READ
Surah Ash-Shu'araa
اَلشُّـعَرَاء
227 Ayaat مکیۃ
26:0
بِسْمِ اللّٰهِ الرَّحْمٰنِ الرَّحِیْمِ
اللہ کے نام سے شروع جو بہت مہربان رحمت والا
سورة الفاتحة هي السورة الوحيدة التي أمر الإسلام أتباعه أن يقرءوها في كل صلاة. وفي جميع الركعات، وفي كل الأوقات، ولهذا أصبح حفظها ميسورا لكل مؤمن.وهذه السورة على صغر حجمها، وقلة آياتها، قد اشتملت بوجه إجمالي على مقاصد الدين من توحيد، وتعبد، وأحكام، ووعد ووعيد.ونرى من الخير قبل أن نبدأ في تفسيرها بالتفصيل، أن نمهد لذلك بالكلام عما يأتي:أولا: متى نزلت سورة الفاتحة؟للإجابة على هذا السؤال نقول: إن الرأي الراجح بين المحققين من العلماء أنها نزلت بمكة، بل هي من أوائل ما نزل من القرآن بمكة.وقيل: إنها مدنية. وقيل: إنها نزلت مرتين مرة بمكة حين فرضت الصلاة ومرة بالمدينة حين حولت القبلة.قال القرطبي: الأول أصح لقوله- تعالى- في سورة الحجر: وَلَقَدْ آتَيْناكَ سَبْعاً مِنَ الْمَثانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ وسورة الحجر مكية بالإجماع. ولا خلاف في أن فرض الصلاة كان بمكة، وما حفظ أنه لم يكن في الإسلام قط صلاة بغير الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ «يدل على ذلك قوله صلّى الله عليه وسلّم: «لا صلاة إلا بفاتحة الكتاب» . وهذا خبر عن الحكم لا عن الابتداء» .ثانيا: عدد آياتها: وهي سبع آيات لقوله- تعالى-: وَلَقَدْ آتَيْناكَ سَبْعاً مِنَ الْمَثانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ. قال العلماء: السبع المثاني هي الفاتحة.وقال ابن كثير: هي سبع آيات بلا خلاف. وقال عمرو بن عبيد: هي ثماني آيات لأنه جعل إِيَّاكَ نَعْبُدُ آية. وقال حسين الجعفي: هي ست آيات وهذان القولان شاذان» .ثالثا: أسماؤها: لسورة الفاتحة أسماء كثيرة من أشهرها:1- «الفاتحة أو فاتحة الكتاب، وسميت بذلك لأنه تفتتح قراءة القرآن بها لفظا. وتفتتح بها الكتابة في المصحف خطا، وتفتتح بها الصلوات، وإن لم تكن هي أول ما نزل من القرآن. وقد اشتهرت بهذا الاسم في أيام النبوة.وقد أصبح هذا الاسم علما بالغلبة لتلك الطائفة من الآيات التي مبدؤها الْحَمْدُ لِلَّهِ..ونهايتها.. وَلَا الضَّالِّينَ.2- «أم القرآن أو الكتاب» وسميت بذلك لاشتمالها إجمالا على المقاصد التي ذكرت فيه تفصيلا، أو لاشتمالها على ما فيه من الثناء على الله بما هو أهله، والتعبد بأمره ونهيه، وبيان وعده ووعيده، أو على جملة معانيه من الحكم النظرية، والأحكام العملية التي هي سلوك الصراط المستقيم، والاطلاع على معارج السعداء ومنازل الأشقياء.قال ابن جرير: «والعرب تسمى كل أمر جامع أمّا، وكل مقدم له توابع تتبعه «أما» فتقول للجلدة التي تجمع الدماغ: «أم الرأس» . وتسمى لواء الجيش ورايتهم التي يجتمعون تحتها «أما» .3- «السبع المثاني» جمع مثنى كفعلي اسم مكان. أو مثنى- بالتشديد- من التثنية على غير قياس. وسميت بذلك لأنها سبع آيات في الصلاة، أى تكرر فيها أخرج الإمام أحمد، عن أبي هريرة، عن النبي صلّى الله عليه وسلّم أنه قال: «هي أم القرآن، وهي السبع المثاني، وهي القرآن العظيم» .4- وتسمى- أيضا- سورة «الحمد» . 5- و «الكنز» . 6- و «الواقية» .7- و «الشفاء» ، لحديث. هي الشفاء من كل داء.8- و «الكافية» لأنها تكفي عن سواها ولا يكفى سواها عنها.9- و «الأساس» . 10- و «الرقية» .هذا، وقد ذكر القرطبي للفاتحة اثنى عشر اسما، كما ذكر السيوطي لها في كتابه «الإتقان» خمسة وعشرين اسما.رابعا: فضلها: ورد في فضل سورة الفاتحة أحاديث كثيرة منها:ما رواه البخاري في صحيحه عن أبي سعيد بن المعلى- رضي الله عنه- قال:كنت أصلي في المسجد، فدعاني النبي صلّى الله عليه وسلّم فلم أجبه فقلت: يا رسول الله، إني كنت أصلّي.فقال: ألم يقل الله: اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذا دَعاكُمْ.ثم قال لي: «لأعلمنك سورة هي أعظم السور في القرآن قبل أن تخرج من المسجد» . ثم أخذ بيدي، فلما أراد أن يخرج، قلت: يا رسول الله. ألم تقل: لأعلمنك سورة هي أعظم سورة في القرآن. قال: الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ، هي السبع المثاني والقرآن العظيم الذي أوتيته» .وروى مسلّم والنسائي، عن ابن عباس، قال:بينما جبريل قاعد عند النبي صلّى الله عليه وسلّم سمع نقيضا من فوقه- أي: صوتا- فرفع رأسه فقال:هذا باب من السماء فتح اليوم لم يفتح قط إلا اليوم. فسلّم وقال: أبشر بنورين قد أوتيتهما، ولم يؤتهما نبي قبلك: فاتحة الكتاب، وخواتيم سورة البقرة، لم تقرأ بحرف منهما إلا أعطيته» .وروى مسلّم عن أبي هريرة- رضي الله عنه- عن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال:«من صلّى صلاة لم يقرأ فيها بأم القرآن فهي خداج (ثلاثا) : غير تمام» فقيل لأبي هريرة: إنا نكون وراء الإمام؟ فقال: اقرأ بها في نفسك فإني سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول: قال الله- تعالى-: «قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين، ولعبدي ما سأل» ، فإذا قال العبد:الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ. قال الله: حمدني عبدي، وإذا قال: الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ. قال الله تعالى: أثنى علي عبدي. وإذا قال: مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ قال الله: مجدني عبدي. فإذا قال:إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ. قال الله: هذا بيني وبين عبدي ولعبدي ما سأل. فإذا قال:اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ. صِراطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ.قال الله: «هذا لعبدي ولعبدي ما سأل» .وأخرج الإمام أحمد في مسنده، عن عبد الله بن جابر، أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال له: ألا أخبرك بأخير سورة في القرآن؟ قلت: بلى يا رسول الله. قال: اقرأ: الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ حتى تختمها .تلك هي بعض الأحاديث التي وردت في فضل هذه السورة الكريمة.وقد ذكر العلماء أنه يسن للمسلّم قبل القراءة أن يستعيذ بالله من الشيطان الرجيم، استجابة لقوله- تعالى- فَإِذا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطانِ الرَّجِيمِ .ومعنى «أعوذ بالله من الشيطان الرجيم» : ألتجئ إلى الله وأتحصن به، واستجير بجنابه من الشيطان الرجيم أن يضرني في ديني أو دنياي.قال ابن كثير: «والشيطان في لغة العرب كل متمرد من الجن والإنس والدواب وكل شيء.