READ
Surah An-Nisaa
اَلنِّسَآء
176 Ayaat مدنیۃ
4:0
بِسْمِ اللّٰهِ الرَّحْمٰنِ الرَّحِیْمِ
اللہ کے نام سے شروع جو بہت مہربان رحمت والا
القول في تأويل الاستعاذةتأويل قوله : ( أعوذ ) .قال أبو جعفر : والاستعاذة : الاستجارة . وتأويل قول القائل : ( أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ) أستجير بالله - دون غيره من سائر خلقه - من الشيطان أن يضرني في ديني ، أو يصدني عن حق يلزمني لربي .تأويل قوله : ( من الشيطان )قال أبو جعفر : والشيطان ، في كلام العرب : كل متمرد من الجن والإنس والدواب وكل شيء . وكذلك قال ربنا جل ثناؤه : ( وكذلك جعلنا لكل نبي عدوا شياطين الإنس والجن ) [ سورة الأنعام : 112 ] ، فجعل من الإنس شياطين ، مثل الذي جعل من الجن .وقال عمر بن الخطاب رحمة الله عليه ، وركب برذونا فجعل يتبختر به ، فجعل يضربه فلا يزداد إلا تبخترا ، فنزل عنه ، وقال : ما حملتموني إلا على شيطان! ما نزلت عنه حتى أنكرت نفسي .136 - حدثنا بذلك يونس بن عبد الأعلى ، قال : أنبأنا ابن وهب ، قال : أخبرني هشام بن سعد ، عن زيد بن أسلم ، عن أبيه ، عن عمر .قال أبو جعفر : وإنما سمي المتمرد من كل شيء شيطانا ، لمفارقة أخلاقه وأفعاله أخلاق سائر جنسه وأفعاله ، وبعده من الخير . وقد قيل : إنه أخذ من [ ص: 112 ] قول القائل : شطنت داري من دارك - يريد بذلك : بعدت . ومن ذلك قول نابغة بني ذبيان :نأت بسعاد عنك نوى شطون فبانت والفؤاد بها رهينوالنوى : الوجه الذي نوته وقصدته . والشطون : البعيد . فكأن الشيطان - على هذا التأويل - فيعال من شطن . ومما يدل على أن ذلك كذلك ، قول أمية بن أبي الصلت :أيما شاطن عصاه عكاه ثم يلقى في السجن والأكبالولو كان فعلان ، من شاط يشيط ، لقال : أيما شائط ، ولكنه قال : أيما شاطن ، لأنه من "شطن يشطن ، فهو شاطن" .تأويل قوله : ( الرجيم ) .وأما الرجيم فهو : فعيل بمعنى مفعول ، كقول القائل : كف خضيب ، ولحية دهين ، ورجل لعين ، يريد بذلك : مخضوبة ومدهونة وملعون . وتأويل الرجيم : الملعون المشتوم . وكل مشتوم بقول رديء أو سب فهو مرجوم . وأصل الرجم الرمي ، بقول كان أو بفعل . ومن الرجم بالقول قول أبي إبراهيم لإبراهيم صلوات الله عليه : ( لئن لم تنته لأرجمنك ) [ سورة مريم : 46 ] .وقد يجوز أن يكون قيل للشيطان رجيم ، لأن الله جل ثناؤه طرده من سماواته ، ورجمه بالشهب الثواقب [ ص: 113 ]وقد روي عن ابن عباس ، أن أول ما نزل جبريل على النبي صلى الله عليه وسلم علمه الاستعاذة .137 - حدثنا أبو كريب ، قال : حدثنا عثمان بن سعيد ، قال : حدثنا بشر بن عمارة ، قال : حدثنا أبو روق ، عن الضحاك ، عن عبد الله بن عباس ، قال : أول ما نزل جبريل على محمد قال : "يا محمد استعذ ، قل : أستعيذ بالسميع العليم من الشيطان الرجيم " ، ثم قال : قل : "بسم الله الرحمن الرحيم " ، ثم قال : ( اقرأ باسم ربك الذي خلق ) [ العلق : 1 ] . قال عبد الله : وهي أول سورة أنزلها الله على محمد بلسان جبريل .فأمره أن يتعوذ بالله دون خلقه .القول في تأويل بسم الله الرحمن الرحيمالقول في تأويل قوله : ( بسم )قال أبو جعفر : إن الله تعالى ذكره وتقدست أسماؤه أدب نبيه محمدا صلى الله عليه وسلم بتعليمه تقديم ذكر أسمائه الحسنى أمام جميع أفعاله ، ، وتقدم إليه في وصفه بها قبل جميع مهماته ، وجعل ما أدبه به من ذلك وعلمه إياه ، منه لجميع خلقه سنة يستنون بها ، وسبيلا يتبعونه عليها ، فبه افتتاح أوائل منطقهم ، وصدور رسائلهم وكتبهم وحاجاتهم ، حتى أغنت دلالة ما ظهر من قول القائل : "بسم الله " ، على ما بطن من مراده الذي هو محذوف .وذلك أن الباء من "بسم الله " مقتضية فعلا يكون لها جالبا ، ولا فعل معها ظاهر ، فأغنت سامع القائل "بسم الله " معرفته بمراد قائله ، عن إظهار قائل ذلك مراده قولا إذ كان كل ناطق به عند افتتاحه أمرا ، قد أحضر منطقه به - إما معه ، وإما قبله بلا فصل - ما قد أغنى سامعه عن دلالة شاهدة على الذي من أجله افتتح قيله به . فصار استغناء سامع ذلك منه عن إظهار ما حذف منه ، نظير استغنائه - إذا سمع قائلا قيل له : ما أكلت اليوم ؟ فقال : "طعاما " - عن أن يكرر المسئول مع قوله "طعاما " ، أكلت ، لما قد ظهر لديه من الدلالة على أن ذلك معناه ، بتقدم مسألة السائل إياه عما أكل . فمعقول إذا أن قول [ ص: 115 ] القائل إذا قال : "بسم الله الرحمن الرحيم " ثم افتتح تاليا سورة ، أن إتباعه "بسم الله الرحمن الرحيم " تلاوة السورة ، ينبئ عن معنى قوله : "بسم الله الرحمن الرحيم " ومفهوم به أنه مريد بذلك : أقرأ بسم الله الرحمن الرحيم . وكذلك قوله : "بسم الله " عند نهوضه للقيام أو عند قعوده وسائر أفعاله ، ينبئ عن معنى مراده بقوله "بسم الله " ، وأنه أراد بقيله "بسم الله " ، أقوم باسم الله ، وأقعد باسم الله . وكذلك سائر الأفعال .وهذا الذي قلنا في تأويل ذلك ، هو معنى قول ابن عباس الذي : -138 - حدثنا به أبو كريب ، قال : حدثنا عثمان بن سعيد ، قال : حدثنا بشر بن عمارة ، قال : حدثنا أبو روق ، عن الضحاك ، عن عبد الله بن عباس ، قال : إن أول ما نزل به جبريل على محمد ، قال : "يا محمد ، قل : أستعيذ بالسميع العليم من الشيطان الرجيم " ثم قال : "قل بسم الله الرحمن الرحيم " . قال : قال له جبريل : قل بسم الله يا محمد ، يقول : اقرأ بذكر الله ربك ، وقم واقعد بذكر الله .قال أبو جعفر : فإن قال لنا قائل : فإن كان تأويل قوله "بسم الله " ما وصفت ، والجالب الباء في "بسم الله " ما ذكرت ، فكيف قيل "بسم الله " ، بمعنى أقرأ باسم الله " ، أو أقوم أو أقعد باسم الله ؟ وقد علمت أن كل قارئ كتاب الله ، فبعون الله وتوفيقه قراءته ، وأن كل قائم أو قاعد أو فاعل فعلا فبالله قيامه وقعوده وفعله . وهلا - إذ كان ذلك كذلك - قيل " بالله الرحمن الرحيم " ولم يقل "بسم الله " ؟ فإن قول القائل : أقوم وأقعد بالله الرحمن الرحيم ، أو أقرأ بالله - أوضح معنى لسامعه من قوله "بسم الله " ، إذ كان قوله أقوم "أقوم أو أقعد باسم الله " ، يوهم سامعه أن قيامه وقعوده بمعنى غير الله .قيل له ، وبالله التوفيق : إن المقصود إليه من معنى ذلك غير ما توهمته في نفسك . وإنما معنى قوله "باسم الله " : أبدأ بتسمية الله وذكره قبل كل شيء ، [ ص: 116 ] أو أقرأ بتسميتي الله ، أو أقوم وأقعد بتسميتي الله وذكره - لا أنه يعني بقيله "بسم الله " : أقوم بالله ، أو أقرأ بالله ، فيكون قول القائل : أقرأ بالله ، أو أقوم أو أقعد بالله - أولى بوجه الصواب في ذلك من قوله "بسم الله " .فإن قال : فإن كان الأمر في ذلك على ما وصفت ، فكيف قيل : "بسم الله " وقد علمت أن الاسم اسم ، وأن التسمية مصدر من قولك سميت ؟قيل : إن العرب قد تخرج المصادر مبهمة على أسماء مختلفة ، كقولهم : أكرمت فلانا كرامة ، وإنما بناء مصدر "أفعلت " - إذا أخرج على فعله - "الإفعال " . وكقولهم : أهنت فلانا هوانا ، وكلمته كلاما . وبناء مصدر : "فعلت " التفعيل . ومن ذلك قول الشاعر :أكفرا بعد رد الموت عني وبعد عطائك المائة الرتاعايريد : إعطائك . ومنه قول الآخر :وإن كان هذا البخل منك سجية لقد كنت في طولي رجاءك أشعبايريد : في إطالتي رجاءك . ومنه قول الآخر :أظليم إن مصابكم رجلا أهدى السلام تحية ظلميريد : إصابتكم . والشواهد في هذا المعنى تكثر ، وفيما ذكرنا كفاية ، لمن وفق لفهمه . [ ص: 117 ]فإذ كان الأمر - على ما وصفنا ، من إخراج العرب مصادر الأفعال على غير بناء أفعالها - كثيرا ، وكان تصديرها إياها على مخارج الأسماء موجودا فاشيا ، فبين بذلك صواب ما قلنا من التأويل في قول القائل "بسم الله " ، أن معناه في ذلك عند ابتدائه في فعل أو قول : أبدأ بتسمية الله ، قبل فعلي ، أو قبل قولي .وكذلك معنى قول القائل عند ابتدائه بتلاوة القرآن : "بسم الله الرحمن الرحيم " ، إنما معناه : أقرأ مبتدئا بتسمية الله ، أو أبتدئ قراءتي بتسمية الله . فجعل "الاسم " مكان التسمية ، كما جعل الكلام مكان التكليم ، والعطاء مكان الإعطاء .وبمثل الذي قلنا من التأويل في ذلك ، روي الخبر عن عبد الله بن عباس .139 - حدثنا أبو كريب ، قال : حدثنا عثمان بن سعيد ، قال : حدثنا بشر بن عمارة ، قال : حدثنا أبو روق ، عن الضحاك ، عن عبد الله بن عباس ، قال : أول ما نزل جبريل على محمد صلى الله عليه وسلم قال : "يا محمد ، قل : أستعيذ بالسميع العليم من الشيطان الرجيم " ، ثم قال : "قل : بسم الله الرحمن الرحيم " .قال ابن عباس : "بسم الله " ، يقول له جبريل : يا محمد ، اقرأ بذكر الله ربك ، وقم واقعد بذكر الله .وهذا التأويل من ابن عباس ينبئ عن صحة ما قلنا - من أنه يراد بقول القائل مفتتحا قراءته : "بسم الله الرحمن الرحيم " : أقرأ بتسمية الله وذكره ، وأفتتح القراءة بتسمية الله ، بأسمائه الحسنى وصفاته العلى - ويوضح فساد قول من زعم أن معنى ذلك من قائله : بالله الرحمن الرحيم أول كل شيء ، مع أن العباد [ ص: 118 ] إنما أمروا أن يبتدئوا عند فواتح أمورهم بتسمية الله ، لا بالخبر عن عظمته وصفاته ، كالذي أمروا به من التسمية على الذبائح والصيد ، وعند المطعم والمشرب ، وسائر أفعالهم . وكذلك الذي أمروا به من تسميته عند افتتاح تلاوة تنزيل الله ، وصدور رسائلهم وكتبهم .ولا خلاف بين الجميع من علماء الأمة ، أن قائلا لو قال عند تذكيته بعض بهائم الأنعام "بالله " ، ولم يقل "بسم الله " ، أنه مخالف - بتركه قيل : "بسم الله " ما سن له عند التذكية من القول . وقد علم بذلك أنه لم يرد بقوله "بسم الله " "بالله " ، كما قال الزاعم أن اسم الله في قول الله : "بسم الله الرحمن الرحيم " هو الله . لأن ذلك لو كان كما زعم ، لوجب أن يكون القائل عند تذكيته ذبيحته "بالله " ، قائلا ما سن له من القول على الذبيحة . وفي إجماع الجميع على أن قائل ذلك تارك ما سن له من القول على ذبيحته - إذ لم يقل "بسم الله " - دليل واضح على فساد ما ادعى من التأويل في قول القائل : "بسم الله " ، أنه مراد به "بالله " ، وأن اسم الله هو الله .وليس هذا الموضع من مواضع الإكثار في الإبانة عن الاسم : أهو المسمى ، أم غيره ، أم هو صفة له ؟ فنطيل الكتاب به ، وإنما هذا موضع من مواضع الإبانة عن الاسم المضاف إلى الله : أهو اسم ، أم مصدر بمعنى التسمية ؟ [ ص: 119 ] فإن قال قائل : فما أنت قائل في بيت لبيد بن ربيعة :إلى الحول ، ثم اسم السلام عليكما ، ومن يبك حولا كاملا فقد اعتذرفقد تأوله مقدم في العلم بلغة العرب ، أنه معني به : ثم السلام عليكما ، وأن اسم السلام هو السلام ؟قيل له : لو جاز ذلك وصح تأويله فيه على ما تأول ، لجاز أن يقال : رأيت اسم زيد ، وأكلت اسم الطعام ، وشربت اسم الشراب; وفي إجماع جميع العرب على إحالة ذلك ما ينبئ عن فساد تأويل من تأول قول لبيد : "ثم اسم السلام [ ص: 120 ] عليكما " ، أنه أراد : ثم السلام عليكما ، وادعائه أن إدخال الاسم في ذلك وإضافته إلى السلام إنما جاز ، إذ كان اسم المسمى هو المسمى بعينه .ويسأل القائلون قول من حكينا قوله هذا ، فيقال لهم : أتستجيزون في العربية أن يقال : "أكلت اسم العسل " ، يعني بذلك : أكلت العسل ، كما جاز عندكم : اسم السلام عليك ، وأنتم تريدون : السلام عليك ؟فإن قالوا : نعم ! خرجوا من لسان العرب ، وأجازوا في لغتها ما تخطئه جميع العرب في لغتها . وإن قالوا : لا ؛ سئلوا الفرق بينهما . فلن يقولوا في أحدهما قولا إلا ألزموا في الآخر مثله .فإن قال لنا قائل : فما معنى قول لبيد هذا عندك ؟قيل له : يحتمل ذلك وجهين ، كلاهما غير الذي قاله من حكينا قوله .أحدهما : أن "السلام " اسم من أسماء الله ، فجائز أن يكون لبيد عنى بقوله : "ثم اسم السلام عليكما " ، ثم الزما اسم الله وذكره بعد ذلك ، ودعا ذكري والبكاء علي; على وجه الإغراء . فرفع الاسم ، إذ أخر الحرف الذي يأتي بمعنى الإغراء . وقد تفعل العرب ذلك ، إذا أخرت الإغراء وقدمت المغرى به ، وإن كانت قد تنصب به وهو مؤخر . ومن ذلك قول الشاعر :يا أيها المائح دلوي دونكا! إني رأيت الناس يحمدونكا!فأغرى ب "دونك " ، وهي مؤخرة ، وإنما معناه : دونك دلوي . فذلك قول لبيد :إلى الحول ثم اسم السلام عليكمايعني : عليكما اسم السلام ، أي : الزما ذكر الله ودعا ذكري والوجد بي ، لأن من بكى حولا على امرئ ميت فقد اعتذر . فهذا أحد وجهيه . [ ص: 121 ]والوجه الآخر منهما : ثم تسميتي الله عليكما ، كما يقول القائل للشيء يراه فيعجبه : "اسم الله عليك " يعوذه بذلك من السوء ، فكأنه قال : ثم اسم الله عليكما من السوء ، وكأن الوجه الأول أشبه المعنيين بقول لبيد .ويقال لمن وجه بيت لبيد هذا إلى أن معناه : ثم السلام عليكما ، أترى ما قلنا - من هذين الوجهين - جائزا ، أو أحدهما ، أو غير ما قلت فيه ؟فإن قال : لا ! أبان مقداره من العلم بتصاريف وجوه كلام العرب ، وأغنى خصمه عن مناظرته .وإن قال : بلى !قيل له : فما برهانك على صحة ما ادعيت من التأويل أنه الصواب ، دون الذي ذكرت أنه محتمله - من الوجه الذي يلزمنا تسليمه لك ؟ ولا سبيل إلى ذلك .وأما الخبر الذي : -140 - حدثنا به إسماعيل بن الفضل ، قال : حدثنا إبراهيم بن العلاء بن الضحاك وهو يلقب بزبريق قال : حدثنا إسماعيل بن عياش ، عن إسماعيل بن يحيى ، عن ابن أبي مليكة ، عمن حدثه ، عن ابن مسعود - ومسعر بن كدام ، عن عطية ، عن أبي سعيد - قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن عيسى ابن مريم أسلمته أمه إلى الكتاب ليعلمه ، فقال له المعلم : اكتب "بسم " فقال له عيسى : وما "بسم " ؟ فقال له المعلم : ما أدري ! فقال عيسى : الباء بهاء الله ، والسين : سناؤه ، والميم : مملكته . [ ص: 122 ]فأخشى أن يكون غلطا من المحدث ، وأن يكون أراد ب س م ، على سبيل ما يعلم المبتدئ من الصبيان في الكتاب حروف أبي جاد ، فغلط بذلك ، فوصله ، فقال : "بسم " ، لأنه لا معنى لهذا التأويل إذا تلي "بسم الله الرحمن الرحيم " ، على ما يتلوه القارئ في كتاب الله ، لاستحالة معناه على المفهوم به عند جميع العرب وأهل لسانها ، إذا حمل تأويله على ذلك .القول في تأويل قوله جل ثناؤه : ( الله ) .قال أبو جعفر : وأما تأويل قول الله تعالى ذكره "الله " ، فإنه على معنى ما روي لنا عن عبد الله بن عباس - : هو الذي يألهه كل شيء ، ويعبده كل خلق . [ ص: 123 ]141 - وذلك أن أبا كريب حدثنا ، قال : حدثنا عثمان بن سعيد ، قال : حدثنا بشر بن عمارة ، قال : حدثنا أبو روق ، عن الضحاك ، عن عبد الله بن عباس ، قال : "الله " ذو الألوهية والمعبودية على خلقه أجمعين .فإن قال لنا قائل : فهل لذلك في "فعل ويفعل " أصل كان منه بناء هذا الاسم ؟قيل : أما سماعا من العرب فلا ولكن استدلالا .فإن قال : وما دل على أن الألوهية هي العبادة ، وأن الإله هو المعبود ، وأن له أصلا في "فعل ويفعل " .قيل : لا تمانع بين العرب في الحكم لقول القائل - يصف رجلا بعبادة ، وبطلب ما عند الله جل ذكره : "تأله فلان " - بالصحة ولا خلاف . ومن ذلك قول رؤبة بن العجاج :لله در الغانيات المده سبحن واسترجعن من تألهييعني : من تعبدي وطلبي الله بعملي .ولا شك أن "التأله " ، التفعل من : "أله يأله " ، وأن معنى "أله " - إذا نطق به : - عبد الله . وقد جاء منه مصدر يدل على أن العرب قد نطقت منه ب "فعل يفعل " بغير زيادة .142 - وذلك ما حدثنا به سفيان بن وكيع ، قال حدثنا أبي ، عن نافع بن عمر ، عن عمرو بن دينار ، عن ابن عباس : أنه قرأ " ويذرك وآلهتك " سورة الأعراف : 127 قال : عبادتك ، ويقال : إنه كان يعبد ولا يعبد . [ ص: 124 ]143 - حدثنا سفيان ، قال : حدثنا ابن عيينة ، عن عمرو بن دينار ، عن محمد بن عمرو بن الحسن ، عن ابن عباس : ( ويذرك وآلهتك ) ، قال : إنما كان فرعون يعبد ولا يعبدوكذلك كان عبد الله يقرؤها ومجاهد .144 - حدثنا القاسم قال : حدثنا الحسين بن داود ، قال : أخبرني حجاج ، عن ابن جريج ، عن مجاهد : قوله " ويذرك وآلهتك " قال : وعبادتك ولا شك أن الإلاهة - على ما فسره ابن عباس ومجاهد - مصدر من قول القائل : أله الله فلان إلاهة ، كما يقال : عبد الله فلان عبادة ، وعبر الرؤيا عبارة . فقد بين قول ابن عباس ومجاهد هذا : أن "أله " عبد ، وأن "الإلاهة " مصدره .فإن قال : فإن كان جائزا أن يقال لمن عبد الله : ألهه - على تأويل قول ابن عباس ومجاهد - فكيف الواجب في ذلك أن يقال ، إذا أراد المخبر الخبر عن استيجاب الله ذلك على عبده ؟ [ ص: 125 ]قيل : أما الرواية فلا رواية فيه عندنا ، ولكن الواجب - على قياس ما جاء به الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي : -145 - حدثنا به إسماعيل بن الفضل ، حدثنا إبراهيم بن العلاء ، قال : حدثنا إسماعيل بن عياش ، عن إسماعيل بن يحيى ، عن ابن أبي مليكة ، عمن حدثه عن ابن مسعود - ومسعر بن كدام ، عن عطية العوفي ، عن أبي سعيد - قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن عيسى أسلمته أمه إلى الكتاب ليعلمه فقال له المعلم اكتب "الله " فقال له عيسى : "أتدري ما الله ؟ الله إله الآلهة " .- أن يقال ، الله جل جلاله أله العبد ، والعبد ألهه . وأن يكون قول القائل "الله " - من كلام العرب أصله "الإله " .فإن قال : وكيف يجوز أن يكون ذلك كذلك ، مع اختلاف لفظيهما ؟قيل : كما جاز أن يكون قوله : ( لكنا هو الله ربي ) [ سورة الكهف : 38 ] أصله : لكن أنا ، هو الله ربي ، كما قال الشاعر :وترمينني بالطرف ، أي أنت مذنب وتقلينني ، لكن إياك لا أقلييريد : لكن أنا إياك لا أقلي ، فحذف الهمزة من "أنا " فالتقت نون "أنا " "ونون "لكن " وهي ساكنة ، فأدغمت في نون "أنا " فصارتا نونا مشددة . فكذلك "الله " أصله "الإله " ، أسقطت الهمزة التي هي فاء الاسم ، فالتقت اللام التي هي عين الاسم ، واللام الزائدة التي دخلت مع الألف الزائدة وهي ساكنة ، فأدغمت في [ ص: 126 ] الأخرى التي هي عين الاسم ، فصارتا في اللفظ لاما واحدة مشددة ، كما وصفنا من قول الله ( لكنا هو الله ربي ) .القول في تأويل قوله جل ثناؤه : ( الرحمن الرحيم ) .قال أبو جعفر : وأما " الرحمن " ، فهو فعلان ، من رحم ، و "الرحيم " فعيل منه . والعرب كثيرا ما تبني الأسماء من "فعل يفعل " على "فعلان " ، كقولهم من غضب : غضبان ، ومن سكر : سكران ، ومن عطش : عطشان . فكذلك قولهم "رحمن " من رحم ، لأن "فعل " منه : رحم يرحم . وقيل "رحيم " ، وإن كانت عين "فعل " منها مكسورة ، لأنه مدح . ومن شأن العرب أن يحملوا أبنية الأسماء - إذا كان فيها مدح أو ذم - على "فعيل " ، وإن كانت عين "فعل " منها مكسورة أو مفتوحة ، كما قالوا من "علم " عالم وعليم ، ومن "قدر " قادر وقدير . وليس ذلك منها بناء على أفعالها ، لأن البناء من "فعل يفعل " و "فعل يفعل " فاعل . فلو كان "الرحمن والرحيم " خارجين على بناء أفعالهما لكانت صورتهما "الراحم " .فإن قال قائل : فإذا كان الرحمن والرحيم اسمين مشتقين من الرحمة ، فما وجه تكرير ذلك ، وأحدهما مؤد عن معنى الآخر ؟قيل له : ليس الأمر في ذلك على ما ظننت ، بل لكل كلمة منهما معنى لا تؤدي الأخرى منهما عنها .فإن قال : وما المعنى الذي انفردت به كل واحدة منهما ، فصارت إحداهما غير مؤدية المعنى عن الأخرى ؟قيل : أما من جهة العربية ، فلا تمانع بين أهل المعرفة بلغات العرب ، أن قول القائل : "الرحمن " - عن أبنية الأسماء [ ص: 127 ] من "فعل يفعل " - أشد عدولا من قوله "الرحيم " . ولا خلاف مع ذلك بينهم ، أن كل اسم كان له أصل في "فعل يفعل " - ثم كان عن أصله من "فعل يفعل " أشد عدولا - أن الموصوف به مفضل على الموصوف بالاسم المبني على أصله من "فعل يفعل " ، إذا كانت التسمية به مدحا أو ذما . فهذا ما في قول القائل "الرحمن " ، من زيادة المعنى على قوله "الرحيم " في اللغة .وأما من جهة الأثر والخبر ، ففيه بين أهل التأويل اختلاف : -146 - فحدثني السري بن يحيى التميمي ، قال : حدثنا عثمان بن زفر ، قال : سمعت العرزمي يقول : "الرحمن الرحيم " ، قال : الرحمن بجميع الخلق ، "الرحيم" قال : بالمؤمنين .147 - حدثنا إسماعيل بن الفضل ، قال : حدثنا إبراهيم بن العلاء ، قال : حدثنا إسماعيل بن عياش ، عن إسماعيل بن يحيى ، عن ابن أبي مليكة ، عمن حدثه ، عن ابن مسعود - ومسعر بن كدام ، عن عطية العوفي ، عن أبي سعيد - يعني الخدري - قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن عيسى ابن مريم قال : الرحمن رحمن الآخرة والدنيا ، والرحيم رحيم الآخرة " .فهذان الخبران قد أنبآ عن فرق ما بين تسمية الله جل ثناؤه باسمه الذي هو "رحمن " ، وتسميته باسمه الذي هو "رحيم " ، واختلاف معنى الكلمتين - وإن اختلفا في معنى ذلك الفرق ، فدل أحدهما على أن ذلك في الدنيا ، ودل الآخر على أنه في الآخرة .فإن قال : فأي هذين التأويلين أولى عندك بالصحة ؟ [ ص: 128 ]قيل : لجميعهما عندنا في الصحة مخرج ، فلا وجه لقول قائل : أيهما أولى بالصحة ؟ وذلك أن المعنى الذي في تسمية الله بالرحمن ، دون الذي في تسميته بالرحيم : هو أنه بالتسمية بالرحمن موصوف بعموم الرحمة جميع خلقه ، وأنه بالتسمية بالرحيم موصوف بخصوص الرحمة بعض خلقه ، إما في كل الأحوال ، وإما في بعض الأحوال . فلا شك - إذا كان ذلك كذلك - أن ذلك الخصوص الذي في وصفه بالرحيم لا يستحيل عن معناه ، في الدنيا كان ذلك أو في الآخرة ، أو فيهما جميعا .فإذا كان صحيحا ما قلنا من ذلك - وكان الله جل ثناؤه قد خص عباده المؤمنين في عاجل الدنيا بما لطف بهم من توفيقه إياهم لطاعته ، والإيمان به وبرسله ، واتباع أمره واجتناب معاصيه ، مما خذل عنه من أشرك به ، وكفر وخالف ما أمره به ، وركب معاصيه; وكان مع ذلك قد جعل ، جل ثناؤه ، ما أعد في آجل الآخرة في جناته من النعيم المقيم والفوز المبين ، لمن آمن به ، وصدق رسله ، وعمل بطاعته ، خالصا ، دون من أشرك وكفر به - كان بينا أن الله قد خص المؤمنين من رحمته في الدنيا والآخرة ، مع ما قد عمهم به والكفار في الدنيا من الإفضال والإحسان إلى جميعهم ، في البسط في الرزق ، وتسخير السحاب بالغيث ، وإخراج النبات من الأرض ، وصحة الأجسام والعقول ، وسائر النعم التي لا تحصى ، التي يشترك فيها المؤمنون والكافرون .فربنا جل ثناؤه رحمن جميع خلقه في الدنيا والآخرة ، ورحيم المؤمنين خاصة في الدنيا والآخرة . فأما الذي عم جميعهم به في الدنيا من رحمته فكان رحمانا لهم به ، فما ذكرنا مع نظائره التي لا سبيل إلى إحصائها لأحد من خلقه ، كما قال جل ثناؤه : ( وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها ) [ سورة إبراهيم : 34 ، وسورة النحل : 18 ] .وأما في الآخرة ، فالذي عم جميعهم به فيها من رحمته ، فكان لهم رحمانا ، تسويته [ ص: 129 ] بين جميعهم جل ذكره في عدله وقضائه ، فلا يظلم أحدا منهم مثقال ذرة ، وإن تك حسنة يضاعفها ويؤت من لدنه أجرا عظيما ، وتوفى كل نفس ما كسبت . فذلك معنى عمومه في الآخرة جميعهم برحمته ، الذي كان به رحمانا في الآخرة .وأما ما خص به المؤمنين في عاجل الدنيا من رحمته ، الذي كان به رحيما لهم فيها ، كما قال جل ذكره : ( وكان بالمؤمنين رحيما ) [ سورة الأحزاب : 43 ] فما وصفنا من اللطف لهم في دينهم ، فخصهم به ، دون من خذله من أهل الكفر به .وأما ما خصهم به في الآخرة ، فكان به رحيما لهم دون الكافرين ، فما وصفنا آنفا مما أعد لهم دون غيرهم من النعيم ، والكرامة التي تقصر عنها الأماني .وأما القول الآخر في تأويله فهو ما : -148 - حدثنا به أبو كريب ، قال : حدثنا عثمان بن سعيد ، قال : حدثنا بشر بن عمارة ، قال : حدثنا أبو روق ، عن الضحاك ، عن عبد الله بن عباس ، قال : الرحمن ، الفعلان من الرحمة ، وهو من كلام العرب . قال : الرحمن الرحيم : الرقيق الرفيق بمن أحب أن يرحمه ، والبعيد الشديد على من أحب أن يعنف عليه . وكذلك أسماؤه كلها .وهذا التأويل من ابن عباس ، يدل على أن الذي به ربنا رحمن ، هو الذي به رحيم ، وإن كان لقوله "الرحمن " من المعنى ، ما ليس لقوله "الرحيم " . لأنه جعل معنى "الرحمن " بمعنى الرقيق على من رق عليه ، ومعنى "الرحيم " بمعنى الرفيق بمن رفق به .والقول الذي رويناه في تأويل ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم وذكرناه عن العرزمي ، أشبه بتأويله من هذا القول الذي رويناه عن ابن عباس . وإن [ ص: 130 ] كان هذا القول موافقا معناه معنى ذلك ، في أن للرحمن من المعنى ما ليس للرحيم ، وأن للرحيم تأويلا غير تأويل الرحمن .والقول الثالث في تأويل ذلك ما : -149 - حدثني به عمران بن بكار الكلاعي ، قال : حدثنا يحيى بن صالح ، قال : حدثنا أبو الأزهر نصر بن عمرو اللخمي من أهل فلسطين ، قال : سمعت عطاء الخراساني يقول : كان الرحمن ، فلما اختزل الرحمن من اسمه كان الرحمن الرحيم .والذي أراد ، إن شاء الله ، عطاء بقوله هذا : أن الرحمن كان من أسماء الله التي لا يتسمى بها أحد من خلقه ، فلما تسمى به الكذاب مسيلمة - وهو اختزاله إياه ، يعني اقتطاعه من أسمائه لنفسه - أخبر الله جل ثناؤه أن اسمه "الرحمن الرحيم " ليفصل بذلك لعباده اسمه من اسم من قد تسمى بأسمائه ، إذ كان لا يسمى أحد "الرحمن الرحيم " ، فيجمع له هذان الاسمان ، غيره جل ذكره . وإنما يتسمى بعض خلقه إما رحيما ، أو يتسمى رحمن . فأما "رحمن رحيم " ، فلم يجتمعا قط لأحد سواه ، ولا يجمعان لأحد غيره . فكأن معنى قول عطاء هذا : أن الله جل ثناؤه إنما فصل بتكرير الرحيم على الرحمن ، بين اسمه واسم غيره من خلقه ، اختلف معناهما أو اتفقا .والذي قال عطاء من ذلك غير فاسد المعنى ، بل جائز أن يكون جل ثناؤه خص نفسه بالتسمية بهما معا مجتمعين ، إبانة لها من خلقه ، ليعرف عباده بذكرهما مجموعين أنه المقصود بذكرهما دون من سواه من خلقه ، مع ما في تأويل كل واحد منهما من المعنى الذي ليس في الآخر منهما . [ ص: 131 ]وقد زعم بعض أهل الغباء أن العرب كانت لا تعرف "الرحمن " ، ولم يكن ذلك في لغتها ولذلك قال المشركون للنبي صلى الله عليه وسلم : ( وما الرحمن أنسجد لما تأمرنا ) [ سورة الفرقان : 60 ] ، إنكارا منهم لهذا الاسم ، كأنه كان محالا عنده أن ينكر أهل الشرك ما كانوا عالمين بصحته ، أو : لا ، وكأنه لم يتل من كتاب الله قول الله ( الذين آتيناهم الكتاب يعرفونه ) - يعني محمدا - ( كما يعرفون أبناءهم ) [ سورة البقرة : 146 ] وهم مع ذلك به مكذبون ، ولنبوته جاحدون! فيعلم بذلك أنهم قد كانوا يدافعون حقيقة ما قد ثبت عندهم صحته ، واستحكمت لديهم معرفته . وقد أنشد لبعض الجاهلية الجهلاء :ألا ضربت تلك الفتاة هجينها ألا قضب الرحمن ربي يمينهاوقال سلامة بن جندل السعدي :عجلتم علينا عجلتينا عليكم وما يشأ الرحمن يعقد ويطلق[ ص: 132 ]وقد زعم أيضا بعض من ضعفت معرفته بتأويل أهل التأويل ، وقلت روايته لأقوال السلف من أهل التفسير ، أن "الرحمن " مجازه : ذو الرحمة ، و "الرحيم " مجازه : الراحم ، ثم قال : قد يقدرون اللفظين من لفظ والمعنى واحد ، وذلك لاتساع الكلام عندهم . قال : وقد فعلوا مثل ذلك فقالوا : ندمان ونديم ، ثم استشهد ببيت برج بن مسهر الطائي :وندمان يزيد الكأس طيبا ، سقيت وقد تغورت النجومواستشهد بأبيات نظائره في النديم والندمان ، ففرق بين معنى الرحمن والرحيم في التأويل لقوله : الرحمن ذو الرحمة ، والرحيم الراحم ، وإن كان قد ترك بيان تأويل معنييهما على صحته . ثم مثل ذلك باللفظين يأتيان بمعنى واحد ، فعاد إلى ما قد جعله بمعنيين ، فجعله مثال ما هو بمعنى واحد مع اختلاف الألفاظ .ولا شك أن ذا الرحمة هو الذي ثبت أن له الرحمة ، وصح أنها له صفة; وأن الراحم هو الموصوف بأنه سيرحم ، أو قد رحم فانقضى ذلك منه ، أو هو فيه .ولا دلالة له فيه حينئذ أن الرحمة له صفة ، كالدلالة على أنها له صفة ، إذا وصف بأنه ذو الرحمة . فأين معنى "الرحمن الرحيم " على تأويله ، من معنى الكلمتين تأتيان مقدرتين من لفظ واحد باختلاف الألفاظ واتفاق المعاني ؟ ولكن القول إذا كان غير أصل معتمد عليه ، كان واضحا عواره .وإن قال لنا قائل : ولم قدم اسم الله الذي هو "الله " ، على اسمه الذي هو "الرحمن " ، واسمه الذي هو "الرحمن " ، على اسمه الذي هو "الرحيم " ؟قيل : لأن من شأن العرب ، إذا أرادوا الخبر عن مخبر عنه ، أن يقدموا اسمه ، ثم يتبعوه صفاته ونعوته . وهذا هو الواجب في الحكم : أن يكون الاسم مقدما قبل نعته وصفته ، ليعلم السامع الخبر ، عمن الخبر . فإذا كان ذلك كذلك - [ ص: 133 ] وكان لله جل ذكره أسماء قد حرم على خلقه أن يتسموا بها ، خص بها نفسه دونهم ، وذلك مثل "الله " و "الرحمن " و "الخالق "; وأسماء أباح لهم أن يسمي بعضهم بعضا بها ، وذلك : كالرحيم والسميع والبصير والكريم ، وما أشبه ذلك من الأسماء - كان الواجب أن تقدم أسماؤه التي هي له خاصة دون جميع خلقه ، ليعرف السامع ذلك من توجه إليه الحمد والتمجيد ، ثم يتبع ذلك بأسمائه التي قد تسمى بها غيره ، بعد علم المخاطب أو السامع من توجه إليه ما يتلو ذلك من المعاني . فبدأ الله جل ذكره باسمه لأن الألوهية ليست لغيره جل ثناؤه من وجه من الوجوه ، لا من جهة التسمي به ، ولا من جهة المعنى . وذلك أنا قد بينا أن معنى "الله " تعالى ذكره المعبود ، ولا معبود غيره جل جلاله ، وأن التسمي به قد حرمه الله جل ثناؤه ، وإن قصد المتسمي به ما يقصد المتسمي بسعيد وهو شقي ، وبحسن وهو قبيح .أولا ترى أن الله جل جلاله قال في غير آية من كتابه : ( أإله مع الله ) فاستكبر ذلك من المقر به ، وقال تعالى في خصوصه نفسه بالله وبالرحمن : ( قل ادعوا الله أو ادعوا الرحمن أيا ما تدعوا فله الأسماء الحسنى ) [ سورة الإسراء : 110 ] . ثم ثنى باسمه ، الذي هو الرحمن ، إذ كان قد منع أيضا خلقه التسمي به ، وإن كان من خلقه من قد يستحق تسميته ببعض معانيه . وذلك أنه قد يجوز وصف كثير ممن هو دون الله من خلقه ، ببعض صفات الرحمة . وغير جائز أن يستحق بعض الألوهية أحد دونه . فلذلك جاء الرحمن ثانيا لاسمه الذي هو "الله " .وأما اسمه الذي هو "الرحيم " فقد ذكرنا أنه مما هو جائز وصف غيره به . والرحمة من صفاته جل ذكره ، فكان - إذ كان الأمر على ما وصفنا - واقعا مواقع نعوت الأسماء اللواتي هن توابعها ، بعد تقدم الأسماء عليها . فهذا وجه تقديم اسم الله [ ص: 133 ] الذي هو "الله " ، على اسمه الذي هو "الرحمن " ، واسمه الذي هو "الرحمن " على اسمه الذي هو "الرحيم " .وقد كان الحسن البصري يقول في "الرحمن " مثل ما قلنا ، أنه من أسماء الله التي منع التسمي بها العباد .150 - حدثنا محمد بن بشار ، قال : حدثنا حماد بن مسعدة ، عن عوف ، عن الحسن ، قال : "الرحمن " اسم ممنوع .مع أن في إجماع الأمة من منع التسمي به جميع الناس ، ما يغني عن الاستشهاد على صحة ما قلنا في ذلك بقول الحسن وغيره
یٰۤاَیُّهَا النَّاسُ اتَّقُوْا رَبَّكُمُ الَّذِیْ خَلَقَكُمْ مِّنْ نَّفْسٍ وَّاحِدَةٍ وَّ خَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَ بَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِیْرًا وَّ نِسَآءًۚ-وَ اتَّقُوا اللّٰهَ الَّذِیْ تَسَآءَلُوْنَ بِهٖ وَ الْاَرْحَامَؕ-اِنَّ اللّٰهَ كَانَ عَلَیْكُمْ رَقِیْبًا(۱)
اے لوگو ! (ف۲) اپنے رب سے ڈرو جس نے تمہیں ایک جان سے پیدا کیا (ف۳) اور اسی میں سے اس کا جوڑا بنایا اور ان دونوں سے بہت سے مرد و عورت پھیلا دیئے اور اللہ سے ڈرو جس کے نام پر مانگتے ہو اور رشتوں کا لحاظ رکھو (ف۴) بیشک اللہ ہر وقت تمہیں دیکھ رہا ہے،
القول في تأويل قوله عز وجل : يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍقال أبو جعفر: يعني بقوله تعالى ذكره: " يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة "، احذروا، أيها الناس، ربكم في أن تخالفوه فيما أمركم وفيما نهاكم، فيحلّ بكم من عقوبته ما لا قِبَل لكم به.ثم وصف تعالى ذكره نفسه بأنه المتوحِّد بخلق جميع الأنام من شخص واحد، مُعَرِّفًا عباده كيف كان مُبتدأ إنشائه ذلك من النفس الواحدة، (1) ومنبِّهَهم بذلك على أن جميعهم بنو رجل واحد وأم واحدة= وأن بعضهم من بعض، وأن حق بعضهم على بعض واجبٌ وجوبَ حق الأخ على أخيه، لاجتماعهم في النسب إلى أب واحد وأم واحدة= وأن الذي يلزمهم من رعاية بعضهم حق بعض، وإن بَعُدَ التلاقي في النسب إلى الأب الجامع بينهم، مثل الذي يلزمهم من ذلك في النسب الأدنى= (2) وعاطفًا بذلك بعضهم على بعض، ليتناصفوا ولا يتظالموا، وليبذُل القوي من نفسه للضعيف حقه بالمعروف على ما ألزمه الله له، فقال: " الذي خلقكم من نفس واحدة "، يعني: من آدم، كما:-8400 - حدثنا محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن مفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي: أمّا " خلقكم من نفس واحدة "، فمن آدم عليه السلام. (3)8401 - حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد بن زريع قال، حدثنا سعيد، عن قتادة قوله: " يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة "، يعني آدم صلى الله عليه. (4)8402 - حدثنا سفيان بن وكيع قال، حدثنا أبي، عن سفيان، عن رجل، عن مجاهد: " خلقكم من نفس واحدة "، قال: آدم.* * *ونظير قوله: " من نفس واحدة "، والمعنيُّ به رجل، قول الشاعر.أَبُوكَ خَلِيفَةٌ وَلدَتْهُ أُخْرَىوَأَنْتَ خَلِيفَةٌ, ذَاكَ الكَمَالُ (5)فقال،" ولدته أخرى "، وهو يريد " الرجل "، فأنّث للفظ " الخليفة ". وقال تعالى ذكره: " من نفس واحدة " لتأنيث " النفس "، والمعنى: من رجل واحد. ولو قيل: " من نفس واحد "، وأخرج اللفظ على التذكير للمعنى، كان صوابًا. (6)* * *القول في تأويل قوله جل ثناؤه : وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالا كَثِيرًا وَنِسَاءًقال أبو جعفر: يعني بقوله جل ثناؤه: " وخلق منها زوجها "، وخلق من النفس الواحدة زوجها= يعني ب" الزوج "، الثاني لها. (7) وهو فيما قال أهل التأويل، امرأتها حواء.* ذكر من قال ذلك:8403 - حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد في قوله: " وخلق منها زوجها "، قال: حواء، من قُصَيري آدم وهو نائم، (8) فاستيقظ فقال: " أثا "= بالنبطية، امرأة.8404 - حدثنا المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد مثله.8405 - حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة: " وخلق منها زوجها "، يعني حواء، خلقت من آدم، من ضِلَع من أضلاعه.8406 - حدثني موسى بن هارون قال، أخبرنا عمرو بن حماد قال، حدثنا أسباط، عن السدي قال: أسكن آدمَ الجنة، فكان يمشي فيها وَحْشًا ليس له زوج يسكن إليها. (9) فنام نومةً، فاستيقظ، فإذا عند رأسه امرأة قاعدة، خلقها الله من ضلعه، فسألها ما أنت؟ قالت: امرأة. قال: ولم خلقت؟ قالت: لتسكن إليّ. (10)8407 - حدثنا ابن حميد قال، حدثنا سلمة، عن ابن إسحاق قال: ألقي على آدم صلى الله عليه وسلم السَّنة -فيما بلغنا عن أهل الكتاب من أهل التوراة وغيرهم من أهل العلم، عن عبدالله بن العباس وغيره- ثم أخذ ضِلَعًا من أضلاعه، من شِقٍّه الأيسر، ولأم مكانه، (11) وآدم نائمٌ لم يهبَّ من نومته، حتى خلق الله تبارك وتعالى من ضِلَعه تلك زوجته حواء، فسوَّاها امرأة ليسكن إليها، فلما كُشِفت عنه السِّنة وهبَّ من نومته، رآها إلى جنبه، فقال -فيما يزعمون، والله أعلم-: لحمي ودمي وزوجتي! فسكن إليها. (12)8408 - حدثني محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن المفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي: " وخلق منها زوجها ". جعل من آدم حواء.* * *وأما قوله: " وبثَّ منهما رجالا كثيرًا ونساء "، فإنه يعني: ونشر منهما، يعني من آدم وحواء=" رجالا كثيرًا ونساء "، قد رآهم، كما قال جل ثناؤه: كَالْفَرَاشِ الْمَبْثُوثِ [سورة القارعة: 4]. (13)* * *يقال منه: " بثَّ الله الخلق، وأبثهم ". (14)* * *وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.* ذكر من قال ذلك:8409 - حدثنا محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن المفضل، قال، حدثنا أسباط، عن السدي: " وبث منهما رجالا كثيرًا ونساء "، وبثَّ، خلق.* * *القول في تأويل قوله جل ثناؤه : وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَقال أبو جعفر: اختلفت القرأة في قراءة ذلك.فقرأه عامة قرأة أهل المدينة والبصرة: " تَسَّاءَلونَ" بالتشديد، بمعنى: تتساءلون، ثم أدغم إحدى " التاءين " في" السين "، فجعلهما " سينًا " مشددة.* * *وقرأه بعض قرأة الكوفة: " تَسَاءَلُونَ"، بالتخفيف، على مثال " تفاعلون "،* * *وهما قراءتان معروفتان، ولغتان فصيحتان= أعني التخفيف والتشديد في قوله: " تساءلون به "= وبأيِّ ذلك قرأ القارئ أصابَ الصواب فيه. لأن معنى ذلك، بأيّ وجهيه قرئ، غير مختلف.* * *وأما تأويله: واتقوا الله، أيها الناس، الذي إذا سأل بعضكم بعضًا سأل به، فقال السائل للمسئول: " أسألك بالله، وأنشدك بالله، وأعزِم عليك بالله "، وما أشبه ذلك. يقول تعالى ذكره: فكما تعظّمون، أيها الناس، رّبكم بألسنتكم حتى تروا أنّ من أعطاكم عهده فأخفركموه، (15) فقد أتى عظيمًا. فكذلك فعظّموه بطاعتكم إياه فيما أمركم، واجتنابكم ما نهاكم عنه، واحذروا عقابه من مخالفتكم إياه فيما أمركم به أو نهاكم عنه، كما:-8410 - حدثني المثنى قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا أبو زهير، عن جويبر، عن الضحاك في قوله: " واتقوا الله الذي تساءلون به "، قال يقول: اتقوا الله الذي تعاقدون وتعاهدون به.8411 - حدثني المثنى قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا ابن أبي جعفر، عن أبيه، عن الربيع: " واتقوا الله الذي تساءلون به "، يقول: اتقوا الله الذي به تعاقدون وتعاهدون.8412 - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن أبي جعفر، عن أبيه، عن الربيع بن أنس مثله.8413 - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، أخبرنا حجاج، عن ابن جريج قال، قال ابن عباس: " تساءلون به "، قال: تعاطفون به.* * *وأما قوله: " والأرحام "، فإن أهل التأويل اختلفوا في تأويله. فقال بعضهم: معناه: واتقوا الله الذي إذا سألتم بينكم قال السائل للمسئول: " أسألك به وبالرّحِم "ذكر من قال ذلك:8414 - حدثنا ابن حميد قال، حدثنا حكام، عن عمرو، عن منصور، عن إبراهيم: " اتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام "، يقول: اتقوا الله الذي تعاطفون به والأرحام. يقول: الرجل يسأل بالله وبالرَّحم.8415 - حدثني يعقوب بن إبراهيم قال، حدثنا هشيم، عن مغيرة، عن إبراهيم قال: هو كقول الرجل: " أسألك بالله، أسألك بالرحم "، يعني قوله: " واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام ".8416 - حدثنا محمد بن بشار قال، حدثنا عبد الرحمن قال، حدثنا سفيان، عن منصور، عن إبراهيم: " اتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام "، قال يقول: " أسألك بالله وبالرحم ".8417 - حدثنا أبو كريب قال، حدثنا هشيم، عن مغيرة، عن إبراهيم: هو كقول الرجل: " أسألك بالرحم ".8418 - حدثنا ابن بشار قال، حدثنا عبد الرحمن قال، حدثنا سفيان، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: " اتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام "، قال يقول: " أسألك بالله وبالرحم ".8419 - حدثني المثنى قال، حدثنا الحماني قال، حدثنا شريك، عن منصور -أو مغيرة- عن إبراهيم في قوله: " واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام "، قال: هو قول الرجل: " أسألك بالله والرحم ".8420 - حدثني المثنى قال، حدثنا سويد قال، أخبرنا ابن المبارك، عن معمر، عن الحسن قال: هو قول الرجل: " أنشدك بالله والرحم ".* * *قال محمد: (16) وعلى هذا التأويل قول بعض من قرأ قوله: " وَالأرْحَامِ" بالخفض عطفًا ب" الأرحام "، على " الهاء " التي في قوله: " به "، كأنه أراد: واتقوا الله الذي تساءلون به وبالأرحام= فعطف بظاهر على مكنيّ مخفوض. وذلك غير فصيح من الكلام عند العرب، لأنها لا تَنسُق بظاهر على مكني في الخفض، (17) إلا في ضرورة شعر، وذلك لضيق الشعر. (18) وأما الكلام، فلا شيء يضطر المتكلم إلى اختيار المكروه من المنطق، والرديء في الإعراب منه. ومما جاء في الشعر من ردّ ظاهر على مكنيّ في حال الخفض، قول الشاعر: (19)نُعَلِّقُ فِي مِثْلِ السَّوَارِي سُيُوفَنَاوَمَا بَيْنَهَا والكَعْبِ غُوطٌ نَفَانِفُ (20)فعطف ب" الكعب " وهو ظاهر، على " الهاء والألف " في قوله: " بينها " وهي مكنية.* * *وقال آخرون: تأويل ذلك:واتقوا الله الذي تساءلون به، واتقوا الأرحام أن تقطعوها.* ذكر من قال ذلك:8421 - حدثنا محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن المفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي في قوله: " واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام "، يقول: اتقوا الله، واتقوا الأرحام لا تقطعوها.8422 - حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد عن قتادة: " واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إنّ الله كان عليكم رقيبًا "، ذكر لنا أن نبي الله صلى الله عليه وسلم كان يقول: اتقوا الله، وصلُوا الأرحام، فإنه أبقى لكم في الدنيا، وخير لكم في الآخرة.8423 - حدثني علي بن داود قال، حدثنا عبدالله بن صالح قال، حدثني معاوية بن صالح، عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس في قول الله: " واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام "، يقول: اتقوا الله الذي تساءلون به، واتقوا الله في الأرحام فصِلُوها.8424 - حدثنا أبو كريب قال، حدثنا هشيم، عن منصور، عن الحسن في قوله: " واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام "، قال: اتقوا الذي تساءلون به، واتقوه في الأرحام.8425 - حدثنا سفيان قال، حدثنا أبي، عن سفيان، عن خصيف، عن عكرمة في قول الله: " الذي تساءلون به والأرحام "، قال: اتقوا الأرحام أن تقطعوها.8426 - حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر، عن الحسن في قوله: " واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام "، قال: هو قول الرجل: " أنشدك بالله والرَّحم ".8427 - حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر، عن قتادة أنّ النبي صلى الله عليه وسلم قال: اتقوا الله، وصلوا الأرحام.8428 - حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: " الذي تساءلون به والأرحام "، قال: اتقوا الأرحام أن تقطعوها.8429 - حدثني المثنى قال، حدثنا إسحاق قال، حدثني أبو زهير، عن جويبر، عن الضحاك في قوله: " الذي تساءلون به والأرحام "، قال يقول: اتقوا الله في الأرحام فصلوها.8430 - حدثني المثنى قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا ابن أبي جعفر، عن أبيه، عن الربيع: " واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام "، قال يقول: واتقوا الله في الأرحام فصلوها.8431 - حدثنا المثنى قال، حدثنا إسحاق، عن عبد الرحمن بن أبي حماد، وأخبرنا أبو جعفر الخزاز، عن جويبر، عن الضحاك: أن ابن عباس كان يقرأ: " والأرحام "، يقول: اتقوا الله لا تقطعوها.8432 - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج قال، قال ابن عباس: اتقوا الأرحام.8433 - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن أبي جعفر، عن أبيه، عن الربيع قال،" واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام "، أن تقطعوها.8434 - حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد في قوله: " واتقوا الله الذي تساءلون به "، واتقوا الأرحام أن تقطعوها= وقرأ: وَالَّذِينَ يَصِلُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ [سورة الرعد: 21].* * *قال أبو جعفر: وعلى هذا التأويل قرأ ذلك من قرأه نصبًا بمعنى: واتقوا الله الذي تساءلون به، واتقوا الأرحام أن تقطعوها= عطفًا ب" الأرحام "، في إعرابها بالنصب على اسم الله تعالى ذكره.قال: والقراءة التي لا نستجيز لقارئٍ أن يقرأ غيرها في ذلك، (21) النصب: ( وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأرْحَامَ )، بمعنى: واتقوا الأرحام أن تقطعوها، لما قد بينا أن العرب لا تعطف بظاهرٍ من الأسماء على مكنيّ في حال الخفض، إلا في ضرورة شعر، على ما قد وصفت قبل. (22)* * *القول في تأويل قوله : إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا (1)قال أبو جعفر: يعني بذلك تعالى ذكره: إنّ الله لم يزل عليكم رقيبًا.* * *ويعني بقوله: " عليكم "، على الناس الذين قال لهم جل ثناؤه: يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ ، والمخاطب والغائب إذا اجتمعا في الخبر، فإن العرب تخرج الكلام على الخطاب، فتقول: إذا خاطبتْ رجلا واحدًا أو جماعة فعلتْ هي وآخرون غُيَّبٌ معهم فعلا " فعلتم كذا، وصنعتم كذا ".ويعني بقوله: " رقيبًا "، حفيظًا، مُحصيًا عليكم أعمالكم، متفقدًا رعايتكم حرمةَ أرحامكم وصلتكم إياها، وقطعكموها وتضييعكم حرمتها، كما:-8435 - حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: " إن الله كان عليكم رقيبًا "، حفيظًا.8435م - حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، سمعت ابن زيد في قوله: " إن الله كان عليكم رقيبًا "، على أعمالكم، يعلمها ويعرفها.ومنه قول أبي دُؤاد الإيادِيّ:كَمَقَاعِدِ الرُّقَبَاءِ لِلضُّرَبَاءِ أَيْدِيهمْ نَوَاهِدْ (23) ---------------------الهوامش :(1) في المطبوعة والمخطوطة وعرف عباده..." ، واستظهرت من نهج أبي جعفر في بيانه ، ومن قوله بعد: "ومنبههم" ثم قوله: "وعاطفًا" ، على أن الصواب"ومعرفًا" ، وهو مقتضى سياق الكلام بعد ذلك كله.(2) قوله: "وعاطفًا" ، عطف على قوله: "معرفًا عباده... ومنبههم...".(3) في المطبوعة: "صلى الله عليه وسلم" ، وأثبت ما فيه المخطوطة.(4) في المطبوعة: "صلى الله عليه وسلم" ، وأثبت ما في المخطوطة.(5) سلف البيت وتخريجه في 6: 362.(6) هذه مقالة الفراء في معاني القرآن 1: 252.(7) انظر تفسير"الزوج" فيما سلف 1: 514 / 2: 446 ، وأراد بقوله في تفسير"الزوج""الثاني لها" ، أن"الزوج" هو"الفرد الذي له قرين" ، فكل واحد من القرينين ، يقال له: "زوج" ، ثم قيل لامرأة الرجل ، وللرجل صاحب المرأة: "زوج".(8) القصرى (بضم القاف وسكون الصاد وفتح الراء) والقصيري (بضم القاف وفتح الصاد ، على التصغير): أسفل الأضلاع ، أو هي الضلع التي تلي الشاكلة ، بين الجنب والبطن.(9) قوله: "وحشا" ، أي وحده ليس معه غيره.(10) الأثر: 4806- مضى هذا الأثر مطولا برقم: 710 ، وكان في المطبوعة هنا: "لتسكن إلي" باللام في أولها ، وأثبت نص المخطوطة ، وما سلف في الأثر: 710.(11) لأم الشيء لأمًا ، ولاءمه ، فالتأم: أصلحه حتى اجتمع وذهب ما كان فيه من الصدع. وفي روايته في الأثر رقم: 711: "ولأم مكانه لحما".(12) الأثر: 8407- مضى هذا الأثر برقم: 711 ، وتخريجه هناك.(13) انظر معاني القرآن للفراء 1: 252.(14) انظر تفسير"بث" فيما سلف 3: 275.(15) أخفر الذمة والعهد: نقضه وغدره وخاس به ، ولم يف بعهده.(16) قوله: "قال محمد" ، يعني محمد بن جرير الطبري ، أبا جعفر صاحب التفسير. وهذه أول مرة يكتب فيها الطبري ، أو أحد تلامذته ، أو بعض ناسخي تفسيره"قال محمد" ، دون كنيته قال"أبو جعفر". وانظر ما سيأتي ص: 569 ، تعليق: 2.(17) قوله: "تنسق" ، أي تعطف. و"النسق" العطف ، انظر فهارس المصطلحات في هذه الأجزاء من التفسير ، و"المكني" الضمير ، انظر فهارس المصطلحات.(18) هذه مقالة الفراء في معاني القرآن 1: 252 ، 253 ، وقد ذكر هذه القراءة بإسنادها إلى إبراهيم بن يزيد النخعي ، وهي قراءة حمزة وغيره.(19) هو مسكين الدارمي.(20) معاني القرآن للفراء 1: 253 ، الحيوان 6: 493 ، 494 ، الإنصاف: 193 ، الخزانة ، 2: 338 ، العيني (بهامش الخزانة) 4: 164 ، وهو من أبيات ذكرها الجاحظ ، وأتمها العيني ، يمجد نفسه وقومه ، قال:لَقَدْ عَلِمَتْ قَيْسٌ وَخِنْدِفُ أنَّنيبِثَغْرِهِمُ مِنْ عَارِمِ النَّاسِ وَاقِفُوَقَدْ عَلِمُوا أَنْ لَنْ يُبقَّى عَدُوُّهُمْإِذَا قَذَفَتْه في يَدَيّ القَوَاذِفُوأنَّ أبَانَا بِكرُ آدَمَ، فَاعْلَمُوا،وَحَوَّاءَ، قَرْمٌ ذُو عَثَانينَ شَارِفُكَأَنَّ عَلَى خُرْطُومِهِ مُتَهافِتًامِنَ القُطْنِ هَاجَتْهُ الأكُفُ النَّوَادِفُوَللَصَّدَأُ المُسْوَدُّ أَطْيبُ عِنْدَنَامِنَ المِسْكِ، دَافَتْهُ الأَكُفُّ الدَّوَائِفُتُعَلَّقُ في مِثْلِ السَّوَارِي سُيُوفُنَاوما بَيْنَها والكَعْبِ غُوطٌ نفانِفُوَتَضْحَكُ عِرْفَانَ الدرُوع جُلُودُنَاإِذَا جَاء يَوْمٌ مُظْلِمُ اللَّوْن كاسِفُفي أبيات أخر ، ورواية الحيوان: "والكعب منا تنائف" ، وفي الطبري ومعاني القرآن والخزانة"نعلق" بالنون ، وكلتاهما صواب. و"السواري" جمع سارية ، وهي الأسطوانة. و"الغوط" جمع غائط ، وهو المطمئن من الأرض. و"النفانف" جمع نفنف: وهو الهواء بين شيئين ، وكل شيء بينه وبين الأرض مهوي بعيد فهو نفنف.(21) في المخطوطة والمطبوعة: "لا نستجيز القارئ أن يقرأ" بتعريف"القارئ" ، وهو خطأ صوابه ما أثبت.(22) انظر ما سلف قريبا ص: 519 ، 520.(23) تهذيب الألفاظ: 475 ، المعاني الكبير: 1148 ، مجاز القرآن 1: 113 ، الميسر والقداح: 133 ، وغيرها ، وهو من أبيات جياد في نعت الثور الأبيض ، لم أجدها مجتمعة ، منها:وَقَوَائِمٌ خُذُفٌ، لَهَا مِنْخَلْفِهَا زَمَعٌ زَوَائِدْكَمقَاعِدِ الرُّقَبَاءِ لِلضُّرَبَاءِ أَيْدِيهِمْ نَوَاهِدْلَهَقٌ كَنَارِ الرَّأْسِ بِالعَلْيَاءِ تُذْكِيهَا الأَعَابِدْوَيُصِيخُ أَحْيَانًا كَمَا اسْتَمَعَ المُضِلُّ لِصَوْتِ نَاشِدْيصف قوائم هذا الثور ، "خذف" جمع خذوف ، وهي السريعة السير والعدو ، تخذف الحصى بقوائمها. أي تقذفه. و"الزمع" جمع زمعة ، وهي هنة زائدة ناتئة فوق ظلف الشاة والثور ، مدلاة فيها شعر. ثم وصف هذه الزمع الناتئة خلف أظلاف الثور ، وشبه إشرافها على الأظلاف بالرقباء المشرفين على الضرباء ، وقد مدوا أيديهم. وهذا وصف في غاية البراعة والحسن. و"الرقباء" جمع رقيب ، وهو أمين أصحاب الميسر ، يحفظ ضربهم بالقداح ويرقبهم. و"الضرباء" جمع ضريب ، وهو الضارب بالقداح. وزعم ابن قتيبة أن قوله: "أيديهم" أي: أيدي الضرباء ، وأخطأ ، إنما عنى أيدي الرقباء لا الضرباء. وقوله: "لهق" هو البياض ، يعني بياض الثور ، فشبه بياضه بياض النار على رأس رابية مشرقة ، تذكي لهيبها العبيد. ثم وصف الثور عند الارتياع ، فقال إنه يصيخ -أي ينصت مميلا رأسه ناحية من الفزع- و"المضل" الذي أضاع شيئًا فهو يترقب أن يجده."والناشد" ، هو الذي ينشد ضالة ، أي يعرفها ويصفها. فهو يصغي لصوت المنشد المعرف إصغاء من يرجو أن تكون هي ضالته. وهذا من جيد الشعر وبارعه.
