READ

Surah Ghafir

اَلْمُؤْمِن
85 Ayaat    مکیۃ


40:0
بِسْمِ اللّٰهِ الرَّحْمٰنِ الرَّحِیْمِ
اللہ کے نام سے شروع جو بہت مہربان رحمت والا

سورة الفاتحة هي السورة الوحيدة التي أمر الإسلام أتباعه أن يقرءوها في كل صلاة. وفي جميع الركعات، وفي كل الأوقات، ولهذا أصبح حفظها ميسورا لكل مؤمن.وهذه السورة على صغر حجمها، وقلة آياتها، قد اشتملت بوجه إجمالي على مقاصد الدين من توحيد، وتعبد، وأحكام، ووعد ووعيد.ونرى من الخير قبل أن نبدأ في تفسيرها بالتفصيل، أن نمهد لذلك بالكلام عما يأتي:أولا: متى نزلت سورة الفاتحة؟للإجابة على هذا السؤال نقول: إن الرأي الراجح بين المحققين من العلماء أنها نزلت بمكة، بل هي من أوائل ما نزل من القرآن بمكة.وقيل: إنها مدنية. وقيل: إنها نزلت مرتين مرة بمكة حين فرضت الصلاة ومرة بالمدينة حين حولت القبلة.قال القرطبي: الأول أصح لقوله- تعالى- في سورة الحجر: وَلَقَدْ آتَيْناكَ سَبْعاً مِنَ الْمَثانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ وسورة الحجر مكية بالإجماع. ولا خلاف في أن فرض الصلاة كان بمكة، وما حفظ أنه لم يكن في الإسلام قط صلاة بغير الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ «يدل على ذلك قوله صلّى الله عليه وسلّم: «لا صلاة إلا بفاتحة الكتاب» . وهذا خبر عن الحكم لا عن الابتداء» .ثانيا: عدد آياتها: وهي سبع آيات لقوله- تعالى-: وَلَقَدْ آتَيْناكَ سَبْعاً مِنَ الْمَثانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ. قال العلماء: السبع المثاني هي الفاتحة.وقال ابن كثير: هي سبع آيات بلا خلاف. وقال عمرو بن عبيد: هي ثماني آيات لأنه جعل إِيَّاكَ نَعْبُدُ آية. وقال حسين الجعفي: هي ست آيات وهذان القولان شاذان» .ثالثا: أسماؤها: لسورة الفاتحة أسماء كثيرة من أشهرها:1- «الفاتحة أو فاتحة الكتاب، وسميت بذلك لأنه تفتتح قراءة القرآن بها لفظا. وتفتتح بها الكتابة في المصحف خطا، وتفتتح بها الصلوات، وإن لم تكن هي أول ما نزل من القرآن. وقد اشتهرت بهذا الاسم في أيام النبوة.وقد أصبح هذا الاسم علما بالغلبة لتلك الطائفة من الآيات التي مبدؤها الْحَمْدُ لِلَّهِ..ونهايتها.. وَلَا الضَّالِّينَ.2- «أم القرآن أو الكتاب» وسميت بذلك لاشتمالها إجمالا على المقاصد التي ذكرت فيه تفصيلا، أو لاشتمالها على ما فيه من الثناء على الله بما هو أهله، والتعبد بأمره ونهيه، وبيان وعده ووعيده، أو على جملة معانيه من الحكم النظرية، والأحكام العملية التي هي سلوك الصراط المستقيم، والاطلاع على معارج السعداء ومنازل الأشقياء.قال ابن جرير: «والعرب تسمى كل أمر جامع أمّا، وكل مقدم له توابع تتبعه «أما» فتقول للجلدة التي تجمع الدماغ: «أم الرأس» . وتسمى لواء الجيش ورايتهم التي يجتمعون تحتها «أما» .3- «السبع المثاني» جمع مثنى كفعلي اسم مكان. أو مثنى- بالتشديد- من التثنية على غير قياس. وسميت بذلك لأنها سبع آيات في الصلاة، أى تكرر فيها أخرج الإمام أحمد، عن أبي هريرة، عن النبي صلّى الله عليه وسلّم أنه قال: «هي أم القرآن، وهي السبع المثاني، وهي القرآن العظيم» .4- وتسمى- أيضا- سورة «الحمد» . 5- و «الكنز» . 6- و «الواقية» .7- و «الشفاء» ، لحديث. هي الشفاء من كل داء.8- و «الكافية» لأنها تكفي عن سواها ولا يكفى سواها عنها.9- و «الأساس» . 10- و «الرقية» .هذا، وقد ذكر القرطبي للفاتحة اثنى عشر اسما، كما ذكر السيوطي لها في كتابه «الإتقان» خمسة وعشرين اسما.رابعا: فضلها: ورد في فضل سورة الفاتحة أحاديث كثيرة منها:ما رواه البخاري في صحيحه عن أبي سعيد بن المعلى- رضي الله عنه- قال:كنت أصلي في المسجد، فدعاني النبي صلّى الله عليه وسلّم فلم أجبه فقلت: يا رسول الله، إني كنت أصلّي.فقال: ألم يقل الله: اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذا دَعاكُمْ.ثم قال لي: «لأعلمنك سورة هي أعظم السور في القرآن قبل أن تخرج من المسجد» . ثم أخذ بيدي، فلما أراد أن يخرج، قلت: يا رسول الله. ألم تقل: لأعلمنك سورة هي أعظم سورة في القرآن. قال: الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ، هي السبع المثاني والقرآن العظيم الذي أوتيته» .وروى مسلّم والنسائي، عن ابن عباس، قال:بينما جبريل قاعد عند النبي صلّى الله عليه وسلّم سمع نقيضا من فوقه- أي: صوتا- فرفع رأسه فقال:هذا باب من السماء فتح اليوم لم يفتح قط إلا اليوم. فسلّم وقال: أبشر بنورين قد أوتيتهما، ولم يؤتهما نبي قبلك: فاتحة الكتاب، وخواتيم سورة البقرة، لم تقرأ بحرف منهما إلا أعطيته» .وروى مسلّم عن أبي هريرة- رضي الله عنه- عن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال:«من صلّى صلاة لم يقرأ فيها بأم القرآن فهي خداج (ثلاثا) : غير تمام» فقيل لأبي هريرة: إنا نكون وراء الإمام؟ فقال: اقرأ بها في نفسك فإني سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول: قال الله- تعالى-: «قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين، ولعبدي ما سأل» ، فإذا قال العبد:الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ. قال الله: حمدني عبدي، وإذا قال: الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ. قال الله تعالى: أثنى علي عبدي. وإذا قال: مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ قال الله: مجدني عبدي. فإذا قال:إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ. قال الله: هذا بيني وبين عبدي ولعبدي ما سأل. فإذا قال:اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ. صِراطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ.قال الله: «هذا لعبدي ولعبدي ما سأل» .وأخرج الإمام أحمد في مسنده، عن عبد الله بن جابر، أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال له: ألا أخبرك بأخير سورة في القرآن؟ قلت: بلى يا رسول الله. قال: اقرأ: الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ حتى تختمها .تلك هي بعض الأحاديث التي وردت في فضل هذه السورة الكريمة.وقد ذكر العلماء أنه يسن للمسلّم قبل القراءة أن يستعيذ بالله من الشيطان الرجيم، استجابة لقوله- تعالى- فَإِذا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطانِ الرَّجِيمِ .ومعنى «أعوذ بالله من الشيطان الرجيم» : ألتجئ إلى الله وأتحصن به، واستجير بجنابه من الشيطان الرجيم أن يضرني في ديني أو دنياي.قال ابن كثير: «والشيطان في لغة العرب كل متمرد من الجن والإنس والدواب وكل شيء.وهو مشتق من شطن إذا بعد، فهو بعيد بطبعه عن طباع الشر، وبعيد بفسقه عن كل خير.وقيل: مشتق من شاط لأنه مخلوق من نار. والأول أصح إذ عليه يدل كلام العرب، فهم:يقولون تشيطن فلان إذا فعل أفعال الشيطان، ولو كان من شاط. لقالوا: تشيط، فالشيطان مشتق من البعد على الصحيح» .والرجيم: فعيل بمعنى مفعول أي أنه مرجوم مطرود من رحمة الله ومن كل خير، وقيل:رجيم بمعنى راجم لأنه يرجم الناس بالوساوس والشكوك.قال بعض العلماء: «وإنما خصت القراءة بطلب الاستعاذة مع أنه قد أمر بها على وجه العموم في جميع الشئون، لأن القرآن مصدر الهداية والشيطان مصدر الضلال، فهو يقف للإنسان بالمرصاد في هذا الشأن على وجه خاص، فيثير أمامه ألوانا من الشكوك فيما يقرأ، وفيما يفيد من قراءته، وفيما يقصد بها، فيفوت عليه الانتفاع بهدى الله وآياته، فعلمنا الله أن نتقي ذلك كله بهذه الاستعاذة التي هي في الواقع عنوان صدق، وتعبير حق، عن امتلاء قلب المؤمن بمعنى اللجوء إلى الله، وقوة عزيمته في طرد الوساوس والشكوك، واستقبال الهداية بقلب طاهر،وعقل واع، وإيمان ثابت» .قال القرطبي: وقد أجمع العلماء على أن التعوذ ليس من القرآن ولا آية منه، وهو قول القارئ: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم .والآن وبعد هذا التمهيد الموجز الذي تكلمنا فيه عن نزول سورة الفاتحة، وعن عدد آياتها، وعن أشهر أسمائها، وعن بعض الأحاديث التي وردت في فضلها نحب أن نبدأ في تفسير السورة الكريمة فنقول- وبالله التوفيق-: بسم ٱلله الرَّحْمٰنِ الرَّحِيمِ الاسم: اللفظ الذى يدل على ذات أو معنى. وقد اختلف النحويون في اشتقاقه على وجهين، فقال البصريون: هو مشتق من السمو، وهو العلو والرفعة، فقيل: اسم، لأن صاحبه بمنزلة المرتفع به.وقال الكوفيون: إنه مشتق من السمة وهي العلامة، لأن الاسم علامة لمن وضع له، فأصل اسم على هذا " وسم ".ويرى المحققون أن رأي البصريين أرجح، لأنه يقال في تصغير " اسم " سُمىَ، وفي جمعه أسماء، والتصغير والجمع يردان الأشياء إلى أصولها. ولو كان أصله وسم - كما قال الكوفيون - لقيل في جمعه: أوسام، وفي تصغيره وسيم.ولفظ الجلالة وهو " الله " علم على ذات الخالق - عز وجل - تفرد به - سبحانه - ولا يطلق على غيره، ولا يشاركه فيه أحد.قال القرطبي: قوله " الله " هذا الاسم أكبر أسمائه - سبحانه - وأجمعها حتى قال بعض العلماء: إنه اسم الله الأعظم ولم يتسم به غيره، ولذلك لم يثن ولم يجمع: فالله اسم للموجود الحق الجامع لصفات الإِلهية، المنعوت بنعوت الربوبيه، المنفرد بالوجود الحقيقي، لا إله إلا هو - سبحانه -و ٱلرَّحْمٰنِ ٱلرَّحِيمِ صفتان مشتقتان من الرحمة. والرحمة في أصل اللغة: رقة في القلب تقتضي الإِحسان، وهذا المعنى لا يليق أن يكون وصفاً لله - تعالى-، ولذا فسرها بعض العلماء بإرادة الإِحسان. وفسرها آخرون بالإِحسان نفسه.والموافق لمذهب السلف أن يقال: هي صفة قائمة بذاته - تعالى - لا نعرف حقيقتها، وإنما نعرف أثرها الذي هو الإِحسان.وقد كثرت أقوال المفسرين في العلاقة بين هاتين الصفتين، فبعضهم يرى أن ٱلرَّحْمٰنِ هو المنعم على جميع الخلق. وأن ٱلرَّحِيمِ هو المنعم على المؤمنين خاصه. ويرى آخرون أن ٱلرَّحْمٰنِ هو المنعم بجلائل النعم، وأن ٱلرَّحِيمِ هو المنعم بدقائقها.ويرى فريق ثالث أن الوصفين بمعنى واحد وأن الثاني منهما تأكيد للأول. والذى يراه المحققون من العلماء أن الصفتين ليستا بمعنى واحد، بل روعي فب كل منهما معنى لم يراع في الآخر، فالرحمن بمعنى عظيم الرحمة، لأن فعلان صيغة مبالغة في كثرة الشيء وعظمته، ويلزم منه الدوام كغضبان وسكران. والرحيم بمعنى دائم الرحمة، لأن صيغته فعيل تستعمل في الصفات الدائمة ككريم وظريف. فكأنه قيل: العظيم الرحمة الدائمة.أو أن ٱلرَّحْمٰنِ صفة ذاتية هي مبدأ الرحمة والإِحسان. و ٱلرَّحِيمِ صفة فعل تدل على وصول الرحمة والإِحسان وتعديهما إلى المنعم عليه.ولعل مما يؤيد ذلك أن لفظ الرحمن لم يذكر في القرآن إلا مجرى عليه الصفات كما هو الشأنِ في أسماء الذات. قال - تعالى-: ٱلرَّحْمَٰنُ عَلَّمَ ٱلْقُرْآنَ و ٱلرَّحْمَٰنُ عَلَى ٱلْعَرْشِ ٱسْتَوَىٰ قُلِ ٱدْعُواْ ٱللَّهَ أَوِ ٱدْعُواْ ٱلرَّحْمَٰنَ وهكذا...أما لفظ الرحيم فقد كثر في القرآن استعماله وصفاً فعلياً، وجاء في الغالب بأسلوب التعدية والتعلق بالمنعم عليه. قال - تعالى - إِنَّ ٱللَّهَ بِٱلنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَّحِيمٌ وَكَانَ بِٱلْمُؤْمِنِينَ رَحِيماً إِنَّهُ كَانَ بِكُمْ رَحِيماً إلخ.قال بعض العلماء " وهذا الرأي في نظرنا هو أقوى الآراء، فإن تخصيص أحد الوصفين بدقائق النعم أو ببعض المنعم عليهم لا دليل عليه، كما أنه ليس مستساغاً أن يقال في القرآن: إن كلمة ذكرت بعد أخرى لمجرد تأكيد المعنى المستفاد منها ".والجار والمجرور " بسم " متعلق بمحذوف تقديره ابتدئ.والمعنى: ابتدئ قراءتي متبركاً ومتيمناً باسم الله الذى هو الأول والآخر، والظاهر والباطن، والذى رحمته وسعت كل شيء، وأتبرأ مما كان يفعله المشركون والضالون، من ابتدائهم قراءتهم وأفعالهم باسم اللات أو باسم العزى أو باسم غيرهما من الآلهة الباطلة.هذا وقد أجمع العلماء على أن البسملة جزء آية من سورة النمل فى قوله - تعالى - إِنَّهُ مِن سُلَيْمَانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ ٱللَّهِ ٱلرَّحْمَٰنِ ٱلرَّحِيمِ ثم اختلفوا بعد ذلك في كونها آية مستقلة أنزلت للفصل بين السور مرة واحدة، أو هى آية من سورة الفاتحة ومن كل سورة ألخ.فبعضهم يرى أن البسملة آية من الفاتحة ومن كل سورة، ومن حججهم أن السلف قد أثبتوها في المصحف مع الأمر بتجريد القرآن مما ليس منه، ولذا لم يكتبوا " آمين ". فثبت بهذا أن البسملة جزء من الفاتحة ومن كل سورة.وبهذا الرأي قال ابن عباس وابن عمر وأبو هريرة وسعيد بن جبير والشافعي، وأحمد في أحد قوليه.ويرى آخرون أن البسملة ليست آية من الفاتحة ولا من غيرها من السور، وقالوا: إنها آية فذة. من القرآن أنزلت للفصل والتبرك للابتداء بها، ومن حججهم أنها لو كانت آية من الفاتحة ومن كل سورة، لما اختلف الناس في ذلك، ولما اضطربت أقوالهم في كونها آية من كل سورة أو من الفاتحة فقط.وكما وقع الخلاف بين العلماء في كونها آية مستقلة أو آية من كل سورة، فقد وقع الخلاف بينهم - أيضاً - في وجوب قراءتها فى الصلاة، وفي الجهر بها أو الإِسرار إذا قرئت.وتحقيق القول في ذلك مرجعه إلى كتب الفقه، وإلى كتب التفسير التي عنيت بتفسير آيات الأحكام.
40:1
حٰمٓۚ(۱)
حٰمٓ