وهو مشتق من شطن إذا بعد، فهو بعيد بطبعه عن طباع الشر، وبعيد بفسقه عن كل خير.وقيل: مشتق من شاط لأنه مخلوق من نار. والأول أصح إذ عليه يدل كلام العرب، فهم:يقولون تشيطن فلان إذا فعل أفعال الشيطان، ولو كان من شاط. لقالوا: تشيط، فالشيطان مشتق من البعد على الصحيح» .والرجيم: فعيل بمعنى مفعول أي أنه مرجوم مطرود من رحمة الله ومن كل خير، وقيل:رجيم بمعنى راجم لأنه يرجم الناس بالوساوس والشكوك.قال بعض العلماء: «وإنما خصت القراءة بطلب الاستعاذة مع أنه قد أمر بها على وجه العموم في جميع الشئون، لأن القرآن مصدر الهداية والشيطان مصدر الضلال، فهو يقف للإنسان بالمرصاد في هذا الشأن على وجه خاص، فيثير أمامه ألوانا من الشكوك فيما يقرأ، وفيما يفيد من قراءته، وفيما يقصد بها، فيفوت عليه الانتفاع بهدى الله وآياته، فعلمنا الله أن نتقي ذلك كله بهذه الاستعاذة التي هي في الواقع عنوان صدق، وتعبير حق، عن امتلاء قلب المؤمن بمعنى اللجوء إلى الله، وقوة عزيمته في طرد الوساوس والشكوك، واستقبال الهداية بقلب طاهر،وعقل واع، وإيمان ثابت» .قال القرطبي: وقد أجمع العلماء على أن التعوذ ليس من القرآن ولا آية منه، وهو قول القارئ: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم .والآن وبعد هذا التمهيد الموجز الذي تكلمنا فيه عن نزول سورة الفاتحة، وعن عدد آياتها، وعن أشهر أسمائها، وعن بعض الأحاديث التي وردت في فضلها نحب أن نبدأ في تفسير السورة الكريمة فنقول- وبالله التوفيق-: بسم ٱلله الرَّحْمٰنِ الرَّحِيمِ الاسم: اللفظ الذى يدل على ذات أو معنى. وقد اختلف النحويون في اشتقاقه على وجهين، فقال البصريون: هو مشتق من السمو، وهو العلو والرفعة، فقيل: اسم، لأن صاحبه بمنزلة المرتفع به.وقال الكوفيون: إنه مشتق من السمة وهي العلامة، لأن الاسم علامة لمن وضع له، فأصل اسم على هذا " وسم ".ويرى المحققون أن رأي البصريين أرجح، لأنه يقال في تصغير " اسم " سُمىَ، وفي جمعه أسماء، والتصغير والجمع يردان الأشياء إلى أصولها. ولو كان أصله وسم - كما قال الكوفيون - لقيل في جمعه: أوسام، وفي تصغيره وسيم.ولفظ الجلالة وهو " الله " علم على ذات الخالق - عز وجل - تفرد به - سبحانه - ولا يطلق على غيره، ولا يشاركه فيه أحد.قال القرطبي: قوله " الله " هذا الاسم أكبر أسمائه - سبحانه - وأجمعها حتى قال بعض العلماء: إنه اسم الله الأعظم ولم يتسم به غيره، ولذلك لم يثن ولم يجمع: فالله اسم للموجود الحق الجامع لصفات الإِلهية، المنعوت بنعوت الربوبيه، المنفرد بالوجود الحقيقي، لا إله إلا هو - سبحانه -و ٱلرَّحْمٰنِ ٱلرَّحِيمِ صفتان مشتقتان من الرحمة. والرحمة في أصل اللغة: رقة في القلب تقتضي الإِحسان، وهذا المعنى لا يليق أن يكون وصفاً لله - تعالى-، ولذا فسرها بعض العلماء بإرادة الإِحسان. وفسرها آخرون بالإِحسان نفسه.والموافق لمذهب السلف أن يقال: هي صفة قائمة بذاته - تعالى - لا نعرف حقيقتها، وإنما نعرف أثرها الذي هو الإِحسان.وقد كثرت أقوال المفسرين في العلاقة بين هاتين الصفتين، فبعضهم يرى أن ٱلرَّحْمٰنِ هو المنعم على جميع الخلق. وأن ٱلرَّحِيمِ هو المنعم على المؤمنين خاصه. ويرى آخرون أن ٱلرَّحْمٰنِ هو المنعم بجلائل النعم، وأن ٱلرَّحِيمِ هو المنعم بدقائقها.ويرى فريق ثالث أن الوصفين بمعنى واحد وأن الثاني منهما تأكيد للأول. والذى يراه المحققون من العلماء أن الصفتين ليستا بمعنى واحد، بل روعي فب كل منهما معنى لم يراع في الآخر، فالرحمن بمعنى عظيم الرحمة، لأن فعلان صيغة مبالغة في كثرة الشيء وعظمته، ويلزم منه الدوام كغضبان وسكران. والرحيم بمعنى دائم الرحمة، لأن صيغته فعيل تستعمل في الصفات الدائمة ككريم وظريف. فكأنه قيل: العظيم الرحمة الدائمة.أو أن ٱلرَّحْمٰنِ صفة ذاتية هي مبدأ الرحمة والإِحسان. و ٱلرَّحِيمِ صفة فعل تدل على وصول الرحمة والإِحسان وتعديهما إلى المنعم عليه.ولعل مما يؤيد ذلك أن لفظ الرحمن لم يذكر في القرآن إلا مجرى عليه الصفات كما هو الشأنِ في أسماء الذات. قال - تعالى-: ٱلرَّحْمَٰنُ عَلَّمَ ٱلْقُرْآنَ و ٱلرَّحْمَٰنُ عَلَى ٱلْعَرْشِ ٱسْتَوَىٰ قُلِ ٱدْعُواْ ٱللَّهَ أَوِ ٱدْعُواْ ٱلرَّحْمَٰنَ وهكذا...أما لفظ الرحيم فقد كثر في القرآن استعماله وصفاً فعلياً، وجاء في الغالب بأسلوب التعدية والتعلق بالمنعم عليه. قال - تعالى - إِنَّ ٱللَّهَ بِٱلنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَّحِيمٌ وَكَانَ بِٱلْمُؤْمِنِينَ رَحِيماً إِنَّهُ كَانَ بِكُمْ رَحِيماً إلخ.قال بعض العلماء " وهذا الرأي في نظرنا هو أقوى الآراء، فإن تخصيص أحد الوصفين بدقائق النعم أو ببعض المنعم عليهم لا دليل عليه، كما أنه ليس مستساغاً أن يقال في القرآن: إن كلمة ذكرت بعد أخرى لمجرد تأكيد المعنى المستفاد منها ".والجار والمجرور " بسم " متعلق بمحذوف تقديره ابتدئ.والمعنى: ابتدئ قراءتي متبركاً ومتيمناً باسم الله الذى هو الأول والآخر، والظاهر والباطن، والذى رحمته وسعت كل شيء، وأتبرأ مما كان يفعله المشركون والضالون، من ابتدائهم قراءتهم وأفعالهم باسم اللات أو باسم العزى أو باسم غيرهما من الآلهة الباطلة.هذا وقد أجمع العلماء على أن البسملة جزء آية من سورة النمل فى قوله - تعالى - إِنَّهُ مِن سُلَيْمَانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ ٱللَّهِ ٱلرَّحْمَٰنِ ٱلرَّحِيمِ ثم اختلفوا بعد ذلك في كونها آية مستقلة أنزلت للفصل بين السور مرة واحدة، أو هى آية من سورة الفاتحة ومن كل سورة ألخ.فبعضهم يرى أن البسملة آية من الفاتحة ومن كل سورة، ومن حججهم أن السلف قد أثبتوها في المصحف مع الأمر بتجريد القرآن مما ليس منه، ولذا لم يكتبوا " آمين ". فثبت بهذا أن البسملة جزء من الفاتحة ومن كل سورة.وبهذا الرأي قال ابن عباس وابن عمر وأبو هريرة وسعيد بن جبير والشافعي، وأحمد في أحد قوليه.ويرى آخرون أن البسملة ليست آية من الفاتحة ولا من غيرها من السور، وقالوا: إنها آية فذة. من القرآن أنزلت للفصل والتبرك للابتداء بها، ومن حججهم أنها لو كانت آية من الفاتحة ومن كل سورة، لما اختلف الناس في ذلك، ولما اضطربت أقوالهم في كونها آية من كل سورة أو من الفاتحة فقط.وكما وقع الخلاف بين العلماء في كونها آية مستقلة أو آية من كل سورة، فقد وقع الخلاف بينهم - أيضاً - في وجوب قراءتها فى الصلاة، وفي الجهر بها أو الإِسرار إذا قرئت.وتحقيق القول في ذلك مرجعه إلى كتب الفقه، وإلى كتب التفسير التي عنيت بتفسير آيات الأحكام.