وَ اٰتُوا الْیَتٰمٰۤى اَمْوَالَهُمْ وَ لَا تَتَبَدَّلُوا الْخَبِیْثَ بِالطَّیِّبِ ۪- وَ لَا تَاْكُلُوْۤا اَمْوَالَهُمْ اِلٰۤى اَمْوَالِكُمْؕ-اِنَّهٗ كَانَ حُوْبًا كَبِیْرًا(۲)
اور یتیموں کو ان کے مال دو (ف۵) اور ستھرے (ف۶) کے بدلے گندا نہ لو (ف۷) اور ان کے مال اپنے مالوں میں ملاکر نہ کھا جاؤ، بیشک یہ بڑا گناہ ہے
القول في تأويل قوله : وَآتُوا الْيَتَامَى أَمْوَالَهُمْ وَلا تَتَبَدَّلُوا الْخَبِيثَ بِالطَّيِّبِقال أبو جعفر: يعني بذلك تعالى ذكره أوصياءَ اليتامى. يقول لهم: وأعطوا يا معشر أوصياء اليتامى: [اليتامى] أموالهم إذا هم بلغوا الحلم، (24) وأونس منهم الرشد (25) = " ولا تتبدلوا الخبيث بالطيب "، يقول: ولا تستبدلوا الحرام عليكم من أموالهم بأموالكم الحلال لكم، كما:-8436 - حدثنا محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد في قول الله تعالى: " ولا تتبدلوا الخبيث بالطيب "، قال: الحلال بالحرام.8437 - حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد مثله.8438 - حدثني سفيان قال، حدثنا أبي، عن سفيان، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد قوله: " ولا تتبدلوا الخبيث بالطيب "، قال: الحرام مكان الحلال.* * *قال أبو جعفر: ثم اختلف أهل التأويل في صفة تبديلهم الخبيث كان بالطيب، الذي نهوا عنه، ومعناه. (26)فقال بعضهم: كان أوصياء اليتامى يأخذون الجيِّد من ماله والرفيعَ منه، ويجعلون مكانه لليتيم الرديء والخسيس، فذلك تبديلهم الذي نهاهم الله تعالى عنه.* ذكر من قال ذلك:8439 - حدثنا أبو كريب قال، حدثنا ابن يمان، عن سفيان، عن مغيرة، عن إبراهيم: " ولا تتبدلوا الخبيث بالطيب "، قال: لا تعط زيفًا وتأخذ جيِّدًا.8440 - حدثنا أبو كريب قال، حدثنا ابن يمان، عن سفيان، عن السدي= وعن يحيى بن سعيد عن سعيد بن المسيب= ومعمر عن الزهري، قالوا: يعطي مهزولا ويأخذ سمينًا.8441 - وبه عن سفيان، عن رجل، عن الضحاك قال: لا تعط فاسدًا، وتأخذ جيدًا.8442 - حدثنا محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن المفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي: " ولا تتبدلوا الخبيث بالطيب "، كان أحدهم يأخذ الشاة السمينة من غنم اليتيم ويجعل مكانها الشاة المهزولة، ويقول: " شاة بشاة "! ويأخذ الدرهم الجيد ويطرح مكانه الزيف، ويقول: " درهم بدرهم "!!* * *وقال آخرون: معنى ذلك: لا تستعجل الرزق الحرام فتأكله قبل أن يأتيك الذي قُدِّر لك من الحلال.* ذكر من قال ذلك:8443 - حدثنا أبو كريب قال، حدثنا ابن يمان، عن سفيان، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: " ولا تتبدلوا الخبيث بالطيب "، قال: لا تعجِّل بالرزق الحرام قبل أن يأتيك الحلال الذي قدِّر لك.8444 - وبه عن سفيان، عن إسماعيل، عن أبي صالح مثله.* * *وقال آخرون: معنى ذلك، كالذي:-8445 - حدثني يونس بن عبد الأعلى قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد في قوله: " ولا تتبدلوا الخبيث بالطيب "، قال: كان أهل الجاهلية لا يورِّثون النساءَ ولا يورِّثون الصغار، يأخذه الأكبر= وقرأ وَتَرْغَبُونَ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ قال: إذا لم يكن لهم شيء: وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الْوِلْدَانِ [سورة النساء: 127]، لا يورثونهم. (27) قال: فنصيبه من الميراث طيِّب، وهذا الذي أخذه خبيث.* * *قال أبو جعفر: وأولى هذه الأقوال بتأويل الآية، قول من قال: تأويل ذلك: ولا تتبدلوا أموال أيتامكم -أيها الأوصياء- الحرامَ عليكم الخبيثَ لكم، فتأخذوا رفائعها وخيارَها وجيادَها. بالطيب الحلال لكم من أموالكم= [أي لا تأخذوا] الرديء الخسيس بدلا منه. (28)وذلك أنّ" تبدل الشيء بالشيء " في كلام العرب: أخذ شيء مكان آخر غيره، يعطيه المأخوذ منه أو يجعله مكان الذي أخذ. (29)* * *فإذْ كان ذلك معنى " التبدل " و " الاستبدال "، (30) فمعلوم أنّ الذي قاله ابن زيد= من أن معنى ذلك: هو أخذ أكبرِ ولد الميت جميع مال ميِّته ووالده، دون صغارهم، إلى ماله- قولٌ لا معنى له. لأنه إذا أخذ الأكبر من ولده جميع ماله دون الأصاغر منهم، فلم يستبدل مما أخذ شيئًا. فما " التبدل " الذي قال جل ثناؤه: " ولا تتبدلوا الخبيث بالطيب "، ولم يتبدَّل الآخذ مكان المأخوذ بدلا؟* * *وأما الذي قاله مجاهد وأبو صالح من أن معنى ذلك: لا تتعجل الرزق الحرام قبل مجيء الحلال= فإنهما أيضًا، إن لم يكونا أرادا بذلك نحو القول الذي روي عن ابن مسعود أنه قال: " إن الرجل ليحرم الرزق بالمعصية يأتيها "، ففساده نظير فساد قول ابن زيد. لأن من استعجل الحرام فأكله، ثم آتاه الله رزقه الحلال، فلم يبدِّل شيئًا مكان شيء. وإن كانا قد أرادا بذلك، (31) أن الله جل ثناؤه نهى عباده أن يستعجلوا الحرام فيأكلوه قبل مجيء الحلال، فيكون أكلُهم ذلك سببًا لحرمان الطيِّب منه فذلك وجه معروف، ومذهب معقول. يحتمله التأويل. غير أن أشبه [القولين] في ذلك بتأويل الآية، ما قلنا؛ (32) لأن ذلك هو الأظهر من معانيه، لأن الله جل ثناؤه إنما ذكر ذلك في قصة أموال اليتامى وأحكامها، فلأن يكون ذلك من جنس حُكمِ أول الآية وآ خرها، [أولى] من أن يكون من غير جنسه. (33)* * *القول في تأويل قوله : وَلا تَأْكُلُوا أَمْوَالَهُمْ إِلَى أَمْوَالِكُمْقال أبو جعفر: يعني بذلك تعالى ذكره: ولا تخلِطوا أموالهم -يعني: أموال اليتامى بأموالكم- فتأكلوها مع أموالكم، (34) كما:-8446 - حدثنا ابن بشار قال، حدثنا سفيان، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد في قوله: " ولا تأكلوا أموالهم إلى أموالكم "، يقول: لا تأكلوا أموالكم وأموالهم، تخلطوها فتأكلوها جميعًا.8447 - حدثنا المثنى قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا أبو زهير، عن مبارك، عن الحسن قال: لما نزلت هذه الآية في أموال اليتامى، كرهوا أن يخالطوهم، وجعل وليُّ اليتيم يعزل مالَ اليتيم عن ماله، فشكوا ذلك إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فأنزل الله: وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْيَتَامَى قُلْ إِصْلاحٌ لَهُمْ خَيْرٌ وَإِنْ تُخَالِطُوهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ [سورة البقرة: 220] قال: فخالطوهم واتقوا. (35)* * *القول في تأويل قوله : إِنَّهُ كَانَ حُوبًا كَبِيرًا (2)قال أبو جعفر: يعني تعالى ذكره [بقوله]: (36) " إنه كان حوبًا كبيرًا "، إن أكلكم أموال أيتامكم، حوبٌ كبير.* * *و " الهاء " في قوله: " إنه " دالة على اسم الفعل، أعني" الأكل ".* * *وأما " الحوب "، فإنه الإثم، يقال منه: " حاب الرجل يَحُوب حَوبًا وحُوبًا وحِيَابة "، ويقال منه: " قد تحوَّب الرجل من كذا "، إذا تأثم منه، ومنه قول أمية بن الأسكر الليثي: (37)وَإنَّ مُهَاجِرَيْنِ تَكنَّفَاهُغَدَاتَئِذٍ لقَدْ خَطَئَا وحَابَا (38)ومنه قيل: " نزلنا بحَوبة من الأرض، وبحِيبَةٍ من الأرض "، إذا نزلوا بموضع سَوْءٍ منها.* * *و " الكبير " العظيم. (39)* * *فمعنى ذلك: إنّ أكلكم أموال اليتامى مع أموالكم، إثم عند الله عظيم.* * *وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.* ذكر من قال ذلك:8448 - حدثني محمد بن عمرو وعمرو بن علي قالا حدثنا أبو عاصم، عن عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد في قول الله: " حوبًا كبيرًا " قال: إثمًا.8449 - حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد مثله.8450 - حدثني المثنى قال، حدثنا أبو صالح قال، حدثني معاوية، عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس قوله: " إنه كان حوبًا كبيرًا "، قال: إثمًا عظيما.8451 - حدثنا محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن المفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي: " كان حوبًا " أما " حوبا " فإثمًا.8452 - حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر، عن قتادة، في قوله: " حوبًا "، قال: إثمًا.8453 - حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد بن زريع قال، حدثنا سعيد، عن قتادة: " إنه كان حوبًا كبيرًا " يقول: ظلمًا كبيرًا.8454 - حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، سمعت ابن زيد يقول في قوله: " إنه كان حوبًا كبيرًا " قال: ذنبا كبيرًا= وهي لأهل الإسلام.8455 - حدثنا عمرو بن علي قال، حدثنا يحيى بن سعيد قال، حدثنا قرة بن خالد قال، سمعت الحسن يقول: " حوبًا كبيرًا "، قال: إثمًا والله عظيمًا.------------------------الهوامش :(24) في المخطوطة والمطبوعة ، أسقط ما وضعته بين القوسين ، ولكن السياق يقتضي إثباتها ، وكأن الناسخ غره التكرار ، فأسقط إحداهما ، فأساء.(25) انظر تفسير"آتى" في فهارس اللغة ، وتفسير"اليتامى" فيما سلف 2: 292 / 3: 345 / 4: 295.(26) في المطبوعة: "في صفة تبديلهم الخبيث بالطيب" ، أسقط الناشر"كان" لأن عربيته أنكرت عربية أبي جعفر!! وهي الصواب المحض ، فأثبتها.(27) في المطبوعة والمخطوطة: "لا يورثوهم" ، والصواب ما أثبت.(28) هذا الذي زدته بين القوسين ، استظهار من تأويله الآتي. والجملة بغير هذه الزيادة لا تكاد تستقيم.ثم انظر تفسير"الخبيث" فيما سلف 5: 559 / 7: 424 = وتفسير"الطيب" فيما سلف 3: 301 / 5: 555 / 6: 361 / 7: 424.(29) انظر تفسير"تبدل" و"استبدل" فيما سلف 2: 112 ، 130 ، 494.(30) في المطبوعة: "التبديل" ، وأثبت الصواب من المخطوطة.(31) في المطبوعة: "وإن كانا أراد بذلك" بحذف"قد" وفي المخطوطة: "وإن كان قال أراد بذلك" وهو فساد من عجلة الناسخ ، ولكن صواب قراءتها ما أثبت.(32) في المطبوعة: "غير أن الأشبه في ذلك بتأويل الآية ما قلنا" ، وهو غير جيد ، وفي المخطوطة: "غير أن أشبه في ذلك بتأويل الآية ما قلنا" ، وبين أن الناسخ عاد فسها ، فأسقط"القولين" وهو ما أثبته ما بين القوسين.(33) في المطبوعة: "فلا يكون ذلك من جنس حكم أول الآية ، فأخرجها من أن يكون من غير جنسه" جعل"وآخرها" ، "فأخرجها" ، فأنزل الكلام منزلة من الفساد لا مخرج منها. وأما المخطوطة فكان سياقها: "فلا يكون ذلك من جنس حكم أول الآية وآخرها من أن يكون من غير جنسه" ، وهو سهو من الناسخ وعجلته أفسد الجملة ، صواب"فلا يكون""فلأن يكون" ، والصواب أيضًا زيادة"أولى" التي وضعتها بين القوسين.(34) انظر تفسير"أكل الأموال" فيما سلف 3: 548 ، 549 = وتفسير"إلى" بمعنى"مع" فيما سلف 1: 299 / 6: 443 ، 444.(35) الأثر: 8447- هذا الأثر لم يروه أبو جعفر في تفسير آية سورة البقرة 4: 349- 355 ، وهو من الدلائل على اختصاره تفسيره هذا.(36) الذي بين القوسين زيادة لا يستقيم الكلام بغيرها.(37) في المطبوعة والمخطوطة: "بن الأسكن" ، وهو خطأ صرف.(38) مضى البيت وتخريجه في 2: 110 ، وسيأتي في 13: 37 (بولاق) ، وانظر مجاز القرآن لأبي عبيدة 1: 13 ، ولم أثبتت هناك ، مواضع تكراره في التفسير ، فليقيد هناك ، وروايته هناك: "لعمر الله قد خطئا وخابا" بالخاء ، وأرجح أن أجود الروايتين ، روايته في هذا الموضع ، بالحاء المهملة؛ وإن كانت أكثر الكتب قد أثبتها بالخاء المعجمة ، وأرجح أيضًا أنه تصحيف قديم ، ومعنى رواية أبي جعفر أشبه بسياق الشعر إن شاء الله.(39) انظر تفسير"كبير" فيما سلف 2: 15 / 3: 166 / 4: 300.
وَ اِنْ خِفْتُمْ اَلَّا تُقْسِطُوْا فِی الْیَتٰمٰى فَانْكِحُوْا مَا طَابَ لَكُمْ مِّنَ النِّسَآءِ مَثْنٰى وَ ثُلٰثَ وَ رُبٰعَۚ-فَاِنْ خِفْتُمْ اَلَّا تَعْدِلُوْا فَوَاحِدَةً اَوْ مَا مَلَكَتْ اَیْمَانُكُمْؕ-ذٰلِكَ اَدْنٰۤى اَلَّا تَعُوْلُوْاؕ(۳)
ا ور اگر تمہیں اندیشہ ہو کہ یتیم لڑکیوں میں انصاف نہ کرو گے (ف۸) تو نکاح میں لاؤ جو عورتیں تمہیں خوش آئیں دو دو اور تین تین او ر چار چار (ف۹) پھر اگر ڈرو کہ دو بیبیوں کو برابر نہ رکھ سکو گے تو ایک ہی کرو یا کنیزیں جن کے تم مالک ہو یہ اس سے زیادہ قریب ہے کہ تم سے ظلم نہ ہو (ف۱۰)
القول في تأويل قوله : وَإِنْ خِفْتُمْ أَلا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْقال أبو جعفر: اختلف أهل التأويل في تأويل ذلك.فقال بعضهم: معنى ذلك: وإن خفتم، يا معشر أولياء اليتامى، أن لا تقسطوا في صداقهن فتعدلوا فيه، وتبلغوا بصداقهنَّ صدقات أمثالهنّ، فلا تنكحوهن، ولكن انكحوا غيرَهن من الغرائب اللواتي أحلّهن الله لكم وطيبهن، من واحدة إلى أربع، وإن خفتم أن تجوروا= إذا نكحتم من الغرائب أكثر من واحدة= فلا تعدلوا، فانكحوا منهن واحدة، أو ما ملكت أيمانكم.* ذكر من قال ذلك:8456 - حدثنا ابن حميد قال، حدثنا ابن المبارك، عن معمر، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة: " وإن خفتم ألا تُقسطوا في اليتامى فانكحوا ما طابَ لكم من النساء "، فقالت: يا ابن أختي، هي اليتيمة تكون في حِجر ولِّيها، فيرغب في مالها وجمالها، ويريد أن ينكحها بأدنى من سُنة صداقها، فنهوا أن ينكحوهن إلا أن يقسطوا لهن في إكمال الصداق، وأمروا أن ينكحوا ما سواهُنَّ من النساء. (40)8457 - حدثني يونس بن عبد الأعلى قال، أخبرنا ابن وهب قال، أخبرني يونس بن يزيد، عن ابن شهاب قال، أخبرني عروة بن الزبير: أنه سأل عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم عن قول الله تبارك وتعالى: " وإن خفتم ألا تقسطوا في اليتامى فانكحوا ما طابَ لكم من النساء "، قالت: يا ابن أختي، هذه اليتيمة، تكون في حجر ولِّيها تُشاركه في ماله، فيعجبه مالها وجمالها. فيريد وليها أن يتزوَّجها بغير أن يُقسِط في صداقها، فيعطيها مثل ما يعطيها غيره، فنهوا أن ينكحوهن إلا أن يقسطوا لهن، ويبلغوا بهن أعلى سُنتَّهن في الصداق، وأمروا أن ينكحوا ما طاب لهم من النساء سواهن= قال يونس بن يزيد قال ربيعة في قول الله: " وإن خفتم ألا تقسطوا في اليتامى "، قال يقول: اتركوهنّ، فقد أحللت لكم أربعًا. (41)8458 - حدثنا الحسن بن الجنيد وأخبرنا سعيد بن مسلمة قالا. أنبأنا إسماعيل بن أمية، عن ابن شهاب، عن عروة قال: سألت عائشة أم المؤمنين فقلت: يا أم المؤمنين، أرأيت قول الله: " وإن خفتم ألا تقسطوا في اليتامى فانكحوا ما طاب لكم من النساء "؟ قالت: يا ابن أختي، هي اليتيمة تكون في حجر وليها، فيرغب في جمالها ومالها، ويريد أن يتزوجها بأدنى من سنة صداق نسائها، فنهوا عن ذلك: أن ينكحوهن إلا أن يقسطوا فيكمِّلوا لهن الصداق، ثم أمروا أن ينكحوا سواهن من النساء إن لم يكملوا لهن الصداق. (42)8459 - حدثني المثنى قال، حدثنا أبو صالح قال، حدثني الليث قال، حدثني يونس، عن ابن شهاب قال، حدثني عروة بن الزبير: أنه سأل عائشة زوجَ النبي صلى الله عليه وسلم، فذكر مثل حديث يونس، عن ابن وهب.8460 - حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر، عن الزهري عن عروة، عن عائشة، مثل حديث ابن حميد، عن ابن المبارك. (43)8461 - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج، عن هشام، عن أبيه، عن عائشة قالت: نزل= تعني قوله: " وإن خفتم ألا تقسطوا في اليتامى "، الآية= في اليتيمة تكون عند الرجل، وهي ذات مال، فلعله ينكحها لمالها، وهي لا تعجبه، ثم يضربها، ويسيء صحبتها، فوُعظ في ذلك. (44)* * *قال أبو جعفر: فعلى هذا التأويل، جواب قوله: " وإن خفتم ألا تقسطوا "، قوله: " فانكحوا " .* * *وقال آخرون: بل معنى ذلك: النهي عن نكاح ما فوق الأربع، حِذارًا على أموال اليتامى أن يتلفها أولياؤهم. (45) وذلك أن قريشًا كان الرجل منهم يتزوج العشر من النساء والأكثر والأقل، فإذا صار معدمًا، مال على مال يتيمه الذي في حجره فأنفقه أو تزوج به. فنهوا عن ذلك، وقيل لهم: إن أنتم خفتم على أموال أيتامكم أن تنفقوها= فلا تعدلوا فيها، من أجل حاجتكم إليها لما يلزمكم من مُؤن نسائكم، &; 7-535 &; فلا تجاوزوا فيما تنكحون من عدد النساء على أربعٍ= وإن خفتم أيضًا من الأربع أن لا تعدلوا في أموالهم، فاقتصروا على الواحدة، أو على ما ملكت أيمانكم.ذكر من قال ذلك:8462 - حدثنا محمد بن المثنى قال، حدثنا محمد بن جعفر قال، حدثنا شعبة، عن سماك قال، سمعت عكرمة يقول في هذه الآية: " وإن خفتم ألا تقسطوا في اليتامى "، قال: كان الرجل من قريش يكون عنده النِّسوة، ويكون عنده الأيتام، فيذهب ماله، فيميل على مال الأيتام، قال: فنزلت هذه الآية: " وإن خفتم ألا تقسطوا في اليتامى فانكحوا ما طاب لكم من النساء " .8463 - حدثنا هناد بن السري قال: حدثنا أبو الأحوص، عن سماك، عن عكرمة في قوله: " وإن خفتم ألا تقسطوا في اليتامى فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة أو ما ملكت أيمانكم "، قال: كان الرجل يتزوج الأربع والخمس والستَّ والعشر، فيقول الرجل: " ما يمنعني أن أتزوج كما تزوج فلان "؟ فيأخذ مال يتيمه فيتزوج به، فنهوا أن يتزوجوا فوق الأربع.8464 - حدثنا سفيان بن وكيع قال، حدثنا أبي، عن سفيان، عن حبيب بن أبي ثابت، عن طاوس، عن ابن عباس قال: قصر الرجال على أربعٍ من أجل أموال اليتامى.8465 - حدثني محمد بن سعد قال، حدثني أبي قال، حدثني عمي قال، حدثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس قوله: " وإن خفتم ألا تقسطوا في اليتامى "، فإن الرجل كان يتزوج بمال اليتيم ما شاء الله تعالى، فنهى الله عن ذلك.* * *وقال آخرون: بل معنى ذلك: أن القوم كانوا يتحوّبون في أموال اليتامى أن لا يعدلوا فيها، ولا يتحوبون في النساء أن لا يعدِلوا فيهن، فقيل لهم: كما خفتم أن لا تعدلوا في اليتامى، فكذلك فخافوا في النساء أن لا تعدلوا فيهن، ولا تنكحوا منهن إلا من واحدة إلى الأربع، ولا تزيدوا على ذلك. وإن خفتم أن لا تعدلوا أيضًا في الزيادة على الواحدة، فلا تنكحوا إلا ما لا تخافون أن تجوروا فيهن من واحدة أو ما ملكت أيمانكم.* ذكر من قال ذلك:8466 - حدثني يعقوب بن إبراهيم قال، حدثنا ابن علية، عن أيوب، عن سعيد بن جبير قال، كان الناس على جاهليتهم، إلا أن يؤمروا بشيء أو يُنهوا عنه، قال: فذكروا اليتامى، فنزلت: " وإن خفتم ألا تقسطوا في اليتامى فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة أو ما ملكت أيمانكم "، قال: فكما خفتم أن لا تقسطوا في اليتامى، فكذلك فخافوا أن لا تقسطوا في النساء.8467 - حدثنا محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن مفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي: (وإن خفتم ألا تقسطوا في اليتامى) إلى: " أيمانكم "، كانوا يشددون في اليتامى، ولا يشددون في النساء، ينكح أحدُهم النسوة، فلا يعدل بينهن، فقال الله تبارك وتعالى: كما تخافون أن لا تعدلوا بين اليتامى، فخافوا في النساء، فانكحوا واحدة إلى الأربع. فإن خفتم أن لا تعدلوا فواحدة أو ما ملكت أيمانكم.8468 - حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد بن زريع قال، حدثنا سعيد، عن قتادة قوله: " وإن خفتم ألا تقسطوا في اليتامى فانكحوا ما طاب لكم من النساء " حتى بلغ أَدْنَى أَلا تَعُولُوا ، يقول: كما خفتم الجور في اليتامى وهمَّكم ذلك، فكذلك فخافوا في جمع النساء، (46) وكان الرجل في الجاهلية يتزوج العشرة &; 7-537 &; فما دون ذلك، فأحل الله جل ثناؤه أربعًا، ثم صيَّرهن إلى أربع قوله: (47) " مثنى وثلاث ورباع فإن خفتم أن لا تعدلوا فواحدة "، يقول، إن خفت أن لا تعدل في أربع فثلاث، وإلا فثنتين، وإلا فواحدة. وإن خفت أن لا تعدل في واحدة، فما ملكت يمينك.8469 - حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر، عن أيوب، عن سعيد بن جبير قوله: " وإن خفتم ألا تقسطوا في اليتامى فانكحوا ما طاب لكم من النساء "، يقول: ما أحل لكم من النساء=" مثنى وثلاث ورباع "، فخافوا في النساء مثل الذي خفتم في اليتامى: أن لا تقسطوا فيهنَّ.8470 - حدثني المثنى قال، حدثنا الحجاج بن المنهال قال، حدثنا حماد، عن أيوب، عن سعيد بن جبير قال: جاء الإسلام والناس على جاهليتهم، إلا أن يؤمروا بشيء فيتّبعوه، أو ينهوا عن شيء فيجتنبوه، حتى سألوا عن اليتامى، فأنزل الله تبارك وتعالى: " فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع ".8471 - حدثنا المثنى قال، حدثنا أبو النعمان عارم قال، حدثنا حماد بن زيد، عن أيوب، عن سعيد بن جبير قال، بعث الله تبارك وتعالى محمدًا صلى الله عليه وسلم والناس على أمر جاهليتهم، إلا أن يؤمروا بشيء أو ينهوا عنه، وكانوا يسألونه عن اليتامى فأنزل الله تبارك وتعالى: " وإن خفتم ألا تقسطوا في اليتامى فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع "، قال: فكما تخافون أن لا تقسطوا في اليتامى، فخافوا أن لا تقسطوا وتعدِلوا في النساء.8472 - حدثني المثنى قال، حدثنا عبدالله بن صالح قال، حدثني معاوية بن صالح، عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس قوله: " وإن خفتم ألا تقسطوا في اليتامى "، قال: كانوا في الجاهلية ينكحون عشرًا من النساء الأيامى، وكانوا يعظمون شأن اليتيم، فتفقدوا من دينهم شأن اليتيم، وتركوا ما كانوا ينكحون في الجاهلية، فقال: " وإن خفتم أن لا تقسطوا في اليتامى فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع "، ونهاهم عما كانوا ينكحون في الجاهلية. (48)8473 - حدثت عن الحسين بن الفرج قال، سمعت أبا معاذ قال، حدثنا عبيد بن سليمان قال، سمعت الضحاك يقول في قوله: " وإن خفتم ألا تقسطوا في اليتامى فانكحوا ما طاب لكم من النساء "، كانوا في جاهليتهم لا يرزأون من مال اليتيم شيئا، وهم ينكحون عشرًا من النساء، وينكحون نساء آبائهم، فتفقدوا من دينهم شأن النساء، فوعظهم الله في اليتامى وفي النساء، فقال في اليتامى: وَلا تَتَبَدَّلُوا الْخَبِيثَ بِالطَّيِّبِ إلى إِنَّهُ كَانَ حُوبًا كَبِيرًا ووعظهم في شأن النساء فقال: " فانكحوا ما طاب لكم من النساء " الآية، وقال: وَلا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ [سورة النساء: 22].8474 - حدثت عن عمار عن ابن أبي جعفر، عن أبيه، عن الربيع في قوله: " وإن خفتم ألا تقسطوا في اليتامى " إلى " ما ملكت أيمانكم "، يقول: فإن خفتم الجور في اليتامى وغمَّكم ذلك، فكذلك فخافوا في جمع النساء، (49) قال: وكان الرجل يتزوج العشر في الجاهلية فما دون ذلك، وأحل الله أربعًا، وصيَّرهم إلى أربع، يقول: " فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة "، وإن خفت أن لا تعدل في واحدة، فما ملكت يمينك.* * *وقال آخرون: معنى ذلك: فكما خفتم في اليتامى، فكذلك فتخوفوا في النساء أن تَزْنُوا بهن، ولكن انكحوا ما طاب لكم من النساء.* ذكر من قال ذلك:8475 - حدثنا محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، أخبرنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد في قوله: " وإن خفتم ألا تقسطوا في اليتامى "، يقول: إن تحرَّجتم في ولاية اليتامى وأكل أموالهم إيمانًا وتصديقًا، فكذلك فتحرّجوا من الزّنا، وانكحوا النساء نكاحًا طيبًا=" مثنى وثلاث ورباع، فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة أو ما ملكت أيمانكم ".8476 - حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد مثله.* * *وقال آخرون: بل معنى ذلك: وإن خفتم ألا تقسطوا في اليتامى اللاتي أنتم وُلاتهن، فلا تنكحوهن، وانكحوا أنتم ما حل لكم منهن.* ذكر من قال ذلك:8477 - حدثنا سفيان بن وكيع قال، حدثنا أبي، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة: " وإن خفتم ألا تقسطوا في اليتامى "، قال: نزلت في اليتيمة تكون عند الرجل، هو وليها، ليس لها ولي غيره، وليس أحد ينازعه فيها، ولا ينكحها لمالها، فيضربها، ويسيء صحبَتها. (50)8478 - حدثنا حميد بن مسعدة قال، حدثنا يزيد بن زريع قال، حدثنا يونس، عن الحسن في هذه الآية: " وإن خفتم ألا تقسطوا في اليتامى فانكحوا ما طاب لكم " أي: ما حَلّ لكم من يتاماكم من قراباتكم=" مثنى وثلاث ورباع فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة أو ما ملكت أيمانكم " .* * *قال أبو جعفر: وأولى الأقوال التي ذكرناها في ذلك بتأويل الآية، قول من قال: تأويلها: " وإن خفتم ألا تقسطوا في اليتامى، فكذلك فخافوا في النساء، فلا تنكحوا منهن إلا ما لا تخافون أن تجورُوا فيه منهن، من واحدة إلى الأربع، فإن خفتم الجورَ في الواحدة أيضًا، فلا تنكحوها، ولكن عليكم بما ملكت أيمانكم، فإنه أحرى أن لا تجوروا عليهن ".وإنما قلنا إنّ ذلك أولى بتأويل الآية، لأن الله جل ثناؤه افتتح الآية التي قبلها بالنهي عن أكل أموال اليتامى بغير حقها وخَلطها بغيرها من الأموال، فقال تعالى ذكره: وَآتُوا الْيَتَامَى أَمْوَالَهُمْ وَلا تَتَبَدَّلُوا الْخَبِيثَ بِالطَّيِّبِ وَلا تَأْكُلُوا أَمْوَالَهُمْ إِلَى أَمْوَالِكُمْ إِنَّهُ كَانَ حُوبًا كَبِيرًا . ثم أعلمهم أنهم إن اتقوا الله في ذلك فتحرّجوا فيه، فالواجب عليهم من اتقاء الله والتحرّج في أمر النساء، مثل الذي عليهم من التحرج في أمر اليتامى، وأعلمهم كيف التخلص لهم من الجور فيهن، (51) كما عرّفهم المخلص من الجور في أموال اليتامى، فقال: انكحوا إن أمنتم الجور في النساء على أنفسكم، ما أبحت لكم منهن وحلّلته، مثنى وثُلاث ورباع، فإن خفتم أيضًا الجور على أنفسكم في أمر الواحدة، بأن لا تقدروا على إنصافها، فلا تنكحوها، ولكن تسرَّوا من المماليك، فإنكم أحرى أن لا تجوروا عليهن، لأنهن أملاككم وأموالكم، ولا يلزمكم لهن من الحقوق كالذي يلزمكم للحرائر، فيكون ذلك أقرب لكم إلى السلامة من الإثم والجور.ففي الكلام -إذ كان المعنى ما قلنا- متروك استغنى بدلالة ما ظهر من الكلام عن ذكره. وذلك أن معنى الكلام: وإن خفتم أن لا تقسطوا في أموال اليتامى فتعدلوا فيها، فكذلك فخافوا أن لا تقسطوا في حقوق النساء التي أوجبها الله عليكم، فلا تتزوجوا منهنّ إلا ما أمنتم معه الجور مثنى وثلاث ورباع، وإن خفتم أيضًا في ذلك فواحدة. وإن خفتم في الواحدة، فما ملكت أيمانكم= فترك ذكر قوله: " فكذلك فخافوا أن لا تقسطوا في حقوق النساء "، بدلالة ما ظهر من قوله تعالى: " فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة أو ما ملكت أيمانكم ".* * *فإن قال قائل: فأين جواب قوله: " وإن خفتم ألا تقسطوا في اليتامى "؟قيل: قوله " فانكحوا ما طاب لكم "، غير أن المعنى الذي يدل على أن المراد بذلك ما قلنا قوله: " فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة أو ما ملكت أيمانكم ذلك أدنى ألا تعولوا ".* * *وقد بينا فيما مضى قبلُ أن معنى " الإقساط" في كلام العرب: العدل والإنصاف= وأن " القسط": الجور والحيف، بما أغنى عن إعادته في هذا الموضع. (52)* * *وأما " اليتامى "، فإنها جمع لذكران الأيتام وإناثهم في هذا الموضع. (53)* * *وأما قوله: " فانكحوا ما طاب لكم من النساء "، فإنه يعني: فانكحوا ما حلَّ لكم منهن، دون ما حُرِّم عليكم منهنّ، كما:-8479 - حدثنا ابن حميد قال، حدثنا ابن المبارك، عن إسماعيل بن أبي خالد، عن أبي مالك قوله: " فانكحوا ما طاب لكم من النساء "، ما حلّ لكم.8480 - حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر، عن أيوب، عن سعيد بن جبير في قوله: " فانكحوا ما طاب لكم من النساء "، يقول: ما حلَّ لكم.* * *فإن قال قائل: وكيف قيل: " فانكحوا ما طاب لكم من النساء "، ولم يقل: " فانكحوا مَنْ طاب لكم "؟ وإنما يقال: " ما " في غير الناس.قيل: معنى ذلك على غير الوجه الذي ذهبتَ إليه، وإنما معناه: فانكحوا نكاحًا طيبًا، كما:-8481 - حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: " فانكحوا ما طاب لكم من النساء "، فانكحوا النساء نكاحًا طيبًا.8481م - حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد مثله.* * *فالمعنيّ بقوله: " ما طاب لكم "، الفعل، دون أعيان النساء وأشخاصهنَّ، فلذلك قيل " ما " ولم يقل " من "، كما يقال: " خذ من رقيقي ما أردت "، إذا عنيت: خذ منهم إرادتك. ولو أردت: خذ الذي تريد منهم، لقلت: " خذ من رقيقي من أردت منهم ". (54) وكذلك قوله: " أو ما ملكت أيمانكم "، بمعنى: أو ملك أيمانكم.* * *وإنما معنى قوله: " فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع "، فلينكح كل واحد منكم مثنى وثلاث ورباع، كما قيل: وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً [سورة النور: 4].* * *وأما قوله: " مثنى وثلاث ورباع "، فإنما تُرك إجراؤهن، لأنهن معدولات عن " اثنين " و " ثلاث " و " أربع "، كما عدل " عمر " عن " عامر "، و " زُفرَ" عن " زافِر " فترك إجراؤه، وكذلك،" أحاد " و " ثناء " و " مَوْحد " و " مثنى " و " مَثْلث " و " مَرْبع "، لا يجري ذلك كله للعلة التي ذكرت من العدول عن وجوهه. ومما يدلّ على أن ذلك كذلك، وأن الذكر والأنثى فيه سواء، ما قيل في هذه السورة و " سورة فاطر "، [1]: " مثنى وثلاث ورباع " يراد به " الجناح "، و " الجناح " ذكر= وأنه أيضًا لا يضاف إلى ما يضاف إليه " الثلاثة " و " الثلاث " وأن " الألف واللام " لا تدخله= فكان في ذلك دليل على أنه اسم للعدد معرفة، ولو كان نكرة لدخله " الألف واللام "، وأضيف كما يضاف " الثلاثة " و " الأربعة ". (55) ومما يبين في ذلك قول تميم بن أبيّ بن مقبل:تَرَى النُّعَرَاتِ الزُّرْقَ تَحْتَ لَبَانِهِأُحَادَ وَمَثْنَى أَصْعَقَتْهَا صَوَاهِلُهْ (56)فرد " أحاد ومثنى "، على " النعرات " وهي معرفة. وقد تجعلها العرب نكرة فتجريها، كما قال الشاعر: (57)وَإنَّ الغُلامَ المُسْتَهَامَ بذِكْرِهِقَتَلْنَا بِهِ مِنْ بين مَثْنًى وَمَوْحَدِ (58)بِأَرْبَعَةٍ مِنْكُمْ وَآخَرَ خَامِسٍوَسَادٍ مَعَ الإظْلامِ فِي رُمْح مَعْبَدِومما يبين أن " ثناء " و " أحاد " غير جاريةٍ، قول الشاعر: (59)وَلَقَدْ قَتَلْتُكُمُ ثُنَاءَ وَمَوْحَدًاوَتَرَكْتُ مُرَّةَ مِثْلَ أَمْسِ المُدْبِرِ (60)وقول الشاعر: (61)مَنَتْ لَكَ أنْ تُلاقِيَني المَنَايَاأُحَادَ أُحَادَ فِي شَهْرٍ حَلالِ (62)ولم يسمع من العرب صرف ما جاوز " الرُّبَّاع " و " المَرْبع " عن جهته. لم يسمع منها " خماس " ولا " المخْمس "، ولا " السباع " ولا " المسبع "، وكذلك ما فوق " الرباع " إلا في بيت للكميت. (63) فإنه يروي له في" العشرة "،" عشار " وهو قوله:فَلَمْ يَسْتَرِيثُوكَ حَتَّى رَمَيْتَ فَوْقَ الرِّجَالِ خِصَالا عُشَارَا (64)يريد: " عشرًا، عشرًا "، يقال: إنه لم يسمع غير ذلك. (65)* * *= وأما قوله: " فإن خفتم أن لا تعدلوا فواحدة "، فإن نصب " واحدة "، بمعنى: فإن خفتم أن لا تعدلوا= فيما يلزمكم من العدل ما زاد على الواحدة من النساء عندكم بنكاح، (66) فيما أوجبه الله لهن عليكم= فانكحوا واحدة منهن.ولو كانت القراءة جاءت في ذلك بالرفع، كان جائزًا، بمعنى: فواحدة كافية، أو: فواحدة مجزئة، كما قال جل ثناؤه: فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ (67) [سورة البقرة: 282].* * *وإن قال لنا قائل: قد علمت أن الحلال لكم من جميع النساء الحرائر، نكاحُ أربع، فكيف قيل: " فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع "، وذلك في العدد تسع؟ (68)قيل: إن تأويل ذلك: فانكحوا ما طاب لكم من النساء، إما مثنى إن أمنتم الجور من أنفسكم فيما يجب لهما عليكم= وإما ثلاث، إن لم تخافوا ذلك= وإما أربع، إن أمنتم ذلك فيهن.يدل على صحة ذلك قوله: " فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة "، لأن المعنى: فإن خفتم في الثنتين فانكحوا واحدة. ثم قال: وإن خفتم أن لا تعدلوا أيضًا في الواحدة، فما ملكت أيمانكم.* * *فإن قال قائل: فإن أمر الله ونهيه على الإيجاب والإلزام حتى تقوم حجة بأن ذلك على التأديب والإرشاد والإعلام، وقد قال تعالى ذكره: " فانكحوا ما طاب لكم من النساء "، وذلك أمر، فهل من دليل على أنه من الأمر الذي هو على غير وجه الإلزام والإيجاب؟قيل: نعم، والدليل على ذلك قوله: " فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة ". فكان معلومًا بذلك أن قوله: " فانكحوا ما طاب لكم من النساء "، وإن كان مخرجه مخرج الأمر، فإنه بمعنى الدلالة على النهي عن نكاح ما خاف الناكح الجورَ فيه من عدد النساء، لا بمعنى الأمر بالنكاح، فإن المعنيّ به: وإن خفتم أن لا تقسطوا في اليتامى، فتحرجتم فيهن، فكذلك فتحرّجوا في النساء، فلا تنكحوا إلا ما أمنتم الجورَ فيه منهن، ما أحللته لكم من الواحدة إلى الأربع.وقد بينا في غير هذا الموضع أن العرب تُخرِج الكلام بلفظ الأمر ومعناها فيه النهي أو التهديد والوعيد، كما قال جل ثناؤه: فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ [سورة الكهف: 29]، وكما قال: لِيَكْفُرُوا بِمَا آتَيْنَاهُمْ فَتَمَتَّعُوا فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ [سورة النحل: 55 ، سورة الروم: 34]، فخرج ذلك مخرج الأمر، والمقصود به التهديد والوعيدُ والزجر والنهي، (69) فكذلك قوله: " فانكحوا ما طاب لكم من النساء "، بمعنى النهي: فلا تنكحوا إلا ما طاب لكم من النساء.* * *وعلى النحو الذي قلنا في معنى قوله: " أو ما ملكت أيمانكم " قال أهل التأويل.ذكر من قال ذلك:8482 - حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة: " فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة أو ما ملكت أيمانكم "، يقول: فإن خفت أن لا تعدل في واحدة، فما ملكت يمينك.8483 - حدثنا محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن مفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي: " أو ما ملكت أيمانكم "، السراري.8484 - حدثت عن عمار قال، حدثنا ابن أبي جعفر، عن أبيه، عن الربيع: " فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة أو ما ملكت أيمانكم "، فإن خفت أن لا تعدل في واحدة، فما ملكت يمينك.8485 - حدثني يحيى بن أبي طالب قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا جويبر، عن الضحاك، قوله: " فإن خفتم ألا تعدلوا "، قال: في المجامعة والحب.* * *القول في تأويل قوله : ذَلِكَ أَدْنَى أَلا تَعُولُوا (3)قال أبو جعفر: يعني بذلك تعالى ذكره (70) وإن خفتم أن لا تعدلوا في مثنى أو ثلاث أو رباعَ فنكحتم واحدة، أو خفتم أن لا تعدلوا في الواحدة فتسررتم ملك أيمانكم، فهو " أدنى " يعني: أقرب، (71) =" ألا تعولوا "، يقول: أن لا تجوروا ولا تميلوا.* * *يقال منه: " عال الرجل فهو يعول عَوْلا وعيالة "، إذا مال وجار. ومنه: " عَوْل الفرائض "، لأن سهامها إذا زادت دخلها النقص.وأما من الحاجة، فإنما يقال: " عال الرجل عَيْلة "، وذلك إذا احتاج، كما قال الشاعر: (72)وَمَا يَدْرِي الفَقِيرُ مَتَى غِنَاهُوَمَا يَدْرِي الغَنُّي مَتَى يَعِيل (73)بمعنى: يفتقر.* * *وبنحو ما قلنا في ذلك قال أهل التأويل.ذكر من قال ذلك:8486 - حدثنا حميد بن مسعدة قال، حدثنا يزيد بن زريع قال، حدثنا يونس، عن الحسن: " ذلك أدنى ألا تعولوا "، قال: العوْل الميل في النساء.8487 - حدثنا ابن حميد قال، حدثني حكام، عن عنبسة، عن محمد بن عبد الرحمن، عن القاسم بن أبي بزة، عن مجاهد في قوله: " ذلك أدنى ألا تعولوا "، يقول: لا تميلوا.8488 - حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد في قوله: " ذلك أدنى ألا تعولوا "، أن لا تميلوا.8489 - حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد مثله.8490 - حدثنا محمد بن المثنى قال، حدثنا أبو النعمان محمد بن الفضل قال، حدثنا هشيم قال، أخبرنا داود بن أبي هند، عن عكرمة: " ألا تعولوا " قال: أن لا تميلوا= ثم قال: أما سمعت إلى قول أبي طالب:بِمِيزان قِسْطٍ وَزْنُهُ غَيْرُ عَائِلِ (74)8491 - حدثني المثنى قال، حدثنا حجاج قال، حدثنا حماد بن زيد، عن الزبير، عن حريث، عن عكرمة في هذه الآية: " ألا تعولوا "، قال: أن لا تميلوا= قال: وأنشد بيتًا من شعر زعم أن أبا طالب قاله:بِميزَانِ قِسْطٍ لا يُخِسُّ شَعِيرَةًوَوَازِنِ صِدْقٍ وَزْنُهُ غَيْرُ عَائِلِ (75)* * *قال أبو جعفر ويروي هذا البيت على غير هذه الرواية:بِمِيزَانِ صِدْقٍ لا يُغلُّ شَعِيرَةًلَهُ شَاهِدٌ مِنْ نَفْسِهِ غَيْرُ عَائِلِ (76)* * *8492 - حدثني يعقوب بن إبراهيم قال، حدثنا هشيم، عن مغيرة، عن إبراهيم في قوله: " ألا تعولوا "، قال: أن لا تميلوا.8493 - حدثني المثنى قال، حدثنا عمرو بن عون قال، أخبرنا هشيم، عن مغيرة، عن إبراهيم مثله.8494 - حدثني المثنى قال، حدثنا عمرو بن عون قال، أخبرنا هشيم، عن أبي إسحاق الكوفي قال: كتب عثمان بن عفان رضي الله عنه إلى أهل الكوفة في شيء عاتبوه عليه فيه: " إنِّي لست بميزان لا أعول ".8495 - حدثنا أبو كريب قال، حدثنا عثّام بن علي قال، حدثنا إسماعيل بن أبي خالد، عن أبي مالك في قوله: " أدنى ألا تعولوا "، قال: لا تميلوا. (77)8496 - حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة: " ذلك أدنى ألا تعولوا "، أدنى أن لا تميلوا.8497 - حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر، عن قتادة في قوله: " ألا تعولوا "، قال: تميلوا.8498 - حدثت عن عمار قال، حدثنا ابن أبي جعفر، عن أبيه، عن الربيع: " ذلك أدنى ألا تعولوا "، يقول: أن لا تميلوا.8499 - حدثنا محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن المفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي: " ذلك أدنى ألا تعولوا "، يقول: تميلوا.8500 - حدثني المثنى قال، حدثنا عبدالله بن صالح قال، حدثنا معاوية بن صالح، عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس قوله: " أدنى ألا تعولوا "، يعني: أن لا تميلوا.8501 - حدثنا محمد بن سعد قال، حدثني أبي قال، حدثني عمي قال، حدثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس: " ذلك أدنى ألا تعولوا "، يقول: ذلك أدنى أن لا تميلوا.8502 - حدثني يعقوب بن إبراهيم قال، حدثنا هشيم قال، أخبرنا حصين، عن أبي مالك في قوله: " ذلك أدنى ألا تعولوا "، قال: أن لا تجوروا.8503 - حدثني المثنى قال، حدثنا عمرو بن عون، وعارم أبو النعمان قالا حدثنا هشيم، عن حصين، عن أبي مالك مثله.8504 - حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبي، عن يونس، عن أبي إسحاق، عن مجاهد: " ذلك أدنى ألا تعولوا " قال: تميلوا. (78)8505 - حدثنا يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد: " ذلك أدنى ألا تعولوا "، ذلك أقل لنفقتك، الواحدة أقل من ثنتين= وثلاث وأربع، وجاريتُك أهون نفقة من حُرة=" أن لا تعولوا "، أهون عليك في العيال. (79)------------------الهوامش :(40) الحديث: 8456- روى الطبري هذا الحديث- مطولا ومختصرًا- بسبعة أسانيد: 8456- 8461 ، 8477. وهو ثابت صحيح ، في الصحيحين وغيرهما.وهذا الإسناد: هو من رواية عبد الله بن المبارك ، عن معمر ، عن الزهري. وسيأتي: 8460 ، من رواية عبد الرزاق ، عن معمر ، دون ذكر لفظه ، إحالة على هذه الرواية.وقد رواه البخاري في صحيحه اثنتي عشرة مرة ، سنشير إليها ، إن شاء الله.ورواه البيهقي في السنن الكبرى 7: 141- 142 ، بأسانيد ، من أوجه متعددة.(41) الحديث: 8457- وهذا من رواية ابن وهب ، عن يونس بن يزيد ، عن الزهري.وسيأتي: 8459 ، من رواية الليث بن سعد ، عن يونس ، عن الزهري ، دون ذكر لفظه ، إحالة على هذه الرواية. ورواه البخاري 5: 94- 95 (فتح) ، من طريق الليث ، عن يونس ، عن الزهري.وقد رواه مسلم 2: 398- 399 ، من طريق ابن وهب ، عن يونس- أطول مما هنا. لكن ليس فيه ما ذكر في آخره هنا ، من كلام ربيعة الذي رواه عنه يونس. وليس هذا من صلب الحديث.ورواه البخاري 9: 91 (فتح) ، من رواية حسان بن إبراهيم ، عن يونس ، عن الزهري- بنحو مما هنا ، مع اختصار قليل. وليس فيه كلمة ربيعة.وقوله: "أعلى سنتهن في الصداق"- هذا هو الثابت في صحيح مسلم أيضًا. وفي المخطوطة"سبيلهن" بدل"سنتهن". والظاهر أنه تصحيف من الناسخ.(42) الحديث: 8458- الحسن بن الجنيد بن أبي جعفر البزار البغدادي: ثقة. أخرج عنه ابن خزيمة في صحيحه. وترجمه ابن أبي حاتم 1 / 2 / 4 ، فلم يذكر فيه جرحًا والخطيب 7: 292 ، كلاهما في ترجمة"الحسن". وترجمه الحافظ المزي في التهذيب الكبير باسم"الحسين". وتبعه الحافظ ابن حجر في تهذيب التهذيب ، تبعًا لترتيب الكتاب ، ولكنه صرح بأنه"بفتح الحاء والسين" ، يعني"الحسن" ، وهو الصواب. سعيد بن مسلمة بن هشام بن عبد الملك بن مروان: ضعيف. قال البخاري في الكبير 2 / 1 / 473: "فيه نظر". وذكر أن عنده"مناكير". وقال في الضعفاء ، ص15: "منكر". وقال ابن معين: "ليس بشيء". وقال أبو حاتم: "هو ضعيف الحديث ، منكر الحديث"- ابن أبي حاتم 2 / 1 / 67.ووقع في المطبوعة هنا: "الحسن بن جنيد وأبو سعيد بن مسلمة" ، وهو خطأ ، كتب"وأبو" بدل"وأنا" اختصار"وأخبرنا".إسماعيل بن أمية الأموي: مضت ترجمته في: 2615. وضعف هذا الإسناد ، من أجل سعيد بن مسلمة ، لا يمنع صحة الحديث في ذاته من أوجه أخر ، كما مضى ، وكما سيأتي.(43) الحديثان: 8459 ، 8460- هما تكرار للحديثين: 8457 ، 8456. وقد أشرنا إلى كل منهما في موضعه.(44) الحديث: 8461- القاسم: هو ابن الحسن. و"الحسين": هو ابن داود الملقب"سنيد". انظر ما مضى في الإسناد: 8398.حجاج: هو ابن محمد المصيصي الأعور. مضت ترجمته في: 1691. وترجم له أخي السيد محمود ، في ج6 ص548 ، تعليق: 3.والحديث -من هذا الوجه- رواه البخاري 8: 179 (فتح). من طريق هشام بن يوسف ، عن ابن جريج ، به ، نحوه. ولكن سياقه يوهم أنها نزلت في شخص معين. فقال الحافظ: "والمعروف عن هشام بن عروة التعميم. وكذلك أخرجه الإسماعيلي ، من طريق حجاج بن محمد عن ابن جريج. ولفظه: أنزلت في الرجل يكون عنده اليتيمة ، إلخ".أقول: ورواية حجاج ، هي هذه التي في الطبري أيضًا.ورواه البخاري أيضًا 8: 199 (فتح) ، من طريق أبي أسامة ، عن هشام بن عروة ، على الصواب.وكذلك رواه مسلم ، بنحوه 2: 399 ، من طريق أبي أسامة ، عن هشام.ورواه البخاري أيضًا ، بنحوه 9: 119 ، من طريق عبدة ، وهو ابن سليمان ، عن هشام ابن عروة.وسيأتي: 8477 ، من رواية وكيع ، عن هشام. ونخرجه هناك ، إن شاء الله.ونحن ذاكرون هنا باقي طرقه في الصحيحين -عدا رواية وكيع تتمة للفائدة:فرواه البخاري 5: 94- 95 (فتح) ، ومسلم 2: 399 = كلاهما من طريق صالح ، عن الزهري ، عن عروة.ورواه البخاري 5: 292 (فتح) ، و 9: 169- 170 و 12: 298 = من طريق شعيب ، عن الزهري.ورواه أيضًا 9: 117 ، 169- 170= من طريق عقيل ، عن الزهري.ورواه أيضًا 9: 162 ، من طريق أبي معاوية ، عن هشام بن عروة ، مختصرًا.وابن كثير ذكر حديث عائشة 2: 342- 343 ، من روايتين من روايات البخاري. ولم يزد في تخريجه شيئا.والسيوطي ذكره بثلاثة ألفاظ ، مطولا ومختصرًا 2: 118. وزاد نسبته لعبد بن حميد ، والنسائي ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم.(45) في المطبوعة: "حذرًا على أموال اليتامى" ، وأثبت ما في المخطوطة.(46) في المخطوطة: "جميع النساء" ، والصواب ما في المطبوعة.(47) في المطبوعة: "ثم الذي صيرهن إلى أربع" ، زاد"الذي" ، وما في المخطوطة صواب جيد.(48) الحديث: 8472- عبد الله بن صالح ، كاتب الليث بن سعد: مضت ترجمته وتوثيقه في: 186.معاوية بن صالح الحضرمي: سبق توثيقه في: 186. وهو مترجم في التهذيب ، والكبير للبخاري 4 / 1 / 335 ، والصغير ، ص: 193 ، وابن سعد 7 / 2 / 207 ، وابن أبي حاتم 4 / 1 / 382- 383. وتاريخ قضاة قرطبة ، ص: 30- 40 ، وقضاة الأندلس للنباهي ، ص: 43.علي بن أبي طلحة: قد بينا في: 1833 أنه لم يسمع من ابن عباس. فيكون هذا الإسناد منقطعًا ، ضعيف الإسناد لانقطاعه.والحديث رواه البيهقي في السنن الكبرى 7: 150 ، من طريق عثمان بن سعيد ، عن عبد الله بن صالح ، بهذا الإسناد.وأشار إليه الحافظ في الفتح 8: 179- 180؛ في شرح حديث عائشة؛ قال: "تأويل عائشة هذا؛ جاء عن ابن عباس مثله. أخرجه الطبري".وذكره السيوطي 2: 118 ، ونسبه لابن جرير ، وابن أبي حاتم ، فقط.(49) في المخطوطة والمطبوعة هنا"في جميع النساء" ، والصواب ما أثبت ، وانظر التعليق السالف ص: 536 ، تعليق: 1.(50) الحديث: 8477- هذا إسناد ضعيف ، لضعف سفيان بن وكيع ، وقد بينا ضعفه مرارًا ، أولها في: 142 ، 143.ولكن الحديث في ذاته صحيح ، كما مضى في: 8456- 8461 ، وفي الروايات التي خرجناها من الصحيحين.ثم هو ثابت صحيح من رواية وكيع ، من غير رواية ابنه سفيان عنه.فرواه البخاري 9: 160 (فتح) ، بأطول مما هنا= عن يحيى ، عن وكيع ، بهذا الإسناد.ويحيى -شيخ البخاري في هذا الإسناد- قال الحافظ في الفتح: "هو ابن موسى ، أو ابن جعفر. كما بينته في المقدمة". والذي في مقدمة الفتح ، ص: 236 ، أن ابن السكن نسبه"يحيى بن موسى".(51) لعل الأجود أن يقول: "وأعلمهم كيف المخلص لهم" ، كالتي تليها.(52) انظر ما سلف 6: 77 ، 270.(53) انظر تفسير"اليتامى" فيما سلف قريبًا ص: 524 ، تعليق: 3 ، والمراجع هناك.(54) انظر معاني القرآن للفراء 1: 253 ، 254.(55) انظر معاني القرآن للفراء 1: 254 ، 255.(56) من قصيدة له طويلة نقلتها قديمًا ، ومعاني القرآن للفراء 1: 255 ، 345 والحيوان 7: 233. واللسان (نعر) (فرد) (صعق) (ثنى) ، وغيرها ، وسيأتي في التفسير 7: 184 (بولاق). يصف فرسه ، وبعد البيت.فَرِيسًا ومَغْشِيًّا عَلَيْه، كأَنَّهخُيُوطَةُ مَارِيٍّ لَوَاهُنَّ فَاتِلُهْويروى البيت: "النعرات الخضر" ، و"أحاد ومثنى" و"فراد ومثنى". والنعرات جمع نعرة (بضم النون وفتح العين والراء): وهو ذباب ضخم ، أزرق العين ، أخضر ، له إبرة في طرف ذنبه يلسع بها ذوات الحافر فيؤذيها ، وربما دخل أنف الحمار فيركب رأسه ، فلا يرده شيء.و"اللبان": الصدر من ذي الحافر: و"أصعقتها": قتلتها. و"صواهله" جمع صاهلة ، وهو مصدر على"فاعلة" ، بمعنى"الصهيل" ، كما يقال ، "رواغي الإبل" ، أي رغاءها. وقوله في البيت الثاني: "فريسًا" ، أي قتيلا ، قد افترسه ودقه وأهلكه ، و"الخيوطة" جمع خيط ، كالفحولة والبعولة ، جمع فحل وبعل."والماري": الثوب الخلق. يصف الذباب المغشى عليه ، كأنه من لينه في تهالكه ، خيوط لواه لاو من ثوب خلق.(57) لم أعرف قائلهما.(58) معاني القرآن للفراء 1: 254 ، وقد كان البيت في المطبوعة والمخطوطة:قتلنا بِه مِنْ بين مَثْنًى وموْحَدٍبأربعةٍ مِنْكُمْ وآخر خامِسِوهو كما ترى ملفق من البيتين اللذين أثبتهما من معاني القرآن ، والذي قاله الطبري هنا ، هو نص مقالة الفراء في معاني القرآن. وقوله: "وساد" أي: سادس ، يقولون: "جاء سادسًا وساديًا وساتًا".(59) هو صخر بن عمرو السلمي ، أخو الخنساء.(60) مجاز القرآن 1: 115 ، والأغاني 13: 139 ، والمخصص 7: 124 ، وشرح أدب الكاتب للجواليقي: 394 ، والبطليوسي: 466 ، والخزانة 4: 474. وسيأتي في التفسير 22: 76 (بولاق) وغيرها ، إلا أن ابن قتيبة في أدب الكاتب رواه"كأمس الدابر" وتابعه ناشر التفسير في هذا الموضع فكتب"كأمس الدابر" ، ولكنه في المخطوطة ، وفي الموضع الآخر من التفسير ، قد جاء على الصواب. وهما بيتان قالهما في قتله دريد بن حرملة المري ، في خبر مذكور ، وبعده:وَلقَدْ دَفَعْتُ إلى دُرَيْدٍ طَعْنَةًنَجْلاءَ تُزْغُلُ مِثْلَ عَطَّ المَنْحَرِوالطعنة النجلاء: الواسعة. و"أزغلت" الطعنة بالدم: دفعته زغلة زغلة ، أي دفعة دفعة. وعط الثوب عطًا: شقه. والمنحر: هو نحر البعير ، أي أعلى صدره ، حيث ينحر ، أي: يطعن في نحره ، فيتفجر منه الدم.وأما رواية"كأمس الدابر" فقد ذكر الجواليقي أبياتًا ليزيد بن عمرو الصعق الكلابي هي:أَعَقَرْتُمُ جَمَلِي برَحْلِيَ قائمًاورَمَيْتُمُ جَارِي بِسَهْمٍ نَاقِرِفإِذا ركبتُمْ فَالْبَسُوا أَدْرَاعَكُمْإنَ الرِّمَاحَ بَصِيرَةٌ بالحَاسِرِإِذْ تَظْلِمُون وتأكُلُونَ صَدِيقَكُمْفالظُّلْمُ تَارِككُمْ بجَاثٍ عَاثِرِإِنّي سَأقتلكُمُ ثُنَاءَ ومَوْحَدًاوَتَركتُ نَاصِرَكُمْ كَأمْسِ الدَّابِرِ(61) هو عمرو ذي الكلب ، أخو بني كاهل ، وكان جارًا لهذيل. ونسبه أبو عبيدة في مجاز القرآن لصخر الغي الهذلي ، وهو خطأ.(62) ديوان الهذليين 3: 117 ، مجاز القرآن لأبي عبيدة 1: 115 ، والمعاني الكبير: 2840 المخصص 17: 124 ، الأغاني 13: 139. ورواية الديوان"في الشهر الحلال" ، وأخطأ صاحب الأغاني فنسب البيت لصخر بن عمرو ، ورواه"في الشهر الحرام". قوله: "منت لك" ، أي: قدرت لك منيتك أن تلقاني في شهر حلال ، خلوين ، وحدي ووحدك ، فأصرعك لا محالة. وذلك أنه كان قد لقيه قبل ذلك في شهر حرام ، فلم يستطع أن يرفع إليه سلاحًا. ويقول بعده:وَمَا لَبْثُ القِتَالِ إذَا الْتقَيْنَاسِوَى لَفْتِ اليَمِينِ عَلَى الشِّمَالِأي: لا يلبث القتال بيني وبينك إلا بمقدار ما ترد يمين إلى شمال.(63) في المطبوعة: "في بيت الكميت" ، والصواب من المخطوطة.(64) مجازا القرآن لأبي عبيدة 1: 116 ، والأغاني 3: 139 ، واللسان (عشر) ، والمخصص 17: 125 ، والجواليقي 292 ، 293 ، والبطليوسي: 467 ، والخزانة 1: 82 ، 83 ، من قصيدة للكميت ، يمدح بها أبان بن الوليد بن عبد الملك ، وقبله:رَجَوْكَ وَلَم تتكامَلْ سِنُوكَعَشْرًا، ولا نَبْتَ فِيكَ اتِّغَارَالأَدْنَى خَسًا أَوْ زَكًا مِنْ سِنِيكَألى أَرْبَعٍ، فَبَقَوْكَ انْتظارَاوقوله: "ولا نبت فيك اتغارا" أي: لم تخلف سنًا بعد سن ، فتنبت أسنانك: اتغر الصبي: سقطت أسنانه وأخلف غيرها. وقوله: "خسا أو زكا" ، أي فردا ، وزوجًا. قوله: "فبقوك" من قولهم: "بقيت فلانًا بقيًا" انتظرته ورصدته. و"استراثه": استبطأه. يقول: تبينوا فيك السؤود لسنة أو سنتين من مولدك ، فرجوا أن تكون سيدًا مطاعًا رفيع الذكر ، فلم تكد تبلغ العشر حتى جازت خصالك خصال السادة من الرجال. وأما قول أبي جعفر"يريد: عشرًا عشرًا" ، فكأنه يعني كثرة الخصال التي فاق بها الرجال.(65) انظر هذا الفصل كله في معاني القرآن للفراء 1: 254 ، 255 ، ومجاز القرآن لأبي عبيدة 1: 114- 116.(66) في المطبوعة والمخطوطة: "فيما يلزمكم من العدل ما زاد على الواحدة..." ، وهو لا يستقيم ، صوابه"فيما زاد" كما أثبتها.(67) انظر معاني القرآن للفراء 1: 255.(68) انظر الناسخ والمنسوخ ، لأبي جعفر النحاس: 92.(69) انظر ما سلف 2: 293 ، 294.(70) في المطبوعة والمخطوطة: "يعني بقوله تعالى ذكره" ، والسياق يقتضي ما أثبت.(71) انظر تفسير"أدنى" فيما سلف 6: 78.(72) هو أحيحة بن الجلاح .(73) جمهرة أشعار العرب: 125 ، ومعاني القرآن للفراء 1: 255 ، الجمهرة لابن دريد 2: 193 ، وتاريخ ابن الأثير 1: 278 ، اللسان (عيل) ، وسيأتي في التفسير 10: 75 / 30: 149 (بولاق) ، من قصيدته التي قالها في حرب بين قومه من الأوس وبني النجار من الخزرج ، قتل فيها أخوه ، وكانت عنده امرأته سلمى بنت عمرو بن زيد النجارية ، فحذرت قومها مجيء أحيحة وقومه من الأوس ، فضربها حتى كسر يدها وطلقها. وبعد البيت آخر قرين له:وَمَا تَدْرِي، إذَا أَجْمَعْتَ أَمْرًابِأَيِّ الأَرْضِ يُدْرِكُكَ المَقِيلُوكان في المخطوطة: "لما يدرى الفقير" ، وهو خطأ من الناسخ ، وكأن صوابها"فما يدري".(74) سيرة ابن هشام 1: 296 ، وغيرها كثير. من القصيدة التي زعموا أن أبا طالب قالها وواجه بها قريشًا في أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وقال فيها إنه غير مسلم رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا تاركه لشيء أبدًا حتى يهلك دونه. يقول قبل البيت:جَزَى اللهُ عَنَّا عَبْدَ شَمْسٍ ونَوْفَلاعُقُوبَةَ شَرّ عَاجِلا غَيْرَ آجِلِويروى البيت بهذه الرواية التي ذكرها أبو جعفر ، ويروى أيضًا: "لا يحص شعيرة" من حص الشعر إذا أذهبه ، و"شعيرة" في هذه الرواية تصغير"شعرة" ، وأما في سائر الروايات فهي"شعيرة" بفتح الشين ، وكسر العين ، وهي واحدة"الشعير" ، وهو الحب المعروف ، وهو أقل موازين الذهب والفضة ، وهو حبة من شعير متوسطة لم تقشر ، وقد قطع من طرفيها ما امتد ، ويسمونه أيضًا"حبة" ، وانظر ما سلف 4: 586 ، تعليق: 2 ، في تفسير"الحبة" ، وهذا معنى لم تقيده كتب اللغة ، فقيده هناك. وقوله: "لا تخس شعيرة" ، أي لا تنقص مقدار شعيرة. وقوله: "تغل" من قولهم: "غل يغل غلولا" ، إذا خان أو سرق.(75) سيرة ابن هشام 1: 296 ، وغيرها كثير. من القصيدة التي زعموا أن أبا طالب قالها وواجه بها قريشًا في أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وقال فيها إنه غير مسلم رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا تاركه لشيء أبدًا حتى يهلك دونه. يقول قبل البيت:جَزَى اللهُ عَنَّا عَبْدَ شَمْسٍ ونَوْفَلاعُقُوبَةَ شَرّ عَاجِلا غَيْرَ آجِلِويروى البيت بهذه الرواية التي ذكرها أبو جعفر ، ويروى أيضًا: "لا يحص شعيرة" من حص الشعر إذا أذهبه ، و"شعيرة" في هذه الرواية تصغير"شعرة" ، وأما في سائر الروايات فهي"شعيرة" بفتح الشين ، وكسر العين ، وهي واحدة"الشعير" ، وهو الحب المعروف ، وهو أقل موازين الذهب والفضة ، وهو حبة من شعير متوسطة لم تقشر ، وقد قطع من طرفيها ما امتد ، ويسمونه أيضًا"حبة" ، وانظر ما سلف 4: 586 ، تعليق: 2 ، في تفسير"الحبة" ، وهذا معنى لم تقيده كتب اللغة ، فقيده هناك. وقوله: "لا تخس شعيرة" ، أي لا تنقص مقدار شعيرة. وقوله: "تغل" من قولهم: "غل يغل غلولا" ، إذا خان أو سرق.(76) سيرة ابن هشام 1: 296 ، وغيرها كثير. من القصيدة التي زعموا أن أبا طالب قالها وواجه بها قريشًا في أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وقال فيها إنه غير مسلم رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا تاركه لشيء أبدًا حتى يهلك دونه. يقول قبل البيت:جَزَى اللهُ عَنَّا عَبْدَ شَمْسٍ ونَوْفَلاعُقُوبَةَ شَرّ عَاجِلا غَيْرَ آجِلِويروى البيت بهذه الرواية التي ذكرها أبو جعفر ، ويروى أيضًا: "لا يحص شعيرة" من حص الشعر إذا أذهبه ، و"شعيرة" في هذه الرواية تصغير"شعرة" ، وأما في سائر الروايات فهي"شعيرة" بفتح الشين ، وكسر العين ، وهي واحدة"الشعير" ، وهو الحب المعروف ، وهو أقل موازين الذهب والفضة ، وهو حبة من شعير متوسطة لم تقشر ، وقد قطع من طرفيها ما امتد ، ويسمونه أيضًا"حبة" ، وانظر ما سلف 4: 586 ، تعليق: 2 ، في تفسير"الحبة" ، وهذا معنى لم تقيده كتب اللغة ، فقيده هناك. وقوله: "لا تخس شعيرة" ، أي لا تنقص مقدار شعيرة. وقوله: "تغل" من قولهم: "غل يغل غلولا" ، إذا خان أو سرق.(77) الأثر: 8495- في المطبوعة: "عباد بن علي" ، وكان كاتب المخطوطة قد كتب"عباد" ثم جعل الدال ميما ، ولم ينقط الكلمة ، فاشتبه الأمر على الناشر ، والصواب"عثام" وهو"عثام بن علي العامري" شيخ أبي كريب ، وقد مضى مئات من المرات ، ومضت ترجمته في رقم: 337.(78) الأثر: 8504- في المخطوطة والمطبوعة"عن ابن إسحاق ، عن مجاهد" ، وهو خطأ ظاهر ، والصواب"عن أبي إسحاق" ، وهو أبو إسحاق السبيعي ، وقد مضت روايته عن مجاهد في هذا التفسير مئات من المرات.(79) في المخطوطة: "أهون عليك في القتال" ، والصواب ما في المطبوعة.
