; يقال : من ربك ؟ فيقول : ربي الله وديني دين محمد ، فذلك قوله : " يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة " .وقد جاء هكذا موقوفا في بعض طرق مسلم عن البراء أنه قوله ، والصحيح فيه الرفع كما في صحيح مسلم وكتاب النسائي وأبي داود وابن ماجه وغيرهم ، عن البراء عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ; وذكر البخاري ; حدثنا جعفر بن عمر ، قال حدثنا شعبة عن علقمة بن مرثد عن سعد بن عبيدة عن البراء بن عازب عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : إذا أقعد المؤمن في قبره أتاه آت ثم يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله فذلك قوله يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة وقد بينا هذا الباب في كتاب التذكرة وبينا هناك من يفتن في قبره ويسأل ، فمن أراد الوقوف عليه تأمله هناك . وقال سهل بن عمار : رأيت يزيد بن هارون في المنام بعد موته ، فقلت له : ما فعل الله بك ؟ فقال : أتاني في قبري ملكان فظان غليظان ، فقالا : ما دينك ومن ربك ومن نبيك ؟ فأخذت بلحيتي البيضاء وقلت : ألمثلي يقال هذا وقد علمت الناس جوابكما ثمانين سنة ؟ ! فذهبا وقالا : أكتبت عن حريز بن عثمان ؟ قلت نعم ! فقالا : إنه كان يبغض عليا فأبغضه الله . وقيل : معنى ، يثبت الله يديمهم الله على القول الثابت ، ومنه قول عبد الله بن رواحة :يثبت الله ما آتاك من حسن تثبيت موسى ونصرا كالذي نصراوقيل : يثبتهم في الدارين جزاء لهم على القول الثابت . وقال القفال وجماعة : في الحياة الدنيا أي في القبر ; لأن الموتى في الدنيا إلى أن يبعثوا ، وفي الآخرة أي عند الحساب ; وحكاه الماوردي عن البراء قال : المراد بالحياة الدنيا المساءلة في القبر ، وبالآخرة المساءلة في القيامة :ويضل الله الظالمين أي عن حجتهم في قبورهم كما ضلوا في الدنيا بكفرهم فلا يلقنهم كلمة الحق ، فإذا سئلوا في قبورهم قالوا : لا ندري ; فيقول : لا دريت ولا تليت ; وعند ذلك يضرب بالمقامع على ما ثبت في الأخبار ; وقد ذكرنا ذلك في كتاب التذكرة . وقيل : يمهلهم حتى يزدادوا ضلالا في الدنيا ." ويفعل الله ما يشاء " من عذاب قوم وإضلال قوم . وقيل : إن سبب نزول هذه الآية ما روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - لما وصف مساءلة منكر ونكير وما يكون من جواب الميت . قال عمر : يا رسول الله معي عقلي ؟ قال : نعم قال : كفيت إذا ; فأنزل الله - عز وجل - هذه الآية .
14:28
اَلَمْ تَرَ اِلَى الَّذِیْنَ بَدَّلُوْا نِعْمَتَ اللّٰهِ كُفْرًا وَّ اَحَلُّوْا قَوْمَهُمْ دَارَ الْبَوَارِۙ(۲۸)
کیا تم نے انہیں نہ دیکھا جنہوں نے اللہ کی نعمت ناشکری سے بدل دی (ف۷۲) اور اپنی قوم کو تباہی کے گھر لا اتار،

قوله تعالى : ألم تر إلى الذين بدلوا نعمة الله كفرا وأحلوا قومهم دار البوارقوله تعالى : ألم تر إلى الذين بدلوا نعمة الله كفرا أي جعلوا بدل نعمة الله عليهم الكفر في تكذيبهم محمدا - صلى الله عليه وسلم - حين بعثه الله منهم وفيهم فكفروا ، والمراد مشركو قريش وأن الآية نزلت فيهم ; عن ابن عباس وعلي وغيرهما . وقيل : نزلت في المشركين الذين قاتلوا النبي - صلى الله عليه وسلم - يوم بدر . قال أبو الطفيل : سمعت عليا - رضي الله عنه - يقول : هم قريش الذين نحروا يوم بدر . وقيل : نزلت في الأفجرين من قريش بني مخزوم وبني أمية ، فأما بنو أمية فمتعوا إلى حين ; وأما بنو مخزوم فأهلكوا يوم بدر ; قال علي بن أبي طالب وعمر بن الخطاب - رضي الله عنهما - . وقول رابع : أنهم متنصرة العرب جبلة بن الأيهم وأصحابه حين لطم فجعل له عمر القصاص بمثلها ، فلم يرض وأنف فارتد متنصرا ولحق بالروم في جماعة من قومه ; عن ابن عباس وقتادة . ولما صار إلى بلد الروم ندم فقال :تنصرت الأشراف من عار لطمة وما كان فيها لو صبرت لها ضرر تكنفني منها لجاج ونخوةوبعت لها العين الصحيحة بالعور فيا ليتني أرعى المخاض ببلدةولم أنكر القول الذي قاله عمروقال الحسن : إنها عامة في جميع المشركين . وأحلوا قومهم أي أنزلوهم . قال ابن عباس : هم قادة المشركين يوم بدر .وأحلوا قومهم أي الذين اتبعوهم .دار البوار قيل : جهنم ; قال ابن زيد . وقيل : يوم بدر ; قال علي بن أبي طالب ومجاهد . والبوار الهلاك ; ومنه قول الشاعر :فلم أر مثلهم أبطال حرب غداة الحرب إذ خيف البوار
14:29
جَهَنَّمَۚ-یَصْلَوْنَهَاؕ-وَ بِئْسَ الْقَرَارُ(۲۹)
وہ جو دوزخ ہے اس کے اندر جائیں گے، اور کیا ہی بری ٹھہرنے کی جگہ،

