READ
Surah Az-Zumar
اَلزُّمَر
75 Ayaat مکیۃ
اِنَّاۤ اَنْزَلْنَا عَلَیْكَ الْكِتٰبَ لِلنَّاسِ بِالْحَقِّۚ-فَمَنِ اهْتَدٰى فَلِنَفْسِهٖۚ-وَ مَنْ ضَلَّ فَاِنَّمَا یَضِلُّ عَلَیْهَاۚ-وَ مَاۤ اَنْتَ عَلَیْهِمْ بِوَكِیْلٍ۠(۴۱)
بیشک ہم نے تم پر یہ کتاب لوگوں کی ہدایت کو حق کے ساتھ اتاری (ف۹۵) تو جس نے راہ پائی تو اپنے بھلے کو (ف۹۶) اور جو بہکا وہ اپنے ہی برے کو بہکا (ف۹۷) اور تم کچھ ان کے ذمہ دار نہیں (ف۹۸)
ثم أخذت السورة الكريمة في تسلية الرسول صلّى الله عليه وسلم عما أصابه منهم، فقال- تعالى-:إِنَّا أَنْزَلْنا عَلَيْكَ الْكِتابَ لِلنَّاسِ بِالْحَقِّ....أى: إنا أنزلنا عليك- أيها الرسول الكريم- القرآن لأجل منفعة الناس ومصلحتهم، وقد أنزلناه متلبسا بالحق الذي لا يحوم حوله باطل.فَمَنِ اهْتَدى إلى الصراط المستقيم، وإلى الحق المبين فهدايته تعود إلى نفسه وَمَنْ ضَلَّ عن الطريق المستقيم، فإثم ضلاله. إنما يعود على نفسه وحدها.وَما أَنْتَ عَلَيْهِمْ يا محمد بِوَكِيلٍ أى: بمكلف بهدايتهم، وبإجبارهم على اتباعك، وإنما أنت عليك البلاغ، ونحن علينا الحساب.
اَللّٰهُ یَتَوَفَّى الْاَنْفُسَ حِیْنَ مَوْتِهَا وَ الَّتِیْ لَمْ تَمُتْ فِیْ مَنَامِهَاۚ-فَیُمْسِكُ الَّتِیْ قَضٰى عَلَیْهَا الْمَوْتَ وَ یُرْسِلُ الْاُخْرٰۤى اِلٰۤى اَجَلٍ مُّسَمًّىؕ-اِنَّ فِیْ ذٰلِكَ لَاٰیٰتٍ لِّقَوْمٍ یَّتَفَكَّرُوْنَ(۴۲)
اللہ جانوں کو وفات دیتا ہے ان کی موت کے وقت اور جو نہ مریں انہیں ان کے سوتے میں پھر جس پر موت کا حکم فرمادیا اسے روک رکھتا ہے (ف۹۹) اور دوسری (ف۱۰۰) ایک میعاد مقرر تک چھوڑ دیتا ہے (ف۱۰۱) بیشک اس میں ضرور نشانیاں ہیں سوچنے والوں کے لیے (ف۱۰۲)
ثم ساق- سبحانه- ما يدل على كمال قدرته، ونفاذ مشيئته فقال- تعالى-: اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِها ...أى: الله- بقدرته وحدها يقبض أرواح مخلوقاته حين انتهاء آجالها بأن يقطع تعلقها بالأجسام قطعا كليا، ويسلب هذه الأجسام والأبدان ما به قوام حياتها، بأن تصير أجساما هامدة لا إدراك لها. ولا حركة فيها.وقوله- تعالى-: وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنامِها معطوف على الأنفس، أى: يسلب الحياة عن الأنفس التي انتهى أجلها سلبا ظاهرا وباطنا، ويسلب الحياة عنها سلبا ظاهرا فقط في حال نومها. إذ أنها في حالة النوم تشبه الموتى من حيث عدم التمييز والتصرف.فالآية الكريمة تشير إلى أن التوفي للأنفس أعم من الموت، إذ أن هناك وفاتين. وفاة كبرى وتكون عن طريق الموت، ووفاة صغرى وتكون عن طريق النوم. كما قال- تعالى- وَهُوَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ بِاللَّيْلِ.. أى: يجعلكم تنامون فيه نوما يشبه الموت في انقطاع الإدراك والإحساس..وقوله- تعالى-: فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضى عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الْأُخْرى إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى بيان لحالة الأنفس التي انتهى أجلها، والتي لم ينته أجلها بعد.أى: الله- تعالى- وحده هو الذي يتوفى الأنفس حين الموت، وحين النوم، أما الأنفس التي انتهى أجلها فيمسك- سبحانه- أرواحها إمساكا تاما بحيث لا تعود إلى أبدانها مرة أخرى، وأما التي لم يحن وقت موتها، فإن الله- تعالى- يعيدها إلى أبدانها عند اليقظة من نومها، وتستمر على هذه الحالة إلى أجل مسمى في علمه- تعالى- فإذا ما انتهى أجلها الذي حدده- سبحانه- لها، خرجت تلك الأرواح من أبدانها خروجا تاما، كما هو الشأن في الحالة الأولى.ولا شك أن الله- تعالى- الذي قدر على ذلك، قادر أيضا- على إعادة الأرواح إلى أجسادها عند البعث والنشور يوم القيامة.فالآية الكريمة مسوقة لبيان كمال قدرة الله- تعالى- ولبيان أن البعث حق، وأنه يسير على قدرة الله التي لا يعجزها شيء.ولا منافاة بين هذه الآية التي صرحت بأن الله- تعالى- هو الذي يتوفى الأنفس عند موتها، وبين قوله- تعالى-: قُلْ يَتَوَفَّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ.. وقوله- تعالى- حَتَّى إِذا جاءَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ تَوَفَّتْهُ رُسُلُنا ... لأن المتوفى في الحقيقة هو الله- تعالى- وملك الموت إنما يقبض الأرواح بإذنه- سبحانه- ولملك الموت أعوان وجنود من الملائكة ينتزعون الأرواح بأمره المستمد من أمر الله- عز وجل-.قال القرطبي: «فإذا يقبض الله الروح في حالين: في حالة النوم وحالة الموت، فما قبضه في حال النوم فمعناه أنه يغمره بما يحبسه عن التصرف فكأنه شيء مقبوض. وما يقبضه في حال الموت فهو يمسكه ولا يرسله إلى يوم القيامة.وفي الآية تنبيه على عظيم قدرته، وانفراده بالألوهية، وأنه يفعل ما يشاء ويحيى ويميت، ولا يقدر على ذلك سواه. .واسم الإشارة في قوله: إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ يعود إلى المذكور من التوفي والإمساك والإرسال.أى: إن في ذلك الذي ذكرناه لكم من قدرتنا على توفى الأنفس وإمساكها وإرسالها، لآيات بينات على وحدانيتنا وقدرتنا، لقوم يحسنون التأمل والتفكير والتدبر، فيما أرشدناهم إليه وأخبرناهم به.
اَمِ اتَّخَذُوْا مِنْ دُوْنِ اللّٰهِ شُفَعَآءَؕ-قُلْ اَوَ لَوْ كَانُوْا لَا یَمْلِكُوْنَ شَیْــٴًـا وَّ لَا یَعْقِلُوْنَ(۴۳)
کیا انہوں نے اللہ کے مقابل کچھ سفارشی بنا رکھے ہیں (ف۱۰۳) تم فرماؤ کیا اگرچہ وہ کسی چیز کے مالک نہ ہوں (ف۱۰۴) اور نہ عقل رکھیں،
ثم نعى- سبحانه- على الكفار غفلتهم وعدم تفكرهم فقال: أَمِ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ شُفَعاءَ قُلْ أَوَلَوْ كانُوا لا يَمْلِكُونَ شَيْئاً وَلا يَعْقِلُونَ.و «أم» هنا بمعنى بل والهمزة، والاستفهام للإنكار، والمراد بالشفعاء تلك الأصنام التي زعموا أنها ستشفع لهم يوم القيامة.والمعنى: لقد ترك هؤلاء المشركون التفكر والتدبر في دلائل وحدانيته وقدرته- سبحانه- ولم يلتفتوا إلى ما ينفعهم، بل اتخذوا الأصنام آلهة لينالوا بواسطتها الشفاعة عند الله.قل لهم- أيها الرسول الكريم- مرشدا ومنبها: أتفعلون ذلك ولو كانت هذه الآلهة لا تملك شيئا من أمرها، ولا تعقل شيئا مما يتوجهون به إليها؟
قُلْ لِّلّٰهِ الشَّفَاعَةُ جَمِیْعًاؕ-لَهٗ مُلْكُ السَّمٰوٰتِ وَ الْاَرْضِؕ-ثُمَّ اِلَیْهِ تُرْجَعُوْنَ(۴۴)
تم فرماؤ شفاعت تو سب اللہ کے ہاتھ میں ہے (ف۱۰۵) اسی کے لیے ہے آسمانوں اور زمین کی بادشاہی، پھر تمہیں اسی کی طرف پلٹنا ہے (ف۱۰۶)
ثم أمر- سبحانه- رسوله صلّى الله عليه وسلم أن يبين لهم أن الله- تعالى- هو مالك الشفاعة كلها، وأنه لن يستطيع أحد أن يشفع إلا بإذنه، فقال: قُلْ لِلَّهِ الشَّفاعَةُ جَمِيعاً ...أى: قل لهم: الله- تعالى- هو المالك للشفاعة كلها، وآلهتكم هذه لا تملك شيئا من ذلك، بل أنتم وآلهتكم- أيها المشركون- ستكونون وقودا لنار جهنم.وهو سبحانه-: لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ ملكا تاما لا تصرف لأحد في شيء منهما معه، ولا شفاعة لأحد إلا بإذنه.ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ يوم القيامة فيحاسبكم على أعمالكم، ويجازى الذين أساءوا بما عملوا ويجازى الذين أحسنوا بالحسنى.ثم بين- سبحانه- أحوال هؤلاء المشركين، عند ما يذكر- سبحانه- وحده دون أن تذكر معه آلهتهم، كما بين أحوالهم السيئة يوم القيامة، وكيف أنهم يندمون ولا ينفعهم الندم، وكيف أنهم لو ملكوا في هذا اليوم ما في الأرض جميعا ومثله معه، لقدموه فداء لأنفسهم من أهوال عذاب يوم القيامة.. فقال- تعالى-:
