READ
Surah As-Sajdah
اَلسَّجْدَة
30 Ayaat مکیۃ
32:0
بِسْمِ اللّٰهِ الرَّحْمٰنِ الرَّحِیْمِ
اللہ کے نام سے شروع جو بہت مہربان رحمت والا
سورة الفاتحة هي السورة الوحيدة التي أمر الإسلام أتباعه أن يقرءوها في كل صلاة. وفي جميع الركعات، وفي كل الأوقات، ولهذا أصبح حفظها ميسورا لكل مؤمن.وهذه السورة على صغر حجمها، وقلة آياتها، قد اشتملت بوجه إجمالي على مقاصد الدين من توحيد، وتعبد، وأحكام، ووعد ووعيد.ونرى من الخير قبل أن نبدأ في تفسيرها بالتفصيل، أن نمهد لذلك بالكلام عما يأتي:أولا: متى نزلت سورة الفاتحة؟للإجابة على هذا السؤال نقول: إن الرأي الراجح بين المحققين من العلماء أنها نزلت بمكة، بل هي من أوائل ما نزل من القرآن بمكة.وقيل: إنها مدنية. وقيل: إنها نزلت مرتين مرة بمكة حين فرضت الصلاة ومرة بالمدينة حين حولت القبلة.قال القرطبي: الأول أصح لقوله- تعالى- في سورة الحجر: وَلَقَدْ آتَيْناكَ سَبْعاً مِنَ الْمَثانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ وسورة الحجر مكية بالإجماع. ولا خلاف في أن فرض الصلاة كان بمكة، وما حفظ أنه لم يكن في الإسلام قط صلاة بغير الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ «يدل على ذلك قوله صلّى الله عليه وسلّم: «لا صلاة إلا بفاتحة الكتاب» . وهذا خبر عن الحكم لا عن الابتداء» .ثانيا: عدد آياتها: وهي سبع آيات لقوله- تعالى-: وَلَقَدْ آتَيْناكَ سَبْعاً مِنَ الْمَثانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ. قال العلماء: السبع المثاني هي الفاتحة.وقال ابن كثير: هي سبع آيات بلا خلاف. وقال عمرو بن عبيد: هي ثماني آيات لأنه جعل إِيَّاكَ نَعْبُدُ آية. وقال حسين الجعفي: هي ست آيات وهذان القولان شاذان» .ثالثا: أسماؤها: لسورة الفاتحة أسماء كثيرة من أشهرها:1- «الفاتحة أو فاتحة الكتاب، وسميت بذلك لأنه تفتتح قراءة القرآن بها لفظا. وتفتتح بها الكتابة في المصحف خطا، وتفتتح بها الصلوات، وإن لم تكن هي أول ما نزل من القرآن. وقد اشتهرت بهذا الاسم في أيام النبوة.وقد أصبح هذا الاسم علما بالغلبة لتلك الطائفة من الآيات التي مبدؤها الْحَمْدُ لِلَّهِ..ونهايتها.. وَلَا الضَّالِّينَ.2- «أم القرآن أو الكتاب» وسميت بذلك لاشتمالها إجمالا على المقاصد التي ذكرت فيه تفصيلا، أو لاشتمالها على ما فيه من الثناء على الله بما هو أهله، والتعبد بأمره ونهيه، وبيان وعده ووعيده، أو على جملة معانيه من الحكم النظرية، والأحكام العملية التي هي سلوك الصراط المستقيم، والاطلاع على معارج السعداء ومنازل الأشقياء.قال ابن جرير: «والعرب تسمى كل أمر جامع أمّا، وكل مقدم له توابع تتبعه «أما» فتقول للجلدة التي تجمع الدماغ: «أم الرأس» . وتسمى لواء الجيش ورايتهم التي يجتمعون تحتها «أما» .3- «السبع المثاني» جمع مثنى كفعلي اسم مكان. أو مثنى- بالتشديد- من التثنية على غير قياس. وسميت بذلك لأنها سبع آيات في الصلاة، أى تكرر فيها أخرج الإمام أحمد، عن أبي هريرة، عن النبي صلّى الله عليه وسلّم أنه قال: «هي أم القرآن، وهي السبع المثاني، وهي القرآن العظيم» .4- وتسمى- أيضا- سورة «الحمد» . 5- و «الكنز» . 6- و «الواقية» .7- و «الشفاء» ، لحديث. هي الشفاء من كل داء.8- و «الكافية» لأنها تكفي عن سواها ولا يكفى سواها عنها.9- و «الأساس» . 10- و «الرقية» .هذا، وقد ذكر القرطبي للفاتحة اثنى عشر اسما، كما ذكر السيوطي لها في كتابه «الإتقان» خمسة وعشرين اسما.رابعا: فضلها: ورد في فضل سورة الفاتحة أحاديث كثيرة منها:ما رواه البخاري في صحيحه عن أبي سعيد بن المعلى- رضي الله عنه- قال:كنت أصلي في المسجد، فدعاني النبي صلّى الله عليه وسلّم فلم أجبه فقلت: يا رسول الله، إني كنت أصلّي.فقال: ألم يقل الله: اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذا دَعاكُمْ.ثم قال لي: «لأعلمنك سورة هي أعظم السور في القرآن قبل أن تخرج من المسجد» . ثم أخذ بيدي، فلما أراد أن يخرج، قلت: يا رسول الله. ألم تقل: لأعلمنك سورة هي أعظم سورة في القرآن. قال: الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ، هي السبع المثاني والقرآن العظيم الذي أوتيته» .وروى مسلّم والنسائي، عن ابن عباس، قال:بينما جبريل قاعد عند النبي صلّى الله عليه وسلّم سمع نقيضا من فوقه- أي: صوتا- فرفع رأسه فقال:هذا باب من السماء فتح اليوم لم يفتح قط إلا اليوم. فسلّم وقال: أبشر بنورين قد أوتيتهما، ولم يؤتهما نبي قبلك: فاتحة الكتاب، وخواتيم سورة البقرة، لم تقرأ بحرف منهما إلا أعطيته» .وروى مسلّم عن أبي هريرة- رضي الله عنه- عن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال:«من صلّى صلاة لم يقرأ فيها بأم القرآن فهي خداج (ثلاثا) : غير تمام» فقيل لأبي هريرة: إنا نكون وراء الإمام؟ فقال: اقرأ بها في نفسك فإني سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول: قال الله- تعالى-: «قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين، ولعبدي ما سأل» ، فإذا قال العبد:الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ. قال الله: حمدني عبدي، وإذا قال: الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ. قال الله تعالى: أثنى علي عبدي. وإذا قال: مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ قال الله: مجدني عبدي. فإذا قال:إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ. قال الله: هذا بيني وبين عبدي ولعبدي ما سأل. فإذا قال:اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ. صِراطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ.قال الله: «هذا لعبدي ولعبدي ما سأل» .وأخرج الإمام أحمد في مسنده، عن عبد الله بن جابر، أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال له: ألا أخبرك بأخير سورة في القرآن؟ قلت: بلى يا رسول الله. قال: اقرأ: الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ حتى تختمها .تلك هي بعض الأحاديث التي وردت في فضل هذه السورة الكريمة.وقد ذكر العلماء أنه يسن للمسلّم قبل القراءة أن يستعيذ بالله من الشيطان الرجيم، استجابة لقوله- تعالى- فَإِذا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطانِ الرَّجِيمِ .ومعنى «أعوذ بالله من الشيطان الرجيم» : ألتجئ إلى الله وأتحصن به، واستجير بجنابه من الشيطان الرجيم أن يضرني في ديني أو دنياي.قال ابن كثير: «والشيطان في لغة العرب كل متمرد من الجن والإنس والدواب وكل شيء.وهو مشتق من شطن إذا بعد، فهو بعيد بطبعه عن طباع الشر، وبعيد بفسقه عن كل خير.وقيل: مشتق من شاط لأنه مخلوق من نار. والأول أصح إذ عليه يدل كلام العرب، فهم:يقولون تشيطن فلان إذا فعل أفعال الشيطان، ولو كان من شاط. لقالوا: تشيط، فالشيطان مشتق من البعد على الصحيح» .والرجيم: فعيل بمعنى مفعول أي أنه مرجوم مطرود من رحمة الله ومن كل خير، وقيل:رجيم بمعنى راجم لأنه يرجم الناس بالوساوس والشكوك.قال بعض العلماء: «وإنما خصت القراءة بطلب الاستعاذة مع أنه قد أمر بها على وجه العموم في جميع الشئون، لأن القرآن مصدر الهداية والشيطان مصدر الضلال، فهو يقف للإنسان بالمرصاد في هذا الشأن على وجه خاص، فيثير أمامه ألوانا من الشكوك فيما يقرأ، وفيما يفيد من قراءته، وفيما يقصد بها، فيفوت عليه الانتفاع بهدى الله وآياته، فعلمنا الله أن نتقي ذلك كله بهذه الاستعاذة التي هي في الواقع عنوان صدق، وتعبير حق، عن امتلاء قلب المؤمن بمعنى اللجوء إلى الله، وقوة عزيمته في طرد الوساوس والشكوك، واستقبال الهداية بقلب طاهر،وعقل واع، وإيمان ثابت» .قال القرطبي: وقد أجمع العلماء على أن التعوذ ليس من القرآن ولا آية منه، وهو قول القارئ: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم .والآن وبعد هذا التمهيد الموجز الذي تكلمنا فيه عن نزول سورة الفاتحة، وعن عدد آياتها، وعن أشهر أسمائها، وعن بعض الأحاديث التي وردت في فضلها نحب أن نبدأ في تفسير السورة الكريمة فنقول- وبالله التوفيق-: بسم ٱلله الرَّحْمٰنِ الرَّحِيمِ الاسم: اللفظ الذى يدل على ذات أو معنى. وقد اختلف النحويون في اشتقاقه على وجهين، فقال البصريون: هو مشتق من السمو، وهو العلو والرفعة، فقيل: اسم، لأن صاحبه بمنزلة المرتفع به.وقال الكوفيون: إنه مشتق من السمة وهي العلامة، لأن الاسم علامة لمن وضع له، فأصل اسم على هذا " وسم ".ويرى المحققون أن رأي البصريين أرجح، لأنه يقال في تصغير " اسم " سُمىَ، وفي جمعه أسماء، والتصغير والجمع يردان الأشياء إلى أصولها. ولو كان أصله وسم - كما قال الكوفيون - لقيل في جمعه: أوسام، وفي تصغيره وسيم.ولفظ الجلالة وهو " الله " علم على ذات الخالق - عز وجل - تفرد به - سبحانه - ولا يطلق على غيره، ولا يشاركه فيه أحد.