وَ اٰتُوا النِّسَآءَ صَدُقٰتِهِنَّ نِحْلَةًؕ-فَاِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَیْءٍ مِّنْهُ نَفْسًا فَكُلُوْهُ هَنِیْٓــٴًـا مَّرِیْٓــٴًـا(۴)
اور عورتوں کو ان کے مہر خوشی سے دو (ف۱۱) پھر اگر وہ اپنے دل کی خوشی سے مہر میں سے تمہیں کچھ دے دیں تو اسے کھاؤ رچتا پچتا (ف۱۲)
القول في تأويل قوله : وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةًقال أبو جعفر: يعني بذلك تعالى ذكره: وأعطوا النساء مهورهن عطيّة واجبة، (80) وفريضة لازمة.* * *يقال منه: " نَحَل فلان فلانًا كذا فهو يَنْحَله نِحْلة ونُحْلا "، (81) كما:-8506 - حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد بن زريع قال، حدثنا سعيد، عن قتادة قوله: " وآتوا النساء صدقاتهن نحلة "، يقول: فريضة.8507 - حدثني المثنى قال، حدثنا أبو صالح قال، أخبرني معاوية بن صالح، عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس قوله: " وآتوا النساء صدقاتهن نحلة "، يعني ب" النحلة "، المهر.8508 - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج قوله: " وآتوا النساء صدقاتهن نحلة "، قال: فريضة مسماة.8509 - حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، سمعت ابن زيد يقول في قوله: " وآتوا النساء صدقاتهن نحلة "، قال: " النحلة " في كلام العرب، الواجب= يقول: لا ينكحها إلا بشيء واجب لها، صدقة يسميها لها واجبة، وليس ينبغي لأحد أن ينكح امرأة، بعد النبي صلى الله عليه وسلم ،إلا بصداقٍ واجب، ولا ينبغي أن يكون تسمية الصداق كذبًا بغير حق.* * *وقال آخرون: بل عنى بقوله: " وآتوا النساء صدقاتهن نحلة "، أولياء النساء، وذلك أنهم كانوا يأخذون صَدقاتهن.* ذكر من قال ذلك :8510 - حدثني المثنى قال، حدثنا عمرو بن عون قال، حدثنا هشيم، عن سيار، عن أبي صالح قال، كان الرجل إذا زوج أيِّمه أخذ صداقها دونها، (82) فنهاهم الله تبارك وتعالى عن ذلك، ونزلت: " وآتوا النساء صدقاتهن نحلة " .* * *وقال آخرون: بل كان ذلك من أولياء النساء، بأن يعطى الرجل أخته لرجل، على أن يعطيه الآخر أخته، على أن لا كثير مهر بينهما، فنهوا عن ذلك. (83)* ذكر من قال ذلك:8511 - حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال، حدثنا المعتمر بن سليمان، عن أبيه قال: زعم حضرميٌّ أن أناسًا كانوا يعطي هذا الرجل أخته، ويأخذ أخت الرجل، ولا يأخذون كثير مهر، فقال الله تبارك وتعالى: " وآتوا النساء صدقاتهن نحلة ".* * *قال أبو جعفر: وأولى التأويلات التي ذكرناها في ذلك، التأويل الذي قلناه. وذلك أن الله تبارك وتعالى ابتدأ ذكر هذه الآية بخطاب الناكحين النساءَ، ونهاهم عن ظلمهنّ والجور عليهن، وعرّفهم سبيلَ النجاة من ظلمهنّ. ولا دلالة في الآية على أن الخطاب قد صُرِف عنهم إلى غيرهم. فإذْ كان ذلك كذلك، فمعلوم أن الذين قيل لهم: فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ ، هم الذين قيل لهم: " وآتوا النساء صدقاتهن "= وأن معناه: وآتوا من نكحتم من النساء صدقاتهن نحلة، لأنه قال في أوّل [الآية]: (84) فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ ، ولم يقل: " فأنكحوا "، فيكون قوله: " وآتوا النساء صدقاتهن "، مصروفًا إلى أنه معنيّ به أولياء النساء دون أزواجهن.وهذا أمرٌ من الله أزواجَ النساء المدخول بهن والمسمَّى لهن الصداق، أن يؤتوهن صدُقاتهن، دون المطلقات قبل الدخول ممن لم يسمّ لها في عقد النكاح صداق.* * *القول في تأويل قوله : فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَرِيئًا (4)قال أبو جعفر: يعني بذلك جل ثناؤه: فإن وهب لكم، أيها الرجال، نساؤكم شيئًا من صدقاتهن، طيبة بذلك أنفسهن، فكلوه هنيئًا مريئًا، كما:-8512 - حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال، حدثنا بشر بن المفضل قال، حدثنا عمارة، عن عكرمة: " فإن طبن لكم عن شيء منه نفسًا "، قال: المهر.8513 - حدثنا محمد بن المثنى قال، حدثني حَرَميّ بن عمارة قال، حدثنا شعبة، عن عمارة، عن عكرمة، [عن عمارة] في قوله الله تبارك وتعالى: " فإن طبن لكم عن شيء منه نفسًا "، قال: الصدقات. (85)8514 - حدثني المثنى قال، حدثني الحماني قال، حدثنا شريك، عن سالم، عن سعيد: " فإن طبن لكم عن شيء منه نفسًا " قال: الأزواج.8515 - حدثني المثنى قال، حدثنا عمرو بن عون قال، أخبرنا هشيم، عن عبيدة قال، قال لي إبراهيم: أكلتَ من الهنيء المريء! قلت: ما ذاك؟ قال: امرأتك أعطتك من صَداقها.8516 - حدثنا ابن حميد قال، حدثنا جرير، عن منصور، عن إبراهيم قال: دخل رجل على علقمة وهو يأكل من طعام بين يديه، من شيء أعطته امرأته من صداقها أو غيره، فقال له علقمة: ادْنُ فكل من الهنيء المريء!8517 - حدثني المثنى قال، حدثنا عبدالله بن صالح قال، حدثني معاوية بن صالح، عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس: " فإن طبن لكم عن شيء منه نفسًا فكلوه هنيئًا مريئًا "، يقول: إذا كان غيرَ إضرار ولا خديعة، فهو هنيء مريء، كما قال الله جل ثناؤه.8518 - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج: " فإن طبن لكم عن شيء منه نفسًا "، قال: الصداق،" فكلوه هنيئًا مريئًا ".8519 - حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، سمعت ابن زيد يقول في قوله: " فإن طبن لكم عن شيء منه نفسًا " بعد أن توجبوه لهنّ وتُحُّلوه، =" فكلوه هنيئًا مريئًا ". (86) .8520 - حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال، حدثنا المعتمر، عن أبيه قال: زعم حضرميٌّ أن أناسًا كانوا يتأثمون أن يُراجع أحدهم في شيء مما ساق إلى امرأته، (87) فقال الله تبارك وتعالى: " فإن طبن لكم عن شيء منه نفسًا فكلوه هنيئًا مريئًا ".8521 - حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة: " فإن طبن لكم عن شيء منه نفسًا فكلوه هنيئًا مريئًا "، يقول: ما طابت به نفسًا في غير كَرْه أو هوان، (88) فقد أحلّ الله لك ذلك أن تأكله هنيئًا مريئًا.* * *وقال آخرون: بل عنى بهذا القول أولياء النساء، فقيل لهم: إن طابت أنفس النساء اللواتي إليكم عصمة نكاحهن، بصدقاتهن نفسًا، فكلوه هنيئًا مريئًا.* ذكر من قال ذلك:8522 - حدثني يعقوب بن إبراهيم قال، حدثنا هشيم قال، حدثنا سيار، عن أبي صالح في قوله: " فإن طبن لكم عن شيء منه نفسًا "، قال: كان الرجل إذا زوّج ابنته، عمد إلى صداقها فأخذه، قال: فنزلت هذه الآية في الأولياء: " فإن طبن لكم عن شيء منه نفسًا فكلوه هنيئًا مريئًا ".* * *قال أبو جعفر وأولى التأويلين في ذلك بالصواب، التأويلُ الذي قلنا= وأن الآية مخاطب بها الأزواج. لأن افتتاح الآية مبتدأ بذكرهم، وقوله: " فإن طبن لكم عن شيء منه نفسًا " في سياقه.* * *وإن قال قائل: فكيف قيل: " فإن طبن لكم عن شيء منه نفسًا "، وقد علمت أنّ معنى الكلام: فإن طابت لكم أنفسهن بشيء؟ وكيف وُحِّدت " النفس "، والمعنى للجميع؟ وذلك أنه تعالى ذكره قال: وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً .قيل: أما نقل فعل النفوس إلى أصحاب النفوس، فإن ذلك المستفيض في كلام العرب. من كلامها المعروف: " ضِقت بهذا الأمر ذراعًا وذرعًا "=" وقررت بهذا الأمر عينًا "، والمعنى! ضاق به ذرعي، وقرّت به عيني، كما قال الشاعر: (89)إِذَا التَيَّازُ ذُو العَضَلاتِ قُلْنَا:إلَيْكَ إلَيْكَ ! ضَاقَ بِها ذِرَاعَا (90)فنقل صفة " الذراع " إلى " رب الذراع "، ثم أخرج " الذراع " مفسِّرة لموقع الفعل.وكذلك وحد " النفس " في قوله: " فإن طبن لكم عن شيء منه نفسًا " إذ كانت " النفس " مفسِّرة لموقع الخبر. (91)* * *وأما توحيد " النفس " من النفوس، لأنه إنما أراد " الهوى "، و " الهوى " يكون جماعة، كما قال الشاعر: (92)بهَا جِيَفُ الحَسْرَى، فَأَمَّا عِظَامُهَافَبِيضٌ، وأمّا جِلْدُهَا فَصَلِيب (93)وكما قال الآخر: (94)فِي حَلْقِكُمْ عَظْمٌ وَقَدْ شَجِينَا (95)وقال بعض نحويي الكوفة: جائز في" النفس " في هذا الموضع الجمع والتوحيد،" فإن طبن لكم عن شيء منه نفسًا " و " أنفسًا "، و " ضقت به ذراعًا " و " ذَرْعًا " و " أذْرُعًا "، لأنه منسوب إليك وإلى من تخبر عنه، فاكتفى بالواحد عن الجمع لذلك، ولم يذهب الوهم إلى أنه ليس بمعنى جمع، لأن قبله جمعًا.* * *قال أبو جعفر: والصواب من القول في ذلك عندنا، أن " النفس " وقع موقع الأسماء التي تأتي بلفظ الواحد، مؤدِّيةً معناه إذا ذكر بلفظ الواحد، وأنه بمعنى الجمع عن الجميع.* * *وأما قوله: " هنيئًا "، فإنه مأخوذ من: " هنأت البعير بالقَطِران "، إذا جَرِب فعُولج به، كما قال الشاعر: (96)مُتَبَذِّلا تَبْدُو مَحَاسِنُهُيَضَعُ الهِنَاء مَوَاضِعَ النُّقْبِ (97)فكأنّ معنى قوله: " فكلوه هنيئًا مريئًا "، فكلوه دواء شافيًا.* * *يقال منه: " هنأني الطعام ومرَأني"، أي صار لي دواء وعلاجًا شافيًا،" وهنِئني ومرِئني" بالكسر، وهي قليلة. والذين يقولون هذا القول، يقولون: " يهنَأني ويمرَأني"، والذين يقولون: " هَنَأني" يقولون: " يَهْنِيني وَيمْريني". فإذا أفردوا قالوا: " قد أمرأني هذا الطعام إمراء ". ويقال: " هَنَأت القوم " إذا عُلتهم، سمع من العرب من يقول: " إنما سميت هانئًا لتهنأ "، بمعنى: لتعول وتكفي.-------------------------الهوامش :(80) في المخطوطة: "عليه واجبة" ، ووضع على"عليه" حرف"ط" ، دلالة على الخطأ. والصواب ما كان في المطبوعة.(81) "نحلة" (بكسر النون وسكون الحاء) مصدر مثل"حكمة". و"نحلا" (بضم النون وسكون الحاء) مصدر أيضًا مثل"حكم" (بضم الحاء).(82) في المطبوعة: "إذا زوج أيمة" بالتاء في آخره ، وهو خطأ. يقال ، "امرأة أيم ، ورجل أيم: ". وهي من النساء التي لا زوج لها ، بكرًا كانت أو ثيبًا= ومن الرجال ، الذي لا امرأة له.(83) وذلك هو"الشغار" شغار المتناكحين بغير مهر ، إلا بضع وليته أو أيمه. وكان ذلك من نكاح الجاهلية ، فنهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عنه.(84) في المخطوطة ، أسقط ذكر"الآية" التي وضعتها بين القوسين ، وفي المطبوعة جعلها"في الأول" ، والسياق يقتضي الزيادة كما أثبتها.(85) الأثر: 8513-"حرمي بن عمارة بن أبي حفصة العتكي". أبو روح ، روى عن شعبة. قال أحمد: "صدوق ، كانت فيه غفلة" ، مترجم في التهذيب. و"عمارة" الراوي عن عكرمة ، هو أبو"حرمي بن عمارة" هذا ، وهو"عمارة بن أبي حفصة العتكي". ثقة. مترجم في التهذيب.أما قوله"عكرمة ، عن عمارة" فلم أعرف فيمن روى عنه عكرمة من يسمى"عمارة" وظني أنه خطأ من الناسخ ، إما أن يكون كرر"عمارة" ، أو يكون صوابه"عن ابن عباس" ، فسها وكتب"عن عمارة". ولذلك وضعتها بين قوسين.(86) في المطبوعة: "سمعت ابن زيد يقول في قوله: فإن طبن لكم عن شيء منه نفسًا فكلوه هنيئًا مريئًا" ، وهو كلام غير تام ، لم يذكر إلا نص الآية ، وأثبت ما في المخطوطة ، وإن كان سقط من الناسخ"فكلوه" ، فأثبتها.(87) في المطبوعة: "أن يرجع أحدهم" ، وأثبت ما في المخطوطة.(88) في المخطوطة: "في غير ذكره أو هوان" ، والصواب ما في المطبوعة.(89) هو القطامي.(90) ديوانه: 44 ، معاني القرآن للفراء 1: 256 ، واللسان (تيز) ، ثم ج 20: 319 ، وقد استشهدت به فيما سلف 1: 446 ، تعليق: 6 ، فانظره ، من قصيدته التي مجد فيها زفر بن الحارث ، وهذا البيت في صفة ناقته التي أحسن القيام عليها حتى اشتدت وسمنت وامتلأت نشاطًا ، وقبله:فَلَمَّا أن جَرَى سِمَنٌ عَلَيْهَاكما بَطَّنْتَ بالفَدَن السَّيَاعَاأَمَرْتُ بِهَا الرِّجَالَ ليأخُذُوهَاوَنَحْنُ نَظُنُّ أَنْ لَنْ تُسْتَطَاعَا"السياع" الطين ، و"الفدن" القصر. وقلب الكلام ، وأصله: كما بطنت الفدن بالسياع ، فصار أملس. يصف سمنها حتى امتلأت واشتدت كأنها قصر مشيد. و"التياز": الكثير اللحم الغليظ الشديد. وقوله: "إليك ، إليك" ، أي خذها. يقول له: خذها واضبطها ، ولكنه لم يقو عليها ، وضاق بها ذراعًا. وقد رد ابن بري تفسير"إليك إليك" بمعنى: خذها لتركبها وتروضها ، وقال ، "هذا فيه إشكال ، لأن سيبويه وجميع البصريين ذهبوا إلى أن"إليك" بمعنى: تنح ، وأنها غير متعدية إلى مفعول ، وعلى ما فسروه في البيت ، يقتضي أنها متعدية ، لأنهم جعلوها بمعنى: خذها. ورواه أبو عمرو الشيباني: "لديك لديك" ، عوضًا من"إليك إليك". قال: وهذا أشبه بكلام العرب وقول النحويين ، لأن"لديك" بمعنى"عندك" و"عندك" في الإغراء تكون متعدية".وعندي أن شرح الشراح في"إليك" صواب جيد ، وقد استدرك ابن بري اجتهاده ، ولم يصب فيما استدرك.(91) "التفسير ، والمفسر": التمييز والمميز ، اصلاح الكوفيين ، انظر ما سلف في فهرس المصطلحات. وانظر مقالة الفراء في معاني القرآن 1: 256.(92) هو علقمة بن عبدة (علقمة الفحل).(93) ديوانه: 27 ، وشرح المفضليات: 777 ، وسيبويه 1: 107 وسيأتي في التفسير 17: 10 (بولاق) ، من قصيدته في الحارث بن جبلة بن أبي شمر الغساني ، حين أسر أخاه شأسًا ، فرحل إليه علقمة يطلب فكه. وقوله: "بها جيف الحسري" ، الضمير عائد إلى"العلوب" في البيت السابق ، وهي آثار الطريق في متان الأرض ، و"الحسري" المعيية ، يتركها أصحابها فتموت ، و"الصليب": الودك الذي يسيل من جلودها إذا مضى على موتها زمن ، وهي تحت الشمس ووقدتها. يقول: ماتت وتقادم بها العهد ، فابيضت عظامها ، وتفانى جلدها فلم يبق منه على أرض الطريق سوى آثار الودك الذي سال من جلودها. والسياق: وأما جلدها ، فلا جلد ، إنما هو الصليب وحده.والشاهد في البيت"جلدها" وقد أراد"جلودها".(94) هو المسيب بن زيد مناة الغنوي.(95) سيبويه 1: 107 ، وشرح المفضليات: 778 ، واللسان (شجا) ، وقبله:لا تُنْكِرُوا القَتْل وَقَدْ سُبِينَايذكر قومًا سبوا من قومه ، فجاء قومه فقتلوا منهم ، فقال لهم: لا تنكروا قتلنا لكم ، وقد وقع علينا السباء؛ فإن نكن قتلنا منكم حتى صار القتل في حلوقكم كالعظم اعترض في مجراها ، ففي حلوقنا نحن أيضًا شجا قد اعترض ، هو سباؤكم من سبيتم منا. يقول: هذه بهذه.والشاهد قوله: "في حلقكم" ، وقد أراد"حلوقكم".(96) هو دريد بن الصمة.(97) الشعر والشعراء 302 ، والأغاني 10: 22 ، واللسان (نقب) ، وغيرها ، من أبياته التي قالها حين مر بالخنساء بنت عمرو بن الشريد ، وهي تهنأ بعيرًا لها ، وقد تبذلت حتى فرغت منه ، ثم نضت عنها ثيابها فاغتسلت ، ودريد يراها وهي لا تشعر به ، فأعجبته ، فانصرف إلى رحله يقول:حَيُّوا تُمَاضِرَ وَارْبعُوا صَحْبىوَقِفُوا، فَإِنَّ وُقُوفَكُمْ حَسْبىأَخُنَاسَ، قَدْ هَامَ الفُؤَادُ بكُمْوأصابَهُ تَبْلٌ مِنَ الحُبِّمَا إِنْ رَأَيْتُ وَلا سَمِعْتُ بِهكاليَوْمَ طَالِيَ أَيْنقٍ جُرْبِمُتَبَذِّلا ... ... ... ... .... . . . . . . . . . . . . . . . . . .مُتَحَسِّرًا نَضَحَ الهِنَاءُ بِهنَضْحَ العَبِيرِ برَيْطَةِ العَصْبِفَسَلِيهِمُ عَنِّي خُنَاسَ، إِذَاعَضَّ الجَمِيعَ الخَطْبُ: مَا خَطْبي?ثم خطبها إلى أبيها فردته ، فهجاها ، وزعم أنها ردته لأنه شيخ كبير ، فقيل للخنساء: ألا تجيبينه؟ فقالت: لا أجمع عليه أن أرده وأهجوه. و"النقب": (بضم النون وسكون القاف) و"النقب" (بضم ففتح) جمع نقبة: أول الجرب حين يبدو.
وَ لَا تُؤْتُوا السُّفَهَآءَ اَمْوَالَكُمُ الَّتِیْ جَعَلَ اللّٰهُ لَكُمْ قِیٰمًا وَّ ارْزُقُوْهُمْ فِیْهَا وَ اكْسُوْهُمْ وَ قُوْلُوْا لَهُمْ قَوْلًا مَّعْرُوْفًا(۵)
اور بے عقلوں کو (ف۱۳) ان کے مال نہ دو جو تمہارے پاس ہیں جن کو اللہ نے تمہاری بسر اوقات کیا ہے اور انہیں اس میں سے کھلاؤ اور پہناؤ اور ان سے اچھی بات کہو (ف۱۴)
القول في تأويل قوله : وَلا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَامًا وَارْزُقُوهُمْ فِيهَا وَاكْسُوهُمْ (98)قال أبو جعفر: اختلف أهل التأويل في" السفهاء " الذين نهى الله جل ثناؤه عباده أن يؤتوهم أموالهم. (99)فقال بعضهم: هم النساء والصبيان.* ذكر من قال ذلك:8523 - حدثنا محمد بن بشار قال، حدثنا عبد الرحمن بن مهدي قال، حدثنا إسرائيل، عن عبد الكريم، عن سعيد بن جبير قال: اليتامى والنساء.8524 - حدثنا المثنى قال، حدثنا عمرو بن عون قال، حدثنا هشيم، عن يونس، عن الحسن في قوله: " ولا تؤتوا السفهاء أموالكم "، قال: لا تعطوا الصغار والنساء.8525 - حدثنا ابن بشار قال، حدثنا عبد الرحمن قال، حدثنا يزيد بن زريع، عن يونس، عن الحسن قال: المرأة والصبيّ.8526 - حدثني المثنى قال، حدثنا عمرو بن عون قال، أخبرنا هشيم، عن شريك، عن أبي حمزة، عن الحسن قال: النساء والصغار، والنساء أسفه السفهاء.8527 - حدثنا الحسن بن يحيى قال، حدثنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر، عن الحسن في قوله: " ولا تؤتوا السفهاء أموالكم "، قال: " السفهاء " ابنك السفيه، وامرأتك السفيهة. وقد ذكر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " اتقوا الله في الضعيفين، اليتيم والمرأة ".8528 - حدثني المثنى قال، حدثنا الحماني قال، حدثنا حميد، عن عبد الرحمن الرؤاسي، عن السدي= قال: يردّه إلى عبدالله= قال: النساء والصبيان.8529 - حدثنا محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن مفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي: " ولا تؤتوا السفهاء أموالكم "، أما " السفهاء "، فالولد والمرأة.8530 - حدثت عن الحسين بن الفرج قال، سمعت أبا معاذ يقول، أخبرنا عبيد بن سليمان، عن الضحاك قوله: " ولا تؤتوا السفهاء أموالكم "، يعني بذلك: ولد الرجل وامرأته، وهي أسفه السفهاء.8531 - حدثني يحيى بن أبي طالب قال، حدثنا يزيد قال، أخبرنا جويبر، عن الضحاك في قوله: " ولا تؤتوا السفهاء أموالكم "، قال: " السفهاء " الولد، والنساء أسفه السفهاء، فيكونوا عليكم أربابًا.8532 - حدثنا أحمد بن حازم الغفاري قال، حدثنا أبو نعيم قال، حدثنا سفيان، عن سلمة بن نبيط، عن الضحاك، قال: أولادكم ونساؤكم.8533 - حدثني المثنى قال، حدثنا الحماني قال، حدثنا أبي، عن سلمة، عن الضحاك قال: النساء والصبيان.8534 - حدثنا أحمد بن حازم قال، حدثنا أبو نعيم قال، حدثنا سفيان، عن حميد الأعرج، عن مجاهد: " ولا تؤتوا السفهاء أموالكم "، قال: النساء والولدان.8535 - حدثنا أحمد قال، حدثنا أبو نعيم قال، حدثنا ابن أبي غَنِيّة، عن الحكم: " ولا تؤتوا السفهاء أموالكم "، قال: النساء والولدان. (100)8536 - حدثنا بشر بن معاذ: قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة قوله: " ولا تؤتوا السفهاء أموالكم التي جعل الله لكم قيامًا "، أمر الله بهذا المال أن يخزن فتُحسن خِزانته، ولا يملكه المرأة السفيهة والغلامُ السفيه.8537 - حدثني المثنى قال، حدثنا الحماني قال، حدثنا ابن المبارك، عن إسماعيل، عن أبي مالك قال: النساء والصبيان.8538 - حدثني المثنى قال، حدثنا أبو صالح قال، حدثني معاوية، عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس: " ولا تؤتوا السفهاء أموالكم "، قال: امرأتك وبنيك= وقال: " السفهاء "، الولدان، والنساء أسفه السفهاء.* * *وقال آخرون: بل " السفهاء "، الصبيان خاصة.* ذكر من قال ذلك:8539 - حدثني المثنى قال، حدثنا سويد بن نصر قال، أخبرنا ابن المبارك، عن شريك، عن سالم، عن سعيد بن جبير في قوله: " ولا تؤتوا السفهاء أموالكم "، قال: هم اليتامى.8540 - حدثنا ابن وكيع قال، حدثني أبي، عن شريك، عن سالم، عن سعيد قال: " السفهاء "، اليتامى.8541 - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثنا هشيم قال، أخبرنا يونس، عن الحسن في قوله: " ولا تؤتوا السفهاء أموالكم "، يقول: لا تَنْحَلوا الصغار.* * *وقال آخرون: بل عنى بذلك: السفهاء من ولد الرجل.* ذكر من قال ذلك:8542 - حدثنا سعيد بن يحيى الأموي قال، أخبرنا ابن المبارك، عن إسماعيل بن أبي خالد، عن أبي مالك قوله: " ولا تؤتوا السفهاء أموالكم "، قال: لا تعط ولدك السفيه مالك فيفسده، الذي هو قوامك بعد الله تعالى.8543 - حدثنا محمد بن سعد قال، حدثني أبي قال، حدثني عمي قال، حدثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس: " ولا تؤتوا السفهاء أموالكم "، يقول: لا تسلط السفيه من ولدك= فكان ابن عباس يقول: نزل ذلك في السفهاء، وليس اليتامى من ذلك في شيء. (101)8544 - حدثنا محمد بن المثنى قال، حدثنا محمد بن جعفر قال، حدثنا شعبة، عن فراس، عن الشعبي، عن أبي بردة، عن أبي موسى الأشعري أنه قال: ثلاثة يدعون الله فلا يستجيب لهم: رجل كانت له امرأة سيئة الخلق فلم يطلِّقْها، ورجل أعطى ماله سفيهًا وقد قال الله: " ولا تؤتوا السفهاء أموالكم "، ورجل كان له على رجل دين فلم يُشهد عليه. (102)8545 - حدثنا يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، سمعت ابن زيد: " ولا تؤتوا السفهاء أموالكم " الآية، قال: لا تعط السفيه من ولدك رأسًا ولا حائطًا، ولا شيئًا هو لك قيمًا من مالك.* * *وقال آخرون: بل " السفهاء " في هذا الموضع، النساء خاصة دون غيره.* ذكر من قال ذلك:8546 - حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال، حدثنا المعتمر بن سليمان، عن أبيه قال: زعم حضرميٌّ أن رجلا عمد فدفع ماله إلى امرأته، فوضعته في غير الحق، فقال الله تبارك وتعالى: " ولا تؤتوا السفهاء أموالكم ".8547 - حدثنا ابن بشار قال، حدثنا عبد الرحمن قال، حدثنا سفيان، عن حميد، عن مجاهد: " ولا تؤتوا السفهاء أموالكم "، قال: النساء.8548 - حدثني يونس بن عبد الأعلى قال، أخبرنا ابن وهب قال، حدثنا سفيان، عن الثوري، عن حميد، عن قيس، عن مجاهد في قوله: " ولا تؤتوا السفهاء أموالكم "، قال: هنّ النساء.8549 - حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم، عن عيسى عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد في قول الله تبارك وتعالى: " ولا تؤتوا السفهاء أموالكم التي جعل الله لكم قيامًا "، قال: نهى الرجال أن يعطوا النساء أموالهم، وهنّ سفهاء مَنْ كُنَّ أزواجًا أو أمهاتٍ أو بنات.8550 - حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد مثله.8551 - حدثنا ابن بشار قال، حدثنا عبد الأعلى قال، حدثنا هشام، عن الحسن قال: المرأة.8552 - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثنا هشيم قال، أخبرنا جويبر، عن الضحاك قال: النساء مِنْ أسفه السفهاء.8553 - حدثني المثنى قال، حدثنا سويد قال، أخبرنا ابن المبارك، عن أبي عوانة، عن عاصم، عن مورّق قال: مرت امرأة بعبدالله بن عمر لها شارَة وهيْئة، فقال لها ابن عمر: " ولا تؤتوا السفهاء أموالكم التي جعل الله لكم قيامًا ".* * *وقال أبو جعفر: والصواب من القول في تأويل ذلك عندنا، أن الله جل ثناؤه عم بقوله: " ولا تؤتوا السفهاء أموالكم "، فلم يخصص سفيهًا دون سفيه. فغير جائز لأحد أن يؤتي سفيهًا ماله، صبيًا صغيرًا كان أو رجلا كبيرًا، ذكرًا كان أو أنثى.و " السفيه " الذي لا يجوز لوليه أن يؤتِّيه ماله، هو المستحقُّ الحجرَ بتضييعه مالَه وفسادِه وإفسادِه وسوء تدبيره ذلك.وإنما قلنا ما قلنا، من أن المعنيَّ بقوله: " ولا تؤتوا السفهاء " هو من وصفنا دون غيره، لأن الله جل ثناؤه قال في الآية التي تتلوها: وَابْتَلُوا الْيَتَامَى حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ ، فأمر أولياء اليتامى بدفع أموالهم إليهم إذا بلغوا النكاح وأونس منهم الرشد، وقد يدخل في" اليتامى " الذكور والإناث، فلم يخصص بالأمر بدفع ما لَهُم من الأموال، الذكورَ دون الإناث، ولا الإناث دون الذكور.وإذْ كان ذلك كذلك، فمعلومٌ أن الذين أمر أولياؤهم بدفعهم أموالهم، إليهم، وأجيز للمسلمين مبايعتهم ومعاملتهم، غير الذين أمر أولياؤهم بمنعهم أموالهم، وحُظِر على المسلمين مداينتهم ومعاملتهم.فإذْ كان ذلك كذلك، فبيِّنٌ أن " السفهاء " الذين نهى الله المؤمنين أن يؤتوهم أموالهم، هم المستحقون الحجرَ والمستوجبون أن يُولى عليهم أموالهم، وهم من وصفنا صفتهم قبل، وأن من عدا ذلك فغير سفيه، لأن الحجر لا يستحقه من قد بلغ وأونس رشده.* * *وأما قول من قال: " عنى بالسفهاء النساء خاصة "، فإنه جعل اللغة على غير وجهها. وذلك أن العرب لا تكاد تجمع " فعيلا " على " فُعَلاء " إلا في جمع الذكور، أو الذكور والإناث. وأما إذا أرادوا جمع الإناث خاصة لا ذكران معهم، جمعوه على: " فعائل " و " فعيلات "، مثل: " غريبة "، تجمع " غرائب " و " غريبات "، فأما " الغُرَباء "، فجمع " غريب ". (103)* * *واختلف أهل التأويل في تأويل قوله: " أموالكم التي جعل الله لكم قيامًا وارْزُقوهم فيها واكسوهم "،فقال بعضهم: عنى بذلك: لا تؤتوا السفهاء من النساء والصبيان= على ما ذكرنا من اختلاف من حكينا قوله قبل= أيها الرشداء، أموالكم التي تملكونها، فتسلِّطوهم عليها فيفسدوها ويضيعوها، ولكن ارزقوهم أنتم منها إن كانوا ممن تلزمكم نفقته، واكسوهم، وقولوا لهم قولا معروفًا.وقد ذكرنا الرواية عن جماعة ممن قال ذلك، منهم: أبو موسى الأشعري، وابن عباس، والحسن، ومجاهد، وقتادة، وحضرمي، وسنذكر قول الآخرين الذين لم يذكر قولهم فيما مضى قبل.8554 - حدثنا محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن المفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي: " ولا تؤتوا السفهاء أموالكم التي جعل الله لكم قيامًا وارزقوهم فيها "، يقول: لا تعط امرأتك وولدك مالك، فيكونوا هم الذين يقومون عليك، وأطعمهم من مالك واكسُهم.8555 - حدثني محمد بن سعد قال، حدثني أبي قال، حدثني عمي قال، حدثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس: " ولا تؤتوا السفهاء أموالكم التي جعل الله لكم قيامًا وارزقوهم فيها واكسوهم وقولوا لهم قولا معروفًا "، يقول: لا تسلط السفيه من ولدك على مالك، وأمرَه أن يرزقه منه ويكسوه.8556 - حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد في قوله: " ولا تؤتوا السفهاء أموالكم "، قال: لا تعط السفيه من مالك شيئًا هو لك.* * *وقال آخرون: بل معنى ذلك: " ولا تؤتوا السفهاء أموالهم "، ولكنه أضيف إلى الولاة، لأنهم قُوَّامها ومدبِّروها.* * ** ذكر من قال ذلك:8557 - حدثني المثنى قال، حدثنا سويد بن نصر قال، حدثنا ابن المبارك، عن شريك، عن سالم، عن سعيد بن جبير في قوله: " ولا تؤتوا السفهاء أموالكم "،[هو مال اليتيم يكون عندك، يقول: لا تؤته إياه، وأنفقه عليه حتى يبلغ. وإنّما أضاف إلى الأولياء فقال: " أموالكم "، لأنهم قوّامها ومدبروها]. (104)* * *قال أبو جعفر: وقد يدخل في قوله: " ولا تؤتوا السفهاء أموالكم "، أموالُ المنهيِّين عن أن يؤتوهم ذلك، وأموال " السفهاء ". لأن قوله: " أموالكم " غير مخصوص منها بعض الأموال دون بعض. ولا تمنع العرب أن تخاطب قومًا خِطابًا، فيخرج الكلام بعضه خبر عنهم، وبعضه عن غُيَّب، وذلك نحو أن يقولوا: " أكلتم يا فلان أموالكم بالباطل "، فيخاطب الواحد خطاب الجمع، بمعنى: أنك وأصحابك أو وقومك أكلتم أموالكم. فكذلك قوله: " ولا تؤتوا السفهاء "، معناه: لا تؤتوا أيها الناس، سفهاءكم أموالكم التي بعضها لكم وبعضها لهم، فيضيعوها.وإذ كان ذلك كذلك، وكان الله تعالى ذكره قد عم بالنهي عن إيتاء السفهاء الأموال كلَّها، ولم يخصص منها شيئا دون شيء، كان بيِّنًا بذلك أن معنى قوله: " التي جعل الله لكم قيامًا "، إنما هو التي جعل الله لكم ولهم قيامًا، ولكن السفهاء دخل ذكرهم في ذكر المخاطبين بقوله: " لكم ".* * *وأما قوله: " التي جعل الله لكم قيامًا "، فإن " قيامًا " و " قِيَمًا " و " قِوَامًا " في معنى واحد. وإنما " القيام " أصله " القوام "، غير أن " القاف " التي قبل " الواو " لما كانت مكسورة، جعلت " الواو "" ياء " لكسرة ما قبلها، كما يقال: " صُمْت صيامًا "،" وصُلْت صِيالا "، (105) ويقال منه: " فلان قوام أهل بيته " و " قيام أهل بيته ".* * *واختلفت القرأة في قراءة ذلك.فقرأ بعضهم: ( التي جعل الله لكم قِيَمًا ) بكسر " القاف " وفتح " الياء " بغير " ألف ".وقرأه آخرون: " قِيَامًا " بألف.* * *قال محمد: (106) والقراءة التي نختارها: " قِيَامًا " بالألف، لأنها القراءة المعروفة في قراءة أمصار الإسلام، وإن كانت الأخرى غير خطأ ولا فاسد. وإنما اخترنا ما اخترنا من ذلك، لأن القراآت إذا اختلفت في الألفاظ واتفقت في المعاني، فأعجبها إلينا ما كان أظهر وأشهر في قَرَأة أمصار الإسلام.* * *وبنحو الذي قلنا في تأويل قوله: " قيامًا " قال أهل التأويل.* ذكر من قال ذلك:8558 - حدثنا سعيد بن يحيى الأموي قال، حدثنا ابن المبارك، عن إسماعيل بن أبي خالد، عن أبي مالك: " أموالكم التي جعل الله لكم قيامًا "، التي هي قوامك بعد الله. (107)8559 - حدثنا محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن المفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي: " أموالكم التي جعل الله لكم قيامًا "، فإن المال هو قيام الناس، قِوَام معايشهم. يقول: كن أنت قيم أهلك، فلا تعط امرأتك [وولدك] مالك، فيكونوا هم الذين يقومون عليك. (108)8560 - حدثني المثنى قال، حدثنا أبو صالح قال، حدثني معاوية بن صالح، عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس قوله: " ولا تؤتوا السفهاء أموالكم التي جعل الله لكم قيامًا " يقول الله سبحانه: لا تعمد إلى مالك وما خوَّلك الله وجعله لك معيشة، فتعطيه امرأتك أو بَنيك، ثم تنظر إلى ما في أيديهم. ولكن أمسك مالك وأصلحه، وكن أنتَ الذي تنفق عليهم في كسوتهم ورزقهم ومؤونتهم. قال: وقوله: " قيامًا "، بمعنى: قوامكم في معايشكم.8561 - حدثنا الحسن بن يحيى قال أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر، عن الحسن قوله: " قيامًا " قال: قيام عيشك.8562 - حدثني المثنى قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا بكر بن شرود، عن مجاهد أنه قرأ: " التي جعل الله لكم قيامًا "، بالألف، يقول: قيام عيشك. (109)8563 - حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد في قوله: " أموالكم التي جعل الله لكم قيامًا "، قال: لا تعط السفيه من ولدك شيئًا، هو لك قيِّم من مالك. (110)* * *وأما قوله: " وارزقوهم فيها واكسوهم "، فإن أهل التأويل اختلفوا في تأويله.فأما الذين قالوا: إنما عنى الله جل ثناؤه بقوله: " ولا تؤتوا السفهاء أموالكم "، [أموالَ] أولياء السفهاء، لا أموال السفهاء، (111) = فإنهم قالوا: " معنى ذلك: وارزقوا، أيها الناس، سفهاءكم من نسائكم وأولادكم، من أموالكم طعامهم، وما لا بد لهم منه من مُؤَنهم وكسوتهم ".وقد ذكرنا بعض قائلي ذلك فيما مضى، وسنذكر من لم يُذكر من قائليه.8564 - حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم، عن عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد قال: أمروا أن يرزقوا سفهاءهم- من أزواجهم وأمهاتهم وبناتهم- من أموالهم.8565 - حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد مثله.8566 - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج عن ابن جريج قال، قال ابن عباس قوله: " وارزقوهم "، قال، يقول: أنفقوا عليهم.8567 - حدثني محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن المفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي: " وارزقوهم فيها واكسوهم "، يقول: أطعمهم من مالك واكسهم.* * *وأما الذين قالوا: إنما عنى بقوله: " ولا تؤتوا السفهاء أموالكم "، أموالَ السفهاء أن لا يؤتيهموها أولياؤهم "، فإنهم قالوا: " معنى قوله: " وارزقوهم فيها واكسوهم "، وارزقوا، أيها الولاة ولاةَ أموال السفهاء، سفهاءكم من أموالهم، طعامهم وما لا بد لهم من مؤنهم وكسوتهم. وقد مضى ذكر ذلك. (112)* * *قال أبو جعفر: وأما الذي نراه صوابًا في قوله: " ولا تؤتوا السفهاء أموالكم " من التأويل، فقد ذكرناه، ودللنا على صحة ما قلنا في ذلك بما أغنى عن إعادته.* * *فتأويل قوله: " وارزقوهم فيها واكسوهم "، على التأويل الذي قلنا في قوله: " ولا تؤتوا السفهاء أموالكم "= وأنفقوا على سفهائكم من أولادكم ونسائكم الذين تجب عليكم نفقتهم من طعامهم وكسوتهم في أموالكم، ولا تسلِّطوهم على أموالكم فيهلكوها= وعلى سفهائكم منهم، ممن لا تجب عليكم نفقته، ومن غيرهم الذين تَلُون أنتم أمورهم، من أموالهم فيما لا بد لهم من مؤنهم في طعامهم وشرابهم وكسوتهم. (113) لأن ذلك هو الواجب من الحكم في قول جميع الحجة، لا خلاف بينهم في ذلك، مع دلالة ظاهر التنزيل على ما قلنا في ذلك.* * *القول في تأويل قوله : وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلا مَعْرُوفًا (5)قال أبو جعفر: اختلف أهل التأويل في تأويل ذلك:فقال بعضهم: معنى ذلك: عِدْهم عِدَة جميلة من البرِّ والصلة.* ذكر من قال ذلك:8568 - حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم، عن عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: " وقولوا لهم قولا معروفًا "، قال: أمروا أن يقولوا لهم قولا معروفًا في البر والصلة= يعني النساء، وهن السفهاء عنده.8569 - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد: " وقولوا لهم قولا معروفًا "، قال: عِدَةً تَعِدُهم. (114)* * *وقال آخرون: بل معنى ذلك: ادعوا لهم.* ذكر من قال ذلك:8570 - حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد في قوله: " وقولوا لهم قولا معروفًا "، إن كان ليس من ولدك ولا ممن يجب عليك أن تنفق عليه، فقل لهم قولا معروفًا، قل لهم: " عافانا الله وإياك "،" وبارك الله فيك ".* * *قال أبو جعفر: وأولى هذه الأقوال في ذلك بالصحة، ما قاله ابن جريج. وهو أن معنى قوله: " وقولوا لهم قولا معروفًا "، أي: قولوا، يا معشر ولاة السفهاء، قولا معروفًا للسفهاء: " إن صَلحتم ورشدتم سلَّمنا إليكم أموالكم، وخلَّينا بينكم وبينها، فاتقوا الله في أنفسكم وأموالكم "، وما أشبه ذلك من القول الذي فيه حث على طاعة الله، ونهي عن معصيته. (115)------------------الهوامش :(98) كان في المطبوعة والمخطوطة سياق الآية إلى "قيامًا". ولكن تفسير أبي جعفر شمل بقية الآية"وارزقوهم فيها واكسوهم ، " كما سيأتي في ص: 571 ، فأتممتها.(99) انظر تفسير"السفه" و"السفهاء" فيما سلف 1 / 293- 295 / 3: 90 ، 129 / 6 57- 60.(100) الأثر: 8535-"أبو نعيم" ، هو"الفضل بن دكين". مضت ترجمته برقم: 2554 ، 3035. و"ابن أبي غنية" (بفتح الغين وكسر النون وياء مشددة مفتوحة) هو: "عبد الملك بن حميد بن أبي غنية ، الخزاعي" ، روى عن أبيه ، وأبي إسحاق السبيعي ، وأبي إسحاق الشيباني ، والحكم بن عتيبة. وروى عنه الثوري ، وهو من أقرانه ، ووكيع ، ويحيى بن أبي زائدة ، وعمارة بن بشر ، وأبو نعيم وآخرون. وهو ثقة. وكان في المطبوعة: "ابن أبي عنبسة" ، أما في المخطوطة ، فإن الناسخ لم يحسن كتابة ما كتب فصارت كأنها"ابن أبي عنية" ، والصواب ما أثبت.و"الحكم" ، هو"الحكم بن عتيبة الكندي" ، مضى مرارًا ، في رقم: 3297.(101) في المطبوعة والمخطوطة: "وليسوا اليتامى" ، وهي لغة رديئة ، أخشى أن يكون ذلك من سهو الناسخ.(102) الأثر: 8544- أخرجه الحاكم في المستدرك 2: 203 من طريق أبي المثنى معاذ بن معاذ العنبري. عن أبيه ، عن شعبة ، مرفوعا ، وقال: "هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه ، لتوقيف أصحاب شعبة هذا الحديث على أبي موسى ، وإنما أجمعوا على سند حديث شعبة بهذا الإسناد: "ثلاثة يؤتون أجرهم مرتين" وقد اتفقا جميعًا على إخراجه" وقال الذهبي: "ولم يخرجاه ، لأن الجمهور رووه عن شعبة موقوفًا ، ورفعه معاذ بن معاذ عنه".(103) هذه الحجة من حسن النظر في العربية ومعاني أبنيتها. والذي استنكره أبو جعفر من جعل اللغة على غير وجهها ، وتحميل العربية ما لا سيبل إليه في بنائها وتركيبها ، وتأويل كتاب الله خاصة بالانتزاع الشديد والجرأة على اللغة ، كأنه قد أصبح في زماننا هذا ، هو القاعدة التي يركب فسادها كل مبتدع في الدين برأيه ، وكل متورك في طلب الصوت في الناس بما يقول في دين ربه الذي ائتمن عليه من أنزل إليهم كتابه ، ليعلمهم ويهديهم ، فخالفوا طريق العلم ، وجاروا عن سنن الهداية.(104) الأثر: 8557- هذا الذي بين القوسين زيادة ليست في المطبوعة ولا المخطوطة ، زدتها من تفسير البغوي (بهامش ابن كثير) 2: 349. وهي أشبه بنص الطبري في ترجمة هذا القول. وقد نسب البغوي هذا القول الذي نقلته ، ورجحت أنها سقطت من ناسخ تفسير الطبري= إلى سعيد بن جبير وعكرمة. والظاهر أن السيوطي أيضًا وقف على نسخة من تفسير الطبري فيها هذا السقط ، فأغفل مقالة سعيد بن جبير التي نقلها البغوي ، ونقل عن ابن المنذر وابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير ما نصه:"عن سعيد بن جبير في قوله: (وَلا تؤتوا السفهاء) ، قال: اليتامى- (أموالكم) قال: أموالهم ، بمنزلة قوله: (وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسكُمْ)وبين أن نص البغوي ، أقرب إلى ما ذكر أبو جعفر ، من نص السيوطي في الدر المنثور 2: 120 فلذلك أثبته. وأرجو أن لا يكون سقط من كلام أبي جعفر الآتي شيء.(105) في المطبوعة والمخطوطة: "حلت حيالا" بالحاء ، وكأن الصواب ما أثبت.(106) هذه هي المرة الثانية التي كتب فيها"قال محمد"- يعني محمد بن جرير الطبري أبا جعفر- مكان: "قال أبو جعفر ، وانظر 519 تعليق: 1 ، فيما سلف قريبًا.(107) الأثر: 8558- هو مختصر الأثر السالف رقم: 8542.(108) الأثر: 8559- هو مختصر الأثر السالف رقم: 8554 ، والزيادة بين القوسين منه وبغيرها لا تستقيم الضمائر. وفي المخطوطة والمطبوعة: "كنت أنت" والصواب"كن أنت" كما أثبتها.(109) الأثر: 8562-"إسحاق" في هذا الأثر ، هو"إسحاق بن الضيف" ، ويقال: "إسحاق ابن إبراهيم بن الضيف ، الباهلي" ، ثقة. مترجم في التهذيب. وأما "بكر بن شرود" فقد ترجم له البخاري في الكبير 2 / 1 / 90 ، وقال: "صنعاني ، قال ابن معين: رأيته ، ليس بثقة". أما ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل 1 / 1 / 338 ، فقد ترجم له باسم: "بكر بن عبد الله بن شروس= ويقال: ابن شرود ، الصنعاني" ، قال ، "روى عن معمر. روى عنه إسحاق بن إبراهيم بن الضيف. سمعت أبي يقول: هو ضعيف الحديث". أما الحافظ ابن حجر ، فقد ترجم له في لسان الميزان 2: 52- 54 ، وروى عن ابن معين أنه قال: "كذاب ، ليس بشيء" ، واستوفى الكلام فيه. وأما "مجاهد" فهو"مجاهد" ابن جبر التابعي الإمام المشهور. وكان في المطبوعة والمخطوطة: "عن ابن مجاهد" ، وزيادة"ابن" خطأ لا شك فيه. كأن الناسخ ظنه"ابن مجاهد" القارئ ، شيخ الصنعة ، أول من سبع القراءات السبعة ، وهو متأخر الميلاد. ولد سنة 245 ، وهو"أبو بكر بن مجاهد" ="أحمد بن موسى بن العباس ابن مجاهد التميمي".(110) الأثر: 8563- انظر الأثر السالف رقم: 8545 ، اختلف لفظاهما مع اتفاق إسنادهما.(111) هذه الزيادة بين القوسين ، استظهرتها من السياق ، وأثبتها للبيان. وكأن ذلك هو الصواب.(112) انظر الأثر: رقم: 8557.(113) انظر تفسير"الرزق" فيما سلف 4: 274 / 5: 44 / 6: 311 = وتفسير"الكسوة" فيما سلف 5: 44 ، 480.(114) في المطبوعة: "تعدوهم" ، وأثبت ما في المخطوطة.(115) انظر تفسير"المعروف" فيما سلف 3: 371 / 4: 547 / 5: 7 ، 44 ، 76 ، 93 137 / 7: 91 ، 105 ، 130= وتفسير"قول معروف" فيما سلف 5: 520.
وَ ابْتَلُوا الْیَتٰمٰى حَتّٰۤى اِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَۚ-فَاِنْ اٰنَسْتُمْ مِّنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوْۤا اِلَیْهِمْ اَمْوَالَهُمْۚ-وَ لَا تَاْكُلُوْهَاۤ اِسْرَافًا وَّ بِدَارًا اَنْ یَّكْبَرُوْاؕ-وَ مَنْ كَانَ غَنِیًّا فَلْیَسْتَعْفِفْۚ-وَ مَنْ كَانَ فَقِیْرًا فَلْیَاْكُلْ بِالْمَعْرُوْفِؕ-فَاِذَا دَفَعْتُمْ اِلَیْهِمْ اَمْوَالَهُمْ فَاَشْهِدُوْا عَلَیْهِمْؕ-وَ كَفٰى بِاللّٰهِ حَسِیْبًا(۶)
اور یتیموں کو آزماتے رہو (ف۱۵) یہاں تک کہ جب وہ نکاح کے قابل ہوں تو اگر تم ان کی سمجھ ٹھیک دیکھو تو ان کے مال انہیں سپرد کردو اور انہیں نہ کھاؤ حد سے بڑھ کر اور اس جلدی میں کہ کہیں بڑے نہ ہوجائیں اور جسے حاجت نہ ہو وہ بچتا رہے (ف۱۶) اور جو حاجت مند ہو وہ بقدر مناسب کھائے، پھر جب تم ان کے مال انہیں سپرد کرو تو ان پر گواہ کرلو، اور اللہ کافی ہے حساب لینے کو،
القول في تأويل قوله جل ثناؤه : وَابْتَلُوا الْيَتَامَى حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَقال أبو جعفر: يعني تعالى ذكره بقوله: " وابتلوا اليتامى "، واختبروا عقول يتاماكم في أفهامهم، وصلاحهم في أديانهم، وإصلاحهم أموالهم، كما:-8571 - حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر، عن قتادة والحسن في قوله: " وابتلوا اليتامى "، قالا يقول: اختبروا اليتامى.8572 - حدثنا محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن المفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي: أما " ابتلوا اليتامى "، فجرِّبوا عقولهم.8573 - حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد في قوله: " وابتلوا اليتامى "، قال: عقولهم.8574 - حدثني المثنى قال، حدثنا عبدالله بن صالح قال، حدثني معاوية بن صالح، عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس قوله: " وابتلوا اليتامى "، قال: اختبروهم.8575 - حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد في قوله: " وابتلوا اليتامى حتى إذا بلغوا النكاح "، قال: اختبروه في رأيه وفي عقله كيف هو. إذا عُرِف أنه قد أُنِس منه رُشد، دفع ليه ماله. قال: وذلك بعد الاحتلام.* * *قال أبو جعفر: وقد دللنا فيما مضى قبل على أن معنى " الابتلاء " الاختبار، بما فيه الكفاية عن إعادته. (116)* * *وأمّا قوله: " إذا بلغوا النكاح "، فإنه يعني: إذا بلغوا الحلم: كما:-8576 - حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم، عن عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد في قوله: " حتى إذا بلغوا النكاح "، حتى إذا احتلموا.8577 - حدثني علي بن داود قال، حدثنا عبدالله بن صالح قال، حدثني معاوية، عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس: " حتى إذا بلغوا النكاح "، قال: عند الحلم.8578 - حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد في قوله: " حتى إذا بلغوا النكاح "، قال: الحلم.* * *القول في تأويل قوله : فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًاقال أبو جعفر: يعني قوله: " فإن آنستم منهم رُشدًا "، فإن وجدتم منهم وعرفتم، كما:-8579 - حدثني المثنى قال، حدثنا أبو صالح قال، حدثني معاوية بن صالح، عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس: " فإن آنستم منهم رشدًا "، قال: عرفتم منهم.* * *يقال: "آنست من فلان خيرًا- وبِرًا "= (117) بمد الألف=" إيناسًا "، و " أنست به آنَسُ أُنْسًا "، بقصر ألفها، إذا ألِفه.* * *وقد ذكر أنها في قراءة عبدالله: ( فإن أحسيتم منهم رشدا )، (118) بمعنى: أحسستم، أي: وجدتم.* * *واختلف أهل التأويل في معنى: " الرشد " الذي ذكره الله في هذه الآية. (119)فقال بعضهم: معنى " الرشد " في هذا الموضع، العقل والصلاح في الدين.* ذكر من قال ذلك:8580 - حدثنا محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن المفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي: " فإن آنستم منهم رشدًا "، عقولا وصلاحًا.8581 - حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة: " فإن آنستم منهم رشدًا "، يقول: صلاحًا في عقله ودينه.* * *وقال آخرون: معنى ذلك: صلاحًا في دينهم، وإصلاحًا لأموالهم.* ذكر من قال ذلك:8582 - حدثنا ابن وكيع قال، حدثني أبي، عن مبارك، عن الحسن قال: رشدًا في الدين، وصلاحًا، وحفظًا للمال.8583 - حدثني المثنى قال، حدثنا أبو صالح قال، حدثني معاوية، عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس: " فإن آنستم منهم رشدًا "، في حالهم، والإصلاحَ في أموالهم.* * *وقال آخرون: بل ذلك العقلُ، خاصة.* ذكر من قال ذلك:8584 - حدثنا محمد بن بشار قال، حدثنا عبد الرحمن قال، حدثنا سفيان، عن منصور، عن مجاهد قال: لا ندفع إلى اليتيم ماله وإن أخذ بلحيته، (120) وإن كان شيخًا، حتى يؤنس منه رشده، العقل.8585 - حدثنا ابن بشار قال، حدثنا يحيى، عن سفيان، عن منصور، عن مجاهد: "آنستم منهم رشدًا "، قال: العقل.8586 - حدثني يعقوب بن إبراهيم قال، حدثنا هشيم قال، أخبرنا أبو شبرمة، عن الشعبي قال: سمعته يقول: إن الرجل ليأخُذُ بلحيته وما بلغ رُشده. (121)* * *وقال آخرون: بل هو الصلاح والعلم بما يصلحه.* ذكر من قال ذلك:8587 - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج: " فإن آنستم منهم رشدًا "، قال: صلاحًا وعلمًا بما يصلحه.* * *قال أبو جعفر: وأولى هذه الأقوال عندي بمعنى " الرشد " في هذا الموضع، العقل وإصلاح المال (122) = لإجماع الجميع على أنه إذا كان كذلك، لم يكن ممن يستحق الحجرَ عليه في ماله، وحَوْزَ ما في يده عنه، وإن كان فاجرًا في دينه. وإذْ كان ذلك إجماعًا من الجميع، فكذلك حكمه إذا بلغ وله مال في يَدي وصيِّ أبيه، أو في يد حاكم قد وَلي ماله لطفولته= واجبٌ عليه تسليم ماله إليه، إذا كان عاقلا بالغًا، مصلحًا لماله= غير مفسد، لأن المعنى الذي به يستحق أن يولَّى على ماله الذي هو في يده، هو المعنى الذي به يستحق أن يمنع يده من ماله الذي هو في يد وليّ، (123) فإنه لا فرق بين ذلك.وفي إجماعهم على أنه غير جائز حيازة ما في يده في حال صحة عقله وإصلاح ما في يده، الدليلُ الواضح على أنه غير جائز منْع يده مما هو له في مثل ذلك الحال، وإن كان قبل ذلك في يد غيره، لا فرْق بينهما. ومن فرَّق بين ذلك، عُكِس عليه القول في ذلك، وسئل الفرق بينهما من أصل أو نظير، فلن يقول في أحدهما قولا إلا ألزم في الآخر مثله.فإذ كان ما وصفنا من الجميع إجماعًا، (124) فبيُّنٌ أن " الرشد " الذي به يستحق اليتيم، إذا بلغ فأونس منه، دَفْعَ ماله إليه، ما قلنا من صحة عقله وإصلاح ماله.* * *القول في تأويل قوله جل ثناؤه : فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ وَلا تَأْكُلُوهَا إِسْرَافًاقال أبو جعفر: يعني بذلك تعالى ذكره ولاةَ أموال اليتامى. يقول الله لهم: فإذا بلغ أيتامكم الحلم، فآنستم منهم عقلا وإصلاحًا لأموالهم، فادفعوا إليهم أموالهم، ولا تحبسوها عنهم.* * *وأما قوله: " فلا تأكلوها إسرافًا "، يعني: بغير ما أباحه الله لك، (125) كما:-8588 - حدثنا الحسن بن يحيى قال أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر، عن قتادة والحسن: " ولا تأكلوها إسرافًا "، يقول: لا تسرف فيها.8589 - حدثنا محمد بن الحسين قال، (126) حدثنا أحمد بن مفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي: " ولا تأكلوها إسرافًا "، قال: يسرف في الأكل.وأصل " الإسراف ": تجاوز الحد المباح إلى ما لم يُبَحْ. وربما كان ذلك في الإفراط، وربما كان في التقصير. غير أنه إذا كان في الإفراط، فاللغة المستعملة فيه أن يقال: " أسْرف يُسرف إسرافًا "= وإذا كان كذلك في التقصير، فالكلام منه: " سَرِف يَسْرَفُ سَرَفًا "، يقال: " مررت بكم فسَرَفْتكم "، يراد منه: فسهوت عنكم وأخطأتكم، كما قال الشاعر: (127)أَعْطَوْا هُنَيْدَةَ يَحْدُوهَا ثَمَانِيَةٌمَا فِي عَطَائِهِمُ مَنٌّ وَلا سَرَفُ (128)يعني بقوله: " ولا سرف "، لا خطأ فيه، يراد به: أنهم يصيبون مواضع العطاء فلا يخطئونها.* * *القول في تأويل قوله : وَبِدَارًا أَنْ يَكْبَرُواقال أبو جعفر: يعني جل ثناؤه بقوله: " وبدارًا "، ومبادرة. وهو مصدر من قول القائل: " بادرت هذا الأمر مبادرة وبِدارًا ".* * *وإنما يعني بذلك جل ثناؤه ولاةَ أموال اليتامى. يقول لهم: لا تأكلوا أموالهم إسرافًا -يعني ما أباح الله لكم أكله- ولا مبادرة منكم بلوغَهم وإيناسَ الرشد منهم، حذرًا أن يبلغوا فيلزمكم تسليمه إليهم، كما:-8590 - حدثني المثنى قال، حدثنا أبو صالح قال، حدثني معاوية بن صالح، عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس قوله: " إسرافًا وبدارًا "، يعني: أكل مال اليتيم مبادرًا أن يبلغ، فيحول بينه وبين ماله.8591 - حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر، عن قتادة والحسن: " ولا تأكلوها إسرافًا وبدارًا "، يقول: لا تسرف فيها ولا تبادره. (129)8592 - حدثنا محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن مفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي: " وبدارًا "، تبادرًا أن يكبروا فيأخذوا أموالهم.8593 - حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد في قوله: " إسرافًا وبدارًا "، قال: هذه لولي اليتيم يأكله، جعلوا له أن يأكل معه، إذا لم يجد شيئًا يضع يده معه، فيذهب يؤخره، يقول: " لا أدفع إليه ماله "، وجعلتَ تأكله تشتهي أكله، لأنك إذا لم تدفعه إليه لك فيه نصيب، وإذا دفعته إليه فليس لك فيه نصيب. (130)* * *وموضع " أن " في قوله: " أن يكبروا " نصبٌ ب" المبادرة "، لأن معنى الكلام: لا تأكلوها مبادرة كِبرهم. (131)* * *القول في تأويل قوله : وَمَنْ كَانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَنْ كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِقال أبو جعفر: يعني بقوله جل ثناؤه: " ومن كان غنيًّا "، من ولاة أموال اليتامى على أموالهم، فليستعفف بماله عن أكلها -بغير الإسراف والبدار أن يكبروا- بما أباح الله له أكلها به، كما:-8594 - حدثنا ابن بشار قال، حدثنا أبو أحمد قال، حدثنا سفيان، عن الأعمش =وابن أبي ليلى، عن الحكم= عن مقسم، عن ابن عباس في قوله: " ومن كان غنيًّا فليستعفف "، قال: بغناه من ماله، (132) حتى يستغنى عن مال اليتيم.8595 - وبه قال، حدثنا سفيان، عن منصور، عن إبراهيم في قوله: " ومن كان غنيًّا فليستعفف " بغناه.8596 - حدثني يعقوب بن إبراهيم قال، حدثنا ابن علية، عن ليث، عن الحكم، عن مقسم، عن ابن عباس في قوله: " ومن كان غنيًا فليستعفف ومن كان فقيرًا فليأكل بالمعروف "، قال: من مال نفسه، ومن كان فقيرًا منهم، إليها محتاجًا، فليأكل بالمعروف.* * *قال أبو جعفر: ثم اختلف أهل التأويل في" المعروف " الذي أذن الله جل ثناؤه لولاة أموالهم أكلها به، إذا كانوا أهل فقر وحاجة إليها. (133)فقال بعضهم: ذلك هو القرضُ يستقرضه من ماله ثم يقضيه.* ذكر من قال ذلك:8597 - حدثنا أبو كريب قال، حدثنا وكيع، عن سفيان وإسرائيل، عن أبي إسحاق، عن حارثة بن مُضَرِّب قال: قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: إنّي أنزلت مالَ الله تعالى مني بمنزلة مال اليتيم، إن استغنيت استعففت، وإن افتقرت أكلت بالمعروف، فإذا أيسرت قضيت. (134)8598 - حدثنا أبو كريب قال، حدثنا ابن عطية، عن زهير، عن العلاء بن المسيب، عن حماد، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس في قوله: " ومن كان فقيرًا فليأكل بالمعروف "، قال: وهو القرض.8599 - حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال، حدثنا المعتمر قال، سمعت يونس، عن محمد بن سيرين، عن عبيدة السلماني، أنه قال في هذه الآية: " ومن كان غنيًا فليستعفف ومن كان فقيرًا فليأكل بالمعروف "، قال: الذي ينفق من مال اليتيم، يكون عليه قرضًا.8600 - حدثني يعقوب بن إبراهيم قال، حدثنا ابن علية قال، حدثنا سلمة بن علقمة، عن محمد بن سيرين قال، سألت عبيدة عن قوله: " ومن كان غنيًّا فليستعفف ومن كان فقيرًا فليأكل بالمعروف "، قال: إنما هو قرض، ألا ترى أنه قال: فَإِذَا دَفَعْتُمْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ فَأَشْهِدُوا عَلَيْهِمْ ؟ قال: فظننت أنه قالها برأيه.8601 - حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا هشام، عن محمد، عن عبيدة في قوله: " ومن كان فقيرًا فليأكل بالمعروف "، وهو عليه قرض.8602 - حدثني يعقوب قال، حدثنا هشيم، عن سلمة بن علقمة، عن ابن سيرين، عن عبيدة في قوله: " ومن كان فقيرًا فليأكل بالمعروف "، قال: المعروف القرض، ألا ترى إلى قوله: فَإِذَا دَفَعْتُمْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ فَأَشْهِدُوا عَلَيْهِمْ ؟ (135)8603 - حدثنا الحسن بن يحيى قال، حدثنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر، عن أيوب، عن ابن سيرين، عن عبيدة= مثل حديث هشام. (136)8604 - حدثني المثنى قال، حدثنا أبو صالح قال، حدثني معاوية بن صالح، عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس: " ومن كان فقيرًا فليأكل بالمعروف "، يعني القرض.8605 - حدثني محمد بن سعد قال، حدثني أبي قال، حدثني عمي قال، حدثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس: " ومن كان غنيًّا فليستعفف ومن كان فقيرًا فليأكل بالمعروف "، يقول: إن كان غنيًّا، فلا يحل له من مال اليتيم أن يأكل منه شيئًا، وإن كان فقيرًا فليستقرض منه، فإذا وجد مَيْسرة فليعطه ما استقرض منه، فذلك أكله بالمعروف.8606 - حدثنا أبو كريب قال، حدثنا ابن إدريس قال، سمعت أبي يذكر، عن حماد، عن سعيد بن جبير قال: يأكل قرضًا بالمعروف. (137)8607 - حدثني يعقوب بن إبراهيم قال، حدثنا هشيم قال، أخبرنا حجاج، عن سعيد بن جبير قال: هو القرض، ما أصاب منه من شيء قضاه إذا أيسر= يعني قوله: " ومن كان غنيًّا فليستعفف ومن كان فقيرًا فليأكل بالمعروف ".8608 - حدثني يعقوب قال، حدثنا ابن علية، عن هشام الدستوائي قال، حدثنا حماد قال، سألت سعيد بن جبير عن هذه الآية: " ومن كان فقيرًا فليأكل بالمعروف "، قال: إن أخذ من ماله قدر قوته قرضًا، فإن أيسر بعدُ قضاه، وإن حضره الموت ولم يوسر، تحلَّله من اليتيم. وإن كان صغيرًا تحلله من وليه. (138)8609 - حدثنا حميد بن مسعدة قال، حدثنا بشر بن المفضل قال، حدثنا شعبة، عن حماد، عن سعيد بن جبير: فليأكل قرضًا. (139)8610 - حدثنا محمد بن المثنى قال، حدثنا محمد بن جعفر قال، حدثنا شعبة، عن حماد، عن سعيد بن جبير: " ومن كان فقيرًا فليأكل بالمعروف "، قال: هو القرض.8611 - حدثنا ابن حميد قال، حدثنا حكام، عن عمرو بن أبي قيس، عن عطاء بن السائب، عن الشعبي: " ومن كان غنيًّا فليستعفف ومن كان فقيرًا فليأكل بالمعروف "، قال: لا يأكله إلا أن يضطر إليه كما يضطر إلى الميتة، فإن أكل منه شيئًا قضاه.8612 - حدثنا حميد بن مسعدة قال، حدثنا بشر بن المفضل قال، حدثنا شعبة، عن عبدالله بن أبي نجيح، عن مجاهد في قوله: " فليأكل بالمعروف "، قال: قرضًا.8613 - حدثنا ابن المثنى قال، حدثنا محمد بن جعفر قال، حدثنا شعبة، عن عبدالله بن أبي نجيح، عن مجاهد مثله.8614 - حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم، عن عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: " فليأكل بالمعروف "، قال: سَلفًا من مال يتيمه.8615 - حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا الثوري، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد= وعن حماد، عن سعيد بن جبير=" فليأكل بالمعروف "، قالا هو القرض= قال الثوري: وقاله الحكم أيضًا، ألا ترى أنه قال: فَإِذَا دَفَعْتُمْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ فَأَشْهِدُوا عَلَيْهِمْ ؟