READ
Surah As-Sajdah
اَلسَّجْدَة
30 Ayaat مکیۃ
32:0
بِسْمِ اللّٰهِ الرَّحْمٰنِ الرَّحِیْمِ
اللہ کے نام سے شروع جو بہت مہربان رحمت والا
القول في الاستعاذةوفيها اثنتا عشرة مسألة :الأولى : أمر الله تعالى بالاستعاذة عند أول كل قراءة فقال تعالى : فإذا قرأت القرآن فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم [ النحل : 98 ] أي إذا أردت أن تقرأ ; فأوقع الماضي موقع المستقبل كما قال الشاعر :وإني لآتيكم لذكري الذي مضى من الود واستئناف ما كان في غدأراد ما يكون في غد ; وقيل : في الكلام تقديم وتأخير ، وأن كل فعلين تقاربا في المعنى جاز تقديم أيهما شئت ; كما قال تعالى : ثم دنا فتدلى [ النجم : 8 ] المعنى فتدلى ثم دنا ; ومثله : اقتربت الساعة وانشق القمر [ القمر : 1 ] وهو كثير .الثانية : هذا الأمر على الندب في قول الجمهور في كل قراءة في غير الصلاة . واختلفوا فيه في الصلاة . حكى النقاش عن عطاء : أن الاستعاذة واجبة ، وكان ابن سيرين والنخعي وقوم يتعوذون في الصلاة كل ركعة ، ويمتثلون أمر الله في الاستعاذة على العموم ، وأبو حنيفة والشافعي يتعوذان في الركعة الأولى من الصلاة ويريان قراءة الصلاة كلها كقراءة واحدة ; ومالك لا يرى التعوذ في الصلاة المفروضة ويراه في قيام رمضان .الثالثة : أجمع العلماء على أن التعوذ ليس من القرآن ولا آية منه ، وهو قول القارئ : أعوذ بالله من الشيطان الرجيم . وهذا اللفظ هو الذي عليه الجمهور من العلماء في التعوذ لأنه لفظ كتاب الله تعالى . وروي عن ابن مسعود أنه قال : قلت أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم ; فقال لي النبي صلى الله عليه وسلم : يا ابن أم عبد أعوذ بالله من الشيطان الرجيم هكذا أقرأني جبريل عن اللوح المحفوظ عن القلم .الرابعة : روى أبو داود وابن ماجه في سننهما عن جبير بن مطعم أنه رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي صلاة فقال عمرو : لا أدري أي صلاة هي ؟ فقال : " الله أكبر كبيرا الله أكبر كبيرا - ثلاثا - الحمد لله كثيرا الحمد لله كثيرا - ثلاثا - وسبحان الله بكرة وأصيلا - ثلاثا - أعوذ بالله من الشيطان من نفخه ونفثه وهمزه . قال عمرو : همزه المؤتة ، ونفثه الشعر ، ونفخه الكبر . وقال ابن ماجه : المؤتة يعني الجنون . والنفث : نفخ الرجل من فيه من غير أن يخرج ريقه . والكبر : التيه . وروى أبو داود عن أبي سعيد الخدري قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قام من الليل كبر ثم يقول : سبحانك اللهم وبحمدك تبارك اسمك وتعالى جدك ولا إله غيرك - ثم يقول : لا إله إلا الله - ثلاثا ثم يقول : - الله أكبر كبيرا - ثلاثا - أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم من همزه ونفخه ونفثه ثم يقرأ . وروى سليمان بن سالم عن ابن القاسم رحمه الله أن الاستعاذة : أعوذ بالله العظيم من الشيطان الرجيم إن الله هو السميع العليم بسم الله الرحمن الرحيم . قال ابن عطية : " وأما المقرئون فأكثروا في هذا من تبديل الصفة في اسم الله تعالى وفي الجهة الأخرى ، كقول بعضهم : أعوذ بالله المجيد ، من الشيطان المريد ; ونحو هذا مما لا أقول فيه : نعمت البدعة ، ولا أقول : إنه لا يجوز " .الخامسة : قال المهدوي : أجمع القراء على إظهار الاستعاذة في أول قراءة سورة " الحمد " إلا حمزة فإنه أسرها . وروى السدي عن أهل المدينة أنهم كانوا يفتتحون القراءة بالبسملة . وذكر أبو الليث السمرقندي عن بعض المفسرين أن التعوذ فرض ، فإذا نسيه القارئ وذكره في بعض الحزب قطع وتعوذ ، ثم ابتدأ من أوله . وبعضهم يقول : يستعيذ ثم يرجع إلى موضعه الذي وقف فيه ; وبالأول قال أسانيد الحجاز والعراق ; وبالثاني قال أسانيد الشام ومصر .السادسة : حكى الزهراوي قال : نزلت الآية في الصلاة وندبنا إلى الاستعاذة في غير الصلاة وليس بفرض . قال غيره : كانت فرضا على النبي صلى الله عليه وسلم وحده ، ثم تأسينا به .السابعة : روي عن أبي هريرة أن الاستعاذة بعد القراءة ; وقاله داود . قال أبو بكر بن العربي : انتهى العي بقوم إلى أن قالوا : إذا فرغ القارئ من قراءة القرآن يستعيذ بالله من الشيطان الرجيم . وقد روى أبو سعيد الخدري أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يتعوذ في صلاته قبل القراءة ، وهذا نص . فإن قيل : فما الفائدة في الاستعاذة من الشيطان الرجيم وقت القراءة ؟ قلنا : فائدتها امتثال الأمر ، وليس للشرعيات فائدة إلا القيام بحق الوفاء لها في امتثالها أمرا أو اجتنابها نهيا ; وقد قيل : فائدتها امتثال الأمر بالاستعاذة من وسوسة الشيطان عند القراءة ; كما قال تعالى وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبي إلا إذا تمنى ألقى الشيطان في أمنيته [ الحج : 52 ] . قال ابن العربي : ومن أغرب ما وجدناه قول مالك في المجموعة في تفسير هذه الآية : فإذا قرأت القرآن فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم [ النحل : 98 ] قال : ذلك بعد قراءة أم القرآن لمن قرأ في الصلاة ، وهذا قول لم يرد به أثر ، ولا يعضده نظر ; فإن كان هذا كما قال بعض الناس : إن الاستعاذة بعد القراءة ، كان تخصيص ذلك بقراءة أم القرآن في الصلاة دعوى عريضة ، ولا تشبه أصل مالك ولا فهمه ; فالله أعلم بسر هذه الرواية .الثامنة : في فضل التعوذ . روى مسلم عن سليمان بن صرد قال : استب رجلان عند النبي صلى الله عليه وسلم فجعل أحدهما يغضب ويحمر وجهه فنظر إليه النبي صلى الله عليه وسلم فقال : إني لأعلم كلمة لو قالها لذهب ذا عنه ، أعوذ بالله من الشيطان الرجيم . فقام إلى الرجل رجل ممن سمع النبي صلى الله عليه وسلم فقال : هل تدري ما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم آنفا ؟ قال : إني لأعلم كلمة لو قالها لذهب ذا عنه أعوذ بالله من الشيطان الرجيم فقال له الرجل : أمجنونا تراني ! أخرجه البخاري أيضا . وروى مسلم أيضا عن عثمان بن أبي العاص الثقفي أنه أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله ، إن الشيطان قد حال بيني وبين صلاتي وقراءتي يلبسها علي ، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : ذاك شيطان يقال له خنزب فإذا أحسسته فتعوذ بالله منه واتفل عن يسارك ثلاثا قال : ففعلت فأذهبه الله عني . وروى أبو داود عن ابن عمر قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سافر فأقبل عليه الليل قال : يا أرض ربي وربك الله أعوذ بالله من شرك [ وشر ما فيك ] [ و ] شر ما خلق فيك ومن شر ما يدب عليك [ وأعوذ بالله ] من أسد وأسود ومن الحية والعقرب ومن [ ساكن ] البلد ووالد وما ولد وروت خولة بنت حكيم قالت : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : من نزل منزلا ثم قال أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق لم يضره شيء حتى يرتحل . أخرجه الموطأ ومسلم والترمذي وقال : حديث حسن غريب صحيح . وما يتعوذ منه كثير ثابت في الأخبار ، والله المستعان .التاسعة : معنى الاستعاذة في كلام العرب : الاستجارة والتحيز إلى الشيء ، على معنى الامتناع به من المكروه ; يقال : عذت بفلان واستعذت به ; أي لجأت إليه . وهو عياذي ; أي ملجئي . وأعذت غيري به وعوذته بمعنى . ويقال : عوذ بالله منك ; أي أعوذ بالله منك ; قال الراجزقالت وفيها حيدة وذعر عوذ بربي منكم وحجروالعرب تقول عند الأمر تنكره : حجرا له ، بالضم ، أي دفعا ، وهو استعاذة من الأمر . والعوذة والمعاذة والتعويذ كله بمعنى . وأصل أعوذ : أعوذ نقلت الضمة إلى العين لاستثقالها على الواو فسكنت .العاشرة : الشيطان واحد الشياطين ; على التكسير والنون أصلية ; لأنه من شطن إذا بعد عن الخير . وشطنت داره أي بعدت ; قال الشاعر [ النابغة الذبياني ] :نأت بسعاد عنك نوى شطون فبانت والفؤاد بها رهينوبئر شطون أي بعيدة القعر . والشطن : الحبل ; سمي به لبعد طرفيه وامتداده . ووصف أعرابي فرسا لا يحفى فقال : كأنه شيطان في أشطان . وسمي الشيطان شيطانا لبعده عن الحق وتمرده ; وذلك أن كل عات متمرد من الجن والإنس والدواب شيطان ; قال جرير :أيام يدعونني الشيطان من غزل وهن يهوينني إذ كنت شيطاناوقيل : إن شيطانا مأخوذ من شاط يشيط إذا هلك ، فالنون زائدة . وشاط إذا احترق وشيطت اللحم إذا دخنته ولم تنضجه . واشتاط الرجل إذا احتد غضبا . وناقة مشياط التي يطير فيها السمن . واشتاط إذا هلك ; قال الأعشى :قد نخضب العير من مكنون فائله وقد يشيط على أرماحنا البطلأي يهلك . ويرد على هذه الفرقة أن سيبويه حكى أن العرب تقول : تشيطن فلان إذا فعل أفعال الشياطين ، فهذا بين أنه تفيعل من شطن ، ولو كان من شاط لقالوا : تشيط ، ويرد عليهم أيضا بيت أمية بن أبي الصلت :أيما شاطن عصاه عكاه ورماه في السجن والأغلالفهذا شاطن من شطن لا شك فيه .الحادية عشرة : الرجيم أي المبعد من الخير المهان . وأصل الرجم : الرمي بالحجارة ، وقد رجمته أرجمه ، فهو رجيم ومرجوم . والرجم : القتل واللعن والطرد والشتم ، وقد قيل هذا كله في قوله تعالى : لئن لم تنته يانوح لتكونن من المرجومين [ الشعراء : 116 ] . وقول أبي إبراهيم : لئن لم تنته لأرجمنك [ مريم : 46 ] . وسيأتي إن شاء الله تعالى .الثانية عشرة : روى الأعمش عن أبي وائل عن عبد الله قال : قال علي بن أبي طالب عليه السلام : رأيت النبي صلى الله عليه وسلم عند الصفا وهو مقبل على شخص في صورة الفيل وهو يلعنه ، قلت : ومن هذا الذي تلعنه يا رسول الله ؟ قال هذا الشيطان الرجيم فقلت : يا عدو الله ، والله لأقتلنك والله لأقتلنك ولأريحن الأمة منك ; قال : ما هذا جزائي منك ; قلت : وما جزاؤك مني يا عدو الله ؟ قال : والله ما أبغضك أحد قط إلا شركت أباه في رحم أمه .وفيها سبع وعشرون مسألة :الأولى : قال العلماء : ( بسم الله الرحمن الرحيم ) قسم من ربنا أنزله عند رأس كل سورة ، يقسم لعباده إن هذا الذي وضعت لكم يا عبادي في هذه السورة حق ، وإني أفي لكم بجميع ما ضمنت في هذه السورة من وعدي ولطفي وبري . و ( بسم الله الرحمن الرحيم ) مما أنزله الله تعالى في كتابنا وعلى هذه الأمة خصوصا بعد سليمان عليه السلام . وقال بعض العلماء : إن بسم الله الرحمن الرحيم تضمنت جميع الشرع ، لأنها تدل على الذات وعلى الصفات ; وهذا صحيح .الثانية : قال سعيد بن أبي سكينة : بلغني أن علي بن أبي طالب رضي الله عنه نظر إلى رجل يكتب : ( بسم الله الرحمن الرحيم ) فقال له : جودها فإن رجلا جودها فغفر له . قال سعيد : وبلغني أن رجلا نظر إلى قرطاس فيه ( بسم الله الرحمن الرحيم ) فقبله ووضعه على عينيه فغفر له . ومن هذا المعنى قصة بشر الحافي ، فإنه لما رفع الرقعة التي فيها اسم الله وطيبها طيب اسمه ، ذكره القشيري . وروى النسائي عن أبي المليح عن ردف رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إذا عثرت بك الدابة فلا تقل تعس الشيطان فإنه يتعاظم حتى يصير مثل البيت ويقول بقوته صرعته ولكن قل بسم الله الرحمن الرحيم فإنه يتصاغر حتى يصير مثل الذباب . وقال علي بن الحسين في تفسير قوله تعالى : وإذا ذكرت ربك في القرآن وحده ولوا على أدبارهم نفورا [ الإسراء : 46 ] قال معناه : إذا قلت : بسم الله الرحمن الرحيم . وروى وكيع عن الأعمش عن أبي وائل عن عبد الله بن مسعود قال : من أراد أن ينجيه الله من الزبانية التسعة عشر فليقرأ : بسم الله الرحمن الرحيم ليجعل الله تعالى له بكل حرف منها جنة من كل واحد . فالبسملة تسعة عشر حرفا على عدد ملائكة أهل النار الذين قال الله فيهم : عليها تسعة عشر [ المدثر : 30 ] وهم يقولون في كل أفعالهم : ( بسم الله الرحمن الرحيم ) فمن هنالك هي قوتهم ، وببسم الله استضلعوا . قال ابن عطية : ونظير هذا قولهم في ليلة القدر : إنها ليلة سبع وعشرين ، مراعاة للفظة ( هي ) من كلمات سورة : إنا أنزلناه [ القدر : 1 ] . ونظيره أيضا قولهم في عدد الملائكة الذين ابتدروا قول القائل : ربنا ولك الحمد حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه ، فإنها بضعة وثلاثون حرفا ; فلذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم : لقد رأيت بضعا وثلاثين ملكا يبتدرونها أيهم يكتبها أول . قال ابن عطية : وهذا من ملح التفسير وليس من متين العلم .الثالثة : روى الشعبي والأعمش أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يكتب ( باسمك اللهم ) حتى أمر أن يكتب ( بسم الله ) فكتبها ; فلما نزلت : قل ادعوا الله أو ادعوا الرحمن [ الإسراء : 110 ] كتب ( بسم الله الرحمن ) فلما نزلت : إنه من سليمان وإنه بسم الله الرحمن الرحيم [ النمل : 30 ] كتبها . وفي مصنف أبي داود قال الشعبي وأبو مالك وقتادة وثابت بن عمارة : إن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكتب بسم الله حتى نزلت سورة " النمل " .الرابعة : روي عن جعفر الصادق رضي الله عنه أنه قال : البسملة تيجان السور .قلت : وهذا يدل على أنها ليست بآية من الفاتحة ولا غيرها . وقد اختلف العلماء في هذا المعنى على ثلاثة أقوال :( الأول ) ليست بآية من الفاتحة ولا غيرها ; وهو قول مالك . ( الثاني ) أنها آية من كل سورة ; وهو قول عبد الله بن المبارك . ( الثالث ) قال الشافعي : هي آية في الفاتحة ; وتردد قوله في سائر السور ; فمرة قال : هي آية من كل سورة ، ومرة قال : ليست بآية إلا في الفاتحة وحدها . ولا خلاف بينهم في أنها آية من القرآن في سورة النمل .واحتج الشافعي بما رواه الدارقطني من حديث أبي بكر الحنفي عن عبد الحميد بن جعفر عن نوح بن أبي بلال عن سعيد بن أبي سعيد المقبري عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : إذا قرأتم " الحمد لله رب العالمين " فاقرءوا " بسم الله الرحمن الرحيم " إنها أم القرآن وأم الكتاب والسبع المثاني و " بسم الله الرحمن الرحيم " ، إحداها . رفع هذا الحديث عبد الحميد بن جعفر وعبد الحميد هذا وثقه أحمد بن حنبل ويحيى بن سعيد ويحيى بن معين ; وأبو حاتم يقول فيه : محله الصدق ; وكان سفيان الثوري يضعفه ويحمل عليه . ونوح بن أبي بلال ثقة مشهور .