مقدمة وتمهيد1- سورة الشعراء هي السورة السادسة والعشرون في ترتيب المصحف، أما ترتيبها في النزول فكان نزولها بعد سورة الواقعة. كما يقول صاحب الإتقان، أى: هي السادسة والأربعون في ترتيب النزول.2- قال القرطبي: هي مكية في قول الجمهور. وقال مقاتل: منها مدني الآية التي يذكر فيها الشعراء، وقوله: أَوَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ آيَةً أَنْ يَعْلَمَهُ عُلَماءُ بَنِي إِسْرائِيلَ. وقال ابن عباس وقتادة: مكية إلا أربع آيات منها نزلت بالمدينة من قوله- تعالى-: وَالشُّعَراءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغاوُونَ إلى آخر السورة. وهي مائتان وسبع وعشرون آية. وفي رواية: وست وعشرون .3- وسورة الشعراء تسمى- أيضا- بسورة «الجامعة» ، ويغلب على هذه السورة الكريمة، الحديث عن قصص الأنبياء مع أقوامهم.فبعد أن تحدثت في مطلعها عن سمو منزلة القرآن الكريم، وعن موقف المشركين من الرسول صلّى الله عليه وسلّم أتبعت ذلك بالحديث عن قصة موسى مع فرعون ومع بنى إسرائيل، ثم عن قصة إبراهيم مع قومه ثم عن قصة نوح مع قومه، ثم عن قصة هود مع قومه، ثم عن قصة صالح مع قومه، ثم عن قصة لوط مع قومه، ثم عن قصة شعيب مع قومه..4- ثم تحدثت في أواخرها عن نزول الروح الأمين بالقرآن الكريم على قلب النبي صلّى الله عليه وسلّم، وساقت ألوانا من التسلية والتعزية للرسول صلّى الله عليه وسلّم بسبب تكذيب الكافرين له، وأرشدته إلى ما يجب عليه نحو عشيرته الأقربين، ونحو المؤمنين، وبشرت أتباعه بالنصر وأنذرت أعداءه بسوء المصير، فقد ختمت بقوله- تعالى-: إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ، وَذَكَرُوا اللَّهَ كَثِيراً، وَانْتَصَرُوا مِنْ بَعْدِ ما ظُلِمُوا، وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ.5- والسورة الكريمة بعد ذلك تمتاز بقصر آياتها، وبجمعها لموضوعات السور الملكية، من إقامة الأدلة على وحدانية الله- تعالى-، وعلى أن البعث حق، وعلى صدق النبي صلّى الله عليه وسلّم يما يبلغه عن ربه، وعلى أن هذا القرآن من عند الله، كما نرى أسلوبها يمتاز بالترغيب والترهيب، الترغيب للمؤمنين في العمل الصالح، والترهيب للمشركين بسوء المصير إذا ما استمروا على شركهم.وقد ختمت كل قصة من قصص هذه السورة الكريمة بقوله- تعالى-: إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً وَما كانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ. وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ وقد تكرر ذلك فيها ثماني مرات ...وصلّى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم،،،سورة الشعراء من السور التى افتتحت بحرف من الحروف المقطعة وهو قوله - تعالى - : ( طساما ) .وقد ذكرنا آراء العلماء فى الحروف المقطعة بشىء من التفصيل عند تفسيرنا لسور : " البقرة ، آل عمران ، والأعراف ، ويونس . . " إلخ .وقلنا ما خلاصته : لعل أقرب الأقوال إلى الصواب ، أن هذه الحروف المقطعة ، قد وردت فى افتتاح بعض السور ، على سبيل الإيقاظ والتنبيه ، للذين تحداهم القرآن .فكأن الله - تعالى - يقول لهؤلاء المعاندين والمعارضين فى أن القرآن من عند الله : هاكم القرآن ترونه مؤلفا من كلان هو من جنس ما تؤلفون منه كلامكم ، ومنظوما من حروف هى من جنس الحروف الهجائية التى تنظمون منها حروفكم ، فإن كنتم فى شك فى أنه من عند الله - تعالى - فهاتوا مثله ، أو عشر سور من مثله ، أو سورة واحدة من مثله ، فعجزوا وانقلبوا خاسرين ، وثبت أن هذا القرآن من عند الله - تعالى - .
واسم الإشارة تِلْكَ يعود إلى الآيات القرآنية التي تضمنتها هذه السورة الكريمة أو إلى جميع آيات القرآن التي نزلت قبل ذلك.والمراد بالكتاب القرآن الكريم الذي تكفل- سبحانه- بإنزاله على نبيه صلّى الله عليه وسلّم.والمبين: اسم فاعل من أبان الذي هو بمعنى بان، مبالغة في الوضوح والظهور.قال صاحب الصحاح: «يقال: بان الشيء يبين بيانا، أى: اتضح، فهو بين، وكذا أبان الشيء فهو مبين» .أى: تلك الآيات القرآنية التي أنزلناها عليك- أيها الرسول الكريم- والتي سننزلها عليك تباعا حسب حكمتنا وإرادتنا، هي آيات الكتاب الواضح إعجازه، والظاهرة هداياته ودلالاته على أنه من عند الله- تعالى-، ولو كان من عند غيره- سبحانه- لوجدوا فيه اختلافا كثيرا.
لَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَّفْسَكَ اَلَّا یَكُوْنُوْا مُؤْمِنِیْنَ(۳)
کہیں تم اپنی جان پر کھیل جاؤ گے ان کے غم میں کہ وہ ایمان نہیں لائے (ف۳)
ثم خاطب- سبحانه- رسوله صلّى الله عليه وسلّم بما يسليه عن تكذيب المشركين له، وبما يهون عليه أمرهم فقال- تعالى- لَعَلَّكَ باخِعٌ نَفْسَكَ أَلَّا يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ.قال بعض العلماء ما ملخصه: اعلم أن لفظة لعل تكون للترجى في المحبوب، وللإشفاق في المحذور.واستظهر أبو حيان في تفسيره، أن لعل هنا للاشفاق عليه صلّى الله عليه وسلّم أن يبخع نفسه لعدم إيمانهم.وقال بعضهم: إن لعل هنا للنهى، أى: لا تبخع نفسك لعدم إيمانهم وهو الأظهر، لكثرة ورود النهى صريحا عن ذلك. قال- تعالى-: فَلا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَراتٍ .والمعنى: لعلك- أيها الرسول الكريم- قاتل نفسك هما وغما. بسبب تكذيب الكافرين لك، وعدم إيمانهم بدعوتك وإعراضهم عن رسالتك التي أرسلناك بها إليهم..
اِنْ نَّشَاْ نُنَزِّلْ عَلَیْهِمْ مِّنَ السَّمَآءِ اٰیَةً فَظَلَّتْ اَعْنَاقُهُمْ لَهَا خٰضِعِیْنَ(۴)
اگر ہم چاہیں تو آسمان سے ان پر کوئی نشانی اتاریں کہ ان کے اونچے اونچے اس کے حضور جھکے رہ جائیں (ف۴)
لا- أيها الرسول الكريم- لا تفعل ذلك، فإنما عليك البلاغ وعلينا الحساب، وإنك لا تستطيع هداية أحد ولكن الله- تعالى- يهدى من يشاء، وإننا إِنْ نَشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِنَ السَّماءِ آيَةً فَظَلَّتْ أَعْناقُهُمْ لَها خاضِعِينَ.ومفعول المشيئة محذوف، والمراد بالآية هنا المعجزة القاهرة التي تجعلهم لا يملكون انصرافا معها عن الإيمان، والأعناق جمع عنق. وقد تطلق على وجوه الناس وزعمائهم تقول: جاءني عنق من الناس: أى جماعة منهم أو من رؤسائهم والمقدمين فيهم.والمعنى: لا تحزن يا محمد لعدم إيمان كفار مكة بك، فإننا إن نشأ إيمانهم، ننزل عليهم آية ملجئة لهم إلى الإيمان. تجعلهم ينقادون له، ويدخلون فيه دخولا ملزما لهم، ولكنا لا نفعل ذلك، لأن حكمتنا قد اقتضت أن يكون دخول الناس في الإيمان عن طريق الاختيار والرغبة، وليس عن طريق الإلجاء والقسر.وصور- سبحانه- هذه الآية بتلك الصورة الحسية فَظَلَّتْ أَعْناقُهُمْ لَها خاضِعِينَ، للإشعار بأن هذه الآية لو أراد- سبحانه- إنزالها لجعلتهم يخضعون خضوعا تاما لها، حتى لكأن أعناقهم على هيئة من الخضوع والذلة لا تملك معها الارتفاع أو الحركة.قال صاحب الكشاف: «فإن قلت: كيف صح مجيء خاضعين خبرا عن الأعناق؟ قلت:أصل الكلام: فظلوا لها خاضعين. فأقحمت الأعناق لبيان موضع الخضوع، وترك الكلام على أصله. كقوله: ذهبت أهل اليمامة، كأن الأهل غير مذكور. أو لما وصفت بالخضوع الذي هو للعقلاء، قيل: خاضعين.. وقيل أعناق الناس: رؤساؤهم ومقدموهم شبهوا بالأعناق كما قيل لهم: هم الرءوس والنواصي والصدور ... وقيل: جماعات الناس..» .
