READ

Surah At-Tawbah

اَلتَّوْبَة
129 Ayaat    مدنیۃ


9:81
فَرِحَ الْمُخَلَّفُوْنَ بِمَقْعَدِهِمْ خِلٰفَ رَسُوْلِ اللّٰهِ وَ كَرِهُوْۤا اَنْ یُّجَاهِدُوْا بِاَمْوَالِهِمْ وَ اَنْفُسِهِمْ فِیْ سَبِیْلِ اللّٰهِ وَ قَالُوْا لَا تَنْفِرُوْا فِی الْحَرِّؕ-قُلْ نَارُ جَهَنَّمَ اَشَدُّ حَرًّاؕ-لَوْ كَانُوْا یَفْقَهُوْنَ(۸۱)
پیچھے رہ جانے والے اس پر خوش ہوئے کہ وہ رسول کے پیچھے بیٹھ رہے (ف۱۸۷) اور انہیں گوارا نہ ہوا کہ اپنے مال اور جان سے اللہ کی راہ میں لڑیں اور بولے اس گرمی میں نہ نکلو، تم فرماؤ جہنم کی آگ سب سے سخت گرم ہے، کسی طرح انہیں سمجھ ہو تی (ف۱۸۸)

يقول تعالى ذاما للمنافقين المتخلفين عن صحابة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في غزوة تبوك ، وفرحوا بمقعدهم بعد خروجه ، ( وكرهوا أن يجاهدوا ) معه ( بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله وقالوا ) أي : بعضهم لبعض : ( لا تنفروا في الحر ) ؛ وذلك أن الخروج في غزوة تبوك كان في شدة الحر ، عند طيب الظلال والثمار ، فلهذا قالوا ( لا تنفروا في الحر ) قال الله تعالى لرسوله : ( قل ) لهم : ( نار جهنم ) التي تصيرون إليها بسبب مخالفتكم ( أشد حرا ) مما فررتم منه من الحر ، بل أشد حرا من النار ، كما قال الإمام مالك ، عن أبي الزناد ، عن الأعرج ، عن أبي هريرة ، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : نار بني آدم التي يوقدون بها جزء من سبعين جزءا [ من نار جهنم فقالوا : يا رسول الله ، إن كانت لكافية . قال : إنها فضلت عليها بتسعة وستين جزءا ] أخرجاه في الصحيحين من حديث مالك ، به .وقال الإمام أحمد : حدثنا سفيان ، عن أبي الزناد ، عن الأعرج ، عن أبي هريرة ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : إن ناركم هذه جزء من سبعين جزءا من نار جهنم ، وضربت بالبحر مرتين ، ولولا ذلك ما جعل [ الله ] فيها منفعة لأحد وهذا أيضا إسناده صحيح .وقد روى الإمام أبو عيسى الترمذي وابن ماجه ، عن عباس الدوري ، عن يحيى بن أبي بكير عن شريك ، عن عاصم ، عن أبي صالح ، عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : أوقد على النار ألف سنة حتى احمرت ، ثم أوقد عليها ألف سنة حتى ابيضت ، ثم أوقد عليها ألف سنة حتى اسودت ، فهي سوداء كالليل المظلم . ثم قال الترمذي : لا أعلم أحدا رفعه غير يحيى .كذا قال . وقد رواه الحافظ أبو بكر بن مردويه عن إبراهيم بن محمد ، عن محمد بن الحسين بن مكرم ، عن عبيد الله بن سعد عن عمه ، عن شريك - وهو ابن عبد الله النخعي - به . وروى أيضا ابن مردويه من رواية مبارك بن فضالة ، عن ثابت ، عن أنس قال : تلا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ( نارا وقودها الناس والحجارة ) [ التحريم : 6 ] قال : أوقد عليها ألف عام حتى ابيضت ، وألف عام حتى احمرت ، وألف عام حتى اسودت ، فهي سوداء كالليل ، لا يضيء لهبها .وروى الحافظ أبو القاسم الطبراني من حديث تمام بن نجيح - وقد اختلف فيه - عن الحسن ، عن أنس مرفوعا : لو أن شرارة بالمشرق - أي من نار جهنم - لوجد حرها من بالمغرب .وروى الحافظ أبو يعلى عن إسحاق بن أبي إسرائيل ، عن أبي عبيدة الحداد ، عن هشام بن حسان عن محمد بن شبيب ، عن جعفر بن أبي وحشية ، عن سعيد بن جبير ، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : لو كان هذا المسجد مائة ألف أو يزيدون ، وفيهم رجل من أهل النار فتنفس فأصابهم نفسه ، لاحترق المسجد ومن فيه غريب .وقال الأعمش عن أبي إسحاق ، عن النعمان بن بشير قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : إن أهون أهل النار عذابا يوم القيامة لمن له نعلان وشراكان من نار ، يغلي منهما دماغه كما يغلي المرجل ، لا يرى أحدا من أهل النار أشد عذابا منه ، وإنه أهونهم عذابا . أخرجاه في الصحيحين ، من حديث الأعمش .وقال مسلم أيضا : حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ، حدثنا يحيى بن أبي بكير حدثنا زهير بن محمد ، عن سهيل بن أبي صالح ، عن النعمان بن أبي عياش عن أبي سعيد الخدري ، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : إن أدنى أهل النار عذابا يوم القيامة ينتعل بنعلين من نار ، يغلي دماغه من حرارة نعليه .وقال الإمام أحمد : حدثنا يحيى ، عن ابن عجلان ، سمعت أبي ، عن أبي هريرة ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : إن أدنى أهل النار عذابا رجل يجعل له نعلان يغلي منهما دماغه .وهذا إسناد جيد قوي ، رجاله على شرط مسلم ، والله أعلم .والأحاديث والآثار النبوية في هذا كثيرة ، وقال الله تعالى في كتابه العزيز : ( كلا إنها لظى نزاعة للشوى ) [ المعارج : 15 ، 16 ] وقال تعالى : ( يصب من فوق رءوسهم الحميم يصهر به ما في بطونهم والجلود ولهم مقامع من حديد كلما أرادوا أن يخرجوا منها من غم أعيدوا فيها وذوقوا عذاب الحريق ) [ الحج : 19 - 22 ] وقال تعالى : ( إن الذين كفروا بآياتنا سوف نصليهم نارا كلما نضجت جلودهم بدلناهم جلودا غيرها ليذوقوا العذاب ) [ النساء : 56 ] .وقال تعالى في هذه الآية الكريمة [ الأخرى ] ( قل نار جهنم أشد حرا لو كانوا يفقهون ) أي : لو أنهم يفقهون ويفهمون لنفروا مع الرسول في سبيل الله في الحر ، ليتقوا به حر جهنم ، الذي هو أضعاف أضعاف هذا ، ولكنهم كما قال الآخر :كالمستجير من الرمضاء بالناروقال الآخر :عمرك بالحمية أفنيته مخافة البارد والحاروكان أولى بك أن تتقي من المعاصي حذر النار
9:82
فَلْیَضْحَكُوْا قَلِیْلًا وَّ لْیَبْكُوْا كَثِیْرًاۚ-جَزَآءًۢ بِمَا كَانُوْا یَكْسِبُوْنَ(۸۲)
تو انہیں چاہیے تھوڑا ہنسیں اور بہت روئیں (ف۱۸۹) بدلہ اس کا جو کماتے تھے (ف۱۹۰)

ثم قال [ الله ] تعالى جل جلاله ، متوعدا لهؤلاء المنافقين على صنيعهم هذا : ( فليضحكوا قليلا وليبكوا كثيرا جزاء بما كانوا يكسبون )قال ابن أبي طلحة ، عن ابن عباس : الدنيا قليل ، فليضحكوا فيها ما شاءوا ، فإذا انقطعت الدنيا وصاروا إلى الله - عز وجل - استأنفوا بكاء لا ينقطع أبدا . وكذا قال أبو رزين ، والحسن ، وقتادة ، والربيع بن خثيم ، وعون العقيلي وزيد بن أسلم .وقال الحافظ أبو يعلى الموصلي : حدثنا عبد الله بن عبد الصمد بن أبي خداش ، حدثنا محمد بن حميد عن ابن المبارك ، عن عمران بن زيد ، حدثنا يزيد الرقاشي ، عن أنس بن مالك قال : سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : يا أيها الناس ، ابكوا ، فإن لم تبكوا فتباكوا ، فإن أهل النار يبكون حتى تسيل دموعهم في وجوههم كأنها جداول ، حتى تنقطع الدموع فتسيل الدماء فتقرح العيون . فلو أن سفنا أزجيت فيها لجرت .ورواه ابن ماجه من حديث الأعمش ، عن يزيد الرقاشي ، به .وقال الحافظ أبو بكر بن عبد الله بن محمد بن أبي الدنيا : حدثنا محمد بن العباس ، حدثنا حماد الجزري ، عن زيد بن رفيع ، رفعه قال : إن أهل النار إذا دخلوا النار بكوا الدموع زمانا ، ثم بكوا القيح زمانا ، قال : فتقول لهم الخزنة : يا معشر الأشقياء ، تركتم البكاء في الدار المرحوم فيها أهلها في الدنيا ، هل تجدون اليوم من تستغيثون به ؟ قال : فيرفعون أصواتهم : يا أهل الجنة ، يا معشر الآباء والأمهات والأولاد ، خرجنا من القبور عطاشا ، وكنا طول الموقف عطاشا ، ونحن اليوم عطاش ، فأفيضوا علينا من الماء أو مما رزقكم الله ، فيدعون أربعين سنة لا يجيبهم ، ثم يجيبهم : ( إنكم ماكثون ) [ الزخرف : 77 ] فييأسون من كل خير .
9:83
فَاِنْ رَّجَعَكَ اللّٰهُ اِلٰى طَآىٕفَةٍ مِّنْهُمْ فَاسْتَاْذَنُوْكَ لِلْخُرُوْجِ فَقُلْ لَّنْ تَخْرُجُوْا مَعِیَ اَبَدًا وَّ لَنْ تُقَاتِلُوْا مَعِیَ عَدُوًّاؕ-اِنَّكُمْ رَضِیْتُمْ بِالْقُعُوْدِ اَوَّلَ مَرَّةٍ فَاقْعُدُوْا مَعَ الْخٰلِفِیْنَ(۸۳)
پھر اے محبوب! (ف۱۹۱) اگر اللہ تمہیں ان (ف۱۹۲) میں سے کسی گروہ کی طرف واپس لے جائے اور وہ (ف۱۹۳) تم سے جہاد کو نکلنے کی اجازت مانگے تو تم فرمانا کہ تم کبھی میرے ساتھ نہ چلو اور ہرگز میرے ساتھ کسی دشمن سے نہ لڑو، تم نے پہلی دفعہ بیٹھ رہنا پسند کیا تو بیٹھ رہو پیچھے رہ جانے والوں کے ساتھ (ف۱۹۴)

يقول تعالى آمرا لرسوله عليه الصلاة والسلام ( فإن رجعك الله ) أي : ردك الله من غزوتك هذه ( إلى طائفة منهم ) قال قتادة : ذكر لنا أنهم كانوا اثني عشر رجلا ( فاستأذنوك للخروج ) أي : معك إلى غزوة أخرى ، ( فقل لن تخرجوا معي أبدا ولن تقاتلوا معي عدوا ) أي : تعزيرا لهم وعقوبة . ثم علل ذلك بقوله : ( إنكم رضيتم بالقعود أول مرة ) وهذا كقوله تعالى : ( ونقلب أفئدتهم وأبصارهم كما لم يؤمنوا به أول مرة ) [ الأنعام : 110 ] فإن من جزاء السيئة السيئة بعدها كما أن من ثواب الحسنة الحسنة بعدها ، كما قال في عمرة الحديبية : ( سيقول المخلفون إذا انطلقتم إلى مغانم لتأخذوها ذرونا نتبعكم يريدون أن يبدلوا كلام الله قل لن تتبعونا كذلكم قال الله من قبل ) [ الفتح : 15 ] .وقوله تعالى : ( فاقعدوا مع الخالفين ) قال ابن عباس : أي الرجال الذين تخلفوا عن الغزاة . وقال قتادة : ( فاقعدوا مع الخالفين ) أي : مع النساء .قال ابن جرير : وهذا لا يستقيم ؛ لأن جمع النساء لا يكون بالياء والنون ، ولو أريد النساء لقال : فاقعدوا مع الخوالف ، أو الخالفات ، ورجح قول ابن عباس ، رضي الله عنهما .
9:84
وَ لَا تُصَلِّ عَلٰۤى اَحَدٍ مِّنْهُمْ مَّاتَ اَبَدًا وَّ لَا تَقُمْ عَلٰى قَبْرِهٖؕ-اِنَّهُمْ كَفَرُوْا بِاللّٰهِ وَ رَسُوْلِهٖ وَ مَاتُوْا وَ هُمْ فٰسِقُوْنَ(۸۴)
اور ان میں سے کسی کی میت پر کبھی نماز نہ پڑھنا اور نہ اس کی قبر پر کھڑے ہونا، بیشک اللہ اور رسول سے منکر ہوئے اور فسق ہی میں مر گئے (ف۱۹۵)

أمر الله تعالى رسوله - صلى الله عليه وسلم - أن يبرأ من المنافقين ، وألا يصلي على أحد منهم إذا مات ، وألا يقوم على قبره ليستغفر له أو يدعو له ؛ لأنهم كفروا بالله ورسوله ، وماتوا عليه . وهذا حكم عام في كل من عرف نفاقه ، وإن كان سبب نزول الآية في عبد الله بن أبي ابن سلول رأس المنافقين ، كما قال البخاري :حدثنا عبيد بن إسماعيل ، عن أبي أسامة ، عن عبيد الله ، عن نافع ، عن ابن عمر قال : لما توفي عبد الله - هو ابن أبي - جاء ابنه عبد الله بن عبد الله إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فسأله أن يعطيه قميصه يكفن فيه أباه ، فأعطاه ، ثم سأله أن يصلي عليه ، فقام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليصلي عليه ، فقام عمر فأخذ بثوب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال : يا رسول الله ، تصلي عليه وقد نهاك ربك أن تصلي عليه ! فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : إنما خيرني الله فقال : ( استغفر لهم أو لا تستغفر لهم إن تستغفر لهم سبعين مرة فلن يغفر الله لهم ) وسأزيده على السبعين . قال : إنه منافق ! قال : فصلى عليه [ رسول الله صلى الله عليه وسلم ] فأنزل الله - عز وجل - آية : ( ولا تصل على أحد منهم مات أبدا ولا تقم على قبره )وكذا رواه مسلم عن أبي بكر بن أبي شيبة ، عن أبي أسامة حماد بن أسامة ، به .ثم رواه البخاري عن إبراهيم بن المنذر ، عن أنس بن عياض ، عن عبيد الله - وهو ابن عمر العمري - به ، وقال : فصلى عليه ، وصلينا معه ، وأنزل الله : ( ولا تصل على أحد منهم مات أبدا ) الآية .وهكذا رواه الإمام أحمد ، عن يحيى بن سعيد القطان ، عن عبيد الله ، به .وقد روي من حديث عمر بن الخطاب نفسه أيضا بنحو من هذا ، فقال الإمام أحمد :حدثنا يعقوب ، حدثنا أبي ، عن ابن إسحاق ، حدثني الزهري ، عن عبيد الله بن عبد الله ، عن ابن عباس قال : سمعت عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - يقول : لما توفي عبد الله بن [ أبي دعي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - للصلاة عليه ، فقام إليه ، فلما وقف عليه يريد الصلاة تحولت حتى قمت في صدره ، فقلت : يا رسول الله ، أعلى عدو الله عبد الله بن ] أبي القائل يوم كذا : كذا وكذا - يعدد أيامه - قال : ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - يتبسم ، حتى إذا أكثرت عليه قال : أخر عني يا عمر ، إني خيرت فاخترت ، قد قيل لي : ( استغفر لهم أو لا تستغفر لهم إن تستغفر لهم سبعين مرة فلن يغفر الله لهم ) [ التوبة : 80 ] لو أعلم أنى إن زدت على السبعين غفر له لزدت . قال : ثم صلى عليه ، ومشى معه ، وقام على قبره حتى فرغ منه - قال : فعجب لي وجراءتي على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والله ورسوله أعلم ! قال : فوالله ما كان إلا يسيرا حتى نزلت هاتان الآيتان : ( ولا تصل على أحد منهم مات أبدا ولا تقم على قبره إنهم كفروا بالله ورسوله وماتوا وهم فاسقون ولا تعجبك ) فما صلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعده على منافق ، ولا قام على قبره ، حتى قبضه الله ، عز وجل .وهكذا رواه الترمذي في " التفسير " من حديث محمد بن إسحاق ، عن الزهري ، به وقال : حسن صحيح . ورواه البخاري عن يحيى بن بكير ، عن الليث ، عن عقيل ، عن الزهري ، به ، فذكر مثله ، وقال : أخر عني يا عمر . فلما أكثرت عليه قال : إني خيرت فاخترت ، ولو أعلم أنى إن زدت على السبعين يغفر له لزدت عليها . قال : فصلى عليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثم انصرف ، فلم يلبث إلا يسيرا حتى نزلت الآيتان من براءة : ( ولا تصل على أحد منهم مات أبدا ولا تقم على قبره ) الآية ، فعجبت بعد من جرأتي على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - أعلم . .وقال الإمام أحمد : حدثنا محمد بن أبي عبيد ، حدثنا عبد الملك ، عن أبي الزبير ، عن جابر قال : لما مات عبد الله بن أبي ، أتى ابنه النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال : يا رسول الله ، إنك إن لم تأته لم نزل نعير بهذا . فأتاه النبي - صلى الله عليه وسلم - فوجده قد أدخل في حفرته ، فقال : أفلا قبل أن تدخلوه ! فأخرج من حفرته ، وتفل عليه من قرنه إلى قدمه ، وألبسه قميصه .ورواه النسائي ، عن أبي داود الحراني ، عن يعلى بن عبيد ، عن عبد الملك - وهو ابن أبي سليمان - به .وقال البخاري : حدثنا عبد الله بن عثمان ، أخبرنا ابن عيينة ، عن عمرو ، سمع جابر بن عبد الله قال : أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - عبد الله بن أبي بعد ما أدخل في قبره ، فأمر به فأخرج ، ووضع على ركبتيه ، ونفث عليه من ريقه ، وألبسه قميصه والله أعلم .وقد رواه أيضا في غير موضع مع مسلم والنسائي ، من غير وجه ، عن سفيان بن عيينة ، به .وقال الإمام أبو بكر أحمد بن عمرو بن عبد الخالق البزار في مسنده : حدثنا عمرو بن علي ، حدثنا يحيى ، حدثنا مجالد ، حدثنا عامر ، حدثنا جابر ( ح ) وحدثنا يوسف بن موسى ، حدثنا عبد الرحمن بن مغراء الدوسي ، حدثنا مجالد ، عن الشعبي ، عن جابر قال : لما مات رأس المنافقين - قال يحيى بن سعيد : بالمدينة - فأوصى أن يصلي عليه النبي - صلى الله عليه وسلم - فجاء ابنه إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال : إن أبي أوصى أن يكفن في قميصك - وهذا الكلام في حديث عبد الرحمن بن مغراء - قال يحيى في حديثه : فصلى عليه ، وألبسه قميصه ، فأنزل الله تعالى : ( ولا تصل على أحد منهم مات أبدا ولا تقم على قبره ) وزاد عبد الرحمن : وخلع النبي - صلى الله عليه وسلم - قميصه ، فأعطاه إياه ، ومشى فصلى عليه ، وقام على قبره ، فأتاه جبريل - عليه السلام - لما ولى قال : ( ولا تصل على أحد منهم مات أبدا ولا تقم على قبره ) وهذا إسناد لا بأس به ، وما قبله شاهد له .وقال الإمام أبو جعفر الطبري : حدثنا [ أحمد بن إسحاق ، حدثنا ] أبو أحمد ، حدثنا حماد بن سلمة ، عن يزيد الرقاشي ، عن أنس : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أراد أن يصلي على عبد الله بن أبي ، فأخذ جبريل بثوبه وقال : ( ولا تصل على أحد منهم مات أبدا ولا تقم على قبره )ورواه الحافظ أبو يعلى في مسنده ، من حديث يزيد الرقاشي وهو ضعيف .وقال قتادة : أرسل عبد الله بن أبي إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو مريض ، فلما دخل عليه قال له النبي - صلى الله عليه وسلم - : أهلكك حب يهود . قال : يا رسول الله ، إنما أرسلت إليك لتستغفر لي ، ولم أرسل إليك لتؤنبني ! ثم سأله عبد الله أن يعطيه قميصه أن يكفن فيه أباه ، فأعطاه إياه ، وصلى عليه ، وقام على قبره ، فأنزل الله - عز وجل - : ( ولا تصل على أحد منهم مات أبدا ولا تقم على قبره )وقد ذكر بعض السلف أنه إنما ألبسه قميصه ؛ لأن عبد الله بن أبي لما قدم العباس طلب له قميص ، فلم يوجد على تفصيله إلا ثوب عبد الله بن أبي ؛ لأنه كان ضخما طويلا ففعل ذلك به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مكافأة له ، فالله أعلم ، ولهذا كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعد نزول هذه الآية الكريمة عليه لا يصلي على أحد من المنافقين ، ولا يقوم على قبره ، كما قال الإمام أحمد :حدثنا يعقوب ، حدثنا أبي ، عن أبيه ، حدثني عبد الله بن أبي قتادة عن أبيه قال : كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا دعي لجنازة سأل عنها ، فإن أثني عليها خيرا قام فصلى عليها ، وإن أثني عليها غير ذلك قال لأهلها : شأنكم بها ، ولم يصل عليها .وكان عمر بن الخطاب لا يصلي على جنازة من جهل حاله ، حتى يصلي عليها حذيفة بن اليمان ؛ لأنه كان يعلم أعيان منافقين قد أخبره بهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ؛ ولهذا كان يقال له : " صاحب السر " الذي لا يعلمه غيره ، أي من الصحابة .وقال أبو عبيد في كتاب " الغريب " ، في حديث عمر أنه أراد أن يصلي على جنازة رجل ، فمرزه حذيفة ، كأنه أراد أن يصده عن الصلاة عليها ، ثم حكي عن بعضهم أن " المرز " بلغة أهل اليمامة هو : القرص بأطراف الأصابع .ولما نهى الله - عز وجل - عن الصلاة على المنافقين والقيام على قبورهم للاستغفار لهم ، كان هذا الصنيع من أكبر القربات في حق المؤمنين ، فشرع ذلك ، وفي فعله الأجر الجزيل ، لما ثبت في الصحاح وغيرها من حديث أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : من شهد الجنازة حتى يصلي عليها فله قيراط ، ومن شهدها حتى تدفن فله قيراطان . قيل : وما القيراطان ؟ قال : أصغرهما مثل أحد .وأما القيام عند قبر المؤمن إذا مات فقد قال أبو داود : حدثنا إبراهيم بن موسى الرازي ، أخبرنا هشام ، عن عبد الله بن بحير ، عن هانئ - وهو أبو سعيد البربري ، مولى عثمان بن عفان - عن عثمان - رضي الله عنه - قال : كان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا فرغ من دفن الرجل وقف عليه وقال : استغفروا لأخيكم ، واسألوا له التثبيت ، فإنه الآن يسأل .انفرد بإخراجه أبو داود ، رحمه الله .
9:85
وَ لَا تُعْجِبْكَ اَمْوَالُهُمْ وَ اَوْلَادُهُمْؕ-اِنَّمَا یُرِیْدُ اللّٰهُ اَنْ یُّعَذِّبَهُمْ بِهَا فِی الدُّنْیَا وَ تَزْهَقَ اَنْفُسُهُمْ وَ هُمْ كٰفِرُوْنَ(۸۵)
اور ان کے مال یا اولاد پر تعجب نہ کرنا، اللہ یہی چاہتا ہے کہ اسے دنیا م یں ان پر وبال کرے اور کفر ہی پر ان کا دم نکل جائے،