وحجة ابن المبارك وأحد قولي الشافعي ما رواه مسلم عن أنس قال : بينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم بين أظهرنا إذ أغفى إغفاءة ثم رفع رأسه متبسما ; فقلنا : ما أضحكك يا رسول الله ؟ قال : أنزلت علي آنفا سورة فقرأ : بسم الله الرحمن الرحيم إنا أعطيناك الكوثر فصل لربك وانحر إن شانئك هو الأبتر وذكر الحديث ، وسيأتي بكماله في سورة الكوثر إن شاء الله تعالى .الخامسة : الصحيح من هذه الأقوال قول مالك ; لأن القرآن لا يثبت بأخبار الآحاد وإنما طريقه التواتر القطعي الذي لا يختلف فيه . قال ابن العربي : ويكفيك أنها ليست من القرآن اختلاف الناس فيها ، والقرآن لا يختلف فيه . والأخبار الصحاح التي لا مطعن فيها دالة على أن البسملة ليست بآية من الفاتحة ولا غيرها إلا في النمل وحدها . روى مسلم عن أبي هريرة قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : قال [ تعالى ] : " قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين ولعبدي ما سأل فإذا قال العبد : ( الحمد لله رب العالمين ) قال الله تعالى حمدني عبدي وإذا قال : ( الرحمن الرحيم ) قال الله تعالى : أثنى علي عبدي وإذا قال : ( مالك يوم الدين ) قال مجدني عبدي - وقال مرة : فوض إلى عبدي - فإذا قال : ( إياك نعبد وإياك نستعين ) قال : هذا بيني وبين عبدي ، ولعبدي ما سأل ، فإذا قال : ( اهدنا الصراط المستقيم صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين ) قال : هذا لعبدي ولعبدي ما سأل . فقوله سبحانه : " قسمت الصلاة " يريد الفاتحة ، وسماها صلاة لأن الصلاة لا تصح إلا بها ; فجعل الثلاث الآيات الأول لنفسه ، واختص بها تبارك اسمه ، ولم يختلف المسلمون فيها . ثم الآية الرابعة جعلها بينه وبين عبده ; لأنها تضمنت تذلل العبد وطلب الاستعانة منه ، وذلك يتضمن تعظيم الله تعالى ، ثم ثلاث آيات تتمة سبع آيات . ومما يدل على أنها ثلاث قوله : " هؤلاء لعبدي " أخرجه مالك ; ولم يقل : هاتان ; فهذا يدل على أن ( أنعمت عليهم ) آية . قال ابن بكير قال مالك : " أنعمت عليهم " آية ، ثم الآية السابعة إلى آخرها . فثبت بهذه القسمة التي قسمها الله تعالى وبقوله عليه السلام لأبي : كيف تقرأ إذا افتتحت الصلاة قال : فقرأت : الحمد لله رب العالمين حتى أتيت على آخرها - أن البسملة ليست بآية منها ، وكذا عد أهل المدينة وأهل الشام وأهل البصرة ; وأكثر القراء عدوا : ( أنعمت عليهم ) آية ، وكذا روى قتادة عن أبي نضرة عن أبي هريرة قال : الآية السادسة : ( أنعمت عليهم ) . وأما أهل الكوفة من القراء والفقهاء فإنهم عدوا فيها ( بسم الله الرحمن الرحيم ) ولم يعدوا ( أنعمت عليهم ) .فإن قيل : فإنها ثبتت في المصحف وهي مكتوبة بخطه ونقلت نقله ، كما نقلت في النمل ، وذلك متواتر عنهم . قلنا : ما ذكرتموه صحيح ; ولكن لكونها قرآنا ، أو لكونها فاصلة بين السور - كما روي عن الصحابة : كنا لا نعرف انقضاء السورة حتى تنزل " بسم الله الرحمن الرحيم " أخرجه أبو داود - أو تبركا بها ، كما قد اتفقت الأمة على كتبها في أوائل الكتب والرسائل ؟ كل ذلك محتمل . وقد قال الجريري : سئل الحسن عن ( بسم الله الرحمن الرحيم ) قال : في صدور الرسائل . وقال الحسن أيضا : لم تنزل ( بسم الله الرحمن الرحيم ) في شيء من القرآن إلا في " طس " إنه من سليمان وإنه بسم الله الرحمن الرحيم . والفيصل أن القرآن لا يثبت بالنظر والاستدلال ، وإنما يثبت بالنقل المتواتر القطعي الاضطراري . ثم قد اضطرب قول الشافعي فيها في أول كل سورة فدل على أنها ليست بآية من كل سورة ; والحمد لله .فإن قيل : فقد روى جماعة قرآنيتها ، وقد تولى الدارقطني جمع ذلك في جزء صححه . قلنا : لسنا ننكر الرواية بذلك وقد أشرنا إليها ، ولنا أخبار ثابتة في مقابلتها ، رواها الأئمة الثقات والفقهاء الأثبات . روت عائشة في صحيح مسلم قالت : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يستفتح الصلاة بالتكبير ، والقراءة ب " الحمد لله رب العالمين " ، الحديث . وسيأتي بكماله . وروى مسلم أيضا عن أنس بن مالك قال : صليت خلف النبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر وعثمان ، فكانوا يستفتحون بالحمد لله رب العالمين ; لا يذكرون " بسم الله الرحمن الرحيم " في أول قراءة ولا في آخرها .ثم إن مذهبنا يترجح في ذلك بوجه عظيم ، وهو المعقول ; وذلك أن مسجد النبي صلى الله عليه وسلم بالمدينة انقضت عليه العصور ، ومرت عليه الأزمنة والدهور ، من لدن رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى زمان مالك ، ولم يقرأ أحد فيه قط " بسم الله الرحمن الرحيم " ؛ اتباعا للسنة ، وهذا يرد أحاديثكم .بيد أن أصحابنا استحبوا قراءتها في النفل ; وعليه تحمل الآثار الواردة في قراءتها أو على السعة في ذلك . قال مالك : ولا بأس أن يقرأ بها في النافلة ومن يعرض القرآن عرضا .وجملة مذهب مالك وأصحابه : أنها ليست عندهم آية من فاتحة الكتاب ولا غيرها ، ولا يقرأ بها المصلي في المكتوبة ولا في غيرها سرا ولا جهرا ; ويجوز أن يقرأها في النوافل . هذا هو المشهور من مذهبه عند أصحابه . وعنه رواية أخرى أنها تقرأ أول السورة في النوافل ، ولا تقرأ أول أم القرآن . وروى عنه ابن نافع ابتداء القراءة بها في الصلاة الفرض والنفل ولا تترك بحال . ومن أهل المدينة من يقول : إنه لابد فيها من ( بسم الله الرحمن الرحيم ) منهم ابن عمر ، وابن شهاب ; وبه قال الشافعي وأحمد وإسحاق وأبو ثور وأبو عبيد . وهذا يدل على أن المسألة مسألة اجتهادية لا قطعية ، كما ظنه بعض الجهال من المتفقهة الذي يلزم على قوله تكفير المسلمين ; وليس كما ظن لوجود الاختلاف المذكور ; والحمد لله .وقد ذهب جمع من العلماء إلى الإسرار بها مع الفاتحة ; منهم : أبو حنيفة والثوري ; وروى ذلك عن عمر وعلي وابن مسعود وعمار وابن الزبير ; وهو قول الحكم وحماد ; وبه قال أحمد بن حنبل وأبو عبيد ; وروي عن الأوزاعي مثل ذلك ; حكاه أبو عمر بن عبد البر في ( الاستذكار ) . واحتجوا من الأثر في ذلك بما رواه منصور بن زاذان عن أنس بن مالك قال : صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يسمعنا قراءة ( بسم الله الرحمن الرحيم ) . وما رواه عمار بن زريق عن الأعمش عن شعبة عن ثابت عن أنس قال : صليت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر وعثمان فلم أسمع أحدا منهم يقرأ بسم الله الرحمن الرحيم .قلت : هذا قول حسن ، وعليه تتفق الآثار عن أنس ولا تتضاد ويخرج به من الخلاف في قراءة البسملة . وقد روي عن سعيد بن جبير قال : كان المشركون يحضرون بالمسجد ; فإذا قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( بسم الله الرحمن الرحيم ) قالوا : هذا محمد يذكر رحمان اليمامة - يعنون مسيلمة - فأمر أن يخافت ب " بسم الله الرحمن الرحيم " ، ونزل : ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها . قال الترمذي الحكيم أبو عبد الله : فبقي ذلك إلى يومنا هذا على ذلك الرسم وإن زالت العلة ، كما بقي الرمل في الطواف وإن زالت العلة ، وبقيت المخافتة في صلاة النهار وإن زالت العلة .السادسة : اتفقت الأمة على جواز كتبها في أول كل كتاب من كتب العلم والرسائل ; فإن كان الكتاب ديوان شعر فروى مجالد عن الشعبي قال : أجمعوا ألا يكتبوا أمام الشعر : بسم الله الرحمن الرحيم . وقال الزهري : مضت السنة ألا يكتبوا في الشعر : ( بسم الله الرحمن الرحيم ) . وذهب إلى رسم التسمية في أول كتب الشعر سعيد بن جبير ، وتابعه على ذلك أكثر المتأخرين . قال أبو بكر الخطيب : وهو الذي نختاره ونستحبه .السابعة : قال الماوردي ويقال لمن قال بسم الله : مبسمل ، وهي لغة مولدة ، وقد جاءت في الشعر ; قال عمر بن أبي ربيعة :لقد بسملت ليلى غداة لقيتها فيا حبذا ذاك الحبيب المبسملقلت : المشهور عن أهل اللغة بسمل . قال يعقوب بن السكيت والمطرز والثعالبي وغيرهم من أهل اللغة : بسمل الرجل ، إذا قال : بسم الله . يقال : قد أكثرت من البسملة ; أي من قول بسم الله ، ومثله : حوقل الرجل ، إذا قال : لا حول ولا قوة إلا بالله ، وهلل ، إذا قال : لا إله إلا الله ، وسبحل ، إذا قال : سبحان الله ، وحمدل ، إذا قال : الحمد لله ، وحيصل ، إذا قال : حي على الصلاة ، وجعفل ، إذا قال : جعلت فداك . وطبقل ، إذا قال : أطال الله بقاءك . ودمعز ، إذا قال أدام الله عزك . وحيفل ، إذا قال : حي على الفلاح . ولم يذكر المطرز : الحيصلة ، إذا قال : حي على الصلاة . وجعفل ، إذا قال : جعلت فداك . وطبقل ، إذا قال أطال الله بقاءك . ودمعز إذا قال : أدام الله عزك .الثامنة : ندب الشرع إلى ذكر البسملة في أول كل فعل ; كالأكل والشرب والنحر ; والجماع والطهارة وركوب البحر ، إلى غير ذلك من الأفعال ; قال الله تعالى : فكلوا مما ذكر اسم الله عليه . وقال اركبوا فيها بسم الله مجريها ومرساها . وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أغلق بابك واذكر اسم الله وأطفئ مصباحك واذكر اسم الله وخمر إناءك واذكر اسم الله وأوك سقاءك واذكر اسم الله . وقال لو أن أحدكم إذا أراد أن يأتي أهله قال : بسم الله اللهم جنبنا الشيطان وجنب الشيطان ما رزقتنا فإنه إن يقدر بينهما ولد في ذلك لم يضره شيطان أبدا . وقال لعمر بن أبي سلمة يا غلام سم الله وكل بيمينك وكل مما يليك وقال : إن الشيطان يستحل الطعام أن لا يذكر اسم الله عليه وقال : من لم يذبح فليذبح باسم الله . وشكا إليه عثمان بن أبي العاص وجعا يجده في جسده منذ أسلم ، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم ضع يدك على الذي تألم من جسدك وقل بسم الله ثلاثا وقل سبع مرات أعوذ بعزة [ بالله ] وقدرته من شر ما أجد وأحاذر . هذا كله ثابت في الصحيح . وروى ابن ماجه والترمذي عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ستر ما بين الجن وعورات بني آدم إذا دخل الكنيف أن يقول : بسم الله . وروى الدارقطني عن عائشة قالت : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا مس طهوره سمى الله تعالى ، ثم يفرغ الماء على يديه .التاسعة : قال علماؤنا : وفيها رد على القدرية وغيرهم ممن يقول : إن أفعالهم مقدورة لهم ، وموضع الاحتجاج عليهم من ذلك أن الله سبحانه أمرنا عند الابتداء بكل فعل أن نفتتح بذلك ، كما ذكرنا .فمعنى بسم الله ، أي بالله . ومعنى ( بالله ) أي بخلقه وتقديره يوصل إلى ما يوصل إليه . وسيأتي لهذا مزيد بيان إن شاء الله تعالى . وقال بعضهم : معنى قوله ( بسم الله ) يعني بدأت بعون الله وتوفيقه وبركته ; وهذا تعليم من الله تعالى عباده ، ليذكروا اسمه عند افتتاح القراءة وغيرها ، حتى يكون الافتتاح ببركة الله جل وعز .العاشرة : ذهب أبو عبيدة معمر بن المثنى إلى أن ( اسم ) صلة زائدة ، واستشهد بقول لبيد :إلى الحول ثم اسم السلام عليكما ومن يبك حولا كاملا فقد اعتذرفذكر ( اسم ) زيادة ، وإنما أراد : ثم السلام عليكما .وقد استدل علماؤنا بقول لبيد هذا على أن الاسم هو المسمى . وسيأتي الكلام فيه في هذا الباب وغيره ، إن شاء الله تعالى .الحادية عشرة : اختلف في معنى زيادة : " اسم " ; فقال قطرب : زيدت لإجلال ذكره تعالى وتعظيمه . وقال الأخفش : زيدت ليخرج بذكرها من حكم القسم إلى قصد التبرك ; لأن أصل الكلام : بالله .الثانية عشرة : اختلفوا أيضا في معنى دخول الباء عليه ، هل دخلت على معنى الأمر ؟ والتقدير : ابدأ بسم الله . أو على معنى الخبر ؟ والتقدير : ابتدأت بسم الله ; قولان : الأول للفراء ، والثاني للزجاج . ف ( باسم ) في موضع نصب على التأويلين . وقيل : المعنى ابتدائي بسم الله ; ف ( بسم الله ) في موضع رفع خبر الابتداء . وقيل : الخبر محذوف ; أي ابتدائي مستقر أو ثابت بسم الله ; فإذا أظهرته كان " بسم الله " في موضع نصب بثابت أو مستقر ، وكان بمنزلة قولك : زيد في الدار . وفي التنزيل : فلما رآه مستقرا عنده قال هذا من فضل ربي ف ( عنده ) في موضع نصب ; روي هذا عن نحاة أهل البصرة . وقيل : التقدير ابتدائي ببسم الله موجود أو ثابت ، ف ( باسم ) في موضع نصب بالمصدر الذي هو ابتدائي .الثالثة عشرة : بسم الله ، تكتب بغير ألف استغناء عنها بباء الإلصاق في اللفظ والخط لكثرة الاستعمال ، بخلاف قوله : اقرأ باسم ربك فإنها لم تحذف ؛ لقلة الاستعمال . واختلفوا في حذفها مع الرحمن والقاهر ; فقال الكسائي وسعيد الأخفش : تحذف الألف . وقال يحيى بن وثاب : لا تحذف إلا مع بسم الله فقط ، لأن الاستعمال إنما كثر فيه .الرابعة عشر : واختلف في تخصيص باء الجر بالكسر على ثلاثة معان ; فقيل : ليناسب لفظها عملها . وقيل : لما كانت الباء لا تدخل إلا على الأسماء خصت بالخفض الذي لا يكون إلا في الأسماء . الثالث : ليفرق بينهما وبين ما قد يكون من الحروف اسما ; نحو الكاف في قول الشاعر :ورحنا بكابن الماء يجنب وسطناأي بمثل ابن الماء أو ما كان مثله .الخامسة عشرة : اسم ، وزنه افع ، والذاهب منه الواو ; لأنه من سموت ، وجمعه أسماء ، وتصغيره سمي . واختلف في تقدير أصله ، فقيل : فعل ، وقيل : فعل . قال الجوهري : وأسماء يكون جمعا لهذا الوزن ، وهو مثل جذع وأجذاع ، وقفل وأقفال ; وهذا لا تدرك صيغته إلا بالسماع . وفيه أربع لغات : إسم بالكسر ، وأسم بالضم . قال أحمد بن يحيى : من ضم الألف أخذه من سموت أسمو ، ومن كسر أخذه من سميت أسمي . ويقال : سم وسم ، وينشد :والله أسماك سما مباركا آثرك الله به إيثاركاوقال آخر :وعامنا أعجبنا مقدمه يدعى أبا السمح وقرضاب سمهمبتركا كل عظم يلحمهقرضب الرجل : إذا أكل شيئا يابسا ، فهو قرضاب . ( سمه ) بالضم والكسر جميعا .