READ

Surah at-Tahrim

اَلتَّحْرِيْم
12 Ayaat    مدنیۃ


66:0
بِسْمِ اللّٰهِ الرَّحْمٰنِ الرَّحِیْمِ
اللہ کے نام سے شروع جو بہت مہربان رحمت والا

( بسم الله الرحمن الرحيم )يقال لها : الفاتحة ، أي فاتحة الكتاب خطا ، وبها تفتح القراءة في الصلاة ، ويقال لها أيضا : أم الكتاب عند الجمهور ، وكره أنس ، والحسن وابن سيرين كرها تسميتها بذلك ، قال الحسن وابن سيرين : إنما ذلك اللوح المحفوظ ، وقال الحسن : الآيات المحكمات : هن أم الكتاب ، ولذا كرها - أيضا - أن يقال لها أم القرآن وقد ثبت في [ الحديث ] الصحيح عند الترمذي وصححه عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : الحمد لله أم القرآن وأم الكتاب والسبع المثاني والقرآن العظيم ويقال لها : الحمد ، ويقال لها : الصلاة ، لقوله عليه السلام عن ربه : قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين ، فإذا قال العبد : الحمد لله رب العالمين ، قال الله : حمدني عبدي الحديث . فسميت الفاتحة صلاة ؛ لأنها شرط فيها . ويقال لها : الشفاء ؛ لما رواه الدارمي عن أبي سعيد مرفوعا : فاتحة الكتاب شفاء من كل سم . ويقال لها : الرقية ؛ لحديث أبي سعيد في الصحيح حين رقى بها الرجل السليم ، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : وما يدريك أنها رقية ؟ . وروى الشعبي عن ابن عباس أنه سماها : أساس القرآن ، قال : فأساسها بسم الله الرحمن الرحيم ، وسماها سفيان بن عيينة : الواقية . وسماها يحيى بن أبي كثير : الكافية ؛ لأنها تكفي عما عداها ولا يكفي ما سواها عنها ، كما جاء في بعض الأحاديث المرسلة : أم القرآن عوض من غيرها ، وليس غيرها عوضا عنها . ويقال لها : سورة الصلاة والكنز ، ذكرهما الزمخشري في كشافه . وهي مكية ، قاله ابن عباس وقتادة وأبو العالية ، وقيل مدنية ، قاله أبو هريرة ومجاهد وعطاء بن يسار والزهري . ويقال : نزلت مرتين : مرة بمكة ، ومرة بالمدينة ، والأول أشبه لقوله تعالى : ( ولقد آتيناك سبعا من المثاني ) [ الحجر : 87 ] ، والله أعلم . وحكى أبو الليث السمرقندي أن نصفها نزل بمكة ونصفها الآخر نزل بالمدينة ، وهو غريب جدا ، نقله القرطبي عنه . وهي سبع آيات بلا خلاف ، [ وقال عمرو بن عبيد : ثمان ، وقال حسين الجعفي : ستة وهذان شاذان ] . وإنما اختلفوا في البسملة : هل هي آية مستقلة من أولها كما هو عند جمهور قراء الكوفة وقول الجماعة من الصحابة والتابعين وخلق من الخلف ، أو بعض آية أو لا تعد من أولها بالكلية ، كما هو قول أهل المدينة من القراء والفقهاء ؟ على ثلاثة أقوال ، سيأتي تقريره في موضعه إن شاء الله تعالى ، وبه الثقة .قالوا : وكلماتها خمس وعشرون كلمة ، وحروفها مائة وثلاثة عشر حرفا . قال البخاري في أول كتاب التفسير : وسميت أم الكتاب سورة الفاتحة ، لأنه يبدأ بكتابتها في المصاحف ، ويبدأ بقراءتها في الصلاة وقيل : إنما سميت بذلك لرجوع معاني القرآن كله إلى ما تضمنته . قال ابن جرير : والعرب تسمي كل جامع أمر أو مقدم لأمر - إذا كانت له توابع تتبعه هو لها إمام جامع - أما ، فتقول للجلدة التي تجمع الدماغ ، أم الرأس ، ويسمون لواء الجيش ورايتهم التي يجتمعون تحتها أما ، واستشهد بقول ذي الرمة :على رأسه أم لنا نقتدي بها جماع أمور ليس نعصي لها أمرايعني : الرمح . قال : وسميت مكة : أم القرى لتقدمها أمام جميعها وجمعها ما سواها ، وقيل : لأن الأرض دحيت منها .ويقال لها أيضا : الفاتحة ؛ لأنها تفتتح بها القراءة ، وافتتحت الصحابة بها كتابة المصحف الإمام ، وصح تسميتها بالسبع المثاني ، قالوا : لأنها تثنى في الصلاة ، فتقرأ في كل ركعة ، وإن كان للمثاني معنى آخر غير هذا ، كما سيأتي بيانه في موضعه إن شاء الله . قال الإمام أحمد : حدثنا يزيد بن هارون ، أنبأنا ابن أبي ذئب وهاشم بن هاشم عن ابن أبي ذئب ، عن المقبري ، عن أبي هريرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال لأم القرآن : هي أم القرآن ، وهي السبع المثاني ، وهي القرآن العظيم . ثم رواه عن إسماعيل بن عمر عن ابن أبي ذئب به ، وقال أبو جعفر محمد بن جرير الطبري : حدثني يونس بن عبد الأعلى ، أنا ابن وهب ، أخبرني ابن أبي ذئب ، عن سعيد المقبري ، عن أبي هريرة ، رضي الله عنه ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : هي أم القرآن ، وهي فاتحة الكتاب ، وهي السبع المثاني . وقال الحافظ أبو بكر أحمد بن موسى بن مردويه في تفسيره : حدثنا أحمد بن محمد بن زياد ، ثنا محمد بن غالب بن حارث ، ثنا إسحاق بن عبد الواحد الموصلي ، ثنا المعافى بن عمران ، عن عبد الحميد بن جعفر ، عن نوح بن أبي بلال ، عن المقبري ، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : الحمد لله رب العالمين سبع آيات : بسم الله الرحمن الرحيم إحداهن ، وهي السبع المثاني والقرآن العظيم ، وهي أم الكتاب .وقد رواه الدارقطني أيضا عن أبي هريرة مرفوعا بنحوه أو مثله ، وقال : كلهم ثقات . وروى البيهقي عن علي وابن عباس وأبي هريرة أنهم فسروا قوله تعالى : ( سبعا من المثاني ) [ الحجر : 87 ] بالفاتحة ، وأن البسملة هي الآية السابعة منها ، وسيأتي تمام هذا عند البسملة .وقد روى الأعمش عن إبراهيم قال : قيل لابن مسعود : لم لم تكتب الفاتحة في مصحفك ؟ قال : لو كتبتها لكتبتها في أول كل سورة . قال أبو بكر بن أبي داود : يعني حيث يقرأ في الصلاة ، قال : واكتفيت بحفظ المسلمين لها عن كتابتها .وقد قيل : إن الفاتحة أول شيء نزل من القرآن ، كما ورد في حديث رواه البيهقي في دلائل النبوة ونقله الباقلاني أحد أقوال ثلاثة هذا [ أحدها ] وقيل : ( يا أيها المدثر كما في حديث جابر في الصحيح . وقيل : ( اقرأ باسم ربك الذي خلق ) [ العلق : 1 ] وهذا هو الصحيح ، كما سيأتي تقريره في موضعه ، والله المستعان.ذكر ما ورد في فضل الفاتحةقال الإمام أحمد بن محمد بن حنبل - رحمه الله - في مسنده : حدثنا يحيى بن سعيد ، عن شعبة ، حدثني خبيب بن عبد الرحمن ، عن حفص بن عاصم ، عن أبي سعيد بن المعلى - رضي الله عنه - قال : كنت أصلي فدعاني رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فلم أجبه حتى صليت وأتيته ، فقال : ما منعك أن تأتيني ؟ . قال : قلت : يا رسول الله ، إني كنت أصلي . قال : ألم يقل الله : ( يا أيها الذين آمنوا استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم ) [ الأنفال : 24 ] ثم قال : لأعلمنك أعظم سورة في القرآن قبل أن تخرج من المسجد . قال : فأخذ بيدي ، فلما أراد أن يخرج من المسجد قلت : يا رسول الله إنك قلت : لأعلمنك أعظم سورة في القرآن . قال : نعم ، الحمد لله رب العالمين هي : السبع المثاني والقرآن العظيم الذي أوتيته .وهكذا رواه البخاري عن مسدد ، وعلي بن المديني ، كلاهما عن يحيى بن سعيد القطان ، به . ورواه في موضع آخر من التفسير ، وأبو داود ، والنسائي ، وابن ماجه من طرق عن شعبة ، به . ورواه الواقدي عن محمد بن معاذ الأنصاري ، عن خبيب بن عبد الرحمن ، عن حفص بن عاصم ، عن أبي سعيد بن المعلى ، عن أبي بن كعب ، فذكر نحوه .وقد وقع في الموطأ للإمام مالك بن أنس ، ما ينبغي التنبيه عليه ، فإنه رواه مالك عن العلاء بن عبد الرحمن بن يعقوب الحرقي : أن أبا سعيد مولى عامر بن كريز أخبرهم ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نادى أبي بن كعب ، وهو يصلي في المسجد ، فلما فرغ من صلاته لحقه ، قال : فوضع النبي صلى الله عليه وسلم يده على يدي ، وهو يريد أن يخرج من باب المسجد ، ثم قال : إني لأرجو ألا تخرج من باب المسجد حتى تعلم سورة ما أنزل في التوراة ولا في الإنجيل ولا في الفرقان مثلها . قال أبي : فجعلت أبطئ في المشي رجاء ذلك ، ثم قلت : يا رسول الله ، ما السورة التي وعدتني ؟ قال : كيف تقرأ إذا افتتحت الصلاة ؟ قال : فقرأت عليه : ( الحمد لله رب العالمين حتى أتيت على آخرها ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : هي هذه السورة ، وهي السبع المثاني والقرآن العظيم الذي أعطيت . فأبو سعيد هذا ليس بأبي سعيد بن المعلى ، كما اعتقده ابن الأثير في جامع الأصول ومن تبعه ، فإن ابن المعلى صحابي أنصاري ، وهذا تابعي من موالي خزاعة ، وذاك الحديث متصل صحيح ، وهذا ظاهره أنه منقطع ، إن لم يكن سمعه أبو سعيد هذا من أبي بن كعب ، فإن كان قد سمعه منه فهو على شرط مسلم ، والله أعلم . على أنه قد روي عن أبي بن كعب من غير وجه كما قال الإمام أحمد :حدثنا عفان ، حدثنا عبد الرحمن بن إبراهيم ، حدثنا العلاء بن عبد الرحمن ، عن أبيه ، عن أبي هريرة قال : خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم على أبي بن كعب ، وهو يصلي ، فقال : يا أبي ، فالتفت ثم لم يجبه ، ثم قال : أبي ، فخفف . ثم انصرف إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال : السلام عليك أي رسول الله . فقال : وعليك السلام [ قال ] : ما منعك أي أبي إذ دعوتك أن تجيبني ؟ . قال : أي رسول الله ، كنت في الصلاة ، قال : أولست تجد فيما أوحى الله إلي استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم ) [ الأنفال : 24 ] . قال : بلى يا رسول الله ، لا أعود ، قال : أتحب أن أعلمك سورة لم تنزل لا في التوراة ولا في الإنجيل ولا في الزبور ولا في الفرقان مثلها ؟ قلت : نعم ، أي رسول الله ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إني لأرجو ألا أخرج من هذا الباب حتى تعلمها قال : فأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بيدي يحدثني ، وأنا أتبطأ ، مخافة أن يبلغ قبل أن يقضي الحديث ، فلما دنونا من الباب قلت : أي رسول الله ، ما السورة التي وعدتني قال : ما تقرأ في الصلاة ؟ . قال : فقرأت عليه أم القرآن ، قال : والذي نفسي بيده ما أنزل الله في التوراة ولا في الإنجيل ولا في الزبور ، ولا في الفرقان مثلها ؛ إنها السبع المثاني . ورواه الترمذي ، عن قتيبة ، عن الدراوردي ، عن العلاء ، عن أبيه ، عن أبي هريرة ، فذكره ، وعنده : إنها من السبع المثاني والقرآن العظيم الذي أعطيته ، ثم قال : هذا حديث حسن صحيح .وفي الباب ، عن أنس بن مالك ، ورواه عبد الله بن [ الإمام ] أحمد ، عن إسماعيل بن أبي معمر ، عن أبي أسامة ، عن عبد الحميد بن جعفر ، عن العلاء ، عن أبيه ، عن أبي هريرة ، عن أبي بن كعب ، فذكره مطولا بنحوه ، أو قريبا منه . وقد رواه الترمذي والنسائي جميعا عن أبي عمار حسين بن حريث ، عن الفضل بن موسى ، عن عبد الحميد بن جعفر ، عن العلاء ، عن أبيه ، عن أبي هريرة ، عن أبي بن كعب ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ما أنزل الله في التوراة ولا في الإنجيل مثل أم القرآن ، وهي السبع المثاني ، وهي مقسومة بيني وبين عبدي ، هذا لفظ النسائي . وقال الترمذي : حسن غريب .وقال الإمام أحمد : حدثنا محمد بن عبيد ، حدثنا هاشم ، يعني ابن البريد حدثنا عبد الله بن محمد بن عقيل ، عن ابن جابر ، قال : انتهيت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد أهراق الماء ، فقلت : السلام عليك يا رسول الله . فلم يرد علي ، قال : فقلت : السلام عليك يا رسول الله . فلم يرد علي ، قال : فقلت : السلام عليك يا رسول الله ، فلم يرد علي . قال : فانطلق رسول الله صلى الله عليه وسلم يمشي ، وأنا خلفه حتى دخل رحله ، ودخلت أنا المسجد ، فجلست كئيبا حزينا ، فخرج علي رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد تطهر ، فقال : عليك السلام ورحمة الله ، وعليك السلام ورحمة الله ، وعليك السلام ورحمة الله ، ثم قال : ألا أخبرك يا عبد الله بن جابر بأخير سورة في القرآن ؟ قلت : بلى يا رسول الله . قال : اقرأ : الحمد لله رب العالمين ، حتى تختمها . هذا إسناد جيد ، وابن عقيل تحتج به الأئمة الكبار ، وعبد الله بن جابر هذا هو الصحابي ، ذكر ابن الجوزي أنه هو العبدي ، والله أعلم . ويقال : إنه عبد الله بن جابر الأنصاري البياضي ، فيما ذكره الحافظ ابن عساكر . واستدلوا بهذا الحديث وأمثاله على تفاضل بعض الآيات والسور على بعض ، كما هو المحكي عن كثير من العلماء ، منهم : إسحاق بن راهويه ، وأبو بكر بن العربي ، وابن الحصار من المالكية . وذهبت طائفة أخرى إلى أنه لا تفاضل في ذلك ؛ لأن الجميع كلام الله ، ولئلا يوهم التفضيل نقص المفضل عليه ، وإن كان الجميع فاضلا ، نقله القرطبي عن الأشعري ، وأبي بكر الباقلاني ، وأبي حاتم بن حبان البستي ، ويحيى بن يحيى ، ورواية عن الإمام مالك [ أيضا ] .حديث آخر : قال البخاري في فضائل القرآن : حدثنا محمد بن المثنى ، حدثنا وهب ، حدثنا هشام ، عن محمد بن معبد ، عن أبي سعيد الخدري ، قال : كنا في مسير لنا ، فنزلنا ، فجاءت جارية فقالت : إن سيد الحي سليم ، وإن نفرنا غيب ، فهل منكم راق ؟ فقام معها رجل ما كنا نأبنه برقية ، فرقاه ، فبرئ ، فأمر له بثلاثين شاة ، وسقانا لبنا ، فلما رجع قلنا له : أكنت تحسن رقية ، أو كنت ترقي ؟ قال : لا ما رقيت إلا بأم الكتاب ، قلنا : لا تحدثوا شيئا حتى نأتي ، أو نسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فلما قدمنا المدينة ذكرناه للنبي صلى الله عليه وسلم فقال : وما كان يدريه أنها رقية ، اقسموا واضربوا لي بسهم .وقال أبو معمر : حدثنا عبد الوارث ، حدثنا هشام ، حدثنا محمد بن سيرين ، حدثني معبد بن سيرين ، عن أبي سعيد الخدري بهذا .وهكذا رواه مسلم ، وأبو داود من رواية هشام ، وهو ابن حسان ، عن ابن سيرين ، به . وفي بعض روايات مسلم لهذا الحديث : أن أبا سعيد هو الذي رقى ذلك السليم ، يعني : اللديغ ، يسمونه بذلك تفاؤلا .حديث آخر : روى مسلم في صحيحه ، والنسائي في سننه ، من حديث أبي الأحوص سلام بن سليم ، عن عمار بن رزيق ، عن عبد الله بن عيسى بن عبد الرحمن بن أبي ليلى ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس ، قال : بينا رسول الله صلى الله عليه وسلم وعنده جبريل ، إذ سمع نقيضا فوقه ، فرفع جبريل بصره إلى السماء ، فقال : هذا باب قد فتح من السماء ، ما فتح قط . قال : فنزل منه ملك ، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : أبشر بنورين قد أوتيتهما لم يؤتهما نبي قبلك : فاتحة الكتاب ، وخواتيم سورة البقرة ، ولن تقرأ حرفا منهما إلا أوتيته . وهذا لفظ النسائي .ولمسلم نحوه حديث آخر : قال مسلم : حدثنا إسحاق بن إبراهيم الحنظلي ، هو ابن راهويه ، حدثنا سفيان بن عيينة ، عن العلاء ، يعني ابن عبد الرحمن بن يعقوب الحرقي عن أبي هريرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، قال : من صلى صلاة لم يقرأ فيها أم القرآن فهي خداج - ثلاثا - غير تمام . فقيل لأبي هريرة : إنا نكون وراء الإمام ، قال : اقرأ بها في نفسك ؛ فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : قال الله عز وجل : قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين ، ولعبدي ما سأل فإذا قال العبد : ( الحمد لله رب العالمين ) [ الفاتحة : 2 ] ، قال الله : حمدني عبدي ، وإذا قال : ( الرحمن الرحيم [ الفاتحة : 3 ] ، قال الله : أثنى علي عبدي ، فإذا قال : ( مالك يوم الدين ) [ الفاتحة : 4 ] ، قال مجدني عبدي - وقال مرة : فوض إلي عبدي - فإذا قال : ( إياك نعبد وإياك نستعين ) [ الفاتحة : 5 ] ، قال : هذا بيني وبين عبدي ، ولعبدي ما سأل ، فإذا قال : ( اهدنا الصراط المستقيم صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين ) [ الفاتحة : 6 ، 7 ] ، قال هذا لعبدي ولعبدي ما سأل .وهكذا رواه النسائي ، عن إسحاق بن راهويه . وقد روياه - أيضا - عن قتيبة ، عن مالك ، عن العلاء ، عن أبي السائب مولى هشام بن زهرة ، عن أبي هريرة ، به وفي هذا السياق : فنصفها لي ونصفها لعبدي ، ولعبدي ما سأل .وكذا رواه ابن إسحاق ، عن العلاء ، وقد رواه مسلم من حديث ابن جريج ، عن العلاء ، عن أبي السائب هكذا .ورواه - أيضا - من حديث ابن أبي أويس ، عن العلاء ، عن أبيه وأبي السائب ، كلاهما عن أبي هريرة .وقال الترمذي : هذا حديث حسن ، وسألت أبا زرعة عنه فقال : كلا الحديثين صحيح ، من قال : عن العلاء ، عن أبيه ، وعن العلاء عن أبي السائب .وقد روى هذا الحديث عبد الله ابن الإمام أحمد ، من حديث العلاء ، عن أبيه ، عن أبي هريرة ، عن أبي بن كعب مطولا .قال ابن جرير : حدثنا صالح بن مسمار المروزي ، حدثنا زيد بن الحباب ، حدثنا عنبسة بن سعيد ، عن مطرف بن طريف ، عن سعيد بن إسحاق بن كعب بن عجرة ، عن جابر بن عبد الله ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : قال الله تعالى : قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين ، وله ما سأل ، فإذا قال العبد : ( الحمد لله رب العالمين قال : حمدني عبدي ، وإذا قال : ( الرحمن الرحيم قال : أثنى علي عبدي . ثم قال : هذا لي ، وله ما بقيوهذا غريب من هذا الوجه .ثم الكلام على ما يتعلق بهذا الحديث مما يختص بالفاتحة من وجوه :أحدها : أنه قد أطلق فيه لفظ الصلاة ، والمراد القراءة كقوله تعالى : ( ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها وابتغ بين ذلك سبيلا ) [ الإسراء : 110 ] ، أي : بقراءتك كما جاء مصرحا به في الصحيح ، عن ابن عباس وهكذا قال في هذا الحديث : قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين ، فنصفها لي ونصفها لعبدي ، ولعبدي ما سأل ثم بين تفصيل هذه القسمة في قراءة الفاتحة في الصلاة فدل على عظم القراءة في الصلاة ، وأنها من أكبر أركانها ، إذ أطلقت العبادة وأريد بها جزء واحد منها وهو القراءة ؛ كما أطلق لفظ القراءة والمراد به الصلاة في قوله : ( وقرآن الفجر إن قرآن الفجر كان مشهودا ) [ الإسراء : 78 ] ، والمراد صلاة الفجر ، كما جاء مصرحا به في الصحيحين : من أنه يشهدها ملائكة الليل وملائكة النهار ، فدل هذا كله على أنه لا بد من القراءة في الصلاة ، وهو اتفاق من العلماء .ولكن اختلفوا في مسألة نذكرها في الوجه الثاني ، وذلك أنه هل يتعين للقراءة في الصلاة فاتحة الكتاب ، أم تجزئ هي أو غيرها ؟ على قولين مشهورين ، فعند أبي حنيفة ومن وافقه من أصحابه وغيرهم أنها لا تتعين ، بل مهما قرأ به من القرآن أجزأه في الصلاة ، واحتجوا بعموم قوله تعالى : ( فاقرءوا ما تيسر من القرآن ) [ المزمل : 20 ] ، وبما ثبت في الصحيحين ، من حديث أبي هريرة في قصة المسيء صلاته أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له : إذا قمت إلى الصلاة فكبر ، ثم اقرأ ما تيسر معك من القرآن قالوا : فأمره بقراءة ما تيسر ، ولم يعين له الفاتحة ولا غيرها ، فدل على ما قلناه .والقول الثاني : أنه تتعين قراءة الفاتحة في الصلاة ، ولا تجزئ الصلاة بدونها ، وهو قول بقية الأئمة : مالك والشافعي وأحمد بن حنبل وأصحابهم وجمهور العلماء ؛ واحتجوا على ذلك بهذا الحديث المذكور ، حيث قال - صلوات الله وسلامه عليه - : من صلى صلاة لم يقرأ فيها بأم القرآن فهي خداج والخداج هو : الناقص كما فسر به في الحديث : غير تمام . واحتجوا - أيضا - بما ثبت في الصحيحين من حديث الزهري ، عن محمود بن الربيع ، عن عبادة بن الصامت ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب . وفي صحيح ابن خزيمة وابن حبان ، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا تجزئ صلاة لا يقرأ فيها بأم القرآن والأحاديث في هذا الباب كثيرة ، ووجه المناظرة هاهنا يطول ذكره ، وقد أشرنا إلى مأخذهم في ذلك ، رحمهم الله .ثم إن مذهب الشافعي وجماعة من أهل العلم : أنه تجب قراءتها في كل ركعة . وقال آخرون : إنما تجب قراءتها في معظم الركعات ، وقال الحسن وأكثر البصريين : إنما تجب قراءتها في ركعة واحدة من الصلوات ، أخذا بمطلق الحديث : لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب .وقال أبو حنيفة وأصحابه والثوري والأوزاعي : لا تتعين قراءتها ، بل لو قرأ بغيرها أجزأه لقوله : ( فاقرءوا ما تيسر من القرآن ) [ المزمل : 20 ] ، [ كما تقدم ] والله أعلم .وقد روى ابن ماجه من حديث أبي سفيان السعدي ، عن أبي نضرة ، عن أبي سعيد مرفوعا : لا صلاة لمن لم يقرأ في كل ركعة بالحمد وسورة في فريضة أو غيرها . وفي صحة هذا نظر ، وموضح تحرير هذا كله في كتاب الأحكام الكبير ، والله أعلم .الوجه الثالث : هل تجب قراءة الفاتحة على المأموم ؟ فيه ثلاثة أقوال للعلماء :أحدها : أنه تجب عليه قراءتها ، كما تجب على إمامه ؛ لعموم الأحاديث المتقدمة .والثاني : لا تجب على المأموم قراءة بالكلية لا الفاتحة ولا غيرها ، لا في الصلاة الجهرية ولا السرية ، لما رواه الإمام أحمد بن حنبل في مسنده ، عن جابر بن عبد الله ، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : من كان له إمام فقراءة الإمام له قراءة ولكن في إسناده ضعف . ورواه مالك ، عن وهب بن كيسان ، عن جابر من كلامه . وقد روي هذا الحديث من طرق ، ولا يصح شيء منها عن النبي صلى الله عليه وسلم ، والله أعلم .والقول الثالث : أنه تجب القراءة على المأموم في السرية ، لما تقدم ، ولا تجب في الجهرية لما ثبت في صحيح مسلم ، عن أبي موسى الأشعري ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إنما جعل الإمام ليؤتم به ، فإذا كبر فكبروا ، وإذا قرأ فأنصتوا وذكر بقية الحديث .وهكذا رواه أهل السنن ؛ أبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه ، عن أبي هريرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : وإذا قرأ فأنصتوا . وقد صححه مسلم بن الحجاج أيضا ، فدل هذان الحديثان على صحة هذا القول وهو قول قديم للشافعي ، رحمه الله ، ورواية عن الإمام أحمد بن حنبل .والغرض من ذكر هذه المسائل هاهنا بيان اختصاص سورة الفاتحة بأحكام لا تتعلق بغيرها من السور ، والله أعلم .وقال الحافظ أبو بكر البزار : حدثنا إبراهيم بن سعيد الجوهري ، حدثنا غسان بن عبيد ، عن أبي عمران الجوني ، عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إذا وضعت جنبك على الفراش ، وقرأت فاتحة الكتاب و قل هو الله أحد فقد أمنت من كل شيء إلا الموتالكلام على تفسير الاستعاذةقال الله تعالى : ( خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين وإما ينزغنك من الشيطان نزغ فاستعذ بالله إنه سميع عليم ) [ الأعراف : 199 ، 200 ] ، وقال تعالى : ( ادفع بالتي هي أحسن السيئة نحن أعلم بما يصفون وقل رب أعوذ بك من همزات الشياطين وأعوذ بك رب أن يحضرون ) [ المؤمنون : 96 - 98 ] وقال تعالى : ( ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم وما يلقاها إلا الذين صبروا وما يلقاها إلا ذو حظ عظيم وإما ينزغنك من الشيطان نزغ فاستعذ بالله إنه هو السميع العليم ) [ فصلت : 34 - 36 ] .فهذه ثلاث آيات ليس لهن رابعة في معناها ، وهو أن الله يأمر بمصانعة العدو الإنسي والإحسان إليه ، ليرده عنه طبعه الطيب الأصل إلى الموادة والمصافاة ، ويأمر بالاستعاذة به من العدو الشيطاني لا محالة ؛ إذ لا يقبل مصانعة ولا إحسانا ولا يبتغي غير هلاك ابن آدم ، لشدة العداوة بينه وبين أبيه آدم من قبل ؛ كما قال تعالى : ( يا بني آدم لا يفتننكم الشيطان كما أخرج أبويكم من الجنة ) [ الأعراف : 27 ] وقال : ( إن الشيطان لكم عدو فاتخذوه عدوا إنما يدعو حزبه ليكونوا من أصحاب السعير ) [ فاطر : 6 ] وقال أفتتخذونه وذريته أولياء من دوني وهم لكم عدو بئس للظالمين بدلا ) [ الكهف : 50 ] ، وقد أقسم للوالد إنه لمن الناصحين ، وكذب ، فكيف معاملته لنا وقد قال : ( فبعزتك لأغوينهم أجمعين إلا عبادك منهم المخلصين ) ، وقال تعالى : ( فإذا قرأت القرآن فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم إنه ليس له سلطان على الذين آمنوا وعلى ربهم يتوكلون ) [ النحل : 98 ، 99 ]قالت طائفة من القراء وغيرهم : نتعوذ بعد القراءة ، واعتمدوا على ظاهر سياق الآية ، ولدفع الإعجاب بعد فراغ العبادة ؛ وممن ذهب إلى ذلك حمزة فيما ذكره ابن قلوقا عنه ، وأبو حاتم السجستاني ، حكى ذلك أبو القاسم يوسف بن علي بن جبارة الهذلي المغربي في كتاب الكامل .