8616 - حدثني يعقوب قال، حدثنا هشيم قال، حدثنا حجاج، عن مجاهد قال:هو القرض، ما أصاب منه من شيء قضاه إذا أيسر= يعني: " ومن كان فقيرًا فليأكل بالمعروف ".8617 - حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبي، عن أبي جعفر، عن الربيع، عن أبي العالية: " فليأكل بالمعروف "، قال: القرض، ألا ترى إلى قوله: فَإِذَا دَفَعْتُمْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ ؟8618 - حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبي، عن سفيان، عن عاصم، عن أبي وائل قال: قرضًا.8619 - حدثنا ابن حميد قال، حدثنا جرير، عن منصور، عن الحكم، عن سعيد بن جبير قال: إذا احتاج الوليُّ أو افتقر فلم يجد شيئًا، أكل من مال اليتيم وكَتَبه، فإن أيسر قضاه، وإن لم يوسر حتى تحضره الوفاة، دعا اليتيمَ فاستحلَّ منه ما أكل.8620 - حدثني يعقوب بن إبراهيم قال، حدثنا ابن علية قال، أخبرنا ابن أبي نجيح، عن مجاهد في قوله: " ومن كان فقيرًا فليأكل بالمعروف "، من مال اليتيم، بغير إسراف ولا قضاءَ عليه فيما أكل منه.* * *واختلف قائلو هذا القول في معنى: " أكل ذلك بالمعروف ". فقال بعضهم: أن يأكل من طعامه بأطراف الأصابع، ولا يلبس منه.* ذكر من قال ذلك:8621 - حدثنا ابن بشار قال، حدثنا أبو أحمد قال، حدثنا سفيان، عن السدي قال، أخبرني من سمع ابن عباس يقول: " ومن كان فقيرًا فليأكل بالمعروف "، قال: بأطراف أصابعه.8622 - حدثنا أبو كريب قال، حدثنا عبيد الله الأشجعي، عن سفيان، عن السدي، عمن سمع ابن عباس يقول، فذكر مثله. (140)8623 - حدثنا محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن مفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي: " ومن كان غنيًّا فليستعفف ومن كان فقيرًا فليأكل بالمعروف "، يقول: " فمن كان غنيًا " مَنْ وَلِيَ مال اليتيم، فليستعفف عن أكله (141) =" ومن كان فقيرًا "، مَنْ وَلِيَ مال اليتيم، فليأكل معه بأصابعه، لا يسرف في الأكل، ولا يلبس.8624 - حدثنا ابن المثنى قال، حدثنا حرمي بن عمارة قال، حدثنا شعبة، عن عمارة، عن عكرمة في مال اليتيم: يدُك مع أيديهم، ولا تتخذ منه قَلَنْسُوة.8625 - حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا ابن عيينة، عن عمرو بن دينار، عن عطاء وعكرمة قالا تضع يدك مع يده.* * *وقال آخرون: بل " المعروف " في ذلك: أن يأكل ما يسدُّ جوعه، ويلبس ما وارَى العورة.* ذكر من قال ذلك:8626 - حدثني يعقوب بن إبراهيم قال، حدثنا هشيم قال، أخبرنا مغيرة، عن إبراهيم قال: إن المعروف ليس بِلبس الكتَّان ولا الحُلَل، ولكن ما سدَّ الجوع ووارى العورة.8627 - حدثنا بن بشار قال، حدثنا عبد الرحمن قال، حدثنا سفيان، عن مغيرة، عن إبراهيم قال: كان يقال: ليس المعروف بلبس الكتان والحلل، ولكن المعروفَ ما سد الجوع ووارى العورة.8628 - حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا الثوري، عن مغيرة، عن إبراهيم نحوه.8629 - حدثنا علي بن سهل قال، حدثنا الوليد بن مسلم قال، حدثنا أبو معبد قال: سئل مكحول عن وَالي اليتيم، ما أكله بالمعروف إذا كان فقيرًا؟ قال: يده مع يده. قيل له: فالكسوة؟ قال: يلبس من ثيابه، فأما أن يتخذ من ماله مالا لنفسه فلا.8630 - حدثنا أبو كريب قال، حدثنا الأشجعي، عن سفيان، عن مغيرة، عن إبراهيم في قوله: " فليأكل بالمعروف "، قال: ما سد الجوع ووارى العورة. أما إنه ليس لَبُوس الكتان والحلل. (142)* * *وقال آخرون: بل ذلك " المعروف "، أكل تمْره، وشرب رِسْل ماشيته، (143) بقيامه على ذلك، فأما الذهب والفضة، فليس له أخذ شيء منهما إلا على وجه القرض.* ذكر من قال ذلك:8631 - حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر، عن الزهري، عن القاسم بن محمد قال: جاء رجل إلى ابن عباس فقال: إن في حجري أموالَ أيتام؟ وهو يستأذنه أن يصيب منها، فقال ابن عباس: ألست تبغي ضالتها؟ (144) قال: بلى! قال: ألست تهنأ جَرْباها؟ (145) قال: بلى! قال: ألست تَلُطُّ حياضها؟ (146) قال: بلى! قال: ألست تَفْرِط عليها يوم وِرْدها؟ (147) قال: بلى! قال: فأصِبْ من رسلها= يعني: من لبنها.8632 - حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا الثوري، عن يحيى بن سعيد، عن القاسم بن محمد قال: جاء أعرابي إلى ابن عباس فقال: إن في حجري أيتامًا، وإن لهم إبلا ولي إبل، وأنا أمنح في إبلي وأفقر، (148) فماذا يحلّ لي من ألبانها؟ قال: إن كنت تبغي ضالتها، وتهنأ جرباها، وتلوط حوضها، (149) وتسقى عليها، (150) فاشرب غير مُضرّ بنسل، (151) ولا ناهكٍ في الحلب. (152)8633 - حدثني المثنى قال، حدثنا عبد الوهاب قال، حدثنا داود، عن أبي العالية في هذه الآية: " ومن كان غنيًّا فليستعفف ومن كان فقيرًا فليأكل بالمعروف "، قال: من فَضل الرِّسل والتمرة. (153)8634 - حدثنا ابن المثنى قال، حدثنا عبد الأعلى قال، حدثنا داود، عن أبي العالية في والي مال اليتيم قال: يأكل من رسل الماشية ومن التمرة لقيامه عليه، ولا يأكل من المال. وقال: ألا ترى أنه قال: فَإِذَا دَفَعْتُمْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ ؟8635 - حدثنا أبو كريب قال، حدثنا ابن إدريس قال سمعت داود، عن رُفيع أبي العالية قال: رُخّص لولي اليتيم أن يصيب من الرِّسل ويأكل من التمرة، وأما الذهب والفضة فلا بد أن تردّ. ثم قرأ: فَإِذَا دَفَعْتُمْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ ، ألا ترى أنه قال: " لا بد من أن يدفع "؟ (154)8636 - حدثني يعقوب بن إبراهيم قال، حدثنا هشيم قال، أخبرنا عوف، عن الحسن أنه قال: إنما كانت أموالهم إذْ ذاك النخل والماشية، (155) فرخّص لهم إذا كان أحدهم محتاجًا أن يصيب من الرِّسْل.8637 - حدثني يعقوب قال، حدثنا هشيم قال، أخبرنا إسماعيل بن سالم، عن الشعبي في قوله: " ومن كان فقيرًا فليأكل بالمعروف "، قال: إذا كان فقيرًا أكل من التمر، (156) وشرب من اللبن، وأصاب من الرسل.8638 - حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة: " ومن كان فقيرًا فليأكل بالمعروف "، ذكر لنا أن عَمَّ ثابت بن رفاعة =وثابت يومئذ يتيمٌ في حجره= من الأنصار، أتى نبيّ الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا نبي الله، إن ابن أخي يتيمٌ في حجري، فما يحلُّ لي من ماله؟ قال: أن تأكل بالمعروف، من غير أن تقي مالك بماله، ولا تتخذ من ماله وَفْرًا. (157) وكان اليتيم يكون له الحائط من النخل، (158) فيقوم وليه على صلاحه وَسقيه، فيصيب من تمرته، (159) أو تكون له الماشية، فيقوم وليه على صلاحها، أو يلي علاجها ومؤونتها، فيصيب من جُزَازها وَعوارضها ورِسْلها. (160) فأما رقاب المال وأصول المال، (161) فليس له أن يستهلكه. (162)8639 - حدثت عن الحسين بن الفرج قال، سمعت أبا معاذ يقول، أخبرنا عبيد ابن سليمان قال، سمعت الضحاك يقول في قوله: " ومن كان فقيرًا فليأكل بالمعروف "، يعني ركوب الدابة وخدمة الخادم. فإن أخذ من ماله قرضًا في غنى، فعليه أن يؤديه، وليس له أن يأكل من ماله شيئا.* * *وقال آخرون منهم: له أن يأكل من جميع المال، إذا كان يلي ذلك، وإن أتى على المال، ولا قضاء عليه.* ذكر من قال ذلك:8640 - حدثنا أبو كريب قال، حدثنا إسماعيل بن صبيح، عن أبي أوَيس، عن يحيى بن سعيد وربيعة جميعًا، عن القاسم بن محمد قال: سئل عمر بن الخطاب رضي الله عنه عما يصلُح لوليّ اليتيم قال: إن كان غنيًّا فليستعفف، وإن كان فقيرًا فليأكل بالمعروف. (163)8641 - حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، أخبرنا يحيى بن أيوب، عن محمد بن عجلان، عن زيد بن أسلم، عن أبيه: أن عمر بن الخطاب كان يقول: يحل لوليِّ الأمر ما يحلّ لولي اليتيم: " من كان غنيًّا فليستعفف ومن كان فقيرًا فليأكل بالمعروف ".8642 - حدثني يعقوب بن إبراهيم قال، حدثنا هشيم قال، أخبرنا الفضل بن عطية، عن عطاء بن أبي رباح في قوله: " ومن كان فقيرًا فليأكل بالمعروف "، قال: إذا احتاج فليأكل بالمعروف، فإن أيسر بعد ذلك فلا قضاء عليه.8643 - حدثنا ابن حميد قال، حدثنا يحيى بن واضح قال، حدثنا الحسين بن واقد، عن يزيد النحوي، عن عكرمة والحسن البصري قالا ذكر الله تبارك وتعالى مال اليتامى فقال: " ومن كان غنيًّا فليستعفف ومن كان فقيرًا فليأكل بالمعروف "، ومعروفُ ذلك: أن يتقي الله في يتيمه.8644 - حدثنا ابن حميد قال، حدثنا حكام، عن عمرو، عن منصور، عن إبراهيم: أنه كان لا يرى قضاءً على وليّ اليتيم إذا أكل وهو محتاجٌ.8645 - حدثنا ابن حميد قال، حدثنا جرير، عن منصور، عن مغيرة، عن حماد، عن إبراهيم: " فليأكل بالمعروف "، في الوصي، قال: لا قضاء عليه.8646 - حدثنا ابن المثنى قال، حدثنا محمد بن جعفر قال، حدثنا شعبة، عن منصور، عن إبراهيم أنه قال في هذه الآية: " ومن كان فقيرًا فليأكل بالمعروف "، قال: إذا عمل فيه وليُّ اليتيم أكل بالمعروف.8647 - حدثنا بشر بن محمد قال، حدثنا يزيد بن زريع قال، حدثنا سعيد، عن قتادة قال: كان الحسن يقول: إذا احتاج أكل بالمعروف من المال طُعْمَةً من الله له. (164)8648 - حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا ابن عيينة، عن عمرو بن دينار، عن الحسن البصري قال: قال رجل للنبي صلى الله عليه وسلم: إن في حجري يتيمًا، أفأضربه؟ قال: فيما كنت ضاربًا منه ولدك؟ قال: أفأصيب من ماله؟ قال: بالمعروف، غير متأثِّل مالا ولا واقٍ مالك بماله. (165)8649 - حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا الثوري، عن ابن أبي نجيح، عن الزبير بن موسى، عن الحسن البصري، مثله. (166)8650 - حدثنا محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم، عن عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن عطاء أنه قال: يضع يده مع أيديهم فيأكل معهم، كقَدْر خدمته وقَدْرِ عمله.8651 - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة قالت: والي اليتيم، إذا كان محتاجًا، يأكل بالمعروف لقيامه بماله.8652 - حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد، وسألته عن قول الله تبارك وتعالى: " ومن كان غنيًّا فليستعفف ومن كان فقيرًا فليأكل بالمعروف "، قال: إن استغنى كفَّ، وإن كان فقيرًا أكل بالمعروف. قال: أكل بيده معهم، لِقيامه على أموالهم، وحفظه إياها، يأكل مما يأكلون منه. وإن استغنى كفَّ عنه ولم يأكل منه شيئًا.* * *قال أبو جعفر: وأولى الأقوال في ذلك بالصواب، قول من قال: " المعروف " الذي عناه الله تبارك وتعالى في قوله: " ومن كان فقيرًا فليأكل بالمعروف "، أكل مال اليتيم عند الضرورة والحاجة إليه، على وجه الاستقراض منه= فأما على غير ذلك الوجه، فغير جائز له أكله. (167)وذلك أن الجميع مجمعون على أن والي اليتيم لا يملك من مال يتيمه إلا القيام بمصلحته. فلما كان إجماعًا منهم أنه غير مالكه، (168) وكان غيرَ جائز لأحد أن يستهلك مال أحد غيره، يتيمًا كان ربُّ المال أو مدركًا رشيدًا= وكان عليه إن تعدَّى فاستهلكه بأكل أو غيره، ضمانه لمن استهلكه عليه، بإجماع من الجميع= وكان والي اليتيم سبيلُه سبيل غيره في أنه لا يملك مال يتيمه = (169) كان كذلك حكمه فيما يلزمه من قضائه إذا أكل منه، سبيلُه سبيلُ غيره، وإن فارقه في أنّ له الاستقراضَ منه عند الحاجة إليه، كما له الاستقراض عليه عند حاجته إلى ما يستقرض عليه، إذا كان قيِّمًا بما فيه مصلحته.* * *ولا معنى لقول من قال: " إنما عنى بالمعروف في هذا الموضع، أكل والي اليتيم من مال اليتيم، لقيامه عليه على وجه الاعتياض على عَمله وسعيه ". لأنّ لوالي اليتيم أن يؤاجر نفسه منه للقيام بأموره، إذا كان اليتيم محتاجًا إلى ذلك بأجرة معلومة، كما يستأجر له غيره من الأجَراء، وكما يشتري له مَن يعينه، (170) غنيًّا كان الوالي أو فقيرًا.وإذ كان ذلك كذلك= وكان الله تعالى ذكره قد دل بقوله: " ومن كان غنيًّا فليستعفف ومن كان فقيرًا فليأكل بالمعروف "، على أن أكل مال اليتيم إنما أذن لمن أذن له من وُلاته في حال الفقر والحاجة= وكانت الحالُ التي للولاة أن يُؤجروا أنفسهم من الأيتام مع حاجة الأيتام إلى الأجراء، غير مخصوص بها حال غِنًى ولا حال فقر = (171) كان معلومًا أن المعنى الذي أبيح لهم من أموال أيتامهم في كل أحوالهم، غير المعنى الذي أبيح لهم ذلك فيه في حال دون حال.ومن أبى ما قلنا، ممن زعم أن لولي اليتيم أكل مال يتيمه عند حاجته إليه على غير وجه القرض، استدلالا بهذه الآية= قيل له: أمجمَعٌ على أن الذي قلت تأويل قوله: " ومن كان فقيرًا فليأكل بالمعروف "؟فإن قال: لا!قيل له: فما برهانك على أن ذلك تأويله، وقد علمت أنه غيرُ مالك مالَ يتيمه؟فإن قال: لأن الله أذن له بأكله!قيل له: أذن له بأكله مطلقًا أم بشرط؟ (172)فإن قال: بشرطٍ، وهو أن يأكله بالمعروف.قيل له: وما ذلك " المعروف "؟ وقد علمت القائلين من الصحابة والتابعين ومن بعدهم من الخالفين أن ذلك هو أكله قرضًا وسلَفًا؟ويقال لهم أيضًا مع ذلك: أرأيت المولَّى عليهم في أموالهم من المجانين والمعاتيه، ألولاة أموالهم أن يأكلوا من أموالهم عند حاجتهم إليه على غير وجه القرض لا الاعتياض من قيامهم بها، كما قلتم ذلك في أموال اليتامى فأبحتموها لهم؟ فإن قالوا: ذلك لهم= خرجوا من قول جميع الحجة.وإن قالوا: ليس ذلك لهم.قيل لهم: فما الفرق بين أموالهم وأموال اليتامى، وحكمُ ولاتهم واحدٌ: في أنهم ولاة أموال غيرهم؟فلن يقولوا في أحدهما شيئًا إلا ألزموا في الآخر مثله. (173)ويُسألون كذلك عن المحجور عليه: هل لمن يلي ماله أن يأكل ماله عند حاجته إليه؟ نحو سؤالِنَاهُمْ عن أموال المجانين والمعاتيه.* * *القول في تأويل قوله عز وجل : فَإِذَا دَفَعْتُمْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ فَأَشْهِدُوا عَلَيْهِمْقال أبو جعفر: يعني بذلك جل ثناؤه: وإذا دفعتم، يا معشرَ ولاة أموال اليتامى، إلى اليتامى أموالهم=" فأشهدوا عليهم "، يقول: فأشهدوا على الأيتام باستيفائهم ذلك منكم، ودفعكموه إليهم، كما:-8653 - حدثني محمد بن سعد قال، حدثني أبي قال، حدثني عمي قال، حدثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس قوله: " فإذا دفعتم إليهم أموالهم فأشهدوا عليهم "، يقول: إذا دفع إلى اليتيم ماله، فليدفعه إليه بالشهود، كما أمره الله تعالى.* * *القول في تأويل قوله : وَكَفَى بِاللَّهِ حَسِيبًا (6)قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: وكفى بالله كافيًا من الشهود الذين يشهدهم والي اليتيم على دفعه مال يتيمه إليه، كما:-8654 - حدثنا محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن مفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي: " وكفى بالله حسيبًا "، يقول: شهيدًا.* * *يقال منه: " قد أحسبني الذي عندي"، يراد به: كفاني. وسمع من العرب: " لأحْسِبَنَّكم من الأسودين "= يعني به: من الماء والتمر (174) =" والمُحْسِب " من الرجال: المرتفع الحسب،" والمُحْسَب "، المكفِيُّ. (175)* * *---------------الهوامش :(116) انظر تفسير"الابتلاء" فيما سلف 2: 49 / 3: 7 ، 220 / 5: 339 / 7: 297 ، 325 ، 454.(117) في المطبوعة: "آنست من فلان خيرًا وقرئ بمد الألف" ، لم يحسن قراءة"وبرًا" في المخطوطة ، فأفسد الكلام إفسادًا.(118) في معاني القرآن للفراء 1: 257: "فإن أحستم" بسين واحدة ساكنة ، وفي بعض نسخه كما في تفسير الطبري ، أما في المخطوطة فقد كتب في الموضعين: "أحسستم" بسينين ، وهو خطأ ، والصواب ما في المطبوعة ، وما في معاني القرآن للفراء.(119) انظر تفسير"الرشد" فيما سلف 3: 482 / 5: 416.(120) قوله: "أخذ بلحيته" يعني: الشيب أخذ بلحيته ، وانظر الأثر التالي: 8586.(121) الأثر: 8586-"أبو شبرمة" كنية"ابن شبرمة" ، وهو القاضي الفقيه المفتي"عبد الله بن شبرمة بن حسان الضبي". وكان عفيفًا حازمًا عاقلا فقيها ، يشبه النساك ، ثقة في الحديث ، شاعرًا ، حسن الخلق ، جوادا.. هكذا وصفوه رحمه الله.(122) انظر التعليق السالف ص: 576 ، تعليق: 1 ، في مراجع تفسير"الرشد".(123) في المخطوطة والمطبوعة: "في يد ولي" ، والصواب حذف هذه الهاء ، فإنه مفسدة للكلام ولو قرئت: "في يد وليه" لكانت جيدة.(124) في المطبوعة: "فإن كان ما وصفنا" ، والصواب من المخطوطة.(125) في المطبوعة: "أباحه الله لكم" بالجمع ، وأثبت ما في المخطوطة. وانظر تفسير "أكل المال" فيما سلف 3: 548- 551 / 7: 528.(126) الأثر: 8589-"محمد بن الحسين بن موسى بن أبي حنين الكوفي" ، مضت ترجمته برقم: 7120 ، وكان في المخطوطة والمطبوعة: "محمد بن الحسن" ، وهو خطأ ، فهذا إسناد دائر في التفسير.(127) هو جرير.(128) ديوانه: 389 ، وطبقات فحول الشعراء: 359 ، والاشتقاق: 241 ، واللسان (هند) (سرف) ، وغيرها ، وسيأتي في التفسير 8: 46 / 30: 159 (بولاق) ، من قصيدته التي مدح بها يزيد بن عبد الملك ، وهجا آل المهلب ، يقول ليزيد ، قبله:أرْجُو الفَوَاضِلَ إِنَّ الله فَضَّلَكُمْيَا قَبْل نَفْسِكَ لاقَى نَفْسِيَ التَّلَفُمَا مَنْ جَفَانَا إذَا حَاجَاتُنَا نَزَلَتْكَمنْ لَنَا عِنْدَه التكْرِيمُ واللَّطَفُكَمْ قَد نَزَلْتُ بِكُمْ ضَيْفًا، فَتُلْحِفُنِيفَضْلَ اللِّحَافِ، وَنِعْمَ الفَضْلُ يُلْتَحَفُوقوله: "هنيدة" اسم لكل مئة من الإبل ، لا تصرف ، ولا تدخلها الألف واللام ، ولا تجمع ، ولا واحد لها من جنسها. و"هند" مثلها في المعنى ، وبه سميت المرأة فيما أرجح ، تساق في مهرها مئة من الإبل ، من كرامتها وعزها ورغبة الأزواج فيها لشرفها. وقوله: "ثمانية" أي ثمانية من العبيد يقومون بأمرها.(129) في المطبوعة: "ولا تبادر" بغير هاء في آخره ، وأثبت ما في المخطوطة.(130) كانت هذه الجملة في المخطوطة هكذا فاسدة الكتابة غير منقوطة: "هذه لولى اليتيم يأكله جعلوا له أن يأكل معه إذا لم يجد سببا يضع معه يده ، فذهب دوحره يقول لا أدفع إليه ماله وجعلت تأكله لسهى أكله ، لأنك لم تدفعه إليه..." ، وهي فاسدة. أما المطبوعة فقد صححها وكتب: "هذه لولي اليتيم خاصة وجعل له" ، وأساء فيما قرأ وفيما كتب. ثم كتب"فيذهب بوجهه" مكان"يؤخره" ، وقد أساء. ثم زاد"إن" في قوله: "لأنك لم تدفعه إليه"فجعلها""لأنك إن لم تدفعه إليه" ، وقد أصاب ، ولكني آثرت"إذا".(131) انظر معاني القرآن للفراء 1: 257.(132) في المطبوعة والمخطوطة: "لغناه عن ماله" ، والصواب بالباء.(133) انظر تفسير"المعروف" فيما سلف ص: 573 تعليق: 2 ، والمراجع هناك.(134) الأثر: 8597-"حارثة بن مضرب الكوفي" ، روى عن عمر ، وعلي ، وروى عنه أبو إسحاق السبيعي. مترجم في التهذيب ، والكبير 2 / 1 / 87 ، وابن أبي حاتم 1 / 2 / 255. وكان في المخطوطة والمطبوعة: "حارثة بن مصرف" ، وهو خطأ وتصحيف.(135) الأثر: 8602-"سلمة بن علقمة التميمي" ، روى عن محمد بن سيرين. ثقة. مترجم في التهذيب. وكان في المخطوطة والمطبوعة: "سلمة عن علقمة" ، وهو خطأ ، وانظر الإسناد السالف رقم: 8600 ، جاء على الصواب.(136) يعني رقم: 8601.(137) الأثر: 8606-"ابن إدريس" هو"عبد الله بن إدريس بن يزيد بن عبد الرحمن الأودي" شيخ أبي كريب ، مضى مرارًا. وكان في المطبوعة والمخطوطة"أبو إدريس" ، وهو خطأ. و"أبوه" هو"إدريس بن يزيد بن عبد الرحمن الأودي" ، روى عن أبيه ، وأبي إسحاق السبيعي ، وسماك بن حرب وغيرهم. مترجم في التهذيب. وكان في المخطوطة"سمعت أبي بكر" ، والصواب ما في المطبوعة.(138) في المخطوطة: "حلله من وليه" ، ولعلها"حلله منه وليه" ، والذي في المطبوعة موافق للسياق.(139) في المخطوطة: "فلا يأكل قرضًا" ، وهو خطأ ، والصواب ما في المطبوعة.(140) الأثر: 8622-"عبيد الله الأشجعي" هو"عبيد الله بن عبيد الرحمن الأشجعي". قال ابن معين: "ما كان بالكوفة أعلم بسيفان الثوري من الأشجعي". وهو ثقة مأمون. مترجم في التهذيب. وكان في المطبوعة: "عبد الله الأشجعي" ، وهو خطأ.(141) في المطبوعة: "فليستعفف عن ماله" ، وأثبت الصواب من المخطوطة.(142) الأثر: 8630-"الأشجعي" ، هو"عبيد الله بن عبيد الرحمن الأشجعي" ، مضى قريبًا في التعليق على الأثر رقم: 8622.(143) "الرسل" (بكسر الراء وسكون السين): اللبن.(144) "بغى الضالة بغاء وبغية وبغاية" (كلها بضم الباء): نشدها وطلبها.(145) هنأ البعير الأجرب يهنؤه ، إذا طلاه بالهناء (بكسر الهاء) ، وهو القطران ، يعالج به من الجرب.(146) "لط الحوض يلطه لطًا": ألصقه بالطين حتى يسد خلله ، قال ابن الأثير: "كذا جاء في الموطأ" انظر الموطأ: 934 ، ويشير به إلى الرواية الأخرى"تلوط" ، كما ستأتي في الأثر التالي. وكان في المطبوعة هنا"تليط". ، وهي صواب أيضًا ، جاء في رواية حديث أشراط الساعة: "ولتقومن وهو يليط حوضه ، " أي يطينه أيضًا. ولكنها لم تجيء في المخطوطة ولا في مكان غيره أعرفه.(147) "فرط يفرط فرطًا": إذ سبق الواردة الإبل إلى الماء ، فهيأ لها الأرسان والدلاء ، وملأ الحياض واستقى لهم. و"يوم الورد" بكسر الراء ، وهو يومها الذي ترد فيه الماء. وكان في المطبوعة: "يوم ورودها" ، وهي صحيحة المعنى ، والذي في المخطوطة هو محض الصواب.(148) "منح الشاة والناقة يمنحها منحًا": أعارها من لا ناقة له ، يأخذ من لبنها ويرعى عليها. ثم يردها عليه. و"أفقرت فلانًا بعيرًا" إذا أعرته بعيرًا يركب ظهره في سفره ثم يرده إليك ، وهو من"فقار" الظهر ، أي ما انتضد من عظام الصلب من لدن الكاهل إلى العجب.(149) "لاطه الحوض يلوطه لوطًا": طلاه بالطين وملسه. انظر التعليق السالف ص: 588 ، رقم: 5.(150) في المخطوطة: "وتسعى عليها" وهو خطأ ، ورواية الموطأ: "وتسقيها يوم وردها".(151) "نهكت الناقة حلبًا أنهكها" ، إذا بالغت في حلبها ونقصها ، فلم يبق في ضرعها لبن. و"الحلب" (بفتح الحاء واللام) و"الحلب" (بسكون اللام) و"الحلاب" مصدر"حلب الشاء والإبل والبقر يحلبها": إذا استخرج ما في ضرعها من اللبن.(152) الأثران: 8631 ، 8632- رواه مالك في الموطأ من طريق"يحيى بن سعيد ، عن القاسم بن محمد" كرواية الأثر الثاني هنا ، مع اختلاف في بعض اللفظ ، وأبو جعفر النحاس في الناسخ والمنسوخ: 93 ، ونسبه السيوطي في الدر المنثور 1: 122 ، إلى مالك ، وسعيد بن منصور ، وعبد بن حميد ، وابن جرير ، وابن المنذر ، والنحاس في ناسخه.(153) في المطبوعة: "والثمرة" بالثاء المثلثة ، وأثبت ما في المخطوطة هنا ، وستأتي بالمثلثة في المخطوطة في الآثار التالية ، ولكن صوابها"بالتاء" ، وانظر حجتنا في ذلك في الأثر رقم: 8636.(154) الأثر -8635-"رفيع بن مهران الرياحي" ، "أبو العالية" مضى برقم: 44 ، 184 ومواضع غيرها ، وكان في المخطوطة والمطبوعة هنا"رفيع عن أبي العالية" بزيادة"عن" وهو خطأ محض.(155) في المطبوعة: "أدخال النخل والماشية" ، وفي المخطوطة: "ادحال" ، ولم أجد لشيء من ذلك معنى ، مع تقليبها على أكثر وجوه التصحيف ، ثم هديت إلى أن أرجح أن يكون صوابها ما أثبت ، وكأن الناسخ رأي"ذال": "ذاك" متصلة بألفها فظنها"حاء" ، فكتب"الكاف" المتطرفة "لامًا" والذي أثبته هو حاق السياق إن شاء الله.(156) في المطبوعة: "من الثمر" بالثاء المثلثة ، وأثبت ما في المخطوطة ، وانظر التعليق السالف ص: 589 ، رقم: 6.(157) "وفر ماله وفرًا": حاطه حتى يكثر ويصير وافرًا ، يعني: أن يتأثل مالا لنفسه ويجمعه من مال يتيمه.(158) "الحائط" البستان من النخل ، إذا كان عليه حائط ، وهو الجدار ، فإذا لم يحيط فهو"ضاحية".(159) في المطبوعة: "ثمرته" ، والصواب من المخطوطة ، وانظر ص589 تعليق: 6 والتعليق السالف: 3.(160) الجزاز والجزازة (بضم الجيم) والجزز (بفتحتين) والجزة (بكسر الجيم وتشديد الزاي) ، وجمعها جزز (بكسر ففتح): هو ما يجزه من صوف الشاة وغيرها. ورواية اللسان والفائق للزمخشري"جززها" جمع"جزة"."والعوارض" جمع عارضة ، وهي الشاة أو البعير تصيبه آفة أو كسر أو داء فيذبحونها ، ومن هجائهم: "بنو فلان لا يأكلون إلا العوارض" ، أي: لا ينحرون الإبل إلا من داء يصيبها."والرسل" اللبن.(161) "رقاب المال" يعني من الأنعام ، و"أصول المال" يعني من النخيل.(162) الأثر: 8638- ذكره الحافظ ابن حجر في الإصابة ، في ترجمة"ثابت بن رفاعة" ، ولم ينسبه لابن جرير ، ونسبه لابن مندة ، وابن فتحون ، من طريق عبد الوهاب ، عن سعيد ، عن قتادة ، وقال: "هذا مرسل ، رجاله ثقات".(163) الأثر: 8640-"إسماعيل بن صبيح اليشكري" مضى برقم: 2996. و"أبو أويس" هو: "عبد الله بن عبد الله بن أويس بن مالك بن أبي عامر الأصبحي" ، ابن عم مالك وصهره على أخته ، قال ابن معين: "صدوق ، وليس بحجة". وقال أبو حاتم: "يكتب حديثه ، ولا يحتج به ، وليس بالقوي". مترجم في التهذيب. وكان في المطبوعة: "عن أبي إدريس" ، وهو خطأ ، صوابه من المخطوطة.(164) "طعمة" (بضم فسكون): رزق ومأكلة ، يقال: "جعل السلطان ناحية كذا طعمة لفلان" أي: مأكلة يأكل منها كما يأكل من كسبه.(165) "تأثل مالا": اتخذ أصل مال يجمعه ويثبته ويخزنه.(166) الأثر: 8649-"الزبير بن موسى بن ميناء المكي" ، روى عن جابر ، وسعيد بن جبير ، وعمرو بن دينار ، وعمر بن عبد العزيز ، وغيرهم. روى عنه ابن جريج ، والثوري ، وابن أبي نجيح. مترجم في التهذيب. وأخشى أن يكون: "أخبرنا الثوري وابن أبي نجيح".(167) في المخطوطة"له أكلها" ، وهو من سهو الناسخ.(168) في المخطوطة: "إجماعًا منه" ، وهو أيضًا من سهو الناسخ.(169) السياق: "فلما كان إجماعًا منهم... كان كذلك حكمه..." وما بينهما عطف وفصل.(170) في المطبوعة: "وكما يشتري له من نصيبه" ، ولا معنى لذلك ، وهي في المخطوطة غير بينة ، واجتهدت قراءتها كما أثبتها ، أي يشتري له رقيقًا يعينه.(171) السياق: "وإذ كان ذلك كذلك... كان معلومًا..." ، وما بينهما عطف وفصل.(172) في المخطوطة: " أذن له بأكله مطلقًا بشرط بشرط" ، وهو سهو ناسخ ، والصواب ما في المطبوعة.(173) في المطبوعة والمخطوطة: "فلن يقولوا في أحدهم" ، وهو خطأ ، صوابه ما أثبت.(174) قيل في شرح هذه الكلمة: "أي: لأوسعن عليكم" ، وهو بمعنى الكفاية.(175) وانظر تفسير"حسبه" فيما سلف 4: 244 / 7: 405.
لِلرِّجَالِ نَصِیْبٌ مِّمَّا تَرَكَ الْوَالِدٰنِ وَ الْاَقْرَبُوْنَ ۪- وَ لِلنِّسَآءِ نَصِیْبٌ مِّمَّا تَرَكَ الْوَالِدٰنِ وَ الْاَقْرَبُوْنَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ اَوْ كَثُرَؕ-نَصِیْبًا مَّفْرُوْضًا(۷)
مردوں کے لئے حصہ ہے اس میں سے جو چھوڑ گئے ماں باپ اور قرابت والے اور عورتوں کے لئے حصہ ہے اس میں سے جو چھوڑ گئے ماں باپ اور قرابت والے ترکہ تھوڑا ہو یا بہت، حصہ ہے اندازہ باندھا ہوا (ف۱۷)
القول في تأويل قوله : لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيبًا مَفْرُوضًا (7)قال أبو جعفر: يعني بذلك تعالى ذكره: للذكور من أولاد الرجل الميِّت حصة من ميراثه، وللإناث منهم حصة منه، من قليل ما خلَّف بعده وكثيره، حصة مفروضة، (1) واجبةٌ معلومة مؤقتة. (2)* * *وذكر أن هذه الآية نزلت من أجل أن أهل الجاهلية كانوا يُورِّثون الذكور دون الإناث، كما:-8655 - حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر، عن قتادة قال: كانوا لا يورِّثون النساء، فنزلت: " وللنساء نصيبٌ مما ترك الوالدان والأقربون ".8656 - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج، عن عكرمة قال: نزلت في أم كحلة وابنة كَحْلة، وثعلبة وأوس بن سويد، وهم من الأنصار. كان أحدهم زوجها والآخر عم ولدها، فقالت: يا رسول الله، توفي زوجي وتركني وابنته، فلم نورَّث! فقال عم ولدها: يا رسول الله، لا تركب فرسًا، ولا تحمل كلا ولا تنكى عدوًّا، يكسب عليها ولا تكتسب! فنزلت: " للرجال نصيب مما ترك الوالدان والأقربون وللنساء نصيب مما ترك الوالدان والأقربون مما قلَّ منه أو كثر نصيبًا مفروضًا ". (3)* * *8657 - حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد في قوله: " للرجال نصيب مما ترك الوالدان والأقربون "، قال: كان النساء لا يورَّثن في الجاهلية من الآباء، (4) وكان الكبير يرث، ولا يرث الصغير وإن كان ذكرًا، فقال الله تبارك وتعالى: " للرجال نصيبٌ مما ترك الوالدان والأقربون " إلى قوله: " نصيبًا مفروضًا ".قال أبو جعفر: ونصب قوله: " نصيبًا مفروضًا "، وهو نعت للنكرة، لخروجه مخرجَ المصدر، كقول القائل: " لك عليّ حقّ واجبًا ". ولو كان مكان قوله: " نصيبًا مفروضًا " اسم صحيح، لم يجز نصبه. لا يقال: " لك عندي حق درهمًا " فقوله: " نصيبًا مفروضًا "، كقوله: نصيبًا فريضة وفرضًا، كما يقال: " عندي درهم هبةً مقبوضة ". (5)----------------------الهوامش :(1) انظر تفسير"الفرض" فيما سلف 4: 121 / 5: 120.(2) موقتة: مقدرة محددة ، وأصلها من"الوقت" ثم اتسع في استعمالها في كل محدود ، ومنه حديث علي رضي الله عنه."فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يوقت فيها شيئًا" ، أي: لم يفرض في شرب الخمر مقدارًا معينًا من الجلد. ومنه أخذ النحويون قولهم في العلم الشخصي الذي يعين مسماه تعيينًا مطلقًا غير مقيد ، مثل"زيد" هو: "معرفة موقتة" ، وانظر شرح ذلك في 1: 181 ، تعليق: 1.(3) الأثر: 8656- خرجه الحافظ ابن حجر في الإصابة في ترجمة"أم كجة" ، والسيوطي في الدر المنثور 2: 122 ، ونسبه لابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم. أما الحافظ فذكر رواية الطبري وقال فيها: "نزلت في أم كجة ، وبنت أم كجة ، وثعلبة ، وأوس بن ثابت" فخالف نص الطبري في هذا الموضع ، في"أم كجة" ، و"أوس بن ثابت" كما ترى. وكانت في المطبوعة: "أم كحة" وبنت كحة بالحاء المهملة ، والصواب بضم الكاف وتشديد الجيم المفتوحة ، كما ضبطها الحافظ في الإصابة. وأما السيوطي فقال: "نزلت في أم كلثوم وابنة أم كحلة ، أو أم كحة" ، بالحاء المهملة أيضًا وهو خطأ. وأما "أم كحلة" كما جاء في المخطوطة ، وكما أثبتها ، فقد قال الحافظ في الإصابة أيضًا: "وأما المرأة ، فلم يختلف في أنها أم كجة -بضم الكاف وتشديد الجيم- إلا ما حكى أبو موسى عن المستغفري أنه قال فيها: أم كحلة -بسكون المهملة بعدها لام ، وإلا ما تقدم من أنها بنت كجة ، كما في روايتي ابن جريج ، فيحتمل أن تكون كنيتها وافقت اسم أبيها ، فيستفاد من رواية ابن جريج أنها أم كلثوم".وهذا كأنه ينفي أن تكون رواية الطبري: "أم كحلة" ، ولكن المخطوطة أثبتت ذلك واضحًا في الموضعين ، فلم أجد سبيلا إلى إغفالها أو تغييرها مع هذه الرواية التي رواها الحافظ عن المستغفري ، وثبوتها أيضًا في نص السيوطي ، فيما نقله عن الطبري ، وابن أبي حاتم ، وابن المنذر.وسيأتي ذكر أم كجة في الأثر رقم: 8725 وأنها امرأة عبد الرحمن أخو حسان بن ثابت ، فانظر التعليق على الأثر هناك.وأما "أوس بن سويد" فكما رأيت ، ذكره الحافظ منسوبًا إلى ابن جرير"أوس بن ثابت" ، ولكن الثابت في أصول التفسير وما نقل عنه ، "أوس بن سويد". وقد ترجم الحافظ لأوس بن ثابت الأنصاري وأوس بن سويد ، ولثعلبة بن ثابت الأنصاري ، وثعلبة بن سويد ، وذكر الاختلاف في اسميهما في هذه القصة نفسها. وقد تركت نص الطبري كما هو ، واكتفيت بإثبات الاختلاف الذي ذكر الحافظ ابن حجر ،ومن شاء فليستوفه من هناك ، ومن مظانه الأخرى.* * *وقوله: لا تحمل كلا": أي لا تلي أمر العيال والسعي عليهم."والكل": العيال ،يحتاجون إلى من يحملهم ويرزقهم ، كاليتيم وغيره.وقوله: "ولا تنكى عدوًا" ، يقال منه: "نكيت العدو أنكى (بكسر الكاف) نكاية" ، إذا أصاب منهم ، فقتل وأكثر الجراح. ويقال فيه أيضًا: "ونكأت العدو" بالهمز ، بمعناه. وكان في المطبوعة؛"ولا تنكأ" بالهمز ، وأثبت ما في المخطوطة ، وهما صواب جميعًا.(4) في المطبوعة: "لا يرثن" غير ما في المخطوطة ، وهو ما أثبته.(5) انظر معاني القرآن للفراء 1: 257 ، فهو كنص عبارته.
وَ اِذَا حَضَرَ الْقِسْمَةَ اُولُوا الْقُرْبٰى وَ الْیَتٰمٰى وَ الْمَسٰكِیْنُ فَارْزُقُوْهُمْ مِّنْهُ وَ قُوْلُوْا لَهُمْ قَوْلًا مَّعْرُوْفًا(۸)
پھر بانٹتے وقت اگر رشتہ دار اور یتیم اور مسکین (ف۱۸) آجائیں تو اس میں سے انہیں بھی کچھ دو (ف۱۹) اور ان سے اچھی بات کہو (ف۲۰)
القول في تأويل قوله تعالى : وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَةَ أُولُو الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينُ فَارْزُقُوهُمْ مِنْهُ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلا مَعْرُوفًا (8)قال أبو جعفر: اختلف أهل التأويل في حكم هذه الآية، هل هو محكم أو منسوخ؟فقال بعضهم: هو محكم.ذكر من قال ذلك:8658 - حدثنا أبو كريب قال، حدثنا ابن يمان، عن سفيان، عن الشيباني، عن عكرمة، عن ابن عباس قال، محكمة، وليست منسوخة = يعني قوله: " وإذا حضر القسمة أولوا القربى " الآية.8659 - حدثنا أبو كريب قال، حدثنا الأشجعي، عن سفيان، عن الشيباني، عن عكرمة، عن ابن عباس مثله. (6) .8660 - حدثنا أبو كريب قال، حدثنا ابن يمان، عن سفيان، عن مغيرة، عن إبراهيم والشعبي قالا هي محكمة. (7) .8661 - حدثنا أبو كريب قال، حدثنا ابن يمان، عن سفيان، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد قال، واجب، ما طابت به أنفس أهل الميراث.8662 - حدثنا أبو كريب قال، حدثنا الأشجعي، عن سفيان، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد في قوله: " وإذا حضر القسمة أولوا القربى واليتامى والمساكين "، قال، هي واجبة على أهل الميراث ما طابت به أنفسهم.8663- حدثنا أبو كريب قال، حدثنا الأشجعي، عن سفيان، عن مغيرة، عن إبراهيم والشعبي قالا هي محكمة، ليست بمنسوخة.8664 - حدثنا ابن بشار قال، حدثنا يحيى بن عبد الرحمن، عن سفيان = وحدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا الثوري = عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد قال، هي واجبة على أهل الميراث، ما طابت به أنفسهم.8665 - حدثني يعقوب بن إبراهيم قال، حدثنا هشيم قال، أخبرنا أبو بشر، عن سعيد بن جبير: أنه سئل عن قوله: " وإذا حضر القسمة أولو القربى واليتامى والمساكين فارزقوهم منه وقولوا لهم قولا معروفا " فقال سعيد: هذه الآية يتهاون بها الناس. قال، وهما وليَّان، أحدهما يرث، والآخر لا يرث. والذي يرث هو الذي أمر أن يرزقهم = قال، يعطيهم = قال، والذي لا يرث هو الذي أمر أن يقول لهم قولا معروفا. وهي محكمة وليست بمنسوخة.8666 - حدثني يعقوب بن إبراهيم قال، حدثنا هشيم قال، أخبرنا مغيرة، عن إبراهيم بنحو ذلك = وقال، هي محكمة وليست بمنسوخة.8667 - حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن مطرف، عن الحسن قال، هي ثابتة، ولكن الناس بخلوا وشحوا.8668 - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثنا هشيم قال، أخبرنا منصور والحسن قالا هي محكمة وليست بمنسوخة.8669 - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثنا عباد بن العوام، عن الحجاج، عن الحكم، عن مقسم، عن ابن عباس قال، هي قائمة يعمل بها.8670 - حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم، عن عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد في قوله: " وإذا حضر القسمة أولو القربى واليتامى والمساكين فارزقوهم منه "، ما طابت به الأنفس حقا واجبا.8671 - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثنا أبو سفيان، عن معمر، عن الحسن والزهري قالا في قوله: " وإذا حضر القسمة أولوا القربى واليتامى والمساكين فارزقوهم منه " قال، هي محكمة.8672 - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثنا هشيم قال، أخبرنا منصور، عن قتادة، عن يحيى بن يعمر قال، ثلاث آيات محكمات مدنيات تركهن الناس: هذه الآية: وآية الاستئذان: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِيَسْتَأْذِنْكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ [سورة النور: 58]، وهذه الآية: يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى [سورة الحجرات: 13].8673 - حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة قال، كان الحسن يقول: هي ثابتة.* * *وقال آخرون: منسوخة.ذكر من قال ذلك:8674 - حدثنا محمد بن بشار ومحمد بن المثنى قالا حدثنا ابن أبي عدي، عن سعيد، عن قتادة، عن سعيد أنه قال في هذه الآية: " وإذا حضر القسمة أولو القربى واليتامى والمساكين " قال، كانت هذه الآية قسمة قبل المواريث، فلما أنزل الله المواريث لأهلها، جعلت الوصية لذوي القرابة الذين يحزنون ولا يرثون.8675 - حدثنا ابن بشار قال، حدثنا عبد الرحمن قال، حدثنا قرة بن خالد، عن قتادة قال، سألت سعيد بن المسيب عن هذه الآية: " وإذا حضر القسمة أولو القربى واليتامى والمساكين " قال، هي منسوخة.8676 - حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة، عن سعيد بن المسيب قال، كانت هذه قبل الفرائض وقسمة الميراث، فلما كانت الفرائض والمواريث نسخت.8677 - حدثنا أبو كريب قال، حدثنا ابن يمان، عن سفيان، عن السدي، عن أبي مالك قال، نسختها آية الميراث.8678 - حدثنا أبو كريب قال، حدثنا الأشجعي، عن سفيان، عن السدي، عن أبي مالك مثله.8679 - حدثنا محمد بن سعد قال، حدثني أبي قال، حدثني عمي قال، حدثنا أبي، عن أبيه، عن ابن عباس: " وإذا حضر القسمة أولوا القربى واليتامى " الآية، إلى قوله: " قولا معروفًا "، وذلك قبل أن تنزل الفرائض، فأنزل الله تبارك وتعالى بعد ذلك الفرائض، فأعطى كل ذي حق حقه، فجعلت الصدقة فيما سمَّى المتوفَّي.8680 - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثنا هشيم قال، أخبرنا جويبر، عن الضحاك قال، نسختها المواريث.* * *وقال آخرون: هي محكمة وليست بمنسوخة، غير أن معنى ذلك: " وإذا حضر القسمة "، يعني بها قسمة الميت ماله بوصيته لمن كان يوصي له به . قالوا: وأمر بأن يجعل وصيته في ماله لمن سماه الله تعالى في هذه الآية.ذكر من قال ذلك:8681 - حدثنا سعيد بن يحيى الأموي قال، حدثنا ابن المبارك، عن ابن جريج، عن ابن أبي مليكة، عن القاسم بن محمد: أن عبد الله بن عبد الرحمن قَسَم ميراث أبيه، وعائشة حية، فلم يدع في الدار أحدا إلا أعطاه، وتلا هذه الآية: " وإذا حضر القسمة أولو القربى واليتامى والمساكين فارزقوهم منه ". قال القاسم: فذكرت ذلك لابن عباس فقال، ما أصاب، إنما هذه الوصية = يريد الميت، أن يوصي لقرابته. (8) .8682 - حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا ابن جريج قال، أخبرني ابن أبي مليكة: أن القاسم بن محمد أخبره، أن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي بكر قسم، فذكر نحوه.8684 - حدثنا عمران بن موسى الصَّفَّار قال، حدثنا عبد الوارث بن سعيد قال، حدثنا داود، عن سعيد بن المسيب في قوله: " وإذا حضر القسمة أولو القربى واليتامى والمساكين " قال، أمر أن يوصي بثلثه في قرابته. (9) .8684 - حدثنا ابن المبارك قال، حدثنا عبد الأعلى قال، حدثنا داود، عن سعيد بن المسيب قال، إنما ذلك عند الوصية في ثلثه.8685 - حدثنا ابن المثنى قال، حدثنا عبد الوهاب قال، حدثنا داود، عن سعيد بن المسيب: " وإذا حضر القسمة أولو القربى واليتامى والمساكين فارزقوهم منه "، قال، هي الوصية من الناس.8686 - حدثنا يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد في قوله: " وإذا حضر القسمة أولو القربى واليتامى والمساكين " قال: القسمة الوصية، كان الرجل إذا أوصى قالوا: " فلان يقسم ماله ". فقال،" ارزقوهم منه ". يقول: أوصوا لهم. يقول للذي يوصي: " وقولوا لهم قولا معروفًا " فإن لم توصوا لهم، فقولوا لهم خيرا.* * *قال أبو جعفر: وأولى الأقوال في ذلك بالصحة، قول من قال: هذه الآية محكمة غير منسوخة، وإنما عنى بها الوصية لأولي قربى الموصي = وعنى باليتامى والمساكين: أن يقال لهم قول معروف.وإنما قلنا ذلك أولى بالصحة من غيره، لما قد بينا في غير موضع من كتابنا هذا وغيره، (10) أن شيئا من أحكام الله تبارك وتعالى التي أثبتها في كتابه أو بيَّنها على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم، غير جائز فيه أن يقال له ناسخ لحكم آخر، أو منسوخ بحكم آخر، (11) إلا والحكمان اللذان قضى لأحدهما بأنه ناسخ والآخر بأنه منسوخ = ناف كل واحد منهما صاحبه، غيرُ جائز اجتماع الحكم بهما في وقت واحد بوجه من الوجوه، وإن كان جائزًا صرفه إلى غير النسخ = أو تقولَ بأن أحدهما ناسخ والآخر منسوخ، حجة يجب التسليم لها.وإذْ كان ذلك كذلك، لما قد دللنا في غير موضع = وكان قوله تعالى ذكره: " وإذا حضر القسمة أولو القربى واليتامى والمساكين فارزقوهم منه "، محتملا أن يكون مرادا به: وإذا حضر قسمة مال قاسمٍ مالَه بوصيةٍ، أولو قرابته واليتامى والمساكين، فارزقوهم منه - يراد: فأوصوا لأولي قرابتكم الذين لا يرثونكم منه، وقولوا لليتامى والمساكين قولا معروفًا، كما قال في موضع آخر: كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ [سورة البقرة: 180]، ولا يكون منسوخا بآية الميراث = (12) لم يكن لأحد صرفه إلى أنه منسوخ بآية الميراث، إذ كان لا دلالة على أنه منسوخ بها من كتاب أو سنة ثابتة، وهو محتمل من التأويل ما بينَّا. وإذْ كان ذلك كذلك، فتأويل قوله: " وإذا حضر القسمة "، قسمة الموصي ماله بالوصية، أولو قرابته =" واليتامى والمساكين فارزقوهم منه "، يقول: فاقسموا لهم منه بالوصية، يعني: فأوصوا لأولي القربى من أموالكم =" وقولوا لهم "، يعني الآخرين، وهم اليتامى والمساكين =" قولا معروفًا "، يعني: يدعى لهم بخير، (13) كما قال ابن عباس وسائر من ذكرنا قوله قبلُ.* * *وأما الذين قالوا: " إنّ الآية منسوخة بآية المواريث "، والذين قالوا: " هي محكمة، والمأمور بها ورثة الميت " = فإنهم وَجّهوا قوله: " وإذا حضر القسمة أولو القربى واليتامى والمساكين فارزقوهم منه "، يقول: فأعطوهم منه =" وقولوا لهم قولا معروفًا "، وقد ذكرنا بعضَ من قال ذلك، وسنذكر بقية من قال ذلك ممن لم نذكره:8687 - حدثني المثنى قال، حدثنا عبد الله بن صالح قال، حدثني معاوية بن صالح، عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس قوله: " وإذا حضر القسمة أولو القربى واليتامى والمساكين "، أمر الله جل ثناؤه المؤمنين عند قسمة مواريثهم أن يَصِلوا أرحامهم ويتاماهم من الوصية، إن كان أوصىَ، وإن لم تكن وصية، وصَل إليهم من مواريثهم.8688 - حدثني محمد بن سعد قال، حدثني أبي قال، حدثني عمي قال، حدثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس: " وإذا حضر القسمة أولو القربى " الآية، يعني: عند قسمة الميراث.8689 - حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر، عن هشام بن عروة: أن أباه أعطاهُ من ميراث المُصْعب، حين قسم ماله.8690 - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثنا هشيم قال، أخبرنا عوف، عن ابن سيرين قال، كانوا يرضخون لهم عند القسمة. (14) .8691 - حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن مطر، عن الحسن عن حِطَّان: أن أبا موسى أمر أن يُعْطَوا إذا حضر قسمة الميراث: أولو القربى واليتامى والمساكين والجيرانُ من الفقراء.8692 - حدثنا محمد بن بشار قال، حدثنا يحيى بن سعيد وابن أبي عدي، ومحمد بن جعفر، عن شعبة، عن قتادة، عن يونس بن جبير، عن حطان بن عبد الله الرقاشي قال، قسم أبو موسى بهذه الآية: " وإذا حضر القسمة أولو القربى واليتامى والمساكين ".8693 - حدثنا ابن المثنى قال، حدثنا محمد ويحيى بن سعيد، عن شعبة، عن قتادة، عن يونس بن جبير، عن حطّان، عن أبي موسى في هذه الآية: " وإذا حضر القسمة " الآية قال، قضى بها أبو موسى.8694 - حدثنا ابن حميد قال، حدثنا جرير، عن مغيرة، عن العلاء بن بدر في الميراث إذا قُسم قال، كانوا يعطون منه التابوت والشيء الذي يُستحيى من قسمته. (15)8695 - حدثنا ابن المثنى قال، حدثنا عبد الأعلى قال، حدثنا داود، عن الحسن وسعيد بن جبير، كانا يقولان: ذاك عند قسمة الميراث.8696 - حدثنا أبو كريب قال، حدثنا ابن يمان، عن سفيان، عن عاصم، عن أبي العالية والحسن قالا يرضخون ويقولون قولا معروفًا، في هذه الآية: " وإذا حضر القسمة ".* * *ثم اختلف الذين قالوا: " هذه الآية محكمة، وأن القسمة لأولي القربى واليتامى والمساكين واجبة على أهل الميراث، إن كان بعض أهل الميراث صغيرًا فقسم عليه الميراث وليُّ ماله ".فقال بعضهم: ليس لوليّ ماله أن يقسم من ماله ووصيته شيئًا، لأنه لا يملك من المال شيئا، ولكنه يقول لهم قولا معروفًا. قالوا: والذي أمرَه الله بأن يقول لهم معروفًا، هو ولي مال اليتيم إذا قسم مالَ اليتيم بينه وبين شركاء اليتيم، إلا أن يكون ولي ماله أحد الورثة، فيعطيهم من نصيبه، ويعطيهم من يجوز أمره في ماله من أنصبائهم. قالوا: فأما من مال الصغير، فالذي يولَّى عليه ماله، لا يجوز لوليّ ماله أن يعطيهم منه شيئًا.ذكر من قال ذلك:8697 - حدثنا ابن بشار قال، حدثنا عبد الرحمن قال، حدثنا سفيان، عن السدي، عن أبي سعيد قال، سألت سعيد بن جبير، عن هذه الآية: " وإذا حضر القسمة أولو القربى واليتامى والمساكين فارزقوهم منه " قال، إن كان الميت أوصى لهم بشيء، أنفذت لهم وصيتهم، وإن كان الورثة كبارا رضخوا لهم، وإن كانوا صغارًا قال وليهم: إني لست أملك هذا المال وليس لي، وإنما هو للصغار. فذلك قوله: " وقولوا لهم قولا معروفًا ".8698 - حدثنا ابن بشار قال، حدثنا محمد بن جعفر قال، حدثنا شعبة، عن أبي بشر، عن سعيد بن جبير في هذه الآية: " وإذا حضر القسمة أولو القربى واليتامى والمساكين فارزقوهم منه وقولوا لهم قولا معروفًا " قال، هما وليان، وليٌّ يرث، وولي لا يرث. فأما الذي يرث فيعطَى، وأما الذي لا يرث فقولوا له قولا معروفًا.8699 - حدثني ابن المثنى قال، حدثنا عبد الأعلى قال، حدثني داود، عن الحسن وسعيد بن جبير كانا يقولان: ذلك عند قسمة الميراث. إن كان الميراث لمن قد أدرك، فله أن يكسو منه وأن يطعم الفقراء والمساكين. وإن كان الميراث ليتامى صغار، فيقول الولي: " إنه ليتامى صغار "، ويقول لهم قولا معروفًا. (16)8700 - حدثنا ابن حميد قال، حدثنا ابن يمان، عن سفيان، عن السدي، عن أبي سعد، عن سعيد بن جبير قال، إن كانوا كبارًا رضخوا، وإن كانوا صغارًا اعتذروا إليهم. (17)8701 - حدثنا ابن حميد قال، حدثنا حكام، عن عنبسة، عن سليمان الشيباني، عن عكرمة: " وإذا حضر القسمة أولو القربى " قال، كان ابن عباس يقول: إذا ولي شيئًا من ذلك، يرضخ لأقرباء الميت. وإن لم يفعل، اعتذر إليهم وقال لهم قولا معروفًا.8702 - حدثنا محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن مفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي: " وإذا حضر القسمة أولو القربى واليتامى والمساكين فارزقوهم منه وقولوا لهم قولا معروفًا "، هذه تكون على ثلاثة أوجه: أما وجْهٌ، فيوصي لهم وصية، (18) فيحضرون ويأخذون وصيتهم= وأما الثاني، فإنهم يحضرون فيقتسمون إذا كانوا رجالا فينبغي لهم أن يعطوهم = وأما الثالث، فتكون الورثة صغارًا، فيقوم وليّهم إذا قسم بينهم، فيقول للذين حضروا: " حقكم حق، وقرابتكم قرابة، ولو كان لي في الميراث نصيب لأعطيتكم، ولكنهم صغار، فإن يكبروا فسيعرفون حقكم "، فهذا القول المعروف. (19)8703 - حدثنا ابن المثنى قال، حدثنا عبد الوهاب قال، حدثنا داود، عن رجل، عن سعيد أنه قال،" وإذا حضر القسمة أولو القربى واليتامى والمساكين فارزقوهم منه وقولوا لهم قولا معروفًا " قال، إذا كان الوارث عند القسمة، فكان الإناء والشيء الذي لا يستطاع أن يقسم، فليرضخ لهم. وإن كان الميراث لليتامى، فليقل لهم قولا معروفًا.* * *وقال آخرون منهم: ذلك واجب في أموال الصغار والكبار لأولي القربى واليتامى والمساكين، فإن كان الورثة كبارًا تولَّوا عند القسمة إعطاءهم ذلك، وإن كانوا صغارًا تولّى إعطاء ذلك منهم وليُّ مالهم.ذكر من قال ذلك:8704 - حدثنا يعقوب بن إبراهيم قال، حدثنا ابن علية، عن يونس في قوله: " وإذا حضر القسمة أولو القربى واليتامى والمساكين فارزقوهم منه "، فحدث عن محمد، عن عبيدة: أنه وَلِي وصية، فأمر بشاة فذبحت وصنع طعامًا، لأجل هذه الآية، وقال، لولا هذه الآية لكان هذا من مالي = قال، وقال الحسن: لم تنسخ، كانوا يحضرون فيعطون الشيء والثوب الخلق = قال يونس: إن محمد بن سيرين ولي وصية - أو قال، أيتاما - فأمر بشاة فذبحت، فصنع طعامًا كما صنع عبيدة.8705 - حدثنا مجاهد بن موسى قال، حدثنا يزيد قال، أخبرنا هشام بن حسان، عن محمد: أن عبيدة قسم ميراث أيتام، فأمر بشاة فاشتريت من مالهم، وبطعام فصنع، وقال، لولا هذه الآية لأحببت أن يكون من مالي. ثم قرأ هذه الآية: " وإذا حضر القسمة أولو القربى واليتامى والمساكين فارزقوهم منه "، الآية.* * *قال أبو جعفر: فكأن من ذهب من القائلين القولَ الذي ذكرناه عن ابن عباس وسعيد بن جبير، ومن قال،" يرضخ عند قسمة الميراث لأولي القربى واليتامى والمساكين "، تأول قوله: " فارزقوهم منه "، فأعطوهم منه = وكأن الذين ذهبوا إلى ما قال عبيدة وابن سيرين، تأولوا قوله: " فارزقوهم منه "، فأطعموهم منه.* * *واختلفوا في تأويل قوله: " وقولوا لهم قولا معروفًا ".فقال بعضهم: هو أمر من الله تعالى ذكره ولاةَ اليتامى أن يقولوا لأولي قرابتهم ولليتامى والمساكين إذا حضروا قسمتهم مالَ من وَلُوا عليه ماله من الأموال بينهم وبين شركائهم من الورثة فيها، أن يعتذروا إليهم، على نحو ما قد ذكرناه فيما مضى من الاعتذار، كما:-8706 - حدثني يعقوب بن إبراهيم قال، حدثنا هشيم قال، حدثنا أبو بشر، عن سعيد بن جبير: " وقولوا لهم قولا معروفًا " قال، هو الذي لا يرث، أمر أن يقول لهم قولا معروفًا. قال يقول: " إن هذا المال لقوم غُيَّب، أو ليتامى صغار، ولكم فيه حق، ولسنا نملك أن نعطيكم منه شيئًا ". قال، فهذا القول المعروف.* * *وقال آخرون: بل المأمور بالقول المعروف الذي أمر جل ثناؤه أن يقال له، هو الرجل الذي يوصي في ماله = و " القول المعروف "، هو الدعاء لهم بالرزق والغنى وما أشبه ذلك من قول الخير، وقد ذكرنا قائلي ذلك أيضًا فيما مضى. (20) .---------------------الهوامش :(6) الأثر: 8659 - هذا الأثر ساقط من المطبوعة ، وخلط بينه وبين الذي يليه.(7) الأثر 8660 - كان في المطبوعة: "حدثنا أبو كريب قال ، حدثنا الأشجعي ، عن سفيان..." ، وضع"الأشجعي" من الإسناد السالف الذي أسقطه ، مكان"ابن يمان" فأعدتها إلى الصواب من المخطوطة.(8) الأثر: 8681 -"سعيد بن يحيى بن سعيد الأموي" مضت ترجمته في: 2225 ، وفي مواضع أخرى. وكان في المطبوعة: "يحيى بن سعيد الأموي" ، قدم وأخر ، والصواب من المخطوطة. و"عبد الله بن عبد الرحمن" هو: "عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق" ، وهو ابن أخت أم سلمة ، زوج رسول الله صلى الله عليه وسلم.(9) الأثر: 8683 -"عمران بن موسى الصفار" ، مضت ترجمته برقم: 2154 ، ولكنه موصوف في التهذيب وابن أبي حاتم"القزاز". فهذا اختلاف ينبغي أن يقيد.(10) انظر ما سلف 2: 471 ، 472 ، 482 ، 534 ، 535 / 3: 385 ، 563 / 4: 582 / 5: 414 / 6: 54 ، 118.(11) في المطبوعة والمخطوطة: "أو منسوخ لحكم" باللام ، والصواب بالباء.(12) السياق: "وإذ كان ذلك كذلك ، لما قد دللنا في غير موضع... لم يكن لأحد..." وما بينهما عطف وفصل وبيان.(13) انظر تفسير"قول معروف" فيما سلف 7: 572 ، 573 تعليق: 2= ثم 582 ، تعليق: 1 ، والمراجع هناك.(14) رضخ له من ماله رضيخة: أعطاه عطية مقاربة أو قليلة.(15) أشكل على قوله: "والتابوت" هنا ، وما أراد به.(16) الأثر: 8699 - في المطبوعة"حدثنا ابن داود" ، وهو خطأ أوقعته فيه المخطوطة فإن كتب أولا"حدثنا" ثم ضرب على"ثنا" وكتب"ثني" ، مكانها ، فظنها القارئ"ابن" فكتب ما كتب. و"داوود" هو: "داود بن أبي هند" ، وقد مضت ترجمته فيما سلف: 1608 ، وفي غيره من المواضع.(17) الأثر: 8700 - في المطبوعة: "عن أبي سعيد ، عن سعيد بن جبير" وأثبت ما في المخطوطة. و"أبو سعد" ، هو: "أبو سعد الأرحبي الكوفي" قارئ الأزد ، ويقال ، "أبو سعيد" روى عنه إسماعيل بن عبد الرحمن السدي الكبير ، مترجم في التهذيب.(18) في المطبوعة: "أما الأول ، فيوصي لهم..." ، كأنه ظن عبارة الخبر خطأ ، فغيرها لتطابق قوله بعد: "وأما الثاني" ، والذي في المخطوطة صواب جدًا ، ولا معنى لتغييره.(19) الأثر: 8702 - في المخطوطة والمطبوعة: "حدثنا أحمد بن الحسين قال حدثنا أحمد بن مفضل" ، وهو خطأ صوابه: "حدثنا محمد بن الحسين". وقد مضت ترجمته برقم: 7120. ومضى إسناده مئات من المرات على الصواب ، أقربها رقم: 8654.(20) في المطبوعة ، زاد بعد قوله: "فيما مضى" ="بما أغنى عن إعادته" ، كأنه استأنس بما أكثر أبو جعفر من تكرار مثل هذه الجملة ، ولكنها ليست في المخطوطة ، والكلام هنا غني عنها.