جهنم يصلونها بين أن دار البوار جهنم كما قال ابن زيد ، وعلى هذا لا يجوز الوقف على دار البوار لأن جهنم منصوبة على الترجمة عن دار البوار فلو رفعها رافع بإضمار على معنى : هي جهنم ، أو بما عاد من الضمير في يصلونها لحسن الوقف على دار البوار .وبئس القرار أي المستقر .ليضلوا عن سبيله أي عن دينه . وقرأ ابن كثير وأبو عمرو بفتح الياء ، وكذلك في الحج " ليضل عن سبيل الله " ومثله في " لقمان " و " الزمر " وضمها الباقون على معنى ليضلوا الناس عن سبيله ، وأما من فتح فعلى معنى أنهم هم يضلون عن سبيل الله على اللزوم ، أي عاقبتهم إلى الإضلال والضلال ; فهذه لام العاقبة .قل تمتعوا وعيد لهم ، وهو إشارة إلى تقليل ما هم فيه من ملاذ الدنيا إذ هو منقطع .فإن مصيركم إلى النار أي مردكم ومرجعكم إلى عذاب جهنم .
14:30
وَ جَعَلُوْا لِلّٰهِ اَنْدَادًا لِّیُضِلُّوْا عَنْ سَبِیْلِهٖؕ-قُلْ تَمَتَّعُوْا فَاِنَّ مَصِیْرَكُمْ اِلَى النَّارِ(۳۰)
اور اللہ کے لیے برابر والے ٹھہراے (ف۷۳) کہ اس کی راہ سے بہکاویں تم فرماؤ (ف۷۴) کچھ برت لو کہ تمہارا انجام آگ ہے (ف۷۵)

وجعلوا لله أندادا أي أصناما عبدوها ; وقد تقدم في " البقرة " . لِيُضِلُّوا عَنْ سَبِيلِهِأي عن دينه .وقرأ ابن كثير وأبو عمرو بفتح الياء , وكذلك في الحج " ليضل عن سبيل الله " [ الحج : 9 ] ومثله في " لقمان " و " الزمر " وضمها الباقون على معنى ليضلوا الناس عن سبيله , وأما من فتح فعلى معنى أنهم هم يضلون عن سبيل الله على اللزوم , أي عاقبتهم إلى الإضلال والضلال ; فهذه لام العاقبة .قُلْ تَمَتَّعُواوعيد لهم , وهو إشارة إلى تقليل ما هم فيه من ملاذ الدنيا إذ هو منقطع .فَإِنَّ مَصِيرَكُمْ إِلَى النَّارِأي مردكم ومرجعكم إلى عذاب جهنم .
14:31
قُلْ لِّعِبَادِیَ الَّذِیْنَ اٰمَنُوْا یُقِیْمُوا الصَّلٰوةَ وَ یُنْفِقُوْا مِمَّا رَزَقْنٰهُمْ سِرًّا وَّ عَلَانِیَةً مِّنْ قَبْلِ اَنْ یَّاْتِیَ یَوْمٌ لَّا بَیْعٌ فِیْهِ وَ لَا خِلٰلٌ(۳۱)
میرے ان بندوں سے فرماؤ جو ایمان لائے کہ نماز قائم رکھیں اور ہمارے دیے میں سے کچھ ہماری راہ میں چھپے اور ظاہر خرچ کریں اس دن کے آنے سے پہلے جس میں نہ سوداگری ہوگی (ف۷۶) نہ یارانہ (ف۷۷)