مقدمة وتمهيد1- سورة «غافر» هي السورة الأربعون في ترتيب المصحف أما ترتيبها في النزول فهي السورة التاسعة والخمسون من السور المكية، وكان نزولها بعد سورة «الزمر» .ويبدو- والله أعلم- أن الحواميم، كان نزولها على حسب ترتيبها في المصحف، فقد ذكر صاحب الإتقان عند حديثه عن المكي والمدني من القرآن، وعن ترتيب السور على حسب النزول..ذكر سورة الزمر، ثم غافر، ثم فصلت، ثم الشورى، ثم الزخرف، ثم الدخان، ثم الجاثية، ثم الأحقاف .2- والمحققون من العلماء على أن سورة «غافر» من السور المكية الخالصة، وقد حكى أبو حيان الإجماع على ذلك، كما أن الإمام ابن كثير قال عنها بأنها مكية دون أن يستثنى منها شيئا.وقيل: كلها مكية إلا قوله- تعالى-: إِنَّ الَّذِينَ يُجادِلُونَ فِي آياتِ اللَّهِ بِغَيْرِ سُلْطانٍ أَتاهُمْ، إِنْ فِي صُدُورِهِمْ إِلَّا كِبْرٌ ما هُمْ بِبالِغِيهِ ... الآية.ولكن هذا القيل وغيره لم تنهض له حجة يعتمد عليها، فالرأى الصحيح أنها جميعها مكية.3- وهذه السورة تسمى- أيضا- بسورة «المؤمن» لاشتمالها على قصة مؤمن آل فرعون. كما تسمى بسورة «الطول» لقوله- تعالى- في أوائلها: غافِرِ الذَّنْبِ، وَقابِلِ التَّوْبِ، شَدِيدِ الْعِقابِ، ذِي الطَّوْلِ....وعدد آياتها خمس وثمانون آية في المصحف الكوفي والشامي، وأربع وثمانون في الحجازي، واثنتان وثمانون في البصري..4- وسورة «غافر» هي أول السور السبعة التي تبدأ بقوله- تعالى- حم والتي يطلق عليها لفظ «الحواميم» .وقد ذكر الإمام ابن كثير جملة من الآثار في فضل هذه السور، منها: ما روى عن ابن مسعود أنه قال: «آل حم» ديباج القرآن.. ومنها ما روى عن ابن عباس أنه قال: «إن لكل شيء لبابا، ولباب القرآن آل حم» أو قال «الحواميم» .5- وقد افتتحت السورة الكريمة بالثناء على الله- تعالى-، وبتسلية الرسول صلّى الله عليه وسلم عما لقيه من أذى المشركين ومن جدالهم، وببيان وظيفة الملائكة الذين يحملون عرشه- تعالى-، وأن منها الاستغفار للمؤمنين، والدعاء لهم بقولهم- كما حكى القرآن عنهم-:... رَبَّنا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْماً، فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تابُوا وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ، وَقِهِمْ عَذابَ الْجَحِيمِ. رَبَّنا وَأَدْخِلْهُمْ جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدْتَهُمْ، وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبائِهِمْ وَأَزْواجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ، إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ. وَقِهِمُ السَّيِّئاتِ، وَمَنْ تَقِ السَّيِّئاتِ يَوْمَئِذٍ فَقَدْ رَحِمْتَهُ، وَذلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ.6- ثم دعا- سبحانه- عباده إلى إخلاص الطاعة له، وذكرهم بأهوال يوم القيامة، وأن الملك في هذا اليوم إنما هو لله- تعالى- وحده.قال- تعالى-: فَادْعُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ وَلَوْ كَرِهَ الْكافِرُونَ، رَفِيعُ الدَّرَجاتِ ذُو الْعَرْشِ يُلْقِي الرُّوحَ مِنْ أَمْرِهِ عَلى مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ لِيُنْذِرَ يَوْمَ التَّلاقِ. يَوْمَ هُمْ بارِزُونَ لا يَخْفى عَلَى اللَّهِ مِنْهُمْ شَيْءٌ، لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلَّهِ الْواحِدِ الْقَهَّارِ.7- وبعد أن وبخ- سبحانه- الغافلين على عدم اعتبارهم بسوء عاقبة من سبقهم من الكافرين، أتبع ذلك بجانب من قصة موسى- عليه السلام- مع فرعون وهامان وقارون، وحكى ما دار بين موسى- عليه السلام- وبين هؤلاء الطغاة من محاورات.كما حكى ما وجهه الرجل المؤمن من آل فرعون إلى قومه من نصائح حكيمة، منها قوله- كما حكى القرآن عنه-: وَقالَ الَّذِي آمَنَ يا قَوْمِ إِنِّي أَخافُ عَلَيْكُمْ مِثْلَ يَوْمِ الْأَحْزابِ. مِثْلَ دَأْبِ قَوْمِ نُوحٍ وَعادٍ وَثَمُودَ وَالَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ، وَمَا اللَّهُ يُرِيدُ ظُلْماً لِلْعِبادِ. وَيا قَوْمِ إِنِّي أَخافُ عَلَيْكُمْ يَوْمَ التَّنادِ. يَوْمَ تُوَلُّونَ مُدْبِرِينَ ما لَكُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ عاصِمٍ، وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَما لَهُ مِنْ هادٍ.8- وبعد أن ساق- سبحانه- تلك التوجيهات الحكيمة التي وجهها ذلك الرجل المؤمن- الذي يكتم إيمانه- إلى قومه.. أتبع ذلك بحكاية جانب من المحاورات التي تدور بين الضعفاء والمتكبرين بعد أن ألقى بهم جميعا في النار.كما حكى- سبحانه- ما يقولونه لخزنة جهنم على سبيل الاستعطاف والتذلل فقال:وَقالَ الَّذِينَ فِي النَّارِ لِخَزَنَةِ جَهَنَّمَ ادْعُوا رَبَّكُمْ يُخَفِّفْ عَنَّا يَوْماً مِنَ الْعَذابِ. قالُوا أَوَلَمْ تَكُ تَأْتِيكُمْ رُسُلُكُمْ بِالْبَيِّناتِ قالُوا بَلى قالُوا فَادْعُوا وَما دُعاءُ الْكافِرِينَ إِلَّا فِي ضَلالٍ.9- ثم ساق- سبحانه- بعد ذلك ألوانا من نعمه على عباده، لكي يشكروه عليها، ومن تلك النعم: إيجاده الليل والنهار، وجعله الأرض قرارا والسماء بناء، وتصويره الناس في أحسن تقويم، وتحليله لهم الطيبات، وخلقه لهم في أطوار متعددة.قال- تعالى-: هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ تُرابٍ، ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ، ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ، ثُمَّ يُخْرِجُكُمْ طِفْلًا، ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ، ثُمَّ لِتَكُونُوا شُيُوخاً، وَمِنْكُمْ مَنْ يُتَوَفَّى مِنْ قَبْلُ، وَلِتَبْلُغُوا أَجَلًا مُسَمًّى وَلَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ.10- ثم انتقلت السورة الكريمة إلى الحديث عن الذين يجادلون في آيات الله بغير علم، فوبختهم على جهالاتهم وعنادهم، وهددتهم بسوء المصير، وأمرت النبي صلّى الله عليه وسلم أن يصبر على أذاهم، وذكرته بأحوال الرسل السابقين مع أقوامهم، وأنذرت مشركي مكة بأن مصيرهم سيكون كمصير المشركين من قبلهم، إذ ما استمروا في طغيانهم وكفرهم، وأنهم لن ينفعهم الإيمان عند حلول العذاب بهم.قال- تعالى-: فَلَمَّا رَأَوْا بَأْسَنا قالُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَحْدَهُ، وَكَفَرْنا بِما كُنَّا بِهِ مُشْرِكِينَ. فَلَمْ يَكُ يَنْفَعُهُمْ إِيمانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنا، سُنَّتَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ فِي عِبادِهِ وَخَسِرَ هُنالِكَ الْكافِرُونَ.11- هذا، والمتدبر في سورة «غافر» بعد هذا العرض المجمل لآياتها يراها قد أقامت أنصع الأدلة وأقواها على وحدانية الله- تعالى- وقدرته، كما يراها قد ساقت ألوانا من التسلية للرسول صلّى الله عليه وسلم عما لحقه من قومه، تارة عن طريق قصص الأنبياء السابقين مع أقوامهم، وتارة عن طريق التصريح بأن العاقبة ستكون له ولأتباعه، كما في قوله- تعالى-: إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهادُ.كما يراها قد فصلت الحديث عن تكريم الله- تعالى- لعباده المؤمنين، تارة عن طريق استغفار الملائكة لهم، وتضرعهم إلى خالقهم أن يبعد الذين آمنوا عن عذاب الجحيم.قال- تعالى-: الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ، وَيُؤْمِنُونَ بِهِ، وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا، رَبَّنا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْماً، فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تابُوا وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ وَقِهِمْ عَذابَ الْجَحِيمِ.وتارة عن طريق وعدهم بإجابة دعائهم، كما في قوله- تعالى-: وَقالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ، إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ داخِرِينَ.كما يرها قد اهتمت بالحديث عن مصارع الغابرين، بأسلوب يغرس الخوف في القلوب، ويبعث على التأمل والتدبر.كما في قوله- تعالى-: كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَالْأَحْزابُ مِنْ بَعْدِهِمْ، وَهَمَّتْ كُلُّ أُمَّةٍ بِرَسُولِهِمْ لِيَأْخُذُوهُ، وَجادَلُوا بِالْباطِلِ لِيُدْحِضُوا بِهِ الْحَقَّ، فَأَخَذْتُهُمْ، فَكَيْفَ كانَ عِقابِ.وكما في قوله- تعالى-: أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الَّذِينَ كانُوا مِنْ قَبْلِهِمْ كانُوا هُمْ أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَآثاراً فِي الْأَرْضِ فَأَخَذَهُمُ اللَّهُ بِذُنُوبِهِمْ، وَما كانَ لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ واقٍ.كما يراها قبل كل ذلك وبعد كل ذلك لها أسلوبها البليغ المؤثر في إحقاق الحق وإبطال الباطل، وفي تثبيت المؤمن وزلزلة الكافر، وفي تعليم الدعاة كيف يخاطبون غيرهم بأسلوب مؤثر حكيم، نراه متمثلا في تلك النصائح الغالية التي وجهها مؤمن آل فرعون إلى قومه، والتي حكاها القرآن في قوله وَقالَ رَجُلٌ مُؤْمِنٌ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَكْتُمُ إِيمانَهُ، أَتَقْتُلُونَ رَجُلًا أَنْ يَقُولَ رَبِّيَ اللَّهُ، وَقَدْ جاءَكُمْ بِالْبَيِّناتِ مِنْ رَبِّكُمْ، وَإِنْ يَكُ كاذِباً فَعَلَيْهِ كَذِبُهُ، وَإِنْ يَكُ صادِقاً يُصِبْكُمْ بَعْضُ الَّذِي يَعِدُكُمْ، إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ كَذَّابٌ.نسأل الله- تعالى- أن ينفعنا بتوجيهات القرآن الكريم، وصلّى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.سورة " غافر " من السور التى افتتحت ببعض الحروف المقطعة ، وهو قوله - تعالى - : ( حم ) .وقد ذكرنا آراء العلماء فى تلك الحروف المقطعة بشئ من التفصيل ، عند تفسيرنا لسور : البقرة ، وآل عمران ، والأعراف ، ويونس . .وقلنا ما خلاصته : لعل أقرب الأقوال إلى الصواب ، أن هذه الحروف المقطعة ، قد جئ بها فى افتتاح بعض السور : على سبيل الإِيقاظ والتنبيه للذين تحداهم القرآن .فكأنه - سبحانه - يقول لهؤلاء المعاندين والمعارضين فى أن القرآن من عند الله : ها كم القرآن ترونه مؤلفا من كلام هو من جنس ما تؤلفون منه كلامكم ، ومنظوما من حروف هى من جنس الحروف الهجائية التى تنظمون منها حروفكم ، فإن كنتم فى شك فى أنه من عند الله - تعالى - فهاتوا مثله ، أو عشر سور فى مثله ، أو سورة واحدة من مثله ، فعجزوا وانقلبوا خاسرين ، وثبت أن هذا القرآن من عند الله ، ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا .
40:2
تَنْزِیْلُ الْكِتٰبِ مِنَ اللّٰهِ الْعَزِیْزِ الْعَلِیْمِۙ(۲)
یہ کتاب اتارنا ہے اللہ کی طرف سے جو عزت والا، علم والا،

وقوله- تعالى-: تَنْزِيلُ الْكِتابِ مِنَ اللَّهِ جملة من مبتدأ وخبر، أى: هذا الكتاب منزل عليك- أيها الرسول الكريم- من الله- تعالى- وحده، وليس من عند أحد غيره.ثم وصف- سبحانه- ذاته بثماني صفات تليق بذاته فقال: الْعَزِيزِ أى: الغالب لكل من سواه، من العز بمعنى القوة والغلبة. يقال: عزّ فلان يعز- من باب تعب- فهو عزيز، إذا كان معروفا بالقوة والمنعة، ومنه قولهم: أرض عزاز إذا كانت صلبة قوية.الْعَلِيمِ أى: المطلع على أحوال خلقه دون أن يخفى عليه شيء منها.
40:3
غَافِرِ الذَّنْۢبِ وَ قَابِلِ التَّوْبِ شَدِیْدِ الْعِقَابِۙ-ذِی الطَّوْلِؕ-لَاۤ اِلٰهَ اِلَّا هُوَؕ-اِلَیْهِ الْمَصِیْرُ(۳)
گناہ بخشنے والا اور توبہ قبول کرنے والا (ف۲) سخت عذاب کرنے والا (ف۳) بڑے انعام والا (ف۴) اس کے سوا کوئی معبود نہیں، اسی کی طرف پھرنا ہے (ف۵)

غافِرِ الذَّنْبِ أى: ساتر لذنوب عباده، ومزيل لأثرها عنهم بفضله ورحمته.فلفظ غافِرِ من الغفر بمعنى الستر والتغطية، يقال: غفر الله- تعالى- ذنب فلان غفرا ومغفرة وغفرانا، إذا غطاه وستره وعفا عنه.ولفظ الذنب: يطلق على كل قول أو فعل تسوء عاقبته، مأخوذ من ذنب الشيء، أى:نهايته وَقابِلِ التَّوْبِ والتوب مصدر بمعنى الرجوع عن الذنب والتوبة منه. يقال: تاب فلان عن الذنب توبة وتوبا إذا رجع عنه.أى: أنه- سبحانه- يغفر ذنوب عباده، ويقبل توبتهم فضلا منه وكرما.قال صاحب الكشاف: ما بال الواو في قوله وَقابِلِ التَّوْبِ؟قلت: فيها نكتة جليلة، وهي إفادة الجمع للمذنب التائب بين رحمتين: بين أن يقبل توبته فيكتبها له طاعة من الطاعات، وأن يجعلها محاءة للذنوب، كأنه لم يذنب. كأنه قال: جامع المغفرة والقبول.. .شَدِيدِ الْعِقابِ أى: لمن أشرك به، وأعرض عن الحق الذي جاء به الرسول صلّى الله عليه وسلم ذِي الطَّوْلِ أى: ذي الفضل والثواب والإنعام على من يشاء من عباده.والطّول: السعة والغنى والزيادة، يقال: لفلان على فلان طول، أى زيادة وفضل، ومنه الطّول في الجسم لأنه زيادة فيه. قال- تعالى-: وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلًا.. أى:غنى وسعة.لا إِلهَ إِلَّا هُوَ أى: لا إله بحق وصدق إلا هو- سبحانه-.إِلَيْهِ الْمَصِيرُ أى: إليه المرجع والمآب يوم القيامة، ليحاسبكم على أعمالكم في الدنيا.قال القرطبي: روى عن عمر بن الخطاب- رضى عنه- أنه افتقد رجلا ذا بأس شديد من أهل الشام فلما سأل عنه قيل له: تتابع في هذا الشراب.فقال عمر لكاتبه: اكتب من عمر بن الخطاب إلى فلان، سلام عليك، وأنا أحمد الله إليك الذي لا إله إلا هو بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ، حم تَنْزِيلُ الْكِتابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ إلى قوله- تعالى-: إِلَيْهِ الْمَصِيرُ.ثم ختم الكتاب وقال لرسوله: لا تدفعه إليه حتى تجده صاحيا. ثم أمر من عنده بالدعاء له بالتوبة. فلما وصل الكتاب إلى الرجل جعل يقرؤه ويقول: قد وعدني الله أن يغفر لي، وحذرني عقابه، فلم يبرح يرددها حتى بكى، ثم نزع فأحسن النزع وحسنت توبته.فلما بلغ عمر ذلك قال: هكذا فاصنعوا إذا رأيتم أحدكم قد زل زلته فسددوه وادعوا الله له أن يتوب عليه، ولا تكونوا أعوانا للشيطان عليه .
40:4
مَا یُجَادِلُ فِیْۤ اٰیٰتِ اللّٰهِ اِلَّا الَّذِیْنَ كَفَرُوْا فَلَا یَغْرُرْكَ تَقَلُّبُهُمْ فِی الْبِلَادِ(۴)
اللہ کی آیتوں میں جھگڑا نہیں کرتے مگر کافر (ف۶) تو اے سننے والے تجھے دھوکا نہ دے ان کا شہروں میں اہل گہلے (اِتراتے) پھرنا (ف۷)