وَ اِذَا ذُكِرَ اللّٰهُ وَحْدَهُ اشْمَاَزَّتْ قُلُوْبُ الَّذِیْنَ لَا یُؤْمِنُوْنَ بِالْاٰخِرَةِۚ-وَ اِذَا ذُكِرَ الَّذِیْنَ مِنْ دُوْنِهٖۤ اِذَا هُمْ یَسْتَبْشِرُوْنَ(۴۵)
اور جب ایک اللہ کا ذکر کیا جاتا ہے دل سمٹ جاتے ہیں ان کے جو آخرت پر ایمان نہیں لاتے (ف۱۰۷) اور جب اس کے سوا اوروں کا ذکر ہوتا ہے (ف۱۰۸) جبھی وہ خوشیاں مناتے ہیں،
وقوله- تعالى-: اشْمَأَزَّتْ.. أى: نفرت وانقبضت وذعرت، مأخوذ من الشّمز، وهو نفور النفس مما تكرهه.قال الإمام الرازي: اعلم أن هذا نوع آخر من الأعمال القبيحة للمشركين وهو أنك إذا ذكرت الله وحده.. ظهرت آثار النفرة في وجوههم وقلوبهم، وإذا ذكرت الأصنام والأوثان ظهرت آثار الفرح.. وذلك يدل على الجهل والحماقة، لأن ذكر الله رأس السعادة، وعنوان الخيرات، وأما ذكر الأصنام فهو رأس الحماقات..» .أى: إنك- أيها الرسول الكريم- إذا ذكرت الله- تعالى- وحده، ونسبت إليه ما يليق به- سبحانه- من وحدانيته وقدرته.. دون أن تذكر معه الأصنام اشمأزت وانقبضت وذعرت نفوس هؤلاء المشركين الجهلاء، أما إذا ذكرت آلهتهم سواء أذكرت الله- تعالى- معها أم لم تذكره، إذا هم يستبشرون ويبتهجون..والتعبير بالاشمئزاز والاستبشار، يشعر بأنهم قد بلغوا الغاية في الأمرين، فهم عند ذكر الله- تعالى- تمتلئ قلوبهم إلى نهايتها غما وهما وانقباضا وذعرا. وعند ذكر أصنامهم تمتلئ قلوبهم إلى نهايتها- أيضا- بهجة وسرورا حتى لتظهر آثار ذلك على بشرتهم ...وحالهم هذا يدل على أنهم قد بلغوا الغاية- أيضا- في الجهالة والسفاهة والغفلة..وهذا الذي ذكرته الآية الكريمة من اشمئزاز الكافرين عند ذكر الله- تعالى- واستبشارهم عند ذكر غيره، نرى ما يشبهه عند كثير من الناس..فكم من أناس إذا حدثتهم عن ذات الله- تعالى- وصفاته، وعن سلامة دينه وتشريعاته، وعن آداب قرآنه وهداياته، وعن كل ما يتعلق بوجوب تنفيذ أوامره ونواهيه.. انقبضت نفوسهم، واكفهرت وجوههم، وتمنوا لو أنك تركت الحديث عن ذلك.أما إذا سمعوا ما يتعلق بالتشريعات والنظم التي هي من صنع البشر- استبشرت نفوسهم، وابتهجت أساريرهم..وشبيه بهذه الآية قوله- تعالى-: وَجَعَلْنا عَلى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ وَفِي آذانِهِمْ وَقْراً، وَإِذا ذَكَرْتَ رَبَّكَ فِي الْقُرْآنِ وَحْدَهُ، وَلَّوْا عَلى أَدْبارِهِمْ نُفُوراًقال الآلوسى: وقد رأينا كثيرا من الناس على نحو هذه الصفة التي وصف الله- تعالى- بها المشركين، يهشون لذكر أموات يستغيثون بهم ويطلبون منهم، ويطربون من سماع حكايات كاذبة عنهم.. وينقبضون من ذكر الله- تعالى- وحده- ونسبة الاستقلال بالتصرف إليه- عز وجل- وسرد ما يدل على مزيد عظمته وجلاله. وينفرون ممن يفعل ذلك كل النفرة، وينسبونه إلى ما يكره..» .
قُلِ اللّٰهُمَّ فَاطِرَ السَّمٰوٰتِ وَ الْاَرْضِ عٰلِمَ الْغَیْبِ وَ الشَّهَادَةِ اَنْتَ تَحْكُمُ بَیْنَ عِبَادِكَ فِیْ مَا كَانُوْا فِیْهِ یَخْتَلِفُوْنَ(۴۶)
تم عرض کرو اے اللہ! آسمانوں اور زمین کے پیدا کرنے والے نہاں اور عیاں کے جاننے والے تو اپنے بندوں میں فیصلہ فرمائے گا جس میں وہ اختلاف رکھتے تھے (ف۱۰۹)
ثم أمر الله- تعالى- نبيه صلّى الله عليه وسلم أن يلتجئ إلى خالقه وحده من شرور هؤلاء المشركين، وأن يفوض أمره إليه، فقال- تعالى- قُلِ اللَّهُمَّ فاطِرَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ، عالِمَ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ، أَنْتَ تَحْكُمُ بَيْنَ عِبادِكَ فِي ما كانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ.ولفظ: اللَّهُمَّ أصله يا الله. فلما استعمل دون حرف النداء. عوض عنه بالميم المشددة التي في آخره.ولفظ «فاطر، وعالم» منصوبان على النداء.أى: قل- أيها الرسول الكريم- على سبيل الاستعاذة والاعتزال لما عليه هؤلاء المشركون من جهل وسفه، يا الله، يا خالق السموات والأرض ويا عالم الغائب والمشاهد.والخفى والظاهر من أمور خلقك، أنت وحدك الذي تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون في الدنيا، فتجازى كل نفس بما تستحقه من ثواب أو عقاب.وما دام الأمر كذلك، فاهدني إلى صراطك المستقيم، وجنبني الشرك والمشركين.فالمقصود بالآية الكريمة تسلية الرسول صلّى الله عليه وسلم عما فعله المشركون معه، وإرشاده إلى ما يعصمه من كيدهم. وتعليم العباد وجوب الالتجاء إلى الله- تعالى- وحده- لدفع كيد أعدائه عنهم.وقد ساق الإمام ابن كثير عند تفسيره لهذه الآية جملة من الأحاديث، منها ما رواه الإمام مسلم في صحيحه عن أبى سلمة بن عبد الرحمن قال: سألت عائشة: بأى شيء كان رسول الله صلّى الله عليه وسلم يفتتح صلاته إذا قام من الليل؟قالت: كان إذا قام من الليل افتتح صلاته بقوله: «اللهم رب جبريل وميكائيل وإسرافيل، فاطر السموات والأرض. عالم الغيب والشهادة، أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون، اهدني لما اختلف فيه من الحق بإذنك، إنك تهدى من تشاء إلى صراط مستقيم..»وقال صاحب الكشاف: «بعل- بكسر العين- أى: دهش وفزع رسول الله صلّى الله عليه وسلم من شدّة شكيمتهم في الكفر، فقيل له: «ادع الله بأسمائه الحسنى، وقل: أنت وحدك تقدر على الحكم بيني وبينهم، ولا حيلة لغيرك فيهم» . وفيه وصف لحالهم، وإعذار لرسول الله صلّى الله عليه وسلم وتسلية له، ووعيد لهم.. .
وَ لَوْ اَنَّ لِلَّذِیْنَ ظَلَمُوْا مَا فِی الْاَرْضِ جَمِیْعًا وَّ مِثْلَهٗ مَعَهٗ لَافْتَدَوْا بِهٖ مِنْ سُوْٓءِ الْعَذَابِ یَوْمَ الْقِیٰمَةِؕ-وَ بَدَا لَهُمْ مِّنَ اللّٰهِ مَا لَمْ یَكُوْنُوْا یَحْتَسِبُوْنَ(۴۷)
اور اگر ظالموں کے لیے ہوتا جو کچھ زمین میں ہے سب اور اس کے ساتھ اس جیسا (ف۱۱۰) تو یہ سب چھڑائی (چھڑانے) میں دیتے روز ِ قیامت کے بڑے عذاب سے (ف۱۱۱) اور انہیں اللہ کی طرف سے وہ بات ظاہر ہوئی جو ان کے خیال میں نہ تھی (ف۱۱۲)
وبعد هذه التسلية من الله- تعالى- لنبيه صلّى الله عليه وسلم بين- سبحانه- لهؤلاء الذين إذا ذكر الله وحده اشمأزت قلوبهم.. بين لهم ما لهم من سوء المصير فقال: وَلَوْ أَنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا ما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً وَمِثْلَهُ مَعَهُ، لَافْتَدَوْا بِهِ مِنْ سُوءِ الْعَذابِ يَوْمَ الْقِيامَةِ ...أى: أن العذاب المعد لهؤلاء المشركين شيء رهيب، ولو أن لهم جميع ما أعد في الأرض من خيرات، ولهم- أيضا- مثل ذلك منضما إليه، لقدموه فداء لأنفسهم، أملا في النجاة من سوء العذاب الذي ينتظرهم يوم القيامة.فالآية الكريمة وعيد لهم ليس بعده وعيد، وتيئيس لهم من النجاة ليس بعده تيئيس.ومن الآيات الكثيرة التي وردت في هذا المعنى قوله- تعالى- إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ أَنَّ لَهُمْ ما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً وَمِثْلَهُ مَعَهُ لِيَفْتَدُوا بِهِ مِنْ عَذابِ يَوْمِ الْقِيامَةِ، ما تُقُبِّلَ مِنْهُمْ وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ. يُرِيدُونَ أَنْ يَخْرُجُوا مِنَ النَّارِ وَما هُمْ بِخارِجِينَ مِنْها، وَلَهُمْ عَذابٌ مُقِيمٌ .