وروي عن أبي هريرة - أيضا - وهو غريب .[ ونقله فخر الدين محمد بن عمر الرازي في تفسيره عن ابن سيرين في رواية عنه قال : وهو قول إبراهيم النخعي وداود بن علي الأصبهاني الظاهري ، وحكى القرطبي عن أبي بكر بن العربي عن المجموعة ، عن مالك ، رحمه الله تعالى ، أن القارئ يتعوذ بعد الفاتحة ، واستغربه ابن العربي . وحكى قولا ثالثا وهو الاستعاذة أولا وآخرا جمعا بين الدليلين ، نقله فخر الدين ] .والمشهور الذي عليه الجمهور أن الاستعاذة لدفع الوسواس فيها ، إنما تكون قبل التلاوة ، ومعنى الآية عندهم : ( فإذا قرأت القرآن فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم ) [ النحل : 98 ] أي : إذا أردت القراءة كقوله : ( إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم وأيديكم الآية [ المائدة : 6 ] أي : إذا أردتم القيام . والدليل على ذلك الأحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك ؛ قال الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله :حدثنا محمد بن الحسن بن آتش حدثنا جعفر بن سليمان ، عن علي بن علي الرفاعي اليشكري ، عن أبي المتوكل الناجي ، عن أبي سعيد الخدري ، قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قام من الليل فاستفتح صلاته وكبر قال : سبحانك اللهم وبحمدك ، وتبارك اسمك ، وتعالى جدك ، ولا إله غيرك . ويقول : لا إله إلا الله ثلاثا ، ثم يقول : أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم ، من همزه ونفخه ونفثه .وقد رواه أهل السنن الأربعة من رواية جعفر بن سليمان ، عن علي بن علي ، وهو الرفاعي ، وقال الترمذي : هو أشهر حديث في هذا الباب . وقد فسر الهمز بالموتة وهي الخنق ، والنفخ بالكبر ، والنفث بالشعر . كما رواه أبو داود وابن ماجه من حديث شعبة ، عن عمرو بن مرة ، عن عاصم العنزي ، عن نافع بن جبير بن مطعم ، عن أبيه قال : رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم حين دخل في الصلاة ، قال : الله أكبر كبيرا ، ثلاثا ، الحمد لله كثيرا ، ثلاثا ، سبحان الله بكرة وأصيلا ثلاثا ، اللهم إني أعوذ بك من الشيطان من همزه ونفخه ونفثه .قال عمرو : وهمزه : الموتة ، ونفخه : الكبر ، ونفثه : الشعر .وقال ابن ماجه : حدثنا علي بن المنذر ، حدثنا ابن فضيل ، حدثنا عطاء بن السائب ، عن أبي عبد الرحمن السلمي ، عن ابن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : اللهم إني أعوذ بك من الشيطان الرجيم ، وهمزه ونفخه ونفثه .قال : همزه : الموتة ، ونفثه : الشعر ، ونفخه : الكبر .وقال الإمام أحمد : حدثنا إسحاق بن يوسف ، حدثنا شريك ، عن يعلى بن عطاء ، عن رجل حدثه : أنه سمع أبا أمامة الباهلي يقول : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قام إلى الصلاة كبر ثلاثا ، ثم قال : لا إله إلا الله - ثلاث مرات ، وسبحان الله وبحمده ، ثلاث مرات . ثم قال : أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ، من همزه ونفخه ونفثه . وقال الحافظ أبو يعلى أحمد بن علي بن المثنى الموصلي في مسنده : حدثنا عبد الله بن عمر بن أبان الكوفي ، حدثنا علي بن هشام بن البريد عن يزيد بن زياد ، عن عبد الملك بن عمير ، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى ، عن أبي بن كعب ، قال : تلاحى رجلان عند النبي صلى الله عليه وسلم ، فتمزع أنف أحدهما غضبا ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إني لأعلم شيئا لو قاله ذهب عنه ما يجد : أعوذ بالله من الشيطان الرجيم .وكذا رواه النسائي في " اليوم والليلة " ، عن يوسف بن عيسى المروزي ، عن الفضل بن موسى ، عن يزيد بن زياد بن أبي الجعد ، به .وقد روى هذا الحديث أحمد بن حنبل ، عن أبي سعيد ، عن زائدة ، وأبو داود عن يوسف بن موسى ، عن جرير بن عبد الحميد ، والترمذي ، والنسائي في " اليوم والليلة " عن بندار ، عن ابن مهدي ، عن الثوري ، والنسائي - أيضا - من حديث زائدة بن قدامة ، ثلاثتهم عن عبد الملك بن عمير ، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى ، عن معاذ بن جبل ، قال : استب رجلان عند النبي صلى الله عليه وسلم ، فغضب أحدهما غضبا شديدا حتى خيل إلي أن أحدهما يتمزع أنفه من شدة غضبه ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : إني لأعلم كلمة لو قالها لذهب عنه ما يجد من الغضب ، قال : ما هي يا رسول الله ؟ قال : يقول : اللهم إني أعوذ بك من الشيطان الرجيم . قال : فجعل معاذ يأمره ، فأبى [ ومحك ] ، وجعل يزداد غضبا . وهذا لفظ أبي داود . وقال الترمذي : مرسل ، يعني أن عبد الرحمن بن أبي ليلى لم يلق معاذ بن جبل ، فإنه مات قبل سنة عشرين .قلت : وقد يكون عبد الرحمن بن أبي ليلى سمعه من أبي بن كعب ، كما تقدم وبلغه عن معاذ بن جبل ، فإن هذه القصة شهدها غير واحد من الصحابة ، رضي الله عنهم . قال البخاري : حدثنا عثمان بن أبي شيبة ، حدثنا جرير ، عن الأعمش ، عن عدي بن ثابت ، قال : قال سليمان بن صرد : استب رجلان عند النبي صلى الله عليه وسلم ، ونحن عنده جلوس ، فأحدهما يسب صاحبه مغضبا قد احمر وجهه ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : إني لأعلم كلمة لو قالها لذهب عنه ما يجد ، لو قال : أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ، فقالوا للرجل : ألا تسمع ما يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : إني لست بمجنون .وقد رواه - أيضا - مع مسلم ، وأبي داود ، والنسائي ، من طرق متعددة ، عن الأعمش ، به .وقد جاء في الاستعاذة أحاديث كثيرة يطول ذكرها هاهنا ، وموطنها كتاب الأذكار وفضائل الأعمال ، والله أعلم . وقد روي أن جبريل - عليه السلام - أول ما نزل بالقرآن على رسول الله صلى الله عليه وسلم أمره بالاستعاذة ، كما قال الإمام أبو جعفر بن جرير :حدثنا أبو كريب ، حدثنا عثمان بن سعيد ، حدثنا بشر بن عمارة ، حدثنا أبو روق ، عن الضحاك ، عن عبد الله بن عباس ، قال : أول ما نزل جبريل على محمد صلى الله عليه وسلم قال : يا محمد ، استعذ . قال : أستعيذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم ، ثم قال : قل : بسم الله الرحمن الرحيم . ثم قال : ( اقرأ باسم ربك الذي خلق قال عبد الله : وهي أول سورة أنزلها الله على محمد صلى الله عليه وسلم ، بلسان جبريل . وهذا الأثر غريب ، وإنما ذكرناه ليعرف ، فإن في إسناده ضعفا وانقطاعا ، والله أعلم .مسألة : وجمهور العلماء على أن الاستعاذة مستحبة ليست بمتحتمة يأثم تاركها ، وحكى فخر الدين عن عطاء بن أبي رباح وجوبها في الصلاة وخارجها كلما أراد القراءة قال : وقال ابن سيرين : إذا تعوذ مرة واحدة في عمره فقد كفى في إسقاط الوجوب ، واحتج فخر الدين لعطاء بظاهر الآية : فاستعذ وهو أمر ظاهره الوجوب وبمواظبة النبي صلى الله عليه وسلم عليها ، ولأنها تدرأ شر الشيطان وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب ، ولأن الاستعاذة أحوط وهو أحد مسالك الوجوب . وقال بعضهم : كانت واجبة على النبي صلى الله عليه وسلم دون أمته ، وحكي عن مالك أنه لا يتعوذ في المكتوبة ويتعوذ لقيام شهر رمضان في أول ليلة منه .مسألة : وقال الشافعي في الإملاء ، يجهر بالتعوذ حكم الجهر بالاستعاذة ، وإن أسر فلا يضر ، وقال في الأم بالتخيير لأنه أسر ابن عمر وجهر أبو هريرة ، واختلف قول الشافعي فيما عدا الركعة الأولى : هل يستحب التعوذ فيها ؟ على قولين ، ورجح عدم الاستحباب ، والله أعلم . فإذا قال المستعيذ : أعوذ بالله من الشيطان الرجيم كفى ذلك عند الشافعي وأبي حنيفة وزاد بعضهم : أعوذ بالله السميع العليم ، وقال آخرون : بل يقول : أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ، إن الله هو السميع العليم ، قاله الثوري والأوزاعي وحكي عن بعضهم أنه يقول : أستعيذ بالله من الشيطان الرجيم ؛ لمطابقة أمر الآية ، ولحديث الضحاك عن ابن عباس المذكور ، والأحاديث الصحيحة - كما تقدم - أولى بالاتباع من هذا ، والله أعلم .مسألة : ثم الاستعاذة في الصلاة إنما هي للتلاوة وهو قول أبي حنيفة ومحمد . وقال أبو يوسف : بل للصلاة ، فعلى هذا يتعوذ المأموم وإن كان لا يقرأ ، ويتعوذ في العيد بعد الإحرام وقبل تكبيرات العيد ، والجمهور بعدها قبل القراءة .ومن لطائف الاستعاذة أنها طهارة للفم مما كان يتعاطاه من اللغو والرفث ، وتطييب له وتهيؤ لتلاوة كلام الله وهي استعانة بالله واعتراف له بالقدرة وللعبد بالضعف والعجز عن مقاومة هذا العدو المبين الباطني الذي لا يقدر على منعه ودفعه إلا الله الذي خلقه ، ولا يقبل مصانعة ، ولا يدارى بالإحسان ، بخلاف العدو من نوع الإنسان كما دلت على ذلك آيات القرآن في ثلاث من المثاني ، وقال تعالى : ( إن عبادي ليس لك عليهم سلطان وكفى بربك وكيلا ) [ الإسراء : 65 ] ، وقد نزلت الملائكة لمقاتلة العدو البشري يوم بدر ، ومن قتله العدو البشري كان شهيدا ، ومن قتله العدو الباطني كان طريدا ، ومن غلبه العدو الظاهر كان مأجورا ، ومن قهره العدو الباطن كان مفتونا أو موزورا ، ولما كان الشيطان يرى الإنسان من حيث لا يراه استعاذ منه بالذي يراه ولا يراه الشيطان .فصل : والاستعاذة معناها : هي الالتجاء إلى الله والالتصاق بجنابه من شر كل ذي شر ، والعياذة تكون لدفع الشر ، واللياذ يكون لطلب جلب الخير كما قال المتنبي :يا من ألوذ به فيما أؤمله ومن أعوذ به ممن أحاذره لا يجبر الناس عظما أنت كاسرهولا يهيضون عظما أنت جابرهفصل معنى الاستعاذةومعنى أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ، أي : أستجير بجناب الله من الشيطان الرجيم أن يضرني في ديني أو دنياي ، أو يصدني عن فعل ما أمرت به ، أو يحثني على فعل ما نهيت عنه ؛ فإن الشيطان لا يكفه عن الإنسان إلا الله ؛ ولهذا أمر الله تعالى بمصانعة شيطان الإنس ومداراته بإسداء الجميل إليه ، ليرده طبعه عما هو فيه من الأذى ، وأمر بالاستعاذة به من شيطان الجن لأنه لا يقبل رشوة ولا يؤثر فيه جميل ؛ لأنه شرير بالطبع ولا يكفه عنك إلا الذي خلقه ، وهذا المعنى في ثلاث آيات من القرآن لا أعلم لهن رابعة ، قوله في الأعراف : ( خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين ) [ الأعراف : 199 ] ، فهذا فيما يتعلق بمعاملة الأعداء من البشر ، ثم قال : ( وإما ينزغنك من الشيطان نزغ فاستعذ بالله إنه سميع عليم ) [ الأعراف : 200 ] ، وقال تعالى في سورة " قد أفلح المؤمنون " : ( ادفع بالتي هي أحسن السيئة نحن أعلم بما يصفون وقل رب أعوذ بك من همزات الشياطين وأعوذ بك رب أن يحضرون ) [ المؤمنون : 96 - 98 ] ، وقال تعالى في سورة حم السجدة : ( ولا تستوي الحسنة ولا السيئة ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم وما يلقاها إلا الذين صبروا وما يلقاها إلا ذو حظ عظيم وإما ينزغنك من الشيطان نزغ فاستعذ بالله إنه هو السميع العليم ) [ فصلت : 34 - 36 ] .والشيطان معناه في لغة العرب مشتق من شطن إذا بعد ، فهو بعيد بطبعه عن طباع البشر ، وبعيد بفسقه عن كل خير ، وقيل : مشتق من شاط لأنه مخلوق من نار ، ومنهم من يقول : كلاهما صحيح في المعنى ، ولكن الأول أصح ، وعليه يدل كلام العرب ؛ قال أمية بن أبي الصلت في ذكر ما أوتي سليمان ، عليه السلام :أيما شاطن عصاه عكاه ثم يلقى في السجن والأغلالفقال : أيما شاطن ، ولم يقل : أيما شائط .وقال النابغة الذبياني - وهو : زياد بن عمرو بن معاوية بن جابر بن ضباب بن يربوع بن مرة بن سعد بن ذبيان - :نأت بسعاد عنك نوى شطون فبانت والفؤاد بها رهينيقول : بعدت بها طريق بعيدة .[ وقال سيبويه : العرب تقول : تشيطن فلان إذا فعل فعل الشيطان ولو كان من شاط ، لقالوا : تشيط ] . والشيطان مشتق من البعد على الصحيح ؛ ولهذا يسمون كل ما تمرد من جني وإنسي وحيوان شيطانا ، قال الله تعالى : ( وكذلك جعلنا لكل نبي عدوا شياطين الإنس والجن يوحي بعضهم إلى بعض زخرف القول غرورا ) [ الأنعام : 112 ] . وفي مسند الإمام أحمد ، عن أبي ذر - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : يا أبا ذر ، تعوذ بالله من شياطين الإنس والجن ، فقلت : أوللإنس شياطين ؟ قال : نعم . وفي صحيح مسلم عن أبي ذر - أيضا - قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : يقطع الصلاة المرأة والحمار والكلب الأسود . فقلت : يا رسول الله ، ما بال الكلب الأسود من الأحمر والأصفر فقال : الكلب الأسود شيطان . وقال ابن وهب : أخبرني هشام بن سعد ، عن زيد بن أسلم ، عن أبيه ، أن عمر بن الخطاب ، رضي الله عنه ، ركب برذونا ، فجعل يتبختر به ، فجعل يضربه فلا يزداد إلا تبخترا ، فنزل عنه ، وقال : ما حملتموني إلا على شيطان ، ما نزلت عنه حتى أنكرت نفسي . إسناده صحيح .والرجيم معناه : فعيل بمعنى مفعول ، أي : أنه مرجوم مطرود عن الخير كله ، كما قال تعالى : ( ولقد زينا السماء الدنيا بمصابيح وجعلناها رجوما للشياطين ) [ الملك : 5 ] ، وقال تعالى : ( إنا زينا السماء الدنيا بزينة الكواكب وحفظا من كل شيطان مارد لا يسمعون إلى الملإ الأعلى ويقذفون من كل جانب دحورا ولهم عذاب واصب إلا من خطف الخطفة فأتبعه شهاب ثاقب ) [ الصافات : 6 - 10 ] ، وقال تعالى : ( ولقد جعلنا في السماء بروجا وزيناها للناظرين وحفظناها من كل شيطان رجيم إلا من استرق السمع فأتبعه شهاب مبين ) [ الحجر : 16 - 18 ] ، إلى غير ذلك من الآيات . [ وقيل : رجيم بمعنى راجم ؛ لأنه يرجم الناس بالوساوس والربائث والأول أشهر ] ." بسم الله الرحمن الرحيم " افتتح بها الصحابة كتاب الله ، واتفق العلماء على أنها بعض آية من سورة النمل ، ثم اختلفوا : هل هي آية مستقلة بسم الله الرحمن الرحيم في أول كل سورة ، أو من أول كل سورة كتبت في أولها ، أو أنها بعض آية من أول كل سورة ، أو أنها كذلك في الفاتحة دون غيرها ، أو أنها [ إنما ] كتبت للفصل ، لا أنها آية ؟ على أقوال للعلماء سلفا وخلفا ، وذلك مبسوط في غير هذا الموضع .وفي سنن أبي داود بإسناد صحيح ، عن ابن عباس ، رضي الله عنهما ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان لا يعرف فصل السورة حتى ينزل عليه بسم الله الرحمن الرحيم وأخرجه الحاكم أبو عبد الله النيسابوري في مستدركه أيضا ، وروي مرسلا عن سعيد بن جبير . وفي صحيح ابن خزيمة ، عن أم سلمة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأ البسملة في أول الفاتحة في الصلاة وعدها آية ، لكنه من رواية عمر بن هارون البلخي ، وفيه ضعف ، عن ابن جريج ، عن ابن أبي مليكة ، عنها . وروى له الدارقطني متابعا ، عن أبي هريرة مرفوعا . وروى مثله عن علي وابن عباس وغيرهما . وممن حكي عنه أنها آية من كل سورة إلا " براءة " : ابن عباس ، وابن عمر ، وابن الزبير ، وأبو هريرة ، وعلي . ومن التابعين : عطاء ، وطاوس ، وسعيد بن جبير ، ومكحول ، والزهري ، وبه يقول عبد الله بن المبارك ، والشافعي ، وأحمد بن حنبل ، في رواية عنه ، وإسحاق بن راهويه ، وأبو عبيد القاسم بن سلام ، رحمهم الله . وقال مالك وأبو حنيفة وأصحابهما : ليست آية من الفاتحة ولا من غيرها من السور ، وقال الشافعي في قول ، في بعض طرق مذهبه : هي آية من الفاتحة وليست من غيرها ، وعنه أنها بعض آية من أول كل سورة ، وهما غريبان .وقال داود : هي آية مستقلة في أول كل سورة لا منها ، وهذه رواية عن الإمام أحمد بن حنبل . وحكاه أبو بكر الرازي ، عن أبي الحسن الكرخي ، وهما من أكابر أصحاب أبي حنيفة ، رحمهم الله . هذا ما يتعلق بكونها من الفاتحة أم لا . فأما ما يتعلق بالجهر بها بسم الله الرحمن الرحيم ، فمفرع على هذا ؛ فمن رأى أنها ليست من الفاتحة فلا يجهر بها ، وكذا من قال : إنها آية من أولها ، وأما من قال بأنها من أوائل السور فاختلفوا ؛ فذهب الشافعي ، رحمه الله ، إلى أنه يجهر بها مع الفاتحة والسورة ، وهو مذهب طوائف من الصحابة والتابعين وأئمة المسلمين سلفا وخلفا ، فجهر بها من الصحابة أبو هريرة ، وابن عمر ، وابن عباس ، ومعاوية ، وحكاه ابن عبد البر ، والبيهقي عن عمر وعلي ، ونقله الخطيب عن الخلفاء الأربعة ، وهم : أبو بكر وعمر وعثمان وعلي ، وهو غريب . ومن التابعين : عن سعيد بن جبير ، وعكرمة ، وأبي قلابة ، والزهري ، وعلي بن الحسين ، وابنه محمد ، وسعيد بن المسيب ، وعطاء ، وطاوس ، ومجاهد ، وسالم ، ومحمد بن كعب القرظي ، وأبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم ، وأبي وائل ، وابن سيرين ، ومحمد بن المنكدر ، وعلي بن عبد الله بن عباس ، وابنه محمد ، ونافع مولى ابن عمر ، وزيد بن أسلم ، وعمر بن عبد العزيز ، والأزرق بن قيس ، وحبيب بن أبي ثابت ، وأبي الشعثاء ، ومكحول ، وعبد الله بن معقل بن مقرن . زاد البيهقي : وعبد الله بن صفوان ، ومحمد ابن الحنفية . زاد ابن عبد البر : وعمرو بن دينار .والحجة في ذلك أنها بعض الفاتحة ، فيجهر بها كسائر أبعاضها ، وأيضا فقد روى النسائي في سننه وابن خزيمة وابن حبان في صحيحيهما ، والحاكم في مستدركه ، عن أبي هريرة أنه صلى فجهر في قراءته بالبسملة ، وقال بعد أن فرغ : إني لأشبهكم صلاة برسول الله صلى الله عليه وسلم . وصححه الدارقطني والخطيب والبيهقي وغيرهم .وروى أبو داود والترمذي ، عن ابن عباس : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يفتتح الصلاة ببسم الله الرحمن الرحيم . ثم قال الترمذي : وليس إسناده بذاك .وقد رواه الحاكم في مستدركه ، عن ابن عباس قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يجهر ببسم الله الرحمن الرحيم ، ثم قال : صحيح وفي صحيح البخاري ، عن أنس بن مالك أنه سئل عن قراءة رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : كانت قراءته مدا ، ثم قرأ " بسم الله الرحمن الرحيم " ، يمد " بسم الله " ، ويمد " الرحمن " ، ويمد " الرحيم .وفي مسند الإمام أحمد ، وسنن أبي داود ، وصحيح ابن خزيمة ، ومستدرك الحاكم ، عن أم سلمة ، قالت : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقطع قراءته : ( بسم الله الرحمن الرحيم . الحمد لله رب العالمين . الرحمن الرحيم . مالك يوم الدين . وقال الدارقطني : إسناده صحيح .وروى الشافعي ، رحمه الله ، والحاكم في مستدركه ، عن أنس : أن معاوية صلى بالمدينة ، فترك البسملة ، فأنكر عليه من حضره من المهاجرين ذلك ، فلما صلى المرة الثانية بسمل .وفي هذه الأحاديث ، والآثار التي أوردناها كفاية ومقنع في الاحتجاج لهذا القول عما عداها ، فأما المعارضات والروايات الغريبة ، وتطريقها ، وتعليلها وتضعيفها ، وتقريرها ، فله موضع آخر .وذهب آخرون إلى أنه لا يجهر بالبسملة في الصلاة ، وهذا هو الثابت عن الخلفاء الأربعة وعبد الله بن مغفل ، وطوائف من سلف التابعين والخلف ، وهو مذهب أبي حنيفة ، والثوري ، وأحمد بن حنبل .وعند الإمام مالك : أنه لا يقرأ البسملة بالكلية ، لا جهرا ولا سرا ، واحتجوا بما في صحيح مسلم ، عن عائشة ، رضي الله عنها ، قالت : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفتتح الصلاة بالتكبير ، والقراءة ب الحمد لله رب العالمين . وبما في الصحيحين ، عن أنس بن مالك ، قال : صليت خلف النبي صلى الله عليه وسلم ، وأبي بكر وعمر وعثمان ، فكانوا يستفتحون ب الحمد لله رب العالمين . ولمسلم : لا يذكرون بسم الله الرحمن الرحيم في أول قراءة ولا في آخرها . ونحوه في السنن عن عبد الله بن مغفل ، رضي الله عنه .فهذه مآخذ الأئمة - رحمهم الله - في هذه المسألة وهي قريبة ؛ لأنهم أجمعوا على صحة صلاة من جهر بالبسملة ومن أسر ، ولله الحمد والمنة .قال الإمام العالم الحبر العابد أبو محمد عبد الرحمن بن أبي حاتم ، رحمه الله ، في تفسيره : حدثنا أبي ، حدثنا جعفر بن مسافر ، حدثنا زيد بن المبارك الصنعاني ، حدثنا سلام بن وهب الجندي ، حدثنا أبي ، عن طاوس ، عن ابن عباس ؛ أن عثمان بن عفان سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بسم الله الرحمن الرحيم . فقال : هو اسم من أسماء الله ، وما بينه وبين اسم الله الأكبر ، إلا كما بين سواد العينين وبياضهما من القرب .وهكذا رواه أبو بكر بن مردويه ، عن سليمان بن أحمد ، عن علي بن المبارك ، عن زيد بن المبارك ، به .وقد روى الحافظ ابن مردويه من طريقين ، عن إسماعيل بن عياش ، عن إسماعيل بن يحيى ، عن مسعر ، عن عطية ، عن أبي سعيد ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن عيسى ابن مريم أسلمته أمه إلى الكتاب ليعلمه ، فقال المعلم : اكتب ، قال ما أكتب ؟ قال : باسم الله ، قال له عيسى : وما باسم الله ؟ قال المعلم : ما أدري . قال له عيسى : الباء بهاء الله ، والسين سناؤه ، والميم مملكته ، والله إله الآلهة ، والرحمن رحمن الدنيا والآخرة ، والرحيم رحيم الآخرةوقد رواه ابن جرير من حديث إبراهيم بن العلاء الملقب : زبريق ، عن إسماعيل بن عياش ، عن إسماعيل بن يحيى ، عن ابن أبي مليكة ، عمن حدثه ، عن ابن مسعود ، ومسعر ، عن عطية ، عن أبي سعيد ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، فذكره . وهذا غريب جدا ، وقد يكون صحيحا إلى من دون رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ويكون من الإسرائيليات لا من المرفوعات ، والله أعلم .وقد روى جويبر ، عن الضحاك ، نحوه من قبله .وقد روى ابن مردويه ، من حديث يزيد بن خالد ، عن سليمان بن بريدة ، وفي رواية عن عبد الكريم أبي أمية ، عن ابن بريدة ، عن أبيه ؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : أنزلت علي آية لم تنزل على نبي غير سليمان بن داود وغيري ، وهي بسم الله الرحمن الرحيم .وروى بإسناده عن عبد الكبير بن المعافى بن عمران ، عن أبيه ، عن عمر بن ذر ، عن عطاء بن أبي رباح ، عن جابر بن عبد الله ، قال : لما نزل بسم الله الرحمن الرحيم هرب الغيم إلى المشرق ، وسكنت الرياح ، وهاج البحر ، وأصغت البهائم بآذانها ، ورجمت الشياطين من السماء ، وحلف الله تعالى بعزته وجلاله ألا يسمى اسمه على شيء إلا بارك فيه .[ وقال وكيع عن الأعمش عن أبي وائل عن ابن مسعود قال : من أراد أن ينجيه الله من الزبانية التسعة عشر فليقرأ : بسم الله الرحمن الرحيم ، ليجعل الله له من كل حرف منها جنة من كل واحد ، ذكره ابن عطية والقرطبي ووجهه ابن عطية ونصره بحديث : فقد رأيت بضعة وثلاثين ملكا يبتدرونها لقول الرجل : ربنا ولك الحمد حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه ، من أجل أنها بضعة وثلاثون حرفا وغير ذلك ] .وقال الإمام أحمد بن حنبل في مسنده : حدثنا محمد بن جعفر ، حدثنا شعبة ، عن عاصم ، قال : سمعت أبا تميمة يحدث ، عن رديف النبي صلى الله عليه وسلم قال : عثر بالنبي صلى الله عليه وسلم ، فقلت : تعس الشيطان . فقال النبي صلى الله عليه وسلم : لا تقل تعس الشيطان . فإنك إذا قلت : تعس الشيطان تعاظم ، وقال : بقوتي صرعته ، وإذا قلت : باسم الله ، تصاغر حتى يصير مثل الذباب .هكذا وقع في رواية الإمام أحمد وقد روى النسائي في اليوم والليلة ، وابن مردويه في تفسيره ، من حديث خالد الحذاء ، عن أبي تميمة هو الهجيمي ، عن أبي المليح بن أسامة بن عمير ، عن أبيه ، قال : كنت رديف النبي صلى الله عليه وسلم فذكره وقال : لا تقل هكذا ، فإنه يتعاظم حتى يكون كالبيت ، ولكن قل : بسم الله ، فإنه يصغر حتى يكون كالذبابة . فهذا من تأثير بركة بسم الله ؛ ولهذا تستحب في أول كل عمل بسم ا
66:1
یٰۤاَیُّهَا النَّبِیُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَاۤ اَحَلَّ اللّٰهُ لَكَۚ-تَبْتَغِیْ مَرْضَاتَ اَزْوَاجِكَؕ-وَ اللّٰهُ غَفُوْرٌ رَّحِیْمٌ(۱)
اے غیب بتا نے والے (نبی) تم اپنے اوپر کیوں حرام کئے لیتے ہو وه چیز جو اللہ نے تمھارے لئے حلال کی (ف۲) اپنی بیبیوں کی مرضی چاہتے ہو اور اللہ بخشنے والا ٴ مہربان ہے،