يقول تعالى لرسوله صلى الله عليه وسلم " فلا تعجبك أموالهم ولا أولادهم " كما قال تعالى " ولا تمدن عينيك إلى ما متعنا به أزواجا منهم زهرة الحياة الدنيا لنفتنهم فيه ورزق ربك خير وأبقى " وقال " أيحسبون أن ما نمدهم به من مال وبنين نسارع لهم في الخيرات بل لا يشعرون " وقوله " إنما يريد الله ليعذبهم بها في الحياة الدنيا " قال الحسن البصري بزكاتها والنفقة منها في سبيل الله وقال قتادة هذا من المقدم والمؤخر تقديره: فلا تعجبك أموالهم ولا أولادهم في الحياة الدنيا إنما يريد الله ليعذبهم بها في الآخرة.واختار ابن جرير قول الحسن وهو القول القوي الحسن.وقوله " وتزهق أنفسهم وهم كافرون " أي ويريد أن يميتهم حين يميتهم على الكفر ليكون ذلك أنكى لهم وأشد لعذابهم.عياذا بالله من ذلك وهذا يكون من باب الاستدراج لهم فيما هم فيه.
9:86
وَ اِذَاۤ اُنْزِلَتْ سُوْرَةٌ اَنْ اٰمِنُوْا بِاللّٰهِ وَ جَاهِدُوْا مَعَ رَسُوْلِهِ اسْتَاْذَنَكَ اُولُوا الطَّوْلِ مِنْهُمْ وَ قَالُوْا ذَرْنَا نَكُنْ مَّعَ الْقٰعِدِیْنَ(۸۶)
اور جب کوئی سورت اترے کہ اللہ پر ایمان لاؤ اور اس کے رسول کے ہمراہ جہاد کرو تو ان کے مقدور والے تم سے رخصت مانگتے ہیں اور کہتے ہیں ہمیں چھوڑ دیجیے کہ بیٹھ رہنے والوں کے ساتھ ہولیں،

يقول تعالى منكرا وذاما للمتخلفين عن الجهاد ، الناكلين عنه مع القدرة عليه ووجود السعة والطول ، واستأذنوا الرسول في القعود ، وقالوا : ( ذرنا نكن مع القاعدين ) ورضوا لأنفسهم بالعار والقعود في البلد مع النساء - وهن الخوالف - بعد خروج الجيش ، فإذا وقع الحرب كانوا أجبن الناس ، وإذا كان أمن كانوا أكثر الناس كلاما ، كما قال [ الله ] تعالى ، عنهم في الآية الأخرى : ( فإذا جاء الخوف رأيتهم ينظرون إليك تدور أعينهم كالذي يغشى عليه من الموت فإذا ذهب الخوف سلقوكم بألسنة حداد ) [ الأحزاب : 19 ] أي : علت ألسنتهم بالكلام الحاد القوي في الأمن ، وفي الحرب أجبن شيء ، وكما قال الشاعر :أفي السلم أعيارا جفاء وغلظة وفي الحرب أشباه النساء العوارك.وقال تعالى في الآية الأخرى : ( ويقول الذين آمنوا لولا نزلت سورة فإذا أنزلت سورة محكمة وذكر فيها القتال رأيت الذين في قلوبهم مرض ينظرون إليك نظر المغشي عليه من الموت فأولى لهم طاعة وقول معروف فإذا عزم الأمر فلو صدقوا الله لكان خيرا لهم [ فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا في الأرض ] ) [ الآية ] [ محمد : 20 - 22 ] )
9:87
رَضُوْا بِاَنْ یَّكُوْنُوْا مَعَ الْخَوَالِفِ وَ طُبِـعَ عَلٰى قُلُوْبِهِمْ فَهُمْ لَا یَفْقَهُوْنَ(۸۷)
انہیں پسند آیا کہ پیچھے رہنے والی عورتوں کے ساتھ ہوجائیں اور ان کے دلوں پر مہُر کردی گئیں (ف۱۹۶) تو وہ کچھ نہیں سمجھتے (ف۱۹۷)

وقوله : ( وطبع على قلوبهم ) أي : بسبب نكولهم عن الجهاد والخروج مع الرسول في سبيل الله ، ( فهم لا يفقهون ) أي : لا يفهمون ما فيه صلاح لهم فيفعلوه ، ولا ما فيه مضرة لهم فيجتنبوه .
9:88
لٰكِنِ الرَّسُوْلُ وَ الَّذِیْنَ اٰمَنُوْا مَعَهٗ جٰهَدُوْا بِاَمْوَالِهِمْ وَ اَنْفُسِهِمْؕ-وَ اُولٰٓىٕكَ لَهُمُ الْخَیْرٰتُ٘-وَ اُولٰٓىٕكَ هُمُ الْمُفْلِحُوْنَ(۸۸)
لیکن رسول اور جو ان کے ساتھ ایمان لائے انہوں نے اپنے مالوں جانوں سے جہاد کیا، اور انہیں کے لیے بھلائیاں ہیں (ف۱۹۸) اور یہی مراد کو پہنچے،

لما ذكر تعالى ذم المنافقين ، بين ثناء المؤمنين ، وما لهم في آخرتهم ، فقال : ( لكن الرسول والذين آمنوا معه جاهدوا ) إلى آخر الآيتين من بيان حالهم ومآلهم .وقوله : ( وأولئك لهم الخيرات ) أي : في الدار الآخرة ، في جنات الفردوس والدرجات العلى .
9:89
اَعَدَّ اللّٰهُ لَهُمْ جَنّٰتٍ تَجْرِیْ مِنْ تَحْتِهَا الْاَنْهٰرُ خٰلِدِیْنَ فِیْهَاؕ-ذٰلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِیْمُ۠(۸۹)
اللہ نے ان کے لیے تیار کر رکھی ہیں بہشتیں جن کے نیچے نہریں رواں ہمیشہ ان میں رہیں گے، یہی بڑی مراد ملنی ہے،

لما ذكر تعالى ذنب المنافقين وبين ثناءه على المؤمنين وما لهم في آخرتهم فقال " لكن الرسول والذين آمنوا معه جاهدوا " إلى آخر الآيتين من بيان حالهم ومآلهم وقال " وأولئك لهم الخيرات " أي في الدار الآخرة في جنات الفردوس والدرجات العلى.
9:90
وَ جَآءَ الْمُعَذِّرُوْنَ مِنَ الْاَعْرَابِ لِیُؤْذَنَ لَهُمْ وَ قَعَدَ الَّذِیْنَ كَذَبُوا اللّٰهَ وَ رَسُوْلَهٗؕ-سَیُصِیْبُ الَّذِیْنَ كَفَرُوْا مِنْهُمْ عَذَابٌ اَلِیْمٌ(۹۰)
اور بہانے بنانے والے گنوار آئے (ف۱۹۹) کہ انہیں رخصت دی جائے اور بیٹھ رہے وہ جنہوں نے اللہ و رسول سے جھوٹ بولا تھا (ف۲۰۰) جلد ان میں کے کافروں کو دردناک عذاب پہنچے گا (ف۲۰۱)

ثم بين تعالى حال ذوي الأعذار في ترك الجهاد الذين جاءوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يعتذرون إليه ، ويبينون له ما هم فيه من الضعف ، وعدم القدرة على الخروج ، وهم من أحياء العرب ممن حول المدينة .قال الضحاك ، عن ابن عباس : إنه كان يقرأ : " وجاء المعذرون " بالتخفيف ، ويقول : هم أهل العذر .وكذا روى ابن عيينة ، عن حميد ، عن مجاهد سواء .قال ابن إسحاق : وبلغني أنهم نفر من بني غفار منهم : خفاف بن إيماء بن رحضة .وهذا القول هو الأظهر في معنى الآية ؛ لأنه قال بعد هذا : ( وقعد الذين كذبوا الله ورسوله ) أي : لم يأتوا فيعتذروا .وقال ابن جريج عن مجاهد : ( وجاء المعذرون من الأعراب ) قال : نفر من بني غفار ، جاءوا فاعتذروا ، فلم يعذرهم الله . وكذا قال الحسن ، وقتادة ، ومحمد بن إسحاق ، والقول الأول أظهر والله أعلم ، لما قدمنا من قوله بعده : ( وقعد الذين كذبوا الله ورسوله ) أي : وقعد آخرون من الأعراب عن المجيء للاعتذار ، ثم أوعدهم بالعذاب الأليم ، فقال : ( سيصيب الذين كفروا منهم عذاب أليم ) .
9:91
لَیْسَ عَلَى الضُّعَفَآءِ وَ لَا عَلَى الْمَرْضٰى وَ لَا عَلَى الَّذِیْنَ لَا یَجِدُوْنَ مَا یُنْفِقُوْنَ حَرَجٌ اِذَا نَصَحُوْا لِلّٰهِ وَ رَسُوْلِهٖؕ-مَا عَلَى الْمُحْسِنِیْنَ مِنْ سَبِیْلٍؕ-وَ اللّٰهُ غَفُوْرٌ رَّحِیْمٌۙ(۹۱)
ضعیفوں پر کچھ حرج نہیں (ف۲۰۲) اور نہ بیماروں پر (ف۲۰۳) اور نہ ان پر جنہیں خرچ کا مقدور نہ ہو (ف۲۰۴) جب کہ اللہ اور رسول کے خیر خواہ رہیں (ف۲۰۵) نیکی والوں پر کوئی راہ نہیں (ف۲۰۶) اور اللہ بخشنے والا مہربان ہے،

م بين تعالى الأعذار التي لا حرج على من قعد فيها عن القتال ، فذكر منها ما هو لازم للشخص لا ينفك عنه ، وهو الضعف في التركيب الذي لا يستطيع معه الجلاد في الجهاد ، ومنه العمى والعرج ونحوهما ، ولهذا بدأ به . ما هو عارض بسبب مرض عن له في بدنه ، شغله عن الخروج في سبيل الله ، أو بسبب فقره لا يقدر على التجهز للحرب ، فليس على هؤلاء حرج إذا قعدوا ونصحوا في حال قعودهم ، ولم يرجفوا بالناس ، ولم يثبطوهم ، وهم محسنون في حالهم هذا ؛ ولهذا قال : ( ما على المحسنين من سبيل والله غفور رحيم )وقال سفيان الثوري ، عن عبد العزيز بن رفيع ، عن أبي ثمامة - رضي الله عنه - قال : قال الحواريون : يا روح الله ، أخبرنا عن الناصح لله ؟ قال : الذي يؤثر حق الله على حق الناس ، وإذا حدث له أمران - أو : بدا له أمر الدنيا وأمر الآخرة - بدأ بالذي للآخرة ثم تفرغ للذي للدنيا .وقال الأوزاعي : خرج الناس إلى الاستسقاء ، فقام فيهم بلال بن سعد ، فحمد الله وأثنى عليه ، ثم قال : يا معشر من حضر : ألستم مقرين بالإساءة ؟ قالوا : اللهم نعم . فقال : اللهم ، إنا نسمعك تقول : ( ما على المحسنين من سبيل ) اللهم وقد أقررنا بالإساءة فاغفر لنا وارحمنا واسقنا . ورفع يديه ورفعوا أيديهم فسقوا .وقال قتادة : نزلت هذه الآية في عائذ بن عمرو المزني .وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبي ، حدثنا هشام بن عبيد الله الرازي ، حدثنا ابن جابر ، عن ابن فروة ، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى ، عن زيد بن ثابت قال : كنت أكتب لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - فكنت أكتب " براءة " فإني لواضع القلم على أذني إذ أمرنا بالقتال ، فجعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ينظر ما ينزل عليه ، إذ جاء أعمى فقال : كيف بي يا رسول الله وأنا أعمى ؟ فأنزل الله ( ليس على الضعفاء ولا على المرضى ) الآية .وقال العوفي ، عن ابن عباس في هذه الآية : وذلك أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أمر الناس أن ينبعثوا غازين معه ، فجاءته عصابة من أصحابه ، فيهم عبد الله بن مغفل المزني فقالوا : يا رسول الله ، احملنا ، فقال لهم : والله لا أجد ما أحملكم عليه . فتولوا ولهم بكاء ، وعز عليهم أن يجلسوا عن الجهاد ، ولا يجدون نفقة ولا محملا ، فلما رأى الله حرصهم على محبته ومحبة رسوله أنزل عذرهم في كتابه ، فقال : ( ليس على الضعفاء ولا على المرضى ولا على الذين لا يجدون ما ينفقون حرج ) إلى قوله تعالى : ( فهم لا يعلمون ) .
9:92
وَّ لَا عَلَى الَّذِیْنَ اِذَا مَاۤ اَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ قُلْتَ لَاۤ اَجِدُ مَاۤ اَحْمِلُكُمْ عَلَیْهِ۪ - تَوَلَّوْا وَّ اَعْیُنُهُمْ تَفِیْضُ مِنَ الدَّمْعِ حَزَنًا اَلَّا یَجِدُوْا مَا یُنْفِقُوْنَؕ(۹۲)
اور نہ ان پر جو تمہارے حضور حاضر ہوں کہ تم انہیں سواری عطا فرماؤ (ف۲۰۷) تم سے یہ جواب پائیں کہ میرے پاس کوئی چیز نہیں جس پر تمہیں سوار کروں اس پر یوں واپس جائیں کہ ان کی آنکھوں سے آنسو ابلتے ہوں اس غم سے کہ خرچ کا مقدور نہ پایا،

وقال مجاهد في قوله : ( ولا على الذين إذا ما أتوك لتحملهم ) نزلت في بني مقرن من مزينة .وقال محمد بن كعب : كانوا سبعة نفر ، من بني عمرو بن عوف : سالم بن عمير ، ومن بني واقف : هرمي بن عمرو ، ومن بني مازن بن النجار : عبد الرحمن بن كعب - ويكنى أبا ليلى - ومن بني المعلى : [ سلمان بن صخر ، ومن بني حارثة : عبد الرحمن بن يزيد أبو عبلة ، وهو الذي تصدق بعرضه فقبله الله منه ] ، ومن بني سلمة : عمرو بن عنمة وعبد الله بن عمرو المزني .وقال محمد بن إسحاق في سياق غزوة تبوك : ثم إن رجالا من المسلمين أتوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهم البكاءون - وهم سبعة نفر من الأنصار وغيرهم ، من بني عمرو بن عوف : سالم بن عمير وعلبة بن زيد أخو بني حارثة ، وأبو ليلى عبد الرحمن بن كعب ، أخو بني مازن بن النجار ، وعمرو بن الحمام بن الجموح ، أخو بني سلمة ، وعبد الله بن المغفل المزني ؛ وبعض الناس يقول : بل هو عبد الله بن عمرو المزني ، وهرمي بن عبد الله ، أخو بني واقف ، وعرباض بن سارية الفزاري ، فاستحملوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وكانوا أهل حاجة ، فقال : لا أجد ما أحملكم عليه فتولوا وأعينهم تفيض من الدمع حزنا ألا يجدوا ما ينفقون .وقال ابن أبي حاتم : حدثنا عمر بن الأودي ، حدثنا وكيع ، عن الربيع ، عن الحسن قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : لقد خلفتم بالمدينة أقواما ، ما أنفقتم من نفقة ، ولا قطعتم واديا ، ولا نلتم من عدو نيلا إلا وقد شركوكم في الأجر ، ثم قرأ : ( ولا على الذين إذا ما أتوك لتحملهم قلت لا أجد ما أحملكم عليه ) الآية .وأصل هذا الحديث في الصحيحين من حديث أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : إن بالمدينة أقواما ما قطعتم واديا ، ولا سرتم [ مسيرا ] إلا وهم معكم . قالوا : وهم بالمدينة ؟ قال : نعم ، حبسهم العذر .وقال الإمام أحمد : حدثنا وكيع ، حدثنا الأعمش ، عن أبي سفيان ، عن جابر قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : لقد خلفتم بالمدينة رجالا ما قطعتم واديا ، ولا سلكتم طريقا إلا شركوكم في الأجر ، حبسهم المرض .ورواه مسلم ، وابن ماجه ، من طرق ، عن الأعمش ، به .
9:93
اِنَّمَا السَّبِیْلُ عَلَى الَّذِیْنَ یَسْتَاْذِنُوْنَكَ وَ هُمْ اَغْنِیَآءُۚ-رَضُوْا بِاَنْ یَّكُوْنُوْا مَعَ الْخَوَالِفِۙ-وَ طَبَعَ اللّٰهُ عَلٰى قُلُوْبِهِمْ فَهُمْ لَا یَعْلَمُوْنَ(۹۳)
مؤاخذہ تو ان سے ہے جو تم سے رخصت مانگتے ہیں اور وہ دولت مند ہیں (ف۲۰۸) انہیں پسند آیا کہ عورتوں کے ساتھ پیچھے بیٹھ رہیں اور اللہ نے ان کے دلوں پر مہر کردی تو وہ کچھ نہیں جانتے (ف۲۰۹)

ثم رد تعالى الملامة على الذين يستأذنون في القعود وهم أغنياء ، وأنبهم في رضاهم بأن يكونوا مع النساء الخوالف في الرحال ، ( وطبع الله على قلوبهم فهم لا يعلمون ) .
9:94
یَعْتَذِرُوْنَ اِلَیْكُمْ اِذَا رَجَعْتُمْ اِلَیْهِمْؕ-قُلْ لَّا تَعْتَذِرُوْا لَنْ نُّؤْمِنَ لَكُمْ قَدْ نَبَّاَنَا اللّٰهُ مِنْ اَخْبَارِكُمْؕ-وَ سَیَرَى اللّٰهُ عَمَلَكُمْ وَ رَسُوْلُهٗ ثُمَّ تُرَدُّوْنَ اِلٰى عٰلِمِ الْغَیْبِ وَ الشَّهَادَةِ فَیُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُوْنَ(۹۴)
تم سے بہانے بنائیں گے (ف۲۱۰) جب تم ان کی طرف لوٹ کر جاؤ گے تم فرمانا، بہانے نہ بناؤ ہم ہرگز تمہارا یقین نہ کریں گے اللہ نے ہمیں تمہاری خبریں دے دی ہیں، اور اب اللہ و رسول تمہارے کام دیکھیں گے (ف۲۱۱) پھر اس کی طرف پلٹ کر جاؤ گے جو چھپے اور ظاہر سب کو جانتا ہے وہ تمہیں جتادے گا جو کچھ تم کرتے تھے،

خبر تعالى عن المنافقين بأنهم إذا رجعوا إلى المدينة أنهم يعتذرون إليهم ، ( قل لا تعتذروا لن نؤمن لكم ) أي : لن نصدقكم ، ( قد نبأنا الله من أخباركم ) أي : قد أعلمنا الله أحوالكم ، ( وسيرى الله عملكم ورسوله ) أي : سيظهر أعمالكم للناس في الدنيا ، ( ثم تردون إلى عالم الغيب والشهادة فينبئكم بما كنتم تعملون ) أي : فيخبركم بأعمالكم ، خيرها وشرها ، ويجزيكم عليها .
9:95
سَیَحْلِفُوْنَ بِاللّٰهِ لَكُمْ اِذَا انْقَلَبْتُمْ اِلَیْهِمْ لِتُعْرِضُوْا عَنْهُمْؕ-فَاَعْرِضُوْا عَنْهُمْؕ-اِنَّهُمْ رِجْسٌ٘-وَّ مَاْوٰىهُمْ جَهَنَّمُۚ-جَزَآءًۢ بِمَا كَانُوْا یَكْسِبُوْنَ(۹۵)
اب تمہارے آگے اللہ کی قسمیں کھائیں گے جب (ف۲۱۲) تم ان کی طرف پلٹ کر جاؤ گے اس لیے کہ تم ان کے خیال میں نہ پڑو (ف۲۱۳) تو ہاں تم ان کا خیال چھوڑو (ف۲۱۴) وہ تو نرے پلید ہیں (ف۲۱۵) اور ان کا ٹھکانا جہنم ہے بدلہ اس کا جو کماتے تھے (ف۲۱۶)

ثم أخبر عنهم أنهم سيحلفون معتذرين لتعرضوا عنهم فلا تؤنبوهم ، ( فأعرضوا عنهم ) احتقارا لهم ، ( إنهم رجس ) أي : خبثاء نجس بواطنهم واعتقاداتهم ، ( ومأواهم ) في آخرتهم ) جهنم ) ( جزاء بما كانوا يكسبون ) أي : من الآثام والخطايا .
9:96
یَحْلِفُوْنَ لَكُمْ لِتَرْضَوْا عَنْهُمْۚ-فَاِنْ تَرْضَوْا عَنْهُمْ فَاِنَّ اللّٰهَ لَا یَرْضٰى عَنِ الْقَوْمِ الْفٰسِقِیْنَ(۹۶)
تمہارے آگے قسمیں کھاتے ہیں کہ تم ان سے راضی ہوجاؤ تو اگر تم ان سے راضی ہوجاؤ (ف۲۱۷) تو بیشک اللہ تو فاسق لوگوں سے راضی نہ ہوگا (ف۲۱۸)