ومنه قول الآخر :باسم الذي في كل سورة سمهوسكنت السين من ( باسم ) اعتلالا على غير قياس ، وألفه ألف وصل ، وربما جعلها الشاعر ألف قطع للضرورة ; كقول الأحوص :وما أنا بالمخسوس في جذم مالك ولا من تسمى ثم يلتزم الإسماالسادسة عشرة : تقول العرب في النسب إلى الاسم : سموي ، وإن شئت " اسمي " ، تركته على حاله ، وجمعه أسماء ، وجمع الأسماء أسام . وحكى الفراء : أعيذك بأسماوات الله .السابعة عشرة : اختلفوا في اشتقاق الاسم على وجهين : فقال البصريون : هو مشتق من السمو وهو العلو والرفعة ، فقيل : اسم لأن صاحبه بمنزلة المرتفع به . وقيل : لأن الاسم يسموا بالمسمى فيرفعه عن غيره . وقيل : إنما سمي الاسم اسما لأنه علا بقوته على قسمي الكلام : الحرف والفعل ; والاسم أقوى منهما بالإجماع لأنه الأصل ; فلعلوه عليهما سمي اسما ; فهذه ثلاثة أقوال .وقال الكوفيون : إنه مشتق من السمة وهي العلامة ; لأن الاسم علامة لمن وضع له ; فأصل اسم على هذا ( وسم ) . والأول أصح ; لأنه يقال في التصغير سمي وفي الجمع أسماء ; والجمع والتصغير يردان الأشياء إلى أصولها ; فلا يقال : وسيم ولا أوسام . ويدل على صحته أيضا فائدة الخلاف وهي :الثامنة عشرة : فإن من قال الاسم مشتق من العلو يقول : لم يزل الله سبحانه موصوفا قبل وجود الخلق وبعد وجودهم وعند فنائهم ، ولا تأثير لهم في أسمائه ولا صفاته ; وهذا قول أهل السنة . ومن قال الاسم مشتق من السمة يقول : كان الله في الأزل بلا اسم ولا صفة ، فلما خلق الخلق جعلوا له أسماء وصفات ، فإذا أفناهم بقي بلا اسم ولا صفة ; وهذا قول المعتزلة وهو خلاف ما أجمعت عليه الأمة ، وهو أعظم في الخطأ من قولهم : إن كلامه مخلوق ، تعالى الله عن ذلك ! وعلى هذا الخلاف وقع الكلام في الاسم والمسمى وهي :التاسعة عشرة : فذهب أهل الحق - فيما نقل القاضي أبو بكر بن الطيب - إلى أن الاسم هو المسمى ، وارتضاه ابن فورك ; وهو قول أبي عبيدة وسيبويه . فإذا قال قائل : الله عالم ; فقوله دال على الذات الموصوفة بكونه عالما ، فالاسم لكونه عالما وهو المسمى بعينه . وكذلك إذا قال : الله خالق ; فالخالق هو الرب ، وهو بعينه الاسم . فالاسم عندهم هو المسمى بعينه من غير تفصيل .قال ابن الحصار : من ينفي الصفات من المبتدعة يزعم أن لا مدلول للتسميات إلا الذات ، ولذلك يقولون : الاسم غير المسمى ، ومن يثبت الصفات يثبت للتسميات مدلولات هي أوصاف الذات وهي غير العبارات وهي الأسماء عندهم . وسيأتي لهذه مزيد بيان في ( البقرة ) و ( الأعراف ) إن شاء الله تعالى .الموفية عشرين - قوله : ( الله ) هذا الاسم أكبر أسمائه سبحانه وأجمعها ، حتى قال بعض العلماء : إنه اسم الله الأعظم ولم يتسم به غيره ; ولذلك لم يثن ولم يجمع ، وهو أحد تأويلي قوله تعالى : هل تعلم له سميا أي من تسمى باسمه الذي هو ( الله ) . فالله اسم للموجود الحق الجامع لصفات الإلهية ، المنعوت بنعوت الربوبية ، المنفرد بالوجود الحقيقي ، لا إله إلا هو سبحانه . وقيل : معناه الذي يستحق أن يعبد . وقيل : معناه واجب الوجود الذي لم يزل ولا يزال ; والمعنى واحد .الحادية والعشرون : واختلفوا في هذا الاسم هل هو مشتق أو موضوع للذات علم ؟ فذهب إلى الأول كثير من أهل العلم . واختلفوا في اشتقاقه وأصله ; فروى سيبويه عن الخليل أن أصله إلاه ، مثل فعال ; فأدخلت الألف واللام بدلا من الهمزة . قال سيبويه : مثل الناس أصله أناس . وقيل : أصل الكلمة ( لاه ) وعليه دخلت الألف واللام للتعظيم ، وهذا اختيار سيبويه . وأنشد :لاه ابن عمك لا أفضلت في حسب عني ولا أنت دياني فتخزونيكذا الرواية : فتخزوني ، بالخاء المعجمة ومعناه : تسوسني .وقال الكسائي والفراء : معنى " بسم الله " بسم الإله ; فحذفوا الهمزة وأدغموا اللام الأولى في الثانية فصارتا لاما مشددة ; كما قال عز وجل : لكنا هو الله ربي ومعناه : لكن أنا ، كذلك قرأها الحسن . ثم قيل : هو مشتق من ( وله ) إذا تحير ; والوله : ذهاب العقل . يقال : رجل واله وامرأة والهة وواله ، وماء موله : أرسل في الصحاري . فالله سبحانه تتحير الألباب وتذهب في حقائق صفاته والفكر في معرفته . فعلى هذا أصل : ( إلاه ) ، ( ولاه ) وأن الهمزة مبدلة من واو كما أبدلت في إشاح ووشاح ، وإسادة ووسادة ، وروي عن الخليل . وروي عن الضحاك أنه قال : إنما سمي : ( الله ) إلها ، لأن الخلق يتألهون إليه في حوائجهم ، ويتضرعون إليه عند شدائدهم ، وذكر عن الخليل بن أحمد أنه قال : لأن الخلق يألهون إليه ( بنصب اللام ) ويألهون أيضا ( بكسرها ) وهما لغتان . وقيل : إنه مشتق من الارتفاع ، فكانت العرب تقول لكل شيء مرتفع لاها ، فكانوا يقولون إذا طلعت الشمس : لاهت . وقيل : هو مشتق من أله الرجل إذا تعبد . وتأله إذا تنسك ، ومن ذلك قوله تعالى : ( ويذرك وإلاهتك ) على هذه القراءة ; فإن ابن عباس وغيره قالوا : وعبادتك .قالوا : فاسم الله مشتق من هذا ، فالله سبحانه معناه المقصود بالعبادة ، ومنه قول الموحدين : لا إله إلا الله ، معناه لا معبود غير الله . و ( إلا ) في الكلمة بمعنى غير ، لا بمعنى الاستثناء . وزعم بعضهم أن الأصل فيه ( الهاء ) التي هي الكناية عن الغائب ، وذلك أنهم أثبتوه موجودا في فطر عقولهم فأشاروا إليه بحرف الكناية ثم زيدت فيه لام الملك إذ قد علموا أنه خالق الأشياء ومالكها فصار ( له ) ثم زيدت فيه الألف واللام تعظيما وتفخيما .القول الثاني : ذهب إليه جماعة من العلماء أيضا منهم الشافعي وأبو المعالي والخطابي والغزالي والمفضل وغيرهم ، وروي عن الخليل وسيبويه : أن الألف واللام لازمة له لا يجوز حذفهما منه . قال الخطابي : والدليل على أن الألف واللام من بنية هذا الاسم ، ولم يدخلا للتعريف : دخول حرف النداء عليه ; كقولك : يا الله ، وحروف النداء لا تجتمع مع الألف واللام للتعريف ; ألا ترى أنك لا تقول : يا الرحمن ولا : يا الرحيم ، كما تقول : يا الله ، فدل على أنهما من بنية الاسم . والله أعلم .الثانية والعشرون : واختلفوا أيضا في اشتقاق اسمه الرحمن ; فقال بعضهم : لا اشتقاق له لأنه من الأسماء المختصة به سبحانه ، ولأنه لو كان مشتقا من الرحمة لاتصل بذكر المرحوم ، فجاز أن يقال : الله رحمن بعباده ، كما يقال : رحيم بعباده . وأيضا لو كان مشتقا من الرحمة لم تنكره العرب حين سمعوه ، إذ كانوا لا ينكرون رحمة ربهم ، وقد قال الله عز وجل : وإذا قيل لهم اسجدوا للرحمن قالوا وما الرحمن الآية . ولما كتب علي رضي الله عنه في صلح الحديبية بأمر النبي صلى الله عليه وسلم : بسم الله الرحمن الرحيم قال سهيل بن عمرو : أما ( بسم الله الرحمن الرحيم ) فما ندري ما ( بسم الله الرحمن الرحيم ) ! ولكن اكتب ما نعرف : باسمك اللهم ، الحديث . قال ابن العربي : إنما جهلوا الصفة دون الموصوف ، واستدل على ذلك بقولهم : وما الرحمن ؟ ولم يقولوا : ومن الرحمن ؟ قال ابن الحصار : وكأنه رحمه الله لم يقرأ الآية الأخرى : " وهم يكفرون بالرحمن " . وذهب الجمهور من الناس إلى أن ( الرحمن ) مشتق من الرحمة مبني على المبالغة ; ومعناه ذو الرحمة الذي لا نظير له فيها ؛ فلذلك لا يثنى ولا يجمع كما يثنى ( الرحيم ) ويجمع .قال ابن الحصار : ومما يدل على الاشتقاق ما خرجه الترمذي وصححه عن عبد الرحمن بن عوف أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : قال الله عز وجل أنا الرحمن خلقت الرحم وشققت لها اسما من اسمي فمن وصلها وصلته ومن قطعها قطعته . وهذا نص في الاشتقاق ، فلا معنى للمخالفة والشقاق ، وإنكار العرب له لجهلهم بالله وبما وجب له .الثالثة والعشرون : زعم المبرد فيما ذكر ابن الأنباري في كتاب ( الزاهر ) له : أن ( الرحمن ) اسم عبراني فجاء معه ب ( الرحيم ) وأنشد :لن تدركوا المجد أو تشروا عباءكم بالخز أو تجعلوا الينبوت ضمرانا أو تتركون إلى القسين هجرتكمومسحكم صلبهم رحمان قرباناقال أبو إسحاق الزجاج في ( معاني القرآن ) : وقال أحمد بن يحيى : " الرحيم " عربي و " الرحمان " عبراني ، فلهذا جمع بينهما . وهذا القول مرغوب عنه .وقال أبو العباس : النعت قد يقع للمدح ; كما تقول : قال جرير الشاعر : وروى مطرف عن قتادة في قول الله عز وجل ( بسم الله الرحمن الرحيم ) قال : مدح نفسه . قال أبو إسحاق : وهذا قول حسن . وقال قطرب : يجوز أن يكون جمع بينهما للتوكيد . قال أبو إسحاق : وهذا قول حسن ، وفي التوكيد أعظم الفائدة ، وهو كثير في كلام العرب ، ويستغنى عن الاستشهاد ; والفائدة في ذلك ما قاله محمد بن يزيد : إنه تفضل بعد تفضل ، وإنعام بعد إنعام ، وتقوية لمطامع الراغبين ، ووعد لا يخيب آمله .الرابعة والعشرون : واختلفوا هل هما بمعنى واحد أو بمعنيين ؟ فقيل : هما بمعنى واحد ; كندمان ونديم . قالهأبو عبيدة . وقيل : ليس بناء فعلان كفعيل ، فإن فعلان لا يقع إلا على مبالغة الفعل ; نحو قولك : رجل غضبان ، للممتلئ غضبا . وفعيل قد يكون بمعنى الفاعل والمفعول . قال عملس :فأما إذا عضت بك الحرب عضة فإنك معطوف عليك رحيمف ( الرحمن ) خاص الاسم عام الفعل . و ( الرحيم ) عام الاسم خاص الفعل . هذا قول الجمهور .قال أبو علي الفارسي : ( الرحمن ) اسم عام في جميع أنواع الرحمة ، يختص به الله . ( والرحيم ) إنما هو في جهة المؤمنين ; كما قال تعالى : وكان بالمؤمنين رحيما . وقال العرزمي ( الرحمن ) بجميع خلقه في الأمطار ونعم الحواس والنعم العامة ، و ( الرحيم ) بالمؤمنين في الهداية لهم ، واللطف بهم . وقال ابن المبارك : ( الرحمن ) إذا سئل أعطى ، و ( الرحيم ) إذا لم يسأل غضب . وروى ابن ماجه في سننه والترمذي في جامعه عن أبي صالح عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من لم يسأل الله يغضب عليه لفظ الترمذي . وقال ابن ماجه : من لم يدع الله سبحانه غضب عليه . وقال : سألت أبا زرعة عن أبي صالح هذا ، فقال : هو الذي يقال له : الفارسي وهو خوزي ولا أعرف اسمه . وقد أخذ بعض الشعراء هذا المعنى فقال :الله يغضب إن تركت سؤاله وبني آدم حين يسأل يغضبوقال ابن عباس : هما اسمان رقيقان ، أحدهما أرق من الآخر ، أي أكثر رحمة .قال الخطابي : وهذا مشكل ; لأن الرقة لا مدخل لها في شيء من صفات الله تعالى .وقال الحسين بن الفضل البجلي : هذا وهم من الراوي ، لأن الرقة ليست من صفات الله تعالى في شيء ، وإنما هما اسمان رفيقان أحدهما أرفق من الآخر ، والرفق من صفات الله عز وجل ; قال النبي صلى الله عليه وسلم : إن الله رفيق يحب الرفق ويعطي على الرفق ما لا يعطي على العنف .الخامسة والعشرون : أكثر العلماء على أن ( الرحمن ) مختص بالله عز وجل ، لا يجوز أن يسمى به غيره ، ألا تراه قال : قل ادعوا الله أو ادعوا الرحمن فعادل الاسم الذي لا يشركه فيه غيره . وقال : واسأل من أرسلنا من قبلك من رسلنا أجعلنا من دون الرحمن آلهة يعبدون فأخبر أن الرحمن هو المستحق للعبادة جل وعز . وقد تجاسر مسيلمة الكذاب - لعنه الله - فتسمى برحمان اليمامة ، ولم يتسم به حتى قرع مسامعه نعت الكذاب فألزمه الله تعالى نعت الكذاب لذلك ، وإن كان كل كافر كاذبا ، فقد صار هذا الوصف لمسيلمة علما يعرف به ، ألزمه الله إياه . وقد قيل في اسمه " الرحمن " : إنه اسم الله الأعظم ذكره ابن العربي .السادسة والعشرون : الرحيم صفة مطلقة للمخلوقين ، ولما في الرحمن من العموم قدم في كلامنا على الرحيم مع موافقة التنزيل ; قاله المهدوي . وقيل : إن معنى الرحيم أي بالرحيم وصلتم إلى الله وإلى الرحمن ، ف ( الرحيم ) نعت محمد صلى الله عليه وسلم ، وقد نعته تعالى بذلك فقال : ( رؤوف رحيم ) فكأن المعنى أن يقول بسم الله الرحمن وبالرحيم ، أي وبمحمد صلى الله عليه وسلم وصلتم إلي ، أي باتباعه وبما جاء به وصلتم إلى ثوابي وكرامتي والنظر إلى وجهي والله أعلم .السابعة والعشرون : روي عن علي بن أبي طالب كرم الله وجهه أنه قال في قوله ( بسم الله ) : إنه شفاء من كل داء ، وعون على كل دواء . وأما الرحمن فهو عون لكل من آمن به ، وهو اسم لم يسم به غيره . وأما الرحيم فهو لمن تاب وآمن وعمل صالحا .وقد فسره بعضهم على الحروف ; فروي عن عثمان بن عفان أنه سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن تفسير ( بسم الله الرحمن الرحيم ) فقال : أما الباء فبلاء الله وروحه ونضرته وبهاؤه وأما السين فسناء الله وأما الميم فملك الله وأما الله فلا إله غيره وأما الرحمن فالعاطف على البر والفاجر من خلقه وأما الرحيم فالرفيق بالمؤمنين خاصة . وروي عن كعب الأحبار أنه قال : الباء بهاؤه والسين سناؤه فلا شيء أعلى منه والميم ملكه وهو على كل شيء قدير فلا شيء يعازه . وقد قيل : إن كل حرف هو افتتاح اسم من أسمائه ; فالباء مفتاح اسمه " بصير " ، والسين مفتاح اسمه " سميع " ، والميم مفتاح اسمه " مليك " ، والألف مفتاح اسمه " الله " ، واللام مفتاح اسمه " لطيف " ، والهاء مفتاح اسمه هاد ، والراء مفتاح اسمه " رازق " ، والحاء مفتاح اسمه " حليم " ، والنون مفتاح اسمه " نور " ; ومعنى هذا كله دعاء الله تعالى عند افتتاح كل شيء .الثامنة والعشرون : واختلف في وصل ( الرحيم ) ب ( الحمد لله ) ; فروي عن أم سلمة عن النبي صلى الله عليه وسلم : ( الرحيم ألحمد ) يسكن الميم ويقف عليها ، ويبتدئ بألف مقطوعة . وقرأ به قوم من الكوفيين . وقرأ جمهور الناس : ( الرحيم الحمد ) تعرب الرحيم بالخفض وبوصل الألف من ( الحمد ) . وحكى الكسائي عن بعض العرب أنها تقرأ ( الرحيم الحمد ) ، بفتح الميم وصلة الألف ; كأنه سكنت الميم وقطعت الألف ثم ألقيت حركتها على الميم وحذفت . قال ابن عطية : ولم ترو هذه قراءة عن أحد فيما علمت . وهذا نظر يحيى بن زياد في قوله تعالى : الم الله .
