READ

Surah Az-Zumar

اَلزُّمَر
75 Ayaat    مکیۃ


39:0
بِسْمِ اللّٰهِ الرَّحْمٰنِ الرَّحِیْمِ
اللہ کے نام سے شروع جو بہت مہربان رحمت والا

القول في تأويل الاستعاذةتأويل قوله : ( أعوذ ) .قال أبو جعفر : والاستعاذة : الاستجارة . وتأويل قول القائل : ( أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ) أستجير بالله - دون غيره من سائر خلقه - من الشيطان أن يضرني في ديني ، أو يصدني عن حق يلزمني لربي .تأويل قوله : ( من الشيطان )قال أبو جعفر : والشيطان ، في كلام العرب : كل متمرد من الجن والإنس والدواب وكل شيء . وكذلك قال ربنا جل ثناؤه : ( وكذلك جعلنا لكل نبي عدوا شياطين الإنس والجن ) [ سورة الأنعام : 112 ] ، فجعل من الإنس شياطين ، مثل الذي جعل من الجن .وقال عمر بن الخطاب رحمة الله عليه ، وركب برذونا فجعل يتبختر به ، فجعل يضربه فلا يزداد إلا تبخترا ، فنزل عنه ، وقال : ما حملتموني إلا على شيطان! ما نزلت عنه حتى أنكرت نفسي .136 - حدثنا بذلك يونس بن عبد الأعلى ، قال : أنبأنا ابن وهب ، قال : أخبرني هشام بن سعد ، عن زيد بن أسلم ، عن أبيه ، عن عمر .قال أبو جعفر : وإنما سمي المتمرد من كل شيء شيطانا ، لمفارقة أخلاقه وأفعاله أخلاق سائر جنسه وأفعاله ، وبعده من الخير . وقد قيل : إنه أخذ من [ ص: 112 ] قول القائل : شطنت داري من دارك - يريد بذلك : بعدت . ومن ذلك قول نابغة بني ذبيان :نأت بسعاد عنك نوى شطون فبانت والفؤاد بها رهينوالنوى : الوجه الذي نوته وقصدته . والشطون : البعيد . فكأن الشيطان - على هذا التأويل - فيعال من شطن . ومما يدل على أن ذلك كذلك ، قول أمية بن أبي الصلت :أيما شاطن عصاه عكاه ثم يلقى في السجن والأكبالولو كان فعلان ، من شاط يشيط ، لقال : أيما شائط ، ولكنه قال : أيما شاطن ، لأنه من "شطن يشطن ، فهو شاطن" .تأويل قوله : ( الرجيم ) .وأما الرجيم فهو : فعيل بمعنى مفعول ، كقول القائل : كف خضيب ، ولحية دهين ، ورجل لعين ، يريد بذلك : مخضوبة ومدهونة وملعون . وتأويل الرجيم : الملعون المشتوم . وكل مشتوم بقول رديء أو سب فهو مرجوم . وأصل الرجم الرمي ، بقول كان أو بفعل . ومن الرجم بالقول قول أبي إبراهيم لإبراهيم صلوات الله عليه : ( لئن لم تنته لأرجمنك ) [ سورة مريم : 46 ] .وقد يجوز أن يكون قيل للشيطان رجيم ، لأن الله جل ثناؤه طرده من سماواته ، ورجمه بالشهب الثواقب [ ص: 113 ]وقد روي عن ابن عباس ، أن أول ما نزل جبريل على النبي صلى الله عليه وسلم علمه الاستعاذة .137 - حدثنا أبو كريب ، قال : حدثنا عثمان بن سعيد ، قال : حدثنا بشر بن عمارة ، قال : حدثنا أبو روق ، عن الضحاك ، عن عبد الله بن عباس ، قال : أول ما نزل جبريل على محمد قال : "يا محمد استعذ ، قل : أستعيذ بالسميع العليم من الشيطان الرجيم " ، ثم قال : قل : "بسم الله الرحمن الرحيم " ، ثم قال : ( اقرأ باسم ربك الذي خلق ) [ العلق : 1 ] . قال عبد الله : وهي أول سورة أنزلها الله على محمد بلسان جبريل .فأمره أن يتعوذ بالله دون خلقه .القول في تأويل بسم الله الرحمن الرحيمالقول في تأويل قوله : ( بسم )قال أبو جعفر : إن الله تعالى ذكره وتقدست أسماؤه أدب نبيه محمدا صلى الله عليه وسلم بتعليمه تقديم ذكر أسمائه الحسنى أمام جميع أفعاله ، ، وتقدم إليه في وصفه بها قبل جميع مهماته ، وجعل ما أدبه به من ذلك وعلمه إياه ، منه لجميع خلقه سنة يستنون بها ، وسبيلا يتبعونه عليها ، فبه افتتاح أوائل منطقهم ، وصدور رسائلهم وكتبهم وحاجاتهم ، حتى أغنت دلالة ما ظهر من قول القائل : "بسم الله " ، على ما بطن من مراده الذي هو محذوف .وذلك أن الباء من "بسم الله " مقتضية فعلا يكون لها جالبا ، ولا فعل معها ظاهر ، فأغنت سامع القائل "بسم الله " معرفته بمراد قائله ، عن إظهار قائل ذلك مراده قولا إذ كان كل ناطق به عند افتتاحه أمرا ، قد أحضر منطقه به - إما معه ، وإما قبله بلا فصل - ما قد أغنى سامعه عن دلالة شاهدة على الذي من أجله افتتح قيله به . فصار استغناء سامع ذلك منه عن إظهار ما حذف منه ، نظير استغنائه - إذا سمع قائلا قيل له : ما أكلت اليوم ؟ فقال : "طعاما " - عن أن يكرر المسئول مع قوله "طعاما " ، أكلت ، لما قد ظهر لديه من الدلالة على أن ذلك معناه ، بتقدم مسألة السائل إياه عما أكل . فمعقول إذا أن قول [ ص: 115 ] القائل إذا قال : "بسم الله الرحمن الرحيم " ثم افتتح تاليا سورة ، أن إتباعه "بسم الله الرحمن الرحيم " تلاوة السورة ، ينبئ عن معنى قوله : "بسم الله الرحمن الرحيم " ومفهوم به أنه مريد بذلك : أقرأ بسم الله الرحمن الرحيم . وكذلك قوله : "بسم الله " عند نهوضه للقيام أو عند قعوده وسائر أفعاله ، ينبئ عن معنى مراده بقوله "بسم الله " ، وأنه أراد بقيله "بسم الله " ، أقوم باسم الله ، وأقعد باسم الله . وكذلك سائر الأفعال .وهذا الذي قلنا في تأويل ذلك ، هو معنى قول ابن عباس الذي : -138 - حدثنا به أبو كريب ، قال : حدثنا عثمان بن سعيد ، قال : حدثنا بشر بن عمارة ، قال : حدثنا أبو روق ، عن الضحاك ، عن عبد الله بن عباس ، قال : إن أول ما نزل به جبريل على محمد ، قال : "يا محمد ، قل : أستعيذ بالسميع العليم من الشيطان الرجيم " ثم قال : "قل بسم الله الرحمن الرحيم " . قال : قال له جبريل : قل بسم الله يا محمد ، يقول : اقرأ بذكر الله ربك ، وقم واقعد بذكر الله .قال أبو جعفر : فإن قال لنا قائل : فإن كان تأويل قوله "بسم الله " ما وصفت ، والجالب الباء في "بسم الله " ما ذكرت ، فكيف قيل "بسم الله " ، بمعنى أقرأ باسم الله " ، أو أقوم أو أقعد باسم الله ؟ وقد علمت أن كل قارئ كتاب الله ، فبعون الله وتوفيقه قراءته ، وأن كل قائم أو قاعد أو فاعل فعلا فبالله قيامه وقعوده وفعله . وهلا - إذ كان ذلك كذلك - قيل " بالله الرحمن الرحيم " ولم يقل "بسم الله " ؟ فإن قول القائل : أقوم وأقعد بالله الرحمن الرحيم ، أو أقرأ بالله - أوضح معنى لسامعه من قوله "بسم الله " ، إذ كان قوله أقوم "أقوم أو أقعد باسم الله " ، يوهم سامعه أن قيامه وقعوده بمعنى غير الله .قيل له ، وبالله التوفيق : إن المقصود إليه من معنى ذلك غير ما توهمته في نفسك . وإنما معنى قوله "باسم الله " : أبدأ بتسمية الله وذكره قبل كل شيء ، [ ص: 116 ] أو أقرأ بتسميتي الله ، أو أقوم وأقعد بتسميتي الله وذكره - لا أنه يعني بقيله "بسم الله " : أقوم بالله ، أو أقرأ بالله ، فيكون قول القائل : أقرأ بالله ، أو أقوم أو أقعد بالله - أولى بوجه الصواب في ذلك من قوله "بسم الله " .فإن قال : فإن كان الأمر في ذلك على ما وصفت ، فكيف قيل : "بسم الله " وقد علمت أن الاسم اسم ، وأن التسمية مصدر من قولك سميت ؟قيل : إن العرب قد تخرج المصادر مبهمة على أسماء مختلفة ، كقولهم : أكرمت فلانا كرامة ، وإنما بناء مصدر "أفعلت " - إذا أخرج على فعله - "الإفعال " . وكقولهم : أهنت فلانا هوانا ، وكلمته كلاما . وبناء مصدر : "فعلت " التفعيل . ومن ذلك قول الشاعر :أكفرا بعد رد الموت عني وبعد عطائك المائة الرتاعايريد : إعطائك . ومنه قول الآخر :وإن كان هذا البخل منك سجية لقد كنت في طولي رجاءك أشعبايريد : في إطالتي رجاءك . ومنه قول الآخر :أظليم إن مصابكم رجلا أهدى السلام تحية ظلميريد : إصابتكم . والشواهد في هذا المعنى تكثر ، وفيما ذكرنا كفاية ، لمن وفق لفهمه . [ ص: 117 ]فإذ كان الأمر - على ما وصفنا ، من إخراج العرب مصادر الأفعال على غير بناء أفعالها - كثيرا ، وكان تصديرها إياها على مخارج الأسماء موجودا فاشيا ، فبين بذلك صواب ما قلنا من التأويل في قول القائل "بسم الله " ، أن معناه في ذلك عند ابتدائه في فعل أو قول : أبدأ بتسمية الله ، قبل فعلي ، أو قبل قولي .وكذلك معنى قول القائل عند ابتدائه بتلاوة القرآن : "بسم الله الرحمن الرحيم " ، إنما معناه : أقرأ مبتدئا بتسمية الله ، أو أبتدئ قراءتي بتسمية الله . فجعل "الاسم " مكان التسمية ، كما جعل الكلام مكان التكليم ، والعطاء مكان الإعطاء .وبمثل الذي قلنا من التأويل في ذلك ، روي الخبر عن عبد الله بن عباس .139 - حدثنا أبو كريب ، قال : حدثنا عثمان بن سعيد ، قال : حدثنا بشر بن عمارة ، قال : حدثنا أبو روق ، عن الضحاك ، عن عبد الله بن عباس ، قال : أول ما نزل جبريل على محمد صلى الله عليه وسلم قال : "يا محمد ، قل : أستعيذ بالسميع العليم من الشيطان الرجيم " ، ثم قال : "قل : بسم الله الرحمن الرحيم " .قال ابن عباس : "بسم الله " ، يقول له جبريل : يا محمد ، اقرأ بذكر الله ربك ، وقم واقعد بذكر الله .وهذا التأويل من ابن عباس ينبئ عن صحة ما قلنا - من أنه يراد بقول القائل مفتتحا قراءته : "بسم الله الرحمن الرحيم " : أقرأ بتسمية الله وذكره ، وأفتتح القراءة بتسمية الله ، بأسمائه الحسنى وصفاته العلى - ويوضح فساد قول من زعم أن معنى ذلك من قائله : بالله الرحمن الرحيم أول كل شيء ، مع أن العباد [ ص: 118 ] إنما أمروا أن يبتدئوا عند فواتح أمورهم بتسمية الله ، لا بالخبر عن عظمته وصفاته ، كالذي أمروا به من التسمية على الذبائح والصيد ، وعند المطعم والمشرب ، وسائر أفعالهم . وكذلك الذي أمروا به من تسميته عند افتتاح تلاوة تنزيل الله ، وصدور رسائلهم وكتبهم .ولا خلاف بين الجميع من علماء الأمة ، أن قائلا لو قال عند تذكيته بعض بهائم الأنعام "بالله " ، ولم يقل "بسم الله " ، أنه مخالف - بتركه قيل : "بسم الله " ما سن له عند التذكية من القول . وقد علم بذلك أنه لم يرد بقوله "بسم الله " "بالله " ، كما قال الزاعم أن اسم الله في قول الله : "بسم الله الرحمن الرحيم " هو الله . لأن ذلك لو كان كما زعم ، لوجب أن يكون القائل عند تذكيته ذبيحته "بالله " ، قائلا ما سن له من القول على الذبيحة . وفي إجماع الجميع على أن قائل ذلك تارك ما سن له من القول على ذبيحته - إذ لم يقل "بسم الله " - دليل واضح على فساد ما ادعى من التأويل في قول القائل : "بسم الله " ، أنه مراد به "بالله " ، وأن اسم الله هو الله .وليس هذا الموضع من مواضع الإكثار في الإبانة عن الاسم : أهو المسمى ، أم غيره ، أم هو صفة له ؟ فنطيل الكتاب به ، وإنما هذا موضع من مواضع الإبانة عن الاسم المضاف إلى الله : أهو اسم ، أم مصدر بمعنى التسمية ؟ [ ص: 119 ] فإن قال قائل : فما أنت قائل في بيت لبيد بن ربيعة :إلى الحول ، ثم اسم السلام عليكما ، ومن يبك حولا كاملا فقد اعتذرفقد تأوله مقدم في العلم بلغة العرب ، أنه معني به : ثم السلام عليكما ، وأن اسم السلام هو السلام ؟قيل له : لو جاز ذلك وصح تأويله فيه على ما تأول ، لجاز أن يقال : رأيت اسم زيد ، وأكلت اسم الطعام ، وشربت اسم الشراب; وفي إجماع جميع العرب على إحالة ذلك ما ينبئ عن فساد تأويل من تأول قول لبيد : "ثم اسم السلام [ ص: 120 ] عليكما " ، أنه أراد : ثم السلام عليكما ، وادعائه أن إدخال الاسم في ذلك وإضافته إلى السلام إنما جاز ، إذ كان اسم المسمى هو المسمى بعينه .ويسأل القائلون قول من حكينا قوله هذا ، فيقال لهم : أتستجيزون في العربية أن يقال : "أكلت اسم العسل " ، يعني بذلك : أكلت العسل ، كما جاز عندكم : اسم السلام عليك ، وأنتم تريدون : السلام عليك ؟فإن قالوا : نعم ! خرجوا من لسان العرب ، وأجازوا في لغتها ما تخطئه جميع العرب في لغتها . وإن قالوا : لا ؛ سئلوا الفرق بينهما . فلن يقولوا في أحدهما قولا إلا ألزموا في الآخر مثله .فإن قال لنا قائل : فما معنى قول لبيد هذا عندك ؟قيل له : يحتمل ذلك وجهين ، كلاهما غير الذي قاله من حكينا قوله .أحدهما : أن "السلام " اسم من أسماء الله ، فجائز أن يكون لبيد عنى بقوله : "ثم اسم السلام عليكما " ، ثم الزما اسم الله وذكره بعد ذلك ، ودعا ذكري والبكاء علي; على وجه الإغراء . فرفع الاسم ، إذ أخر الحرف الذي يأتي بمعنى الإغراء . وقد تفعل العرب ذلك ، إذا أخرت الإغراء وقدمت المغرى به ، وإن كانت قد تنصب به وهو مؤخر . ومن ذلك قول الشاعر :يا أيها المائح دلوي دونكا! إني رأيت الناس يحمدونكا!فأغرى ب "دونك " ، وهي مؤخرة ، وإنما معناه : دونك دلوي . فذلك قول لبيد :إلى الحول ثم اسم السلام عليكمايعني : عليكما اسم السلام ، أي : الزما ذكر الله ودعا ذكري والوجد بي ، لأن من بكى حولا على امرئ ميت فقد اعتذر . فهذا أحد وجهيه . [ ص: 121 ]والوجه الآخر منهما : ثم تسميتي الله عليكما ، كما يقول القائل للشيء يراه فيعجبه : "اسم الله عليك " يعوذه بذلك من السوء ، فكأنه قال : ثم اسم الله عليكما من السوء ، وكأن الوجه الأول أشبه المعنيين بقول لبيد .ويقال لمن وجه بيت لبيد هذا إلى أن معناه : ثم السلام عليكما ، أترى ما قلنا - من هذين الوجهين - جائزا ، أو أحدهما ، أو غير ما قلت فيه ؟فإن قال : لا ! أبان مقداره من العلم بتصاريف وجوه كلام العرب ، وأغنى خصمه عن مناظرته .وإن قال : بلى !قيل له : فما برهانك على صحة ما ادعيت من التأويل أنه الصواب ، دون الذي ذكرت أنه محتمله - من الوجه الذي يلزمنا تسليمه لك ؟ ولا سبيل إلى ذلك .وأما الخبر الذي : -140 - حدثنا به إسماعيل بن الفضل ، قال : حدثنا إبراهيم بن العلاء بن الضحاك وهو يلقب بزبريق قال : حدثنا إسماعيل بن عياش ، عن إسماعيل بن يحيى ، عن ابن أبي مليكة ، عمن حدثه ، عن ابن مسعود - ومسعر بن كدام ، عن عطية ، عن أبي سعيد - قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن عيسى ابن مريم أسلمته أمه إلى الكتاب ليعلمه ، فقال له المعلم : اكتب "بسم " فقال له عيسى : وما "بسم " ؟ فقال له المعلم : ما أدري ! فقال عيسى : الباء بهاء الله ، والسين : سناؤه ، والميم : مملكته . [ ص: 122 ]فأخشى أن يكون غلطا من المحدث ، وأن يكون أراد ب س م ، على سبيل ما يعلم المبتدئ من الصبيان في الكتاب حروف أبي جاد ، فغلط بذلك ، فوصله ، فقال : "بسم " ، لأنه لا معنى لهذا التأويل إذا تلي "بسم الله الرحمن الرحيم " ، على ما يتلوه القارئ في كتاب الله ، لاستحالة معناه على المفهوم به عند جميع العرب وأهل لسانها ، إذا حمل تأويله على ذلك .القول في تأويل قوله جل ثناؤه : ( الله ) .قال أبو جعفر : وأما تأويل قول الله تعالى ذكره "الله " ، فإنه على معنى ما روي لنا عن عبد الله بن عباس - : هو الذي يألهه كل شيء ، ويعبده كل خلق . [ ص: 123 ]141 - وذلك أن أبا كريب حدثنا ، قال : حدثنا عثمان بن سعيد ، قال : حدثنا بشر بن عمارة ، قال : حدثنا أبو روق ، عن الضحاك ، عن عبد الله بن عباس ، قال : "الله " ذو الألوهية والمعبودية على خلقه أجمعين .فإن قال لنا قائل : فهل لذلك في "فعل ويفعل " أصل كان منه بناء هذا الاسم ؟قيل : أما سماعا من العرب فلا ولكن استدلالا .فإن قال : وما دل على أن الألوهية هي العبادة ، وأن الإله هو المعبود ، وأن له أصلا في "فعل ويفعل " .قيل : لا تمانع بين العرب في الحكم لقول القائل - يصف رجلا بعبادة ، وبطلب ما عند الله جل ذكره : "تأله فلان " - بالصحة ولا خلاف . ومن ذلك قول رؤبة بن العجاج :لله در الغانيات المده سبحن واسترجعن من تألهييعني : من تعبدي وطلبي الله بعملي .ولا شك أن "التأله " ، التفعل من : "أله يأله " ، وأن معنى "أله " - إذا نطق به : - عبد الله . وقد جاء منه مصدر يدل على أن العرب قد نطقت منه ب "فعل يفعل " بغير زيادة .142 - وذلك ما حدثنا به سفيان بن وكيع ، قال حدثنا أبي ، عن نافع بن عمر ، عن عمرو بن دينار ، عن ابن عباس : أنه قرأ " ويذرك وآلهتك " سورة الأعراف : 127 قال : عبادتك ، ويقال : إنه كان يعبد ولا يعبد . [ ص: 124 ]143 - حدثنا سفيان ، قال : حدثنا ابن عيينة ، عن عمرو بن دينار ، عن محمد بن عمرو بن الحسن ، عن ابن عباس : ( ويذرك وآلهتك ) ، قال : إنما كان فرعون يعبد ولا يعبدوكذلك كان عبد الله يقرؤها ومجاهد .144 - حدثنا القاسم قال : حدثنا الحسين بن داود ، قال : أخبرني حجاج ، عن ابن جريج ، عن مجاهد : قوله " ويذرك وآلهتك " قال : وعبادتك ولا شك أن الإلاهة - على ما فسره ابن عباس ومجاهد - مصدر من قول القائل : أله الله فلان إلاهة ، كما يقال : عبد الله فلان عبادة ، وعبر الرؤيا عبارة . فقد بين قول ابن عباس ومجاهد هذا : أن "أله " عبد ، وأن "الإلاهة " مصدره .فإن قال : فإن كان جائزا أن يقال لمن عبد الله : ألهه - على تأويل قول ابن عباس ومجاهد - فكيف الواجب في ذلك أن يقال ، إذا أراد المخبر الخبر عن استيجاب الله ذلك على عبده ؟ [ ص: 125 ]قيل : أما الرواية فلا رواية فيه عندنا ، ولكن الواجب - على قياس ما جاء به الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي : -145 - حدثنا به إسماعيل بن الفضل ، حدثنا إبراهيم بن العلاء ، قال : حدثنا إسماعيل بن عياش ، عن إسماعيل بن يحيى ، عن ابن أبي مليكة ، عمن حدثه عن ابن مسعود - ومسعر بن كدام ، عن عطية العوفي ، عن أبي سعيد - قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن عيسى أسلمته أمه إلى الكتاب ليعلمه فقال له المعلم اكتب "الله " فقال له عيسى : "أتدري ما الله ؟ الله إله الآلهة " .- أن يقال ، الله جل جلاله أله العبد ، والعبد ألهه . وأن يكون قول القائل "الله " - من كلام العرب أصله "الإله " .فإن قال : وكيف يجوز أن يكون ذلك كذلك ، مع اختلاف لفظيهما ؟قيل : كما جاز أن يكون قوله : ( لكنا هو الله ربي ) [ سورة الكهف : 38 ] أصله : لكن أنا ، هو الله ربي ، كما قال الشاعر :وترمينني بالطرف ، أي أنت مذنب وتقلينني ، لكن إياك لا أقلييريد : لكن أنا إياك لا أقلي ، فحذف الهمزة من "أنا " فالتقت نون "أنا " "ونون "لكن " وهي ساكنة ، فأدغمت في نون "أنا " فصارتا نونا مشددة . فكذلك "الله " أصله "الإله " ، أسقطت الهمزة التي هي فاء الاسم ، فالتقت اللام التي هي عين الاسم ، واللام الزائدة التي دخلت مع الألف الزائدة وهي ساكنة ، فأدغمت في [ ص: 126 ] الأخرى التي هي عين الاسم ، فصارتا في اللفظ لاما واحدة مشددة ، كما وصفنا من قول الله ( لكنا هو الله ربي ) .القول في تأويل قوله جل ثناؤه : ( الرحمن الرحيم ) .قال أبو جعفر : وأما " الرحمن " ، فهو فعلان ، من رحم ، و "الرحيم " فعيل منه . والعرب كثيرا ما تبني الأسماء من "فعل يفعل " على "فعلان " ، كقولهم من غضب : غضبان ، ومن سكر : سكران ، ومن عطش : عطشان . فكذلك قولهم "رحمن " من رحم ، لأن "فعل " منه : رحم يرحم . وقيل "رحيم " ، وإن كانت عين "فعل " منها مكسورة ، لأنه مدح . ومن شأن العرب أن يحملوا أبنية الأسماء - إذا كان فيها مدح أو ذم - على "فعيل " ، وإن كانت عين "فعل " منها مكسورة أو مفتوحة ، كما قالوا من "علم " عالم وعليم ، ومن "قدر " قادر وقدير . وليس ذلك منها بناء على أفعالها ، لأن البناء من "فعل يفعل " و "فعل يفعل " فاعل . فلو كان "الرحمن والرحيم " خارجين على بناء أفعالهما لكانت صورتهما "الراحم " .فإن قال قائل : فإذا كان الرحمن والرحيم اسمين مشتقين من الرحمة ، فما وجه تكرير ذلك ، وأحدهما مؤد عن معنى الآخر ؟قيل له : ليس الأمر في ذلك على ما ظننت ، بل لكل كلمة منهما معنى لا تؤدي الأخرى منهما عنها .فإن قال : وما المعنى الذي انفردت به كل واحدة منهما ، فصارت إحداهما غير مؤدية المعنى عن الأخرى ؟قيل : أما من جهة العربية ، فلا تمانع بين أهل المعرفة بلغات العرب ، أن قول القائل : "الرحمن " - عن أبنية الأسماء [ ص: 127 ] من "فعل يفعل " - أشد عدولا من قوله "الرحيم " . ولا خلاف مع ذلك بينهم ، أن كل اسم كان له أصل في "فعل يفعل " - ثم كان عن أصله من "فعل يفعل " أشد عدولا - أن الموصوف به مفضل على الموصوف بالاسم المبني على أصله من "فعل يفعل " ، إذا كانت التسمية به مدحا أو ذما . فهذا ما في قول القائل "الرحمن " ، من زيادة المعنى على قوله "الرحيم " في اللغة .وأما من جهة الأثر والخبر ، ففيه بين أهل التأويل اختلاف : -146 - فحدثني السري بن يحيى التميمي ، قال : حدثنا عثمان بن زفر ، قال : سمعت العرزمي يقول : "الرحمن الرحيم " ، قال : الرحمن بجميع الخلق ، "الرحيم" قال : بالمؤمنين .147 - حدثنا إسماعيل بن الفضل ، قال : حدثنا إبراهيم بن العلاء ، قال : حدثنا إسماعيل بن عياش ، عن إسماعيل بن يحيى ، عن ابن أبي مليكة ، عمن حدثه ، عن ابن مسعود - ومسعر بن كدام ، عن عطية العوفي ، عن أبي سعيد - يعني الخدري - قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن عيسى ابن مريم قال : الرحمن رحمن الآخرة والدنيا ، والرحيم رحيم الآخرة " .فهذان الخبران قد أنبآ عن فرق ما بين تسمية الله جل ثناؤه باسمه الذي هو "رحمن " ، وتسميته باسمه الذي هو "رحيم " ، واختلاف معنى الكلمتين - وإن اختلفا في معنى ذلك الفرق ، فدل أحدهما على أن ذلك في الدنيا ، ودل الآخر على أنه في الآخرة .فإن قال : فأي هذين التأويلين أولى عندك بالصحة ؟ [ ص: 128 ]قيل : لجميعهما عندنا في الصحة مخرج ، فلا وجه لقول قائل : أيهما أولى بالصحة ؟ وذلك أن المعنى الذي في تسمية الله بالرحمن ، دون الذي في تسميته بالرحيم : هو أنه بالتسمية بالرحمن موصوف بعموم الرحمة جميع خلقه ، وأنه بالتسمية بالرحيم موصوف بخصوص الرحمة بعض خلقه ، إما في كل الأحوال ، وإما في بعض الأحوال . فلا شك - إذا كان ذلك كذلك - أن ذلك الخصوص الذي في وصفه بالرحيم لا يستحيل عن معناه ، في الدنيا كان ذلك أو في الآخرة ، أو فيهما جميعا .فإذا كان صحيحا ما قلنا من ذلك - وكان الله جل ثناؤه قد خص عباده المؤمنين في عاجل الدنيا بما لطف بهم من توفيقه إياهم لطاعته ، والإيمان به وبرسله ، واتباع أمره واجتناب معاصيه ، مما خذل عنه من أشرك به ، وكفر وخالف ما أمره به ، وركب معاصيه; وكان مع ذلك قد جعل ، جل ثناؤه ، ما أعد في آجل الآخرة في جناته من النعيم المقيم والفوز المبين ، لمن آمن به ، وصدق رسله ، وعمل بطاعته ، خالصا ، دون من أشرك وكفر به - كان بينا أن الله قد خص المؤمنين من رحمته في الدنيا والآخرة ، مع ما قد عمهم به والكفار في الدنيا من الإفضال والإحسان إلى جميعهم ، في البسط في الرزق ، وتسخير السحاب بالغيث ، وإخراج النبات من الأرض ، وصحة الأجسام والعقول ، وسائر النعم التي لا تحصى ، التي يشترك فيها المؤمنون والكافرون .فربنا جل ثناؤه رحمن جميع خلقه في الدنيا والآخرة ، ورحيم المؤمنين خاصة في الدنيا والآخرة . فأما الذي عم جميعهم به في الدنيا من رحمته فكان رحمانا لهم به ، فما ذكرنا مع نظائره التي لا سبيل إلى إحصائها لأحد من خلقه ، كما قال جل ثناؤه : ( وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها ) [ سورة إبراهيم : 34 ، وسورة النحل : 18 ] .وأما في الآخرة ، فالذي عم جميعهم به فيها من رحمته ، فكان لهم رحمانا ، تسويته [ ص: 129 ] بين جميعهم جل ذكره في عدله وقضائه ، فلا يظلم أحدا منهم مثقال ذرة ، وإن تك حسنة يضاعفها ويؤت من لدنه أجرا عظيما ، وتوفى كل نفس ما كسبت . فذلك معنى عمومه في الآخرة جميعهم برحمته ، الذي كان به رحمانا في الآخرة .وأما ما خص به المؤمنين في عاجل الدنيا من رحمته ، الذي كان به رحيما لهم فيها ، كما قال جل ذكره : ( وكان بالمؤمنين رحيما ) [ سورة الأحزاب : 43 ] فما وصفنا من اللطف لهم في دينهم ، فخصهم به ، دون من خذله من أهل الكفر به .وأما ما خصهم به في الآخرة ، فكان به رحيما لهم دون الكافرين ، فما وصفنا آنفا مما أعد لهم دون غيرهم من النعيم ، والكرامة التي تقصر عنها الأماني .وأما القول الآخر في تأويله فهو ما : -148 - حدثنا به أبو كريب ، قال : حدثنا عثمان بن سعيد ، قال : حدثنا بشر بن عمارة ، قال : حدثنا أبو روق ، عن الضحاك ، عن عبد الله بن عباس ، قال : الرحمن ، الفعلان من الرحمة ، وهو من كلام العرب . قال : الرحمن الرحيم : الرقيق الرفيق بمن أحب أن يرحمه ، والبعيد الشديد على من أحب أن يعنف عليه . وكذلك أسماؤه كلها .وهذا التأويل من ابن عباس ، يدل على أن الذي به ربنا رحمن ، هو الذي به رحيم ، وإن كان لقوله "الرحمن " من المعنى ، ما ليس لقوله "الرحيم " . لأنه جعل معنى "الرحمن " بمعنى الرقيق على من رق عليه ، ومعنى "الرحيم " بمعنى الرفيق بمن رفق به .والقول الذي رويناه في تأويل ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم وذكرناه عن العرزمي ، أشبه بتأويله من هذا القول الذي رويناه عن ابن عباس . وإن [ ص: 130 ] كان هذا القول موافقا معناه معنى ذلك ، في أن للرحمن من المعنى ما ليس للرحيم ، وأن للرحيم تأويلا غير تأويل الرحمن .والقول الثالث في تأويل ذلك ما : -149 - حدثني به عمران بن بكار الكلاعي ، قال : حدثنا يحيى بن صالح ، قال : حدثنا أبو الأزهر نصر بن عمرو اللخمي من أهل فلسطين ، قال : سمعت عطاء الخراساني يقول : كان الرحمن ، فلما اختزل الرحمن من اسمه كان الرحمن الرحيم .والذي أراد ، إن شاء الله ، عطاء بقوله هذا : أن الرحمن كان من أسماء الله التي لا يتسمى بها أحد من خلقه ، فلما تسمى به الكذاب مسيلمة - وهو اختزاله إياه ، يعني اقتطاعه من أسمائه لنفسه - أخبر الله جل ثناؤه أن اسمه "الرحمن الرحيم " ليفصل بذلك لعباده اسمه من اسم من قد تسمى بأسمائه ، إذ كان لا يسمى أحد "الرحمن الرحيم " ، فيجمع له هذان الاسمان ، غيره جل ذكره . وإنما يتسمى بعض خلقه إما رحيما ، أو يتسمى رحمن . فأما "رحمن رحيم " ، فلم يجتمعا قط لأحد سواه ، ولا يجمعان لأحد غيره . فكأن معنى قول عطاء هذا : أن الله جل ثناؤه إنما فصل بتكرير الرحيم على الرحمن ، بين اسمه واسم غيره من خلقه ، اختلف معناهما أو اتفقا .والذي قال عطاء من ذلك غير فاسد المعنى ، بل جائز أن يكون جل ثناؤه خص نفسه بالتسمية بهما معا مجتمعين ، إبانة لها من خلقه ، ليعرف عباده بذكرهما مجموعين أنه المقصود بذكرهما دون من سواه من خلقه ، مع ما في تأويل كل واحد منهما من المعنى الذي ليس في الآخر منهما . [ ص: 131 ]وقد زعم بعض أهل الغباء أن العرب كانت لا تعرف "الرحمن " ، ولم يكن ذلك في لغتها ولذلك قال المشركون للنبي صلى الله عليه وسلم : ( وما الرحمن أنسجد لما تأمرنا ) [ سورة الفرقان : 60 ] ، إنكارا منهم لهذا الاسم ، كأنه كان محالا عنده أن ينكر أهل الشرك ما كانوا عالمين بصحته ، أو : لا ، وكأنه لم يتل من كتاب الله قول الله ( الذين آتيناهم الكتاب يعرفونه ) - يعني محمدا - ( كما يعرفون أبناءهم ) [ سورة البقرة : 146 ] وهم مع ذلك به مكذبون ، ولنبوته جاحدون! فيعلم بذلك أنهم قد كانوا يدافعون حقيقة ما قد ثبت عندهم صحته ، واستحكمت لديهم معرفته . وقد أنشد لبعض الجاهلية الجهلاء :ألا ضربت تلك الفتاة هجينها ألا قضب الرحمن ربي يمينهاوقال سلامة بن جندل السعدي :عجلتم علينا عجلتينا عليكم وما يشأ الرحمن يعقد ويطلق[ ص: 132 ]وقد زعم أيضا بعض من ضعفت معرفته بتأويل أهل التأويل ، وقلت روايته لأقوال السلف من أهل التفسير ، أن "الرحمن " مجازه : ذو الرحمة ، و "الرحيم " مجازه : الراحم ، ثم قال : قد يقدرون اللفظين من لفظ والمعنى واحد ، وذلك لاتساع الكلام عندهم . قال : وقد فعلوا مثل ذلك فقالوا : ندمان ونديم ، ثم استشهد ببيت برج بن مسهر الطائي :وندمان يزيد الكأس طيبا ، سقيت وقد تغورت النجومواستشهد بأبيات نظائره في النديم والندمان ، ففرق بين معنى الرحمن والرحيم في التأويل لقوله : الرحمن ذو الرحمة ، والرحيم الراحم ، وإن كان قد ترك بيان تأويل معنييهما على صحته . ثم مثل ذلك باللفظين يأتيان بمعنى واحد ، فعاد إلى ما قد جعله بمعنيين ، فجعله مثال ما هو بمعنى واحد مع اختلاف الألفاظ .ولا شك أن ذا الرحمة هو الذي ثبت أن له الرحمة ، وصح أنها له صفة; وأن الراحم هو الموصوف بأنه سيرحم ، أو قد رحم فانقضى ذلك منه ، أو هو فيه .ولا دلالة له فيه حينئذ أن الرحمة له صفة ، كالدلالة على أنها له صفة ، إذا وصف بأنه ذو الرحمة . فأين معنى "الرحمن الرحيم " على تأويله ، من معنى الكلمتين تأتيان مقدرتين من لفظ واحد باختلاف الألفاظ واتفاق المعاني ؟ ولكن القول إذا كان غير أصل معتمد عليه ، كان واضحا عواره .وإن قال لنا قائل : ولم قدم اسم الله الذي هو "الله " ، على اسمه الذي هو "الرحمن " ، واسمه الذي هو "الرحمن " ، على اسمه الذي هو "الرحيم " ؟قيل : لأن من شأن العرب ، إذا أرادوا الخبر عن مخبر عنه ، أن يقدموا اسمه ، ثم يتبعوه صفاته ونعوته . وهذا هو الواجب في الحكم : أن يكون الاسم مقدما قبل نعته وصفته ، ليعلم السامع الخبر ، عمن الخبر . فإذا كان ذلك كذلك - [ ص: 133 ] وكان لله جل ذكره أسماء قد حرم على خلقه أن يتسموا بها ، خص بها نفسه دونهم ، وذلك مثل "الله " و "الرحمن " و "الخالق "; وأسماء أباح لهم أن يسمي بعضهم بعضا بها ، وذلك : كالرحيم والسميع والبصير والكريم ، وما أشبه ذلك من الأسماء - كان الواجب أن تقدم أسماؤه التي هي له خاصة دون جميع خلقه ، ليعرف السامع ذلك من توجه إليه الحمد والتمجيد ، ثم يتبع ذلك بأسمائه التي قد تسمى بها غيره ، بعد علم المخاطب أو السامع من توجه إليه ما يتلو ذلك من المعاني . فبدأ الله جل ذكره باسمه لأن الألوهية ليست لغيره جل ثناؤه من وجه من الوجوه ، لا من جهة التسمي به ، ولا من جهة المعنى . وذلك أنا قد بينا أن معنى "الله " تعالى ذكره المعبود ، ولا معبود غيره جل جلاله ، وأن التسمي به قد حرمه الله جل ثناؤه ، وإن قصد المتسمي به ما يقصد المتسمي بسعيد وهو شقي ، وبحسن وهو قبيح .أولا ترى أن الله جل جلاله قال في غير آية من كتابه : ( أإله مع الله ) فاستكبر ذلك من المقر به ، وقال تعالى في خصوصه نفسه بالله وبالرحمن : ( قل ادعوا الله أو ادعوا الرحمن أيا ما تدعوا فله الأسماء الحسنى ) [ سورة الإسراء : 110 ] . ثم ثنى باسمه ، الذي هو الرحمن ، إذ كان قد منع أيضا خلقه التسمي به ، وإن كان من خلقه من قد يستحق تسميته ببعض معانيه . وذلك أنه قد يجوز وصف كثير ممن هو دون الله من خلقه ، ببعض صفات الرحمة . وغير جائز أن يستحق بعض الألوهية أحد دونه . فلذلك جاء الرحمن ثانيا لاسمه الذي هو "الله " .وأما اسمه الذي هو "الرحيم " فقد ذكرنا أنه مما هو جائز وصف غيره به . والرحمة من صفاته جل ذكره ، فكان - إذ كان الأمر على ما وصفنا - واقعا مواقع نعوت الأسماء اللواتي هن توابعها ، بعد تقدم الأسماء عليها . فهذا وجه تقديم اسم الله [ ص: 133 ] الذي هو "الله " ، على اسمه الذي هو "الرحمن " ، واسمه الذي هو "الرحمن " على اسمه الذي هو "الرحيم " .وقد كان الحسن البصري يقول في "الرحمن " مثل ما قلنا ، أنه من أسماء الله التي منع التسمي بها العباد .150 - حدثنا محمد بن بشار ، قال : حدثنا حماد بن مسعدة ، عن عوف ، عن الحسن ، قال : "الرحمن " اسم ممنوع .مع أن في إجماع الأمة من منع التسمي به جميع الناس ، ما يغني عن الاستشهاد على صحة ما قلنا في ذلك بقول الحسن وغيره
39:1
تَنْزِیْلُ الْكِتٰبِ مِنَ اللّٰهِ الْعَزِیْزِ الْحَكِیْمِ(۱)
کتاب (ف۲) اتارنا ہے اللہ عزت و حکمت والے کی طرف سے،

