READ
Surah az-Zukhruf
اَلزُّخْرُف
89 Ayaat مکیۃ
فَاِمَّا نَذْهَبَنَّ بِكَ فَاِنَّا مِنْهُمْ مُّنْتَقِمُوْنَۙ(۴۱)
تو اگر ہم تمہیں لے جائیں (ف۶۷) تو ان سے ہم ضرور بدلہ لیں گے (ف۶۸)
وقوله- سبحانه-: فَإِمَّا نَذْهَبَنَّ بِكَ فَإِنَّا مِنْهُمْ مُنْتَقِمُونَ، أَوْ نُرِيَنَّكَ الَّذِي وَعَدْناهُمْ فَإِنَّا عَلَيْهِمْ مُقْتَدِرُونَ زيادة في تسليته وتثبيته صلّى الله عليه وسلّم.أى: أن أمرك- أيها الرسول الكريم- مع هؤلاء الظالمين لا يخلو عن حالين: إما أن نتوفينك قبل أن ترى نقمتنا منهم.. وفي هذه الحالة فسنتولى نحن عذابهم والانتقام منهم، حسب إرادتنا ومشيئتنا، وإما أن نبقى حياتك حتى ترى بعينيك العذاب الذي توعدناهم به، فإنا عليهم وعلى غيرهم مقتدرون على تنفيذ ما نتوعد به من دون أن يستطيع أحد الإفلات من قبضتنا وقدرتنا.قال ابن كثير: أى: نحن قادرون على هذا وعلى هذا. ولم يقبض الله- تعالى- رسوله، حتى أقر عينه من أعدائه، وحكمه في نواصيهم، وملكه ما تضمنته صياصيهم .وشبيه بهذه الآية قوله- تعالى-: وَإِنْ ما نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ فَإِنَّما عَلَيْكَ الْبَلاغُ وَعَلَيْنَا الْحِسابُ .
اَوْ نُرِیَنَّكَ الَّذِیْ وَعَدْنٰهُمْ فَاِنَّا عَلَیْهِمْ مُّقْتَدِرُوْنَ(۴۲)
یا تمہیں دکھادیں (ف۶۹) جس کا انہیں ہم نے وعدہ دیا ہے تو ہم ان پر بڑی قدرت والے ہیں،
وقوله- سبحانه-: فَإِمَّا نَذْهَبَنَّ بِكَ فَإِنَّا مِنْهُمْ مُنْتَقِمُونَ، أَوْ نُرِيَنَّكَ الَّذِي وَعَدْناهُمْ فَإِنَّا عَلَيْهِمْ مُقْتَدِرُونَ زيادة في تسليته وتثبيته صلّى الله عليه وسلّم.أى: أن أمرك- أيها الرسول الكريم- مع هؤلاء الظالمين لا يخلو عن حالين: إما أن نتوفينك قبل أن ترى نقمتنا منهم.. وفي هذه الحالة فسنتولى نحن عذابهم والانتقام منهم، حسب إرادتنا ومشيئتنا، وإما أن نبقى حياتك حتى ترى بعينيك العذاب الذي توعدناهم به، فإنا عليهم وعلى غيرهم مقتدرون على تنفيذ ما نتوعد به من دون أن يستطيع أحد الإفلات من قبضتنا وقدرتنا.قال ابن كثير: أى: نحن قادرون على هذا وعلى هذا. ولم يقبض الله- تعالى- رسوله، حتى أقر عينه من أعدائه، وحكمه في نواصيهم، وملكه ما تضمنته صياصيهم .وشبيه بهذه الآية قوله- تعالى-: وَإِنْ ما نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ فَإِنَّما عَلَيْكَ الْبَلاغُ وَعَلَيْنَا الْحِسابُ .
فَاسْتَمْسِكْ بِالَّذِیْۤ اُوْحِیَ اِلَیْكَۚ-اِنَّكَ عَلٰى صِرَاطٍ مُّسْتَقِیْمٍ(۴۳)
تو مضبوط تھامے رہو اسے جو تمہاری طرف وحی کی گئی (ف۷۰) بیشک تم سیدھی راہ پر ہو،
والفاء في قوله- تعالى-: فَاسْتَمْسِكْ بِالَّذِي أُوحِيَ إِلَيْكَ ... واقعة جوابا لشرط مقدر.أى: إذا كان الأمر كما ذكرنا لك من أن أمرك مع هؤلاء المشركين لا يخلو عن حالين:فاستمسك- أيها الرسول الكريم- بما أوحينا إليك من هدايات وإرشادات إِنَّكَ عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ وطريق قويم لا عوج فيه ولا اضطراب.
وَ اِنَّهٗ لَذِكْرٌ لَّكَ وَ لِقَوْمِكَۚ-وَ سَوْفَ تُسْــٴَـلُوْنَ(۴۴)
اور بیشک وہ (ف۷۱) شرف ہے تمہارے لیے (ف۷۲) اور تمہاری قوم کے لیے (ف۱۷۳) اور عنقریب تم سے پوچھا جائے گا (ف۷۴)
وَإِنَّهُ أى: هذا القرآن لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ أى: لشرف عظيم لك ولشرف عظيم لأهل مكة الذين بعثت فيهم بصفة خاصة، ولغيرهم ممن آمن بك بصفة عامة كما قال- تعالى-: لَقَدْ أَنْزَلْنا إِلَيْكُمْ كِتاباً فِيهِ ذِكْرُكُمْ ... أى: عزكم وشرفكم.وقوله: وَسَوْفَ تُسْئَلُونَ تحذير من مخالفة ما اشتمل عليه هذا القرآن من أحكام وآداب وتشريعات.أى: وسوف تسألون يوم القيامة عنه، وعن القيام بحقه، وعن مقدار تمسككم بأوامره ونواهيه وعن شكركم لله- تعالى- على منحكم لهذه النعمة.
وَ سْــٴَـلْ مَنْ اَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رُّسُلِنَاۤ اَجَعَلْنَا مِنْ دُوْنِ الرَّحْمٰنِ اٰلِهَةً یُّعْبَدُوْنَ۠(۴۵)
اور ان سے پوچھو جو ہم نے تم سے پہلے رسول بھیجے کیا ہم نے رحمان کے سوا کچھ اور خدا ٹھہرائے جن کو پوجا ہو (ف۷۵)
ثم أضاف- سبحانه- إلى هذا التثبيت لنبيه صلّى الله عليه وسلّم تثبيتا آخر فقال: وَسْئَلْ مَنْ أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رُسُلِنا أَجَعَلْنا مِنْ دُونِ الرَّحْمنِ آلِهَةً يُعْبَدُونَ.والمقصود من الآية الكريمة بيان أن الرسل جميعا، قد دعوا أقوامهم إلى عبادة الله- تعالى- وحده، كما قال- سبحانه-: وَلَقَدْ بَعَثْنا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ، فَمِنْهُمْ مَنْ هَدَى اللَّهُ، وَمِنْهُمْ مَنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ الضَّلالَةُ .كما قال- تعالى-: وَما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ .قال صاحب الكشاف ما ملخصه: ليس المراد بسؤال الرسل حقيقة السؤال لاستحالته، ولكنه مجاز عن النظر في أديانهم، وأنهم ما جاءوا قط بعبادة الأوثان، وإنما جاءوا بالأمر بعبادة الله- تعالى- وحده..وقيل: إن النبي صلّى الله عليه وسلّم جمع الله له الأنبياء، في ليلة الإسراء في بيت المقدس، فصلى بهم إماما، وقيل له سلهم: فلم يتشكك ولم يسأل.وقيل معناه، سل أمم من أرسلنا من قبلك، وهم أهل الكتابين: التوراة والإنجيل فإذا سألهم فكأنما سأل- رسلهم- فالكلام على حذف مضاف .فالآية الكريمة تقرر على كل الوجوه بأبلغ أسلوب، أن جميع الرسل قد جاءوا بعقيدة واحدة، وبدين واحد، هو عبادة الله- تعالى- ونبذ كل معبود سواه.ثم تمضى السورة الكريمة في تسليتها للرسول صلّى الله عليه وسلّم وفي تثبيتها للمؤمنين، فتذكر جانبا من قصة موسى- عليه السلام مع فرعون، وكيف أن فرعون سخر من دعوة موسى- عليه السلام- وتباهي على قومه بذلك، وكيف أنه استخف بهم فأطاعوه، فكانت عاقبته وعاقبتهم أن أغرقهم الله جميعا. قال- تعالى-:
وَ لَقَدْ اَرْسَلْنَا مُوْسٰى بِاٰیٰتِنَاۤ اِلٰى فِرْعَوْنَ وَ مَلَاۡىٕهٖ فَقَالَ اِنِّیْ رَسُوْلُ رَبِّ الْعٰلَمِیْنَ(۴۶)
اور بیشک ہم نے موسیٰ کو اپنی نشایوں کے ساتھ فرعون اور اس کے سرداروں کی طرف بھیجا تو اس نے فرمایا بیشک میں اس کا رسول ہوں جو سارے جہاں کا مالک ہے،
وقصة موسى- عليه السلام- مع فرعون ومع بنى إسرائيل، على رأس القصص التي تكرر الحديث عنها في القرآن الكريم، في سور متعددة، وذلك لما فيها من مساجلات ومحاورات بين أهل الحق وأهل الباطل، ولما فيها من عبر وعظات لقوم يعقلون.لقد وردت هذه القصة في سور: البقرة، والأعراف، ويونس، وهود، والإسراء، وطه، والقصص، والصافات، وغافر.. ولكن بأساليب متنوعة يكمل بعضها بعضا.وهنا تبدأ هذه القصة بقوله- تعالى-: وَلَقَدْ أَرْسَلْنا مُوسى بِآياتِنا إِلى فِرْعَوْنَ وَمَلَائِهِ، فَقالَ إِنِّي رَسُولُ رَبِّ الْعالَمِينَ.أى: والله لقد أرسلنا نبينا موسى- عليه السلام- بِآياتِنا الدالة على وحدانيتنا وقدرتنا، والتي على رأسها اليد والعصا.. وأرسلناه بهذه الآيات إِلى فِرْعَوْنَ وَمَلَائِهِ أى:أشراف قومه فقال لهم ناصحا ومرشدا: إِنِّي رَسُولُ رَبِّ الْعالَمِينَ إليكم، لآمركم بعبادة الله- تعالى-: وحده، وأنهاكم عن عبادة غيره.