وَ بَدَا لَهُمْ سَیِّاٰتُ مَا كَسَبُوْا وَ حَاقَ بِهِمْ مَّا كَانُوْا بِهٖ یَسْتَهْزِءُوْنَ(۴۸)
اور ان پر اپنی کمائی ہوئی برائیاں کھل گئیں (ف۱۱۳) اور ان پر آپڑا وہ جس کی ہنسی بناتے تھے (ف۱۱۴)
ثم هددهم- سبحانه- بتهديد آخر فقال: وَبَدا لَهُمْ مِنَ اللَّهِ ما لَمْ يَكُونُوا يَحْتَسِبُونَ.أى: وظهر لهم يوم القيامة من ألوان العقوبات، ومن فنون الآلام، ما لم يكونوا في الدنيا يظنون أنه سيقع بهم، وما لم يكن واردا في حسبانهم.قال صاحب الكشاف: وقوله- تعالى- وَبَدا لَهُمْ مِنَ اللَّهِ.. وعيد لهم بعذاب ما دروا كنهه لفظاعته وشدته، وهو نظير قوله- تعالى- في الوعد: فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ ما أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ ...والمعنى: وظهر من سخط الله وعذابه، ما لم يكن قط في حسابهم، وما لم يحدثوا به أنفسهم.وقيل: عملوا أعمالا حسبوها حسنات، فإذا هي سيئات.وعن سفيان الثوري أنه قرأها فقال: ويل لأهل الرياء. ويل لأهل الرياء.وجزع بعض الصالحين عند موته، فسئل عن سبب ذلك فقال: أخشى أن يبدو لي من الله ما لم أحتسبه، ثم قرأ هذه الآية» .ثم تهديد ثالث يتمثل في قوله- تعالى-: وَبَدا لَهُمْ سَيِّئاتُ ما كَسَبُوا وَحاقَ بِهِمْ ما كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ والمراد بسيئات ما كسبوا: الأعمال السيئة التي اكتسبوها في دنياهم، وهذا البدو والظهور يكون عند عرض صحائف أعمالهم عليهم. و «ما» موصولة أو مصدرية.أى: وظهر لهم عند عرض صحائف أعمالهم عليهم يوم القيامة، الذي عملوه واكتسبوه في الدنيا من رذائل وَحاقَ بِهِمْ أى: وأحاط ونزل بهم العذاب الذي كانوا يستهزئون به في حياتهم ويتهكمون بمن كان يحذرهم منه في الدنيا.وبعد هذا التصوير الرهيب لمصير هؤلاء المشركين يوم القيامة، عادت السورة إلى بيان تناقضهم مع أنفسهم، فهم إن سئلوا عمن خلق السموات والأرض، قالوا: إن خالقهما هو الله، ومع ذلك يعبدون غيره وتشمئز قلوبهم عند ذكره وحده.وهم يتقربون إلى آلهتهم بالطاعات، ومع ذلك فهم عند نزول الشدائد بهم، ينسون تلك الآلهة ويتجهون إلى الله- تعالى- وحده بالدعاء.
فَاِذَا مَسَّ الْاِنْسَانَ ضُرٌّ دَعَانَا٘-ثُمَّ اِذَا خَوَّلْنٰهُ نِعْمَةً مِّنَّاۙ-قَالَ اِنَّمَاۤ اُوْتِیْتُهٗ عَلٰى عِلْمٍؕ-بَلْ هِیَ فِتْنَةٌ وَّ لٰكِنَّ اَكْثَرَهُمْ لَا یَعْلَمُوْنَ(۴۹)
پھر جب آدمی کو کوئی تکلیف پہنچتی ہے تو ہمیں بلاتا ہے پھر جب اسے ہم اپنے پاس سے کوئی نعمت عطا فرمائیں کہتا ہے یہ تو مجھے ایک علم کی بدولت ملی ہے (ف۱۱۵) بلکہ وہ تو آزمائش ہے (ف۱۱۶) مگر ان میں بہتوں کو علم نہیں (ف۱۱۷)
لنستمع إلى السورة الكريمة وهي تحكى أحوالهم في السراء والضراء فتقول: فَإِذا مَسَّ الْإِنْسانَ ضُرٌّ دَعانا، ثُمَّ إِذا خَوَّلْناهُ نِعْمَةً مِنَّا قالَ إِنَّما أُوتِيتُهُ عَلى عِلْمٍ....والمراد بالإنسان هنا هو جنس الكفار، بدليل سياق، الآيات وسباقها ويصح أن يراد به جنس الإنسان عموما، ويدخل فيه الكفار دخولا أوليا.أى: فإذا أصاب الإنسان ضر، من مرض أو فقر أو نحوهما، دعانا قاعدا أو قائما. لكي نكشف عنه ما نزل به من بلاء.ثُمَّ إِذا خَوَّلْناهُ نِعْمَةً مِنَّا.. أى: ثم إذا أجبنا لهذا الإنسان دعوته وكشفنا عنه الضر وأعطيناه على سبيل التفضل والإحسان نعمة من عندنا، بأن حولنا مرضه إلى صحة، وفقره إلى غنى.قالَ هذا الإنسان الظلوم الكفار إِنَّما أُوتِيتُهُ عَلى عِلْمٍ منى بوجوه المكاسب، أو على علم منى بأن سأعطى هذه النعمة، بسبب استعدادي واجتهادي وتفوقى في مباشرة الأسباب التي توصل إلى الغنى والجاه.وقال- سبحانه-: خَوَّلْناهُ لأن التخويل معناه العطاء بدون مقابل، مع تكراره مرة بعد مرة.وجاء الضمير في قوله أُوتِيتُهُ مذكرا مع أنه يعود إلى النعمة. لأنها بمعنى الإنعام.أى: إذا خولناه شيئا من الإنعام الذي تفضلنا به عليه، قال إنما أوتيته على علم وتبوغ عندي.وقوله- تعالى- بَلْ هِيَ فِتْنَةٌ رد لقوله ذلك، وزجر لهذا الجاحد عما تفوه به.أى: ليس الأمر كما زعم هذا الجاحد، فإننا ما أعطيناه هذه النعم بسبب علمه- كما زعم- وإنما أعطيناه ما أعطيناه على سبيل الإحسان منا عليه، وعلى سبيل الابتلاء والاختبار له، ليتبين قوى الإيمان من ضعيفه، وليتميز الشاكر من الجاحد.وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ أى: ولكن أكثر الناس لا يعلمون هذه الحقائق، ولا يفطن إليها إلا من استنارت بصيرته، وطهرت سريرته.قال صاحب الكشاف: فإن قلت ما السبب في عطف هذه الآية بالفاء، وعطف مثلها في أول السورة بالواو؟ قلت: السبب في ذلك أن هذه وقعت مسببة من قوله. إِذا ذُكِرَ اللَّهُ وَحْدَهُ اشْمَأَزَّتْ قُلُوبُ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ. على معنى أنهم يشمئزون من ذكر الله، ويستبشرون بذكر الآلهة. فإذا مس أحدهم ضر دعا من اشمأز من ذكره، دون من استبشر بذكره، وما بينهما من الآي اعتراض.. .
قَدْ قَالَهَا الَّذِیْنَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَمَاۤ اَغْنٰى عَنْهُمْ مَّا كَانُوْا یَكْسِبُوْنَ(۵۰)
ان سے اگلے بھی ایسے ہی کہہ چکے (ف۱۱۸) تو ان کا کمایا ان کے کچھ کام نہ آیا،
ثم بين- سبحانه- المصير السيئ للجاحدين السابقين ليعتبر بهم اللاحقون فقال: قَدْ قالَهَا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَما أَغْنى عَنْهُمْ ما كانُوا يَكْسِبُونَ.والضمير في قوله قالَهَا يعود إلى ما حكاه- سبحانه- عن هذا الإنسان الجاحد من قوله: إِنَّما أُوتِيتُهُ عَلى عِلْمٍ.فهذه الكلمة قد قالها قارون عند ما نصحه الناصحون، فقد رد عليهم بقوله إِنَّما أُوتِيتُهُ عَلى عِلْمٍ عِنْدِي فكانت نهايته أن خسف الله به وبداره الأرض.أى: قد قال هذه الكلمة الدالة على الجحود والغرور، بعض الأقوام الذين سبقوا قومك.والذين يشبهونهم في البطر والكنود، فكانت نتيجة ذلك أن أخذهم الله- تعالى- أخذ عزيز مقتدر، ولم ينفعهم شيئا ما جمعوه من حطام الدنيا، وما اكتسبوه من متاعها.
فَاَصَابَهُمْ سَیِّاٰتُ مَا كَسَبُوْاؕ-وَ الَّذِیْنَ ظَلَمُوْا مِنْ هٰۤؤُلَآءِ سَیُصِیْبُهُمْ سَیِّاٰتُ مَا كَسَبُوْاۙ-وَ مَا هُمْ بِمُعْجِزِیْنَ(۵۱)
تو ان پر پڑ گئیں ان کی کمائیوں کی برائیاں (ف۱۱۹) اور وہ جو ان میں ظالم عنقریب ان پر پڑیں گی ان کی کمائیوں کی برائیاں اور وہ قابو سے نہیں نکل سکتے (ف۱۲۰)
فَأَصابَهُمْ سَيِّئاتُ ما كَسَبُوا.. أى: فأصاب هؤلاء السابقين، العقاب الذي يستحقونه بسبب سيئاتهم التي اكتسبوها واقترفوها في دنياهم.فالكلام على حذف مضاف. أى: فأصابهم جزاء سيئات كسبهم بأن أنزل الله- تعالى- بهم العقوبة التي يستحقونها بسبب إصرارهم على الكفر والمعاصي.وَالَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْ هؤُلاءِ أى: من هؤلاء المشركين المعاصرين لك- أيها الرسول الكريم-.سَيُصِيبُهُمْ- أيضا- سيئات ما كسبوا، كما أصاب الذين من قبلهم.وَما هُمْ بِمُعْجِزِينَ أى: وما هم بفائتين أو هاربين من عذابنا.