القول في تأويل قوله تعالى : تَنْزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ (1)يقول تعالى ذكره: ( تَنزيلُ الْكِتَابِ ) الذي نزلناه عليك يا محمد ( مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ ) في انتقامه من أعدائه ( الحَكِيمِ ) في تدبيره خلقه, لا من غيره, فلا تكوننّ في شكّ من ذلك، ورفع قوله: ( تَنزيلُ ) بقوله: ( مِنَ اللَّهِ ) وتأويل الكلام: من الله العزيز الحكيم تنزيل الكتاب. وجائز رفعه بإضمار هذا, كما قيل: سُورَةٌ أَنْزَلْنَاهَا غير أن الرفع في قوله: ( تَنزيلُ الْكِتَابِ ) بما بعده, أحسن من رفع سورة بما بعدها, لأن تنزيل, وإن كان فعلا فإنه إلى المعرفة أقرب, إذ كان مضافا إلى معرفة, فحسن رفعه بما بعده, وليس ذلك بالحسن في" سُورَة ", لأنه نكرة.
39:2
اِنَّاۤ اَنْزَلْنَاۤ اِلَیْكَ الْكِتٰبَ بِالْحَقِّ فَاعْبُدِ اللّٰهَ مُخْلِصًا لَّهُ الدِّیْنَؕ(۲)
بیشک ہم نے تمہاری طرف (ف۳) یہ کتاب حق کے ساتھ اتاری تو اللہ کو کو پوجو نرے اس کے بندے ہوکر،

وقوله: ( إِنَّا أَنزلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ ) يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم: إنا أنزلنا إليك يا محمد الكتاب, يعني بالكتاب: القرآن ( بِالْحَقِّ ) يعني بالعدل، يقول: أنزلنا إليك هذا القرآن يأمر بالحقّ والعدل, ومن ذلك الحق والعدل أن تعبد الله مخلصا له الدين, لأن الدين له لا للأوثان التي لا تملك ضرا ولا نفعا. , وبنحو الذي قلنا في معنى قوله: ( الكِتابَ ) قال أهل التأويل.* ذكر من قال ذلك:حدثنا بشر, قال: ثنا يزيد, قال: ثنا سعيد, عن قتادة ( إِنَّا أَنزلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ ) يعني: القرآن.وقوله: ( فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ ) يقول تعالى ذكره: فاخشع لله يا محمد بالطاعة, وأخلص له الألوهة, وأفرده بالعبادة, ولا تجعل له في عبادتك إياه شريكا, كما فَعَلَتْ عَبَدة الأوثان.وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.* ذكر من قال ذلك:حدثنا ابن حميد, قال: ثنا يعقوب, عن حفص, عن شمر, قال: " يؤتى بالرجل يوم القيامة للحساب وفي صحيفته أمثال الجبال من الحسنات, فيقول ربّ العزّة جلّ وعزّ: صَلَّيت يوم كذا وكذا, ليقال: صلَّى فلان! أنا الله لا إله إلا أنا, لي الدين الخالص. صمتَ يوم كذا وكذا, ليقال: صام فلان! أنا الله لا آله إلا أنا لي الدين الخالص, تصدّقت يوم كذا وكذا, ليقال: تصدق فلان! أنا الله لا إله إلا أنا لي الدين الخالص، فما يزال يمحو شيئا بعد شيء حتى تبقى صحيفته ما فيها شيء, فيقول ملكاه: يا فلان, ألغير الله كنت تعمل ".حدثنا محمد, قال: ثنا أحمد, قال: ثنا أسباط, عن السديّ, أما قوله: ( مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ ) فالتوحيد, والدين منصوب بوقوع مخلصا عليه.
39:3
اَلَا لِلّٰهِ الدِّیْنُ الْخَالِصُؕ-وَ الَّذِیْنَ اتَّخَذُوْا مِنْ دُوْنِهٖۤ اَوْلِیَآءَۘ-مَا نَعْبُدُهُمْ اِلَّا لِیُقَرِّبُوْنَاۤ اِلَى اللّٰهِ زُلْفٰىؕ-اِنَّ اللّٰهَ یَحْكُمُ بَیْنَهُمْ فِیْ مَا هُمْ فِیْهِ یَخْتَلِفُوْنَ۬ؕ-اِنَّ اللّٰهَ لَا یَهْدِیْ مَنْ هُوَ كٰذِبٌ كَفَّارٌ(۳)
ہاں خالص اللہ ہی کی بندگی ہے (ف۴) اور وہ جنہوں نے اس کے سوا اور والی بنالیے (ف۵) کہتے ہیں ہم تو انہیں (ف۶) صرف اتنی بات کے لیے پوجتے ہیں کہ یہ ہمیں اللہ کے پاس نزدیک کردیں، اللہ ان پر فیصلہ کردے گا اس بات کا جس میں اختلاف کررہے ہیں (ف۷) بیشک اللہ راہ نہیں دیتا اسے جو جھوٹا بڑا ناشکرا ہو (ف۸)