قوله تعالى : قل لعبادي الذين آمنوا يقيموا الصلاة وينفقوا مما رزقناهم سرا وعلانية من قبل أن يأتي يوم لا بيع فيه ولا خلالقوله تعالى : قل لعبادي الذين آمنوا أي إن أهل مكة بدلوا نعمة الله بالكفر ، فقل لمن آمن وحقق عبوديته أن يقيموا الصلاة يعني الصلوات الخمس ، أي قل لهم أقيموا ، والأمر معه شرط مقدر ، تقول : أطع الله يدخلك الجنة ; أي إن أطعته يدخلك الجنة ; هذا قول الفراء . وقال الزجاج : " يقيموا " مجزوم بمعنى اللام ، أي ليقيموا فأسقطت اللام لأن الأمر دل على الغائب ب " قل " . قال : ويحتمل أن يقال : يقيموا جواب أمر محذوف ; أي قل لهم أقيموا الصلاة يقيموا الصلاة .وينفقوا مما رزقناهم سرا وعلانية يعني الزكاة ; عن ابن عباس وغيره . وقال الجمهور : السر ما خفي والعلانية ما ظهر . وقال القاسم بن يحيى : إن السر التطوع والعلانية الفرض ، وقد مضى هذا المعنى في " البقرة " مجودا عند قوله : إن تبدوا الصدقات فنعما هي .من قبل أن يأتي يوم لا بيع فيه ولا خلال تقدم في البقرة أيضا . و " خلال " جمع خلة كقلة وقلال . قال :فلست بمقلي الخلال ولا قالي
14:32
اَللّٰهُ الَّذِیْ خَلَقَ السَّمٰوٰتِ وَ الْاَرْضَ وَ اَنْزَلَ مِنَ السَّمَآءِ مَآءً فَاَخْرَ جَ بِهٖ مِنَ الثَّمَرٰتِ رِزْقًا لَّكُمْۚ-وَ سَخَّرَ لَكُمُ الْفُلْكَ لِتَجْرِیَ فِی الْبَحْرِ بِاَمْرِهٖۚ-وَ سَخَّرَ لَكُمُ الْاَنْهٰرَۚ(۳۲)
اللہ ہے جس نے آسمان اور زمین بنائے اور آسمان سے پانی اتارا تو اس سے کچھ پھل تمہارے کھانے کو پیدا کیے اور تمہارے لیے کشتی کو مسخر کیا کہ اس کے حکم سے دریا میں چلے (ف۷۸) اور تمہارے لیے ندیاں مسخر کیں، (ف۷۹)

قوله تعالى : الله الذي خلق السماوات والأرض وأنزل من السماء ماء فأخرج به من الثمرات رزقا لكم وسخر لكم الفلك لتجري في البحر بأمره وسخر لكم الأنهارقوله تعالى : الله الذي خلق السماوات والأرض أي أبدعها واخترعها على غير مثال سبق .وأنزل من السماء أي من السحاب .ماء فأخرج به من الثمرات رزقا لكم أي من الشجر ثمرات رزقا لكم ، " وسخر لكم الفلك لتجري في البحر بأمره " تقدم معناه في ( البقرة )وسخر لكم الأنهار يعني البحار العذبة لتشربوا منها وتسقوا وتزرعوا ، والبحار المالحة لاختلاف المنافع من الجهات .
14:33
وَ سَخَّرَ لَكُمُ الشَّمْسَ وَ الْقَمَرَ دَآىٕبَیْنِۚ-وَ سَخَّرَ لَكُمُ الَّیْلَ وَ النَّهَارَۚ(۳۳)
اور تمہارے لیے سورج اور چاند مسخر کیے جو برابر چل رہے ہیں (ف۸۰) اور تمہارے لیے رات اور دن مسخر کیے (ف۸۱)

وسخر لكم الشمس والقمر دائبين أي في إصلاح ما يصلحانه من النبات وغيره ، والدءوب مرور الشيء في العمل على عادة جارية . وقيل : دائبين في السير امتثالا لأمر الله ، والمعنى يجريان إلى يوم القيامة لا يفتران ; روي معناه عن ابن عباس .وسخر لكم الليل والنهار أي لتسكنوا في الليل ولتبتغوا من فضله في النهار ، كما قال : " ومن رحمته جعل لكم الليل والنهار لتسكنوا فيه ولتبتغوا من فضله " .
14:34
وَ اٰتٰىكُمْ مِّنْ كُلِّ مَا سَاَلْتُمُوْهُؕ-وَ اِنْ تَعُدُّوْا نِعْمَتَ اللّٰهِ لَا تُحْصُوْهَاؕ-اِنَّ الْاِنْسَانَ لَظَلُوْمٌ كَفَّارٌ۠(۳۴)
اور تمہیں بہت کچھ منہ مانگا دیا، اور اگر اللہ کی نعمتیں گنو تو شمار نہ کرسکو گے، بیشک آدمی بڑا ظالم ناشکرا ہے (ف۸۲)