وأخبر أنهم وإن رضوا عنهم بحلفهم لهم ، ( فإن الله لا يرضى عن القوم الفاسقين ) أي : الخارجين عن طاعته وطاعة رسوله ، فإن الفسق هو الخروج ، ومنه سميت الفأرة " فويسقة " لخروجها من جحرها للإفساد ، ويقال : " فسقت الرطبة " : إذا خرجت من أكمامها
9:97
اَلْاَعْرَابُ اَشَدُّ كُفْرًا وَّ نِفَاقًا وَّ اَجْدَرُ اَلَّا یَعْلَمُوْا حُدُوْدَ مَاۤ اَنْزَلَ اللّٰهُ عَلٰى رَسُوْلِهٖؕ-وَ اللّٰهُ عَلِیْمٌ حَكِیْمٌ(۹۷)
گنوار (ف۲۱۹) کفر اور نفاق میں زیادہ سخت ہیں (ف۲۲۰) اور اسی قابل ہیں کہ اللہ نے جو حکم اپنے رسول پر اتارے اس سے جاہل رہیں، اور اللہ علم و حکمت والا ہے،

أخبر تعالى أن في الأعراب كفارا ومنافقين ومؤمنين ، وأن كفرهم ونفاقهم أعظم من غيرهم وأشد ، وأجدر ، أي : أحرى ألا يعلموا حدود ما أنزل الله على رسوله ، كما قال الأعمش عن إبراهيم قال : جلس أعرابي إلى زيد بن صوحان وهو يحدث أصحابه ، وكانت يده قد أصيبت يوم نهاوند ، فقال الأعرابي : والله إن حديثك ليعجبني ، وإن يدك لتريبني فقال زيد : ما يريبك من يدي ؟ إنها الشمال . فقال الأعرابي : والله ما أدري ، اليمين يقطعون أو الشمال ؟ فقال زيد بن صوحان صدق الله : ( الأعراب أشد كفرا ونفاقا وأجدر ألا يعلموا حدود ما أنزل الله على رسوله )وقال الإمام أحمد : حدثنا عبد الرحمن بن مهدي ، حدثنا سفيان ، عن أبي موسى ، عن وهب بن منبه ، عن ابن عباس ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " من سكن البادية جفا ، ومن اتبع الصيد غفل ، ومن أتى السلطان افتتن " .ورواه أبو داود ، والترمذي ، والنسائي من طرق ، عن سفيان الثوري ، به وقال الترمذي : حسن غريب ، لا نعرفه إلا من حديث الثوري .ولما كانت الغلظة والجفاء في أهل البوادي لم يبعث الله منهم رسولا وإنما كانت البعثة من أهل القرى ، كما قال تعالى : ( وما أرسلنا من قبلك إلا رجالا نوحي إليهم من أهل القرى ) [ يوسف : 109 ] ولما أهدى ذلك الأعرابي تلك الهدية لرسول الله صلى الله عليه وسلم فرد عليه أضعافها حتى رضي ، قال : " لقد هممت ألا أقبل هدية إلا من قرشي ، أو ثقفي أو أنصاري ، أو دوسي " ؛ لأن هؤلاء كانوا يسكنون المدن : مكة ، والطائف ، والمدينة ، واليمن ، فهم ألطف أخلاقا من الأعراب : لما في طباع الأعراب من الجفاء .حديث [ الأعرابي ] في تقبيل الولد : قال مسلم : حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وأبو كريب قالا حدثنا أبو أسامة وابن نمير ، عن هشام ، عن أبيه ، عن عائشة قالت : قدم ناس من الأعراب على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا : أتقبلون صبيانكم ؟ قالوا : نعم . قالوا : ولكنا والله ما نقبل . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " وأملك أن كان الله نزع منكم الرحمة ؟ " . وقال ابن نمير : " من قلبك الرحمة "وقوله : ( والله عليم حكيم ) أي : عليم بمن يستحق أن يعلمه الإيمان والعلم ، ( حكيم ) فيما قسم بين عباده من العلم والجهل والإيمان والكفر والنفاق ، لا يسأل عما يفعل ، لعلمه وحكمته .
9:98
وَ مِنَ الْاَعْرَابِ مَنْ یَّتَّخِذُ مَا یُنْفِقُ مَغْرَمًا وَّ یَتَرَبَّصُ بِكُمُ الدَّوَآىٕرَؕ-عَلَیْهِمْ دَآىٕرَةُ السَّوْءِؕ-وَ اللّٰهُ سَمِیْعٌ عَلِیْمٌ(۹۸)
اور کچھ گنوار وہ ہیں کہ جو اللہ کی راہ میں خرچ کریں تو اسے تاوان سمجھیں (ف۲۲۱) اور تم پر گردشیں آنے کے انتظار میں رہیں (ف۲۲۲) انہیں پر ہے بری گردش (ف۲۲۳) اور اللہ سنتا جانتا ہے،

وأخبر تعالى أن منهم ( من يتخذ ما ينفق ) أي : في سبيل الله ( مغرما ) أي : غرامة وخسارة ، ( ويتربص بكم الدوائر ) أي : ينتظر بكم الحوادث والآفات ، ( عليهم دائرة السوء ) أي : هي منعكسة عليهم والسوء دائر عليهم ، ( والله سميع عليم ) أي : سميع لدعاء عباده ، عليم بمن يستحق النصر ممن يستحق الخذلان .
9:99
وَ مِنَ الْاَعْرَابِ مَنْ یُّؤْمِنُ بِاللّٰهِ وَ الْیَوْمِ الْاٰخِرِ وَ یَتَّخِذُ مَا یُنْفِقُ قُرُبٰتٍ عِنْدَ اللّٰهِ وَ صَلَوٰتِ الرَّسُوْلِؕ-اَلَاۤ اِنَّهَا قُرْبَةٌ لَّهُمْؕ-سَیُدْخِلُهُمُ اللّٰهُ فِیْ رَحْمَتِهٖؕ-اِنَّ اللّٰهَ غَفُوْرٌ رَّحِیْمٌ۠(۹۹)
اور کچھ گاؤں والے وہ ہیں جو اللہ اور قیامت پر ایمان رکھتے ہیں (ف۲۲۴) اور جو خرچ کریں اسے اللہ کی نزدیکیوں اور رسول سے دعائیں لینے کا ذریعہ سمجھیں (ف۲۲۵) ہاں ہاں وہ ان کے لیے باعث قرب ہے اللہ جلد انہیں اپنی رحمت میں داخل کرے گا، بیشک اللہ بخشنے والا مہربان ہے،

وقوله : ( ومن الأعراب من يؤمن بالله واليوم الآخر ويتخذ ما ينفق قربات عند الله وصلوات الرسول ) هذا هو القسم الممدوح من الأعراب ، وهم الذين يتخذون ما ينفقون في سبيل الله قربة يتقربون بها عند الله ، ويبتغون بذلك دعاء الرسول لهم ، ( ألا إنها قربة لهم ) أي : ألا إن ذلك حاصل لهم ، ( سيدخلهم الله في رحمته إن الله غفور رحيم )
9:100
وَ السّٰبِقُوْنَ الْاَوَّلُوْنَ مِنَ الْمُهٰجِرِیْنَ وَ الْاَنْصَارِ وَ الَّذِیْنَ اتَّبَعُوْهُمْ بِاِحْسَانٍۙ-رَّضِیَ اللّٰهُ عَنْهُمْ وَ رَضُوْا عَنْهُ وَ اَعَدَّ لَهُمْ جَنّٰتٍ تَجْرِیْ تَحْتَهَا الْاَنْهٰرُ خٰلِدِیْنَ فِیْهَاۤ اَبَدًاؕ-ذٰلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِیْمُ(۱۰۰)
اور سب میں اگلے پہلے مہاجر (ف۲۲۶) اور انصار (ف۲۲۷) اور جو بھلائی کے ساتھ ان کے پیرو ہوئے (ف۲۲۸) اللہ ان سے راضی (ف۲۲۹) اور وہ اللہ سے راضی اور ان کے لیے تیار کر رکھے ہیں باغ جن کے نیچے نہریں بہیں ہمیشہ ہمیشہ ان میں رہیں، یہی بڑی کامیابی ہے،

يخبر تعالى عن رضاه عن السابقين من المهاجرين والأنصار والتابعين لهم بإحسان ، ورضاهم عنه بما أعد لهم من جنات النعيم ، والنعيم المقيم .قال الشعبي : السابقون الأولون من المهاجرين والأنصار من أدرك بيعة الرضوان عام الحديبية .وقال أبو موسى الأشعري ، وسعيد بن المسيب ، ومحمد بن سيرين ، والحسن ، وقتادة : هم الذين صلوا إلى القبلتين مع رسول الله صلى الله عليه وسلم .وقال محمد بن كعب القرظي : مر عمر بن الخطاب برجل يقرأ : ( والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار ) فأخذ عمر بيده فقال : من أقرأك هذا ؟ فقال : أبي بن كعب . فقال : لا تفارقني حتى أذهب بك إليه . فلما جاءه قال عمر : أنت أقرأت هذا هذه الآية هكذا ؟ قال : نعم . قال : وسمعتها من رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ قال : نعم . لقد كنت أرى أنا رفعنا رفعة لا يبلغها أحد بعدنا ، فقال أبي : تصديق هذه الآية في أول سورة الجمعة : ( وآخرين منهم لما يلحقوا بهم وهو العزيز الحكيم ) [ الجمعة : 3 ] وفي سورة الحشر : ( والذين جاءوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ) [ الحشر : 10 ] وفي الأنفال : ( والذين آمنوا من بعد وهاجروا وجاهدوا معكم فأولئك منكم ) [ الأنفال : 75 ] إلى آخر الآية ، رواه ابن جريرقال : وذكر عن الحسن البصري أنه كان يقرؤها برفع " الأنصار " عطفا على ( والسابقون الأولون )فقد أخبر الله العظيم أنه قد رضي عن السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان : فيا ويل من أبغضهم أو سبهم أو أبغض أو سب بعضهم ، ولا سيما سيد الصحابة بعد الرسول وخيرهم وأفضلهم ، أعني الصديق الأكبر والخليفة الأعظم أبا بكر بن أبي قحافة ، رضي الله عنه ، فإن الطائفة المخذولة من الرافضة يعادون أفضل الصحابة ويبغضونهم ويسبونهم ، عياذا بالله من ذلك . وهذا يدل على أن عقولهم معكوسة ، وقلوبهم منكوسة ، فأين هؤلاء من الإيمان بالقرآن ، إذ يسبون من رضي الله عنهم ؟ وأما أهل السنة فإنهم يترضون عمن رضي الله عنه ، ويسبون من سبه الله ورسوله ، ويوالون من يوالي الله ، ويعادون من يعادي الله ، وهم متبعون لا مبتدعون ، ويقتدون ولا يبتدون ولهذا هم حزب الله المفلحون وعباده المؤمنون .
9:101
وَ مِمَّنْ حَوْلَكُمْ مِّنَ الْاَعْرَابِ مُنٰفِقُوْنَ ﳍ وَ مِنْ اَهْلِ الْمَدِیْنَةِ ﳌ مَرَدُوْا عَلَى النِّفَاقِ-لَا تَعْلَمُهُمْؕ-نَحْنُ نَعْلَمُهُمْؕ-سَنُعَذِّبُهُمْ مَّرَّتَیْنِ ثُمَّ یُرَدُّوْنَ اِلٰى عَذَابٍ عَظِیْمٍۚ(۱۰۱)
اور تمہارے آس پاس (ف۲۳۱) کے کچھ گنوار منافق ہیں، اور کچھ مدینہ والے، ان کی خو ہوگئی ہے نفاق، تم انہیں نہیں جانتے، ہم انھیں جانتے ہیں (ف۲۳۲) جلد ہم انہیں دوبارہ (ف۲۳۳) عذاب کریں گے پھر بڑے عذاب کی طرف پھیرے جائیں گے (ف۲۳۴)

يخبر تعالى رسوله ، صلوات الله وسلامه عليه ، أن في أحياء العرب ممن حول المدينة منافقين ، وفي أهل المدينة أيضا منافقون ( مردوا على النفاق ) أي : مرنوا واستمروا عليه : ومنه يقال : شيطان مريد ومارد ، ويقال : تمرد فلان على الله ، أي : عتا وتجبر .وقوله : ( لا تعلمهم نحن نعلمهم ) لا ينافي قوله تعالى : ( ولو نشاء لأريناكهم فلعرفتهم بسيماهم ولتعرفنهم في لحن القول ) الآية [ محمد : 30 ] ؛ لأن هذا من باب التوسم فيهم بصفات يعرفون بها ، لا أنه يعرف جميع من عنده من أهل النفاق والريب على التعيين . وقد كان يعلم أن في بعض من يخالطه من أهل المدينة نفاقا ، وإن كان يراه صباحا ومساء ، وشاهد هذا بالصحة ما رواه الإمام أحمد في مسنده حيث قال :حدثنا محمد بن جعفر ، حدثنا شعبة ، عن النعمان بن سالم ، عن رجل ، عن جبير بن مطعم ، رضي الله عنه ، قال : قلت : يا رسول الله ، إنهم يزعمون أنه ليس لنا أجر بمكة ، فقال : لتأتينكم أجوركم ولو كنتم في جحر ثعلب " وأصغى إلي رسول الله صلى الله عليه وسلم برأسه فقال : " إن في أصحابي منافقين "ومعناه : أنه قد يبوح بعض المنافقين والمرجفين من الكلام بما لا صحة له ، ومن مثلهم صدر هذا الكلام الذي سمعه جبير بن مطعم . وتقدم في تفسير قوله : ( وهموا بما لم ينالوا ) [ التوبة : 74 ] أنه عليه السلام أعلم حذيفة بأعيان أربعة عشر أو خمسة عشر منافقا ، وهذا تخصيص لا يقتضي أنه اطلع على أسمائهم وأعيانهم كلهم ، والله أعلم .وروى الحافظ ابن عساكر في ترجمة " أبي عمر البيروتي " من طريق هشام بن عمار : حدثنا صدقة بن خالد ، حدثنا بن جابر ، حدثني شيخ بيروت يكنى أبا عمر ، أظنه حدثني عن أبي الدرداء ؛ أن رجلا يقال له " حرملة " أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : الإيمان هاهنا - وأشار بيده إلى لسانه - والنفاق هاهنا - وأشار بيده إلى قلبه ولم يذكر الله إلا قليلا . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " اللهم اجعل له لسانا ذاكرا ، وقلبا شاكرا ، وارزقه حبي ، وحب من يحبني ، وصير أمره إلى خير " . فقال : يا رسول الله ، إنه كان لي أصحاب من المنافقين وكنت رأسا فيهم ، أفلا آتيك بهم ؟ قال : " من أتانا استغفرنا له ، ومن أصر على دينه فالله أولى به ، ولا تخرقن على أحد سترا " قال : وكذا رواه أبو أحمد الحاكم ، عن أبي بكر الباغندي ، عن هشام بن عمار ، به .وقال عبد الرزاق : أخبرنا معمر ، عن قتادة في هذه الآية أنه قال : ما بال أقوام يتكلفون علم الناس ؟ فلان في الجنة وفلان في النار . فإذا سألت أحدهم عن نفسه قال : لا أدري ! لعمري أنت بنفسك أعلم منك بأحوال الناس ، ولقد تكلفت شيئا ما تكلفه الأنبياء قبلك . قال نبي الله نوح : ( قال وما علمي بما كانوا يعملون ) [ الشعراء : 112 ] وقال نبي الله شعيب : ( بقية الله خير لكم إن كنتم مؤمنين وما أنا عليكم بحفيظ ) [ هود : 86 ] وقال الله لنبيه صلى الله عليه وسلم : ( لا تعلمهم نحن نعلمهم ) .وقال السدي ، عن أبي مالك ، عن ابن عباس في هذه الآية قال : قام رسول الله صلى الله عليه وسلم خطيبا يوم الجمعة فقال : " اخرج يا فلان ، فإنك منافق ، واخرج يا فلان فإنك منافق " . فأخرج من المسجد ناسا منهم ، فضحهم . فجاء عمر وهم يخرجون من المسجد فاختبأ منهم حياء أنه لم يشهد الجمعة وظن أن الناس قد انصرفوا ، واختبئوا هم من عمر ، ظنوا أنه قد علم بأمرهم . فجاء عمر فدخل المسجد فإذا الناس لم يصلوا ، فقال له رجل من المسلمين : أبشر يا عمر ، قد فضح الله المنافقين اليوم . قال ابن عباس : فهذا العذاب الأول حين أخرجهم من المسجد ، والعذاب الثاني عذاب القبروكذا قال الثوري ، عن السدي ، عن أبي مالك نحو هذا .وقال مجاهد في قوله : ( سنعذبهم مرتين ) يعني : القتل والسباء وقال - في رواية - بالجوع ، وعذاب القبر ، ( ثم يردون إلى عذاب عظيم )وقال ابن جريج : عذاب الدنيا ، وعذاب القبر ، ثم يردون إلى عذاب النار .وقال الحسن البصري : عذاب في الدنيا ، وعذاب في القبروقال عبد الرحمن بن زيد : أما عذاب في الدنيا فالأموال والأولاد ، وقرأ قول الله ( فلا تعجبك أموالهم وأولادهم إنما يريد الله أن يعذبهم بها في الدنيا ) [ التوبة : 85 ] فهذه المصائب لهم عذاب ، وهي للمؤمنين أجر ، وعذاب في الآخرة في النار ( ثم يردون إلى عذاب عظيم ) قال : النار .وقال محمد بن إسحاق : ( سنعذبهم مرتين ) قال : هو - فيما بلغني - ما هم فيه من أمر الإسلام ، وما يدخل عليهم من غيظ ذلك على غير حسبة ، ثم عذابهم في القبور إذا صاروا إليها ، ثم العذاب العظيم الذي يردون إليه ، عذاب الآخرة والخلد فيه .وقال سعيد ، عن قتادة في قوله : ( سنعذبهم مرتين ) عذاب الدنيا ، وعذاب القبر ، ( ثم يردون إلى عذاب عظيم ) ذكر لنا أن نبي الله صلى الله عليه وسلم أسر إلى حذيفة باثني عشر رجلا من المنافقين ، فقال : " ستة منهم تكفيكهم الدبيلة : سراج من نار جهنم ، يأخذ في كتف أحدهم حتى يفضي إلى صدره ، وستة يموتون موتا " . وذكر لنا أن عمر بن الخطاب ، رضي الله عنه ، كان إذا مات رجل ممن يرى أنه منهم ، نظر إلى حذيفة ، فإن صلى عليه وإلا تركه . وذكر لنا أن عمر قال لحذيفة : أنشدك بالله ، أمنهم أنا ؟ قال : لا . ولا أومن منها أحدا بعدك .
9:102
وَ اٰخَرُوْنَ اعْتَرَفُوْا بِذُنُوْبِهِمْ خَلَطُوْا عَمَلًا صَالِحًا وَّ اٰخَرَ سَیِّئًاؕ-عَسَى اللّٰهُ اَنْ یَّتُوْبَ عَلَیْهِمْؕ-اِنَّ اللّٰهَ غَفُوْرٌ رَّحِیْمٌ(۱۰۲)
اور کچھ اور ہیں جو اپنے گناہوں کے مقر ہوئے (ف۲۳۵) اور ملایا ایک کام اچھا (ف۲۳۶) اور دوسرا بڑا (ف۲۳۷) قریب ہے کہ اللہ ان کی توبہ قبول کرے، بیشک اللہ بخشنے والا مہربان ہے،

لما بين تعالى حال المنافقين المتخلفين عن الغزاة رغبة عنها وتكذيبا وشكا ، شرع في بيان حال المذنبين الذين تأخروا عن الجهاد كسلا وميلا إلى الراحة ، مع إيمانهم وتصديقهم بالحق ، فقال : ( وآخرون اعترفوا بذنوبهم ) أي : أقروا بها واعترفوا فيما بينهم وبين ربهم ، ولهم أعمال أخر صالحة ، خلطوا هذه بتلك ، فهؤلاء تحت عفو الله وغفرانه .وهذه الآية - وإن كانت نزلت في أناس معينين - إلا أنها عامة في كل المذنبين الخاطئين المخلطين المتلوثين .وقد قال مجاهد : إنها نزلت في أبي لبابة لما قال لبني قريظة : إنه الذبح ، وأشار بيده إلى حلقه .وقال ابن عباس : ( وآخرون ) نزلت في أبي لبابة وجماعة من أصحابه ، تخلفوا عن غزوة تبوك ، فقال بعضهم : أبو لبابة وخمسة معه ، وقيل : وسبعة معه ، وقيل : وتسعة معه ، فلما رجع النبي صلى الله عليه وسلم من غزوته ربطوا أنفسهم بسواري المسجد ، وحلفوا لا يحلهم إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فلما أنزل الله هذه الآية : ( وآخرون اعترفوا بذنوبهم ) أطلقهم النبي صلى الله عليه وسلم ، وعفا عنهم .وقال البخاري : حدثنا مؤمل بن هشام ، حدثنا إسماعيل بن إبراهيم ، حدثنا عوف ، حدثنا أبو رجاء ، حدثنا سمرة بن جندب قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لنا : " أتاني الليلة آتيان فابتعثاني فانتهينا إلى مدينة مبنية بلبن ذهب ولبن فضة ، فتلقانا رجال شطر من خلقهم كأحسن ما أنت راء ، وشطر كأقبح ما أنت راء ، قالا لهم : اذهبوا فقعوا في ذلك النهر . فوقعوا فيه ، ثم رجعوا إلينا قد ذهب ذلك السوء عنهم ، فصاروا في أحسن صورة ، قالا لي : هذه جنة عدن ، وهذا منزلك . قالا أما القوم الذين كانوا شطر منهم حسن وشطر منهم قبيح ، فإنهم خلطوا عملا صالحا وآخر سيئا ، فتجاوز الله عنهم " .هكذا رواه مختصرا ، في تفسير هذه الآية .
9:103
خُذْ مِنْ اَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَ تُزَكِّیْهِمْ بِهَا وَصَلِّ عَلَیْهِمْؕ-اِنَّ صَلٰوتَكَ سَكَنٌ لَّهُمْؕ-وَ اللّٰهُ سَمِیْعٌ عَلِیْمٌ(۱۰۳)
اے محبوب! ان کے مال میں سے زکوٰة تحصیل کرو جس سے تم انھیں ستھرا اور پاکیزہ کردو اور ان کے حق میں دعائے خیر کرو (ف۲۳۸) بیشک تمہاری دعا ان کے دلوں کا چین ہے، اور اللہ سنتا جانتا ہے،