ثم هون- سبحانه- على نبيه صلّى الله عليه وسلم من شأن الكافرين، وأخبره بأنهم أتفه من أن يغتر بهم فقال: ما يُجادِلُ فِي آياتِ اللَّهِ إِلَّا الَّذِينَ كَفَرُوا، فَلا يَغْرُرْكَ تَقَلُّبُهُمْ فِي الْبِلادِ.والمراد بالجدال هنا: الجدال بالباطل، وأما الجدال من أجل الوصول إلى الحق فمحمود.وقوله: فَلا يَغْرُرْكَ جواب لشرط محذوف. والتقلب: التنقل من مكان إلى آخر من أجل الحصول على المنافع والمكاسب.أى: ما يجادل في آيات الله الدالة على وحدانيته وقدرته، عن طريق التكذيب بها والطعن فيها.. إلا الذين كفروا بالحق لما جاءهم، وإذا تقرر ذلك، فلا يغررك- أيها الرسول الكريم- تقلبهم في البلاد، وتصرفهم فيها عن طريق التجارات الرابحة، وجمع الأموال الكثيرة، فإن ما بين أيديهم من أموال إنما هو لون من الاستدراج، وعما قريب ستزول هذه الأموال من بين أيديهم، وستكون عليهم حسرة..
40:5
كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوْحٍ وَّ الْاَحْزَابُ مِنْۢ بَعْدِهِمْ۪-وَ هَمَّتْ كُلُّ اُمَّةٍۭ بِرَسُوْلِهِمْ لِیَاْخُذُوْهُ وَ جٰدَلُوْا بِالْبَاطِلِ لِیُدْحِضُوْا بِهِ الْحَقَّ فَاَخَذْتُهُمْ- فَكَیْفَ كَانَ عِقَابِ(۵)
ان سے پہلے نوح کی قوم اور ان کے بعد کے گروہوں (ف۸) نے جھٹلایا، اور ہر امت نے یہ قصد کیا کہ اپنے رسول کو پکڑ لیں (ف۹) اور باطل کے ساتھ جھگڑے کہ اس سے حق کو ٹال دیں (ف۱۰) تو میں نے انہیں پکڑا، پھر کیسا ہوا میرا عذاب (ف۱۱)

كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ أى: قبل هؤلاء الكافرين المجادلين بالباطل ليدحضوا به الحق قَوْمُ نُوحٍ الذين أغرقناهم بسبب هذا التكذيب لنبيهم.وَالْأَحْزابُ مِنْ بَعْدِهِمْ أى: وكذلك الأقوام الآخرون الذين جاءوا من بعد قوم نوح، قد تحزبوا على أنبيائهم، وأجمعوا على تكذيبهم، كما فعل قوم عاد مع نبيهم هود، وكما فعل قوم ثمود مع نبيهم صالح، وكما فعل أهل مدين مع نبيهم شعيب..فالضمير في قوله- تعالى-: مِنْ بَعْدِهِمْ يعود إلى قوم نوح. وأفردهم- سبحانه- بالذكر لأنهم أول قوم كذبوا رسولهم بعد أن مكث فيهم ألف سنة إلا خمسين عاما. ولم يزدهم دعاؤه لهم إلا عتوا ونفورا.وقوله- تعالى-: وَهَمَّتْ كُلُّ أُمَّةٍ بِرَسُولِهِمْ لِيَأْخُذُوهُ وَجادَلُوا بِالْباطِلِ لِيُدْحِضُوا بِهِ الْحَقَّ بيان لما فعله هؤلاء الأقوام الظالمون مع أنبيائهم الذين جاءوا لهدايتهم..أى: أن هؤلاء الأقوام المجرمين، لم يكنفوا بالتكذيب لأنبيائهم، بل إن كل أمة منهم قد مكرت بنبيها، وأرادت به السوء، وحاولت أن تتمكن منه بالأسر أو بالقتل، وجادلته بالجدال الباطل، لتزيل به الحق الذي جاء به من عند ربه وتبطله.والتعبير بقوله: لِيَأْخُذُوهُ يشعر بأن هؤلاء المجرمين كانوا حريصين على التمكن من إيذاء نبيهم ومن الاعتداء عليه، كما يحرص الشخص على أخذ عدوه وأسره ليفعل به ما يشاء.وقوله- تعالى-: فَأَخَذْتُهُمْ فَكَيْفَ كانَ عِقابِ بيان لما آل إليه مكرهم وجدالهم بالباطل.أى: هموا بما هموا، وجادلوا بالباطل ليدحضوا به الحق، وحاولوا أن يجعلوا رسولهم بمنزلة الأسير فيهم. فكانت نتيجة كل ذلك أن أخذناهم أخذ عزيز مقتدر، بأن دمرناهم تدميرا فكيف كان عقابي لهم؟ لقد كان عقابا مدمرا، جعلهم أثرا بعد عين، وترك آثار مساكنهم تشهد بهلاكهم واستئصالهم.
40:6
وَ كَذٰلِكَ حَقَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ عَلَى الَّذِیْنَ كَفَرُوْۤا اَنَّهُمْ اَصْحٰبُ النَّارِۘؔ(۶)
اور یونہی تمہارے رب کی بات کافروں پر ثابت ہوچکی ہے کہ وہ دوزخی ہیں،

ثم بين- سبحانه- سنة من سننه التي لا تتخلف فقال: وَكَذلِكَ حَقَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّهُمْ أَصْحابُ النَّارِ.أى: وكما حقت كلمة ربك- أيها الرسول الكريم- ووجبت بإهلاك الأمم الماضية التي كذبت أنبياءها، وجعلهم وقودا للنار، فكذلك تكون سنتنا مع المكذبين لك من قومك، إذا ما استمروا في تكذيبهم لك، ولم يعودوا إلى طريق الحق.فالآيات الكريمة تسلية للرسول صلّى الله عليه وسلم وتحذير لمشركي قريش من الاستمرار في غيهم.
40:7
اَلَّذِیْنَ یَحْمِلُوْنَ الْعَرْشَ وَ مَنْ حَوْلَهٗ یُسَبِّحُوْنَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَ یُؤْمِنُوْنَ بِهٖ وَ یَسْتَغْفِرُوْنَ لِلَّذِیْنَ اٰمَنُوْاۚ-رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَیْءٍ رَّحْمَةً وَّ عِلْمًا فَاغْفِرْ لِلَّذِیْنَ تَابُوْا وَ اتَّبَعُوْا سَبِیْلَكَ وَ قِهِمْ عَذَابَ الْجَحِیْمِ(۷)
وہ جو عرش اٹھاتے ہیں (ف۱۲) اور جو اس کے گرد ہیں (ف۱۳) اپنے کی تعریف کے ساتھ اس کی پاکی بولتے (ف۱۴) اور اس پر ایمان لاتے (ف۱۵) اور مسلمانوں کی مغفرت مانگتے ہیں (ف۱۶) اے رب ہمارے تیرے رحمت و علم میں ہر چیز کی سمائی ہے (ف۱۷) تو انہیں بخش دے جنہوں نے توبہ کی اور تیری راہ پر چلے (ف۱۸) اور انہیں دوزخ کے عذاب سے بچالے،

ثم بين- سبحانه- مظهرا من مظاهر رحمته بالمؤمنين، وتكريمهم، فذكر أن حملة عرشه من وظائفهم الاستغفار للمؤمنين، والدعاء لهم بالخير فقال- تعالى-:والمراد بالذين يحملون العرش: عدد من الملائكة المقربين إلى الله- تعالى- ولا يعلم عددهم أحد سوى الله- تعالى- لأنه لم يرد نص صحيح في تحديد عددهم.والمراد بمن حوله: عدد آخر من الملائكة يطوفون بالعرش مهللين مسبحين مكبرين لله- تعالى- كما قال- تعالى-: وَتَرَى الْمَلائِكَةَ حَافِّينَ مِنْ حَوْلِ الْعَرْشِ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ....وعرش الله- تعالى- كما قال الراغب مما لا يعلمه البشر إلا بالاسم، فعلينا أن نؤمن بان لله- تعالى- عرشا عظيما، أما كيفيته وهيئته فنفوض معرفتها إلى الخالق- عز وجل-.وقد ذكر هذا اللفظ في القرآن الكريم في إحدى وعشرين آية.والاسم الموصول في قوله- تعالى-: الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ مبتدأ. وخبره قوله:يُسَبِّحُونَ ...والجملة الكريمة مستأنفة ومسوقة لتسلية النبي صلّى الله عليه وسلم ببيان أن هؤلاء الملائكة الذين هم أقرب الملائكة إلى الله- تعالى- يضمون إلى تسبيحهم لذاته- سبحانه-، الاستغفار للمؤمنين، والدعاء لهم.وقد ذكر كثير من المفسرين كلاما طويلا في صفة هؤلاء الملائكة وفي صفة العرش. رأينا أن نضرب عنه صفحا لضعفه وقلة فائدته.أى: الملائكة الكرام المقربون إلينا، والحاملون لعرشنا، والحافون به، من صفاتهم أنهم يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ أى: ينزهون الله- تعالى- عن كل نقص، ويلهجون بحمده وبالثناء عليه بما يليق به.وَيُؤْمِنُونَ بِهِ- تعالى- إيمانا تاما لا يشوبه ما يتنافى مع هذا الإيمان والإذعان لله الواحد القهار.قال صاحب الكشاف: فإن قلت: ما فائدة قوله- تعالى-: وَيُؤْمِنُونَ بِهِ ولا يخفى أن حملة العرش ومن حوله مؤمنون؟.قلت: فائدته إظهار شرف الإيمان وفضله، والترغيب فيه، كما وصف الأنبياء في غير موضع من كتابه بالصلاح كذلك، كما عقب أعمال الخير بقوله- تعالى-: ثُمَّ كانَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوافأبان بذلك فضل الإيمان .ويستغفرون للذين آمنوا، أى: أنهم بجانب تسبيحهم وحمدهم لربهم، وإيمانهم به، يتضرعون إليه- سبحانه- أن يغفر للذين آمنوا ذنوبهم.وفي هذا الاستغفار منهم للمؤمنين، إشعار بمحبتهم لهم، وعنايتهم بشأنهم، لأنهم مثلهم في الإيمان بوحدانية- الله تعالى- وفي وجوب إخلاص العبادة والطاعة له.ثم حكى- سبحانه- كيفية استغفارهم للمؤمنين فقال: رَبَّنا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْماً.والجملة الكريمة على تقدير قول محذوف، وهذا القول في محل نصب على الحال من فاعل يَسْتَغْفِرُونَ وقوله رَحْمَةً وَعِلْماً منصوبان على التمييز.أى: أنهم يستغفرون للذين آمنوا، حالة كونهم قائلين: يا ربنا يا من وسعت رحمتك ووسع علمك كل شيء، تقبل دعاءنا.فَاغْفِرْ بمقتضى سعة رحمتك وعلمك لِلَّذِينَ تابُوا إليك توبة صادقة نصوحا وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ الحق، وصراطك المستقيم.وَقِهِمْ عَذابَ الْجَحِيمِ أى: وصنهم يا ربنا واحفظهم من الوقوع في جهنم لأن عذابها كرب عظيم.
40:8
رَبَّنَا وَ اَدْخِلْهُمْ جَنّٰتِ عَدْنِ ﹰالَّتِیْ وَعَدْتَّهُمْ وَ مَنْ صَلَحَ مِنْ اٰبَآىٕهِمْ وَ اَزْوَاجِهِمْ وَ ذُرِّیّٰتِهِمْؕ-اِنَّكَ اَنْتَ الْعَزِیْزُ الْحَكِیْمُۙ(۸)
اے ہمارے رب! اور انہیں بسنے کے باغوں میں داخل کر جن کا تو نے ان سے وعدہ فرمایا ہے اور ان کو جو نیک ہوں ان کے باپ دادا اور بیبیوں اور اولاد میں (ف۱۹) بیشک تو ہی عزت و حکمت والا ہے،

يا رَبَّنا وَأَدْخِلْهُمْ جَنَّاتِ عَدْنٍ أى: وأدخلهم جناتك دخولا دائما لا انقطاع معه.يقال: عدن فلان بالمكان يعدن عدنا، إذا لزمه وأقام فيه دون أن يبرحه، ومنه سمى الشيء المخزون في باطن الأرض بالمعدن، لأنه مستقر بداخلها.الَّتِي وَعَدْتَهُمْ فضلا منك وكرما.وأدخل معهم مَنْ صَلَحَ لدخولها بسبب إيمانهم وعملهم الطيب مِنْ آبائِهِمْ وَأَزْواجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ يا مولانا الْعَزِيزُ أى: الغالب لكل شيء الْحَكِيمُ في كل تصرفاتك وأفعالك.فالمراد بالصلاح في قوله- تعالى-: وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبائِهِمْ: من كان منهم مؤمنا بالله، وعمل عملا صالحا، ودعوا لهم بذلك. ليتم سرورهم وفرحهم إذ وجود الآباء والأزواج والذرية مع الإنسان في الجنة، يزيد سروره وانشراحه.
40:9
وَ قِهِمُ السَّیِّاٰتِؕ-وَ مَنْ تَقِ السَّیِّاٰتِ یَوْمَىٕذٍ فَقَدْ رَحِمْتَهٗؕ-وَ ذٰلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِیْمُ۠(۹)
اور انہیں گناہوں کی شامت سے بچالے، اور جسے تو اس دن گناہوں کی شامت سے بچائے تو بیشک تو نے اس پر رحم فرمایا، اور یہی بڑی کامیابی ہے،

وَقِهِمُ يا ربنا السَّيِّئاتِ أى: احفظهم يا ربنا من ارتكاب الأعمال السيئات، ومن العقوبات التي تترتب على ذلك، بأن تتجاوز عن خطاياهم.وَمَنْ تَقِ السَّيِّئاتِ يَوْمَئِذٍ أى: في يوم القيامة الذي تجازى فيه كل نفس مما كسبت فَقَدْ رَحِمْتَهُ أى: فقد رحمته برحمتك الواسعة من كل سوء.وَذلِكَ الذي تقدم من رحمتهم ومن إدخالهم الجنة، ومن وقايتهم السوء.هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ الذي لا يضارعه فوز، والظفر الكبير الذي لا يقاربه ظفر، والأمل الذي لا مطمع وراءه لطامع.وبذلك نرى هذه الآيات الكريمة، قد أخبرتنا أن الملائكة المقربين يدعون للمؤمنين بما يسعدهم في دنياهم وآخرتهم.وكعادة القرآن الكريم في قرن الترغيب بالترهيب أو العكس: جاء الحديث بعد ذلك عن الكافرين. مبينا انقطاعهم عن كل من يشفع لهم، أو يدعو لهم بخير- كما دعا الملائكة للمؤمنين- فقال- تعالى-:
40:10
اِنَّ الَّذِیْنَ كَفَرُوْا یُنَادَوْنَ لَمَقْتُ اللّٰهِ اَكْبَرُ مِنْ مَّقْتِكُمْ اَنْفُسَكُمْ اِذْ تُدْعَوْنَ اِلَى الْاِیْمَانِ فَتَكْفُرُوْنَ(۱۰)
بیشک جنہوں نے کفر کیا ان کو ندا کی جائے گی (ف۲۰) کہ ضرور تم سے اللہ کی بیزاری اس سے بہت زیادہ ہے جیسے تم آج اپنی جان سے بیزار ہو جب کہ تم (ف۲۱) ایمان کی طرف بلائے جاتے تو تم کفر کرتے،

والمقت أشد أنواع البغض والغضب. يقال: مقته مقتا، إذا غضب عليه غضبا شديدا، ومنه قوله- تعالى-: وَلا تَنْكِحُوا ما نَكَحَ آباؤُكُمْ مِنَ النِّساءِ إِلَّا ما قَدْ سَلَفَ إِنَّهُ كانَ فاحِشَةً وَمَقْتاً وَساءَ سَبِيلًا .والمنادى لهؤلاء الكافرين: هم الملائكة خزنة النار، أو المؤمنون. وهذا النداء إنما يكون يوم القيامة، يوم توفى كل نفس ما كسبت.أى: إن الذين كفروا بعد أن أحاطت بهم النار، وبعد أن عادوا على أنفسهم بأشد ألوان الندامة والحسرة والمقت. لإيثارها الكفر على الإيمان.بعد كل ذلك يُنادَوْنَ بأن يقال لهم: إن مقت الله- تعالى- لكم بسبب إصراركم على الكفر حتى هلكتم.. أشد وأعظم من مقتكم لأنفسكم مهما بلغ مقتكم لها وكراهيتكم لها.قال الآلوسى ما ملخصه: قوله يُنادَوْنَ المنادى لهم الخزنة أو المؤمنون يقولون إعظاما لحسرتهم: لَمَقْتُ اللَّهِ أَكْبَرُ مِنْ مَقْتِكُمْ أَنْفُسَكُمْ وهذا معمول للنداء لتضمنه معنى القول، كأنه قيل: ينادون مقولا لهم: لمقت.. ومقت مصدر مضاف إلى الاسم الجليل: إضافة المصدر لفاعله، وكذا إضافة المقت الثاني إلى ضمير الخطاب..وقوله- سبحانه-: إِذْ تُدْعَوْنَ إِلَى الْإِيمانِ فَتَكْفُرُونَ تعليل لمقت الله أى: لغضب الله- تعالى- عليكم، أشد من غضبكم على أنفسكم الأمارة بالسوء وذلك لأنكم جاءتكم دعوة الحق على ألسنة رسلكم، فأعرضتم عنها، وصممتم على الكفر والفسوق والعصيان، حتى أدرككم الموت، وها أنتم اليوم تجزون ما كنتم تعملونه في الدنيا.
40:11
قَالُوْا رَبَّنَاۤ اَمَتَّنَا اثْنَتَیْنِ وَ اَحْیَیْتَنَا اثْنَتَیْنِ فَاعْتَرَفْنَا بِذُنُوْبِنَا فَهَلْ اِلٰى خُرُوْجٍ مِّنْ سَبِیْلٍ(۱۱)
کہیں گے اے ہمارے رب تو نے ہمیں دوبارہ مردہ کیا اور دوبارہ زندہ کیا (ف۲۲) اب ہم اپنے گناہوں پر مُقِر ہوئے تو آگ سے نکلنے کی بھی کوئی راہ ہے (ف۲۳)