وقوله: ( أَلا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ ) يقول تعالى ذكره: ألا لله العبادة والطاعة وحده لا شريك له, خالصة لا شرك لأحد معه فيها, فلا ينبغي ذلك لأحد, لأن كل ما دونه ملكه, وعلى المملوك طاعة مالكه لا من لا يملك منه شيئا. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.* ذكر من قال ذلك:حدثنا بشر, قال: ثنا يزيد, قال: ثنا سعيد, عن قتادة ( أَلا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ ) شهادة أن لا إله إلا الله.وقوله: ( وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى ) يقول تعالى ذكره: والذين اتخذوا من دون الله أولياء يَتَوَلَّوْنَهُم, ويعبدونهم من دون الله, يقولون لهم: ما نعبدكم أيها الآلهة إلا لتقربونا إلى الله زُلْفَى, قربة ومنزلة, وتشفعوا لنا عنده في حاجاتنا، وهي فيما ذُكر في قراءة أبي: " ما نَعْبُدُكُمْ", وفي قراءة عبد الله: ( قالوا ما نعبدهم ) وإنما حسن ذلك لأن الحكاية إذا كانت بالقول مضمرا كان أو ظاهرا, جعل الغائب أحيانا كالمخاطب, ويترك أخرى كالغائب, وقد بيَّنت ذلك في موضعه فيما مضى.حدثنا محمد بن الحسين, قال: ثنا أحمد بن المفضل, قال: ثنا أسباط, عن السديّ, قال: هي في قراءة عبد الله: "قالُوا ما نَعْبُدُهُمْ".وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.* ذكر من قال ذلك:حدثنا محمد بن عمرو, قال: ثنا أبو عاصم, قال: ثنا عيسى، وحدثني الحارث, قال: ثنا الحسن, قال: ثنا ورقاء جميعا، عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد, في قوله: ( مَا نَعْبُدُهُمْ إِلا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى ) قال: قريش تقوله للأوثان, ومن قبلهم يقوله للملائكة ولعيسى ابن مريم ولعزَير.حدثنا بشر, قال: ثنا يزيد, قال: ثنا سعيد, عن قتادة, قوله: ( وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى ) قالوا: ما نعبد هؤلاء إلا ليقرّبونا, إلا ليشفعُوا لنا عند الله.حدثنا محمد, قال: ثنا أحمد, قال: ثنا أسباط, عن السديّ, في قوله: ( مَا نَعْبُدُهُمْ إِلا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى ) قال: هي منزلة.حدثني عليّ, قال: ثنا أبو صالح, قال: ثنا معاوية, عن عليّ, عن ابن عباس, في قوله: ( وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى ) .وقوله: وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكُوا يقول سبحانه: لو شئت لجمعتهم على الهدى أجمعين.حدثني يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد في قوله: ( مَا نَعْبُدُهُمْ إِلا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى ) قال: قالوا هم شفعاؤنا عند الله, وهم الذين يقربوننا إلى الله زلفى يوم القيامة للأوثان, والزلفى: القُرَب.وقوله: ( إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فِي مَا هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ ) يقول تعالى ذكره: إن الله يفصل بين هؤلاء الأحزاب الذين اتخذوا في الدنيا من دون الله أولياء يوم القيامة, فيما هم فيه يختلفون في الدنيا من عبادتهم ما كانوا يعبدون فيها, بأن يصليهم جميعا جهنم, إلا من أخلص الدين لله, فوحده, ولم يشرك به شيئا.يقول تعالى ذكره: ( إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي ) إلى الحق ودينه الإسلام, والإقرار بوحدانيته, فيوفقه له ( مَنْ هُوَ كَاذِبٌ ) مفتر على الله, يتقول عليه الباطل, ويضيف إليه ما ليس من صفته, ويزعم أن له ولدا افتراء عليه, كفار لنعمه, جحودا لربوبيته.القول في تأويل قوله تعالى : لَوْ أَرَادَ اللَّهُ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَدًا لاصْطَفَى مِمَّا يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ سُبْحَانَهُ هُوَ اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ (4)
39:4
لَوْ اَرَادَ اللّٰهُ اَنْ یَّتَّخِذَ وَلَدًا لَّاصْطَفٰى مِمَّا یَخْلُقُ مَا یَشَآءُۙ-سُبْحٰنَهٗؕ-هُوَ اللّٰهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ(۴)
اللہ اپنے لیے بچہ بناتا تو اپنی مخلوق میں سے جسے چاہتا چن لیتا (ف۹) پاکی ہے اسے (ف۱۰) وہی ہے ایک اللہ (ف۱۱) سب پر غالب،

وقوله: ( لَوْ أَرَادَ اللَّهُ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَدًا ) يقول تعالى ذكره: لو شاء الله اتخاذ ولد, ولا ينبغي له ذلك, لاصطفى مما يخلق ما يشاء, يقول: لاختار من خلقه ما يشاء. وقوله: ( سُبْحَانَهُ هُوَ اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ ) يقول: تنزيها لله عن أن يكون له ولد, وعما أضاف إليه المشركون به من شركهم ( هُوَ اللَّهُ ) يقول: هو الذي يَعْبده كلّ شيء, ولو كان له ولد لم يكن له عبدا, يقول: فالأشياء كلها له ملك, فأنى يكون له ولد, وهو الواحد الذي لا شريك له في ملكه وسلطانه, والقهار لخلقه بقدرته, فكل شيء له متذلل, ومن سطوته خاشع.
39:5
خَلَقَ السَّمٰوٰتِ وَ الْاَرْضَ بِالْحَقِّۚ-یُكَوِّرُ الَّیْلَ عَلَى النَّهَارِ وَ یُكَوِّرُ النَّهَارَ عَلَى الَّیْلِ وَ سَخَّرَ الشَّمْسَ وَ الْقَمَرَؕ-كُلٌّ یَّجْرِیْ لِاَجَلٍ مُّسَمًّىؕ-اَلَا هُوَ الْعَزِیْزُ الْغَفَّارُ(۵)
اس نے آسمان اور زمین حق بنائے رات کو دن پر لپیٹتا ہے اور دن کو رات پر لپیٹتا ہے (ف۱۲) اور اس نے سورج اور چاند کو کام میں لگایا ہر ایک، ایک ٹھہرائی میعاد کے لیے چلتا ہے (ف۱۳) سنتا ہے وہی صاحب عزت بخشنے والا ہے،

القول في تأويل قوله تعالى : خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ بِالْحَقِّ يُكَوِّرُ اللَّيْلَ عَلَى النَّهَارِ وَيُكَوِّرُ النَّهَارَ عَلَى اللَّيْلِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لأَجَلٍ مُسَمًّى أَلا هُوَ الْعَزِيزُ الْغَفَّارُ (5)يقول تعالى ذكره واصفا نفسه بصفتها: ( خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضَ بِالْحَقِّ يُكَوِّرُ اللَّيْلَ عَلَى النَّهَارِ وَيُكَوِّرُ النَّهَارَ عَلَى اللَّيْل ) يقول: يغشي هذا على هذا, وهذا على هذا, كما قال يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل:* ذكر من قال ذلك:حدثني عليّ, قال: ثنا أبو صالح, قال: ثني معاوية, عن عليّ, عن ابن عباس, قوله: ( يُكَوِّرُ اللَّيْلَ عَلَى النَّهَارِ وَيُكَوِّرُ النَّهَارَ عَلَى اللَّيْلِ ) يقول: يحمل الليل على النهار.حدثني محمد بن عمرو, قال: ثنا أبو عاصم, قال: ثنا عيسى، وحدثني الحارث, قال: ثنا الحسن, قال: ثنا ورقاء جميعا، عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد قوله: ( يُكَوِّرُ اللَّيْلَ عَلَى النَّهَارِ ) قال: يدهوره.حدثنا بشر, قال: ثنا يزيد, قال: ثنا سعيد, عن قتادة, قوله: ( يُكَوِّرُ اللَّيْلَ عَلَى النَّهَارِ وَيُكَوِّرُ النَّهَارَ عَلَى اللَّيْلِ ) قال: يَغْشَى هذا هذا, ويغشى هذا هذا.حدثنا محمد, قال: ثنا أحمد, قال: ثنا أسباط, عن السديّ, قوله: ( يُكَوِّرُ اللَّيْلَ عَلَى النَّهَارِ وَيُكَوِّرُ النَّهَارَ عَلَى اللَّيْلِ ) قال: يجيء بالنهار ويذهب بالليل, ويجيء بالليل, ويذهب بالنهار.حدثني يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد فى قوله: ( يُكَوِّرُ اللَّيْلَ عَلَى النَّهَارِ وَيُكَوِّرُ النَّهَارَ عَلَى اللَّيْلِ ) حين يذهب بالليل ويكور النهار عليه, ويذهب بالنهار ويكور الليل عليه.وقوله: ( وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ ) يقول تعالى ذكره: وسخر الشمس والقمر لعباده, ليعلموا بذلك عدد السنين والحساب, ويعرفوا الليل من النهار لمصلحة معاشهم ( كُلٌّ يَجْرِي لأجَلٍ مُسَمًّى ) يقول: ( كُلّ ) ذلك يعني الشمس والقمر ( يَجْرِي لأجَلٍ مُسَمًّى ) يعني إلى قيام الساعة, وذلك إلى أن تكوّر الشمس, وتنكدر النجوم. وقيل: معنى ذلك: أن لكل واحد منهما منازل, لا تعدوه ولا تقصر دونه ( أَلا هُوَ الْعَزِيزُ الْغَفَّارُ ) يقول تعالى ذكره: ألا إن الله الذي فعل هذه الأفعال وأنعم على خلقه هذه النعم هو العزيز في انتقامه ممن عاداه, الغفار لذنوب عباده التائبين إليه منها بعفوه لهم عنها.
39:6
خَلَقَكُمْ مِّنْ نَّفْسٍ وَّاحِدَةٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَ اَنْزَلَ لَكُمْ مِّنَ الْاَنْعَامِ ثَمٰنِیَةَ اَزْوَاجٍؕ-یَخْلُقُكُمْ فِیْ بُطُوْنِ اُمَّهٰتِكُمْ خَلْقًا مِّنْۢ بَعْدِ خَلْقٍ فِیْ ظُلُمٰتٍ ثَلٰثٍؕ-ذٰلِكُمُ اللّٰهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُؕ-لَاۤ اِلٰهَ اِلَّا هُوَۚ-فَاَنّٰى تُصْرَفُوْنَ(۶)
اس نے تمہیں ایک جان سے بنایا (ف۱۴) پھر اسی سے اس کا جوڑ پیدا کیا (ف۱۵) اور تمہارے لیے چوپایوں میں سے (ف۱۶) آٹھ جوڑے تھے (ف۱۷) تمہیں تمہاری ماؤں کے پیٹ میں بناتا ہے ایک طرح کے بعد اور طرح (ف۱۸) تین اندھیریوں میں (ف۱۹) یہ ہے اللہ تمہارا رب اسی کی بادشاہی ہے، اس کے سوا کسی کی بندگی نہیں، پھر کہیں پھیرے جاتے ہو (ف۲۰)

القول في تأويل قوله تعالى : خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ الأَنْعَامِ ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ يَخْلُقُكُمْ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ خَلْقًا مِنْ بَعْدِ خَلْقٍ فِي ظُلُمَاتٍ ثَلاثٍ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ لا إِلَهَ إِلا هُوَ فَأَنَّى تُصْرَفُونَ (6)يقول تعالى ذكره: ( خَلَقَكُمْ ) أيها الناس ( مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ ) يعني من آدم ( ثُمَّ جَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا ) يقول: ثم جعل من آدم زوجه حواء, وذلك أن الله خلقها من ضِلَع من أضلاعه.وبنحو الذي قلنا فى ذلك قال أهل التأويل.* ذكر من قال ذلك:حدثنا بشر, قال: ثنا يزيد, قال: ثنا سعيد, عن قتادة, قوله: ( خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ ) يعني آدم, ثم خلق منها زوجها حواء, خلقها من ضِلَع من أضلاعه.فإن قال قائل: وكيف قيل: خلقكم من نفس واحدة ثم جعل منها زوجها؟ وإنما خلق ولد آدم من آدم وزوجته, ولا شك أن الوالدين قبل الولد, فإن في ذلك أقوالا أحدها أن يقال: قيل ذلك لأنه رُوي عن رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم: " إنَّ الله لَمَّا خَلَقَ آدَمَ مَسَحَ ظَهْرَهُ , فَأَخْرَجَ كُلَّ نَسَمَةٍ هِيَ كَائِنَةٌ إلى يَوْمِ القِيَامَةِ, ثُمَّ أسْكَنَهُ بَعْدَ ذلك الجَنَّةَ, وَخَلَقَ بَعْدَ ذلك حَوَّاءَ مِنْ ضِلَعٍ مِنْ أضْلاعِهِ" فهذا قول. والآخر: أن العرب ربما أخبر الرجل منهم عن رجل بفعلين, فيرد الأول منهما في المعنى بثم, إذا كان من خبر المتكلم, كما يقال: قد بلغني ما كان منك اليوم, ثم ما كان منك أمس أعجب, فذلك نسق من خبر المتكلم. والوجه الآخر: أن يكون خلقه الزوج مردودا على واحدها, كأنه قيل: خلقكم من نفس وحدها ثم جعل منها زوجها, فيكون في واحدة معنى: خلقها وحدها, كما قال الراجز:أَعْدَدْتُهُ للْخَصْمِ ذِي التَّعَدِّيكَوَّحْتَهُ مِنْكَ بِدُونِ الجَهْدِ (1)بمعنى: الذي إذا تعدى كوّحته, ومعنى: كوحته: غلبته.والقول الذي يقوله أهل العلم أولى بالصواب, وهو القول الأول الذي ذكرت أنه يقال: إن الله أخرج ذرية آدم من صلبه قبل أن يخلق حوّاء, وبذلك جاءت الرواية عن جماعة من أصحاب رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم , والقولان الآخران على مذاهب أهل العربية.وقوله: ( وَأَنزلَ لَكُمْ مِنَ الأنْعَامِ ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ ) يقول تعالى ذكره: وجعل لكم من الأنعامِ ثمانية أزواج من الإبل زوجين, ومن البقر زوجين, ومن الضأن اثنين, ومن المعْز اثنين, كما قال جل ثناؤه: ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ مِنَ الضَّأْنِ اثْنَيْنِ وَمِنَ الْمَعْزِ اثْنَيْنِ .كما حدثني محمد بن عمرو, قال: ثنا أبو عاصم, قال, ثنا عيسى، وحدثني الحارث, قال: ثنا الحسن, قال: ثنا ورقاء جميعا، عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد, قوله: ( مِنَ الأنْعَامِ ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ ) قال: من الإبل والبقر والضأن والمعز.حدثنا بشر, قال: ثنا يزيد, قال: ثنا سعيد, عن قتادة, قوله: ( وَأَنزلَ لَكُمْ مِنَ الأنْعَامِ ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ ) من الإبل اثنين, ومن البقر اثنين, ومن الضأن اثنين, ومن المعز اثنين, من كلّ واحد زوج.حُدثت عن الحسين, قال: سمعت أبا معاذ يقول: أخبرنا عبيد, قال: سمعت الضحاك يقول في قوله: ( وَأَنزلَ لَكُمْ مِنَ الأنْعَامِ ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ ) يعني من المعز اثنين, ومن الضأن اثنين, ومن البقر اثنين, ومن الإبل اثنين.وقوله: ( يَخْلُقُكُمْ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ خَلْقًا مِنْ بَعْدِ خَلْقٍ ) يقول تعالى ذكره: يبتدئ خلقكم أيها الناس في بطون أمهاتكم خلقا من بعد خلق, وذلك أنه يحدث فيها نطفة, ثم يجعلها علقة, ثم مضغة, ثم عظاما, ثم يكسو العظام لحما, ثم يُنْشئه خلقا آخر, تبارك الله وتعالى, فذلك خلقه إياه خلقا بعد خلق.كما حدثنا ابن بشار, قال: ثنا عبد الرحمن, قال: ثنا سفيان, عن سماك, عن عكرمة ( يَخْلُقُكُمْ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ خَلْقًا مِنْ بَعْدِ خَلْقٍ ) قال: نطفة, ثم علقة, ثم مضغة.حدثني محمد بن عمرو, قال: ثنا أبو عاصم, قال: ثنا عيسى، وحدثني الحارث, قال: ثنا الحسن, قال: ثنا ورقاء جميعًا، عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد, قوله: ( خَلْقًا مِنْ بَعْدِ خَلْقٍ ) قال: نطفة, ثم ما يتبعها حتى تم خلقه.حدثنا بشر, قال: ثنا يزيد, قال: ثنا سعيد, عن قتادة ( يَخْلُقُكُمْ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ خَلْقًا مِنْ بَعْدِ خَلْقٍ ) نطفة, ثم علقة, ثم مضغة, ثم عظاما, ثم لحما, ثم أنبت الشعر, أطوار الخلق.حدثنا هناد بن السري, قال: ثنا أبو الأحوص, عن سماك, عن عكرمة في قوله: ( يَخْلُقُكُمْ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ خَلْقًا مِنْ بَعْدِ خَلْقٍ ) قال: يعني بخلق بعد الخلق, علقة, ثم مضغة, ثم عظاما.حدثنا محمد, قال: ثنا أحمد, قال: ثنا أسباط, عن السديّ, في قوله: ( يَخْلُقُكُمْ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ خَلْقًا مِنْ بَعْدِ خَلْقٍ ) قال: يكونون نطفا, ثم يكونون علقا, ثم يكونون مضغا, ثم يكونون عظاما, ثم ينفخ فيهم الروح.حُدثت عن الحسين, قال: سمعت أبا معاذ يقول: أخبرنا عبيد, قال: سمعت الضحاك يقول في قوله: ( فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ خَلْقًا مِنْ بَعْدِ خَلْقٍ ) خلق نطفة, ثم علقة, ثم مضغة.وقال آخرون: بل معنى ذلك: يخلقكم في بطون أمهاتكم من بعد خلقه إياكم في ظهر آدم, قالوا: فذلك هو الخلق من بعد الخلق.* ذكر من قال ذلك:حدثني يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد ( يَخْلُقُكُمْ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ خَلْقًا مِنْ بَعْدِ خَلْقٍ ) قال: خلقا في البطون من بعد الخلق الأول الذي خلقهم في ظهر آدم.وأولى القولين في ذلك بالصواب, القول الذي قاله عكرمة ومجاهد, ومن قال في ذلك مثل قولهما, لأن الله جلّ وعزّ أخبر أنه يخلقنا خلقا من بعد خلق في بطون أمهاتنا في ظلمات ثلاث, ولم يخبر أنه يخلقنا فى بطون أمهاتنا من بعد خلقنا في ظهر آدم, وذلك نحو قوله: وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإِنْسَانَ مِنْ سُلالَةٍ مِنْ طِينٍ * ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَكِينٍ * ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً ... الآية.وقوله: ( فِي ظُلُمَاتٍ ثَلاثٍ ) يعني: في ظلمة البطْن, وظلمة الرّحِم, وظُلْمة المَشِيمَة.وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.* ذكر من قال ذلك:حدثنا هناد بن السريّ, قال: ثنا أبو الأحوص, عن سماك, عن عكرمة ( فِي ظُلُمَاتٍ ثَلاثٍ ) قال: الظلمات الثلاث: البطن, والرحم, والمَشِيمة.حدثنا ابن بشار, قال: ثنا عبد الرحمن, قال: ثنا سفيان , عن سماك, عن عكرمة ( فِي ظُلُمَاتٍ ثَلاثٍ ) قال: البطن, والمشيمة, والرحم.حدثني محمد بن سعد, قال: ثني أبي, قال: ثني عمي, قال: ثني أبي, عن أبيه عن ابن عباس ( فِي ظُلُمَاتٍ ثَلاثٍ ) قال: يعني بالظلمات الثلاث: بطن أمه, والرحم, والمَشِيمة.حدثني محمد بن عمرو, قال: ثنا أبو عاصم, قال: ثنا عيسى, وحدثني الحارث, قال: ثنا الحسن, قال: ثنا ورقاء جميعا، عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد, قوله: ( فِي ظُلُمَاتٍ ثَلاثٍ ) قال: البطن, والرحم والمشيمة.حدثنا بشر, قال: ثنا يزيد, قال: ثنا سعيد, عن قتادة ( فِي ظُلُمَاتٍ ثَلاثٍ ) المَشِيمة, والرحم, والبطن.حدثنا محمد, قال: ثنا أحمد, قال: ثنا أسباط, عن السديّ( فِي ظُلُمَاتٍ ثَلاثٍ ) قال: ظلمة المشيمة, وظلمة الرحم, وظلمة البطن.حدثني يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد, في قوله: ( فِي ظُلُمَاتٍ ثَلاثٍ ) قال: المشيمة في الرحم, والرحم في البطن.حُدثت عن الحسين, قال: سمعت أبا معاذ يقول: ثنا عبيد, قال: سمعت الضحاك يقول, في قوله: ( فِي ظُلُمَاتٍ ثَلاثٍ ) : الرحم, والمشيمة, والبطن, والمشيمة التي تكون على الولد إذا خرج, وهي من الدواب السَّلى.وقوله: ( ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ ) يقول تعالى ذكره: هذا الذي فعل هذه الأفعال أيها الناس هو ربكم, لا من لا يجلب لنفسه نفعا, ولا يدفع عنها ضرّا, ولا يسوق إليكم خيرا, ولا يدفع عنكم سوءا من أوثانكم وآلهتكم.وقوله: ( لَهُ الْمُلْكُ ) يقول جلّ وعزّ: لربكم أيها الناس الذي صفته ما وصف لكم, وقُدرته ما بين لكم المُلك, ملك الدنيا والآخرة وسلطانهما لا لغيره، فأما ملوك الدنيا فإنما يملك أحدهما شيئا دون شيء, فإنما له خاص من الملك. وأما المُلك التام الذي هو المُلك بالإطلاق فلله الواحد القهار.وقوله: ( لا إِلَهَ إِلا هُوَ فَأَنَّى تُصْرَفُونَ ) يقول تعالى ذكره: لا ينبغي أن يكون معبود سواه, ولا تصلح العبادة إلا له ( فَأَنَّى تُصْرَفُونَ ) يقول تعالى ذكره: فأنى تصرفون أيها الناس فتذهبون عن عبادة ربكم, الذي هذه الصفة صفته, إلى عبادة من لا ضر عنده لكم ولا نفع.وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.* ذكر من قال ذلك:حدثنا بشر, قال: ثنا يزيد, قال: ثنا سعيد, عن قتادة ( فَأَنَّى تُصْرَفُونَ ) قال: كقوله: ( تُؤْفَكُونَ )حدثنا محمد, قال: ثنا أحمد, قال: ثنا أسباط, عن السديّ( فَأَنَّى تُصْرَفُونَ ) قال للمشركين: أنى تصرف عقولكم عن هذا؟------------------الهوامش :(1) البيتان من الرجز أنشدهما صاحب اللسان في" كوح" شاهدا على أن كوحه بمعنى رده . وقال الأزهري : التكويح التغليب ، وأنشد أبو عمرو :" أعددته للخصم ... البيت" . وهو أيضا من شواهد الفراء في معانى القرآن ( الورقة 283 ) . قال : في تفسير قوله تعالى :" خلقكم من نفس واحدة ، ثم جعل منها زوجها" والزوج مخلوق قبل الولد ؟ ففي ذلك وجهان من العربية . أحدهما أن العرب إذا خبرت عن رجل بفعلين ردوا الآخر بثم إذا كان هو الآخر في المعنى . وربما جعلوا" ثم" فيما معناه التقديم ، ويجعلون" ثم" من خبر المتكلم . من ذلك أن تقول : قد بلغني ما صنعت يومك هذا ، ثم ما صنعت أمس أعجب ، فهذا نسق من خبر المتكلم ، وتقول : قد أعطيتك اليوم شيئا ، ثم الذي أعطيتك أمس أكثر . فهذا من ذلك . والوجه الآخر أن تجعل خلقة الزوج مردودا على واحدة ، كأنه قال خلقكم من نفس وحدها ، ثم جعل منها زوجها ، ففي" واحدة" معنى خلقها واحد . قال : أنشدني بعض العرب : أعددته للخصم ... البيت . ومعناه : الذي إذا تعدى كوحته . وكوحته : غلبته . ا ه .
39:7
اِنْ تَكْفُرُوْا فَاِنَّ اللّٰهَ غَنِیٌّ عَنْكُمْ- وَ لَا یَرْضٰى لِعِبَادِهِ الْكُفْرَۚ-وَ اِنْ تَشْكُرُوْا یَرْضَهُ لَكُمْؕ-وَ لَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِّزْرَ اُخْرٰىؕ-ثُمَّ اِلٰى رَبِّكُمْ مَّرْجِعُكُمْ فَیُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُوْنَؕ-اِنَّهٗ عَلِیْمٌۢ بِذَاتِ الصُّدُوْرِ(۷)
اگر تم ناشکری کرو تو بیشک اللہ بے نیاز ہے تم سے (ف۲۱) اور اپنے بندوں کی ناشکری اسے پسند نہیں، اور اگر شکر کرو تو اسے تمہارے لیے پسند فرماتا ہے (ف۲۲) اور کوئی بوجھ اٹھانے والی جان دوسرے کا بوجھ نہیں اٹھائے گی (ف۲۳) پھر تمہیں اپنے رب ہی کی طرف پھرنا ہے (ف۲۴) تو وہ تمہیں بتادے گا جو تم کرتے تھے (ف۲۵) بیشک وہ دلوں کی بات جانتا ہے،