اختلف في سبب نزول صدر هذه السورة فقيل نزلت في شأن مارية وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد حرمها فنزل قوله تعالى "يا أيها النبي لم تحرم ما أحل الله لك تبتغي مرضات أزواجك" الآية قال أبو عبدالرحمن النسائي أخبرنا إبراهيم بن يونس بن محمد حدثنا أبي حدثنا حماد بن سلمة عن ثابت عن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كانت له أمة يطؤها فلم تزل به عائشة وحفصة حتى حرمها فأنزل الله عز وجل "يا أيها النبي لم تحرم ما أحل الله لك" إلى آخر الآية.وقال ابن جرير حدثني ابن عبدالرحيم البرقي حدثنا ابن أبي مريم ثنا أبو غسان حدثني زيد بن أسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أصاب أم إبراهيم في بيت بعض نسائه فقالت أي رسول الله في بيتي وعلى فراشي؟ فجعلها عليه حراما قالت أي رسول الله كيف يحرم عليك الحلال؟ فحلف لها بالله لا يصيبها فأنزل الله تعالى "يا أيها النبي لم تحرم ما أحل الله لك" قال زيد بن أسلم فقوله أنت علي حرام لغو وهكذا روى عبدالرحمن بن زيد عن أبيه وقال ابن جرير أيضا حدثنا يونس ثنا ابن وهب عن مالك عن زيد بن أسلم قال: قال لها "أنت علي حرام والله لا أطؤك" وقال سفيان الثوري بن علية عن داود بن أبي هند عن الشعبي عن مسروق قال آلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وحرم فعوتب في التحريم وأمر بالكفارة فى اليمين رواه ابن جرير وكذا روي عن قتادة وغيره عن الشعبي نفسه وكذا قال غير واحد من السلف منهم الضحاك والحسن وقتادة ومقاتل بن حيان وروى العوفي عن ابن عباس قال: قلت لعمر بن الخطاب من المرأتان؟ قال عائشة وحفصة وكان بدء الحديث في شأن أم إبراهيم مارية أصابها النبي صلى الله عليه وسلم في بيت حفصة في نوبتها فوجدت حفصة فقالت يا نبي الله لقد جئت إلي شيئا ما جئت إلى أحد من أزواجك في يومي وفي دوري وعلى فراشي قال "ألا ترضين أن أحرمها فلا أقربها" قالت بلى فحرمها وقال لها "لا تذكري ذلك لأحد" فذكرته لعائشة فأظهره الله عليه فأنزل الله تعالى "يا أيها النبي لم تحرم ما أحل الله لك تبتغي مرضات أزواجك" الآيات كلها فبلغنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كفر عن يمينه وأصاب جاريته وقال الهيثم بن كليب في مسنده ثنا أبو قلابة عبدالملك بن محمد الرقاشي ثنا مسلم بن إبراهيم ثنا جرير بن حازم عن أيوب عن نافع عن ابن عمر عن عمر قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم لحفصة "لا تخبري أحدا وإن أم إبراهيم علي حرام" فقالت أتحرم ما أحل الله لك؟ قال "فوالله لا أقربها" قال فلم يقربها حتى أخبرت عائشة.
66:2
قَدْ فَرَضَ اللّٰهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ اَیْمَانِكُمْۚ-وَ اللّٰهُ مَوْلٰىكُمْۚ-وَ هُوَ الْعَلِیْمُ الْحَكِیْمُ(۲)
بیشک اللہ نے تمہارے لیے تمہاری قسموں کا اتار مقرر فرمادیا (ف۳) اور اللہ تمہارا مولیٰ ہے، اور اللہ علم و حکمت والا ہے،