قال القرطبي: قوله " الله " هذا الاسم أكبر أسمائه - سبحانه - وأجمعها حتى قال بعض العلماء: إنه اسم الله الأعظم ولم يتسم به غيره، ولذلك لم يثن ولم يجمع: فالله اسم للموجود الحق الجامع لصفات الإِلهية، المنعوت بنعوت الربوبيه، المنفرد بالوجود الحقيقي، لا إله إلا هو - سبحانه -و ٱلرَّحْمٰنِ ٱلرَّحِيمِ صفتان مشتقتان من الرحمة. والرحمة في أصل اللغة: رقة في القلب تقتضي الإِحسان، وهذا المعنى لا يليق أن يكون وصفاً لله - تعالى-، ولذا فسرها بعض العلماء بإرادة الإِحسان. وفسرها آخرون بالإِحسان نفسه.والموافق لمذهب السلف أن يقال: هي صفة قائمة بذاته - تعالى - لا نعرف حقيقتها، وإنما نعرف أثرها الذي هو الإِحسان.وقد كثرت أقوال المفسرين في العلاقة بين هاتين الصفتين، فبعضهم يرى أن ٱلرَّحْمٰنِ هو المنعم على جميع الخلق. وأن ٱلرَّحِيمِ هو المنعم على المؤمنين خاصه. ويرى آخرون أن ٱلرَّحْمٰنِ هو المنعم بجلائل النعم، وأن ٱلرَّحِيمِ هو المنعم بدقائقها.ويرى فريق ثالث أن الوصفين بمعنى واحد وأن الثاني منهما تأكيد للأول. والذى يراه المحققون من العلماء أن الصفتين ليستا بمعنى واحد، بل روعي فب كل منهما معنى لم يراع في الآخر، فالرحمن بمعنى عظيم الرحمة، لأن فعلان صيغة مبالغة في كثرة الشيء وعظمته، ويلزم منه الدوام كغضبان وسكران. والرحيم بمعنى دائم الرحمة، لأن صيغته فعيل تستعمل في الصفات الدائمة ككريم وظريف. فكأنه قيل: العظيم الرحمة الدائمة.أو أن ٱلرَّحْمٰنِ صفة ذاتية هي مبدأ الرحمة والإِحسان. و ٱلرَّحِيمِ صفة فعل تدل على وصول الرحمة والإِحسان وتعديهما إلى المنعم عليه.ولعل مما يؤيد ذلك أن لفظ الرحمن لم يذكر في القرآن إلا مجرى عليه الصفات كما هو الشأنِ في أسماء الذات. قال - تعالى-: ٱلرَّحْمَٰنُ عَلَّمَ ٱلْقُرْآنَ و ٱلرَّحْمَٰنُ عَلَى ٱلْعَرْشِ ٱسْتَوَىٰ قُلِ ٱدْعُواْ ٱللَّهَ أَوِ ٱدْعُواْ ٱلرَّحْمَٰنَ وهكذا...أما لفظ الرحيم فقد كثر في القرآن استعماله وصفاً فعلياً، وجاء في الغالب بأسلوب التعدية والتعلق بالمنعم عليه. قال - تعالى - إِنَّ ٱللَّهَ بِٱلنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَّحِيمٌ وَكَانَ بِٱلْمُؤْمِنِينَ رَحِيماً إِنَّهُ كَانَ بِكُمْ رَحِيماً إلخ.قال بعض العلماء " وهذا الرأي في نظرنا هو أقوى الآراء، فإن تخصيص أحد الوصفين بدقائق النعم أو ببعض المنعم عليهم لا دليل عليه، كما أنه ليس مستساغاً أن يقال في القرآن: إن كلمة ذكرت بعد أخرى لمجرد تأكيد المعنى المستفاد منها ".والجار والمجرور " بسم " متعلق بمحذوف تقديره ابتدئ.والمعنى: ابتدئ قراءتي متبركاً ومتيمناً باسم الله الذى هو الأول والآخر، والظاهر والباطن، والذى رحمته وسعت كل شيء، وأتبرأ مما كان يفعله المشركون والضالون، من ابتدائهم قراءتهم وأفعالهم باسم اللات أو باسم العزى أو باسم غيرهما من الآلهة الباطلة.هذا وقد أجمع العلماء على أن البسملة جزء آية من سورة النمل فى قوله - تعالى - إِنَّهُ مِن سُلَيْمَانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ ٱللَّهِ ٱلرَّحْمَٰنِ ٱلرَّحِيمِ ثم اختلفوا بعد ذلك في كونها آية مستقلة أنزلت للفصل بين السور مرة واحدة، أو هى آية من سورة الفاتحة ومن كل سورة ألخ.فبعضهم يرى أن البسملة آية من الفاتحة ومن كل سورة، ومن حججهم أن السلف قد أثبتوها في المصحف مع الأمر بتجريد القرآن مما ليس منه، ولذا لم يكتبوا " آمين ". فثبت بهذا أن البسملة جزء من الفاتحة ومن كل سورة.وبهذا الرأي قال ابن عباس وابن عمر وأبو هريرة وسعيد بن جبير والشافعي، وأحمد في أحد قوليه.ويرى آخرون أن البسملة ليست آية من الفاتحة ولا من غيرها من السور، وقالوا: إنها آية فذة. من القرآن أنزلت للفصل والتبرك للابتداء بها، ومن حججهم أنها لو كانت آية من الفاتحة ومن كل سورة، لما اختلف الناس في ذلك، ولما اضطربت أقوالهم في كونها آية من كل سورة أو من الفاتحة فقط.وكما وقع الخلاف بين العلماء في كونها آية مستقلة أو آية من كل سورة، فقد وقع الخلاف بينهم - أيضاً - في وجوب قراءتها فى الصلاة، وفي الجهر بها أو الإِسرار إذا قرئت.وتحقيق القول في ذلك مرجعه إلى كتب الفقه، وإلى كتب التفسير التي عنيت بتفسير آيات الأحكام.
مقدّمة1- سورة «السجدة» هي السورة الثانية والثلاثون في ترتيب المصحف، وكان نزولها بعد سورة «المؤمنون» ، أى: أنها من أواخر السور المكية.قال الآلوسى ما ملخصه: وتسمى- أيضا- بسورة «المضاجع» . وهي مكية، كما روى عن ابن عباس.وروى عنه أنها مكية سوى ثلاث آيات، تبدأ بقوله- تعالى-: أَفَمَنْ كانَ مُؤْمِناً كَمَنْ كانَ فاسِقاً ... وهي تسع وعشرون آية في البصري. وثلاثون آية في المصاحف الباقية ... » .ومن فضائل هذه السورة ما رواه الشيخان عن أبى هريرة قال: كان النبي- صلى الله عليه وسلم- يقرأ في الفجر يوم الجمعة الم. تَنْزِيلُ ... السجدة. وهَلْ أَتى عَلَى الْإِنْسانِ....وروى الإمام أحمد عن جابر قال: «كان النبي- صلى الله عليه وسلم- لا ينام حتى يقرأ هذه السورة، وسورة تبارك» .2- وتبدأ هذه السورة الكريمة، بالثناء على القرآن الكريم، وببيان أنه من عند الله- تعالى-، وبالرد على الذين زعموا أن الرسول- صلى الله عليه وسلم- قد افتراه من عند نفسه ...ثم تسوق ألوانا من نعم الله- تعالى- على عباده، ومن مظاهر قدرته، وبديع خلقه، وشمول إرادته، وإحسانه لكل شيء خلقه ذلِكَ عالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ. الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ، وَبَدَأَ خَلْقَ الْإِنْسانِ مِنْ طِينٍ.3- ثم تذكر السورة الكريمة بعد ذلك جانبا من شبهات المشركين حول البعث والحساب، وترد عليها بما يبطلها، وتصور أحوالهم عند ما يقفون أمام خالقهم للحساب تصويرا مؤثرا مرعبا قال- تعالى-: وَلَوْ تَرى إِذِ الْمُجْرِمُونَ ناكِسُوا رُؤُسِهِمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ، رَبَّنا أَبْصَرْنا وَسَمِعْنا، فَارْجِعْنا نَعْمَلْ صالِحاً إِنَّا مُوقِنُونَ.4- وبعد أن تذكر السورة الكريمة ما أعده الله- تعالى- للمؤمنين من ثواب لا تعلمه نفس من الأنفس، وما أعده للكافرين من عقاب.. بعد كل ذلك تبين أن عدالته- تعالى- قد اقتضت عدم المساواة بين الأخيار والأشرار وإنما يجازى كل إنسان على حسب عمله.قال- تعالى-: أَفَمَنْ كانَ مُؤْمِناً كَمَنْ كانَ فاسِقاً، لا يَسْتَوُونَ.5- ثم تشير السورة الكريمة بعد ذلك إلى ما أعطاه الله- تعالى- لنبيه موسى- عليه السّلام- من نعم، وما منحه للصالحين من قومه من منن، لكي يتأسى بهم المؤمنون وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ فَلا تَكُنْ فِي مِرْيَةٍ مِنْ لِقائِهِ، وَجَعَلْناهُ هُدىً لِبَنِي إِسْرائِيلَ. وَجَعَلْنا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنا لَمَّا صَبَرُوا، وَكانُوا بِآياتِنا يُوقِنُونَ.6- ثم حضت السورة الكريمة المشركين على التدبر والتفكر في آيات الله- تعالى-، ونهتهم عن الجحود والعناد، وحكت جانبا من سفاهاتهم، وأمرت النبي صلّى الله عليه وسلّم بأن يرد عليهم، وأن يمضى في طريقه دون أن يعير سفاهاتهم اهتماما.قال- تعالى-: وَيَقُولُونَ مَتى هذَا الْفَتْحُ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ. قُلْ يَوْمَ الْفَتْحِ لا يَنْفَعُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِيمانُهُمْ وَلا هُمْ يُنْظَرُونَ. فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَانْتَظِرْ إِنَّهُمْ مُنْتَظِرُونَ.7- وبعد فهذا عرض إجمالى لسورة «السجدة» ومنه نرى أنها زاخرة بالأدلة على وحدانية الله- تعالى- وقدرته، وعلى أن القرآن حق، والبعث حق، والحساب حق، والجزاء حق..وصلّى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.سورة السجدة من السور التى افتتحت ببعض حروف التهجى ، وقد سبق أن ذكرنا آراء العلماء فى لك بشئ من التفصيل عند تفسيرنا لسورة : البقرة ، وآل عمران ، والأعراف . .وقلنا : ما ملخصه : إن أقرب الأقوال إلى الصواب ، أن هذه الحروف المقطعة ، قد وردت فى افتتاح بعض السور ، على سبيل الإِيقاظ والتنبيه إلى إعجاز القرآن .فكأن الله - تعالى - يقول لأولئك الكافرين المعارضين فى أن القرآن من عند الله : هاكم القرآن ترونه مؤلفاً من كلام هو من جنس ما تؤلفون منه كلامكم ومنظوماً من حروف ، وهى من جنس الحروف الهجائية التى تنظمون منها حروفكم .فإن كنتم فى شك من كونه منزلاً من عند الله فهاتوا مثله ، وادعوا من شئتم من الخلق لكى يعاونكم فى ذلك ، أو هاتوا عشر سور من مثله ، أو سورة من مثله . .ومع كل هذا التساهل فى التحدى . فقد عجزوا وانقلبوا خاسرين ، وثبت بذلك أن القرآن من عند الله - تعالى - وحده .