قوله تعالى : وآتاكم من كل ما سألتموه أي أعطاكم من كل مسئول سألتموه شيئا ; فحذف ; عن الأخفش . وقيل : المعنى وآتاكم من كل ما سألتموه ، ومن كل ما لم تسألوه فحذف ، فلم نسأله شمسا ولا قمرا ولا كثيرا من نعمه التي ابتدأنا بها . وهذا كما قال : سرابيل تقيكم الحر على ما يأتي . وقيل : " من " زائدة ; أي آتاكم كل ما سألتموه . وقرأ ابن عباس والضحاك وغيرهما " وآتاكم من كل " بالتنوين " ما سألتموه " وقد رويت هذه القراءة عن الحسن والضحاك وقتادة ; هي على النفي أي من كل ما لم تسألوه ; كالشمس والقمر وغيرهما . وقيل : من كل شيء ما سألتموه أي الذي ما سألتموه .وإن تعدوا نعمة الله أي نعم الله . لا تحصوها ولا تطيقوا عدها ، ولا تقوموا بحصرها لكثرتها ، كالسمع والبصر وتقويم الصور إلى غير ذلك من العافية والرزق ; نعم لا تحصى وهذه النعم من الله ، فلم تبدلون نعمة الله بالكفر ؟ ! وهلا استعنتم بها على الطاعة ؟ !إن الإنسان لظلوم كفار الإنسان لفظ جنس وأراد به الخصوص ; قال ابن عباس : أراد أبا جهل . وقيل : جميع الكفار .
14:35
وَ اِذْ قَالَ اِبْرٰهِیْمُ رَبِّ اجْعَلْ هٰذَا الْبَلَدَ اٰمِنًا وَّ اجْنُبْنِیْ وَ بَنِیَّ اَنْ نَّعْبُدَ الْاَصْنَامَؕ(۳۵)
اور یاد کرو جب ابراہیم نے عرض کی اے میرے رب اس شہر (ف۸۳) کو امان والا کردے (ف۸۴) اور مجھے اور میرے بیٹوں کو بتوں کے پوجنے سے بچا (ف۸۵)

قوله تعالى : وإذ قال إبراهيم رب اجعل هذا البلد آمنا واجنبني وبني أن نعبد الأصنام رب إنهن أضللن كثيرا من الناس فمن تبعني فإنه مني ومن عصاني فإنك غفور رحيمقوله تعالى : وإذ قال إبراهيم رب اجعل هذا البلد آمنا يعني مكة وقد مضى في " البقرة " .واجنبني وبني أن نعبد الأصنام أي اجعلني جانبا عن عبادتها ، وأراد بقوله : " بني " بنيه من صلبه وكانوا ثمانية ، فما عبد أحد منهم صنما . وقيل : هو دعاء لمن أراد الله أن يدعو له . وقرأ الجحدري وعيسى " وأجنبني " بقطع الألف والمعنى واحد ; يقال : جنبت ذلك الأمر ، وأجنبته وجنبته إياه فتجانبه واجتنبه أي تركه . وكان إبراهيم التيمي يقول في قصصه : من يأمن البلاء بعد الخليل حين يقول " واجنبني وبني أن نعبد الأصنام " كما عبدها أبي وقومي .
14:36
رَبِّ اِنَّهُنَّ اَضْلَلْنَ كَثِیْرًا مِّنَ النَّاسِۚ-فَمَنْ تَبِعَنِیْ فَاِنَّهٗ مِنِّیْۚ-وَ مَنْ عَصَانِیْ فَاِنَّكَ غَفُوْرٌ رَّحِیْمٌ(۳۶)
اے میرے رب بیشک بتوں نے بہت لوگ بہکائے دیے (ف۸۶) تو جس نے میرا ساتھ دیا (ف۸۷) وہ تو میرا ہے اور جس نے میرا کہا نہ مانا تو بیشک تو بخشنے والا مہربان ہے (ف۸۸)

قوله تعالى : رب إنهن أضللن كثيرا من الناس لما كانت سببا للإضلال أضاف الفعل إليهن مجازا ; فإن الأصنام جمادات لا تفعل .فمن تبعني في التوحيد . " فإنه مني " أي من أهل ديني .ومن عصاني أي أصر على الشرك . فإنك غفور رحيم قيل : قال هذا قبل أن يعرفه الله أن الله لا يغفر أن يشرك به . وقيل : غفور رحيم لمن تاب من معصيته قبل الموت . وقال مقاتل بن حيان : ومن عصاني فيما دون الشرك .
14:37
رَبَّنَاۤ اِنِّیْۤ اَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّیَّتِیْ بِوَادٍ غَیْرِ ذِیْ زَرْعٍ عِنْدَ بَیْتِكَ الْمُحَرَّمِۙ -رَبَّنَا لِیُقِیْمُوا الصَّلٰوةَ فَاجْعَلْ اَفْىٕدَةً مِّنَ النَّاسِ تَهْوِیْۤ اِلَیْهِمْ وَ ارْزُقْهُمْ مِّنَ الثَّمَرٰتِ لَعَلَّهُمْ یَشْكُرُوْنَ(۳۷)
اے میرے رب میں نے اپنی کچھ اولاد ایک نالے میں بسائی جس میں کھیتی نہیں ہوتی تیرے حرمت والے گھر کے پاس (ف۸۹) اے میرے رب اس لیے کہ وہ (ف۹۰) نماز قائم رکھیں تو تو لوگوں کے کچھ دل ان کی طرف مائل کردے (ف۹۱) اور انہیں کچھ پھل کھانے کو دے (ف۹۲) شاید وہ احسان مانیں،