ثم يحكى- سبحانه- ما يقوله الكافرون بعد أن أنزل بهم- سبحانه- عقابه العادل فيقول: قالُوا رَبَّنا أَمَتَّنَا اثْنَتَيْنِ وَأَحْيَيْتَنَا اثْنَتَيْنِ....وأرادوا بالموتة الأولى: خلقهم من مادة لا روح فيها وهم في بطون أمهاتهم.. وأرادوا بالثانية: قبض أرواحهم عند انقضاء آجالهم.وأرادوا بالحياة الأولى: نفخ أرواحهم في أجسادهم وهي في الأرحام، وأرادوا بالثانية إعادتهم إلى الحياة يوم البعث، للحساب والجزاء.وشبيه بهذه الآية قوله- تعالى-: كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَكُنْتُمْ أَمْواتاً فَأَحْياكُمْ، ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ.. .فَاعْتَرَفْنا بِذُنُوبِنا أى: أنت يا ربنا الذي- بقدرتك وحدها- أمتنا إماتتين اثنتين، وأحييتنا إحياءتين اثنتين، وها نحن قد اعترفنا بذنوبنا التي وقعت منا في الدنيا، وندمنا على ما كان منا أشد الندم..فَهَلْ إِلى خُرُوجٍ مِنْ سَبِيلٍ أى: فهل بعد هذا الاعتراف، في الإمكان أن تخرجنا من النار، وأن تعيدنا إلى الحياة الدنيا، لنؤمن بك حق الإيمان. ونعمل غير الذي كنا نعمل.فأنت ترى أن الآية تصور ذلهم وحسرتهم أكمل تصوير، وأنهم يتمنون العودة إلى الدنيا ليتداركوا ما فاتهم، ولكن هذا التمني والتلهف جاء بعد فوات الأوان.قال ابن كثير ما ملخصه: هذه الآية كقوله- تعالى-: كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَكُنْتُمْ أَمْواتاً فَأَحْياكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ ... وهذا هو الصواب الذي لا شك فيه ولا مرية.وقال السدى: أميتوا في الدنيا ثم أحيوا في قبورهم فخوطبوا، ثم أميتوا ثم أحيوا يوم القيامة.وقال ابن زيد: أحيوا حين أخذ عليهم الميثاق من صلب آدم، ثم خلقهم في الأرحام. ثم أماتهم يوم القيامة.وهذا القولان ضعيفان لأنه يلزمهما على ما قالا ثلاث إحياءات وإماتات.والمقصود من هذا كله أن الكفار يسألون الرجعة وهم وقوف بين يدي الله، كما قال- تعالى- وَلَوْ تَرى إِذِ الْمُجْرِمُونَ ناكِسُوا رُؤُسِهِمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ، رَبَّنا أَبْصَرْنا وَسَمِعْنا فَارْجِعْنا نَعْمَلْ صالِحاً إِنَّا مُوقِنُونَ .
40:12
ذٰلِكُمْ بِاَنَّهٗۤ اِذَا دُعِیَ اللّٰهُ وَحْدَهٗ كَفَرْتُمْۚ-وَ اِنْ یُّشْرَكْ بِهٖ تُؤْمِنُوْاؕ-فَالْحُكْمُ لِلّٰهِ الْعَلِیِّ الْكَبِیْرِ(۱۲)
یہ اس پر ہوا کہ جب ایک اللہ پکارا جاتا تو تم کفر کرتے (ف۲۴) اور ان کا شریک ٹھہرایا جاتا تو تم مان لیتے (ف۲۵) تو حکم اللہ کے لیے ہے جو سب سے بلند بڑا،

ثم بين- سبحانه- أن تذللهم هذا لن يجديهم، وأن ما هم فيه من عذاب سببه إعراضهم عن دعوة الحق في الدنيا، فقال: ذلِكُمْ بِأَنَّهُ إِذا دُعِيَ اللَّهُ وَحْدَهُ كَفَرْتُمْ، وَإِنْ يُشْرَكْ بِهِ تُؤْمِنُوا، فَالْحُكْمُ لِلَّهِ الْعَلِيِّ الْكَبِيرِ.أى: ذلكم الذي نزل بكم من عذاب سببه، أنكم كنتم في الدنيا إذا عبد الله- تعالى- وحده، وطلب منكم ذلك كفرتم به- عز وجل-، وإن يشرك به غيره من الأصنام أو غيرها آمنتم، ومادام هذا حالكم في الدنيا، فاخسئوا في النار ولا تؤملوا في الخروج منها، بحال من الأحوال، فالحكم لله وحده دون غيره، وهو سبحانه الذي حكم عليكم بما حكم..وهو- سبحانه- الْعَلِيِّ أى: المتعالي عن أن يكون له مماثل في ذاته أو صفاته الْكَبِيرِ أى: العظيم الذي هو أعظم وأكبر من أن يكون له شريك أو صاحبة أو ولد.وجمع- سبحانه- لذاته بين هذين الوصفين للدلالة على كبريائه وعظمته.ثم ساق- سبحانه- بعد ذلك ما يدل على فضله ورحمته بعباده، وعلى وحدانيته وكمال قدرته، وعلى أن يوم القيامة آت لا ريب فيه، وعلى أن كل نفس ستجازى في هذا اليوم بما كسبت بدون ظلم أو محاباة، لأن القضاء فيه لله الواحد القهار. فقال- تعالى-:
40:13
هُوَ الَّذِیْ یُرِیْكُمْ اٰیٰتِهٖ وَ یُنَزِّلُ لَكُمْ مِّنَ السَّمَآءِ رِزْقًاؕ-وَ مَا یَتَذَكَّرُ اِلَّا مَنْ یُّنِیْبُ(۱۳)
وہی ہے کہ تمہیں اپنی نشانیاں دکھاتا ہے (ف۲۶) اور تمہارے لیے آسمان سے روزی اتارتا ہے (ف۲۷) اور نصیحت نہیں مانتا (ف۲۸) مگر جو رجوع لائے (ف۲۹)

والمقصود بآياته- عز وجل- في قوله: هُوَ الَّذِي يُرِيكُمْ آياتِهِ ... الدلائل الدالة على وحدانيته وقدرته، كخلقه للشمس والقمر والليل والنهار، والبحار والأنهار، والسماء والأرض، والمطر والرعد، والنجوم والرياح، والأشجار الكبيرة والصغيرة.. إلى غير ذلك من آياته التي لا تحصى في هذا الوجود..أى: هو- سبحانه- الذي يريكم آياته الدالة على وحدانيته وقدرته، لتزدادوا- أيها المؤمنون- إيمانا على إيمانكم، وثباتا على ثباتكم، ويقينا على يقينكم، بأن المستحق للعبادة والطاعة هو الله الواحد القهار.وقد ساق- سبحانه- في كتابه عشرات الآيات الدالة على وحدانيته وقدرته، ومن ذلك قوله- تعالى-:إِنَّ فِي خَلْقِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ، وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ لَآياتٍ لِأُولِي الْأَلْبابِ .وقوله- عز وجل-: وَمِنْ آياتِهِ مَنامُكُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهارِ وَابْتِغاؤُكُمْ مِنْ فَضْلِهِ ... .وقوله- تعالى-: إِنَّ فِي اخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ، وَما خَلَقَ اللَّهُ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ، لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَّقُونَ .والمراد بالرزق في قوله: وَيُنَزِّلُ لَكُمْ مِنَ السَّماءِ رِزْقاً.. الأمطار التي تنزل من السماء على الأرض، فتحييها بعد موتها، بأن تحولها من أرض جدباء يابسة، إلى أرض خضراء بشتى الزروع والثمار.وأطلق- سبحانه- على المطر رزقا. لأنه سبب فيه، وأفرده بالذكر مع كونه من جملة الآيات التي يريها- تعالى- لعباده لتفرده بعنوان كونه من آثار رحمته، وجلائل نعمه، الموجبة لشكره- عز وجل-، ولوجوب إخلاص العبادة له.وقوله- تعالى-: وَما يَتَذَكَّرُ إِلَّا مَنْ يُنِيبُ بيان لمن هو أهل للانتفاع بهذه الآيات.أى: وما يتذكر وينتفع بهذه الآيات إلا من يرجع عن المعصية إلى الطاعة وعن الكفر إلى الإيمان، وعن العناد والجحود، إلى التفكر والتدبر بقلب سليم.فقوله يُنِيبُ من الإنابة، ومعناها الرجوع عن الكفر والمعاصي: إلى الإيمان والطاعة.
40:14
فَادْعُوا اللّٰهَ مُخْلِصِیْنَ لَهُ الدِّیْنَ وَ لَوْ كَرِهَ الْكٰفِرُوْنَ(۱۴)
تو اللہ کی بندگی کرو نرے اس کے بندے ہوکر (ف۳۰) پڑے برا مانیں کافر،

والفاء في قوله- تعالى-: فَادْعُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ.. للإفصاح عن شرط مقدر. أى: إذا كان الأمر كما ذكرت لكم من أن كل شيء في هذا الوجود يدل على وحدانية الله- تعالى- فأخلصوا له العبادة والطاعة وَلَوْ كَرِهَ الْكافِرُونَ منكم ذلك- أيها المؤمنون- فلا تلتفتوا إلى كراهيتهم، وامضوا في طريق الحق، ودعوهم يموتوا بغيظهم..وقد أخذ العلماء من هذا الآية الكريمة، وجوب إخلاص العبادة لله- تعالى- ووجوب الإكثار من التضرع إليه بالدعاء.ومن الأحاديث التي أوردها الإمام ابن كثير عند تفسيره لهذه الآية، ما رواه الإمام مسلم وأبو داود، والنسائي، وأحمد، عن أبى الزبير محمد بن مسلم المكي قال: كان عبد الله بن الزبير يقول في دبر كل صلاة حين يسلم: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير، لا حول ولا قوة إلا بالله، لا إله إلا الله، ولا نعبد إلا إياه، له النعمة وله الفضل، وله الثناء الحسن، لا إله إلا الله، مخلصين له الدين ولو كره الكافرون قال: وكان رسول الله صلّى الله عليه وسلم يهلل بهن دبر كل صلاة .
40:15
رَفِیْعُ الدَّرَجٰتِ ذُو الْعَرْشِۚ-یُلْقِی الرُّوْحَ مِنْ اَمْرِهٖ عَلٰى مَنْ یَّشَآءُ مِنْ عِبَادِهٖ لِیُنْذِرَ یَوْمَ التَّلَاقِۙ(۱۵)
بلند درجے دینے والا (ف۳۱) عرش کامالک ایمان کی جان وحی ڈالتا ہے اپنے حکم سے اپنے بندوں میں جس پر چاہے (ف۳۲) کہ وہ ملنے کے دن سے ڈرائے (ف۳۳)

ثم يذكر- سبحانه- بعد ذلك من صفاته العظمى، ما يزيد المؤمنين في إخلاص العبادة له، فيقول: رَفِيعُ الدَّرَجاتِ ذُو الْعَرْشِ.. أى: هو- تعالى- وحده صاحب الرفعة والمقام العالي، وهو وحده صاحب العرش العظيم، الذي لا يعلم مقدار عظمته إلا هو..قال الآلوسى قوله: رَفِيعُ الدَّرَجاتِ رفيع صفة مشبهة أضيفت الى فاعلها من رفع الشيء إذا علا.. والدرجات: مصاعد الملائكة إلى أن يبلغوا العرش، أى: رفيع درجات ملائكته ومعارجهم إلى عرشه.. ويجوز أن يكون كناية عن رفعة شأنه وسلطانه- عز شأنه- كما أن قوله- تعالى-: ذُو الْعَرْشِ كناية عن ملكه- جل جلاله-.. .والمراد بالروح في قوله- تعالى-: يُلْقِي الرُّوحَ مِنْ أَمْرِهِ عَلى مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ:الوحى الذي يوحى به على أنبيائه، وأمين هذا الوحى جبريل- عليه السلام-.أى: هو وحده- سبحانه- الذي يلقى الوحى. حالة كون هذا الوحى ناشئا من أمره وقضائه على من يختاره لهذا الإلقاء من عباده الصالحين. فقوله مِنْ أَمْرِهِ متعلق بمحذوف حال من الروح.وسمى الوحى روحا، لأن الأرواح تحيا به، كما أن الأجساد تحيا بالغذاء.وقوله- تعالى-: لِيُنْذِرَ يَوْمَ التَّلاقِ بيان للوظيفة الخاصة بمن يختاره- سبحانه- من عباده لإلقاء الوحى عليه.والإنذار: الإعلام المقترن بالتخويف والتحذير، فكل إنذار إعلام، وليس كل إعلام إنذارا.والمراد بيوم التلاق: يوم القيامة، وسمى بيوم التلاق لأنه يتلاقى فيه الأولون والآخرون والمؤمنون والكافرون، والظالمون والمظلومون.. الكل يتلاقى في ساحة المحشر ليقضى الله - تعالى- فيهم بقضائه العادل.أى: يلقى- سبحانه- بوحيه على أنبيائه، لينذروا الناس ويحذروهم من سوء العذاب يوم القيامة، إذا ما استمروا في كفرهم وعصيانهم لخالقهم.
40:16
یَوْمَ هُمْ بٰرِزُوْنَ ﳛ لَا یَخْفٰى عَلَى اللّٰهِ مِنْهُمْ شَیْءٌؕ-لِمَنِ الْمُلْكُ الْیَوْمَؕ-لِلّٰهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ(۱۶)
جس دن وہ بالکل ظاہر ہوجائیں گے (ف۳۴) اللہ پر ان کا کچھ حال چھپا نہ ہوگا (ف۳۵) آج کسی کی بادشاہی ہے (ف۳۶) ایک اللہ سب پر غا لب کی، ف۳۷)

ثم صور- سبحانه- أحوال الناس في هذا اليوم العصيب، فقال: يَوْمَ هُمْ بارِزُونَ لا يَخْفى عَلَى اللَّهِ مِنْهُمْ شَيْءٌ....وهذه الجملة الكريمة بدل من قوله يَوْمَ التَّلاقِ، أى: يلقى- سبحانه- على من يشاء من عباده، لكي ينذر الناس من أهوال ذلك اليوم الذي تلتقي فيه الخلائق، والذي يظهرون فيه ظهورا تاما، دون أن يخفى منهم شيء على الله- تعالى-.والله- تعالى- لا يخفى عليه شيء من أمرهم لا في هذا اليوم ولا في غيره، ولكنه- سبحانه- ذكر بروزهم وعدم خفائهم عليه في هذا اليوم، لأنهم- لجهلهم- كانوا يتوهمون في الدنيا أنهم يستطيعون التستر عنه، كما أشار- سبحانه- إلى ذلك في قوله- تعالى- أَلا إِنَّهُمْ يَثْنُونَ صُدُورَهُمْ لِيَسْتَخْفُوا مِنْهُ، أَلا حِينَ يَسْتَغْشُونَ ثِيابَهُمْ يَعْلَمُ ما يُسِرُّونَ وَما يُعْلِنُونَ، إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ.ورحم الله صاحب الكشاف، فقد قال: قوله: يَوْمَ هُمْ بارِزُونَ أى: ظاهرون لا يسترهم شيء من جبل أو أكمة أو بناء، لأن الأرض بارزة قاع صفصف، ولا عليهم ثياب، إنما هم عراة مكشوفون، كما جاء في الحديث: «يحشرون عراة حفاة غرلا» لا يَخْفى عَلَى اللَّهِ مِنْهُمْ شَيْءٌ أى: من أعمالهم وأحوالهم ...فإن قلت: قوله: لا يَخْفى عَلَى اللَّهِ مِنْهُمْ شَيْءٌ بيان وتقرير لبروزهم، والله- تعالى- لا يخفى عليه منهم شيء برزوا أم لم يبرزوا، فما معناه؟قلت: معناه أنهم كانوا يتوهمون في الدنيا أنهم إذا استتروا بالحيطان والحجب، أن الله لا يراهم وتخفى عليه أعمالهم، فهم اليوم صائرون من البروز والانكشاف إلى حال لا يتوهمون فيها مثل ما كانوا يتوهمونه قال- تعالى-: وَلكِنْ ظَنَنْتُمْ أَنَّ اللَّهَ لا يَعْلَمُ كَثِيراً مِمَّا تَعْمَلُونَ.. .وقوله- تعالى-: لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلَّهِ الْواحِدِ الْقَهَّارِ السائل والمجيب هو الله- تعالى-.أى: ينادى الله- تعالى- في المخلوقات في ذلك اليوم، لمن الملك في هذا اليوم الهائل الشديد؟ ثم يجيب- سبحانه- على هذا السؤال بقوله: لِلَّهِ الْواحِدِ الْقَهَّارِ.قال القرطبي ما ملخصه: قال الحسن: هو السائل- تعالى- وهو المجيب، لأنه يقول ذلك حين لا أحد يجيبه، فيجيب نفسه سبحانه فيقول: لِلَّهِ الْواحِدِ الْقَهَّارِ.وعن ابن مسعود قال: يحشر الناس على أرض بيضاء مثل الفضة، لم يعص الله- جل وعلا- عليها، فيأمر مناديا ينادى: لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ فيقول العباد مؤمنهم وكافرهم:لِلَّهِ الْواحِدِ الْقَهَّارِ.فيقول المؤمنون هذا الجواب سرورا وتلذذا، ويقوله الكافرون غما وانقيادا وخضوعا.ثم قال: والقول الأول ظاهر جدا، لأن المقصود إظهار انفراده- تعالى- بالملك عند انقطاع دعاوى المدعين، وانتساب المنتسبين، إذ قد ذهب كل ملك وملكة .
40:17
اَلْیَوْمَ تُجْزٰى كُلُّ نَفْسٍۭ بِمَا كَسَبَتْؕ-لَا ظُلْمَ الْیَوْمَؕ-اِنَّ اللّٰهَ سَرِیْعُ الْحِسَابِ(۱۷)
آج ہر جان اپنے کےٴ کا بدلہ پاےٴ گی (ف ۳۸) آج کسی پر زیادتی نہیں، بیشک اللہ جلد حساب لینے والا ہے،