اَوَ لَمْ یَعْلَمُوْۤا اَنَّ اللّٰهَ یَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ یَّشَآءُ وَ یَقْدِرُؕ-اِنَّ فِیْ ذٰلِكَ لَاٰیٰتٍ لِّقَوْمٍ یُّؤْمِنُوْنَ۠(۵۲)
کیا انہیں معلوم نہیں کہ اللہ روزی کشادہ کرتا ہے جس کے لیے چاہے اور تنگ فرماتا ہے، بیشک اس میں ضرور نشانیاں ہیں ایمان والوں کے لیے،
أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشاءُ وَيَقْدِرُ أى: أعموا عن التفكر والإبصار، ولم يشاهدوا بأعينهم أن الله- تعالى- يوسع الرزق لمن يشاء من عباده، ويضيقه على من يشاء أن يضيقه عليه منهم، إذ أن ذلك مرجعه إلى مشيئته وحكمته- سبحانه- إذ سعة الرزق ليست دليلا على رضاه، كما أن ضيقه ليس دليلا على غضبه.إِنَّ فِي ذلِكَ الذي ذكرناه لَآياتٍ واضحات لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ بالحق ويستجيبون له، وينتفعون بالهدايات التي نسوقها لهم.وبذلك نرى هذه الآيات الكريمة، قد صورت حال المشركين أكمل تصوير، كما بينت ما أعدّ لهم من عذاب مقيم، بسبب إصرارهم على كفرهم، وإعراضهم عن دعوة الحق.ثم فتح- سبحانه- لعباده باب رحمته، ونهاهم عن اليأس من مغفرته، وأمرهم أن يتوبوا إليه توبة صادقة نصوحا، قبل أن يفاجئهم الموت والحساب، فقال- تعالى:
قُلْ یٰعِبَادِیَ الَّذِیْنَ اَسْرَفُوْا عَلٰۤى اَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوْا مِنْ رَّحْمَةِ اللّٰهِؕ-اِنَّ اللّٰهَ یَغْفِرُ الذُّنُوْبَ جَمِیْعًاؕ-اِنَّهٗ هُوَ الْغَفُوْرُ الرَّحِیْمُ(۵۳)
تم فرماؤ اے میرے وہ بندو! جنہوں نے اپنی جانوں پر زیادتی کی (ف۱۲۱) اللہ کی رحمت سے ناامید نہ ہو، بیشک اللہ سب گناہ بخش دیتا ہے (ف۱۲۲) بیشک وہی بخشنے والا مہربان ہے،
ذكر المفسرون في سبب نزول قوله- تعالى- قُلْ يا عِبادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ. روايات منها: ما رواه محمد بن إسحاق عن نافع عن ابن عمر عن أبيه عمر بن الخطاب قال: لما اجتمعنا على الهجرة. تواعدت أنا وهشام بن العاص بن وائل السّهمى وعيّاش بن أبى ربيعة بن عتبة، فقلنا: الموعد أضاة بنى غفار- أى: غدير بنى غفار- وقلنا: من تأخر منا فقد حبس فليمض صاحبه فأصبحت أنا وعياش بن عتبة، وحبس عنا هشام، وإذا به قد فتن فافتتن، فكنا نقول بالمدينة: هؤلاء قد عرفوا الله- عز وجل- وآمنوا برسوله صلّى الله عليه وسلم، ثم افتتنوا لبلاء لحقهم لا نرى لهم توبة، وكانوا هم- أيضا- يقولون هذا في أنفسهم.فأنزل الله- عز وجل- في كتابه: قُلْ يا عِبادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ.. إلى قوله- تعالى- أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوىً لِلْمُتَكَبِّرِينَ.قال عمر: فكتبتها بيدي، ثم بعثتها إلى هشام. قال هشام: فلما قدمت على خرجت بها إلى ذي طوى فقلت: اللهم فهمنيها، فعرفت أنها نزلت فينا، فرجعت فجلست على بعيري فلحقت برسول الله صلّى الله عليه وسلم .والأمر في قوله- تعالى-: قُلْ يا عِبادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ موجه إلى الرسول صلّى الله عليه وسلم وإضافة العباد إلى الله- تعالى- للتشريف والتكريم.والإسراف: تجاوز الحد في كل شيء، وأشهر ما يكون استعمالا في الإنفاق، كما في قوله- تعالى-: يا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلا تُسْرِفُوا.والمراد بالإسراف هنا: الإسراف في اقتراف المعاصي والسيئات، والخطاب للمؤمنين المذنبين. وعدى الفعل «أسرفوا» بعلى، لتضمنه معنى الجناية، أى جنوا على أنفسهم.والقنوط: اليأس، وفعله من بابى ضرب وتعب. يقال: فلان قانط من الحصول على هذا الشيء، أى يائس من ذلك ولا أمل له في تحقيق ما يريده.والمعنى: قل- أيها الرسول الكريم- لعبادي المؤمنين الذين جنوا على أنفسهم بارتكابهم للمعاصي، قل لهم: لا تيأسوا من رحمة الله- تعالى- ومن مغفرته لكم.وجملة «إن الله يغفر الذنوب جميعا» تعليلية. أى: لا تيأسوا من رحمة الله- تعالى- لأنه هو الذي تفضل بمحو الذنوب جميعها. لمن يشاء من عباده المؤمنين العصاة.إِنَّهُ- سبحانه- هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ أى: هو الواسع المغفرة والرحمة لمن يشاء من عباده المؤمنين، فهم إن تابوا من ذنوبهم قبل- سبحانه- توبتهم كما وعد تفضلا منه وكرما، وإن ماتوا دون أن يتوبوا، فهم تحت رحمته ومشيئته، إن شاء غفر لهم، وإن شاء عذبهم، ثم أدخلهم الجنة بفضله وكرمه.أما غير المؤمنين، فإنهم إن تابوا من كفرهم ودخلوا في الإسلام، غفر- سبحانه- ما كان منهم قبل الإسلام لأن الإسلام يجبّ ما قبله.وإن ماتوا على كفرهم فلن يغفر الله- تعالى- لهم، لقوله: إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ ما دُونَ ذلِكَ لِمَنْ يَشاءُ.قال الإمام الشوكانى: واعلم أن هذه الآية أرجى آية في كتاب الله، لاشتمالها على أعظم بشارة، فإنه أولا: أضاف العباد إلى نفسه لقصد تشريفهم، ومزيد تبشيرهم. ثم وصفهم بالإسراف في المعاصي.. ثم عقب على ذلك بالنهى عن القنوط من الرحمة.. ثم جاء بما لا يبقى بعده شك ولا يتخالج القلب عند سماعه ظن فقال: إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ..فالألف واللام قد صيرت الجمع الذي دخلت عليه للجنس الذي يستلزم استغراق أفراده، فهو في قوة إن الله يغفر كل ذنب كائنا ما كان، إلا ما أخرجه النص القرآنى وهو الشرك.ثم لم يكتف بما أخبر به عباده من مغفرة كل ذنب، بل أكد ذلك بقوله جَمِيعاً فيا لها من بشارة ترتاح لها النفوس.. وما أحسن تعليل هذا الكلام بقوله: إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ.. .وقال الجمل في حاشيته ما ملخصه: وفي هذه الآية من أنواع المعاني والبيان أشياء حسنة،منها إقباله عليهم، ونداؤهم، ومنها: إضافتهم إليه إضافة تشريف، ومنها: الالتفات من التكلم إلى الغيبة، في قوله: مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ، ومنها: إضافة الرحمة لأجل أسمائه الحسنى، ومنها: إعادة الظاهر بلفظه في قوله: إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ ومنها: إبراز الجملة من قوله: إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ مؤكدة بإن، والفصل، وبإعادة الصفتين اللتين تضمنتهما الجملة السابقة.وقال عبد الله بن مسعود وغيره: هذه أرجى آية في كتاب الله تعالى .
وَ اَنِیْبُوْۤا اِلٰى رَبِّكُمْ وَ اَسْلِمُوْا لَهٗ مِنْ قَبْلِ اَنْ یَّاْتِیَكُمُ الْعَذَابُ ثُمَّ لَا تُنْصَرُوْنَ(۵۴)
اور اپنے رب کی طرف رجوع لاؤ (ف۱۲۳) اور اس کے حضور گردن رکھو (ف۱۲۴) قبل اس کے کہ تم پر عذاب آئے پھر تمہاری مدد نہ ہو،
وبعد أن فتح- سبحانه- لعباده باب رحمته فتحا واسعا كريما.. أتبع ذلك بحضهم على التوبة والإنابة إليه، حتى يزيدهم من فضله وإحسانه فقال: وَأَنِيبُوا إِلى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذابُ ثُمَّ لا تُنْصَرُونَ.أى قل لهم- أيها الرسول الكريم- لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا، وارجعوا إليه بالتوبة والإنابة، وأخلصوا له العبادة، من قبل أن ينزل بكم العذاب الذي لا تستطيعون دفعه ثم لا تجدون من ينجيكم منه.فأنت ترى أن الآية الأولى بعد أن فتحت للعصاة باب رحمة الله على مصراعيه، جاءت الآية الثانية فحثتهم على التوبة الصادقة النصوح، حتى تكون رحمة الله- تعالى- بهم أكمل وأتم وأوسع، فإن التوبة النصوح سبب في تحويل السيئات إلى حسنات.كما قال- تعالى-: إِلَّا مَنْ تابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صالِحاً فَأُوْلئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئاتِهِمْ حَسَناتٍ، وَكانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً .
وَ اتَّبِعُوْۤا اَحْسَنَ مَاۤ اُنْزِلَ اِلَیْكُمْ مِّنْ رَّبِّكُمْ مِّنْ قَبْلِ اَنْ یَّاْتِیَكُمُ الْعَذَابُ بَغْتَةً وَّ اَنْتُمْ لَا تَشْعُرُوْنَۙ(۵۵)
اور اس کی پیروی کرو جو اچھی سے اچھی تمہارے رب سے تمہاری طرف اتاری گئی (ف۱۲۵) قبل اس کے کہ عذاب تم پر اچانک آجائے اور تمہیں خبر نہ ہو (ف۱۲۶)
ثم أمرهم باتباع أوامر القرآن الكريم ونواهيه فقال: وَاتَّبِعُوا أَحْسَنَ ما أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ.أى: واتبعوا هذا القرآن الكريم، الذي هو أحسن ما أنزله- سبحانه- إليكم، بسبب ما اشتمل عليه من هدايات سامية، ومن تشريعات حكيمة. ومن آداب قويمة.فإن اتباع ما اشتمل عليه هذا القرآن من توجيهات. يؤدى إلى السعادة في الدنيا والآخرة.وقوله: مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذابُ بَغْتَةً وَأَنْتُمْ لا تَشْعُرُونَ متعلق بالأمر بالاتباع، وإرشاد إلى وجوب الامتثال بدون تأخير أو تسويف.أى: سارعوا إلى اتباع إرشادات وتشريعات وآداب هذا القرآن، من قبل أن ينزل بكم العذاب فجأة وبدون مقدمات، بحيث لا تشعرون بإتيانه إلا عند نزوله.فالآية الكريمة تقرير وتأكيد لما قبلها: من الدعوة إلى المسارعة بالتوبة وبالعمل الصالح.