بسم الله الرحمن الرحيمسورة السجدةوهي مكية ، غير ثلاث آيات نزلت بالمدينة ; وهي قوله تعالى : أفمن كان مؤمنا كمن كان فاسقا تمام ثلاث آيات ; قاله الكلبي ومقاتل . وقال غيرهما : إلا خمس آيات ، من قوله تعالى : تتجافى جنوبهم إلى قوله الذي كنتم به تكذبون . وهي ثلاثون آية . وقيل تسع وعشرون . وفي الصحيح عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في صلاة الفجر يوم الجمعة ( الم تنزيل ) السجدة . و هل أتى على الإنسان حين من الدهر الحديث . وخرج الدارمي أبو محمد في مسنده عن جابر بن عبد الله قال : كان النبي صلى الله عليه وسلم لا ينام حتى يقرأ : ( الم تنزيل ) السجدة . و تبارك الذي بيده الملك . قال الدارمي : وأخبرنا أبو المغيرة قال حدثنا عبدة عن خالد بن معدان قال : اقرءوا المنجية ، وهي ( الم تنزيل ) فإنه بلغني أن رجلا كان يقرؤها ، ما يقرأ شيئا غيرها ، وكان كثير الخطايا فنشرت جناحها عليه وقالت : رب اغفر له فإنه كان يكثر من قراءتي ; فشفعها الرب فيه وقال اكتبوا له بكل خطيئة حسنة وارفعوا له درجة .
تَنْزِیْلُ الْكِتٰبِ لَا رَیْبَ فِیْهِ مِنْ رَّبِّ الْعٰلَمِیْنَؕ(۲)
کتاب کا اتارنا (ف۲) بیشک پروردگار عالم کی طرف سے ہے،
قوله تعالى : ( الم تنزيل الكتاب ) الإجماع على رفع ( تنزيل الكتاب ) ولو كان منصوبا على المصدر لجاز ; كما قرأ الكوفيون : إنك لمن المرسلين على صراط مستقيم تنزيل العزيز الرحيم . و ( تنزيل ) رفع بالابتداء والخبر ( لا ريب فيه ) . أو خبر على إضمار مبتدأ ; أي هذا ( تنزيل ) ، أو المتلو ( تنزيل ) ، أو هذه الحروف ( تنزيل ) . ودلت : ( الم ) على ذكر الحروف . ويجوز أن يكون ( لا ريب فيه ) في موضع الحال من الكتاب ، و ( من رب العالمين ) الخبر . قال مكي : وهو أحسنها . ومعنى لا ريب فيه من رب العالمين لا شك فيه أنه من عند الله ; فليس بسحر ولا شعر ولا كهانة ولا أساطير الأولين .
اَمْ یَقُوْلُوْنَ افْتَرٰىهُۚ-بَلْ هُوَ الْحَقُّ مِنْ رَّبِّكَ لِتُنْذِرَ قَوْمًا مَّاۤ اَتٰىهُمْ مِّنْ نَّذِیْرٍ مِّنْ قَبْلِكَ لَعَلَّهُمْ یَهْتَدُوْنَ(۳)
کیا کہتے ہیں (ف۳) ان کی بنائی ہوئی ہے (ف۴) بلکہ وہی حق ہے تمہارے رب کی طرف سے کہ تم ڈراؤ ایسے لوگوں کو جن کے پاس تم سے پہلے کوئی ڈر سنانے والا نہ آیا (ف۵) اس امید پر کہ وہ راہ پائیں،
قوله تعالى : أم يقولون افتراه بل هو الحق من ربك لتنذر قوما ما أتاهم من نذير من قبلك لعلهم يهتدون .قوله تعالى : ( أم يقولون افتراه ) هذه ( أم ) المنقطعة التي تقدر ببل وألف الاستفهام ; أي بل أيقولون . وهي تدل على خروج من حديث إلى حديث ; فإنه عز وجل أثبت أنه تنزيل من رب العالمين ، وأن ذلك مما لا ريب فيه ، ثم أضرب عن ذلك إلى قوله : أم يقولون افتراه أي افتعله واختلقه . بل هو الحق من ربك كذبهم في دعوى الافتراء لتنذر قوما ما أتاهم من نذير من قبلك لعلهم يهتدون قال قتادة : يعني قريشا ، كانوا أمة أمية لم يأتهم نذير من قبل محمد صلى الله عليه وسلم . و ( لتنذر ) متعلق بما قبلها فلا يوقف على من ربك . ويجوز أن يتعلق بمحذوف ; التقدير : أنزله لتنذر قوما ، فيجوز الوقف على من ربك . و ( ما ) في قوله ( ما أتاهم ) نفي . ( من نذير ) صلة . و ( نذير ) في محل الرفع ، وهو المعلم المخوف . وقيل : المراد بالقوم أهل الفترة بين عيسى ومحمد عليهما السلام ; قاله ابن عباس ومقاتل . وقيل : كانت الحجة ثابتة لله جل وعز عليهم بإنذار من تقدم من الرسل وإن لم يروا رسولا ; وقد تقدم هذا المعنى .
اَللّٰهُ الَّذِیْ خَلَقَ السَّمٰوٰتِ وَ الْاَرْضَ وَ مَا بَیْنَهُمَا فِیْ سِتَّةِ اَیَّامٍ ثُمَّ اسْتَوٰى عَلَى الْعَرْشِؕ-مَا لَكُمْ مِّنْ دُوْنِهٖ مِنْ وَّلِیٍّ وَّ لَا شَفِیْعٍؕ-اَفَلَا تَتَذَكَّرُوْنَ(۴)
اللہ ہے جس نے آسمان اور زمین اور جو کچھ ان کے بیچ میں ہے چھ دن میں بنائے پھر عرش پر استوا فرمایا (ف۶) اس سے چھوٹ کر (لا تعلق ہوکر) تمہارا کوئی حمایتی اور نہ سفارشی (ف۷) تو کیا تم دھیان نہیں کرتے،
قوله تعالى : الله الذي خلق السماوات والأرض وما بينهما في ستة أيام ثم استوى على العرش ما لكم من دونه من ولي ولا شفيع أفلا تتذكرون .قوله تعالى : الله الذي خلق السماوات والأرض وما بينهما في ستة أيام عرفهم كمال قدرته ليسمعوا القرآن ويتأملوه . ومعنى : خلق أبدع وأوجد بعد العدم وبعد أن لم تكن شيئا . في ستة أيام من يوم الأحد إلى آخر يوم الجمعة . قال الحسن : من أيام الدنيا . وقال ابن عباس : إن اليوم من الأيام الستة التي خلق الله فيها السماوات والأرض مقداره ألف سنة من سني الدنيا . وقال الضحاك : في ستة آلاف سنة ; أي في مدة ستة أيام من أيام الآخرة . ثم استوى على العرش تقدم في الأعراف والبقرة وغيرهما ، وذكرنا ما للعلماء في ذلك مستوفى في ( الكتاب الأسنى في شرح أسماء الله الحسنى ) . وليست ثم للترتيب ؛ وإنما هي بمعنى الواو . ما لكم من دونه من ولي ولا شفيع أي ما للكافرين من ولي يمنع من عذابهم ولا شفيع . ويجوز الرفع على الموضع . أفلا تتذكرون في قدرته ومخلوقاته .
یُدَبِّرُ الْاَمْرَ مِنَ السَّمَآءِ اِلَى الْاَرْضِ ثُمَّ یَعْرُجُ اِلَیْهِ فِیْ یَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهٗۤ اَلْفَ سَنَةٍ مِّمَّا تَعُدُّوْنَ(۵)
کام کی تدبیر فرماتا ہے آسمان سے زمین تک (ف۸) پھر اسی کی طرف رجوع کرے گا (ف۹) اس دن کہ جس کی مقدار ہزار برس ہے تمہاری گنتی میں (ف۱۰)
قوله تعالى : يدبر الأمر من السماء إلى الأرض ثم يعرج إليه في يوم كان مقداره ألف سنة مما تعدون .قوله تعالى : يدبر الأمر من السماء إلى الأرض قال ابن عباس : ينزل القضاء والقدر . وقيل : ينزل الوحي مع جبريل . وروى عمرو بن مرة عن عبد الرحمن بن سابط قال : يدبر أمر الدنيا أربعة : جبريل ، وميكائيل ، وملك الموت ، وإسرافيل ; صلوات الله عليهم أجمعين . فأما جبريل فموكل بالرياح والجنود . وأما ميكائيل فموكل بالقطر والماء . وأما ملك الموت فموكل بقبض الأرواح . وأما إسرافيل فهو ينزل بالأمر عليهم . وقد قيل : إن العرش موضع التدبير ; كما أن ما دون العرش موضع التفصيل ; قال الله تعالى : ثم استوى على العرش وسخر الشمس والقمر كل يجري لأجل مسمى يدبر الأمر يفصل الآيات . وما دون السماوات موضع التصريف ; قال الله تعالى : ولقد صرفناه بينهم ليذكروا .قوله تعالى : ثم يعرج إليه قال يحيى بن سلام : هو جبريل يصعد إلى السماء بعد نزوله بالوحي . النقاش : هو الملك الذي يدبر الأمر من السماء إلى الأرض . وقيل : إنها أخبار أهل الأرض تصعد إليه مع حملتها من الملائكة ; قاله ابن شجرة . في يوم كان مقداره ألف سنة مما تعدون . وقيل : ثم يعرج إليه أي يرجع ذلك الأمر والتدبير إليه بعد انقضاء الدنيا في يوم كان مقداره ألف سنة مما تعدون وهو يوم القيامة . وعلى الأقوال المتقدمة فالكناية في يعرج كناية عن الملك ، ولم يجر له ذكر لأنه مفهوم من المعنى ، وقد جاء صريحا في سأل سائل قوله : تعرج الملائكة والروح إليه . والضمير في إليه يعود على السماء على لغة من يذكرها ، أو على مكان الملك الذي يرجع إليه ، أو على اسم الله تعالى ; والمراد إلى الموضع الذي أقره فيه ، وإذا رجعت إلى الله فقد رجعت إلى السماء ، أي إلى سدرة المنتهى ; فإنه إليها يرتفع ما يصعد به من الأرض ومنها ينزل ما يهبط به إليها ; ثبت معنى ذلك في صحيح مسلم . والهاء في مقداره راجعة إلى التدبير ; والمعنى : كان مقدار ذلك التدبير ألف سنة من سني الدنيا ; أي يقضي أمر كل شيء لألف سنة في يوم واحد ، ثم يلقيه إلى ملائكته ، فإذا مضت قضى لألف سنة أخرى ، ثم كذلك أبدا ; قاله مجاهد . وقيل : الهاء للعروج .وقيل : المعنى أنه يدبر أمر الدنيا إلى أن تقوم الساعة ، ثم يعرج إليه ذلك الأمر فيحكم فيه في يوم كان مقداره ألف سنة . وقيل : المعنى يدبر أمر الشمس في طلوعها وغروبها ورجوعها إلى موضعها من الطلوع ، في يوم كان مقداره في المسافة ألف سنة . وقال ابن عباس : المعنى كان مقداره لو ساره غير الملك ألف سنة ; لأن النزول خمسمائة والصعود خمسمائة . وروي ذلك عن جماعة من المفسرين ، وهو اختيار الطبري ; ذكره المهدوي . وهو معنى القول الأول . أي أن جبريل لسرعة سيره يقطع مسيرة ألف سنة في يوم من أيامكم ; ذكره الزمخشري . وذكر الماوردي عن ابن عباس والضحاك أن الملك يصعد في يوم مسيرة ألف سنة .وعن قتادة أن الملك ينزل ويصعد في يوم مقداره ألف سنة ; فيكون مقدار نزوله خمسمائة سنة ، ومقدار صعوده خمسمائة على قول قتادة والسدي . وعلى قول ابن عباس والضحاك : النزول ألف سنة ، والصعود ألف سنة . مما تعدون أي مما تحسبون من أيام الدنيا . وهذا اليوم عبارة عن زمان يتقدر بألف سنة من سني العالم ، وليس بيوم يستوعب نهارا بين ليلتين ; لأن ذلك ليس عند الله . والعرب قد تعبر عن مدة العصر باليوم ; كما قال الشاعر :يومان يوم مقامات وأندية ويوم سير إلى الأعداء تأويبوليس يريد يومين مخصوصين ، وإنما أراد أن زمانهم ينقسم شطرين ، فعبر عن كل واحد من الشطرين بيوم . وقرأ ابن أبي عبلة : يعرج على البناء للمفعول . وقرئ : ( يعدون ) بالياء . فأما قوله تعالى : في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة فمشكل مع هذه الآية . وقد سأل عبد الله بن فيروز الديلمي عبد الله بن عباس عن هذه الآية وعن قوله : في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة فقال : أيام سماها سبحانه ، وما أدري ما هي ؟ فأكره أن أقول فيها ما لا أعلم . ثم سئل عنها سعيد بن المسيب فقال : لا أدري . فأخبرته بقول ابن عباس فقال ابن المسيب للسائل : هذا ابن عباس اتقى أن يقول فيها وهو أعلم مني . ثم تكلم العلماء في ذلك فقيل : إن آية سأل سائل هو إشارة إلى يوم القيامة ، بخلاف هذه الآية . والمعنى : أن الله تعالى جعله في صعوبته على الكفار كخمسين ألف سنة ; قاله ابن عباس . والعرب تصف أيام المكروه بالطول وأيام السرور بالقصر . قال :ويوم كظل الرمح قصر طوله دم الزق عنا واصطفاق المزاهروقيل : إن يوم القيامة فيه أيام ; فمنه ما مقداره ألف سنة ومنه ما مقداره خمسون ألف سنة . وقيل : أوقات القيامة مختلفة ، فيعذب الكافر بجنس من العذاب ألف سنة ، ثم ينتقل إلى جنس آخر مدته خمسون ألف سنة . وقيل : مواقف القيامة خمسون موقفا ; كل موقف ألف سنة . فمعنى : يعرج إليه في يوم كان مقداره ألف سنة أي مقدار وقت ، أو موقف من يوم القيامة . وقال النحاس : اليوم في اللغة بمعنى الوقت ; فالمعنى : تعرج الملائكة والروح إليه في وقت كان مقداره ألف سنة ، وفي وقت آخر كان مقداره خمسين ألف سنة . وعن وهب بن منبه : في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة قال : ما بين أسفل الأرض إلى العرش . وذكر الثعلبي عن مجاهد وقتادة والضحاك في قوله تعالى : تعرج الملائكة والروح إليه في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة أراد من الأرض إلى سدرة المنتهى التي فيها جبريل . يقول تعالى : يسير جبريل والملائكة الذين معه من أهل مقامه مسيرة خمسين ألف سنة في يوم واحد من أيام الدنيا . وقوله : ( إليه ) يعني إلى المكان الذي أمرهم الله تعالى أن يعرجوا إليه . وهذا كقول إبراهيم عليه الصلاة والسلام : إني ذاهب إلى ربي سيهدين أراد أرض الشام . وقال تعالى : ومن يخرج من بيته مهاجرا إلى الله أي إلى المدينة . وقال أبو هريرة : قال النبي صلى الله عليه وسلم : أتاني ملك من ربي عز وجل برسالة ثم رفع رجله فوضعها فوق السماء والأخرى على الأرض لم يرفعها بعد .
ذٰلِكَ عٰلِمُ الْغَیْبِ وَ الشَّهَادَةِ الْعَزِیْزُ الرَّحِیْمُۙ(۶)
یہ (ف۱۱) ہے ہر نہاں اور عیاں کا جاننے والا عزت و رحمت والا،
قوله تعالى : ذلك عالم الغيب والشهادة العزيز الرحيمقوله تعالى : ذلك عالم الغيب والشهادة أي علم ما غاب عن الخلق وما حضرهم . و ( ذلك ) بمعنى أنا . حسبما تقدم بيانه في أول البقرة . وفي الكلام معنى التهديد والوعيد ; أي أخلصوا أفعالكم وأقوالكم فإني أجازي عليها .