تَنْزِیْلُ الْكِتٰبِ لَا رَیْبَ فِیْهِ مِنْ رَّبِّ الْعٰلَمِیْنَؕ(۲)
کتاب کا اتارنا (ف۲) بیشک پروردگار عالم کی طرف سے ہے،
وقوله- تعالى-: تَنْزِيلُ الْكِتابِ لا رَيْبَ فِيهِ مِنْ رَبِّ الْعالَمِينَ بيان لمصدر القرآن الكريم وأنه لا شك في كونه من عند الله- عز وجل-.وقوله: تَنْزِيلُ الْكِتابِ مبتدأ. وخبره مِنْ رَبِّ الْعالَمِينَ وجملة لا رَيْبَ فِيهِ معترضة بينهما، أو حال من الكتاب...أى: تنزيل هذا الكتاب عليك- أيها الرسول الكريم- كائن من رب العالمين، وهذا أمر لا شك فيه، ولا يخالطه ريب أو تردد عند كل عاقل.وعجل- سبحانه- بنفي الريب، حيث جعله بين المبتدأ والخبر، لبيان أن هذه القضية ليست محلا للشك أو الريب، وأن كل منصف يعلم أن هذا القرآن من رب العالمين.
اَمْ یَقُوْلُوْنَ افْتَرٰىهُۚ-بَلْ هُوَ الْحَقُّ مِنْ رَّبِّكَ لِتُنْذِرَ قَوْمًا مَّاۤ اَتٰىهُمْ مِّنْ نَّذِیْرٍ مِّنْ قَبْلِكَ لَعَلَّهُمْ یَهْتَدُوْنَ(۳)
کیا کہتے ہیں (ف۳) ان کی بنائی ہوئی ہے (ف۴) بلکہ وہی حق ہے تمہارے رب کی طرف سے کہ تم ڈراؤ ایسے لوگوں کو جن کے پاس تم سے پہلے کوئی ڈر سنانے والا نہ آیا (ف۵) اس امید پر کہ وہ راہ پائیں،
و «أم» في قوله- تعالى-: أَمْ يَقُولُونَ افْتَراهُ هي المنقطعة التي بمعنى بل والهمزة.والاستفهام للتعجيب من قولهم وإنكاره.والافتراء: الاختلاق. يقال: فلان افترى الكذب، أى: اختلقه. وأصله من الفري بمعنى قطع الجلد، وأكثر ما يكون للإفساد.والمعنى: بل أيقول هؤلاء المشركون، إن محمدا صلى الله عليه وسلم، قد افترى هذا القرآن، واختلقه من عند نفسه ... ؟وقوله- عز وجل-: بَلْ هُوَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ رد على أقوالهم الباطلة.أى: لا تستمع- أيها الرسول الكريم- إلى أقاويلهم الفاسدة، فإن هذا القرآن هو الحق الصادر إليك من ربك- عز وجل-.ثم بين- سبحانه- الحكمة في إرساله صلى الله عليه وسلم وفي إنزال القرآن عليه فقال: لِتُنْذِرَ قَوْماً ما أَتاهُمْ مِنْ نَذِيرٍ مِنْ قَبْلِكَ لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ.والإنذار: هو التخويف من ارتكاب شيء تسوء عاقبته. و «ما» نافية. و «نذير» فاعل «أتاهم» و «من» مزيدة للتأكيد.أى: هذا القرآن- يا محمد- هو معجزتك الكبرى، وقد أنزلناه إليك لتنذر قوما لم يأتهم نذير من قبلك بما جئتهم به من هدايات وإرشادات وآداب.وقد فعلنا ذلك رجاء أن يهتدوا إلى الصراط المستقيم، ويستقبلوا دعوتك بالطاعة والاستجابة لما تدعوهم إليه.ولا يقال: إن إسماعيل- عليه السلام- قد أرسل إلى آباء هؤلاء العرب الذين أرسل الرسول صلى الله عليه وسلم إليهم، لأن رسالة إسماعيل قد اندرست بطول الزمن، ولم ينقلها الخلف عن السلف، فكانت رسالة الرسول صلى الله عليه وسلم إلى قومه، جديدة في منهجها وأحكامها وتشريعاتها.
اَللّٰهُ الَّذِیْ خَلَقَ السَّمٰوٰتِ وَ الْاَرْضَ وَ مَا بَیْنَهُمَا فِیْ سِتَّةِ اَیَّامٍ ثُمَّ اسْتَوٰى عَلَى الْعَرْشِؕ-مَا لَكُمْ مِّنْ دُوْنِهٖ مِنْ وَّلِیٍّ وَّ لَا شَفِیْعٍؕ-اَفَلَا تَتَذَكَّرُوْنَ(۴)
اللہ ہے جس نے آسمان اور زمین اور جو کچھ ان کے بیچ میں ہے چھ دن میں بنائے پھر عرش پر استوا فرمایا (ف۶) اس سے چھوٹ کر (لا تعلق ہوکر) تمہارا کوئی حمایتی اور نہ سفارشی (ف۷) تو کیا تم دھیان نہیں کرتے،
ثم أثنى- سبحانه- على ذاته، بما يستحقه من إجلال وتعظيم وتقديس فقال: اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ....والأيام جمع يوم، واليوم في اللغة: مطلق الوقت، أى: في ستة أوقات لا يعلم مقدارها إلا الله- تعالى-.وهو- سبحانه- قادر على أن يخلق السموات والأرض وما بينهما في لمحة أو لحظة، ولكنه- عز وجل- خلقهن في تلك الأوقات، لكي يعلم عباده التأنى والتثبت في الأمور.قال القرطبي: قوله- تعالى-: سِتَّةِ أَيَّامٍ قال الحسن: من أيام الدنيا. وقال ابن عباس: إن اليوم من الأيام الستة، التي خلق الله فيها السموات والأرض، مقداره ألف سنة من سنى الدنيا.. .وقال بعض العلماء ما ملخصه: وليست هذه الأيام من أيام هذه الأرض التي نعرفها، إذ أيام هذه الأرض، مقياس زمنى ناشئ من دورة هذه الأرض حول نفسها أمام الشمس مرة، تؤلف ليلا ونهارا على هذه الأرض.. وهو مقياس يصلح لنا نحن أبناء هذه الأرض الصغيرة الضئيلة. أما حقيقة هذه الأيام الستة المذكورة في القرآن، فعلمها عند الله. ولا سبيل لنا إلى تحديدها وتعيين مقدارها، فهي من أيام الله التي يقول عنها: وَإِنَّ يَوْماً عِنْدَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ.وقوله- سبحانه-: ثُمَّ اسْتَوى عَلَى الْعَرْشِ إشارة إلى استعلائه وهيمنته على شئون خلقه.وقال بعض العلماء: وعرش الله- تعالى- مما لا يعلمه البشر إلا بالاسم.. وقد ذكر في إحدى وعشرين آية. وذكر الاستواء على العرش في سبع آيات.أما الاستواء على العرش، فذهب سلف الأمة، إلى أنه صفة الله- تعالى- بلا كيف ولا انحصار ولا تشبيه ولا تمثيل، لاستحالة اتصافه- سبحانه- بصفات المحدثين، ولوجوب تنزيهه عما لا يليق به: لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ.وأنه يجب الإيمان بها كما وردت، وتفويض العلم بحقيقتها إليه- تعالى-.قال الإمام مالك: الكيف غير معقول، والاستواء غير مجهول، والإيمان به واجب، والسؤال عنه بدعة.وقال محمد بن الحسن: اتفق الفقهاء جميعا على الإيمان بالصفات، من غير تفسير ولا تشبيه.وقال الإمام الرازي: إن هذا المذهب هو الذي نقول به ونختاره ونعتمد عليه..».وقوله- سبحانه-: ما لَكُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا شَفِيعٍ أَفَلا تَتَذَكَّرُونَ أى: ليس لكم- أيها الناس- إذا تجاوزتم حدوده- عز وجل- مِنْ وَلِيٍّ أى: من ناصر ينصركم إن أراد عقابكم، وَلا شَفِيعٍ يشفع لكم عنده لكي يعفو عنكم، أفلا تعقلون هذه المعاني الواضحة، وتسمعون هذه المواعظ البليغة، التي من شأنها أن تحملكم على التذكر والاعتبار والطاعة التامة لله رب العالمين.فالآية الكريمة جمعت في توجيهاتها الحكيمة، بين مظاهر قدرة الله- تعالى-، وبين الترهيب من معصيته ومخالفة أمره، وبين الحض على التذكر والاعتبار.