وبعد أن قرر- سبحانه- أن الملك في هذا اليوم له وحده. أتبع ذلك ببيان ما يحدث في هذا اليوم فقال: الْيَوْمَ تُجْزى كُلُّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ ...أى: في هذا اليوم الهائل الشديد تجازى كل نفس من النفوس المؤمنة والكافرة، والبارة والفاجرة. بما كسبت في دنياها من خير أو شر، ومن طاعة أو معصية.لا ظُلْمَ الْيَوْمَ ولا جور ولا محاباة ولا وساطات.. وإنما تعطى كل نفس ما تستحقه من ثواب أو عقاب.إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسابِ لأنه- سبحانه- لا يحتاج إلى تفكير عند محاسبته لخلقه، بل هو- سبحانه- قد أحاط بكل شيء علما، كما قال- تعالى-: عالِمِ الْغَيْبِ، لا يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقالُ ذَرَّةٍ فِي السَّماواتِ وَلا فِي الْأَرْضِ، وَلا أَصْغَرُ مِنْ ذلِكَ وَلا أَكْبَرُ إِلَّا فِي كِتابٍ مُبِينٍ.
40:18
وَ اَنْذِرْهُمْ یَوْمَ الْاٰزِفَةِ اِذِ الْقُلُوْبُ لَدَى الْحَنَاجِرِ كٰظِمِیْنَ۬ؕ-مَا لِلظّٰلِمِیْنَ مِنْ حَمِیْمٍ وَّ لَا شَفِیْعٍ یُّطَاعُؕ(۱۸)
اور انہیں ڈراؤ اس نزدیک آنے والی آفت کے دن سے (ف۳۹) جب دل گلوں کے پاس آجائیں گے (ف۴۰) غم میں بھرے، اور ظالموں کا نہ کوئی دوست نہ کوئی سفارشی جس کا کہا مانا جائے (ف۴۱)

ثم يوجه الله- تعالى- أمره إلى النبي صلّى الله عليه وسلم بأن يحذر كفار قريش من أهوال هذا اليوم فيقول: وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْآزِفَةِ إِذِ الْقُلُوبُ لَدَى الْحَناجِرِ كاظِمِينَ ...والآزفة: القيامة. وأصل معنى الآزفة: القريبة، وسميت القيامة بذلك لقربها، يقال:أزف- بزنة فرح- يوم الرحيل. إذا دنا وقرب.والحناجر: جمع حنجرة وهي الحلقوم.وكاظمين: حال من أصحاب القلوب على المعنى. فإن ذكر القلوب يدل على ذكر أصحابها.وأصل الكظم: الحبس والإمساك للشيء. يقال: كظم القربة إذا ملأها بالماء، وسد فاها، حتى لا يخرج منها شيء من الماء.والمعنى: وأنذر- أيها الرسول الكريم- الناس، وحذرهم من أهوال يوم عظيم قريب الوقوع، هذا اليوم تكون قلوبهم فيه مرتفعة عن مواضعها من صدورهم. ومتشبثة بحناجرهم، ويكونون كاظمين عليها وممسكين بها حتى لا تخرج مع أنفاسهم. كما يمسك صاحب القربة فمها لكي لا يتسرب منها الماء.فالآية الكريمة تصوير يديع لما يكون عليه الناس في هذا اليوم من فزع شديد، وكرب عظيم. وخوف ليس بعده خوف.والحديث عن قرب يوم القيامة قد جاء في آيات كثيرة منها قوله- تعالى-: اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ ...وقوله- سبحانه- اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مُعْرِضُونَ.والظاهر أن قوله هنا يَوْمَ الْآزِفَةِ هو المفعول الثاني للإنذار ليس ظرفا له. لأن الإنذار والتخويف من أهوال يوم القيامة واقع في دار الدنيا.وقوله: إِذِ الْقُلُوبُ بدل من يوم الآزفة.قال صاحب الكشاف: فإن قلت «كاظمين» بم انتصب؟ قلت: هو حال من أصحاب القلوب على المعنى، لأن المعنى: إذ قلوبهم لدى حناجرهم كاظمين عليها. ويجوز أن يكون حالا من القلوب، وأن القلوب، كاظمة على غم وكرب فيها مع بلوغها الحناجر.وإنما جمع جمع السلامة، لأنه وصفها بالكظم الذي هو من أفعال العقلاء، كما قال- تعالى-: وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي ساجِدِينَ ... .وقوله- تعالى-: ما لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلا شَفِيعٍ يُطاعُ نفى لكون هؤلاء الظالمين يوجد في هذا اليوم من ينفعهم أو يدافع عنهم.والحميم: هو الإنسان الذي يحبك ويشفق عليك ويهتم بأمرك، ومنه قيل لخاصة الرجل:حامّته.والشفيع: من الشفع، بمعنى الانضمام، يقال شفع فلان لفلان إذا انضم إليه ليدافع عنه.أى: ليس للظالمين في هذا اليوم قريب أو محب يعطف عليهم، ولا شفيع يطيعهم في الشفاعة لهم، لأنهم في هذا اليوم يكونون محل غضب الجميع ونقمتهم، بسبب ظلمهم وإصرارهم على كفرهم.فالآية الكريمة نفت عنهم الصديق الذي يهتم بأمرهم، والشفيع الذي يشفع لهم، والإنسان الذي تكون له أية كلمة تسمع في شأنهم.
40:19
یَعْلَمُ خَآىٕنَةَ الْاَعْیُنِ وَ مَا تُخْفِی الصُّدُوْرُ(۱۹)
اللہ جانتا ہے چوری چھپے کی نگاہ (ف۴۲) اور جو کچھ سینوں میں چھپا ہے (ف۴۳)

ثم أكد- سبحانه- شمول علمه لكل شيء فقال: يَعْلَمُ خائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَما تُخْفِي الصُّدُورُ.والمراد بخائنة الأعين: النظرة الخائنة التي يتسلل بها المتسلل ليطلع على ما حرم الله الاطلاع عليه.والجملة خبر لمبتدأ محذوف. والإضافة في قوله خائِنَةَ الْأَعْيُنِ على معنى من، وخائنة:نعت لمصدر محذوف.أى: هو- سبحانه- يعلم النظرة الخائنة من الأعين، وهي التي يوجهها صاحبها في تسلل وخفية إلى محارم الله- تعالى- كما يعلم- سبحانه- الأشياء التي يخفيها الناس في صدورهم، وسيجازيهم على ذلك في هذا اليوم بما يستحقون.قال القرطبي: ولما جيء بعبد الله بن أبى سرح إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلم بعد ما اطمأن أهل مكة، وطلب له الأمان عثمان بن عفان، صمت رسول الله صلّى الله عليه وسلم طويلا، ثم قال:«نعم» .فلما انصرف قال صلّى الله عليه وسلم لمن حوله: «ما صمت إلا ليقوم إليه بعضكم فيضرب عنقه» .فقال رجل من الأنصار: فهلا اومأت إلى يا رسول الله؟ فقال: «إن النبي لا تكون له خائنة أعين» .
40:20
وَ اللّٰهُ یَقْضِیْ بِالْحَقِّؕ-وَ الَّذِیْنَ یَدْعُوْنَ مِنْ دُوْنِهٖ لَا یَقْضُوْنَ بِشَیْءٍؕ-اِنَّ اللّٰهَ هُوَ السَّمِیْعُ الْبَصِیْرُ۠(۲۰)
اور اللہ سچا فیصلہ فرماتا ہے، اور اس کے سوا جن کو (ف۴۴) پوجتے ہیں وہ کچھ فیصلہ نہیں کرتے (ف۴۵) بیشک اللہ ہی سنتا اور دیکھتا ہے (ف۴۶)

ثم بين- سبحانه- أن القضاء الحق في هذا اليوم مرده إليه وحده فقال: وَاللَّهُ يَقْضِي بِالْحَقِّ....أى: والله- تعالى- يقضى بين عباده قضاء ملتبسا بالحق الذي لا يحوم حوله باطل.وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ لا يَقْضُونَ بِشَيْءٍ.. أى: والآلهة الذين يعبدهم الكفار من دون الله- تعالى- لا يقضون بشيء أصلا، لأنهم لا يعلمون شيئا، ولا يقدرون على شيء، وإذا فهم أعجز وأتفه من أن يلتفت إليهم.إِنَّ اللَّهَ- تعالى- هُوَ السَّمِيعُ لكل شيء الْبَصِيرُ بكل شيء، لا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء.
40:21
اَوَ لَمْ یَسِیْرُوْا فِی الْاَرْضِ فَیَنْظُرُوْا كَیْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِیْنَ كَانُوْا مِنْ قَبْلِهِمْؕ-كَانُوْا هُمْ اَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَّ اٰثَارًا فِی الْاَرْضِ فَاَخَذَهُمُ اللّٰهُ بِذُنُوْبِهِمْؕ -وَ مَا كَانَ لَهُمْ مِّنَ اللّٰهِ مِنْ وَّاقٍ(۲۱)
تو کیا انہوں نے زمین میں سفر نہ کیا کہ دیکھتے کیسا انجام ہوا ان سے اگلوں کا (ف۴۷) ان کی قوت اور زمین میں جو نشانیاں چھوڑ گئے (ف۴۸) ان سے زائد تو اللہ نے انہیں ان کے گناہوں پر پکڑا، اور اللہ سے ان کا کوئی بچانے والا نہ ہوا (ف۴۹)

ثم وبخ- سبحانه- هؤلاء الظالمين على عدم اعتبارهم واتعاظهم بمن كان قبلهم فقال:أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الَّذِينَ كانُوا مِنْ قَبْلِهِمْ، كانُوا هُمْ أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَآثاراً فِي الْأَرْضِ فَأَخَذَهُمُ اللَّهُ بِذُنُوبِهِمْ وَما كانَ لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ واقٍ.أى: أبلغت الجهالة والغفلة وانطماس البصيرة بهؤلاء المشركين من قومك- يا محمد- أنهم لم يعتبروا ولم يتعظوا بالظالمين السابقين الذين دمرناهم تدميرا.إنهم يمرون عليهم مصبحين وبالليل، وإنهم ليشاهدون آثارهم ماثلة أمام أعينهم، يشاهدون آثار قوم صالح، ويشاهدون آثار غيرهم.ولقد كان هؤلاء السابقون الظالمون، أشد من مشركي قريش في القوة والبأس، وأشد منهم في إقامة المبانى الفارهة، والحصون الحصينة..فلما استمروا في جحودهم وكفرهم، أخذهم الله- تعالى- أخذ عزيز مقتدر، بسبب ذنوبهم. وما كان لهم من دون الله- تعالى- من يدفع عنهم عذابه، أو يقيهم من بأسه.
40:22
ذٰلِكَ بِاَنَّهُمْ كَانَتْ تَّاْتِیْهِمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَیِّنٰتِ فَكَفَرُوْا فَاَخَذَهُمُ اللّٰهُؕ-اِنَّهٗ قَوِیٌّ شَدِیْدُ الْعِقَابِ(۲۲)
یہ اس لیے کہ ان کے پاس ان کے رسول روشن نشانیاں لے کر آئے (ف۵۰) پھر وہ کفر کرتے تو اللہ نے انہیں پکڑا، بیشک اللہ زبردست عذاب والا ہے،

ذلِكَ الأخذ من أسبابه بِأَنَّهُمْ كانَتْ تَأْتِيهِمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّناتِ أى: بالدلائل الواضحات على صدقهم فيما يبلغونهم عن ربهم.فَكَفَرُوا أى: بالرسل وبما جاءوهم به فَأَخَذَهُمُ اللَّهُ أى: فأهلكهم- سبحانه- إِنَّهُ قَوِيٌّ شَدِيدُ الْعِقابِ أى: إنه- سبحانه- قوى لا يحول بين ما يريد أن يفعله حائل، شديد العقاب لمن كفر به، وأعرض عن دعوة رسله.وبذلك نرى الآيات الكريمة قد ساقت لنا أنواعا متعددة من مظاهر قدرة الله، ومن أهوال يوم القيامة، ومن علمه الشامل لكل شيء، ومن قضائه العادل ومن أخذه للظالمين أخذ عزيز مقتدر.ثم انتقلت السورة الكريمة إلى الحديث عن جانب من قصة موسى- عليه السلام- مع فرعون. فذكرت جانبا من التهديدات التي وجهها فرعون إلى موسى وقومه، وكيف أن موسى- عليه السلام- رد عليه ردا قويا حكيما، فقال- تعالى-
40:23
وَ لَقَدْ اَرْسَلْنَا مُوْسٰى بِاٰیٰتِنَا وَ سُلْطٰنٍ مُّبِیْنٍۙ(۲۳)
اور بیشک ہم نے موسیٰ کو اپنی نشانیوں اور روشن سند کے ساتھ بھیجا،

والمراد بآياتنا في قوله: وَلَقَدْ أَرْسَلْنا مُوسى بِآياتِنا تلك الآيات التسع التي أعطاها الله- تعالى- لموسى، لتكون معجزات له دالة على صدقة، وهي: العصا، واليد، والسنون، والبحر، والطوفان، والجراد، والقمل والضفادع، والدم.قال- تعالى- وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسى تِسْعَ آياتٍ بَيِّناتٍ.والمراد بالسلطان المبين: الحجة القاهرة الظاهرة التي تغلب بها في الحجاج والجدال على فرعون.أى: والله لقد منحنا موسى- عليه السلام- بفضلنا وقدرتنا معجزات باهرات، ومنحناه- أيضا- حجة قوية واضحة، يدمر بها حجج أعدائه.
40:24
اِلٰى فِرْعَوْنَ وَ هَامٰنَ وَ قَارُوْنَ فَقَالُوْا سٰحِرٌ كَذَّابٌ(۲۴)
فرعون اور ہامان اور قارون کی طرف تو وہ بولے جادوگر ہے بڑا جھوٹا (ف۵۱)

وقوله- سبحانه-: إِلى فِرْعَوْنَ وَهامانَ وَقارُونَ ... بيان لمن أرسله الله- تعالى- إليهم.وفرعون: لقب لكل ملك من ملوك مصر في تلك العهود السابقة، والمراد به هنا: ذلك الملك الجبار الظالم الذي أرسل في عهده موسى- عليه السلام-، ويقال إنه «منفتاح» بن رمسيس الثاني.وهامانَ هو وزير فرعون وقارُونَ هو الذي كان من قوم موسى فبغى عليهم.وأعطاه الله- تعالى- الكثير من الأموال.. ثم خسف به وبداره الأرض.وخص- سبحانه- هؤلاء الثلاثة بالذكر، مع أن رسالة موسى كانت لهم ولأتباعهم، لأنهم هم الزعماء البارزون، الذين كانوا يدبرون المكايد ضد موسى- عليه السلام- فيتبعهم العامة من أقوامهم.وقوله: فَقالُوا ساحِرٌ كَذَّابٌ أرسلناه إلى هؤلاء الطغاة ومعه آياتنا الدالة على صدقه، فكان جوابهم على دعوته إياهم الى عبادة الله- تعالى- وحده. أن قالوا في شأنه، إنه ساحر يموه على الناس بسحره، وأنه كذاب في دعواه أنه رسول من رب العالمين.وهكذا كانت نتيجة أول لقاء بين موسى- عليه السلام- وبين هؤلاء الطغاة الظالمين. أنهم وصفوه بالسحر والكذب، وهو المؤيد بآيات الله، وبحججه الظاهرة. وما وصفوه بذلك إلا من أجل الحسد والعناد، والحرص على دنياهم وملكهم.
40:25
فَلَمَّا جَآءَهُمْ بِالْحَقِّ مِنْ عِنْدِنَا قَالُوا اقْتُلُوْۤا اَبْنَآءَ الَّذِیْنَ اٰمَنُوْا مَعَهٗ وَ اسْتَحْیُوْا نِسَآءَهُمْؕ-وَ مَا كَیْدُ الْكٰفِرِیْنَ اِلَّا فِیْ ضَلٰلٍ(۲۵)
پھر جب وہ ان پر ہمارے پاس سے حق لایا (ف۵۲) بولے جو اس پر ایمان لائے ان کے بیٹے قتل کرو اور عورتیں زندہ رکھو (ف۵۳) اور کافروں کا داؤ نہیں مگر بھٹکتا پھرتا (ف۵۴)