قال فأنزل الله تعالى "قد فرض الله لكم تحلة أيمانكم" وهذا إسناد صحيح ولم يخرجه أحد من أصحاب الكتب الستة وقد اختاره الحافظ الضياء المقدسي في كتابه المستخرج.وقال ابن جرير أيضا حدثني يعقوب بن إبراهيم ثنا ابن عليه ثنا هشام الدستوائي قال كتب إلي يحيى يحدث عن يعلى بن حكيم عن سعيد بن جبير أن ابن عباس كان يقول في الحرام يمين تكفرها وقال ابن عباس "لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة" يعني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حرم جاريته فقال الله تعالى "يا أيها النبي لم تحرم ما أحل الله لك - إلى قوله - قد فرض الله لكم تحلة أيمانكم" فكفر يمينه فصير الحرام يمينا.ورواه البخاري عن معاذ بن فضالة عن هشام هو الدستوائي عن يحيى هو ابن أبي كثير عن ابن حكيم وهو يعلى عن سعيد بن جبير عن ابن عباس في الحرام يمين تكفر وقال ابن عباس "لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة" ورواه مسلم من حديث هشام الدستوائي به وقال النسائي أنا عبدالله بن عبد الصمد بن علي ثنا مخلد بن يزيد ثنا سفيان عن سالم عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال أتاه رجل فقال إني جعلت امرأتي علي حراما قال كذبت ليس عليك بحرام ثم تلا هذه الآية "يا أيها النبي لم تحرم ما أحل الله لك" عليك أغلظ الكفارات عتق رقبة تفرد به النسائي من هذا الوجه بهذا اللفظ وقال الطبراني ثنا محمد بن زكريا ثنا عبدالله بن رجاء ثنا إسرائيل عن مسلم عن مجاهد عن ابن عباس في قوله تعالى "يا أيها النبي لم تحرم ما أحل الله لك" قال حرم رسول الله صلى الله عليه وسلم سريته ومن ههنا ذهب من ذهب من الفقهاء ممن قال بوجوب الكفارة على من حرم جاريته أو زوجته أو طعاما أو شرابا أو ملبسا أو شيئا من المباحات وهو مذهب الإمام أحمد وطائفة وذهب الشافعي إلى أنه لا تجب الكفارة فيما عدا الزوجة والجارية إذا حرم عينيهما أو أطلق التحريم فيهما في قول فأما إذا نوى بالتحريم طلاق الزوجة أو عتق الأمة نفذ فيهما وقال ابن أبي حاتم حدثني أبو عبدالله الطهراني أنا حفص بن عمر العدني أنا الحكم بن أبان أنا عكرمة عن ابن عباس قال نزلت هذه الآية "يا أيها النبي لم تحرم ما أحل الله لك" في المرأة التي وهبت نفسها للنبي صلى الله عليه وسلم وهذا قول غريب.والصحيح أن ذلك كان في تحريمه العسل كما قال البخاري عند هذه الآية ثنا إبراهيم بن موسى أنا هشام بن يوسف عن ابن جريج عن عطاء عن عبيد بن عمير عن عائشة قالت كان النبي صلى الله عليه وسلم يشرب عسلا عند زينب بنت جحش ويمكث عندها فتواطأت أنا وحفصة على أيتنا دخل عليها فلتقل له: أكلت مغافير إني أجد منك ريح مغافير.قال "لا ولكني كنت أشرب عسلا عند زينب بنت جحش فلن أعود له وقد حلفت لا تخبري بذلك أحدا" "تبتغي مرضاة أزواجك" هكذا أورد هذا الحديث ههنا بهذا اللفظ.وقال في كتاب الأيمان والنذور ثنا الحسن بن محمد ثنا الحجاج عن ابن جريج قال زعم عطاء أنه سمع عبيد بن عمير يقول سمعت عائشة تزعم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يمكث عند زينب بنت جحش ويشرب عندها عسلا فتواطأت أنا وحفصة أن أيتنا دخل عليها النبي صلى الله عليه وسلم فلتقل له إني أجد منك ريح مغافير أكلت مغافير فدخل على إحداهما النبي صلى الله عليه وسلم فقالت ذلك له فقال: "لا بل شربت عسلا عند زينب بنت جحش ولن أعود له" فنزلت "يا أيها النبي لم تحرم ما أحل الله لك - إلى قوله تعالى - إن تتوبا إلى الله فقد صغت قلوبكما" لعائشة وحفصة.
66:3
وَ اِذْ اَسَرَّ النَّبِیُّ اِلٰى بَعْضِ اَزْوَاجِهٖ حَدِیْثًاۚ-فَلَمَّا نَبَّاَتْ بِهٖ وَ اَظْهَرَهُ اللّٰهُ عَلَیْهِ عَرَّفَ بَعْضَهٗ وَ اَعْرَضَ عَنْۢ بَعْضٍۚ-فَلَمَّا نَبَّاَهَا بِهٖ قَالَتْ مَنْ اَنْۢبَاَكَ هٰذَاؕ-قَالَ نَبَّاَنِیَ الْعَلِیْمُ الْخَبِیْرُ(۳)
اور جب نبی نے اپنی ایک بی بی (ف۴) سے ایک راز کی بات فرمائی (ف۵) پھر جب وہ (ف۶) اس کا ذکر کر بیٹھی اور اللہ نے اسے نبی پر ظاہر کردیا تو نبی نے اسے کچھ جتایا اور کچھ سے چشم پوشی فرمائی (ف۷) پھر جب نبی نے اسے اس کی خبر دی بولی (ف۸) حضور کو کس نے بتایا، فرمایا مجھے علم والے خبردار نے بتایا (ف۹)