الَّذِیْۤ اَحْسَنَ كُلَّ شَیْءٍ خَلَقَهٗ وَ بَدَاَ خَلْقَ الْاِنْسَانِ مِنْ طِیْنٍۚ(۷)
وہ جس نے جو چیز بتائی خوب بنائی (ف۲۱) اور پیدائش انسان کی ابتدا مٹی سے فرمائی (ف۱۳)
قوله تعالى : الذي أحسن كل شيء خلقه قرأ ابن كثير وأبو عمرو وابن عامر : ( خلقه ) بإسكان اللام . وفتحها الباقون . واختاره أبو عبيد وأبو حاتم طلبا لسهولتها . وهو فعل ماض في موضع خفض نعت ل ( شيء ) . والمعنى على ما روي عن ابن عباس : أحكم كل شيء خلقه ، أي جاء به على ما أراد ، لم يتغير عن إرادته .وقول آخر : إن كل شيء خلقه حسن ; لأنه لا يقدر أحد أن يأتي بمثله ; وهو دال على خالقه . ومن أسكن اللام فهو مصدر عند سيبويه ; لأن قوله : أحسن كل شيء خلقه يدل على : خلق كل شيء خلقا ; فهو مثل : صنع الله و كتاب الله عليكم . وعند غيره منصوب على البدل من ( كل ) ؛ أي الذي أحسن خلق كل شيء . وهو مفعول ثان عند بعض النحويين ، على أن يكون معنى : أحسن أفهم وأعلم ; فيتعدى إلى مفعولين ، أي أفهم كل شيء خلقه . وقيل : هو منصوب على التفسير ; والمعنى : أحسن كل شيء خلقا . وقيل : هو منصوب بإسقاط حرف الجر ، والمعنى : أحسن كل شيء في خلقه . وروي معناه عن ابن عباس وأحسن أي أتقن وأحكم ; فهو ( أحسن ) من جهة ما هو لمقاصده التي أريد لها . ومن هذا المعنى قال ابن عباس وعكرمة : ليست است القرد بحسنة ، ولكنها متقنة محكمة . وروى ابن أبي نجيح عن مجاهد أحسن كل شيء خلقه قال : أتقنه . وهو مثل قوله تبارك وتعالى : الذي أعطى كل شيء خلقه أي لم يخلق الإنسان على خلق البهيمة ، ولا خلق البهيمة على خلق الإنسان . ويجوز : خلقه بالرفع ; على تقدير ذلك خلقه . وقيل : هو عموم في اللفظ خصوص في المعنى ; والمعنى : حسن خلق كل شيء حسن . وقيل : هو عموم في اللفظ والمعنى ، أي جعل كل شيء خلقه حسنا ، حتى جعل الكلب في خلقه حسنا ; قاله ابن عباس . وقال قتادة : في است القرد حسنة .قوله تعالى : وبدأ خلق الإنسان من طين يعني آدم .
ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهٗ مِنْ سُلٰلَةٍ مِّنْ مَّآءٍ مَّهِیْنٍۚ(۸)
پھر اس کی نسل رکھی ایک بے قدر پانی کے خلاصہ سے (ف۱۴)
ثم جعل نسله من سلالة من ماء مهين تقدم في ( المؤمنون ) وغيرها . قال الزجاج : من ماء مهين ضعيف . وقال غيره : مهين لا خطر له عند الناس .
ثُمَّ سَوّٰىهُ وَ نَفَخَ فِیْهِ مِنْ رُّوْحِهٖ وَ جَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَ الْاَبْصَارَ وَ الْاَفْـٕدَةَؕ-قَلِیْلًا مَّا تَشْكُرُوْنَ(۹)
پھر اسے ٹھیک کیا اور اس میں اپنی طرف کی روح پھونکی (ف۱۵) اور تمہیں کان اور آنکھیں اور دل عطا فرمائے (ف۱۶) کیا ہی تھوڑا حق مانتے ہو،
ثم سواه ونفخ فيه من روحه رجع إلى آدم ، أي سوى خلقه ونفخ فيه من روحه . وجعل لكم السمع والأبصار والأفئدة ثم رجع إلى ذريته فقال : وجعل لكم السمع والأبصار والأفئدة . وقيل : ثم جعل ذلك الماء المهين خلقا معتدلا ، وركب فيه الروح وأضافه إلى نفسه تشريفا . وأيضا فإنه من فعله وخلقه كما أضاف العبد إليه بقوله : ( عبدي ) . وعبر عنه بالنفخ لأن الروح في جنس الريح . وقد مضى هذا مبينا في ( النساء ) وغيرها . ( قليلا ما تشكرون ) ؛ أي ثم أنتم لا تشكرون بل تكفرون .
وَ قَالُوْۤا ءَاِذَا ضَلَلْنَا فِی الْاَرْضِ ءَاِنَّا لَفِیْ خَلْقٍ جَدِیْدٍ۬ؕ-بَلْ هُمْ بِلِقَآئِ رَبِّهِمْ كٰفِرُوْنَ(۱۰)
اور بولے (ف۱۷) کیا جب ہم مٹی میں مل جائیں گے (ف۱۸) کیا پھر نئے بنیں گے، بلکہ وہ اپنے رب کے حضور حاضری سے منکر ہیں (ف۱۹)
قوله تعالى : وقالوا أئذا ضللنا في الأرض أئنا لفي خلق جديد بل هم بلقاء ربهم كافرون .قوله تعالى : وقالوا أئذا ضللنا في الأرض هذا قول منكري البعث ; أي هلكنا وبطلنا وصرنا ترابا . وأصله من قول العرب : ضل الماء في اللبن إذا ذهب . والعرب تقول للشيء غلب عليه حتى خفي فيه أثره : قد ضل . قال الأخطل :كنت القذى في موج أكدر مزبد قذف الأتي به فضل ضلالاوقال قطرب : معنى ضللنا غبنا في الأرض . وأنشد قول النابغة الذبياني :فآب مضلوه بعين جلية 76 وغودر بالجولان حزم ونائلوقرأ ابن محيصن ويحيى بن يعمر : ( ضللنا ) بكسر اللام ، وهي لغة . قال الجوهري : وقد ضللت أضل قال الله تعالى : قل إن ضللت فإنما أضل على نفسي . فهذه لغة نجد وهي الفصيحة . وأهل العالية يقولون : ( ضللت ) - بكسر اللام - أضل . وهو ضال تال ، وهي الضلالة والتلالة . وأضله أي أضاعه وأهلكه . يقال : أضل الميت إذا دفن . قال :فآب مضلوه. . البيت .ابن السكيت : أضللت بعيري إذا ذهب منك . وضللت المسجد والدار : إذا لم تعرف موضعهما . وكذلك كل شيء مقيم لا يهتدى له . وفي الحديث " لعلي أضل الله " يريد أضل عنه ، أي أخفى عليه ، من قوله تعالى : أئذا ضللنا في الأرض أي خفينا . وأضله الله فضل ; تقول : إنك تهدي الضال ولا تهدي المتضال . وقرأ الأعمش والحسن : ( صللنا ) بالصاد ; أي أنتنا . وهي قراءة علي بن أبي طالب رضي الله عنه . النحاس : ولا يعرف في اللغة صللنا ولكن يقال : صل اللحم وأصل ، وخم وأخم إذا أنتن . الجوهري : صل اللحم يصل - بالكسر - صلولا ، أي أنتن ، مطبوخا كان أو نيئا . قال الحطيئة :ذاك فتى يبذل ذا قدره لا يفسد اللحم لديه الصلولوأصل مثله : ( إنا لفي خلق جديد ) ؛ أي نخلق بعد ذلك خلقا جديدا ؟ ويقرأ : أئنا . النحاس : وفي هذا سؤال صعب من العربية ; يقال : ما العامل في ( إذا ) ؟ و ( إن ) لا يعمل ما بعدها فيما قبلها . والسؤال في الاستفهام أشد ; لأن ما بعد الاستفهام أجدر ألا يعمل فيما قبله من ( إن ) ؛ كيف وقد اجتمعا ؟ فالجواب على قراءة من قرأ : ( إنا ) أن العامل ضللنا ، وعلى قراءة من قرأ : ( أئنا ) أن العامل مضمر ، والتقدير أنبعث إذا متنا . وفيه أيضا سؤال آخر ، يقال : أين جواب ( إذا ) على القراءة الأولى لأن فيها معنى الشرط ؟ فالقول في ذلك أن بعدها فعلا ماضيا ; فلذلك جاز هذا . بل هم بلقاء ربهم كافرون أي ليس لهم جحود قدرة الله تعالى عن الإعادة ; لأنهم يعترفون بقدرته ؛ ولكنهم اعتقدوا أن لا حساب عليهم ، وأنهم لا يلقون الله تعالى .
قُلْ یَتَوَفّٰىكُمْ مَّلَكُ الْمَوْتِ الَّذِیْ وُكِّلَ بِكُمْ ثُمَّ اِلٰى رَبِّكُمْ تُرْجَعُوْنَ۠(۱۱)
تم فرماؤ تمہیں وفات دیتا ہے موت کا فرشتہ جو تم پر مقرر ہے (ف۲۰) پھر اپنے رب کی طرف واپس جاؤ گے (ف۲۱)
قوله تعالى : قل يتوفاكم ملك الموت الذي وكل بكم ثم إلى ربكم ترجعون .فيه مسألتان :الأولى : قوله تعالى : قل يتوفاكم ملك الموت لما ذكر استبعادهم للبعث ذكر توفيهم وأنه يعيدهم . يتوفاكم من توفى العدد والشيء إذا استوفاه وقبضه جميعا . يقال : توفاه الله أي استوفى روحه ثم قبضه . وتوفيت مالي من فلان أي استوفيته . ملك الموت واسمه عزرائيل ومعناه عبد الله ; كما تقدم في ( البقرة ) . وتصرفه كله بأمر الله تعالى وبخلقه واختراعه . وروي في الحديث أن البهائم كلها يتوفى الله أرواحها دون ملك الموت كأنه يعدم حياتها ; ذكره ابن عطية .قلت : وقد روي خلافه ، وأن ملك الموت يتوفى أرواح جميع الخلائق حتى البرغوث والبعوضة . روى جعفر بن محمد عن أبيه قال : نظر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى ملك الموت عند رأس رجل من الأنصار ، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم : ارفق بصاحبي فإنه مؤمن فقال ملك الموت عليه السلام : " يا محمد ، طب نفسا وقر عينا فإني بكل مؤمن رفيق . واعلم أن ما من أهل بيت مدر ولا شعر في بر ولا بحر إلا وأنا أتصفحهم في كل يوم خمس مرات حتى لأنا أعرف بصغيرهم وكبيرهم منهم بأنفسهم . والله يا محمد لو أني أردت أن أقبض روح بعوضة ما قدرت على ذلك حتى يكون الله هو الآمر بقبضها " . قال جعفر بن علي : بلغني أنه يتصفحهم عند مواقيت الصلوات ; ذكره الماوردي . وذكر الخطيب أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت البغدادي قال : حدثني أبو محمد الحسن بن محمد الخلال قال : حدثنا أبو محمد عبد الله بن عثمان الصفار قال حدثنا أبو بكر حامد المصري قال حدثنا يحيى بن أيوب العلاف قال حدثنا سليمان بن مهير الكلابي قال : حضرت مالك بن أنس رضي الله عنه فأتاه رجل فسأله : أبا عبد الله ، البراغيث أملك الموت يقبض أرواحها ؟ قال : فأطرق مالك طويلا ثم قال : ألها أنفس ؟ قال : نعم . قال : ملك الموت يقبض أرواحها ; الله يتوفى الأنفس حين موتها . قال ابن عطية بعد ذكره الحديث وكذلك الأمر في بني آدم ، إلا أنه نوع شرف بتصرف ملك وملائكة معه في قبض أرواحهم . فخلق الله تعالى ملك الموت وخلق على يديه قبض الأرواح ، واستلالها من الأجسام وإخراجها منها . وخلق الله تعالى جندا يكونون معه يعملون عمله بأمره ; فقال تعالى : ولو ترى إذ يتوفى الذين كفروا الملائكة وقال تعالى : ( توفته رسلنا ) ، وقد مضى هذا المعنى في ( الأنعام ) . والبارئ خالق الكل ، الفاعل حقيقة لكل فعل ; قال الله تعالى : الله يتوفى الأنفس حين موتها والتي لم تمت في منامها . الذي خلق الموت والحياة . يحيي ويميت . فملك الموت يقبض والأعوان يعالجون والله تعالى يزهق الروح . وهذا هو الجمع بين الآي والأحاديث ; لكنه لما كان ملك الموت متولي ذلك بالوساطة والمباشرة أضيف التوفي إليه كما أضيف الخلق للملك ; كما تقدم في ( الحج ) . وروي عن مجاهد أن الدنيا بين يدي ملك الموت كالطست بين يدي الإنسان يأخذ من حيث شاء . وقد روي هذا المعنى مرفوعا ، وقد ذكرناه في ( كتاب التذكرة ) . وروي أن ملك الموت لما وكله الله تعالى بقبض الأرواح قال : رب جعلتني أذكر بسوء ويشتمني بنو آدم . فقال الله تعالى له : ( إني أجعل للموت عللا وأسبابا من الأمراض والأسقام ينسبون الموت إليها فلا يذكرك أحد إلا بخير ) . وقد ذكرناه في التذكرة مستوفى - وقد ذكرنا أنه يدعو الأرواح فتجيئه ويقبضها ، ثم يسلمها إلى ملائكة الرحمة أو العذاب - بما فيه شفاء لمن أراد الوقوف على ذلك .الثانية : استدل بهذه الآية بعض العلماء على جواز الوكالة من قوله : ( وكل بكم ) ؛ أي بقبض الأرواح . قال ابن العربي : وهذا أخذ من لفظه لا من معناه ، ولو اطرد ذلك لقلنا في قوله تعالى : قل يا أيها الناس إني رسول الله إليكم جميعا : إنها نيابة عن الله تبارك وتعالى ووكالة في تبليغ رسالته ، ولقلنا أيضا في قوله تبارك وتعالى : وآتوا الزكاة إنه وكالة ; فإن الله تعالى ضمن الرزق لكل دابة وخص الأغنياء بالأغذية وأوعز إليهم بأن رزق الفقراء عندهم ، وأمر بتسليمه إليهم مقدارا معلوما في وقت معلوم ، دبره بعلمه ، وأنفذه من حكمه ، وقدره بحكمته . والأحكام لا تتعلق بالألفاظ إلا أن ترد على موضوعاتها الأصلية في مقاصدها المطلوبة ، فإن ظهرت في غير مقصدها لم تعلق عليها . ألا ترى أن البيع والشراء معلوم اللفظ والمعنى ، وقد قال تعالى : إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة ولا يقال : هذه الآية دليل على جواز مبايعة السيد لعبده ; لأن المقصدين مختلفان . أما إنه إذا لم يكن بد من المعاني فيقال : إن هذه الآية دليل على أن للقاضي أن يستنيب من يأخذ الحق ممن هو عليه قسرا دون أن يكون له في ذلك فعل ، أو يرتبط به رضا إذا وجد ذلك .
وَ لَوْ تَرٰۤى اِذِ الْمُجْرِمُوْنَ نَاكِسُوْا رُءُوْسِهِمْ عِنْدَ رَبِّهِمْؕ-رَبَّنَاۤ اَبْصَرْنَا وَ سَمِعْنَا فَارْجِعْنَا نَعْمَلْ صَالِحًا اِنَّا مُوْقِنُوْنَ(۱۲)
اور کہیں تم دیکھو جب مجرم (ف۲۲) اپنے رب کے پاس سر نیچے ڈالے ہوں گے (ف۲۳) اے ہمارے رب اب ہم نے دیکھا (ف۲۴) اور سنا (ف۲۵) ہمیں پھر بھیج کہ نیک کام کریں ہم کو یقین آگیا (ف۲۶)
قوله تعالى : ولو ترى إذ المجرمون ناكسو رءوسهم عند ربهم ربنا أبصرنا وسمعنا فارجعنا نعمل صالحا إنا موقنون .قوله تعالى : ولو ترى إذ المجرمون ناكسو رءوسهم عند ربهم ابتداء وخبر . قال الزجاج : والمخاطبة للنبي صلى الله عليه وسلم مخاطبة لأمته . والمعنى : ولو ترى يا محمد منكري البعث يوم القيامة لرأيت العجب . ومذهب أبي العباس غير هذا ، وأن يكون المعنى : يا محمد ، قل للمجرم ولو ترى إذ المجرمون ناكسو رءوسهم عند ربهم لندمت على ما كان منك . ناكسو رءوسهم ؛ أي من الندم والخزي والحزن والذل والغم . عند ربهم ؛ أي عند محاسبة ربهم وجزاء أعمالهم . ( ربنا ) ؛ أي يقولون ربنا . ( أبصرنا ) ؛ أي أبصرنا ما كنا نكذب . و ( سمعنا ) ما كنا ننكر . وقيل : أبصرنا صدق وعيدك . وسمعنا تصديق رسلك . أبصروا حين لا ينفعهم البصر ، وسمعوا حين لا ينفعهم السمع . ( فارجعنا ) ؛ أي إلى الدنيا .نعمل صالحا إنا موقنون أي مصدقون بالبعث ; قاله النقاش .وقيل : مصدقون بالذي جاء به محمد صلى الله عليه وسلم أنه حق ; قاله يحيى بن سلام . قال سفيان الثوري : فأكذبهم الله تعالى : فقال ولو ردوا لعادوا لما نهوا عنه وإنهم لكاذبون . وقيل : معنى إنا موقنون أي قد زالت عنا الشكوك الآن ; وكانوا يسمعون ويبصرون في الدنيا ؛ ولكن لم يكونوا يتدبرون ، وكانوا كمن لا يبصر ولا يسمع ، فلما تنبهوا في الآخرة صاروا حينئذ كأنهم سمعوا وأبصروا . وقيل : أي ربنا لك الحجة ، فقد أبصرنا رسلك وعجائب خلقك في الدنيا ، وسمعنا كلامهم فلا حجة لنا . فهذا اعتراف منهم ، ثم طلبوا أن يردوا إلى الدنيا ليؤمنوا .