ثم لم يكتفوا بهذا القول، بل انتقلوا إلى مرحلة أخرى أشد وأطغى، فقالوا- كما حكى القرآن عنهم: فَلَمَّا جاءَهُمْ بِالْحَقِّ مِنْ عِنْدِنا قالُوا اقْتُلُوا أَبْناءَ الَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ وَاسْتَحْيُوا نِساءَهُمْ....أى: فحين وصل إليهم موسى- عليه السلام- بدعوته. وخاطبهم بما أمره الله- تعالى- أن يخاطبهم به، وجابههم بالحق الذي زوده الله- تعالى- به.ما كان منهم إلا أن قالوا- على سبيل التهديد والوعيد-: اقتلوا الذكور من أبناء الذين آمنوا مع موسى، ودخلوا في دينه، واتركوا الإناث بدون قتل لخدمتكم، وليكون ذلك أبلغ في إذلالهم. إذ بقاء النساء بدون رجال فتنة كبيرة. وذل عظيم.والتعبير بقوله. فَلَمَّا جاءَهُمْ بِالْحَقِّ مِنْ عِنْدِنا يشعر بأن هؤلاء الظالمين قد جاءهم الحق إلى بيوتهم ومساكنهم، وأنهم لم يخرجوا لطلبه، وإنما هو الذي جاءهم عن طريق موسى، المؤيد بآيات الله- تعالى-.والقائلون: اقْتُلُوا أَبْناءَ الَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ وَاسْتَحْيُوا نِساءَهُمْ هم الملأ من قوم فرعون الذين كانوا يزينون له الظلم والعدوان. إرضاء له. وإرهابا لموسى- عليه السلام- ولمن آمن معه.قال الإمام الرازي: والصحيح أن هذا القتل كان غير القتل الذي وقع في وقت ولادة موسى، لأن القتل في ذلك الوقت كان بسبب أن المنجمين قد أخبروا فرعون بولادة عدو له يظهر عليه، فأمر بقتل الأبناء في ذلك الوقت. وأما في هذا الوقت. فموسى- عليه السلام- كان قد جاءه وأظهر المعجزات. فعند ذلك أمر بقتل أبناء الذين آمنوا معه، لئلا ينشئوا على دين موسى، فيقوى بهم. وهذه العلة مختصة بالبنين دون البنات. فلهذا السبب أمر بقتل الأبناء.. .وقوله- تعالى-: وَما كَيْدُ الْكافِرِينَ إِلَّا فِي ضَلالٍ توهين لشأن الكافرين في كل زمان ومكان، وتشجيع للمؤمنين على أن يسيروا في طريق الحق دون أن يرهبهم وعد أو وعيد.فإن النصر سيكون في النهاية لهم.أى: وما كيد الكافرين ومكرهم وعدوانهم، إلا مصيره إلى الضلال والضياع والبطلان.يقال: ضل فلان الطريق إذا ضاع منه الرشد. والتبست عليه السبل. وصار تائها لا يعرف له طريقا يوصله إلى ما يريد.
40:26
وَ قَالَ فِرْعَوْنُ ذَرُوْنِیْۤ اَقْتُلْ مُوْسٰى وَ لْیَدْعُ رَبَّهٗۚ-اِنِّیْۤ اَخَافُ اَنْ یُّبَدِّلَ دِیْنَكُمْ اَوْ اَنْ یُّظْهِرَ فِی الْاَرْضِ الْفَسَادَ(۲۶)
اور فرعون بولا (ف۵۵) مجھے چھوڑو میں موسیٰ کو قتل کروں (ف۵۶) اور وہ اپنے رب کو پکارے (ف۵۷) میں ڈرتا ہوں کہیں وہ تمہارا دین بدل دے (ف۵۸) یا زمین میں فساد چمکائے (ف۵۹)

ثم بين- سبحانه- لونا آخر من ألوان فجور فرعون وبغيه فقال: وَقالَ فِرْعَوْنُ ذَرُونِي أَقْتُلْ مُوسى..والجملة الكريمة معطوفة على قوله: قالُوا اقْتُلُوا أَبْناءَ الَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ وجملة وَما كَيْدُ الْكافِرِينَ إِلَّا فِي ضَلالٍ اعتراضية، جيء بها مسارعة لبيان خسرانهم وضلالهم.أى: وقال فرعون لحاشيته ومستشاريه وخاصته: اتركوني لأقتل موسى- عليه السلام- وأتخلص منه ومن أقواله التي فيها ما فيها من الضرر بي وبكم.ويبدو من أسلوب الآية الكريمة أن اتجاه فرعون لقتل موسى كان يجد معارضة مستشاريه.لأنهم يرون أن قتله لا ينهى المتاعب، بل قد يزيدها اشتعالا لأن عامة الناس سيفهمون أن قتل موسى كان بسبب أنه على الحق، فتثور ثائرتهم لقتله، أو لأنهم كانوا يخافون أن قتله سيؤدي إلى نزول العذاب بهم، غضبا من رب موسى، ولعل بعضهم كان يعتقد أن موسى على حق ولكن الخوف منعه من الجهر بذلك، أو لأنهم كانوا يرون أن قتل موسى سيؤدي إلى تفرغ فرعون لهم، وهم لا يريدون هذا التفرغ، لأنه يؤدى إلى ضياع الكثير من منافعهم.قال صاحب الكشاف: قوله: ذَرُونِي أَقْتُلْ مُوسى كانوا إذا هم بقتله كفّوه بقولهم:ليس موسى بالذي تخافه. وهو أقل من ذلك وأضعف وما هو إلا بعض السحرة.. وإنك إذا قتلته أدخلت الشبهة على الناس. واعتقدوا أنك قد عجزت عن معارضته بالحجة.والظاهر أن فرعون- لعنه الله- كان قد استيقن أن موسى نبيا. وأن ما جاء به آيات وما هو بسحر، ولكن الرجل كان قتالا سفاكا للدماء في أهون شيء، فكيف لا يقتل من أحس منه بأنه هو الذي يثل عرشه. ويهدم ملكه. ولكنه كان يخاف إن همّ بقتله. أن يعاجل بالهلاك.. .وقوله: وَلْيَدْعُ رَبَّهُ تظاهر من فرعون بأنه لا يبالى بما يكون من وراء قتله لموسى.وأنه غير مكترث لا بموسى ولا برب موسى.فالجملة الكريمة بيان لما جبل عليه هذا الطاغية من فجور وتكبر واستهزاء بالحق فكأنه يقول: إنى قاتل لموسى وليدع ربه لكي يخلصه منى..!!ثم نرى فرعون بعد ذلك يتظاهر أمام حاشيته، أنه ما حمله على إرادة قتل موسى، إلا الحرص على منفعتهم. فيقول: إِنِّي أَخافُ أَنْ يُبَدِّلَ دِينَكُمْ أَوْ أَنْ يُظْهِرَ فِي الْأَرْضِ الْفَسادَ.أى: اتركوني لأقتل موسى. وليدع ربه لكي يخلصه منى. إن كان في إمكانه ذلك. فإنى أخاف إن لم أقتله أن يبدل دينكم الذي أنتم عليه بدين آخر أو بأن يظهر في الأرض التي تعيشون عليها الفساد، عن طريق بث الفتن بينكم وإيقاد نار العداوة في صفوفكم. والعمل على اضطراب أمر دنياكم ومعاشكم.وهكذا الطغاة الماكرون في كل زمان ومكان: يضربون الحق بكل سلاح من أسلحتهم الباطلة. ثم يزعمون بعد ذلك أمام العامة والبسطاء والمغلوبين على أمرهم.. أنهم ما فعلوا ذلك إلا من أجل الحرص على مصالحهم الدينية والدنيوية!! قال الإمام الرازي: والمقصود من هذا الكلام، بيان السبب لقتل موسى، وهو أن وجوده يوجب إما فساد الدين أو فساد الدنيا، أما فساد الدين فلأن القوم اعتقدوا أن الدين الصحيح هو الذي كانوا عليه. فلما كان موسى ساعيا في إفساده كان في اعتقادهم أنه ساع في إفساد الدين الحق.وأما فساد الدنيا فهو أنه لا بد وأن يجتمع عليه قوم، ويصير ذلك سببا لوقوع الخصومات وإثارة الفتن.ولما كان حب الناس لأديانهم فوق حبهم لأموالهم، لا جرم بدأ فرعون يذكر الدين فقال:إِنِّي أَخافُ أَنْ يُبَدِّلَ دِينَكُمْ ثم أتبعه بذكر فساد الدنيا فقال: أَوْ أَنْ يُظْهِرَ فِي الْأَرْضِ الْفَسادَ .
40:27
وَ قَالَ مُوْسٰۤى اِنِّیْ عُذْتُ بِرَبِّیْ وَ رَبِّكُمْ مِّنْ كُلِّ مُتَكَبِّرٍ لَّا یُؤْمِنُ بِیَوْمِ الْحِسَابِ۠(۲۷)
اور موسیٰ نے (ف۶۰) کہا میں تمہارے اور اپنے رب کی پناہ لیتا ہوں ہر متکبر سے کہ حساب کے دن پر یقین نہیں لاتا (ف۶۱)

ثم حكى- سبحانه- ما قاله موسى- عليه السلام- بعد أن سمع من فرعون تهديداته له، وتطاوله عليه، فقال- تعالى-: وَقالَ مُوسى إِنِّي عُذْتُ بِرَبِّي وَرَبِّكُمْ مِنْ كُلِّ مُتَكَبِّرٍ لا يُؤْمِنُ بِيَوْمِ الْحِسابِ.وقوله عُذْتُ بمعنى استجرت ولجأت. يقال: عاذ فلان بفلان واستعاذ به، إذا لجأ إليه. واستجار به.أى: وقال موسى- عليه السلام- لقومه على سبيل التثبيت لهم على الحق يا قوم. إنى استجرت وتحصنت بربي وربكم من شر كل مستكبر عن الإيمان بالحق، كافر بيوم الحساب وما فيه من ثواب وعقاب.وفي هذا القول الذي قاله موسى لقومه: يتجلى صدق إيمانه، وقوة يقينه ووثوقه برعاية الله- تعالى- له، كما يتجلى فيه حرصه على نصحه لقومه بالثبات على الحق، لأن الله- تعالى- الذي هو ربه وربهم، كفيل برعايته ورعايتهم وبانجائه وبإنجائهم من فرعون وملئه، كما يتجلى فيه أن الاستكبار عن اتباع الحق، والتكذيب بالبعث، على رأس الأسباب التي تعين على قسوة القلب، وفساد النفس.قال صاحب الكشاف: وقوله: وَرَبِّكُمْ فيه بعث لهم على أن يقتدوا به، فيعوذوا بالله عياذه، ويعتصموا بالتوكل عليه اعتصامه، وقال: مِنْ كُلِّ مُتَكَبِّرٍ لتشمل استعاذته من فرعون وغيره من الجبابرة، وليكون على طريقة التعريض، فيكون أبلغ. وأراد بالتكبر:الاستكبار عن الإذعان للحق، وهو أقبح استكبار وأدله على دناءة صاحبه، ومهانة نفسه، وعلى فرط ظلمه وعسفه.وقال: لا يُؤْمِنُ بِيَوْمِ الْحِسابِ لأنه إذا اجتمع في الرجل التجبر والتكذيب بالجزاء وقلة المبالاة بالعاقبة، فقد استكمل أسباب القسوة والجراءة على الله وعباده. ولم يترك عظيمة إلا ارتكبها..وخلال هذا الوعيد والتهديد من فرعون وملئه لموسى- عليه السلام-، قيض الله- تعالى- لموسى رجلا مؤمنا من آل فرعون كان يخفى إيمانه. هذا الرجل أخذ يدافع عن موسى دفاعا حكيما مؤثرا، يحمل الترغيب تارة والترهيب أخرى، والإرشاد تارة والتأنيب أخرى.. ويحكى القرآن ذلك بأسلوبه البليغ فيقول:
40:28
وَ قَالَ رَجُلٌ مُّؤْمِنٌ ﳓ مِّنْ اٰلِ فِرْعَوْنَ یَكْتُمُ اِیْمَانَهٗۤ اَتَقْتُلُوْنَ رَجُلًا اَنْ یَّقُوْلَ رَبِّیَ اللّٰهُ وَ قَدْ جَآءَكُمْ بِالْبَیِّنٰتِ مِنْ رَّبِّكُمْؕ-وَ اِنْ یَّكُ كَاذِبًا فَعَلَیْهِ كَذِبُهٗۚ-وَ اِنْ یَّكُ صَادِقًا یُّصِبْكُمْ بَعْضُ الَّذِیْ یَعِدُكُمْؕ-اِنَّ اللّٰهَ لَا یَهْدِیْ مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ كَذَّابٌ(۲۸)
اور بولا فرعون والوں میں سے ایک مرد مسلمان کہ اپنے ایمان کو چھپاتا تھا کیا ایک مرد کو اس پر مارے ڈالتے ہو کہ وہ کہتا ہے کہ میرا رب اللہ ہے اور بیشک وہ روشن نشانیاں تمہارے پاس تمہارے رب کی طرف سے لائے (ف۶۲) اور اگر بالفرض وہ غلط کہتے ہیں تو ان کی غلط گوئی کا وبال ان پر، اور اگر وہ سچے ہیں تو تمہیں پہنچ جائے گا کچھ وہ جس کا تمہیں وعدہ دیتے ہیں (ف۶۳) بیشک اللہ راہ نہیں دیتا اسے جو حد سے بڑھنے والا بڑا جھوٹا ہو (ف۶۴)