اَنْ تَقُوْلَ نَفْسٌ یّٰحَسْرَتٰى عَلٰى مَا فَرَّطْتُّ فِیْ جَنْۢبِ اللّٰهِ وَ اِنْ كُنْتُ لَمِنَ السّٰخِرِیْنَۙ(۵۶)
کہ کہیں کوئی جان یہ نہ کہے کہ ہائے افسوس! ان تقصیروں پر جو میں نے اللہ کے بارے میں کیں (ف۱۲۷) اور بیشک میں ہنسی بنایا کرتا تھا (ف۱۲۸)
وقوله: أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يا حَسْرَتى عَلى ما فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ في موضع المفعول لأجله بتقدير مضاف محذوف.أى: اتبعوا ما أمرناكم به، واحذروا ما نهيناكم عنه، كراهة أن تقول نفس يوم القيامة يا حَسْرَتى أى: يا ندامتي عَلى ما فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ ... أى: بسبب تفريطي وتقصيرى في طاعة الله، وفي حقه- تعالى-.وأصل الجنب والجانب: الجهة المحسوسة للشيء، وأطلق على الطاعة على سبيل المجاز، حيث شبهت بالجهة. بجامع تعلق كل منهما- أى الجانب والطاعة- بصاحبه. إذ الطاعة لها تعلق بالله- تعالى-. كما أن الجهة لها تعلق بصاحبها.قال صاحب الكشاف: فإن قلت: لم نكرت «نفس» .؟ قلت: لأن المراد بها بعض الأنفس وهي نفس الكافر. ويجوز أن يكون نفس متميزة من الأنفس: إما بلجاج في الكفر شديد، أو بعذاب عظيم، ويجوز أن يراد التكثير، كما قال الأعشى:دعا قومه حولي فجاءوا لنصره ... وناديت قوما بالمسناة غيباورب بقيع لو هتفت بجوه ... أتانى كريم ينفض الرأس مغضباوهو يريد: أفواجا من الكرام ينصرونه، لا كريما واحدا.. .وجملة: وَإِنْ كُنْتُ لَمِنَ السَّاخِرِينَ في محل نصب على الحال. أى: فرطت في جنب الله وطاعته، والحال أنى لم أكن إلا من الساخرين بدينه، المستهزئين بأتباع هذا الدين الحق.قال قتادة: لم يكفه أنه ضيع طاعة الله حتى سخر من أهلها.
اَوْ تَقُوْلَ لَوْ اَنَّ اللّٰهَ هَدٰىنِیْ لَكُنْتُ مِنَ الْمُتَّقِیْنَۙ(۵۷)
یا کہے اگر اللہ مجھے راہ دکھاتا تو میں ڈر والوں میں ہوتا،
ثم ذكر- سبحانه- مقالة أخرى مما تقوله تلك النفس فقال: أَوْ تَقُولَ لَوْ أَنَّ اللَّهَ هَدانِي إلى طاعته واتباع دينه لَكُنْتُ مِنَ الْمُتَّقِينَ للشرك والمعاصي، ومن الذين صانوا أنفسهم عما يغضبه- سبحانه- ولا يرضيه.
اَوْ تَقُوْلَ حِیْنَ تَرَى الْعَذَابَ لَوْ اَنَّ لِیْ كَرَّةً فَاَكُوْنَ مِنَ الْمُحْسِنِیْنَ(۵۸)
یا کہے جب عذاب دیکھے کسی طرح مجھے واپسی ملے (ف۱۲۹) کہ میں نیکیاں کروں (ف۱۳۰)
ثم ذكر- سبحانه- مقالة ثالثة لها فقال: أَوْ تَقُولَ هذه النفس حِينَ تَرَى الْعَذابَ. في الآخرة لَوْ أَنَّ لِي كَرَّةً أى رجعة إلى الدنيا فَأَكُونَ فيها مِنَ الْمُحْسِنِينَ لأقوالهم وأفعالهم، وعقائدهم، بحيث أخلص العبادة لله- تعالى- وأطيعه في السر والعلن.وهكذا يصور القرآن الكريم أحوال النفوس في الآخرة، تصويرا مؤثرا بليغا، يحمل كل عاقل على الإيمان الصالح الذي ينفعه في ذلك اليوم الهائل الشديد.
بَلٰى قَدْ جَآءَتْكَ اٰیٰتِیْ فَكَذَّبْتَ بِهَا وَ اسْتَكْبَرْتَ وَ كُنْتَ مِنَ الْكٰفِرِیْنَ(۵۹)
ہاں کیوں نہیں بیشک تیرے پاس میری آیتیں آئیں تو تُو نے انہیں جھٹلایا اور تکبر کیا اور تو کافر تھا (ف۱۳۱)
وقوله- سبحانه-: بَلى قَدْ جاءَتْكَ آياتِي فَكَذَّبْتَ بِها وَاسْتَكْبَرْتَ وَكُنْتَ مِنَ الْكافِرِينَ رد منه- عز وجل- على هذا القائل: لَوْ أَنَّ اللَّهَ هَدانِي لَكُنْتُ مِنَ الْمُتَّقِينَ وتكذيب له في هذه الدعوى.والمراد بالآيات: الحجج والبراهين الدالة على حقيقة دين الإسلام، وعلى رأسها آيات القرآن الكريم.أى ليس الأمر كما ذكرت أيها النادم على ما فرط منه، من أن الله لم يهدك إلى الطريق القويم، بل الحق أن الله- تعالى- قد أرشدك إليه عن طريق إرسال رسوله، وإنزال كتابه، ولكنك كذبت رسوله، واستكبرت عن سماع آيات الله وعن اتباعها، وكنت في دنياك من الكافرين بها، الجاحدين لصدقها، فأصابك ما أصابك من عذاب في الآخرة بسبب أعمالك القبيحة في الدنيا.قال الشوكانى: وجاء- سبحانه- بخطاب المذكر في قوله: «جاءتك، وكذبت واستكبرت، وكنت» لأن النفس تطلق على المذكر والمؤنث. قال المبرد: تقول العرب.نفس واحد. أى، إنسان واحد.. .ثم انتقلت السورة الكريمة إلى الحديث عن أحوال الكافرين والمؤمنين يوم القيامة، وعن مظاهر قدرة الله- تعالى- وعن تلقين الله- تعالى- لنبيه صلّى الله عليه وسلم الجواب الذي يرد به على المشركين. وعن أحوال الناس عند النفخ في الصور.. قال- تعالى-.
وَ یَوْمَ الْقِیٰمَةِ تَرَى الَّذِیْنَ كَذَبُوْا عَلَى اللّٰهِ وُجُوْهُهُمْ مُّسْوَدَّةٌؕ-اَلَیْسَ فِیْ جَهَنَّمَ مَثْوًى لِّلْمُتَكَبِّرِیْنَ(۶۰)
اور قیامت کے دن تم دیکھو گے انہیں جنہوں نے اللہ پر جھوٹ باندھا (ف۱۳۲) کہ ان کے منہ کالے ہیں کیا مغرور ٹھکانا جہنم میں نہیں (ف۱۳۳)
فقوله- تعالى-: وَيَوْمَ الْقِيامَةِ تَرَى الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى اللَّهِ وُجُوهُهُمْ مُسْوَدَّةٌ.. بيان لحالة الكافرين يوم القيامة، ولما تكون عليه هيئتهم من خزي وهوان.أى: وفي يوم القيامة إذا نظرت- أيها الرسول الكريم- أو- أيها العاقل- إلى وجوه الذين كذبوا على الله، بأن أشركوا معه في العبادة آلهة أخرى، أو جعلوا له صاحبة أو ولدا..إذا نظرت إليها رأيتها مسودة مكفهرة بسبب ما أحاط بهم من عذاب، وما شاهدوه من أهوال.وقوله: وُجُوهُهُمْ مُسْوَدَّةٌ جملة من مبتدأ وخبر، وهي في محل نصب على الحال من الذين كذبوا.. والاستفهام في قوله: أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوىً لِلْمُتَكَبِّرِينَ للتقرير.والمثوى: المكان والمقام.يقال: ثوى فلان بالمكان وأثوى فيه، إذا أقام به، فهو ثاو ومنه قوله- تعالى-:وَما كُنْتَ ثاوِياً فِي أَهْلِ مَدْيَنَ.أى: أليس في جهنم مكانا ومقرا لإهانة المتكبرين وإذلالهم، بسبب تطاولهم على غيرهم، وتكذيبهم لآيات الله؟ بلى إن بها ما يجعلهم يذوقون العذاب الأليم.
وَ یُنَجِّی اللّٰهُ الَّذِیْنَ اتَّقَوْا بِمَفَازَتِهِمْ٘-لَا یَمَسُّهُمُ السُّوْٓءُ وَ لَا هُمْ یَحْزَنُوْنَ(۶۱)
اور اللہ بچائے گا پرہیزگاروں کو ان کی نجات کی جگہ (ف۱۳۴) نہ انہیں عذاب چھوئے اور نہ انہیں غم ہو،
ثم بين- سبحانه- حال المؤمنين يوم القيامة، بعد بيانه لحال الذين كذبوا على الله، فقال: وَيُنَجِّي اللَّهُ الَّذِينَ اتَّقَوْا بِمَفازَتِهِمْ لا يَمَسُّهُمُ السُّوءُ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ.ومفازتهم: اسم مصدر. أو مصدر ميمى. من فاز فلان بكذا، إذا ظفر به، ونال مراده منه.أى: وينجى الله- تعالى- بفضله ورحمته، الَّذِينَ اتَّقَوْا الشرك والمعاصي من عذاب جهنم، بِمَفازَتِهِمْ أى: بسبب فوزهم برضا الله- تعالى- ورحمته، جزاء إيمانهم وتقواهم، وقرأ حمزة والكسائي بمفازاتهم بالجمع.ويصح أن تكون الباء في قوله: بِمَفازَتِهِمْ للملابسة، والجار والمجرور متعلق بمحذوف هو حال من الذين اتقوا. أى ينجيهما حالة كونهم متلبسين.وقوله: لا يَمَسُّهُمُ السُّوءُ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ يجوز أن يكون تفسيرا لذلك الفوز، كأنه قيل: وما مظاهر فوزهم فكان الجواب: لا يمسهم السوء الذي يصيب غيرهم من الكافرين والعصاة، ولا هم يحزنون على شيء تركوه خلفهم في الدنيا.ويجوز أن يكون حالا من الذين اتقوا. أي: ينجيهم بسبب مفازتهم، حال كونهم لا يمسهم السوء، أى: لا يمسهم شيء مما يكره لا في الحال ولا في الاستقبال، ولا هم يحزنون على ما كان منهم في الماضي.فأنت ترى أن الله- تعالى- قد كرم المتقين تكريما عظيما، حيث نجاهم من عذاب جهنم، وجعلهم آمنين من كل ما يغمهم في كل زمان أو مكان.قال الإمام الرازي ما ملخصه: هذه آية جامعة، لأن الإنسان إذا علم أنه لا يمسه السوء، كان فارغ البال بحسب الحال، وإذا علم أنه لا يحزن كان هادئ النفس عما وقع في قلبه بسبب فوات الماضي، فحينئذ يظهر أنه سلم عن كل الآفات.وقد دلت الآية على أن المؤمنين لا ينالهم الخوف والرعب في القيامة، وتأكد هذا بقوله:لا يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الْأَكْبَرُ.. .