أمر الله تعالى رسوله صلى الله عليه وسلم بأن يأخذ من أموالهم صدقة يطهرهم ويزكيهم بها ، وهذا عام وإن أعاد بعضهم الضمير في " أموالهم " إلى الذين اعترفوا بذنوبهم وخلطوا عملا صالحا وآخر سيئا ؛ ولهذا اعتقد بعض مانعي الزكاة من أحياء العرب أن دفع الزكاة إلى الإمام لا يكون ، وإنما كان هذا خاصا برسول الله صلى الله عليه وسلم ؛ ولهذا احتجوا بقوله تعالى : ( خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها وصل عليهم إن صلاتك سكن لهم ) وقد رد عليهم هذا التأويل والفهم الفاسد الصديق أبو بكر وسائر الصحابة ، وقاتلوهم حتى أدوا الزكاة إلى الخليفة ، كما كانوا يؤدونها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، حتى قال الصديق : والله لو منعوني عقالا - وفي رواية : عناقا - يؤدونه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم لأقاتلنهم على منعه .وقوله : ( وصل عليهم ) أي : ادع لهم واستغفر لهم ، كما رواه مسلم في صحيحه ، عن عبد الله بن أبي أوفى قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أتي بصدقة قوم صلى عليهم ، فأتاه أبي بصدقته فقال : " اللهم صل على آل أبي أوفى " وفي الحديث الآخر : أن امرأة قالت : يا رسول الله ، صل علي وعلى زوجي . فقال : " صلى الله عليك ، وعلى زوجك " .وقوله : ( إن صلاتك ) : قرأ بعضهم : " صلواتك " على الجمع ، وآخرون قرءوا : ( إن صلاتك ) على الإفراد .( سكن لهم ) قال ابن عباس : رحمة لهم . وقال قتادة : وقار .وقوله : ( والله سميع ) أي : لدعائك ( عليم ) أي : بمن يستحق ذلك منك ومن هو أهل له .قال الإمام أحمد : حدثنا وكيع ، حدثنا أبو العميس ، عن أبي بكر بن عمرو بن عتبة ، عن ابن لحذيفة ، عن أبيه ؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا دعا لرجل أصابته ، وأصابت ولده ، وولد ولده .ثم رواه عن أبي نعيم ، عن مسعر ، عن أبي بكر بن عمرو بن عتبة ، عن ابن لحذيفة - قال مسعر : وقد ذكره مرة عن حذيفة - : إن صلاة النبي صلى الله عليه وسلم لتدرك الرجل وولده وولد ولده .
9:104
اَلَمْ یَعْلَمُوْۤا اَنَّ اللّٰهَ هُوَ یَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهٖ وَ یَاْخُذُ الصَّدَقٰتِ وَ اَنَّ اللّٰهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِیْمُ(۱۰۴)
کیا انہیں خبر نہیں کہ اللہ ہی اپنے بندوں کی توبہ قبول کرتا اور صدقے خود اپنی دست قدرت میں لیتا ہے اور یہ کہ اللہ ہی توبہ قبول کرنے والا مہربان ہے (ف۲۳۹)

وقوله : ( ألم يعلموا أن الله هو يقبل التوبة عن عباده ويأخذ الصدقات ) هذا تهييج إلى التوبة والصدقة اللتين كل منها يحط الذنوب ويمحصها ويمحقها .وأخبر تعالى أن كل من تاب إليه تاب عليه ، ومن تصدق بصدقة من كسب حلال فإن الله تعالى يتقبلها بيمينه فيربيها لصاحبها ، حتى تصير التمرة مثل أحد . كما جاء بذلك الحديث ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم - كما قال الثوري ووكيع ، كلاهما عن عباد بن منصور ، عن القاسم بن محمد أنه سمع أبا هريرة يقول : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن الله يقبل الصدقة ويأخذها بيمينه فيربيها لأحدكم ، كما يربي أحدكم مهره ، حتى إن اللقمة لتصير مثل أحد " ، وتصديق ذلك في كتاب الله ، عز وجل : ( [ ألم يعلموا أن الله ] هو يقبل التوبة عن عباده ويأخذ الصدقات ) و [ قوله ] ( يمحق الله الربا ويربي الصدقات ) [ البقرة : 276 ] .وقال الثوري والأعمش كلاهما ، عن عبد الله بن السائب ، عن عبد الله بن أبي قتادة قال : قال عبد الله بن مسعود ، رضي الله عنه : إن الصدقة تقع في يد الله عز وجل قبل أن تقع في يد السائل . ثم قرأ هذه الآية : ( ألم يعلموا أن الله هو يقبل التوبة عن عباده ويأخذ الصدقات ) .وقد روى ابن عساكر في تاريخه ، في ترجمة عبد الله بن الشاعر السكسكي الدمشقي - وأصله حمصي ، وكان أحد الفقهاء ، روى عن معاوية وغيره ، وحكى عنه حوشب بن سيف السكسكي الحمصي - قال : غزا الناس في زمان معاوية ، رضي الله عنه ، وعليهم عبد الرحمن بن خالد بن الوليد ، فغل رجل من المسلمين مائة دينار رومية . فلما قفل الجيش ندم وأتى الأمير ، فأبى أن يقبلها منه ، وقال : قد تفرق الناس ولن أقبلها منك ، حتى تأتي الله بها يوم القيامة فجعل الرجل يستقرئ الصحابة ، فيقولون له مثل ذلك ، فلما قدم دمشق ذهب إلى معاوية ليقبلها منه ، فأبى عليه . فخرج من عنده وهو يبكي ويسترجع ، فمر بعبد الله بن الشاعر السكسكي ، فقال له : ما يبكيك ؟ فذكر له أمره ، فقال أمطيعني أنت ؟ فقال : نعم ، فقال : اذهب إلى معاوية فقل له : اقبل مني خمسك ، فادفع إليه عشرين دينارا ، وانظر الثمانين الباقية فتصدق بها عن ذلك الجيش ، فإن الله يقبل التوبة عن عباده ، وهو أعلم بأسمائهم ومكانهم ففعل الرجل ، فقال معاوية ، رضي الله عنه : لأن أكون أفتيته بها أحب إلي من كل شيء أملكه ، أحسن الرجل " .
9:105
وَ قُلِ اعْمَلُوْا فَسَیَرَى اللّٰهُ عَمَلَكُمْ وَ رَسُوْلُهٗ وَ الْمُؤْمِنُوْنَؕ-وَ سَتُرَدُّوْنَ اِلٰى عٰلِمِ الْغَیْبِ وَ الشَّهَادَةِ فَیُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُوْنَۚ(۱۰۵)
اور تم فرما ؤ کام کرو اب تمہارے کام دیکھے گا اللہ اور اس کے رسول اور مسلمان، اور جلد اس کی طرف پلٹوگے جو چھپا اور کھلا سب جانتا ہے تو وہ تمہارے کام تمہیں جتاوے گا،

قال مجاهد : هذا وعيد ، يعني من الله تعالى للمخالفين أوامره بأن أعمالهم ستعرض عليه تبارك وتعالى ، وعلى الرسول ، وعلى المؤمنين . وهذا كائن لا محالة يوم القيامة ، كما قال : ( يومئذ تعرضون لا تخفى منكم خافية ) [ الحاقة : 18 ] ، وقال تعالى : ( يوم تبلى السرائر ) [ الطارق : 9 ] ، وقال ( وحصل ما في الصدور ) [ العاديات : 10 ] وقد يظهر ذلك للناس في الدنيا ، كما قال الإمام أحمد :حدثنا حسن بن موسى ، حدثنا ابن لهيعة ، حدثنا دراج ، عن أبي الهيثم ، عن أبي سعيد ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : " لو أن أحدكم يعمل في صخرة صماء ليس لها باب ولا كوة ، لأخرج الله عمله للناس كائنا ما كان " . .وقد ورد : أن أعمال الأحياء تعرض على الأموات من الأقرباء والعشائر في البرزخ ، كما قال أبو داود الطيالسي : حدثنا الصلت بن دينار ، عن الحسن ، عن جابر بن عبد الله قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن أعمالكم تعرض على أقربائكم وعشائركم في قبورهم ، فإن كان خيرا استبشروا به ، وإن كان غير ذلك قالوا : " اللهم ، ألهمهم أن يعملوا بطاعتك " .وقال الإمام أحمد : أخبرنا عبد الرزاق ، عن سفيان ، عمن سمع أنسا يقول : قال النبي صلى الله عليه وسلم : " إن أعمالكم تعرض على أقاربكم وعشائركم من الأموات ، فإن كان خيرا استبشروا به ، وإن كان غير ذلك قالوا : اللهم ، لا تمتهم حتى تهديهم كما هديتنا " .وقال البخاري : قالت عائشة ، رضي الله عنها : إذا أعجبك حسن عمل امرئ ، فقل : ( اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون ) .وقد ورد في الحديث شبيه بهذا ، قال الإمام أحمد :حدثنا يزيد ، حدثنا حميد ، عن أنس ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " لا عليكم أن تعجبوا بأحد حتى تنظروا بم يختم له ؟ فإن العامل يعمل زمانا من عمره - أو : برهة من دهره - بعمل صالح لو مات عليه لدخل الجنة ، ثم يتحول فيعمل عملا سيئا ، وإن العبد ليعمل البرهة من دهره بعمل سيئ ، لو مات عليه دخل النار ، ثم يتحول فيعمل عملا صالحا ، وإذا أراد الله بعبد خيرا استعمله قبل موته " . قالوا : يا رسول الله وكيف يستعمله : قال : " يوفقه لعمل صالح ثم يقبضه عليه " تفرد به أحمد من هذا الوجه .
9:106
وَ اٰخَرُوْنَ مُرْجَوْنَ لِاَمْرِ اللّٰهِ اِمَّا یُعَذِّبُهُمْ وَ اِمَّا یَتُوْبُ عَلَیْهِمْؕ-وَ اللّٰهُ عَلِیْمٌ حَكِیْمٌ(۱۰۶)
اور کچھ (ف۲۴۰) موقوف رکھے گئے اللہ کے حکم پر، یا ان پر عذاب کرے یا ان کی توبہ قبول کرے (ف۲۴۱) اور اللہ علم و حکمت والا ہے،

قال ابن عباس ومجاهد وعكرمة ، والضحاك وغير واحد : هم الثلاثة الذين خلفوا ، أي : عن التوبة ، وهم : مرارة بن الربيع ، وكعب بن مالك ، وهلال بن أمية ، قعدوا عن غزوة تبوك في جملة من قعد ، كسلا وميلا إلى الدعة والحفظ وطيب الثمار والظلال ، لا شكا ونفاقا ، فكانت منهم طائفة ربطوا أنفسهم بالسواري ، كما فعل أبو لبابة وأصحابه ، وطائفة لم يفعلوا ذلك وهم هؤلاء الثلاثة المذكورون ، فنزلت توبة أولئك قبل هؤلاء ، وأرجى هؤلاء عن التوبة حتى نزلت الآية الآتية ، وهي قوله : ( لقد تاب الله على النبي والمهاجرين والأنصار ) الآية [ التوبة : 117 ] ، ( وعلى الثلاثة الذين خلفوا حتى إذا ضاقت عليهم الأرض بما رحبت [ وضاقت عليهم أنفسهم ] ) الآية [ التوبة : 118 ] ، كما سيأتي بيانه في حديث كعب بن مالك .وقوله : ( إما يعذبهم وإما يتوب عليهم ) أي : هم تحت عفو الله ، إن شاء فعل بهم هذا ، وإن شاء فعل بهم ذاك ، ولكن رحمته تغلب غضبه ، وهو ( عليم حكيم ) أي : عليم بمن يستحق العقوبة ممن يستحق العفو ، حكيم في أفعاله وأقواله ، لا إله إلا هو ، ولا رب سواه .
9:107
وَ الَّذِیْنَ اتَّخَذُوْا مَسْجِدًا ضِرَارًا وَّ كُفْرًا وَّ تَفْرِیْقًۢا بَیْنَ الْمُؤْمِنِیْنَ وَ اِرْصَادًا لِّمَنْ حَارَبَ اللّٰهَ وَ رَسُوْلَهٗ مِنْ قَبْلُؕ-وَ لَیَحْلِفُنَّ اِنْ اَرَدْنَاۤ اِلَّا الْحُسْنٰىؕ-وَ اللّٰهُ یَشْهَدُ اِنَّهُمْ لَكٰذِبُوْنَ(۱۰۷)
اور وہ جنہوں نے مسجد بنائی (ف۲۴۲) نقصان پہنچانے کو (ف۲۴۳) اور کفر کے سبب (ف۲۴۴) اور مسلمانوں میں تفرقہ ڈالنے کو (ف۲۴۵) اور اس کے انتظار میں جو پہلے سے اللہ اور اس کے رسول کا مخالف ہے (ف۲۴۶) اور وہ ضرور قسمیں کھائیں گے ہم نے تو بھلائی چاہی، اور اللہ گواہ ہے کہ وہ بیشک جھوٹے ہیں،

سبب نزول هذه الآيات الكريمات : أنه كان بالمدينة قبل مقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم إليها رجل من الخزرج يقال له : " أبو عامر الراهب " ، وكان قد تنصر في الجاهلية وقرأ علم أهل الكتاب ، وكان فيه عبادة في الجاهلية ، وله شرف في الخزرج كبير . فلما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم مهاجرا إلى المدينة ، واجتمع المسلمون عليه ، وصارت للإسلام كلمة عالية ، وأظهرهم الله يوم بدر ، شرق اللعين أبو عامر بريقه ، وبارز بالعداوة ، وظاهر بها ، وخرج فارا إلى كفار مكة من مشركي قريش فألبهم على حرب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فاجتمعوا بمن وافقهم من أحياء العرب ، وقدموا عام أحد ، فكان من أمر المسلمين ما كان ، وامتحنهم الله ، وكانت العاقبة للمتقين .وكان هذا الفاسق قد حفر حفائر فيما بين الصفين ، فوقع في إحداهن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأصيب ذلك اليوم ، فجرح في وجهه وكسرت رباعيته اليمنى السفلى ، وشج رأسه ، صلوات الله وسلامه عليه .وتقدم أبو عامر في أول المبارزة إلى قومه من الأنصار ، فخاطبهم واستمالهم إلى نصره وموافقته ، فلما عرفوا كلامه قالوا : لا أنعم الله بك عينا يا فاسق يا عدو الله ، ونالوا منه وسبوه . فرجع وهو يقول : والله لقد أصاب قومي بعدي شر . وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد دعاه إلى الله قبل فراره ، وقرأ عليه من القرآن ، فأبى أن يسلم وتمرد ، فدعا عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يموت بعيدا طريدا ، فنالته هذه الدعوة .وذلك أنه لما فرغ الناس من أحد ، ورأى أمر الرسول ، صلوات الله وسلامه عليه في ارتفاع وظهور ، ذهب إلىهرقل ، ملك الروم ، يستنصره على النبي صلى الله عليه وسلم ، فوعده ومناه ، وأقام عنده ، وكتب إلى جماعة من قومه من الأنصار من أهل النفاق والريب يعدهم ويمنيهم أنه سيقدم بجيش يقاتل به رسول الله صلى الله عليه وسلم ويغلبه ويرده عما هو فيه ، وأمرهم أن يتخذوا له معقلا يقدم عليهم فيه من يقدم من عنده لأداء كتبه ويكون مرصدا له إذا قدم عليهم بعد ذلك ، فشرعوا في بناء مسجد مجاور لمسجد قباء ، فبنوه وأحكموه ، وفرغوا منه قبل خروج النبي صلى الله عليه وسلم إلى تبوك ، وجاءوا فسألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يأتي إليهم فيصلي في مسجدهم ، ليحتجوا بصلاته ، عليه السلام ، فيه على تقريره وإثباته ، وذكروا أنهم إنما بنوه للضعفاء منهم وأهل العلة في الليلة الشاتية ، فعصمه الله من الصلاة فيه فقال : " إنا على سفر ، ولكن إذا رجعنا إن شاء الله " .فلما قفل ، عليه السلام راجعا إلى المدينة من تبوك ، ولم يبق بينه وبينها إلا يوم أو بعض يوم ، نزل عليه الوحي بخبر مسجد الضرار ، وما اعتمده بانوه من الكفر والتفريق بين جماعة المؤمنين في مسجدهم مسجد قباء ، الذي أسس من أول يوم على التقوى . فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى ذلك المسجد من هدمه قبل مقدمه المدينة ، كما قال علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس في قوله : ( والذين اتخذوا مسجدا ضرارا [ وكفرا وتفريقا بين المؤمنين ] ) وهم أناس من الأنصار ، ابتنوا مسجدا ، فقال لهم أبو عامر ، ابنوا مسجدا واستعدوا بما استطعتم من قوة ومن سلاح ، فإني ذاهب إلى قيصر ملك الروم ، فآتي بجند من الروم وأخرج محمدا وأصحابه . فلما فرغوا من مسجدهم أتوا النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا : قد فرغنا من بناء مسجدنا ، فنحب أن تصلي فيه وتدعو لنا بالبركة . فأنزل الله ، عز وجل : ( لا تقم فيه أبدا لمسجد أسس على التقوى من أول يوم ) إلى ( والله لا يهدي القوم الظالمين ) .وكذا روي عن سعيد بن جبير ، ومجاهد ، وعروة بن الزبير ، وقتادة وغير واحد من العلماء .وقال محمد بن إسحاق بن يسار ، عن الزهري ، ويزيد بن رومان ، وعبد الله بن أبي بكر ، وعاصم بن عمر بن قتادة وغيرهم ، قالوا : أقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم - يعني : من تبوك - حتى نزل بذي أوان - بلد بينه وبين المدينة ساعة من نهار - وكان أصحاب مسجد الضرار قد كانوا أتوه وهو يتجهز إلى تبوك ، فقالوا : يا رسول الله ، إنا قد بنينا مسجدا لذي العلة والحاجة ، والليلة المطيرة ، والليلة الشاتية ، وإنا نحب أن تأتينا فتصلي لنا فيه . فقال : " إني على جناح سفر وحال شغل - أو كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم - ولو قد قدمنا إن شاء الله تعالى أتيناكم فصلينا لكم فيه " . فلما نزل بذي أوان أتاه خبر المسجد ، فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم مالك بن الدخشم أخا بني سالم بن عوف ، ومعن بن عدي - أو : أخاه عامر بن عدي - أخا بلعجلان فقال : " انطلقا إلى هذا المسجد الظالم أهله ، فاهدماه وحرقاه " . فخرجا سريعين حتى أتيا بني سالم بن عوف ، وهم رهط مالك بن الدخشم ، فقال مالك لمعن : أنظرني حتى أخرج إليك بنار من أهلي . فدخل أهله فأخذ سعفا من النخل ، فأشعل فيه نارا ، ثم خرجا يشتدان حتى دخلا المسجد وفيه أهله ، فحرقاه وهدماه وتفرقوا عنه . ونزل فيهم من القرآن ما نزل : ( والذين اتخذوا مسجدا ضرارا وكفرا ) إلى آخر القصة . وكان الذين بنوه اثني عشر رجلا خذام بن خالد ، من بني عبيد بن زيد ، أحد بني عمرو بن عوف ، ومن داره أخرج مسجد الشقاق ، وثعلبة بن حاطب من بني عبيد وهو إلى بني أمية بن زيد ، ومعتب بن قشير ، من [ بني ] ضبيعة بن زيد ، وأبو حبيبة بن الأذعر ، من بني ضبيعة بن زيد ، وعباد بن حنيف ، أخو سهل بن حنيف ، من بني عمرو بن عوف ، وجارية بن عامر ، وابناه : مجمع بن جارية ، وزيد بن جارية ونبتل [ بن ] الحارث ، وهم من بني ضبيعة ، وبحزج وهو من بني ضبيعة ، وبجاد بن عثمان وهو من بني ضبيعة ، [ ووديعة بن ثابت ، وهو إلى بني أمية ] رهط أبي لبابة بن عبد المنذر .وقوله : ( وليحلفن ) أي : الذين بنوه ( إن أردنا إلا الحسنى ) أي : ما أردناه ببنيانه إلا خيرا ورفقا بالناس ، قال الله تعالى : ( والله يشهد إنهم لكاذبون ) أي : فيما قصدوا وفيما نووا ، وإنما بنوه ضرارا لمسجد قباء ، وكفرا بالله ، وتفريقا بين المؤمنين ، وإرصادا لمن حارب الله ورسوله ، وهو أبو عامر الفاسق ، الذي يقال له : " الراهب " لعنه الله .
9:108
لَا تَقُمْ فِیْهِ اَبَدًاؕ-لَمَسْجِدٌ اُسِّسَ عَلَى التَّقْوٰى مِنْ اَوَّلِ یَوْمٍ اَحَقُّ اَنْ تَقُوْمَ فِیْهِؕ-فِیْهِ رِجَالٌ یُّحِبُّوْنَ اَنْ یَّتَطَهَّرُوْاؕ-وَ اللّٰهُ یُحِبُّ الْمُطَّهِّرِیْنَ(۱۰۸)
اس مسجد میں تم کبھی کھڑے نہ ہونا، (ف۲۴۷) بیشک وہ مسجد کہ پہلے ہی دن سے جس کی بنیاد پرہیزگاری پر رکھی گئی ہے (ف۲۴۸) وہ اس قابل ہے کہ تم اس میں کھڑے ہو، اس میں وہ لوگ ہیں کہ خوب ستھرا ہونا چاہتے ہیں (ف۲۴۹) اور ستھرے اللہ کو پیارے ہیں،