قوله تعالى : ربنا إني أسكنت من ذريتي بواد غير ذي زرع عند بيتك المحرم ربنا ليقيموا الصلاة فاجعل أفئدة من الناس تهوي إليهم وارزقهم من الثمرات لعلهم يشكرونفيه ست مسائل :الأولى : روى البخاري عن ابن عباس : ( أول ما اتخذ النساء المنطق من قبل أم إسماعيل ; اتخذت منطقا لتعفي أثرها على سارة ، ثم جاء بها إبراهيم وبابنها إسماعيل وهي ترضعه ، حتى وضعهما عند البيت عند دوحة فوق زمزم في أعلى المسجد ، وليس بمكة يومئذ أحد ، وليس بها ماء ، فوضعهما هنالك ; ووضع عندهما جرابا فيه تمر ، وسقاء فيه ماء ، ثم قفى إبراهيم منطلقا فتبعته أم إسماعيل ; فقالت : يا إبراهيم ! أين تذهب وتتركنا بهذا الوادي الذي ليس فيه إنس ولا شيء ، فقالت له ذلك مرارا وجعل لا يلتفت إليها ، فقالت له : آلله أمرك بهذا ؟ قال : نعم . قالت إذا لا يضيعنا ; ثم رجعت ، فانطلق إبراهيم . حتى إذا كان عند الثنية حيث لا يرونه ، استقبل بوجهه البيت ثم دعا بهذه الدعوات ، ورفع يديه فقال : ربنا إني أسكنت من ذريتي بواد غير ذي زرع حتى بلغ يشكرون وجعلت أم إسماعيل ترضع إسماعيل وتشرب من ذلك الماء ، حتى إذا نفد ما في السقاء عطشت وعطش ابنها ، وجعلت تنظر إليه يتلوى - أو قال يتلبط - فانطلقت كراهية أن تنظر إليه ، فوجدت الصفا أقرب جبل في الأرض يليها ، فقامت عليه ، ثم استقبلت الوادي تنظر هل ترى أحدا ، فلم تر أحدا ، فهبطت من الصفا ، حتى إذا بلغت الوادي ، رفعت طرف درعها ، ثم سعت سعي الإنسان المجهود ، ثم جاوزت الوادي ، ثم أتت المروة فقامت عليه ، فنظرت هل ترى أحدا فلم تر أحدا ، ففعلت ذلك سبع مرات ; قال ابن عباس قال النبي - صلى الله عليه وسلم - : فذلك سعي الناس بينهما فلما أشرفت على المروة سمعت صوتا فقالت : صه ! تريد نفسها ، ثم تسمعت فسمعت أيضا فقالت : قد أسمعت ، إن كان عندك غواث ! فإذا هي بالملك عند موضع زمزم فبحث بعقبه - أو قال بجناحه - حتى ظهر الماء ، فجعلت تحوضه وتقول بيدها هكذا ، وجعلت تغرف من الماء في سقائها وهو يفور بعد ما تغرف ; قال ابن عباس قال النبي - صلى الله عليه وسلم - : يرحم الله أم إسماعيل لو تركت زمزم - أو قال : لو لم تغرف من الماء - لكانت زمزم عينا معينا قال : فشربت وأرضعت ولدها فقال لها الملك : لا تخافي الضيعة فإن هاهنا بيت الله يبنيه هذا الغلام وأبوه ، وإن الله لا يضيع أهله ) وذكر الحديث بطوله .مسألة : لا يجوز لأحد أن يتعلق بهذا في طرح ولده وعياله بأرض مضيعة اتكالا على العزيز الرحيم ، واقتداء بفعل إبراهيم الخليل ، كما تقول غلاة الصوفية في حقيقة التوكل ، فإن إبراهيم فعل ذلك بأمر الله لقوله في الحديث : آلله أمرك بهذا ؟ قال : نعم . وقد روي أن سارة لما غارت من هاجر بعد أن ولدت إسماعيل خرج بها إبراهيم - عليه السلام - إلى مكة ، فروي أنه ركب البراق هو وهاجر والطفل فجاء في يوم واحد من الشام إلى بطن مكة ، وترك ابنه وأمته هنالك وركب منصرفا من يومه ، فكان ذلك كله بوحي من الله تعالى ، فلما ولى دعا بضمن هذه الآية .الثانية : لما أراد الله تأسيس الحال ، وتمهيد المقام ، وخط الموضع للبيت المكرم ، والبلد المحرم ، أرسل الملك فبحث عن الماء وأقامه مقام الغذاء ، وفي الصحيح : أن أبا ذر - رضي الله عنه - اجتزأ به ثلاثين بين يوم وليلة ، قال أبو ذر : ما كان لي طعام إلا ماء زمزم فسمنت حتى تكسرت عكني ، وما أجد على كبدي سخفة جوع ; وذكر الحديث . وروى الدارقطني عن ابن عباس قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ماء زمزم لما شرب له إن شربته تشتفي به شفاك الله وإن شربته لشبعك أشبعك الله به وإن شربته لقطع ظمئك قطعه وهي هزمة جبريل وسقيا الله إسماعيل . وروي أيضا عن عكرمة قال : كان ابن عباس إذا شرب من زمزم قال : اللهم إني أسألك علما نافعا ، ورزقا واسعا ، وشفاء من كل داء . قال ابن العربي : وهذا موجود فيه إلى يوم القيامة لمن صحت نيته ، وسلمت طويته ، ولم يكن به مكذبا ، ولا يشربه مجربا ، فإن الله مع المتوكلين ، وهو يفضح المجربين . وقال أبو عبد الله محمد بن علي الترمذي وحدثني أبي - رحمه الله - قال : دخلت الطواف في ليلة ظلماء فأخذني من البول ما شغلني ، فجعلت أعتصر حتى آذاني ، وخفت إن خرجت من المسجد أن أطأ بعض تلك الأقدام ، وذلك أيام الحج ; فذكرت هذا الحديث ، فدخلت زمزم فتضلعت منه ، فذهب عني إلى الصباح . وروي عن عبد الله بن عمرو : إن في زمزم عينا في الجنة من قبل الركن .الثالثة : قوله تعالى : ومن ذريتي " من " في قوله تعالى : من ذريتي للتبعيض أي أسكنت بعض ذريتي ; يعني إسماعيل وأمه ; لأن إسحاق كان بالشام . وقيل : هي صلة ; أي أسكنت ذريتي .الرابعة : قوله تعالى : عند بيتك المحرم يدل على أن البيت كان قديما على ما روي قبل الطوفان ، وقد مضى هذا المعنى في سورة " البقرة " . وأضاف البيت إليه لأنه لا يملكه غيره ، ووصفه بأنه محرم ، أي يحرم فيه ما يستباح في غيره من جماع واستحلال . وقيل : محرم على الجبابرة ، وأن تنتهك حرمته ، ويستخف بحقه ، قاله قتادة وغيره . وقد مضى القول في هذا في " المائدة " .الخامسة : قوله تعالى : ربنا ليقيموا الصلاة خصها من جملة الدين لفضلها فيه ، ومكانها منه ، وهي عهد الله عند العباد ; قال - صلى الله عليه وسلم - : خمس صلوات كتبهن الله على العباد . الحديث . واللام في ليقيموا الصلاة لام كي ; هذا هو الظاهر فيها وتكون متعلقة ب " أسكنت " ويصح أن تكون لام أمر ، كأنه رغب إلى الله أن يأتمنهم وأن يوفقهم لإقامة الصلاة .السادسة : تضمنت هذه الآية أن الصلاة بمكة أفضل من الصلاة بغيرها ; لأن معنى ربنا ليقيموا الصلاة أي أسكنتهم عند بيتك المحرم ليقيموا الصلاة فيه . وقد اختلف العلماء هل الصلاة بمكة أفضل أو في مسجد النبي - صلى الله عليه وسلم - ؟ فذهب عامة أهل الأثر إلى أن الصلاة في المسجد الحرام أفضل من الصلاة في مسجد الرسول - صلى الله عليه وسلم - بمائة صلاة ، واحتجوا بحديث عبد الله بن الزبير قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : صلاة في مسجدي هذا أفضل من ألف صلاة فيما سواه من المساجد إلا المسجد الحرام وصلاة في المسجد الحرام أفضل من صلاة في مسجدي هذا بمائة صلاة " . قال الإمام الحافظ أبو عمر : وأسند هذا الحديث حبيب المعلم عن عطاء بن أبي رباح عن عبد الله بن الزبير وجوده ، ولم يخلط في لفظه ولا في معناه ، وكان ثقة . قال ابن أبي خيثمة سمعت يحيى بن معين يقول : حبيب المعلم ثقة . وذكر عبد الله بن أحمد قال سمعت أبي يقول : حبيب المعلم ثقة ما أصح حديثه ! وسئل أبو زرعة الرازي عن حبيب المعلم فقال : بصري ثقة . قلت : وقد خرج حديث حبيب المعلم هذا عن عطاء بن أبي رباح عن عبد الله بن الزبير عن النبي - صلى الله عليه وسلم - الحافظ أبو حاتم محمد بن حاتم التميمي البستي في المسند الصحيح له ، فالحديث صحيح وهو الحجة عند التنازع والاختلاف . والحمد لله . قال أبو عمر : وقد روي عن ابن عمر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - مثل حديث ابن الزبير ; رواه موسى الجهني عن نافع عن ابن عمرو ; وموسى الجهني الكوفي ثقة ، أثنى عليه القطان وأحمد ويحيى وجماعتهم . وروى عنه شعبة . والثوري ويحيى بن سعيد . وروى حكيم بن سيف ، حدثنا عبيد الله بن عمر ; عن عبد الكريم عن عطاء بن أبي رباح ، عن جابر بن عبد الله قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : صلاة في مسجدي هذا أفضل من ألف صلاة فيما سواه إلا المسجد الحرام وصلاة في المسجد الحرام أفضل من مائة ألف فيمن سواه . وحكيم بن سيف هذا شيخ من أهل الرقة قد روى عنه أبو زرعة الرازي ، وأخذ عنه ابن وضاح ، وهو عندهم شيخ صدوق لا بأس به . فإن كان حفظ فهما حديثان ، وإلا فالقول قول حبيب المعلم . وروى محمد بن وضاح ، حدثنا يوسف بن عدي عن عمر بن عبيد عن عبد الملك عن عطاء عن ابن عمر قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : صلاة في مسجدي هذا أفضل من ألف صلاة في غيره من المساجد إلا المسجد الحرام فإن الصلاة فيه أفضل . قال أبو عمر : وهذا كله نص في موضع الخلاف قاطع له عند من ألهم رشده ، ولم تمل به عصبيته . وذكر ابن حبيب عن مطرف وعن أصبغ عن ابن وهب أنهما كانا يذهبان إلى تفضيل الصلاة في المسجد الحرام على الصلاة في مسجد النبي - صلى الله عليه وسلم - على ما في هذا الباب . وقد اتفق مالك وسائر العلماء على أن صلاة العيدين يبرز لهما في كل بلد إلا مكة فإنها تصلى في المسجد الحرام . وكان عمر وعلي وابن مسعود وأبو الدرداء وجابر يفضلون مكة ومسجدها وهم أولى بالتقليد ممن بعدهم ; وإلى هذا ذهب الشافعي . وهو قول عطاء والمكيين والكوفيين ، وروي مثله عن مالك ; ذكر ابن وهب في جامعه عن مالك أن آدم - عليه السلام - لما أهبط إلى الأرض قال : يا رب هذه أحب إليك أن تعبد فيها ؟ قال : بل مكة . والمشهور عنه وعن أهل المدينة تفضيل المدينة ، واختلف أهل البصرة والبغداديون في ذلك ; فطائفة تقول مكة ، وطائفة تقول المدينة .قوله تعالى : فاجعل أفئدة من الناس تهوي إليهم الأفئدة جمع فؤاد وهي القلوب ، وقد يعبر عن القلب بالفؤاد كما قال الشاعر :وإن فؤادا قادني بصبابة إليك على طول المدى لصبوروقيل : جمع وفد ، والأصل أوفدة ، فقدمت الفاء وقلبت الواو ياء كما هي ، فكأنه قال : واجعل وفودا من الناس تهوي إليهم ; أي تنزع ; يقال : هوي نحوه إذا مال ، وهوت الناقة تهوي هويا فهي هاوية إذا عدت عدوا شديدا كأنها في هواء بئر ، وقوله : تهوي إليهم مأخوذ منه . قال ابن عباس ومجاهد : لو قال أفئدة الناس لازدحمت عليه فارس والروم والترك والهند واليهود والنصارى والمجوس ، ولكن قال : من الناس فهم المسلمون ; فقوله : تهوي إليهم أي تحن إليهم ، وتحن إلى زيارة البيت . وقرأ مجاهد " تهوى إليهم " أي تهواهم وتجلهم .وارزقهم من الثمرات لعلهم يشكرون فاستجاب الله دعاءه ، وأنبت لهم بالطائف سائر الأشجار ، وبما يجلب إليهم من الأمصار . وفي صحيح البخاري عن ابن عباس الحديث الطويل وقد ذكرنا بعضه : ( فجاء إبراهيم بعد ما تزوج إسماعيل يطالع تركته فلم يجد إسماعيل ، فسأل امرأته عنه فقالت : خرج يبتغي لنا ، ثم سألهم عن عيشهم وهيئتهم فقالت : نحن بشر ، نحن في ضيق وشدة ; فشكت إليه ، قال : فإذا جاء زوجك فاقرئي عليه السلام وقولي له يغير عتبة بابه ، فلما جاء إسماعيل كأنه آنس شيئا فقال : هل جاءكم من أحد ! قالت : نعم جاءنا شيخ كذا وكذا فسألني عنك فأخبرته ، وسألني كيف عيشتنا فأخبرته أنا في جهد وشدة ، قال فهل أوصاك بشيء : قالت : أمرني أن أقرأ عليك السلام ، ويقول : غير عتبة بابك ; قال : ذاك أبي وقد أمرني أن أفارقك ، الحقي بأهلك ; فطلقها وتزوج منهم أخرى ، فلبث عنهمإبراهيم ما شاء الله ثم أتاهم بعد فلم يجده ، ودخل على امرأته فسألها عنه فقالت : خرج يبتغي لنا . قال : كيف أنتم ؟ وسألها عن عيشهم وهيئتهم فقالت : نحن بخير وسعة وأثنت على الله . قال ما طعامكم ؟ قالت : اللحم . قال فما شرابكم ؟ قالت : الماء . قال : اللهم بارك لهم في اللحم والماء . قال النبي - صلى الله عليه وسلم - : ولم يكن لهم يومئذ حب ولو كان لهم دعا لهم فيه . قال : فهما لا يخلو عليهما أحد بغير مكة إلا لم يوافقاه ; وذكر الحديث . وقال ابن عباس : قول إبراهيم فاجعل أفئدة من الناس تهوي إليهم سأل أن يجعل الله الناس يهوون السكنى بمكة ، فيصير بيتا محرما ، وكل ذلك كان والحمد لله . وأول من سكنه جرهم . ففي البخاري - بعد قوله : وإن الله لا يضيع أهله - وكان البيت مرتفعا من الأرض كالرابية تأتيه السيول فتأخذ عن يمينه وعن شماله ، وكذلك حتى مرت بهم رفقة من جرهم قافلين من طريق كذا ، فنزلوا بأسفل مكة ، فرأوا طائرا عائفا فقالوا : إن هذا الطائر ليدور على ماء ! لعهدنا بهذا الوادي وما فيه ماء ; فأرسلوا جريا أو جريين فإذا هم بالماء ، فأخبروهم بالماء فأقبلوا . قال : وأم إسماعيل عند الماء ; فقالوا : أتأذنين لنا أن ننزل عندك ؟ قالت : نعم ولكن لا حق لكم في الماء . قالوا : نعم . قال ابن عباس قال النبي - صلى الله عليه وسلم - : فألفى ذلك أم إسماعيل وهي تحب الأنس فنزلوا وأرسلوا إلى أهلهم فنزلوا معهم حتى إذا كان بها أهل أبيات منهم ، شب الغلام ، وماتت أم إسماعيل ، فجاء إبراهيم بعد ما تزوج إسماعيل يطالع تركته ; الحديث .
14:38
رَبَّنَاۤ اِنَّكَ تَعْلَمُ مَا نُخْفِیْ وَ مَا نُعْلِنُؕ- وَ مَا یَخْفٰى عَلَى اللّٰهِ مِنْ شَیْءٍ فِی الْاَرْضِ وَ لَا فِی السَّمَآءِ(۳۸)
اے ہمارے رب تو جانتا ہے جو ہم چھپاتے ہیں اور ظاہر کرتے اور اللہ پر کچھ چھپا نہیں زمین میں اور نہ آسمان میں (ف۹۳)