"وإذ أسر النبي إلى بعض أزواجه حديثا" لقوله "بل شربت عسلا" وقال إبراهيم بن موسى عن هشام "ولن أعود له وقد حلفت فلا تخبري بذلك أحدا" وهكذا رواه في كتاب الطلاق بهذا الإسناد ولفظه قريب منه.ثم قال المغافير شبيه بالصمغ يكون في الرمث فيه حلاوة أغفر الرمث إذا ظهر فيه واحدها مغفور ويقال مغافير وهكذا قال الجوهري قال وقد يكون المغفور أيضا للعشر والثمام والسلم والطلح قال والرمث بالكسر مرعى من مراعي الإبل وهو من الحمض قال والعرفط شجر من العظاة ينضح المغفور.وقد روى مسلم هذا الحديث في كتاب الطلاق من صحيحه عن محمد بن حاتم عن حجاج عن ابن جريج أخبرني عطاء عن عبيد بن عمير عن عائشة به ولفظه كما أورده البخاري فى الأيمان والنذور ثم قال البخاري في كتاب الطلاق ثنا فروة بن أبي المغراء ثنا علي بن مسهر عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحب الحلوى والعسل وكان إذا انصرف من العصر دخل على نسائه فيدنو من إحداهن فدخل على حفصة بنت عمر فاحتبس أكثر ما كان يحتبس فغرت فسألت عن ذلك فقيل لي أهدت لها امرأة من قومها عكة عسل فسقت النبي صلى الله عليه وسلم منه شربة فقلت أما والله لنحتالن له فقلت لسودة بنت زمعة إنه سيدنو منك فإذا دنا منك فقولي أكلت مغافير فإنه سيقول لك لا فقولي له ما هذه الريح التي أجد فإنه سيقول لك سقتني حفصة شربة عسل فقولي جرست نحله العرفط وسأقول ذلك وقولي له أنت يا صفية ذلك قالت تقول سودة فوالله ما هو إلا أن قام على الباب فأردت أن أناديه بما أمرتني فرقا منك فلما دنا منها قالت له سودة يا رسول الله أكلت مغافير؟ قال "لا" قالت فما هذه الريح التي أجد منك؟ قال "سقتني حفصة شربة عسل" قالت جرست نحله العرفط فلما دار إلي قلت نحو ذلك فلما دار إلى صفية قالت له مثل ذلك فلما دار إلى حفصة قالت له يا رسول الله ألا أسقيك منه؟ قال "لا حاجة لي فيه" قالت تقول سودة والله لقد حرمناه قلت لها اسكتي هذا لفظ البخاري.وقد رواه مسلم عن سويد بن سعيد عن علي بن مسهر به وعن أبي كريب وهارون بن عبدالله والحسن بن بشر ثلاثتهم عن أبي أسامة حماد بن أسامة عن هشام بن عروة به وعنده: قالت وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يشتد عليه أن يوجد منه الريح يعني الريح الخبيثة ولهذا قلن له أكلت مغافير لأن ريحها فيه شيء فلما قال "بل شربت عسلا" قلن جرست نحله العرفط أي رعت نحله شجر العرفط الذي صمغه المغافير فلهذا ظهر ريحه في العسل الذي شربته قال الجوهري جرست النحل العرفط تجرس إذا أكلته ومنه قيل للنحل جوارس قال الشاعر تظل على الثمراء منها جوارس وقال الجرس والجرس الصوت الخفي ويقال سمعت جرس الطير إذا سمعت صوت مناقيرها على شيء تأكله وفي الحديث "فيسمعون جرس طير الجنة" قال الأصمعي كنت في مجلس شعبة قال فيسمعون جرش طير الجنة بالشين فقلت جرس فنظر إلي فقال: خذوها عنه فإنه أعلم بهذا منا.والغرض أن هذا السياق فيه أن حفصة هي الساقية للعسل وهو من طريق هشام بن عروة عن أبيه عن خالته عن عائشة وفي طريق ابن جريج عن عطاء عن عبيد بن عمير عن عائشة أن زينب بنت جحش هي التي سقته العسل وأن عائشة وحفصة تواطأتا وتظاهرتا عليه فالله أعلم.وقد يقال أنهما واقعتان ولا بعد في ذلك إلا أن كونهما سببا لنزول هذه الآية فيه نظر والله أعلم.ومما يدل على أن عائشة وحفصة رضي الله عنهما هما المتظاهرتان الحديث الذي رواه الإمام أحمد في مسنده حيث قال ثنا عبدالرزاق أنا معمر عن الزهري عن عبيدالله بن عبدالله بن أبي ثور عن ابن عباس قال: لم أزل حريصا على أن أسأل عمر عن المرأتين من أزواج النبي صلى الله عليه وسلم اللتين.
66:4
اِنْ تَتُوْبَاۤ اِلَى اللّٰهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوْبُكُمَاۚ-وَ اِنْ تَظٰهَرَا عَلَیْهِ فَاِنَّ اللّٰهَ هُوَ مَوْلٰىهُ وَ جِبْرِیْلُ وَ صَالِحُ الْمُؤْمِنِیْنَۚ-وَ الْمَلٰٓىٕكَةُ بَعْدَ ذٰلِكَ ظَهِیْرٌ(۴)
نبی کی دونوں بیبیو! اگر اللہ کی طرف تم رجوع کرو تو (ف۱۰) ضرور تمہارے دل راہ سے کچھ ہٹ گئے ہیں (ف۱۱) اور اگر ان پر زور باندھو (ف۱۲) تو بیشک اللہ ان کا مددگار ہے اور جبریل اور نیک ایمان والے، اور اس کے بعد فرشتے مدد پر ہیں،