وقوله : ( لا تقم فيه أبدا ) نهي من الله لرسوله ، صلوات الله وسلامه عليه ، والأمة تبع له في ذلك ، عن أن يقوم فيه ، أي : يصلي فيه أبدا .ثم حثه على الصلاة في مسجد قباء الذي أسس من أول يوم بنائه على التقوى ، وهي طاعة الله ، وطاعة رسوله ، وجمعا لكلمة المؤمنين ومعقلا وموئلا للإسلام وأهله ؛ ولهذا قال تعالى : ( لمسجد أسس على التقوى من أول يوم أحق أن تقوم فيه ) والسياق إنما هو في معرض مسجد قباء ؛ ولهذا جاء في الحديث الصحيح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " صلاة في مسجد قباء كعمرة " . وفي الصحيح : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يزور مسجد قباء راكبا وماشيا وفي الحديث : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما بناه وأسسه أول قدومه ونزوله على بني عمرو بن عوف ، كان جبريل هو الذي عين له جهة القبلة فالله أعلم .وقال أبو داود : حدثنا محمد بن العلاء ، حدثنا معاوية بن هشام ، عن يونس بن الحارث ، عن إبراهيم بن أبي ميمونة ، عن أبي صالح ، عن أبي هريرة ، رضي الله عنه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " نزلت هذه الآية في أهل قباء : ( فيه رجال يحبون أن يتطهروا ) قال : كانوا يستنجون بالماء ، فنزلت فيهم الآية .ورواه الترمذي وابن ماجه ، من حديث يونس بن الحارث ، وهو ضعيف ، وقال الترمذي : غريب من هذا الوجه .وقال الطبراني : حدثنا الحسن بن علي المعمري ، حدثنا محمد بن حميد الرازي ، حدثنا سلمة بن الفضل ، عن محمد بن إسحاق ، عن الأعمش ، عن مجاهد ، عن ابن عباس قال : لما نزلت هذه الآية : ( فيه رجال يحبون أن يتطهروا ) بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى عويم بن ساعدة فقال : " ما هذا الطهور الذي أثنى الله عليكم ؟ " . فقال : يا رسول الله ، ما خرج منا رجل ولا امرأة من الغائط إلا غسل فرجه - أو قال : مقعدته - فقال النبي صلى الله عليه وسلم . " هو هذا " .وقال الإمام أحمد : حدثنا حسين بن محمد ، حدثنا أبو أويس ، حدثنا شرحبيل ، عن عويم بن ساعدة الأنصاري : أنه حدثه أن النبي صلى الله عليه وسلم أتاهم في مسجد قباء ، فقال : " إن الله تعالى قد أحسن [ عليكم الثناء ] في الطهور في قصة مسجدكم ، فما هذا الطهور الذي تطهرون به ؟ " فقالوا : والله - يا رسول الله - ما نعلم شيئا إلا أنه كان لنا جيران من اليهود ، فكانوا يغسلون أدبارهم من الغائط ، فغسلنا كما غسلوا .ورواه ابن خزيمة في صحيحه .وقال هشيم ، عن عبد الحميد المدني ، عن إبراهيم بن إسماعيل الأنصاري : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لعويم بن ساعدة . " ما هذا الذي أثنى الله عليكم : ( فيه رجال يحبون أن يتطهروا والله يحب المطهرين ) قالوا : يا رسول الله ، إنا نغسل الأدبار بالماء .وقال ابن جرير : حدثني محمد بن عمارة الأسدي ، حدثنا محمد بن سعد ، حدثنا إبراهيم بن محمد ، عن شرحبيل بن سعد قال : سمعت خزيمة بن ثابت يقول : نزلت هذه الآية : ( فيه رجال يحبون أن يتطهروا والله يحب المطهرين ) قال : كانوا يغسلون أدبارهم من الغائط .حديث آخر : قال الإمام أحمد بن حنبل : حدثنا يحيى بن آدم ، حدثنا مالك - يعني : ابن مغول - سمعت سيارا أبا الحكم ، عن شهر بن حوشب ، عن محمد بن عبد الله بن سلام قال : لما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، يعني : قباء ، فقال : " إن الله ، عز وجل ، قد أثنى عليكم في الطهور خيرا ، أفلا تخبروني ؟ " . يعني : قوله تعالى : ( فيه رجال يحبون أن يتطهروا والله يحب المطهرين ) فقالوا : يا رسول الله ، إنا نجده مكتوبا علينا في التوراة : الاستنجاء بالماء .وقد صرح بأنه مسجد قباء جماعة من السلف ، رواه علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس . ورواه عبد الرزاق ، عن معمر ، عن الزهري ، عن عروة بن الزبير . وقاله عطية العوفي ، وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم ، والشعبي ، والحسن البصري ، ونقله البغوي عن سعيد بن جبير ، وقتادة .وقد ورد في الحديث الصحيح : أن مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي هو في جوف المدينة ، هو المسجد الذي أسس على التقوى . وهذا صحيح . ولا منافاة بين الآية وبين هذا ؛ لأنه إذا كان مسجد قباء قد أسس على التقوى من أول يوم ، فمسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم بطريق الأولى والأحرى ؛ ولهذا قال الإمام أحمد بن حنبل في مسنده :حدثنا أبو نعيم ، حدثنا عبد الله بن عامر الأسلمي ، عن عمران بن أبي أنس ، عن سهل بن سعد ، عن أبي بن كعب : أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " المسجد الذي أسس على التقوى مسجدي هذا " . تفرد به أحمد .حديث آخر : قال الإمام أحمد : حدثنا وكيع ، حدثنا ربيعة بن عثمان التيمي ، عن عمران بن أبي أنس ، عن سهل بن سعد الساعدي قال : اختلف رجلان على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم في المسجد الذي أسس على التقوى ، فقال أحدهما : هو مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم . وقال الآخر : هو مسجد قباء .فأتيا النبي صلى الله عليه وسلم فسألاه ، فقال : " هو مسجدي هذا " تفرد به أحمد أيضا .حديث آخر : قال أحمد : حدثنا موسى بن داود ، حدثنا ليث ، عن عمران بن أبي أنس ، عن سعيد بن أبي سعيد الخدري ، رضي الله عنه ، قال : تمارى رجلان في المسجد الذي أسس على التقوى ، فقال أحدهما : هو مسجد قباء ، وقال الآخر : هو مسجد النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " هو مسجدي هذا " تفرد به أحمد .طريق أخرى : قال الإمام أحمد : حدثنا إسحاق بن عيسى ، حدثنا ليث ، حدثني عمران بن أبي أنس ، عن ابن أبي سعيد ، عن أبيه أنه قال : تمارى رجلان في المسجد الذي أسس على التقوى من أول يوم ، فقال رجل : هو مسجد قباء ، وقال الآخر : هو مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " هو مسجدي " .وكذا رواه الترمذي والنسائي عن قتيبة ، عن الليث وصححه الترمذي ، ورواه مسلم كما سيأتي .طريق أخرى : قال أحمد : حدثنا يحيى ، عن أنيس بن أبي يحيى ، حدثني أبي قال : سمعت أبا سعيد الخدري قال : اختلف رجلان : رجل من بني خدرة ، ورجل من بني عمرو بن عوف في المسجد الذي أسس على التقوى ، فقال الخدري : هو مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وقال العمري : هو مسجد قباء ، فأتيا رسول الله صلى الله عليه وسلم فسألاه عن ذلك ، فقال : " هو هذا المسجد " لمسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وقال : " في ذاك [ خير كثير ] يعني : مسجد قباء .طريق أخرى : قال أبو جعفر بن جرير : حدثنا ابن بشار ، حدثنا يحيى بن سعيد - حدثنا حميد الخراط المدني ، سألت أبا سلمة بن عبد الرحمن بن أبي سعيد فقلت : كيف سمعت أباك يقول في المسجد الذي أسس على التقوى ؟ فقال أبي : أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فدخلت عليه في بيت لبعض نسائه ، فقلت : يا رسول الله ، أين المسجد الذي أسس على التقوى ؟ قال : فأخذ كفا من حصباء فضرب به الأرض ، ثم قال : " هو مسجدكم هذا " . ثم قال : [ فقلت له : هكذا ] سمعت أباك يذكره ؟ .رواه مسلم منفردا به عن محمد بن حاتم ، عن يحيى بن سعيد ، به ورواه عن أبي بكر بن أبي شيبة وغيره ، عن حاتم بن إسماعيل ، عن حميد الخراط ، به .وقد قال بأنه مسجد النبي صلى الله عليه وسلم جماعة من السلف والخلف ، وهو مروي عن عمر بن الخطاب ، وابنه عبد الله ، وزيد بن ثابت ، وسعيد بن المسيب . واختاره ابن جرير .وقوله : ( لمسجد أسس على التقوى من أول يوم أحق أن تقوم فيه فيه رجال يحبون أن يتطهروا والله يحب المطهرين ) دليل على استحباب الصلاة في المساجد القديمة المؤسسة من أول بنائها على عبادة الله وحده لا شريك له ، وعلى استحباب الصلاة مع جماعة الصالحين ، والعباد العاملين المحافظين على إسباغ الوضوء ، والتنزه عن ملابسة القاذورات .وقد قال الإمام أحمد : حدثنا محمد بن جعفر ، عن شعبة ، عن عبد الملك بن عمير ، سمعت شبيبا أبا روح يحدث عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى بهم الصبح فقرأ بهم الروم فأوهم ، فلما انصرف قال : " إنه يلبس علينا القرآن ، إن أقواما منكم يصلون معنا لا يحسنون الوضوء ، فمن شهد الصلاة معنا فليحسن الوضوء " .ثم رواه من طريقين آخرين ، عن عبد الملك بن عمير ، عن شبيب أبي روح من ذي الكلاع : أنه صلى مع النبي صلى الله عليه وسلم ، فذكره فدل هذا على أن إكمال الطهارة يسهل القيام في العبادة ، ويعين على إتمامها وإكمالها والقيام بمشروعاتها .وقال أبو العالية في قوله تعالى : ( والله يحب المطهرين ) إن الطهور بالماء لحسن ، ولكنهم المطهرون من الذنوب .وقال الأعمش : التوبة من الذنب ، والتطهير من الشرك .وقد ورد في الحديث المروي من طرق ، في السنن وغيرها ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لأهل قباء : " قد أثنى الله عليكم في الطهور ، فماذا تصنعون ؟ " فقالوا : نستنجي بالماء .وقد قال الحافظ أبو بكر البزار : حدثنا عبد الله بن شبيب ، حدثنا أحمد بن محمد بن عبد العزيز قال : وجدته في كتاب أبي ، عن الزهري ، عن عبيد الله بن عبد الله ، عن ابن عباس قال : نزلت هذه الآية في أهل قباء . ( فيه رجال يحبون أن يتطهروا والله يحب المطهرين ) فسألهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا : إنا نتبع الحجارة الماء .ثم قال : تفرد به محمد بن عبد العزيز ، عن الزهري ، ولم يرو عنه سوى ابنه .قلت : وإنما ذكرته بهذا اللفظ لأنه مشهور بين الفقهاء ولم يعرفه كثير من المحدثين المتأخرين ، أو كلهم ، والله أعلم .
9:109
اَفَمَنْ اَسَّسَ بُنْیَانَهٗ عَلٰى تَقْوٰى مِنَ اللّٰهِ وَ رِضْوَانٍ خَیْرٌ اَمْ مَّنْ اَسَّسَ بُنْیَانَهٗ عَلٰى شَفَا جُرُفٍ هَارٍ فَانْهَارَ بِهٖ فِیْ نَارِ جَهَنَّمَؕ-وَ اللّٰهُ لَا یَهْدِی الْقَوْمَ الظّٰلِمِیْنَ(۱۰۹)
تو کیا جس نے اپنی بنیاد رکھی اللہ سے ڈر اور اس کی رضا پر (ف۲۵۰) وہ بھلا یا وہ جس نے اپنی نیو چنی ایک گراؤ (ٹوٹے ہوئے کناروں والے) گڑھے کے کنارے (ف۲۵۱) تو وہ اسے لے کر جہنم کی آ گ میں ڈھے پڑا (ف۲۵۲) اور اللہ ظالموں کو راہ نہیں دیتا،

يقول تعالى : لا يستوي من أسس بنيانه على تقوى الله ورضوان ، ومن بنى مسجدا ضرارا وكفرا وتفريقا بين المؤمنين ، وإرصادا لمن حارب الله ورسوله من قبل ، فإنما بنى هؤلاء بنيانهم ( على شفا جرف هار ) أي : طرف حفيرة مثاله ( في نار جهنم والله لا يهدي القوم الظالمين ) أي : لا يصلح عمل المفسدين .قال جابر بن عبد الله : رأيت المسجد الذي بني ضرارا يخرج منه الدخان على عهد النبي صلى الله عليه وسلم .وقال ابن جريج ذكر لنا أن رجالا حفروا فوجدوا الدخان يخرج منه . وكذا قال قتادة .وقال خلف بن ياسين الكوفي : رأيت مسجد المنافقين الذي ذكره الله تعالى في القرآن ، وفيه جحر يخرج منه الدخان ، وهو اليوم مزبلة . رواه ابن جرير رحمه الله .وقوله : ( لا يزال بنيانهم الذي بنوا ريبة في قلوبهم ) أي : شكا ونفاقا بسبب إقدامهم على هذا الصنيع الشنيع ، أورثهم نفاقا في قلوبهم ، كما أشرب عابدو العجل حبه .
9:110
لَا یَزَالُ بُنْیَانُهُمُ الَّذِیْ بَنَوْا رِیْبَةً فِیْ قُلُوْبِهِمْ اِلَّاۤ اَنْ تَقَطَّعَ قُلُوْبُهُمْؕ-وَ اللّٰهُ عَلِیْمٌ حَكِیْمٌ۠(۱۱۰)
وہ تعمیر جو چنی (کی) ہمیشہ ان کے دلوں میں کھٹکتی رہے گی (ف۲۵۳) مگر یہ کہ ان کے دل ٹکڑے ٹکڑے ہوجائیں (ف۲۵۴) اور اللہ علم و حکمت والا ہے،

وقوله : ( إلا أن تقطع قلوبهم ) أي : بموتهم . قاله ابن عباس ، ومجاهد ، وقتادة ، وزيد بن أسلم ، والسدي ، وحبيب بن أبي ثابت ، والضحاك ، وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم ، وغير واحد من علماء السلف .( والله عليم ) أي : بأعمال خلقه ، ( حكيم ) في مجازاتهم عنها ، من خير وشر .
9:111
اِنَّ اللّٰهَ اشْتَرٰى مِنَ الْمُؤْمِنِیْنَ اَنْفُسَهُمْ وَ اَمْوَالَهُمْ بِاَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَؕ-یُقَاتِلُوْنَ فِیْ سَبِیْلِ اللّٰهِ فَیَقْتُلُوْنَ وَ یُقْتَلُوْنَ- وَعْدًا عَلَیْهِ حَقًّا فِی التَّوْرٰىةِ وَ الْاِنْجِیْلِ وَ الْقُرْاٰنِؕ-وَ مَنْ اَوْفٰى بِعَهْدِهٖ مِنَ اللّٰهِ فَاسْتَبْشِرُوْا بِبَیْعِكُمُ الَّذِیْ بَایَعْتُمْ بِهٖؕ-وَ ذٰلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِیْمُ(۱۱۱)
بیشک اللہ نے مسلمانوں سے ان کے مال اور جان خریدلیے ہیں اس بدلے پر کہ ان کے لیے جنت ہے (ف۲۵۵) اللہ کی راہ میں لڑیں تو ماریں (ف۲۵۶) اور مریں (ف۲۵۷) اس کے ذمہ کرم پر سچا وعدہ توریت اور انجیل اور قرآن میں (ف۲۵۸) اور اللہ سے زیادہ قول کا پورا کون تو خوشیاں مناؤ اپنے سودے کی جو تم نے اس سے کیا ہے، اور یہی بڑی کامیابی ہے،

خبر تعالى أنه عاوض عباده المؤمنين عن أنفسهم وأموالهم إذ بذلوها في سبيله بالجنة ، وهذا من فضله وكرمه وإحسانه ، فإنه قبل العوض عما يملكه بما تفضل به على عباده المطيعين له ؛ ولهذا قال الحسن البصري وقتادة : بايعهم والله فأغلى ثمنهم .وقال شمر بن عطية : ما من مسلم إلا ولله ، عز وجل ، في عنقه بيعة ، وفى بها أو مات عليها ، ثم تلا هذه الآية .ولهذا يقال : من حمل في سبيل الله بايع الله ، أي : قبل هذا العقد ووفى به .وقال محمد بن كعب القرظي وغيره : قال عبد الله بن رواحة ، رضي الله عنه ، لرسول الله صلى الله عليه وسلم - يعني ليلة العقبة - : اشترط لربك ولنفسك ما شئت ! فقال : " أشترط لربي أن تعبدوه ولا تشركوا به شيئا ، وأشترط لنفسي أن تمنعوني مما تمنعون منه أنفسكم وأموالكم " . قالوا : فما لنا إذا فعلنا ذلك ؟ قال : " الجنة " . قالوا : ربح البيع ، لا نقيل ولا نستقيل ، فنزلت : ( إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم ) الآية .وقوله : ( يقاتلون في سبيل الله فيقتلون ويقتلون ) أي : سواء قتلوا أو قتلوا ، أو اجتمع لهم هذا وهذا ، فقد وجبت لهم الجنة ؛ ولهذا جاء في الصحيحين : " وتكفل الله لمن خرج في سبيله ، لا يخرجه إلا جهاد في سبيلي ، وتصديق برسلي ، بأن توفاه أن يدخله الجنة ، أو يرجعه إلى مسكنه الذي خرج منه ، نائلا ما نال من أجر أو غنيمة " .وقوله : ( وعدا عليه حقا في التوراة والإنجيل والقرآن ) تأكيد لهذا الوعد ، وإخبار بأنه قد كتبه على نفسه الكريمة ، وأنزله على رسله في كتبه الكبار ، وهي التوراة المنزلة على موسى ، والإنجيل المنزل على عيسى ، والقرآن المنزل على محمد ، صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين .وقوله : ( ومن أوفى بعهده من الله ) [ أي : ولا واحد أعظم وفاء بما عاهد عليه من الله ] فإنه لا يخلف الميعاد ، وهذا كقوله تعالى : ( ومن أصدق من الله حديثا ) [ النساء : 87 ] ( ومن أصدق من الله قيلا ) [ النساء : 122 ] ؛ ولهذا قال : ( فاستبشروا ببيعكم الذي بايعتم به وذلك هو الفوز العظيم ) أي : فليستبشر من قام بمقتضى هذا العقد ووفى بهذا العهد ، بالفوز العظيم ، والنعيم المقيم .
9:112
اَلتَّآىٕبُوْنَ الْعٰبِدُوْنَ الْحٰمِدُوْنَ السَّآىٕحُوْنَ الرّٰكِعُوْنَ السّٰجِدُوْنَ الْاٰمِرُوْنَ بِالْمَعْرُوْفِ وَ النَّاهُوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَ الْحٰفِظُوْنَ لِحُدُوْدِ اللّٰهِؕ-وَ بَشِّرِ الْمُؤْمِنِیْنَ(۱۱۲)
توبہ والے (ف۲۵۹) عبادت والے (ف۲۶۰) سراہنے والے (ف۲۶۱) روزے والے رکوع والے سجدہ والے (ف۲۶۲) بھلائی کے بتانے والے اور برائی سے روکنے والے اور اللہ کی حدیں نگاہ رکھنے والے (ف۲۶۳) اور خوشی سناؤ مسلمانوں (ف۲۶۴)

هذا نعت المؤمنين الذين اشترى الله منهم أنفسهم وأموالهم بهذه الصفات الجميلة والخلال الجليلة : ( التائبون ) من الذنوب كلها ، التاركون للفواحش ، ( العابدون ) أي : القائمون بعبادة ربهم محافظين عليها ، وهي الأقوال والأفعال فمن أخص الأقوال الحمد ؛ فلهذا قال : ( الحامدون ) ومن أفضل الأعمال الصيام ، وهو ترك الملاذ من الطعام والشراب والجماع ، وهو المراد بالسياحة هاهنا ؛ ولهذا قال : ( السائحون ) كما وصف أزواج النبي صلى الله عليه وسلم بذلك في قوله تعالى : ( سائحات ) [ التحريم : 5 ] أي : صائمات ، وكذا الركوع والسجود ، وهما عبارة عن الصلاة ، ولهذا قال : ( الراكعون الساجدون ) وهم مع ذلك ينفعون خلق الله ، ويرشدونهم إلى طاعة الله بأمرهم بالمعروف ونهيهم عن المنكر ، مع العلم بما ينبغي فعله ويجب تركه ، وهو حفظ حدود الله في تحليله وتحريمه ، علما وعملا فقاموا بعبادة الحق ونصح الخلق ؛ ولهذا قال : ( وبشر المؤمنين ) لأن الإيمان يشمل هذا كله ، والسعادة كل السعادة لمن اتصف به .[ بيان أن المراد بالسياحة الصيام ] :قال سفيان الثوري ، عن عاصم ، عن زر ، عن عبد الله بن مسعود قال : ( السائحون ) الصائمون . وكذا روي عن سعيد بن جبير ، والعوفي عن ابن عباس .وقال علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس : كل ما ذكر الله في القرآن السياحة : هم الصائمون . وكذا قال الضحاك ، رحمه الله .وقال ابن جرير : حدثنا أحمد بن إسحاق ، حدثنا أبو أحمد ، حدثنا إبراهيم بن يزيد ، عن الوليد بن عبد الله ، عن عائشة ، رضي الله عنها ، قالت : سياحة هذه الأمة الصيام .وهكذا قال مجاهد ، وسعيد بن جبير ، وعطاء ، وأبو عبد الرحمن السلمي ، والضحاك بن مزاحم ، وسفيان بن عيينة وغيرهم : أن المراد بالسائحين : الصائمون .وقال الحسن البصري : ( السائحون ) الصائمون شهر رمضان .وقال أبو عمرو العبدي : ( السائحون ) الذين يديمون الصيام من المؤمنين .وقد ورد في حديث مرفوع نحو هذا ، وقال ابن جرير : حدثني محمد بن عبد الله بن بزيع ، حدثنا حكيم بن حزام ، حدثنا سليمان ، عن أبي صالح ، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " السائحون هم الصائمون "[ ثم رواه عن بندار ، عن ابن مهدي ، عن إسرائيل ، عن سليمان الأعمش ، عن أبي صالح ، عن أبي هريرة أنه قال : ( السائحون ) الصائمون ] .وهذا الموقوف أصح .وقال أيضا : حدثني يونس ، عن ابن وهب ، عن عمر بن الحارث ، عن عمرو بن دينار ، عن عبيد بن عمير قال : سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن السائحين فقال : " هم الصائمون " .وهذا مرسل جيد .فهذه أصح الأقوال وأشهرها ، وجاء ما يدل على أن السياحة الجهاد ، وهو ما روى أبو داود في سننه ، من حديث أبي أمامة أن رجلا قال : يا رسول الله ، ائذن لي في السياحة . فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " سياحة أمتي الجهاد في سبيل الله " .وقال ابن المبارك ، عن ابن لهيعة : أخبرني عمارة بن غزية : أن السياحة ذكرت عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أبدلنا الله بذلك الجهاد في سبيل الله ، والتكبير على كل شرف " .وعن عكرمة أنه قال : هم طلبة العلم . وقال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم : هم المهاجرون . رواهما ابن أبي حاتم .وليس المراد من السياحة ما قد يفهمه بعض من يتعبد بمجرد السياحة في الأرض ، والتفرد في شواهق الجبال والكهوف والبراري ، فإن هذا ليس بمشروع إلا في أيام الفتن والزلازل في الدين ، كما ثبت في صحيح البخاري ، عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " يوشك أن يكون خير مال الرجل غنم يتبع بها شعف الجبال ، ومواقع القطر ، يفر بدينه من الفتن " .وقال العوفي وعلي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس في قوله : ( والحافظون لحدود الله ) قال : القائمون بطاعة الله . وكذا قال الحسن البصري ، وعنه رواية : ( والحافظون لحدود الله ) قال : لفرائض الله ، وفي رواية : القائمون على أمر الله .
9:113
مَا كَانَ لِلنَّبِیِّ وَ الَّذِیْنَ اٰمَنُوْۤا اَنْ یَّسْتَغْفِرُوْا لِلْمُشْرِكِیْنَ وَ لَوْ كَانُوْۤا اُولِیْ قُرْبٰى مِنْۢ بَعْدِ مَا تَبَیَّنَ لَهُمْ اَنَّهُمْ اَصْحٰبُ الْجَحِیْمِ(۱۱۳)
نبی اور ایمان والوں کو لائق نہیں کہ مشرکوں کی بخشش چاہیں اگرچہ وہ رشتہ دار ہوں (ف۲۶۵) جبکہ انہیں کھل چکا کہ وہ دوزخی ہیں (ف۲۶۶)