وَ مَا یَاْتِیْهِمْ مِّنْ ذِكْرٍ مِّنَ الرَّحْمٰنِ مُحْدَثٍ اِلَّا كَانُوْا عَنْهُ مُعْرِضِیْنَ(۵)
اور نہیں آتی ان کے پاس رحمٰان کی طرف سے کوئی نئی نصیحت مگر اس سے منہ پھیر لیتے ہیں (ف۵)
ثم بين- سبحانه- ما عليه هؤلاء الكافرون من صلف وجحود فقال: وَما يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنَ الرَّحْمنِ مُحْدَثٍ إِلَّا كانُوا عَنْهُ مُعْرِضِينَ.أى: ولقد بلغ الجحود والجهل بهؤلاء الكافرين، أنهم كلما جاءهم قرآن محدث تنزيله على نبيهم صلّى الله عليه وسلّم ومتجدد نزوله عليه صلّى الله عليه وسلّم أعرضوا عنه إعراضا تاما.وعبر عن إعراضهم بصيغة النفي والاستثناء التي هي أقوى أدوات القصر، للإشارة إلى عتوهم في الكفر والضلال، وإصرارهم على العناد والتكذيب.وفي ذكر اسم الرحمن هنا: إشارة إلى عظيم رحمته- سبحانه- بإنزال هذا الذكر، وتسجيل لأقصى دركات الجهالة عليهم، لأنهم أعرضوا عن الهداية التي أنزلها الرحمن الرحيم لسعادتهم، وحرموا أنفسهم منها وهم أحوج الناس إليها.ومِنَ الأولى لتأكيد عموم إعراضهم، والثانية لابتداء الغاية، وجملة إِلَّا كانُوا عَنْهُ مُعْرِضِينَ حالية.
فَقَدْ كَذَّبُوْا فَسَیَاْتِیْهِمْ اَنْۢبٰٓؤُا مَا كَانُوْا بِهٖ یَسْتَهْزِءُوْنَ(۶)
تو بیشک انہوں نے جھٹلایا تو اب ان پر آیا چاہتی ہیں خبریں ان کے ٹھٹھے کی (ف۶)
ثم بين- سبحانه- سوء عاقبتهم فقال: فَقَدْ كَذَّبُوا فَسَيَأْتِيهِمْ أَنْبؤُا ما كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ.أى: فقد كذب هؤلاء الجاحدون بالذكر الذي أتيتهم به- أيها الرسول الكريم- دون أن يكتفوا بالإعراض عنه، فاصبر فسيأتيهم أنباء العذاب الذي كانوا يستهزئون به عند ما تحدثهم عنه، وهو واقع بهم لا محالة ولكن في الوقت الذي يشاؤه- سبحانه-.وفي التعبير عن وقوع العذاب بهم، بإتيان أنبائه وأخباره، تهويل من شأن هذا العذاب، وتحقيق لنزوله. أى: فسيأتيهم لا محالة مصداق ما كانوا به يستهزئون ويصيرون هم أحاديث الناس يتحدثون بها ويتناقلون أنباءها.
اَوَ لَمْ یَرَوْا اِلَى الْاَرْضِ كَمْ اَنْۢبَتْنَا فِیْهَا مِنْ كُلِّ زَوْجٍ كَرِیْمٍ(۷)
کیا انہوں نے زمین کو نہ دیکھا ہم نے اس میں کتنے عزت والے جوڑے اگائے (ف۷)
ثم وبخهم- سبحانه- على غفلتهم وعلى عدم التفاتهم إلى ما في هذا الكون من عظات وعبر. فقال- تعالى-: أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى الْأَرْضِ كَمْ أَنْبَتْنا فِيها مِنْ كُلِّ زَوْجٍ كَرِيمٍ.والاستفهام للإنكار والتوبيخ، والواو للعطف على مقدر يقتضيه المقام.أى: أعمى هؤلاء الجاحدون عن مظاهر قدرة الله- تعالى- ورحمته بهم، ولم يروا بأعينهم كيف أخرجنا النبات من الأرض، وجعلنا فيها أصنافا وأنواعا لا تحصى من النباتات الكريمة الجميلة المشتملة على الذكر والأنثى.فالآية الكريمة توبيخ لهم على إعراضهم عن الآيات التكوينية، بعد توبيخهم على إعراضهم عن الآيات التنزيلية، وتحريض لهم على التأمل فيما فوق الأرض من نبات مختلف الأنواع والأشكال والثمار. لعل هذا التأمل ينبه حسهم الخامد وذهنهم البليد وقلبهم المطموس.قال صاحب الكشاف: «وصف الزوج- وهو الصنف من النبات- بالكرم، والكريم:صفة لكل ما يرضى ويحمد في بابه. يقال: وجه كريم إذا رضى في حسنه وجماله، وكتاب كريم. أى: مرضى في معانيه وفوائده ... والنبات الكريم: المرضى فيما يتعلق به من المنافع.فإن قلت: ما معنى الجمع بين كم وكل؟ قلت: قد دل كُلِّ على الإحاطة بأزواج النبات على سبيل التفصيل. وكَمْ على أن هذا المحيط متكاثر مفرط الكثرة، فهذا معنى الجمع بينهما، وبه نبه على كمال قدرته..» .
اِنَّ فِیْ ذٰلِكَ لَاٰیَةًؕ-وَ مَا كَانَ اَكْثَرُهُمْ مُّؤْمِنِیْنَ(۸)
بیشک اس میں ضرور نشانی ہے (ف۸) اور ان کے اکثر ایمان لانے والے نہیں،
ثم ختم- سبحانه- هذه الآيات بآيتين تكررتا في السورة الكريمة ثماني مرات. ألا وهما قوله- تعالى- إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً وَما كانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ، وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ.أى: إن في ذلك الذي ذكرناه عن إنباتنا لكل زوج كريم في الأرض لَآيَةً عظيمة الدلالة على كمال قدرتنا، وسعة رحمتنا، وما كان أكثر هؤلاء الكافرين مؤمنين، لإيثارهم العمى على الهدى، والغي على الرشد
وَ اِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِیْزُ الرَّحِیْمُ۠(۹)
اور بیشک تمہارا رب ضرور وہی عزت والا مہربان ہے (ف۹)
وَإِنَّ رَبَّكَ- أيها الرسول الكريم- لَهُوَ الْعَزِيزُ أى: صاحب العزة والغلبة والقهر الرَّحِيمُ أى: الواسع الرحمة بعباده، حيث لم يعاجلهم بالعقوبة مع كفرهم لعلهم يتوبون أو يعقلون.ثم حكى- سبحانه- جانبا من قصة موسى- عليه السلام- بأسلوب يتناسب مع ما اشتملت عليه السورة الكريمة من إنذار وتخويف، وبطريقة أحاطت بجوانب هذه القصة منذ أن ذهب موسى- عليه السلام- لفرعون وقومه إلى أن انتهت بهلاكهم وإغراقهم.لقد بدأ- سبحانه- هذه القصة بقوله- تعالى-:
وَ اِذْ نَادٰى رَبُّكَ مُوْسٰۤى اَنِ ائْتِ الْقَوْمَ الظّٰلِمِیْنَۙ(۱۰)
اور یاد کرو جب تمہارے رب نے موسیٰ کو ندا فرمائی کہ ظالم لوگوں کے پاس جا،
وموسى- عليه السلام- هو ابن عمران، وينتهى نسبه إلى يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم- عليهم السلام- ويرجح المؤرخون أن ولادته كانت في القرن الثالث عشر قبل ميلاد عيسى- عليه السلام- وأن بعثته كانت في عهد منفتاح بن رمسيس الثاني.وقد وردت قصة موسى مع فرعون وقومه، ومع إسرائيل في كثير من سور القرآن الكريم تارة بصورة فيها شيء من التفصيل، وتارة بصورة فيها شيء من الاختصار والتركيز، تبعا لمقتضى الحال الذي وردت من أجله.وقد وردت هنا في سورة الأعراف وفي سورة طه. وفي سورة القصص بأسلوب فيه بسطة وتفصيل.لقد افتتحت هنا بقوله- تعالى-: وَإِذْ نادى رَبُّكَ مُوسى أَنِ ائْتِ الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ.وهذا النداء كان بالوادي المقدس طوى، كما جاء في سورة طه وفي سورة النازعات .أى: واذكر- أيها الرسول الكريم- وقت أن نادى ربك نبيه موسى قائلا له: اذهب إلى القوم الظالمين لتبلغهم رسالتي، وتأمرهم بإخلاص العبادة لي.