وَ لْیَخْشَ الَّذِیْنَ لَوْ تَرَكُوْا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّیَّةً ضِعٰفًا خَافُوْا عَلَیْهِمْ ۪- فَلْیَتَّقُوا اللّٰهَ وَ لْیَقُوْلُوْا قَوْلًا سَدِیْدًا(۹)
اور ڈریں (ف۲۱) وہ لوگ اگر اپنے بعد ناتواں اولاد چھوڑتے تو ان کا کیسا انہیں خطرہ ہوتا تو چاہئے کہ اللہ سے ڈریں (ف۲۲) اور سیدھی بات کریں (ف۲۳)
القول في تأويل قوله تعالى : وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعَافًا خَافُوا عَلَيْهِمْ فَلْيَتَّقُوا اللَّهَ وَلْيَقُولُوا قَوْلا سَدِيدًا (9)قال أبو جعفر: اختلف أهل التأويل في تأويل ذلك: فقال بعضهم: " وليخش "، ليخف الذين يحضرون موصيًا يوصي في ماله أن يأمره بتفريق ماله وصيةً منه فيمن لا يرثه، (21) ولكن ليأمره أن يبقي ماله لولده، كما لو كان هو الموصي، يسره أن يحثَّه من يحضره على حفظ ماله لولده، وأن لا يدعهم عالة مع ضعفهم وعجزهم عن التصرف والاحتيال. (22) .ذكر من قال ذلك:8707 - حدثني علي بن داود قال، حدثنا عبد الله بن صالح قال، حدثني معاوية بن صالح، عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس قوله: " وليخش الذين لو تركوا من خلفهم ذرية ضعافا خافوا عليهم " إلى آخر الآية، فهذا في الرجل يحضره الموت فيسمعه يوصي بوصية تضر بورثته، فأمر الله سبحانه الذي سمعه أن يتقي الله ويوفقه ويسدده للصواب، ولينظر لورثته كما كان يحب أن يُصنع لورثته إذا خشي عليهم الضيَّعة.8708 - حدثنا علي قال، حدثنا عبد الله بن صالح قال حدثني معاوية، عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس قوله: " وليخش الذين لو تركوا من خلفهم ذرية ضعافًا خافوا عليهم "، يعني: الذي يحضره الموت فيقال له: " تصدق من مالك، وأعتق، وأعط منه في سبيل الله ". فنهوا أن يأمروه بذلك = يعني أن من حضر منكم مريضا عند الموت فلا يأمره أن ينفق ماله في العتق أو الصدقة أو في سبيل الله، ولكن يأمره أن يبيِّن ماله وما عليه من دين، ويوصي في ماله لذوي قرابته الذين لا يرثون، ويوصي لهم بالخمس أو الربع. يقول: أليس يكره أحدكم إذا مات وله ولد ضعاف = يعني صغار = أن يتركهم بغير مال، فيكونوا عيالا على الناس؟ فلا ينبغي أن تأمروه بما لا ترضون به لأنفسكم ولا أولادكم، ولكن قولوا الحق من ذلك.8709 - حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة قوله: " وليخش الذين لو تركوا من خلفهم ذرية ضعافًا "، قال يقول: من حضر ميتًا فليأمره بالعدل والإحسان، ولينهه عن الحَيْف والجور في وصيته، وليخش على عياله ما كان خائفًا على عياله لو نزل به الموت.8710 - حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر، عن قتادة في قوله: " وليخش الذين لو تركوا من خلفهم ذرية ضعافًا " قال، إذا حضرتَ وصية ميت فمره بما كنت آمرًا نفسك بما تتقرَّب به إلى الله، وخَفْ في ذلك ما كنت خائفًا على ضَعَفَةٍ، لو تركتهم بعدك. (23) يقول: فاتّق الله وقل قولا سديدًا، إن هو زاغ.8711 - حدثنا محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن المفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي: " وليخش الذين لو تركوا من خلفهم ذرية ضعافًا خافوا عليهم فليتقوا الله وليقولوا قولا سديدًا "، الرجل يحضره الموت، فيحضره القوم عند الوصية، فلا ينبغي لهم أن يقولوا له: " أوصِ بمالك كله، وقدم لنفسك، فإن الله سيرزق عيالك "، ولا يتركوه يوصي بماله كله، يقول للذين حضروا: " وليخش الذين لو تركوا من خلفهم ذرية ضعافًا خافوا عليهم "، فيقول: كما يخاف أحدكم على عياله لو مات - إذ يتركهم صغارًا ضعافًا لا شيء لهم - الضيعة بعده، (24) فليخف ذلك على عيال أخيه المسلم، فيقول له القول السديد.8712 - حدثنا محمد بن بشار قال، حدثنا عبد الرحمن قال، حدثنا سفيان، عن حبيب قال، ذهبت أنا والحكم بن عتيبَة إلى سعيد بن جبير، فسألناه عن قوله: " وليخش الذين لو تركوا من خلفهم ذرية ضعافًا " الآية، قال قال، الرجل يحضره الموت، فيقول له من يحضره: " اتق الله، صلهم، أعطهم، بِرَّهم "، ولو كانوا هم الذين يأمرهم بالوصية، لأحبوا أن يُبقوا لأولادهم. (25)8713 - حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا الثوري، عن حبيب بن أبي ثابت، عن سعيد بن جبير في قوله: " وليخش الذين لو تركوا من خلفهم ذرية ضعافًا " قال، يحضرهم اليتامى فيقولون: " اتق الله، وصلهم، وأعطهم "، فلو كانوا هم، لأحبُّوا أن يبقوا لأولادهم.8714 - حدثني يحيى بن أبي طالب قال، أخبرنا يزيد قال، أخبرنا جويبر، عن الضحاك في قوله: " وليخش الذين لو تركوا من خلفهم ذرية ضعافًا "، الآية، يقول: إذا حضر أحدكم من حضره الموتُ عند وصيته، فلا يقل: " أعتق من مالك، وتصدق "، فيفرِّق ماله ويدع أهله عُيَّلا (26) ولكن مروه فليكتب ماله من دين وما عليه، ويجعل من ماله لذوي قرابته خمس ماله، ويدع سائره لورثته.8715 - حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد في قوله: " وليخش الذين لو تركوا من خلفهم ذرية ضعافًا خافوا عليهم " الآية قال، هذا يفرِّق المال حين يقسم، فيقول الذين يحضرون: " أقللت، زد فلانًا "، فيقول الله تعالى: " وليخش الذين لو تركوا من خلفهم "، فليخش أولئك، وليقولوا فيهم مثل ما يحب أحدهم أن يقال في ولده بالعَدل إذا أكثر: " أبق على ولدك ".* * *وقال آخرون: بل معنى ذلك: وليخش الذين يحضرون الموصي وهو يوصي = الذين لو تركوا من خلفهم ذرية ضعافًا فخافوا عليهم الضيعة من ضعفهم وطفولتهم = أن ينهوه عن الوصية لأقربائه، وأن يأمروه بإمساك ماله والتحفظ به لولده، وهم لو كانوا من أقرباء الموصي، لسرَّهم أن يوصي لهم.ذكر من قال ذلك:8716 - حدثنا محمد بن بشار قال، حدثنا عبد الرحمن قال، حدثنا سفيان، عن حبيب قال، ذهبت أنا والحكم بن عتيبة، فأتينا مِقْسَمًا فسألناه = يعني عن قوله: " وليخش الذين لو تركوا من خلفهم ذرية ضعافا " الآية = فقال، ما قال سعيد بن جبير؟ فقلنا: كذا وكذا. فقال، ولكنه الرجل يحضره الموت، فيقول له من يحضره: " اتق الله وأمسك عليك مالك، فليس أحد أحقَّ بمالك من ولدك "، ولو كان الذي يوصي ذا قرابة لهم، لأحبوا أن يوصي لهم. (27)8717 - حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا الثوري، عن حبيب بن أبي ثابت قال، قال مِقسم: هم الذين يقولون: " اتق الله وأمسك عليك مالك "، فلو كان ذا قرابة لهم لأحبوا أن يوصي لهم.8718 - حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال، حدثنا المعتمر بن سليمان، عن أبيه قال، زعم حضرمي وقرأ: " وليخش الذين لو تركوا من خلفهم ذرية ضعافًا "، قال قالوا: حقيقٌ أن يأمر صاحب الوصية بالوصية لأهلها، كما أن لو كانت ذرية نفسه بتلك المنزلة، لأحب أن يوصي لهم، وإن كان هو الوارث، فلا يمنعه ذلك أن يأمره بالذي يحق عليه، فإن ولده لو كانوا بتلك المنزلة أحب أن يُحَثَّ عليه، فليتق الله هو، فليأمره بالوصية، وإن كان هو الوارث، أو نحوًا من ذلك. (28) .* * *وقال آخرون: بل معنى ذلك، أمرٌ من الله ولاةَ اليتامى أن يلُوهم بالإحسان إليهم في أنفسهم وأموالهم، ولا يأكلوا أموالهم إسرافًا وبدارًا أن يكبروا، وأن يكونوا لهم كما يحبون أن يكون ولاة ولده الصِّغار بعدهم لهم بالإحسان إليهم، لو كانوا هم الذين ماتوا وتركوا أولادهم يتامى صغارًا.ذكر من قال ذلك:8719 - حدثني محمد بن سعد قال، حدثني أبي قال، حدثني عمي قال، حدثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس قوله: " وليخش الذين لو تركوا من خلفهم ذرية ضعافًا خافوا عليهم "، يعني بذلك الرجلَ يموت وله أولاد صغارٌ ضعاف، يخاف عليهم العَيْلة والضيعة، ويخاف بعده أن لا يحسن إليه من يليهم، يقول: فإن ولي مثل ذريته ضعافًا يتامى، فليحسن إليهم، ولا يأكل أموالهم إسرافًا وبدارًا خشية أن يكبروا، فليتقوا الله وليقولوا قولا سديدًا.* * *وقال آخرون: معنى ذلك: " وليخش الذين لو تركوا من خلفهم ذرية ضعافًا خافوا عليهم فليتقوا الله وليقولوا قولا سديدًا "، يكفهم الله أمر ذريتهم بعدهم.ذكر من قال ذلك:8720 - حدثنا إبراهيم بن عطية بن رديح بن عطية قال، حدثني عمي محمد بن رُدَيح، عن أبيه، عن السَّيْباني قال، كنا بالقسطنطينية أيام مسلمة بن عبد الملك، وفينا ابن محيريز وابن الديلمي، وهانئ بن كلثوم قال، فجعلنا نتذاكر ما يكون في آخر الزمان. قال، فضقت ذرعًا بما سمعت. قال، فقلت لابن الدَّيلمي: يا أبا بشر، بودِّي أنه لا يولد لي ولدٌ أبدًا! قال، فضرب بيده على مَنْكبي وقال، يا ابن أخي، لا تفعل، فإنه ليست من نسمة كتب الله لها أن تخرج من صلب رجل إلا وهي خارجة إن شاء، وإن أبى. قال، ألا أدلّك على أمرٍ إنْ أنت أدركته نجاك الله منه، وإن تركت ولدك من بعدك حفظهم اللهُ فيك؟ قال، قلت: بلى! قال، فتلا عند ذلك هذه الآية: " وليخش الذين لو تركوا من خلفهم ذرية ضعافًا خافوا عليهم فليتقوا الله وليقولوا قولا سديدًا ". (29) .قال أبو جعفر: وأولى التأويلات بالآية، قول من قال، تأويل ذلك: وليخش الذين لو تركوا من خلفهم ذرية ضعافًا خافوا عليهم العَيْلة لو كانوا فرقوا أموالهم في حياتهم، أو قسموها وصية منهم بها لأولي قرابتهم وأهل اليُتم والمسكنة، فأبقوا أموالهم لولدهم خشية العَيْلة عليهم بعدهم، مع ضعفهم وعجزهم عن المطالب، فليأمروا من حضروه وهو يوصي لذوي قرابته - وفي اليتامى والمساكين وفي غير ذلك - بماله بالعدل = وليتقوا الله وليقولوا قولا سديدًا، وهو أن يعرّفوه ما أباح الله له من الوصية، وما اختاره للموصين من أهل الإيمان بالله وبكتابه وسنته. (30) .* * *وإنما قلنا ذلك بتأويل الآية أولى من غيره من التأويلات، لما قد ذكرنا فيما مضى قبل: (31) من أن معنى قوله: وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَةَ أُولُو الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينُ فأوصوا لهم - بما قد دللنا عليه من الأدلة.* * *فإذا كان ذلك تأويل قوله: " : وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَةَ أُولُو الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينُ الآية، فالواجب أن يكون قوله تعالى ذكره: " وليخش الذين لو تركوا من خلفهم "، تأديبًا منه عبادَه في أمر الوصية بما أذِنهم فيه، إذ كان ذلك عَقِيب الآية التي قبلها في حكم الوصية، وكان أظهرَ معانيه ما قلنا، فإلحاق حكمه بحكم ما قبله أولى، مع اشتباه معانيهما، من صرف حكمه إلى غيره بما هو له غير مشبه.* * *وبمعنى ما قلنا في تأويل قوله: " وليقولوا قولا سديدًا "، قال من ذكرنا قوله في مبتدأ تأويل هذه الآية، وبه كان ابن زيد يقول.8721 - حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد في قوله: " وليخش الذين لو تركوا من خلفهم ذرية ضعافًا خافوا عليهم فليتقوا الله وليقولوا قولا سديدًا " قال، يقول قولا سديدًا، يذكر هذا المسكين وينفعه، ولا يجحف بهذا اليتيم وارث المؤدِّي ولا يُضِرّ به، لأنه صغير لا يدفع عن نفسه، فانظر له كما تنظر إلى ولدك لو كانوا صغارًا.* * *و " السديد " من الكلام، هو العدل والصواب.--------------------------الهوامش :(21) في المخطوطة والمطبوعة: "وصية به" ، والصواب ما أثبت.(22) انظر تفسير"الخشية" فيما سلف 1: 559 ، 560 / 2: 239 ، 243 ، تعليق: 3 = ثم انظر"الذرية" فيما سلف 3: 19 ، 73 / 5 : 543 / 6 : 327 ، 361 ، 362 = ثم تفسير"الضعفاء" و"الضعاف" 5: 543 ، 551 ، والأثر الآتي رقم: 8708.(23) في المطبوعة: "على ضعفتك" ، زاد إضافة الكاف ، وما في المخطوطة صواب محض ، وعنى بقوله"ضعفة": صغار.(24) في المخطوطة والمطبوعة: "أن يتركهم صغارًا..." ، وهذا لا يستقيم ، فآثرت"إذ يتركهم" ، وصواب أيضًا أن تكون"إن تركهم صغارًا".(25) الأثر: 8712 -"الحكم بين عتيبة الكندي" ، مضت ترجمته برقم: 3297 ، وكان في المطبوعة: "بن عيينة" وهو خطأ ، وفي المخطوطة غير منقوط. وانظر التعليق على الأثر: 8716.(26) "عيل" (بضم العين وتشديد الياء المفتوحة) و"عالة" جمع"عائل": وهو الفقير المحتاج.(27) الأثر: 8716 -"مقسم" ، هو"مقسم بن بجرة". مضت ترجمته رقم: 4806. وكان في هذا الموضع أيضًا من المطبوعة"الحكم بن عيينة" ، والصواب كما أثبت ، وانظر التعليق على الأثر: 8712.(28) في المخطوطة: "فليق الله هو قلت أمره بالوصية" ، وهو كلام غير مفهوم ، ولم أهتد لصحة وجهه ، فتركت ما في المطبوعة على حاله ، وإن كانت الجملة كلها عندي غير مرضية في المخطوطة والمطبوعة جميعًا ، وأخشى أن يكون سقط منها شيء.(29) الأثر: 8720 -"إبراهيم بن عطية بن رديح بن عطية" لم أجد له ترجمة. و"محمد بن رديح" لم أجد له ترجمة ، ولكنه مذكور في ترجمة أبيه في التهذيب أنه روى عنه ابنه"محمد". وأما "رديح بن عطية القرشي السامي" ، مؤذن بيت المقدس روى عن السيباني ، ثقة ، مترجم في التهذيب ، والكبير 2 / 1 / 306 ، وابن أبي حاتم 1 / 2 / 518. وكان في المطبوعة"دريج" في الموضعين جميعًا وهو خطأ ، والصواب من المخطوطة.وأما "السيباني" فهو: "يحيى بن أبي عمرو السيباني" بالسين المهملة ، نسبة إلى"سيبان" وهو بطن من حمير. وهو ابن عم الأوزاعي. مترجم في التهذيب. وكان في المطبوعة: "الشيباني" بالشين المعجمة ، والصواب ما في المخطوطة.وأما "ابن محيريز" ، فهو: "عبد الله بن محيريز الجمحي" سكن بيت المقدس ، روى عن أبي سعيد الخدري ، ومعاوية وعبادة بن الصامت وغيرهم من الصحابة. وكان الأوزاعي لا يذكر خمسة من السلف إلا ذكر فيهم ابن محيريز ، ورفع من ذكره وفضله. وهو تابعي ثقة من خيار المسلمين.وأما "ابن الديلمي" ، فهو"عبد الله بن فيروز الديلمي" أبو بشر ، ويقال ، أبو بسر ، بالسين المهملة ، كان يسكن بيت المقدس ، روى عن جماعة من الصحابة ، روى عنه يحيى بن أبي عمر السيباني. وهو تابعي ثقة. مترجم في التهذيب.وأما "هانئ بن كلثوم بن عبد الله بن شريك الكناني" فهو من فلسطين ، وكان عابدًا روى عن عمر بن الخطاب ، ومعاوية وغيرهما. ذكره ابن حبان في الثقات. وكان عطاء الخراساني إذا ذكر ابن محيريز وهانئ بن كلثوم وغيرهم قال ، "قد كان في هؤلاء من هو أشد اجتهادًا من هانئ بن كلثوم ، لكنه كان يفضلهم بحسن الخلق". وبعث إليه عمر بن عبد العزيز يستخلفه على فلسطين ، فأبى ، ومات في ولايته فقال ، "عند الله أحتسب صحبة هانئ الجيش".هذا وقد كان في المطبوعة: "يودني أنه لا يولد لي ولد أبدًا" ، والصواب من المخطوطة.(30) في المطبوعة: "وما اختاره المؤمنون..." وهو اجتهاد في تصحيح ما كان في المخطوطة ، وكان فيها: "وما اختاره المؤمنين..." ، والسياق يقتضي"للموصين" كما أثبتها ، وهي قريبة في التصحيف.(31) انظر ما سلف: 12 وما بعدها.
اِنَّ الَّذِیْنَ یَاْكُلُوْنَ اَمْوَالَ الْیَتٰمٰى ظُلْمًا اِنَّمَا یَاْكُلُوْنَ فِیْ بُطُوْنِهِمْ نَارًاؕ-وَ سَیَصْلَوْنَ سَعِیْرًا۠(۱۰)
وہ جو یتیموں کا مال ناحق کھاتے ہیں وہ تو اپنے پیٹ میں نری آ گ بھرتے ہیں (ف۲۴) اور کوئی دم جاتا ہے کہ بھڑتے دھڑے (آتش کدے) میں جائیں گے،
القول في تأويل قوله : إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا (10)قال أبو جعفر: يعني بقوله جل ثناؤه: (32) " إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلمًا "، يقول: بغير حق، =" إنما يأكلون في بطونهم نارًا " يوم القيامة، بأكلهم أموال اليتامى ظلمًا في الدنيا، نارَ جهنم (33) =" وسيصلون " بأكلهم =" سعيرًا "، كما: -8722 - حدثنا محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن مفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي: " إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلمًا إنما يأكلون في بطونهم نارًا " قال، إذا قام الرجل يأكل مال اليتيم ظلمًا، يُبعث يوم القيامة ولهبُ النار يخرج من فيه ومن مسامعه ومن أذنيه وأنفه وعينيه، يعرفه من رآه بأكل مال اليتيم. (34)8723 - حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر قال، أخبرني أبو هارون العبدي، عن أبي سعيد الخدري قال، حدثنا النبي صلى الله عليه وسلم عن ليلة أسري به قال، نظرت فإذا أنا بقوم لهم مَشافر كمشافر الإبل، وقد وُكِّل بهم من يأخذ بمشافرهم، ثم يجعل في أفواههم صخرًا من نار يخرج من أسافلهم، قلت: يا جبريل، من هؤلاء؟ قال، هؤلاء الذين يأكلون أموال اليتامى ظلمًا إنما يأكلون في بطونهم نارًا . (35) .8724 - حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد في قوله: " إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلمًا إنما يأكلون في بطونهم نارا وسيصلون سعيرًا " قال، قال أبي: إن هذه لأهل الشرك، حين كانوا لا يورَّثونهم، ويأكلون أموالهم.* * *وأما قوله: " وسيصلون سعيرًا "، فإنه مأخوذ من " الصَّلا " و " الصلا " الاصطلاء بالنار، وذلك التسخن بها، كما قال الفرزدق: (36)وَقَاتَلَ كَلْبُ الْحَيِّ عَنْ نَارِ أهْلِهِلِيَرْبِضَ فِيهَا وَالصَّلا مُتَكنَّفُ (37)وكما قال العجاج:وَصَالِيَاتٌ لِلصَّلا صُلِيُّ (38)ثم استعمل ذلك في كل من باشر بيده أمرًا من الأمور، من حرب أو قتال أو خصومة أو غير ذلك، كما قال الشاعر: (39)لَمْ أَكُنْ مِنْ جُنَاتِهَا, عَلِمَ اللّهُوَإِنِّي بِحَرِّهَا اليَوْمَ صَالِي (40)فجعل ما باشر من شدة الحرب وأذى القتال، (41) بمنزلة مباشرة أذى النار وحرِّها.* * *واختلفت القرأة في قراءة ذلك.فقرأته عامة قرأة المدينة والعراق: ( وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا ) بفتح " الياء " على التأويل الذي قلناه. (42) .* * *وقرأ ذلك بعض المكيين وبعض الكوفيين: " وَسَيُصْلَوْنَ" بضم " الياء " بمعنى: يحرقون.= من قولهم: " شاة مَصْلية "، يعني: مشوية.* * *قال أبو جعفر: والفتح بذلك أولى من الضم، لإجماع جميع القرأة على فتح " الياء " في قوله: لا يَصْلاهَا إِلا الأَشْقَى [سورة الليل: 15]، ولدلالة قوله: إِلا مَنْ هُوَ صَالِ الْجَحِيمِ [سورة الصافات: 163]، على أن الفتح بها أولى من الضم. وأما " السعير ": فإنه شدة حر جهنم، ومنه قيل: " استعرت الحرب " إذا اشتدت، وإنما هو " مَسعور "، ثم صرف إلى " سعير "، كما قيل: (43) " كفّ خَضِيب "، و " لِحية دهين "، وإنما هي" مخضوبة "، صرفت إلى " فعيل ".* * *فتأويل الكلام إذًا: وسيصلون نارًا مسعَّرة، أي: موقودة مشعلة شديدًا حرُّها.وإنما قلنا إنّ ذلك كذلك، لأن الله جل ثناؤه قال، وَإِذَا الْجَحِيمُ سُعِّرَتْ ، [سورة التكوير: 12]، فوصفها بأنها مسعورة.ثم أخبر جل ثناؤه أن أكلة أموال اليتامى يصلونها وهي كذلك. ف" السعير " إذًا في هذا الموضع، صفة للجحيم على ما وصفنا.--------------------الهوامش :(32) في المخطوطة والمطبوعة: "يعني بذلك..." والسياق يقتضي ما أثبت.(33) في المخطوطة: "وإن جهنم" ، وهو فاسد جدًا ، والذي في المطبوعة ، قريب من الصواب.(34) في المطبوعة: "يأكل مال اليتيم" بالياء ، وفي المخطوطة غير منقوطة ، وصواب قراءتها بالباء.(35) الأثر: 8723 -"أبو هارون العبدي" هو: "عمارة بن جوين". روى عن أبي سعيد الخدري وابن عمر. وهو ضعيف ، وقالوا: كذاب. قال الدارقطني: "يتلون ، خارجي وشيعي" وقال ابن حبان: "كان يروي عن أبي سعيد ما ليس من حديثه ، لا يحل كتب حديثه إلا على جهة التعجب". مترجم في التهذيب.والأثر أخرجه ابن كثير في تفسيره 2: 360 ، والسيوطي في الدر المنثور 2: 124 ونسبه لابن جرير وابن أبي حاتم.(36) في اللسان"صلا" 19: 201 ، 202 ، منسوبًا لامرئ القيس ، وهو خطأ يصحح.(37) ديوانه: 560 ، النقائض: 561 ، اللسان (صلا) ، ومضى بيت من هذه القصيدة فيما سلف 3: 540. وهذا البيت من أبيات يصف فيها أيام البرد والجدب ، ويمدح قومه ، يقول في أولها: إذَا اغْبَرَّ آفَاقُ السَّمَاء وَكَشَّفَتْكُسُورَ بُيُوتِ الْحَيِّ حَمْرَاءُ حَرْجَفُوَأَوْقَدَتِ الشِّعْرَى مَعَ اللَّيْلِ نَارَهَاوَأَمْسَتْ مُحُولا جِلْدُهَا يَتَوَسَّفُوَأَصْبَحَ مَوْضُوعُ الصَّقِيع كَأَنَّهُعَلَى سَرَوَاتِ النِّيْبِ قُطْنٌ مٌنَدَّفُوَقَاتَلَ كَلْبُ الْحَيِّ ......... . . . . . . . . . . . . . . . . . .وَجَدْتَ الثَّرى فِينَا، إذَا يَبِسَ الثَّرَىوَمَنْ هُوَ يَرْجُو فَضْلَهُ الْمُتَضَيِّفُو"إذا اغبر آفاق السماء" ، جف الثرى ، وثار غبار الأرض من المحل وقلة المطر. والحرجف: الريح الشديدة الهبوب. و"الشعرى" تطلع في أول الشتاء ، و"أوقدت نارها" اشتد ضوءها ، وذلك إيذان بشدة البرد. ومحول جمع محل: وهو المجدب. و"يتوسف" يتقشر. و"جلدها" يعني جلد السماء ، وهو السحاب. يقول: لا سحاب فيها ، وذلك أشد للبرد في ليل الصحراء. و"الصقيع" الجليد ، و"النيب" مسان الإبل. و"سروات الإبل" أسنمتها. يقول: وقع الثلج على أسنمتها كأنه قطن مندوف. و"قاتل كلب الحي عن نار أهله" ، يقاتلهم على النار مزاحمًا لهم من شدة البرد ، يريد أن يجثم في مكان ، و"الصلا" النار ، و"متكنف" قد اجتمعوا عليه وقعدوا حوله. وقوله: "وجدت الثرى فينا" ، يقول: من نزل بنا وجد خصبًا وكرمًا في هذا الزمان الجدب ، إذ ذهبت ألبان الإبل واحترق الزرع. يقول: يجد الضيف عندنا ما يكفيه ، فنحن غياث له.(38) ديوانه: 67 ، من أرجوزته المشهورة ، يقول في أولها: بَكَيْتُ وَالْمُحْنَزِنُ البَكِيُّوإنِّما يَأْتِي الصِّبا الصَّبِيُّ. . . . . . . . . . . . . . . . . . .. . . . . . . . . . . . . . . . . . . .مِنْ أنْ شَجَاكَ طَلَلٌ عَامِيُّقِدْمًا يُرى مِنْ عَهْدِه الكِرْسِيُّمُحْرَنْجَمُ الجامِلِ والنُّؤِيُّوصَالِيات . . . . . . . . . . .وكان في المطبوعة: "وصاليان" ، وهو خطأ. والصواب من المخطوطة والديوان. و"الصاليات" يعني: الأثافي التي توضع عليها القدور. و"الصلا" الوقود ، و"صلى" (بضم الصاد وكسر اللام وتشديد الياء) جمع صال ، من قولهم"صلى ، واصطلى" إذا لزم موضعه ، يقول: هي ثوابت خوالد قد لزمت موضعها.(39) هو الحارث بن عباد البكري.(40) الفاخر للمفضل بن سلمة: 78 ، والخزانة 1: 226 ، وسائر كتب التاريخ والأدب ، من أبياته المشهورة في حرب البسوس ، وكان اعتزلها ، ثم خاضها حين أرسل ولده بجيرًا إلى مهلهل فقتله مهلهل ، فقال ،قَرِّبَا مَرْبِطَ النَّعَامَةِ مِنِّيلَقِحَتْ حَرْبُ وائِلٍ عَنْ حِيَالِلَمْ أَكُنْ مِنْ جُناتِهَا ....لا بُجَيْرٌ أَغْنَى فَتِيلا، وَلا رَهْطُكُلَيْبٌ تَزَاجَرُوا عَنْ ضَلالِ. . . . . . . . . . . . . . . . . . .وكان في المطبوعة: "لحرها" ، أساء قراءة ما في المخطوطة.(41) في المطبوعة: "وإجراء القتال" ، وهو قراءة رديئة لما في المخطوطة ، ولا معنى له. وفي المخطوطة: "وأحرى القتال" ، ورجحت صواب قراءتها كما أثبته.(42) في المطبوعة: "قلنا" بحذف الهاء ، وأثبت ما في المخطوطة.(43) في المطبوعة: "قيل" ، بإسقاط"كما" ، والصواب من المخطوطة ، ولكن الكاتب أساء الكتابة. فحذفها الناشر الأول.
یُوْصِیْكُمُ اللّٰهُ فِیْۤ اَوْلَادِكُمْۗ-لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْاُنْثَیَیْنِۚ-فَاِنْ كُنَّ نِسَآءً فَوْقَ اثْنَتَیْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَۚ-وَ اِنْ كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُؕ-وَ لِاَبَوَیْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ اِنْ كَانَ لَهٗ وَلَدٌۚ-فَاِنْ لَّمْ یَكُنْ لَّهٗ وَلَدٌ وَّ وَرِثَهٗۤ اَبَوٰهُ فَلِاُمِّهِ الثُّلُثُۚ-فَاِنْ كَانَ لَهٗۤ اِخْوَةٌ فَلِاُمِّهِ السُّدُسُ مِنْۢ بَعْدِ وَصِیَّةٍ یُّوْصِیْ بِهَاۤ اَوْ دَیْنٍؕ-اٰبَآؤُكُمْ وَ اَبْنَآؤُكُمْ لَا تَدْرُوْنَ اَیُّهُمْ اَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعًاؕ-فَرِیْضَةً مِّنَ اللّٰهؕ-اِنَّ اللّٰهَ كَانَ عَلِیْمًا حَكِیْمًا(۱۱)
اللہ تمہیں حکم دیتا ہے (ف۲۵) تمہاری اولاد کے بارے میں (ف۲۶) بیٹے کا حصہ دو بیٹیوں برابر ہے (ف۲۷) پھر اگر نری لڑکیاں ہوں اگرچہ دو سے اوپر (ف۲۸) تو ان کو ترکہ کی دو تہائی اور اگر ایک لڑکی ہو تو اس کا آدھا (ف۲۹) اور میت کے ماں باپ کو ہر ایک کو اس کے ترکہ سے چھٹا اگر میت کے اولاد ہو (ف۳۰) پھر اگر اس کی اولاد نہ ہو اور ماں باپ چھوڑے (ف۳۱) تو ماں کا تہا ئی پھر اگر اس کے کئی بہن بھا ئی ہو ں (ف۳۲) تو ماں کا چھٹا (ف۳۳) بعد اس و صیت کے جو کر گیا اور دین کے (ف۳۴) تمہارے باپ اور تمہارے بیٹے تم کیا جانو کہ ان میں کون تمہارے زیادہ کام آئے گا (ف۳۵) یہ حصہ باندھا ہوا ہے اللہ کی طرف سے بیشک اللہ علم والا حکمت والا ہے،
القول في تأويل قوله تعالى : يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنْثَيَيْنِقال أبو جعفر: يعني جل ثناؤه بقوله: " يوصيكم الله "، يعهد الله إليكم، (44) =" في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين "، يقول: يعهد إليكم ربكم إذا مات الميت منكم وخلَّف أولادًا ذكورًا وإناثًا، فلولده الذكور والإناث ميراثه أجمع بينهم، للذكر منهم مثل حظ الأنثيين، إذا لم يكن له وارث غيرهم، سواء فيه صغار ولده وكبارهم وإناثهم، (45) في أن جميع ذلك بينهم، للذكر مثل حظ الأنثيين.ورفع قوله: " مثل " بالصفة، (46) وهي" اللام " التي في قوله: " للذكر "، ولم ينصب بقوله: " يوصيكم الله "، لأن " الوصية " في هذا الموضع عهد وإعلامٌ بمعنى القول، و " القول " لا يقع على الأسماء المخبر عنها. (47) فكأنه قيل: يقول الله تعالى ذكره لكم: في أولادكم للذكر منهم مثل حظ الأنثيين.* * *قال أبو جعفر: وقد ذكر أن هذه الآية نزلت على النبي صلى الله عليه وسلم، تبيينًا من الله الواجبَ من الحكم في ميراث من مات وخلّف ورثة، على ما بيَّن. لأن أهل الجاهلية كانوا لا يقسمون من ميراث الميت لأحد من ورثته بعده، ممن كان لا يلاقي العدوَّ ولا يقاتل في الحروب من صغار ولده، ولا للنساء منهم. وكانوا يخصون بذلك المقاتلة دون الذرية. فأخبر الله جل ثناؤه أن ما خلفه الميت بين من سَمَّى وفرض له ميراثًا في هذه الآية، وفي آخر هذه السورة، فقال في صغار ولد الميت وكبارهم وإناثهم: لهم ميراث أبيهم، إذا لم يكن له وارث غيرهم، للذكر مثل حظ الأنثيين.ذكر من قال ذلك:8725 - حدثنا محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن مفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي: " يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثلُ حظ الأنثيين "، كان أهل الجاهلية لا يورِّثون الجواريَ ولا الصغارَ من الغلمان، لا يرث الرجل من ولده إلا من أطاق القتال، فمات عبد الرحمن أخو حسان الشاعر، وترك امرأة يقال لها أم كجَّة، وترك خمس أخواتٍ، فجاءت الورثة يأخذون ماله، فشكت أم كجَّة ذلك إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فأنزل الله تبارك وتعالى هذه الآية: فَإِنْ كُنَّ نِسَاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ وَإِنْ كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ = ثم قال في أم كجة: وَلَهُنَّ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْتُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَكُمْ وَلَدٌ فَإِنْ كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ . (48)8726 - حدثنا محمد بن سعد قال، حدثني أبي قال، حدثني عمي قال، حدثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس: " يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين "، وذلك أنه لما نزلت الفرائض التي فرض الله فيها ما فرض للولد الذكر والأنثى والأبوين، كرهها الناس أو بعضهم، وقالوا: " تعطى المرأة الربع والثمن، وتعطى الابنة النصف، ويعطى الغلام الصغير، وليس من هؤلاء أحد يقاتل القوم ولا يحوز الغنيمة!! اسكتوا عن هذا الحديث لعلّ رسول الله صلى الله عليه وسلم ينساه، أو نقول له فيغيِّره ". فقال بعضهم: يا رسول الله، أنعطي الجارية نصف ما ترك أبوها، وليست تركب الفرس ولا تقاتل القوم، ونعطي الصبيَّ الميراث وليس يغني شيئًا؟! = وكانوا يفعلون ذلك في الجاهلية، لا يعطون الميراث إلا من قاتل، يعطونه الأكبر فالأكبر. (49)* * *وقال آخرون: بل نزل ذلك من أجل أنّ المال كان للولد قبل نزوله، وللوالدين الوصية، فنسخ الله تبارك وتعالى ذلك بهذه الآية.ذكر من قال ذلك:8727 - حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم، عن عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد أو عطاء، عن ابن عباس في قوله: " يوصيكم الله في أولادكم " قال، كان المال للولد، وكانت الوصية للوالدين والأقربين، فنسخ الله من ذلك ما أحبَّ، فجعل للذكر مثل حظ الأنثيين، وجعل للأبوين لكل واحد منهما السدس مع الولد، وللزوج الشطر والربع، وللزوجة الربع والثمن. (50)8728 - حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: " يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين " قال، كان ابن عباس يقول: كان المال، وكانت الوصية للوالدين والأقربين، فنسح الله تبارك وتعالى من ذلك ما أحبّ، فجعل للذكر مثل حظ الأنثيين، ثم ذكر نحوه.8729 - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد عن ابن عباس مثله.وروي عن جابر بن عبد الله ما: -* * *8730- حدثنا به محمد بن المثنى قال، حدثنا وهب بن جرير قال، حدثنا شعبة، عن محمد بن المنكدر قال، سمعت جابر بن عبد الله قال، دخل عليَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا مريض، فتوضأ ونضَح عليّ من وَضوئه، فأفقتُ فقلت: يا رسول الله، إنما يرثني كَلالةٌ، فكيف بالميراث؟ فنزلت آية الفرائض. (51)8731 - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج قال، حدثني محمد بن المنكدر، عن جابر قال، عادَني رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر رضي الله عنه في بني سَلمة يمشيان، فوجداني لا أعقِل، فدعا بماءٍ فتوضأ ثم رشَّ عليّ، فأفقتُ فقلت: يا رسول الله، كيف أصنع في مالي؟ فنزلت " يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين ". ... (52)* * *القول في تأويل قوله تعالى : فَإِنْ كُنَّ نِسَاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَقال أبو جعفر: يعني بقوله: " فإن كن "، فإن كان المتروكات =" نساء فوق اثنتين "، ويعني بقوله: " نساءً"، بنات الميت،" فوق اثنتين "، يقول: أكثر في العدد من اثنتين =" فلهن ثلثا ما ترك "، يقول: فلبناته الثلثان مما ترك بعده من ميراثه، دون سائر ورثته، إذا لم يكن الميت خلّف ولدًا ذكرًا معهن. واختلف أهل العربية في المعنى بقوله: " فإن كنّ نساء ".* * *فقال بعض نحوييّ البصرة بنحو الذي قلنا: فإن كان المتروكات نساء = وهو أيضًا قول بعض نحوييّ الكوفة.* * *وقال آخرون منهم: بل معنى ذلك، فإن كان الأولاد نساء، وقال، إنما ذكر الله الأولاد فقال، يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ ، ثم قسمَ الوصية فقال،" فإن كنّ نساء "، وإن كان الأولاد [نساءً، وإن كان الأولاد واحدة]، (53) ترجمة منه بذلك عن " الأولاد ".* * *قال أبو جعفر: والقول الأول الذي حكيناه عمن حكيناه عنه من البصريين، أولى بالصواب في ذلك عندي. لأن قوله: " وإن كُنّ"، لو كان معنيًّا به " الأولاد " لقيل: " وإن كانوا "، لأن " الأولاد " تجمع الذكور والإناث. وإذا كان كذلك، فإنما يقال،" كانوا "، لا " كُنّ".* * *القول في تأويل قوله تعالى : وَإِنْ كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ وَلأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِنْ كَانَ لَهُ وَلَدٌقال أبو جعفر: يعني بقوله: " وإن كانت "، [وإن كانت] المتروكة ابنة واحدة (54) =" فلها النصف "، يقول: فلتلك الواحدة نصف ما ترك الميت من ميراثه، إذا لم يكن معها غيرها من ولد الميت ذكرٌ ولا أنثى.* * *فإن قال قائل: فهذا فرضُ الواحدة من النساء وما فوق الاثنتين، فأين فريضة الاثنتين؟قيل: فريضتهم بالسنة المنقولة نقل الوراثة التي لا يجوز فيها الشك. (55)* * *وأما قوله: " ولأبويه "، فإنه يعني: ولأبوي الميت =" لكل واحد منهما السدس "، من تَرِكته وما خلَّف من ماله، سواءٌ فيه الوالدة والوالد، لا يزداد واحد منهما على السدس =" إن كان له ولد "، ذكرًا كان الولد أو أنثى، واحدًا كان أو جماعة.* * *فإن قال قائل: فإن كان كذلك التأويل، (56) فقد يجب أن لا يزاد الوالدُ مع الابنة الواحدة على السدس من ميراثه عن ولده الميت. وذلك إن قلته، قولٌ خلاف لما عليه الأمة مجمعة، (57) من تصييرهم باقي تركة الميت = مع الابنة الواحدة بعد أخذها نصيبها منها = لوالده أجمع!قيل: ليس الأمر في ذلك كالذي ظننتَ، وإنما لكل واحد من أبوي الميت السدس من تركته مع ولده، ذكرًا كان الولد أو أنثى، واحدًا كان أو جماعة، فريضة من الله له مسماة. فإمَّا زيد على ذلك من بقية النصف مع الابنة الواحدة إذا لم يكن غيره وغير ابنة للميت واحدة، (58) فإنما زيدها ثانيًا بقرب عصبة الميت إليه، (59) إذ كان حكم كل ما أبقته سهام الفرائض، فلأولي عصبَة الميت وأقربهم إليه، بحكم ذلك لها على لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم، (60) وكان الأب أقرب عصبَة ابنه وأولاها به، إذا لم يكن لابنه الميت ابن.* * *القول في تأويل قوله تعالى : فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلأُمِّهِ الثُّلُثُقال أبو جعفر: يعني جل ثناؤه بقوله: " فإن لم يكن له "، فإن لم يكن للميت =" ولد " ذكر ولا أنثى =" وورثه أبواه "، دون غيرهما من ولد وارث =" فلأمه الثلث "، يقول: فلأمه من تركته وما خلف بعده، ثلث جميع ذلك.* * *فإن قال قائل: فمن الذي له الثلثان الآخران.قيل له الأب.فإن قال، بماذا؟ (61) قلت: بأنه أقرب أهل الميت إليه، (62) ولذلك ترك ذكر تسمية من له الثلثان الباقيان، إذ كان قد بيَّن على لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم لعباده (63) أن كل ميِّت فأقربُ عصبته به، أولى بميراثه، بعد إعطاء ذوي السهام المفروضة سهامهم من ميراثه.وهذه العلة، هي العلة التي من أجلها سُميّ للأمّ ما سُمىَ لها، إذا لم يكن الميت خلًف وارثًا غير أبويه، لأن الأم ليست بعصبة في حالٍ للميت. فبيّن الله جل ثناؤه لعباده ما فرض لها من ميراث ولدها الميت، وترك ذكرَ مَن له الثلثان الباقيان منه معه، إذ كان قد عرّفهم في جملة بيانه لهم مَنْ له بقايا تركة الأموال بعد أخذ أهل السهام سهامهم وفرائضهم، وكان بيانه ذلك، مغنيًا لهم على تكرير حكمه مع كل من قَسَم له حقًّا من ميراث ميت، وسمي له منه سهمًا. (64)* * *القول في تأويل قوله تعالى : فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلأُمِّهِ السُّدُسُقال أبو جعفر: إن قال قائل: وما المعنى الذي من أجله ذكر حكم الأبوين مع الإخوة، (65) وترك ذكر حكمهما مع الأخ الواحد؟قلت (66) اختلاف حكمهما مع الإخوة الجماعة والأخ الواحد، فكان في إبانة الله جل ثناؤه لعباده حكمهما فيما يرثان من وَلدهما الميت مع إخوته، غنًّى وكفاية عن أن حكمهما فيما ورثا منه غيرَ متغيِّر عما كان لهما، ولا أخ للميت ولا وارث غيرهما. إذ كان معلومًا عندهم أن كل مستحق حقًّا بقضاء الله ذلك له، لا ينتقل حقُّه الذي قضى به له ربه جل ثناؤه عما قَضى به له إلى غيره، إلا بنقل الله ذلك عنه إلى من نقله إليه من خلقه. فكان في فرضه تعالى ذكره للأم ما فرض، إذا لم يكن لولدها الميت وارث غيرها وغير والده، ولا أخ = (67) الدلالة الواضحة للخلق أن ذلك المفروضَ - وهو ثلث مال ولدها الميت (68) - حق لها واجب، حتى يغيِّر ذلك الفرض من فَرَض لها. فلما غيَّر تعالى ذكره ما فرض لها من ذلك مع الإخوة الجماعة، وترك تغييره مع الأخ الواحد، عُلم بذلك أن فرضها غير متغيِّر عما فرض لها إلا في الحال التي غيَّره فيها مَن لزم العبادَ طاعتُه، دون غيرها من الأحوال.* * *ثم اختلف أهل التأويل في عدد الإخوة الذين عناهم الله تعالى ذكره بقوله: " فإن كان له إخوة ".فقال جماعة أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم والتابعين لهم بإحسان، ومن بعدهم من علماء أهل الإسلام في كل زمان: عنى الله جل ثناؤه بقوله: " فإن كان له إخوة فلأمه السدس " اثنين كان الإخوة أو أكثر منهما، أنثيين كانتا أو كن إناثًا، أو ذكرين كانا أو كانوا ذكورًا، أو كان أحدهما ذكرًا والآخر أنثى. واعتل كثيرٌ ممن قال ذلك، بأن ذلك قالته الأمة عن بيان الله جل ثناؤه على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم، فنقلته أمة نبيه نقلا مستفيضًا قطع العذر مجيئه، ودفع الشك فيه عن قلوب الخلق وروده. (69)* * *وروي عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه كان يقول: بل عنى الله جل ثناؤه بقوله: " فإن كان له إخوة "، جماعة أقلها ثلاثة. وكان ينكر أن يكون الله جل ثناؤه حجَب الأم عن ثلثها مع الأب بأقل من ثلاثة إخوة. فكان يقول في أبوين وأخوين: للأم الثلث، وما بقي فللأب، كما قال أهل العلم في أبوين وأخ واحد.ذكر الرواية عنه بذلك:8732 - حدثني محمد بن عبد الله بن عبد الحكم قال، حدثنا ابن أبي فديك قال، حدثني ابن أبي ذئب، عن شعبة مولى ابن عباس، عن ابن عباس: أنه دخل على عثمان رضي الله عنه فقال، لم صار الأخوان يردَّان الأم إلى السدس، وإنما قال الله: " فإن كان له إخوة "، والأخوان في لسان قومك وكلام قومك ليسا بإخوة؟ فقال عثمان رحمه الله (70) هل أستطيع نقض أمر كان قبلي، وتوارثه الناس ومضى في الأمصار؟ (71)* * *قال أبو جعفر: والصواب من القول في ذلك عندي، أن المعنيَّ بقوله: " فإن كان له إخوة "، اثنان من إخوة الميت فصاعدًا، على ما قاله أصحابُ رسول الله صلى الله عليه وسلم، دون ما قاله ابن عباس رضي الله عنهما، لنقل الأمة وراثةً صحةَ ما قالوه من ذلك عن الحجة، وإنكارهم ما قاله ابن عباس في ذلك. (72)* * *فإن قال قائل: وكيف قيل في الأخوين " إخوة "، وقد علمت أن ل" الأخوين " في منطق العرب مثالا لا يشبه مثالَ" الإخوة "، في منطقها؟ (73)قيل: إنّ ذلك وإن كان كذلك، فإن من شأنها التأليف بين الكلامين يتقارب معنياهما، (74) وإن اختلفا في بعض وجوههما. فلما كان ذلك كذلك، وكان مستفيضًا في منطقها منتشرًا مستعملا في كلامها: " ضربت من عبد الله وعمرو رؤوسهما، وأوجعتُ منهما ظهورهما "، وكان ذلك أشد استفاضة في منطقها من أن يقال،" أوجعت منهما ظهريهما "، وإن كان مقولا " أوجعت ظهْريهما "، (75) كما قال الفرزدق:بِمَا فِي فُؤَادَيْنَا مِنَ الشَّوْقِ وَالْهَوَىفَيَبْرَأُ مُنْهَاضُ الفُؤَادِ الْمُشَعَّفُ (76)= غير أن ذلك وإن كان مقولا فأفصح منه: " بما في أفئدتنا "، كما قال جل ثناؤه: إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا [سورة التحريم: 4].فلما كان ما وصفت = من إخراج كل ما كان في الإنسان واحدًا إذا ضم إلى الواحد منه آخر من إنسان آخر فصارا اثنين من اثنين، بلفظ الجميع، أفصحَ في منطقها وأشهرَ في كلامها (77) = وكان " الأخوان " شخصين كل واحد منهما غير صاحبه، من نفسين مختلفين، أشبه معنياهما معنى ما كان في الإنسان من أعضائه واحدًا لا ثاني له، (78) فأخرج اثناهما بلفظ اثنى العضوين اللذين وصفت، (79) فقيل " إخوة " في معنى " الأخوين "، كما قيل " ظهور " في معنى " الظهرين "، و " أفواه " في معنى " فموين "، و " قلوب " في معنى " قلبين ".* * *وقد قال بعض النحويين: إنما قيل " إخوة "، لأن أقل الجمع اثنان. وذلك أن ذلك ضم شيء إلى شيء صارا جميعًا بعد أن كانا فردين، (80) فجمعا ليعلم أن الاثنين جمع.* * *قال أبو جعفر: وهذا وإن كان كذلك في المعنى، فليس بعلة تنبئ عن جواز إخراج ما قد جرى الكلام مستعملا مستفيضًا على ألسن العرب لاثنيه بمثال وصورةٍ غير مثال ثلاثة فصاعدًا منه وصورتها. لأن من قال،" أخواك قاما "، فلا شك أنه قد علم أنّ كل واحد من " الأخوين " فردٌ ضم أحدهما إلى الآخر فصارا جميعًا بعد أن كانا شتى. غير أن الأمر وإن كان كذلك، (81) فلا تستجيز العرب في كلامها أن يقال،" أخواك قاموا "، فيخرج قولهم " قاموا "، وهو لفظ للخبر عن الجميع، خبرًا عن " الأخوين " وهما بلفظ الاثنين. لأن كل ما جرى به الكلام على ألسنتهم معروفًا عندهم بمثال وصورة، إذا غيَّر مغيِّر عما قد عرفوه فيهم، نَكِروه. (82) فكذلك " الأخوان " وإن كان مجموعين ضُمَّ أحدهما إلى صاحبه، فلهما مثالٌ في المنطق وصورة، غير مثال الثلاثة منهم فصاعدًا وصورتهم. فغير جائز أن يغيَّر أحدهما إلى الآخر إلا بمعنى مفهوم. وإذا كان ذلك كذلك، فلا قول أولى بالصحة مما قلنا قبل.* * *قال أبو جعفر: فإن قال قائل: ولم نُقصت الأم عن ثلثها بمصير إخوة الميت معها اثنين فصاعدًا؟قيل: اختلفت العلماء في ذلك.فقال بعضهم: نُقصت الأم عن ذلك دون الأب، لأن على الأب مُؤَنهم دون أمهم.ذكر من قال ذلك:8733 - حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد بن زريع قال، حدثنا سعيد، عن قتادة قوله: " فإن لم يكن له ولد ورثه أبواه فلأمه الثلث فإن كان له إخوة فلأمه السدس "، أضرُّوا بالأم ولا يرثون، (83) ولا يحجبها الأخ الواحد من الثلث، ويحجبها ما فوق ذلك. وكان أهل العلم يرون أنهم إنما حجبوا أمهم من الثلث لأن أباهم يلي نكاحهم والنفقة عليهم دون أمهم. (84)* * *وقال آخرون: بل نُقصت الأم السدس، وقُصِر بها على سدس واحد، معونةً لإخوة الميت بالسدس الذي حَجَبوا أمهم عنه.ذكر من قال ذلك:8734 - حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر، عن ابن طاوس، عن أبيه، عن ابن عباس قال، السدس الذي حجبتْه الإخوة الأمَّ لهم، إنما حجبوا أمهم عنه ليكون لهم دون أمهم.* * *وقد روي عن ابن عباس خلاف هذا القول، وذلك ما: -8735 - حدثني يونس قال، أخبرنا ابن عيينة، عن عمرو بن دينار، عن الحسن بن محمد، عن ابن عباس قال، الكلالة من لا ولد له ولا والِد.* * *قال أبو جعفر، وأولى ذلك بالصواب أن يقال في ذلك: إن الله تعالى ذكره فرض للأم مع الإخوة السدس، لما هو أعلم به من مصلحة خلقه = وقد يجوز أن يكون ذلك كان لما ألزم الآباء لأولادهم = وقد يجوز أن يكون ذلك لغير ذلك. وليس ذلك مما كلَّفنا علمه، وإنما أمرنا بالعمل بما علمنا.* * *وأما الذي روي عن طاوس عن ابن عباس، فقول لما عليه الأمة مخالف. وذلك أنه لا خلاف بين الجميع: أنْ لا ميراث لأخي ميت مع والده. فكفى إجماعهم على خلافه شاهدًا على فساده.* * *القول في تأويل قوله تعالى : مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍقال أبو جعفر: يعني جل ثناؤه بقوله: " من بعد وصية يوصي بها أو دين "، أنّ الذي قسم الله تبارك وتعالى لولد الميت الذكور منهم والإناث ولأبويه من تركته من بعد وفاته، إنما يقسمه لهم على ما قسمه لهم في هذه الآية من بعد قضاء دين الميت الذي مات وهو عليه من تركته، ومن بعد تنفيذ وصيته في بابها بعد قضاء دينه كله. (85) فلم يجعل تعالى ذكره لأحد من ورثة الميت، ولا لأحد ممن أوصى له بشيء، إلا من بعد قضاء دينه من جميع تركته، وإن أحاط بجميع ذلك. ثم جعل أهل الوصايا بعد قضاء دينه شركاء ورثته فيما بقي لما أوصى لهم به، ما لم يجاوز ذلك ثلثه. فإن جاوز ذلك ثلثه، جعل الخيار في إجازة ما زاد على الثلث من ذلك أو ردِّه إلى ورثته: إن أحبوا أجازوا الزيادة على ثلث ذلك، وإن شاءوا ردوه. فأما ما كان من ذلك إلى الثلث، فهو ماضٍ عليهم.وعلى كل ما قلنا من ذلك، الأمة مجمعة. وقد روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك خبرٌ، وهو ما: -8736 - حدثنا محمد بن بشار قال، حدثنا يزيد بن هارون قال، أخبرنا سفيان، عن أبي إسحاق، عن الحارث الأعور، عن عليّ رضي الله عنه قال، إنكم تقرأون هذه الآية: " من بعد وصية يُوصي بها أو دين "، وإنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قضى بالدين قبل الوصية. (86)8737 - حدثنا ابن بشار قال، حدثنا يزيد بن هارون قال، حدثنا زكريا بن أبي زائدة، عن أبي إسحاق، عن الحارث، عن علي رضوان الله عليه، عن النبي صلى الله عليه وسلم بمثله.8738 - حدثنا أبو السائب قال، حدثنا حفص بن غياث قال، حدثنا أشعث، عن أبي إسحاق، عن الحارث، عن علي، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مثله. (87)8739 - حدثنا ابن حميد قال، حدثنا هارون بن المغيرة، عن ابن مجاهد، عن أبيه: " من بعد وصية يوصي بها أو دين " قال، يبدأ بالدين قبل الوصية.* * *قال أبو جعفر: واختلفت القرأة في قراءة ذلك. فقرأته عامة قرأة أهل المدينة والعراق: ( يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ ) .* * *وقرأه بعض أهل مكة والشأم والكوفة، ( يُوصَى بِهَا ) ، على معنى ما لم يسمَّ فاعله.* * *قال أبو جعفر: وأولى القراءتين بالصواب قراءة من قرأ ذلك: ( مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ ) على مذهب ما قد سُمِّي فاعله، لأن الآية كلها خبر عمن قد سمي فاعله. ألا ترى أنه يقول: وَلأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِنْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ ؟ فكذلك الذي هو أولى بقوله: " يوصي بها أو دين "، أن يكون خبرًا عمن قد سمي فاعله، لأن تأويل الكلام: ولأبويه لكل واحد منهما السدس مما ترك إن كان له ولد = من بعد وصية يوصي بها أو دين = يُقضى عنه.* * *القول في تأويل قوله تعالى : آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ لا تَدْرُونَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعًاقال أبو جعفر: يعني جل ثناؤه بقوله: "آباؤكم وأبناؤكم "، هؤلاء الذين أوصاكم الله به فيهم - من قسمة ميراث ميِّتكم فيهم على ما سمي لكم وبيَّنه في هذه الآية - "آباؤكم وأبناؤكم (88) = لا تدرون أيهم أقرب لكم نفعًا آباؤكم : أعطوهم حقوقهم من ميراث ميتهم الذي أوصيتُكم أن تعطوهموها، فإنكم لا تعلمون أيهم أدنى وأشد نفعًا لكم في عاجل دنياكم وآجل أخراكم.* * *واختلف أهل التأويل في تأويل قوله: " لا تدرون أيهم أقرب لكم نفعا ".فقال بعضهم: يعني بذلك أيهم أقرب لكم نفعًا في الآخرة.ذكر من قال ذلك:8740 -" حدثني المثنى قال، حدثنا عبد الله بن صالح قال، حدثني معاوية بن صالح، عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس قوله: " آباؤكم وأبناؤكم لا تدرون أيهم أقرب لكم نفعًا " ، يقول: أطوعكم لله من الآباء والأبناء، أرفعكم درجة يوم القيامة، لأن الله سبحانه يشفع المؤمنين بعضهم في بعض.* * *وقال آخرون: معنى ذلك، لا تدرون أيهم أقرب لكم نفعًا في الدنيا.ذكر من قال ذلك:8741 - دثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد في قوله: " أيهم أقرب لكم نفعًا "، في الدنيا.8742 - حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، مثله.8743 - حدثني محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن المفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي قوله: " لا تدرون أيهم أقرب لكم نفعًا "، قال بعضهم: في نفع الآخرة، وقال بعضهم: في نفع الدنيا.* * *وقال آخرون في ذلك بما قلنا.ذكر من قال ذلك:8744 - حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد في قوله: " لا تدرون أيهم أقرب لكم نفعًا "، قال: أيهم خيرٌ لكم في الدين والدنيا، الوالد أو الولدُ الذين يرثونكم، لم يدخلِ عليكم غيرهم، فرَضَ لهم المواريث، (89) لم يأت بآخرين يشركونهم في أموالكم.* * *القول في تأويل قوله تعالى : فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا (11)قال أبو جعفر: يعني بقوله جل ثناؤه: " فريضة من الله "،" وإن كان له إخوة فلأمه السدس "، فريضةً، يقول: سهامًا معلومة موقتة بيَّنها الله لهم. (90)* * *ونصب قوله: " فريضة " على المصدر من قوله: يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنْثَيَيْنِ =" فريضة "، فأخرج " فريضة " من معنى الكلام، إذ كان معناه ما وصفت.وقد يجوز أن يكون نصبه على الخروج من قوله: فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلأُمِّهِ السُّدُسُ =" فريضة "، فتكون " الفريضة " منصوبة على الخروج من قوله: (91) فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلأُمِّهِ السُّدُسُ ، كما تقول: " هو لك هبة، وهو لك صدقة مني عليك ". (92)* * *وأما قوله: " إن الله كان عليمًا حكيمًا "، فإنه يعني جل ثناؤه: إنّ الله لم يزل ذا علم بما يصلح خلقه، (93) أيها الناس، فانتهوا إلى ما يأمركم، يصلح لكم أموركم. =" حكيما "، يقول: لم يزل ذا حكمة في تدبيره، وهو كذلك فيما يقسم لبعضكم من ميراث بعض، وفيما يقضي بينكم من الأحكام، لا يدخل حكمه خَلَل ولا زلل، لأنه قضاء من لا تخفى عليه مواضع المصلحة في البدء والعاقبة.--------------الهوامش :(44) انظر تفسير"أوصى" فيما سلف 3: 94 ، 405.(45) في المخطوطة: "وكباره" ، وما في المطبوعة أجود.(46) "الصفة" ، هي حرف الجر ، وانظر ما سلف 1: 299 ، تعليق: 1 ، وفهارس المصطلحات في الأجزاء السالفة.(47) "الوقوع" ، هو التعدي إلى المفعول ، كما سلف 4: 293 ، تعليق: 1 ، وفهارس المصطلحات.(48) الأثر: 8725 -"أم كجة" ، انظر ما سلف في التعليق على الأثر: 8656 ، وخبرها هناك. وكان في المطبوعة والمخطوطة: "أم كحة" بالحاء. أما "عبد الرحمن أخو حسان الشاعر" ، فإنه يعني: حسان بن ثابت بن المنذر بن حرام الأنصاري ، شاعر رسول الله صلى الله عليه وسلم. وقد ذكره الحافظ ابن حجر في الإصابة ، وساق أثر السدي ، ثم قال ، "قلت: ولم أره لغيره ، ولا ذكر أهل النسب لحسان أخًا اسمه عبد الرحمن".(49) في المطبوعة: "ويعطونه الأكبر" بزيادة واو لا محل لها ، وأثبت ما في المخطوطة.(50) الأثر: 8727 - رواه البخاري من طريق محمد بن يوسف ، عن ورقاء ، عن ابن أبي نجيح عن عطاء عن ابن عباس. (الفتح 8: 184 ، 12: 19).(51) الحديث: 8730 - رواه البخاري 1: 261 (فتح) ، من طريق شعبة ، به. وسيأتي عقب هذا ما رواية ابن جريج ، عن محمد بن المنكدر ، عن جابر. وكذلك رواه البخاري 8: 182 ، من طريق ابن جريج ، ورواه البخاري أيضًا 10: 98 ، و 12: 2- من رواية سفيان ، عن محمد بن المنكدر.وذكره ابن كثير 2: 362 ، من رواية البخاري - من طريق ابن جريج - ثم قال ، "كذا رواه مسلم ، والنسائي ، من حديث حجاج بن محمد الأعور ، عن ابن جريج ، به. ورواه الجماعة كلهم من حديث سفيان بن عيينة ، عن محمد بن المنكدر ، عن جابر".وذكره السيوطي 2: 124-125 ، وزاد نسبته لعبد بن حميد ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، والبيهقي في سننه.(52) الحديث: 8731 - هو مكرر الحديث قبله ، كما أشرنا إليه.وفي المطبوعة"فدعا بوضوء فتوضأ". وفي المخطوطة"فدعا فتوضأ". والذي في البخاري - من هذا الوجه -"فدعا بماء". فالراجح أنها كانت كذلك عن الطبري ، وسقطت من الناسخ سهوًا كلمة"بماء" ، اشتبه عليه الحرفان الأخيران من"فدعا" ، بكلمة"بما" لأنهم في الأكثر لا يثبتون الهمزة = فسقطت الكلمة منه.وفي المطبوعة لم تكمل الآية بعد"في أولادكم" ، وأثبت ما في المخطوطة.(53) في المطبوعة: "وإن كان الأولاد واحدة ، ترجمة منه..." ، وفي المخطوطة: "وإن كان الأولاد واحده" ، ولم أجد لكليهما معنى ، فرجحت نصها كما أثبته بين القوسين ، استظهارًا من معنى هذه الآية كما ذكره آنفًا في صدر الكلام ، ورجحت أن قوله: "واحدة" مجلوبة من الآية التي تليها"وإن كانت واحدة" ، وفسرها كذلك ، وساقها قبل مجيئها.(54) في المطبوعة والمخطوطة: "وإن كانت المتروكة ابنة واحدة" ، وهو لا يستقيم ، فرجحت زيادة ما زدته بين القوسين ، على سياقه في تفسير أخواتها.(55) كأنه يعني بذلك حديث جابر بن عبد الله ، في خبر موت سعد بن الربيع ، وإعطاء رسول الله صلى الله عليه وسلم بنتيه الثلثين (السنن الكبرى للبيهقي 6: 229) ، وأخرجه أحمد وأبو داود والترمذي وابن ماجه من طرق = وخبر زيد بن ثابت: "إذا ترك رجل وامرأة بنتًا ، فلها النصف ، وإن كانتا اثنتين أو أكثر ، فلهن الثلثان..." ، أخرجه البخاري (الفتح 12: 8).هذا ، وعجيب أن يترك أبو جعفر سياق الآثار لحجته في هذا الموضع ، فأخشى أن يكون قد سقط من النساخ الأوائل شيء من كتابه = أو أن يكون هو قد أراد أن يسوق الآثار ، ثم غفل عنها ، وبقيت النسخ بعده ناقصة من دليل احتجاجه. وهذه أول مرة يخالف فيها أبو جعفر نهجه في تأليف هذا التفسير.(56) في المطبوعة: "فإذ كان كذلك" ، والجيد ما في المخطوطة.(57) في المطبوعة: "مجمعون" ، وكذلك كان في المخطوطة ، إلا أن الناسخ عاد فضرب على النون ، وجعل الواو"تاء" مربوطة منقوطة ، وتبع الناشر الأول خطأ الناسخ ، وأغفل تصحيحه!! فرددته إلى الصواب.(58) في المطبوعة: "فإن زيد على ذلك من بقية النصف" ، وأثبت ما كان في المخطوطة ، وهو صواب جيد.(59) في المطبوعة: "لقرب عصبة الميت" وفي المخطوطة"قرب" ، وأجودهما ما أثبت.(60) يعني بذلك ما رواه الشيخان بإسنادهما إلى ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ، "أًلْحِقوا الفرائضً بِأَهْلِهَا ، فما بَقي فهو لأوْلَى رَجُلٍ ذكر" (الفتح 2: 8 ، 9 / السنن الكبرى 6: 234) ، ويروى"لأدنى رجل" ، ومعناه: لأقرب رجل من العصبة. وهذا أيضًا غريب من أبي جعفر في ترك ذكر حجته من الحديث ، كشأنه في جميع ما سلف ، وانظر ص: 36 ، تعليق: 1 ، وكأنه كان يختصر في هذا الموضع ، وترك ذكر حجته؛ لأنه لا بد أن يكون قد استوفاها في موضعها من كتبه الأخرى.(61) في المطبوعة: "فإن قال قائل: بماذا" ، و"قائل" زيادة لا شك فيها ، والصواب ما في المخطوطة.(62) في المخطوطة: "بأنه أقرب ولد الميت إليه" ، وهو خطأ وسهو من الناسخ ، والصواب ، من المطبوعة.(63) انظر التعليق السالف ص 37 ، تعليق: 3.(64) في المطبوعة: "وكان بيانه ذلك معينًا لهم على تكرير حكمه" ، وهو خطأ محض وتصريف قبيح ، وفي المخطوطة: "معينا لهم عن تكرير حكمه" غير منقوطة ، وصواب قراءتها ما أثبت.(65) في المخطوطة: "حكم أبوين من الأخوة" ، والصواب ما في المطبوعة.(66) قوله: "قلت" ليست في المخطوطة ، ولكن السياق يقتضيها ، فأحسن طابع التفسير في إثباتها.(67) في المطبوعة: "... وغير والده لوائح الدلالة الواضحة..." وهو شيء لا يكتبه أبو جعفر!! وفي المخطوطة: "وغير والده ولاح الدلالة..." ، وصواب قراءتها"ولا أخ" معطوفًا على قوله"إذا لم يكن لولدها الميت وارث...". وقوله: "الدلالة الواضحة" اسم"كان" في قوله: "وكان في فرضه تعالى ذكره...".(68) في المخطوطة والمطبوعة: "هو ثلث مال ولدها الميت" ، بغير "واو" ، والصواب إثباتها. وإلا اختل الكلام.(69) وهذا أيضًا موضع في النفس منه شيء ، فإن أبا جعفر ترك سياق حجته من الآثار ، كما فعل في الموضعين السالفين انظر ص: 36 تعليق: 1 / وص: 37 ، تعليق: 3 ، / ثم انظر السنن الكبرى للبيهقي 6: 227 ، 228.(70) في المطبوعة: "رضي الله عنه" ، وأثبت ما في المخطوطة.(71) الأثر: 8732 - أخرجه البيهقي في السنن الكبرى 6: 227 من طريق: إسحاق بن إبراهيم ، عن شبابة ، عن ابن أبي ذئب ، عن شعبة مولى ابن عباس ، ونقله عنه ابن كثير في تفسيره 2: 367. وقد عقب ابن كثير عليه بقوله: "وفي صحة هذا الأثر نظر ، فإن شعبة هذا تكلم فيه مالك بن أنس. ولو كان هذا صحيحًا عن ابن عباس لذهب إليه أصحابه الأخصاء به ، والمنقول عنهم خلافه. وقد روى عبد الرحمن بن أبي الزناد ، عن خارجة بن زيد ، عن أبيه أنه قال ، "الأخوان ، تسمى إخوة" ، وقد أفردت لهذه المسألة جزءًا على حدة".أما "شعيب مولى ابن عباس" ، فهو: شعيب بن دينار الهاشمي ، وهو غير الكوفي ، وقد قال فيه ابن حبان: "روى عن ابن عباس ما لا أصل له ، حتى كأنه ابن عباس آخر" ، وانظر اختلاف قولهم فيه في التهذيب ، وأكثرهم على ترك الاحتجاج به ، وهو مترجم في التهذيب ، والكبير للبخاري 2 / 2 / 244 ، وابن أبي حاتم 2 / 1 / 367.(72) هذا أيضًا موضع كان يجب أن يسوق عنده أبو جعفر حجته ، أو يحيل على حجة سالفة ، ولكنه لم يفعل ، وانظر التعليق السالف ص: 40 تعليق: 1: والإشارة إلى المواضع السالفة هناك.(73) في المخطوطة والمطبوعة: "وقد علمت أن الأخوين في منطق العرب مثالا..." ، وهو فاسد ، والصواب"أن للأخوين" ، كما أثبتها بزيادة"اللام".(74) في المطبوعة: "بتقارب معنييهما" ، غير ما في المخطوطة ، لأنه قرأ"يتقارب" فعلا ، "بتقارب" اسمًا مصدرًا.(75) في المطبوعة: "ظهرهما" مكان"ظهريهما" ، وهو خطأ ، لأنه ليس شاهدًا في هذا الموضع ، بل الشاهد ما جاء في المخطوطة كما أثبته ، على التثنية.(76) ديوانه: 554 ، والنقائض: 553 ، وسيبويه 2: 202 ، وأمالي الشجرى 1: 12 ، وغيرها. وهو من قصيدته التي مضى بيت منها قريبًا ص: 27 ، تعليق: 3 ، يقول قبله ما لهج به من لهوه وكذبه وعبثه ، ويذكرها صاحبته وأمره معها. دَعَوْتُ الَّذِي سَمَّى السَّمَوَاتِ أَيْدُهُوَللهُ أَدْنَى مِنْ وَرِيِدي وأَلْطَفُلِيَشْغَلَ عَنِّي بَعْلَهَا بِزَمَانَهٍتُدَلِّهُهُ عَنِّي وعَنْهَا فَنُسْعَفُبِمَا في فُؤَادَيْنَا .............. . . . . . . . . . . . . . . . . . .فَأَرْسَلَ فِي عَيْنَيْهِ ماءً عَلاهُمَاوَقَدْ عَلِمُوا أَنِّي أَطَبُّ وأَعْرَفُفَدَاوَيْتُهُ عَامَيْنِ وَهْيَ قَرِ يَبةٌأَرَاهَا، وتَدْنُو لِي مِرَارًا فَأرْشُفُيقول: دعا الله أن يبتلي زوجها بمرض مزمن ، يدلهه ويحيره ، فيبقى دهشا متغير العقل أو البصر ، فلا يتفقدها ، حتى يصل إلى ما يريد وتريد. فاستجاب دعاءه ، وأنزل على عينيه ماء ، فطلبوا له الأطباء والعرفاء ، وزعم الفرزدق أنهم عرفوا أنه أطب الناس بهذا الداء ، فأدخلوه إليه ، فظل يطببه عامين ، وهي قريبة منه.وقوله: "منهاض الفؤاد" الذي هاضه الحزن والوجد ، من"هاض العظم" إذا كسره ، يريد شدة ما يجد من اللوعة ، حتى شفه وأمرض قلبه. و"المشعف" ، هو الذي شعفه الحب: إذا أحرق قلبه ، مع لذة يجدها المحب ، ولم يذكر أصحاب المعاجم"شعف" مشددة العين ، ولكنه قياس هذه العربية. وفي المخطوطة والمطبوعة: "المشغف" بالغين المعجمة ، وكأنه صواب أيضًا ، من"شغفه الحب" إذا بلغ شغاف قلبه.وأما رواية الديوان ، والنقائض ، فهي"المسقف" ، وهي رواية رديئة ، قال أبو عبيدة في شرحها: "هو الذي عليه خشب الجبائر ، والجبائر: هي السقائف تشد على الكسر". وهو لا شيء ، وإنما حمله على ذلك ذكر"منهاض" ، وأن"المشغف" من صفته ، و"المنهاض" هو العظم الذي كسر بعد الجبر. ولكن صواب المعنى والرواية ، هو ما ذكرت.(77) في المطبوعة: "فلفظ الجمع أفصح في منطقها" ، والصواب ما أثبته من المخطوطة ، وقوله: "أفصح" منصوب خبر قوله: "فلما كان ما وصفت".(78) في المطبوعة: "أشبه معناهما" على الإفراد ، والصواب من المخطوطة مثنى. وقوله: "وكان الأخوان" ، معطوف على قوله: "فلما كان ما وصفت" ، يريد: "ولما كان الأخوان...". وسياق الجملة: "وكان الأخوان شخصين... أشبه معنياهما معنى ما كان في الإنسان من أعضائه واحدًا".(79) في المطبوعة: "فأخرج أنثييهما بلفظ أنثى العضوين" ، وهو كلام لا معنى له ، والصواب من المخطوطة ، فالكلام في"الاثنين" و"الجمع" ، لا في"الأنثى" و"الذكر".(80) في المطبوعة: "وذلك أنه إذا ضم شيء إلى شيء" ، غير ما كان في المخطوطة كما أثبته ، وهو صواب محض لا يغير.(81) في المطبوعة والمخطوطة: "بعد أن كانا شتى عنوان الأمر وإن كان كذلك" ، وهو كلام مستهجن لا معنى له ، والناسخ عجل كما رأيت وعلمت ، فكتب"غير أن الأمر" ، "عنوان الأمر" ففسد الكلام ، وأفسد على الناشر الأول فهمه للمعاني.(82) في المطبوعة: "لأن لكل ما جرى به الكلام على ألسنتهم مثالا معروفًا عندهم وصورة ، إذا غير مغير ما قد عرفوه فيهم أنكره" ، بدل ما كان في المخطوطة تبديلا ، جعل"بمثال""مثالا" وقدمها عن مكانها ، وغير سائر الجملة كما رأيت. والذي أوقعه في ذلك أن الناسخ كتب"لأن لكل ما جرى" وصوابه"لأن كل ما جرى" كما أثبته.أما "نكروه" ، فقد جعلها"أنكروه" وهما صواب جميعًا ، إلا أن الواجب عليه كان يقتضي إثبات ما في المخطوطة. يقال ، "أنكر الشيء إنكارًا ونكره" (على وزن سمع) ، قال الله تعالى في سورة هود: 70: فَلَمَّا رَأَى أَيْدِيَهُمْ لا تَصِلُ إِلَيْهِ نَكِرَهُمْ وَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً (83) في المطبوعة: "أنزلوا الأم ولا يرثون" ، وفي المخطوطة: "أمروا بالأمر ولا يرثون" وهو تحريف ما أثبته عن الدر المنثور وابن كثير ، كما سترى في التخريج.(84) الأثر: 8733 - خرجه ابن كثير في تفسيره 2: 367 ، 368 ، وقال ، "هذا كلام حسن" ، والسيوطي في الدر المنثور 2: 126.(85) هكذا في المطبوعة"في بابها" ، وفي المخطوطة غير منقوطة ، وهي لفظة غريبة هاهنا ، لا أظنها مما كان يجري على ألسنة القوم يومئذ على هذا المعنى ، ولو خيرت لاخترت"في أهلها" ، ولكني تركتها على حالها مخافة أن يكون ظني رجما.(86) في المطبوعة: "أن رسول الله" بإسقاط الواو ، وأثبت ما في المخطوطة.(87) الآثار: 8736 ، 8737 ، 8738 - حديث ضعيف ، لضعف"الحارث الأعور" ، وهو: الحارث بن عبد الله الأعور الهمداني ، وهو ضعيف جدًا ، وقال الشعبي وغيره: "كان كذابًا". وقد مضى الكلام عنه في رقم: 174 فيما كتبه أخي السيد أحمد ، وفي المسند رقم: 565.وأسانيده الثلاثة تدور على"الحارث الأعور" ، وقد رواه أحمد في مسنده رقم: 595 ، 1091 ، 1221 مطولا ، وأخرجه البيهقي في السنن الكبرى 6: 267 ، والحاكم في المستدرك 4: 336 ، وابن كثير في تفسيره 2: 368 ، وقال ، "رواه أحمد والترمذي وابن ماجه وأصحاب التفاسير" ، والسيوطي في الدر المنثور 2: 126 ، ونسبه لأبي أبي شيبة ، وأحمد ، وعبد بن حميد ، والترمذي ، وابن ماجه ، وابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، والحاكم ، والبيهقي في سننه. ورواه الشافعي في الأم 4: 29 ، مختصرًا كما رواه الطبري ، قال الشافعي: "وقد روى في تبدئة الدين قبل الوصية حديث عن النبي صلى الله عليه وسلم لا يثبت أهل الحديث مثله". وساق الحديث عن سفيان عن أبي إسحاق.قال البيهقي: "امتناع أهل الحديث عن إثبات هذا ، لتفرد الحارث الأعور بروايته عن علي رضي الله عنه ، والحارث لا يحتج بخبره لطعن الحفاظ فيه". أما الحاكم ، فقد ذكر مثل هذه العلة في الحارث الأعور ، وقال ، "لذلك لم يخرجه الشيخان ، وقد صحت هذه الفتوى عن زيد بن ثابت" ، ثم ساق فتوى زيد بن ثابت بإسناده.وقال ابن كثير: "ثم قال الترمذي: لا نعرفه إلا من حديث الحارث الأعور. وقد تكلم فيه بعض أهل العلم. قلت (القائل ابن كثير): لكن كان حافظًا للفرائض معتنيًا بها وبالحساب".(88) سياق هذه الجملة: "هؤلاء الذين أوصاكم الله به فيهم... آباؤكم وأبناؤكم" ، يريد إعراب"آباؤكم وأبناؤكم" ، وأنه خبر لمبتدأ محذوف. ولم يشر أحد من المفسرين إلى هذا الإعراب. بل قال القرطبي في تفسيره: "رفع بالابتداء ، والخبر مضمر ، تقديره: هم المقسوم عليهم ، وهم المعطون". وقال الألوسي في تفسيره: "الخطاب للورثة ، وآباؤكم مبتدأ ، وأبناؤكم معطوف عليه ، ولا تدرون مع ما في حيزه خبر له". وكذلك قال العكبري في إعراب القرآن 1: 94. وأجود القول ما قال أبو جعفر في سياق هذه الآية.(89) في المطبوعة والمخطوطة: "فرضي لهم المواريث" ، وهو تحريف وسوء كتابة من الناسخ ، ولا معنى له ، والصواب ما أثبت.(90) قوله: "موقتة" ، أي محددة مقدرة بحد ، وقد سلف شرح هذه الكلمة فيما مضى الجزء 7: 597 ، تعليق: 3 ، والمراجع هناك ، وفي فهرس المصطلحات.ثم انظر تفسير"الفرض" و"الفريضة" فيما سلف 4: 121 / 5: 120 / 7: 597.(91) "الخروج" ، انظر تفسيره فيما سلف 7: 25 ، تعليق: 3 ، كأنه يعني به خروج الحال المؤكدة.(92) انظر ما سلف 7: 599.(93) انظر تفسير: "كان" نظيرة ما في هذه الآية ، فيما سلف: 7: 523.