اَللّٰهُ خَالِقُ كُلِّ شَیْءٍ٘-وَّ هُوَ عَلٰى كُلِّ شَیْءٍ وَّكِیْلٌ(۶۲)
اللہ ہر چیز کا پیدا کرنے والا ہے، اور وہ ہرچیز کا مختار ہے،
ثم ساق- سبحانه- ما يدل على كمال قدرته فقال: اللَّهُ خالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ.أى: الله- تعالى- هو وحده الخالق لكل شيء في هذا الكون، وهو- سبحانه- المتصرف في كل شيء في هذا الوجود، بحيث لا يخرج مخلوق عن إذنه ومشيئته.
لَهٗ مَقَالِیْدُ السَّمٰوٰتِ وَ الْاَرْضِؕ-وَ الَّذِیْنَ كَفَرُوْا بِاٰیٰتِ اللّٰهِ اُولٰٓىٕكَ هُمُ الْخٰسِرُوْنَ۠(۶۳)
اسی کے لیے ہیں آسمانوں اور زمین کی کنجیاں (ف۱۳۵) اور جنہوں نے اللہ کی آیتوں کا انکار کیا وہی نقصان میں ہیں،
لَهُ مَقالِيدُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ أى: له وحده مفاتيح خزائنهما، والمقاليد جمع مقلاد، أو اسم جمع لا واحد له من لفظه، مأخوذ من التقليد بمعنى الإلزام. أى: أنه لا يملك أمر السموات والأرض، ولا يتمكن من التصرف فيهما غيره- تعالى-.قال صاحب الكشاف: قوله: لَهُ مَقالِيدُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ: أى: هو مالك أمرهما وحافظهما لأن حافظ الخزائن ومدبر أمرها، هو الذي يملك مقاليدها، ومنه قولهم: فلان ألقيت إليه مقاليد الملك، وهي المفاتيح، ولا واحد لها من لفظها وقيل: جمع مقليد.. والكلمة أصلها فارسية.فإن قلت: ما للكتاب العربي المبين وللفارسية؟قلت: التعريب أحالها عربية، كما أخرج الاستعمال المهمل عن كونه مهملا، .ثم بين- سبحانه- مصير الكافرين فقال: وَالَّذِينَ كَفَرُوا بِآياتِ اللَّهِ أُولئِكَ هُمُ الْخاسِرُونَ أى: والذين كفروا بآيات الله التنزيلية والكونية الدالة على وحدانيته، أولئك هم البالغون أقصى الدرجات في الخسران.وهذه الآية الكريمة معطوفة على قوله- تعالى- قبل ذلك: وَيُنَجِّي اللَّهُ الَّذِينَ اتَّقَوْا وما بينهما اعتراض للدلالة على هيمنة الله- تعالى- على شئون خلقه.. أى: وينجى الله الذين اتقوا بمفازتهم.. والذين كفروا بآيات الله أولئك هم الكاملون في الخسران.وهذه المقابلة فيها ما فيها من تأكيد الثواب العظيم للمتقين، والعقاب الأليم للكافرين.
قُلْ اَفَغَیْرَ اللّٰهِ تَاْمُرُوْٓنِّیْۤ اَعْبُدُ اَیُّهَا الْجٰهِلُوْنَ(۶۴)
تم فرماؤ (ف۱۳۶) تو کیا اللہ کے سوا دوسرے کے پوجنے کو مجھ سے کہتے ہو، اے جاہلو! (ف۱۳۷)
ثم أمر الله- تعالى- رسول الله صلّى الله عليه وسلم أن يوبخ الكافرين على جهالاتهم. فقال:قُلْ أَفَغَيْرَ اللَّهِ تَأْمُرُونِّي أَعْبُدُ أَيُّهَا الْجاهِلُونَ.وقد ذكروا في سبب نزولها أن المشركين قالوا للنبي صلّى الله عليه وسلم استلم بعض آلهتنا ونؤمن بإلهك.والاستفهام للإنكار والتوبيخ، والفاء للعطف على مقدر يقتضيه المقام، و «غير» منصوب بقوله: أَعْبُدُ، وأعبد معمول لتأمرونى على تقدير أن المصدرية، فلما حذفت بطل عملها.والمعنى: قل- يا أيها الرسول الكريم- لهؤلاء المشركين على سبيل التوبيخ والتأنيب: أبعد أن شاهدتهم ما شاهدتم من الآيات الدالة على وحدانية الله- تعالى-، وعلى صدقى فيما أبلغه عنه، أبعد كل ذلك تأمرونى أن أعبد غير الله- تعالى- أيها الجاهلون بكل ما يجب لله- تعالى- من تنزيه وتقديس.ووصفهم هنا بالجهل، لأن هذا الوصف هو الوصف المناسب للرد على ما طلبوه.منه صلّى الله عليه وسلم من إشراك آلهتهم في العبادة.
وَ لَقَدْ اُوْحِیَ اِلَیْكَ وَ اِلَى الَّذِیْنَ مِنْ قَبْلِكَۚ-لَىٕنْ اَشْرَكْتَ لَیَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَ لَتَكُوْنَنَّ مِنَ الْخٰسِرِیْنَ(۶۵)
اور بیشک وحی کی گئی تمہاری طرف اور تم سے اگلوں کی طرف کہ اسے سننے والے اگر تو نے اللہ کا شریک کیا تو ضرور تیرا سب کیا دھرا اَکارت جائے گا اور ضرور تو ہار میں رہے گا،
ثم حذر- سبحانه- من الشرك أبلغ تحذير فقال: وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ، لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ، وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخاسِرِينَ. بَلِ اللَّهَ فَاعْبُدْ وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ.قال الجمل: قوله: وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ ... هذه اللام دالة على قسم مقدر وقوله لَئِنْ أَشْرَكْتَ. هذه اللام- أيضا- دالة على قسم مقدر، وقوله: لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخاسِرِينَ كل من هذين اللامين واقعة في جواب القسم الثاني. والثاني وجوابه جواب الأول. وأما جواب الشرط في قوله: لَئِنْ أَشْرَكْتَ فمحذوف، لدخول جواب القسم عليه، فهو من قبيل قول ابن مالك:واحذف لدى اجتماع شرط وقسم ... جواب ما أخرت فهو ملتزموقوله أُوحِيَ مسلط على إِلَيْكَ وعلى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ فيكون المعنى:ولقد أوحى إليك- أيها الرسول الكريم- وأوحى إلى الرسل الذين من قبلك أيضا لئن أشركت، بالله- تعالى- على سبيل الفرض لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ، أى ليفسدن عملك فسادا تاما وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخاسِرِينَ خسارة ليس بعدها خسارة في الدنيا والآخرة.قال صاحب الكشاف: فإن قلت: الموحى إليهم، جماعة، فكيف قال: لَئِنْ أَشْرَكْتَ على التوحيد؟ قلت: معناه. أوحى إليك لئن أشركت ليحبطن عملك، وإلى الذين من قبلك مثله، أو أوحى إليك وإلى كل واحد منهم: لئن أشركت ليحبطن عملك. كما تقول: فلان كسانا حلة. أى: كل واحد منا.فإن قلت: هو على سبيل الفرض. والمحالات يصح فرضها.. .والآية الكريمة تحذر من الشرك بأسلوب فيه ما فيه من التنفير منه ومن التقبيح له، لأنه إذا كان الرسول صلّى الله عليه وسلم لو وقع في شيء منه- على سبيل الفرض- حبط عمله، وكان من الخاسرين. فكيف بغيره من أفراد أمته؟
بَلِ اللّٰهَ فَاعْبُدْ وَ كُنْ مِّنَ الشّٰكِرِیْنَ(۶۶)
بلکہ اللہ ہی کی بندگی کر اور شکر والوں سے ہو (ف۱۳۸)
وقوله- تعالى-: بَلِ اللَّهَ فَاعْبُدْ وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ أمر منه- تعالى- بالثبات على عبادة الله- تعالى- وحده، وبالمداومة على شكره، ونهى عن طاعة المشركين، ولفظ الجلالة منصوب بقوله فَاعْبُدْ والفاء جزائية في جواب شرط مقدر.أى: لا تطع- أيها الرسول الكريم- المشركين فيما طلبوه منك، بل اجعل عبادتك لله- تعالى- وحده، وكن من الشاكرين له على نعمه التي لا تحصى.