قوله تعالى : ربنا إنك تعلم ما نخفي وما نعلن أي ، ليس يخفى عليك شيء من أحوالنا . وقال ابن عباس ومقاتل : تعلم جميع ما أخفيه وما أعلنه من الوجد بإسماعيل وأمه حيث أسكنا بواد غير ذي زرع . " وما يخفى على الله من شيء في الأرض ولا في السماء " قيل : هو من قول إبراهيم . وقيل : هو من قول الله تعالى لما قال إبراهيم : ربنا إنك تعلم ما نخفي وما نعلن قال الله : وما يخفى على الله من شيء في الأرض ولا في السماء .
14:39
اَلْحَمْدُ لِلّٰهِ الَّذِیْ وَهَبَ لِیْ عَلَى الْكِبَرِ اِسْمٰعِیْلَ وَ اِسْحٰقَؕ- اِنَّ رَبِّیْ لَسَمِیْعُ الدُّعَآءِ(۳۹)
سب خوبیاں اللہ کو جس نے مجھے بڑھاپے میں اسماعیل و اسحاق دیئے بیشک میرا رب دعا سننے والا ہے،

الحمد لله الذي وهب لي على الكبر أي على كبر سني وسن امرأتي ; قال ابن عباس : ولد له إسماعيل وهو ابن تسع وتسعين سنة . وإسحاق وهو ابن مائة واثنتي عشرة سنة . وقال سعيد بن جبير : بشر إبراهيم بإسحاق بعد عشر ومائة سنة . إن ربي لسميع الدعاء .
14:40
رَبِّ اجْعَلْنِیْ مُقِیْمَ الصَّلٰوةِ وَ مِنْ ذُرِّیَّتِیْ ﳓ رَبَّنَا وَ تَقَبَّلْ دُعَآءِ(۴۰)
اے میرے رب! مجھے نماز قائم کرنے والا رکھ اور کچھ میری اولاد کو (ف۹۴) اے ہمارے رب اور ہماری دعا سن لے،