قال الإمام أحمد : حدثنا عبد الرزاق ، حدثنا معمر ، عن الزهري ، عن ابن المسيب ، عن أبيه قال : لما حضرت أبا طالب الوفاة دخل عليه النبي صلى الله عليه وسلم وعنده أبو جهل ، وعبد الله بن أبي أمية ، فقال : " أي عم ، قل : لا إله إلا الله . كلمة أحاج لك بها عند الله ، عز وجل " . فقال أبو جهل وعبد الله بن أبي أمية : يا أبا طالب ، أترغب عن ملة عبد المطلب ؟ [ قال : فلم يزالا يكلمانه ، حتى قال آخر شيء كلمهم به : على ملة عبد المطلب ] . فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " لأستغفرن لك ما لم أنه عنك " . فنزلت : ( ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين ولو كانوا أولي قربى من بعد ما تبين لهم أنهم أصحاب الجحيم ) قال : ونزلت فيه : ( إنك لا تهدي من أحببت ) [ القصص : 56 ] أخرجاه .وقال الإمام أحمد : حدثنا يحيى بن آدم ، أخبرنا سفيان ، عن أبي إسحاق ، عن أبي الخليل ، عن علي ، رضي الله عنه ، قال : سمعت رجلا يستغفر لأبويه ، وهما مشركان ، فقلت : أيستغفر الرجل لأبويه وهما مشركان ؟ فقال : أولم يستغفر إبراهيم لأبيه ؟ فذكرت ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم ، فنزلت : ( ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين ) إلى قوله : ( فلما تبين له أنه عدو لله ) قال : " لما مات " ، فلا أدري قاله سفيان أو قاله إسرائيل ، أو هو في الحديث " لما مات " .قلت هذا ثابت عن مجاهد أنه قال : لما مات .وقال الإمام أحمد : حدثنا الحسن بن موسى ، حدثنا زهير ، حدثنا زبيد بن الحارث اليامي عن محارب بن دثار ، عن ابن بريدة ، عن أبيه قال : كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم ، فنزل بنا ونحن معه قريب من ألف راكب ، فصلى ركعتين ، ثم أقبل علينا بوجهه وعيناه تذرفان ، فقام إليه عمر بن الخطاب وفداه بالأب والأم ، وقال : يا رسول الله ، ما لك ؟ قال : " إني سألت ربي ، عز وجل ، في الاستغفار لأمي ، فلم يأذن لي ، فدمعت عيناي رحمة لها من النار ، وإني كنت نهيتكم عن ثلاث : نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها ، لتذكركم زيارتها خيرا ، ونهيتكم عن لحوم الأضاحي بعد ثلاث ، فكلوا وأمسكوا ما شئتم ، ونهيتكم عن الأشربة في الأوعية ، فاشربوا في أي وعاء ولا تشربوا مسكرا " .وروى ابن جرير ، من حديث علقمة بن مرثد ، عن سليمان بن بريدة ، عن أبيه ؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما قدم مكة أتى رسم قبر ، فجلس إليه ، فجعل يخاطب ، ثم قام مستعبرا . فقلنا : يا رسول الله ، إنا رابنا ما صنعت . قال : " إني استأذنت ربي في زيارة قبر أمي ، فأذن لي ، واستأذنته في الاستغفار لها فلم يأذن لي " . فما رئي باكيا أكثر من يومئذ .وقال ابن أبي حاتم ، في تفسيره : حدثنا أبي ، حدثنا خالد بن خداش ، حدثنا عبد الله بن وهب ، عن ابن جريج عن أيوب بن هانئ ، عن مسروق ، عن عبد الله بن مسعود قال : خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما إلى المقابر ، فاتبعناه ، فجاء حتى جلس إلى قبر منها ، فناجاه طويلا ثم بكى فبكينا لبكائه ثم قام فقام إليه عمر بن الخطاب ، فدعاه ثم دعانا ، فقال : " ما أبكاكم ؟ " فقلنا : بكينا لبكائك . قال : " إن القبر الذي جلست عنده قبر آمنة ، وإني استأذنت ربي في زيارتها فأذن لي " ثم أورده من وجه آخر ، ثم ذكر من حديث ابن مسعود قريبا منه ، وفيه : " وإني استأذنت ربي في الدعاء لها فلم يأذن لي ، وأنزل علي : ( ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين ولو كانوا أولي قربى ) فأخذني ما يأخذ الولد للوالدة ، وكنت نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها ، فإنها تذكر الآخرة " .حديث آخر في معناه : قال الطبراني : حدثنا محمد بن علي المروزي ، حدثنا أبو الدرداء عبد العزيز بن منيب ، حدثنا إسحاق بن عبد الله بن كيسان ، عن أبيه ، عن عكرمة ، عن ابن عباس ؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما أقبل من غزوة تبوك واعتمر ، فلما هبط من ثنية عسفان أمر أصحابه : أن استندوا إلى العقبة حتى أرجع إليكم ، فذهب فنزل على قبر أمه ، فناجى ربه طويلا ثم إنه بكى فاشتد بكاؤه ، وبكى هؤلاء لبكائه ، وقالوا : ما بكى نبي الله بهذا المكان إلا وقد أحدث في أمته شيء لا تطيقه . فلما بكى هؤلاء قام فرجع إليهم ، فقال : " ما يبكيكم ؟ " . قالوا : يا نبي الله ، بكينا لبكائك ، فقلنا : لعله أحدث في أمتك شيء لا تطيقه ، قال : " لا وقد كان بعضه ، ولكن نزلت على قبر أمي فدعوت الله أن يأذن لي في شفاعتها يوم القيامة ، فأبى الله أن يأذن لي ، فرحمتها وهي أمي ، فبكيت ، ثم جاءني جبريل فقال : ( وما كان استغفار إبراهيم لأبيه إلا عن موعدة وعدها إياه فلما تبين له أنه عدو لله تبرأ منه ) فتبرأ أنت من أمك ، كما تبرأ إبراهيم من أبيه ، فرحمتها وهي أمي ، ودعوت ربي أن يرفع عن أمتي أربعا ، فرفع عنهم اثنتين ، وأبى أن يرفع عنهم اثنتين : دعوت ربي أن يرفع عنهم الرجم من السماء والغرق من الأرض ، وألا يلبسهم شيعا ، وألا يذيق بعضهم بأس بعض ، فرفع الله عنهم الرجم من السماء ، والغرق من الأرض ، وأبى الله أن يرفع عنهم القتل والهرج " . وإنما عدل إلى قبر أمه لأنها كانت مدفونة تحت كداء وكانت عسفان لهم .وهذا حديث غريب وسياق عجيب ، وأغرب منه وأشد نكارة ما رواه الخطيب البغدادي في كتاب " السابق واللاحق " بسند مجهول ، عن عائشة في حديث فيه قصة أن الله أحيا أمه فآمنت ثم عادت . وكذلك ما رواه السهيلي في " الروض " بسند فيه جماعة مجهولون : أن الله أحيا له أباه وأمه فآمنا به .وقد قال الحافظ ابن دحية : [ هذا الحديث موضوع يرده القرآن والإجماع ، قال الله تعالى : ( ولا الذين يموتون وهم كفار ) [ النساء : 18 ] . وقال أبو عبد الله القرطبي : إن مقتضى هذا الحديث . . . ورد على ابن دحية ] في هذا الاستدلال بما حاصله : أن هذه حياة جديدة ، كما رجعت الشمس بعد غيبوبتها فصلى علي العصر ، قال الطحاوي : وهو [ حديث ] ثابت ، يعني : حديث الشمس .قال القرطبي : فليس إحياؤهما يمتنع عقلا ولا شرعا ، قال : وقد سمعت أن الله أحيا عمه أبا طالب ، فآمن به .قلت : وهذا كله متوقف على صحة الحديث ، فإذا صح فلا مانع منه والله أعلم .وقال العوفي ، عن ابن عباس في قوله : ( ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين ) الآية ، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم أراد أن يستغفر لأمه ، فنهاه الله عن ذلك فقال : " فإن إبراهيم خليل الله استغفر لأبيه " ، فأنزل الله : ( وما كان استغفار إبراهيم لأبيه إلا عن موعدة وعدها إياه ) الآية .وقال علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس ، في هذه الآية : كانوا يستغفرون لهم ، حتى نزلت هذه الآية ، فلما [ نزلت أمسكوا عن الاستغفار لأمواتهم ، ولم ينههم أن يستغفروا للأحياء حتى يموتوا ] ثم أنزل الله : ( وما كان استغفار إبراهيم لأبيه ) الآية .وقال قتادة في هذه الآية : ذكر لنا أن رجالا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قالوا : يا نبي الله ، إن من آبائنا من كان يحسن الجوار ، ويصل الأرحام ، ويفك العاني ، ويوفي بالذمم ؛ أفلا نستغفر لهم ؟ قال : فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " بلى ، والله إني لأستغفر لأبي كما استغفر إبراهيم لأبيه " . فأنزل الله : ( ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين ) حتى بلغ : ( الجحيم ) ثم عذر الله تعالى إبراهيم ، فقال : ( وما كان استغفار إبراهيم لأبيه إلا عن موعدة وعدها إياه فلما تبين له أنه عدو لله تبرأ منه ) قال : وذكر لنا أن نبي الله قال : " أوحي إلي كلمات ، فدخلن في أذني ووقرن في قلبي : أمرت ألا أستغفر لمن مات مشركا ، ومن أعطى فضل ماله فهو خير له ، ومن أمسك فهو شر له ، ولا يلوم الله على كفاف " .وقال الثوري ، عن الشيباني ، عن سعيد بن جبير قال : مات رجل يهودي وله ابن مسلم ، فلم يخرج معه ، فذكر ذلك لابن عباس فقال : فكان ينبغي له أن يمشي معه ويدفنه ، ويدعو له بالصلاح ما دام حيا ، فإذا مات وكله إلى شأنه ثم قال : ( وما كان استغفار إبراهيم لأبيه إلا عن موعدة وعدها إياه فلما تبين له أنه عدو لله تبرأ منه ) لم يدع .[ قلت ] وهذا يشهد له بالصحة ما رواه أبو داود وغيره ، عن علي بن أبي طالب قال : لما مات أبو طالب قلت : يا رسول الله ، إن عمك الشيخ الضال قد مات . قال : " اذهب فواره ولا تحدثن شيئا حتى تأتيني " . وذكر تمام الحديث .ويروى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما مرت به جنازة عمه أبي طالب قال : " وصلتك رحم يا عم " .وقال عطاء بن أبي رباح : ما كنت لأدع الصلاة على أحد من أهل القبلة ، ولو كانت حبشية حبلى من الزنا ؛ لأني لم أسمع الله حجب الصلاة إلا على المشركين ، يقول الله ، عز وجل : ( ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين ) .وروى ابن جرير ، عن ابن وكيع ، عن أبيه ، عن عصمة بن زامل ، عن أبيه قال : سمعت أبا هريرة يقول : رحم الله رجلا استغفر لأبي هريرة ولأمه . قلت : ولأبيه ؟ قال : لا . قال : إن أبي مات مشركا .وقوله : ( فلما تبين له أنه عدو لله تبرأ منه ) قال ابن عباس : ما زال إبراهيم يستغفر لأبيه حتى مات ، فلما تبين له أنه عدو لله تبرأ منه . وفي رواية : لما مات تبين له أنه عدو لله .وكذا قال مجاهد ، والضحاك ، وقتادة ، وغيرهم ، رحمهم الله .وقال عبيد بن عمير ، وسعيد بن جبير : إنه يتبرأ منه [ في ] يوم القيامة حين يلقى أباه ، وعلى وجه أبيه الغبرة والقترة فيقول : يا إبراهيم ، إني كنت أعصيك وإني اليوم لا أعصيك . فيقول : أي ربي ، ألم تعدني ألا تخزني يوم يبعثون ؟ فأي خزي أخزى من أبي الأبعد ؟ فيقال : انظر إلى ما وراءك ، فإذا هو بذيخ متلطخ ، أي : قد مسخ ضبعانا ، ثم يسحب بقوائمه ، ويلقى في النار .وقوله : ( إن إبراهيم لأواه حليم ) قال سفيان الثوري وغير واحد ، عن عاصم بن بهدلة ، عن زر بن حبيش ، عن عبد الله بن مسعود أنه قال : الأواه : الدعاء . وكذا روي من غير وجه ، عن ابن مسعود .وقال ابن جرير : حدثني المثنى : حدثنا الحجاج بن منهال ، حدثنا عبد الحميد بن بهرام ، حدثنا شهر بن حوشب ، عن عبد الله بن شداد بن الهاد قال : بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم جالس قال رجل : يا رسول الله ، ما الأواه ؟ قال : " المتضرع " ، قال : ( إن إبراهيم لأواه حليم )ورواه ابن أبي حاتم من حديث ابن المبارك ، عن عبد الحميد بن بهرام ، به ، قال : المتضرع : الدعاء .وقال الثوري ، عن سلمة بن كهيل ، عن مسلم البطين عن أبي العبيدين أنه سأل ابن مسعود عن الأواه ، فقال : هو الرحيم .وبه قال مجاهد ، وأبو ميسرة عمرو بن شرحبيل ، والحسن البصري ، وقتادة : أنه الرحيم ، أي : بعباد الله .وقال ابن المبارك ، عن خالد ، عن عكرمة ، عن ابن عباس قال : الأواه : الموقن بلسان الحبشة . وكذا قال العوفي ، عن ابن عباس : أنه الموقن . وكذا قال مجاهد ، والضحاك . وقال علي بن أبي طلحة ، ومجاهد ، عن ابن عباس : الأواه : المؤمن - زاد علي بن أبي طلحة عنه : المؤمن التواب . وقال العوفي عنه : هو المؤمن بلسان الحبشة . وكذا قال ابن جريج : هو المؤمن بلسان الحبشة .وقال أحمد : حدثنا موسى ، حدثنا ابن لهيعة ، عن الحارث بن يزيد ، عن علي بن رباح ، عن عقبة بن عامر ؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لرجل يقال له " ذو البجادين " : " إنه أواه " ، وذلك أنه رجل كثير الذكر لله في القرآن ويرفع صوته في الدعاء .ورواه ابن جرير .وقال سعيد بن جبير ، والشعبي : الأواه : المسبح . وقال ابن وهب ، عن معاوية بن صالح ، عن أبي الزاهرية ، عن جبير بن نفير ، عن أبي الدرداء ، رضي الله عنه ، قال : لا يحافظ على سبحة الضحى إلا أواه . وقال شفي بن ماتع ، عن أيوب : الأواه : الذي إذا ذكر خطاياه استغفر منها .وعن مجاهد : الأواه : الحفيظ الوجل ، يذنب الذنب سرا ، ثم يتوب منه سرا .ذكر ذلك كله ابن أبي حاتم ، رحمه الله .وقال ابن جرير : حدثنا ابن وكيع ، حدثنا المحاربي ، عن حجاج ، عن الحكم ، عن الحسن بن مسلم بن يناق : أن رجلا كان يكثر ذكر الله ويسبح ، فذكر ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم ، فقال : " إنه أواه " .وقال أيضا حدثنا أبو كريب ، حدثنا ابن يمان ، حدثنا المنهال بن خليفة ، عن حجاج بن أرطأة ، عن عطاء ، عن ابن عباس ؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم دفن ميتا ، فقال : " رحمك الله إن كنت لأواها " ! يعني : تلاء للقرآن وقال شعبة ، عن أبي يونس الباهلي قال : سمعت رجلا بمكة - وكان أصله روميا ، وكان قاصا - يحدث عن أبي ذر قال : كان رجل يطوف بالبيت الحرام ويقول في دعائه : " أوه أوه " ، فذكر ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فقال : إنه أواه . قال : فخرجت ذات ليلة ، فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم يدفن ذلك الرجل ليلا ومعه المصباح .هذا حديث غريب رواه ابن جرير ومشاه .وروي عن كعب الأحبار أنه قال : ( إن إبراهيم لأواه ) قال : كان إذا ذكر النار قال : " أوه من النار " .وقال ابن جريج عن ابن عباس : ( إن إبراهيم لأواه ) قال : فقيه .قال الإمام العلم أبو جعفر بن جرير : وأولى الأقوال قول من قال : إنه الدعاء ، وهو المناسب للسياق ، وذلك أن الله تعالى لما ذكر أن إبراهيم إنما استغفر لأبيه عن موعدة وعدها إياه ، وقد كان إبراهيم كثير الدعاء حليما عمن ظلمه وأناله مكروها ؛ ولهذا استغفر لأبيه مع شدة أذاه في قوله : ( أراغب أنت عن آلهتي يا إبراهيم لئن لم تنته لأرجمنك واهجرني مليا . قال سلام عليك سأستغفر لك ربي إنه كان بي حفيا ) [ مريم : 46 ، 47 ] ، فحلم عنه مع أذاه له ، ودعا له واستغفر ؛ ولهذا قال تعالى : ( إن إبراهيم لأواه حليم )
9:114
وَ مَا كَانَ اسْتِغْفَارُ اِبْرٰهِیْمَ لِاَبِیْهِ اِلَّا عَنْ مَّوْعِدَةٍ وَّعَدَهَاۤ اِیَّاهُۚ-فَلَمَّا تَبَیَّنَ لَهٗۤ اَنَّهٗ عَدُوٌّ لِّلّٰهِ تَبَرَّاَ مِنْهُؕ-اِنَّ اِبْرٰهِیْمَ لَاَوَّاهٌ حَلِیْمٌ(۱۱۴)
اور ابراہیم کا اپنے باپ (ف۲۶۷) کی بخشش چاہنا وہ تو نہ تھا مگر ایک وعدے کے سبب جو اس سے کرچکا تھا (ف۲۶۸) پھر جب ابراہیم کو کھل گیا کہ وہ اللہ کا دشمن ہے اس سے تنکا توڑ دیا (لاتعلق ہوگیا) (ف۲۶۹) بیشک ابراہیم بہت آہیں کرنے والا (ف۲۷۰) متحمل ہے،