یُدَبِّرُ الْاَمْرَ مِنَ السَّمَآءِ اِلَى الْاَرْضِ ثُمَّ یَعْرُجُ اِلَیْهِ فِیْ یَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهٗۤ اَلْفَ سَنَةٍ مِّمَّا تَعُدُّوْنَ(۵)
کام کی تدبیر فرماتا ہے آسمان سے زمین تک (ف۸) پھر اسی کی طرف رجوع کرے گا (ف۹) اس دن کہ جس کی مقدار ہزار برس ہے تمہاری گنتی میں (ف۱۰)
ثم أضاف- سبحانه- إلى ما سبق أن وصف به ذاته، صفات أخرى تليق بجلاله، فقال: يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مِنَ السَّماءِ إِلَى الْأَرْضِ، ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كانَ مِقْدارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ.وقوله- تعالى-: يُدَبِّرُ من التدبير بمعنى الإحكام والإتقان، والمراد به هنا: إيجاد الأشياء على هذا النحو البديع الحكيم الذي نشاهده، وأصل التدبير: النظر في أعقاب الأمور محمودة العاقبة.وقوله: يَعْرُجُ من العروج بمعنى الصعود والارتفاع والصيرورة إليه- تعالى-.والضمير في «إليه» يعود إلى الأمر الذي دبره وأحكمه- سبحانه-.أى: أن الله- تعالى- هو الذي يحكم شئون الدنيا السماوية والأرضية إلى أن تقوم الساعة، وهو الذي يجعلها على تلك الصورة البديعة المتقنة، ثم تصعد إليه- تعالى- تلك الأمور والشئون المدبرة، في يوم، عظيم هو يوم القيامة كانَ مِقْدارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ من أيام الدنيا.قال الآلوسى ما ملخصه: وقوله: مِنَ السَّماءِ إِلَى الْأَرْضِ متعلقان بقوله:يُدَبِّرُ ومن ابتدائية، وإلى انتهائية. أى: يريده- تعالى- على وجه الإتقان ومراعاة الحكمة، منزلا له من السماء إلى الأرض. وإنزاله من السماء باعتبار أسبابه، فإن أسبابه سماوية من الملائكة وغيرهم.وقوله ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ أى: ذلك الأمر بعد تدبيره. وهذا العروج مجاز عن ثبوته في علمه.. أو عن كتابته في صحف الملائكة بأمره- تعالى-.وقال بعض العلماء: وقد ذكر- سبحانه- هنا أنه يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مِنَ السَّماءِ إِلَى الْأَرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كانَ مِقْدارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ. وذكر في سورة الحج وَإِنَّ يَوْماً عِنْدَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ. وذكر في سورة المعارج تَعْرُجُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كانَ مِقْدارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ والجمع بين هذه الآيات من وجهين:الأول: ما جاء عن ابن عباس من أن يوم الألف في سورة الحج، هو أحد الأيام الستة التي خلق الله فيها السموات والأرض. ويوم الألف في سورة السجدة، هو مقدار سير الأمر وعروجه إليه- تعالى-، ويوم الخمسين ألفا- في سورة المعارج- هو يوم القيامة.الثاني: أن المراد بجميعها يوم القيامة، وأن الاختلاف باعتبار حال المؤمن والكافر ويدل لهذا الوجه قوله- تعالى-: فَذلِكَ يَوْمَئِذٍ يَوْمٌ عَسِيرٌ، عَلَى الْكافِرِينَ غَيْرُ يَسِيرٍ.أى: أن يوم القيامة يتفاوت طوله بحسب اختلاف الشدة، فهو يعادل في حالة ألف سنة من سنى الدنيا، ويعادل في حالة أخرى خمسين ألف سنة.
ذٰلِكَ عٰلِمُ الْغَیْبِ وَ الشَّهَادَةِ الْعَزِیْزُ الرَّحِیْمُۙ(۶)
یہ (ف۱۱) ہے ہر نہاں اور عیاں کا جاننے والا عزت و رحمت والا،
واسم الإشارة في قوله ذلِكَ عالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ يعود إلى الله- تعالى-، وهو مبتدأ، وما بعده أخبار له- عز وجل-.أى: ذلك الذي اتصف بتلك الصفات الجليلة، وفعل تلك الأفعال المتقنة الحكيمة، هو الله- تعالى-، عالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ أى: عالم كل ما غاب عن الحس، وكل ما هو مشاهد له، لا يخفى عليه شيء مما ظهر أو بطن الْعَزِيزُ الذي لا يغلبه غالب الرَّحِيمُ بعباده.
الَّذِیْۤ اَحْسَنَ كُلَّ شَیْءٍ خَلَقَهٗ وَ بَدَاَ خَلْقَ الْاِنْسَانِ مِنْ طِیْنٍۚ(۷)
وہ جس نے جو چیز بتائی خوب بنائی (ف۲۱) اور پیدائش انسان کی ابتدا مٹی سے فرمائی (ف۱۳)
الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ أى: الذي أحكم وأتقن كل شيء خلقه وأوجده في هذا الكون، لأنه- سبحانه- أوجده على النحو الذي تقتضيه حكمته، وتستدعيه مصلحة عباده.قال الشوكانى: وقرأ الجمهور خَلَقَهُ- بفتح اللام- على أنه فعل ماض صفة لشيء، فهو في محل جر. أو صفة للمضاف فيكون في محل نصب.وقرأ ابن كثير وأبو عمرو ابن عامر: خَلَقَهُ- بسكون اللام- وفي نصبه أوجه:الأول: أن يكون بدلا من كُلَّ شَيْءٍ بدل اشتمال، والضمير عائد على كل شيء، وهذا هو المشهور ....والمراد بالإنسان في قوله- تعالى-: وَبَدَأَ خَلْقَ الْإِنْسانِ مِنْ طِينٍ آدم- عليه السلام-، أى وبدأ خلق أبيكم آدم من طين، فصار على أحسن صورة، وأبدع شكل
ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهٗ مِنْ سُلٰلَةٍ مِّنْ مَّآءٍ مَّهِیْنٍۚ(۸)
پھر اس کی نسل رکھی ایک بے قدر پانی کے خلاصہ سے (ف۱۴)
ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ أى: ذريته، وسميت بذلك لأنها تنسل وتنفصل منه.مِنْ سُلالَةٍ أى: من خلاصة، وأصلها ما يسل ويخلص بالتصفية.مِنْ ماءٍ مَهِينٍ أى: ممتهن لا يهتم بشأنه، ولا يعتنى به، والمقصود به: المنى الذي يخرج من الرجل.
ثُمَّ سَوّٰىهُ وَ نَفَخَ فِیْهِ مِنْ رُّوْحِهٖ وَ جَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَ الْاَبْصَارَ وَ الْاَفْـٕدَةَؕ-قَلِیْلًا مَّا تَشْكُرُوْنَ(۹)
پھر اسے ٹھیک کیا اور اس میں اپنی طرف کی روح پھونکی (ف۱۵) اور تمہیں کان اور آنکھیں اور دل عطا فرمائے (ف۱۶) کیا ہی تھوڑا حق مانتے ہو،
ثُمَّ سَوَّاهُ أى: هذا المخلوق الذي أوجده من طين، أو من ماء مهين. والمراد: ثم عدل خلقه، وسوى شكله، وناسب بين أعضائه، وأتمه في أحسن صورة ...وَنَفَخَ فِيهِ- سبحانه- مِنْ رُوحِهِ أى: من قدرته ورحمته، التي صار بها هذا الإنسان إنسانا كاملا في أحسن تقويم.وإضافة الروح إليه- تعالى- للتشريف والتكريم لهذا المخلوق، كما في قولهم بيت الله.وَجَعَلَ لَكُمُ بعد ذلك السَّمْعَ الذي تسمعون به وَالْأَبْصارَ التي تبصرون بها، وَالْأَفْئِدَةَ التي تعقلون بها، وتحسون الأشياء بواسطتها.وقوله: قَلِيلًا ما تَشْكُرُونَ بيان لموقف بنى آدم من هذه النعم المتكاثرة والمتنوعة.ولفظ «قليلا» منصوب على أنه صفة لمحذوف وقع معمولا لتشكرون.أى: شكرا قليلا تشكرون، أو زمانا قليلا تشكرون.وهكذا بنو آدم- إلا من عصم الله-، أوجدهم الله- تعالى- بقدرته، وسخر لمنفعتهم ومصلحتهم ما سخر من مخلوقات، وصانهم في كل مراحل خلقهم بأنواع من الصيانة والحفظ ... ومع ذلك فقليل منهم هم الذين يشكرونه- عز وجل- على نعمه. وصدق- سبحانه- حيث يقول: وَقَلِيلٌ مِنْ عِبادِيَ الشَّكُورُ.ثم حكى- سبحانه- شبهات المشركين ورد عليها، وصور أحوالهم الأليمة عند ما تقبض الملائكة أرواحهم، فقال- تعالى-:
وَ قَالُوْۤا ءَاِذَا ضَلَلْنَا فِی الْاَرْضِ ءَاِنَّا لَفِیْ خَلْقٍ جَدِیْدٍ۬ؕ-بَلْ هُمْ بِلِقَآئِ رَبِّهِمْ كٰفِرُوْنَ(۱۰)
اور بولے (ف۱۷) کیا جب ہم مٹی میں مل جائیں گے (ف۱۸) کیا پھر نئے بنیں گے، بلکہ وہ اپنے رب کے حضور حاضری سے منکر ہیں (ف۱۹)
قال القرطبي: قوله- تعالى-: وَقالُوا أَإِذا ضَلَلْنا فِي الْأَرْضِ هذا قول منكري البعث أى: هلكنا وبطلنا وصرنا ترابا. وأصله من قول العرب: ضل الماء في اللبن إذا ذهب.والعرب تقول للشيء غلب عليه غيره حتى خفى فيه أثره: قد ضل..».أى: وقال الكافرون على سبيل الإنكار ليوم القيامة وما فيه من حساب أإذا صارت أجسادنا كالتراب واختلطت به، أنعاد إلى الحياة مرة أخرى، ونخلق خلقا جديدا ... ؟وقوله- سبحانه-: بَلْ هُمْ بِلِقاءِ رَبِّهِمْ كافِرُونَ إضراب وانتقال من حكاية كفرهم بالبعث والحساب إلى حكاية ما هو أشنع من ذلك وهو كفرهم بلقاء الله- تعالى- الذي خلقهم ورزقهم وأحياهم وأماتهم ... أى: بل هم لانطماس بصائرهم، واستيلاء العناد والجهل عليهم، بلقاء ربهم يوم القيامة، كافرون جاحدون، لأنهم قد استبعدوا إعادتهم إلى الحياة بعد موتهم، مع أن الله- تعالى- قد أوجدهم ولم يكونوا شيئا مذكورا.