وَ لَوْ شِئْنَا لَاٰتَیْنَا كُلَّ نَفْسٍ هُدٰىهَا وَ لٰكِنْ حَقَّ الْقَوْلُ مِنِّیْ لَاَمْلَــٴَـنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَ النَّاسِ اَجْمَعِیْنَ(۱۳)
اور اگر ہم چاہتے ہر جان کو اس کی ہدایت فرماتے (ف۲۷) مگر میری بات قرار پاچکی کہ ضرور جہنم کو بھردوں گا ان جِنوں اور آدمیوں سب سے (ف۲۸)
قوله تعالى : ولو شئنا لآتينا كل نفس هداها ولكن حق القول مني لأملأن جهنم من الجنة والناس أجمعين .قال محمد بن كعب القرظي : لما قالوا : ربنا أبصرنا وسمعنا فارجعنا نعمل صالحا إنا موقنون رد عليهم بقوله : ولو شئنا لآتينا كل نفس هداها يقول : لو شئت لهديت الناس جميعا فلم يختلف منهم أحد ولكن حق القول مني الآية ; ذكره ابن المبارك في ( رقائقه ) في حديث طويل . وقد ذكرناه في ( التذكرة ) . النحاس : ولو شئنا لآتينا كل نفس هداها في معناه قولان : أحدهما : أنه في الدنيا . والآخر : أن سياق الكلام يدل على أنه في الآخرة ; أي لو شئنا لرددناهم إلى الدنيا والمحنة كما سألوا ولكن حق القول مني لأملأن جهنم من الجنة والناس أجمعين أي حق القول مني لأعذبن من عصاني بنار جهنم . وعلم الله تبارك وتعالى أنه لو ردهم لعادوا ; كما قال تعالى : ولو ردوا لعادوا لما نهوا عنه .وهذه الهداية معناها خلق المعرفة في القلب . وتأويل المعتزلة : ولو شئنا لأكرهناهم على الهداية بإظهار الآيات الهائلة ، لكن لا يحسن منه فعله ; لأنه ينقض الغرض المجرى بالتكليف إليه وهو الثواب الذي لا يستحق إلا بما يفعله المكلف باختياره . وقالت الإمامية في تأويلها : إنه يجوز أن يريد هداها إلى طريق الجنة في الآخرة ولم يعاقب أحدا ، لكن حق القول منه أنه يملأ جهنم ، فلا يجب على الله تعالى عندنا هداية الكل إليها ; قالوا : بل الواجب هداية المعصومين ، فأما من له ذنب فجائز هدايته إلى النار جزاء على أفعاله . وفي جواز ذلك منع ; لقطعهم على أن المراد هداها إلى الإيمان . وقد تكلم العلماء عليهم في هذين التأويلين بما فيه كفاية في أصول الدين . وأقرب ما لهم في الجواب أن يقال : فقد بطل عندنا وعندكم أن يهديهم الله سبحانه على طريق الإلجاء والإجبار والإكراه ، فصار يؤدي ذلك إلى مذهب الجبرية ، وهو مذهب رذل عندنا وعندكم ، فلم يبق إلا أن المهتدين من المؤمنين إنما هداهم الله تعالى إلى الإيمان والطاعة على طريق الاختيار حتى يصح التكليف فمن شاء آمن وأطاع اختيارا لا جبرا ; قال الله تعالى : لمن شاء منكم أن يستقيم ، وقال : فمن شاء اتخذ إلى ربه سبيلا . ثم عقب هاتين الآيتين بقوله تعالى : وما تشاءون إلا أن يشاء الله . فوقع إيمان المؤمنين بمشيئتهم ، ونفى أن يشاءوا إلا أن يشاء الله ; ولهذا فرطت المجبرة لما رأوا أن هدايتهم إلى الإيمان معلق بمشيئة الله تعالى ، فقالوا : الخلق مجبورون في طاعتهم كلها ، التفاتا إلى قوله : وما تشاءون إلا أن يشاء الله . وفرطت القدرية لما رأوا أن هدايتهم إلى الإيمان معلق بمشيئة العباد ، فقالوا : الخلق خالقون لأفعالهم ، التفاتا منهم إلى قوله تعالى : لمن شاء منكم أن يستقيم . ومذهبنا هو الاقتصاد في الاعتقاد ; وهو مذهب بين مذهبي المجبرة والقدرية ; وخير الأمور أوساطها . وذلك أن أهل الحق قالوا : نحن نفرق بين ما اضطررنا إليه وبين ما اخترناه ، وهو أنا ندرك تفرقة بين حركة الارتعاش الواقعة في يد الإنسان بغير محاولته وإرادته ولا مقرونة بقدرته ، وبين حركة الاختيار إذا حرك يده حركة مماثلة لحركة الارتعاش ; ومن لا يفرق بين الحركتين : حركة الارتعاش وحركة الاختيار ، وهما موجودتان في ذاته ومحسوستان في يده بمشاهدته وإدراك حاسته - فهو معتوه في عقله ومختل في حسه ، وخارج من حزب العقلاء . وهذا هو الحق المبين ، وهو طريق بين طريقي الإفراط والتفريط .كلا طرفي قصد الأمور ذميم ولا تغل في شيء من الأمر واقتصدوبهذا الاعتبار اختار أهل النظر من العلماء أن سموا هذه المنزلة بين المنزلتين كسبا ، وأخذوا هذه التسمية من كتاب الله العزيز ، وهو قوله سبحانه : لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت .
فَذُوْقُوْا بِمَا نَسِیْتُمْ لِقَآءَ یَوْمِكُمْ هٰذَاۚ-اِنَّا نَسِیْنٰكُمْ وَ ذُوْقُوْا عَذَابَ الْخُلْدِ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُوْنَ(۱۴)
اب چکھو بدلہ اس کا کہ تم اپنے اس دن کی حاضری بھولے تھے (ف۲۹) ہم نے تمہیں چھوڑ دیا (ف۳۰) اب ہمیشہ کا عذاب چکھو اپنے کیے کا بدلہ،
قوله تعالى : فذوقوا بما نسيتم لقاء يومكم هذا إنا نسيناكم وذوقوا عذاب الخلد بما كنتم تعملون .قوله تعالى فذوقوا بما نسيتم لقاء يومكم هذا فيه قولان ; أحدهما : أنه من النسيان الذي لا ذكر معه ; أي لم يعملوا لهذا اليوم فكانوا بمنزلة الناسين . والآخر : أن نسيتم بما تركتم ، وكذا إنا نسيناكم . واحتج محمد بن يزيد بقوله تعالى : ولقد عهدنا إلى آدم من قبل فنسي قال : والدليل على أنه بمعنى ترك أن الله عز وجل أخبر عن إبليس أنه قال : ما نهاكما ربكما عن هذه الشجرة إلا أن تكونا ملكين فلو كان آدم ناسيا لكان قد ذكره . وأنشد [ النابغة الذبياني ] :كأنه خارج من جنب صفحته سفود شرب نسوه عند مفتأدأي تركوه . ولو كان من النسيان لكان قد عملوا به مرة . قال الضحاك : نسيتم أي تركتم أمري . يحيى بن سلام : أي تركتم الإيمان بالبعث في هذا اليوم . نسيناكم تركناكم من الخير ; قاله السدي . مجاهد : تركناكم في العذاب . وفي استئناف قوله : إنا نسيناكم وبناء الفعل على ( إن ) واسمها تشديد في الانتقام منهم . والمعنى : فذوقوا هذا ; أي ما أنتم فيه من نكس الرءوس والخزي والغم بسبب نسيان الله . أو ذوقوا العذاب المخلد ، وهو الدائم الذي لا انقطاع له في جهنم . وقد يعبر بالذوق عما يطرأ على النفس وإن لم يكن مطعوما ، لإحساسها به كإحساسها بذوق المطعوم . قال عمر بن أبي ربيعة :فذق هجرها إن كنت تزعم أنها فساد ألا يا ربما كذب الزعمالجوهري : وذقت ما عند فلان ; أي خبرته . وذقت القوس إذا جذبت وترها لتنظر ما شدتها . وأذاقه الله وبال أمره . قال طفيل :فذوقوا كما ذقنا غداة محجر من الغيظ في أكبادنا والتحوبوتذوقته أي ذقته شيئا بعد شيء . وأمر مستذاق أي مجرب معلوم . قال الشاعر :وعهد الغانيات كعهد قين ونت عنه الجعائل مستذاقوالذواق : الملول .
اِنَّمَا یُؤْمِنُ بِاٰیٰتِنَا الَّذِیْنَ اِذَا ذُكِّرُوْا بِهَا خَرُّوْا سُجَّدًا وَّ سَبَّحُوْا بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَ هُمْ لَا یَسْتَكْبِرُوْنَ۩(۱۵)
ہماری آیتوں پر وہی ایمان لاتے ہیں کہ جب وہ انہیں یاد دلائی جاتی ہیں سجدہ میں گر جاتے ہیں (ف۳۱) اور اپنے رب کی تعریف کرتے ہوئے اس کی پاکی بولتے ہیں اور تکبر نہیں کرتے، السجدة۔۹
قوله تعالى : إنما يؤمن بآياتنا الذين إذا ذكروا بها خروا سجدا وسبحوا بحمد ربهم وهم لا يستكبرون .هذه تسلية للنبي صلى الله عليه وسلم ; أي أنهم لإلفهم الكفر لا يؤمنون بك ; إنما يؤمن بك وبالقرآن المتدبرون له والمتعظون به ، وهم الذين إذا قرئ عليهم القرآن خروا سجدا قال ابن عباس : ركعا . قال المهدوي : وهذا على مذهب من يرى الركوع عند قراءة السجدة ; واستدل بقوله تبارك وتعالى : وخر راكعا وأناب . وقيل : المراد به السجود ، وعليه أكثر العلماء ; أي خروا سجدا لله تعالى على وجوههم تعظيما لآياته وخوفا من سطوته وعذابه . وسبحوا بحمد ربهم أي خلطوا التسبيح بالحمد ; أي نزهوه وحمدوه ; فقالوا في سجودهم : سبحان الله وبحمده ، سبحان ربي الأعلى وبحمده ; أي تنزيها لله تعالى عن قول المشركين . وقال سفيان : وسبحوا بحمد ربهم أي صلوا حمدا لربهم . وهم لا يستكبرون عن عبادته ; قاله يحيى بن سلام . النقاش : لا يستكبرون كما استكبر أهل مكة عن السجود .
تَتَجَافٰى جُنُوْبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ یَدْعُوْنَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَّ طَمَعًا٘-وَّ مِمَّا رَزَقْنٰهُمْ یُنْفِقُوْنَ(۱۶)
ان کی کروٹیں جدا ہوتی ہیں خوابگاہوں ہسے (ف۳۲) اور اپنے رب کو پکارتے ہیں ڈرتے اور امید کرتے (ف۳۳) اور ہمارے دیے ہوئے سے کچھ خیرات کرتے ہیں،
قوله تعالى : تتجافى جنوبهم عن المضاجع يدعون ربهم خوفا وطمعا ومما رزقناهم ينفقونقوله تعالى : تتجافى جنوبهم عن المضاجع أي ترتفع وتنبو عن مواضع الاضطجاع . وهو في موضع نصب على الحال ; أي متجافية جنوبهم . والمضاجع جمع مضجع ; وهي مواضع النوم . ويحتمل عن وقت الاضطجاع ، ولكنه مجاز ، والحقيقة أولى . ومنه قول عبد الله بن رواحة :وفينا رسول الله يتلو كتابه إذا انشق معروف من الصبح ساطع يبيت يجافي جنبه عن فراشهإذا استثقلت بالمشركين المضاجعقال الزجاج والرماني : التجافي التنحي إلى جهة فوق . وكذلك هو في الصفح عن المخطئ في سب ونحوه . والجنوب جمع جنب . وفيما تتجافى جنوبهم عن المضاجع لأجله قولان : أحدهما : لذكر الله تعالى ، إما في صلاة وإما في غير صلاة ; قاله ابن عباس والضحاك . الثاني : للصلاة . وفي الصلاة التي تتجافى جنوبهم لأجلها أربعة أقوال : أحدها : التنفل بالليل ; قاله الجمهور من المفسرين وعليه أكثر الناس ، وهو الذي فيه المدح ، وهو قول مجاهد والأوزاعي ومالك بن أنس والحسن بن أبي الحسن وأبي العالية وغيرهم . ويدل عليه قوله تعالى : فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين لأنهم جوزوا على ما أخفوا بما خفي . والله أعلم . وسيأتي بيانه .وفي قيام الليل أحاديث كثيرة ; منها حديث معاذ بن جبل أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له : ألا أدلك على أبواب الخير : الصوم جنة ، والصدقة تطفئ الخطيئة كما يطفئ الماء النار ، وصلاة الرجل من جوف الليل - قال : ثم تلا : - تتجافى جنوبهم عن المضاجع - حتى بلغ - يعملون أخرجه أبو داود الطيالسي في مسنده والقاضي إسماعيل بن إسحاق وأبو عيسى الترمذي ، وقال فيه : حديث حسن صحيح . الثاني : صلاة العشاء التي يقال لها العتمة ; قاله الحسن وعطاء . وفي الترمذي عن أنس بن مالك أن هذه الآية تتجافى جنوبهم عن المضاجع نزلت في انتظار الصلاة التي تدعى العتمة قال : هذا حديث حسن غريب . الثالث : التنفل ما بين المغرب والعشاء ; قاله قتادة وعكرمة . وروى أبو داود عن أنس بن مالك أن هذه الآية تتجافى جنوبهم عن المضاجع يدعون ربهم خوفا وطمعا ومما رزقناهم ينفقون قال : كانوا يتنفلون بين المغرب والعشاء . الرابع : قال الضحاك : تجافي الجنب هو أن يصلي الرجل العشاء والصبح في جماعة . وقاله أبو الدرداء وعبادة .قلت : وهذا قول حسن ، وهو يجمع الأقوال بالمعنى . وذلك أن منتظر العشاء إلى أن يصليها في صلاة وذكر لله جل وعز ; كما قال النبي صلى الله عليه وسلم : لا يزال الرجل في صلاة ما انتظر الصلاة . وقال أنس : المراد بالآية انتظار صلاة العشاء الآخرة ; لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يؤخرها إلى نحو ثلث الليل . قال ابن عطية : وكانت الجاهلية ينامون من أول الغروب ومن أي وقت شاء الإنسان ، فجاء انتظار وقت العشاء غريبا شاقا . ومصلي الصبح في جماعة لا سيما في أول الوقت ; كما كان عليه السلام يصليها . والعادة أن من حافظ على هذه الصلاة في أول الوقت يقوم سحرا يتوضأ ويصلي ويذكر الله عز وجل إلى أن يطلع الفجر ; فقد حصل التجافي أول الليل وآخره . يزيد هذا ما رواه مسلم من حديث عثمان بن عفان قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : من صلى العشاء في جماعة فكأنما قام نصف الليل ، ومن صلى الصبح في جماعة فكأنما قام الليل كله ولفظ الترمذي وأبي داود في هذا الحديث : من شهد العشاء في جماعة كان له قيام نصف ليلة ، ومن صلى العشاء والفجر في جماعة كان له كقيام ليلة . وقد مضى في سورة ( النور ) عن كعب فيمن صلى بعد العشاء الآخرة أربع ركعات كن له بمنزلة ليلة القدر .وجاءت آثار حسان في فضل الصلاة بين المغرب والعشاء وقيام الليل . ذكر ابن المبارك قال : أخبرنا يحيى بن أيوب قال حدثني محمد بن الحجاج أو ابن أبي الحجاج أنه سمع عبد الكريم يحدث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : من ركع عشر ركعات بين المغرب والعشاء بني له قصر في الجنة فقال له عمر بن الخطاب : إذا تكثر قصورنا وبيوتنا يا رسول الله ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : الله أكبر وأفضل - أو قال - أطيب . وعن عبد الله بن عمرو بن العاصي قال : صلاة الأوابين الخلوة التي بين المغرب والعشاء حتى تثوب الناس إلى الصلاة . وكان عبد الله بن مسعود يصلي في تلك الساعة ويقول : صلاة الغفلة بين المغرب والعشاء ; ذكره ابن المبارك . ورواه الثعلبي مرفوعا عن ابن عمر قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم : من جفت جنباه عن المضاجع ما بين المغرب والعشاء بني له قصران في الجنة مسيرة عام ، وفيهما من الشجر ما لو نزلها أهل المشرق والمغرب لأوسعتهم فاكهة . وهي صلاة الأوابين وغفلة الغافلين . وإن من الدعاء المستجاب الذي لا يرد الدعاء بين المغرب والعشاء .فصل في فضل التجافي - ذكر ابن المبارك عن ابن عباس قال : إذا كان يوم القيامة نادى مناد : ستعلمون اليوم من أصحاب الكرم ; ليقم الحامدون لله على كل حال ، فيقومون فيسرحون إلى الجنة . ثم ينادي ثانية : ستعلمون اليوم من أصحاب الكرم ; ليقم الذين كانت جنوبهم تتجافى عن المضاجع يدعون ربهم خوفا وطمعا ومما رزقناهم ينفقون . قال : فيقومون فيسرحون إلى الجنة . قال : ثم ينادي ثالثة : ستعلمون اليوم من أصحاب الكرم ; ليقم الذين كانوا لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة يخافون يوما تتقلب فيه القلوب والأبصار ، فيقومون فيسرحون إلى الجنة . ذكره الثعلبي مرفوعا عن أسماء بنت يزيد قال النبي صلى الله عليه وسلم : إذا جمع الله الأولين والآخرين يوم القيامة جاء مناد فنادى بصوت تسمعه الخلائق كلهم : سيعلم أهل الجمع اليوم من أولى بالكرم ، ليقم الذين كانت تتجافى جنوبهم عن المضاجع فيقومون وهم قليل ، ثم ينادي الثانية ستعلمون اليوم من أولى بالكرم ، ليقم الذين لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله فيقومون ، ثم ينادي الثالثة ستعلمون اليوم من أولى بالكرم ، ليقم الحامدون لله على كل حال في السراء والضراء فيقومون وهم قليل فيسرحون جميعا إلى الجنة ، ثم يحاسب سائر الناس . وذكر ابن المبارك قال أخبرنا معمر عن رجل عن أبي العلاء بن الشخير عن أبي ذر قال : ثلاثة يضحك الله إليهم ويستبشر الله بهم : رجل قام من الليل وترك فراشه ودفأه ، ثم توضأ فأحسن الوضوء ، ثم قام إلى الصلاة ; فيقول الله لملائكته : ( ما حمل عبدي على ما صنع ) فيقولون : ربنا أنت أعلم به منا ; فيقول : ( أنا أعلم به ولكن أخبروني ) فيقولون : رجيته شيئا فرجاه وخوفته فخافه . فيقول : ( أشهدكم أني قد أمنته مما خاف وأوجبت له ما رجاه ) قال : ورجل كان في سرية فلقي العدو فانهزم أصحابه وثبت هو حتى يقتل أو يفتح الله عليهم ; فيقول الله لملائكته مثل هذه القصة . ورجل سرى في ليلة حتى إذا كان في آخر الليل نزل هو وأصحابه ، فنام أصحابه وقام هو يصلي ; فيقول الله لملائكته . . وذكر القصة .قوله تعالى : ( يدعون ربهم ) في موضع نصب على الحال ; أي داعين . ويحتمل أن تكون صفة مستأنفة ; أي تتجافى جنوبهم وهم أيضا في كل حال يدعون ربهم ليلهم ونهارهم . و ( خوفا ) مفعول من أجله . ويجوز أن يكون مصدرا . و ( طمعا ) مثله ; أي خوفا من العذاب وطمعا في الثواب . ومما رزقناهم ينفقون تكون ( ما ) بمعنى الذي وتكون مصدرا ، وفي كلا الوجهين يجب أن تكون منفصلة من ( من ) و ( ينفقون ) قيل : معناه الزكاة المفروضة . وقيل : النوافل ; وهذا القول أمدح .
فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَّاۤ اُخْفِیَ لَهُمْ مِّنْ قُرَّةِ اَعْیُنٍۚ-جَزَآءًۢ بِمَا كَانُوْا یَعْمَلُوْنَ(۱۷)
تو کسی جی کو نہیں معلوم جو آنکھ کی ٹھنڈک ان کے لیے چھپا رکھی ہے (ف۳۴) صلہ ان کے کاموں کا (ف۳۵)
قوله تعالى : فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين جزاء بما كانوا يعملون .قرأ حمزة : ( ما أخفي لهم ) بإسكان الياء . وفتحها الباقون . وفي قراءة عبد الله ( ما نخفي ) بالنون مضمومة . وروى المفضل عن الأعمش ( ما يخفى لهم ) بالياء المضمومة وفتح الفاء . وقرأ ابن مسعود وأبو هريرة : ( من قرات أعين ) . فمن أسكن الياء من قوله : ( ما أخفي ) فهو مستقبل وألفه ألف المتكلم . و ( ما ) في موضع نصب ب ( أخفي ) وهي استفهام ، والجملة في موضع نصب لوقوعها موقع المفعولين ، والضمير العائد على ( ما ) محذوف . ومن فتح الياء فهو فعل ماض مبني للمفعول . و ( ما ) في موضع رفع بالابتداء ، والخبر أخفي وما بعده ، والضمير في أخفي عائد على ما . قال الزجاج : ويقرأ ( ما أخفى لهم ) بمعنى ما أخفى الله لهم ; وهي قراءة محمد بن كعب ، و ( ما ) في موضع نصب . المهدوي : ومن قرأ : ( قرات أعين ) فهو جمع قرة ، وحسن الجمع فيه لإضافته إلى جمع ، والإفراد لأنه مصدر ، وهو اسم للجنس . وقال أبو بكر الأنباري : وهذا غير مخالف للمصحف ; لأن تاء قرة تكتب تاء على لغة من يجري الوصل على الوقف ; كما كتبوا ( رحمت الله ) بالتاء . ولا يستنكر سقوط الألف من ( قرات ) في الخط وهو موجود في اللفظ ; كما لم يستنكر سقوط الألف من السماوات وهي ثابتة في اللسان والنطق . والمعنى المراد : أنه أخبر تعالى بما لهم من النعيم الذي لم تعلمه نفس ولا بشر ولا ملك . وفي معنى هذه الآية : قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( قال الله عز وجل أعددت لعبادي الصالحين ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر - ثم قرأ هذه الآية - تتجافى جنوبهم عن المضاجع - إلى قوله - بما كانوا يعملون ) خرجه الصحيح من حديث سهل بن سعد الساعدي . وقال ابن مسعود : في التوراة مكتوب : على الله للذين تتجافى جنوبهم عن المضاجع ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر . وقال ابن عباس : الأمر في هذا أجل وأعظم من أن يعرف تفسيره .قلت : وهذه الكرامة إنما هي لأعلى أهل الجنة منزلا ; كما جاء مبينا في صحيح مسلم عن المغيرة بن شعبة يرفعه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( سأل موسى عليه السلام ربه فقال : يا رب ما أدنى أهل الجنة منزلة ؟ قال : هو رجل يأتي بعدما يدخل أهل الجنة الجنة ، فيقال له : ادخل الجنة ، فيقول : أي رب ، كيف وقد نزل الناس منازلهم وأخذوا أخذاتهم ؟ فيقال له : أترضى أن يكون لك مثل ملك ملك من ملوك الدنيا ؟ فيقول : رضيت رب ، فيقول : لك ذلك ومثله ومثله ومثله ومثله ومثله ، فقال في الخامسة : رضيت رب ، فيقال : هذا لك وعشرة أمثاله ولك ما اشتهت نفسك ولذت عينك ، فيقول : رضيت رب ، قال : رب فأعلاهم منزلة ؟ قال : أولئك الذين أردت غرست كرامتهم بيدي وختمت عليها فلم تر عين ولم تسمع أذن ولم يخطر على قلب بشر - قال - ومصداقه من كتاب الله قوله تعالى : فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين جزاء بما كانوا يعملون ) . وقد روي عن المغيرة موقوفا قوله . وخرج مسلم أيضا عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( يقول الله تبارك وتعالى : أعددت لعبادي الصالحين ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر ذخرا بله ما أطلعكم عليه - ثم قرأ - فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين ) . وقال ابن سيرين : المراد به النظر إلى الله تعالى . وقال الحسن : أخفى القوم أعمالا فأخفى الله تعالى لهم ما لا عين رأت ولا أذن سمعت .
اَفَمَنْ كَانَ مُؤْمِنًا كَمَنْ كَانَ فَاسِقًا ﳳ-لَا یَسْتَوٗنَؐ(۱۸)
تو کیا جو ایمان والا ہے وہ اس جیسا ہوجائے گا جو بے حکم ہے (ف۳۶) یہ برابر نہیں،
قوله تعالى : أفمن كان مؤمنا كمن كان فاسقا لا يستوونفيه ثلاث مسائل :الأولى : قوله تعالى : أفمن كان مؤمنا كمن كان فاسقا لا يستوون أي ليس المؤمن كالفاسق ; فلهذا آتينا هؤلاء المؤمنين الثواب العظيم . قال ابن عباس وعطاء بن يسار : نزلت الآية في علي بن أبي طالب والوليد بن عقبة بن أبي معيط ; وذلك أنهما تلاحيا ، فقال له الوليد : أنا أبسط منك لسانا وأحد سنانا وأرد للكتيبة - وروي : وأملأ في الكتيبة - جسدا . فقال له علي : اسكت ! فإنك فاسق ; فنزلت الآية . وذكر الزجاج والنحاس أنها نزلت في علي وعقبة بن أبي معيط . قال ابن عطية : وعلى هذا يلزم أن تكون الآية مكية ; لأن عقبة لم يكن بالمدينة ، وإنما قتل في طريق مكة منصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم من بدر . ويعترض القول الآخر بإطلاق اسم الفسق على الوليد . وذلك يحتمل أن يكون في صدر إسلام الوليد لشيء كان في نفسه ، أو لما روي من نقله عن بني المصطلق ما لم يكن ، حتى نزلت فيه : إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا على ما يأتي في الحجرات بيانه . ويحتمل أن تطلق الشريعة ذلك عليه ; لأنه كان على طرف مما يبغي . وهو الذي شرب الخمر في زمن عثمان رضي الله عنه ، وصلى الصبح بالناس ثم التفت وقال : أتريدون أن أزيدكم ، ونحو هذا مما يطول ذكره .الثانية : لما قسم الله تعالى المؤمنين والفاسقين الذين فسقهم بالكفر - لأن التكذيب في آخر الآية يقتضي ذلك - اقتضى ذلك نفي المساواة بين المؤمن والكافر ; ولهذا منع القصاص بينهما ; إذ من شرط وجوب القصاص المساواة بين القاتل والمقتول . وبذلك احتج علماؤنا على أبي حنيفة في قتله المسلم بالذمي . وقال : أراد نفي المساواة هاهنا في الآخرة في الثواب وفي الدنيا في العدالة . ونحن حملناه على عمومه ، وهو أصح ، إذ لا دليل يخصه ; قاله ابن العربي .الثالثة : قوله تعالى : ( لا يستوون ) ، قال الزجاج وغيره : ( من ) يصلح للواحد والجمع . النحاس : لفظ ( من ) يؤدي عن الجماعة ; فلهذا قال : لا يستوون ; هذا قول كثير من النحويين . وقال بعضهم : لا يستوون لاثنين ; لأن الاثنين جمع ; لأنه واحد جمع مع آخر . وقاله الزجاج أيضا . والحديث يدل على هذا القول ; لأنه عن ابن عباس وغيره قال : نزلت أفمن كان مؤمنا في علي بن أبي طالب رضي الله عنه ، كمن كان فاسقا في الوليد بن عقبة بن أبي معيط . وقال الشاعر :أليس الموت بينهما سواء إذا ماتوا وصاروا في القبور
اَمَّا الَّذِیْنَ اٰمَنُوْا وَ عَمِلُوا الصّٰلِحٰتِ فَلَهُمْ جَنّٰتُ الْمَاْوٰى٘-نُزُلًۢا بِمَا كَانُوْا یَعْمَلُوْنَ(۱۹)
جو ایمان لائے اور اچھے کام کیے ان کے لیے بسنے کے باغ ہیں، ان کے کاموں کے صلہ میں مہمانداری (ف۳۷)
قوله تعالى : أما الذين آمنوا وعملوا الصالحات فلهم جنات المأوى أخبر عن مقر الفريقين غدا ; فللمؤمنين جنات المأوى ، أي يأوون إلى الجنات ; فأضاف الجنات إلى المأوى ؛ لأن ذلك الموضع يتضمن جنات . ( نزلا ) أي ضيافة . والنزل : ما يهيأ للنازل والضيف . وقد مضى في آخر ( آل عمران ) وهو نصب على الحال من الجنات ; أي لهم الجنات معدة ، ويجوز أن يكون مفعولا له .
وَ اَمَّا الَّذِیْنَ فَسَقُوْا فَمَاْوٰىهُمُ النَّارُؕ-كُلَّمَاۤ اَرَادُوْۤا اَنْ یَّخْرُجُوْا مِنْهَاۤ اُعِیْدُوْا فِیْهَا وَ قِیْلَ لَهُمْ ذُوْقُوْا عَذَابَ النَّارِ الَّذِیْ كُنْتُمْ بِهٖ تُكَذِّبُوْنَ(۲۰)
رہے وہ جو بے حکم ہیں (ف۳۸) ان کا ٹھکانا آ گ ہے، جب کبھی اس میں سے نکلنا چاہیں گے پھر اسی میں پھیر دیے جائیں گے اور ان سے کہا جائے گا چکھو اس آگ کا عذاب جسے تم جھٹلاتے تھے،
وأما الذين فسقوا أي خرجوا عن الإيمان إلى الكفر فمأواهم النار أي مقامهم فيها . كلما أرادوا أن يخرجوا منها أعيدوا فيها أي إذا دفعهم لهب النار إلى أعلاها ردوا إلى موضعهم فيها ؛ لأنهم يطمعون في الخروج منها . وقد مضى هذا في ( الحج ) . . وقيل لهم أي يقول لهم خزنة جهنم . أو يقول الله لهم : ذوقوا عذاب النار الذي كنتم به تكذبون والذوق يستعمل محسوسا ومعنى . وقد مضى في هذه السورة بيانه .
وَ لَنُذِیْقَنَّهُمْ مِّنَ الْعَذَابِ الْاَدْنٰى دُوْنَ الْعَذَابِ الْاَكْبَرِ لَعَلَّهُمْ یَرْجِعُوْنَ(۲۱)
اور ضرور ہم انہیں چکھائیں گے کچھ نزدیک کا عذاب (ف۱۳۹) اس بڑے عذاب سے پہلے (ف۴۰) جسے دیکھنے والا امید کرے کہ ابھی باز آئیں گے،
قوله تعالى : ولنذيقنهم من العذاب الأدنى دون العذاب الأكبر لعلهم يرجعون .قوله تعالى : ولنذيقنهم من العذاب الأدنى قال الحسن وأبو العالية والضحاك وأبي بن كعب وإبراهيم النخعي : العذاب الأدنى مصائب الدنيا وأسقامها مما يبتلى به العبيد حتى يتوبوا ; وقاله ابن عباس . وعنه أيضا أنه الحدود . وقال ابن مسعود والحسين بن علي وعبد الله بن الحارث : هو القتل بالسيف يوم بدر . وقال مقاتل : الجوع سبع سنين بمكة حتى أكلوا الجيف ; وقاله مجاهد . وعنه أيضا : العذاب الأدنى عذاب القبر ; وقاله البراء بن عازب . قالوا : والأكبر عذاب يوم القيامة . قال القشيري : وقيل عذاب القبر . وفيه نظر ; لقوله : لعلهم يرجعون . قال : ومن حمل العذاب على القتل قال : لعلهم يرجعون ؛ أي يرجع من بقي منهم . ولا خلاف أن العذاب الأكبر عذاب جهنم ; إلا ما روي عن جعفر بن محمد أنه خروج المهدي بالسيف . والأدنى غلاء السعر . وقد قيل : إن معنى قوله : لعلهم يرجعون . على قول مجاهد والبراء : أي لعلهم يريدون الرجوع ويطلبونه كقوله : فارجعنا نعمل صالحا . وسميت إرادة الرجوع رجوعا كما سميت إرادة القيام قياما في قوله تعالى : إذا قمتم إلى الصلاة . ويدل عليه قراءة من قرأ : ( يرجعون ) على البناء للمفعول ; ذكره الزمخشري .