فَلَمَّا جَآءَهُمْ بِاٰیٰتِنَاۤ اِذَا هُمْ مِّنْهَا یَضْحَكُوْنَ(۴۷)
پھر جب وہ ان کے پاس ہماری نشانیاں لایا (ف۷۶) جبھی وہ ان پر ہنسنے لگے (ف۷۷)
فَلَمَّا جاءَهُمْ بِآياتِنا إِذا هُمْ مِنْها يَضْحَكُونَ أى: فحين جاء موسى- عليه السلام-إلى فرعون وملئه بآياتنا الدالة على قدرتنا، سارعوا إلى الضحك منها، والسخرية بها، بدون تأمل أو تدبر، شأن المغرورين الجهلاء.فقوله- تعالى-: إِذا هُمْ مِنْها يَضْحَكُونَ جواب فَلَمَّا والتعبير يشير إلى مسارعتهم إلى السخرية والاستخفاف بالآيات التي جاء بها موسى- عليه السلام-، مع أن هذه الآيات كانت تقتضي منهم التدبر والتفكر لو كانوا يعقلون.
وَ مَا نُرِیْهِمْ مِّنْ اٰیَةٍ اِلَّا هِیَ اَكْبَرُ مِنْ اُخْتِهَا٘-وَ اَخَذْنٰهُمْ بِالْعَذَابِ لَعَلَّهُمْ یَرْجِعُوْنَ(۴۸)
اور ہم انہیں جو نشانی دکھاتے وہ پہلے سے بڑی ہوتی (ف۷۸) اور ہم نے انہیں مصیبت میں گرفتار کیا کہ وہ بام آئیں (ف۷۹)
وقوله- سبحانه-: وَما نُرِيهِمْ مِنْ آيَةٍ إِلَّا هِيَ أَكْبَرُ مِنْ أُخْتِها ... بيان لقسوة قلوبهم، وعدم تأثرها بالآيات والمعجزات.أى: وما نريهم من آية دالة على صدق نبينا موسى، إلا وتكون هذه الآية أكبر من أختها السابقة عليها، في الدلالة على ذلك، مع كون الآية السابقة عظيمة وكبيرة في ذاتها.والمقصود بالجملة الكريمة، بيان أن هؤلاء القوم لم يأتهم موسى- عليه السلام- بآية واحدة تشهد بصدقه فيما جاءهم به من عند ربه، وإنما أتاهم بمعجزات متعددة، وكل معجزة أدل على صدقه مما قبلها.ويصح أن يكون المراد وصف الجميع بالكبر، على معنى أن كل واحدة لكمالها في ذاتها، إذا نظر إليها الناظر، ظنها أكبر من البواقي لاستقلالها بإفادة الغرض الذي جاءت من أجله.وإلى هذا المعنى أشار صاحب الكشاف بقوله: والغرض بهذا الكلام، أنهن موصوفات بالكبر، لا يكدن يتفاوتن فيه، وكذلك العادة في الأشياء التي تتلاقى في الفضل. وتتفاوت منازلها فيه التفاوت اليسير، أن تختلف آراء الناس في تفضيلها، فيفضل بعضهم هذا، وبعضهم ذاك، فعلى ذلك بنى الناس كلامهم فقالوا: رأيت رجالا بعضهم أفضل من بعض، وربما اختلفت آراء الرجل الواحد فيها، فتارة يفضل هذا وتارة يفضل ذاك، ومنه بيت الحماسة:من تلق منهم تقل لاقيت سيدهم مثل النجوم التي يسرى بها السارى وقوله- تعالى-: وَأَخَذْناهُمْ بِالْعَذابِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ بيان للمصير السيئ الذي آلوا إليه.أى: وأخذناهم بسبب إصرارهم على الكفر والمعاصي، بالعذاب الدنيوي الشديد لكي يرجعوا عما هم عليه من كفر وفسوق، ولكنهم لم يرجعوا.فالمراد بالعذاب هنا العذاب الدنيوي، الذي أشار إليه- سبحانه- بقوله:فَأَرْسَلْنا عَلَيْهِمُ الطُّوفانَ وَالْجَرادَ وَالْقُمَّلَ وَالضَّفادِعَ وَالدَّمَ، آياتٍ مُفَصَّلاتٍ، فَاسْتَكْبَرُوا وَكانُوا قَوْماً مُجْرِمِينَ.. .
وَ قَالُوْا یٰۤاَیُّهَ السّٰحِرُ ادْعُ لَنَا رَبَّكَ بِمَا عَهِدَ عِنْدَكَۚ-اِنَّنَا لَمُهْتَدُوْنَ(۴۹)
اور بولے (ف۸۰) کہ اے جادوگر (ف۸۱) ہمارے لیے اپنے رب سے دعا کر کہ اس عہد کے سبب جو اس کا تیرے پاس ہے (ف۸۲) بیشک ہم ہدایت پر آئیں گے (ف۸۳)
ثم حكى- سبحانه- ما قالوه بعد أن نزل بهم العذاب، فقال: وَقالُوا يا أَيُّهَا السَّاحِرُ ادْعُ لَنا رَبَّكَ بِما عَهِدَ عِنْدَكَ إِنَّنا لَمُهْتَدُونَ.وجمهور المفسرين على أن قولهم هذا، كان على سبيل التعظيم لموسى- عليه السلام- لأنهم كانوا يوقرون السحرة، ويعتبرونهم العلماء.قال ابن كثير: قوله يا أَيُّهَا السَّاحِرُ أى: العالم ... وكان علماء زمانهم هم السحرة، ولم يكن السحر عندهم في زمانهم مذموما، فليس هذا منهم على سبيل الانتقاص، لأن الحال حال ضرورة منهم إليه، فهي تقتضي تعظيمهم لموسى- عليه السلام- .. .وما في قوله: بِما عَهِدَ عِنْدَكَ مصدرية: أى: بعهده عندك، والمراد بهذا العهد: النبوة. وسميت عهدا، لأن الله- تعالى- عاهد نبيه أن يكرمه بها، أو لأن لها حقوقا تحفظ كما يحفظ العهد.وقوله: إِنَّنا لَمُهْتَدُونَ مرتب على كلام محذوف.أى: وحين أخذنا فرعون وقومه بالعذاب، قالوا لموسى- على سبيل التذلل والتعظيم من شأنه- يا أيها الساحر الذي غلبنا بسحره وعلمه، ادع لنا ربك بحق عهده إليك بالنبوة، لئن كشف عنا ربك هذا العذاب الذي نزل بنا إِنَّنا لَمُهْتَدُونَ أى إننا لمؤمنون ثابتون على ذلك، متبعون لك في كل ما تأمرنا به أو تنهانا عنه.
فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُمُ الْعَذَابَ اِذَا هُمْ یَنْكُثُوْنَ(۵۰)
پھر جب ہم نے ان سے وہ مصیبت ٹال دی جبھی وہ عہد توڑ گئے (ف۸۴)
فدعا موسى- عليه السلام- ربه أن يكشف عنهم العذاب، فأجاب الله دعوته بأن كشف عنهم، فماذا كانت النتيجة؟ كانت النتيجة أنهم نقضوا عهودهم، واستمروا على كفرهم، كما قال- تعالى-: فَلَمَّا كَشَفْنا عَنْهُمُ الْعَذابَ أى: فحين كشفنا عنهم العذاب الذي حل بهم إِذا هُمْ يَنْكُثُونَ أى: إذا هم ينقضون عهدهم بالإيمان فلا يؤمنون. يقال: نكث فلان عهده ونقضه، إذا لم يف به.ومن سوء أدبهم أنهم قالوا: ادع لنا ربك، فكأن الله- تعالى- رب موسى وحده، وليس ربا لهم.وشبيه بهاتين الآيتين قوله- تعالى-: وَلَمَّا وَقَعَ عَلَيْهِمُ الرِّجْزُ قالُوا يا مُوسَى ادْعُ لَنا رَبَّكَ بِما عَهِدَ عِنْدَكَ، لَئِنْ كَشَفْتَ عَنَّا الرِّجْزَ لَنُؤْمِنَنَّ لَكَ، وَلَنُرْسِلَنَّ مَعَكَ بَنِي إِسْرائِيلَ. فَلَمَّا كَشَفْنا عَنْهُمُ الرِّجْزَ إِلى أَجَلٍ هُمْ بالِغُوهُ إِذا هُمْ يَنْكُثُونَ
وَ نَادٰى فِرْعَوْنُ فِیْ قَوْمِهٖ قَالَ یٰقَوْمِ اَلَیْسَ لِیْ مُلْكُ مِصْرَ وَ هٰذِهِ الْاَنْهٰرُ تَجْرِیْ مِنْ تَحْتِیْۚ-اَفَلَا تُبْصِرُوْنَؕ(۵۱)
اور فرعون اپنی قوم میں (ف۸۵) پکارا کہ اے میری قوم! کیا میرے لیے مصر کی سلطنت نہیں اور یہ نہریں کہ میرے نیچے بہتی ہیں (ف۸۶) تو کیا تم دیکھتے نہیں (ف۸۷)
ثم حكى- سبحانه- جانبا من طغيان فرعون وفجوره، واستخفافه بعقول قومه فقال:وَنادى فِرْعَوْنُ فِي قَوْمِهِ ... أى: أن فرعون جمع زعماء قومه، وأخبرهم بما يريد أن يقول لهم.أو أنه أمر مناديا ينادى في قومه جميعا، ليعلمهم بما يريد إعلامهم به، وأسند- سبحانه- النداء إلى فرعون، لأنه هو الآمر به.والتعبير بقوله: فِي قَوْمِهِ يشعر بأن النداء قد وصل إليهم جميعا ودخل في قلوبهم.وقوله- تعالى-: قالَ يا قَوْمِ أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهذِهِ الْأَنْهارُ تَجْرِي مِنْ تَحْتِي أَفَلا تُبْصِرُونَ ... حكاية لما قاله فرعون لقومه.أى: أن فرعون جمع عظماء قومه، وقال لهم- بعد أن خشي إيمانهم بموسى: يا قَوْمِ أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ بحيث لا ينازعني في ذلك منازع، ولا يخالفني في ذلك مخالف، فالاستفهام للتقرير.وفضلا عن ذلك فإن هذه الأنهار التي ترونها متفرعة من النيل تجرى تحت قدمي، أو من تحت قصرى.أَفَلا تُبْصِرُونَ ذلك، وتستدلون به على قوة أمرى، وسعة ملكي، وعظم شأنى فمفعول تُبْصِرُونَ محذوف، أى: أفلا تبصرون عظمتي.
اَمْ اَنَا خَیْرٌ مِّنْ هٰذَا الَّذِیْ هُوَ مَهِیْنٌ ﳔ وَّ لَا یَكَادُ یُبِیْنُ(۵۲)
یا میں بہتر ہوں (ف۸۸) اس سے کہ ذلیل ہے (ف۸۹) اور بات صاف کرتا معلوم نہیں ہوتا (ف۹۰)
وأَمْ في قوله: أَمْ أَنَا خَيْرٌ مِنْ هذَا الَّذِي هُوَ مَهِينٌ وَلا يَكادُ يُبِينُ هي المنقطعة المقدرة بمعنى بل التي هي للاضراب، والإشارة بهذا تعود لموسى- عليه السلام-.أى: بل أنا خير من هذا الذي هو فقير وليس صاحب ملك أو سطوة أو مال.. وفي الوقت نفسه لا يَكادُ يُبِينُ أى: لا يكاد يظهر كلامه لعقدة في لسانه.
فَلَوْ لَاۤ اُلْقِیَ عَلَیْهِ اَسْوِرَةٌ مِّنْ ذَهَبٍ اَوْ جَآءَ مَعَهُ الْمَلٰٓىٕكَةُ مُقْتَرِنِیْنَ(۵۳)
تو اس پر کیوں نہ ڈالے گئے سونے کے کنگن (ف۹۱) یا اس کے ساتھ فرشتے آتے کہ اس کے پاس رہتے (ف۹۲)
ثم أضاف إلى ذلك قوله- كما حكى القرآن عنه: فَلَوْلا أُلْقِيَ عَلَيْهِ أَسْوِرَةٌ مِنْ ذَهَبٍ أَوْ جاءَ مَعَهُ الْمَلائِكَةُ مُقْتَرِنِينَ.والأسورة: جمع سوار، وهو كناية عن تمليكه، وكانوا إذا ملكوا رجلا عليهم، جعلوا في يديه سوارين، وطوقوه بطوق من ذهب، علامة على أنه ملكهم.أى: فهلا لو كان موسى ملكا أو رسولا، أن يحلى نفسه بأساور من ذهب، أو جاء إلينا ومعه الملائكة محيطين به، ومتقارنين معه، لكي يعينوه ويشهدوا له بالنبوة.ولا شك أن هذه الأقوال التي تفوه بها فرعون، تدل على شدة طغيانه، وعلى عظم غروره، وعلى استغلاله الضخم لغفلة قومه وسفاهتهم وضعفهم.ورحم الله الإمام ابن كثير فقد قال ما ملخصه: وهذا الذي قاله فرعون- لعنه الله- كذب واختلاق، وإنما حملة على هذا الكفر والعناد، وهو ينظر إلى موسى- عليه السلام- بعين كافرة شقية، وقد كان موسى من الجلالة والعظمة والبهاء في صورة يبهر أبصار ذوى الألباب.وقوله: وَلا يَكادُ يُبِينُ افتراء- أيضا- فإنه وإن كان قد أصاب لسانه في حال صغره شيء من جهة تلك الجمرة، فقد سأل ربه أن يحل عقدة من لسانه، فاستجاب الله- تعالى- له وفرعون إنما أراد بهذا الكلام، أن يروج على رعيته، لأنهم كانوا جهلة أغبياء.. .
فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهٗ فَاَطَاعُوْهُؕ-اِنَّهُمْ كَانُوْا قَوْمًا فٰسِقِیْنَ(۵۴)
پھر اس نے اپنی قوم کو کم عقل کرلیا (ف۹۳) تو وہ اس کے کہنے پر چلے (ف۹۴) بیشک وہ بے حکم لوگ تھے،
وقوله- تعالى-: فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطاعُوهُ، إِنَّهُمْ كانُوا قَوْماً فاسِقِينَ بيان لما كان عليه فرعون من لؤم وخداع، ولما كان عليه قومه من جبن وخروج على طاعة الله- تعالى-.أى: وبعد أن قال فرعون لقومه ما قال من تطاول على موسى- عليه السلام- طلب منهم الخفة والسرعة والمبادرة إلى الاستجابة لما قاله لهم، فأجابوه إلى طلبه منهم، لأنهم كانوا قوما خارجين على طاعتنا، مؤثرين الغي على الرشد، والضلالة على الهداية..
فَلَمَّاۤ اٰسَفُوْنَا انْتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَاَغْرَقْنٰهُمْ اَجْمَعِیْنَۙ(۵۵)
پھر جب انہوں نے وہ کیا جس پر ہمارا غضب ان پر آیا ہم نے ان سے بدلہ لیا تو ہم نے ان سب کو ڈبودیا،
ثم بين- سبحانه- سوء عاقبتهم فقال: فَلَمَّا آسَفُونا انْتَقَمْنا مِنْهُمْ فَأَغْرَقْناهُمْ أَجْمَعِينَ. فَجَعَلْناهُمْ سَلَفاً وَمَثَلًا لِلْآخِرِينَ.وقوله: آسَفُونا أى: أغضبونا أشد الغضب، من أسف فلان أسفا، إذا اشتد غضبه وسَلَفاً أى: قدوة لمن بعدهم من الكفار في استحقاق مثل عقوبتهم. وهو مصدر وصف به على سبيل المبالغة، ولذا يطلق على القليل والكثير. يقال: سلفه الشيء سلفا، إذا تقدم ومضى. وفلان سلف له عمل صالح، أى: تقدم له عمل صالح ومنه: الأسلاف، أى:المتقدمون على غيرهم.أى: فلما أغضبنا فرعون وقومه أشد الغضب، بسبب إصرارهم على الكفر والفسوق والعصيان، انتقمنا منهم انتقاما شديدا، حيث أغرقناهم أجمعين في اليم.