وَ مَا قَدَرُوا اللّٰهَ حَقَّ قَدْرِهٖ ﳓ وَ الْاَرْضُ جَمِیْعًا قَبْضَتُهٗ یَوْمَ الْقِیٰمَةِ وَ السَّمٰوٰتُ مَطْوِیّٰتٌۢ بِیَمِیْنِهٖؕ-سُبْحٰنَهٗ وَ تَعٰلٰى عَمَّا یُشْرِكُوْنَ(۶۷)
اور انہوں نے اللہ کی قدر نہ کی جیسا کہ اس کا حق تھا (ف۱۳۹) اور وہ قیامت کے دن سب زمینوں کو سمیٹ دے گا اور اس کی قدرت سے سب آسمان لپیٹ دیے جائیں گے (ف۱۴۰) اور ان کے شرک سے پاک اور برتر ہے،
ثم بين- سبحانه- أن هؤلاء المشركين بعبادتهم لغير الله- تعالى- قد تجاوزوا حدودهم معه- عز وجل-، ولم يعطوه ما يستحقه من تنزيه وتقديس فقال: وَما قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ.أى: أن هؤلاء المشركين بعبادتهم لغيره- تعالى-، ما عظموه حق تعظيمه، وما أعطوه ما يستحقه- سبحانه- من تقديس وتكريم وتنزيه وطاعة.ثم ساق- سبحانه- ما يدل على وحدانيته. وكمال قدرته. فقال: وَالْأَرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ، وَالسَّماواتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ.والقبضة: المرة من القبض، وتطلق على المقدار المقبوض بالكف. ومطويات أى:مجموعات تحت قدرته وملكه، كما يجمع الكتاب المطوى، والجملة الكريمة حال من لفظ الجلالة، فيكون المعنى: إن هؤلاء المشركين لم يعظموا الله حق تعظيمه، حيث أشركوا معه في العبادة آلهة أخرى هي من مخلوقاته، والحال أنه- سبحانه- هو المتولى لإبقاء السموات والأرض على حالهما في الدنيا، وهو المتولى لتبديلهما أو إزالتهما في الآخرة، فالأرض كلها مع عظمتها وكثافتها تكون يوم القيامة في قبضته وتحت قدرته، كالشىء الذي يقبض عليه القابض، والسموات كذلك مع ضخامتها واتساعها، تكون مطويات بيمينه وتحت قدرته وتصرفه، كما يطوى الواحد منا الشيء الهين القليل بيمينه، وما دام الأمر كذلك فكيف يشركون معه غيره في العبادة؟فالمقصود من الآية الكريمة بيان وحدانيته وعظمته وقدرته- سبحانه- وبيان ما عليه المشركون من جهالة وانطماس بصيرة حين أشركوا معه في العبادة غيره.قال صاحب الكشاف: والغرض من هذا الكلام إذا أخذته كما هو بجملته ومجموعته، تصوير عظمته، والتوقيف على كنه جلاله لا غير، من غير ذهاب بالقبضة ولا باليمين إلى جهة حقيقة أو جهة مجاز ... .وقال الآلوسى: والكلام في هذه الآية عند كثير من الخلف، تمثيل لحال عظمته- تعالى- ونفاذ قدرته.. بحال من يكون له قبضة فيها الأرض جميعا، ويمين بها يطوى السموات، أو بحال من يكون له قبضة فيها الأرض والسموات، ويمين بها يطوى السموات.والسلف يقولون: إن الكلام هنا تنبيه على مزيد جلالته- تعالى-. إلا أنهم لا يقولون إن القبضة مجاز عن الملك أو التصرف، ولا اليمين مجاز عن القدرة، بل ينزهون الله- تعالى- عن الأعضاء والجوارح، ويؤمنون بما نسبه- تعالى-: إلى ذاته بالمعنى اللائق به الذي أراده- سبحانه- وكذا يفعلون في الأخبار الواردة في هذا المقام.فقد أخرج البخاري ومسلم عن ابن مسعود قال: جاء حبر من الأحبار الى النبي صلّى الله عليه وسلم فقال: يا محمد. إنا نجد الله يحمل السموات يوم القيامة على إصبع، والأرضين على إصبع، والشجر على إصبع، والماء والثرى على إصبع، وسائر الخلق على إصبع.فيقول: أنا الملك. فضحك رسول الله صلّى الله عليه وسلم حتى بدت نواجذه تصديقا لقول الحبر، ثم قرأ هذه الآية.. .وقدم- سبحانه- الأرض على السموات لمباشرتهم لها، ومعرفتهم بحقيقتها.وخص يوم القيامة بالذكر، وإن كانت قدرته عامة وشاملة لدار الدنيا- أيضا- لأن الدعاوى تنقطع في ذلك اليوم. كما قال- تعالى- وَالْأَمْرُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ.روى الشيخان عن ابن عمر قال: سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلم يقول: «يطوى الله السموات يوم القيامة، ثم يأخذهن بيده اليمنى، ثم يقول أنا الملك، أين الجبارون، أين المتكبرون، أين ملوك الأرض» .وقوله- تعالى-: سُبْحانَهُ وَتَعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ تنزيه له- تعالى-: عما افتراه المفترون.أى: تنزه وتقدس الله- تعالى- عن شرك المشركين، وعن ضلال الضالين.
وَ نُفِخَ فِی الصُّوْرِ فَصَعِقَ مَنْ فِی السَّمٰوٰتِ وَ مَنْ فِی الْاَرْضِ اِلَّا مَنْ شَآءَ اللّٰهُؕ-ثُمَّ نُفِخَ فِیْهِ اُخْرٰى فَاِذَا هُمْ قِیَامٌ یَّنْظُرُوْنَ(۶۸)
اور صُور پھونکا جائے گا تو بے ہوش ہوجائیں گے (ف۱۴۱) جتنے آسمانوں میں ہیں اور جتنے زمین میں مگر جسے اللہ چاہے (ف۱۴۲) پھر وہ دوبارہ پھونکا جائے گا (ف۱۴۳) جبھی وہ دیکھتے ہوئے کھڑے ہوجائیں گے (ف۱۴۴)
ثم بين- سبحانه- حال الناس عند النفخة الأولى والثانية فقال: وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّماواتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شاءَ اللَّهُ.والصور: اسم للقرن الذي ينفخ فيه إسرافيل بأمر الله- تعالى- وحقيقته لا يعلمها إلا هو- سبحانه- وقوله فَصَعِقَ من الصعق بمعنى الموت أو بمعنى الصوت الشديد الذي يجعل الإنسان في حالة ذهول شديد حتى لكأنه قد فارق الحياة.أى: ونفخ في الصور بأمر الله- تعالى- النفخة الأولى، فخر ميتا كل من كان حيا في السموات أو في الأرض.إِلَّا مَنْ شاءَ اللَّهُ له الحياة من أهلهما، قالوا: والمستثنى من الصعق جبريل وإسرافيل وميكائيل. ولم يرد حديث صحيح يعتمد عليه في تعيين من استثناء الله- تعالى-: من ذلك، فالأولى تفويض من استثناه الله من الصعق إلى علمه- عز وجل-.ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرى أى: ثم نفخ في الصور نفخة أخرى- وهي النفخة الثانية التي يكون بعدها البعث والنشور.فَإِذا هُمْ قِيامٌ يَنْظُرُونَ أى: فإذا بهؤلاء الذين صعقوا بعد النفخة الأولى قيام من قبورهم، ينظرون حولهم بدهشة وحيرة ماذا يفعل بهم، أو ينظرون على أى حال يكون مصيرهم.فالآية الكريمة تفيد أن النفخ في الصور يكون مرتين: المرة الأولى يكون بعدها الصعق والموت لجميع الأحياء، والنفخة الثانية يكون بعدها البعث والنشور وإعادة الحياة مرة أخرى.
وَ اَشْرَقَتِ الْاَرْضُ بِنُوْرِ رَبِّهَا وَ وُضِعَ الْكِتٰبُ وَ جِایْٓءَ بِالنَّبِیّٖنَ وَ الشُّهَدَآءِ وَ قُضِیَ بَیْنَهُمْ بِالْحَقِّ وَ هُمْ لَا یُظْلَمُوْنَ(۶۹)
اور زمین جگمگا اٹھے گی (ف۱۴۵) اپنے رب کے نور سے (ف۱۴۶) اور رکھی جائے گی کتاب (ف۱۴۷) اور لائے جائیں گے انبیاء اور یہ نبی اور اس کی امت کے ان پر گواہ ہونگے (ف۱۴۸) اور لوگوں میں سچا فیصلہ فرمادیا جائے گا اور ان پر ظلم نہ ہوگا،
والمراد بالأرض في قوله- تعالى-: بعد ذلك: وَأَشْرَقَتِ الْأَرْضُ بِنُورِ رَبِّها..أرض المحشر.وأصل الإشراق: الإضاءة. يقال: أشرقت الشمس إذا أضاءت، وشرقت: إذا طلعت.قال ابن كثير: وقوله: وَأَشْرَقَتِ الْأَرْضُ بِنُورِ رَبِّها أى: أضاءت- الأرض- يوم القيامة، إذا تجلى الحق- تبارك وتعالى- للخلائق لفصل القضاء .والمراد بالكتاب في قوله- تعالى-: وَوُضِعَ الْكِتابُ صحائف الأعمال التي تكون في أيدى أصحابها.فالمراد بالكتاب جنسه، أى: أعطى كل واحد كتابه إما بيمينه. وإما بشماله. وقيل المراد بالكتاب هنا: اللوح المحفوظ الذي فيه أعمال الخلق.وَجِيءَ بِالنَّبِيِّينَ وَالشُّهَداءِ أى: وبعد أن أعطى كل إنسان صحائف أعماله جيء بالنبيين لكي يشهدوا على أممهم أنهم بلغوهم ما كلفهم الله بتبليغه إليهم، وجيء بالشهداء وهم الملائكة الذين يسجلون على الناس أعمالهم من خير وشر، كما قال- تعالى-: وَجاءَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَعَها سائِقٌ وَشَهِيدٌ. وقيل المراد بهم: من استشهدوا في سبيل الله.ثم بين- سبحانه- مظاهر عدالته في جمل حكيمة فقال: وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ أى:وقضى- سبحانه- بين الجميع بقضائه العادل وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ أى: نوع من الظلم.