قُلْ یَتَوَفّٰىكُمْ مَّلَكُ الْمَوْتِ الَّذِیْ وُكِّلَ بِكُمْ ثُمَّ اِلٰى رَبِّكُمْ تُرْجَعُوْنَ۠(۱۱)
تم فرماؤ تمہیں وفات دیتا ہے موت کا فرشتہ جو تم پر مقرر ہے (ف۲۰) پھر اپنے رب کی طرف واپس جاؤ گے (ف۲۱)
ثم بين- سبحانه- بعد ذلك أن مردهم إليه لا محالة بعد أن يقبض ملك الموت أرواحهم فقال: قُلْ يَتَوَفَّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ، ثُمَّ إِلى رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ.وقوله يَتَوَفَّاكُمْ من التوفي. وأصله أخذ الشيء وافيا تاما. يقال: توفاه الله، أى:استوفى روحه وقبضها، وتوفيت مالي بمعنى استوفيته والمراد بملك الموت: عزرائيل.أى: قل- أيها الرسول الكريم- في الرد على هؤلاء الجاحدين: سيتولى قبض أرواحكم عند انتهاء آجالكم ملك الموت الذي كلفه الله- تعالى- بذلك ثم إلى ربكم ترجعون، فيجازيكم بما تستحقونه من عقاب، بسبب كفركم وجحودكم.وأسند- سبحانه- هنا التوفي إلى ملك الموت، لأنه هو المأمور بقبض الأرواح. وأسنده إلى الملائكة في قوله- تعالى- فَكَيْفَ إِذا تَوَفَّتْهُمُ الْمَلائِكَةُ لأنهم أعوان ملك الموت الذين كلفهم الله بذلك.وأسنده- سبحانه- إلى ذاته في قوله: اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِها لأن كل شيء كائنا ما كان، لا يكون إلا بقضائه وقدره.
وَ لَوْ تَرٰۤى اِذِ الْمُجْرِمُوْنَ نَاكِسُوْا رُءُوْسِهِمْ عِنْدَ رَبِّهِمْؕ-رَبَّنَاۤ اَبْصَرْنَا وَ سَمِعْنَا فَارْجِعْنَا نَعْمَلْ صَالِحًا اِنَّا مُوْقِنُوْنَ(۱۲)
اور کہیں تم دیکھو جب مجرم (ف۲۲) اپنے رب کے پاس سر نیچے ڈالے ہوں گے (ف۲۳) اے ہمارے رب اب ہم نے دیکھا (ف۲۴) اور سنا (ف۲۵) ہمیں پھر بھیج کہ نیک کام کریں ہم کو یقین آگیا (ف۲۶)
ثم صور- سبحانه- أحوال هؤلاء الكافرين، عند ما يقفون للحساب، تصويرا مرعبا مخيفا فقال: وَلَوْ تَرى إِذِ الْمُجْرِمُونَ ناكِسُوا رُؤُسِهِمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ.وجواب «لو» محذوف، والتقدير: لرأيت شيئا تقشعر من هوله الأبدان.وقوله: ناكِسُوا من النكس، وهو قلب الشيء على رأسه كالتنكيس.. وفعله من باب نصر- والخطاب يصح أن يكون للرسول صلى الله عليه وسلم أو لكل من يصلح له.أى: ولو ترى- أيها الرسول الكريم- حال أولئك المجرمين الذين أنكروا البعث والجزاء، وهم يقفون أمام خالقهم بذلة وخزي، لحسابهم على أعمالهم.. لو ترى ذلك لرأيت شيئا ترتعد له الفرائص، وتهتز منه القلوب.وقوله: رَبَّنا أَبْصَرْنا وَسَمِعْنا فَارْجِعْنا نَعْمَلْ صالِحاً إِنَّا مُوقِنُونَ حكاية لما يقولونه في هذا الموقف العصيب. أى: يقولون بذلة وندم: يا ربنا نحن الآن نبصر مصيرنا، ونسمع قولك ونندم على ما كنا فيه من كفر وضلال، فَارْجِعْنا إلى الدنيا، لكي نَعْمَلْ عملا صالِحاً إِنَّا مُوقِنُونَ الآن بأن ما جاءنا به رسولك هو الحق، وأن البعث حق. وأن الجزاء حق، وأن الجنة حق، وأن النار حق.
وَ لَوْ شِئْنَا لَاٰتَیْنَا كُلَّ نَفْسٍ هُدٰىهَا وَ لٰكِنْ حَقَّ الْقَوْلُ مِنِّیْ لَاَمْلَــٴَـنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَ النَّاسِ اَجْمَعِیْنَ(۱۳)
اور اگر ہم چاہتے ہر جان کو اس کی ہدایت فرماتے (ف۲۷) مگر میری بات قرار پاچکی کہ ضرور جہنم کو بھردوں گا ان جِنوں اور آدمیوں سب سے (ف۲۸)
ولكن هذا الإيقان والاعتراف منهم، قد جاء في غير أوانه، ولذا لا يقبله- سبحانه- منهم، ولذا عقب- سبحانه- على ما قالوه بقوله: وَلَوْ شِئْنا لَآتَيْنا كُلَّ نَفْسٍ هُداها.... أى: ولو شئنا أن نؤتى كل نفس رشدها وهداها وتوفيقها إلى الإيمان، لفعلنا، لأن إرادتنا نافذة، وقدرتنا لا يعجزها شيء.وَلكِنْ حَقَّ الْقَوْلُ مِنِّي أى: ولكن ثبت وتحقق قولي.لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ أى من الجن وسموا بذلك لاستتارهم عن الأنظار.ومن النَّاسِ أَجْمَعِينَ بسبب فسوقهم عن أمرنا، وتكذيبهم لرسلنا.فالمقصود من الآية الكريمة بيان أن قدرة الله- تعالى- لا يعجزها شيء، إلا أن حكمته- سبحانه- قد اقتضت أن الذين سبق في علمه أنهم يؤثرون الضلالة على الهداية، لسوء استعدادهم، يكون مصيرهم إلى النار، وأما الذين آثروا الهداية على الضلالة لنقاء نفوسهم، وكمال استعدادهم، فيكون مصيرهم إلى جنة عرضها السموات والأرض.كما أن حكمته- سبحانه- قد اقتضت أن يميز الإنسان على غيره، بأن يجعل له طبيعة خاصة يملك معها اختيار طريق الهدى أو طريق الضلال. كما قال- تعالى- إِنَّا خَلَقْنَا الْإِنْسانَ مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشاجٍ نَبْتَلِيهِ فَجَعَلْناهُ سَمِيعاً بَصِيراً. إِنَّا هَدَيْناهُ السَّبِيلَ، إِمَّا شاكِراً وَإِمَّا كَفُوراً.
فَذُوْقُوْا بِمَا نَسِیْتُمْ لِقَآءَ یَوْمِكُمْ هٰذَاۚ-اِنَّا نَسِیْنٰكُمْ وَ ذُوْقُوْا عَذَابَ الْخُلْدِ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُوْنَ(۱۴)
اب چکھو بدلہ اس کا کہ تم اپنے اس دن کی حاضری بھولے تھے (ف۲۹) ہم نے تمہیں چھوڑ دیا (ف۳۰) اب ہمیشہ کا عذاب چکھو اپنے کیے کا بدلہ،
ثم بين- سبحانه- ما يقال لهؤلاء المجرمين عند ما يلقى بهم في جهنم فقال- تعالى-:فَذُوقُوا بِما نَسِيتُمْ لِقاءَ يَوْمِكُمْ هذا إِنَّا نَسِيناكُمْ، وَذُوقُوا عَذابَ الْخُلْدِ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ.والذوق حقيقة إدراك المطعومات. والأصل فيه أن يكون في أمر مرغوب في ذوقه وطلبه.والتعبير به هنا عن ذوق العذاب من باب التهكم بهم.والفاء في قوله: فَذُوقُوا لترتيب الأمر بالذوق على ما قبله والباء للسببية. والمراد بالنسيان لازمه، وهو الترك والإهمال.أى: ويقال لهؤلاء المجرمين عند ما يلقى بهم في النار: ذوقوا لهيبها وسعيرها بسبب نسيانكم وإهمالكم وجحودكم ليوم القيامة وما فيه من حساب. وإننا من جانبنا قد أهملناكم وتركناكم.بسبب إصراركم على كفركم، وذوقوا العذاب الذي أنتم مخلدون فيه بسبب أعمالكم القبيحة في الدنيا «جزاء وفاقا» .وكرر- سبحانه- لفظ فَذُوقُوا على سبيل التأكيد، وزيادة التقريع والتأنيب.ثم تترك السورة الكريمة هؤلاء المجرمين يذوقون العذاب، وتنتقل إلى الحديث عن مشهد آخر، عن مشهد يشرح النفوس، ويبهج القلوب، إنه مشهد المؤمنين الصادقين، وما أعد الله- تعالى- من ثواب قال- تعالى-:
اِنَّمَا یُؤْمِنُ بِاٰیٰتِنَا الَّذِیْنَ اِذَا ذُكِّرُوْا بِهَا خَرُّوْا سُجَّدًا وَّ سَبَّحُوْا بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَ هُمْ لَا یَسْتَكْبِرُوْنَ۩(۱۵)
ہماری آیتوں پر وہی ایمان لاتے ہیں کہ جب وہ انہیں یاد دلائی جاتی ہیں سجدہ میں گر جاتے ہیں (ف۳۱) اور اپنے رب کی تعریف کرتے ہوئے اس کی پاکی بولتے ہیں اور تکبر نہیں کرتے، السجدة۔۹
أى: إِنَّما يُؤْمِنُ ويصدق بِآياتِنَا الدالة على قدرتنا ووحدانيتنا، أصحاب النفوس النقية الصافية، الذين إذ ذكروا بها، أى: بهذه الآيات.خَرُّوا سُجَّداً لله- تعالى- من غير تردد وَسَبَّحُوا بِحَمْدِ رَبِّهِمْ أى: ونزهوه عن كل ما لا يليق به- عز وجل- وَهُمْ لا يَسْتَكْبِرُونَ عن طاعته- سبحانه-، وعن الانقياد لأمره ونهيه.