القول في تأويل قوله تعالى : إِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنْكُمْ وَلا يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ وَإِنْ تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ مَرْجِعُكُمْ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ (7)اختلف أهل التأويل في تأويل قوله: ( إِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنْكُمْ وَلا يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ ) فقال بعضهم: ذلك لخاص من الناس, ومعناه: إن تكفروا أيها المشركون بالله, فإن الله غني عنكم, ولا يرضى لعباده المؤمنين الذين أخلصهم لعبادته وطاعته الكفر. * ذكر من قال ذلك:حدثني عليّ قال: ثنا أبو صالح, قال: ثني معاوية, عن عليّ, عن ابن عباس, قوله: ( إِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنْكُمْ وَلا يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ ) يعني الكفار الذين لم يرد الله أن يطهر قلوبهم, فيقولوا: لا إله إلا الله, ثم قال: ( وَلا يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ ) وهم عباده المخلصون الذين قال فيهم: إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ فألزمهم شهادة أن لا إله إلا الله وحببها إليهم.حدثنا محمد, قال: ثنا أحمد, قال: ثنا أسباط, عن السديّ( وَلا يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ ) قال: لا يرضى لعباده المؤمنين أن يكفروا.وقال آخرون: بل ذلك عام لجميع الناس, ومعناه: أيها الناس إن تكفروا, فإن الله غني عنكم, ولا يرضى لكم أن تكفروا به.والصواب من القول في ذلك ما قال الله جلّ وعزّ: إن تكفروا بالله أيها الكفار به, فإن الله غني عن إيمانكم وعبادتكم إياه, ولا يرضى لعباده الكفر, بمعنى: ولا يرضى لعباده أن يكفروا به, كما يقال: لست أحب الظلم, وإن أحببت أن يظلم فلان فلانا فيعاقب.وقوله: ( وَإِنْ تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ ) يقول: وإن تؤمنوا بربكم وتطيعوه يرض شكركم له, وذلك هو إيمانهم به وطاعتهم إياه, فكنى عن الشكر ولم يُذْكر, وإنما ذكر الفعل الدالّ عليه, وذلك نظير قوله: الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا بمعنى: فزادهم قول الناس لهم ذلك إيمانا.وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.* ذكر من قال ذلك:حدثنا محمد, قال: ثنا أحمد, قال: ثنا أسباط, عن السديّ( وَإِنْ تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ ) قال: إن تطيعوا يرضه لكم.وقوله: ( وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ) يقول: لا تأثم آثمة إثم آثمة أخرى غيرها, ولا تؤاخذ إلا بإثم نفسها, يعلم عز وجل عباده أن على كل نفس ما جنت, وأنها لا تؤاخذ بذنب غيرها.* ذكر من قال ذلك:حدثنا محمد, قال: ثنا أحمد, قال: ثنا أسباط, عن السديّ( وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ) قال: لا يؤخذ أحد بذنب أحد.وقوله: ( ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ مَرْجِعُكُمْ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ) يقول تعالى ذكره: ثم بعد اجتراحكم في الدنيا ما اجترحتم من صالح وسيئ, وإيمان وكفر أيها الناس, إلى ربكم مصيركم من بعد وفاتكم,( فَيُنَبِّئُكُمْ ) يقول: فيخبركم بما كنتم في الدنيا تعملونه من خير وشر, فيجازيكم على كل ذلك جزاءكم, المحسن منكم بإحسانه, والمسيء بما يستحقه، يقول عز وجل لعباده: فاتقوا أن تلقوا ربكم وقد عملتم في الدنيا بما لا يرضاه منكم فتهلكوا, فإنه لا يخفى عليه عمل عامل منكم.وقوله: ( إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ ) يقول تعالى ذكره: إن الله لا يخفى عليه ما أضمرته صدوركم أيها الناس مما لا تدركه أعينكم, فكيف بما أدركته العيون ورأته الأبصار. وإنما يعني جلّ وعزّ بذلك الخبر عن أنه لا يخفى عليه شيء, وأنه محص على عباده أعمالهم, ليجازيهم بها كي يتقوه في سرّ أمورهم وعلانيتها.
39:8
وَ اِذَا مَسَّ الْاِنْسَانَ ضُرٌّ دَعَا رَبَّهٗ مُنِیْبًا اِلَیْهِ ثُمَّ اِذَا خَوَّلَهٗ نِعْمَةً مِّنْهُ نَسِیَ مَا كَانَ یَدْعُوْۤا اِلَیْهِ مِنْ قَبْلُ وَ جَعَلَ لِلّٰهِ اَنْدَادًا لِّیُضِلَّ عَنْ سَبِیْلِهٖؕ-قُلْ تَمَتَّعْ بِكُفْرِكَ قَلِیْلًا ﳓ اِنَّكَ مِنْ اَصْحٰبِ النَّارِ(۸)
اور جب آدمی کو کوئی تکلیف پہنچتی ہے (ف۲۶) اپنے رب کو پکارتا ہے اسی طرف جھکا ہوا (ف۲۷) پھر جب اللہ نے اسے اپنے پاس سے کوئی نعمت دی تو بھول جاتا ہے جس لیے پہلے پکارا تھا (ف۲۸) اور اللہ کے برابر والے ٹھہرانے لگتا ہے (ف۲۹) تاکہ اس کی راہ سے بہکادے تم فرماؤ (ف۳۰) تھوڑے دن اپنے کفر کے ساتھ برت لے (ف۳۱) بیشک تو دوزخیوں میں ہے،

القول في تأويل قوله تعالى : وَإِذَا مَسَّ الإِنْسَانَ ضُرٌّ دَعَا رَبَّهُ مُنِيبًا إِلَيْهِ ثُمَّ إِذَا خَوَّلَهُ نِعْمَةً مِنْهُ نَسِيَ مَا كَانَ يَدْعُو إِلَيْهِ مِنْ قَبْلُ وَجَعَلَ لِلَّهِ أَنْدَادًا لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِهِ قُلْ تَمَتَّعْ بِكُفْرِكَ قَلِيلا إِنَّكَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ (8)يقول تعالى ذكره: وإذا مَسَّ الإنسان بلاء في جسده من مرض, أو عاهة, أو شدّة في معيشته, وجهد وضيق ( دَعَا رَبَّهُ ) يقول: استغاث بربه الذي خلقه من شدة ذلك, ورغب إليه في كشف ما نزل به من شدة ذلك. وقوله: ( مُنِيبًا إِلَيْهِ ) يقول: تائبا إليه مما كان من قبل ذلك عليه من الكفر به, وإشراك الآلهة والأوثان به في عبادته, راجعا إلى طاعته.وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.* ذكر من قال ذلك:حدثنا بشر, قال: ثنا يزيد, قال: ثنا سعيد, عن قتادة, قوله: ( وَإِذَا مَسَّ الإنْسَانَ ضُرٌّ ) قال: الوجع والبلاء والشدّة ( دَعَا رَبَّهُ مُنِيبًا إِلَيْهِ ) قال: مستغيثا به.وقوله: ( ثُمَّ إِذَا خَوَّلَهُ نِعْمَةً مِنْهُ ) يقول تعالى ذكره: ثم إذا منحه ربه نعمة منه, يعني عافية, فكشف عنه ضرّه, وأبدله بالسقم صحة, وبالشدة رخاء. والعرب تقول لكلّ من أعطى غيره من مال أو غيره: قد خوّله، ومنه قول أبي النجْم العِجْلِيّ:أعْطَى فَلَمْ يَبْخَلْ وَلَمْ يُبَخَّلكُومَ الذرَا مِنْ خَوَلِ المَخَوِّلِ (2)وحُدثت عن أبي عُبيدة معمر بن المثنى أنه قال: سمعت أبا عمرو يقول في بيت زُهَيْر:هُنَالِكَ إنْ يُسْتَخْوَلُوا المَالَ يُخْوِلواوَإِنْ يُسْأَلُوا يُعْطوا وَإنْ يَيْسِروا يُغْلُوا (3)قال معمر: قال يونس: إنما سمعناه:هُنَالكَ إنْ يُسْتَخْبِلُوا المَالَ يُخْبِلوا (4)قال: وهي بمعناها.وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.* ذكر من قال ذلك:حدثنا محمد, قال: ثنا أحمد, قال: ثنا أسباط, عن السديّ( ثُمَّ إِذَا خَوَّلَهُ نِعْمَةً مِنْهُ ) : إذا أصابته عافية أو خير.وقوله: ( نَسِيَ مَا كَانَ يَدْعُو إِلَيْهِ مِنْ قَبْلُ ) يقول: ترك دعاءه الذي كان يدعو إلى الله من قبل أن يكشف ما كان به من ضرّ( وَجَعَلَ لِلَّهِ أَنْدَادًا ) يعني: شركاء. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.* ذكر من قال ذلك:حدثنا محمد, قال: ثنا أحمد, قال: ثنا أسباط, عن السديّ( نَسِيَ ) يقول: ترك, هذا في الكافر خاصة.ول" ما " التي في قوله: ( نَسِيَ مَا كَانَ ) وجهان: أحدهما: أن يكون بمعنى الذي , ويكون معنى الكلام حينئذ: ترك الذي كان يدعوه في حال الضر الذي كان به, يعني به الله تعالى ذكره, فتكون " ما " موضوعة عند ذلك موضع " من " كما قيل: وَلا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ يعني به الله, وكما قيل: فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ . والثاني: أن يكون بمعنى المصدر على ما ذكرت. وإذا كانت بمعنى المصدر, كان في الهاء التي في قوله: ( إِلَيْهِ ) وجهان: أحدهما: أن يكون من ذكر ما. والآخر: من ذكر الربّ.وقوله: ( وَجَعَلَ لِلَّهِ أَنْدَادًا ) يقول: وجعل لله أمثالا وأشباها.ثم اختلف أهل التأويل في المعنى الذي جعلوها فيه له أندادا, قال بعضهم: جعلوها له أندادا في طاعتهم إياه في معاصي الله.* ذكر من قال ذلك:حدثنا محمد, قال: ثنا أحمد, قال: ثنا أسباط, عن السديّ( وَجَعَلَ لِلَّهِ أَنْدَادًا ) قال: الأنداد من الرجال: يطيعونهم في معاصي الله.وقال آخرون: عنى بذلك أنه عبد الأوثان, فجعلها لله أندادا في عبادتهم إياها.وأولى القولين في ذلك بالصواب قول من قال: عنى به أنه أطاع الشيطان في عبادة الأوثان, فحصل له الأوثان أندادا, لأن ذلك في سياق عتاب الله إياهم له على عبادتها.وقوله: ( لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِهِ ) يقول: ليزيل من أراد أن يوحد الله ويؤمن به عن توحيده, والإقرار به, والدخول في الإسلام. وقوله: ( قُلْ تَمَتَّعْ بِكُفْرِكَ قَلِيلا ) يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم: قل يا محمد لفاعل ذلك: تمتع بكفرك بالله قليلا إلى أن تستوفي أجلك, فتأتيك منيتك ( إِنَّكَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ ) : أي إنك من أهل النار الماكثين فيها. وقوله: ( تَمَتَّعْ بِكُفْرِكَ ) : وعيد من الله وتَهَدُّدٌ.----------------------الهوامش :(2) البيت لأبي النجم العجلى الراجز المشهور ( اللسان : خول ) . وهو يمدح إنسانا أنه أعطى من سأله النوق السمينة العالية السنام والذرا : جمع ذروة ، وهو أعلى الشيء . وهي مما خوله الله ومنحه ، وكان عطاؤه كثيرا ، فلم يبخل به ، ولم ينسبه أحد إلى البخل . والبيت من شواهد أبي عبيدة في مجاز القرآن ( الورثة 216 ) ، عند قوله تعالى :" ثم إذا خوله نعمة منه" : كل مال لك ، وكل شيء أعطيته فقد خولته ؛ قال أبو النجم :" أعطى فلم يبخل ... البيت"(3) البيت لزهير بن أبي سلمى المزني ( مختار الشعر الجاهلي بشرح مصطفى السقا ص 239 ) والرواية فيه" يستخلبوا" في موضوع يستخولوا قال في اللسان : والاستخوال أيضا مثل الاستخبال ، من أخبلته المال : إذا أعرته ناقة لينتفع بألبانها وأوبارها ، أو فرسا يغزو عليه . ومنه قول زهير :" هنالك إن يستخولوا المال ... البيت" . ومعنى ييسروا : يقامروا . ويغلوا : يختاروا سمان الإبل بالثمن الغالي ، ويقامروا عليها . والبيت من شواهد أبي عبيدة في مجاز القرآن ( 216 ب ) قال : وسمعت أبا عمرو يقول في بيت زهير" هنالك ... الخ" : قال يونس : إنما سمعناه :" هنالك إن يستخلبوا المال" . أي يخبلوا : وهو بمعناها .(4) تقدم الكلام على رواية هذا الشطر من بيت زهير بن أبي سلمى في الشاهد الذي قبله .
39:9
اَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ اٰنَآءَ الَّیْلِ سَاجِدًا وَّ قَآىٕمًا یَّحْذَرُ الْاٰخِرَةَ وَ یَرْجُوْا رَحْمَةَ رَبِّهٖؕ-قُلْ هَلْ یَسْتَوِی الَّذِیْنَ یَعْلَمُوْنَ وَ الَّذِیْنَ لَا یَعْلَمُوْنَؕ-اِنَّمَا یَتَذَكَّرُ اُولُوا الْاَلْبَابِ۠(۹)
کیا وہ جسے فرمانبرداری میں رات کی گھڑیاں گزریں سجود میں اور قیام میں (ف۳۲) آخرت سے ڈرتا اور اپنے رب کی رحمت کی آس لگائے (ف۳۳) کیا وہ نافرمانوں جیسا ہو جائے گا تم فرماؤ کیا برابر ہیں جاننے والے اور انجان، نصیحت تو وہی مانتے ہیں جو عقل والے ہیں،