وَ لَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ اَزْوَاجُكُمْ اِنْ لَّمْ یَكُنْ لَّهُنَّ وَلَدٌۚ-فَاِنْ كَانَ لَهُنَّ وَلَدٌ فَلَكُمُ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْنَ مِنْۢ بَعْدِ وَصِیَّةٍ یُّوْصِیْنَ بِهَاۤ اَوْ دَیْنٍؕ-وَ لَهُنَّ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْتُمْ اِنْ لَّمْ یَكُنْ لَّكُمْ وَلَدٌۚ-فَاِنْ كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُمْ مِّنْۢ بَعْدِ وَصِیَّةٍ تُوْصُوْنَ بِهَاۤ اَوْ دَیْنٍؕ-وَ اِنْ كَانَ رَجُلٌ یُّوْرَثُ كَلٰلَةً اَوِ امْرَاَةٌ وَّ لَهٗۤ اَخٌ اَوْ اُخْتٌ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا السُّدُسُۚ-فَاِنْ كَانُوْۤا اَكْثَرَ مِنْ ذٰلِكَ فَهُمْ شُرَكَآءُ فِی الثُّلُثِ مِنْۢ بَعْدِ وَصِیَّةٍ یُّوْصٰى بِهَاۤ اَوْ دَیْنٍۙ-غَیْرَ مُضَآرٍّۚ-وَصِیَّةً مِّنَ اللّٰهِؕ-وَ اللّٰهُ عَلِیْمٌ حَلِیْمٌؕ(۱۲)
اور تمہاری بیبیاں جو چھوڑ جائیں اس میں سے تمہیں آدھا ہے اگر ان کی اولاد نہ ہو، پھر اگر ان کی اولاد ہو تو ان کے ترکہ میں سے تمہیں چوتھائی ہے جو وصیت وہ کر گئیں اور دَین نکال کر اور تمہارے ترکہ میں عورتوں کا چوتھائی ہے (ف۳۶) اگر تمہارے اولاد نہ ہو پھر اگر تمہارے اولاد ہو تو ان کا تمہارے ترکہ میں سے آٹھواں (ف۳۷) جو وصیت تم کر جاؤ اور دین نکال کر، اور اگر کسی ایسے مرد یا عورت کا ترکہ بٹنا ہو جس نے ماں باپ اولاد کچھ نہ چھوڑے اور ماں کی طرف سے اس کا بھائی یا بہن ہے تو ان میں سے ہر ایک کو چھٹا پھر اگر وہ بہن بھائی ایک سے زیادہ ہوں تو سب تہائی میں شریک ہیں (ف۳۸) میت کی وصیت اور دین نکال کر جس میں اس نے نقصان نہ پہنچایا ہو (ف۳۹) یہ اللہ کا ارشاد ہے اور اللہ علم والا حلم والا ہے،
القول في تأويل قوله : وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُنَّ وَلَدٌ فَإِنْ كَانَ لَهُنَّ وَلَدٌ فَلَكُمُ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْنَ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِينَ بِهَا أَوْ دَيْنٍقال أبو جعفر: يعني بذلك جل ثناؤه،" ولكم " أيها الناس =" نصف ما ترك أزواجكم "، بعد وفاتهن من مال وميراث =" إن لم يكن لهن ولد "، يوم يحدث بهن الموت، (1) لا ذكر ولا أنثى =" فإن كان لهن ولد "، أي: فإن كان لأزواجكم يوم يحدث لهن الموت، (2) ولد ذكر أو أنثى =" فلكم الربع مما تركن "، من مال وميراث، ميراثًا لكم عنهن =" من بعد وصية يوصين بها أو دين "، يقول: ذلكم لكم ميراثًا عنهن، مما يبقى من تركاتهن وأموالهن، من بعد قضاء ديونهن التي يمتن وهي عليهن، ومن بعد إنفاذ وصاياهن الجائزة إن كن أوصين بها.* * *القول في تأويل قوله : وَلَهُنَّ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْتُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَكُمْ وَلَدٌ فَإِنْ كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُمْ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ تُوصُونَ بِهَا أَوْ دَيْنٍقال أبو جعفر: يعني جل ثناؤه بقوله: " ولهن الربع مما تركتم إن لم يكن لكم ولد " ولأزواجكم، أيها الناس، ربع ما تركتم بعد وفاتكم من مال وميراث، إن حدث بأحدكم حَدَثُ الوفاة ولا ولد له ذكر ولا أنثى =" فإن كان لكم ولد "، يقول: فإن حدث بأحدكم حدث الموت وله ولد ذكر أو أنثى، واحدًا كان الولد أو جماعة =" فلهن الثمن مما تركتم "، يقول: فلأزواجكم حينئذ من أموالكم وتركتكم التي تخلفونها بعد وفاتكم، الثمن من بعد قضاء ديونكم التي حدث بكم حدث الوفاة وهي عليكم، ومن بعد إنفاذ وصاياكم الجائزة التي توصون بها.* * *وإنما قيل: " من بعد وصية توصون بها أو دين "، فقدم ذكر الوصية على ذكر الدين، لأن معنى الكلام: إن الذي فرضتُ لمن فرضتُ له منكم في هذه الآيات، إنما هو له من بعد إخراج أيِّ هذين كان في مال الميت منكم، (3) من وصية أو دين. فلذلك كان سواءً تقديم ذكر الوصية قبل ذكر الدين، وتقديم ذكر الدين قبل ذكر الوصية، لأنه لم يرد من معنى ذلك إخراج الشيئين: " الدين والوصية " من ماله، فيكون ذكر الدين أولى أن يُبدأ به من ذكر الوصية. (4)* * *القول في تأويل قوله : وَإِنْ كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلالَةً أَوِ امْرَأَةٌقال أبو جعفر: يعني بذلك جل ثناؤه: وإن كان رجلٌ أو امرأة يورث كلالةً.ثم اختلفت القرأة في قراءة ذلك.* * *فقرأ ذلك عامة قرأة أهل الإسلام: ( وَإِنْ كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلالَةً ) ، يعني: وإن كان رجل يورث متكلًّل النسب.* * *ف " الكلالة " على هذا القول، مصدر من قولهم: " تكلَّله النسب تكلُّلا وكلالة "، بمعنى: تعطف عليه النسب.* * *وقرأه بعضهم: ( وَإِنْ كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلالَةً ) ، بمعنى: وإن كان رجل يورِث من يتكلَّله، بمعنى: من يتعطف عليه بنسبه من أخ أو أخت.* * *واختلف أهل التأويل في" الكلالة ".فقال بعضهم: هي ما خلا الوالد والولد.* ذكر من قال ذلك:8745 - حدثنا الوليد بن شجاع السَّكوني قال، حدثني علي بن مسهر، عن عاصم، عن الشعبي قال: قال أبو بكر رحمه الله عليه: إني قد رأيت في الكلالة رأيًا = فإن كان صوابًا فمن الله وحده لا شريك له، وإن يك خطأ فمني ومن الشيطان، (5) والله منه بريء =: أن الكلالة ما خلا الولد والوالد. فلما استخلف عمر رحمة الله عليه قال: إني لأستحيي من الله تبارك وتعالى أن أخالف أبا بكر في رأي رآه. (6)8746 - حدثني يعقوب بن إبراهيم قال، حدثنا هشيم قال، أخبرنا عاصم الأحول قال، حدثنا الشعبي: أن أبا بكر رحمه الله قال في الكلالة: أقول فيها برأيي، فإن كان صوابًا فمن الله: هو ما دون الولد والوالد. قال: فلما كان عمر رحمه الله قال: إني لأستحيي من الله أن أخالف أبا بكر.8747 - حدثنا [يونس بن عبد الأعلى] قال، أخبرنا سفيان، عن عاصم الأحول، عن الشعبي: أن أبا بكر وعمر بن الخطاب رضي الله عنهما قالا الكلالة من لا ولد له ولا والد. (7)8748 - حدثنا ابن وكيع قال، حدثني أبي، عن عمران بن حدير، عن السميط قال: كان عمر رجلا أيسر، (8) فخرج يومًا وهو يقول بيده هكذا، (9) يديرها، إلا أنه قال، أتى عليّ حين ولست أدري ما الكلالة، ألا وإنّ الكلالة ما خلا الولد والوالد. (10)8749 - حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبي، عن سفيان، عن جابر، عن عامر، عن أبي بكر قال: الكلالة ما خلا الولد والوالد.8750 - حدثني يونس قال، أخبرنا سفيان، عن عمرو بن دينار، عن الحسن بن محمد، عن ابن عباس قال: الكلالة من لا ولد له ولا والد.8751 - حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، سمعت ابن جريج يحدث، عن عمرو بن دينار، عن الحسن بن محمد، عن ابن عباس قال: الكلالة من لا ولد له ولا والد.8752 - حدثنا محمد بن بشار قال، حدثنا مؤمل قال، حدثنا سفيان، عن عمرو بن دينار، عن الحسن بن محمد بن الحنفية، عن ابن عباس، قال: الكلالة ما خلا الولد والوالد (11) .8753 - حدثنا ابن بشار وابن وكيع قالا حدثنا عبد الرحمن قال، حدثنا أبي، عن إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن سليم بن عبد، عن ابن عباس بمثله. (12)8754 - حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبي، عن إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن سليم بن عبد السلولي، عن ابن عباس قال: الكلالة ما خلا الولد والوالد.8755 - حدثني المثنى قال، حدثنا عبد الله بن صالح قال، حدثني معاوية بن صالح، عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس قوله: " وإن كان رجل يورث كلالة أو امرأة "، قال: الكلالة من لم يترك ولدًا ولا والدًا.8756 - حدثني محمد بن عبيد المحاربي قال، حدثنا أبو الأحوص، عن أبي إسحاق، عن سليم بن عبد قال: ما رأيتهم إلا قد اتفقوا أن من مات ولم يدع ولدًا ولا والدًا، أنه كلالة.8757 - حدثنا تميم بن المنتصر قال، حدثنا إسحاق بن يوسف، عن شريك، عن أبي إسحاق، عن سليم بن عبد قال: ما رأيتهم إلا قد أجمعوا أنّ الكلالة الذي ليس له ولد ولا والد.8758 - حدثنا ابن بشار قال، حدثنا عبد الرحمن قال، حدثنا سفيان، عن أبي إسحاق، عن سليم بن عبد قال: الكلالة ما خلا الولد والوالد.8759 - حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا ابن فضيل، عن أشعث، عن أبي إسحاق، عن سليم بن عبد قال: أدركتهم وهم يقولون، إذا لم يدع الرجل ولدًا ولا والدًا، وُرِث كلالة.8760 - حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد بن زريع قال، حدثنا سعيد، عن قتادة قوله: " وإن كان رجل يورَث كلالة أو امرأة "، والكلالة الذي لا ولد له ولا والد، لا أب ولا جد، ولا ابن ولا ابنة، فهؤلاء الأخوة من الأم.8761 - حدثني محمد بن المثنى قال، حدثنا محمد بن جعفر، عن شعبة، عن الحكم قال في الكلالة: ما دون الولد والوالد.8762 - حدثنا يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد: الكلالة كل من لا يرثه والد ولا ولد، وكل من لا ولد له ولا والد فهو يورث كلالة، من رجالهم ونسائهم.8763 - حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر، عن قتادة والزهري وأبي إسحاق، قال: الكلالة من ليس له ولد ولا والد.8764 - حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا محمد بن محمد، عن معمر، عن الزهري وقتادة وأبي إسحاق مثله.* * *وقال آخرون: " الكلالة ما دون الولد "، وهذا قول عن ابن عباس، وهو الخبر الذي ذكرناه قبل من رواية طاوس عنه: (13) أنه ورَّث الإخوة من الأم السدس مع الأبوين.* * *وقال آخرون: الكلالة ما خلا الوالد.* ذكر من قال ذلك:8765 - حدثنا ابن المثنى قال، حدثنا سهل بن يوسف، عن شعبة، قال: سألت الحكم عن الكلالة قال: فهو ما دون الأب.* * *واختلف أهل العربية في الناصب للكلالة.فقال بعض البصريين: إن شئت نصبت " كلالة " على خبر " كان "، وجعلت " يورث " من صفة " الرجل ". وإن شئت جعلت " كان " تستغني عن الخبر نحو " وقع "، وجعلت نصب " كلالة " على الحال، أي: يورث كلالة، (14) كما يقال: " يضرب قائمًا ".* * *وقال بعضهم قوله: " كلالة "، خبر " كان "، لا يكون الموروث كلالة، وإنما الوارث الكلالةُ.* * *قال أبو جعفر والصواب من القول في ذلك عندي أن " الكلالة " منصوب على الخروج من قوله: " يورث "، وخبر " كان "" يورث ". و " الكلالة " وإن كانت منصوبة بالخروج من " يورث "، فليست منصوبة على الحال، ولكن على المصدر من معنى الكلام. لأن معنى الكلام: وإن كان رجل يورَث متكلِّله النسب كلالةً = ثم ترك ذكر " متكلِّله " اكتفاء بدلالة قوله: " يورث " عليه.* * *واختلف أهل العلم في المسمَّى " كلالة ".فقال بعضهم: " الكلالة " الموروث، وهو الميت نفسه، يسمى بذلك إذا ورثه غير والده وولده. (15)* ذكر من قال ذلك:8766 - حدثنا محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن المفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي قوله في الكلالة، (16) قال: الذي لا يدع والدًا ولا ولدًا.8767 - حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا ابن عيينة، عن سليمان الأحول، عن طاوس، عن ابن عباس قال: كنت آخر الناس عهدًا بعمر رحمه الله، (17) فسمعته يقول: القولُ ما قلت. (18) قلت: وما قلت؟ قال: الكلالة من لا ولد له. (19)8768 - حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبي ويحيى بن آدم، عن إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن سليم بن عبد، عن ابن عباس قال: الكلالة من لا ولد له ولا والد. (20)وقال آخرون: " الكلالة "، هي الورثة الذين يرثون الميت، إذا كانوا إخوة أو أخوات أو غيرهم، إذا لم يكونوا ولدًا ولا والدًا، على ما قد ذكرنا من اختلافهم في ذلك.* * *وقال آخرون: بل " الكلالة " الميت والحي جميعًا.* ذكر من قال ذلك:8769 - حدثني يونس قال أخبرنا ابن وهب قال قال ابن زيد: الكلالة الميت الذي لا ولد له ولا والد = أو الحي، كلهم " كلالة "، هذا يَرِث بالكلالة، وهذا يورَث بالكلالة (21) .* * *قال أبو جعفر: والصواب من القول في ذلك عندي ما قاله هؤلاء، وهو أن " الكلالة " الذين يرثون الميت، من عَدا ولده ووالده، وذلك لصحة الخبر الذي ذكرناه عن جابر بن عبد الله أنه قال: قلت يا رسول الله؟ إنما يرثني كلالة، فكيف بالميراث (22) وبما: -8770 - حدثني يعقوب بن إبراهيم قال، حدثنا ابن علية، عن ابن عون، عن عمرو بن سعيد قال، كنا مع حميد بن عبد الرحمن في سوق الرقيق، قال: فقام من عندنا ثم رجع، فقال: هذا آخر ثلاثة من بني سعد حدَّثوني هذا الحديث، قالوا: مرض سعد بمكة مرضًا شديدًا، قال: فأتاه رسول الله صلى الله عليه وسلم يعوده. فقال: يا رسول الله، لي مال كثير، وليس لي وارثٌ إلا كلالة، فأوصي بمالي كله؟ فقال: لا. (23)8771 - حدثني يعقوب بن إبراهيم قال، حدثنا ابن علية قال، حدثنا إسحاق بن سويد، عن العلاء بن زياد قال: جاء شيخٌ إلى عمر رضي الله عنه فقال: إنِّي شيخ، وليس لي وارث إلا كلالةُ أعراب مُتراخٍ نسبُهم، (24) أفأوصي بثلث مالي؟ قال: لا.* * *=فقد أنبأت هذه الأخبار عن صحة ما قلنا في معنى " الكلالة "، وأنها ورثة الميت دون الميت، ممن عدا والده وولده.* * *القول في تأويل قوله : وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ فَإِنْ كَانُوا أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَهُمْ شُرَكَاءُ فِي الثُّلُثِقال أبو جعفر: يعني بقوله جل ثناؤه: " وله أخ أو أخت "، وللرجل الذي يورث كلالة أخ أو أخت، يعني: أخًا أو أختًا من أمه، كما:-8772 - حدثنا محمد بن بشار قال، حدثنا عبد الرحمن قال، حدثنا سفيان، عن يعلى بن عطاء، عن القاسم، عن سعد أنه كان يقرأ: " وإن كان رجل يورث كلالة أو امرأة وله أخ أو أخت " قال، سعد: لأمه.8773 - حدثنا محمد بن المثنى قال، حدثنا عبد الرحمن قال، حدثنا شعبة، عن يعلى بن عطاء قال: سمعت القاسم بن ربيعة يقول: قرأت على سعد: " وإن كان رجل يورث كلالة أو امرأة وله أخ أو أخت " قال، سعد: لأمه.8774 - حدثني محمد بن المثنى قال، حدثنا وهب بن جرير قال، حدثنا شعبة، عن يعلى بن عطاء، عن القاسم بن ربيعة بن قانف (25) قال: قرأت على سعد، فذكر نحوه.8775 - حدثني يعقوب بن إبراهيم قال، أخبرنا هشيم قال، أخبرنا يعلى بن عطاء، عن القاسم بن ربيعة قال: سمعت سعد بن أبي وقاص قرأ: " وإن كان رجل يورث كلالة وله أخ أو أخت من أمه ". (26)8776 - حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد بن زريع قال، حدثنا سعيد، عن قتادة قوله: " وله أخ أو أخت " فهؤلاء الإخوة من الأم: إن كان واحدًا فله السدس، وإن كانوا أكثر من ذلك فهم شركاء في الثلث، ذكرهم وأنثاهم فيه سواء. (27)8778 - حدثنا محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن مفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي: " وإن كان رجل يورث كلالة أو امرأة وله أخ أو أخت "، فهؤلاء الإخوة من الأم، فهم شركاء في الثلث، سواءٌ الذكر والأنثى.* * *قال أبو جعفر: وقوله: " فلكل واحد منهما السدس "، إذا انفرد الأخ وحده أو الأخت وحدها، ولم يكن أخ غيره أو غيرها من أمه، فله السدس من ميراث أخيه لأمه. فإن اجتمع أخ وأخت، أو أخوان لا ثالث معهما لأمهما، أو أختان كذلك، أو أخ وأخت ليس معهما غيرهما من أمهما = فلكل واحد منهما من ميراث أخيهما لأمهما السدس =" فإن كانوا أكثر من ذلك "، يعني: فإن كان الإخوة والأخوات لأم الميت الموروث كلالة أكثرَ من اثنين =" فهم شركاء في الثلث "، يقول: فالثُّلث الذي فرضت لاثنيهم إذا لم يكن غيرهما من أمهما ميراثًا لهما من أخيهما الميت الموروث كلالة، شركة بينهم، إذا كانوا أكثر من اثنين إلى ما بلغ عددهم على عدد رؤوسهم، لا يفضل ذكر منهم على أنثى في ذلك، ولكنه بينهم بالسويَّة.* * *فإن قال قائل: وكيف قيل: " وله أخ أو أخت "، ولم يُقَل: " لهما أخ أو أخت "، وقد ذكر قبل ذلك " رجل أو امرأة "، فقيل: (28) وَإِنْ كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلالَةً أَوِ امْرَأَةٌ ؟ قيل: إن من شأن العرب إذا قدمت ذكر اسمين قبل الخبر، فعطفت أحدهما على الآخر ب " أو " ، ثم أتت بالخبر، أضافت الخبر إليهما أحيانًا، وأحيانًا إلى أحدهما، وإذا أضافت إلى أحدهما، كان سواء عندها إضافة ذلك إلى أيّ الاسمين اللذين ذكرتهما إضافَته، فتقول: " من كان عنده غلام أو جارية فليحسن إليه "، يعني: فليحسن إلى الغلام - و " فليحسن إليها "، يعني: فليحسن إلى الجارية - و " فليحسن إليهما ". (29)* * *وأما قوله: " فلكل واحد منهما السدس "، وقد تقدم ذكر الأخ والأخت بعطف أحدهما على الآخر، والدلالة على أن المراد بمعنى الكلام أحدهما في قوله: " وله أخ أو أخت "، فإن ذلك إنما جاز، لأن معنى الكلام، فلكل واحد من المذكورين السدس. (30)* * *القول في تأويل قوله : مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصَى بِهَا أَوْ دَيْنٍ غَيْرَ مُضَارٍّ وَصِيَّةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَلِيمٌ (12)قال أبو جعفر: يعني جل ثناؤه بقوله: " من بعد وصيه يوصي بها "، أي: هذا الذي فرضت لأخي الميت الموروث كلالة وأخته أو إخوته وأخواته من ميراثه وتركته، إنما هو لهم من بعد قضاء دين الميت الذي كان عليه يوم حدث به حَدَثُ الموت من تركته، وبعد إنفاذ وصاياه الجائزة التي يوصي بها في حياته لمن أوصى له بها بعد وفاته، كما:-8779 - حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة: " من بعد وصية يوصَى بها أو دين "، والدين أحق ما بدئ به من جميع المال، فيؤدَّي عن أمانة الميت، ثم الوصية، ثم يقسم أهل الميراث ميراثهم.* * *وأما قوله: " غير مضارّ"، فإنه يعني تعالى ذكره: من بعد وصية يوصي بها، غيرَ مضَارّ ورثته في ميراثهم عنه، كما:-8780 - حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد في قوله: " غير مضار "، قال: في ميراث أهله.8781 - حدثني القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد قوله: " غير مضار "، قال: في ميراث أهله.8782 - حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة قوله: " غير مضار وصية من الله "، وإن الله تبارك وتعالى كره الضرار في الحياة وعند الموت، ونهى عنه، وقدَّم فيه، فلا تصلح مضارَّة في حياة ولا موت.8783 - حدثني نصر بن عبد الرحمن الأزدي قال، حدثنا عبيدة بن حميد = وحدثني يعقوب بن إبراهيم قال، حدثنا ابن علية = جميعًا، عن داود بن أبي هند، عن عكرمة، عن ابن عباس في هذه الآية: " غير مضار وصية من الله واللهُ عليم حليم "، قال: الضرار في الوصية من الكبائر. (31)8784 - حدثنا ابن أبي الشوارب قال، حدثنا يزيد بن زريع قال، حدثنا داود، عن عكرمة، عن ابن عباس قال: الضرار في الوصية من الكبائر.8785 - حدثنا حميد بن مسعدة قال، حدثنا بشر بن المفضل قال، حدثنا داود، عن عكرمة، عن ابن عباس مثله.8786 - حدثنا ابن المثنى قال، حدثنا عبد الوهاب قال، حدثنا داود، عن عكرمة، عن ابن عباس قال: الحيفُ في الوصية من الكبائر.8787 - حدثنا ابن المثنى قال، حدثنا ابن أبي عدي وعبد الأعلى قالا حدثنا داود، عن عكرمة، عن ابن عباس قال: الضرار والحيف في الوصية من الكبائر. (32)8788 - حدثني موسى بن سهل الرملي قال، حدثنا إسحاق بن إبراهيم أبو النضر قال، حدثنا عمر بن المغيرة قال، حدثنا داود بن أبي هند، عن عكرمة، عن ابن عباس، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " الضرار في الوصية من الكبائر ". (33)8789 - حدثني يعقوب بن إبراهيم قال، حدثنا هشيم قال، أخبرنا أبو عمرو التيمي، عن أبي الضحى قال: دخلت مع مسروق على مريض، فإذا هو يوصي قال: فقال له مسروق: أعدل لا تضلل. (34)* * *ونصبت " غيرَ مضارّ" على الخروج من قوله: " يوصَى بها " . (35)* * *وأما قوله: " وصية " فإن نصبه من قوله: يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنْثَيَيْنِ ، وسائر ما أوصى به في الاثنين، ثم قال: " وصية من الله "، مصدرًا من قوله: يُوصِيكُمُ . (36)* * *وقد قال بعض أهل العربية: ذلك منصوب من قوله: فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ =" وصية من الله "، وقال: هو مثل قولك: " لك درهمان نفقةً إلى أهلك ". (37)* * *قال أبو جعفر: والذي قلناه بالصواب أولى، لأن الله جل ثناؤه افتتح ذكر قسمةِ المواريث في هاتين الآيتين بقوله: يُوصِيكُمُ اللَّهُ ، ثم ختم ذلك بقوله: " وصية من الله "، أخبر أن جميع ذلك وصية منه به عباده، فنصْبُ قوله: " وصية " على المصدر من قوله: يُوصِيكُمُ ، أولى من نصبه على التفسير من قوله: (38) فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ ، لما ذكرنا.* * *ويعني بقوله تعالى ذكره: " وصية من الله "، عهدًا من الله إليكم فيما يجب لكم من ميراث من مات منكم = (39) " والله عليم "، يقول: والله ذو علم بمصالح خلقه ومضارِّهم، ومن يستحق أن يعطى من أقرباء من مات منكم وأنسبائه من ميراثه، ومن يحرم ذلك منهم، ومبلغ ما يستحق به كل من استحق منهم قسمًا، وغير ذلك من أمور عباده ومصالحهم =" حليم "، يقول: ذو حلم على خلقه، وذو أناة في تركه معاجلتهم بالعقوبة على ظلم بعضهم بعضًا، (40) في إعطائهم الميراث لأهل الجلد والقوة من ولد الميت، وأهل الغناء والبأس منهم، دون أهل الضعف والعجز من صغار ولده وإناثهم.---------------------الهوامش :(1) في المطبوعة: "يحدث لهن الموت" باللام ، والصواب ما في المخطوطة .(2) في المطبوعة: "يحدث لهن الموت" باللام ، والصواب ما في المخطوطة .(3) في المخطوطة والمطبوعة: "الميت منكن" ، والصواب"منكم" كما أثبتها.(4) في المطبوعة: "إخراج أحد الشيئين" بزيادة"أحد" ، وهي لا معنى لها هنا ، بل هي إخلال بما أراد ، وبما ذكر قبل من قوله: "إنما هو له من بعد إخراج أي هذين كان في مال الميت منكم".(5) في المطبوعة: "وإن يكن خطأ" ، وأثبت ما في المخطوطة. وفي المطبوعة: "أبو بكر رضي الله عنه" ، وكذلك لما ذكر"عمر" ، وأثبت ما في المخطوطة في هذا الموضع وفيما يليه ، ولم أنبه إليه فيما يلي. وفي المخطوطة والمطبوعة: "فمني والشيطان" بإسقاط"من" ، والصواب من تفسير ابن كثير والبغوي بهامشه 2: 370 ، والدر المنثور 2: 250.(6) الأثر: 8745 - أخرجه البيهقي في السنن 6: 223 ، 224 ، وابن كثير والبغوي 2: 370 ، والدر المنثور 2: 250 ، ونسبه أيضًا لعبد الرزاق ، وسعيد بن منصور ، وابن أبي شيبة ، وابن المنذر ، وفي الدر والبيهقي: "فلما طعن عمر" ، وفي ابن كثير: "فلما ولي عمر" ، وإحدى روايتي البيهقي ، ورواية البغوي كرواية الطبري: "فلما استخلف".(7) الأثر: 8747 -"يونس بن عبد الأعلى الصدفي المصري ، شيخ الطبري ، روى عنه أبو جعفر شيئًا كثيرًا في تفسيره وفي غيره من كتبه ، وقد مضى برقم: 1679. وكان في المطبوعة: "أبو بشر بن عبد الأعلى" ، وليس في الرواة من كان بهذا الاسم ، وخاصة في شيوخ أبي جعفر. وفي المخطوطة: "أبو بشر عبد الأعلى" ، وهذا أيضًا لا يعرف ، ورجح عندي أنه تصحيف وتحريف من الناسخ ، وأن صوابه"يونس بن عبد الأعلى" شيخ الطبري ، فأثبته كذلك بين قوسين.(8) جاء في هذا الأثر في صفة عمر أنه"أيسر" ، والذي جاء في الآثار من صفته أنه"أعسر يسر (بفتحتين) يعمل بيديه جميعًا" ، وذلك هو الذي يسمونه"الأضبط" ، تكون قوة شماله ، كقوة يمينه في العمل. فإذا كان يعمل بيده الشمال خاصة فهو"أعسر" ، والرجل إذا كان"أعسر" وليس"يسرًا" ، كانت يمينه أضعف من شماله.هذا ، وكأنه أراد هنا بقوله: "أيسر" أنه يعمل بشماله ، وهو غريب عند أهل اللغة ، وقد جاء أيضًا في صفة عمر"أعسر أيسر" ، فقال أبو عبيد القاسم بن سلام: "هكذا روي في الحديث ، وأما كلام العرب ، فالصواب أنه"أعسر يسر". وقال ابن السكيت: "لا تقل أعسر أيسر". ولكن هكذا جاءت الرواية فيما بين أيدينا من تفسير أبي جعفر ، فلا أدري أأخطأ ناسخها ، أم هكذا كانت روايته. ولم أجد الخبر بتمامه في مكان آخر.(9) قوله: "يقول بيده هكذا" ، أي: يحركها ويشير بها أو يومئ. و"القول" في كلام العرب يوضع مواضع كثيرة ، منها معنى الإشارة والتحريك والإيماء.(10) الأثر: 8748 - أخرجه البيهقي في السنن الكبرى 6: 224 من طريق محمد بن نصر ، عن عبد الأعلى ، عن حماد ، عن عمران بن حدير ، عن السميط بن عمير ، بغير هذا اللفظ مختصرًا ، وخرجه السيوطي في الدر المنثور 2: 250-251 مختصرًا ، ولم ينسبه لغير ابن أبي شيبة.و"عمران بن حدير السدوسي" مضت ترجمته فيما سلف برقم: 2634.وأما "السميط" فهو: سميط بن عمير السدوسي ، ويقال: سميط بن سمير ، ويقال سميط بن عمرو. مترجم في التهذيب ، والكبير للبخاري: 2 / 2 / 204 ، وابن أبي حاتم 2 / 1 / 317.(11) الآثار: 8750 ، 8751 ، 8752 - ثلاث طرق ، وأخرجه البيهقي في السنن 6: 225 من طريقين ، من طريق أبي سعيد الأعرابي ، عن سعدان بن نصر ، عن سفيان = ومن طريق محمد بن نصر ، عن محمد بن الصباح ، عن سفيان ، مطولا.(12) الأثر: 8753 ، ثم الآثار: 8754 ، 8756 ، 8757 ، 8758 ، 8759 - طرق مختلفة لخبر سليم بن عبد السلولي عن ابن عباس وسيرويه أيضًا برقم: 8768. أخرجه البيهقي في السنن الكبرى 2: 224 من طريق أخرى ، من طريق يحيى بن يحيى ، عن هشيم ، عن زكريا بن أبي زائدة ، عن أبي إسحاق. وأشار إلى رقم: 8753 ، 8754 ، طريق إسرائيل عن أبي إسحاق.و"سليم بن عبد السلولي" ، ويقال: "سليم بن عبد الله" ، كوفي. مترجم في الكبير للبخاري 2 / 2 / 127 ، وابن أبي حاتم 2 / 1 / 212 ، وتعجيل المنفعة: 163 ، قال البخاري وأبو حاتم: "روى عن حذيفة ، روى عنه أبو إسحاق السبيعي" ، وزاد الحافظ في تعجيل المنفعة"فقط". وقال: "وثقه ابن حبان وقال: شهد غزوة طبرستان ، وقال العجلي: كوفي ثقة ، هم ثلاثة إخوة: سليم بن عبد ، وعمارة بن عبد ، وزيد بن عبد. ثقات ، سلوليون ، كوفيون".هذا وقد أفادنا إسناد الطبري والبيهقي ، أنه روى أيضًا عن غير حذيفة من الصحابة ، روى عن ابن عباس أيضًا كما تسمع.(13) هو الأثر رقم: 8734 ، فيما سلف.(14) في المطبوعة: "يورث كلالة" ، وفي المخطوطة يشبه أن تكون"مورث" ، وتلك أجود ، فأثبتها لأنها أحق بالمكان.(15) في المطبوعة: "سمى بذلك" وفي المخطوطة: "سمى" غير منقوطة ، وصواب قراءتها ما أثبت.(16) في المطبوعة: "قولهم في الكلالة" ، وأثبت ما في المخطوطة ، وهو الصواب.(17) في المطبوعة: "رضي الله عنه" ، وأثبت ما في المخطوطة.(18) في المطبوعة: "فسمعته يقول ما قلت" ، أسقط"القول" ، وفي المخطوطة: "فسمعته يقول يقول ما قلت" ، وهو عجلة من الناسخ وتحريف ، والصواب ما أثبت من السنن الكبرى للبيهقي.(19) الأثر: 8767 -"سليمان الأحول" هو: سليمان بن أبي مسلم المكي الأحول ، خال ابن أبي نجيح. وهو ثقة ، روى عنه الستة.وهذا الأثر أخرجه البيهقي في السنن الكبرى 2: 225 من طريق سعدان بن نصر ، عن سفيان (يعني ابن عيينة) ، عن سليمان الأحول. وقال البيهقي معقبًا على روايته: "كذا في هذه الرواية ، والذي روينا عن عمر وابن عباس في تفسير الكلالة ، أشبه بدلائل الكتاب والسنة من هذه الرواية ، وأولى أن يكون صحيحًا ، لانفراد هذه الرواية ، وتظاهر الروايات عنهما بخلافها".وأشار إليها ابن كثير في تفسيره 2: 371 قال: "وقد روي عن ابن عباس ما يخالف ذلك ، وهو أنه من لا ولد له ، والصحيح عنه الأول ، ولعل الراوي ما فهم عنه ما أراد".هذا ، ولم يغفل أبو جعفر عن ذلك ، فعقب عليه هو أيضًا برواية القول المشهور في الرواية عن ابن عباس ، فساق خبر سليم بن عبد السلولي عن ابن عباس ، الذي سلف من رقم: 8753 - 8759 ، من طريق أخرى ، واكتفى بذلك من التعليق على هذا القول الذي انفرد به طاوس عن ابن عباس.(20) الأثر: 8768 - هما إسنادان أحدهما"ابن وكيع عن أبيه" ، وقد سلف 8754 ، والآخر: "ابن وكيع عن يحيى بن آدم" ، وهو إسناد لم يذكره مع أسانيد هذا الأثر فيما سلف من رقم: 8753-8759. وكان في المطبوعة والمخطوطة: "سليمان بن عبد" ، وهو خطأ ، بل هو"سليم بن عبد السلولي" كما سلف في أسانيد الأثر.(21) في المخطوطة: "هذا يرث بالكلالة ، وهذا يرث بالكلالة" ، وهو سهو من الناسخ ، صوابه ما في المطبوعة.(22) هو الأثر السالف رقم: 8730.(23) الأثر: 8770 -"عمرو بن سعيد القرشي" ، روى عن سعيد بن جبير ، وأبي العالية ، والشعبي ، وحميد بن عبد الرحمن الحميري ، روى عنه أيوب ، ويونس ، وابن عون ، وغيرهم وهو و"حميد بن عبد الرحمن الحميري" ، روى له الستة ، روى عن أبي بكرة وابن عمر ، وأبي هريرة ، وابن عباس ، وثلاثة من ولد سعد بن أبي وقاص (هم المذكورون في هذا الأثر) وغيرهم. قال ابن سعد: "كان ثقة ، وله أحاديث". وكلاهما مترجم في التهذيب.وخبر سعد بن أبي وقاص في الوصية ، وقوله: "إني أورث كلالة" ، رواه ابن سعد في الطبقات 3 / 1 / 103 ، وأحمد في مسنده 4: 60 ، كلاهما: عفان بن مسلم ، عن وهيب ، عن عبد الله بن عثمان بن خثيم ، عن عمرو بن القاري ، عن أبيه ، عن جده عمرو بن القاري.وأخرجه ابن عبد البر في الاستيعاب: 444 ، وابن الأثير في أسد الغابة 4: 119 وقال: "أخرجه الثلاثة" يعني ابن منده ، وأبو نعيم ، وابن عبد البر.(24) قوله"متراخ نسبهم" ، أي: بعيد نسبهم ، من قولهم: "تراخى فلان عني" ، أي: بعد عني ، ولم يذكر أصحاب اللغة شاهدًا له ، وهذا شاهده.(25) في المطبوعة: "القاسم بن ربيعة عن فاتك" ، وهو خطأ محض ، وفي المخطوطة كما أثبتها إلا أن الناسخ أساء كتابتها ونقطها ، فغيرها الناشرون. وانظر التعليق التالي.(26) الآثار: 8772 -8775 -"القاسم بن ربيعة" ، هو: "القاسم بن ربيعة بن قانف الثقفي" منسوبًا إلى جده ، فهو: "القاسم بن عبد الله بن ربيعة بن قانف الثقفي". ثقة ، لم يرو عنه سوى"يعلى بن عطاء العامري" ، وقد سلفت ترجمته وإسناده فيما مضى رقم: 1755 -1757 .وهذا الخبر عن سعد بن أبي وقاص ، أخرجه البيهقي في السنن الكبرى 6: 223 ، والسيوطي في الدر المنثور 2: 126 ، وزاد نسبته إلى سعيد بن منصور ، وعبد بن حميد ، والدارمي ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم.(27) سقط من الترقيم رقم: 8777.(28) في المخطوطة والمطبوعة: "وقد ذكر مثل ذلك" وهو خطأ بين ، وصواب السياق ما أثبت.(29) انظر معاني القرآن للفراء 1: 257 ، 258.(30) في المطبوعة والمخطوطة: "ولكل واحد" بالواو ، والسياق يقتضي ما أثبت.(31) الأثر: 8783 -"نصر بن عبد الرحمن الأزدي" ، مضت ترجمته برقم: 423 ، 875 ، 2859 ، وقد وقع هنا في المخطوطة والمطبوعة ، كما كان قد وقع هناك فيهما"الأودي" بالواو ، وهو خطأ.و"عبيدة بن حميد بن صهيب التيمي" ، مضى برقم: 2781.ثم انظر التعليق في آخر هذه الآثار رقم: 8787 ، 8788.(32) الأثر 8787- وما قبله ، أثر ابن عباس ، رواه أبو جعفر بخمسة أسانيد موقوفا عليه ، وسيأتي في الذي يليه مرفوعًا ، وقد أخرجه البيهقي في السنن 6: 271 من طريق سعيد بن منصور ، عن هشيم ، عن داود بن أبي هند ، وقال: "هذا هو الصحيح ، موقوف ، وكذلك رواه ابن عيينة وغيره عن داود موقوفًا. وروي من وجه آخر مرفوعًا ، ورفعه ضعيف" ، وهو إشارة إلى الأثر التالي الذي رواه الطبري.وخرجه ابن كثير في تفسيره 2: 372 ، 373 قال: "رواه النسائي في سننه ، عن علي بن حجر ، عن علي بن مسهر ، عن داود بن أبي هند ، عن عكرمة ، عن ابن عباس موقوفًا... وكذا رواه ابن أبي حاتم ، عن أبي سعيد الأشج ، عن عائذ بن حبيب ، عن داود بن أبي هند. ورواه ابن جرير من حديث جماعة من الحفاظ ، عن داود ، عن عكرمة ، عن ابن عباس موقوفًا" ، ثم قال: "قال ابن جرير: والصحيح الموقوف". وهذا الذي نسبه ابن كثير لابن جرير ، لم أجده في تفسيره في مظنته في هذا الموضع ، فلا أدري أسقط من الكتاب شيء ، أم وجده ابن كثير في مكان آخر من كتب أبي جعفر ، أم تعجل ابن كثير فأخطأ؟هذا ، وقد جاء في هذه الآثار في المخطوطة والمطبوعة: "الحيف في الوصية" ، وفي السنن الكبرى"الجنف" ، وهو مثله في المعنى ، وهو الموافق لما في آية الوصية من سورة البقرة: 182"فمن خاف من موص جنفًا أو إثمًا".(33) الأثر: 8788 -"إسحاق بن إبراهيم بن يزيد" أبو النضر الدمشقي الفراديسي ، مولى عمر بن عبد العزيز ، روى عنه البخاري ، وربما نسبه إلى جده يزيد. وهو ثقة ، مترجم في التهذيب.وأما "عمر بن المغيرة" أبو حفص فهو بصري ، وقع إلى المصيصة ، روى عن داود بن أبي هند والجلد بن أيوب ، وروى عنه بقية بن الوليد ، وهشام بن عمار. قال ابن أبي حاتم: "سألت أبي عنه فقال: شيخ" وقال: "وروىعنه أبو النضر الدمشقي الفراديسي إسحاق بن إبراهيم". وقال البخاري: "عمر بن المغيرة ، منكر الحديث مجهول". وقال علي بن المديني: "هو مجهول ، لا أعرفه". مترجم في ابن أبي حاتم 3 / 1 / 136 ، ولسان الميزان 4: 332.وكان في المطبوعة والمخطوطة: "عمرو بن المغيرة" ، والصواب ما أثبته.وهذا الأثر أخرجه البيهقي في السنن الكبرى 6: 271 من طريق عبد الله بن يوسف التنسي ، عنه. وخرجه ابن كثير في تفسيره 2: 372 ، ونسبه لأبي بن حاتم ، عن أبيه ، عن أبي النضر الدمشقي ، عن عمر بن المغيرة.وقال الحافظ في ترجمة"إسحاق بن إبراهيم" في التهذيب 1: 220 ="روى له الأزدي في الضعفاء حديثًا عن عمر بن المغيرة ، عن داود بن أبي هند ، عن عكرمة ، عن ابن عباس رفعه: الضرار في الوصية من الكبائر. قال الأزدي: المحفوظ من قول ابن عباس ، لا يرفعه. قلت: (القائل هو الحافظ ابن حجر): عمر ، ضعيف جدًا ، فالحمل فيه عليه ، وقد رواه الثوري وغيره عن داود موقوفًا".(34) الأثر: 8789 -"أبوعمرو التيمي" ، لم أعرف من هو؟ وأخشى أن يكون"أبو المعتمر التيمي" وهو"سليمان بن طرخان التيمي".(35) "الخروج" انظر ما سلف ص: 50 ، تعليق: 3.(36) "المصدر" يعني به المفعول المطلق.(37) هذه مقالة الفراء في معاني القرآن 1: 258.(38) "التفسير" هو التمييز ، كما أسلفنا مرارًا آخرها في 6: 586 ، تعليق: 1 .(39) انظر تفسير"الوصية" فيما سلف ص: 30 ، تعليق: 2 ، والمراجع هناك.(40) انظر تفسير"عليم" و"حليم" في مادتهما من فهارس اللغة فيما سلف.
تِلْكَ حُدُوْدُ اللّٰهِؕ-وَ مَنْ یُّطِعِ اللّٰهَ وَ رَسُوْلَهٗ یُدْخِلْهُ جَنّٰتٍ تَجْرِیْ مِنْ تَحْتِهَا الْاَنْهٰرُ خٰلِدِیْنَ فِیْهَاؕ-وَ ذٰلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِیْمُ(۱۳)
یہ اللہ کی حدیں ہیں اور جو حکم مانے اللہ اور اللہ کے رسول کا اللہ اسے باغوں میں لے جائے گا جن کے نیچے نہریں رواں ہمیشہ ان میں رہیں گے، اور یہی ہے بڑی کامیابی،
القول في تأويل قوله تعالى : تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (13)قال أبو جعفر: اختلف أهل التأويل في تأويل قوله: " تلك حدود الله ". فقال بعضهم: يعني به: تلك شروط الله. (41)*ذكر من قال ذلك:8790 - حدثنا محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن مفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي: " تلك حدود الله "، يقول: شروط الله.* * *وقال آخرون: بل معنى ذلك: تلك طاعة الله.* ذكر من قال ذلك:8791 - حدثني المثنى قال: حدثنا أبو صالح قال، حدثنا معاوية بن صالح، عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس قوله: " تلك حدود الله "، يعني: طاعة الله، يعني المواريث التي سمَّى الله.* * *وقال آخرون: معنى ذلك: تلك سنة الله وأمره.* * *وقال آخرون: بل معنى ذلك: تلك فرائض الله.* * *وقال أبو جعفر: وأولى الأقوال في ذلك بالصواب ما نحن مبيِّنوه، وهو أن " حدّ" كل شيء: ما فصَل بينه وبين غيره، ولذلك قيل لحدود الدار وحدود الأرضين: " حدود "، لفصلها بين ما حُدَّ بها وبين غيره. (42)فكذلك قوله: " تلك حدود الله "، معناه: هذه القسمة التي قسمها لكم ربكم، والفرائض التي فرضها لأحيائكم من موتاكم في هذه الآية على ما فرض وبيَّن في هاتين الآيتين،" حدود الله "، يعني: فصول ما بين طاعة الله ومعصيته في قسمكم مواريث موتاكم، كما قال ابن عباس. (43) وإنما ترك " طاعة الله "، (44) والمعنى بذلك: حدود طاعة الله، اكتفاء بمعرفة المخاطبين بذلك بمعنى الكلام من ذكرها. والدليل على صحة ما قلنا في ذلك قوله: " ومن يطع الله ورسوله "، والآية التي بعدها: وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ . (45)* * *فتأويل الآية إذًا: هذه القسمة التي قسم بينكم، أيها الناس، عليها ربكم مواريثَ موتاكم، فصولٌ فصَل بها لكم بين طاعته ومعصيته، وحدود لكم تنتهون إليها فلا تتعدَّوها، ليعلم منكم أهلَ طاعته من أهل معصيته، (46) فيما أمركم به من قسمة مواريث موتاكم بينكم، وفيما نهاكم عنه منها.ثم أخبر جل ثناؤه عما أعدَّ لكل فريق منهم فقال لفريق أهل طاعته في ذلك: " ومن يطع الله ورسوله " في العمل بما أمره به، والانتهاء إلى ما حدَّه له في قسمة المواريث وغيرها، ويجتنبْ ما نهاه عنه في ذلك وغيره =" يدخله جنات تجري من تحتها الأنهار ".* * *= فقوله: " يدخله جنات "، يعني: بساتين تجري من تحت غروسها وأشجارها الأنهار =" خالدين فيها "، يقول: باقين فيها أبدًا لا يموتون فيها ولا يفنون، ولا يُخْرجون منها = (47) " وذلك الفوز العظيم ".يقول: وإدخال الله إياهم الجنانَ التي وصفها على ما وصف من ذلك " الفوز العظيم "، يعني: الفَلَح العظيم. (48)* * *وبنحو ما قلنا في ذلك قال أهل التأويل.* ذكر من قال ذلك:8792 - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثنا حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد: " تلك حدود الله ومن يطع الله ورسوله يدخله " الآية، قال: في شأن المواريث التي ذكر قبل.8793 - حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة قوله: " تلك حدود الله "، التي حدَّ لخلقه، وفرائضه بينهم من الميراث والقسمة، فانتهوا إليها ولا تعدَّوها إلى غيرها.------------------------------الهوامش :(41) انظر تفسير"الحدود" فيما سلف 3: 546 ، 547 / 4: 564 ، 565 ، 583 - 585 ، 599 ، وفي هذا الموضع تفصيل لم يسبق مثله فيما سلف ، وهو تفصيل في غاية الجودة والدقة.(42) في المخطوطة والمطبوعة: "لفصولها بين ما حد بها وبين غيره" كأن"الفصول" مصدر"فصل بين الشيئين يفصل" ، ولكن أهل اللغة لم يجعلوا ذلك مصدرًا لهذا المعنى ، بل قالوا مصدره"الفصل". أما "الفصول" فهو مصدر"فصل فلان من عندي" إذا خرج. والذي قاله أصحاب اللغة هو الصواب المحض.وأنا أرجح أن الناسخ أسقط من الكلام شيئًا ، وأن أصل عبارة الطبري: "ولذلك قيل لحدود الدار وحدود الأرضين حدود - وهي فصولها ، لفصلها..." ، و"الفصول" هنا ، وكما ستأتي في عبارته بعد ، جمع"فصل" (بفتح فسكون) ، وهو مثل"الحد" ، وهو الحاجز بين الشيئين.(43) يعني في الأثر رقم: 8791.(44) هكذا في المخطوطة والمطبوعة: "طاعة الله" ، وإنما المتروك"طاعة" وحدها: فكنت أوثر أن يكون الكلامْ: "وإنما ترك - طاعة - والمعنى بذلك...".(45) في المطبوعة والمخطوطة: "الآية التي بعدها" بإسقاط واو العطف ، وهو فساد ، والصواب إثباتها. وهذه حجة ظاهرة مبينة في تفسير معنى"حدود الله" ، ورحم الله أبا جعفر وجزاه خيرًا عن كتابه.(46) في المطبوعة: "وفصل منكم أهل طاعته من أهل معصيته" ، لم يحسن قراءة ما كان في المخطوطة فبدله ، وكان فيها: "لسلم منكم أهل طاعته" كأنها رؤوس"سين" ، وصواب قراءتها ما أثبت.(47) انظر تفسير"الجنات" ، و"الخلود" فيما سلف من فهارس اللغة.(48) انظر تفسير"الفوز" فيما سلف: 7: 452: 472. وقوله"الفلح" (بفتح الفاء واللام معًا). و"الفلح": و"الفلاح": الفوز والنجاة والبقاء في النعيم والخير.
وَ مَنْ یَّعْصِ اللّٰهَ وَ رَسُوْلَهٗ وَ یَتَعَدَّ حُدُوْدَهٗ یُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِیْهَا ۪- وَ لَهٗ عَذَابٌ مُّهِیْنٌ۠(۱۴)
اور جو اللہ اور اس کے رسول کی نافرمانی کرے اور اس کی کل حدوں سے بڑھ جائے اللہ اسے آگ میں داخل کرے گا جس میں ہمیشہ رہے گا اور اس کے لئے خواری کا عذاب ہے (ف۴۰)
القول في تأويل قوله : وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُهِينٌ (14)قال أبو جعفر: يعني بذلك جل ثناؤه: " ومن يعص الله ورسوله " في العمل بما أمراه به من قسمة المواريث على ما أمراه بقسمة ذلك بينهم وغير ذلك من فرائض الله، مخالفًا أمرهما إلى ما نهياه عنه =" ويتعدَّ حدوده "، يقول: ويتجاوز فصُول طاعته التي جعلها تعالى فاصلة بينها وبين معصيته، (49) إلى ما نهاه عنه من قسمة تركات موتاهم بين ورثتهم وغير ذلك من حدوده (50) =" يدخله نارًا خالدًا فيها "، يقول: باقيًا فيها أبدًا لا يموت ولا يخرج منها أبدًا =" وله عذاب مهين "، يعني: وله عذاب مذِلٌّ من عُذِّب به مُخزٍ له. (51)* * *وبنحو ما قلنا في تأويل ذلك قال أهل التأويل.* ذكر من قال ذلك:8794 - حدثنا المثنى قال، حدثنا عبد الله بن صالح قال، حدثني معاوية بن صالح، عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس: " ومن يعص الله ورسولا ويتعد حدوده "، الآية، في شأن المواريث التي ذكر قبل = قال ابن جريج: " ومن يعص الله ورسوله "، قال: من أصابَ من الذنوب ما يعذب الله عليه.* * *فإن قال قائل: أوَ مُخَلَّدٌ في النار من عصى الله ورسوله في قسمة المواريث؟ (52) قيل: نعم، إذا جمع إلى معصيتهما في ذلك شكًّا في أن الله فرض عليه ما فرض على عباده في هاتين الآيتين، أو علم ذلك فحادَّ الله ورسوله في أمرهما = على ما ذكر ابن عباس من قول من قالَ حين نزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم قول الله تبارك وتعالى: يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنْثَيَيْنِ إلى تمام الآيتين: أيُورَّث من لا يركب الفرس ولا يقاتل العدوَّ ولا يحوز الغنيمة، نصفَ المال أو جميع المال؟ (53) استنكارًا منهم قسمةَ الله ما قسم لصغار ولد الميت ونسائه وإناث ولده = (54) ممن خالف قسمةَ الله ما قسم من ميراث أهل الميراث بينهم على ما قسمه في كتابه، وخالف حكمه في ذلك وحكم رسوله، استنكارًا منه حكمهما، كما استنكره الذين ذكر أمرَهم ابن عباس ممن كان بين أظهُر أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم من المنافقين الذين فيهم نزلت وفي أشكالهم هذه الآية = (55) فهو من أهل الخلود في النار، لأنه باستنكاره حكمَ الله في تلك، يصير بالله كافرًا، ومن ملة الإسلام خارجًا.* * *---------------الهوامش :(49) انظر تفسير"الحدود" فيما سلف قريبًا ص: 68 ، والتعليق: 3.(50) في المطبوعة: "بين ورثته" بالإفراد ، والصواب من المخطوطة.(51) انظر تفسير"مهين" فيما سلف 2: 347 ، 348 / 7: 423. تعليق: 1.(52) في المطبوعة: "أو يخلد" فعلا ، وأثبت الصواب من المخطوطة.(53) يعني خبر ابن عباس الذي سلف برقم: 8726 ، وساق معناه لا لفظه.(54) قوله"ممن خالف قسمة الله" صلة قوله آنفًا: "فحاد الله ورسوله في أمرهما..." والذي بينهما فصل وضعته بين الخطين.(55) سياق هذه الفقر كلها: "نعم ، إذا جمع إلى معصيتهما في ذلك شكا في أن الله فرض عليه ما فرض على عباده في هاتين الآيتين ، أو علم ذلك فحاد الله ورسوله في أمرهما... ممن خالف قسمة الله ما قسم من ميراث أهل الميراث ... فهو من أهل الخلود في النار".