تَتَجَافٰى جُنُوْبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ یَدْعُوْنَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَّ طَمَعًا٘-وَّ مِمَّا رَزَقْنٰهُمْ یُنْفِقُوْنَ(۱۶)
ان کی کروٹیں جدا ہوتی ہیں خوابگاہوں ہسے (ف۳۲) اور اپنے رب کو پکارتے ہیں ڈرتے اور امید کرتے (ف۳۳) اور ہمارے دیے ہوئے سے کچھ خیرات کرتے ہیں،
ثم صور- سبحانه- أحوالهم في عبادتهم وتقربهم إلى الله، تصويرا بديعا فقال:تَتَجافى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفاً وَطَمَعاً.والتجافي: التحرك إلى جهة أعلى. وأصله من جفا فلان السرج عن فرسه، إذا رفعه.ويقال تجافى فلان عن مكانه، إذا انتقل عنه.والجنوب: جمع جنب. وأصله الجارحة، والمراد به الشخص.والمضاجع: جمع مضجع، وهو مكان الاتكاء للنوم.والمعنى: أن هؤلاء المؤمنين الصادقين، تتنحى وترتفع أجسامهم، عن أماكن نومهم، وراحتهم، حالة كونهم يدعون ربهم بإخلاص وإنابة خَوْفاً من سخطه عليهم، وَطَمَعاً في رضاه عنهم.وَمِمَّا رَزَقْناهُمْ من فضلنا وخيرنا يُنْفِقُونَ في وجوه البر والخير.
فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَّاۤ اُخْفِیَ لَهُمْ مِّنْ قُرَّةِ اَعْیُنٍۚ-جَزَآءًۢ بِمَا كَانُوْا یَعْمَلُوْنَ(۱۷)
تو کسی جی کو نہیں معلوم جو آنکھ کی ٹھنڈک ان کے لیے چھپا رکھی ہے (ف۳۴) صلہ ان کے کاموں کا (ف۳۵)
وقوله- سبحانه-: فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ ما أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ ... بيان للعطاء الجزيل، والثواب العظيم. أى: فلا تعلم نفس من النفوس سواء أكانت لملك مقرب، أم لنبي مرسل، ما أخفاه الله- تعالى- لهؤلاء المؤمنين المتهجدين بالليل والناس نيام، من ثواب تقر به أعينهم، وتسعد به قلوبهم، وتبتهج له نفوسهم..وهذا العطاء الجزيل إنما هو بسبب أعمالهم الصالحة في الدنيا.وهكذا نرى في هذه الآيات الكريمة صورة مشرقة لعباد الله الصالحين، وللثواب الذي لا تحيط به عبارة، والذي أكرمهم الله- تعالى- به.وقد ساق الإمام ابن كثير عند تفسيره لهذه الآيات، عددا من الأحاديث الواردة في فضل قيام الليل، منها ما رواه الإمام أحمد عن معاذ بن جبل- رضى الله عنه- قال: كنت مع النبي صلّى الله عليه وسلّم في سفر، فأصبحت يوما قريبا منه. ونحن نسير، فقلت: يا نبي الله، أخبرنى بعمل يدخلني الجنة، ويباعدني من النار. فقال: «لقد سألت عن عظيم، وأنه ليسير على من يسره الله عليه، تعبد الله ولا تشرك به شيئا، وتقيم الصلاة، وتصوم رمضان، وتحج البيت. ثم قال: ألا أدلك على أبواب الخير؟ الصوم جنة، والصدقة تطفئ الخطيئة، وصلاة الرجل في جوف الليل شعار الصالحين، ثم قرأ صلّى الله عليه وسلم: تتجافى جنوبهم عن المضاجع يدعون ربهم خوفا وطمعا ... »وعن أسماء بنت يزيد قالت: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: «إذا جمع الله الأولين والآخرين يوم القيامة، جاء مناد فنادى بصوت يسمع الخلائق: سيعلم أهل الجمع اليوم من أولى بالكرم. ثم يرجع فينادى: ليقم الذين كانت تتجافى جنوبهم عن المضاجع» .وعن أبى هريرة- رضى الله عنه- قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم إن الله- تعالى- قال: «أعددت لعبادي الصالحين، ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر».ثم بين- سبحانه- بعد ذلك أن عدالته قد اقتضت عدم التسوية بين الأخيار والأشرار، وأن كل إنسان إنما يجازى يوم القيامة على حسب عمله فقال- تعالى-.
اَفَمَنْ كَانَ مُؤْمِنًا كَمَنْ كَانَ فَاسِقًا ﳳ-لَا یَسْتَوٗنَؐ(۱۸)
تو کیا جو ایمان والا ہے وہ اس جیسا ہوجائے گا جو بے حکم ہے (ف۳۶) یہ برابر نہیں،
والاستفهام في قوله: أَفَمَنْ كانَ مُؤْمِناً.. للإنكار، والفسوق: الخروج عن طاعة الله.أى: أفمن كان في هذه الدنيا مؤمنا بالله حق الإيمان، كمن كان فيها فاسقا وخارجا عن طاعة الله- تعالى- وعن دينه الذي ارتضاه لعباده؟كلا، إنهم لا يستوون لا في سلوكهم وأعمالهم، ولا في جزائهم الدنيوي أو الأخروى.وقد ذكروا أن هذه الآية نزلت في شأن الوليد بن عقبة، وعلى بن أبى طالب- رضى الله عنه-، حيث قال الوليد لعلى: أنا أبسط منك لسانا، وأحد سنانا، وأملأ في الكتيبة جسدا، فقال له على: اسكت، فإنما أنت فاسق، فنزلت هذه الآية .
اَمَّا الَّذِیْنَ اٰمَنُوْا وَ عَمِلُوا الصّٰلِحٰتِ فَلَهُمْ جَنّٰتُ الْمَاْوٰى٘-نُزُلًۢا بِمَا كَانُوْا یَعْمَلُوْنَ(۱۹)
جو ایمان لائے اور اچھے کام کیے ان کے لیے بسنے کے باغ ہیں، ان کے کاموں کے صلہ میں مہمانداری (ف۳۷)
ثم فصل- سبحانه- حسن عاقبة المؤمنين، وسوء عاقبة الفاسقين، فقال: أَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا بالله حق الإيمان وَعَمِلُوا الأعمال الصَّالِحاتِ.فَلَهُمْ جَنَّاتُ الْمَأْوى أى: فلهم الجنات التي يأوون إليها، ويسكنون فيها نُزُلًا بِما كانُوا يَعْمَلُونَ والنزل: أصله ما يهيّأ للضيف النازل من الطعام والشراب والصلة، ثم عمم في كل عطاء. أى: فلهم جنات المأوى ينزلون فيها نزولا مصحوبا بالتكريم والتشريف جزاء أعمالهم الصالحة التي عملوها في الدنيا.
وَ اَمَّا الَّذِیْنَ فَسَقُوْا فَمَاْوٰىهُمُ النَّارُؕ-كُلَّمَاۤ اَرَادُوْۤا اَنْ یَّخْرُجُوْا مِنْهَاۤ اُعِیْدُوْا فِیْهَا وَ قِیْلَ لَهُمْ ذُوْقُوْا عَذَابَ النَّارِ الَّذِیْ كُنْتُمْ بِهٖ تُكَذِّبُوْنَ(۲۰)
رہے وہ جو بے حکم ہیں (ف۳۸) ان کا ٹھکانا آ گ ہے، جب کبھی اس میں سے نکلنا چاہیں گے پھر اسی میں پھیر دیے جائیں گے اور ان سے کہا جائے گا چکھو اس آگ کا عذاب جسے تم جھٹلاتے تھے،
وَأَمَّا الَّذِينَ فَسَقُوا أى: خرجوا عن طاعتنا، وعن دعوة رسولنا صلّى الله عليه وسلم فَمَأْواهُمُ النَّارُ أى: فمنزلتهم ومسكنهم ومستقرهم النار وبئس القرار.كُلَّما أَرادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْها هربا من لهيبها وسعيرها وعذابها.أُعِيدُوا فِيها مرغمين مكرهين، وردوا إليها مهانين مستذلين.وَقِيلَ لَهُمْ على سبيل الزجر والتأنيب وزيادة الحسرة في قلوبهم.ذُوقُوا عَذابَ النَّارِ الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ في الدنيا، وتستهزءون بمن ينذركم به، ويخوفكم منه.
وَ لَنُذِیْقَنَّهُمْ مِّنَ الْعَذَابِ الْاَدْنٰى دُوْنَ الْعَذَابِ الْاَكْبَرِ لَعَلَّهُمْ یَرْجِعُوْنَ(۲۱)
اور ضرور ہم انہیں چکھائیں گے کچھ نزدیک کا عذاب (ف۱۳۹) اس بڑے عذاب سے پہلے (ف۴۰) جسے دیکھنے والا امید کرے کہ ابھی باز آئیں گے،
وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ الْعَذابِ الْأَدْنى أى الأهون والأقرب والأقل وهو عذاب الدنيا، عن طريق ما ننزله بهم من أمراض وأسقام ومصائب متنوعة.دُونَ الْعَذابِ الْأَكْبَرِ أى: الأشد والأعظم والأبقى، وهو عذاب الآخرة.