وقوله: قَوْمَ فِرْعَوْنَ بدل أو عطف بيان، ووصفهم- سبحانه- بالظلم لعبادتهم لغيره، ولعدوانهم على بنى إسرائيل بقتل الذكور، واستبقاء النساء.وقوله: - تعالى- أَلا يَتَّقُونَ تعجيب من حالهم. أى: ائتهم يا موسى وقل لهم:ألا يتقون الله- تعالى- ويخشون عقابه. ويكفون عن كفرهم وظلمهم.
قَالَ رَبِّ اِنِّیْۤ اَخَافُ اَنْ یُّكَذِّبُوْنِؕ(۱۲)
عرض کی کہ اے میرے رب میں ڈرتا ہوں کہ مجھے جھٹلا ئیں گے،
ثم حكى- سبحانه- رد موسى فقال: قالَ رَبِّ إِنِّي أَخافُ أَنْ يُكَذِّبُونِ.أى: قال موسى في الإجابة على ربه- عز وجل-: يا رب إنى أعرف هؤلاء القوم، وأعرف ما هم عليه من ظلم وطغيان، وإنى أخاف تكذيبهم لي عند ما أذهب إليهم لتبليغ وحيك
وَ یَضِیْقُ صَدْرِیْ وَ لَا یَنْطَلِقُ لِسَانِیْ فَاَرْسِلْ اِلٰى هٰرُوْنَ(۱۳)
اور میرا سینہ تنگی کرتا ہے (ف۱۲) اور میری زبان نہیں چلتی (ف۱۳) تو توُ ہا رون کو بھی رسول کر، (ف۱۴)
وَيَضِيقُ صَدْرِي أى: وينتابنى الغم والهم بسبب تكذيبهم لي..وَلا يَنْطَلِقُ لِسانِي أى: وليس عندي فصاحة اللسان التي تجعلني أظهر ما في نفسي من تفنيد لأباطيلهم، ومن إزهاق لشبهاتهم، خصوصا عند اشتداد غضبى عليهم.فَأَرْسِلْ إِلى هارُونَ أى: فأرسل وحيك الأمين إلى أخى هارون، ليكون معينا لي على تبليغ ما تكلفني بتبليغه.
وَ لَهُمْ عَلَیَّ ذَنْۢبٌ فَاَخَافُ اَنْ یَّقْتُلُوْنِۚ(۱۴)
اور ان کا مجھ پر ایک الزام ہے (ف۱۵) تو میں ڈرتا ہو ں کہیں مجھے (ف۱۶) کر دیں،
وَلَهُمْ عَلَيَّ ذَنْبٌ حيث إنى قتلت منهم نفسا فَأَخافُ أَنْ يَقْتُلُونِ عند ما أذهب إليهم، على سبيل القصاص منى.فأنت ترى أن موسى- عليه السلام- قد شكا إلى ربه خوفه من تكذيبهم وضيق صدره من طغيانهم، وعقدة في لسانه، وخشيته من قتلهم له عند ما يرونه.وليس هذا من باب الامتناع عن أداء الرسالة، أو الاعتذار عن تبليغها. وإنما هو من باب طلب العون من الله- تعالى- والاستعانة به- عز وجل- على تحمل هذا الأمر والتماس الإذن منه- في إرسال هارون معه. ليكون عونا له في مهمته، وليخلفه في تبليغ الرسالة في حال قتلهم له..وشبيه بهذا الجواب ما حكاه عنه- سبحانه- في سورة طه في قوله- تعالى- اذْهَبْ إِلى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغى. قالَ رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي. وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي. وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِنْ لِسانِي يَفْقَهُوا قَوْلِي. وَاجْعَلْ لِي وَزِيراً مِنْ أَهْلِي هارُونَ أَخِي. اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي. وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي. كَيْ نُسَبِّحَكَ كَثِيراً. وَنَذْكُرَكَ كَثِيراً. إِنَّكَ كُنْتَ بِنا بَصِيراً.
قَالَ كَلَّاۚ-فَاذْهَبَا بِاٰیٰتِنَاۤ اِنَّا مَعَكُمْ مُّسْتَمِعُوْنَ(۱۵)
فرما یا یوں نہیں (ف ۱۷) تم دو نوں میری آئتیں لے کر جا ؤ ہم تمھا رے ساتھ سنتے ہیں (ف۱۸)
وقد رد الله- تعالى- على نبيه موسى- عليه السلام- ردا حاسما لإزالة الخوف، ومزهقا لكل ما يحتمل أى يساور نفسه من عدوان عليه، فقال- تعالى-: قالَ كَلَّا فَاذْهَبا بِآياتِنا إِنَّا مَعَكُمْ مُسْتَمِعُونَ.أى: قال الله- تعالى- لموسى على سبيل الإرشاد والتعليم: كلا، لا تخف أن يكذبوك أو أن يضيق صدرك، أو أن لا ينطلق لسانك، أو أن يقتلوك. كلا لا تخف من شيء من ذلك، فأنا معكما برعايتي ومادام الأمر كذلك فاذهب أنت وأخوك بآياتنا الدالة على وحدانيتنا فإننا معكم سامعون لما تقولانه لهم ولما سيقولونه لكما.وعبر- سبحانه- بكلا المفيدة للزجر، لزيادة إدخال الطمأنينة على قلب موسى- عليه السلام-.والمراد بالآيات هنا: المعجزات التي أعطاها- سبحانه- لموسى وعلى رأسها العصا..وقال- سبحانه- إِنَّا مَعَكُمْ مع أنهما اثنان، تعظيما لشأنهما أو لكون الاثنين أقل الجمع. أو المراد هما ومن أرسلا إليه.والتعبير بقوله إِنَّا مَعَكُمْ مُسْتَمِعُونَ بصيغة التأكيد والمعية والاستماع، فيه ما فيه من العناية بشأنهما، والرعاية لهما، والتأييد لأمرهما.
فَاْتِیَا فِرْعَوْنَ فَقُوْلَاۤ اِنَّا رَسُوْلُ رَبِّ الْعٰلَمِیْنَۙ(۱۶)
تو فرعون کے پاس جاؤ پھر اس سے کہو ہم دونو ں اسکے رسل ہیں جو رب ہے سارے جہا ں کا،
والفاء في قوله: فَأْتِيا فِرْعَوْنَ فَقُولا: إِنَّا رَسُولُ رَبِّ الْعالَمِينَ. أَنْ أَرْسِلْ مَعَنا بَنِي إِسْرائِيلَ لترتيب ما بعدها على ما قبلها من الوعد برعايتهما.
اَنْ اَرْسِلْ مَعَنَا بَنِیْۤ اِسْرَآءِیْلَؕ(۱۷)
کہ تو ہما رے ساتھ بنی اسرائیل کو چھوڑ دے (ف۱۹)
و «أن» في قوله أَنْ أَرْسِلْ مفسرة. لتضمن الإرسال المفهوم من الرسول معنى القول.أى: اذهبا وأنتما متسلحان بآياتنا الدالة على صدقكما، فنحن معكم برعايتنا وقدرتنا.فأتيا فرعون بدون خوف أو وجل منه قُولا له بكل شجاعة وجراءةنَّا رَسُولُ رَبِّ الْعالَمِينَ أى: رب جميع العوالم التي من بينها عالم الجن. وعالم الملائكة.وقد أرسلنا- سبحانه- إليك، لكي تطلق سراح بنى إسرائيل من ظلمك وبغيك، وتتركهم يذهبون معنا إلى أرض الله الواسعة لكي يعبدوا الله- تعالى- وحده.قال الآلوسى: «وإفراد الرسول في قوله نَّا رَسُولُ رَبِّ الْعالَمِينَلأنه مصدر بحسب الأصل، وصف به كما يوصف بغيره من المصادر للمبالغة، كرجل عدل.. أو لوحدة المرسل أو المرسل به- أى: لأنهما ذهبا برسالة واحدة وفي مهمة واحدة» .وإلى هنا تكون الآيات الكريمة قد قصت علينا، ما أمر الله- تعالى- به نبيه موسى- عليه السلام- وما زوده به- سبحانه- من إرشاد وتعليم، بعد أن التمس منه- سبحانه- العون والتأييد.ثم حكى- سبحانه- بعد ذلك ما دار بين موسى وفرعون من محاورات فقال- تعالى-
قَالَ اَلَمْ نُرَبِّكَ فِیْنَا وَلِیْدًا وَّ لَبِثْتَ فِیْنَا مِنْ عُمُرِكَ سِنِیْنَۙ(۱۸)
بو لا کیا ہم نے تمھیں اپنے یہاں بچپن میں نہ پالا اور تم نے ہما رے یہا ں اپنی عمر کے کئی برس گزارے، ف۲۰)
أى: قال فرعون لموسى بعد أن عرفه، وبعد أن طلب منه موسى أن يرسل معه بنو إسرائيل. قال له يا موسى أَلَمْ نُرَبِّكَ فِينا وَلِيداً أى: ألم يسبق لك أنك عشت في منزلنا، ورعيناك وأنت طفل صغير عند ما قالت امرأتى لا تَقْتُلُوهُ عَسى أَنْ يَنْفَعَنا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَداً ...وَلَبِثْتَ فِينا أى: في كنفنا وتحت سقف بيتنا مِنْ عُمُرِكَ سِنِينَ عددا.