وَ الّٰتِیْ یَاْتِیْنَ الْفَاحِشَةَ مِنْ نِّسَآىٕكُمْ فَاسْتَشْهِدُوْا عَلَیْهِنَّ اَرْبَعَةً مِّنْكُمْۚ-فَاِنْ شَهِدُوْا فَاَمْسِكُوْهُنَّ فِی الْبُیُوْتِ حَتّٰى یَتَوَفّٰهُنَّ الْمَوْتُ اَوْ یَجْعَلَ اللّٰهُ لَهُنَّ سَبِیْلًا(۱۵)
اور تمہاری عورتوں میں جو بدکاری کریں ان پر خاص اپنے میں کے (ف۴۱) چار مردوں کی گواہی لو پھر اگر وہ گواہی دے دیں تو ان عورتوں کو گھر میں بند رکھو (ف۴۲) یہاں تک کہ انہیں موت اٹھالے یا اللہ ان کی کچھ راہ نکالے (ف۴۳)
القول في تأويل قوله : وَاللاتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ مِنْ نِسَائِكُمْ فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً مِنْكُمْ فَإِنْ شَهِدُوا فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ حَتَّى يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ أَوْ يَجْعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلا (15)قال أبو جعفر: يعني بقوله جل ثناؤه: " واللاتي يأتين الفاحشة " والنساء اللاتي يأتين = (1) بالزنا، أي يزنين (2) =" من نسائكم "، وهن محصنات ذوات أزواج أو غير ذوات أزواج =" فاستشهدوا عليهن أربعة منكم "، يقول: فاستشهدوا عليهن بما أتين به من الفاحشة أربعة رجال من رجالكم، يعني: من المسلمين =" فإن شهدوا " عليهن =" فامسكوهن في البيوت "، يقول: فاحبسوهن في البيوت (3) =" حتى يتوفاهن الموت "، يقول: حتى يمتن (4) =" أو يجعل الله لهن سبيلا "، يعني: أو يجعل الله لهن مخرجًا وطريقًا إلى النجاة مما أتين به من الفاحشة. (5)* * *وبنحو ما قلنا في ذلك قال أهل التأويل.ذكر من قال ذلك:8795 - حدثنا أبو هشام الرفاعي محمد بن يزيد قال، حدثنا يحيى بن أبي زائدة، عن ابن جريج، عن مجاهد: " واللاتي يأتين الفاحشة من نسائكم فاستشهدوا عليهن أربعة منكم فإن شهدوا فأمسكوهن في البيوت "، أمر بحبسهن في البيوت حتى يمتن =" أو يجعل الله لهن سبيلا "، قال: الحد. (6)8796 - حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد في قوله: " واللاتي يأتين الفاحشة من نسائكم "، قال: الزنا، كان أمر بحبسهن حين يشهد عليهن أربعة حتى يمتن =" أو يجعل الله لهنّ سبيلا "، والسبيل الحد.8797 - حدثنا المثنى قال، حدثنا عبد الله بن صالح قال، حدثني معاوية بن صالح، عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس قوله: " واللاتي يأتين الفاحشة من نسائكم " إلى " أو يجعل الله لهن سبيلا "، فكانت المرأة إذا زنت حبست في البيت حتى تموت، ثم أنزل الله تبارك وتعالى بعد ذلك: الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ [سورة النور: 2]، فإن كانا محصنين رجُما. فهذا سبيلهما الذي جعل الله لهما.8798 - حدثني محمد بن سعد قال، حدثني أبي قال، حدثني عمي قال، حدثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس قوله: " أو يجعل الله لهن سبيلا "، فقد جعل الله لهنّ، وهو الجلد والرجم.8799 - حدثني بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة قوله: " واللاتي يأتين الفاحشة "، حتى بلغ: " أو يجعل الله لهن سبيلا "، كان هذا من قبل الحدود، فكانا يؤذّيان بالقول جميعًا، وبحبْس المرأة. ثم جعل الله لهن سبيلا فكان سبيل من أحصن جلدُ مئة ثم رميٌ بالحجارة، وسبيل من لم يحصن جلد مئة ونفي سنة.8800 - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثنا حجاج، عن ابن جريج قال: قال عطاء بن أبي رباح وعبد الله بن كثير: " الفاحشة "،" الزنا "،" والسبيل " الحدّ، الرجم والجلد. (7)8801 - حدثنا محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن مفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي: " واللاتي يأتين الفاحشة من نسائكم فاستشهدوا عليهن أربعة منكم " إلى: " أو يجعل الله لهن سبيلا "، هؤلاء اللاتي قد نكحن وأحصنّ. إذا زنت المرأة فإنها كانت تحبس في البيت، ويأخذ زوجها مهرَها فهو له، فذلك قوله: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهًا وَلا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ إِلا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ الزنا (8) وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ [سورة النساء: 19]، حتى جاءت الحدود فنسختها، فجُلدت ورُجِمت، وكان مهرها ميراثًا، فكان " السبيل " هو الجلد.8802 - حدثت عن الحسين بن الفرج قال، سمعت أبا معاذ يقول، أخبرنا عبيد بن سلمان قال، سمعت الضحاك بن مزاحم يقول في قوله: " أو يجعل الله لهن سبيلا "، قال: الحدّ، نسخ الحدُّ هذه الآية.8803 - حدثنا أبو هشام الرفاعي قال، حدثنا يحيى، عن إسرائيل، عن خصيف، عن مجاهد: " أو يجعل الله لهن سبيلا "، قال: جلد مئة، الفاعل والفاعلة.8804 - حدثنا الرفاعي قال، حدثنا يحيى، عن ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد قال: الجلد.8805 - حدثنا محمد بن بشار قال، حدثنا معاذ بن هشام قال، حدثنا أبي، عن قتادة، عن الحسن، عن حطان بن عبد الله الرقاشي، عن عبادة بن الصامت، أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم كان إذا نزل عليه الوحي نكَّس رأسه، ونكَّس أصحابه رؤوسهم، فلما سُرِّي عنه رفع رأسه فقال: قد جعل الله لهنّ سبيلا الثيِّبُ بالثيب، والبكر بالبكر. أما الثيب فتُجلد ثم ترجم، وأما البكر فتجلد ثم تُنفى . (9)8806 - حدثنا ابن بشار قال، حدثنا عبد الأعلى قال، حدثنا سعيد، عن قتادة، عن الحسن، عن حطان بن عبد الله، عن عبادة بن الصامت قال: قال نبي الله صلى الله عليه وسلم: " خُذوا عني، قد جعل الله لهن سبيلا الثيب بالثيب تجلد مئة وترجم بالحجارة، والبكر جلد مئة ونفي سنة ". (10)8807 - حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة عن الحسن، عن حطان بن عبد الله أخي بني رَقاش، عن عبادة بن الصامت: أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا نزل عليه الوحي كُرِب لذلك وتربَّد له وجهه، (11) فأنزل الله عليه ذات يوم، فلقي ذلك. فلما سُرِّي عنه قال: " خذوا عني، قد جعل الله لهن سبيلا الثيب بالثيب، جلد مئة ثم رجم بالحجارة، والبكر بالبكر، جلد مئة ثم نفي سنة ". (12)8808 - حدثنا يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد في قوله: " واللاتي يأتين الفاحشة من نسائكم فاستشهدوا عليهن أربعة منكم فإن شهدوا فأمسكوهن في البيوت حتى يتوفاهن الموت أو يجعل الله لهن سبيلا "، قال يقول: لا تنكحوهن حتى يتوفّاهن الموت، ولم يخرجهن من الإسلام. ثم نسخ هذا، وجُعِل السبيل أن يجعل لهن سبيلا (13) قال: فجعل لها السبيل إذا زنت وهي محصنة رجمت وأخرجت، وجعل السبيل للبكر جلد مائة.8809 - حدثني يحيى بن أبي طالب قال، أخبرنا يزيد قال، أخبرنا جويبر، عن الضحاك في قوله: " حتى يتوفاهن الموت أو يجعل الله لهن سبيلا " قال، الجلد والرجم. (14)8810 - حدثنا ابن المثنى قال، حدثنا محمد بن جعفر قال، حدثنا شعبة، عن قتادة، عن الحسن، عن حطان بن عبد الله الرقاشيّ، عن عبادة بن الصامت قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " خذوا عني قد جعل الله لهن سبيل، الثيب بالثيب والبكر بالبكر، الثيب تجلد وترجم، والبكر تجلد وتنفى " . (15)8811 - حدثني يحيى بن إبراهيم المسعودي قال، حدثنا أبي، عن أبيه، عن جده، عن الأعمش، عن إسماعيل بن مسلم البصري، عن الحسن، عن عبادة بن الصامت قال، كنا جلوسا عند النبي صلى الله عليه وسلم إذِ احمرَّ وجهه، وكان يفعل ذلك إذا نزل عليه الوحي، فأخذه كهيئة الغَشْي لما يجد من ثِقَل ذلك، فلما أفاق قال: " خذوا عني، قد جعل الله لهن سبيلا البكران يجلدان وينفيان سنة، والثيبان يجلدان ويرجمان ". (16)* * *قال أبو جعفر: وأولى الأقوال بالصحة في تأويل قوله: " أو يجعل الله لهن سبيلا "، قول من قال: السبيلُ التي جعلها الله جل ثناؤه للثيبين المحصَنَيْن، الرجم بالحجارة، وللبكرين جلد مئة ونفي سنة = لصحة الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه رَجم ولم يجلد = وإجماعِ الحجة التي لا يجوز عليها فيما نقلته مجمعةً عليه، الخطأ والسهو والكذب = وصحةِ الخبر عنه أنه قضى في البكرين بجلد مئة ونفي سنة. فكان في الذي صح عنه من تركه جلدَ من رُجم من الزناة في عصره، دليلٌ واضح على وهَاء الخبر الذي روي عن الحسن، (17) عن حطان، عن عبادة، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: السبيل للثيب المحصن الجلدَ والرجم.* * *وقد ذكر أن هذه الآية في قراءة عبد الله: ( واللاتي يأتين بالفاحشة من نسائكم ) . والعرب تقول: " أتيت أمرًا عظيمًا، وبأمر عظيم " = و " تكلمت بكلام قبيح، وكلامًا قبيحًا ". (18)--------------------الهوامش :(1) قوله في تفسيره: "يأتين بالزنا" بإدخال الباء على خلاف ما في الآية سيظهر لك معناه في ص: 81 وتعليق: 1 وأن قراءة عبد الله: "واللاتي يأتين بالفاحشة" ، بالباء.(2) انظر تفسير"الفاحشة" فيما سلف 3: 303 / 5 : 571 / 7: 218(3) انظر تفسير"الإمساك" فيما سلف 4: 546 .(4) انظر تفسير"التوفي" فيما سلف 6: 455 ، 456 ، وما بعدها.(5) انظر تفسير"السبيل" فيما سلف: 7: 490 بولاق تعليق: 2 ، والمراجع هناك.(6) الأثر: 8795 -"أبو هشام الرفاعي ، محمد بن يزيد" مضت ترجمته برقم: 2739 ، وغيره من المواضع ، وكان في المطبوعة: "أبو هشام الرفاعي عن محمد بن يزيد" ، بزيادة"عن" وهو خطأ واضح ، وصوابه في المخطوطة.(7) في المطبوعة: "والسبيل الرجم والجلد" ، حذف"الحد" ، وأثبتها من المخطوطة.(8) في المطبوعة والمخطوطة: "فذلك قوله: ولا يحل لكم أن تأخذوا مما آتيتموهن شيئا إلا أن يأتين بفاحشة مبينة ، وأحسبه سهوًا من الناسخ لا من أبي جعفر ، فإن صدر هذا الذي ساقه من آية أخرى في سورة البقرة: 229 : وَلا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا إِلا أَنْ يَخَافَا أَلا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ والعجب للسيوطي ، فإنه خرجه في الدر المنثور 2: 129 ، ونسبه لابن جرير وحده ، وساقه كما هو في المخطوطة والمطبوعة ، ولم يتوقف عند هذه الآية المدمجة من آية أخرى!! فأثبت نص الآية التي هي موضوع استشهاده. هذا ، وقد حذف الناشر بعد قوله: "بفاحشة مبينة" كلمة"الزنا" فأثبتها من المخطوطة ، والدر المنثور.(9) الحديث: 8805 - هذا الحديث رواه الطبري هنا بخمسة أسانيد: 8805 - 8807 / 8810 ، 8811. كلها صحيح متصل إلا الأخير منها ، كما سيأتي ، إن شاء الله.وقد رواه مسلم 2: 33 ، عن محمد بن بشار - شيخ الطبري هنا - بهذا الإسناد. ورواه هو وغيره بأسانيد أخر ، سنشير إليها.وحطان بن عبد الله الرقاشي البصري: تابعي ثقة ثبت ، وكان مقرئًا. مترجم في التهذيب ، والكبير للبخاري 2 / 1 / 109 ، وابن سعد 7 / 1 / 93 ، وابن أبي حاتم 1 / 2 / 303 - 304 ، وطبقات القراء 1: 253.(10) الحديث: 8806 - سعيد: هو ابن أبي عروبة.وقد سقط من الإسناد هنا ، في المخطوطة والمطبوعة ، [عن الحسن] ، بين قتادة وحطان. وهو خطأ من الناسخين. فإن الحديث رواه مسلم 2: 33 ، عن ابن بشار - شيخ الطبري هنا - وعن ابن المثنى - كلاهما عن عبد الأعلى ، بهذا الإسناد ، على الصواب. فلذلك أثبتنا ما أسقطه الناسخون.ثم كل الروايات التي رأينا"عن قتادة" فيها هذه الزيادة ، ومنها الإسناد الذي بعد هذا ، والإسناد: 8810.وكذلك رواه أحمد في المسند 5: 318 (حلبي) عن محمد بن جعفر ، عن سعيد ، عن قتادة.وكذلك رواه أبو داود: 4415 ، من طريق يحيى ، عن سعيد.وكذلك رواه البيهقي 8: 210 ، من طريق عبد الوهاب بن عطاء ، عن سعيد.وكذلك رواه أحمد 5: 317 ، عن طريق حماد ، عن قتادة وحميد - كلاهما عن الحسن.(11) كان في المخطوطة"كرب لتلك" ، والصواب من روايات الحديث ، وصححته المطبوعة السالفة. وقوله: "كرب" بالبناء للمجهول من"كربه الأمر يكربه" ، غمه واشتد عليه. وقوله: "تربد وجهه"؛ تغير لونه إلى الغبرة. وقوله بعد: "سرى عنه" بالبناء للمجهول ، تجلى عنه ، كربه ، من قولهم: "سرا الثوب" ، إذا نزعه ، والتشديد للمبالغة.(12) الأثر: 8807 - انظر التعليق على الحديث 8805.(13) كان في المطبوعة: "ثم نسخ هذا وجعل السبيل التي ذكر أن يجعل..." زاد"التي ذكر" ولا خير في زيادتها ، والذي في المخطوطة كما أثبته ، مستقيم بعض الاستقامة ، إذا قرئت"جعل" بالبناء للمجهول ، فتركتها كذلك مخافة أن تكون صوابًا محضًا ، وإن كنت الآن في ريب منه.(14) في المطبوعة: "حدثني يحيى بن أبي طالب قال أخبرنا جويبر" ، أسقط من الإسناد"يزيد" ، وهو من المخطوطة ، وهو إسناد دائر في التفسير.(15) الحديث: 8810 - [ابن] المثنى: هو"محمد بن المثنى" شيخ الطبري. وكلمة [ابن] سقطت من المطبوعة خطأ. وهي ثابتة في المخطوطة."محمد بن جعفر": هو غندر ، صاحب شعبة. ووقع في المطبوعة"محمد بن أبي جعفر"! وهو خطأ ظاهر. وثبت على الصواب في المخطوطة.والحديث - من هذا الوجه - رواه أحمد في المسند 5: 320 ، عن محمد بن جعفر ، عن شعبة.وكذلك رواه مسلم 2: 33 ، عن محمد بن المثنى -شيخ الطبري هنا - وعن ابن بشار = كلاهما عن شعبة.ورواه أحمد أيضًا 5: 320 ، عن يحيى ، عن حجاج ، عن شعبة. ورواه الطحاوي في شرح معاني الآثار 2: 79 ، من طريق أسد بن موسى ، عن شعبة. وكذلك رواه حماد بن سلمة ، عن قتادة ، عن الحسن ، عن حطان ، عن عبادة - عند الدارمي في سننه 2: 181.وأكثر الرواة الذين رووا هذا الحديث عن الحسن البصري ، ذكروا أنه"عن الحسن ، عن حطان الرقاشي ، عن عبادة بن الصامت". وقليل منهم لم يذكروا في الإسناد"عن حطان" - كما سنذكر في الإسناد التالي لهذا.فالظاهر أن الحسن سمعه من حطان عن عبادة ، وكذلك كان يرويه. وأنه في بعض أحيانه كان يرسله عن عبادة ، فلا يذكر"عن حطان".فمن رواه عنه موصولا ، بإثبات"حطان" في الإسناد: المبارك بن فضالة ، عند الطيالسي في مسنده: 584.ومنصور بن زاذان ، عند أحمد في المسند 5: 313 ، وسنن الدارمي 2: 181 ، وصحيح مسلم 2: 33 ، وسنن أبي داود: 4416 ، والترمذي 2: 242 ، والمنتقى لابن الجارود ، ص: 371 -372 ، والطحاوي 2: 79 ، وابن النحاس في الناسخ والمنسوخ ، ص: 97 ، والبيهقي في السنن الكبرى 8: 221-222.ولم ينفرد الحسن بروايته عن حطان ، بل رواه أيضًا يونس بن جبير.فرواه ابن ماجه: 2550 ، من طريق سعيد بن أبي عروبة ، عن قتادة ، عن يونس بن جبير ، عن حطان بن عبد الله ، عن عبادة بن الصامت. فكان لقتادة فيه شيخان الحسن ويونس.(16) الحديث: 8811 - هذا هو الإسناد الخامس المنقطع ، كما أشرنا في الإسناد الأول: 8805.يحيى بن إبراهيم المسعودي- شيخ الطبري: مضت ترجمته في رقم: 84 في الجزء الأول.إسماعيل بن مسام البصري: مضت ترجمته في: 5417.وهو قد روى هذا الحديث"عن الحسن ، عن عبادة" - منقطعًا. لأن الحسن البصري لم يسمع من عبادة. ولم ينفرد إسمعيل بروايته عن الحسن منقطعًا ، بل تابعه غيره على ذلك. مما يدل على أن الحسن كان يصل الحديث مرة عن حطان ، ويرسله مرة عن عبادة.فرواه الشافعي في الرسالة: 378 ، 636 - بشرحنا - وفي اختلاف الحديث (هامش الأم 7: 252) ، عن عبد الوهاب ، وهو ابن عبد المجيد الثقفي ، "عن يونس بن عبيد ، عن الحسن ، عن عبادة بن الصامت". ثم قال في الرسالة: 379"أخبرنا الثقة من أهل العلم ، عن يونس بن عبيد ، عن الحسن ، عن حطان الرقاشي ، عن عبادة بن الصامت". وقال في اختلاف الحديث - بعد روايته عن عبد الوهاب -: "وقد حدثني الثقة: أن الحسن كان يدخل بينه وبين عبادة: حطان الرقاشي. ولا أدري: أدخله عبد الوهاب بينهما فزال من كتابي حين حولته من الأصل ، أم لا؟ والأصل - يوم كتبت هذا الكتاب - غائب عني".وقد ذكره في الأم 6: 119 ، معلقًا ، جازمًا بالزيادة ، فقال: "ثم روى الحسن ، عن حطان الرقاشي ، عن عبادة". فلا أدري: أجزم بأن عبد الوهاب"أدخله بينهما" - بعد ، أم أراد رواية ما حدثه به"الثقة"؟ ولم أجد رواية"يونس بن عبيد" في موضع آخر ، حتى أستطيع اليقين بأي ذلك كان.ورواه أيضًا - منقطعًا - : "جرير بن حازم ، عن الحسن ، عن عبادة" - عند الطيالسي: 584 ، وأحمد في المسند 5: 327 (حلبي) ، والبيهقي في السنن 8: 210.وكذلك رواه - منقطعًا -: "حميد ، عن الحسن ، عن عبادة" - عند أحمد في المسند 5: 317 (حلبي). والحديث صحيح على كل حال. وقد ظهر وصل الروايات المنقطعة بالروايات الموصولة.وقد ذكره ابن كثير 2: 375 ، عن بعض روايات أحمد ، والطيالسي ، ومسلم ، وأصحاب السنن.وذكره السيوطي 2: 129 ، وزاد نسبته لعبد الرزاق ، وابن أبي شيبة ، وعبد بن حميد ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، وابن حبان.(17) في المطبوعة: "على وهي الخبر" ، وأثبت ما في المخطوطة لما سترى بعد. وذلك أني صححتها في الجزء 4: 18 ، فجعلت العبارة"لوهي أسانيدها ، وأنها مع وهي أسانيدها" مصدر"وهى الشيء يهي وهيًا" ثم فعلت ذلك في الجزء نفسه ص: 155 ، وقلت في التعليق: 1 ، إني أخشى أن يكون ذلك من ناسخ التفسير ، لا من أبي جعفر ، ونقلت قول المطرزي في المغرب أن قول الفقهاء"وهاء" أنه خطأ ، ولا يعتد به ، ثم فعلت ذلك في الجزء الرابع نفسه ص: 361 ، تعليق: 3. وكذلك فعلت في الجزء 6: 85 ، تعليق: 2. بيد أني رأيت الآن أن أثبت ما في المخطوطة ، لأنه تكرر مرارًا كثيرة يمتنع معها ادعاء خطأ الناسخ في نسخه ، هذه واحدة. وأخرى أنه قد وقعت لي أجزاء من كتاب أبي جعفر الطبري"تهذيب الآثار" وهما قطعتان بخطين مختلفين عتيقين ، فوجدت فيهما أنه يكتب"وهاء" ، لا"وهى" ، فرجحت أن أبا جعفر كذلك كان يكتبها ، وإن كان المطرزي يقول إنه خطأ ولا يعتد به.(18) انظر معاني القرآن للفراء 1: 258.
وَ الَّذٰنِ یَاْتِیٰنِهَا مِنْكُمْ فَاٰذُوْهُمَاۚ-فَاِنْ تَابَا وَ اَصْلَحَا فَاَعْرِضُوْا عَنْهُمَاؕ-اِنَّ اللّٰهَ كَانَ تَوَّابًا رَّحِیْمًا(۱۶)
اور تم میں جو مرد عورت ایسا کریں ان کو ایذا دو (ف۴۴) پھر اگر وہ توبہ کرلیں اور نیک ہوجائیں تو ان کا پیچھا چھوڑ دو، بیشک اللہ بڑا توبہ قبول کرنے والا مہربان ہے (ف۴۵)
القول في تأويل قوله : وَاللَّذَانِ يَأْتِيَانِهَا مِنْكُمْقال أبو جعفر: يعني جل ثناؤه بقوله: " واللذان يأتيانها منكم "، والرجل والمرأة اللذان يأتيانها، يقول: يأتيان الفاحشة. و " الهاء " و " الألف " في قوله: " يأتيانها " عائدة على " الفاحشة " التي في قوله: وَاللاتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ مِنْ نِسَائِكُمْ . والمعنى: واللذان يأتيان منكم الفاحشة فآذوهما.* * *ثم اختلف أهل التأويل في المعنِّي بقوله: " واللذان يأتيانها منكم فآذوهما ".فقال بعضهم: هما البكران اللذان لم يُحْصنا، وهما غير اللاتي عُنين بالآية قبلها. وقالوا: قوله: وَاللاتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ مِنْ نِسَائِكُمْ ، معنيٌّ به الثيِّبات المحصنات بالأزواج - وقوله: " واللذان يأتيانها منكم "، يعني به البكران غير المحصنين.*ذكر من قال ذلك:8812 - حدثنا محمد بن الحسين قال حدثنا أحمد بن المفضل قال حدثنا أسباط، عن السدي: ذكر الجواري والفتيان اللذين لم ينكِحوا فقال: " واللذان يأتيانها منكم فآذوهما " .8813 - حدثنا يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد في قوله: " واللذان يأتيانها منكم " البكرين = فآذوهما. (19)* * *وقال آخرون: بل عُني بقوله: " واللذان يأتيانها منكم "، الرجلان الزانيان.ذكر من قال ذلك:8814 - حدثنا أبو هشام الرفاعي قال حدثنا يحيى، عن ابن جريج، عن مجاهد: " واللذان يأتيانها منكم فآذوهما "، قال: الرجلان الفاعلان، لا يَكْنى.8815 - حدثنا محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم، عن عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد في قوله: " واللذان يأتيانها منكم "، الزانيان.* * *وقال آخرون: بل عني بذلك الرجلُ والمرأة، إلا أنه لم يُقصَد به بكر دون ثيِّب.ذكر من قال ذلك:8816 - حدثنا أبو هشام الرفاعي قال، حدثنا يحيى، عن ابن جريج، عن عطاء: " واللذان يأتيانها منكم فآذوهما "، قال: الرجل والمرأة.8817 - حدثنا محمد بن حميد قال حدثنا يحيى بن واضح قال، حدثنا الحسين، عن يزيد النحوي، عن عكرمة والحسن البصري قالا وَاللاتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ مِنْ نِسَائِكُمْ إلى قوله: أَوْ يَجْعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلا ، فذكر الرجل بعد المرأة، ثم جمعهما جميعًا فقال: " واللذان يأتيانها منكم فآذوهما فإن تابا وأصلحا فأعرضوا عنهما إن الله كان توابًا رحيما ".8818 - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريح قال، قال عطاء وعبد الله بن كثير، قوله: " واللذان يأتيانها منكم "، قال: هذه للرجل والمرأة جميعًا.* * *قال أبو جعفر: وأولى هذه الأقوال بالصواب في تأويل قوله: " واللذان يأتيانها منكم "، قول من قال: " عُني به البكران غير المحصنين إذا زنيا، وكان أحدهما رجلا والآخر امرأة "، لأنه لو كان مقصودًا بذلك قصد البيان عن حكم الزناة من الرجال، كما كان مقصودًا بقوله: وَاللاتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ مِنْ نِسَائِكُمْ قصد البيان عن حكم الزواني، لقيل: " والذين يأتونها منكم فآذوهم "، أو قيل: " والذي يأتيها منكم "، كما قيل في التي قبلها: وَاللاتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ ، فأخرج ذكرهن على الجميع، ولم يقل: " واللتان يأتيان الفاحشة ".وكذلك تفعل العرب إذا أرادت البيان على الوعيد على فعل أو الوعد عليه، أخرجت أسماءَ أهله بذكر الجميع أو الواحد = وذلك أن الواحد يدل على جنسه = ولا تخرجها بذكر اثنين. فتقول: " الذين يفعلون كذا فلهم كذا "،" والذي يفعل كذا فله كذا "، ولا تقول: " اللذان يفعلان كذا فلهما كذا "، إلا أن يكون فعلا لا يكون إلا من شخصين مختلفين، كالزنا لا يكون إلا من زانٍ وزانية. فإذا كان ذلك كذلك قيل بذكر الاثنين، يراد بذلك الفاعل والمفعول به. فأما أن يذكر بذكر الاثنين، والمراد بذلك شخصان في فعل قد ينفرد كل واحد منهما به، أو في فعل لا يكونان فيه مشتركين، فذلك ما لا يُعْرف في كلامها.وإذا كان ذلك كذلك، فبيِّنٌ فسادُ قول من قال: عني بقوله: " واللذان يأتيانها منكم الرجلان " = وصحةُ قول من قال: عني به الرجل والمرأة. (20)وإذا كان ذلك كذلك، فمعلوم أنهما غير اللواتي تقدم بيان حكمهن في قوله: وَاللاتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ ، لأن هذين اثنان، وأولئك جماعة.وإذا كان ذلك كذلك، فمعلوم أن الحبس كان للثيّبات عقوبة حتى يتوفَّين من قبل أن يجعل لهن سبيلا لأنه أغلظ في العقوبة من الأذى الذي هو تعنيف وتوبيخ أو سب وتعيير، كما كان السبيل التي جعلت لهن من الرجم، أغلظ من السبيل التي جعلت للأبكار من جلد المئة ونفي السنة.* * *القول في تأويل قوله تعالى: فَآذُوهُمَا فَإِنْ تَابَا وَأَصْلَحَا فَأَعْرِضُوا عَنْهُمَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ تَوَّابًا رَحِيمًا (16)قال أبو جعفر: اختلف أهل التأويل في" الأذى " الذي كان الله تعالى ذكره جعله عقوبة للذين يأتيان الفاحشة، من قبل أن يجعل لهما سبيلا منه.فقال بعضهم: ذلك الأذى، أذًى بالقول واللسان، كالتعيير والتوبيخ على ما أتيا من الفاحشة.ذكر من قال ذلك:8819 - حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة: " فآذوهما "، قال: كانا يؤذَيَان بالقول جميعًا.8820 - حدثنا محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن مفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي: " فآذوهما فإن تابا وأصلحا فأعرضوا عنهما "، فكانت الجارية والفتى إذا زنيا يعنَّفان ويعيَّران حتى يتركا ذلك.* * *وقال آخرون: كان ذلك الأذى، أذًى اللسان، غير أنه كان سبًّا.ذكر من قال ذلك:8821 - حدثنا محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم، عن عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: " فآذوهما "، يعني: سبًّا.* * *وقال آخرون: بل كان ذلك الأذى باللسان واليد.ذكر من قال ذلك:8822 - حدثني المثنى قال، حدثنا عبد الله بن صالح قال، حدثني معاوية بن صالح، عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس قوله: " واللذان يأتيانها منكم فآذوهما "، فكان الرجل إذا زنى أوذي بالتعيير وضرب بالنعال.* * *قال أبو جعفر: وأولى الأقوال في ذلك بالصواب أن يقال: إنّ الله تعالى ذكره كان أمر المؤمنين بأذى الزانيين المذكورين، إذا أتيا ذلك وهما من أهل الإسلام. و " الأذى " قد يقع لكل مكروه نال الإنسان، (21) من قول سيئ باللسان أو فعل. (22) وليس في الآية بيان أيّ ذلك كان أمر به المؤمنون يومئذ، (23) ولا خبر به عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من نقل الواحد ولا نقل الجماعة الموجب مجيئهما قطعَ العذر.وأهل التأويل في ذلك مختلفون، وجائز أن يكون ذلك أذى باللسان أو اليد، وجائز أن يكون كان أذى بهما. (24) وليس في العلم بأيِّ ذلك كان من أيٍّ نفعٌ في دين ولا دنيا، ولا في الجهل به مضرة، (25) إذْ كان الله جل ثناؤه قد نسخ ذلك من مُحكمه بما أوجب من الحكم على عباده فيهما وفي اللاتي قبلهما. فأما الذي أوجب من الحكم عليهم فيهما، فما أوجب في" سورة النور: 2" بقوله: الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ . وأما الذي أوجب في اللاتي قبلهما، فالرجم الذي قضى به رسول الله فيهما. وأجمع أهل التأويل جميعًا على أن الله تعالى ذكره قد جعل لأهل الفاحشة من الزناة والزواني سبيلا بالحدود التي حكم بها فيهم.* * *وقال جماعة من أهل التأويل: إن الله سبحانه نسخ بقوله: الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ [سورة النور: 2]، قوله: " واللذان يأتيانها منكم فآذوهما ".ذكر من قال ذلك:8823 - حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم، عن عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: " واللذان يأتيانها منكم فآذوهما "، قال: كل ذلك نسخته الآية التي في" النور " بالحدّ المفروض.8824 - حدثنا أبو هشام قال، حدثنا يحيى، عن ابن جريج، عن مجاهد: " واللذان يأتيانها منكم فآذوهما " الآية، قال: هذا نسخته الآية في" سورة النور " بالحدّ المفروض.8825 - حدثنا ابن حميد قال، حدثنا أبو تميلة قال، حدثنا الحسين بن واقد، عن يزيد النحوي. عن عكرمة والحسن البصري قالا في قوله: " واللذان يأتيانها منكم فآذوهما " الآية، نسخ ذلك بآية الجلد فقال: الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ .8826 - حدثني المثنى قال، حدثنا أبو صالح قال، حدثني معاوية بن صالح، عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس قوله: " واللذان يأتيانها منكم فآذوهما "، فأنزل الله بعد هذا: الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ ، فإن كانا محصنين رجما في سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم.8827 - حدثنا محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن مفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي: وَاللاتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ مِنْ نِسَائِكُمْ الآية، جاءت الحدود فنسختها.8828 - حدثت عن الحسين بن الفرج قال، سمعت أبا معاذ يقول: أخبرنا عبيد بن سليمان قال، سمعت الضحاك يقول: نسخ الحدّ هذه الآية. (26)8829 - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثنا أبو سفيان، عن معمر، عن قتادة: فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ الآية، قال: نسختها الحدود، وقوله: وَاللَّذَانِ يَأْتِيَانِهَا مِنْكُمْ ، نسختها الحدود. (27)8830 - حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد في قوله: " واللذان يأتيانها منكم فآذوهما "، الآية، ثم نسخ هذا، وجعل السبيل لها إذا زنت وهي محصنة، رجمت وأخرجت، وجعل السبيل للذكر جلد مئة.8831 - حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر، عن قتادة في قوله: فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ حَتَّى يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ ، قال: نسختها الحدود.* * *وأما قوله: " فإن تابا وأصلحا فأعرضوا عنهما " فإنه يعني به جل ثناؤه: فإن تابا من الفاحشة التي أتيا فراجعا طاعة الله بينهما =" وأصلحا "، يقول: وأصلحا دينهما بمراجعة التوبة من فاحشتهما، والعمل بما يرضي الله =" فأعرضوا عنهما "، يقول: فاصفحوا عنهما، (28) وكفوا عنهما الأذى الذي كنت أمرتكم أن تؤذوهما به عقوبة لهما على ما أتيا من الفاحشة، ولا تؤذوهما بعد توبتهما.* * *وأما قوله: " إن الله كان توابًا رحيما "، فإنه يعني: إن الله لم يزل راجعًا لعبيده إلى ما يحبون إذا هم راجعوا ما يحب منهم من طاعته (29) =" رحيما " بهم، يعني: ذا رحمة ورأفة.--------------------الهوامش :(19) في المطبوعة: "البكران" بالرفع كأنه استنكر ما كان في المخطوطة كما أثبته ، وهو الصواب.(20) قوله: "وصحة قول من قال" معطوف على قوله"فساد قول من قال" مرفوعًا.(21) في المطبوعة"قد يقع بكل مكروه" ، والصواب ما في المخطوطة ، ومعنى"يقع" هنا: يجيء ، أو يوضع ، أو ينزل في الاستعمال.(22) انظر تفسير"الأذى" فيما سلف 4: 374 / 7: 455.(23) في المطبوعة: "بيان أن ذلك كان" وهو خطأ ، والصواب ما في المخطوطة.(24) في المطبوعة: "وجائز أن يكون ذلك أذى باللسان واليد ، وجائز أن يكون كان أذى بأيهما" ، وكان في المخطوطة: "أذى بهما" ، فرجحت أن هذا هو الصواب ، وجعلت الأولى"أذى باللسان أو اليد" بدلا من العطف بالواو.(25) في المخطوطة والمطبوعة: "وليس في العلم بأن ذلك كان من أي نفع" ، وهو خطأ محض ، والصواب ما أثبت ، وهذا تعبير قد سلف مرارًا وعلقت عليه آنفًا 1: 520 ، س: 16 / 2: 517 ، س: 15 / 3: 64 ، تعليق: 1 / 6: 291 ، تعليق: 1.(26) الأثر: 8828 - في المطبوعة: "عبيد بن سليمان" ، والصواب من المخطوطة ، وفي المخطوطة خطأ آخر كتب"عتبة بن سليمان" ، وهو خطأ ، وهذا إسناد دائر في التفسير.(27) الأثر: 8829 -"أبو سفيان المعمري" هو: محمد بن حميد اليشكري ، سلف برقم: 1787 ، وهذا الإسناد مضى كثيرًا منه: 526 ، 1200 ، 1253 ، 1516 ، 1699.(28) انظر تفسير"الإعراض" فيما سلف 2: 298 ، 299.(29) انظر تفسير"كان" بهذا المعنى فيما سلف: 8: 51 / تعليق: 1 / وتفسير"التوبة" فيما سلف من مراجع اللغة.
اِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللّٰهِ لِلَّذِیْنَ یَعْمَلُوْنَ السُّوْٓءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ یَتُوْبُوْنَ مِنْ قَرِیْبٍ فَاُولٰٓىٕكَ یَتُوْبُ اللّٰهُ عَلَیْهِمْؕ-وَ كَانَ اللّٰهُ عَلِیْمًا حَكِیْمًا(۱۷)
وہ توبہ جس کا قبول کرنا اللہ نے اپنے فضل سے لازم کرلیا ہے وہ انہیں کی ہے جو نادانی سے برائی کر بیٹھیں پھر تھوڑی دیر میں توبہ کرلیں (ف۴۶) ایسوں پر اللہ اپنی رحمت سے رجوع کرتا ہے، اور اللہ علم و حکمت والا ہے،
القول في تأويل قوله : إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللَّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهَالَةٍقال أبو جعفر: يعني بقوله جل ثناؤه: " إنما التوبة على الله للذين يعملون السوء بجهالة "، ما التوبة على الله لأحد من خلقه، إلا للذين يعملون السوء من المؤمنين بجهالة = ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيبٍ ، يقول: ما الله براجع لأحد من خلقه إلى ما يحبه من العفو عنه والصفح عن ذنوبه التي سلفت منه، إلا للذين يأتون ما يأتونه من ذنوبهم جهالة منهم وهم بربهم مؤمنون، ثم يراجعون طاعة الله ويتوبون منه إلى ما أمرهم الله به من الندم عليه والاستغفار وترك العود إلى مثله من قبل نزول الموت بهم. وذلك هو " القريب " الذي ذكره الله تعالى ذكره فقال: ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيبٍ . (30)* * *وبنحو ما قلنا في تأويل ذلك قال أهل التأويل. غير أنهم اختلفوا في معنى قوله: " بجهالة ".فقال بعضهم في ذلك بنحو ما قلنا فيه، وذهب إلى أنّ عمله السوء، هو " الجهالة " التي عناها.ذكر من قال ذلك:8832 - حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة، عن أبي العالية: أنه كان يحدِّث: أن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كانوا يقولون: كل ذنب أصابه عبد فهو بجهالة.8833 - حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر، عن قتادة قوله: " للذين يعملون السوء بجهالة "، قال: اجتمع أصحابُ رسول الله صلى الله عليه وسلم فرأوا أن كل شيء عُصيِ به فهو " جهالة "، عمدًا كان أو غيره.8834 - حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد في قوله: " للذين يعملون السوء بجهالة "، قال: كل من عصى ربه فهو جاهل حتى ينزع عن معصيته.8835 - حدثنا المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد قوله: " إنما التوبة على الله للذين يعملون السوء بجهالة "، قال: كل من عمل بمعصية الله، فذاك منه بجهل حتى يرجع عنه.8836 - حدثنا محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن مفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي: " إنما التوبة على الله للذين يعملون السوء بجهالة "، ما دام يعصي الله فهو جاهل.8837 - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثنا محمد بن فضيل بن غزوان، عن أبي النضر، عن أبي صالح، عن ابن عباس: " إنما التوبة على الله للذين يعملون السوء بجهالة "، قال: من عمل السوء فهو جاهل، من جهالته عمل السوء.8838 - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد قال: من عصى الله فهو جاهل حتى ينزع عن معصيته = قال ابن جريج: وأخبرني عبد الله بن كثير، عن مجاهد قال: كل عامل بمعصية فهو جاهل حين عمل بها = قال ابن جريج: وقال لي عطاء بن أبي رباح نحوه.8839 - حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد في قول الله: " إنما التوبة على الله للذين يعملون السوء بجهالة ثم يتوبون من قريب "، قال: " الجهالة "، كل امرئ عمل شيئًا من معاصي الله فهو جاهل أبدًا حتى ينزع عنها، وقرأ: هَلْ عَلِمْتُمْ مَا فَعَلْتُمْ بِيُوسُفَ وَأَخِيهِ إِذْ أَنْتُمْ جَاهِلُونَ [سورة يوسف: 89]، وقرأ: وَإِلا تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ وَأَكُنْ مِنَ الْجَاهِلِينَ [سورة يوسف: 33]. قال: من عصى الله فهو جاهل حتى ينزع عن معصيته.* * *وقال آخرون: معنى قوله: " للذين يعملون السوء بجهالة "، يعملون ذلك على عمد منهم له.ذكر من قال ذلك:8840 - حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا الثوري، عن مجاهد: " يعملون السوء بجهالة "، قال: الجهالة: العمد.8841 - حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبي، عن سفيان، عن رجل، عن مجاهد مثله.8842 - حدثني المثنى قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا أبو زهير، عن جويبر، عن الضحاك: " إنما التوبة على الله للذين يعملون السوء بجهالة "، قال: الجهالة: العمد.* * *وقال آخرون: معنى ذلك: إنما التوبة على الله للذين يعملون السوء في الدنيا.ذكر من قال ذلك:8843 - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثنا معتمر بن سليمان، عن الحكم بن أبان، عن عكرمة قوله: " إنما التوبة على الله للذين يعملون السوء بجهالة "، قال: الدنيا كلها جهالة.* * *قال أبو جعفر: وأولى هذه الأقوال بتأويل الآية، قولُ من قال: تأويلها: إنما التوبة على الله للذين يعملون السوء، وعملهم السوء هو الجهالة التي جهلوها، عامدين كانوا للإثم، أو جاهلين بما أعدّ الله لأهلها. (31)وذلك أنه غير موجود في كلام العرب تسمية العامد للشيء: " الجاهل به "، إلا أن يكون معنيًّا به أنه جاهل بقدر منفعته ومضرّته، فيقال: " هو به جاهل "، على معنى جهله بمعنى نفعه وضُرّه. (32) فأما إذا كان عالمًا بقدر مبلغ نفعه وضرّه، قاصدًا إليه، فغيرُ جائز من أجل قصده إليه أن يقال (33) " هو به جاهل "، لأن " الجاهل بالشيء "، هو الذي لا يعلمه ولا يعرفه عند التقدم عليه = أو [الذي] يعلمه، فيشبَّه فاعله، (34) إذ كان خطًأ ما فعله، بالجاهل الذي يأتي الأمر وهو به جاهل، فيخطئ موضع الإصابة منه، فيقال: " إنه لجاهل به "، وإن كان به عالمًا، لإتيانه الأمر الذي لا يأتي مثله إلا أهل الجهل به.وكذلك معنى قوله: " يعملون السوء بجهالة "، قيل فيهم: " يعملون السوء بجهالة " = وإن أتوه على علم منهم بمبلغ عقاب الله أهله، عامدين إتيانه، مع معرفتهم بأنه عليهم حرام = لأن فعلهم ذلك كان من الأفعال التي لا يأتي مثله إلا من جَهِل عظيمَ عقاب الله عليه أهلَه في عاجل الدنيا وآجل الآخرة، فقيل لمن أتاه وهو به عالم: " أتاه بجهالة "، بمعنى أنه فعل فعل الجهَّال به، لا أنه كان جاهلا.* * *وقد زعم بعض أهل العربية أن معناه: أنهم جهلوا كُنْه ما فيه من العقاب، فلم يعلموه كعلم العالم، وإن علموه ذنبًا، فلذلك قيل: " يعملون السوء بجهالة ". (35)قال أبو جعفر: ولو كان الأمر على ما قال صاحب هذا القول، لوجب أن لا تكون توبة لمن علم كُنْه ما فيه. وذلك أنه جل ثناؤه قال: " إنما التوبة على الله للذين يعملون السوء بجهالة ثم يتوبون من قريب " دون غيرهم. فالواجب على صاحب هذا القول أن لا يكون للعالم الذي عمل سوءًا على علم منه بكنه ما فيه، ثم تاب من قريب = (36) توبة، وذلك خلاف الثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: من أن كل تائب عسى الله أن يتوب عليه = وقوله: " باب التوبة مفتوح ما لم تطلع الشمس من مغربها " = (37) وخلاف قول الله عز وجل: إِلا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلا صَالِحًا [سورة الفرقان: 70].* * *القول في تأويل قوله : ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيبٍقال أبو جعفر: اختلف أهل التأويل في معنى: " القريب " في هذا الموضع.فقال بعضهم: معنى ذلك: ثم يتوبون في صحتهم قبل مرضهم وقبل موتهم.ذكر من قال ذلك:8844 - حدثنا محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن مفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي: " ثم يتوبون من قريب "، والقريب قبلَ الموت ما دام في صحته.8845 - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثنا محمد بن فضيل، عن أبي النضر، عن أبي صالح، عن ابن عباس: " ثم يتوبون من قريب "، قال: في الحياة والصحة.* * *وقال آخرون: بل معنى ذلك: ثم يتوبون من قبل معاينة مَلَك الموت.ذكر من قال ذلك.8846 - حدثنا المثنى قال، حدثنا أبو صالح قال، حدثنا معاوية بن صالح، عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس: " ثم يتوبون من قريب "، والقريب فيما بينه وبين أن ينظر إلى مَلَك الموت.8847 - حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال، حدثنا المعتمر بن سليمان قال، سمعت عمران بن حدير قال، قال أبو مجلز: لا يزال الرجل في توبة حتى يُعاين الملائكة.8848 - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن أبي معشر، عن محمد بن قيس قال: القريب، ما لم تنزل به آية من آيات الله تعالى، وينزلْ به الموت. (38)4849 - حدثني المثنى قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا أبو زهير، عن جويبر، عن الضحاك: " إنما التوبة على الله للذين يعملون السوء بجهالة ثم يتوبون من قريب "، وله التوبة ما بينه وبين أن يعاين ملَك الموت، فإذا تاب حين ينظر إلى ملك الموت، فليس له ذاك.* * *وقال آخرون: بل معنى ذلك: ثم يتوبون من قبل الموت.ذكر من قال ذلك:8850 - حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا الثوري، عن رجل، عن الضحاك،" ثم يتوبون من قريب "، قال: كل شيء قبل الموت فهو قريب.8851 - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثنا معتمر بن سليمان، عن الحكم بن أبان، عن عكرمة: " ثم يتوبون من قريب "، قال: الدنيا كلها قريب.8852 - حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد في قوله: " ثم يتوبون من قريب "، قبل الموت.8853 - حدثنا محمد بن بشار قال، حدثنا معاذ بن هشام قال، حدثني أبي، عن قتادة، عن أبي قلابة قال: ذُكر لنا أن إبليس لما لُعن وأُنظر، قال: وعزتك لا أخرج من قلب ابن آدم ما دام فيه الروح. فقال تبارك وتعالى: وعزتي لا أمنعه التَّوبة ما دام فيه الروح.8854 - حدثنا ابن بشار قال، حدثنا أبو داود قال، حدثنا عمران، عن قتادة قال: كنا عند أنس بن مالك وثَمَّ أبو قلابة، فحدث أبو قلابة قال: إن الله تبارك وتعالى لما لعن إبليس سأله النَّظِرة، فقال: وعزتك لا أخرج من قلب ابن آدم! فقال الله تبارك وتعالى: وعزتي لا أمنعه التوبة ما دام فيه الروح.8855 - حدثنا ابن بشار قال، حدثنا عبد الوهاب قال، حدثنا أيوب، عن أبي قلابة قال: إن الله تبارك وتعالى لما لعن إبليس سأله النَّظِرة، فأنظره إلى يوم الدين، فقال: وعزتك لا أخرج من قلب ابن آدم ما دام فيه الروح! قال: وعزتي لا أحجب عنه التوبة ما دام فيه الروح.8856 - حدثني ابن بشار قال، حدثنا محمد بن جعفر قال، حدثنا عوف، عن الحسن قال: بلغني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن إبليس لما رأى آدم أجْوفَ قال: وعزتك لا أخرج من جوفه ما دام فيه الروح! فقال الله تبارك وتعالى: وعزتي لا أحُول بينه وبين التوبة ما دام فيه الروح. (39)8857 - حدثنا ابن بشار قال، حدثنا معاذ بن هشام قال، حدثني أبي، عن قتادة، عن العلاء بن زياد، عن أبي أيوب بُشَيْر بن كعب: أن نبيّ الله صلى الله عليه وسلم قال: " إن الله يقبل توبة العبد ما لم يُغَرْغر ". (40)8858 - حدثنا ابن بشار قال، حدثنا عبد الأعلى قال، حدثنا سعيد، عن قتادة، عن عبادة بن الصامت: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال، فذكر مثله. (41) .8859 - حدثنا ابن بشار قال، حدثنا ابن أبي عدي، عن عوف، عن الحسن، قال: بلغني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن الله تبارك وتعالى يقبل توبة العبد ما لم يُغَرْغِرْ. (42)* * *قال أبو جعفر: وأولى الأقوال في ذلك بالصواب، قولُ من قال: تأويله: ثم يتوبون قبل مماتهم، في الحال التي يفهمون فيها أمر الله تبارك وتعالى ونهيَه، وقبل أن يُغلبوا على أنفسهم وعقولهم، وقبل حال اشتغالهم بكرب الحَشْرجة وغمّ الغرغرة، فلا يعرفوا أمر الله ونهيه، ولا يعقلوا التوبة، لأن التوبة لا تكون توبة إلا ممن ندمٍ على ما سلف منه، وعزمٍ منه على ترك المعاودة، (43) وهو يعقل الندم، ويختار ترك المعاودة: فأما إذا كان بكرب الموت مشغولا وبغمّ الحشرجة مغمورًا، فلا إخالُه إلا عن الندم على ذنوبه مغلوبًا. ولذلك قال من قال: " إن التوية مقبولة، ما لم يغرغر العبد بنفسه "، (44) فإن كان المرء في تلك الحال يعقل عقلَ الصحيح، ويفهم فهم العاقل الأريب، فأحدث إنابة من ذنوبه، ورجعةً من شروده عن رَبه إلى طاعته، كان إن شاء الله ممن دخل في وعد الله الذي وعد التائبين إليه من إجرامهم من قريب بقوله: " إنما التوبة على الله للذين يعملون السوء بجهالة ثم يتوبون من قريب ".* * *القول في تأويل قوله : فَأُولَئِكَ يَتُوبُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا (17)قال أبو جعفر: يعني بقوله جل ثناؤه: (45) " فأولئك "، فهؤلاء الذين يعملون السوء بجهالة ثم يتوبون من قريب =" يتوب الله عليهم "، دون من لم يتب حتى غُلب على عقله، وغمرته حشرجة ميتته، فقال وهو لا يفقه ما يقول: " إني تبت الآن "، خداعًا لربه، ونفاقًا في دينه.* * *ومعنى قوله: " يتوب الله عليهم "، يرزقهم إنابة إلى طاعته، ويتقبل منهم أوبتهم إليه وتوبتهم التي أحدثوها من ذنوبهم. (46)* * *وأما قوله: " وكان الله عليما حكيما "، فإنه يعني: ولم يزل الله جل ثناؤه (47) = " عليما " بالناس من عباده المنيبين إليه بالطاعة، بعد إدبارهم عنه، المقبلين إليه بعد التولية، وبغير ذلك من أمور خلقه =" حكيمًا "، (48) في توبته على من تاب منهم من معصيته، وفي غير ذلك من تدبيره وتقديره، ولا يدخل أفعاله خلل، ولا يُخالطه خطأ ولا زلل. (49)----------------------الهوامش :(30) انظر تفسير"القريب" فيما يلي ص: 93.(31) انظر فيما سلف 2: 183 ، تفسيره"الجاهلون" أنهم: السفهاء.(32) لعل الصواب"بمبلغ نفعه وضره" ، وحرفه الناسخ.(33) كان في المطبوعة والمخطوطة: "فغير جائز من غير قصده إليه أن يقال: هو به جاهل" وهو بلا شك كلام لا يستقيم مع الذي قبله ولا الذي بعده ، وسهو الناسخ هنا شيء لا ريب فيه أيضًا ، فظني أنه سبق قلمه بأن كتب"من غير" مكان"من أجل" كما أثبتها ، أو تكون كانت"من جراء قصده إليه" فلم يحسن قراءة"من جرا" فكتب"من غير" ، وهو تصحيف قريب جدًا ، مر عليك أشد منه.(34) في المخطوطة"أو الذي يعمله فيشبه فاعله" وهو خطأ ، صححه ناشر المطبوعة الأولى"يعلمه" ، وزدت"الذي بين القوسين لكي يستوي جانبا الكلام".(35) قائل هذا هو الفراء في معاني القرآن 1: 259.(36) قوله: "توبة" اسم"يكون" في قوله: "أن لا يكون للعالم...".(37) هذان الخبران رواهما أبو جعفر بغير إسناد ، وكأنه ذكر معناهما دون لفظهما ، وكأن الأول: "كُلّ ذَنْبٍ عَسَى اللهُ أن يَغْفره ، إلا من مات مشركًا أوْ قتلَ مؤمنًا مُتَعمّدًا" خرجه السيوطي في الجامع الصغير ، لأبي داود ، من حديث أبي الدرداء ، وإلى أحمد والنسائي والحاكم في المستدرك ، من حديث معاوية.أما الثاني ، فكأنه قوله صلى الله عليه وسلم: "إنَّ اللهَ عزّ وجَلَّ يبْسُطُ يَدَهُ باللَّيْلِ ليتوبَ مُسِيءُ النهار ، ويَبْسُط يده بالنهار ليتُوبَ مسيءُ الليل ، حتى تطلُعَ الشَّمْسُ من مغربها" ، أخرجه مسلم 17: 76 من حديث أبي موسى.(38) الأثر: 8848 -"محمد بن قيس المدني" ، قاضي عمر بن عبد العزيز ، قال ابن سعد: "كان كثير الحديث عالمًا" ، ذكره ابن حبان في الثقات. له حديث واحد في مسلم ، عن أبي صرمة ، عن أبي هريرة. وهو الذي يروي عنه أبو معشر. مترجم في التهذيب.(39) الأحاديث: 8853 - 8856 - هذه أحاديث مرسلة ، أشار إليها ابن كثير في تفسيره 2: 380 ، ثم قال: "وقد ورد في هذا حديث مرفوع رواه الإمام أحمد في مسنده ، من طريق عمرو بن أبي عمرو ، وأبي الهيثم العتواري ، كلاهما عن أبي سعيد ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "قال إبليس: يا ربّ ، وعزّتك وجَلالكَ لا أَزال أُغويهم مَا دامت أَرواحُهُم في أَجسادِهم!فقال الله عز وجلّ: وعزّتي وجَلالي لا أزَال أغفِر لهم ما استغفروا لي"(40) الأثر: 8857 -"بشير بن كعب بن أبي الحميري ، أبو أيوب العدوي". ثقة معروف ، روى عن أبي الدرداء ، وأبي ذر ، وأبي هريرة. و"بشير" مصغر.وهذا حديث آخر مرسل ، رواه الإمام أحمد في مسنده 6610 ، 6408 مرفوعًا من حديث عبد الله بن عمر بن الخطاب. من طريق عبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان ، عن أبيه ، عن مكحول ، عن جبير بن نفير ، عن ابن عمر ، وهو حديث صحيح. ورواه الترمذي وابن ماجه ، وقال الترمذي: "حسن غريب". وانظر تخريجه من شرح المسند لأخي السيد أحمد.و"الغرغرة": أن يجعل الشراب في فمه ويردده إلى أقصى الحلق ، ثم لا يبلعه. شبهوا تردد الروح قبل خروجها بمنزلة ما يتغرغر به المريض. وهذه صفة عجيبة بلفظ واحد ، لحالة من شهدها شهد للعرب أنهم أهل بيان ، وأن لغتهم أدنى اللغات في تصويرها للدقيق المشكل بكلمة واحدة.(41) الأثر: 8858 - هذا حديث منقطع ، فإن عبادة بن الصامت مات سنة 34. وولد قتادة سنة 61 ، وانظر التعليق على الأثر السالف.(42) الأثر: 8859 - انظر التعليق على الأثر: 8857.(43) في المطبوعة: "إلا ممن ندم على ما سلف منه ، وعزم فيه على ترك المعاودة" ، تصرف فيما كان في المخطوطة ، لما رأى من تحريفها ، وكان فيها: "إلا من ندم على ما سلف منه ، وعرف فيه على ترك المعاودة" ، والجملة الأولى مستقيمة ، وقد أثبتها ، والثانية تصحيف صواب قراءته ما أثبت.(44) قوله: "ولذلك قال من قال" ، دال على أن أبا جعفر. حين روى الأحاديث الثلاثة المرسلة: 8857 -8859 ، لم يكن عنده ما صح من رفعه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم.(45) في المخطوطة والمطبوعة"يعني بذلك جل ثناؤه" ، والسياق يقتضي ما أثبت.(46) انظر تفسير"التوبة" و"تاب" فيما سلف من فهارس اللغة.(47) انظر معنى"كان" فيما سلف قريبًا: 88 تعليق: 2 ، والمراجع هناك.(48) كان في المخطوطة والمطبوعة: "حكيم" ، ورددتها إلى نص الآية والسياق.(49) في المطبوعة والمخطوطة: "لا يخلطه" ، وإنما يقال: "خلط الشيء بالشيء" ، وليس هذا مكانها ، بل الصواب ما أثبت.وانظر تفسير"عليم" و"حكيم" فيما سلف من فهارس اللغة.
وَ لَیْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِیْنَ یَعْمَلُوْنَ السَّیِّاٰتِۚ-حَتّٰۤى اِذَا حَضَرَ اَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ اِنِّیْ تُبْتُ الْـٰٔنَ وَ لَا الَّذِیْنَ یَمُوْتُوْنَ وَ هُمْ كُفَّارٌؕ-اُولٰٓىٕكَ اَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابًا اَلِیْمًا(۱۸)
اور وہ توبہ ان کی نہیں جو گناہوں میں لگے رہتے ہیں، (ف۴۷) یہاں تک کہ جب ان میں کسی کو موت آئے تو کہے اب م یں نے توبہ کی (ف۴۸) اور نہ ان کی جو کافر مریں ان کے لئے ہم نے دردناک عذاب تیار رکھا ہے (ف۴۹)
القول في تأويل قوله: وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الآنَقال أبو جعفر: يعني بذلك جل ثناؤه: وليست التوبة للذين يعملون السيئات من أهل الإصرار على معاصي الله =" حتى إذا حضر أحدهم الموت "، يقول: إذا حشرج أحدهم بنفسه، وعاين ملائكة ربه قد أقبلوا إليه لقبض روحه، قال = وقد غُلب على نفسه، وحيل بينه وبين فهمه، بشغله بكرب حشرجته وغرغرته = " إني تبت الآن "، يقول: فليس لهذا عند الله تبارك وتعالى توبة، لأنه قال ما قال في غير حال توبة، كما:-8860 - حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا الثوري، عن يَعْلَى بن نعمان قال، أخبرني من سمع ابن عمر يقول: التوبة مبسوطة ما لم يَسُقْ، ثم قرأ ابن عمر: " وليست التوبة للذين يعملون السيئات حتى إذا حضر أحدهم الموتُ قال إنّي تبت الآن "، ثم قال: وهل الحضور إلا السَّوق. (50)8861 - حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد في قوله: " وليست التوبة للذين يعملون السيئات حتى إذا حضر أحدهم الموت قال إني تبت الآن " قال: إذا تبيَّن الموتُ فيه لم يقبل الله له توبة.8863 - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثنا محمد بن فضيل، عن أبي النضر، عن أبي صالح، عن ابن عباس: " وليست التوبة للذين يعملون السيئات حتى إذا حضر أحدهم الموت قال إنّي تبت الآن "، فليس لهذا عند الله توبة.8863 - حدثنا محمد بن المثنى قال، حدثنا محمد بن جعفر قال، حدثنا شعبة قال، سمعت إبراهيم بن ميمون يحدِّث، عن رجل من بني الحارث قال، حدثنا رجل منا، عن عبد الله بن عمرو أنه قال: من تاب قبل موته بعام تِيبَ عليه، حتى ذكر شهرًا، حتى ذكر ساعة، حتى ذكر فُواقًا. قال: فقال رجل: كيف يكون هذا والله تعالى يقول: " وليست التوبة للذين يعملون السيئات حتى إذا حضر أحدهم الموت قال إنَّي تبت الآن "؟ فقال عبد الله: أنا أحدثك ما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم. (51)8864 - حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبي، عن سفيان، عن إبراهيم بن مهاجر، عن إبراهيم قال: كان يقال: التوبة، مبسوطة ما لم يُؤخذ بكَظَمِه. (52)* * *واختلف أهل التأويل فيمن عُني بقوله: " وليست التوبة للذين يعملون السيئات حتى إذا حضر أحدهم الموت قال إني تبت الآن "فقال بعضهم: عُني به أهل النفاق.ذكر من قال ذلك:8865 - حدثني المثنى قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا ابن أبي جعفر، عن أبيه، عن الربيع: إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللَّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيبٍ ، قال: نزلت الأولى في المؤمنين، ونزلت الوسطى في المنافقين = يعني: " وليست التوبة للذين يعملون السيئات "، والأخرى في الكفار يعني: وَلا الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ .* * *وقال آخرون: بل عُني بذلك أهل الإسلام.ذكر من قال ذلك:8866 - حدثنا المثنى قال، حدثنا سويد بن نصر قال، أخبرنا ابن المبارك، عن سفيان، قال: بلغنا في هذه الآية: " وليست التوبة للذين يعملون السيئات حتى إذا حضر أحدهم الموت قال إني تبت الآن " قال: هم المسلمون، ألا ترى أنه قال: وَلا الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ ؟* * *وقال آخرون: بل هذه الآية كانت نزلت في أهل الإيمان، غير أنها نسخت.ذكر من قال ذلك:8867 - حدثني المثنى قال، حدثنا عبد الله بن صالح قال، حدثني معاوية بن صالح، عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس قوله: " وليست التوبة للذين يعملون السيئات حتى إذا حضر أحدهم الموت قال إني تبت الآن ولا الذين يموتون وهم كفار " فأنزل الله تبارك وتعالى بعد ذلك: إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ [سورة النساء: 48 ، 116]، فحرّم الله تعالى المغفرة على من مات وهو كافر، وأرجأ أهل التوحيد إلى مشيئته، فلم يؤيسهم من المغفرة. (53)* * *قال أبو جعفر: وأولى الأقوال في ذلك عندي بالصواب، ما ذكره الثوري أنه بلغه أنه في الإسلام. (54) وذلك أن المنافقين كفار، فلو كان معنيًّا به أهل النفاق لم يكن لقوله: وَلا الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ معنًى مفهوم، إذْ كانوا والذين قبلهم في معنى واحد: من أن جميعهم كفار. ولا وجه لتفريق أحكامهم، والمعنى الذي من أجله بطل أن تكون [لهم] توبة، (55) واحدٌ. وفي تفرقة الله جل ثناؤه بين أسمائهم وصفاتهم، بأن سمَّى أحد الصنفين كافرًا، ووصف الصنف الآخر بأنهم أهل سيئات، ولم يسمهم كفارًا = ما دل على افتراق معانيهم. وفي صحة كون ذلك كذلك، صحةُ ما قلنا وفسادُ ما خالفه.* * *القول في تأويل قوله : وَلا الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ أُولَئِكَ أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا (18)قال أبو جعفر: يعني بذلك جل ثناؤه: ولا التوبة للذين يموتون وهم كفار = فموضع " الذين " خفض، لأنه معطوف على قوله: لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ . (56)وقوله: " أولئك أعتدنا لهم عذابًا أليما "، يقول: هؤلاء الذين يموتون وهم كفار =" أعتدنا لهم عذابًا أليما "، لأنهم من التوبة أبعد، لموتهم على الكفر. (57) كما:-8868 - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثنا محمد بن فضيل، عن أبي النضر، عن أبي صالح، عن ابن عباس: " ولا الذين يموتون وهم كفار "، أولئك أبعدُ من التوبة.* * *واختلف أهل العربية في معنى: " أعتدنا لهم ".فقال بعض البصريين: معنى " أعتدنا "،" أفعلنا " من " العَتَاد ". قال: ومعناها: أعددنا. (58)* * *وقال بعض الكوفيين: " أعددنا " و " أعتدنا "، معناهما واحد.* * *فمعنى قوله: " أعتدنا لهم "، أعددنا لهم =" عذابًا أليما "، يقول: مؤلمًا موجعًا. (59)------------------الهوامش :(50) الأثر: 8860 -"يعلى بن نعمان" كوفي ثقة. مترجم في الكبير 4 / 2 / 418 ، وابن أبي حاتم 4 / 2 / 304 ، وتعجيل المنفعة: 457 ، روى عن عكرمة ، وبلال بن أبي الدرداء. روى عنه العلاء بن المسيب ، والثوري ، والزهري.وهذا الأثر خرجه السيوطي في الدر المنثور 2: 131 ونسبه أيضًا لعبد الرزاق ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، والبيهقي.و"ساق الميت يسوق" و"ساق بنفسه" ، و"ساق نفسه" ، "سوقًا وسياقًا وسووقًا" ، و"حضرت فلانًا في السوق ، وفي السياق الموت": وذلك النزع عند إقبال الموت.(51) الأثر: 8863 - أخرجه الإمام أحمد في مسنده رقم: 6920 ، وأبو داود الطيالسي: 301 ، قال أخي السيد أحمد في شرح المسند: "إسناده ضعيف ، لإبهام الرجل من بني الحارث ، راويه عن التابعي" ، وقد استوفى الكلام في تخريجه هناك.وقوله: "حتى ذكر فواقًا" ، أي: فواق ناقة. وهذا مما يريدون به الزمن القليل القصير ، وأصل"الفواق" (بضم الفاء وفتح الواو) هو الوقت بين الحلبتين ، إذا فتحت يدك وقبضتها ثم أرسلتها عند الحلب.(52) "الكظم" (بفتحتين) وجمعه"كظام" (بكسر الكاف) و"أكظام" ، وهو مخرج النفس عند الحلق. يريد: عند خروج نفسه ، وانقطاع نفسه. ومنه قليل: "كظم غيظه" ، أي رده وحبسه ، و"رجل كظوم" ، شديد الكتمان لما يعتلج في نفسه.وكان في المخطوطة: "ما أخذ بكظمه" وهو خطأ من الناسخ ، وقد رواه ابن الأثير ، وخرجه السيوطي في الدر المنثور 2: 131 ، ونسبه لابن جرير وابن المنذر ، باللفظ الذي أثبته ناشر المطبوعة الأولى ، وهو الصواب المحض إن شاء الله.(53) الأثر: 8867 - خرجه السيوطي في الدر المنثور 2: 131 ، ونسبه أيضًا لأبي داود في ناسخه ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم.(54) يعني الأثر رقم: 8866 ، فيما سلف.(55) في المخطوطة بعد قوله: "معنى مفهوم" ما نصه: "لأنهم إن كانوا الذين قبلهم في معنى واحد ، من أن جميعهم كفار. ولا وجه لتفريق أحكامهم والمعنى الذي من أجله بطل أن تكون توبة واحد" ، وهي عبارة مضطربة أشد الاضطراب ، إلا أن الناسخ ضرب بقلم خفيف على لام"لأنهم" ، فتبين لي أن الذي بعدها"إذ كانوا الذين قبلهم" ، وسقطت الواو من الناسخ الساهي عن كتابته. وسها أيضًا فأسقط"لهم" التي وضعتها بين القوسين. فاستقام الكلام كالذي كتبت.أما ناشر المطبوعة الأولى فقد أساء غاية الإساءة ، فجعل الجملة هكذا: "لأنهم إن كانوا هم والذين قبلهم في معنى واحد: من أن جميعهم كفار. فلا وجه لتفريق أحد منهم في المعنى الذي من أجله بطل أن تكون توبة واحد مقبولة" فلم ينتبه لما ضرب عليه الناسخ في"لأنهم" وزاد في"كانوا الذين قبلهم" فجعلها"كانوا هم والذين قبلهم". ثم جعل"ولا جه" ، "فلا وجه" وجعل"أحكامهم" ، "أحد منهم" ثم جعل"والمعنى""في المعنى" وزاد"مقبولة" من عنده في آخر الكلام ، فأفسد الكلام إفسادًا آخر. ورحم الله أبا جعفر ، وغفر لناسخ كتابه ، والحمد لله الذي هدى إلى الصواب.(56) انظر معاني القرآن للفراء 1: 259.(57) وهذا أيضًا عبث آخر من ناشر المطبوعة الأولى ، لم يحسن قراءة المخطوطة ، لأنها غير منقوطة فقلب هذه الجملة قلبًا أهدر معناها ، واستأصل المعنى الذي أراده أبو جعفر ، فكتب: "لأنهم أبعدهم من التوبة كونهم على الكفر" ظن"لمونهم" كما كتبها الناسخ ، "كونهم" ، فعبث بالكلام عبثًا لا يرتضيه أحد من أهل العلم. وانظر نص الكلام في الأثر الذي يليه.(58) هذا البصري ، هو أبو عبيدة في مجاز القرآن 1: 120.(59) انظر تفسير"أليم" ، فيما سلف من فهارس اللغة.