قال الإمام أحمد : حدثنا عبد الرزاق ، حدثنا معمر ، عن الزهري ، عن ابن المسيب ، عن أبيه قال : لما حضرت أبا طالب الوفاة دخل عليه النبي صلى الله عليه وسلم وعنده أبو جهل ، وعبد الله بن أبي أمية ، فقال : " أي عم ، قل : لا إله إلا الله . كلمة أحاج لك بها عند الله ، عز وجل " . فقال أبو جهل وعبد الله بن أبي أمية : يا أبا طالب ، أترغب عن ملة عبد المطلب ؟ [ قال : فلم يزالا يكلمانه ، حتى قال آخر شيء كلمهم به : على ملة عبد المطلب ] . فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " لأستغفرن لك ما لم أنه عنك " . فنزلت : ( ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين ولو كانوا أولي قربى من بعد ما تبين لهم أنهم أصحاب الجحيم ) قال : ونزلت فيه : ( إنك لا تهدي من أحببت ) [ القصص : 56 ] أخرجاه .وقال الإمام أحمد : حدثنا يحيى بن آدم ، أخبرنا سفيان ، عن أبي إسحاق ، عن أبي الخليل ، عن علي ، رضي الله عنه ، قال : سمعت رجلا يستغفر لأبويه ، وهما مشركان ، فقلت : أيستغفر الرجل لأبويه وهما مشركان ؟ فقال : أولم يستغفر إبراهيم لأبيه ؟ فذكرت ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم ، فنزلت : ( ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين ) إلى قوله : ( فلما تبين له أنه عدو لله ) قال : " لما مات " ، فلا أدري قاله سفيان أو قاله إسرائيل ، أو هو في الحديث " لما مات " .قلت هذا ثابت عن مجاهد أنه قال : لما مات .وقال الإمام أحمد : حدثنا الحسن بن موسى ، حدثنا زهير ، حدثنا زبيد بن الحارث اليامي عن محارب بن دثار ، عن ابن بريدة ، عن أبيه قال : كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم ، فنزل بنا ونحن معه قريب من ألف راكب ، فصلى ركعتين ، ثم أقبل علينا بوجهه وعيناه تذرفان ، فقام إليه عمر بن الخطاب وفداه بالأب والأم ، وقال : يا رسول الله ، ما لك ؟ قال : " إني سألت ربي ، عز وجل ، في الاستغفار لأمي ، فلم يأذن لي ، فدمعت عيناي رحمة لها من النار ، وإني كنت نهيتكم عن ثلاث : نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها ، لتذكركم زيارتها خيرا ، ونهيتكم عن لحوم الأضاحي بعد ثلاث ، فكلوا وأمسكوا ما شئتم ، ونهيتكم عن الأشربة في الأوعية ، فاشربوا في أي وعاء ولا تشربوا مسكرا " .وروى ابن جرير ، من حديث علقمة بن مرثد ، عن سليمان بن بريدة ، عن أبيه ؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما قدم مكة أتى رسم قبر ، فجلس إليه ، فجعل يخاطب ، ثم قام مستعبرا . فقلنا : يا رسول الله ، إنا رابنا ما صنعت . قال : " إني استأذنت ربي في زيارة قبر أمي ، فأذن لي ، واستأذنته في الاستغفار لها فلم يأذن لي " . فما رئي باكيا أكثر من يومئذ .وقال ابن أبي حاتم ، في تفسيره : حدثنا أبي ، حدثنا خالد بن خداش ، حدثنا عبد الله بن وهب ، عن ابن جريج عن أيوب بن هانئ ، عن مسروق ، عن عبد الله بن مسعود قال : خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما إلى المقابر ، فاتبعناه ، فجاء حتى جلس إلى قبر منها ، فناجاه طويلا ثم بكى فبكينا لبكائه ثم قام فقام إليه عمر بن الخطاب ، فدعاه ثم دعانا ، فقال : " ما أبكاكم ؟ " فقلنا : بكينا لبكائك . قال : " إن القبر الذي جلست عنده قبر آمنة ، وإني استأذنت ربي في زيارتها فأذن لي " ثم أورده من وجه آخر ، ثم ذكر من حديث ابن مسعود قريبا منه ، وفيه : " وإني استأذنت ربي في الدعاء لها فلم يأذن لي ، وأنزل علي : ( ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين ولو كانوا أولي قربى ) فأخذني ما يأخذ الولد للوالدة ، وكنت نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها ، فإنها تذكر الآخرة " .حديث آخر في معناه : قال الطبراني : حدثنا محمد بن علي المروزي ، حدثنا أبو الدرداء عبد العزيز بن منيب ، حدثنا إسحاق بن عبد الله بن كيسان ، عن أبيه ، عن عكرمة ، عن ابن عباس ؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما أقبل من غزوة تبوك واعتمر ، فلما هبط من ثنية عسفان أمر أصحابه : أن استندوا إلى العقبة حتى أرجع إليكم ، فذهب فنزل على قبر أمه ، فناجى ربه طويلا ثم إنه بكى فاشتد بكاؤه ، وبكى هؤلاء لبكائه ، وقالوا : ما بكى نبي الله بهذا المكان إلا وقد أحدث في أمته شيء لا تطيقه . فلما بكى هؤلاء قام فرجع إليهم ، فقال : " ما يبكيكم ؟ " . قالوا : يا نبي الله ، بكينا لبكائك ، فقلنا : لعله أحدث في أمتك شيء لا تطيقه ، قال : " لا وقد كان بعضه ، ولكن نزلت على قبر أمي فدعوت الله أن يأذن لي في شفاعتها يوم القيامة ، فأبى الله أن يأذن لي ، فرحمتها وهي أمي ، فبكيت ، ثم جاءني جبريل فقال : ( وما كان استغفار إبراهيم لأبيه إلا عن موعدة وعدها إياه فلما تبين له أنه عدو لله تبرأ منه ) فتبرأ أنت من أمك ، كما تبرأ إبراهيم من أبيه ، فرحمتها وهي أمي ، ودعوت ربي أن يرفع عن أمتي أربعا ، فرفع عنهم اثنتين ، وأبى أن يرفع عنهم اثنتين : دعوت ربي أن يرفع عنهم الرجم من السماء والغرق من الأرض ، وألا يلبسهم شيعا ، وألا يذيق بعضهم بأس بعض ، فرفع الله عنهم الرجم من السماء ، والغرق من الأرض ، وأبى الله أن يرفع عنهم القتل والهرج " . وإنما عدل إلى قبر أمه لأنها كانت مدفونة تحت كداء وكانت عسفان لهم .وهذا حديث غريب وسياق عجيب ، وأغرب منه وأشد نكارة ما رواه الخطيب البغدادي في كتاب " السابق واللاحق " بسند مجهول ، عن عائشة في حديث فيه قصة أن الله أحيا أمه فآمنت ثم عادت . وكذلك ما رواه السهيلي في " الروض " بسند فيه جماعة مجهولون : أن الله أحيا له أباه وأمه فآمنا به .وقد قال الحافظ ابن دحية : [ هذا الحديث موضوع يرده القرآن والإجماع ، قال الله تعالى : ( ولا الذين يموتون وهم كفار ) [ النساء : 18 ] . وقال أبو عبد الله القرطبي : إن مقتضى هذا الحديث . . . ورد على ابن دحية ] في هذا الاستدلال بما حاصله : أن هذه حياة جديدة ، كما رجعت الشمس بعد غيبوبتها فصلى علي العصر ، قال الطحاوي : وهو [ حديث ] ثابت ، يعني : حديث الشمس .قال القرطبي : فليس إحياؤهما يمتنع عقلا ولا شرعا ، قال : وقد سمعت أن الله أحيا عمه أبا طالب ، فآمن به .قلت : وهذا كله متوقف على صحة الحديث ، فإذا صح فلا مانع منه والله أعلم .وقال العوفي ، عن ابن عباس في قوله : ( ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين ) الآية ، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم أراد أن يستغفر لأمه ، فنهاه الله عن ذلك فقال : " فإن إبراهيم خليل الله استغفر لأبيه " ، فأنزل الله : ( وما كان استغفار إبراهيم لأبيه إلا عن موعدة وعدها إياه ) الآية .وقال علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس ، في هذه الآية : كانوا يستغفرون لهم ، حتى نزلت هذه الآية ، فلما [ نزلت أمسكوا عن الاستغفار لأمواتهم ، ولم ينههم أن يستغفروا للأحياء حتى يموتوا ] ثم أنزل الله : ( وما كان استغفار إبراهيم لأبيه ) الآية .وقال قتادة في هذه الآية : ذكر لنا أن رجالا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قالوا : يا نبي الله ، إن من آبائنا من كان يحسن الجوار ، ويصل الأرحام ، ويفك العاني ، ويوفي بالذمم ؛ أفلا نستغفر لهم ؟ قال : فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " بلى ، والله إني لأستغفر لأبي كما استغفر إبراهيم لأبيه " . فأنزل الله : ( ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين ) حتى بلغ : ( الجحيم ) ثم عذر الله تعالى إبراهيم ، فقال : ( وما كان استغفار إبراهيم لأبيه إلا عن موعدة وعدها إياه فلما تبين له أنه عدو لله تبرأ منه ) قال : وذكر لنا أن نبي الله قال : " أوحي إلي كلمات ، فدخلن في أذني ووقرن في قلبي : أمرت ألا أستغفر لمن مات مشركا ، ومن أعطى فضل ماله فهو خير له ، ومن أمسك فهو شر له ، ولا يلوم الله على كفاف " .وقال الثوري ، عن الشيباني ، عن سعيد بن جبير قال : مات رجل يهودي وله ابن مسلم ، فلم يخرج معه ، فذكر ذلك لابن عباس فقال : فكان ينبغي له أن يمشي معه ويدفنه ، ويدعو له بالصلاح ما دام حيا ، فإذا مات وكله إلى شأنه ثم قال : ( وما كان استغفار إبراهيم لأبيه إلا عن موعدة وعدها إياه فلما تبين له أنه عدو لله تبرأ منه ) لم يدع .[ قلت ] وهذا يشهد له بالصحة ما رواه أبو داود وغيره ، عن علي بن أبي طالب قال : لما مات أبو طالب قلت : يا رسول الله ، إن عمك الشيخ الضال قد مات . قال : " اذهب فواره ولا تحدثن شيئا حتى تأتيني " . وذكر تمام الحديث .ويروى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما مرت به جنازة عمه أبي طالب قال : " وصلتك رحم يا عم " .وقال عطاء بن أبي رباح : ما كنت لأدع الصلاة على أحد من أهل القبلة ، ولو كانت حبشية حبلى من الزنا ؛ لأني لم أسمع الله حجب الصلاة إلا على المشركين ، يقول الله ، عز وجل : ( ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين ) .وروى ابن جرير ، عن ابن وكيع ، عن أبيه ، عن عصمة بن زامل ، عن أبيه قال : سمعت أبا هريرة يقول : رحم الله رجلا استغفر لأبي هريرة ولأمه . قلت : ولأبيه ؟ قال : لا . قال : إن أبي مات مشركا .وقوله : ( فلما تبين له أنه عدو لله تبرأ منه ) قال ابن عباس : ما زال إبراهيم يستغفر لأبيه حتى مات ، فلما تبين له أنه عدو لله تبرأ منه . وفي رواية : لما مات تبين له أنه عدو لله .وكذا قال مجاهد ، والضحاك ، وقتادة ، وغيرهم ، رحمهم الله .وقال عبيد بن عمير ، وسعيد بن جبير : إنه يتبرأ منه [ في ] يوم القيامة حين يلقى أباه ، وعلى وجه أبيه الغبرة والقترة فيقول : يا إبراهيم ، إني كنت أعصيك وإني اليوم لا أعصيك . فيقول : أي ربي ، ألم تعدني ألا تخزني يوم يبعثون ؟ فأي خزي أخزى من أبي الأبعد ؟ فيقال : انظر إلى ما وراءك ، فإذا هو بذيخ متلطخ ، أي : قد مسخ ضبعانا ، ثم يسحب بقوائمه ، ويلقى في النار .وقوله : ( إن إبراهيم لأواه حليم ) قال سفيان الثوري وغير واحد ، عن عاصم بن بهدلة ، عن زر بن حبيش ، عن عبد الله بن مسعود أنه قال : الأواه : الدعاء . وكذا روي من غير وجه ، عن ابن مسعود .وقال ابن جرير : حدثني المثنى : حدثنا الحجاج بن منهال ، حدثنا عبد الحميد بن بهرام ، حدثنا شهر بن حوشب ، عن عبد الله بن شداد بن الهاد قال : بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم جالس قال رجل : يا رسول الله ، ما الأواه ؟ قال : " المتضرع " ، قال : ( إن إبراهيم لأواه حليم )ورواه ابن أبي حاتم من حديث ابن المبارك ، عن عبد الحميد بن بهرام ، به ، قال : المتضرع : الدعاء .وقال الثوري ، عن سلمة بن كهيل ، عن مسلم البطين عن أبي العبيدين أنه سأل ابن مسعود عن الأواه ، فقال : هو الرحيم .وبه قال مجاهد ، وأبو ميسرة عمرو بن شرحبيل ، والحسن البصري ، وقتادة : أنه الرحيم ، أي : بعباد الله .وقال ابن المبارك ، عن خالد ، عن عكرمة ، عن ابن عباس قال : الأواه : الموقن بلسان الحبشة . وكذا قال العوفي ، عن ابن عباس : أنه الموقن . وكذا قال مجاهد ، والضحاك . وقال علي بن أبي طلحة ، ومجاهد ، عن ابن عباس : الأواه : المؤمن - زاد علي بن أبي طلحة عنه : المؤمن التواب . وقال العوفي عنه : هو المؤمن بلسان الحبشة . وكذا قال ابن جريج : هو المؤمن بلسان الحبشة .وقال أحمد : حدثنا موسى ، حدثنا ابن لهيعة ، عن الحارث بن يزيد ، عن علي بن رباح ، عن عقبة بن عامر ؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لرجل يقال له " ذو البجادين " : " إنه أواه " ، وذلك أنه رجل كثير الذكر لله في القرآن ويرفع صوته في الدعاء .ورواه ابن جرير .وقال سعيد بن جبير ، والشعبي : الأواه : المسبح . وقال ابن وهب ، عن معاوية بن صالح ، عن أبي الزاهرية ، عن جبير بن نفير ، عن أبي الدرداء ، رضي الله عنه ، قال : لا يحافظ على سبحة الضحى إلا أواه . وقال شفي بن ماتع ، عن أيوب : الأواه : الذي إذا ذكر خطاياه استغفر منها .وعن مجاهد : الأواه : الحفيظ الوجل ، يذنب الذنب سرا ، ثم يتوب منه سرا .ذكر ذلك كله ابن أبي حاتم ، رحمه الله .وقال ابن جرير : حدثنا ابن وكيع ، حدثنا المحاربي ، عن حجاج ، عن الحكم ، عن الحسن بن مسلم بن يناق : أن رجلا كان يكثر ذكر الله ويسبح ، فذكر ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم ، فقال : " إنه أواه " .وقال أيضا حدثنا أبو كريب ، حدثنا ابن يمان ، حدثنا المنهال بن خليفة ، عن حجاج بن أرطأة ، عن عطاء ، عن ابن عباس ؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم دفن ميتا ، فقال : " رحمك الله إن كنت لأواها " ! يعني : تلاء للقرآن وقال شعبة ، عن أبي يونس الباهلي قال : سمعت رجلا بمكة - وكان أصله روميا ، وكان قاصا - يحدث عن أبي ذر قال : كان رجل يطوف بالبيت الحرام ويقول في دعائه : " أوه أوه " ، فذكر ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فقال : إنه أواه . قال : فخرجت ذات ليلة ، فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم يدفن ذلك الرجل ليلا ومعه المصباح .هذا حديث غريب رواه ابن جرير ومشاه .وروي عن كعب الأحبار أنه قال : ( إن إبراهيم لأواه ) قال : كان إذا ذكر النار قال : " أوه من النار " .وقال ابن جريج عن ابن عباس : ( إن إبراهيم لأواه ) قال : فقيه .قال الإمام العلم أبو جعفر بن جرير : وأولى الأقوال قول من قال : إنه الدعاء ، وهو المناسب للسياق ، وذلك أن الله تعالى لما ذكر أن إبراهيم إنما استغفر لأبيه عن موعدة وعدها إياه ، وقد كان إبراهيم كثير الدعاء حليما عمن ظلمه وأناله مكروها ؛ ولهذا استغفر لأبيه مع شدة أذاه في قوله : ( أراغب أنت عن آلهتي يا إبراهيم لئن لم تنته لأرجمنك واهجرني مليا . قال سلام عليك سأستغفر لك ربي إنه كان بي حفيا ) [ مريم : 46 ، 47 ] ، فحلم عنه مع أذاه له ، ودعا له واستغفر ؛ ولهذا قال تعالى : ( إن إبراهيم لأواه حليم )
9:115
وَ مَا كَانَ اللّٰهُ لِیُضِلَّ قَوْمًۢا بَعْدَ اِذْ هَدٰىهُمْ حَتّٰى یُبَیِّنَ لَهُمْ مَّا یَتَّقُوْنَؕ-اِنَّ اللّٰهَ بِكُلِّ شَیْءٍ عَلِیْمٌ(۱۱۵)
اور اللہ کی شان نہیں کہ کسی قوم کو ہدایت کرکے گمراہ فرمائے (ف۲۷۱) جب تک انہیں صاف نہ بتادے کہ کسی چیز سے انہیں بچنا ہے (ف۲۷۲) بیشک اللہ سب کچھ جانتا ہے،

يقول تعالى مخبرا عن نفسه الكريمة وحكمه العادل : إنه لا يضل قوما بعد بلاغ الرسالة إليهم ، حتى يكونوا قد قامت عليهم الحجة ، كما قال تعالى : ( وأما ثمود فهديناهم فاستحبوا العمى على الهدى ) الآية [ فصلت : 17 ] .وقال مجاهد في قوله تعالى : ( وما كان الله ليضل قوما بعد إذ هداهم حتى يبين لهم ما يتقون ) قال : بيان الله ، عز وجل ، للمؤمنين في الاستغفار للمشركين خاصة ، وفي بيانه طاعته ومعصيته عامة ، فافعلوا أو ذروا .وقال ابن جرير : يقول الله تعالى : وما كان الله ليقضي عليكم في استغفاركم لموتاكم المشركين بالضلال بعد إذ رزقكم الهداية ووفقكم للإيمان به وبرسوله ، حتى يتقدم إليكم بالنهي عنه فتتركوا ، فأما قبل أن يبين لكم كراهيته ذلك بالنهي عنه ، ثم تتعدوا نهيه إلى ما نهاكم عنه ، فإنه لا يحكم عليكم بالضلال ، فإن الطاعة والمعصية إنما يكونان من المأمور والمنهي ، وأما من لم يؤمر ولم ينه فغير كائن مطيعا أو عاصيا فيما لم يؤمر به ولم ينه عنه .
9:116
اِنَّ اللّٰهَ لَهٗ مُلْكُ السَّمٰوٰتِ وَ الْاَرْضِؕ-یُحْیٖ وَ یُمِیْتُؕ-وَ مَا لَكُمْ مِّنْ دُوْنِ اللّٰهِ مِنْ وَّلِیٍّ وَّ لَا نَصِیْرٍ(۱۱۶)
بیشک اللہ ہی کے لیے ہے آسمانوں اور زمین کی سلطنت، جِلاتا ہے اور مارتا ہے، اور اللہ کے سوا نہ تمہارا کوئی والی اور نہ مددگار،

وقوله : ( إن الله له ملك السماوات والأرض يحيي ويميت وما لكم من دون الله من ولي ولا نصير ) قال ابن جرير : هذا تحريض من الله لعباده المؤمنين في قتال المشركين وملوك الكفر ، وأن يثقوا بنصر الله مالك السماوات والأرض ، ولم يرهبوا من أعدائه فإنه لا ولي لهم من دون الله ، ولا نصير لهم سواه .وقال ابن أبي حاتم : حدثنا علي بن أبي دلامة البغدادي ، حدثنا عبد الوهاب بن عطاء ، حدثنا سعيد ، عن قتادة ، عن صفوان بن محرز ، عن حكيم بن حزام قال : بينا رسول الله صلى الله عليه وسلم بين أصحابه إذ قال لهم : " هل تسمعون ما أسمع ؟ " قالوا ما نسمع من شيء . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إني لأسمع أطيط السماء ، وما تلام أن تئط ، وما فيها من موضع شبر إلا وعليه ملك ساجد أو قائم " .وقال كعب الأحبار : ما من موضع خرمة إبرة من الأرض إلا وملك موكل بها ، يرفع علم ذلك إلى الله ، وإن ملائكة السماء لأكثر من عدد التراب ، وإن حملة العرش ما بين كعب أحدهم إلى مخه مسيرة مائة عام .
9:117
لَقَدْ تَّابَ اللّٰهُ عَلَى النَّبِیِّ وَ الْمُهٰجِرِیْنَ وَ الْاَنْصَارِ الَّذِیْنَ اتَّبَعُوْهُ فِیْ سَاعَةِ الْعُسْرَةِ مِنْۢ بَعْدِ مَا كَادَ یَزِیْغُ قُلُوْبُ فَرِیْقٍ مِّنْهُمْ ثُمَّ تَابَ عَلَیْهِمْؕ-اِنَّهٗ بِهِمْ رَءُوْفٌ رَّحِیْمٌۙ(۱۱۷)
بیشک اللہ کی رحمتیں متوجہ ہوئیں ان غیب کی خبریں بتانے والے اور ان مہاجرین اور انصار پر جنہوں نے مشکل کی گھڑی میں ان کا ساتھ دیا (ف۲۷۳) بعد اس کے کہ قریب تھا کہ ان میں کچھ لوگوں کے دل پھر جائیں (ف۲۷۴) پھر ان پر رحمت سے متوجہ ہوا (ف۲۷۵) بیشک وہ ان پر نہایت مہربان رحم والا ہے

قال مجاهد وغير واحد : نزلت هذه الآية في غزوة تبوك ، وذلك أنهم خرجوا إليها في شدة من الأمر في سنة مجدبة وحر شديد ، وعسر من الزاد والماء .قال قتادة : خرجوا إلى الشام عام تبوك في لهبان الحر ، على ما يعلم الله من الجهد ، أصابهم فيها جهد شديد ، حتى لقد ذكر لنا أن الرجلين كانا يشقان التمرة بينهما ، وكان النفر يتداولون التمرة بينهم ، يمصها هذا ، ثم يشرب عليها ، ثم يمصها هذا ، ثم يشرب عليها ، [ ثم يمصها هذا ، ثم يشرب عليها ] فتاب الله عليهم وأقفلهم من غزوتهم .وقال ابن جرير : حدثني يونس بن عبد الأعلى ، أخبرنا ابن وهب ، أخبرني عمرو بن الحارث ، عن سعيد بن أبي هلال ، عن عتبة بن أبي عتبة ، عن نافع بن جبير بن مطعم ، عن عبد الله بن عباس ؛ أنه قيل لعمر بن الخطاب في شأن العسرة ، فقال عمر بن الخطاب : خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى تبوك في قيظ شديد ، فنزلنا منزلا فأصابنا فيه عطش ، حتى ظننا أن رقابنا ستنقطع [ حتى إن كان الرجل ليذهب يلتمس الماء ، فلا يرجع حتى يظن أن رقبته ستنقطع ] حتى إن الرجل لينحر بعيره فيعصر فرثه فيشربه ، ويجعل ما بقي على كبده ، فقال أبو بكر الصديق : يا رسول الله ، إن الله عز وجل ، قد عودك في الدعاء خيرا ، فادع لنا . قال : " تحب ذلك " . قال : نعم ! فرفع يديه فلم يرجعهما حتى مالت السماء فأظلت ثم سكبت ، فملؤوا ما معهم ، ثم ذهبنا ننظر فلم نجدها جاوزت العسكر .وقال ابن جرير في قوله : ( لقد تاب الله على النبي والمهاجرين والأنصار الذين اتبعوه في ساعة العسرة ) أي : من النفقة والظهر والزاد والماء ، ( من بعد ما كاد يزيغ قلوب فريق منهم ) أي : عن الحق ويشك في دين رسول الله صلى الله عليه وسلم ويرتاب ، بالذي نالهم من المشقة والشدة في سفره وغزوه ، ( ثم تاب عليهم ) يقول : ثم رزقهم الإنابة إلى ربهم ، والرجوع إلى الثبات على دينه ، ( إنه بهم رءوف رحيم ) .
9:118
وَّ عَلَى الثَّلٰثَةِ الَّذِیْنَ خُلِّفُوْاؕ-حَتّٰۤى اِذَا ضَاقَتْ عَلَیْهِمُ الْاَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ وَ ضَاقَتْ عَلَیْهِمْ اَنْفُسُهُمْ وَ ظَنُّوْۤا اَنْ لَّا مَلْجَاَ مِنَ اللّٰهِ اِلَّاۤ اِلَیْهِؕ-ثُمَّ تَابَ عَلَیْهِمْ لِیَتُوْبُوْاؕ-اِنَّ اللّٰهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِیْمُ۠(۱۱۸)
اور ان تین پر جو موقوف رکھے گئے تھے (ف۲۷۶) یہاں تک کہ جب زمین اتنی وسیع ہوکر ان پر تنگ ہوگئی (ف۲۷۷) اور ہو اپنی جان سے تنگ آئے (ف۲۷۸) اور انہیں یقین ہوا کہ اللہ سے پناہ نہیں مگر اسی کے پاس، پھر (ف۲۷۹) ان کی توبہ قبول کی کہ تائب رہیں، بیشک اللہ ہی توبہ قبول کرنے والا مہربان ہے،