فَجَعَلْنٰهُمْ سَلَفًا وَّ مَثَلًا لِّلْاٰخِرِیْنَ۠(۵۶)
انہیں ہم نے کردیا اگلی داستان اور کہاوت پچھلوں کے لیے (ف۹۵)
فَجَعَلْناهُمْ سَلَفاً أى قدوة لمن بعدهم في الكفر في استحقاق مثل عقوبتهم كما جعلناهم مَثَلًا أى: عبرة وموعظة لِلْآخِرِينَ الذين يعملون مثل أعمالهم..وبذلك نرى في هذه الآيات الكريمة، جانبا من قصة موسى- عليه السلام- مع فرعون وملئه.ويتجلى في هذا الجانب من القصة طغيان فرعون، واستخفافه بعقول قومه، ومجاهرته بالكذب والفجور.. فكانت عاقبتهم جميعا الدمار والبوار.ثم انتقلت السورة الكريمة من الحديث عن جانب من قصة موسى، إلى الحديث عن جانب من قصة عيسى- عليه السلام- فقال- تعالى-:
وَ لَمَّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْیَمَ مَثَلًا اِذَا قَوْمُكَ مِنْهُ یَصِدُّوْنَ(۵۷)
اور جب ابنِ مریم کی مثال بیان کی جائے، جبھی تمہاری قوم اس سے ہنسنے لگتے ہیں (ف۹۶)
ذكر المفسرون في سبب نزول قوله- تعالى-: وَلَمَّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلًا ...روايات منها: أنه لما نزل قوله- تعالى-: وَسْئَلْ مَنْ أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رُسُلِنا ...تعلق المشركون بأمر عيسى وقالوا: ما يريد محمد صلّى الله عليه وسلّم إلا أن نتخذه إلها، كما اتخذت النصارى عيسى ابن مريم فأنزل الله- تعالى- وَلَمَّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلًا....وقال الواحدي: أكثر المفسرين على أن هذه الآية، نزلت في مجادلة ابن الزبعرى- قبل أن يسلم- مع النبي صلّى الله عليه وسلّم فإنه لما نزل قوله- تعالى-: إِنَّكُمْ وَما تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ....قال ابن الزبعرى خصمتك- يا محمد- ورب الكعبة. أليست النصارى يعبدون المسيح، واليهود يعبدون عزيرا، وبنو مليح يعبدون الملائكة؟ فإن كان هؤلاء في النار، فقد رضينا أن نكون نحن وآلهتنا في النار؟.فقال له النبي صلّى الله عليه وسلّم: «ما أجهلك بلغة قومك؟ أما فهمت أن ما لما لا يعقل» ؟. وفي رواية أنه صلّى الله عليه وسلّم قال له: «إنهم يعبدون الشيطان» وأنزل الله- تعالى-: وَلَمَّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلًا إِذا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ.. .وكلمة يَصِدُّونَ قرأها الجمهور بكسر الصاد. وقرأها ابن عامر والكسائي بضم الصاد. وهما بمعنى واحد. ومعناهما: يضجون ويصيحون فرحا. يقال: صد يصد- بكسر الصاد وضمها- بمعنى ضج- كعكف- بضم الكاف وكسرها.ويرى بعضهم أن يَصِدُّونَ- بكسر الصاد- بمعنى: يضجون ويصيحون ويضحكون ... وأن يَصِدُّونَ- بضم الصاد- بمعنى يعرضون. من الصد بمعنى الإعراض عن الحق.والمعنى: وحين ضرب ابن الزبعرى، عيسى ابن مريم مثلا، وحاجك بعبادة النصارى له، فاجأك قومك- كفار قريش- بسبب هذه المحاجة، بالصياح والضجيج والضحك، فرحا منهم بما قاله ابن الزبعرى، وظنا منهم أنه قد انتصر عليك في الخصومة والمجادلة.فمن في قوله مِنْهُ الظاهر أنها للسببية، كما في قوله- تعالى-: مِمَّا خَطِيئاتِهِمْ أُغْرِقُوا فَأُدْخِلُوا ناراً....والمراد بالمثل هنا: الحجة والبرهان.قال الآلوسى: والحجة لما كانت تسير مسير الأمثال شهرة، قيل لها مثل. أو المثل بمعنى المثال. أى: جعله مقياسا وشاهدا على إبطال قوله صلّى الله عليه وسلّم: إن آلهتهم من حصب جهنم، وجعل عيسى- عليه السلام- نفسه مثلا من باب: الحج عرفة .
وَ قَالُوْۤا ءَاٰلِهَتُنَا خَیْرٌ اَمْ هُوَؕ-مَا ضَرَبُوْهُ لَكَ اِلَّا جَدَلًاؕ-بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُوْنَ(۵۸)
اور کہتے ہیں کیا ہمارے معبود بہتر ہیں یا وہ (ف۹۷) انہوں نے تم سے یہ نہ کہی مگر ناحق جھگڑے کو (ف۹۸) بلکہ وہ ہیں جھگڑالو لوگ (ف۹۹)
ثم بين- سبحانه- أقوالهم التي بنوا عليها باطلهم فقال: وَقالُوا أَآلِهَتُنا خَيْرٌ أَمْ هُوَ ... ؟ والضمير هُوَ يعود إلى عيسى- عليه السلام-.ومرادهم بالاستفهام تفضيل عيسى- عليه السلام- على آلهتهم، مجاراة للنبي صلّى الله عليه وسلّم.فكأنهم يقولون: لقد أخبرتنا بأن عيسى ابن مريم رسول من رسل الله- تعالى- وأنه خير من آلهتنا.. فإن كان في النار يوم القيامة لأن الله- تعالى- يقول: إِنَّكُمْ وَما تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ فقد رضينا أن نكون نحن وآلهتنا في النار.وقد أبطل الله زعمهم هذا بقوله: ما ضَرَبُوهُ لَكَ إِلَّا جَدَلًا.أى: لا تهتم- أيها الرسول الكريم- بما قالوه، فإنهم ما ضربوا لك هذا المثل بعيسى إلا من أجل مجادلتك بالباطل، وليس من أجل الوصول إلى الحق.وقوله: بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ مؤكد لما قبله من كونهم قالوا ذلك لأجل الجدل بالباطل، لا لطلب الحق، وإضراب عن مزاعمهم وعن مجاراتهم في خصومتهم.أى: ذرهم- أيها الرسول الكريم- في باطلهم يعمهون، فإنهم قوم مجبولون على الخصومة، وعلى اللجاج في الباطل.فقوله: خَصِمُونَ جمع خصم- بفتح فكسر- وهو الإنسان المبالغ في الجدل والخصومة، دون أن يكون هدفه الوصول إلى الحق.وجاء التعبير في قوله: ما ضَرَبُوهُ لَكَ إِلَّا جَدَلًا بصيغة الجمع، مع أن ضارب المثل واحد، وهو ابن الزبعرى، لأن إسناد فعل الواحد إلى الجماعة، من الأساليب المعروفة في اللغة العربية، ومنه قول الشاعر:فسيف بنى عبس وقد ضربوا به ... نبا بيدي ورقاء عن رأس خالدفإنه قد نسب الضرب إلى جميع بنى عبس، مع تصريحه بأن الضارب واحد، وهو ورقاء..ولأنهم لما أيدوا ابن الزبعرى في قوله، فكأنهم جميعا قد قالوه..
اِنْ هُوَ اِلَّا عَبْدٌ اَنْعَمْنَا عَلَیْهِ وَ جَعَلْنٰهُ مَثَلًا لِّبَنِیْۤ اِسْرَآءِیْلَؕ(۵۹)
وہ تو نہیں مگر ایک بندہ جس پر ہم نے احسان فرمایا (ف۱۰۰) اور اسے ہم نے بنی اسرائیل کے لیے عجیب نمونہ بنایا (ف۱۰۱)
ثم بين- سبحانه- حقيقة عيسى- عليه السلام- فقال: إِنْ هُوَ إِلَّا عَبْدٌ أَنْعَمْنا عَلَيْهِ، وَجَعَلْناهُ مَثَلًا لِبَنِي إِسْرائِيلَ.أى: ليس هو أى: عيسى- عليه السلام- إلا عبد من عبادنا الذين أنعمنا عليهم بنعمة النبوة وَجَعَلْناهُ مَثَلًا أى: أمرا عجيبا، جديرا بأن يسير ذكره كالأمثال لِبَنِي إِسْرائِيلَ الذين أرسلناه إليهم، حيث خلقناه من غير أب، وأعطيناه المعجزات الباهرات التي منها: إبراء الأكمة والأبرص وإحياء الموتى بإذن الله ... وهذا كله دليل على وحدانيتنا، وكمال قدرتنا ونفاذ إرادتنا.فالآية الكريمة ترفع من شأن عيسى- عليه السلام-، وتحدد منزلته، وتنفى عنه غلو المغالين في شأنه، وإنقاص المنقصين من قدره.