قال الإمام الرازي: اعلم أنه- تعالى- لما حكى عن موسى- عليه السلام- أنه ما زاد في دفع مكر فرعون وشره على الاستعاذة بالله، بين أنه- تعالى- قيض إنسانا أجنبيا غير موسى حتى ذب عنه على أحسن الوجوه، وبالغ في تسكين تلك الفتنة، واجتهد في إزالة ذلك الشر.ثم قال- رحمه الله-: يقول مصنف هذا الكتاب: ولقد جربت في أحوال نفسي أنه كلما قصدني شرير بشر ولم أتعرض له، وأكتفى بتفويض ذلك الأمر إلى الله، فإنه- سبحانه- يقيض أقواما لا أعرفهم ألبتة. يبالغون في دفع ذلك الشر.. .وظاهر الآية الكريمة يفيد أن هذا الرجل المؤمن كان من حاشية فرعون بدليل قوله- تعالى-: مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ ولم يكن من بنى إسرائيل.وقد رجح ابن جرير- رحمه الله- ذلك فقال: وأولى القولين في ذلك بالصواب عندي:القول الذي قاله السدى من أن الرجل المؤمن كان من آل فرعون، ولذا فقد أصغى لكلامه واستمع منه ما قاله، وتوقف عن قتل موسى عند نهيه عن قتله.. ولو كان إسرائيليا لكان حريا أن يعاجل هذا القائل له ولملئه بالعقوبة على قوله، لأنه لم يكن يستنصح بنى إسرائيل لاعتداده إياهم أعداء له.. ولكنه لما كان من ملأ قومه، استمع إليه، وكف فرعون عما كان قد هم به من قتل موسى.. .قالوا: وهذا الرجل المؤمن هو الذي نصح موسى- عليه السلام- بقوله: إِنَّ الْمَلَأَ يَأْتَمِرُونَ بِكَ لِيَقْتُلُوكَ، فَاخْرُجْ إِنِّي لَكَ مِنَ النَّاصِحِينَ.وكان اسمه «حزقيل» أو «حبيب» .أى: وقال رجل مؤمن من آل فرعون وحاشيته، وكان يكتم إيمانه عنهم، حتى لا يصيبه أذى منهم، فعند ما سمع فرعون يقول: ذَرُونِي أَقْتُلْ مُوسى. قال لهم: أَتَقْتُلُونَ رَجُلًا أَنْ يَقُولَ رَبِّيَ اللَّهُ، وَقَدْ جاءَكُمْ بِالْبَيِّناتِ مِنْ رَبِّكُمْ.أى: أتقتلون رجلا لأنه يقول ربي الله وحده، وقد جاءكم بالحجج البينات، وبالمعجزات الواضحة من عند ربكم، كدليل على صدقه فيما يبلغه عنه.فقوله: أَنْ يَقُولَ رَبِّيَ اللَّهُ في موضع المفعول لأجله. أى: أتقتلونه من أجل قوله هذا. وجملة وَقَدْ جاءَكُمْ بِالْبَيِّناتِ مِنْ رَبِّكُمْ حالية من فاعل يقول وهو موسى- عليه السلام-.والمقصود بهذا الاستفهام: الإنكار عليهم والتبكيت لهم، حيث قصدوا قتل رجل كل ذنبه أنه عبد الله- تعالى- وحده وقد جاءهم بالمعجزات الواضحات الدالة على صحة فعله وقوله.قال الإمام ابن كثير: وقد كان هذا الرجل يكتم إيمانه عن قومه القبط، فلم يظهر إلا هذا اليوم حين قال فرعون ذَرُونِي أَقْتُلْ مُوسى فأخذت الرجل غضبة لله- تعالى- و «أفضل الجهاد كلمة عدل عند سلطان جائر» اللهم إلا ما رواه البخاري في صحيحه حيث قال:حدثنا على بن عبد الله، حدثنا الوليد بن مسلم، حدثنا الأوزاعى، حدثني عروة بن الزبير قال: قلت لعبد الله بن عمرو بن العاص: أخبرنى بأشد شيء صنعه المشركون برسول الله صلّى الله عليه وسلم فقال: بينا رسول الله صلّى الله عليه وسلم بفناء الكعبة، إذ أقبل عقبة بن أبى معيط فأخذ بمنكب رسول الله صلّى الله عليه وسلم ولوى ثوبه في عنقه، فخنقه خنقا شديدا. فأقبل أبو بكر- رضى الله عنه- فأخذ بمنكبه ودفع عن النبي صلّى الله عليه وسلم ثم قال: أتقتلون رجلا أن يقول ربي الله وقد جاءكم بالبينات من ربكم .وقال القرطبي: وعن على- رضى الله عنه- قال: اجتمعت قريش بعد وفاة أبى طالب بثلاث: فأرادوا قتل رسول الله صلّى الله عليه وسلم فأقبل هذا يجؤه- أى يضربه-، وهذا يتلتله- أى: يحركه تحريكا شديدا- فلم يغثه أحد إلا أبو بكر وله ضفيرتان، فأقبل يجأ هذا ويتلتل ذا، ويقول بأعلى صوته: ويلكم.. أتقتلون رجلا أن يقول ربي الله، والله إنه لرسول الله، فقطعت إحدى ضفيرتى أبى بكر يومئذ .ثم يحكى القرآن الكريم أن ذلك الرجل المؤمن، لم يكتف بالإنكار على قومه قصدهم موسى بالقتل بل أخذ في محاولة إقناعهم بالعدول عن هذا القصد بشتى الأساليب والحجج فقال: وَإِنْ يَكُ كاذِباً فَعَلَيْهِ كَذِبُهُ، وَإِنْ يَكُ صادِقاً يُصِبْكُمْ بَعْضُ الَّذِي يَعِدُكُمْ ...أى: أنه قال لهم: إن كان موسى- على سبيل الفرض- كاذبا فيما يقوله ويفعله فعليه وحده يقع ضرر كذبه، وليس عليكم منه شيء، وإن كان صادقا فيما يقوله ويفعله، فلا أقل من أن يصيبكم بعض الذي يعدكم به من سوء عاقبة مخالفة ما أتاكم به من عند ربه..فأنت ترى أن الرجل كان في نهاية الحكمة والإنصاف وحسن المنطق، في مخاطبته لقومه، حيث بين لهم أن الأمر لا يخرج عن فرضين، وكلاهما لا يوجب قصد موسى- عليه السلام- بالقتل.ورحم الله صاحب الكشاف. فقد أجاد عند تفسيره لهذه الآية فقال ما ملخصه: وقوله:أَتَقْتُلُونَ رَجُلًا أَنْ يَقُولَ رَبِّيَ اللَّهُ ... هذا إنكار عظيم منه، وتبكيت شديد لهم، كأنه قال: أترتكبون الفعلة الشنعاء التي هي قتل نفس محرمة، وما لكم علة قط في ارتكابها إلا كلمة الحق التي نطق بها وهي قوله رَبِّيَ اللَّهُ..ثم أخذ في الاحتجاج عليهم على طريقة التقسيم فقال: لا يخلو من أن يكون كاذبا أو صادقا، فإن يك كاذبا فعليه يعود كذبه ولا يتخطاه ضرره، وإن يك صادقا يصبكم بعض ما يعدكم به إن تعرضتم له.فإن قلت: لم قال: بَعْضُ الَّذِي يَعِدُكُمْ وهو- أى موسى- نبي صادق، لا بد لما يعدهم أن يصيبهم كله لا بعضه؟قلت: لأنه احتجاج في مقاولة خصوم موسى ومنا كريه، إلى أن يلاوصهم- أى يحايلهم- ويداريهم، ويسلك معهم طريق الإنصاف في القول ويأتيهم من جهة المناصحة، فجاء بما علم أنه أقرب إلى تسليمهم لقوله، وأدخل في تصديقهم له وقبولهم منه، فقال وَإِنْ يَكُ صادِقاً يُصِبْكُمْ بَعْضُ الَّذِي يَعِدُكُمْ وهو كلام المصنف في مقاله، غير المشتط فيه، ليسمعوا منه ولا يردوا عليه، وذلك أنه حين فرضه صادقا، فقد أثبت أنه صادق في جميع ما يعد، ولكنه أردفه بقوله: يُصِبْكُمْ بَعْضُ الَّذِي يَعِدُكُمْ ليهضمه بعض حقه في ظاهر الكلام، فيريهم أنه ليس بكلام من أعطاه حقه وافيا، فضلا عن أن يتعصب له، وتقديم الكاذب على الصادق أيضا من هذا القبيل.. .ثم أرشد الرجل المؤمن الحصيف قومه إلى سنة من سنن الله التي لا تتغير فقال: إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ كَذَّابٌ.أى: إن سنة الله- تعالى- قد اقتضت أنه- سبحانه- لا يهدى الى الحق والصواب، من كان مسرفا في أموره، متجاوزا الحدود التي شرعها الله- تعالى- ومن كان كذابا في إخباره عن الله- تعالى-، ولو كان موسى مسرفا أو كذابا، لما أيده الله- تعالى- بالمعجزات الباهرة. وبالحجج الساطعة الدالة على صدقه.فالجملة الكريمة إرشاد لهم عن طريق خفى إلى صدق موسى فيما يبلغه عن ربه، وتعريض بما عليه فرعون من ظلم وكذب.قال الجمل في حاشيته: فالجملة الكريمة كلام ذو وجهين نظرا لموسى وفرعون.الوجه الأول: أن هذا إشارة الى الرمز والتعريض بعلو شأن موسى، والمعنى: إن الله هدى موسى إلى الإتيان بالمعجزات الباهرة، ومن هداه الله إلى ذلك لا يكون مسرفا ولا كذابا.الوجه الثاني: أن يكون المراد أن فرعون مسرف في عزمه على قتل موسى. وكاذب في ادعائه الألوهية، والله لا يهدى من كان كذلك.. .
40:29
یٰقَوْمِ لَكُمُ الْمُلْكُ الْیَوْمَ ظٰهِرِیْنَ فِی الْاَرْضِ٘-فَمَنْ یَّنْصُرُنَا مِنْۢ بَاْسِ اللّٰهِ اِنْ جَآءَنَاؕ-قَالَ فِرْعَوْنُ مَاۤ اُرِیْكُمْ اِلَّا مَاۤ اَرٰى وَ مَاۤ اَهْدِیْكُمْ اِلَّا سَبِیْلَ الرَّشَادِ(۲۹)
اے میری قوم! آج بادشاہی تمہاری ہے اس زمین میں غلبہ رکھتے ہو (ف۶۵) تو اللہ کے عذاب سے ہمیں کون بچالے گا اگر ہم پر آئے فرعون بولا میں تو تمہیں وہی سمجھاتا ہوں جو میری سوجھ ہے (ف۶۶) اور میں تمہیں وہی بتاتا ہوں جو بھلائی کی راہ ہے،

ثم أخذ في تذكيرهم بنعم الله عليهم، وفي تحذيرهم من نقمه فقال: يا قَوْمِ لَكُمُ الْمُلْكُ الْيَوْمَ ظاهِرِينَ فِي الْأَرْضِ، فَمَنْ يَنْصُرُنا مِنْ بَأْسِ اللَّهِ إِنْ جاءَنا.أى: وقال الرجل المؤمن لقومه- أيضا-: يا قوم، أى: يا أهلى ويا عشيرتي، أنتم اليوم لكم الملك، حالة كونكم ظاهرين، أى: غالبين ومنتصرين في أرض مصر، عالين فيها على بني إسرائيل قوم موسى.وإذا كان أمرنا كذلك، فمن يستطيع أن ينصرنا من عذاب الله، إن أرسله علينا، بسبب عدم شكرنا له، واعتدائنا على خلقه.وإنما نسب إليهم ما يسرهم من الملك والظهور في الأرض دون أن يسلك نفسه معهم، وسلك نفسه معهم في موطن التحذير، تطييبا لقلوبهم، وإيذانا بأنه ناصح أمين لهم، وأنه لا يهمه سوى منفعتهم ومصلحتهم..وهنا نجد القرآن الكريم يخبرنا بأن فرعون بعد أن استمع إلى نصيحة الرجل المؤمن، أخذته العزة بالإثم، وقال ما يقوله كل طاغية معجب بنفسه: ما أُرِيكُمْ إِلَّا ما أَرى، وَما أَهْدِيكُمْ إِلَّا سَبِيلَ الرَّشادِ.أى: قال فرعون لقومه، في رده على نصيحة الرجل المؤمن: يا قوم لا أشير عليكم ولا أخبركم إلا بما أراه صوابا وخيرا، وهو أن أقتل موسى- عليه السلام- وما أهديكم برأيى هذا إلا إلى طريق السداد والرشاد.وغرض فرعون بهذا القول، التدليس والتمويه على قومه. وأنه ما يريد إلا منفعتهم، مع أن الدافع الحقيقي لقوله هذا، هو التخلص من موسى حتى يخلو له الجو في تأليه نفسه على جهلة قومه، فإنهم كانوا كما قال- تعالى- في شأنهم: فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطاعُوهُ إِنَّهُمْ كانُوا قَوْماً فاسِقِينَ.
40:30
وَ قَالَ الَّذِیْۤ اٰمَنَ یٰقَوْمِ اِنِّیْۤ اَخَافُ عَلَیْكُمْ مِّثْلَ یَوْمِ الْاَحْزَابِۙ(۳۰)
اور وہ ایمان والا بولا اے میری قوم! مجھے تم پر (ف۶۷) اگلے گروہوں کے دن کا سا خوف ہے (ف۶۸)

ولكن الرجل المؤمن لم يسكت أمام هذا التدليس والتمويه الذي نطق به فرعون، بل استرسل في نصحه لقومه. وحكى القرآن عنه ذلك فقال: وَقالَ الَّذِي آمَنَ يا قَوْمِ، إِنِّي أَخافُ عَلَيْكُمْ مِثْلَ يَوْمِ الْأَحْزابِ ...أى قال لهم: يا قوم إنى أخاف عليكم إذا تعرضتم لموسى- عليه السلام- بالقتل أو بالتكذيب، أن ينزل بكم عذاب مثل العذاب الذي نزل على الأمم الماضية التي تحزبت على أنبيائها، وأعرضت عن دعوتهم، فكانت عاقبتها خسرا..فالمراد بالأحزاب: تلك الأمم السابقة التي وقفت من أنبيائها موقف العداء والبغضاء.وكأن تلك الأمم من حزب، والأنبياء من حزب آخر..والمراد باليوم هنا: الأحداث والوقائع والعقوبات التي حدثت فيه. فالكلام على حذف مضاف.أى: أخاف عليكم مثل حادث يوم الأحزاب.
40:31
مِثْلَ دَاْبِ قَوْمِ نُوْحٍ وَّ عَادٍ وَّ ثَمُوْدَ وَ الَّذِیْنَ مِنْۢ بَعْدِهِمْؕ-وَ مَا اللّٰهُ یُرِیْدُ ظُلْمًا لِّلْعِبَادِ(۳۱)
جیسا دستور گزرا نوح کی قوم اور عاد اور ثمود اور ان کے بعد اوروں کا (ف۶۹) اور اللہ بندوں پر ظلم نہیں چاہتا (ف۷۰)

وقوله: مِثْلَ دَأْبِ قَوْمِ نُوحٍ وَعادٍ وَثَمُودَ وَالَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ ... بدل أو عطف بيان من قوله مِثْلَ يَوْمِ الْأَحْزابِ.والدأب: العادة الدائمة المستمرة يقال: دأب فلان على كذا، إذا داوم عليه وجد فيه، ثم غلب استعماله في الحال والشأن والعادة.أى: أخاف عليكم أن يكون حالكم وشأنكم كحال قوم نوح وعاد وثمود والذين من بعدهم كقوم لوط، فهؤلاء الأقوام كذبوا أنبياءهم فدمرهم الله- تعالى- تدميرا، فاحذروا أن تسيروا على نهجهم بأن تقصدوا موسى- عليه السلام- بالقتل أو الإيذاء، فينزل بكم العذاب مثل ما نزل بهم.وَمَا اللَّهُ- تعالى- يُرِيدُ ظُلْماً لِلْعِبادِ أى: فما أنزله- سبحانه- بهم من عذاب، إنما هو بسبب إصرارهم على شركهم. وعلى الإعراض عن دعوة أنبيائهم، وما ظلمهم الله ولكن كانوا أنفسهم يظلمون.
40:32
وَ یٰقَوْمِ اِنِّیْۤ اَخَافُ عَلَیْكُمْ یَوْمَ التَّنَادِۙ(۳۲)
اور اے میری قوم میں تم پر اس دن سے ڈراتا ہوں جس دن پکار مچے گی (ف۷۱)

ثم يواصل الرجل المؤمن تذكير قومه بأهوال يوم القيامة فيقول: وَيا قَوْمِ إِنِّي أَخافُ عَلَيْكُمْ يَوْمَ التَّنادِ.أخاف عليكم يوم القيامة الذي يكثر فيه نداء أهل الجنة لأهل النار. ونداء أهل النار لأهل الجنة، ونداء الملائكة لأهل السعادة وأهل الشقاوة.فلفظ «التناد» - بتخفيف الدال وحذف الياء- تفاعل من النداء، يقال: تنادى القوم، إذا نادى بعضهم بعضا..
40:33
یَوْمَ تُوَلُّوْنَ مُدْبِرِیْنَۚ-مَا لَكُمْ مِّنَ اللّٰهِ مِنْ عَاصِمٍۚ-وَ مَنْ یُّضْلِلِ اللّٰهُ فَمَا لَهٗ مِنْ هَادٍ(۳۳)
جس دن پیٹھ دے کر بھاگو گے (ف۷۲) اللہ سے (ف۷۳) تمہیں کوئی بچانے والا نہیں، اور جسے اللہ گمراہ کرے اس کا کوئی راہ دکھانے والا نہیں،

وقوله: يَوْمَ تُوَلُّونَ مُدْبِرِينَ ما لَكُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ عاصِمٍ ... بدل من يوم التناد. أى:أخاف عليكم من أهوال يوم القيامة، يوم تنصرفون عن موقف الحساب والجزاء فتتلقاكم النار بلهيبها وسعيرها، وتحاولون الهرب منها فلا تستطيعون. لأنه لا عاصم لكم ولا مانع في هذا اليوم من عذاب الله- تعالى- وعقابه.وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَما لَهُ مِنْ هادٍ أى: ومن يضلله الله- تعالى- عن طريق الحق بسبب سوء استعداده، واستحبابه العمى على الهدى. فما له من هاد يهديه إلى الصراط المستقيم.وهكذا نجد الرجل المؤمن بعد أن خوف قومه من العذاب الدنيوي، أتبع ذلك بتخويفهم من العذاب الأخروى.
40:34
وَ لَقَدْ جَآءَكُمْ یُوْسُفُ مِنْ قَبْلُ بِالْبَیِّنٰتِ فَمَا زِلْتُمْ فِیْ شَكٍّ مِّمَّا جَآءَكُمْ بِهٖؕ-حَتّٰۤى اِذَا هَلَكَ قُلْتُمْ لَنْ یَّبْعَثَ اللّٰهُ مِنْۢ بَعْدِهٖ رَسُوْلًاؕ-كَذٰلِكَ یُضِلُّ اللّٰهُ مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ مُّرْتَابُۚۖﰳ(۳۴)
اور بیشک اس سے پہلے (ف۷۴) تمہارے پاس یوسف روشن نشانیاں لے کر آئے تو تم ان کے لائے ہوئے سے شک ہی میں رہے، یہاں تک کہ جب انہوں نے انتقال فرمایا تم بولے ہرگز اب اللہ کوئی رسول نہ بھیجے گا (ف۷۵) اللہ یونہی گمراہ کرتا ہے اسے جو حد سے بڑھنے والا شک لانے والا ہے (ف۷۶)