قال الإمام أحمد : حدثنا يعقوب بن إبراهيم ، حدثنا ابن أخي الزهري محمد بن عبد الله ، عن عمه محمد بن مسلم الزهري ، أخبرني عبد الرحمن بن عبد الله بن كعب بن مالك ، أن عبد الله بن كعب بن مالك - وكان قائد كعب من بنيه حين عمي - قال : سمعت كعب بن مالك يحدث حديثه حين تخلف عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك ، فقال كعب بن مالك : لم أتخلف عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزاة غيرها قط إلا في غزوة تبوك ، غير أني كنت تخلفت في غزاة بدر ، ولم يعاتب أحد تخلف عنها ، وإنما خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم يريد عير قريش ، حتى جمع الله بينهم وبين عدوهم على غير ميعاد ، ولقد شهدت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة العقبة حين توافقنا على الإسلام ، وما أحب أن لي بها مشهد بدر ، وإن كانت بدر أذكر في الناس منها وأشهر ، وكان من خبري حين تخلفت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك أني لم أكن قط أقوى ولا أيسر مني حين تخلفت عنه في تلك الغزاة ، والله ما جمعت قبلها راحلتين قط حتى جمعتهما في تلك الغزاة ، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قلما يريد غزوة يغزوها إلا ورى بغيرها ، حتى كانت تلك الغزوة فغزاها رسول الله صلى الله عليه وسلم في حر شديد ، واستقبل سفرا بعيدا ومفازا ، واستقبل عدوا كثيرا فجلى للمسلمين أمرهم ليتأهبوا أهبة عدوهم ، فأخبرهم وجهه الذي يريد ، والمسلمون مع رسول الله صلى الله عليه وسلم كثير ، لا يجمعهم كتاب حافظ - يريد الديوان - فقال كعب : فقل رجل يريد أن يتغيب إلا ظن أن ذلك سيخفى له ما لم ينزل فيه وحي من الله ، عز وجل ، وغزا رسول الله صلى الله عليه وسلم تلك الغزاة حين طابت الثمار والظل ، وأنا إليها أصعر . فتجهز إليها رسول الله صلى الله عليه وسلم والمؤمنون معه ، وطفقت أغدو لكي أتجهز معهم ، فأرجع ولم أقض من جهازي شيئا ، فأقول لنفسي : أنا قادر على ذلك إذا أردت ، فلم يزل ذلك يتمادى بي حتى شمر بالناس الجد ، فأصبح رسول الله صلى الله عليه وسلم غاديا والمسلمون معه ، ولم أقض من جهازي شيئا ، وقلت : الجهاز بعد يوم أو يومين ثم ألحقه فغدوت بعدما فصلوا لأتجهز ، فرجعت ولم أقض شيئا من جهازي . ثم غدوت فرجعت ولم أقض شيئا ، فلم يزل [ ذلك ] يتمادى بي حتى أسرعوا وتفارط الغزو ، فهممت أن أرتحل فأدركهم - وليت أني فعلت - ثم لم يقدر ذلك لي ، فطفقت إذا خرجت في الناس بعد [ خروج ] رسول الله صلى الله عليه وسلم [ فطفت فيهم ] يحزنني ألا أرى إلا رجلا مغموصا عليه في النفاق ، أو رجلا ممن عذره الله ، عز وجل ، ولم يذكرني رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى بلغ تبوك ، فقال وهو جالس في القوم بتبوك : " ما فعل كعب بن مالك ؟ " قال رجل من بني سلمة : حبسه يا رسول الله برداه ، والنظر في عطفيه فقال له معاذ بن جبل : بئسما قلت ! والله يا رسول الله ما علمنا عليه إلا خيرا ! فسكت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال كعب بن مالك : فلما بلغني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد توجه قافلا من تبوك حضرني بثي فطفقت أتذكر الكذب ، وأقول : بماذا أخرج من سخطه غدا ؟ أستعين على ذلك كل ذي رأي من أهلي . فلما قيل : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أظل قادما ، زاح عني الباطل وعرفت أني لم أنج منه بشيء أبدا . فأجمعت صدقه ، وصبح رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وكان إذا قدم من سفر بدأ بالمسجد فركع فيه ركعتين ، ثم جلس للناس . فلما فعل ذلك جاءه المتخلفون فطفقوا يعتذرون إليه ويحلفون له - وكانوا بضعة وثمانين رجلا - فقبل منهم رسول الله صلى الله عليه وسلم علانيتهم ويستغفر لهم ، ويكل سرائرهم إلى الله تعالى ، حتى جئت ، فلما سلمت عليه تبسم تبسم المغضب ، ثم قال لي : " تعال " ، فجئت أمشي حتى جلست بين يديه ، فقال لي : " ما خلفك ، ألم تك قد اشتريت ظهرك " ؟ قال : فقلت : يا رسول الله ، إني لو جلست عند غيرك من أهل الدنيا لرأيت أن أخرج من سخطه بعذر ، لقد أعطيت جدلا ولكنه والله لقد علمت لئن حدثتك اليوم حديث كذب ترضى به عني ، ليوشكن الله يسخطك علي ، ولئن حدثتك بصدق تجد علي فيه ، إني لأرجو أقرب عقبى ذلك [ عفوا ] من الله ، عز وجل والله ما كان لي عذر ، والله ما كنت قط أفرغ ولا أيسر مني حين تخلفت عنك قال : فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أما هذا فقد صدق ، فقم حتى يقضي الله فيك " . فقمت وبادرني رجال من بني سلمة واتبعوني ، فقالوا لي : والله ما علمناك كنت أذنبت ذنبا قبل هذا ، ولقد عجزت ألا تكون اعتذرت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بما اعتذر به المتخلفون فقد كان كافيك [ من ذنبك ] استغفار رسول الله صلى الله عليه وسلم لك . قال : فوالله ما زالوا يؤنبوني حتى أردت أن أرجع فأكذب نفسي : قال : ثم قلت لهم : هل لقي هذا معي أحد ؟ قالوا : نعم ، [ لقيه معك ] رجلان ، قالا ما قلت ، وقيل لهما مثل ما قيل لك . قلت : فمن هما ؟ قالوا : مرارة بن الربيع العامري ، وهلال بن أمية الواقفي . فذكروا لي رجلين صالحين قد شهدا بدرا لي فيهما أسوة . قال : فمضيت حين ذكروهما لي - قال : ونهى رسول الله صلى الله عليه وسلم المسلمين عن كلامنا - أيها الثلاثة - من بين من تخلف عنه ، فاجتنبنا الناس وتغيروا لنا ، حتى تنكرت لي في نفسي الأرض ، فما هي بالأرض التي كنت أعرف ، فلبثنا على ذلك خمسين ليلة . فأما صاحباي فاستكانا وقعدا في بيوتهما يبكيان ، وأما أنا فكنت أشب القوم وأجلدهم ، فكنت أشهد الصلاة مع المسلمين ، وأطوف بالأسواق فلا يكلمني أحد ، وآتي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في مجلسه بعد الصلاة فأسلم ، وأقول في نفسي : حرك شفتيه برد السلام علي أم لا ؟ ثم أصلي قريبا منه ، وأسارقه النظر ، فإذا أقبلت على صلاتي نظر إلي ، فإذا التفت نحوه أعرض ، حتى إذا طال علي ذلك من هجر المسلمين مشيت حتى تسورت حائط أبي قتادة - وهو ابن عمي ، وأحب الناس إلي - فسلمت عليه ، فوالله ما رد علي السلام ، فقلت له : يا أبا قتادة ، أنشدك الله : هل تعلم أني أحب الله ورسوله ؟ قال : فسكت . قال : فعدت فنشدته [ فسكت ، فعدت فنشدته ] فقال : الله ورسوله أعلم . قال : ففاضت عيناي وتوليت حتى تسورت الجدار . فبينا أنا أمشي بسوق المدينة إذا نبطي من أنباط الشام ، ممن قدم بطعام يبيعه بالمدينة يقول : من يدل على كعب بن مالك ؟ قال : فطفق الناس يشيرون له إلي ، حتى جاء فدفع إلي كتابا من ملك غسان ، وكنت كاتبا فإذا فيه : أما بعد ، فقد بلغنا أن صاحبك قد جفاك ولم يجعلك الله بدار هوان ولا مضيعة ، فالحق بنا نواسك . قال : فقلت حين قرأتها : وهذا أيضا من البلاء . قال : فتيممت به التنور فسجرته حتى إذا مضت أربعون ليلة من الخمسين ، إذا برسول رسول الله صلى الله عليه وسلم يأتيني ، فقال : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمرك أن تعتزل امرأتك . قال : فقلت : أطلقها أم ماذا أفعل ؟ قال : بل اعتزلها ولا تقربها . قال : وأرسل إلى صاحبي بمثل ذلك قال : فقلت لامرأتي : الحقي بأهلك ، فكوني عندهم حتى يقضي الله في هذا الأمر . قال : فجاءت امرأة هلال بن أمية رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت له : يا رسول الله ، إن هلالا شيخ ضائع ليس له خادم ، فهل تكره أن أخدمه ؟ قال : " لا ولكن لا يقربنك " قالت : وإنه والله ما به حركة إلى شيء ، والله ما يزال يبكي من لدن أن كان من أمرك ما كان إلى يومه هذا . قال : فقال لي بعض أهلي : لو استأذنت رسول الله صلى الله عليه وسلم في امرأتك ، فقد أذن لامرأة هلال بن أمية أن تخدمه . قال : فقلت : والله لا أستأذن فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وما أدري ما يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا استأذنته وأنا رجل شاب ؟ قال : فلبثنا [ بعد ذلك ] عشر ليال ، فكمل لنا خمسون ليلة من حين نهى عن كلامنا قال : ثم صليت صلاة الفجر صباح خمسين ليلة على ظهر بيت من بيوتنا ، فبينا أنا جالس على الحال التي ذكر الله تعالى منا : قد ضاقت علي نفسي ، وضاقت علي الأرض بما رحبت سمعت صارخا أوفى على جبل سلع يقول بأعلى صوته : يا كعب بن مالك ، أبشر . قال : فخررت ساجدا ، وعرفت أن قد جاء فرج ، فآذن رسول الله صلى الله عليه وسلم بتوبة الله علينا حين صلى الفجر ، فذهب الناس يبشروننا ، وذهب قبل صاحبي مبشرون ، وركض إلي رجل فرسا ، وسعى ساع من أسلم وأوفى على الجبل ، فكان الصوت أسرع من الفرس . فلما جاءني الذي سمعت صوته يبشرني ، فنزعت ثوبي ، فكسوتهما إياه ببشارته ، والله ما أملك غيرهما يومئذ ، واستعرت ثوبين فلبستهما ، وانطلقت أؤم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، يلقاني الناس فوجا فوجا يهنئوني بالتوبة ، يقولون : ليهنك توبة الله عليك . حتى دخلت المسجد ، فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم جالس في المسجد حوله الناس ، فقام إلي طلحة بن عبيد الله يهرول ، حتى صافحني وهنأني ، والله ما قام إلي رجل من المهاجرين غيره قال : فكان كعب لا ينساها لطلحة . قال كعب : فلما سلمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم قال وهو يبرق وجهه من السرور : " أبشر بخير يوم مر عليك منذ ولدتك أمك " . قال : قلت : أمن عندك يا رسول الله أم من عند الله ؟ قال : " لا بل من عند الله " . قال : وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سر استنار وجهه حتى كأنه قطعة قمر ، حتى يعرف ذلك منه . فلما جلست بين يديه قلت : يا رسول الله ، إن من توبتي أن أنخلع من مالي صدقة إلى الله وإلى رسوله . قال : " أمسك عليك بعض مالك ، فهو خير لك " . قال : فقلت : فإني أمسك سهمي الذي بخيبر . وقلت : يا رسول الله ، إنما نجاني الله بالصدق ، وإن من توبتي ألا أحدث إلا صدقا ما بقيت . قال : فوالله ما أعلم أحدا من المسلمين أبلاه الله من الصدق في الحديث منذ ذكرت ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم أحسن مما أبلاني الله تعالى ، والله ما تعمدت كذبة منذ قلت ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم إلى يومي هذا ، وإني لأرجو أن يحفظني الله فيما بقي . قال : وأنزل الله تعالى : ( لقد تاب الله على النبي والمهاجرين والأنصار الذين اتبعوه في ساعة العسرة من بعد ما كاد يزيغ قلوب فريق منهم ثم تاب عليهم إنه بهم رءوف رحيم . وعلى الثلاثة الذين خلفوا حتى إذا ضاقت عليهم الأرض بما رحبت وضاقت عليهم أنفسهم وظنوا أن لا ملجأ من الله إلا إليه ثم تاب عليهم ليتوبوا إن الله هو التواب الرحيم . يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين ) قال كعب : فوالله ما أنعم الله علي من نعمة قط بعد أن هداني للإسلام أعظم في نفسي من صدقي رسول الله صلى الله عليه وسلم يومئذ ألا أكون كذبته فأهلك كما هلك الذين كذبوه [ حين كذبوه ] ؛ فإن الله تعالى قال للذين كذبوه حين أنزل الوحي شر ما قال لأحد ، قال الله تعالى : ( سيحلفون بالله لكم إذا انقلبتم إليهم لتعرضوا عنهم فأعرضوا عنهم إنهم رجس ومأواهم جهنم جزاء بما كانوا يكسبون . يحلفون لكم لترضوا عنهم فإن ترضوا عنهم فإن الله لا يرضى عن القوم الفاسقين ) [ التوبة : 95 ، 96 ] . قال : وكنا خلفنا - أيها الثلاثة - عن أمر أولئك الذين قبل منهم رسول الله صلى الله عليه وسلم حين حلفوا ، فبايعهم واستغفر لهم ، وأرجأ رسول الله أمرنا ، حتى قضى الله فيه ، فبذلك قال الله تعالى : ( وعلى الثلاثة الذين خلفوا ) وليس تخليفه إيانا وإرجاؤه أمرنا الذي ذكر مما خلفنا بتخلفنا عن الغزو ، وإنما هو عمن حلف له واعتذر إليه ، فقبل منه .هذا حديث صحيح ثابت متفق على صحته ، رواه صاحبا الصحيح : البخاري ومسلم من حديث الزهري ، بنحوه .فقد تضمن هذا الحديث تفسير هذه الآية الكريمة بأحسن الوجوه وأبسطها . وكذا روي عن غير واحد من السلف في تفسيرها ، كما رواه الأعمش ، عن أبي سفيان ، عن جابر بن عبد الله في قوله تعالى : ( وعلى الثلاثة الذين خلفوا ) قال : هم كعب بن مالك ، وهلال بن أمية ، ومرارة بن ربيعة وكلهم من الأنصار .وكذا قال مجاهد ، والضحاك ، وقتادة ، والسدي وغير واحد - وكلهم قال : مرارة بن ربيعة .[ وكذا في مسلم : مرارة بن ربيعة في بعض نسخه ، وفي بعضها : مرارة بن الربيع ] .وفي رواية عن سعيد بن جبير : ربيع بن مرارة .وقال الحسن البصري : ربيع بن مرارة أو مرارة بن ربيع .وفي رواية عن الضحاك : مرارة بن الربيع ، كما وقع في الصحيحين ، وهو الصواب .وقوله : " فسموا رجلين شهدا بدرا " ، قيل : إنه خطأ من الزهري ، فإنه لا يعرف شهود واحد من هؤلاء الثلاثة بدرا ، والله أعلم .ولما ذكر تعالى ما فرج به عن هؤلاء الثلاثة من الضيق والكرب ، من هجر المسلمين إياهم نحوا من خمسين ليلة بأيامها ، وضاقت عليهم أنفسهم ، وضاقت عليهم الأرض بما رحبت ، أي : مع سعتها ، فسددت عليهم المسالك والمذاهب ، فلا يهتدون ما يصنعون ، فصبروا لأمر الله ، واستكانوا لأمر الله ، وثبتوا حتى فرج الله عنهم بسبب صدقهم رسول الله صلى الله عليه وسلم في تخلفهم ، وأنه كان عن غير عذر ، فعوقبوا على ذلك هذه المدة ، ثم تاب الله عليهم ، فكان عاقبة صدقهم خيرا لهم وتوبة عليهم
9:119
یٰۤاَیُّهَا الَّذِیْنَ اٰمَنُوا اتَّقُوا اللّٰهَ وَ كُوْنُوْا مَعَ الصّٰدِقِیْنَ(۱۱۹)
اے ایمان والو! اللہ سے ڈرو (ف۲۸۰) اور سچوں کے ساتھ ہو (ف۲۸۱)

؛ ولهذا قال : ( يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين ) أي : اصدقوا والزموا الصدق تكونوا مع أهله وتنجوا من المهالك ويجعل لكم فرجا من أموركم ، ومخرجا ، وقد قال الإمام أحمد : حدثنا أبو معاوية ، حدثنا الأعمش عن شقيق ؛ عن عبد الله ، هو ابن مسعود ، رضي الله عنه ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " عليكم بالصدق ؛ فإن الصدق يهدي إلى البر وإن البر يهدي إلى الجنة ، وما يزال الرجل يصدق ويتحرى الصدق حتى يكتب عند الله صديقا ، وإياكم والكذب ، فإن الكذب يهدي إلى الفجور ، وإن الفجور يهدي إلى النار ، وما يزال الرجل يكذب ويتحرى الكذب ، حتى يكتب عند الله كذابا " .أخرجاه في الصحيحين .وقال شعبة ، عن عمرو بن مرة ، سمع أبا عبيدة يحدث عن عبد الله بن مسعود ، رضي الله عنه ، أنه قال : [ إن ] الكذب لا يصلح منه جد ولا هزل ، اقرءوا إن شئتم : ( يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا من الصادقين ) - هكذا قرأها - ثم قال : فهل تجدون لأحد فيه رخصة .وعن عبد الله بن عمر : ( اتقوا الله وكونوا مع الصادقين ) مع محمد صلى الله عليه وسلم وأصحابه .وقال الضحاك : مع أبي بكر وعمر وأصحابهما .وقال الحسن البصري : إن أردت أن تكون مع الصادقين ، فعليك بالزهد في الدنيا ، والكف عن أهل الملة .
9:120
مَا كَانَ لِاَهْلِ الْمَدِیْنَةِ وَ مَنْ حَوْلَهُمْ مِّنَ الْاَعْرَابِ اَنْ یَّتَخَلَّفُوْا عَنْ رَّسُوْلِ اللّٰهِ وَ لَا یَرْغَبُوْا بِاَنْفُسِهِمْ عَنْ نَّفْسِهٖؕ-ذٰلِكَ بِاَنَّهُمْ لَا یُصِیْبُهُمْ ظَمَاٌ وَّ لَا نَصَبٌ وَّ لَا مَخْمَصَةٌ فِیْ سَبِیْلِ اللّٰهِ وَ لَا یَطَـٴُـوْنَ مَوْطِئًا یَّغِیْظُ الْكُفَّارَ وَ لَا یَنَالُوْنَ مِنْ عَدُوٍّ نَّیْلًا اِلَّا كُتِبَ لَهُمْ بِهٖ عَمَلٌ صَالِحٌؕ-اِنَّ اللّٰهَ لَا یُضِیْعُ اَجْرَ الْمُحْسِنِیْنَۙ(۱۲۰)
مدینہ والوں (ف۲۸۲) اور ان کے گرد دیہات والوں کو لائق نہ تھا کہ رسول اللہ سے پیچھے بیٹھ رہیں (ف۲۸۳) اور نہ یہ کہ ان کی جان سے اپنی جان پیاری سمجھیں (ف۲۸۴) یہ اس لیے کہ انہیں جو پیاس یا تکلیف یا بھوک اللہ کی راہ میں پہنچتی ہے اور جہاں ایسی جگہ قدم رکھتے ہیں (ف۲۸۵) جس سے کافروں کو غیظ آئے اور جو کچھ کسی دشمن کا بگاڑتے ہیں (ف۲۸۶) اس سب کے بدلے ان کے لیے نیک عمل لکھا جاتا ہے (ف۲۸۷) بیشک اللہ نیکوں کا نیگ (اجر) ضائع نہیں کرتا،

يعاتب تعالى المتخلفين عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك ، من أهل المدينة ومن حولها من أحياء العرب ، ورغبتهم بأنفسهم عن مواساته فيما حصل من المشقة ، فإنهم نقصوا أنفسهم من الأجر ؛ لأنهم ( لا يصيبهم ظمأ ) وهو : العطش ( ولا نصب ) وهو : التعب ( ولا مخمصة ) وهي : المجاعة ( ولا يطئون موطئا يغيظ الكفار ) أي : ينزلون منزلا يرهب عدوهم ( ولا ينالون ) منه ظفرا وغلبة عليه إلا كتب الله لهم بهذه الأعمال التي ليست داخلة تحت قدرتهم ، وإنما هي ناشئة عن أفعالهم ، أعمالا صالحة وثوابا جزيلا ( إن الله لا يضيع أجر المحسنين ) كما قال تعالى : ( إنا لا نضيع أجر من أحسن عملا ) [ الكهف : 30 ] .
  FONT
  THEME
  TRANSLATION
  • English | Ahmed Ali
  • Urdu | Ahmed Raza Khan
  • Turkish | Ali-Bulaç
  • German | Bubenheim Elyas
  • Chinese | Chineese
  • Spanish | Cortes
  • Dutch | Dutch
  • Portuguese | El-Hayek
  • English | English
  • Urdu | Fateh Muhammad Jalandhry
  • French | French
  • Hausa | Hausa
  • Indonesian | Indonesian-Bahasa
  • Italian | Italian
  • Korean | Korean
  • Malay | Malay
  • Russian | Russian
  • Tamil | Tamil
  • Thai | Thai
  • Farsi | مکارم شیرازی
  TAFSEER
  • العربية | التفسير الميسر
  • العربية | تفسير الجلالين
  • العربية | تفسير السعدي
  • العربية | تفسير ابن كثير
  • العربية | تفسير الوسيط لطنطاوي
  • العربية | تفسير البغوي
  • العربية | تفسير القرطبي
  • العربية | تفسير الطبري
  • English | Arberry
  • English | Yusuf Ali
  • Dutch | Keyzer
  • Dutch | Leemhuis
  • Dutch | Siregar
  • Urdu | Sirat ul Jinan
  HELP

اَلتَّوْبَة
اَلتَّوْبَة
  00:00



Download

اَلتَّوْبَة
اَلتَّوْبَة
  00:00



Download