وَ فَعَلْتَ فَعْلَتَكَ الَّتِیْ فَعَلْتَ وَ اَنْتَ مِنَ الْكٰفِرِیْنَ(۱۹)
اور تم نے کیا اپنا وہ کام جو تم نے کیا (ف۲۱) اور تم نا شکر تھے (ف۲۲)
وَفَعَلْتَ فَعْلَتَكَ الَّتِي فَعَلْتَ وهي قتلك لرجل من شيعتي وَأَنْتَ مِنَ الْكافِرِينَ.أى: وأنت من الجاحدين بعد ذلك لنعمتي التي أنعمتها عليك، في حال طفولتك، وفي حال صباك، وفي حال شبابك.لأنك جئتني أنت وأخوك بما يخالف ديننا، وطلبتما منا أن نرسل معكما بنى إسرائيل. فهل هذا جزاء إحسانى إليك؟.وهكذا نرى فرعون يوجه إلى موسى- عليه السلام- تلك الأسئلة على سبيل الإنكار عليه لما جاء به، متوهما أنه قد قطع عليه طريق الإجابة.
قَالَ فَعَلْتُهَاۤ اِذًا وَّ اَنَا مِنَ الضَّآلِّیْنَؕ(۲۰)
موسٰی نے فر ما یا میں نے وہ کام کیا جب کہ مجھے راہ کی خبر نہ تھی (ف۲۳)
ولكن موسى- عليه السلام- وقد استجاب الله- تعالى- دعاءه، وأزال عقدة لسانه، رد عليه ردا حكيما، فقال- كما حكى القرآن عنه: قالَ فَعَلْتُها إِذاً وَأَنَا مِنَ الضَّالِّينَ.أى قال موسى في جوابه على فرعون: أنا لا أنكر أنى قد فعلت هذه الفعلة التي تذكرني بها، ولكني فعلتها وأنا في ذلك الوقت من الضالين، أى: فعلت ذلك قبل أن يشرفنى الله بوحيه، ويكلفني بحمل رسالته، وفضلا عن ذلك فأنا كنت أجهل أن هذه الوكزة تؤدى إلى قتل ذلك الرجل من شيعتك، لأنى ما قصدت قتله، وإنما قصدت تأديبه ومنعه من الظلم لغيره.فالمراد بالضلال هنا: الجهل بالشيء، والذهاب عن معرفة حقيقيته.
فَفَرَرْتُ مِنْكُمْ لَمَّا خِفْتُكُمْ فَوَهَبَ لِیْ رَبِّیْ حُكْمًا وَّ جَعَلَنِیْ مِنَ الْمُرْسَلِیْنَ(۲۱)
تو میں تمھا رے یہا ں سے نکل گیا جب کے تم سے ڈرا (ف۲۴) تو میرے رب نے مجھے حکم عطا فرمایا (ف۲۵) اور مجھے پیغمبروں سے کیا،
وقوله: فَفَرَرْتُ مِنْكُمْ لَمَّا خِفْتُكُمْ بيان لما ترتب على فعلته التي فعلها.أى: وبعد هذه الفعلة التي فعلتها وأنا من الضالين، توقعت الشر منكم، ففررت من وجوهكم حين خشيت منكم على نفسي فكانت النتيجة أن وهبنى رَبِّي حُكْماً أى: علما نافعا وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُرْسَلِينَ الذين اصطفاهم الله- تعالى- لحمل رسالته والتشرف بنبوته.
وَ تِلْكَ نِعْمَةٌ تَمُنُّهَا عَلَیَّ اَنْ عَبَّدْتَّ بَنِیْۤ اِسْرَآءِیْلَؕ(۲۲)
اور یہ کوئی نعمت ہے جس کا تو مجھ پر احسان جتاتا ہے کہ تو نے غَلام بناکر رکھے بنی اسرائیل (ف۲۶)
ثم أضاف موسى- عليه السلام- إلى هذا الرد الملزم لفرعون. ردا آخر أشد إلزاما وتوبيخا فقال: وَتِلْكَ نِعْمَةٌ تَمُنُّها عَلَيَّ أَنْ عَبَّدْتَ بَنِي إِسْرائِيلَ.واسم الإشارة تِلْكَ يعود إلى التربية المفهومة من قوله- تعالى- قبل ذلك: أَلَمْ نُرَبِّكَ فِينا وَلِيداً ... إلخ.وقوله تَمُنُّها من المن بمعنى الإنعام يقال: منّ فلان على فلان منة إذا أنعم عليه بنعمة.وعبدت: أى: اتخذتهم عبيدا لك تسخرهم لخدمتك.قال الجمل: وتِلْكَ مبتدأ، ونِعْمَةٌ خبر. وتَمُنُّها صفة للخير وأَنْ عَبَّدْتَ عطف بيان للمبتدأ موضح له.وهذا الكلام من موسى- عليه السلام- يرى بعضهم أنه قاله على وجهة الاعتراف له بالنعمة، فكأنه يقول له: تلك التربية التي ربيتها لي نعمة منك على، ولكن ذلك لا يمنع من أن أكون رسولا من الله- تعالى- إليك، لكي تقلع عن كفرك، ولكي ترسل معنا بنى إسرائيل.ويرى آخرون أن هذا الكلام من موسى لفرعون، إنما قاله على سبيل التهكم به، والإنكار عليه فيما امتن به عليه، فكأنه يقول له: إن ما تمنّ به على هو في الحقيقة نقمة، وإلا فأية منة لك علىّ في استعبادك لقومي وأنا واحد منهم، إن خوف أمى من قتلك لي هو الذي حملها على أن تلقى بي في البحر، وتربيتي في بيتك كانت لأسباب خارجة عن قدرتك ...ويبدو لنا أن هذا الرأى أقرب إلى الصواب، لأنه هو المناسب لسياق القصة، ولذا قال صاحب الكشاف عند تفسيره لهذه الآية: «ثم كر موسى على امتنان فرعون عليه بالتربية فأبطله من أصله، واستأصله من سنخه- أى: من أساسه-، وأبى أن يسمى نعمته إلا نقمة. حيث بين أن حقيقة إنعامه عليه تعبيد بنى إسرائيل، لأن تعبيدهم وقصدهم بالذبح لأبنائهم هو السبب في حصوله عنده وتربيته، فكأنه امتن عليه بتعبيد قومه، وتذليلهم واتخاذهم خدما له ... » .
وبهذا الجواب التوبيخي أفحم موسى- عليه السلام- فرعون. وجعله يحول الحديث عن هذه المسألة التي تتعلق بتربيته لموسى إلى الحديث عن شيء آخر حكاه القرآن في قوله:قالَ فِرْعَوْنُ وَما رَبُّ الْعالَمِينَ أى قال فرعون لموسى: أى شيء رب العالمين الذي أنت وأخوك جئتما لتبلغا رسالته لي، وما صفته؟وهذا السؤال يدل على طغيان فرعون- قبحه الله- وتجاوزه كل حد في الفجور، فإن هذا السؤال يحمل في طياته استنكار أن يكون هناك إله سواه، كما حكى عنه القرآن في آية أخرى قوله: وَقالَ فِرْعَوْنُ يا أَيُّهَا الْمَلَأُ ما عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرِي.. .فهو ينكر رسالة موسى- عليه السلام- من أساسها..
قَالَ رَبُّ السَّمٰوٰتِ وَ الْاَرْضِ وَ مَا بَیْنَهُمَاؕ-اِنْ كُنْتُمْ مُّوْقِنِیْنَ(۲۴)
موسیٰ نے فرمایا رب آسمانوں اور زمین کا اور جو کچھ ان کے درمیان میں ہے، اگر تمہیں یقین ہو (ف۲۸)
وهنا يرد موسى. بقوله: قالَ رَبُّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما بَيْنَهُمَا إِنْ كُنْتُمْ مُوقِنِينَ.أى: قال موسى: ربنا- يا فرعون- هو رب السموات ورب الأرض، ورب ما بينهما من أجرام وهواء. وإن كنتم موقنين بشيء من الأشياء، فإيمانكم بهذا الخالق العظيم وإخلاصكم العبادة له أولى من كل يقين سواه.وفي هذا الجواب استصغار لشأن فرعون. وتحقير لمزاعمه، فكأنه يقول له: إن ربنا هو رب هذا الكون الهائل العظيم، أما ربوبيتك أنت- فمع بطلانها- هي ربوبية لقوم معينين خدعتهم بدعواك الألوهية، فأطاعوك لسفاهتهم وفسقهم..