وَ مَنْ اَظْلَمُ مِمَّنْ ذُكِّرَ بِاٰیٰتِ رَبِّهٖ ثُمَّ اَعْرَضَ عَنْهَاؕ-اِنَّا مِنَ الْمُجْرِمِیْنَ مُنْتَقِمُوْنَ۠(۲۲)
اور اس سے بڑھ کر ظالم کون جسے اس کے رب کی آیتوں سے نصیحت کی گئی پھر اس نے ان سے منہ پھیر لیا (ف۴۱) بیشک ہم مجرموں سے بدلہ لینے والے ہیں،
قوله تعالى : ومن أظلم ممن ذكر بآيات ربه ثم أعرض عنها إنا من المجرمين منتقمون .قوله تعالى : ومن أظلم أي لا أحد أظلم لنفسه . ممن ذكر بآيات ربه أي بحججه وعلاماته . ثم أعرض عنها بترك القبول . إنا من المجرمين منتقمون لتكذيبهم وإعراضهم .
وَ لَقَدْ اٰتَیْنَا مُوْسَى الْكِتٰبَ فَلَا تَكُنْ فِیْ مِرْیَةٍ مِّنْ لِّقَآىٕهٖ وَ جَعَلْنٰهُ هُدًى لِّبَنِیْۤ اِسْرَآءِیْلَۚ(۲۳)
اور بیشک ہم نے موسیٰ کو کتاب (ف۴۲) عطا فرمائی تو تم اس کے ملنے میں شک نہ کرو (ف۴۳) اور ہم نے اسے (ف۴۴) بنی اسرائیل کے لیے ہدایت کیا،
قوله تعالى : ولقد آتينا موسى الكتاب فلا تكن في مرية من لقائه أي فلا تكن يا محمد في شك من لقاء موسى ; قاله ابن عباس . وقد لقيه ليلة الإسراء . قتادة : المعنى فلا تكن في شك من أنك لقيته ليلة الإسراء . والمعنى واحد . وقيل : فلا تكن في شك من لقاء موسى في القيامة ، وستلقاه فيها . وقيل : فلا تكن في شك من لقاء موسى الكتاب بالقبول ; قاله مجاهد والزجاج . وعن الحسن أنه قال في معناه : ولقد آتينا موسى الكتاب فأوذي وكذب ، فلا تكن في شك من أنه سيلقاك ما لقيه من التكذيب والأذى ; فالهاء عائدة على مخذوف ، والمعنى من لقاء ما لاقى . النحاس : وهذا قول غريب ، إلا أنه من رواية عمرو بن عبيد . وقيل في الكلام تقديم وتأخير ; والمعنى : قل يتوفاكم ملك الموت الذي وكل بكم فلا تكن في مرية من لقائه ; فجاء معترضا بين ولقد آتينا موسى الكتاب وبين وجعلناه هدى لبني إسرائيل . والضمير في وجعلناه فيه وجهان : أحدهما : جعلنا موسى ; قاله قتادة . الثاني : جعلنا الكتاب ; قاله الحسن .
وَ جَعَلْنَا مِنْهُمْ اَىٕمَّةً یَّهْدُوْنَ بِاَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوْا۫ؕ-وَ كَانُوْا بِاٰیٰتِنَا یُوْقِنُوْنَ(۲۴)
اور ہم نے ان میں سے (ف۴۵) کچھ امام بنائے کہ ہمارے حکم سے بناتے (ف۴۶) جبکہ انہوں نے صبر کیا (ف۴۷) اور وہ ہماری آیتوں پر یقین لاتے تھے،
وجعلنا منهم أئمة أي قادة وقدوة يقتدى بهم في دينهم . والكوفيون يقرءون ( أئمة ) النحاس : وهو لحن عند جميع النحويين ; لأنه جمع بين همزتين في كلمة واحدة ، وهو من دقيق النحو .وشرحه : أن الأصل ( أأممة ) ثم ألقيت حركة الميم على الهمزة وأدغمت الميم ، وخففت الهمزة الثانية لئلا يجتمع همزتان ، والجمع بين همزتين في حرفين بعيد ; فأما في حرف واحد فلا يجوز إلا تخفيف الثانية نحو قولك : آدم وآخر . ويقال : هذا أوم من هذا وأيم ; بالواو والياء . وقد مضى هذا في ( براءة ) والله تعالى أعلم . يهدون بأمرنا أي يدعون الخلق إلى طاعتنا . بأمرنا أي أمرناهم بذلك . وقيل : بأمرنا أي لأمرنا ; أي يهدون الناس لديننا . ثم قيل : المراد الأنبياء عليهم السلام ; قاله قتادة . وقيل : المراد الفقهاء والعلماء . لما صبروا قراءة العامة ( لما ) بفتح اللام وتشديد الميم وفتحها ; أي حين صبروا . وقرأ يحيى وحمزة والكسائي وخلف ورويس عن يعقوب : ( لما صبروا ) أي لصبرهم جعلناهم أئمة . واختاره أبو عبيد اعتبارا بقراءة ابن مسعود ( بما صبروا ) بالباء . وهذا الصبر صبر على الدين وعلى البلاء . وقيل : صبروا عن الدنيا .
اِنَّ رَبَّكَ هُوَ یَفْصِلُ بَیْنَهُمْ یَوْمَ الْقِیٰمَةِ فِیْمَا كَانُوْا فِیْهِ یَخْتَلِفُوْنَ(۲۵)
بیشک تمہارا رب ان میں فیصلہ کردے گا (ف۴۸) قیامت کے دن جس بات میں اختلاف کرتے تھے (ف۴۹)
إن ربك هو يفصل بينهم يوم القيامة أي يقضي ويحكم بين المؤمنين والكفار ، فيجازي كلا بما يستحق . وقيل : يقضي بين الأنبياء وبين قومهم ; حكاه النقاش .
اَوَ لَمْ یَهْدِ لَهُمْ كَمْ اَهْلَكْنَا مِنْ قَبْلِهِمْ مِّنَ الْقُرُوْنِ یَمْشُوْنَ فِیْ مَسٰكِنِهِمْؕ-اِنَّ فِیْ ذٰلِكَ لَاٰیٰتٍؕ-اَفَلَا یَسْمَعُوْنَ(۲۶)
اور کیا انہیں (ف۵۰) اس پر ہدایت نہ ہوئی کہ ہم نے ان سے پہلے کتنی سنگتیں (قومیں) (ف۵۱) ہلاک کردیں کہ آج یہ ان کے گھروں میں چل پھر رہے ہیں (ف۵۲) بیشک اس میں ضرور نشانیاں ہیں تو کیا سنتے نہیں (ف۵۳)
قوله تعالى : أولم يهد لهم كم أهلكنا من قبلهم من القرون يمشون في مساكنهم إن في ذلك لآيات أفلا يسمعون .قوله تعالى : أولم يهد لهم وقرأ أبو عبد الرحمن السلمي وقتادة وأبو زيد عن يعقوب ( نهد لهم ) بالنون ; فهذه قراءة بينة . النحاس : وبالياء فيها إشكال ; لأنه يقال : الفعل لا يخلو من فاعل ، فأين الفاعل ل ( يهد ) ؟ فتكلم النحويون في هذا ; فقال الفراء : كم في موضع رفع ب ( يهد ) وهذا نقض لأصول النحويين في قولهم : إن الاستفهام لا يعمل فيه ما قبله ولا في كم بوجه ; أعني ما قبلها . ومذهب أبي العباس أن يهد يدل على الهدى ; والمعنى أو لم يهد لهم الهدى . وقيل : المعنى أو لم يهد الله لهم ; فيكون معنى الياء والنون واحدا ; أي أو لم نبين لهم إهلاكنا القرون الكافرة من قبلهم . وقال الزجاج : كم في موضع نصب ب ( أهلكنا ) . يمشون في مساكنهم يحتمل الضمير في يمشون أن يعود على الماشين في مساكن المهلكين ; أي وهؤلاء يمشون ولا يعتبرون . ويحتمل أن يعود على المهلكين فيكون حالا ; والمعنى : أهلكناهم ماشين في مساكنهم . إن في ذلك لآيات أفلا يسمعون آيات الله وعظاته فيتعظون .
اَوَ لَمْ یَرَوْا اَنَّا نَسُوْقُ الْمَآءَ اِلَى الْاَرْضِ الْجُرُزِ فَنُخْرِ جُ بِهٖ زَرْعًا تَاْكُلُ مِنْهُ اَنْعَامُهُمْ وَ اَنْفُسُهُمْؕ-اَفَلَا یُبْصِرُوْنَ(۲۷)
اور کیا نہیں دیکھتے کہ ہم پانی بھیجتے ہیں خشک زمین کی طرف (ف۵۴) پھر اس سے کھیتی نکالتے ہیں کہ اس میں سے ان کے چوپائے اور وہ خود کھاتے ہیں (ف۵۵) تو کیا انہیں سوجھتانہیں (ف۵۶)
قوله تعالى : أولم يروا أنا نسوق الماء إلى الأرض الجرز فنخرج به زرعا تأكل منه أنعامهم وأنفسهم أفلا يبصرون .قوله تعالى : أولم يروا أنا نسوق الماء إلى الأرض الجرز أي أولم يعلموا كمال قدرتنا بسوقنا الماء إلى الأرض اليابسة التي لا نبات فيها لنحييها . الزمخشري : الجرز الأرض التي جرز نباتها ، أي قطع ; إما لعدم الماء وإما لأنه رعي وأزيل . ولا يقال للتي لا تنبت كالسباخ جرز ; ويدل عليه قوله تعالى : فنخرج به زرعا قال ابن عباس : هي أرض باليمن . وقال مجاهد : هي أبين . وقال عكرمة : هي الأرض الظمأى . وقال الضحاك : هي الأرض الميتة العطشى . وقال الفراء : هي الأرض التي لا نبات فيها . وقال الأصمعي : هي الأرض التي لا تنبت شيئا . وقال محمد بن يزيد : يبعد أن تكون لأرض بعينها لدخول الألف واللام ; إلا أنه يجوز على قول من قال : العباس والضحاك . والإسناد عن ابن عباس صحيح لا مطعن فيه . وهذا إنما هو نعت والنعت للمعرفة يكون بالألف واللام ; وهو مشتق من قولهم : رجل جروز إذا كان لا يبقي شيئا إلا أكله . قال الراجز :خب جروز وإذا جاع بكى ويأكل التمر ولا يلقي النوىوكذلك ناقة جروز : إذا كانت تأكل كل شيء تجده . وسيف جراز : أي قاطع ماض . وجرزت الجراد الزرع : إذا استأصلته بالأكل . وحكى الفراء وغيره أنه يقال : أرض جرز وجرز وجرز وجرز . وكذلك بخل ورغب ورهب ; في الأربعة أربع لغات . وقد روي أن هذه الأرض لا أنهار فيها ، وهي بعيدة من البحر ، وإنما يأتيها في كل عام ودان فيزرعون ثلاث مرات في كل عام . وعن مجاهد أيضا : أنها أرض النيل . فنخرج به أي بالماء . زرعا تأكل منه أنعامهم من الكلأ والحشيش . وأنفسهم من الحب والخضر والفواكه . أفلا يبصرون هذا فيعلمون أنا نقدر على إعادتهم . و ( فنخرج ) يكون معطوفا على ( نسوق ) أو منقطعا مما قبله . تأكل منه أنعامهم في موضع نصب على النعت .
وَ یَقُوْلُوْنَ مَتٰى هٰذَا الْفَتْحُ اِنْ كُنْتُمْ صٰدِقِیْنَ(۲۸)
اور کہتے ہیں یہ فیصلہ کب ہوگا اگر تم سچے ہو (ف۵۷)
قوله تعالى : ويقولون متى هذا الفتح إن كنتم صادقين متى في موضع رفع ، ويجوز أن يكون في موضع نصب على الظرف . قال قتادة : الفتح القضاء . وقال الفراء والقتبي : يعني فتح مكة . وأولى من هذا ما قاله مجاهد ، قال : يعني يوم القيامة . ويروى أن المؤمنين قالوا : سيحكم الله عز وجل بيننا يوم القيامة فيثيب المحسن ويعاقب المسيء . فقال الكفار على التهزئ . متى يوم الفتح ؟ أي هذا الحكم . ويقال للحاكم : فاتح وفتاح ; لأن الأشياء تنفتح على يديه وتنفصل . وفي القرآن : ربنا افتح بيننا وبين قومنا بالحق وقد مضى هذا في ( البقرة ) وغيرها .
قُلْ یَوْمَ الْفَتْحِ لَا یَنْفَعُ الَّذِیْنَ كَفَرُوْۤا اِیْمَانُهُمْ وَ لَا هُمْ یُنْظَرُوْنَ(۲۹)
تم فرماؤ فیصلہ کے دن (ف۵۸) کافروں کو ان کا ایمان لانا نفع نہ دے گا اور نہ انہیں مہلت ملے (ف۵۹)
قل يوم الفتح على الظرف . وأجاز الفراء الرفع . لا ينفع الذين كفروا إيمانهم ولا هم ينظرون أي يؤخرون ويمهلون للتوبة ; إن كان يوم الفتح يوم بدر أو فتح مكة . ففي بدر قتلوا ، ويوم الفتح هربوا فلحقهم خالد بن الوليد فقتلهم .
فَاَعْرِضْ عَنْهُمْ وَ انْتَظِرْ اِنَّهُمْ مُّنْتَظِرُوْنَ۠(۳۰)
تو ان سے منہ پھیرلو اور انتظار کرو (ف۶۰) بیشک انہیں بھی انتظار کرنا ہے (ف۶۱)
قوله تعالى : فأعرض عنهم وانتظر إنهم منتظرون .قوله تعالى : فأعرض عنهم معناه فأعرض عن سفههم ولا تجبهم إلا بما أمرت به . وانتظر إنهم منتظرون أي انتظر يوم الفتح ، يوم يحكم الله لك عليهم . ابن عباس : فأعرض عنهم أي عن مشركي قريش مكة ، وأن هذا منسوخ بالسيف في ( براءة ) في قوله : فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم . وانتظر أي موعدي لك . قيل : يعني يوم بدر . إنهم منتظرون أي ينتظرون بكم حوادث الزمان . وقيل : الآية غير منسوخة ; إذ قد يقع الإعراض مع الأمر بالقتال كالهدنة وغيرها . وقيل : أعرض عنهم بعدما بلغت الحجة ، وانتظر إنهم منتظرون . إن قيل : كيف ينتظرون القيامة وهم لا يؤمنون ؟ ففي هذا جوابان : أحدهما : أن يكون المعنى أنهم منتظرون الموت وهو من أسباب القيامة ; فيكون هذا مجازا . والآخر : أن فيهم من يشك وفيهم من يؤمن بالقيامة ; فيكون هذا جوابا لهذين الصنفين . والله أعلم . وقرأ ابن السميقع : ( إنهم منتظرون ) بفتح الظاء . ورويت عن مجاهد وابن محيصن . قال الفراء : لا يصح هذا إلا بإضمار ، مجازه : إنهم منتظرون بهم . قال أبو حاتم : الصحيح الكسر ; أي انتظر عذابهم إنهم منتظرون هلاكك . وقد قيل : إن قراءة ابن السميقع ( بفتح الظاء ) معناها : وانتظر هلاكهم فإنهم أحقاء بأن ينتظر هلاكهم ; يعني : إنهم هالكون لا محالة ، وانتظر ذلك فإن الملائكة في السماء ينتظرونه ; ذكره الزمخشري . وهو معنى قول الفراء . والله أعلم .
- English | Ahmed Ali
- Urdu | Ahmed Raza Khan
- Turkish | Ali-Bulaç
- German | Bubenheim Elyas
- Chinese | Chineese
- Spanish | Cortes
- Dutch | Dutch
- Portuguese | El-Hayek
- English | English
- Urdu | Fateh Muhammad Jalandhry
- French | French
- Hausa | Hausa
- Indonesian | Indonesian-Bahasa
- Italian | Italian
- Korean | Korean
- Malay | Malay
- Russian | Russian
- Tamil | Tamil
- Thai | Thai
- Farsi | مکارم شیرازی
- العربية | التفسير الميسر
- العربية | تفسير الجلالين
- العربية | تفسير السعدي
- العربية | تفسير ابن كثير
- العربية | تفسير الوسيط لطنطاوي
- العربية | تفسير البغوي
- العربية | تفسير القرطبي
- العربية | تفسير الطبري
- English | Arberry
- English | Yusuf Ali
- Dutch | Keyzer
- Dutch | Leemhuis
- Dutch | Siregar
- Urdu | Sirat ul Jinan