قال الله تعالى "إن تتوبا إلى الله فقد صغت قلوبكما" حتى حج عمر وحججت معه فلما كان ببعض الطريق عدل عمر وعدلت معه بالإداوة فتبرز ثم أتاني فسكبت على يديه فتوضأ فقلت يا أمير المؤمنين من المرأتان من أزواج النبي صلى الله عليه وسلم اللتان قال الله تعالى "إن تتوبا إلى الله فقد صغت قلوبكما" فقال عمر: واعجبا لك يا ابن عباس قال الزهري: كره والله ما سأله عنه ولم يكتمه قال هي عائشة وحفصة قال ثم أخذ يسوق الحديث قال: كنا معشر قريش قوما نغلب النساء فلما قدمنا المدينة وجدنا قوما تغلبهم نساؤهم فطفق نساؤنا يتعلمن من نسائهم: قال وكان منزلي في دار أمية بن زيد بالعوالي قال فغضبت يوما على امرأتي فإذا هي تراجعني فأنكرت أن تراجعني فقالت ما تنكر أن أراجعك؟ فوالله إن أزواج رسول الله صلى الله عليه وسلم ليراجعنه وتهجره إحداهن اليوم إلى الليل قال فانطلقت فدخلت على حفصة فقلت أتراجعين رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قالت نعم.قلت: وتهجره إحد اليوم إلى الليل؟ قالت نعم قلت قد خاب من فعل ذلك منكن وخسر أفتأمن إحداكن أن يغضب الله عليها لغضب رسوله فإذا هي قد هلكت لا تراجعي رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا تسأليه شيئا وسليني من مالي ما بدالك ولا يغرنك إن كانت جارتك هي أوسم - أي أجمل - وأحب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم منك يريد عائشة قال - وكان لي جار من الأنصار وكنا نتناوب النزول إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ينزل يوما وأنزل يوما فيأتيني بخبر الوحي وغيره وآتيه بمثل ذلك وقال وكنا نتحدث أن غسان تنعل الخيل لتغزونا فنزل صاحبي يوما ثم أتى عشاء فضرب بابي ثم ناداني فخرجت إليه فقال حدث أمر عظيم فقلت وما ذاك أجاءت غسان؟ قال لا بل أعظم من ذلك وأطول طلق رسول الله صلى الله عليه وسلم نساءه فقلت قد خابت حفصة وخسرت قد كنت أظن هذا كائنا حتى إذا صليت الصبح شددت علي ثيابي ثم نزلت فدخلت على حفصة وهي تبكي فقلت أطلقكن رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقالت لا أدري هو هذا معتزل في هذه المشربة فأتيت غلاما له أسود فقلت استأذن لعمر فدخل الغلام ثم خرج إلي فقال له فصمت فانطلقت حتى أتيت المنبر فإذا عنده رهط جلوس يبكي بعضهم فجلست عنده قليلا ثم غلبني ما أجد فأتيت الغلام فقلت: استأذن لعمر فدخل ثم خرج إلي فقال قد ذكرتك له فصمت فخرجت فجلست إلى المنبر ثم غلبني ما أجد فأتيت الغلام فقلت استأذن لعمر فدخل ثم خرج إلي فقال: قد ذكرتك له فصمت فوليت مدبرا فإذا الغلام يدعوني فقال ادخل قد أذن لك فدخلت فسلمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم فإذا هو متكئ على رمال حصير- قال الإمام أحمد: وحدثناه يعقوب في حديث صالح قال رمال حصير - وقد أثر في جنبه فقلت: أطلقت يا رسول الله نساءك؟ فرفع رأسه إلي وقال "لا" فقلت الله أكبر ولو رأيتنا يا رسول الله وكنا معشر قريش قوما نغلب النساء فلما قدمنا المدينة وجدنا قوما تغلبهم نساؤهم فطفق نساؤنا يتعلمن من نسائهم فغضبت علي امرأتي يوما فإذا هي تراجعني فأنكرت أن تراجعني فقالت ما تنكر أن أراجعك؟ فوالله إن أزواج النبي صلى الله عليه وسلم ليراجعنه وتهجره إحداهن اليوم إلى الليل فقلت قد خاب من فعل ذلك منكن وخسرت أفتأمن إحداكن أن يغضب الله عليها لغضب رسوله فإذا هي قد هلكت فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت يا رسول الله قد دخلت على حفصة فقلت لا يغرنك إن كانت جارتك هي أوسم أو أحب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم منك فتبسم أخرى فقلت أستأنس يا رسول الله؟ قال "نعم" فجلست فرفعت رأسي في البيت فوالله ما رأيت في البيت شيئا يرد البصر إلا أهب مقامة فقلت أدع الله يا رسول الله أن يوسع على أمتك فقد وسع على فارس والروم وهم لا يعبدون الله فاستوى جالسا وقال "أفي شك أنت يا ابن الخطاب؟ أولئك قوم عجلت لهم طيباتهم في الحياة الدنيا" فقلت استغفر لي يا رسول الله وكان أقسم أن لا يدخل عليهن شهرا من شدة موجدته عليهن حتى عاتبه الله عز وجل وقد رواه البخاري ومسلم والترمذي والنسائي من طرق عن الزهري به وأخرجه الشيخان من حديث يحيى بن سعيد الأنصاري عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: مكثت سنة أريد أن أسأل عمر بن الخطاب عن آية فما أستطيع أن أسأله هيبة له حتى خرج حاجا فخرجت معه فلما رجعنا وكنا ببعض الطريق عدل إلى الأراك لحاجة له قال فوقفت حتى فرغ ثم سرت معه فقلت يا أمير المؤمنين من اللتان تظاهرتا على النبي صلى الله عليه وسلم؟ هذا لفظ البخاري ولمسلم من المرأتان اللتان قال الله تعالى "وإن تظاهرا عليه" قال عائشة وحفصة ثم ساق الحديث بطوله ومنهم من اختصره.وقال مسلم أيضا حدثني زهير بن حرب حدثنا عمر بن يونس الحنفي ثنا عكرمة بن عمار عن سماك بن الوليد أبي زميل حدثني عبدالله بن عباس حدثني عمر بن الخطاب قال: لما اعتزل نبي الله صلى الله عليه وسلم نساءه دخلت المسجد فإذا الناس ينكتون بالحصى ويقولون طلق رسول الله صلى الله عليه وسلم نساءه وذلك قبل أن يؤمر بالحجاب فقلت لأعلمن ذلك اليوم فذكر الحديث في دخوله على عائشة وحفصة ووعظه إياهما إلى أن قال فدخلت فإذا أنا برباح غلام رسول الله صلى الله عليه وسلم على أسكفة المشربة فناديت فقلت يا رباح استأذن لي على رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر نحو ما تقدم - إلى أن قال - فقلت يا رسول الله ما يشق عليك من أمر النساء فإن كنت طلقتهن فإن الله معك وملائكته وجبريل وميكال وأنا وأبو بكر والمؤمنون معك وقلما تكلمت - وأحمد الله - بكلام إلا رجوت أن يكون الله يصدق قولي.
66:5
عَسٰى رَبُّهٗۤ اِنْ طَلَّقَكُنَّ اَنْ یُّبْدِلَهٗۤ اَزْوَاجًا خَیْرًا مِّنْكُنَّ مُسْلِمٰتٍ مُّؤْمِنٰتٍ قٰنِتٰتٍ تٰٓىٕبٰتٍ عٰبِدٰتٍ سٰٓىٕحٰتٍ ثَیِّبٰتٍ وَّ اَبْكَارًا(۵)
ان کا رب قریب ہے اگر وہ تمہیں طلاق دے دیں کہ انہیں تم سے بہتر بیبیاں بدل دے اطاعت والیاں ایمان والیاں ادب والیاں (ف۱۳) توبہ والیاں بندگی والیاں (ف۱۴) روزہ داریں بیاہیاں اور کنواریاں (ف۱۵)

فنزلت هذه الآية آية التخيير "عسى ربه إن طلقكن أن يبدله أزواجا خيرا منكن - وإن تظاهرا عليه فإن الله هو مولاه وجبريل وصالح المؤمنين والملائكة بعد ذلك ظهير" فقلت أطلقتهن؟ قال "لا" فقمت على باب المسجد فناديت بأعلى صوتي لم يطلق نساءه ونزلت هذه الآية "وإذا جاءهم أمر من الأمن أو الخوف أذاعوا به ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم" فكنت أنا استنبطت ذلك الأمر وكذا قال سعيد بن جبير وعكرمة ومقاتل بن حيان والضحاك وغيرهم "وصالح المؤمنين" أبو بكر وعمر زاد الحسن البصري وعثمان قال ليث بن أبي سليم عن مجاهد "وصالح المؤمنين" قال علي بن أبي طالب وقال ابن أبي حاتم حدثنا علي بن الحسين ثنا محمد بن أبي عمر ثنا محمد بن جعفر بن محمد بن الحسين قال أخبرني رجل ثقة يرفعه إلى علي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في قوله تعالى "وصالح المؤمنين" قال "هو علي بن أبي طالب" إسناده ضعيف وهو منكر جدا وقال البخاري ثنا عمرو بن عون ثنا هشيم عن حميد عن أنس قال: قال عمر اجتمع نساء النبي صلى الله عليه وسلم في الغيرة عليه فقلت لهن "عسى ربه إن طلقكن أن يبدله أزواجا خيرا منكن" فنزلت هذه الآية وقد تقدم أنه وافق القرآن في أماكن منها في نزول الحجاب ومنها في أسارى بدر ومنها قوله لو اتخذت من مقام إبراهيم مصلى فأنزل الله تعالى "واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى" وقال ابن أبي حاتم ثنا أبي حدثنا الأنصاري ثنا حميد عن أنس قال: قال عمر بن الخطاب بلغني شيء كان بين أمهات المؤمنين وبين النبي صلى الله عليه وسلم فاستقريتهن أقول لتكفن عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أو ليبدلنه الله أزواجا خيرا منكن حتى أتيت على آخر أمهات المؤمنين فقالت: يا عمر أما في رسول الله ما يعظ نساءه حتى تعظهن؟.فأمسكت فأنزل الله عز وجل "عسى ربه إن طلقكن أن يبدله أزواجا خيرا منكن مسلمات مؤمنات قانتات تائبات عابدات سائحات ثيبات وأبكارا" وهذه المرأة التي ردته عما كان فيه من وعظ النساء هي أم سلمة كما ثبت ذلك في صحيح البخاري وقال الطبراني ثنا إبراهيم بن نائلة الأصبهاني ثنا إسماعيل البجلي ثنا أبو عوانة عن أبي سنان عن الضحاك عن ابن عباس في قوله "وإذ أسر النبي إلى بعض أزواجه حديثا" قال دخلت حفصة على النبي صلى الله عليه وسلم في بيتها وهو يطأ مارية فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم "لا تخبري عائشة حتى أبشرك ببشارة إن أباك يلي الأمر من بعد أبي بكر إذا أنا مت" فذهبت حفصة فأخبرت عائشة فقالت عائشة لرسول الله صلى الله عليه وسلم من أنبأك هذا؟ قال "نبأني العليم الخبير" فقالت عائشة لا أنظر إليك حتى تحرم مارية فحرمها فأنزل الله تعالى "يا أيها النبي لم تحرم" إسناده فيه نظر وقد تبين مما أوردناه تفسير هذه الآيات الكريمات ومعنى قوله "مسلمات مؤمنات قانتات تائبات عابدات" ظاهر وقوله تعالى "سائحات" أي صائمات قاله أبو هريرة وعائشة وابن عباس وعكرمة ومجاهد وسعيد بن جبير وعطاء ومحمد بن كعب القرظي وأبو عبدالرحمن السلمي وأبو مالك وإبراهيم النخعي والحسن وقتادة والضحاك والربيع بن أنس والسدي وغيرهم.وتقدم فيه حديث مرفوع عند قوله "السائحون" في سورة براءة ولفظه "سياحة هذه الأمة الصيام" وقال زيد بن أسلم وابنه عبدالرحمن "سائحات" أي مهاجرات وتلا عبدالرحمن "السائحون" أي المهاجرون والقول الأول أولى والله أعلم.وقوله تعالى "ثيبات وأبكارا" أي منهن ثيبات ومنهن أبكارا ليكون ذلك أشهى إلى النفس فإن التنوع يبسط النفس ولهذا قال "ثيبات وأبكارا" وقال أبو القاسم الطبراني في معجمه الكبير ثنا أبو بكر بن صدقة ثنا محمد بن محمد بن مرزوق ثنا عبدالله بن أبي أمية ثنا عبدالقدوس عن صالح بن حيان عن ابن بريدة عن أبيه "ثيبات وأبكارا" قال وعد الله نبيه صلى الله عليه وسلم في هذه الآية أن يزوجه فالثيب آسية امرأة فرعون وبالأبكار مريم بنت عمران.وذكر الحافظ ابن عساكر فى ترجمة مريم عليها السلام من طريق سويد بن سعيد ثنا محمد بن صالح بن عمر عن الضحاك ومجاهد عن ابن عمر قال: جاء جبريل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فمرت خديجة فقال إن الله يقرئها السلام ويبشرها ببيت في الجنة من قصب بعيد من اللهب لا نصب فيه ولا صخب من لؤلؤة جوفاء بين بيت مريم بنت عمران وبيت آسية بنت مزاحم.ومن حديث أبي بكر الهذلي عن عكرمة عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل على خديجة وهي في الموت فقال "يا خديجة إذا لقيت ضرائرك فأقرئيهن مني السلام" فقالت يا رسول الله وهل تزوجت قبلي؟ قال "لا ولكن الله زوجني مريم بنت عمران وآسية امرأة فرعون وكلثم أخت موسى" ضعيف أيضا وقال أبو يعلى ثنا إبراهيم بن عرعرة ثنا عبدالنور بن عبدالله ثنا يوسف بن شعيب عن أبي أمامة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "أعلمت أن الله زوجني في الجنة مريم بنت عمران وكلثم أخت موسى وآسية امرأة فرعون؟" فقلت هنيئا لك يا رسول الله وهذا أيضا ضعيف وروى مرسلا عن ابن أبي داود.
66:6
یٰۤاَیُّهَا الَّذِیْنَ اٰمَنُوْا قُوْۤا اَنْفُسَكُمْ وَ اَهْلِیْكُمْ نَارًا وَّ قُوْدُهَا النَّاسُ وَ الْحِجَارَةُ عَلَیْهَا مَلٰٓىٕكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَّا یَعْصُوْنَ اللّٰهَ مَاۤ اَمَرَهُمْ وَ یَفْعَلُوْنَ مَا یُؤْمَرُوْنَ(۶)
اے ایمان والو! اپنی جانوں اور اپنے گھر والوں کو آگ سے بچاؤ (ف۱۶) جس کے ایندھن آدمی (ف۱۷) اور پتھر ہیں (ف۱۸) اس پر سخت کرّے (طاقتور) فرشتے مقرر ہیں (ف۱۹) جو اللہ کا حکم نہیں ٹالتے اور جو انہیں حکم ہو وہی کرتے ہیں (ف۲۰)

قال سفيان الثوري عن منصور عن رجل عن علي رضي الله عنه في قوله تعالى "قوا أنفسكم وأهليكم نارا" يقول أدبوهم وعلموهم وقال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس "قوا أنفسكم وأهليكم نارا" يقول اعملوا بطاعة الله واتقوا معاصي الله وأمروا أهليكم بالذكر ينجيكم الله من النار.وقال مجاهد "قوا أنفسكم وأهليكم نارا" قال اتقوا الله وأوصوا أهليكم بتقوى الله وقال قتادة تأمرهم بطاعة الله وتنهاهم عن معصية الله وأن تقوم عليهم بأمر الله وتأمرهم به وتساعدهم عليه فإذا رأيت لله معصية قذعتهم عنها وزجرتهم عنها وهكذا قال الضحاك ومقاتل حق المسلم أن يعلم أهله من قرابته وإمائه وعبيده ما فرض الله عليهم وما نهاهم الله عنه.وفي معنى هذه الآية الحديث الذي رواه أحمد وأبو داود والترمذي من حديث عبدالملك بن الربيع بن سبرة عن أبيه عن جده قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "مروا الصبي بالصلاة إذا بلغ سبع سنين فإذا بلغ عشر سنين فاضربوه عليها" هذا لفظ أبي داود وقال الترمذي هذا حديث حسن وروى أبو داود من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مثل ذلك قال الفقهاء وهكذا في الصوم ليكون ذلك تمرينا له على العبادة لكي يبلغ وهو مستمر علي العبادة والطاعة ومجانبة المعاصي وترك المنكر والله الموفق.وقوله تعالى "وقودها الناس والحجارة" وقودها أي حطبها الذي يلقي فيه جثث بني آدم "والحجارة" قيل المراد بها الأصنام التي تعبد لقوله تعالى "إنكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم" وقال ابن مسعود ومجاهد وأبو جعفر الباقر والسدي هي حجارة من كبريت زاد مجاهد: أنتن من الجيفة وروى ذلك ابن أبي حاتم رحمه الله قال ثنا أبي ثنا عبدالرحمن بن سنان المنقري ثنا عبدالعزيز - يعني ابن أبي داود - قال بلغني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم تلا هذه الآية "يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم نارا وقودها الناس والحجارة" وعنده بعض أصحابه وفيهم شيخ فقال الشيخ يا رسول الله حجارة جهنم كحجارة الدنيا؟ فقال النبي صلي الله عليه وسلم "والذي نفسي بيده لصخرة من صخر جهنم أعظم من جبال الدنيا كلها" قال فوقع الشيخ مغشيا عليه فوضع النبي صلى الله عليه وسلم يده على فؤاده فإذا هو حي فناداه قال "يا شيخ قل لا إله إلا الله" فقالها فبشره بالجنة قال: فقال أصحابه يا رسول الله أمن بيننا؟ قال "نعم يقول الله تعالى "ذلك لمن خاف مقامي وخاف وعيد" هذا حديث مرسل غريب وقوله تعالى "عليها ملائكة غلاظ شداد" أي طباعهم غليظة قد نزعت من قلوبهم الرحمة بالكافرين بالله "شداد" أي تركيبهم في غاية الشدة والكثافة والمنظر المزعج كما قال ابن أبي حاتم ثنا أبي ثنا سلمة بن شبيب ثنا إبراهيم بن الحكم بن أبان ثنا أبي عن عكرمة أنه قال إذا وصل أول أهل النار إلى النار وجدوا على الباب أربعمائة ألف من خزنة جهنم سود وجوههم كالحة أنيابهم قد نزع الله من قلوبهم الرحمة ليس في قلب واحد منهم مثقال ذرة من الرحمة لو طير الطير من منكب أحدهم لطار شهرين قبل أن يبلغ منكبه الآخر ثم يجدون على الباب التسعة عشر عرض صدر أحدهم سبعون خريفا ثم يهوون من باب إلى باب خمسمائة سنة ثم يجدون على كل باب منها مثل ما وجدوا على الباب الأول حتى ينتهوا إلى آخرها وقوله "لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون" أي مهما أمرهم به تعالى يبادروا إليه لا يتأخرون عنه طرفة عين وهم قادرون على فعله ليس بهم عجز عنه.وهؤلاء هم الزبانية - عياذا بالله منهم.
66:7
یٰۤاَیُّهَا الَّذِیْنَ كَفَرُوْا لَا تَعْتَذِرُوا الْیَوْمَؕ-اِنَّمَا تُجْزَوْنَ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُوْنَ۠(۷)
اے کافرو! آج بہانے نہ بناؤ (ف۲۱) تمہیں وہی بدلہ ملے گا جو تم کرتے تھے،