وَ وُفِّیَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَّا عَمِلَتْ وَ هُوَ اَعْلَمُ بِمَا یَفْعَلُوْنَ۠(۷۰)
اور ہر جان کو اس کا کیا بھرپور دیا جائے گا اور اسے خوب معلوم جو وہ کرتے تھے (ف۱۴۹)
وَوُفِّيَتْ كُلُّ نَفْسٍ ما عَمِلَتْ من خير أو شر وَهُوَ أَعْلَمُ بِما يَفْعَلُونَ أى: وهو- سبحانه- عليم بما يفعلونه من طاعة أو معصية، لا يخفى عليه شيء من أحوال خلقه، بل هو- تعالى- يعلم السر وأخفى.ثم ختم- سبحانه- السورة الكريمة ببيان مصير الكافرين، وببيان مصير المتقين. وببيان ما يقوله المتقون عند ما يرون النعيم المقيم الذي أعده- سبحانه- لهم، فقال- تعالى-:
وَ سِیْقَ الَّذِیْنَ كَفَرُوْۤا اِلٰى جَهَنَّمَ زُمَرًاؕ-حَتّٰۤى اِذَا جَآءُوْهَا فُتِحَتْ اَبْوَابُهَا وَ قَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَاۤ اَلَمْ یَاْتِكُمْ رُسُلٌ مِّنْكُمْ یَتْلُوْنَ عَلَیْكُمْ اٰیٰتِ رَبِّكُمْ وَ یُنْذِرُوْنَكُمْ لِقَآءَ یَوْمِكُمْ هٰذَاؕ-قَالُوْا بَلٰى وَ لٰكِنْ حَقَّتْ كَلِمَةُ الْعَذَابِ عَلَى الْكٰفِرِیْنَ(۷۱)
اور کافر جہنم کی طرف ہانکے جائیں گے (ف۱۵۰) گروہ گروہ (ف۱۵۱) یہاں تک کہ جب وہاں پہنچیں گے اس کے دروازے کھولے جائیں گے (ف۱۵۲) اور اس کے داروغہ ان سے کہیں گے کیا تمہارے پاس تمہیں میں سے وہ رسول نہ آئے تھے جو تم پر تمہارے رب کی آیتیں پڑھتے تھے اور تمہیں اس دن سے ملنے سے ڈراتے تھے، کہیں گے کیوں نہیں (ف۱۵۳) مگر عذاب کا قول کافروں پر ٹھیک اترا (ف۱۵۴)
وقوله- تعالى- وَسِيقَ من السوق بمعنى الدفع، والمراد به هنا الدفع بعنف مع الإهانة وزُمَراً أى: جماعات متفرقة بعضها في إثر بعض. جمع زمرة وهي الجماعة القليلة، أى: وسيق الذين كفروا إلى نار جهنم جماعات جماعات، وأفواجا أفواجا.حَتَّى إِذا جاؤُها فُتِحَتْ أَبْوابُها لتستقبلهم بحرها وسعيرها، وكأنها قبل مجيئهم إليها كانت مغلقة كما تغلق أبواب السجون، فلا تفتح إلا لمن هم أهل لها بسبب جرائمهم.وَقالَ لَهُمْ خَزَنَتُها على سبيل الزجر والتأنيب أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ أى: من جنسكم تفهمون عنهم ما يقولونه لكم.وهؤلاء الرسل يَتْلُونَ عَلَيْكُمْ آياتِ رَبِّكُمْ المنزلة لمنفعتكم وَيُنْذِرُونَكُمْ لِقاءَ يَوْمِكُمْ هذا أى: ويخوفونكم من أهوال يومكم هذا وهو يوم القيامة.قالُوا بَلى وَلكِنْ حَقَّتْ كَلِمَةُ الْعَذابِ عَلَى الْكافِرِينَ أى: قالوا في جوابهم على سائليهم: بلى قد أتانا الرسل وبلغونا رسالة الله، ولكننا لم نطعهم، فحقت كلمة العذاب علينا، ووجبت علينا كلمة الله التي قال فيها: لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ.
قِیْلَ ادْخُلُوْۤا اَبْوَابَ جَهَنَّمَ خٰلِدِیْنَ فِیْهَاۚ-فَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِیْنَ(۷۲)
فرمایا جائے گا جاؤ جہنم کے دروازوں میں اس میں ہمیشہ رہنے، تو کیا ہی برا ٹھکانا متکبروں کا،
وهنا رد عليهم السائلون بقولهم: ادخلوا أبواب جهنم خالدين فيها، خلودا أبديا فَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ أى: فبئس المكان المعد للمتكبرين جهنم.
وَ سِیْقَ الَّذِیْنَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ اِلَى الْجَنَّةِ زُمَرًاؕ-حَتّٰۤى اِذَا جَآءُوْهَا وَ فُتِحَتْ اَبْوَابُهَا وَ قَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا سَلٰمٌ عَلَیْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوْهَا خٰلِدِیْنَ(۷۳)
اور جو اپنے رب سے ڈرتے تھے ان کی سواریاں (ف۱۵۵) گروہ گروہ جنت کی طرف چلائی جائیں گی، یہاں تک کہ جب وہاں پہنچیں گے اور اس کے دروازے کھلے ہوئے ہوں گے (ف۱۵۶) اور اس کے داروغہ ان سے کہیں گے سلام تم پر تم خوب رہے تو جنت میں جاؤ ہمیشہ رہنے،
وبعد هذا البيان المرعب لمصير الكافرين، جاء البيان الذي يشرح الصدور بالنسبة لحال المتقين فقال- تعالى-: وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَراً أى: جماعات.قال الآلوسى: أى: جماعات مرتبة حسب ترتب طبقاتهم في الفضل.وفي صحيح مسلم وغيره عن أبى هريرة قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: «أول زمرة تدخل الجنة من أمتى على صورة القمر ليلة البدر» .والمراد بالسوق هنا: الحث على المسير للإسراع إلى الإكرام بخلافه فيما تقدم فإنه لإهانة الكفرة، وتعجيلهم إلى العقاب والآلام، واختير للمشاكلة.. .ثم بين- سبحانه- ما أعده لهؤلاء المتقين من نعيم مقيم فقال: حَتَّى إِذا جاؤُها وَفُتِحَتْ أَبْوابُها وَقالَ لَهُمْ خَزَنَتُها سَلامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوها خالِدِينَ.والواو في قوله وَفُتِحَتْ للحال، والجملة حالية بتقدير قد، وجواب إِذا مقدر بعد قوله خالِدِينَ.أى: حتى إذا جاءوها، وقد فتحت أبوابها على سبيل التكريم لهم، وقال لهم خزنتها بفرح وحبور: سلام عليكم من جميع المكاره، طبتم من دنس المعاصي، فادخلوها خالدين أى:حتى إذا جاءوها وقالوا لهم ذلك سعدوا وابتهجوا.قال صاحب الكشاف ما ملخصه: وحتى هنا هي التي تحكى بعدها الجمل. والجملة المحكية بعدها هي الشرطية، إلا أن جزاءها محذوف لأنه صفة ثواب أهل الجنة، فدل بحذفه على أنه شيء لا يحبط به الوصف. وحق موقعه ما بعد «خالدين» .وقيل: حتى إذا جاءوها، وفتحت أبوابها. أى: مع فتح أبوابها.. .
وَ قَالُوا الْحَمْدُ لِلّٰهِ الَّذِیْ صَدَقَنَا وَعْدَهٗ وَ اَوْرَثَنَا الْاَرْضَ نَتَبَوَّاُ مِنَ الْجَنَّةِ حَیْثُ نَشَآءُۚ-فَنِعْمَ اَجْرُ الْعٰمِلِیْنَ(۷۴)
اور وہ کہیں گے سب خوبیاں اللہ کو جس نے اپنا وعدہ ہم سے سچا کیا اور ہمیں اس زمین کا وارث کیا کہ ہم جنت میں رہیں جہاں چاہیں، تو کیا ہی اچھا ثواب کامیوں (اچھے کام کرنیوالوں) کا (ف۱۵۷)
ثم بين- سبحانه- ما يقوله المتقون عند دخولهم الجنة على سبيل الشكر لله- تعالى-:فقال: وَقالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي صَدَقَنا وَعْدَهُ بأن بعثنا من مرقدنا، ومنحنا المزيد من عطائه ونعمه وَأَوْرَثَنَا الْأَرْضَ أى: أرض الجنة التي استقروا فيها.نَتَبَوَّأُ مِنَ الْجَنَّةِ حَيْثُ نَشاءُ أى: ينزل كل واحد منا من جنته الواسعة حيث يريد، دون أن يزاحمه فيها مزاحم، أو ينازعه منازع.فَنِعْمَ أَجْرُ الْعامِلِينَ الجنة التي منحها- سبحانه- لعباده المتقين.
وَ تَرَى الْمَلٰٓىٕكَةَ حَآفِّیْنَ مِنْ حَوْلِ الْعَرْشِ یُسَبِّحُوْنَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْۚ-وَ قُضِیَ بَیْنَهُمْ بِالْحَقِّ وَ قِیْلَ الْحَمْدُ لِلّٰهِ رَبِّ الْعٰلَمِیْنَ۠(۷۵)
اور تم فرشتوں کو دیکھو گے عرش کے آس پاس حلقہ کیے اپنے رب کی تعریف کے ساتھ ا س کی پاکی بولتے اور لوگوں میں سچا فیصلہ فرمادیا جائے گا (ف۱۵۸) اور کہا جائے گا کہ سب خوبیاں اللہ کو جو سارے جہاں کا رب (ف۱۵۹)
وَتَرَى الْمَلائِكَةَ حَافِّينَ مِنْ حَوْلِ الْعَرْشِ أى: محدقين محيطين بالعرش مصطفين بحافته وجوانبه. جمع حافّ وهو المحدق بالشيء. يقال: حففت بالشيء إذا أحطت به، مأخوذ من الحفاف وهو الجانب للشيء.يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ أى: يمجدون ربهم بكل خير، وينزهونه عن كل سوء.وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ أى: وقضى- سبحانه- بين العباد بالحق الذي لا يحوم حوله باطل. وَقِيلَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ على قضائه بالحق، وعلى مجازاته الذين أساءوا بما عملوا، ومجازاته الذين أحسنوا بالحسنى.وبعد. فهذا تفسير محرر لسورة «الزمر» نسأل الله- تعالى-: أن يجعله خالصا لوجهه، ونافعا لعباده.والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات. وصلّى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
- English | Ahmed Ali
- Urdu | Ahmed Raza Khan
- Turkish | Ali-Bulaç
- German | Bubenheim Elyas
- Chinese | Chineese
- Spanish | Cortes
- Dutch | Dutch
- Portuguese | El-Hayek
- English | English
- Urdu | Fateh Muhammad Jalandhry
- French | French
- Hausa | Hausa
- Indonesian | Indonesian-Bahasa
- Italian | Italian
- Korean | Korean
- Malay | Malay
- Russian | Russian
- Tamil | Tamil
- Thai | Thai
- Farsi | مکارم شیرازی
- العربية | التفسير الميسر
- العربية | تفسير الجلالين
- العربية | تفسير السعدي
- العربية | تفسير ابن كثير
- العربية | تفسير الوسيط لطنطاوي
- العربية | تفسير البغوي
- العربية | تفسير القرطبي
- العربية | تفسير الطبري
- English | Arberry
- English | Yusuf Ali
- Dutch | Keyzer
- Dutch | Leemhuis
- Dutch | Siregar
- Urdu | Sirat ul Jinan