القول في تأويل قوله تعالى : أَمْ مَنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا يَحْذَرُ الآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الأَلْبَابِ (9)اختلفت القرّاء في قراءة قوله: ( أَمِنَ ) فقرأ ذلك بعض المكيين وبعض المدنيين وعامة الكوفيين: " أمن " بتخفيف الميم، ولقراءتهم ذلك كذلك وجهان: أحدهما أن يكون الألف في" أمَّنْ" بمعنى الدعاء, يراد بها: يا من هو قانت آناء الليل, والعرب تنادي بالألف كما تنادي بيا, فتقول: أزيد أقبل, ويا زيد أقبل، ومنه قول أوس بن حجر:أبَنِي لُبَيْنَى لَسْتُم بِيَدٍإلا يَدٌ لَيْسَتْ لَهَا عَضُدُ (5)وإذا وجهت الألف إلى النداء كان معنى الكلام: قل تمتع أيها الكافر بكفرك قليلا إنك من أصحاب النار, ويا من هو قانت آناء الليل ساجدا وقائما إنك من أهل الجنة, ويكون في النار عمى للفريق الكافر عند الله من الجزاء في الآخرة, الكفاية عن بيان ما للفريق المؤمن, إذ كان معلوما اختلاف أحوالهما في الدنيا, ومعقولا أن أحدهما إذا كان من أصحاب النار لكفره بربه أن الآخر من أصحاب الجنة, فحذف الخبر عما له, اكتفاءً بفهم السامع المراد منه من ذكره, إذ كان قد دلّ على المحذوف بالمذكور. والثاني: أن تكون الألف التي في قوله: " أمن " ألف استفهام, فيكون معنى الكلام: أهذا كالذي جعل لله أندادا ليضلّ عن سبيله, ثم اكتفى بما قد سبق من خبر الله عن فريق الكفر به من أعدائه, إذ كان مفهوما المراد بالكلام, كما قال الشاعر:فَأُقْسِمُ لَوْ شَيْءٌ أتَانَا رَسُولُهُسِوَاكَ وَلَكِنْ لَمْ نَجِدْ لَكَ مَدْفَعا (6)فحذف لدفعناه وهو مراد في الكلام إذ كان مفهوما عند السامع مراده. وقرأ ذلك بعض قرّاء المدينة والبصرة وبعض أهل الكوفة: ( أمَّن ) بتشديد الميم, بمعنى: أم من هو؟ ويقولون: إنما هي ( أمَّن ) استفهام اعترض في الكلام بعد كلام قد مضى, فجاء بأم، فعلى هذا التأويل يجب أن يكون جواب الاستفهام متروكا من أجل أنه قد جرى الخبر عن فريق الكفر, وما أعدّ له في الآخرة, ثم أتبع الخبر عن فريق الإيمان, فعلم بذلك المراد, فاستغني بمعرفة السامع بمعناه من ذكره, إذ كان معقولا أن معناه: هذا أفضل أم هذا؟.والقول في ذلك عندنا أنهما قراءتان قرأ بكل واحدة علماء من القرّاء مع صحة كل واحدة منهما في التأويل والإعراب, فبأيتهما قرأ القارئ فمصيب.وقد ذكرنا اختلاف المختلفين, والصواب من القول عندنا فيما مضى قبل في معنى القانت, بما أغنى عن إعادته في هذا الموضع، غير أنا نذكر بعض أقوال أهل التأويل في ذلك في هذا الموضع, ليعلم الناظر في الكتاب اتفاق معنى ذلك في هذا الموضع وغيره, فكان بعضهم يقول: هو في هذا الموضع قراءة القارئ قائما في الصلاة.* ذكر من قال ذلك:حدثنا ابن المثنى, قال: ثنا يحيى, عن عبيد الله, أنه قال: أخبرني نافع, عن ابن عمر, أنه كان إذا سُئل عن القنوت, قال: لا أعلم القنوت إلا قراءة القرآن وطول القيام, وقرأ: ( أمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا )وقال آخرون: هو الطاعة.* ذكر من قال ذلك:حدثني محمد بن سعد, قال: ثني أبي, قال: ثني عمي, قال: ثني أبي, عن أبيه, عن ابن عباس, قوله: ( أمَّنْ هُوَ قَانِتٌ ) يعني بالقنوت: الطاعة, وذلك أنه قال: ثُمَّ إِذَا دَعَاكُمْ دَعْوَةً مِنَ الأَرْضِ إِذَا أَنْتُمْ تَخْرُجُونَ ... إلى كُلٌّ لَهُ قَانِتُونَ قال: مطيعون.حدثنا محمد, قال: ثنا أحمد, قال: ثنا أسباط, عن السديّ, في قوله: ( أمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا ) قال: القانت: المطيع.وقوله: ( آنَاءَ اللَّيْلِ ) يعني: ساعات الليل.كما حدثنا بشر, قال: ثنا يزيد, قال: ثنا سعيد, عن قتادة, قوله: ( أمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ ) أوله, وأوسطه, وآخره.حدثنا محمد بن الحسين, قال: ثنا أحمد, قال: ثنا أسباط, عن السديّ( آنَاءَ اللَّيْلِ ) قال: ساعات الليل.وقد مضى بياننا عن معنى الآناء بشواهده, وحكاية أقوال أهل التأويل فيها بما أغنى عن إعادته في هذا الموضع.وقوله: ( سَاجِدًا وَقَائِمًا ) يقول: يقنت ساجدا أحيانا, وأحيانا قائما, يعني: يطيع، والقنوت عندنا الطاعة, ولذلك نصب قوله: ( سَاجِدًا وَقَائِمًا ) لأن معناه: أمَّن هو يقنت آناء الليل ساجدا طورا, وقائما طورا, فهما حال من قانت.وقوله: ( يَحْذَرُ الآخِرَةَ ) يقول: يحذر عذاب الآخرة. كما حدثنا عليّ بن الحسن الأزديّ. قال: ثنا يحيى بن اليمان, عن أشعث, عن جعفر, عن سعيد بن جُبَير, عن ابن عباس, في قوله: ( يَحْذَرُ الآخِرَةَ ) قال: يحذر عقاب الآخرة, ويرجو رحمة ربه, يقول: ويرجو أن يرحمه الله فيدخله الجنة.وقوله: ( قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ ) يقول تعالى ذكره: قل يا محمد لقومك: هل يستوي الذين يعلمون ما لهم في طاعتهم لربهم من الثواب, وما عليهم في معصيتهم إياه من التبعات, والذين لا يعلمون ذلك, فهم يخبطون في عشواء, لا يرجون بحسن أعمالهم خيرا, ولا يخافون بسيئها شرا؟ يقول: ما هذان بمتساويين.وقد رُوي عن أبي جعفر محمد بن عليّ في ذلك ما حدثني محمد بن خلف, قال: ثني نصر بن مزاحم, قال: ثنا سفيان الجريري, عن سعيد بن أبي مجاهد, عن جابر, عن أبي جعفر, رضوان الله عليه ( هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ ) قال: نحن الذين يعلمون, وعدونا الذين لا يعلمون.وقوله: ( إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الألْبَابِ ) يقول تعالى ذكره: إنما يعتبر حجج الله, فيتعظ, ويتفكر فيها, ويتدبرها أهل العقول والحجى, لا أهل الجهل والنقص في العقول.------------------------الهوامش:(5) تقدم الاستشهاد بالبيت في الجزء ( 14 : 110 ) وشرحناه شرحا مفصلا ، فراجعه ثمة . والبيت من شواهد الفراء في معاني القرآن (الورقة 284 ) وموضع الاستشهاد به في هذا الموضع أن العرب تنادي بالهمزة ، كما تنادي بيا . قال الفراء : عند قوله تعالى" أم من هو قانت آناء الليل" قرأها يحيي بن وثاب بالتخفيف . وذكر ذلك عن نافع وحمزة ، وفسروها : يريد : يا من هو قانت ، وهو وجه حسن . العرب تدعو بألف كما يدعون بيا ، فيقولون : يا زيد أقبل ، وأزيد أقبل ؛ قال الشاعر :" أبني لبيني ... البيت" وقال آخر :" أضمر بن ضمرة ... البيت" . وهو كثير في الشعر ، فيكون المعنى مردودا بالدعاء ، كالمنسوق ، لأنه ذكر الناسي الكافر ، ثم قص قصة الصالح بالنداء ، كما تقول في كلام : فلان لا يصلي ولا يصوم ، فيا من يصلي ويصوم أبشر . فهذا هو معناه . وقد تكون الألف استفهاما ، وبتأويل أم ، لأن العرب قد تضع" أم" في موضع الألف ، إذا سبقها كلام ، وقد وصفت من ذلك ما يكتفي به ، فيكون المعنى أمن هو قانت ؟ كالأول الذي ذكر بالنسيان والكفر . ومن قرأها بالتشديد ، فإنه يريد معنى الألف وهو الوجه : أن تجعل" أم" إذا كانت مردودة على معنى قد سبق ، قلتها بأم . وقد قرأها الحسن وعاصم وأبو جعفر المدني ، يريدون" أم من هو" فقد تبين في الكلام أنه مضمر قد جرى معناه في أول الكلمة ، إذ ذكر الضال ، ثم ذكر المهتدي بالاستفهام فهو دليل على أنه يريد : أهذا مثل هذا ؟ أو أهذا أفضل ؟ ومن لم يعرف مذاهب العرب ، ويتبين له المعنى في هذا وشبهه ، لم يكتف ولم يشتف . ا ه .(6) تقدم الاستشهاد بالبيت وشرحناه مفصلا في الجزء ( 12 : 18 ) فراجعه ثمة . وقد أورده الفراء في معاني القرآن (الورقة 284) بعقب كلامه الذي نقلناه عنه في الشاهد السابق على هذا ، قال : ألا ترى قول الشاعر" فأقسم لو شيء أتانا رسوله .... البيت" أن معناه : لو أتانا رسول غيرك لدفعناه ، فعلم المعنى ولم يظهر . وجرى قوله" أفمن شرح الله صدره للإسلام" على مثل هذا .
39:10
قُلْ یٰعِبَادِ الَّذِیْنَ اٰمَنُوا اتَّقُوْا رَبَّكُمْؕ-لِلَّذِیْنَ اَحْسَنُوْا فِیْ هٰذِهِ الدُّنْیَا حَسَنَةٌؕ-وَ اَرْضُ اللّٰهِ وَاسِعَةٌؕ-اِنَّمَا یُوَفَّى الصّٰبِرُوْنَ اَجْرَهُمْ بِغَیْرِ حِسَابٍ(۱۰)
تم فرماؤ اے میرے بندو! جو ایمان لائے اپنے سے ڈرو، جنہوں نے بھلائی کی (ف۳۴) ان کے لیے اس دنیا میں بھلائی ہے (ف۳۵) اور اللہ کی زمین وسیع ہے (ف۳۶) صابروں ہی کو ان کا ثواب بھرپور دیا جائے گا بے گنتی (ف۳۷)

القول في تأويل قوله تعالى : قُلْ يَا عِبَادِ الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا رَبَّكُمْ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةٌ وَأَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةٌ إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ (10)يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم: ( قُلْ ) يا محمد لعبادي الذين آمنوا: ( يَاعِبَادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا ) بالله, وصدقوا رسوله ( اتَّقُوا رَبَّكُمُ ) بطاعته واجتناب معاصيه ( لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَة )ثم اختلف أهل التأويل في تأويل ذلك, فقال بعضهم: معناه: للذين أطاعوا الله حسنة في هذه الدُّنْيا، وقال " في" من صلة حسنة, وجعل معنى الحسنة: الصحة والعافية.* ذكر من قال ذلك:حدثنا محمد, قال: ثنا أحمد, قال: ثنا أسباط, عن السديّ( لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةٌ ) قال: العافية والصحة.وقال آخرون " في" من صلة أحسنوا, ومعنى الحسنة: الجنة.وقوله: ( وَأَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةٌ ) يقول تعالى ذكره: وأرض الله فسيحة واسعة, فهاجروا من أرض الشرك إلى دار الإسلام.كما حدثني محمد بن عمرو, قال: ثنا أبو عاصم, قال: ثنا عيسى، وحدثني الحارث, قال: ثنا الحسن, قال: ثنا ورقاء جميعا عن ابن أبي نحيح, عن مجاهد, قوله: ( وَأَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةٌ ) فهاجروا واعتزلوا الأوثان.وقوله: ( إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ ) يقول تعالى ذكره: إنما يعطي الله أهل الصبر على ما لقوا فيه في الدنيا أجرهم في الآخرة بغير حساب، يقول: ثوابهم بغير حساب.وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.* ذكر من قال ذلك:حدثنا بشر, قال: ثنا يزيد, قال: ثنا سعيد, عن قتادة ( إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ ) لا والله ما هُناكم مكيال ولا ميزان.حدثنا محمد, قال: ثنا أحمد, قال: ثنا أسباط, عن السديّ( إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ ) قال: في الجنة.
39:11
قُلْ اِنِّیْۤ اُمِرْتُ اَنْ اَعْبُدَ اللّٰهَ مُخْلِصًا لَّهُ الدِّیْنَۙ(۱۱)
تم فرماؤ (ف۳۸) مجھے حکم ہے کہ اللہ کو پوجوں نرا اس کا بندہ ہوکر،

القول في تأويل قوله تعالى : قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ (11)يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم: قل يا محمد لمشركي قومك: إن الله أمرني أن أعبده مفردا له الطاعة, دون كلّ ما تدعون من دونه من الآلهة والأنداد .
39:12
وَ اُمِرْتُ لِاَنْ اَكُوْنَ اَوَّلَ الْمُسْلِمِیْنَ(۱۲)
اور مجھے حکم ہے کہ میں سب سے پہلے گردن رکھوں (ف۳۹)

( وَأُمِرْتُ لأنْ أَكُونَ أَوَّلَ الْمُسْلِمِينَ ) : يقول: وأمرني ربي جل ثناؤه بذلك, لأن أكون بفعل ذلك أوَّل من أسلم منكم, فخضع له بالتوحيد, وأخلص له العبادة, وبرئ من كل ما دونه من الآلهة.
39:13
قُلْ اِنِّیْۤ اَخَافُ اِنْ عَصَیْتُ رَبِّیْ عَذَابَ یَوْمٍ عَظِیْمٍ(۱۳)
تم فرماؤ بالفرض اگر مجھ سے نافرمانی ہوجائے تو مجھے اپنے رب سے ایک بڑے دن کے عذاب کا ڈر ہے (ف۴۰)

وقوله تعالى: ( قُلْ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ ) : يقول تعالى ذكره: قل يا محمد لهم إني أخاف إن عصيت ربي فيما أمرني به من عبادته, مخلصا له الطاعة, ومفرده بالربوبية.( عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ ) : يعني عذاب يوم القيامة, ذلك هو اليوم الذي يعظم هوله.
39:14
قُلِ اللّٰهَ اَعْبُدُ مُخْلِصًا لَّهٗ دِیْنِیْۙ(۱۴)
تم فرماؤ میں اللہ ہی کو پوجتا ہوں نرا اس کا بندہ ہوکر،

القول في تأويل قوله تعالى : قُلِ اللَّهَ أَعْبُدُ مُخْلِصًا لَهُ دِينِي (14)يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم: قل يا محمد لمشركي قومك: الله أعبد مخلصا, مفردا له طاعتي وعبادتي, لا أجعل له في ذلك شريكا, ولكني أفرده بالألوهة, وأبرأ مما سواه من الأنداد والآلهة, فاعبدوا أنتم أيها القوم ما شئتم من الأوثان والأصنام, وغير ذلك مما تعبدون من سائر خلقه, فستعلمون وبال عاقبة عبادتكم ذلك إذا لقيتم ربكم.يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم: قل يا محمد لمشركي قومك: الله أعبد مخلصا, مفردا له طاعتي وعبادتي, لا أجعل له في ذلك شريكا, ولكني أفرده بالألوهة, وأبرأ مما سواه من الأنداد والآلهة, فاعبدوا أنتم أيها القوم ما شئتم من الأوثان والأصنام, وغير ذلك مما تعبدون من سائر خلقه, فستعلمون وبال عاقبة عبادتكم ذلك إذا لقيتم ربكم.
39:15
فَاعْبُدُوْا مَا شِئْتُمْ مِّنْ دُوْنِهٖؕ-قُلْ اِنَّ الْخٰسِرِیْنَ الَّذِیْنَ خَسِرُوْۤا اَنْفُسَهُمْ وَ اَهْلِیْهِمْ یَوْمَ الْقِیٰمَةِؕ-اَلَا ذٰلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِیْنُ(۱۵)
تو تم اس کے سوا جسے چاہو پوجو(ف۴۱) تم فرماؤ پوری ہار انہیں جو اپنی جان اور اپنے گھر والے قیامت کے دن ہار بیٹھے (ف۴۲) ہاں ہاں یہی کھلی ہار ہے،

وقوله: ( قُلْ إِنَّ الْخَاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ ) يقول تعالى ذكره: قل يا محمد لهم: إن الهالكين الذين غَبَنوا أنفسهم, وهلكت بعذاب الله أهلوهم مع أنفسهم, فلم يكن لهم إذ دخلوا النار فيها أهل, وقد كان لهم في الدنيا أهلون.وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.* ذكر من قال ذلك:حدثني عليّ, قال: ثنا أبو صالح, قال: ثني معاوية, عن عليّ, عن ابن عباس, قوله: ( قُلْ إِنَّ الْخَاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ) قال: هم الكفار الذين خلقهم الله للنار, وخلق النار لهم, فزالت عنهم الدنيا, وحرمت عليهم الجنة, قال الله: خَسِرَ الدُّنْيَا وَالآخِرَةَ .حدثني يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد, في قوله: ( قُلْ إِنَّ الْخَاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ) قال: هؤلاء أهل النار, خسروا أنفسهم في الدنيا, وخسروا الأهلين, فلم يجدوا في النار أهلا وقد كان لهم في الدنيا أهل.حُدثت عن ابن أبي زائدة, عن ابن جُرَيج, عن مجاهد, قال: غبنوا أنفسهم وأهليهم, قال: يخسرون أهليهم, فلا يكون لهم أهل يرجعون إليهم, ويخسرون أنفسهم, فيهلكون في النار, فيموتون وهم أحياء فيخسرونهما.وقوله: ( أَلا ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ ) يقول تعالى ذكره: ألا إن خسران هؤلاء المشركين أنفسهم وأهليهم يوم القيامة, وذلك هلاكها هو الخسران المبين, يقول تعالى ذكره: هو الهلاك الذي يبين لمن عاينه وعلمه أنه الخسران.
39:16
لَهُمْ مِّنْ فَوْقِهِمْ ظُلَلٌ مِّنَ النَّارِ وَ مِنْ تَحْتِهِمْ ظُلَلٌؕ-ذٰلِكَ یُخَوِّفُ اللّٰهُ بِهٖ عِبَادَهٗؕ-یٰعِبَادِ فَاتَّقُوْنِ(۱۶)
ان کے اوپر آگ کے پہاڑ ہیں اور ان کے نیچے پہاڑ (ف۴۳) اس سے اللہ ڈراتا ہے اپنے بندوں (ف۴۴) اے میرے بندو! تم مجھ سے ڈرو (ف۴۵)

القول في تأويل قوله تعالى : لَهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ ظُلَلٌ مِنَ النَّارِ وَمِنْ تَحْتِهِمْ ظُلَلٌ ذَلِكَ يُخَوِّفُ اللَّهُ بِهِ عِبَادَهُ يَا عِبَادِ فَاتَّقُونِ (16)يقول تعالى ذكره لهؤلاء الخاسرين يوم القيامة في جهنم: ( مِنْ فَوْقِهِمْ ظُلَلٌ مِنَ النَّارِ ) وذلك كهيئة الظلل المبنية من النار ( وَمِنْ تَحْتِهِمْ ظُلَلٌ ) يقول: ومن تحتهم من النار ما يعلوهم, حتى يصير ما يعلوهم منها من تحتهم ظللا وذلك نظير قوله جلّ ثناؤه لَهُمْ: مِنْ جَهَنَّمَ مِهَادٌ وَمِنْ فَوْقِهِمْ غَوَاشٍ يغشاهم مما تحتهم فيها من المهاد.وقوله: ( ذَلِكَ يُخَوِّفُ اللَّهُ بِهِ عِبَادَهُ يَا عِبَادِ فَاتَّقُونِ ) يقول تعالى ذكره: هذا الذي أخبرتكم أيها الناس به, مما للخاسرين يوم القيامة من العذاب, تخويف من ربكم لكم, يخوفكم به لتحذروه, فتجتنبوا معاصيه, وتنيبوا من كفركم إلى الإيمان به, وتصديق رسوله, واتباع أمره ونهيه, فتنجوا من عذابه في الآخرة ( فَاتَّقُونِ ) يقول: فاتقوني بأداء فرائضي عليكم, واجتناب معاصيّ, لتنجوا من عذابي وسخطي.
39:17
وَ الَّذِیْنَ اجْتَنَبُوا الطَّاغُوْتَ اَنْ یَّعْبُدُوْهَا وَ اَنَابُوْۤا اِلَى اللّٰهِ لَهُمُ الْبُشْرٰىۚ-فَبَشِّرْ عِبَادِۙ(۱۷)
اور وہ جو بتوں کی پوجا سے بچے اور اللہ کی طرف رجوع ہوئے انہیں کے لیے خوشخبری ہے تو خوشی سناؤ میرے ان بندوں کو،

وقوله: ( وَالَّذِينَ اجْتَنَبُوا الطَّاغُوتَ ) : أي اجتنبوا عبادة كلّ ما عبد من دون الله من شيء. وقد بيَّنا معنى الطاغوت فيما مضى قبل بشواهد ذلك, وذكرنا اختلاف أهل التأويل فيه بما أغنى عن إعادته في هذا الموضع, وذكرنا أنه في هذا الموضع: الشيطان, وهو في هذا الموضع وغيره بمعنى واحد عندنا.ذكر من قال ما ذكرنا في هذا الموضع:حدثني محمد بن عمرو, قال: ثنا أبو عاصم, قال: ثنا عيسى، وحدثني الحارث, قال: ثنا الحسن, قال: ثنا ورقاء جميعا، عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد, قوله: ( وَالَّذِينَ اجْتَنَبُوا الطَّاغُوتَ ) قال: الشيطان.حدثنا محمد, قال: ثنا أحمد, قال: ثنا أسباط, عن السديّ( وَالَّذِينَ اجْتَنَبُوا الطَّاغُوتَ أَنْ يَعْبُدُوهَا ) قال: الشيطان.حدثني يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد, في قوله: ( وَالَّذِينَ اجْتَنَبُوا الطَّاغُوتَ أَنْ يَعْبُدُوهَا ) قال: الشيطان هو ها هنا واحد وهي جماعة.والطاغوت على قول ابن زيد هذا واحد مؤنث, ولذلك قيل: أن يعبدوها. وقيل: إنما أُنثت لأنها في معنى جماعة.وقوله: ( وَأَنَابُوا إِلَى اللَّهِ ) يقول: وتابوا إلى الله ورجعوا إلى الإقرار بتوحيده, والعمل بطاعته, والبراءة مما سواه من الآلهة والأنداد. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.* ذكر من قال ذلك:حدثنا بشر, قال: ثنا زيد, قال: ثنا سعيد, عن قتادة, قوله: ( وَأَنَابُوا إِلَى اللَّهِ ) : وأقبلوا إلى الله.حدثنا محمد, قال: ثنا أحمد, قال: ثنا أسباط, عن السديّ, قوله: ( وَأَنَابُوا إِلَى اللَّهِ ) قال: أجابوا إليه.وقوله: ( لَهُمُ الْبُشْرَى ) يقول: لهم البشرى في الدنيا بالجنة في الآخرة ( فَبَشِّرْ عِبَادِ الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ ) يقول جل ثناؤه لنبيه محمد صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم: فبشر يا محمد عبادي الذين يستمعون القول من القائلين, فيتبعون أرشده وأهداه, وأدله على توحيد الله, والعمل بطاعته, ويتركون ما سوى ذلك من القول الذي لا يدل على رشاد, ولا يهدي إلى سداد.وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.* ذكر من قال ذلك:حدثنا بشر, قال: ثنا يزيد, قال: ثنا سعيد, عن قتادة ( فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ ) وأحسنه طاعة الله.حدثنا محمد, قال: ثنا أحمد, قال: ثنا أسباط, عن السديّ, في قوله: ( فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ ) قال: أحسن ما يؤمرون به فيعلمون به.
39:18
الَّذِیْنَ یَسْتَمِعُوْنَ الْقَوْلَ فَیَتَّبِعُوْنَ اَحْسَنَهٗؕ-اُولٰٓىٕكَ الَّذِیْنَ هَدٰىهُمُ اللّٰهُ وَ اُولٰٓىٕكَ هُمْ اُولُوا الْاَلْبَابِ(۱۸)
جو کان لگا کر بات سنیں پھر اس کے بہتر پر چلیں (ف۴۶) یہ ہیں جن کو اللہ نے ہدایت فرمائی اور یہ ہیں جن کو عقل ہیں (ف۴۷)