قال سفيان الثوري ، عن منصور ، عن رجل ، عن علي رضي الله عنه ، في قوله تعالى : ( قوا أنفسكم وأهليكم نارا ) يقول : أدبوهم ، علموهم .وقال علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس : ( قوا أنفسكم وأهليكم نارا ) يقول : اعملوا بطاعة الله ، واتقوا معاصي الله ، ومروا أهليكم بالذكر ، ينجيكم الله من النار .وقال مجاهد : ( قوا أنفسكم وأهليكم نارا ) قال : اتقوا الله ، وأوصوا أهليكم بتقوى الله . .وقال قتادة : يأمرهم بطاعة الله ، وينهاهم عن معصية الله ، وأن يقوم عليهم بأمر الله ، ويأمرهم به ويساعدهم عليه ، فإذا رأيت لله معصية ، قدعتهم عنها ، وزجرتهم عنها .وهكذا قال الضحاك ، ومقاتل : حق على المسلم أن يعلم أهله من قرابته ، وإمائه ، وعبيده ما فرض الله عليهم ، وما نهاهم الله عنه .وفي معنى هذه الآية الحديث الذي رواه الإمام أحمد ، وأبو داود ، والترمذي ، من حديث عبد الملك بن الربيع بن سبرة ، عن أبيه ، عن جده ، قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " مروا الصبي بالصلاة إذا بلغ سبع سنين ، فإذا بلغ عشر سنين فاضربوه عليها " .هذا لفظ أبي داود ، وقال الترمذي : هذا حديث حسن .وروى أبو داود من حديث عمرو بن شعيب ، عن أبيه ، عن جده ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - مثل ذلك .قال الفقهاء : وهكذا في الصوم ; ليكون ذلك تمرينا له على العبادة ، لكي يبلغ وهو مستمر على العبادة ، والطاعة ، ومجانبة المعصية ، وترك المنكر ، والله الموفق .وقوله : ( وقودها الناس والحجارة ) ( وقودها ) أي : حطبها الذي يلقى فيها جثث بني آدم . ( والحجارة ) قيل : المراد بذلك الأصنام التي كانت تعبد لقوله : ( إنكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم ) [ الأنبياء : 98 ] .وقال ابن مسعود ، ومجاهد ، وأبو جعفر الباقر ، والسدي : هي حجارة من كبريت - زاد مجاهد : أنتن من الجيفة .وروى ذلك ابن أبي حاتم رحمه الله ، ثم قال : حدثنا أبي ، حدثنا عبد الرحمن بن سنان المنقري ، حدثنا عبد العزيز - يعني ابن أبي راود - قال : بلغني أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تلا هذه الآية : ( يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم نارا وقودها الناس والحجارة ) وعنده بعض أصحابه ، وفيهم شيخ ، فقال الشيخ : يا رسول الله ، حجارة جهنم كحجارة الدنيا ؟ فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : " والذي نفسي بيده ، لصخرة من صخر جهنم أعظم من جبال الدنيا كلها " . قال : فوقع الشيخ مغشيا عليه ، فوضع النبي - صلى الله عليه وسلم - يده على فؤاده فإذا هو حي فناداه قال : " يا شيخ " ، قل : " لا إله إلا الله " . فقالها ، فبشره بالجنة ، قال : فقال أصحابه : يا رسول الله ، أمن بيننا ؟ قال : " نعم ، يقول الله تعالى : ( ذلك لمن خاف مقامي وخاف وعيد ) [ إبراهيم : 14 ] هذا حديث مرسل غريب .وقوله : ( عليها ملائكة غلاظ شداد ) أي : طباعهم غليظة ، قد نزعت من قلوبهم الرحمة بالكافرين بالله ، ( شداد ) أي : تركيبهم في غاية الشدة ، والكثافة ، والمنظر المزعج .قال ابن أبي حاتم : حدثنا أبي ، حدثنا سلمة بن شبيب ، حدثنا إبراهيم بن الحكم بن أبان ، حدثنا أبي ، عن عكرمة أنه قال : إذا وصل أول أهل النار إلى النار ، وجدوا على الباب أربعمائة ألف من خزنة جهنم ، سود وجوههم ، كالحة أنيابهم ، قد نزع الله من قلوبهم الرحمة ، ليس في قلب واحد منهم مثقال ذرة من الرحمة ، لو طير الطير من منكب أحدهم لطار شهرين قبل أن يبلغ منكبه الآخر ، ثم يجدون على الباب التسعة عشر ، عرض صدر أحدهم سبعون خريفا ، ثم يهوون من باب إلى باب خمسمائة سنة ، ثم يجدون على كل باب منها مثل ما وجدوا على الباب الأول ، حتى ينتهوا إلى آخرها .وقوله : ( لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون ) أي : مهما أمرهم به تعالى يبادروا إليه ، لا يتأخرون عنه طرفة عين ، وهم قادرون على فعله ليس بهم عجز عنه . وهؤلاء هم الزبانية عياذا بالله منهم . وقوله : ( يا أيها الذين كفروا لا تعتذروا اليوم إنما تجزون ما كنتم تعملون ) أي : يقال للكفرة يوم القيامة : لا تعتذروا فإنه لا يقبل منكم ، وإنما تجزون اليوم بأعمالكم .
66:8
یٰۤاَیُّهَا الَّذِیْنَ اٰمَنُوْا تُوْبُوْۤا اِلَى اللّٰهِ تَوْبَةً نَّصُوْحًاؕ-عَسٰى رَبُّكُمْ اَنْ یُّكَفِّرَ عَنْكُمْ سَیِّاٰتِكُمْ وَ یُدْخِلَكُمْ جَنّٰتٍ تَجْرِیْ مِنْ تَحْتِهَا الْاَنْهٰرُۙ-یَوْمَ لَا یُخْزِی اللّٰهُ النَّبِیَّ وَ الَّذِیْنَ اٰمَنُوْا مَعَهٗۚ-نُوْرُهُمْ یَسْعٰى بَیْنَ اَیْدِیْهِمْ وَ بِاَیْمَانِهِمْ یَقُوْلُوْنَ رَبَّنَاۤ اَتْمِمْ لَنَا نُوْرَنَا وَ اغْفِرْ لَنَاۚ-اِنَّكَ عَلٰى كُلِّ شَیْءٍ قَدِیْرٌ(۸)
اے ایمان والو! اللہ کی طرف ایسی توبہ کرو جو آگے کو نصیحت ہوجائے (ف۲۲) قریب ہے تمہارا رب (ف۲۳) تمہاری برائیاں تم سے اتار دے اور تمہیں باغوں میں لے جائے جن کے نیچے نہریں بہیں جس دن اللہ رسوا نہ کرے گا نبی اور ان کے ساتھ کے ایمان والوں کو (ف۲۴) ان کا نور دوڑتا ہوگا ان کے آگے اور ان کے دہنے (ف۲۵) عرض کریں گے، اے ہمارے رب! ہمارے لیے ہمارا نور پورا کردے (ف۲۶) اور ہمیں بخش دے، بیشک تجھے ہر چیز پر قدرت ہے،

ثم قال تعالى : ( يا أيها الذين آمنوا توبوا إلى الله توبة نصوحا ) أي : توبة صادقة جازمة ، تمحو ما قبلها من السيئات ، وتلم شعث التائب ، وتجمعه ، وتكفه عما كان يتعاطاه من الدناءات .قال ابن جرير : حدثنا ابن مثنى ، حدثنا محمد ، حدثنا شعبة ، عن سماك بن حرب : سمعت النعمان بن بشير يخطب : سمعت عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، يقول : ( يا أيها الذين آمنوا توبوا إلى الله توبة نصوحا ) قال : يذنب الذنب ثم لا يرجع فيه .وقال الثوري ، عن سماك ، عن النعمان ، عن عمر قال : التوبة النصوح : أن يتوب من الذنب ثم لا يعود فيه ، أو لا يعود فيه .وقال أبو الأحوص ، وغيره ، عن سماك ، عن النعمان ، سئل عمر عن التوبة النصوح ، فقال : أن يتوب الرجل من العمل السيئ ، ثم لا يعود إليه أبدا .وقال الأعمش ، عن أبي إسحاق ، عن أبي الأحوص ، عن عبد الله : ( توبة نصوحا ) قال : يتوب ثم لا يعود .وقد روي هذا مرفوعا فقال الإمام أحمد : حدثنا علي بن عاصم عن إبراهيم الهجري ، عن أبي الأحوص ، عن عبد الله بن مسعود ، قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " التوبة من الذنب أن يتوب منه ، ثم لا يعود فيه " . تفرد به أحمد من طريق إبراهيم بن مسلم الهجري وهو ضعيف ، والموقوف أصح والله أعلم .ولهذا قال العلماء : التوبة النصوح هو أن يقلع عن الذنب في الحاضر ، ويندم على ما سلف منه في الماضي ، ويعزم على ألا يفعل في المستقبل . ثم إن كان الحق لآدمي رده إليه بطريقه .قال الإمام أحمد : حدثنا سفيان ، عن عبد الكريم ، أخبرني زياد بن أبي مريم ، عن عبد الله بن معقل قال : دخلت مع أبي على عبد الله بن مسعود فقال : أنت سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول : " الندم توبة ؟ " . قال : نعم . وقال مرة : نعم سمعته يقول : " الندم توبة " .ورواه ابن ماجه ، عن هشام بن عمار ، عن سفيان بن عيينة ، عن عبد الكريم - وهو ابن مالك الجزري - به .وقال ابن أبي حاتم : حدثنا الحسن بن عرفة ، حدثني الوليد بن بكير أبو خباب ، عن عبد الله بن محمد العدوي ، عن أبي سنان البصري ، عن أبي قلابة ، عن زر بن حبيش ، عن أبي بن كعب قال : قيل لنا أشياء تكون في آخر هذه الأمة عند اقتراب الساعة ، منها نكاح الرجل امرأته ، أو أمته في دبرها ، وذلك مما حرم الله ورسوله ، ويمقت الله عليه ورسوله ، ومنها : نكاح الرجل الرجل ، وذلك مما حرم الله ورسوله ، ويمقت الله عليه ورسوله . ومنها نكاح المرأة المرأة ، وذلك مما حرم الله ورسوله ، ويمقت الله عليه ورسوله . وليس لهؤلاء صلاة ما أقاموا على هذا ، حتى يتوبوا إلى الله توبة نصوحا . قال زر : فقلت لأبي بن كعب : فما التوبة النصوح ؟ فقال : سألت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال : " هو الندم على الذنب حين يفرط منك ، فتستغفر الله بندامتك منه عند الحاضر ، ثم لا تعود إليه أبدا " .وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبي ، حدثنا عمرو بن علي ، حدثنا عباد بن عمرو ، حدثنا أبو عمرو بن العلاء سمعت الحسن يقول : التوبة النصوح : أن تبغض الذنب كما أحببته ، وتستغفر منه إذا ذكرته .فأما إذا حزم بالتوبة وصمم عليها فإنها تجب ما قبلها من الخطيئات ، كما ثبت في الصحيح : " الإسلام يجب ما قبله ، والتوبة تجب ما قبلها " .وهل من شرط التوبة النصوح الاستمرار على ذلك إلى الممات ، كما تقدم في الحديث وفي الأثر : " لا يعود فيه أبدا " ، أو يكفي العزم على ألا يعود في تكفير الماضي ، بحيث لو وقع منه ذلك الذنب بعد ذلك لا يكون ذلك ضارا في تكفير ما تقدم ، لعموم قوله ، عليه السلام : " التوبة تجب ما قبلها ؟ " . وللأول أن يحتج بما ثبت في الصحيح أيضا : " من أحسن في الإسلام لم يؤاخذ بما عمل في الجاهلية ، ومن أساء في الإسلام أخذ بالأول والآخر " فإذا كان هذا في الإسلام الذي هو أقوى من التوبة ، فالتوبة بطريق الأولى ، والله أعلم . وقوله : ( عسى ربكم أن يكفر عنكم سيئاتكم ويدخلكم جنات تجري من تحتها الأنهار ) و ) عسى ) من الله موجبة ، ( يوم لا يخزي الله النبي والذين آمنوا معه ) أي : ولا يخزيهم معه يعني : يوم القيامة ( نورهم يسعى بين أيديهم وبأيمانهم ) كما تقدم في سورة الحديد .( يقولون ربنا أتمم لنا نورنا واغفر لنا إنك على كل شيء قدير ) قال مجاهد ، والضحاك ، والحسن البصري ، وغيرهم : هذا يقوله المؤمنون حين يرون يوم القيامة نور المنافقين قد طفئ .وقال محمد بن نصر المروزي : حدثنا محمد بن مقاتل المروزي ، حدثنا ابن المبارك ، أخبرنا ابن لهيعة حدثني يزيد بن أبي حبيب ، عن عبد الرحمن بن جبير بن نفير أنه سمع أبا ذر ، وأبا الدرداء قالا : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " أنا أول من يؤذن له في السجود يوم القيامة ، وأول من يؤذن له برفع رأسه ، فأنظر بين يدي فأعرف أمتي من بين الأمم ، وأنظر عن يميني فأعرف أمتي من بين الأمم ، وأنظر عن شمالي فأعرف أمتي من بين الأمم " . فقال رجل : يا رسول الله ، وكيف تعرف أمتك من بين الأمم ؟ قال : " غر محجلون من آثار الطهور ، ولا يكون أحد من الأمم كذلك غيرهم ، وأعرفهم أنهم يؤتون كتبهم بأيمانهم ، وأعرفهم بسيماهم في وجوههم من أثر السجود ، وأعرفهم بنورهم يسعى بين أيديهم " .وقال الإمام أحمد : حدثنا إبراهيم بن إسحاق الطالقاني ، حدثنا ابن المبارك ، عن يحيى بن حسان ، عن رجل من بني كنانة ، قال : صليت خلف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عام الفتح ، فسمعته يقول : " اللهم ، لا تخزني يوم القيامة " .
66:9
یٰۤاَیُّهَا النَّبِیُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَ الْمُنٰفِقِیْنَ وَ اغْلُظْ عَلَیْهِمْؕ-وَ مَاْوٰىهُمْ جَهَنَّمُؕ-وَ بِئْسَ الْمَصِیْرُ(۹)
اے غیب بتانے والے! (نبی) (ف۲۷) کافروں پر اور منافقوں پر (ف۲۸) جہاد کرو اور ان پر سختی فرماؤ، اور ان کا ٹھکانا جہنم ہے، اور کیا ہی برا انجام،