وَ لَوْ نَشَآءُ لَجَعَلْنَا مِنْكُمْ مَّلٰٓىٕكَةً فِی الْاَرْضِ یَخْلُفُوْنَ(۶۰)
اور اگر ہم چاہتے تو (ف۱۰۲) زمین میں تمہارے بدلے فرشتے بساتے (ف۱۰۳)
ثم أكد- سبحانه- كمال قدرته فقال: وَلَوْ نَشاءُ لَجَعَلْنا مِنْكُمْ مَلائِكَةً فِي الْأَرْضِ يَخْلُفُونَ.و «من» في قوله- تعالى- مِنْكُمْ يصح أن تكون للبدلية، فيكون المعنى: ولو نشاء إهلاككم أيها الكافرون لفعلنا ولجعلنا بدلا منكم ملائكة يخلفونكم بعد موتكم، ولكنا لم نشأ ذلك لحكم نحن نعلمها.ويصح أن تكون للتبعيض فيكون المعنى: ولو نشاء لجعلنا منكم يا رجال قريش ملائكة، بطريق التوليد منكم، من غير واسطة نساء، فهذا أمر سهل علينا، مع أنه أعجب من حال عيسى الذي تستغربونه، لأنه جاء من غير أب، مع أن الأم من طبيعتها الولادة.فالمقصود بالآية الكريمة بيان أن قدرة الله- تعالى- لا يعجزها شيء، وأن ما تعجبوا منه، الله- تعالى- قادر على أن يأتى بما هو أعجب منه.قال صاحب الكشاف: قوله وَلَوْ نَشاءُ لقدرتنا على خلق عجائب الأمور، وبدائع الفطر، لَجَعَلْنا مِنْكُمْ أى: لولدنا منكم يا رجال مَلائِكَةً يخلفونكم في الأرض، كما يخلفكم أولادكم، كما ولدنا عيسى من أنثى من غير فحل، لتعرفوا تميزنا بالقدرة الباهرة، ولتعلموا أن الملائكة أجسام.. وذات الله- تعالى- متعالية عن ذلك .
وَ اِنَّهٗ لَعِلْمٌ لِّلسَّاعَةِ فَلَا تَمْتَرُنَّ بِهَا وَ اتَّبِعُوْنِؕ-هٰذَا صِرَاطٌ مُّسْتَقِیْمٌ(۶۱)
اور بیشک عیسی ٰ قیامت کی خبر ہے (ف۱۰۴) تو ہرگز قیامت میں شک نہ کرنا اور میرے پیرو ہونا (ف۱۰۵) یہ سیدھی راہ ہے،
ثم بين- سبحانه- بعض ما يتعلق بعيسى- عليه السلام- فقال: وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِلسَّاعَةِ.فالضمير في إِنَّهُ يعود إلى عيسى لأن السياق في شأنه، وقيل يعود إلى القرآن أو إلى الرسول صلّى الله عليه وسلّم وضعف ذلك لأن الكلام في شأن عيسى.والمراد بالعلم: العلامة، واللام في قوله لِلسَّاعَةِ بمعنى على. والكلام على حذف مضاف.والمعنى: وإن عيسى- عليه السلام- عند نزوله من السماء في آخر الزمان حيا، ليكونن علامة على قرب قيام الساعة، ودليلا على أن نهاية الدنيا توشك أن تقع..قال الآلوسى: وَإِنَّهُ أى: عيسى عليه السلام- لَعِلْمٌ لِلسَّاعَةِ أى: أنه بنزوله شرط من أشراطها.وقد نطقت الأخبار بنزوله- عليه السلام- في آخر الزمان، فقد أخرج البخاري ومسلم والترمذي وأبو داود وابن ماجة، عن أبى هريرة قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: لينزلن ابن مريم، حكما عدلا فليكسرن الصليب، وليقتلن الخنزير، وليضعن الجزية، وليذهبن الشحناء والتباغض والتحاسد، وليدعون إلى المال فلا يقبله أحد .وقال ابن كثير ما ملخصه: قوله: إِنَّهُ لَعِلْمٌ لِلسَّاعَةِ الصحيح أن الضمير يعود على عيسى، فإن السياق في ذكره، ثم المراد بذلك نزوله قبل يوم القيامة كما قال- تعالى- وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ ... أى: قبل موت عيسى.وقد تواترت الأحاديث عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم «أنه أخبر بنزول عيسى قبل يوم القيامة، إماما عادلا، وحكما مقسطا» .وقوله: فَلا تَمْتَرُنَّ بِها أى: فلا تشكن في وقوعها في الوقت الذي يشاؤه الله- تعالى-، فقوله تَمْتَرُنَّ من المرية بمعنى الشك والريب.وقوله: وَاتَّبِعُونِ هذا صِراطٌ مُسْتَقِيمٌ أى: واتبعوا- أيها الناس- ما جئتكم به من عند ربي، فإن هذا الذي جئتكم به، هو الطريق المستقيم الذي يوصلكم إلى السعادة في الدنيا والآخرة.
وَ لَا یَصُدَّنَّكُمُ الشَّیْطٰنُۚ-اِنَّهٗ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِیْنٌ(۶۲)
اور ہرگز شیطان تمہیں نہ روک دے (ف۱۰۶) بیشک وہ تمہارا کھلا دشمن ہے،
وَلا يَصُدَّنَّكُمُ الشَّيْطانُ أى: ولا يمنعنكم الشيطان بسبب وسوسته لكم، عن طاعتي واتباعى إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ أى: إن الشيطان عداوته لكم ظاهرة، وكيده لكم واضح، كما قال- تعالى-: إِنَّ الشَّيْطانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا. إِنَّما يَدْعُوا حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحابِ السَّعِيرِ.
وَ لَمَّا جَآءَ عِیْسٰى بِالْبَیِّنٰتِ قَالَ قَدْ جِئْتُكُمْ بِالْحِكْمَةِ وَ لِاُبَیِّنَ لَكُمْ بَعْضَ الَّذِیْ تَخْتَلِفُوْنَ فِیْهِۚ-فَاتَّقُوا اللّٰهَ وَ اَطِیْعُوْنِ(۶۳)
اور جب عیسیٰ روشن نشانیاں (ف۱۰۷) لایا اس نے فرمایا میں تمہارے پاس حکمت لے کر آیا (ف۱۰۸) اور اس لیے میں تم سے بیان کردوں بعض وہ باتیں جن میں تم اختلاف رکھتے ہو (ف۱۰۹) تو اللہ سے ڈرو اور میرا حکم مانو،
ثم حكى- سبحانه- ما قاله عيسى- عليه السلام- لقومه، عند ما بعثه الله إليهم فقال: وَلَمَّا جاءَ عِيسى بِالْبَيِّناتِ، قالَ قَدْ جِئْتُكُمْ بِالْحِكْمَةِ.والبينات: جمع بينة. وهي صفة لموصوف محذوف، والمراد بها: المعجزات التي أيد الله- تعالى- بها عيسى- عليه السلام-.والمراد بالحكمة: التشريعات والتكاليف والمواعظ التي أرشدهم إليها، عن طريق الكتاب الذي أنزله الله تعالى إليه، وهو الإنجيل.أى: وحين جاء عيسى- عليه السلام- إلى قومه، قال لهم على سبيل النصح والإرشاد:يا قوم لقد جئتكم بالمعجزات البينات الواضحة التي تشهد بصدقى وجئتكم بالإنجيل المشتمل على ما تقتضيه الحكمة الإلهية من آداب وتشريعات ومواعظ.وقوله: وَلِأُبَيِّنَ لَكُمْ بَعْضَ الَّذِي تَخْتَلِفُونَ فِيهِ متعلق بمحذوف والتقدير:قد جئتكم بالحكمة لأعلمكم إياها، وجئتكم- أيضا- لأبين لكم ولأصحح لكم بعض الأمور التي تختلفون فيها.وقال- سبحانه- وَلِأُبَيِّنَ لَكُمْ بَعْضَ الَّذِي تَخْتَلِفُونَ فِيهِ ولم يقل كل الذي تختلفون فيه، للإشعار بالرحمة بهم، وبالستر عليهم، حيث بين البعض وترك البعض الآخر، لأنه لا ضرورة تدعو إلى بيانه.قال صاحب الكشاف: فإن قلت: هلا بين لهم كل الذي يختلفون فيه؟ قلت: كانوا يختلفون في الديانات، وما يتعلق بالتكليف، وفيما سوى ذلك مما لم يتعبدوا بمعرفته والسؤال عنه، وإنما بعث ليبين لهم ما اختلفوا فيه مما يعنيهم من أمر دينهم.. .وقوله- تعالى-: فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ. إِنَّ اللَّهَ هُوَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ هذا صِراطٌ مُسْتَقِيمٌ.أى: إذا كان الأمر كما ذكرت لكم، فاتقوا الله- تعالى- بأن تصونوا أنفسكم عن كل ما يغضبه، وبأن تطيعوني في كل ما آمركم به أو أنهاكم عنه.