وقوله: ( أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ ) يقول تعالى ذكره: الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه, الذين هداهم الله, يقول: وفقهم الله للرشاد وإصابة الصواب, لا الذين يعرضون عن سماع الحقّ, ويعبدون ما لا يضرّ, ولا ينفع. وقوله: ( أُولَئِكَ هُمْ أُولُو الألْبَابِ ) يعني: أولو العقول والحجا.وذُكر أن هذه الآية نزلت في رهط معروفين وحَّدوا الله, وبرئوا من عبادة كل ما دون الله قبل أن يُبعث نبيّ الله, فأنزل الله هذه الآية على نبيه يمدحهم.* ذكر من قال ذلك:حدثني يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد, في قوله: ( وَالَّذِينَ اجْتَنَبُوا الطَّاغُوتَ أَنْ يَعْبُدُوهَا ... ) الآيتين, حدثني أبي أن هاتين الآيتين نزلتا في ثلاثة نفر كانوا في الجاهلية يقولون: لا إله إلا الله: زيد بن عمرو, وأبي ذرّ الغفاري, وسلمان الفارسيّ, نزل فيهم: ( وَالَّذِينَ اجْتَنَبُوا الطَّاغُوتَ أَنْ يَعْبُدُوهَا ) في جاهليتهم ( وَأَنَابُوا إِلَى اللَّهِ لَهُمُ الْبُشْرَى فَبَشِّرْ عِبَادِ الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ ) لا إله إلا الله, أولئك الذين هداهم الله بغير كتاب ولا نبي ( وَأُولَئِكَ هُمْ أُولُو الألْبَابِ ).
39:19
اَفَمَنْ حَقَّ عَلَیْهِ كَلِمَةُ الْعَذَابِؕ-اَفَاَنْتَ تُنْقِذُ مَنْ فِی النَّارِۚ(۱۹)
تو کیا وہ جس پر عذاب کی بات ثابت ہوچکی نجات والوں کے برابر ہوجائے گا تو کیا تم ہدایت دے کر آگ کے مستحق کو بچالو گے (ف۴۸)

القول في تأويل قوله تعالى : أَفَمَنْ حَقَّ عَلَيْهِ كَلِمَةُ الْعَذَابِ أَفَأَنْتَ تُنْقِذُ مَنْ فِي النَّارِ (19)يعني تعالى ذكره بقوله: ( أَفَمَنْ حَقَّ عَلَيْهِ كَلِمَةُ الْعَذَابِ ) : أفمن وجبت عليه كلمة العذاب في سابق علم ربك يا محمد بكفره به.كما حدثنا بشر, قال: ثنا يزيد, قال: ثنا سعيد, عن قتادة, قوله: ( أَفَمَنْ حَقَّ عَلَيْهِ كَلِمَةُ الْعَذَابِ ) بكفره.وقوله: ( أَفَأَنْتَ تُنْقِذُ مَنْ فِي النَّارِ ) يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم: أفأنت تنقذ يا محمد من هو في النار من حق عليه كلمة العذاب, فأنت تنقذه، فاستغنى بقوله: ( تُنْقِذُ مَنْ فِي النَّارِ ) عن هذا. وكان بعض نحويي الكوفة يقول: هذا مما يراد به استفهام واحد, فيسبق الاستفهام إلى غير موضعه, فيرد الاستفهام إلى موضعه الذي هو له. وإنما المعنى والله أعلم: أفأنت تنقذ من في النار من حقَّت عليه كلمة العذاب. قال: ومثله من غير الاستفهام: أَيَعِدُكُمْ أَنَّكُمْ إِذَا مِتُّمْ وَكُنْتُمْ تُرَابًا وَعِظَامًا أَنَّكُمْ مُخْرَجُونَ فردد " أنكم " مرتين. والمعنى والله أعلم: أيعدكم أنكم مخرجون إذا متم، ومثله قوله: لا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِمَا أَتَوْا وَيُحِبُّونَ أَنْ يُحْمَدُوا بِمَا لَمْ يَفْعَلُوا فَلا تَحْسَبَنَّهُمْ بِمَفَازَةٍ مِنَ الْعَذَابِ وكان بعضهم يستخطئ القول الذي حكيناه عن البصريين, ويقول: لا تكون في قوله: ( أَفَأَنْتَ تُنْقِذُ مَنْ فِي النَّارِ ) كناية عمن تقدّم, لا يقال: القوم ضربت من قام, يقول: المعنى: ألتجزئة أفأنت تُنْقذ من في النار منهم. وإنما معنى الكلمة: أفأنت تهدي يا محمد من قد سبق له في علم الله أنه من أهل النار إلى الإيمان, فتنقذه من النار بالإيمان؟ لست على ذلك بقادر.
39:20
لٰكِنِ الَّذِیْنَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ لَهُمْ غُرَفٌ مِّنْ فَوْقِهَا غُرَفٌ مَّبْنِیَّةٌۙ-تَجْرِیْ مِنْ تَحْتِهَا الْاَنْهٰرُ۬ؕ-وَعْدَ اللّٰهِؕ-لَا یُخْلِفُ اللّٰهُ الْمِیْعَادَ(۲۰)
لیکن جو اپنے رب سے ڈرے (ف۴۹) ان کے لیے بالا خانے ہیں ان پر بالا خانے بنے (ف۵۰) ان کے نیچے نہریں بہیں، اللہ کا وعدہ، اللہ وعدہ خلاف نہیں کرتا،

وقوله: ( لَكِنِ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ لَهُمْ غُرَفٌ مِنْ فَوْقِهَا غُرَفٌ مَبْنِيَّة ) يقول تعالى ذكره: لكن الذين اتقوا ربهم بأداء فرائضه واجتناب محارمه, لهم في الجنة غرف من فوقها غرف مبنية علاليّ بعضها فوق بعض ( تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأنْهَارُ ) يقول تعالى ذكره: تجري من تحت أشجار جناتها الأنهار.وقوله: ( وَعَدَ اللَّهُ ) يقول جل ثناؤه: وعدنا هذه الغرف التي من فوقها غرف مبنية في الجنة, هؤلاء المتقين ( لا يُخْلِفُ اللَّهُ الْمِيعَادَ ) يقول جل ثناؤه: والله لا يخلفهم وعده, ولكنه يوفي بوعده.
39:21
اَلَمْ تَرَ اَنَّ اللّٰهَ اَنْزَلَ مِنَ السَّمَآءِ مَآءً فَسَلَكَهٗ یَنَابِیْعَ فِی الْاَرْضِ ثُمَّ یُخْرِ جُ بِهٖ زَرْعًا مُّخْتَلِفًا اَلْوَانُهٗ ثُمَّ یَهِیْجُ فَتَرٰىهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ یَجْعَلُهٗ حُطَامًاؕ-اِنَّ فِیْ ذٰلِكَ لَذِكْرٰى لِاُولِی الْاَلْبَابِ۠(۲۱)
کیا تو نے نہ دیکھا کہ اللہ نے آسمان سے پانی اتارا پھر اس سے زمین میں چشمے بنائے پھر اس سے کھیتی نکالتا ہے کئی رنگت کی (ف۵۱) پھر سوکھ جاتی ہے تو تُو دیکھے کہ وہ (ف۵۲) پیلی پڑ گئی پھر اسے ریزہ ریزہ کردیتا ہے، بیشک اس میں دھیان کی بات ہے عقل مندوں کو (ف۵۳)

القول في تأويل قوله تعالى : أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَسَلَكَهُ يَنَابِيعَ فِي الأَرْضِ ثُمَّ يُخْرِجُ بِهِ زَرْعًا مُخْتَلِفًا أَلْوَانُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَجْعَلُهُ حُطَامًا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لأُولِي الأَلْبَابِ (21)يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم: ( أَلَمْ تَرَ ) يا محمد ( أَنَّ اللَّهَ أَنزلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً ) وهو المطر ( فَسَلَكَهُ يَنَابِيعَ فِي الأرْضِ ) يقول: فأجراه عيونا في الأرض، واحدها ينبوع, وهو ما جاش من الأرض.وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.* ذكر من قال ذلك:حدثنا أبو كُرَيب, قال: ثنا ابن يمان, عن سفيان, عن جابر, عن الشعبيّ, في قوله: ( فَسَلَكَهُ يَنَابِيعَ فِي الأرْضِ ) قال: كلّ ندى وماء في الأرض من السماء نزل.قال: ثنا ابن يمان, عن سفيان, عن جابر, عن الحسن بن مسلم بن بيان, قال: ثم أنبت بذلك الماء الذي أنزله من السماء فجعله في الأرض عيونا زرعا( مُخْتَلِفًا أَلْوَانُهُ ) يعني: أنواعا مختلفة من بين حنطة وشعير وسمسم وأرز, ونحو ذلك من الأنواع المختلفة ( ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا ) يقول: ثم ييبس ذلك الزرع من بعد خُضرته, يقال للأرض إذا يبس ما فيها من الخضر وذوى: هاجت الأرض, وهاج الزرع.وقوله: ( فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا ) يقول: فتراه من بعد خُضرته ورطوبته قد يبس فصار أصفر, وكذلك الزرع إذا يبس اصفرّ( ثُمَّ يَجْعَلُهُ حُطَامًا ) والحطام: فتات التبن والحشيش, يقول: ثم يجعل ذلك الزرع بعد ما صار يابسا فُتاتا متكسرا.وقوله: ( إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لأولِي الألْبَابِ ) يقول تعالى ذكره: إن في فعل الله ذلك كالذي وصف لذكرى وموعظة لأهل العقول والحجا يتذكرون به, فيعلمون أن من فعل ذلك فلن يتعذر عليه إحداث ما شاء من الأشياء, وإنشاء ما أراد من الأجسام والأعراض, وإحياء من هلك من خلقه من بعد مماته وإعادته من بعد فنائه, كهيئته قبل فنائه, كالذي فعل بالأرض التي أنزل عليها من بعد موتها الماء, فأنبت بها الزرع المختلف الألوان بقدرته.
39:22
اَفَمَنْ شَرَحَ اللّٰهُ صَدْرَهٗ لِلْاِسْلَامِ فَهُوَ عَلٰى نُوْرٍ مِّنْ رَّبِّهٖؕ-فَوَیْلٌ لِّلْقٰسِیَةِ قُلُوْبُهُمْ مِّنْ ذِكْرِ اللّٰهِؕ-اُولٰٓىٕكَ فِیْ ضَلٰلٍ مُّبِیْنٍ(۲۲)
تو کیا وہ جس کا سینہ اللہ نے اسلام کے لیے کھول دیا (ف۵۴) تو وہ اپنے رب کی طرف سے نور پر ہے (ف۵۵) اس جیسا ہوجائے گا جو سنگدل ہے تو خرابی ہے ان کی جن کے دل یادِ خدا کی طرف سے سخت ہوگئے ہیں (ف۵۶) وہ کھلی گمراہی میں ہیں،

القول في تأويل قوله تعالى : أَفَمَنْ شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلإِسْلامِ فَهُوَ عَلَى نُورٍ مِنْ رَبِّهِ فَوَيْلٌ لِلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ أُولَئِكَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ (22)يقول تعالى ذكره: أفمن فسح الله قلبه لمعرفته, والإقرار بوحدانيته, والإذعان لربوبيته, والخضوع لطاعته ( فَهُوَ عَلَى نُورٍ مِنْ رَبِّهِ ) يقول: فهو على بصيرة مما هو عليه ويقين, بتنوير الحق في قلبه, فهو لذلك لأمر الله متبع, وعما نهاه عنه منته فيما يرضيه, كمن أقسى الله قلبه, وأخلاه من ذكره, وضيقه عن استماع الحق, واتباع الهدى, والعمل بالصواب؟ وترك ذكر الذي أقسى الله قلبه, وجواب الاستفهام اجتزاء بمعرفة السامعين المراد من الكلام, إذ ذكر أحد الصنفين, وجعل مكان ذكر الصنف الآخر الخبر عنه بقوله: ( فَوَيْلٌ لِلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ ).وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.* ذكر من قال ذلك:حدثنا بشر, قال: ثنا يزيد, قال: ثنا سعيد, عن قتادة, قوله: ( أَفَمَنْ شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلإسْلامِ فَهُوَ عَلَى نُورٍ مِنْ رَبِّهِ ) يعني: كتاب الله, هو المؤمن به يأخذ, وإليه ينتهي.حدثنا محمد, قال: ثنا أحمد, قال: ثنا أسباط, عن السديّ, قوله: ( أَفَمَنْ شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلإسْلامِ ) قال: وسع صدره للإسلام, والنور: الهدى.حُدثت عن ابن أبي زائدة عن ابن جُرَيج, عن مجاهد ( أَفَمَنْ شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلإسْلامِ ) قال: ليس المنشرح صدره مثل القاسي قلبه.قوله: ( فَوَيْلٌ لِلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ ) يقول تعالى ذكره: فويل للذين جفت قلوبهم ونأت عن ذكر الله وأعرضت, يعني عن القرآن الذي أنزله تعالى ذكره, مذكرا به عباده, فلم يؤمن به, ولم يصدّق بما فيه. وقيل: ( مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ ) والمعنى: عن ذكر الله, فوضعت " مِنْ" مكان " عن ", كما يقال في الكلام: أتخمت من طعام أكلته, وعن طعام أكلته بمعنى واحد.وقوله: ( أُولَئِكَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ ) يقول تعالى ذكره: هؤلاء القاسية قلوبهم من ذكر الله في ضلال مبين, لمن تأمله وتدبره بفهم أنه في ضلال عن الحق جائر.
39:23
اَللّٰهُ نَزَّلَ اَحْسَنَ الْحَدِیْثِ كِتٰبًا مُّتَشَابِهًا مَّثَانِیَ ﳓ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُوْدُ الَّذِیْنَ یَخْشَوْنَ رَبَّهُمْۚ-ثُمَّ تَلِیْنُ جُلُوْدُهُمْ وَ قُلُوْبُهُمْ اِلٰى ذِكْرِ اللّٰهِؕ-ذٰلِكَ هُدَى اللّٰهِ یَهْدِیْ بِهٖ مَنْ یَّشَآءُؕ-وَ مَنْ یُّضْلِلِ اللّٰهُ فَمَا لَهٗ مِنْ هَادٍ(۲۳)
اللہ نے اتاری سب سے اچھی کتاب (ف۵۷) کہ اول سے آخر تک ایک سی ہے (ف۵۸) دوہرے بیان والی (ف۵۹) اس سے بال کھڑے ہوتے ہیں ان کے بدن پر جو اپنے رب سے ڈرتے ہیں، پھر ان کی کھالیں اور دل نرم پڑتے ہیں یادِ خدا کی طرف رغبت میں (ف۶۰) یہ اللہ کی ہدایت ہے راہ دکھائے اس سے جسے چاہے، اور جسے اللہ گمراہ کرے اسے کوئی راہ دکھانے والا نہیں،

القول في تأويل قوله تعالى : اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ (23)يقول تعالى ذكره: ( اللَّهُ نزلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا ) يعني به القرآن ( مُتَشَابِهًا ) يقول: يشبه بعضه بعضا, لا اختلاف فيه, ولا تضادّ.كما حدثنا بشر, قال: ثنا يزيد, قال: ثنا سعيد, عن قتادة, قوله: ( اللَّهُ نزلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا ) الآية تشبه الآية, والحرف يشبه الحرف.حدثنا محمَّد قال: ثنا أحمد, قال: ثنا أسباط, عن السديّ( كِتَابًا مُتَشَابِهًا ) قال: المتشابه: يشبه بعضه بعضا.حدثنا ابن حميد, قال: ثنا جرير, عن يعقوب, عن جعفر, عن سعيد بن جُبَير, في قوله: ( كِتَابًا مُتَشَابِهًا ) قال: يشبه بعضه بعضا, ويصدّق بعضه بعضا, ويدلّ بعضه على بعض.وقوله: ( مَثَانِيَ ) يقول: تُثنى فيه الأنباء والأخبار والقضاء والأحكام والحجج.وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.* ذكر من قال ذلك:حدثني يعقوب بن إبراهيم, قال: ثنا ابن عُلَية, عن أبي رجاء, عن الحسن, في قوله: ( اللَّهُ نزلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ ) قال: ثنى الله فيه القضاء, تكون السورة فيها الآية في سورة أخرى آية تشبهها, وسئل عنها عكرمة (1) .حدثني محمد بن عمرو, قال: ثنا أبو عاصم, قال: ثنا عيسى، وحدثني الحارث, قال: ثنا الحسن, قال: ثنا ورقاء جميعا، عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد, قوله: ( كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ ) قال: في القرآن كله.حدثنا بشر, قال: ثنا يزيد, قال: ثنا سعيد, عن قتادة ( مَثَانِيَ ) قال: ثَنَى الله فيه الفرائض, والقضاء, والحدود.حدثني محمد بن سعد, قال: ثني أبي, قال: ثني عمي, قال: ثني أبي, عن أبيه, عن ابن عباس, قوله: ( مَثَانِيَ ) قال: كتاب الله مثاني, ثنى فيه الأمر مرارا.حدثنا محمد, قال: ثنا أحمد, قال: ثنا أسباط, عن السديّ, فى قوله: ( مَثَانِيَ ) قال: كتاب الله مثاني, ثَنى فيه الأمر مرارا.حدثنا محمد, قال: ثنا أحمد, قال: ثنا أسباط, عن السديّ, في قوله: ( مَثَانِيَ ) ثنى في غير مكان.حدثني يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد في قوله: ( مَثَانِيَ ) مردّد, رُدِّد موسى في القرآن وصالح وهود والأنبياء في أمكنة كثيرة.وقوله: ( تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ) يقول تعالى ذكره: تقشعرّ من سَماعه إذا تلي عليهم جلود الذين يخافون ربهم ( ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ ) يعني إلى العمل بما في كتاب الله, والتصديق به.وذُكر أن هذه الآية نزلت على رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم من أجل أن أصحابه سألوه الحديث.ذكر الرواية بذلك:حدثنا نصر بن عبد الرحمن الأودي, قال: ثنا حكام بن سلم, عن أيوب بن موسى, عن عمرو الملئي عن ابن عباس, قالوا: يا رسول الله لو حدثتنا؟ قال: فنزلت: ( اللَّهُ نزلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ ).حدثنا ابن حميد, قال: ثنا حكام, عن أيوب بن سيار أبي عبد الرحمن, عن عمرو بن قيس, قال: قالوا: يا نبي الله, فذكر مثله.( ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاءُ ) يقول تعالى ذكره: هذا الذي يصيب هؤلاء القوم الذين وصفت صفتهم عند سماعهم القرآن من اقشعرار جلودهم, &; 21-281 &; ثم لينها ولين قلوبهم إلى ذكر الله من بعد ذلك,( هُدَى اللَّهِ ) يعني: توفيق الله إياهم وفَّقهم له ( يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاءُ ) يقول: يهدي تبارك وتعالى بالقرآن من يشاء من عباده.وقد يتوجَّه معنى قوله: ( ذَلِكَ هُدَى ) إلى أن يكون ذلك من ذكر القرآن, فيكون معنى الكلام: هذا القرآن بيان الله يهدي به من يشاء, يوفق للإيمان به من يشاء.وقوله: ( وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ ) يقول تعالى ذكره: ومن يخذله الله عن الإيمان بهذا القرآن والتصديق بما فيه, فيضله عنه, فما له من هاد، يقول: فما له من مُوَفِّق له, ومسدد يسدده في اتباعه.------------------الهوامش :(1) الذي في الدر: وسئل عنها عكرمة، فقال: ثنى الله فيه القضاء.
39:24
اَفَمَنْ یَّتَّقِیْ بِوَجْهِهٖ سُوْٓءَ الْعَذَابِ یَوْمَ الْقِیٰمَةِؕ-وَ قِیْلَ لِلظّٰلِمِیْنَ ذُوْقُوْا مَا كُنْتُمْ تَكْسِبُوْنَ(۲۴)
تو کیا وہ جو قیامت کے دن برے عذاب کی ڈھال نہ پائے گا اپنے چہرے کے سوا (ف۶۱) نجات والے کی طرح ہوجائے گا (ف۶۲) اور ظالموں سے فرمایا جائے گا اپنا کمایا چکھو (ف۶۳)