رب اجعلني مقيم الصلاة أي من الثابتين على الإسلام والتزام أحكامه .ومن ذريتي أي واجعل من ذريتي من يقيمها .ربنا وتقبل دعاء أي عبادتي كما قال : وقال ربكم ادعوني أستجب لكم . وقال - عليه السلام - : الدعاء مخ العبادة وقد تقدم في " البقرة " .
  FONT
  THEME
  TRANSLATION
  • English | Ahmed Ali
  • Urdu | Ahmed Raza Khan
  • Turkish | Ali-Bulaç
  • German | Bubenheim Elyas
  • Chinese | Chineese
  • Spanish | Cortes
  • Dutch | Dutch
  • Portuguese | El-Hayek
  • English | English
  • Urdu | Fateh Muhammad Jalandhry
  • French | French
  • Hausa | Hausa
  • Indonesian | Indonesian-Bahasa
  • Italian | Italian
  • Korean | Korean
  • Malay | Malay
  • Russian | Russian
  • Tamil | Tamil
  • Thai | Thai
  • Farsi | مکارم شیرازی
  TAFSEER
  • العربية | التفسير الميسر
  • العربية | تفسير الجلالين
  • العربية | تفسير السعدي
  • العربية | تفسير ابن كثير
  • العربية | تفسير الوسيط لطنطاوي
  • العربية | تفسير البغوي
  • العربية | تفسير القرطبي
  • العربية | تفسير الطبري
  • English | Arberry
  • English | Yusuf Ali
  • Dutch | Keyzer
  • Dutch | Leemhuis
  • Dutch | Siregar
  • Urdu | Sirat ul Jinan
  HELP

اِبرٰهِيْم
اِبرٰهِيْم
  00:00



Download

اِبرٰهِيْم
اِبرٰهِيْم
  00:00



Download