اِنَّ اللّٰهَ هُوَ رَبِّیْ وَ رَبُّكُمْ فَاعْبُدُوْهُؕ-هٰذَا صِرَاطٌ مُّسْتَقِیْمٌ(۶۴)
بیشک اللہ میرا رب اور تمہارا رب تو اسے پوجو، یہ سیدھی راہ ہے (ف۱۱۰)
وإن الله- تعالى- هو ربي وربكم فأخلصوا له العبادة والطاعة، وهذا الذي آمركم به أو أنهاكم عنه، هو الطريق القويم، الذي يوصلكم إلى السعادة الدنيوية والأخروية.
فَاخْتَلَفَ الْاَحْزَابُ مِنْۢ بَیْنِهِمْۚ-فَوَیْلٌ لِّلَّذِیْنَ ظَلَمُوْا مِنْ عَذَابِ یَوْمٍ اَلِیْمٍ(۶۵)
پھر وہ گروہ آپس میں مختلف ہوگئے (ف۱۱۱) تو ظالموں کی خرابی ہے (ف۱۱۲) ایک درد ناک دن کے عذاب سے (ف۱۱۳)
ثم بين- سبحانه- موقف أهل الكتاب من دعوة عيسى- عليه السلام- فقال:فَاخْتَلَفَ الْأَحْزابُ مِنْ بَيْنِهِمْ....والأحزاب: جمع حزب. والمراد بهم الفرق التي تحزبت وتجمعت على الباطل من بعد عيسى.وضمير الجمع في قوله مِنْ بَيْنِهِمْ يعود إلى من بعث إليهم عيسى- عليه السلام- من اليهود والنصارى.وقيل: يعود إلى النصارى خاصة، لأنهم هم الذين اختلفوا في شأنه، فمنهم من قال: هو الله ومنهم من قال: هو ابن الله. ومنهم من قال: ثالث ثلاثة.قال الآلوسى: قوله: فَاخْتَلَفَ الْأَحْزابُ أى: الفرق المتحزبة مِنْ بَيْنِهِمْ أى: من بين من بعث إليهم، وخاطبهم بما خاطبهم من اليهود والنصارى وهم أمة دعوته- عليه السلام-.وقيل: المراد النصارى، وهم أمة إجابته، وقد اختلفوا فرقا: ملكانية، ونسطورية، ويعقوبية .وقوله- تعالى-: فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْ عَذابِ يَوْمٍ أَلِيمٍ بيان للعقاب الشديد الذي أعده الله- تعالى- لهم، بسبب اختلافهم وبغيهم، ونسبتهم إلى عيسى ما هو برىء منه.أى: فهلاك وعذاب شديد للذين ظلموا أنفسهم بالكفر، وبافترائهم على عيسى- عليه السلام-، وما أشد حسرتهم في هذا اليوم العصيب.
هَلْ یَنْظُرُوْنَ اِلَّا السَّاعَةَ اَنْ تَاْتِیَهُمْ بَغْتَةً وَّ هُمْ لَا یَشْعُرُوْنَ(۶۶)
کاہے کے انتظار میں ہیں مگر قیامت کے کہ ان پر اچانک آجائے اور انہیں خبر نہ ہو،
والاستفهام في قوله: هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا السَّاعَةَ أَنْ تَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ للنفي.وينظرون بمعنى: ينتظرون. والخطاب لكفار مكة الذين أعرضوا عن دعوة الحق.أى: ما ينتظر هؤلاء المشركون إلا قيام الساعة، وهذا القيام سيأتيهم فجأة، وبدون شعور منهم بها، وحينئذ يندمون ولن ينفعهم الندم، ولو كانوا عقلاء لاتبعوا الحق الذي جاءهم به رسولنا صلّى الله عليه وسلّم، قبل فوات الأوان.فالآية الكريمة دعوة لهؤلاء المشركين إلى الاستجابة للرسول صلّى الله عليه وسلّم إذا دعاهم لما يصلحهم، من قبل أن يأتى يوم لا بيع فيه ولا خلال.وشبيه بهذه الآية قوله- تعالى-: فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا السَّاعَةَ أَنْ تَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً فَقَدْ جاءَ أَشْراطُها. فَأَنَّى لَهُمْ إِذا جاءَتْهُمْ ذِكْراهُمْ.وبذلك نرى الآيات الكريمة، قد وبخت المشركين على جدالهم بالباطل وردت عليهم بما يخرس ألسنتهم، وبينت الحق في شأن عيسى- عليه السلام- وتوعدت المختلفين في أمره- اختلافا يتنافى مع ما جاءهم به- بالعذاب الشديد.وبعد هذا الحديث عن جانب من قصة موسى، وعن جانب من قصة عيسى- عليهما السلام-، وعن موقف أقوامهما منهما.. بعد كل ذلك رسمت السورة الكريمة صورة واضحة لحسن عاقبة المؤمنين، ولسوء عاقبة المكذبين، ليهلك من هلك عن بينة، ويحيا من حي عن بينة، فقال- تعالى-:
اَلْاَخِلَّآءُ یَوْمَىٕذٍۭ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ اِلَّا الْمُتَّقِیْنَؕ۠(۶۷)
گہرے دوست اس دن ایک دوسرے کے دشمن ہوں گے مگر پرہیزگار (ف۱۱۴)
وقوله- تعالى-: الْأَخِلَّاءُ جمع خليل بمعنى صديق. وسمى الأصدقاء أخلاء، لأن المودة التي بينهم تخللت قلوبهم واختلطت بنفوسهم.أى: الأصدقاء في الدنيا، يصير بعضهم لبعض يوم القيامة أعداء، لأنهم كانوا يجتمعون على الشرور والآثام في الدنيا، وكانوا يتواصون بالبقاء على الكفر والفسوق والعصيان فلما جاء يوم القيامة، وانكشفت الحقائق.. انقلبت صداقتهم إلى عداوة.وقوله- تعالى-: الْأَخِلَّاءُ جمع خليل بمعنى صديق. وسمى الأصدقاء أخلاء، لأن المودة التي بينهم تخللت قلوبهم واختلطت بنفوسهم.أى: الأصدقاء في الدنيا، يصير بعضهم لبعض يوم القيامة أعداء، لأنهم كانوا يجتمعون على الشرور والآثام في الدنيا، وكانوا يتواصون بالبقاء على الكفر والفسوق والعصيان فلما جاء يوم القيامة، وانكشفت الحقائق.. انقلبت صداقتهم إلى عداوة.إِلَّا الْمُتَّقِينَ فإن صداقتهم في الدنيا تنفعهم في الآخرة، لأنهم أقاموها على الإيمان والعمل الصالح والطاعة لله رب العالمين.فالآية الكريمة إنذار للكافرين الذين كانت صداقاتهم في الدنيا تقوم على محاربة الحق، ومناصرة الباطل ... وبشارة عظيمة للمتقين الذين بنوا صداقتهم في الدنيا على طاعة الله- تعالى- ونصرة دينه، والعمل بشريعته.
یٰعِبَادِ لَا خَوْفٌ عَلَیْكُمُ الْیَوْمَ وَ لَاۤ اَنْتُمْ تَحْزَنُوْنَۚ(۶۸)
ان سے فرمایا جائے گا اے میرے بندو آج نہ تم پر خوف نہ تم کو غم ہو،
ثم بشر الله- تعالى- عباده بجملة من البشارات الكريمة، فقال- تعالى-: يا عِبادِ لا خَوْفٌ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ وَلا أَنْتُمْ تَحْزَنُونَ. الَّذِينَ آمَنُوا بِآياتِنا وَكانُوا مُسْلِمِينَ. ادْخُلُوا الْجَنَّةَ أَنْتُمْ وَأَزْواجُكُمْ تُحْبَرُونَ.والخوف معناه: توقع ما يخشاه ويغتم له الإنسان في المستقبل. والحزن معناه: غم يلحق الإنسان من أجل شيء مضى.وقوله: تُحْبَرُونَ أى: تفرحون وتسرون سرورا عظيما يظهر حباره- بفتح الحاء وكسرها- أى: أثره الحسن على وجوهكم وأفئدتكم، فهو من الحبر- بفتح الحاء والباء- بمعنى الأثر. ويصح أن يكون من الحبر- بسكون الباء- بمعنى الزينة وحسن الهيئة.وبهذا ترى الآيات الكريمة قد نفت عنهم الخوف والحزن، وفتحت لهم أبواب الجنة، وأعلمتهم بأنهم سيكونون هم وأزواجهم في سرور دائم.أى: يقول الله- تعالى- لعباده المؤمنين يوم القيامة: يا عباد الذين شرفتكم بالإضافة إلى ذاتى، لا خوف عليكم اليوم من أمر المستقبل، ولا أنتم تحزنون على أمر مضى.