القول في تأويل قوله تعالى : أَفَمَنْ يَتَّقِي بِوَجْهِهِ سُوءَ الْعَذَابِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَقِيلَ لِلظَّالِمِينَ ذُوقُوا مَا كُنْتُمْ تَكْسِبُونَ (24)اختلف أهل التأويل في صفة اتقاء هذا الضالّ بوجهه سُوء العذاب, فقال بعضهم: هو أن يُرْمى به في جهنم مكبوبا على وجهه, فذلك اتقاؤه إياه.* ذكر من قال ذلك:حدثني محمد بن عمرو, قال: ثنا أبو عاصم, قال: ثنا عيسى، وحدثني الحارث, قال: ثنا الحسن, قال: ثنا ورقاء جميعا، عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد, في قوله: ( أَفَمَنْ يَتَّقِي بِوَجْهِهِ سُوءَ الْعَذَابِ ) قال: يَخِرّ على وجهه في النار, يقول: هو مثل أَفَمَنْ يُلْقَى فِي النَّارِ خَيْرٌ أَمْ مَنْ يَأْتِي آمِنًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ ؟.وقال آخرون: هو أن ينطلق به إلى النار مكتوفا, ثم يُرمى به فيها, فأوّل ما تَمس النار وجهه، وهذا قول يُذكر عن ابن عباس من وجه كرهت أن أذكره لضعف سنده، وهذا أيضا مما ترك جوابه استغناء بدلالة ما ذكر من الكلام عليه عنه. ومعنى الكلام: أفمن يتقي بوجهه سوء العذاب يوم القيامة خير, أم من ينعم في الجنان؟.وقوله: ( وَقِيلَ لِلظَّالِمِينَ ذُوقُوا مَا كُنْتُمْ تَكْسِبُونَ ) يقول: ويقال يومئذ للظالمين أنفسهم بإكسابهم إياها سخط الله. ذوقوا اليوم أيها القوم وبال ما كنتم في الدنيا تكسبون من معاصي الله.
39:25
كَذَّبَ الَّذِیْنَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَاَتٰىهُمُ الْعَذَابُ مِنْ حَیْثُ لَا یَشْعُرُوْنَ(۲۵)
ان سے اگلوں نے جھٹلایا (ف۶۴) تو انہیں عذاب آیا جہاں سے انہیں خبر نہ تھی (ف۶۵)

وقوله: ( كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ ) يقول تعالى ذكره: كذب الذين من قبل هؤلاء المشركين من قُريش من الأمم الذين مضوا في الدهور الخالية رسلهم ( فَأَتَاهُمُ الْعَذَابُ مِنْ حَيْثُ لا يَشْعُرُونَ ) يقول: فجاءهم عذاب الله من الموضع الذي لا يشعرون: أي لا يعلمون بمجيئه منه.
39:26
فَاَذَاقَهُمُ اللّٰهُ الْخِزْیَ فِی الْحَیٰوةِ الدُّنْیَاۚ-وَ لَعَذَابُ الْاٰخِرَةِ اَكْبَرُۘ-لَوْ كَانُوْا یَعْلَمُوْنَ(۲۶)
اور اللہ نے انہیں دنیا کی زندگی میں رسوائی کا مز ہ چکھایا (ف۶۶) اور بیشک آخرت کا عذاب سب سے بڑا، کیا اچھا تھا اگر وہ جانتے (ف۶۷)

القول في تأويل قوله تعالى : فَأَذَاقَهُمُ اللَّهُ الْخِزْيَ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَعَذَابُ الآخِرَةِ أَكْبَرُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ (26)يقول تعالى ذكره: فعجل الله لهؤلاء الأمم الذين كذبوا رسلهم الهوان في الدنيا, والعذاب قبل الآخرة, ولم ينظرهم إذ عتوا عن أمر ربهم ( وَلَعَذَابُ الآخِرَةِ أَكْبَرُ ) يقول: ولعذاب الله إياهم في الآخرة إذا أدخلهم النار, فعذّبهم بها, أكبر من العذاب الذي عذّبهم به في الدنيا, لو كانوا يعلمون، يقول: لو علم هؤلاء المشركون من قريش ذلك.
39:27
وَ لَقَدْ ضَرَبْنَا لِلنَّاسِ فِیْ هٰذَا الْقُرْاٰنِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ لَّعَلَّهُمْ یَتَذَكَّرُوْنَۚ(۲۷)
اور بیشک ہم نے لوگوں کے لیے اس قرآن میں ہر قسم کی کہاوت بیان فرمائی کہ کسی طرح انہیں دھیان ہو (ف۶۸)

القول في تأويل قوله تعالى : وَلَقَدْ ضَرَبْنَا لِلنَّاسِ فِي هَذَا الْقُرْآنِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ (27)يقول تعالى ذكره: ولقد مثلنا لهؤلاء المشركين بالله من كل مثل من أمثال القرون للأمم الخالية, تخويفا منا لهم وتحذيرا( لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ ) يقول: ليتذكروا فينزجروا عما هم عليه مقيمون من الكفر بالله.
39:28
قُرْاٰنًا عَرَبِیًّا غَیْرَ ذِیْ عِوَجٍ لَّعَلَّهُمْ یَتَّقُوْنَ(۲۸)
عربی زبان کا قرآن (ف۶۹) جس میں اصلاً کجی نہیں (ف۷۰) کہ کہیں وہ ڈریں (ف۷۱)

وقوله: ( قُرْآنًا عَرَبِيًّا ) يقول تعالى ذكره: لقد ضربنا للناس في هذا القرآن من كل مثل قرآنا عربيا( غَيْرَ ذِي عِوَجٍ ) يعني: ذي لبس.كما حدثني محمد بن عمرو, قال: ثنا أبو عاصم, قال: ثنا عيسى، وحدثني الحارث, قال: ثنا الحسن, قال: ثنا ورقاء جميعا، عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد ( قُرْآنًا عَرَبِيًّا غَيْرَ ذِي عِوَجٍ ) : غير ذي لبس.ونصب قوله: ( قُرْآنًا عَرَبِيًّا ) على الحال من قوله: هذا القرآن, لأن القرآن معرفة, وقوله ( قُرْآنًا عَرَبِيًّا ) نكرة.وقوله: ( لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ ) يقول: جعلنا قرآنا عربيا إذ كانوا عربا, ليفهموا ما فيه من المواعظ, حتى يتقوا ما حذرهم الله فيه من بأسه وسطوته, فينيبوا إلى عبادته وإفراد الألوهة له, ويتبرّءوا من الأنداد والآلهة.
39:29
ضَرَبَ اللّٰهُ مَثَلًا رَّجُلًا فِیْهِ شُرَكَآءُ مُتَشٰكِسُوْنَ وَ رَجُلًا سَلَمًا لِّرَجُلٍؕ-هَلْ یَسْتَوِیٰنِ مَثَلًاؕ-اَلْحَمْدُ لِلّٰهِۚ-بَلْ اَكْثَرُهُمْ لَا یَعْلَمُوْنَ(۲۹)
اللہ ایک مثال بیان فرماتا ہے (ف۷۲) ایک غلام میں کئی بدخو آقا شریک اور ایک نرے ایک مولیٰ کا، کیا ان دونوں کا حال ایک سا ہے (ف۷۳) سب خوبیاں اللہ کو (ف۷۴) بلکہ ان کے اکثر نہیں جانتے (ف۷۵)

القول في تأويل قوله تعالى : ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلا رَجُلا فِيهِ شُرَكَاءُ مُتَشَاكِسُونَ وَرَجُلا سَلَمًا لِرَجُلٍ هَلْ يَسْتَوِيَانِ مَثَلا الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ (29)يقول تعالى ذكره: مثل الله مثلا للكافر بالله الذي يعبد آلهة شَتَّى, ويطيع جماعة من الشياطين, والمؤمن الذي لا يعبُد إلا الله الواحد, يقول تعالى ذكره: ضرب الله مثلا لهذا الكافر رجلا فيه شركاء. يقول: هو بين جماعة مالكين متشاكسين, يعني مختلفين متنازعين, سيئة أخلاقهم, من قولهم: رجل شكس: إذا كان سيئ الخلق, وكل واحد منهم يستخدمه بقدر نصيبه ومِلْكه فيه, ورجلا مسلما لرجل, يقول: ورجلا خُلُوصا لرجل يعني المؤمن الموحد الذي أخلص عبادته لله, لا يعبد غيره ولا يدين لشيء سواه بالربوبية.واختلفت القرّاء في قراءة قوله: ( وَرَجُلا سَلَمًا ) فقرأ ذلك بعض قرّاء أهل مكة والبصرة: " ورَجُلا سَالِمًا " وتأوّلوه بمعنى: رجلا خالصا لرجل. وقد رُوي ذلك أيضا عن ابن عباس.حدثنا أحمد بن يوسف, قال: ثنا القاسم, قال: ثنا حجاج, عن هارون, عن جرير بن حازم, عن حميد, عن مجاهد, عن ابن عباس أنه قرأها: " سَالِمًا لِرَجُلٍ" يعني بالألف, وقال: ليس فيه لأحد شيء.وقرأ ذلك عامة قرّاء المدينة والكوفة: ( وَرَجُلا سَلَمًا لِرَجُلٍ ) بمعنى: صلحا (2) .والصواب من القول في ذلك عندنا أنهما قراءتان معروفتان, قد قرأ بكل واحدة منهما علماء من القرّاء, متقاربتا المعنى, فبأيتهما قرأ القارئ فمصيب، وذلك أن السلم مصدر من قول القائل: سَلِم فلان لله سَلما (3) بمعنى: خَلَص له خُلوصا, تقول العرب: ربح فلان في تجارته رِبْحا ورَبَحا (4) وسَلِمَ سِلْما وسَلَما (5) وسلامة, وأن السالم من صفة الرجل, وسلم مصدر من ذلك. وأما الذي توهمه من رغب من قراءة ذلك سَلَما من أن معناه صلحا, فلا وجه للصلح في هذا الموضع, لأن الذي تقدم من صفة الآخر, إنما تقدم بالخبر عن اشتراك جماعة فيه دون الخبر عن حربه بشيء من الأشياء, فالواجب أن يكون الخبر عن مخالفه بخلوصه لواحد لا شريك له, ولا موضع للخبر عن الحرب والصلح في هذا الموضع.وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.* ذكر من قال ذلك:حدثني محمد بن عمرو, قال: ثنا أبو عاصم, قال: ثنا عيسى، وحدثني الحارث, قال: ثنا الحسن, قال: ثنا ورقاء جميعا، عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد, في قوله: " رَجُلا فِيه شُرَكاءُ مُتَشاكِسُونَ وَرَجُلا سالِمًا لِرَجُلٍ" قال: هذا مثل إله الباطل وإله الحق.حدثنا بشر, قال: ثنا يزيد, قال: ثنا سعيد, عن قتادة, قوله: ( ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلا رَجُلا فِيهِ شُرَكَاءُ مُتَشَاكِسُونَ ) قال: هذا المشرك تتنازعه الشياطين, لا يقر به بعضهم لبعض " وَرَجُلا سَالِمًا لِرَجُلٍ" قال: هو المؤمن أخلص الدعوة والعبادة.حدثني محمد بن سعد, قال: ثني أبي, قال: ثني عمي, قال: ثني أبي, عن أبيه, عن ابن عباس, قوله: ( ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلا رَجُلا فِيهِ شُرَكَاءُ مُتَشَاكِسُونَ ) إلى قوله: ( بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ ) قال: الشركاء المتشاكسون: الرجل الذي يعبد آلهة شتى كلّ قوم يعبدون إلها يرضونه ويكفرون بما سواه من الآلهة, فضرب الله هذا المثل لهم, وضرب لنفسه مثلا يقول: رجلا سَلِمَ لرجل يقول: يعبدون إلها واحدا لا يختلفون فيه.حدثنا محمد, قال: ثنا أحمد, قال: ثنا أسباط, عن السديّ, في قوله: ( ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلا رَجُلا فِيهِ شُرَكَاءُ مُتَشَاكِسُونَ ) قال: مثل لأوثانهم التي كانوا يعبدون.حدثني يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد, في قوله: ( ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلا رَجُلا فِيهِ شُرَكَاءُ مُتَشَاكِسُونَ وَرَجُلا سَلَمًا لِرَجُلٍ ) قال: أرأيت الرجل الذي فيه شركاء متشاكسون كلهم سيئ الخلق, ليس منهم واحد إلا تلقاه آخذا بطرف من مال لاستخدامه أسواؤهم, والذي لا يملكه إلا واحد, فإنما هذا مثل ضربه الله لهؤلاء الذين يعبدون الآلهة, وجعلوا لها في أعناقهم حقوقا, فضربه الله مثلا لهم, وللذي يعبده وحده ( هَلْ يَسْتَوِيَانِ مَثَلا الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ ) وفي قوله: " وَرَجُلا سالِمَا لِرَجُلٍ" يقول: ليس معه شرك.وقوله: ( هَلْ يَسْتَوِيَانِ مَثَلا ) يقول تعالى ذكره: هل يستوي مثلُ هذا الذي يخدم جماعة شركاء سيئة أخلاقهم مختلفة فيه لخدمته مع منازعته شركاءه فيه والذي يخدمُ واحدا لا ينازعه فيه منازع إذا أطاعه عرف له موضع طاعته وأكرمه, وإذا أخطأ صفح له عن خطئه, يقول: فأيّ هذين أحسن حالا وأروح جسما وأقلّ تعبا ونصبا؟.كما حدثني محمد بن سعد, قال: ثني أبي, قال: ثني عمي, قال: ثني أبي, عن أبيه, عن ابن عباس ( هَلْ يَسْتَوِيَانِ مَثَلا الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ ) يقول: من اختُلف فيه خير, أم من لم يُخْتلَف فيه؟.وقوله: ( الْحَمْدُ لِلَّهِ ) يقول: الشكر الكامل, والحمدُ التامّ لله وحده دون كلّ معبود سواه. وقوله: ( بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ ) يقول جل ثناؤه: وما يستوي هذا المشترك فيه, والذي هو منفرد ملكه لواحد, بل أكثر هؤلاء المشركين بالله لا يعلمون أنهما لا يستويان, فهم بجهلهم بذلك يعبدون آلهة شتى من دون الله. وقيل: ( هَلْ يَسْتَوِيَانِ مَثَلا ) ولم يقل: مثلين لأنهما كلاهما ضربا مثلا واحدا, فجرى المثل بالتوحيد, كما قال جل ثناؤه: وَجَعَلْنَا ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ آيَةً إذ كان معناهما واحدا في الآية.والله أعلم.------------------------الهوامش:(2) قائل هذا : هو أبو عبيدة في مجاز القرآن (مصورة جامعة القاهرة رقم 26390 الورقة 159) .(3) لم أجد في اللسان ( سلم لله سلما" بالتحريك ، بالمعنى الذي أورده المؤلف هنا .(4) في ( اللسان : ربح ) : الربح ( بالكسر ) ، والربح ( بالتحريك ) ، والرباح ( بفتح الراء ) : النماء في التجر ا ه . قلت : وعلى هذا فهما مصدران كما قال المؤلف . وقال : قال ابن الأعرابي : الربح والربح ، مثل البدل والبدل . وقال الجوهري : مثل شبه وشبه : هو اسم ما ربحه .(5) ضبط الثاني في اللسان ضبط قلم ، بفتح السين وسكون اللام ، عن أبي إسحاق الزجاج ، على أنه قراءة ، ولعله خطأ من الناسخ .
39:30
اِنَّكَ مَیِّتٌ وَّ اِنَّهُمْ مَّیِّتُوْنَ٘(۳۰)
بیشک تمہیں انتقال فرمانا ہے اور ان کو بھی مرنا ہے (ف۷۶)

القول في تأويل قوله تعالى : إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ (30)يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم: إنك يا محمد ميت عن قليل, وإن هؤلاء المكذّبيك من قومك والمؤمنين منهم ميتون .
39:31
ثُمَّ اِنَّكُمْ یَوْمَ الْقِیٰمَةِ عِنْدَ رَبِّكُمْ تَخْتَصِمُوْنَ۠(۳۱)
پھر تم قیامت کے دن اپنے رب کے پاس جھگڑو گے (ف۷۷)

( ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عِنْدَ رَبِّكُمْ تَخْتَصِمُونَ ) يقول: ثم إن جميعكم المؤمنين والكافرين يوم القيامة عند ربكم تختصمون فيأخذ للمظلوم منكم من الظالم, ويفصل بين جميعكم بالحقّ.واختلف أهل التأويل في تأويل ذلك, فقال بعضهم: عنى به اختصام المؤمنين والكافرين, واختصام المظلوم والظالم.* ذكر من قال ذلك:حدثنا عليّ, قال: ثنا أبو صالح, قال: ثني معاوية, عن عليّ, عن ابن عباس, في قوله: ( ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عِنْدَ رَبِّكُمْ تَخْتَصِمُونَ ) يقول: يخاصم الصادق الكاذب, والمظلوم الظالم, والمهتدي الضال, والضعيف المستكبر.حدثني يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد, في قوله: ( ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عِنْدَ رَبِّكُمْ تَخْتَصِمُونَ ) قال: أهل الإسلام وأهل الكفر.حدثني ابن البرقي, قال: ثنا ابن أبي مريم, قال: ثنا ابن الدراوردي , قال: ثني محمد بن عمرو عن يحيى بن عبد الرحمن بن حاطب بن الزبير, قال: لما نزلت هذه الآية: ( إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عِنْدَ رَبِّكُمْ تَخْتَصِمُونَ ) قال الزبير: يا رسول الله, أينكر علينا ما كان بيننا فى الدنيا مع خواصّ الذنوب ؟ فقال النبي: صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم " نَعَمْ حتى يُؤَدَّى إلى كُلِّ ذي حَقٍّ حَقُّهُ.وقال آخرون: بل عني بذلك اختصام أهل الإسلام.* ذكر من قال ذلك:حدثنا ابن حميد, قال: ثنا يعقوب, عن جعفر, عن سعيد, عن ابن عمر, قال: نزلت علينا هذه الآية وما ندري ما تفسيرها حتى وقعت الفتنة, فقلنا: هذا الذي وعدنا ربُّنا أن نختصم في ( ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عِنْدَ رَبِّكُمْ تَخْتَصِمُونَ ).حدثني يعقوب, قال: ثنا ابن علية, قال: ثنا ابن عون, عن إبراهيم , قال: لما نزلت: ( إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ ثُمَّ إِنَّكُمْ ) ... الآية, قالوا: ما خصومتنا بيننا ونحن إخوان, قال: فلما قُتل عثمان بن عفان, قالوا: هذه خصومتنا بيننا.حُدثت عن ابن أبي جعفر, عن أبيه, عن الربيع بن أنس, عن أبي العالية, في قوله ( ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عِنْدَ رَبِّكُمْ تَخْتَصِمُونَ ) قال: هم أهل القبلة.وأولى الأقوال في ذلك بالصواب أن يقال: عني بذلك: إنك يا محمد ستموت , وإنكم أيها الناس ستموتون, ثم إن جميعكم أيها الناس تختصمون عند ربكم, مؤمنكم وكافركم, ومحقوكم ومبطلوكم, وظالموكم ومظلوموكم, حتى يؤخذ لكلّ منكم ممن لصاحبه قبله حق حقُّه.وإنما قلنا هذا القول أولى بالصواب لأن الله عم بقوله: ( ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عِنْدَ رَبِّكُمْ تَخْتَصِمُونَ ) خطاب جميع عباده, فلم يخصص بذلك منهم بعضا دون بعض, فذلك على عمومه على ما عمه الله به ، وقد تنزل الآية في معنى, ثم يكون داخلا في حكمها كلّ ما كان في معنى ما نزلت به.
39:32
فَمَنْ اَظْلَمُ مِمَّنْ كَذَبَ عَلَى اللّٰهِ وَ كَذَّبَ بِالصِّدْقِ اِذْ جَآءَهٗؕ-اَلَیْسَ فِیْ جَهَنَّمَ مَثْوًى لِّلْكٰفِرِیْنَ(۳۲)
تو اس سے بڑھ کر ظالم کون جو اللہ پر جھوٹ باندھے (ف۷۸) اور حق کو جھٹلائے (ف۷۹) جب اس کے پاس آئے، کیا جہنم میں کافروں کا ٹھکانہ نہیں،

القول في تأويل قوله تعالى : فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَذَبَ عَلَى اللَّهِ وَكَذَّبَ بِالصِّدْقِ إِذْ جَاءَهُ أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى لِلْكَافِرِينَ (32)وقوله: ( فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَذَبَ عَلَى اللَّهِ وَكَذَّبَ بِالصِّدْقِ إِذْ جَاءَهُ ) يقول تعالى ذكره: فمن من خلق الله أعظم فرية ممن كذب على الله, فادّعى أن له ولد وصاحبة, أو أنه حرَّم ما لم يحرمه من المطاعم ( وَكَذَّبَ بِالصِّدْقِ إِذْ جَاءَهُ ) يقول: وكذّب بكتاب الله إذ أنزله على محمد, وابتعثه الله به رسولا وأنكر قول لا إله إلا الله.وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.* ذكر من قال ذلك:حدثنا بشر, قال: ثنا يزيد, قال: ثنا سعيد, عن قتادة ( وَكَذَّبَ بِالصِّدْقِ إِذْ جَاءَهُ ) : أي بالقرآن.وقوله: ( أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى لِلْكَافِرِينَ ) يقول تبارك وتعالى: أليس في النار مأوى ومسكن لمن كفر بالله, وامتنع من تصديق محمد صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم , واتباعه على ما يدعوه إليه مما أتاه به من عند الله من التوحيد, وحكم القرآن؟.
39:33
وَ الَّذِیْ جَآءَ بِالصِّدْقِ وَ صَدَّقَ بِهٖۤ اُولٰٓىٕكَ هُمُ الْمُتَّقُوْنَ(۳۳)
اور وہ جو یہ سچ لے کر تشریف لائے (ف۸۰) اور وہ جنہوں نے ان کی تصدیق کی (ف۸۱)