وَ مَنْ اَظْلَمُ مِمَّنْ ذُكِّرَ بِاٰیٰتِ رَبِّهٖ ثُمَّ اَعْرَضَ عَنْهَاؕ-اِنَّا مِنَ الْمُجْرِمِیْنَ مُنْتَقِمُوْنَ۠(۲۲)
اور اس سے بڑھ کر ظالم کون جسے اس کے رب کی آیتوں سے نصیحت کی گئی پھر اس نے ان سے منہ پھیر لیا (ف۴۱) بیشک ہم مجرموں سے بدلہ لینے والے ہیں،
ثم بين- سبحانه- حال من يدعى إلى الهدى فيعرض عنه، فقال: وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ ذُكِّرَ بِآياتِ رَبِّهِ ثُمَّ أَعْرَضَ عَنْها.أى: لا أحد أشد ظلما وكفرا ممن ذكره المذكر بالآيات الدالة على وحدانية الله- تعالى- وقدرته، وعلى أن دين الإسلام هو الحق، ثم أعرض عنها جحودا وعنادا.إِنَّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ مُنْتَقِمُونَ أى: إنّا من أهل الإجرام والجحود لآياتنا منتقمون انتقاما يذلهم ويهينهم.قال صاحب الكشاف: «ثم» في قوله ثُمَّ أَعْرَضَ عَنْها للاستبعاد.والمعنى: أن الإعراض عن مثل آيات الله، في وضوحها وإنارتها وإرشادها إلى سواء السبيل، والفوز بالسعادة العظمى بعد التذكير بها مستبعد في العقل والعدل. كما تقول لصاحبك: وجدت مثل تلك الفرصة ثم لم تنتهزها، استبعادا لتركه الانتهاز. ومنه «ثم» في بيت الحماسة:لا يكشف الغماء إلا ابن حرة ... يرى غمرات الموت ثم يزورهااستبعد أن يزور غمرات الموت بعد أن رآها واستيقنها واطلع على شدتها.فإن قلت: هلا قيل: إنا منه منتقمون؟ قلت: لما جعله أظلم كل ظالم، ثم توعد المجرمين عامة بالانتقام منهم، فقد دل على إصابة الأظلم بالنصيب الأوفر من الانتقام، ولو قاله بالضمير لم يفد هذه الإفادة .ثم أشارت السورة الكريمة بعد ذلك إلى ما أعطاه الله- تعالى- لنبيه موسى- عليه السلام- من نعم. وما منحه للصالحين من قومه من منن، فقال- تعالى-:
وَ لَقَدْ اٰتَیْنَا مُوْسَى الْكِتٰبَ فَلَا تَكُنْ فِیْ مِرْیَةٍ مِّنْ لِّقَآىٕهٖ وَ جَعَلْنٰهُ هُدًى لِّبَنِیْۤ اِسْرَآءِیْلَۚ(۲۳)
اور بیشک ہم نے موسیٰ کو کتاب (ف۴۲) عطا فرمائی تو تم اس کے ملنے میں شک نہ کرو (ف۴۳) اور ہم نے اسے (ف۴۴) بنی اسرائیل کے لیے ہدایت کیا،
والمراد بالكتاب في قوله- تعالى-: وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ التوراة التي أنزلها- سبحانه- لتكون هداية لبنى إسرائيل.قالوا: وإنما ذكر موسى لقربه من النبي صلّى الله عليه وسلّم ووجود من كان على دينه إلزاما لهم.إنما لم يختر عيسى- عليه السّلام- للذكر وللاستدلال، لأن اليهود ما كانوا يوافقون على نبوته، وأما النصارى فكانوا يعترفون بنبوة موسى- عليه السّلام- .والضمير المجرور في قوله: فَلا تَكُنْ فِي مِرْيَةٍ مِنْ لِقائِهِ يعود إلى موسى على أرجح لأقوال- أو إلى الكتاب.أى: آتينا موسى الكتاب فلا تكن- أيها الرسول الكريم- في مرية أو شك من لقاء موسى للكتاب الذي أوحيناه إليه، بقبول ورضا وتحمل لتكاليف الدعوة به، فكن مثله في لك، وبلغ ما أنزل إليك من ربك دون أن تخشى أحدا سواه.قال الآلوسى ما ملخصه: قوله: وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ أى: جنس الكتاب فَلا تَكُنْ فِي مِرْيَةٍ أى: شك مِنْ لِقائِهِ أى: من لقائك ذلك الجنس.وحمل بعضهم الْكِتابَ على العهد، أى الكتاب المعهود وهو التوراة.ونهيه صلّى الله عليه وسلّم عن أن يكون في شك، المقصود به أمته، والتعريض بمن اتصف بذلك.وقيل الكتاب، المراد به التوراة، وضمير، لقائه، عائد إليه من غير تقدير مضاف. ولقاء مصدر مضاف إلى مفعوله، وفاعله موسى، أى: فلا تكن في مرية من لقاء موسى الكتاب، ومضاف إلى فاعله، ومفعوله موسى. أى: من لقاء الكتاب موسى ووصوله إليه...وهذا الرأى الأخير الذي عبر عنه الآلوسى- رحمه الله- بقوله «وقيل» وهو في رأينا رجح الآراء، وأقربها إلى الصواب، لبعده عن التكلف.قال الجمل في حاشيته، بعد أن ساق ستة أقوال في عودة الضمير في قوله مِنْ لِقائِهِ:وأظهرها أن الضمير إما لموسى وإما للكتاب. أى: لا ترتب في أن موسى لقى الكتاب أنزل عليه».قال صاحب الكشاف: والضمير في «لقائه» له- أى لموسى-، ومعناه: إنا آتينا موسى- عليه السّلام- مثل ما آتيناك من الكتب، ولقيناه مثل ما لقيناك من الوحى، فلا تكن في شك من أنك لقيت مثله، ولقيت نظيره كقوله- تعالى-: فَإِنْ كُنْتَ فِي شَكٍّ مِمَّا أَنْزَلْنا إِلَيْكَ، فَسْئَلِ الَّذِينَ يَقْرَؤُنَ الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكَ .وقوله- تعالى-: وَجَعَلْناهُ هُدىً لِبَنِي إِسْرائِيلَ أى: وجعلنا الكتاب الذي أنزلناه على نبينا موسى- عليه السّلام- هداية لبنى إسرائيل إلى طريق الحق والسداد.
وَ جَعَلْنَا مِنْهُمْ اَىٕمَّةً یَّهْدُوْنَ بِاَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوْا۫ؕ-وَ كَانُوْا بِاٰیٰتِنَا یُوْقِنُوْنَ(۲۴)
اور ہم نے ان میں سے (ف۴۵) کچھ امام بنائے کہ ہمارے حکم سے بناتے (ف۴۶) جبکہ انہوں نے صبر کیا (ف۴۷) اور وہ ہماری آیتوں پر یقین لاتے تھے،
وَجَعَلْنا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنا لَمَّا صَبَرُوا والأئمة: جمع إمام، وهو من يقتدى به في الأمور المختلفة. والمراد بهم هنا: من يقتدى بهم في وجوه الخير والبر.أى: وجعلنا من بنى إسرائيل أئمة في الخير والصلاح، يهدون غيرهم إلى الطريق الحق، بأمرنا وإرادتنا وفضلنا، وقد وفقناهم لذلك حين صبروا على أداء ما كلفناهم به من عبادات، وحين تحملوا الشدائد والمحن في سبيل إعلاء كلمتنا.وأنت ترى أن جعلهم أئمة في الخير لم يكن اعتباطا، وإنما كان بسبب صبرهم على الأذى، وعلى مشاق الدعوة إلى الحق، وعلى كل أمر يستلزم الصبر وحبس النفس.وفي ذلك إرشاد وتعليم للمسلمين، بأن يسلكوا طريق الأئمة الصالحين، ممن كانوا قبلهم، وأن يبلغوا دعوة الله إلى غيرهم بصبر ويقين.وقوله- سبحانه-: وَكانُوا بِآياتِنا يُوقِنُونَ زيادة في مدحهم، وفي تقرير أنهم أهل للإمامة في الخير. أى: وكانوا بسبب إدراكهم السليم لمعانى آياتنا: يوقنون إيقانا جازما بأنهم على الحق الذي لا يحوم حوله باطل وبأنهم متبعون لشريعة الله- تعالى- التي لا يضل من اتبعها وسار على نهجها.