اَلَّذِیْنَ اٰمَنُوْا بِاٰیٰتِنَا وَ كَانُوْا مُسْلِمِیْنَۚ(۶۹)
وہ جو ہماری آیتوں پر ایمان لائے اور مسلمان تھے،
وقوله: الَّذِينَ آمَنُوا بِآياتِنا وَكانُوا مُسْلِمِينَ في محل نصب، صفة لقوله «يا عباد» أى: يا عباد الذين آمنوا بآياتنا الدالة على وحدانيتنا وعلى صدق نبينا صلّى الله عليه وسلّم. وكانوا في الدنيا مخلصين وجوههم لنا، وجاعلين أنفسهم سالمة لطاعتنا..
اُدْخُلُوا الْجَنَّةَ اَنْتُمْ وَ اَزْوَاجُكُمْ تُحْبَرُوْنَ(۷۰)
داخل ہو جنت میں تم اور تمہاری بیبیاں اور تمہاری خاطریں ہوتیں (ف۱۱۵)
ادْخُلُوا الْجَنَّةَ أَنْتُمْ وَأَزْواجُكُمْ أى: ونساؤكم المؤمنات تُحْبَرُونَ أى: تسرون وتتلذذون بتلك النعم التي أنعم بها- سبحانه- عليكم.فالمراد بأزواجهم هنا: نساؤهم، لأن في هذه الصحبة تلذذا أكثر، ونعيما أكبر.والإضافة في قوله أَزْواجُكُمْ للاختصاص التام، فتخرج الأزواج غير المؤمنات.ومنهم من يرى أن المراد بقوله وَأَزْواجُكُمْ: نظراؤكم وأشباهكم في الطاعة لله- تعالى-.أى: ادخلوا الجنة أنتم وأشباهكم في الإيمان والطاعة، دخولا لا تنالون معه إلا الفرح الدائم، والسرور الذي لا انقطاع له.وشبيه بهذه الآية قوله- تعالى-: إِنَّ أَصْحابَ الْجَنَّةِ الْيَوْمَ فِي شُغُلٍ فاكِهُونَ. هُمْ وَأَزْواجُهُمْ فِي ظِلالٍ عَلَى الْأَرائِكِ مُتَّكِؤُنَ.
یُطَافُ عَلَیْهِمْ بِصِحَافٍ مِّنْ ذَهَبٍ وَّ اَكْوَابٍۚ-وَ فِیْهَا مَا تَشْتَهِیْهِ الْاَنْفُسُ وَ تَلَذُّ الْاَعْیُنُۚ-وَ اَنْتُمْ فِیْهَا خٰلِدُوْنَۚ(۷۱)
ان پر دورہ ہوگا سونے کے پیالوں اور جاموں کا اور اس میں جو جی چاہے اور جس سے آنکھ کو لذت پہنچے (ف۱۱۶) اور تم اس میں ہمیشہ رہو گے،
ثم بين- سبحانه- مظاهر أخرى لتكريمه لهؤلاء العباد فقال: يُطافُ عَلَيْهِمْ بِصِحافٍ مِنْ ذَهَبٍ وَأَكْوابٍ....والصحاف: جمع صحفة، وهي الآنية الواسعة الكبيرة التي توضع فيها الأطعمة.والأكواب: جمع كوب وهو ما يوضع فيه الشراب.وفي الكلام حذف يعرف من السياق، والتقدير: يقال لهم: ادخلوا الجنة أنتم وأزواجكم تحبرون، فإذا ما دخلوها واستقروا فيها، يطاف عليهم بأطعمة وأشربة في أوان من ذهب.ولم تذكر الأطعمة والأشربة للعلم بها، إذ لا معنى للطواف بالصحاف والأكواب وهي فارغة..وَفِيها ما تَشْتَهِيهِ الْأَنْفُسُ وَتَلَذُّ الْأَعْيُنُ أى: وفي الجنة التي دخلوها كل ما تشتهيه الأنفس من أنواع المشتهيات، وكل ما تتلذذ بين الأعين وتسر برؤيته.وَأَنْتُمْ أيها المؤمنون فِيها خالِدُونَ خلودا أبديا لا نهاية له.
وَ تِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِیْۤ اُوْرِثْتُمُوْهَا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُوْنَ(۷۲)
اور یہ ہے وہ جنت جس کے تم وارث کیے گئے اپنے اعمال سے،
ثم ختم- سبحانه- هذا التكريم لعباده بقوله: وَتِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي أُورِثْتُمُوها بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ. لَكُمْ فِيها فاكِهَةٌ كَثِيرَةٌ مِنْها تَأْكُلُونَ.واسم الإشارة تِلْكَ مبتدأ وخبره الْجَنَّةُ وما بعدهما صفة الجنة.. وفي الكلام التفات من الغيبة إلى الخطاب على سبيل التشريف.وقال- سبحانه- وَتِلْكَ بالإفراد، للإشعار بأن الخطاب لكل واحد من أهل الجنة، على سبيل العناية به، والإعلاء من شأنه.أى: ويقال لهم يوم القيامة على سبيل التشريف: وهذه الجنة التي أورثتموها بسبب أعمالكم الصالحة في الدنيا، لكم فيها فاكهة كثيرة، وثمار شهية لذيذة، منها تأكلون أكلا هنيئا مريئا.وعبر بقوله- تعالى- أُورِثْتُمُوها للإشعار بأنها قد صارت إليهم بفضل الله وكرمه، كما يصير الميراث إلى الوارث.وقوله بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ بيان للأسباب التي أوصلتهم إلى هذه المنازل العالية، فإن أعمالهم الطيبة التي تقبلها الله- تعالى- منهم، جعلتهم- بفضله وإحسانه- في أعلى الدرجات وأسماها.
لَكُمْ فِیْهَا فَاكِهَةٌ كَثِیْرَةٌ مِّنْهَا تَاْكُلُوْنَ(۷۳)
تمہارے لیے اس میں بہت میوے ہیں کہ ان میں سے کھاؤ (ف۱۱۷)
ثم ختم- سبحانه- هذا التكريم لعباده بقوله: وَتِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي أُورِثْتُمُوها بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ. لَكُمْ فِيها فاكِهَةٌ كَثِيرَةٌ مِنْها تَأْكُلُونَ.واسم الإشارة تِلْكَ مبتدأ وخبره الْجَنَّةُ وما بعدهما صفة الجنة.. وفي الكلام التفات من الغيبة إلى الخطاب على سبيل التشريف.وقال- سبحانه- وَتِلْكَ بالإفراد، للإشعار بأن الخطاب لكل واحد من أهل الجنة، على سبيل العناية به، والإعلاء من شأنه.أى: ويقال لهم يوم القيامة على سبيل التشريف: وهذه الجنة التي أورثتموها بسبب أعمالكم الصالحة في الدنيا، لكم فيها فاكهة كثيرة، وثمار شهية لذيذة، منها تأكلون أكلا هنيئا مريئا.وعبر بقوله- تعالى- أُورِثْتُمُوها للإشعار بأنها قد صارت إليهم بفضل الله وكرمه، كما يصير الميراث إلى الوارث.وقوله بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ بيان للأسباب التي أوصلتهم إلى هذه المنازل العالية، فإن أعمالهم الطيبة التي تقبلها الله- تعالى- منهم، جعلتهم- بفضله وإحسانه- في أعلى الدرجات وأسماها.
اِنَّ الْمُجْرِمِیْنَ فِیْ عَذَابِ جَهَنَّمَ خٰلِدُوْنَۚۖ(۷۴)
بیشک مجرم (ف۱۱۸) جہنم کے عذاب میں ہمیشہ رہنے والے ہیں،
وكعادة القرآن الكريم في المقارنة بين الأخيار والأشرار جاء الحديث عن سوء عاقبة الكافرين بعد الحديث عن حسن عاقبة المؤمنين، فقال- تعالى- إِنَّ الْمُجْرِمِينَ فِي عَذابِ جَهَنَّمَ خالِدُونَ.أى: إن الكافرين بالحق، الراسخين في الإجرام، الكاملين فيه، سيكونون يوم القيامة، في عذاب جهنم خالدين فيه خلودا أبديا.