القول في تأويل قوله تعالى : وَالَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ أُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ (33)اختلف أهل التأويل في الذي جاء بالصدق وصدّق به, وما ذلك, فقال بعضهم: الذي جاء بالصدق رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم. قالوا: والصدق الذي جاء به: لا إله إلا الله, والذي صدق به أيضا, هو رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم.* ذكر من قال ذلك:حدثني عليّ, قال: ثنا أبو صالح, قال: ثني معاوية, عن عليّ, عن ابن عباس, قوله: ( وَالَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ ) يقول: من جاء بلا إله إلا الله ( وَصَدَّقَ بِهِ ) يعني: رسوله.وقال آخرون: الذي جاء بالصدق: رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم , والذي صدّق به: أبو بكر رضي الله عنه.* ذكر من قال ذلك:حدثني أحمد بن منصور, قال: ثنا أحمد بن مصعد المروزي, قال: ثنا عمر بن إبراهيم بن خالد, عن عبد الملك بن عمير, عن أسيد بن صفوان, عن عليّ رضي الله عنه , في قوله: ( وَالَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ ) قال: محمد صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم , وصدّق به, قال: أبو بكر رضي الله عنه.وقال آخرون: الذي جاء بالصدق: رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم , والصدق: القرآن, والمصدّقون به: المؤمنون* ذكر من قال ذلك:حدثنا بشر, قال: ثنا يزيد, قال: ثنا سعيد, عن قتادة ( وَالَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ ) قال: هذا رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم جاء بالقرآن, وصدّق به المؤمنون.حدثني يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد, في قوله: ( وَالَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ ) رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم , وصدّق به المسلمون.وقال آخرون: الذي جاء بالصدق جبريل, والصدق: القرآن الذي جاء به من عند الله, وصدّق به رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم.* ذكر من قال ذلك:حدثنا محمد, قال: ثنا أحمد, قال: ثنا أسباط, عن السديّ, في قوله: ( وَالَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ ) محمد صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم.وقال آخرون: الذي جاء بالصدق: المؤمنون, والصدق: القرآن, وهم المصدِّقون به.* ذكر من قال ذلك:حدثنا ابن حميد, قال: ثنا جرير, عن منصور, عن مجاهد قوله: ( وَالَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ ) قال: الذين يجيئون بالقرآن يوم القيامة, فيقولون: هذا الذي أعطيتمونا فاتبعنا ما فيه.قال: ثنا حكام, عن عمرو, عن منصور, عن مجاهد ( وَالَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ ) قال: هم أهل القرآن يجيئون به يوم القيامة يقولون: هذا الذي أعطيتمونا, فاتبعنا ما فيه.والصواب من القول في ذلك أن يقال: إن الله تعالى ذكره عنى بقوله: ( وَالَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ ) كلّ من دعا إلى توحيد الله, وتصديق رسله, والعمل بما ابتعث به رسوله من بين رسل الله وأتباعه والمؤمنين به, وأن يقال: الصدق هو القرآن, وشهادة أن لا إله إلا الله, والمصدّق به: المؤمنون بالقرآن, من جميع خلق الله كائنا من كان من نبيّ الله وأتباعه.وإنما قلنا ذلك أولى بالصواب, لأن قوله تعالى ذكره: ( وَالَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ ) عَقيب قوله: فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَذَبَ عَلَى اللَّهِ وَكَذَّبَ بِالصِّدْقِ إِذْ جَاءَهُ وذلك ذم من الله للمفترين عليه, المكذبين بتنزيله ووحيه, الجاحدين وحدانيته, فالواجب أن يكون عَقيب ذلك مدح من كان بخلاف صفة هؤلاء المذمومين, وهم الذين دعوهم إلى توحيد الله, ووصفه بالصفة التي هو بها, وتصديقهم بتنزيل الله ووحيه, والذي كانوا يوم نزلت هذه الآية, رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم وأصحابه ومن بعدهم, القائمون في كل عصر وزمان بالدعاء إلى توحيد الله, وحكم كتابه, لأن الله تعالى ذكره لم يخص وصفه بهذه لصفة التي في هذه الآية على أشخاص بأعيانهم, ولا على أهل زمان دون غيرهم, وإنما وصفهم بصفة, ثم مدحهم بها, وهي المجيء بالصدق والتصديق به, فكل من كان كذلك وصفه فهو داخل في جملة هذه الآية إذا كان من بني آدم.ومن الدليل على صحة ما قلنا أن ذلك كذلك في قراءة ابن مسعود." وَالَّذِينَ جَاءُوا بِالصِّدْقِ وَصَدَّقُوا بِهِ" فقد بين ذلك من قراءته أن الذي من قوله ( وَالَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ ) لم يعن بها واحد بعينه, وأنه مراد بها جِمَاع ذلك صفتهم, ولكنها أخرجت بلفظ الواحد, إذ لم تكن موقتة. وقد زعم بعض أهل العربية من البصريين, أن " الذي" في هذا الموضع جُعل في معنى جماعة بمنزلة " مَن ". ومما يؤيد ما قلنا أيضا قوله: ( أُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ ) فجعل الخبر عن " الذي" جماعا, لأنها في معنى جماع. وأما الذين قالوا: عني بقوله: ( وَصَدَّقَ بِهِ ) : غير الذي جاء بالصدق, فقول بعيد من المفهوم, لأن ذلك لو كان كما قالوا لكان التنزيل: والذي جاء بالصدق, والذي صدق به أولئك هم المتقون ، فكانت تكون " الذي" مكررة مع التصديق, ليكون المصدق غير المصدق، فأما إذا لم يكرّر, فإن المفهوم من الكلام, أن التصديق من صفة الذي جاء بالصدق، لا وجه للكلام غير ذلك. وإذا كان ذلك كذلك, وكانت " الذي" في معنى الجماع بما قد بيَّنا, كان الصواب من القول في تأويله ما بيَّنا.وقوله: ( أُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ ) يقول جل ثناؤه: هؤلاء الذين هذه صفتهم. هم الذين اتقوا الله بتوحيده والبراءة من الأوثان والأنداد, وأداء فرائضه, واجتناب معاصيه, فخافوا عقابه.كما حدثني عليّ, قال: ثنا أبو صالح, قال: ثني معاوية, عن عليّ, عن ابن عباس ( أُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ ) يقول: اتقوا الشرك.
39:34
لَهُمْ مَّا یَشَآءُوْنَ عِنْدَ رَبِّهِمْؕ-ذٰلِكَ جَزٰٓؤُا الْمُحْسِنِیْنَۚۖ(۳۴)
یہی ڈر والے ہیں، ان کے لےیے ہے، جو وہ چاہیں اپنے رب کے پاس، نیکوں کا یہی صلہ ہے،

وقوله: ( لَهُمْ مَا يَشَاءُونَ عِنْدَ رَبِّهِمْ ) يقول تعالى ذكره: لهم عند ربهم يوم القيامة, ما تشتهيه أنفسهم, وتلذّه أعينهم ( ذَلِكَ جَزَاءُ الْمُحْسِنِينَ ) يقول تعالى ذكره: هذا الذي لهم عند ربهم, جزاء من أحسن في الدنيا فأطاع الله فيها, وائتمر لأمره, وانتهى عما نهاه فيها عنه.
39:35
لِیُكَفِّرَ اللّٰهُ عَنْهُمْ اَسْوَاَ الَّذِیْ عَمِلُوْا وَ یَجْزِیَهُمْ اَجْرَهُمْ بِاَحْسَنِ الَّذِیْ كَانُوْا یَعْمَلُوْنَ(۳۵)
تاکہ اللہ ان سے اتار دے برے سے برا کام جو انہوں نے کیا اور انہیں ان کے ثواب کا صلہ دے اچھے سے اچھے کام پر (ف۸۲) جو وہ کرتے تھے،

القول في تأويل قوله تعالى : لِيُكَفِّرَ اللَّهُ عَنْهُمْ أَسْوَأَ الَّذِي عَمِلُوا وَيَجْزِيَهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ الَّذِي كَانُوا يَعْمَلُونَ (35)يقول تعالى ذكره: وجزى هؤلاء المحسنين ربهم بإحسانهم, كي يكفر عنهم أسوأ الذي عملوا في الدنيا من الأعمال, فيما بينهم وبين ربهم, بما كان منهم فيها من توبة وإنابة مما اجترحوا من السيئات فيها( وَيَجْزِيَهُمْ أَجْرَهُمْ ) يقول: ويثيبهم ثوابهم ( بِأَحْسَنِ الَّذِي كَانُوا ) في الدنيا( يَعْمَلُونَ ) مما يرضى الله عنهم دون أسوئها.كما يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد: وَالَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ أُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ : أي (1) ولهم ذنوب, أي رب نعم لَهُمْ فيها مَا يَشَاءُونَ عِنْدَ رَبِّهِمْ ذَلِكَ جَزَاءُ الْمُحْسِنِينَ * لِيُكَفِّرَ اللَّهُ عَنْهُمْ أَسْوَأَ الَّذِي عَمِلُوا وَيَجْزِيَهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ الَّذِي كَانُوا يَعْمَلُونَ , وقرأ: إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ ... إلى أن بلغ وَمَغْفِرَةٌ لئلا ييأس من لهم الذنوب أن لا يكونوا منهم وَرِزْقٌ كَرِيمٌ [الأنفال: 4] , وقرأ: إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ ... إلى آخر الآية.------------------------الهوامش:(1) في الأصل : ألهم ذنوب ، وهو استفهام لا معنى له في هذا المقام ، وقد أصلحناه على هذا النحو ، ليتفق مع ما تضمنه الحديث .
39:36
اَلَیْسَ اللّٰهُ بِكَافٍ عَبْدَهٗؕ-وَ یُخَوِّفُوْنَكَ بِالَّذِیْنَ مِنْ دُوْنِهٖؕ-وَ مَنْ یُّضْلِلِ اللّٰهُ فَمَا لَهٗ مِنْ هَادٍۚ(۳۶)
کیا اللہ اپنے بندے کو کافی نہیں (ف۸۳) اور تمہیں ڈراتے ہیں اس کے سوا اوروں سے (ف۸۴) اور جسے اللہ گمراہ کرے اس کی کوئی ہدایت کرنے والا نہیں،

القول في تأويل قوله تعالى : أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ وَيُخَوِّفُونَكَ بِالَّذِينَ مِنْ دُونِهِ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ (36)اختلفت القرّاء في قراءة: ( أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ ) فقرأ ذلك بعض قرّاء المدينة وعامة قرّاء أهل الكوفة: " أليس الله بكاف عباده " على الجماع, بمعنى: أليس الله بكاف محمدا وأنبياءه من قبله ما خوّفتهم أممهم من أن تنالهم آلهتهم بسوء، وقرأ ذلك عامة قرّاء المدينة والبصرة, وبعض قرّاء الكوفة: ( بِكَافٍ عَبْدَهُ ) على التوحيد, بمعنى: أليس الله بكاف عبده محمدا.والصواب من القول في ذلك أنهما قراءتان مشهورتان في قراءة الأمصار. فبأيتهما قرأ القارئ فمصيب لصحة مَعْنَيَيْهَا واستفاضة القراءة بهما في قَرَأَةِ الأمصار.وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.* ذكر من قال ذلك:حدثني محمد, قال: ثنا أحمد, قال: ثنا أسباط, عن السديّ( أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ ) يقول: محمد صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم.حدثني يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد, في قوله: ( أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ ) قال: بلى, والله ليكفينه الله ويعزّه وينصره كما وعده.وقوله: ( وَيُخَوِّفُونَكَ بِالَّذِينَ مِنْ دُونِهِ ) يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم: ويخوّفك هؤلاء المشركون يا محمد بالذين من دون الله من الأوثان والآلهة أن تصيبك بسوء, ببراءتك منها, وعيبك لها, والله كافيك ذلك.وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.* ذكر من قال ذلك:حدثنا بشر, قال: ثنا يزيد, قال: ثنا سعيد, عن قتادة ( وَيُخَوِّفُونَكَ بِالَّذِينَ مِنْ دُونِهِ ) الآلهة, قال: " بعث رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم خالد بن الوليد إلى شعب بسُقام (2) ليكسر العزّى, فقال سادنها, وهو قيمها: يا خالد أنا أحذّركها, إن لها شدّة لا يقوم إليها شيء, فمشى إليها خالد بالفأس فهشّم أنفها ".حدثنا محمد, قال: ثنا أحمد, قال: ثنا أسباط, عن السديّ( وَيُخَوِّفُونَكَ بِالَّذِينَ مِنْ دُونِهِ ) يقول: بآلهتهم التي كانوا يعبدون.حدثني يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد, في قوله: ( وَيُخَوِّفُونَكَ بِالَّذِينَ مِنْ دُونِهِ ) قال: يخوّفونك بآلهتهم التي من دونه.وقوله: ( وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ ) يقول تعالى ذكره: ومن يخذله الله فيضلَّه عن طريق الحق وسبيل الرشد, فما له سواه من مرشد ومسدّد إلى طريق الحقّ, ومُوفِّق للإيمان بالله, وتصديق رسوله, والعمل بطاعته .------------------------الهوامش:(2) سقام كغراب : واد بالحجاز ، حمته قريش للعزى ، يضاهئون به حرم الكعبة . ا ه من معجم ياقوت .
39:37
وَ مَنْ یَّهْدِ اللّٰهُ فَمَا لَهٗ مِنْ مُّضِلٍّؕ-اَلَیْسَ اللّٰهُ بِعَزِیْزٍ ذِی انْتِقَامٍ(۳۷)
اور جسے اللہ ہدایت دے اسے کوئی بہکانے والا نہیں، کیا اللہ عزت والا بدلہ لینے والا نہیں (ف۸۵)

( وَمَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ مُضِلٍّ ) يقول: ومن يوفِّقه الله للإيمان به, والعمل بكتابه, فما له من مضلّ, يقول: فما له من مزيغ يزيغه عن الحق الذي هو عليه إلى الارتداد إلى الكفر ( أَلَيْسَ اللَّهُ بِعَزِيزٍ ذِي انْتِقَامٍ ) يقول جل ثناؤه: أليس الله يا محمد بعزيز في انتقامه من كفرة خلقه, ذي انتقام من أعدائه الجاحدين وحدانيته.
39:38
وَ لَىٕنْ سَاَلْتَهُمْ مَّنْ خَلَقَ السَّمٰوٰتِ وَ الْاَرْضَ لَیَقُوْلُنَّ اللّٰهُؕ-قُلْ اَفَرَءَیْتُمْ مَّا تَدْعُوْنَ مِنْ دُوْنِ اللّٰهِ اِنْ اَرَادَنِیَ اللّٰهُ بِضُرٍّ هَلْ هُنَّ كٰشِفٰتُ ضُرِّهٖۤ اَوْ اَرَادَنِیْ بِرَحْمَةٍ هَلْ هُنَّ مُمْسِكٰتُ رَحْمَتِهٖؕ-قُلْ حَسْبِیَ اللّٰهُؕ-عَلَیْهِ یَتَوَكَّلُ الْمُتَوَكِّلُوْنَ(۳۸)
اور اگر تم ان سے پوچھو آسمان اور زمین کس نے بنائے تو ضرور کہیں گے اللہ نے (ف۸۶) تم فرماؤ بھلا بتاؤ تو وہ جنہیں تم اللہ کے سوا پوجتے ہو (ف۸۷) اگر اللہ مجھے کوئی تکلیف پہنچانا چاہے (ف۸۸) تو کیا وہ اس کی بھیجی تکلیف ٹال دیں گے یا وہ مجھ پر مہر (رحم) فرمانا چاہے تو کیا وہ اس کی مہر کو روک رکھیں گے (ف۸۹) تم فرماؤ اللہ مجھے بس ہے (ف۹۰) بھروسے والے اس پر بھروسہ کریں،

القول في تأويل قوله تعالى : وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ قُلْ أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ أَرَادَنِيَ اللَّهُ بِضُرٍّ هَلْ هُنَّ كَاشِفَاتُ ضُرِّهِ أَوْ أَرَادَنِي بِرَحْمَةٍ هَلْ هُنَّ مُمْسِكَاتُ رَحْمَتِهِ قُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ عَلَيْهِ يَتَوَكَّلُ الْمُتَوَكِّلُونَ (38)يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم: ولئن سألت يا محمد هؤلاء المشركين العادلين بالله الأوثان والأصنام: مَنْ خلق السموات والأرض ؟ ليقولن: الذي خلقه الله ، فإذا قالوا ذلك, فقل: أفرأيتم أيها القوم هذا الذي تعبدون من دون الله من الأصنام والآلهة ( إِنْ أَرَادَنِيَ اللَّهُ بِضُرٍّ ) يقول: بشدة في معيشتي, هل هن كاشفات عني ما يصيبني به ربي من الضر؟( أَوْ أَرَادَنِي بِرَحْمَةٍ ) يقول: إن أرادني برحمة أن يصيبني سعة في معيشتي, وكثرة مالي, ورخاء وعافية في بدني, هل هن ممسكات عني ما أراد أن يصيبني به من تلك الرحمة؟ وترك الجواب لاستغناء السامع بمعرفة ذلك, ودلالة ما ظهر من الكلام عليه. والمعنى: فإنهم سيقولون لا فقل: حسبي الله مما سواه من الأشياء كلها, إياه أعبد, وإليه أفزع في أموري دون كلّ شيء سواه, فإنه الكافي, وبيده الضر والنفع, لا إلى الأصنام والأوثان التي لا تضر ولا تنفع,( عَلَيْهِ يَتَوَكَّلُ الْمُتَوَكِّلُونَ ) يقول: على الله يتوكل من هو متوكل, وبه فليثق لا بغيره. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.* ذكر من قال ذلك:بشر, قال: ثنا.يزيد, قال: ثنا سعيد, عن قتادة, قوله: ( وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ ) حتى بلغ ( كَاشِفَاتُ ضُرِّهِ ) يعني: الأصنام ( أَوْ أَرَادَنِي بِرَحْمَةٍ هَلْ هُنَّ مُمْسِكَاتُ رَحْمَتِه )واختلفت القرّاء في قراءة ( كَاشِفَاتُ ضُرِّهِ ) و ( مُمْسِكَاتُ رَحْمَتِهِ ) , فقرأه بعضهم بالإضافة وخفض الضر والرحمة, وقرأه بعض قرّاء المدينة وعامة قرّاء البصرة بالتنوين, ونصب الضر والرحمة.والصواب من القول في ذلك عندنا, أنهما قراءتان مشهورتان, متقاربتا المعنى, فبأيتهما قرأ القارئ فمصيب, وهو نظير قوله: كَيْدِ الْكَافِرِينَ فى حال الإضافة والتنوين.
39:39
قُلْ یٰقَوْمِ اعْمَلُوْا عَلٰى مَكَانَتِكُمْ اِنِّیْ عَامِلٌۚ-فَسَوْفَ تَعْلَمُوْنَۙ(۳۹)
تم فرماؤ، اے میری قوم! اپنی جگہ کام کیے جاؤ (ف۹۱) میں اپنا کام کرتا ہوں (ف۹۲) تو آگے جان جاؤ گے،

القول في تأويل قوله تعالى : قُلْ يَا قَوْمِ اعْمَلُوا عَلَى مَكَانَتِكُمْ إِنِّي عَامِلٌ فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ (39)يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم: قل يا محمد لمشركي قومك, الذي اتخذوا الأوثان والأصنام آلهة يعبدونها من دون الله اعملوا أيها القوم على تمكنكم من العمل الذي تعملون ومنازلكم.كما حدثني محمد بن عمرو, قال: ثنا أبو عاصم, قال: ثنا عيسى، وحدثني الحارث, قال: ثنا الحسن, قال: ثنا ورقاء جميعا، عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد, قوله: ( عَلَى مَكَانَتِكُمْ ) قال: على ناحيتكم ( إِنِّي عَامِلٌ ) كذلك على تؤدة على عمل من سلف من أنبياء الله قبلي ( فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ ) إذا جاءكم بأس الله, من المحقّ منا من المبطل, والرشيد من الغويّ.
39:40
مَنْ یَّاْتِیْهِ عَذَابٌ یُّخْزِیْهِ وَ یَحِلُّ عَلَیْهِ عَذَابٌ مُّقِیْمٌ(۴۰)
کس پر آتا ہے وہ عذاب کہ اسے رسوا کرے گا (ف۹۳) اور کس پر اترتا ہے عذاب کہ رہ پڑے گا (ف۹۴)

وقوله: ( مَنْ يَأْتِيهِ عَذَابٌ ) يقول تعالى ذكره: من يأتيه عذاب يخزيه, ما أتاه من ذلك العذاب, يعني: يذله ويهينه ( وَيَحِلُّ عَلَيْهِ عَذَابٌ مُقِيمٌ ) يقول: وينزل عليه عذاب دائم لا يفارقه.
  FONT
  THEME
  TRANSLATION
  • English | Ahmed Ali
  • Urdu | Ahmed Raza Khan
  • Turkish | Ali-Bulaç
  • German | Bubenheim Elyas
  • Chinese | Chineese
  • Spanish | Cortes
  • Dutch | Dutch
  • Portuguese | El-Hayek
  • English | English
  • Urdu | Fateh Muhammad Jalandhry
  • French | French
  • Hausa | Hausa
  • Indonesian | Indonesian-Bahasa
  • Italian | Italian
  • Korean | Korean
  • Malay | Malay
  • Russian | Russian
  • Tamil | Tamil
  • Thai | Thai
  • Farsi | مکارم شیرازی
  TAFSEER
  • العربية | التفسير الميسر
  • العربية | تفسير الجلالين
  • العربية | تفسير السعدي
  • العربية | تفسير ابن كثير
  • العربية | تفسير الوسيط لطنطاوي
  • العربية | تفسير البغوي
  • العربية | تفسير القرطبي
  • العربية | تفسير الطبري
  • English | Arberry
  • English | Yusuf Ali
  • Dutch | Keyzer
  • Dutch | Leemhuis
  • Dutch | Siregar
  • Urdu | Sirat ul Jinan
  HELP

اَلزُّمَر
اَلزُّمَر
  00:00



Download

اَلزُّمَر
اَلزُّمَر
  00:00



Download