قَالَ لِمَنْ حَوْلَهٗۤ اَلَا تَسْتَمِعُوْنَ(۲۵)
اپنے آس پاس والوں سے بولا کیا تم غور سے سنتے نہیں (ف۲۹)
وهنا يلتفت فرعون إلى من حوله ليشاركوه التعجيب مما قاله موسى وليصرفهم عن التأثر بما سمعوه منه، فيقول لهم: أَلا تَسْتَمِعُونَ أى: ألا تستمعون إلى هذا القول الغريب الذي يقوله موسى. والذي لا عهد لنا به، ولا قبول عندنا له ولا صبر لنا عليه ...
قَالَ رَبُّكُمْ وَ رَبُّ اٰبَآىٕكُمُ الْاَوَّلِیْنَ(۲۶)
موسیٰ نے فرمایا رب تمہارا اور تمہارے اگلے باپ داداؤں کا (ف۳۰)
ولكن موسى- عليه السلام- لم يمهلهم حتى يردوا على فرعون بل أكد لهم وحدانية الله- تعالى- وهيمنته على هذا الكون قالَ رَبُّكُمْ وَرَبُّ آبائِكُمُ الْأَوَّلِينَ.أى: ربنا الذي هو رب السموات والأرض وما بينهما، هو ربكم أنتم- أيضا- وهو رب آبائكم الأولين، فكيف تتركون عبادته، وتعبدون عبدا من عباده ومخلوقا من مخلوقاته هو فرعون؟
قَالَ اِنَّ رَسُوْلَكُمُ الَّذِیْۤ اُرْسِلَ اِلَیْكُمْ لَمَجْنُوْنٌ(۲۷)
بولا تمہارے یہ رسول جو تمہاری طرف بھیجے گئے ہیں ضرور عقل نہیں رکھتے (ف۳۱)
وهنا لم يملك فرعون إلا الرد الدال على إفلاسه وعجزه، فقال ملتفتا إلى من حوله: إِنَّ رَسُولَكُمُ الَّذِي أُرْسِلَ إِلَيْكُمْ لَمَجْنُونٌ.أى: قال فرعون- على سبيل السخرية بموسى- مخاطبا أشراف قومه: إن رسولكم الذي أرسل إليكم بما سمعتم لَمَجْنُونٌ لأنه يتكلم بكلام لا تقبله عقولنا، ولا تصدقه آذاننا وسماه رسولا على سبيل الاستهزاء، وجعل رسالته إليهم لا إليه، لأنه- في زعم نفسه- أكبر من أن يرسل إليه رسول، ولكي يهيجهم حتى ينكروا على موسى قوله..
قَالَ رَبُّ الْمَشْرِقِ وَ الْمَغْرِبِ وَ مَا بَیْنَهُمَاؕ-اِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُوْنَ(۲۸)
موسیٰ نے فرمایا رب پورب (مشرق) اور پچھم(مغرب) کا اور جو کچھ ان کے درمیان ہے (ف۳۲) اگر تمہیں عقل ہو (ف۳۳)
ولكن موسى- عليه السلام- لم يؤثر ما قاله فرعون في نفسه، بل رد عليه وعليهم بكل شجاعة وحزم فقال: رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَما بَيْنَهُما إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ.أى: قال موسى: ربنا رب السموات والأرض وما بينهما. وربكم ورب آبائكم الأولين.ورب المشرق الذي هو جهة طلوع الشمس وطلوع النهار. ورب المغرب الذي هو غروب الشمس وغروب النهار.وخصهما بالذكر. لأنهما من أوضح الأدلة على وحدانية الله- تعالى- وقدرته ولأن فرعون أو غيره من الطغاة لا يجرأ ولا يملك ادعاء تصريفهما أو التحكم فيهما على تلك الصورة البديعة المطردة. والتي لا اختلال فيها ولا اضطراب..كما قال إبراهيم للذي حاجه في ربه: فَإِنَّ اللَّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِها مِنَ الْمَغْرِبِ، فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ ...وجملة إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ حض لهم على التعقل والتدبر، وتحذير لهم من التمادي في الجحود والعناد.أى: ربنا وربكم هو رب هذه الكائنات كلها، فأخلصوا العبادة له، إن كانت لكم عقول تعقل ما قلته لكم، وتفهم ما أرشدتكم إليه.وهكذا انتقل بهم موسى من دليل إلى دليل على وحدانية الله وقدرته، ومن حجة إلى حجة، ومن أسلوب إلى أسلوب لكي لا يترك مجالا في عقولهم للتردد في قبول دعوته..
قَالَ لَىٕنِ اتَّخَذْتَ اِلٰهًا غَیْرِیْ لَاَجْعَلَنَّكَ مِنَ الْمَسْجُوْنِیْنَ(۲۹)
بولا اگر تم نے میرے سوا کسی اور کو خدا ٹھہرایا تو میں ضرور تمہیں قید کردوں گا (ف۳۴)
ولكن فرعون- وقد شعر بأن حجة موسى قد ألقمته حجرا انتقل من أسلوب المحاورة في شأن رسالة موسى إلى التهديد والوعيد- شأن الطغاة عند ما يعجزون عن دفع الحجة بالحجة- فقال لموسى عليه السلام-: لَئِنِ اتَّخَذْتَ إِلهَاً غَيْرِي لَأَجْعَلَنَّكَ مِنَ الْمَسْجُونِينَ.أى: قال فرعون لموسى بثورة وغضب: لئن اتخذت إلها غيرى يا موسى ليكون معبودا لك من دوني، لأجعلنك واحدا من جملة المسجونين في سجنى فهذا شأنى مع كل من يتمرد على عبادتي، ويخالف أمرى..قال صاحب الكشاف: فإن قلت: ألم يكن لأسجننك أخصر من لَأَجْعَلَنَّكَ مِنَ الْمَسْجُونِينَ ومؤديا مؤداه؟قلت: أما كونه أخصر فنعم. وأما كونه مؤديا مؤداه فلا، لأن معناه: «لأجعلنك واحدا ممن عرفت حالهم في سجونى وكان من عادته أن يأخذ من يريد سجنه فيطرحه في هوة ذاهبة في الأرض، بعيدة العمق. لا يبصر فيها ولا يسمع فكان ذلك أشد من القتل» ..
قَالَ اَوَ لَوْ جِئْتُكَ بِشَیْءٍ مُّبِیْنٍۚ(۳۰)
فرمایا کیا اگرچہ میں تیرے پاس کوئی روشن چیز لاؤں (ف۳۵)
ولكن موسى- عليه السلام- لم يخفه هذا التهديد والوعيد. بل رد عليه ردا حكيما فقال له: أَوَلَوْ جِئْتُكَ بِشَيْءٍ مُبِينٍ.والاستفهام للإنكار، والواو للعطف على كلام مقدر يستدعيه المقام، والمعنى. أتفعل ذلك بي بأن تجعلني من المسجونين، ولو جئتك بشيء مبين، يدل دلالة واضحة على صدقى في رسالتي وعلى أنى رسول من رب العالمين؟وعبر عن المعجزة التي أيده الله بها بأنها بِشَيْءٍ مُبِينٍ للتهويل من شأنها، والتفخيم من أمرها، ولعل مقصد موسى- عليه السلام- بهذا الكلام، أن يجر فرعون مرة أخرى إلى الحديث في شأن الرسالة التي جاءه من أجلها بعد أن رآه يريد أن يحول مجرى الحديث عنها إلى التهديد والوعيد، وأن يسد منافذ الهروب عليه أمام قومه. ولذا نجد فرعون لا يملك أمام موسى إلا أن يقول له: فَأْتِ بِهِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ.
أى: فأت بهذا الشيء المبين، إن كنت- يا موسى- من الصادقين في كلامك السابق..
فَاَلْقٰى عَصَاهُ فَاِذَا هِیَ ثُعْبَانٌ مُّبِیْنٌۚۖ(۳۲)
تو موسیٰ نے اپنا عصا ڈال دیا جبھی وہ صریح اژدہا ہوگیا (ف۳۶)
وهنا كشف موسى- عليه السلام- عما أيده الله- تعالى- به من معجزات حسية خارقة فَأَلْقى عَصاهُ على الأرض أمام فرعون وقومه فَإِذا هِيَ ثُعْبانٌ مُبِينٌ.أى: فإذا هي حية عظيمة في غاية الجلاء والوضوح على أنها حية حقيقية، لا شائبة معها للتخييل أو التمويه كما يفعل السحرة..