يقول تعالى آمرا رسوله - صلى الله عليه وسلم - بجهاد الكفار والمنافقين ، هؤلاء بالسلاح والقتال ، وهؤلاء بإقامة الحدود عليهم ، ( واغلظ عليهم ) أي : في الدنيا ، ( ومأواهم جهنم وبئس المصير ) أي : في الآخرة .
66:10
ضَرَبَ اللّٰهُ مَثَلًا لِّلَّذِیْنَ كَفَرُوا امْرَاَتَ نُوْحٍ وَّ امْرَاَتَ لُوْطٍؕ-كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَیْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَیْنِ فَخَانَتٰهُمَا فَلَمْ یُغْنِیَا عَنْهُمَا مِنَ اللّٰهِ شَیْــٴًـا وَّ قِیْلَ ادْخُلَا النَّارَ مَعَ الدّٰخِلِیْنَ(۱۰)
اللہ کافروں کی مثال دیتا ہے (ف۲۹) نوح کی عورت اور لوط کی عورت، وہ ہمارے بندوں میں دو سزا وارِ (لائق) قرب بندوں کے نکاح میں تمہیں پھر انہوں نے ان سے دغا کی (ف۳۰) تو وہ اللہ کے سامنے انہیں کچھ کام نہ آئے اور فرما دیا گیا (ف۳۱) کے تم دونوں عورتیں جہنم میں جاؤ جانے والوں کے ساتھ (ف۳۲)

ثم قال : ( ضرب الله مثلا للذين كفروا ) أي : في مخالطتهم المسلمين ومعاشرتهم لهم ، أن ذلك لا يجدي عنهم شيئا ولا ينفعهم عند الله ، إن لم يكن الإيمان حاصلا في قلوبهم ، ثم ذكر المثل فقال : ( امرأة نوح وامرأة لوط كانتا تحت عبدين من عبادنا صالحين ) أي : نبيين رسولين عندهما في صحبتها ليلا ونهارا يؤاكلانهما ، ويضاجعانهما ، ويعاشرانهما أشد العشرة والاختلاط ( فخانتاهما ) أي : في الإيمان ، لم يوافقاهما على الإيمان ، ولا صدقاهما في الرسالة ، فلم يجد ذلك كله شيئا ، ولا دفع عنهما محذورا ; ولهذا قال : ( فلم يغنيا عنهما من الله شيئا ) أي : لكفرهما ، ( وقيل ) أي : للمرأتين : ( ادخلا النار مع الداخلين ) وليس المراد : ( فخانتاهما ) في فاحشة ، بل في الدين ، فإن نساء الأنبياء معصومات عن الوقوع في الفاحشة ; لحرمة الأنبياء ، كما قدمنا في سورة النور .قال سفيان الثوري ، عن موسى بن أبي عائشة ، عن سليمان بن قتة : سمعت ابن عباس يقول في هذه الآية ( فخانتاهما ) قال : ما زنتا ، أما امرأة نوح فكانت تخبر أنه مجنون ، وأما خيانة امرأة لوط فكانت تدل قومها على أضيافه .وقال العوفي ، عن ابن عباس قال : كانت خيانتهما أنهما كانتا على عورتيهما ، فكانت امرأة نوح تطلع على سر نوح ، فإذا آمن مع نوح أحد أخبرت الجبابرة من قوم نوح به ، وأما امرأة لوط فكانت إذا أضاف لوط أحدا أخبرت به أهل المدينة ممن يعمل السوء .وهكذا قال عكرمة ، وسعيد بن جبير ، والضحاك ، وغيرهم .[ وقال الضحاك ، عن ابن عباس : ما بغت امرأة نبي قط ، إنما كانت خيانتهما في الدين ] .وقد استدل بهذه الآية الكريمة بعض العلماء على ضعف الحديث الذي يأثره كثير من الناس : من أكل مع مغفور له غفر له . وهذا الحديث لا أصل له ، وإنما يروى هذا عن بعض الصالحين أنه رأى النبي - صلى الله عليه وسلم - في المنام فقال : يا رسول الله ، أنت قلت : من أكل مع مغفور له غفر له ؟ قال : " لا ، ولكني الآن أقوله " .
66:11
وَ ضَرَبَ اللّٰهُ مَثَلًا لِّلَّذِیْنَ اٰمَنُوا امْرَاَتَ فِرْعَوْنَۘ-اِذْ قَالَتْ رَبِّ ابْنِ لِیْ عِنْدَكَ بَیْتًا فِی الْجَنَّةِ وَ نَجِّنِیْ مِنْ فِرْعَوْنَ وَ عَمَلِهٖ وَ نَجِّنِیْ مِنَ الْقَوْمِ الظّٰلِمِیْنَۙ(۱۱)
اور اللہ مسلمانو ں کی مثال بیان فر ماتا ہے (ف۳۳) فرعون کی بی بی (ف۳۴) جب اس نے عرض کی، اے میرے رب! میرے لیے اپنے پاس جنت میں گھر بنا (ف۳۵) اور مجھے فرعون اور اس کے کام سے نجات دے (ف۳۶) اور مجھے ظالم لوگوں سے نجات بخش (ف۳۷)

وهذا مثل ضربه الله للمؤمنين أنهم لا تضرهم مخالطة الكافرين إذا كانوا محتاجين إليهم ، كما قال تعالى : ( لا يتخذ المؤمنون الكافرين أولياء من دون المؤمنين ومن يفعل ذلك فليس من الله في شيء إلا أن تتقوا منهم تقاة ) [ آل عمران : 28 ] .قال : قتادة كان فرعون أعتى أهل الأرض وأبعده ، فوالله ما ضر امرأته كفر زوجها حين أطاعت ربها لتعلموا أن الله حكم عدل ، لا يؤاخذ أحدا إلا بذنبه .وقال ابن جرير : حدثنا إسماعيل بن حفص الأبلي ، حدثنا محمد بن جعفر ، عن سليمان التيمي ، عن أبي عثمان النهدي ، عن سلمان قال : كانت امرأة فرعون تعذب في الشمس ، فإذا انصرف عنها أظلتها الملائكة بأجنحتها ، وكانت ترى بيتها في الجنة .ثم رواه عن محمد بن عبيد المحاربي ، عن أسباط بن محمد ، عن سليمان التيمي ، به .ثم قال ابن جرير : حدثني يعقوب بن إبراهيم ، حدثنا ابن علية ، عن هشام الدستوائي ، حدثنا القاسم بن أبي بزة ، قال : كانت امرأة فرعون تسأل : من غلب ؟ فيقال : غلب موسى ، وهارون . فتقول : آمنت برب موسى ، وهارون ، فأرسل إليها فرعون ، فقال : انظروا أعظم صخرة تجدونها ، فإن مضت على قولها فألقوها عليها ، وإن رجعت عن قولها فهي امرأته ، فلما أتوها رفعت بصرها إلى السماء فأبصرت بيتها في الجنة ، فمضت على قولها ، وانتزع روحها ، وألقيت الصخرة على جسد ليس فيه روح .فقولها : ( رب ابن لي عندك بيتا في الجنة ) قال العلماء : اختارت الجار قبل الدار . وقد ورد شيء من ذلك في حديث مرفوع ، ( ونجني من فرعون وعمله ) أي : خلصني منه ، فإني أبرأ إليك من عمله ، ( ونجني من القوم الظالمين ) وهذه المرأة هي آسية بنت مزاحم ، رضي الله عنها .وقال أبو جعفر الرازي ، عن الربيع بن أنس ، عن أبي العالية قال : كان إيمان امرأة فرعون من قبل إيمان امرأة خازن فرعون ، وذلك أنها جلست تمشط ابنة فرعون ، فوقع المشط من يدها ، فقالت تعس من كفر بالله ؟ فقالت لها ابنة فرعون : ولك رب غير أبي ؟ قالت : ربي ، ورب أبيك ، ورب كل شيء الله . فلطمتها بنت فرعون وضربتها ، وأخبرت أباها ، فأرسل إليها فرعون ، فقال : تعبدين ربا غيري ؟ قالت : نعم ، ربي ، وربك ، ورب كل شيء الله . وإياه أعبد فعذبها فرعون ، وأوتد لها أوتادا ، فشد رجليها ، ويديها ، وأرسل عليها الحيات ، وكانت كذلك ، فأتى عليها يوما ، فقال لها : ما أنت منتهية ؟ فقالت له : ربي ، وربك ، ورب كل شيء الله . فقال لها : إني ذابح ابنك في فيك إن لم تفعلي . فقالت له : اقض ما أنت قاض . فذبح ابنها في فيها ، وإن روح ابنها بشرها ، فقال لها : أبشري يا أمه ، فإن لك عند الله من الثواب كذا وكذا . فصبرت ثم أتى عليها فرعون يوما آخر فقال لها مثل ذلك ، فقالت له مثل ذلك ، فذبح ابنها الآخر في فيها ، فبشرها روحه أيضا ، وقال لها . اصبري يا أمه ، فإن لك عند الله من الثواب كذا وكذا . قال : وسمعت امرأة فرعون كلام روح ابنها الأكبر ، ثم الأصغر ، فآمنت امرأة فرعون ، وقبض الله روح امرأة خازن فرعون ، وكشف الغطاء عن ثوبها ، ومنزلتها ، وكرامتها في الجنة لامرأة فرعون حتى رأت ، فازدادت إيمانا ويقينا ، وتصديقا ، فاطلع فرعون على إيمانها ، فقال للملإ ما تعلمون من آسية بنت مزاحم ؟ فأثنوا عليها ، فقال لهم : إنها تعبد غيري . فقالوا له : اقتلها . فأوتد لها أوتادا فشد يديها ورجليها ، فدعت آسية ربها فقالت : ( رب ابن لي عندك بيتا في الجنة ) فوافق ذلك أن حضرها فرعون فضحكت حين رأت بيتها في الجنة ، فقال فرعون : ألا تعجبون من جنونها ، إنا نعذبها وهي تضحك ، فقبض الله روحها ، رضي الله عنها .
66:12
وَ مَرْیَمَ ابْنَتَ عِمْرٰنَ الَّتِیْۤ اَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِیْهِ مِنْ رُّوْحِنَا وَ صَدَّقَتْ بِكَلِمٰتِ رَبِّهَا وَ كُتُبِهٖ وَ كَانَتْ مِنَ الْقٰنِتِیْنَ۠(۱۲)
اور عمران کی بیٹی مریم جس نے اپنی پارسائی کی حفاظت کی تو ہم نے اس میں اپنی طرف کی روح پھونکی اور اس نے اپنے رب کی باتوں (ف۳۸) اور اس کی کتابوں (ف۳۹) کی تصدیق کی اور فرمانبرداروں میں ہوئی،

وقوله : ( ومريم ابنت عمران التي أحصنت فرجها ) أي حفظته وصانته . والإحصان : هو العفاف والحرية ، ( فنفخنا فيه من روحنا ) أي : بواسطة الملك ، وهو جبريل فإن الله بعثه إليها فتمثل لها في صورة بشر سوي ، وأمره الله تعالى أن ينفخ بفيه في جيب درعها ، فنزلت النفخة فولجت في فرجها ، فكان منه الحمل بعيسى ، عليه السلام . ولهذا قال : ( فنفخنا فيه من روحنا وصدقت بكلمات ربها وكتبه ) أي : بقدره وشرعه ( وكانت من القانتين )قال الإمام أحمد : حدثنا يونس ، حدثنا داود بن أبي الفرات ، عن علباء ، عن عكرمة ، عن ابن عباس قال : خط رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الأرض أربعة خطوط ، وقال : " أتدرون ما هذا ؟ " قالوا : الله ورسوله أعلم ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " أفضل نساء أهل الجنة : خديجة بنت خويلد ، وفاطمة بنت محمد ، ومريم ابنة عمران ، وآسية بنت مزاحم امرأة فرعون " .وثبت في الصحيحين من حديث شعبة ، عن عمرو بن مرة ، عن مرة الهمداني ، عن أبي موسى الأشعري ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : " كمل من الرجال كثير ، ولم يكمل من النساء إلا آسية امرأة فرعون ، ومريم ابنة عمران ، وخديجة بنت خويلد ، وإن فضل عائشة على النساء كفضل الثريد على سائر الطعام " .وقد ذكرنا طرق هذه الأحاديث ، وألفاظها ، والكلام عليها في قصة عيسى ابن مريم عليهما السلام ، في كتابنا " البداية والنهاية " ولله الحمد والمنة وذكرنا ما ورد من الحديث من أنها تكون هي وآسية بنت مزاحم من أزواجه ، عليه السلام ، في الجنة عند قوله : ( ثيبات وأبكارا )آخر تفسير سورة التحريم ولله الحمد والمنة.
  FONT
  THEME
  TRANSLATION
  • English | Ahmed Ali
  • Urdu | Ahmed Raza Khan
  • Turkish | Ali-Bulaç
  • German | Bubenheim Elyas
  • Chinese | Chineese
  • Spanish | Cortes
  • Dutch | Dutch
  • Portuguese | El-Hayek
  • English | English
  • Urdu | Fateh Muhammad Jalandhry
  • French | French
  • Hausa | Hausa
  • Indonesian | Indonesian-Bahasa
  • Italian | Italian
  • Korean | Korean
  • Malay | Malay
  • Russian | Russian
  • Tamil | Tamil
  • Thai | Thai
  • Farsi | مکارم شیرازی
  TAFSEER
  • العربية | التفسير الميسر
  • العربية | تفسير الجلالين
  • العربية | تفسير السعدي
  • العربية | تفسير ابن كثير
  • العربية | تفسير الوسيط لطنطاوي
  • العربية | تفسير البغوي
  • العربية | تفسير القرطبي
  • العربية | تفسير الطبري
  • English | Arberry
  • English | Yusuf Ali
  • Dutch | Keyzer
  • Dutch | Leemhuis
  • Dutch | Siregar
  • Urdu | Sirat ul Jinan
  HELP

اَلتَّحْرِيْم
اَلتَّحْرِيْم
  00:00



Download

اَلتَّحْرِيْم
اَلتَّحْرِيْم
  00:00



Download