لَا یُفَتَّرُ عَنْهُمْ وَ هُمْ فِیْهِ مُبْلِسُوْنَۚ(۷۵)
وہ کبھی ان پر سے ہلکا نہ پڑے گا اور وہ اس میں بے آ س رہیں گے (ف۱۱۹)
لا يُفَتَّرُ عَنْهُمْ أى: لا يخفف عنهم العذاب، فقوله يُفَتَّرُ مأخوذ من الفتور بمعنى الهدوء والسكون، يقال: فترت الحمى، إذا خفت حدتها، وفتر المرض إذا سكن قليلا.وَهُمْ فِيهِ مُبْلِسُونَ أى: وهم في هذا العذاب في أقصى درجات الحزن والذلة واليأس يقال: أبلس فلان إبلاسا، إذا سكت عن الكلام سكوتا مصحوبا بالحزن وانقطاع الحجة.
وَ مَا ظَلَمْنٰهُمْ وَ لٰكِنْ كَانُوْا هُمُ الظّٰلِمِیْنَ(۷۶)
اور ہم نے ان پر کچھ ظلم نہ کیا، ہاں وہ خود ہی ظالم تھے (ف۱۲۰)
ثم بين- سبحانه- أن ما نزل بهؤلاء المجرمين من عذاب كان بسبب كفرهم فقال- تعالى-: وَما ظَلَمْناهُمْ وَلكِنْ كانُوا هُمُ الظَّالِمِينَ.أى: نحن ما ظلمنا هؤلاء الكافرين بإنزال هذا العذاب المهين الدائم بهم، ولكن هم الذين ظلموا أنفسهم، باستحبابهم العمى على الهدى، وإيثارهم الغي على الرشد.
وَ نَادَوْا یٰمٰلِكُ لِیَقْضِ عَلَیْنَا رَبُّكَؕ-قَالَ اِنَّكُمْ مّٰكِثُوْنَ(۷۷)
اور وہ پکاریں گے (ف۱۲۱) اے مالک تیرا رب ہمیں تمام کرچکے (ف۱۲۲) وہ فرمائے گا (ف۱۲۳) تمہیں تو ٹھہرنا (ف۱۲۴)
ثم حكى- سبحانه- بعض أقوالهم بعد نزول العذاب بهم فقال: وَنادَوْا يا مالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنا رَبُّكَ.والمراد بذلك سؤال مالك خازن النار، واللام في قوله لِيَقْضِ لام الدعاء.أى: وبعد أن طال العذاب على هؤلاء الكافرين، نادوا في ذلة واستجداء قائلين لخازن النار: يا مالك ادع لنا ربك كي يقضى علينا، بأن يميتنا حتى نستريح من هذا العذاب.فالمراد بالقضاء هنا: الإهلاك والإماتة، ومنه قوله- تعالى-: فَوَكَزَهُ مُوسى فَقَضى عَلَيْهِ.. أى: فأهلكه.وفي هذا النداء ما فيه من الكرب والضيق، حتى إنهم ليتمنون الموت لكي يستريحوا مما هم فيه من عذاب.وهنا يجيئهم الرد بما يزيدهم غما على غمهم، وهو قوله- تعالى-: قالَ إِنَّكُمْ ماكِثُونَ أى: قال مالك في الرد عليهم: إنكم ماكثون فيها بدون موت يريحكم من عذابها، وبدون حياة تجدون معها الراحة والأمان.
لَقَدْ جِئْنٰكُمْ بِالْحَقِّ وَ لٰكِنَّ اَكْثَرَكُمْ لِلْحَقِّ كٰرِهُوْنَ(۷۸)
بیشک ہم تمہارے پاس حق لائے (ف۱۲۵) مگر تم میں اکثر کو حق ناگوار ہے،
وقوله- سبحانه-: لَقَدْ جِئْناكُمْ بِالْحَقِّ وَلكِنَّ أَكْثَرَكُمْ لِلْحَقِّ كارِهُونَ تأكيد منه- تعالى- وتقرير لرد مالك عليهم، ومبين لسبب مكثهم فيها..أى: لقد جئناكم- أيها الكافرون- بالحق على ألسنة رسلنا الذين لم يتركوا وسيلة من الوسائل إلا وسلكوها معكم في الإرشاد إلى طريق الهدى، ولكن أكثركم كان كارها للحق والهدى، معرضا عنهما إعراضا كليا، مصرا على كفره وشركه.وعبر- سبحانه- بالأكثر لأن قلة منهم لم تكن كارهة للحق، ولكنها كانت منقادة لأمر سادتها وكبرائها.. أما الذين كانوا يعرفون الحق ولكن يكرهونه، فهم الزعماء والكبراء، لأنهم يرون في اتباعه انتقاصا من شهواتهم وتصادما مع أهوائهم.
اَمْ اَبْرَمُوْۤا اَمْرًا فَاِنَّا مُبْرِمُوْنَۚ(۷۹)
کیا انہوں نے (ف۱۲۶) اپنے خیال میں کوئی کام پکا کرلیا ہے (ف۱۲۷)
ثم وبخهم- سبحانه- على مكرهم، وبين أنه مكر بائر خائب فقال: أَمْ أَبْرَمُوا أَمْراً فَإِنَّا مُبْرِمُونَ.وأَمْ هنا منقطعة بمعنى بل والهمزة، والجملة الكريمة كلام مستأنف مسوق لتأنيب المشركين على ما دبروه من كيد للرسول صلّى الله عليه وسلّم وللمؤمنين. والإبرام: الإتقان للشيء والإحكام له، وأصله الفتل المحكم. يقال: أبرم فلان الحبل، إذا أتقن فتله.أى: بل أحكموا كيدهم للنبي صلّى الله عليه وسلّم ولأصحابه؟ إن كانوا يظنون ذلك فقد خاب ظنهم، لأن مكرنا أعظم من مكرهم، وكيدنا يزهق كيدهم..فالمقصود بالآية الكريمة الانتقال من عدم إجابة ندائهم، إلى تأنيبهم على ما كان منهم في الدنيا من مكر بالحق وأهله، وكيف أن هذا المكر السيئ كانت نتيجته الخسران لهم.
اَمْ یَحْسَبُوْنَ اَنَّا لَا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَ نَجْوٰىهُمْؕ-بَلٰى وَ رُسُلُنَا لَدَیْهِمْ یَكْتُبُوْنَ(۸۰)
تو ہم اپنا کام پکا کرنے والے ہیں (ف۱۲۸) کیا اس گھمنڈ میں ہیں کہ ہم ان کی آہستہ بات اور ان کی مشورت نہیں سنتے، ہاں کیوں نہیں (ف۱۲۹) اور ہمارے فرشتے ان کے پاس لکھ رہے ہیں،
وقوله- سبحانه-: أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْواهُمْ ... توبيخ آخر لهم على جهلهم وانطماس بصائرهم.والمراد بالسر هنا: حديثهم مع أنفسهم، والمراد بنجواهم: ما تكلم به بعضهم مع بعض دون أن يطلعوا عليه أحدا غيرهم.أى: بل أيظن هؤلاء الجاهلون أننا لا نعلم ما يتحدثون به مع أنفسهم، وما يتحدثون به مع غيرهم في خفية واستتار.وقوله- سبحانه-: بَلى وَرُسُلُنا لَدَيْهِمْ يَكْتُبُونَ أى: إذا كانوا يظنون ذلك فقد خابوا وخسروا، فإننا نعلم سرهم ونجواهم. ورسلنا الذين يحفظون عليهم أعمالهم، ملازمون لهم، ويسجلون عليهم كل صغيرة وكبيرة.وبعد هذا التهديد والوعيد لأولئك الكافرين.. تأخذ السورة الكريمة في تلقين الرسول صلّى الله عليه وسلّم الحجة التي يجابهم بها، وفي تسليته عما أصابه منهم، وفي الثناء على الله- تعالى- بما هو أهله من تمجيد وتعظيم، ثم تختتم بهذا النداء الخاشع من الرسول صلّى الله عليه وسلّم لخالقه- عز وجل- فتقول:
- English | Ahmed Ali
- Urdu | Ahmed Raza Khan
- Turkish | Ali-Bulaç
- German | Bubenheim Elyas
- Chinese | Chineese
- Spanish | Cortes
- Dutch | Dutch
- Portuguese | El-Hayek
- English | English
- Urdu | Fateh Muhammad Jalandhry
- French | French
- Hausa | Hausa
- Indonesian | Indonesian-Bahasa
- Italian | Italian
- Korean | Korean
- Malay | Malay
- Russian | Russian
- Tamil | Tamil
- Thai | Thai
- Farsi | مکارم شیرازی
- العربية | التفسير الميسر
- العربية | تفسير الجلالين
- العربية | تفسير السعدي
- العربية | تفسير ابن كثير
- العربية | تفسير الوسيط لطنطاوي
- العربية | تفسير البغوي
- العربية | تفسير القرطبي
- العربية | تفسير الطبري
- English | Arberry
- English | Yusuf Ali
- Dutch | Keyzer
- Dutch | Leemhuis
- Dutch | Siregar
- Urdu | Sirat ul Jinan