ثم ذكرهم بعد ذلك بما كان من أسلافهم مع أحد أنبيائهم فقال: وَلَقَدْ جاءَكُمْ يُوسُفُ مِنْ قَبْلُ بِالْبَيِّناتِ فَما زِلْتُمْ فِي شَكٍّ مِمَّا جاءَكُمْ بِهِ، حَتَّى إِذا هَلَكَ قُلْتُمْ لَنْ يَبْعَثَ اللَّهُ مِنْ بَعْدِهِ رَسُولًا.والذي عليه المحققون أن المراد بيوسف هنا: يوسف بن يعقوب- عليهما السلام- والمراد بمجيئه إليهم: مجيئه إلى آبائهم، إذ بين يوسف وموسى- عليهما السلام- أكثر من أربعة قرون، فالتعبير في الآية الكريمة من باب نسبة أحوال الآباء إلى الأبناء لسيرهم على منوالهم وعلى طريقتهم في الإعراض عن الحق.أى: ولقد جاء يوسف- عليه السلام- إلى آبائكم من قبل مجيء موسى إليكم، وكان مجيئه إلى آبائكم مصحوبا بالمعجزات والبينات، والآيات الواضحات الدالة على صدقه.فَما زِلْتُمْ فِي شَكٍّ مِمَّا جاءَكُمْ بِهِ أى: فما زال آباؤكم في شك مما جاءهم به من البينات والهدى، كشأنكم أنتم مع نبيكم موسى- عليه السلام-.حَتَّى إِذا هَلَكَ أى: مات يوسف- عليه السلام-.قُلْتُمْ أى: قال آباؤكم الذين أنتم من نسلهم لَنْ يَبْعَثَ اللَّهُ مِنْ بَعْدِهِ رَسُولًا فهم قد كذبوا رسالته في حياته، وكفروا بمن بعده من الرسل بعد موته، لأنهم نفوا أن يكون هناك رسول من بعده.فأنت ترى أن الرجل المؤمن يحذر قومه من أن يسلكوا مسلك آبائهم، في تكذيب رسل الله، وفي الإعراض عن دعوتهم.قال ابن كثير: قوله- تعالى-: وَلَقَدْ جاءَكُمْ يُوسُفُ مِنْ قَبْلُ بِالْبَيِّناتِ يعنى: أهل مصر، قد بعث الله فيهم رسولا من قبل موسى، وهو يوسف- عليه السلام-، كان عزيز أهل مصر، وكان رسولا يدعو إلى الله أمته القبط، فما أطاعوه تلك الساعة إلا لمجرد الوزارة.والجاه الدنيوي. ولهذا قال: فَما زِلْتُمْ فِي شَكٍّ مِمَّا جاءَكُمْ بِهِ حَتَّى إِذا هَلَكَ قُلْتُمْ لَنْ يَبْعَثَ اللَّهُ مِنْ بَعْدِهِ رَسُولًا أى: يئستم فقلتم طامعين: لَنْ يَبْعَثَ اللَّهُ مِنْ بَعْدِهِ رَسُولًا وذلك لكفرهم وتكذيبهم .وقوله: كَذلِكَ يُضِلُّ اللَّهُ مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ مُرْتابٌ أى: مثل ذلك الإضلال الفظيع، يضل الله- تعالى- من هو مسرف في ارتكاب الفسوق والعصيان، ومن هو مرتاب في دينه.شاك في صدق رسوله، لاستيلاء الشيطان والهوى على قلبه.
40:35
الَّذِیْنَ یُجَادِلُوْنَ فِیْۤ اٰیٰتِ اللّٰهِ بِغَیْرِ سُلْطٰنٍ اَتٰىهُمْؕ-كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللّٰهِ وَ عِنْدَ الَّذِیْنَ اٰمَنُوْاؕ-كَذٰلِكَ یَطْبَعُ اللّٰهُ عَلٰى كُلِّ قَلْبِ مُتَكَبِّرٍ جَبَّارٍ(۳۵)
وہ جو اللہ کی آیتوں میں جھگڑا کرتے ہیں (ف۷۷) بغیر کسی سند کے، کہ انہیں ملی ہو، کس قدر سخت بیزاری کی بات ہے اللہ کے نزدیک اور ایمان لانے والوں کے نزدیک، اللہ یوں ہی مہر کردیتا ہے متکبر سرکش کے سارے دل پر (ف۷۸)

ثم بين لهم أن غضب الله- تعالى- شديد، على الذين يجادلون في آياته الدالة على وحدانيته وعلى كمال قدرته، وعلى صدق أنبيائه، بغير حجة أو دليل فقال الَّذِينَ يُجادِلُونَ فِي آياتِ اللَّهِ بِغَيْرِ سُلْطانٍ أَتاهُمْ، كَبُرَ مَقْتاً عِنْدَ اللَّهِ وَعِنْدَ الَّذِينَ آمَنُوا....وقوله: الَّذِينَ يُجادِلُونَ ... مبتدأ، وخبره قوله- تعالى-: كَبُرَ مَقْتاً..والفاعل ضمير يعود إلى الجدال المفهوم من قوله يُجادِلُونَ أى: كبر جدالهم ومَقْتاً تمييز محول عن الفاعل، أى: عظم بغضا جدالهم عند الله وعند المؤمنين.أى: الذين يجادلون في آيات الله الدالة على وحدانيته، وعلى صدق أنبيائه بغير دليل أو برهان أتاهم من الله- تعالى- عن طريق رسله، هؤلاء الذين يفعلون ذلك، كبر وعظم بغضا جدالهم عند الله- تعالى- وعند الذين آمنوا.قال الجمل: وهذه الصفة- وهي الجدال بالباطل بدون برهان- موجودة في فرعون وقومه، ويكون الرجل المؤمن قد عدل عن مخاطبتهم إلى الاسم الغائب، لحسن محاورته لهم، واستجلاب قلوبهم. وأبرز ذلك في صورة تذكرهم فلم يخصهم بالخطاب.وفي قوله: كَبُرَ ضرب من التعجب والاستعظام لجدالهم .وقوله: كَذلِكَ يَطْبَعُ اللَّهُ عَلى كُلِّ قَلْبِ مُتَكَبِّرٍ جَبَّارٍ أى: مثل ذلك الطبع العجيب، يطبع الله- تعالى- ويختم بالكفر والعمى على قلب كل إنسان متكبر عن الاستماع للحق، متطاول ومتجبر على خلق الله- تعالى- بالعدوان والإيذاء.ومع هذا النصح الزاخر بالحكم الحكيمة، والتوجيهات السليمة، والإرشادات القويمة من الرجل المؤمن لقومه.. ظل فرعون سادرا في غيه، مصرا على كفره وضلاله.. إلا أن الرجل المؤمن لم ييأس من توجيه النصح بل أخذ يذكر وينذر ويبشر.. ويحكى القرآن الكريم كل ذلك فيقول:
40:36
وَ قَالَ فِرْعَوْنُ یٰهَامٰنُ ابْنِ لِیْ صَرْحًا لَّعَلِّیْۤ اَبْلُغُ الْاَسْبَابَۙ(۳۶)
اور فرعون بولا (ف۷۹) اے ہامان! میرے لیے اونچا محل بنا شاید میں پہنچ جاؤں راستوں تک،

والمراد بالصرح في قوله- تعالى-: وَقالَ فِرْعَوْنُ يا هامانُ ابْنِ لِي صَرْحاً ... البناء العالي المكشوف للناس، الذي يرى الناظر من فوقه ما يريد أن يراه، مأخوذ من التصريح بمعنى الكشف والإيضاح.والأسباب: جمع سبب، وهو كل ما يتوصل به إلى الشيء، والمراد بها هنا: أبواب السماء وطرقها، التي يصل منها إلى ما بداخلها.
40:37
اَسْبَابَ السَّمٰوٰتِ فَاَطَّلِعَ اِلٰۤى اِلٰهِ مُوْسٰى وَ اِنِّیْ لَاَظُنُّهٗ كَاذِبًاؕ-وَ كَذٰلِكَ زُیِّنَ لِفِرْعَوْنَ سُوْٓءُ عَمَلِهٖ وَ صُدَّ عَنِ السَّبِیْلِؕ-وَ مَا كَیْدُ فِرْعَوْنَ اِلَّا فِیْ تَبَابٍ۠(۳۷)
کا ہے کے راستے آسمان کے تو موسیٰ کے خدا کو جھانک کر دیکھوں اور بیشک میرے گمان میں تو وہ جھوٹا ہے (ف۸۰) اور یونہی فرعون کی نگاہ میں اس کا برا کام (ف۸۱) بھلا کر دکھا گیا (ف۸۲) اور وہ راستے میں روکا گیا، اور فرعون کا داؤ (ف۸۳) ہلاک ہونے ہی کو تھا،

أى: وقال فرعون لوزيره هامان: يا هامان ابن لي بناء ظاهرا عاليا مكشوفا لا يخفى على الناظر وإن كان بعيدا عنه، لعلى عن طريق الصعود على هذا البناء الشاهق أبلغ الأبواب الخاصة بالسموات، فأدخل منها فأنظر الى إله موسى.والمراد بالظن في قوله وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ كاذِباً اليقين لقوله- تعالى- في آية أخرى:وَقالَ فِرْعَوْنُ يا أَيُّهَا الْمَلَأُ ما عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرِي فَأَوْقِدْ لِي يا هامانُ عَلَى الطِّينِ فَاجْعَلْ لِي صَرْحاً لَعَلِّي أَطَّلِعُ إِلى إِلهِ مُوسى وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ مِنَ الْكاذِبِينَ .فقوله- كما حكى القرآن عنه-: ما عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرِي قرينة قوية على أن المراد بالظن في الآيتين: اليقين والجزم، بسبب غروره وطغيانه.أى: وإنى لأعتقد وأجزم بأن موسى كاذبا في دعواه أن هناك إلها غيرى لكم، وفي دعواه أنه رسول إلينا.وكرر لفظ الأسباب لأن اللفظ الثاني يدل على الأول، والشيء إذا أبهم ثم أوضح، كان تفخيما لشأنه، فلما أراد تفخيم ما أمل بلوغه من أسباب السموات أبهمها ثم أوضحها.وقوله: فَأَطَّلِعَ قرأه الجمهور بالرفع عطفا على أَبْلُغُ فيكون في حيز الترجي.وقرأه بعض القراء السبعة بالنصب فيكون جوابا للأمر في قوله: ابْنِ لِي صَرْحاً ...ولا شك أن قول فرعون هذا بجانب دلالته على أنه بلغ الغاية في الطغيان والفجور والاستخفاف بالعقول، يدل- أيضا- على شدة خداعه، إذ هو يريد أن يتوصل من وراء هذا القول إلى أنه ليس هناك إله سواه ولو كان هناك إله سواه لشاهده هو وغيره من الناس.قال الإمام ابن كثير: وذلك لأن فرعون بنى هذا الصرح، الذي لم ير في الدنيا بناء أعلى منه، وإنما أراد بهذا أن يظهر لرعيته تكذيب موسى فيما قاله، من أن هناك إلها غير فرعون.. .وقال الجمل في حاشيته ما ملخصه: وقول فرعون هذا المقصود منه التلبيس والتمويه والتخليط على قومه توصلا لبقائهم على الكفر، وإلا فهو يعرف حقيقة الإله، وأنه ليس في جهة، ولكنه أراد التلبيس، فكأنه يقول لهم: لو كان إله موسى موجودا لكان له محل، ومحله إما الأرض وإما السماء، ولم نره في الأرض، فيبقى أن يكون في السماء، والسماء لا يتوصلإليها إلا بسلم.. .ثم بين- سبحانه- أن مكر فرعون هذا مصيره إلى الخسران فقال: وَكَذلِكَ زُيِّنَ لِفِرْعَوْنَ سُوءُ عَمَلِهِ، وَصُدَّ عَنِ السَّبِيلِ وَما كَيْدُ فِرْعَوْنَ إِلَّا فِي تَبابٍ.والتباب: الهلاك والخسران، يقال: تب الله- تعالى- فلانا، أى: أهلكه، وتبت يدا فلان، أى: خسرتا ومنه قوله- سبحانه-: تَبَّتْ يَدا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ....أى: ومثل ذلك التزيين القبيح، زين لفرعون سوء عمله، فرآه حسنا، لفجوره وطغيانه، وصد عن سبيل الهدى والرشاد، لأنه استحب العمى على الهدى. وما كيد فرعون ومكره وتلبيسه واحتياله في إبطال الحق، إلا في هلاك وخسران وانقطاع.
40:38
وَ قَالَ الَّذِیْۤ اٰمَنَ یٰقَوْمِ اتَّبِعُوْنِ اَهْدِكُمْ سَبِیْلَ الرَّشَادِۚ(۳۸)
اور وہ ایمان والا بولا، اے میری قوم! میرے پیچھے چلو میں تمہیں بھلائی کی راہ بتاؤں،

ثم حكى القرآن الكريم أن الرجل المؤمن قد تابع حديثه ونصائحه لقومه، بعد أن استمع إلى ما قاله فرعون من باطل وغرور فقال: وَقالَ الَّذِي آمَنَ يا قَوْمِ اتَّبِعُونِ.. أى: فيما أنصحكم به، وأرشدكم إليه.أَهْدِكُمْ سَبِيلَ الرَّشادِ أى: اتبعونى فيما نصحتكم به، فإن في اتباعكم لي هدايتكم إلى الطريق الذي كله صلاح وسعادة وسداد. أما اتباعكم لفرعون فيؤدى بكم إلى طريق الغي والضلال.
40:39
یٰقَوْمِ اِنَّمَا هٰذِهِ الْحَیٰوةُ الدُّنْیَا مَتَاعٌ٘-وَّ اِنَّ الْاٰخِرَةَ هِیَ دَارُ الْقَرَارِ(۳۹)
اے میری قوم! یہ دنیا کا جینا تو کچھ برتنا ہی ہے (ف۸۴) اور بیشک وه پچھلا ہمیشہ رہنے کا گھر ہے، (ف۸۵)

يا قَوْمِ إِنَّما هذِهِ الْحَياةُ الدُّنْيا مَتاعٌ ... أى: هذه الدنيا متاع زائل مهما طالت أيامه..وَإِنَّ الْآخِرَةَ وحدها هِيَ دارُ الْقَرارِ أى: هي الدار التي فيها البقاء والدوام والخلود.
40:40
مَنْ عَمِلَ سَیِّئَةً فَلَا یُجْزٰۤى اِلَّا مِثْلَهَاۚ-وَ مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّنْ ذَكَرٍ اَوْ اُنْثٰى وَ هُوَ مُؤْمِنٌ فَاُولٰٓىٕكَ یَدْخُلُوْنَ الْجَنَّةَ یُرْزَقُوْنَ فِیْهَا بِغَیْرِ حِسَابٍ(۴۰)
جو برُا کام کرے تو اسے بدلہ نہ ملے گا مگر اتنا ہی اور جو اچھا کام کرے مرد خواه عورت اور جو مسلمان تو وہ جنت میں داخل کیے جائیں گے وہاں بے گنتی رزق پائیں گے (ف۸۷)

مَنْ عَمِلَ سَيِّئَةً في هذه الدنيا فَلا يُجْزى في الآخرة إِلَّا مِثْلَها كرما من الله- تعالى- وعدلا.وَمَنْ عَمِلَ صالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثى وَهُوَ مُؤْمِنٌ بالله- تعالى- إيمانا حقا.فَأُولئِكَ المؤمنون الصادقون يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ يُرْزَقُونَ فِيها بِغَيْرِ حِسابٍ أى:يرزقون فيها رزقا واسعا هنيئا، لا يعلم قدره إلا الله- تعالى-، ولا يحاسبهم عليه محاسب.فقد تفضل- سبحانه- على عباده. أن يضاعف لهم الحسنات دون السيئات.
  FONT
  THEME
  TRANSLATION
  • English | Ahmed Ali
  • Urdu | Ahmed Raza Khan
  • Turkish | Ali-Bulaç
  • German | Bubenheim Elyas
  • Chinese | Chineese
  • Spanish | Cortes
  • Dutch | Dutch
  • Portuguese | El-Hayek
  • English | English
  • Urdu | Fateh Muhammad Jalandhry
  • French | French
  • Hausa | Hausa
  • Indonesian | Indonesian-Bahasa
  • Italian | Italian
  • Korean | Korean
  • Malay | Malay
  • Russian | Russian
  • Tamil | Tamil
  • Thai | Thai
  • Farsi | مکارم شیرازی
  TAFSEER
  • العربية | التفسير الميسر
  • العربية | تفسير الجلالين
  • العربية | تفسير السعدي
  • العربية | تفسير ابن كثير
  • العربية | تفسير الوسيط لطنطاوي
  • العربية | تفسير البغوي
  • العربية | تفسير القرطبي
  • العربية | تفسير الطبري
  • English | Arberry
  • English | Yusuf Ali
  • Dutch | Keyzer
  • Dutch | Leemhuis
  • Dutch | Siregar
  • Urdu | Sirat ul Jinan
  HELP

اَلْمُؤْمِن
اَلْمُؤْمِن
  00:00



Download

اَلْمُؤْمِن
اَلْمُؤْمِن
  00:00



Download