اِنَّ رَبَّكَ هُوَ یَفْصِلُ بَیْنَهُمْ یَوْمَ الْقِیٰمَةِ فِیْمَا كَانُوْا فِیْهِ یَخْتَلِفُوْنَ(۲۵)
بیشک تمہارا رب ان میں فیصلہ کردے گا (ف۴۸) قیامت کے دن جس بات میں اختلاف کرتے تھے (ف۴۹)
ثم أشار- سبحانه- إلى أن بنى إسرائيل جميعا لم يكونوا كذلك، وإنما كان منهم الأخيار والأشرار، وأنه- تعالى- سيحكم بين الجميع يوم القيامة بحكمه العادل، فقال: إِنَّ رَبَّكَ هُوَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ فِيما كانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ.أى: إن ربك- أيها الرسول الكريم- هو وحده الذي يتولى القضاء والحكم بين المؤمنين والكافرين يوم القيامة، فيما كانوا يختلفون فيه في الدنيا من أمور متنوعة. على رأسها ما يتعلق بالأمور الدينية.ثم يسوق- سبحانه- في أواخر السورة ما من شأنه أن يهدى الضالين إلى الصراط المستقيم، وما يرشدهم إلى مظاهر نعمه عليهم، وما يزيد النبي صلّى الله عليه وسلّم ثباتا على ثباته، ويقينا على يقينه، فيقول- عز وجل-:
اَوَ لَمْ یَهْدِ لَهُمْ كَمْ اَهْلَكْنَا مِنْ قَبْلِهِمْ مِّنَ الْقُرُوْنِ یَمْشُوْنَ فِیْ مَسٰكِنِهِمْؕ-اِنَّ فِیْ ذٰلِكَ لَاٰیٰتٍؕ-اَفَلَا یَسْمَعُوْنَ(۲۶)
اور کیا انہیں (ف۵۰) اس پر ہدایت نہ ہوئی کہ ہم نے ان سے پہلے کتنی سنگتیں (قومیں) (ف۵۱) ہلاک کردیں کہ آج یہ ان کے گھروں میں چل پھر رہے ہیں (ف۵۲) بیشک اس میں ضرور نشانیاں ہیں تو کیا سنتے نہیں (ف۵۳)
ثم يسوق - سبحانه - فى أواخر السورة ما من شأنه أن يهدى الضالين إلى الصراط المستقيم ، وما يرشدهم إلى مظاهر نعمه عليهم ، وما يزيد النبى صلى الله عليه وسلم صلى الله عليه وسلم ثباتاً على ثباته ، ويقيناً على يقينة ، فيقول - عز وجل - ( أَوَلَمْ يَهْدِ لَهُمْ كَمْ أَهْلَكْنَا . . . إِنَّهُمْ مُّنتَظِرُونَ ) .والاستفهام فى قوله - تعالى - : ( أَوَلَمْ يَهْدِ لَهُمْ كَمْ أَهْلَكْنَا . . . ) لإِنكار عدم اهتدائهم إلى ما ينفعهم مع وضوح أسباب هذا الاهتداء . والواو للعطف على مقدر يقتضيه المقام . والخطاب للمشركين وعلى رأسهم كفار مكة . و " كم " خبرية بمعنى كثير . فى محل نصب لأهلكنا .والمعنى : أغفل هؤلاء المشركون عما أصاب الظالمين من قبلهم ، ولم يتبين لهم - لانطماس بصائرهم - أننا قد أهلكنا كثيراً من أهل الأزمان السابقة من قبلهم ، بسبب تكذيبهم لأنبيائهم ، وإيثارهم الكفر على الإِيمان .وقوله - تعالى - ( يَمْشُونَ فِي مَسَاكِنِهِمْ ) حال من الضمير فى ( لَهُمْ ) ، لتسجيل أقصى أنواع الجهالة والعناد عليهم . أى : أبلغ بهم الجهل والعناد أنهم لم يعتبروا بالقرون المهلكة من قبلهم ، مع أنهم يمشون فى مساكن هؤلاء السابقين ، ويمرون على ديارهم مصبحين وممسين ، ويرون بأعينهم آثارهم الدارسة ، وبيوتهم الخاوية على عروشها .ثم ختم - سبحانه - الآية الكريمة بما يزيد فى تبكيتهم وتقريعهم فقال : ( إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ أَفَلاَ يَسْمَعُونَ ) .أى : إن فى ذلك الذى يرونه من مصارع الغابرين ، وآثار الماضين ، لآيات بينات ، وعظات بليغات ، فهلا تدبروا فى ذلك ، واستمعوا إلى صوت الحق بتعقل وتفهم؟فقوله - تعالى - : ( أَفَلاَ يَسْمَعُونَ ) حض لهم على الاستماع إلى الآيات الدالة على سوء عاقبة الظالمين ، بتدبر وتعقل واتعاظ ، وتحول من الباطل إلى الحق ، قبل أن يحل بهم ما حل بأهل الأزمنة الغابرة .
اَوَ لَمْ یَرَوْا اَنَّا نَسُوْقُ الْمَآءَ اِلَى الْاَرْضِ الْجُرُزِ فَنُخْرِ جُ بِهٖ زَرْعًا تَاْكُلُ مِنْهُ اَنْعَامُهُمْ وَ اَنْفُسُهُمْؕ-اَفَلَا یُبْصِرُوْنَ(۲۷)
اور کیا نہیں دیکھتے کہ ہم پانی بھیجتے ہیں خشک زمین کی طرف (ف۵۴) پھر اس سے کھیتی نکالتے ہیں کہ اس میں سے ان کے چوپائے اور وہ خود کھاتے ہیں (ف۵۵) تو کیا انہیں سوجھتانہیں (ف۵۶)
ثم نبههم- سبحانه- إلى نعمة من نعمه الكثيرة فقال: أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَسُوقُ الْماءَ إِلَى الْأَرْضِ الْجُرُزِ، فَنُخْرِجُ بِهِ زَرْعاً، تَأْكُلُ مِنْهُ أَنْعامُهُمْ وَأَنْفُسُهُمْ أَفَلا يُبْصِرُونَ والأرض الجرز: هي الأرض اليابسة التي جرز نباتها وقطع، إما لعدم نزول الماء عليها، وإما لرعيه منها.قال القرطبي ما ملخصه: والأرض الجرز هي التي جرز نباتها أى: قطع، إما لعدم الماء، وإما لأنه رعى وأزيل، ولا يقال للتي لا تنبت كالسباخ جرز.وهو مشتق من قولهم: رجل جروز إذا كان لا يبقى شيئا إلا أكله، وكذلك ناقة جروز:إذا كانت تأكل كل شيء تجده، وسيف جراز، أى: قاطع ... » .أى: أعموا ولم يشاهدوا بأعينهم أَنَّا نَسُوقُ بقدرتنا ورحمتنا الْماءَ الذي تحمله السحب إِلَى الْأَرْضِ الْجُرُزِ أى: اليابسة الخالية من النبات، فينزل عليها.فَنُخْرِجُ بِهِ أى: فنخرج بهذا الماء النازل على الأرض القاحلة زَرْعاً كثيرا نافعا تَأْكُلُ مِنْهُ أى: من هذا الزرع أَنْعامُهُمْ أى: تأكل منه ما يصلح لأكلها كالأوراق والأغصان وما يشبه ذلك.وقوله وَأَنْفُسُهُمْ معطوف على أنعامهم. أى: تأكل أنعامهم من الزرع ما يناسبها، ويأكل منه الناس ما يناسبهم كالبقول والحبوب.وقدم- سبحانه- الأنعام على بنى آدم للترقي من الأدنى إلى الأشرف.وقوله- تعالى- أَفَلا يُبْصِرُونَ حض لهم على التأمل في هذه النعم، والحرص على شكر المنعم عليها، وإخلاص العبادة له.
وَ یَقُوْلُوْنَ مَتٰى هٰذَا الْفَتْحُ اِنْ كُنْتُمْ صٰدِقِیْنَ(۲۸)
اور کہتے ہیں یہ فیصلہ کب ہوگا اگر تم سچے ہو (ف۵۷)
ثم حكى- سبحانه- ما كان عليه المشركون من غرور واستخفاف بالوعيد فقال:وَيَقُولُونَ مَتى هذَا الْفَتْحُ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ.والمراد بالفتح: الحكم والقضاء والفصل في الخصومة بين المتخاصمين، ومنه قوله- تعالى- حكاية عن شعيب- عليه السّلام-: رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنا وَبَيْنَ قَوْمِنا بِالْحَقِّ وَأَنْتَ خَيْرُ الْفاتِحِينَ. أى: «احكم بيننا وبين قومنا بالحق، وأنت خير الحاكمين» .أى: ويقول المشركون للنبي صلّى الله عليه وسلّم ولأصحابه على سبيل الاستهزاء، واستعجال العقاب: متى هذا الذي تحدثوننا عنه من أن الله- تعالى- سيفصل بيننا وبينكم، ويجعل لكم النصر ولنا الهزيمة؟لقد طال انتظارنا لهذا اليوم الذي يتم فيه الحكم بيننا وبينكم، فإن كنتم صادقين في قولكم، فادعوا ربكم أن يعجل بهذا اليوم.
قُلْ یَوْمَ الْفَتْحِ لَا یَنْفَعُ الَّذِیْنَ كَفَرُوْۤا اِیْمَانُهُمْ وَ لَا هُمْ یُنْظَرُوْنَ(۲۹)
تم فرماؤ فیصلہ کے دن (ف۵۸) کافروں کو ان کا ایمان لانا نفع نہ دے گا اور نہ انہیں مہلت ملے (ف۵۹)
وهنا يأمر الله- تعالى- نبيه صلّى الله عليه وسلّم أن يرد عليهم بما يخرسهم فيقول: قُلْ يَوْمَ الْفَتْحِ لا يَنْفَعُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِيمانُهُمْ وَلا هُمْ يُنْظَرُونَ. أى: قل- أيها الرسول- في الرد على هؤلاء الجاهلين المغرورين: إن يوم الفصل بيننا وبينكم قريب، وهو آت لا محالة في الوقت الذي يحدده الله- تعالى- ويختاره، سواء أكان هذا اليوم في الدنيا، عند ما تموتون على الكفر، أم في الآخرة عند ما يحل بكم العذاب، ولا ينفعكم إيمانكم، ولا أنتم تمهلون أو تنظرون، بل سينزل بكم العذاب سريعا وبدون مهلة.
فَاَعْرِضْ عَنْهُمْ وَ انْتَظِرْ اِنَّهُمْ مُّنْتَظِرُوْنَ۠(۳۰)
تو ان سے منہ پھیرلو اور انتظار کرو (ف۶۰) بیشک انہیں بھی انتظار کرنا ہے (ف۶۱)
وما دام الأمر كما ذكرنا لك- أيها الرسول الكريم- فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَانْتَظِرْ إِنَّهُمْ مُنْتَظِرُونَ. أى: فأعرض عن هؤلاء المشركين، وعن أقوالهم الفاسدة دون أن تلتفت إليها، وامض في طريقك أنت وأتباعك، وانتظر النصرة عليهم بفضلنا وإرادتنا، إنهم- أيضا- منتظرون ما سيئول إليه أمرك، وسيكون أمرك بخلاف ما يمكرون وما ينتظرون.وبعد: فهذا تفسير وسيط لسورة السجدة، نسأل الله- تعالى- أن يجعله خالصا لوجهه، ونافعا لعباده.وصلّى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
- English | Ahmed Ali
- Urdu | Ahmed Raza Khan
- Turkish | Ali-Bulaç
- German | Bubenheim Elyas
- Chinese | Chineese
- Spanish | Cortes
- Dutch | Dutch
- Portuguese | El-Hayek
- English | English
- Urdu | Fateh Muhammad Jalandhry
- French | French
- Hausa | Hausa
- Indonesian | Indonesian-Bahasa
- Italian | Italian
- Korean | Korean
- Malay | Malay
- Russian | Russian
- Tamil | Tamil
- Thai | Thai
- Farsi | مکارم شیرازی
- العربية | التفسير الميسر
- العربية | تفسير الجلالين
- العربية | تفسير السعدي
- العربية | تفسير ابن كثير
- العربية | تفسير الوسيط لطنطاوي
- العربية | تفسير البغوي
- العربية | تفسير القرطبي
- العربية | تفسير الطبري
- English | Arberry
- English | Yusuf Ali
- Dutch | Keyzer
- Dutch | Leemhuis
- Dutch | Siregar
- Urdu | Sirat ul Jinan