وَّ نَزَعَ یَدَهٗ فَاِذَا هِیَ بَیْضَآءُ لِلنّٰظِرِیْنَ۠(۳۳)
اور اپنا ہاتھ (ف۳۷) نکالا تو جبھی وہ دیکھنے والوں کی نگاہ میں جگمگانے لگا (ف۳۸)
ولم يكتف موسى بذلك في الدلالة على صدقه. وَنَزَعَ يَدَهُ أى: من جيبه فَإِذا هِيَ بَيْضاءُ لِلنَّاظِرِينَ أى: فإذا هي بيضاء بياضا يخالف لون جسمه- عليه السلام-، فهي تتلألأ كأنها قطعة من القمر، ولها شعاع يكاد يغشى الأبصار، وليس فيها ما يشير إلى أن بها سوءا أو مرضا.وهنا أحس فرعون بالرعب يسرى في أوصاله، وبأن ألوهيته المزعومة قد أوشكت على الانكشاف. وبأن معجزة موسى توشك أن تجعل الناس يؤمنون به، فالتفت إليهم وكأنه يحاول جذبهم إليه، واستطلاع رأيهم فيما شاهدوه، ويحكى القرآن ذلك بأسلوبه البليغ فيقول:
قَالَ لِلْمَلَاِ حَوْلَهٗۤ اِنَّ هٰذَا لَسٰحِرٌ عَلِیْمٌۙ(۳۴)
بولا اپنے گرد کے سرداروں سے کہ بیشک یہ دانا جادوگر ہیں،
أى: قال فرعون للملأ المحيطين به- بعد أن زلزلته معجزة موسى- إِنَّ هذا لَساحِرٌ عَلِيمٌ.أى: لساحر بارع في فن السحر، فهو مع اعترافه بضخامة ما أتى به موسى، يسميه سحرا.
یُّرِیْدُ اَنْ یُّخْرِجَكُمْ مِّنْ اَرْضِكُمْ بِسِحْرِهٖ ﳓ فَمَا ذَا تَاْمُرُوْنَ(۳۵)
چاہتے ہیں، کہ تمہیں تمہارے ملک سے نکال دیں اپنے جادو کے زور سے، تب تمہارا کیا مشورہ ہے (ف۳۹)
ثم يضيف إلى ذلك قوله لهم: يُرِيدُ أَنْ يُخْرِجَكُمْ هذا الساحر مِنْ أَرْضِكُمْ التي نشأتم عليها فَماذا تَأْمُرُونَ أى: فبأى شيء تشيرون على وأنتم حاشيتى ومحل ثقتي؟وفي هذه الجملة الكريمة تصوير بديع لنفس هذا الطاغية وأمثاله..إنه منذ قليل كان يرغى ويزبد. وإذا به بعد أن فاجأه موسى بمعجزته، يصاب بالذعر ويقول لمن زعم أنه ربهم الأعلى فَماذا تَأْمُرُونَ.وهكذا الطغاة عند ما يضيق الخناق حول رقابهم يتذللون ويتباكون.. فإذا ما انفك الخناق من حول رقابهم، عادوا إلى طغيانهم وفجورهم.ورحم الله صاحب الكشاف فقد قال: «ولقد تحير فرعون لما أبصر الآيتين، وبقي لا يدرى أى طرفيه أطول، حتى زل عنه ذكر دعوى الألوهية، وحط عن منكبيه كبرياء الربوبية. وارتعدت فرائصه، وانتفخ سحره- أى رئته- خوفا وفرقا، وبلغت به الاستكانة لقومه الذين هم بزعمه عبيده وهو إلههم: أن طفق يؤامرهم ويعترف لهم بما حذر منه وتوقعه وأحس به من جهة موسى- عليه السلام-» .ورد الملأ من قوم فرعون عليه بقولهم: أَرْجِهْ وَأَخاهُ أى: أخر أمرهما، يقال:
قَالُوْۤا اَرْجِهْ وَ اَخَاهُ وَ ابْعَثْ فِی الْمَدَآىٕنِ حٰشِرِیْنَۙ(۳۶)
وہ بولے انہیں ان کے بھائی کو ٹھہرائے رہو اور شہروں میں جمع کرنے والے بھیجو،
أرجأت هذا الأمر وأرجيته. إذا أخرته. ومنه أخذ لفظ المرجئة لتلك الفرقة التي تؤخر العمل وتقول: لا يضر مع الإيمان معصية كما لا ينفع مع الكفر طاعة.وَابْعَثْ فِي الْمَدائِنِ حاشِرِينَ أى: وابعث في مدن مملكتك رجالا من شرطتك يحشرون السحرة، أى: يجمعونهم عندك لتختار منهم من تشاء.
وقوله: يَأْتُوكَ بِكُلِّ سَحَّارٍ عَلِيمٍ مجزوم في جواب الأمر. أى: إن تبعثهم يأتوك بكل سحار فائق في سحره، عليم بفنونه ومداخله.
فَجُمِعَ السَّحَرَةُ لِمِیْقَاتِ یَوْمٍ مَّعْلُوْمٍۙ(۳۸)
تو جمع کیے گئے جادوگر ایک مقرر دن کے وعدے پر (ف۴۱)
ولبى فرعون طلب مستشاريه، فأرسل في المدائن من يجمع له السحرة فَجُمِعَ السَّحَرَةُ أى المعروفون ببراعتهم فيه لِمِيقاتِ يَوْمٍ مَعْلُومٍ أى: جمعوا وطلب منهم الاستعداد لمنازلة موسى- عليه السلام- في وقت معين هو «يوم الزينة» أى: يوم العيد.كما قال- تعالى- في آية أخرى: قالَ مَوْعِدُكُمْ يَوْمُ الزِّينَةِ وَأَنْ يُحْشَرَ النَّاسُ ضُحًى.
وَّ قِیْلَ لِلنَّاسِ هَلْ اَنْتُمْ مُّجْتَمِعُوْنَۙ(۳۹)
اور لوگوں سے کہا گیا کیا تم جمع ہوگئے (ف۴۲)
ثم حكى- سبحانه- ما فعله أعوان فرعون من حض الناس على حضور تلك المباراة فقال: وَقِيلَ لِلنَّاسِ هَلْ أَنْتُمْ مُجْتَمِعُونَ أى: في ذلك اليوم المعلوم الذي ينازل فيه السحرة موسى فالمقصود بالاستفهام الحض على الحضور والحث على عدم التخلف.
لَعَلَّنَا نَتَّبِـعُ السَّحَرَةَ اِنْ كَانُوْا هُمُ الْغٰلِبِیْنَ(۴۰)
شاید ہم ان جادوگروں ہی کی پیروی کریں اگر یہ غالب آئیں (ف۴۳)
والترجي في قولهم لَعَلَّنا نَتَّبِعُ السَّحَرَةَ إِنْ كانُوا هُمُ الْغالِبِينَ المقصود به- أيضا- حض السحرة على بذل أقصى جهدهم ليتغلبوا على موسى- عليه السلام-، فكأنهم يقولون لهم: ابذلوا قصارى جهدكم في حسن إعداد سحركم فنحن نرجو أن تكون الغلبة لكم، فنكون معكم لا مع موسى- عليه السلام-.
- English | Ahmed Ali
- Urdu | Ahmed Raza Khan
- Turkish | Ali-Bulaç
- German | Bubenheim Elyas
- Chinese | Chineese
- Spanish | Cortes
- Dutch | Dutch
- Portuguese | El-Hayek
- English | English
- Urdu | Fateh Muhammad Jalandhry
- French | French
- Hausa | Hausa
- Indonesian | Indonesian-Bahasa
- Italian | Italian
- Korean | Korean
- Malay | Malay
- Russian | Russian
- Tamil | Tamil
- Thai | Thai
- Farsi | مکارم شیرازی
- العربية | التفسير الميسر
- العربية | تفسير الجلالين
- العربية | تفسير السعدي
- العربية | تفسير ابن كثير
- العربية | تفسير الوسيط لطنطاوي
- العربية | تفسير البغوي
- العربية | تفسير القرطبي
- العربية | تفسير الطبري
- English | Arberry
- English | Yusuf Ali
- Dutch | Keyzer
- Dutch | Leemhuis
- Dutch | Siregar
- Urdu | Sirat ul Jinan