یٰۤاَیُّهَا الَّذِیْنَ اٰمَنُوْا لَا یَحِلُّ لَكُمْ اَنْ تَرِثُوا النِّسَآءَ كَرْهًاؕ-وَ لَا تَعْضُلُوْهُنَّ لِتَذْهَبُوْا بِبَعْضِ مَاۤ اٰتَیْتُمُوْهُنَّ اِلَّاۤ اَنْ یَّاْتِیْنَ بِفَاحِشَةٍ مُّبَیِّنَةٍۚ-وَ عَاشِرُوْهُنَّ بِالْمَعْرُوْفِۚ-فَاِنْ كَرِهْتُمُوْهُنَّ فَعَسٰۤى اَنْ تَكْرَهُوْا شَیْــٴًـا وَّ یَجْعَلَ اللّٰهُ فِیْهِ خَیْرًا كَثِیْرًا(۱۹)
اے ایمان والو! تمہیں حلال نہیں کہ عورتوں کے وارث بن جاؤ زبردستی (ف۵۰) اور عورتوں کو روکو نہیں اس نیت سے کہ جو مہر ان کو دیا تھا اس میں سے کچھ لے لو (ف۵۱) مگر اس صورت میں کہ صریح بے حیا ئی کا کام کریں (ف۵۲) اور ان سے اچھا برتاؤ کرو (ف۵۳) پھر اگر وہ تمہیں پسند نہ آئیں (ف۵۴) تو قریب ہے کہ کوئی چیز تمہیں ناپسند ہو اور اللہ اس میں بہت بھلائی رکھے(ف۵۵)
القول في تأويل قوله : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهًا وَلا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ إِلا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍقال أبو جعفر: يعني تبارك وتعالى [بقوله]: (60) " يا أيها الذين آمنوا "، يا أيها الذين صدَّقوا الله ورسوله =" لا يحل لكم أن ترثوا النساء كَرهًا "، يقول: لا يحل لكم أن ترثوا نكاحَ نساء أقاربكم وآبائكم كَرْهًا. (61)* * *فإن قال قائل: كيف كانوا يرثونهن؟ وما وجه تحريم وراثتهن؟ فقد علمت أن النساء مورثات كما الرجال مورثون!قيل: إن ذلك ليس من معنى وراثتهن إذا هن مِتن فتركن مالا وإنما ذلك أنهن في الجاهلية كانت إحداهن إذا مات زوجها، كان ابنه أو قريبُه أولى بها من غيره، ومنها بنفسها، إن شاء نكحها، وإن شاء عضلها فمنعها من غيره ولم يزوّجها حتى تموت. فحرّم الله تعالى ذلك على عباده، وحظَر عليهم نكاحَ حلائل آبائهم، ونهاهم عن عضلهن عن النكاح.* * *وبنحو القول الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.ذكر من قال ذلك:8869 - حدثنا أبو كريب قال، حدثنا أسباط بن محمد قال، حدثنا أبو إسحاق = يعني: الشيباني =، عن عكرمة، عن ابن عباس في قوله: " يا أيها الذين آمنوا لا يحل لكم أن ترثوا النساء كرهًا ولا تعضلوهن لتذهبوا ببعض ما آتيتموهن "، قال: كانوا إذا مات الرجل، كان أولياؤه أحقَّ بامرأته، إن شاء بعضهم تزوجها، وإن شاؤوا زوّجوها، وإن شاؤوا لم يزوّجوها، وهم أحق بها من أهلها، فنزلت هذه الآية في ذلك. (62)8870 - وحدثني أحمد بن محمد الطوسي قال، حدثنا عبد الرحمن بن صالح قال، حدثني محمد بن فضيل، عن يحيى بن سعيد، عن محمد بن أبي أمامة بن سهل بن حنيف، عن أبيه قال: لما توفي أبو قيس بن الأسلت، أراد ابنه أن يتزوج امرأته، وكان ذلك لهم في الجاهلية، فأنزل الله: " لا يحل لكم أن ترثوا النساء كرهًا " . (63)* * *8871 - حدثنا ابن حميد قال، حدثنا يحيى بن واضح، عن الحسين بن واقد، عن يزيد النحوي، عن عكرمة والحسن البصري قالا في قوله: " لا يحل لكم أن ترثوا النساء كَرْهًا ولا تعضُلوهن لتذهبوا ببعض ما آتيتموهن إلا أن يأتين بفاحشة مبيِّنة "، وذلك أن الرجل كان يرث امرأة ذي قرابته فيعضُلها حتى تموت أو تردَّ إليه صداقها، فأحكم الله عن ذلك = يعني أن الله نهاكم عن ذلك. (64)8872 - حدثني يعقوب بن إبراهيم قال، حدثنا ابن علية، عن سليمان التيمي، عن أبي مجلز في قوله: " يا أيها الذين آمنوا لا يحل لكم أن ترثوا النساء كرهًا "، قال: كانت الأنصار تفعل ذلك. كان الرجل إذا مات حميمه، ورث حميمه امرأته، فيكون أولى بها من وليِّ نفسها. (65)8873 - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثنا حجاج، عن ابن جريج، عن عطاء الخراساني، عن ابن عباس في قوله: " يا أيها الذين آمنوا لا يحلُّ لكم أن ترثوا النساء كرهًا " الآية، قال: كان الرجل إذا مات أبوه أو حميمه، فهو أحق بامرأته، إن شاء أمسكها، أو يحبسها حتى تفتدي منه بصداقها، أو تموت فيذهب بمالها = قال ابن جريج، فأخبرني عطاء بن أبي رباح: أن أهل الجاهلية كانوا إذا هلك الرجلُ فترك امرأة حبسها أهلهُ على الصبيِّ يكون فيهم، فنزلت: " لا يحل لكم أن ترثوا النساء كرهًا " الآية = قال ابن جريج، وقال مجاهد: كان الرجل إذا توفي أبوه، كان أحق بامرأته، ينكحها إن شاء إذا لم يكن ابنها، أو يُنكحها إن شاء أخاه أو ابن أخيه = قال ابن جريج، وقال عكرمة نزلت في كبيشة بنت معن بن عاصم، من الأوس، توفّي عنها أبو قيس بن الأسلت، فجنح عليها ابنه، فجاءت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: يا نبي الله، لا أنا ورثت زوجي، ولا أنا تُركت فأنكح! فنزلت هذه الآية. (66)8874 - حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم، عن عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد في قوله: " يا أيها الذين آمنوا لا يحل لكم أن ترثوا النساء كرهًا "، قال: كان إذا توفي الرجل، كان ابنه الأكبر هو أحق بامرأته، ينكحها إذا شاء إذا لم يكن ابنها، أو يُنكحها من شاء، أخاه أو ابنَ أخيه.8875 - حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم، عن عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن عمرو بن دينار، مثل قول مجاهد.8876 - حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل قال، سمعت عمرو بن دينار يقول مثل ذلك.8877 - حدثني محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن مفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي: أما قوله: " لا يحل لكم أن ترثوا النساء كرهًا "، فإن الرجل في الجاهلية كان يموت أبوه أو أخوه أو ابنه، فإذا مات وترك امرأته، فإن سبق وارِث الميت فألقى عليها ثوبه، فهو أحق بها أن ينكحها بمهر صاحبه، أو ينكحها فيأخذ مهرها. وإن سبقته فذهبت إلى أهلها، فهم أحق بنفسها.8878 - حدثت عن الحسين بن الفرج قال، سمعت أبا معاذ يقول: أخبرنا عبيد بن سليمان الباهلي (67) قال، سمعت الضحاك يقول في قوله: " لا يحل لكم أن ترثوا النساء كرهًا "، كانوا بالمدينة إذا مات حميم الرجل وترك امرأة، ألقى الرجل عليها ثوبه، فورث نكاحها، وكان أحق بها. وكان ذلك عندهم نكاحًا. فإن شاء أمسكها حتى تفتدي منه. وكان هذا في الشِّرك.8879 - حدثنا يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد في قوله: " لا يحل لكم أن ترثوا النساء كرهًا "، قال: كانت الوراثة في أهل يثرب بالمدينة ههنا. فكان الرجل يموت فيرث ابنه امرأة أبيه كما يرث أمه، لا تستطيع أن تمتنع، (68) فإن أحبّ أن يتخذها اتخذها كما كان أبوه يتخذها، وإن كره فارقها، وإن كان صغيرًا حبست عليه حتى يكبر، فإن شاء أصابها، وإن شاء فارقها. فذلك قول الله تبارك وتعالى: " لا يحل لكم أن ترثوا النساء كرهًا ".8880 - حدثنا محمد بن سعد قال، حدثني أبي قال، حدثني عمي قال، حدثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس في قوله: " يا أيها الذين آمنوا لا يحل لكم أن ترثوا النساء كرهًا "، وذلك أن رجالا من أهل المدينة كان إذا مات حميم أحدهم ألقى ثوبه على امرأته، فورث نكاحها، فلم ينكحها أحد غيره، وحبسها عنده حتى تفتدي منه بفدية، فأنزل الله عز وجل: " يا أيها الذين آمنوا لا يحل لكم أن ترثوا النساء كرهًا ".8881 - حدثني ابن وكيع قال، حدثني أبي قال، حدثنا سفيان، عن علي بن بذيمة، عن مقسم قال: كانت المرأة في الجاهلية إذا مات زوجها فجاء رجلٌ فألقى عليها ثوبه، كان أحق الناس بها. قال: فنزلت هذه الآية: " لا يحل لكم أن ترثوا النساء كرهًا ".* * *قال أبو جعفر: فتأويل الآية على هذا التأويل: يا أيها الذين آمنوا، لا يحل لكم أن ترثوا آباءكم وأقاربكم نكاح نسائهم كرها = فترك ذكر " الآباء " و " الأقارب " و " النكاح "، ووجّه الكلام إلى النهي عن وراثة النساء، اكتفاء بمعرفة المخاطبين بمعنى الكلام، إذ كان مفهومًا معناه عندهم.* * *وقال آخرون: بل معنى ذلك: لا يحل لكم، أيها الناس، أن ترثوا النساء تَرِكاتهن كرهًا. قال: وإنما قيل ذلك كذلك، لأنهم كانوا يعضلون أيَاماهُنَّ، وهن كارهات للعضل، حتى يمتن، فيرثوهن أموالهنّ.ذكر من قال ذلك:8882 - حدثني المثنى قال، حدثنا عبد الله بن صالح قال، حدثني معاوية بن صالح، عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس قوله: " يا أيها الذين آمنوا لا يحل لكم أن ترثوا النساء كرهًا "، قال: كان الرجل إذا مات وترك جارية، ألقى عليها حميمه ثوبه فمنعها من الناس. فإن كانت جميلة تزوجها، وإن كانت دميمة حبسها حتى تموت فيرثها. (69)8883 - حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر، عن الزهري في قوله: " لا يحل لكم أن ترثوا النساء كرهًا "، قال: نزلت في ناس من الأنصار، كانوا إذا مات الرجل منهم، فأمْلَكُ الناس بامرأته وليُّه، فيمسكها حتى تموت فيرثها، فنزلت فيهم.* * *قال أبو جعفر: وأولى القولين بتأويل الآية، القولُ الذي ذكرناه عمن قال: معناه: " لا يحل لكم أن ترثوا نساء أقاربكم "، (70) لأن الله جل ثناؤه قد بين مواريث أهل المواريث، فذلك لأهله، كره وراثتهم إيَّاه الموروثَ ذلك عنه من الرجال أو النساء، أو رضي. (71)فقد علم بذلك أنه جل ثناؤه لم يحظر على عباده أن يرثوا النساء فيما جعله لهم ميراثًا عنهن، (72) وأنه إنما حظَر أن يُكْرَهن موروثات، بمعنى حظر وراثة نكاحهن، إذا كان ميِّتهم الذي ورثوه قد كان مالكًا عليهن أمرَهن في النكاح ملك الرجل منفعة ما استأجر من الدور والأرضين وسائر مالَه منافع. (73)فأبان الله جل ثناؤه لعباده: أن الذي يملكه الرجل منهم من بُضْع زوْجه، (74) معناه غير معنى ما يملك أحدهم من منافع سائر المملوكات التي تجوز إجارتها. فإن المالك بُضع زوجته إذا هو مات، لم يكن ما كان له ملكًا من زوجته بالنكاح لورثته بعده، كما لهم من الأشياء التي كان يملكها بشراء أو هبة أو إجارة بعد موته، بميراثهم ذلك عنه. (75)* * *وأما قوله تعالى: " ولا تعضُلوهن لتذهبوا ببعض ما آتيتموهن "، فإن أهل التأويل اختلفوا في تأويله.فقال بعضهم: تأويله: " ولا تعضلوهن " : أي ولا تحبسوا، يا معشر ورثة من مات من الرجال، أزواجَهم عن نكاح من أردنَ نكاحه من الرجال، كيما يمتن =" فتذهبوا ببعض ما آتيتموهن "، أي: فتأخذوا من أموالهن إذا مِتن، ما كان موتاكم الذين ورثتموهم ساقوا إليهن من صدقاتهن.وممن قال ذلك جماعة قد ذكرنا بعضهم، منهم ابن عباس والحسن البصري وعكرمة. (76)* * *وقال آخرون: بل معنى ذلك: ولا تعضُلوا، أيها الناس، نساءكم فتحبسوهن ضرارًا، ولا حاجة لكم إليهن، فتُضِرُّوا بهن ليفتدين منكم بما آتيتموهن من صَدُقاتهن.ذكر من قال ذلك:8884 - حدثني المثنى قال، حدثنا عبد الله بن صالح قال، حدثني معاوية بن صالح، عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس قوله: " ولا تعضلوهن "، يقول: لا تقهروهن =" لتذهبوا ببعض ما آتيتموهن "، يعني، الرجل تكون له المرأة وهو كاره لصحبتها ولها عليه مهر، فَيُضِرُّ بها لتفتدي.8885 - حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر، عن قتادة في قوله: " ولا تعضلوهن "، يقول: لا يحل لك أن تحبس امرأتك ضرارًا حتى تفتدي منك = قال وأخبرنا معمر قال، وأخبرني سماك بن الفضل، عن ابن البيلماني قال: نزلت هاتان الآيتان، إحداهما في أمر الجاهلية، والأخرى في أمر الإسلام. (77)8886 - حدثني المثنى قال، حدثنا سويد بن نصر قال، أخبرنا ابن المبارك، عن معمر قال، أخبرنا سماك بن الفضل، عن عبد الرحمن بن البيلماني في قوله: " لا يحل لكم أن ترثوا النساء كرهًا ولا تعضلوهن "، قال: نزلت هاتان الآيتان: إحداهما في الجاهلية، والأخرى في أمر الإسلام، قال عبد الله: لا يحل لكم أن ترثوا النساء في الجاهلية، ولا تعضلوهن في الإسلام. (78)8887 - حدثني المثنى قال، حدثنا الحماني قال، حدثنا شريك، عن سالم، عن سعيد: " ولا تعضلوهن "، قال: لا تحبسوهن.8888 - حدثنا محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن مفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي: " ولا تعضلوهن لتذهبوا ببعض ما آتيتموهن "، أما " تعضلوهن "، فيقول: تضاروهن ليفتدِين منكم.8889 - حدثت عن الحسين بن الفرج قال، سمعت أبا معاذ يقول: أخبرنا عبيد بن سليمان قال، سمعت الضحاك يقول في قوله: " ولا تعضلوهن "، قال: " العضل "، أن يكره الرجل امرأته فيضرُّ بها حتى تفتدي منه، قال الله تبارك وتعالى: وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ [سورة النساء: 21]. (79)* * *وقال آخرون: المعنيُّ بالنهي عن عضل النساء في هذه الآية: أولياؤهن.ذكر من قال ذلك:8890 - حدثني محمد بن عمرو قال: حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد في قوله: " ولا تعضلوهن لتذهبوا ببعض ما آتيتموهن " أن ينكحن أزواجهن ، كالعَضْل في" سورة البقرة ". (80)8891 - حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد مثله.وقال آخرون: بل المنهيُّ عن ذلك: زوجُ المرأة بعد فراقه إياها. وقالوا: ذلك كان من فعل الجاهلية، فنهوا عنه في الإسلام.ذكر من قال ذلك:8892 - حدثني يونس بن عبد الأعلى قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد: كان العضلُ في قريش بمكة، ينكح الرجل المرأةَ الشريفة فلعلها أن لا توافقه، (81) فيفارقها على أن لا تتزوج إلا بإذنه، فيأتي بالشهود فيكتب ذلك عليها ويشهد، فإذا خطبها خاطب، فإن أعطته وأرضته أذن لها، وإلا عضلها، قال: فهذا قول الله: " ولا تعضلوهن لتذهبوا ببعض ما آتيتموهن " الآية.* * *قال أبو جعفر: قد بينا فيما مضى معنى " العضل " وما أصله، بشواهد ذلك من الأدلة. (82)وأولى هذه الأقوال التي ذكرناها بالصحة في تأويل قوله: " ولا تعضلوهن لتذهبوا ببعض ما آتيتموهن "، قول من قال: نهى الله جل ثناؤه زوج المرأة عن التضييق عليها والإضرار بها، وهو لصحبتها كاره ولفراقها محبّ، لتفتدي منه ببعض ما آتاها من الصَّداق.وإنما قلنا ذلك أولى بالصحة، لأنه لا سبيل لأحد إلى عضل امرأة، إلا لأحد رجلين: إما لزوجها بالتضييق عليها وحبسها على نفسه وهو لها كاره، مضارّة منه لها بذلك، ليأخذ منها ما آتاها بافتدائها منه نفسها بذلك = أو لوليها الذي إليه إنكاحها.وإذا كان لا سبيل إلى عضلها لأحدٍ غيرهما، وكان الوليُّ معلومًا أنه ليس ممن أتاها شيئًا فيقال إنْ عضلها عن النكاح: " عَضَلها ليذهب ببعض ما آتاها "، كان معلومًا أن الذي عنى الله تبارك وتعالى بنهيه عن عضلها، هو زوجها الذي له السبيلُ إلى عضلها ضرارًا لتفتدي منه.وإذا صح ذلك، = وكان معلومًا أن الله تعالى ذكره لم يجعل لأحد السبيلَ على زوجته بعد فراقه إياها وبينونتها منه، فيكون له إلى عضلها سبيل لتفتدي منه من عَضْله إياها، أتت بفاحشة أم لم تأت بها، = (83) وكان الله جل ثناؤه قد أباح للأزواج عضلهن إذا آتين بفاحشة مبيِّنة حتى يفتدين منه = (84) كان بيِّنًا بذلك خطأ التأويل الذي تأوّله ابن زيد، وتأويلِ من قال: " عنى بالنهي عن العضل في هذه الآية أولياء الأيامى "، = وصحةُ ما قلنا فيه. (85)* * *[قوله]: " ولا تعضلوهن " ، (86) في موضع نصب، عطفًا على قوله: " أن ترثوا النساء كرهًا ". ومعناه: لا يحل لكم أن ترثوا النساء كرهًا، ولا أن تعضلوهن. (87)وكذلك هي فيما ذكر في حرف ابن مسعود.ولو قيل: هو في موضع جزم على وجه النهي، لم يكن خطأ. (88)* * *القول في تأويل قوله: إِلا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍقال أبو جعفر: يعني بذلك جل ثناؤه: لا يحل لكم، أيها المؤمنون، أن تعضُلوا نساءكم ضرارًا منكم لهن، وأنتم لصحبتهن كارهون، وهن لكم طائعات، لتذهبوا ببعض ما آتيتموهن من صدقاتهن =" إلا أن يأتين بفاحشة مبينة "، فيحل لكم حينئذ الضرارُ بهن ليفتدين منكم. (89)ثم اختلف أهل التأويل في معنى " الفاحشة " التي ذكرها الله جل ثناؤه في هذا الموضع. (90)فقال بعضهم: معناها الزنا، وقال: إذا زنت امرأة الرجل حلَّ له عَضْلها والضرارُ بها، لتفتدي منه بما آتاها من صداقها.ذكر من قال ذلك:8893 - حدثنا أبو كريب قال، حدثنا ابن إدريس قال، أخبرنا أشعث، عن الحسن - في البكر تَفْجُر قال: تضرب مئة، وتنفى سنة، وتردّ إلى زوجها ما أخذت منه. وتأوَّل هذه الآية: " ولا تعضلوهن لتذهبوا ببعض ما آتيتموهن إلا أن يأتين بفاحشة مبينة ".8894 - حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر، عن عطاء الخراساني - في الرجل إذا أصابت امرأته فاحشة، أخذ ما ساق إليها وأخرجها، فنسخ ذلك الحدود.8895 - حدثنا أحمد بن منيع قال، حدثنا عبد الله بن المبارك قال، أخبرنا معمر، عن أيوب، عن أبي قلابة قال: إذا رأى الرجل من امرأته فاحشة، (91) فلا بأس أن يضارها ويشق عليها حتى تختلع منه.8896 - حدثنا ابن حميد قال، أخبرنا ابن المبارك قال، أخبرني معمر، عن أيوب، عن أبي قلابة - في الرجل يطّلع من امرأته على فاحشة، فذكر نحوه.8897 - حدثنا محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن مفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدى: " إلا أن يأتين بفاحشة مبينة "، وهو الزنا، فإذا فعلن ذلك فخذوا مهورهن.8898 - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج قال: أخبرني عبد الكريم: أنه سمع الحسن البصري: " إلا أن يأتين بفاحشة "، قال: الزنا. قال: وسمعت الحسن وأبا الشعثاء يقولان: فإن فعلت، حلَّ لزوجها أن يكون هو يسألها الخُلْع، تفتدي نفسها. (92)* * *وقال آخرون: " الفاحشة المبينة "، في هذا الموضع، النشوزُ.ذكر من قال ذلك:8899 - حدثني المثنى قال، حدثنا عبد الله بن صالح قال، حدثني معاوية بن صالح، عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس: " إلا أن يأتين بفاحشة مبينة "، وهو البغض والنُّشوز، فإذا فعلت ذلك فقد حل له منها الفدية.8900 - حدثنا ابن حميد قال، حدثنا حكام قال، حدثنا عنبسة، عن علي بن بذيمة، عن مقسم في قوله: ( ولا تعضلوهن لتذهبوا ببعض ما آتيتموهن إلا أن يفحشن ) في قراءة ابن مسعود. قال: إذا عصتك وآذتك، فقد حل لك أخذ ما أخذتْ منك. (93)8901 - حدثنا ابن حميد قال، حدثنا جرير، عن مطرف بن طريف، عن خالد، عن الضحاك بن مزاحم: " إلا أن يأتين بفاحشة مبينة "، قال: الفاحشة ههنا النشوز. فإذا نشزَت، حل له أن يأخذ خُلْعها منها. (94)8902 - حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر، عن قتادة في قوله: " إلا أن يأتين بفاحشة مبينة "، قال: هو النشوز.8903 - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج قال، قال عطاء بن أبي رباح: " إلا أن يأتين بفاحشة مبينة "، فإن فعلن: إن شئتم أمسكتموهن، وإن شئتم أرسلتموهن.8904 - حدثت عن الحسين بن الفرج قال، سمعت أبا معاذ يقول، أخبرنا عبيد بن سليمان قال، (95) سمعت الضحاك بن مزاحم يقول في قوله: " إلا أن يأتين بفاحشة مبينة "، قال: عَدَل ربنا تبارك وتعالى في القضاء، فرجع إلى النساء فقال: " إلا أن يأتين بفاحشة مبينة "، و " الفاحشة ": العصيان والنشوز. فإذا كان ذلك من قِبَلها، فإن الله أمره أن يضربها، وأمره بالهَجر. فإن لم تدع العصيان والنشوز، فلا جناح عليه بعد ذلك أن يأخذ منها الفدية.* * *قال أبو جعفر: وأولى ما قيل في تأويل قوله: " إلا أن يأتين بفاحشة مبينة "، أنه معنىٌّ به كل " فاحشة ": من بَذاءٍ باللسان على زوجها، (96) وأذى له، وزنًا بفرجها. وذلك أن الله جل ثناؤه عم بقوله: " إلا أن يأتين بفاحشة مبينة "، كلَّ فاحشة متبيّنةٍ ظاهرة. (97) فكل زوج امرأة أتت بفاحشة من الفواحش التي هي زنًا أو نشوز، (98) فله عضْلُها على ما بين الله في كتابه، والتضييقُ عليها حتى تفتدي منه، بأيِّ معاني الفواحش أتت، (99) بعد أن تكون ظاهرة مبيِّنة = (100) بظاهر كتاب الله تبارك وتعالى، وصحة الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، كالذي:8905 - حدثني يونس بن سليمان البصري قال، حدثنا حاتم بن إسماعيل قال، حدثنا جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جابر: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: اتقوا الله في النساء، فإنكم أخذتموهن بأمانة الله، واستحللتم فروجهن بكلمة الله، وإن لكم عليهن أن لا يُوطِئن فُرُشكم أحدًا تكرهونه، فإن فعلن ذلك فاضربوهن ضربًا غير مبرِّح، ولهن عليكم رزقهن وكسوتهن بالمعروف. (101)8906 - حدثنا موسى بن عبد الرحمن المسروقي قال، حدثنا زيد بن الحباب قال، حدثنا موسى بن عبيدة الربذي قال، حدثني صدقة بن يسار، عن ابن عمر: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: أيها الناس، إن النساء عندكم عَوَانٍ، أخذتموهن بأمانة الله، واستحللتم فروجهن بكلمة الله، ولكم عليهن حق، ولهن عليكم حق. ومن حقكم عليهن أن لا يُوطئن فُرُشكم أحدًا ولا يعصينكم في معروف، وإذا فعلن ذلك، فلهن رزقهن وكسوتهن بالمعروف. (102)* * *= فأخبر صلى الله عليه وسلم أن من حق الزوج على المرأة أن لا توطئ فراشه أحدًا، وأن لا تعصيه في معروف، وأنّ الذي يجب لها من الرزق والكسوة عليه، وإنما هو واحب عليه إذا أدَّت هي إليه ما يجب عليها من الحق، بتركها إيطاء فراشه غيره، وتركها معصيته في معروف.ومعلوم أن معنى قول النبي صلى الله عليه وسلم: " من حقكم عليهن أن لا يوطئن فرشكم أحدًا " إنما هو أن لا يمكِّنّ من أنفسهن أحدًا سواكم. (103)وإذا كان ما روينا في ذلك صحيحًا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فبيِّنٌ أن لزوج المرأة إذا أوطأت امرأته نفسها غيرَه وأمكنت من جماعها سواه، أنَّ له من منعها الكسوةَ والرزقَ بالمعروف، مثلَ الذي له من منعها ذلك إذا هي عصته في المعروف. وإذ كان ذلك له، فمعلوم أنه غير مانع لها - بمنعه إياها ماله منعها - حقًّا لها واجبًا عليه. وإذ كان ذلك كذلك، فبيِّنٌ أنها إذا افتدت نفسها عند ذلك من زوجها، فأخذ منها زوجها ما أعطته، أنه لم يأخذ ذلك عن عَضْل منهيّ عنه، بل هو أخذ ما أخذ منها عن عَضْل له مباح. وإذ كان ذلك كذلك، كان بينًا أنه داخل في استثناء الله تبارك وتعالى الذي استثناه من العاضلين بقوله: " ولا تعضُلوهن لتذهبوا ببعض ما آتيتموهن إلا أن يأتين بفاحشة مبينة " . وإذْ صح ذلك، فبيِّنٌ فساد قول من قال: " إلا أن يأتين بفاحشة مبينة "، منسوخ بالحدود، (104) لأن الحدّ حق الله جل ثناؤه على من أتى بالفاحشة التي هي زنا. وأما العَضْل لتفتدي المرأة من الزوج بما آتاها أو ببعضه، فحق لزوجها = كما عضله إياها وتضييقه عليها إذا هي نشزت عليه لتفتدي منه، حق له. وليس حكم أحدهما يبطل حكم الآخر.* * *قال أبو جعفر: فمعنى الآية: ولا يحل لكم، أيها الذين آمنوا، أن تعضلوا نساءكم فتضيِّقوا عليهن وتمنعوهن رزقهن وكسوتهن بالمعروف، لتذهبوا ببعض ما آتيتموهن من صَدُقاتكم، إلا أن يأتين بفاحشةٍ من زنا أو بَذاءٍ عليكم، وخلافٍ لكم فيما يجب عليهن لكم - مبيِّنة ظاهرة، فيحل لكم حينئذ عَضْلهن والتضييق عليهن، لتذهبوا ببعض ما آتيتموهن من صداق إن هنّ افتدين منكم به.* * *واختلف القرَأة في قراءة قوله: " مبينة ".فقرأه بعضهم: " مُبَيَّنَةٍ" بفتح " الياء "، بمعنى أنها قد بُيِّنت لكم وأُعلنت وأُظهرت.وقرأه بعضهم: " مُبَيِّنَةٍ" بكسر " الياء "، بمعنى أنها ظاهرة بينة للناس أنها فاحشة.* * *وهما قراءتان مستفيضتان في قرأة أمصار الإسلام، فبأيتهما قرأ القارئ فمصيب في قراءته الصوابَ، لأن الفاحشة إذا أظهرها صاحبها فهي ظاهرة بيِّنة. وإذا ظهرت، فبإظهار صاحبها إياها ظهرت. فلا تكون ظاهرة بيِّنة إلا وهي مبيَّنة، ولا مبيَّنة إلا وهي مبيِّنة. فلذلك رأيت القراءة بأيهما قرأ القارئ صوابًا.* * *القول في تأويل قوله: وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِقال أبو جعفر: يعني جل ثناؤه بقوله: " وعاشروهن بالمعروف "، وخالقوا، أيها الرجال، نساءكم وصاحبوهن =" بالمعروف "، يعني بما أمرتكم به من المصاحبة، (105) وذلك: إمساكهن بأداء حقوقهن التي فرض الله جل ثناؤه لهنّ عليكم إليهن، أو تسريح منكم لهنّ بإحسان، كما:-8907 - حدثنا محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن مفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي: " وعاشروهن بالمعروف "، يقول: وخالطوهن.* * *= كذا قال محمد بن الحسين، وإنما هو " خالقوهن "، من " العشرة " وهي المصاحبة. (106)* * *القول في تأويل قوله: فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا (19)قال أبو جعفر: يعني بذلك تعالى ذكره: لا تعضلوا نساءكم لتذهبوا ببعض ما آتيتموهن من غير ريبة ولا نشوز كان منهن، ولكن عاشروهن بالمعروف وإن كرهتموهن، فلعلكم أن تكرهوهن فتمسكوهن، فيجعل الله لكم = في إمساككم إياهن على كُره منكم لهن = خيرًا كثيرًا، من ولد يرزقكم منهن، أو عطفكم عليهن بعد كراهتكم إياهن، كما:-8908 - حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم، عن عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد في قوله: " فإن كرهتموهن فعسى أن تكرهوا شيئًا ويجعل الله فيه خيرًا كثيرًا "، يقول، فعسى الله أن يجعل في الكراهة خيرًا كثيرًا.8909 - حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد مثله:8910 - حدثني محمد بن الحسين قال، حدثني أحمد بن مفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي في قوله: " ويجعل الله فيه خيرًا كثيرًا "، قال: الولد.* * *8911 - حدثني محمد بن سعد قال، حدثني أبي قال، حدثني عمي قال، حدثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس: " ويجعل الله فيه خيرًا كثيرًا "، والخير الكثير: أن يعطف عليها، فيرزق الرجل ولدها، ويجعل الله في ولدها خيرًا كثيرًا.و " الهاء " في قوله: " ويجعل الله فيه خيرًا كثيرًا "، على قول مجاهد الذي ذكرناه، كناية عن مصدر " تكرهوا "، كأنّ معنى الكلام عنده: فإن كرهتموهن فعسى أن تكرهوا شيئًا ويجعل الله في كُرْهه خيرًا كثيرًا. (107)ولو كان تأويل الكلام: فعسى أن تكرهوا شيئًا ويجعل الله في ذلك الشيء الذي تكرهونه خيرًا كثيرًا، كان جائزًا صحيحًا.* * *---------------(60) ما بين القوسين زيادة تقتضيها سياقة كلامه.(61) انظر تفسير"الكره" فيما سلف 4: 297 ، 298 / 6: 565.(62) الأثر : 8869 "أبو إسحاق الشيباني" ، هو: سليمان بن أبي سليمان ، مضت ترجمته برقم: 1307 ، 3003 ، 3023.وهذا الأثر أخرجه البخاري في صحيحه (الفتح 8: 184) ، والبيهقي في السنن الكبرى 7: 138 ، وأبو داود في سننه 2: 310 رقم: 2089 ، وخرجه السيوطي في الدر المنثور 2: 131 ، وزاد نسبته إلى ابن المنذر ، والنسائي وابن أبي حاتم. وقد استوفى الحافظ ابن حجر الكلام فيه في الفتح وانظر تفسير ابن كثير 2: 381382.(63) الأثر: 8870 "أحمد بن محمد الطوسي" ، شيخ الطبري ، روى عنه باسم"أحمد بن محمد بن حبيب" في التاريخ ، وتمام نسبه: "أحمد بن محمد بن نيزك بن حبيب" ، وقد مضت ترجمته برقم: 3833.و"عبد الرحمن بن صالح الأزدي العتكي" ، كان رافضيًا ، وكان يغشى أحمد بن حنبل ، فيقربه ويدنيه. فقيل له فيه ، فقال: سبحان الله! رجل أحب قومًا من أهل بيت النبي صلى الله عليه وسلم! وهو ثقة. وقال يحيى بن معين: "يقدم عليكم رجل من أهل الكوفة ، يقال له عبد الرحمن بن صالح ، ثقة صدوق شيعي ، لأن يخر من السماء ، أحب إليه من أن يكذب في نصف حرف". وقال ابن عدي: "معروف مشهور في الكوفيين ، لم يذكر بالضعف في الحديث ولا اتهم فيه ، إلا أنه محترق فيما كان فيه من التشيع". مترجم في التهذيب.و"يحيى بن سعيد" هو الأنصاري ، مضت ترجمته في: 2154 ، 3395 ، 5074.و"محمد بن أبي أمامة بن سهل بن حنيف" ، روى عن أبيه = واسم أبيه: "أسعد" وعن أبان بن عثمان. روى عنه يحيى بن سعيد ، وابن إسحاق ، ومالك. ثقة ، وأشار الحافظ ابن حجر في ترجمته إلى هذا الأثر ، أنه رواه النسائي ، والظاهر أنه في السنن الكبرى.و"أبو أمامة بن سهل بن حنيف الأنصاري" واسمه"أسعد بن سهل..." ولد في حياة النبي صلى الله عليه وسلم قبل وفاته بعامين ، فيما روى. قال ابن سعد: "ثقة كثير الحديث".وهذا الأثر ، خرجه السيوطي في الدر المنثور 2: 132 ، وزاد نسبته للنسائي ، وابن أبي حاتم. وخرجه ابن كثير منسوبًا إلى ابن مردويه بمثله 2: 382.(64) الأثر: 8871 رواه أبو داود في سننه 1: 311 رقم: 2090 ، من طريق علي بن حسين بن واقد عن أبيه ، عن يزيد النحوي ، عن عكرمة ، عن ابن عباس . والدر المنثور 2: 131.وقوله: "أحكم الله على ذلك" ، فسره بعد ، وأصله من"حكمت الفرس وأحكمته" إذا قدعته وكففته ، و"حكم الرجل وأحكمه" منعه مما يريد. وفي المخطوطة"فأحكم عن ذلك" ، وأثبتت المطبوعة الأولى نص أبي داود والدر المنثور.(65) "الحميم" القريب الذي توده ويودك ، وتهتم لأمره.(66) الأثر: 8873 - خبر كبيشة بنت معن. خرجه ابن الأثير في أسد الغابة 5: 538 ، ونسبه لأبي موسى - والسيوطي في الدر المنثور 2: 132 ، وزاد نسبته لابن المنذر. وقوله: "جنح عليها": بسط عليها جناحه - أو كنفه - ومال عليها ، يعني أنه مال عليها ليحول بين الناس وبينها ، وسيأتي في الأثر رقم: 8877 تفسير جيد لمعنى هذه الكلمة ، وهو قول السدي: "فإن سبق وارث الميت فألقى عليها ثوبه ، فهو أحق بها أن ينكحها" ، فهذا الفعل - أي إلقاء الثوب على المرأة - هو الذي استعمل له عكرمة لفظ"جنح عليها". ولم أجد في كتب اللغة من أثبت هذا المجاز الجيد ، وهو حقيق أن يثبت فيها مشروحًا. فأثبته هناك إن شئت. وانظر أيضًا إلقاء الثوب على المرأة في الآثار الآتية رقم: 8878 ، 8880 ، 8881 ، 8882.(67) في المطبوعة: "عبيد بن سلمان" ، وهو خطأ ، صوابه من المخطوطة ، وقد سلف مرارًا في هذا الإسناد الدائر في التفسير.(68) في المطبوعة والمخطوطة: "لا يستطيع أن يمنع" ، وهو خطأ من الناسخ لا يستقيم به الكلام ، وصواب قراءتها ما أثبت.(69) في المطبوعة: "فإن كانت قبيحة حبسها..." ، وفي المخطوطة: "ذميمة" ، والصواب ما أثبت. والدميمة: القبيحة.(70) في المطبوعة: "أن ترثوا النساء كرهًا أقاربكم" ، وهو كلام فاسد كل الفساد ، وأساء التصرف في الخطأ الذي كان في المخطوطة ، وكان فيها: "أن ترثوا النساء أقاربكم" ، وهو سبق قلم من الناسخ ، صوابه ما أثبت.(71) كان في المخطوطة: "فذلك لأهله نحوه وراثتهم إياه الموروث ذلك عنه من الرجال أو النساء أو رضي" ، فاستعجم على الناشر الأول للتفسير قوله: "نحوه" ولم يجد لها معنى ، فكتب الجملة: "فذلك لأهله نحو وراثتهم إياه الموروث ذلك عنه من الرجال أو النساء. فقد علم بذلك..." جعل"نحوه""نحو" بغير هاء ، وحذف"أو رضي" ليستقيم الكلام فيما يتوهم ، ولكنه أصبح لغوًا لا معنى له!! والصواب أن يقرأ"نحوه" -"كره" ، فيستقيم الكلام كما في المخطوطة بغير حذف. وقد أساء ناشر المطبوعة الأولى إلى هذا الكتاب الجليل إساءة بليغة ، بما تصرف فيه ، كما رأيت في آلاف من تعليقاتي ، وكما سترى. وغفر الله لنا وله.(72) في المخطوطة والمطبوعة: "أن يرثوا النساء ما جعله لهم ميراثًا" ، وصواب السياق يقتضي"فيما" كما أثبتها.(73) في المخطوطة: "وسائر ماله نافع" ، والصواب ما في المطبوعة ، وقوله: "ما له منافع" أي: وسائر الأشياء التي لها منافع ينتفع بها مالكها.(74) في المطبوعة: "زوجته" وأثبت ما في المخطوطة. و"البضع" (بضم الباء وسكون الضاد): فرج المرأة ، وقيل: هو الجماع ، وقيل: هو عقد النكاح. وكلها متقاربة ، والأول أولاها ، والباقي متفرع عليه.(75) في المخطوطة والمطبوعة: "بميراثه ذلك عنه" بالإفراد ، والصواب الجمع كما أثبته.(76) انظر الآثار رقم: 8871 ، 8873 ، 8877 ، وما بعدها.(77) الأثر: 8885 -"سماك بن الفضل الصنعاني" ، ثقة. قال الثوري: لا يكاد يسقط له حديث لصحته. و"معمر" ، هو معمر بن راشد ، يروى عنه.و"ابن البيلماني" ، هو: عبد الرحمن بن البيلماني ، مولى عمر. ثقة. مضت ترجمته برقم: 4946 ، 4947.(78) الأثر: 8886 -"عبد الله" يعني عبد الله بن المبارك.وكان في المطبوعة: "والأخرى في الإسلام" بإسقاط"أمر". وكذلك كتب ناسخ المخطوطة ، ولكنه زاد"أمر" في الهامش ، فأثبتها.(79) في المطبوعة: "عبيد بن سلمان" ، وهو خطأ يكثر من ناشر المطبوعة السالفة ، والصواب من المخطوطة ، وهو إسناد دائر في التفسير.(80) انظر تفسير الآية رقم: 232 ، في 5: 17-27. وكان في المخطوطة: "كالعضل في سورة" وأسقط"البقرة".(81) في المطبوعة: "فلعلها لا توافقه" ، وأثبت ما في المخطوطة.(82) انظر ما سلف 5: 24 ، 25 ، وما قبل ذلك من الآثار.(83) قوله: "وكان الله جل ثناؤه" ، معطوف على قوله: "وكان معلومًا".(84) قوله: "كان بينًا بذلك..." جواب"إذا" في قوله: "وإذا صح ذلك".(85) قوله: "وصحة ما قلنا فيه" مرفوع معطوف على"خطأ" في قوله: "كان بينًا بذلك خطأ التأويل".(86) زدت ما بين القوسين ، اتباعًا لنهج أبي جعفر في تفسير الآي السالفة كلها.(87) في المطبوعة والمخطوطة: "ولا تعضلوهن" بإسقاط"أن" ، وهو خطأ ، يدل عليه قوله بعد: "وكذلك هي في حرف ابن مسعود" - وقراءة ابن مسعود: ولا أن تعضلوهن وانظر معاني القرآن للفراء 1: 259.(88) انظر أيضًا معاني القرآن للفراء 1: 259.(89) في المخطوطة بعد: "ليفتدين منكم" ما نصه: "ولا تعضلوهن لتذهبوا ببعض ما آتيتموهن" ، وهو تكرار أحسن الناشر الأول إذ حذفه.(90) انظر تفسير"الفاحشة" و"الفحشاء" فيما سلف: 73 ، تعليق: 3 ، والمراجع هناك.(91) في المخطوطة: "إذا رأى الرجل امرأته فاحشة" والصواب ما في المطبوعة.(92) في المخطوطة: "تفتدي سلها" غير بينة ، وصواب قراءتها فيما أرجح"نفسها". أما المطبوعة ، فقد حذف الكلمة كلها ، وجعل الفعل"لتفتدي".(93) الأثر: 8900 - مضى برقم: 4828 ، وانظر التعليق عليه هناك. في المخطوطة: "فقد حل لك ما أخذت منك" وفوق"منك""ط" علامة الخطأ ، وقد صححه ناشر المطبوعة الأول من الدر المنثور 2: 132 ، وقد مضى في الإسناد السالف على الصواب. وكان هنا"إذا عضلت وآذتك" ، وصوابه من الإسناد السالف ، كما بينته هناك.(94) الأثر: 8901 -"مطرف بن طريف الحارثي" ، روى عن الشعبي وأبي إسحاق السبيعي ، وغيرهما ثقة. مترجم في التهذيب."وخالد" هو: "خالد بن أبي نوف السجستاني" ، يروي عن ابن عباس مرسلا ، وروى عن عطاء بن أبي رباح ، والضحاك بن مزاحم. وهو ثقة. مترجم في التهذيب.(95) في المطبوعة: "عبيد بن سلمان" ، وهو خطأ كثر جدًا في المطبوعة ، صوابه من المخطوطة ، وهو إسناد دائر في التفسير ، فلن أشير إلى تصحيحه بعد هذه المرة.(96) في المطبوعة: "بذاءة" ، وأثبت ما في المخطوطة ، و"البذاء" و"البذاءة" واحد.(97) في المطبوعة: " مبينة ظاهرة" ، وهو لفظ الآية ، وفي المخطوطة سيئة الكتابة ، فرأيت الأجود أن تكون"متبينة" ، فأثبتها كذلك.(98) في المطبوعة والمخطوطة: "فلكل زوج امرأة" ، والسياق يقتضي"فلكل" ، لقوله بعد"فله عضلها".(99) في المخطوطة: "بأن معاني فواحش أتت" ، وهو تصحيف ، وفي المطبوعة: "بأي معاني فواحش أتت" ، فأصاب ، ولكنه أغفل أن يجعل"فواحش""الفواحش" لتستقيم عربية الكلام.(100) قوله: "بظاهر كتاب الله" متعلق بقوله آنفًا": "فكل زوج امرأة... فله عضلها... بظاهر كتاب الله" وهكذا السياق.(101) الحديث: 8905 -"يونس بن سليمان البصري" - شيخ الطبري: هكذا ثبت اسمه في هذا الموضع. ولم أجد في شيوخ الطبري من يسمى بهذا ، بل لم أجد ذلك في سائر الرواة فيما عندي من المراجع.والراجح - فيما أرى - بل أكاد أوقن أنه محرف عن"يوسف بن سلمان". وقد روى عنه الطبري قطعتين من هذا الحديث ، بهذا الإسناد: 2003 ، 2365. وهو حديث جابر - الطويل في الحج.وهذا الحديث قطعة من حديث جابر بن عبد الله ، في صفة حجة الوداع. وقد بينا تخريجه في: 2003. وهذه القطعة ذكرها السيوطي 2: 132 ، منسوبة للطبري وحده! ففاته - رحمه الله - أنها قطعة من الحديث الطويل.(102) الحديث: 8906 - موسى بن عبد الرحمن المسروقي ، شيخ الطبري: مضت ترجمته في: 174.وهذا الإسناد ضعيف جدًا ، من أجل"موسى بن عبيدة الربذي" ، كما بينا في: 1875 ، 1876.والحديث ذكره السيوطي 2: 132 ، ولم ينسبه لغير الطبري. ولم أجده في مكان آخر.ومعناه ثابت صحيح ، بصحة حديث جابر الذي قبله هنا.وهو ثابت أيضًا من حديث عمرو بن الأحوص الجشمي ، مرفوعًا. رواه الترمذي وابن ماجه ، وقال الترمذي: "حديث حسن صحيح". كما في الترغيب والترهيب 3: 73.وهو ثابت أيضًا من حديث أبي حرة الرقاشي عن عمه ، مرفوعًا. رواه أحمد في المسند 5 : 72-73 (حلبي).عوان جمع عانية: وهي الأسيرة ، يقول: هي عندكم بمنزلة الأسرى ، وصدق نبي الله ، هدى إلى الحق وبينه ، وكان بالمؤمنين رؤوفًا رحيما. و"العانية" من: "عنا الرجل يعنو عنوًا وعناء" إذا ذل لك واستأسر ، فهو"عان".(103) في المخطوطة والمطبوعة: "أن لا يمكن أنفسهن من أحد سواكم" ، وفي المخطوطة كتب"لا" على سين"أنفسهن" ، كأنه كان يوشك أن يصحح الكلمة ، ثم غفل عنها ، وصواب السياق يقتضي أن تكون الجملة كما أثبتها ، وإنما سها الناسخ.(104) انظر ما سلف رقم: 8894.(105) انظر تفسير"المعروف" فيما سلف: 8: 13 ، والمراجع هناك ، وأتم تعريف له فيما سلف: 7: 105.(106) هذا التفريق الذي بين"خالقوهن" و"خالطوهن" ، وتصحيح أبي جعفر ، من حسن البصر بافتراق المعاني ، وحقها في أداء معاني اللغة ، ولا سيما في تفسير ألفاظها.(107) في المخطوطة والمطبوعة: كتب هذه الجملة كنص الآية: "ويجعل الله فيه خيرًا كثيرًا" ، وليس ذلك بشيء ، بل السياق يقتضي أن يجعل"فيه" ، "في كرهه" ، لأنه تأويل معنى قوله إن"الهاء" في"فيه" كناية من مصدر"تكرهوا".
وَ اِنْ اَرَدْتُّمُ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَّكَانَ زَوْجٍۙ-وَّ اٰتَیْتُمْ اِحْدٰىهُنَّ قِنْطَارًا فَلَا تَاْخُذُوْا مِنْهُ شَیْــٴًـاؕ-اَتَاْخُذُوْنَهٗ بُهْتَانًا وَّ اِثْمًا مُّبِیْنًا(۲۰)
اور اگر تم ایک بی بی کے بدلے دوسری بدلنا چاہو (ف۵۶) اور اسے ڈھیروں مال دے چکے ہو (ف۵۷) تو اس میں سے کچھ واپس نہ لو (ف۵۸) کیا اسے واپس لو گے جھوٹ باندھ کر اور کھلے گناہ سے (ف۵۹)
القول في تأويل قوله: وَإِنْ أَرَدْتُمُ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَكَانَ زَوْجٍ وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَارًا فَلا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئًاقال أبو جعفر: يعني جل ثناؤه بقوله: " وإن أردتم استبدال زوج مكان زوج "، وإن أردتم، أيها المؤمنون، نكاح امرأة مكان امرأة لكم تطلقونها (1) =" وآتيتم إحداهن "، يقول: وقد أعطيتم التي تريدون طلاقها من المهر (2) =" قنطارًا ".* * *= و " القنطار " المال الكثير. وقد ذكرنا فيما مضى اختلاف أهل التأويل في مبلغه، والصوابَ من القول في ذلك عندنا. (3)* * *=" فلا تأخذوا منه شيئًا "، يقول: فلا تضرُّوا بهن إذا أردتم طلاقهن ليفتدين منكم بما آتيتموهن، كما:-8912 - حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم، عن عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد في قوله: " وإن أردتم استبدال زوج مكان زوج "، طلاق امرأة مكان أخرى، فلا يحل له من مال المطلقة شيء وإن كثر.8913 - حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد مثله.* * *القول في تأويل قوله: أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا (20)قال أبو جعفر: يعني بقوله تعالى ذكره: " أتأخذونه "، أتأخذون ما آتيتموهن من مهورهن =" بهتانا "، يقول: ظلمًا بغير حق =" وإثما مبينًا "، يعني: وإثمًا قد أبان أمرُ آخذه أنه بأخذه إياه لمن أخذَه منه ظالم. (4)----------------الهوامش :(1) انظر تفسير"الاستبدال" فيما سلف 2: 130 ، 494 / 7: 527.(2) انظر تفسير"الإيتاء" في فهارس اللغة ، فيما سلف.(3) انظر تفسير"القنطار" فيما سلف 6: 244-250.(4) انظر تفسير"مبين" فيما سلف 3: 300 / 4: 258 / 7: 370.
وَ كَیْفَ تَاْخُذُوْنَهٗ وَ قَدْ اَفْضٰى بَعْضُكُمْ اِلٰى بَعْضٍ وَّ اَخَذْنَ مِنْكُمْ مِّیْثَاقًا غَلِیْظًا(۲۱)
اور کیونکر اسے واپس لوگے حالانکہ تم میں ایک دوسرے کے سامنے بے پردہ ہولیا اور وہ تم سے گاڑھا عہد لے چکیں(ف۶۰)
القول في تأويل قوله: وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍقال أبو جعفر: يعني جل ثناؤه بقوله: " وكيف تأخذونه "، وعلى أي وجه تأخذون من نسائكم ما آتيتموهن من صدقاتهن، إذا أردتم طلاقهن واستبدال غيرهن بهن أزواجًا =" وقد أفضى بعضكم إلى بعض "، فتباشرتم وتلامستم.* * *وهذا كلام وإن كان مخرجه مخرج الاستفهام، فإنه في معنى النكير والتغليظ، كما يقول الرجل لآخر: " كيف تفعل كذا وكذا، وأنا غير راضٍ به؟"، على معنى التهديد والوعيد. (5)* * *وأما " الإفضاء " إلى الشيء، فإنه الوصول إليه بالمباشرة له، كما قال الشاعر: (6)[بَلِينَ] بِلًى أَفْضَى إلَى [كُلِّ] كُتْبَةٍبَدَا سَيْرُهَا مِنْ بَاطِنٍ بَعْدَ ظَاهِرِ (7)يعني بذلك أن الفساد والبلى وصل إلى الخُرَز. والذي عُني به " الإفضاء " في هذا الموضع، الجماعُ في الفرج.* * *فتأويل الكلام إذ كان ذلك معناه: وكيف تأخذون ما آتيتموهن، وقد أفضى بعضكم إلى بعض بالجماع.* * *وبنحو ما قلنا في ذلك قال جماعة من أهل التأويل.*ذكر من قال ذلك:8914 - حدثني عبد الحميد بن بيان القَنّاد قال، حدثنا إسحاق، عن سفيان، عن عاصم، عن بكر بن عبد الله، عن ابن عباس قال: الإفضاء المباشرة، ولكنّ الله كريم يَكْني عما يشاء.8915 - حدثنا محمد بن بشار قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا سفيان، عن عاصم، عن بكر، عن ابن عباس قال: الإفضاء الجماع، ولكن الله يَكني.8916 - حدثنا ابن حميد قال، حدثنا جرير، عن عاصم، عن بكر بن عبد الله المزني، عن ابن عباس قال: الإفضاء هو الجماع.8917 - حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: " وقد أفضى بعضكم إلى بعض "، قال: مجامعة النساء.8918 - حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد مثله.8919 - حدثنا محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن المفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي: " وكيف تأخذونه وقد أفضى بعضكم إلى بعض "، يعني المجامعة.* * *القول في تأويل قوله : وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا (21)قال أبو جعفر: أيْ: ما وثَّقتم به لهنَّ على أنفسكم، (8) من عهد وإقرار منكم بما أقررتم به على أنفسكم، من إمساكهن بمعروف، أو تسريحهنّ بإحسان.* * *وكان في عقد المسلمين النكاحَ قديمًا فيما بلغنا - أن يقال لناكح: "آلله عليك لتمسكن بمعروف أو لتسرِّحن بإحسان "!8920 - حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة قوله: " وأخذن منكم ميثاقًا غليظًا ". والميثاق الغليظ الذي أخذه للنساء على الرجال: إمساك بمعروف أو تسريح بإحسان. وقد كان في عقد المسلمين عند إنكاحهم: "آلله عليك لتمسكنَّ بمعروف أو لتسرحن بإحسان ". (9)* * *واختلف أهل التأويل في" الميثاق " الذي عنى الله جل ثناؤه بقوله: " وأخذن منكم ميثاقًا غليظًا ".فقال بعضهم: هو إمساك بمعروف أو تسريح بإحسان.*ذكر من قال ذلك:8921 - حدثني يعقوب بن إبراهيم قال، حدثنا هشيم قال، أخبرنا جويبر، عن الضحاك في قوله: " وأخذن منكم ميثاقًا غليظًا "، قال: إمساك بمعروف أو تسريح بإحسان.8922 - حدثني المثنى قال، حدثنا عمرو بن عون قال، حدثنا هشيم، عن جويبر، عن الضحاك مثله.8923 - حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر، عن قتادة في قوله: " وأخذن منكم ميثاقًا غليظًا "، قال: هو ما أخذ الله تبارك وتعالى للنساء على الرجال، فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ . قال: وقد كان ذلك يؤخذ عند عَقد النكاح.8924 - حدثنا محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن مفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي: أما " وأخذن منكم ميثاقًا غليظًا "، فهو أن ينكح المرأة فيقول وليها: أنكحناكَها بأمانة الله، على أن تمسكها بالمعروف أو تسرِّحها بإحسان.8925 - حدثنا عمرو بن علي قال، حدثنا عبد الأعلى قال، حدثنا سعيد، عن قتادة في قوله: " وأخذن منكم ميثاقًا غليظًا "، قال: " الميثاق الغليظ " الذي أخذه الله للنساء: إمساك بمعروف أو تسريح بإحسان، وكان في عُقْدة المسلمين عند نكاحهن: " أيْمُ الله عليك، لتمسكن بمعروف ولتسرحَنّ بإحسان ".8926 - حدثنا عمرو بن علي قال، حدثنا أبو قتيبة قال، حدثنا أبو بكر الهذلي، عن الحسن ومحمد بن سيرين في قوله: " وأخذن منكم ميثاقًا غليظًا "، قال: إمساك بمعروف أو تسريح بإحسان.* * *وقال آخرون: هو كلمة النكاح التي استحلَّ بها الفرجَ.*ذكر من قال ذلك:8927 - حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم، عن عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: " وأخذن منكم ميثاقًا غليظًا "، قال: كلمة النكاح التي استحلَّ بها فروجهن.8928 - حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل، عن ابن أبي نحيح، عن مجاهد مثله.8929 - حدثنا محمد بن بشار قال، حدثنا يحيى بن سعيد قال، حدثنا سفيان، عن أبي هاشم المكي، عن مجاهد في قوله: " وأخذن منكم ميثاقًا غليظًا "، قال: قوله: " نكحتُ". (10)8930 - حدثنا ابن حميد قال، حدثنا حكام قال، حدثنا عنبسة، عن محمد بن كعب القرظي: " وأخذن منكم ميثاقًا غليظًا "، قال: هو قولهم: " قد ملكتَ النكاح ".8931 - حدثني المثنى قال، حدثنا أبو نعيم قال، حدثنا سفيان، عن سالم الأفطس، عن مجاهد: " وأخذن منكم ميثاقًا غليظًا "، قال: كلمة النكاح.8932 - حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد في قوله: " وأخذن منكم ميثاقًا غليظًا "، قال: الميثاق النكاح.8933 - حدثنا عمرو بن علي قال، حدثنا يحيى بن سعيد قال، حدثنا سفيان قال، حدثني سالم الأفطس، عن مجاهد: " وأخذن منكم ميثاقًا غليظًا "، قال: كلمة النكاح، قوله: " نكحتُ".* * *وقال آخرون: بل عنى قول النبي صلى الله عليه وسلم: " أخذتموهن بأمانة الله، واستحللتم فروجهن بكلمة الله ". (11)*ذكر من قال ذلك:8934 - حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبي، عن إسرائيل، عن جابر وعكرمة: " وأخذن منكم ميثاقًا غليظًا "، قالا أخذتموهن بأمانة الله، واستحللتم فروجهن بكلمة الله.8935 - حدثني المثنى قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا ابن أبي جعفر، عن أبيه، عن الربيع: " وأخذن منكم ميثاقًا غليظًا "، والميثاق الغليظ: أخذتموهن بأمانة الله، واستحللتم فروجهن بكلمة الله.* * *قال أبو جعفر: وأولى هذه الأقوال بتأويل ذلك، قولُ من قال: الميثاق الذي عُني به في هذه الآية: هو ما أخذ للمرأة على زوجها عند عُقْدة النكاح من عهدٍ على إمساكها بمعروف أو تسريحها بإحسان، فأقرَّ به الرجل. لأن الله جل ثناؤه بذلك أوصى الرجالَ في نسائهم.* * *وقد بينا معنى " الميثاق " فيما مضى قبل، بما أغنى عن إعادته في هذا الموضع. (12)* * *واختلف في حكم هذه الآية، أمحكمٌ أم منسوخ؟فقال بعضهم: محكم، وغير جائز للرجل أخذُ شيء مما آتاها، إذا أراد طلاقها، إلا أن تكون هي المريدةَ الطلاقَ.* * *وقال آخرون: هي محكمة، غير جائز له أخذ شيء مما آتاها منها بحال، كانت هي المريدةَ للطلاق أو هو. وممن حُكي عنه هذا القول، بكر بن عبد الله بن المزني.8936 - حدثنا مجاهد بن موسى قال، حدثنا عبد الصمد قال، حدثنا عقبة بن أبي الصهباء. قال: سألت بكرًا عن المختلعة، أيأخذ منها شيئًا؟ قال: لا " وأخذن منكم ميثاقًا غليظًا ". (13)* * *قال آخرون: بل هي منسوخة، نسخها قوله: وَلا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا إِلا أَنْ يَخَافَا أَلا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ [سورة البقرة: 229].*ذكر من قال ذلك:8937 - حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد في قوله: وَإِنْ أَرَدْتُمُ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَكَانَ زَوْجٍ إلى قوله: " وأخذن منكم ميثاقًا غليظًا "، قال: ثم رخص بعدُ فقال: وَلا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا إِلا أَنْ يَخَافَا أَلا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ [سورة البقرة: 229]. قال: فنسخت هذه تلك.* * *قال أبو جعفر: وأولى الأقوال بالصواب في ذلك، قولُ من قال: " إنها محكمة غير منسوخة "، وغير جائز للرجل أخذ شيء مما آتاها، إذا أراد طلاقها من غير نشوز كان منها، ولا ريبة أتت بها.وذلك أن الناسخ من الأحكام، ما نَفَى خلافه من الأحكام، على ما قد بيَّنا في سائر كتبنا. (14) وليس في قوله: وَإِنْ أَرَدْتُمُ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَكَانَ زَوْجٍ ، نَفْي حكمِ قوله: فَإِنْ خِفْتُمْ أَلا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ [سورة البقرة: 229]. لأن الذي حرَّم الله على الرجل بقوله: وَإِنْ أَرَدْتُمُ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَكَانَ زَوْجٍ وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَارًا فَلا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئًا ، أخذُ ما آتاها منها إذا كان هو المريدَ طلاقَها. وأما الذي أباح له أخذَه منها بقوله: فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ ، فهو إذا كانت هي المريدةَ طلاقَه وهو له كاره، ببعض المعاني التي قد ذكرنا في غير هذا الموضع. (15) وليس في حكم إحدى الآيتين نفي حكم الأخرى.وإذ كان ذلك كذلك، لم يجز أن يُحكم لإحداهما بأنها ناسخة، وللأخرى بأنها منسوخة، إلا بحجة يجبُ التسليم لها.وأما ما قاله بكر بن عبد الله المزني (16) =: من أنه ليس لزوج المختلعة أخذُ ما أعطته على فراقه إياها، إذا كانت هي الطالبةَ الفرقةَ، وهو الكاره = فليس بصواب، لصحة الخبَرِ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بأنه أمرَ ثابت بن قيس بن شماس بأخذ ما كان ساق إلى زوجته وفراقِها إذ طلبت فراقه، (17) وكان النشوز من قِبَلها. (18)----------------الهوامش :(5) في المطبوعة: "التهديد" ، وأثبت ما في المخطوطة.(6) لم أعرف قائله.(7) كان في المخطوطة والمطبوعة:بِلًى أَفْضَى إِلَى كتْبَةٍبَدَا سَيرُها مِنْ بَاطِنٍ بَعد ظاهِربياض في الأصل بين الكلمات ، وقد زدت ما بين الأقواس اجتهادًا واستظهارًا ، حتى يستقيم الشعر. و"الكتبة" (بضم فسكون) ، هي الخرزة المضمومة التي ضم السير كلا وجهيها ، من المزادة والسقاء والقربة. يقال: "كتب القربة": خرزها بسيرين. وهذا بيت يصف مزادًا أو قربًا ، قد بليت خرزها بلى شديدًا فقطر الماء منها ، فلم تعد صالحة لحمل الماء.(8) في المخطوطة والمطبوعة: "ما وثقت به لهن على أنفسكم" ، واختلاف الضمائر هنا خطأ ، وصوابه ما أثبت: "وثقتم". وانظر تفسير"الميثاق" فيما سلف 1: 414 / 2: 156 ، 228 ، 356 / 6: 550.(9) في المطبوعة: "وقد كان في عهد المسلمين" ، وأثبت ما في المخطوطة.(10) الأثر: 8929 -"أبو هاشم المكي" ، هو: إسماعيل بن كثير ، صاحب مجاهد. قال ابن سعد: "ثقة كثير الحديث". روى عنه سفيان الثوري ، وابن جريج ، ومسعر بن كدام ، وغيرهم. مترجم في التهذيب.(11) انظر الأثرين السالفين رقم: 8905 ، 8906.(12) انظر ما سلف 1: 414 / 2: 156 ، 157 ، 288 / 6: 550.(13) الأثر: 8936 - مضى هذا الأثر برقم: 4877 ، وكان فيه هنا ، كما كان هناك"عقبة بن أبي المهنا" ، فانظر التعليق عليه هناك ، والمراجع مذكورة فيه ، وقد زاد أبو جعفر هناك ، إسنادًا آخر ، عن عقبة بن أبي الصهباء ، عن بكر بن عبد الله المزني ، لهذا الأثر ، وهذا أحد الدلائل على اختصار أبي جعفر لتفسيره هذا.(14) انظر ما سلف ، ما قاله في كتابه هذا في"النسخ" فيما سلف 3: 385 ، 635 / 4: 582 / 6: 54 ، 118.(15) انظر ما سلف 4: 549 - 585 ، وانظر كلامه في الناسخ والمنسوخ من الآيتين في ص: 579 -583 ، من الجزء نفسه.(16) انظر رد أبي جعفر مقاله بكر بن عبد الله المزني فيما سلف 4: 581 ، 582 ، وقال هناك: إنه"قول لا معنى له ، فنتشاغل بالإبانة عن خطئه".(17) في المخطوطة والمطبوعة: "إن طلبت فراقه" ، والصواب"إذ" كما أثبته.(18) انظر الأحاديث والآثار فيما سلف رقم: 4807 -4811 ، والتعليق عليها ، وهو خبر ثابت بن قيس بن شماس.
وَ لَا تَنْكِحُوْا مَا نَكَحَ اٰبَآؤُكُمْ مِّنَ النِّسَآءِ اِلَّا مَا قَدْ سَلَفَؕ-اِنَّهٗ كَانَ فَاحِشَةً وَّ مَقْتًاؕ-وَ سَآءَ سَبِیْلًا۠(۲۲)
اور باپ دادا کی منکوحہ سے نکاح نہ کرو (ف۶۱) مگر جو ہو گزرا وہ بیشک بے حیائی (ف۶۲) اور غضب کا کام ہے، اور بہت بری راہ(ف۶۳)
القول في تأويل قوله تعالى: وَلا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ إِلا مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَمَقْتًا وَسَاءَ سَبِيلا (22)قال أبو جعفر: قد ذكر أن هذه الآية نزلت في قوم كانوا يَخْلُفُون على حلائل آبائهم، فجاء الإسلام وهم على ذلك، فحرّم الله تبارك وتعالى عليهم المُقام عليهن، وعفا لهم عما كان سلف منهم في جاهليتهم وشِرْكهم من فعل ذلك، لم يؤاخذهم به، إن هم اتقوا الله في إسلامهم وأطاعوه فيه.ذكر الأخبار التي رويت في ذلك:8938 - حدثني محمد بن عبد الله المخرميّ قال، حدثنا قراد قال، حدثنا ابن عيينة وعمرو، عن عكرمة، عن ابن عباس قال: كان أهل الجاهلية يحرِّمون ما يَحْرُم إلا امرأة الأب، والجمع بين الأختين. قال: فأنزل الله: " ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم من النساء إلا ما قد سلف " = وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الأُخْتَيْنِ (19)8939 - حدثنا محمد بن بشار قال، حدثنا عبد الأعلى قال، حدثنا سعيد، عن قتادة في قوله: " ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم من النساء " الآية، قال: كان أهل الجاهلية يحرّمون ما حرَّم الله، إلا أنّ الرجل كان يخلُف على حَلِيلة أبيه، ويجمعون بين الأختين، فمن ثَمَّ قال الله: " ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم من النساء إلا ما قد سلف ".8940 - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج، عن عكرمة في قوله: " ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم من النساء إلا ما قد سلف "، قال: نزلت في أبي قيس بن الأسلت، خلفَ على أمِّ عبيد بنت صخر، (20) كانت تحت الأسلت أبيه = وفي الأسود بن خلف، وكان خَلَف على بنت أبي طلحة بن عبد العُزّى بن عثمان بن عبد الدار، (21) وكانت عند أبيه خلف = وفي فاختة بنت الأسود بن المطلب بن أسَد، وكانت عند أمية بن خلف، فخلف عليها صفوان بن أمية = وفي منظور بن زبّان، (22) وكان خلف على مُليكةِ ابنة خارجة، وكانت عند أبيه زَبَّان بن سيّار. (23)8941 - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج قال: قلت لعطاء بن أبي رباح: الرجل ينكح المرأة، ثم لا يراها حتى يُطلقها، أتحل لابنه؟ قال: هي مُرْسَلة، (24) قال الله تعالى: " ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم من النساء ". قال: قلت لعطاء: ما قوله: " إلا ما قد سلف "؟ قال: كان الأبناء ينكحون نساء آبائهم في الجاهلية. (25)8942 - حدثني المثنى قال، حدثنا عبد الله بن صالح قال، حدثني معاوية بن صالح، عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس قوله: " ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم من النساء " الآية، يقول: كل امرأة تزوجها أبوك وابنك، دخل أو لم يدخل، فهي عليك حرام.* * *واختلف في معنى قوله: " إلا ما قد سلف ".فقال بعضهم: معناه: لكن ما قد سلف فدعوه. وقالوا: هو من الاستثناء المنقطع.* * *وقال آخرون: معنى ذلك: ولا تنكحوا نكاح آبائكم = بمعنى: ولا تنكحوا كنكاحهم، كما نكحوا على الوجوه الفاسدة التي لا يجوز مثلها في الإسلام =" إنه كان فاحشة ومقتًا وساء سبيلا "، يعني: أن نكاح آبائكم الذي كانوا ينكحونه في جاهليتهم، كان فاحشة ومقتًا وساء سبيلا - إلا ما قد سلف منكم في جاهليتكم من نكاح، لا يجوز ابتداء مثله في الإسلام، فإنه معفوٌّ لكم عنه.وقالوا: قوله: " ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم من النساء "، كقول القائل للرجل: " لا تفعل ما فعلتُ"، و " لا تأكل كما أكلت "، بمعنى: ولا تأكل كما أكلت، ولا تفعل كما فعلتُ.* * *وقال آخرون: معنى ذلك: ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم من النساء بالنكاح الجائز كان عقده بينهم، إلا ما قد سلف منهم من وجوه الزنا عندهم، فإنّ نكاحهن لكم حلال، لأنهن لم يكن لهم حلائل، وإنما كان ما كان من آبائكم ومنهن من ذلك، (26) فاحشة ومقتًا وساء سبيلا.*ذكر من قال ذلك:8943 - حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد في قوله: " ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم من النساء إلا ما قد سلف " الآية، قال: الزنا =" إنه كان فاحشة ومقتًا وساء سبيلا " = فزاد ههنا " المقت ". (27)* * *قال أبو جعفر: وأولى الأقوال في ذلك بالصواب، على ما قاله أهل التأويل في تأويله، أن يكون معناه: ولا تنكحوا من النساء نكاحَ آبائكم، إلا ما قد سلف منكم فَمَضى في الجاهلية، فإنه كان فاحشة ومقتًا وساء سبيلا = فيكون قوله: " من النساء " من صلة قوله: " ولا تنكحوا "، ويكون قوله: " ما نكح آباؤكم " بمعنى المصدر، ويكون قوله: " إلا ما قد سلف " بمعنى الاستثناء المنقطع، لأنه يحسن في موضعه: " لكن ما قد سلف فمضى " =" إنه كان فاحشة ومقتًا وساء سبيلا ".* * *فإن قال قائل: وكيف يكون هذا القول موافقًا قولَ من ذكرت قولَه من أهل التأويل، وقد علمتَ أن الذين ذكرتَ قولهم في ذلك، إنما قالوا: أنزلت هذه الآية في النَّهي عن نكاح حلائل الآباء، وأنت تذكر أنهم إنما نهوا أن ينكحوا نكاحَهم؟قيل له: إنما قلنا إن ذلك هو التأويل الموافق لظاهر التنزيل، (28) إذ كانت " ما " في كلام العرب لغير بني آدم، وأنه لو كان المقصودَ بذلك النهيُ عن حلائل الآباء، دون سائر ما كان من مَناكح آبائِهم حرامًا ابتداءُ مثله في الإسلام بِنَهْي الله جل ثناؤه عنه، (29) لقيل: " ولا تنكحوا مَنْ نكح آباؤكم من النساء إلا ما قد سلف "، لأن ذلك هو المعروف في كلام العرب، إذ كان " مَنْ" لبني آدم، و " ما " لغيرهم = ولم يُقَلْ: " ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم من النساء ". (30) [وأما قوله تعالى ذكره: " ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم من النساء "]، فإنه يدخل في" ما "، (31) ما كان من مناكح آبائهم التي كانوا يتناكحونها في جاهليتهم. فحرَّم عليهم في الإسلام بهذه الآية، نكاحَ حلائل الآباء وكلَّ نكاح سواه نهى الله تعالى ذكره [عن] ابتداء مثله في الإسلام، (32) مما كان أهل الجاهلية يتناكحونه في شِرْكهم.* * *ومعنى قوله: " إلا ما قد سلف "، إلا ما قد مضى (33) =" إنه كان فاحشة "، يقول: إن نكاحكم الذي سلف منكم كنكاح آبائكم المحرَّم عليكم ابتداءُ مثله في الإسلام بعد تحريمي ذلك عليكم =" فاحشة "، يقول: معصية (34) =" ومقتًا وساء سبيلا "، (35) أي: بئس طريقًا ومنهجًا، (36) ما كنتم تفعلون في جاهليتكم من المناكح التي كنتم تناكحونها. (37)-----------------الهوامش :(19) الأثر: 8938 -"محمد بن عبد الله المخرمي" ، سلفت ترجمته برقم: 3730 ، 4929 ، 5447.و"قراد" ، لقب ، وهو: "عبد الرحمن بن غزوان" ، سلفت ترجمته برقم: 555.(20) في المخطوطة والمطبوعة: "بنت ضمرة" ، والصواب من المراجع فيها تخريج الأثر. وانظر التعليق على الأثر في آخره ، ففيه ذكر الاختلاف في اسمها.(21) اسمها"حمينة بنت أبي طلحة" تصغير"حمنة" ، كما جاء في ترجمتها في المراجع.(22) في المطبوعة: "رباب" في الموضعين ، وهي المخطوطة غير منقوطة ، وصوابه من المراجع بعد ، بالزاي المفتوحة ، وباء مشددة.(23) الأثر: 8940 - روى ابن الأثير هذا الخبر ، في ترجمة أم عبيد بنت صخر ، ثم أشار إليها في تراجم أصحابها ، ونسب رواية الخبر إلى أبي موسى محمد بن أبي بكر بن أبي عيسى الأصفهاني ، في مستدركة على ابن منده. وأشار إليها أيضًا الحافظ ابن حجر في الإصابة ، في تراجم المذكورين في هذا الخبر.هذا ، ومضى الخبر رقم: 8873 ، وفيه أن أبا قيس بن الأسلت جنح على كبيشة بنت معن بن عاصم امرأة أبيه ، فأخشى أن يكون الخبر السالف وهذا الخبر ، مجتمعين على أنه جنح على امرأتين من نساء أبيه ، كبيشة بنت معن ، وعلى أم عبيد بنت صخر. ولكن الواحدي في أسباب النزول: 109 قال إنها نزلت في حصن بن أبي قيس ، تزوج امرأة أبيه كبيشة بن معن ، وهو ما ذكره الثعلبي في تفسيره. ورواه الحافظ في الإصابة في ترجمة"قيس بن صيفي بن الأسلت" (5: 257) عن الفريابي وابن أبي حاتم من طريق عدي بن ثابت. ثم قال: "وفي سنده قيس بن الربيع ، عن أشعث بن سوار ، وهما ضعيفان. والخبر مع ذلك منقطع" وقال: "وقد تقدم في ترجمة حصن بن أبي قيس بن الأسلت أن القصة وقعت مع امرأة أبيه كبيشة بنت معن. هكذا سماها ابن الكلبي ، وخالفه مقاتل ، فجعل القصة لقيس. وعند أبي الفرج الأصفهاني (15: 154) ما يوهم أن قيسًا قتل في الجاهلية ، فإنه ذكر أن يزيد بن مرداس السلمي قتل قيس بن أبي قيس بن الأسلت في بعض حروبهم".وهذا أمر يحتاج إلى تحقيق طويل كما ترى ، اكتفيت بهذه الإشارة إليه ، وقد مضى في التعليق على اسم"أم عبيد بنت صخر" ، أنه كان في المطبوعة والمخطوطة"أم عبيد بنت ضمرة" ، وقد تابعت ما جاء في ترجمتها في كتب التراجم ، واستأنست بتسمية أخيه: "جرول بن مالك بن عمرو بن عزيز" (جمهرة الأنساب: 315) وأم عبيد هي: (أم عبيد بنت صخر بن مالك بن عمرو بن عزيز" ، و"الجرول": الحجر يكون ملء كف الرجل ، فكأن أباه سماه جرولا ، وسمى أخاه صخرًا ، على عادة العرب في ذلك. والأنصار أيضًا ، يكثر في أنسابهم"صخر" ، ولم أجد منهم من تسمى"ضمرة" ، فلذلك رجحت ما أثبت. ولكن ابن كثير نقل هذا الأثر في تفسيره 2: 388 ، وفيه"أم عبيد الله بنت ضمرة" ، ولكن الثقة بنقل ابن كثير في مثل هذا غير صحيحة. أما الحافظ ابن حجر فقد ذكرها في ترجمة"قيس بن صيفي بن الأسلت" ، فنقل عن سيف من تفسيره ، وسماها"ضمرة أم عبيد الله" ، ثم ترجم"ضمرة زوج أبي قيس بن الأسلت" (الإصابة 8: 134) ، وقال: "ذكرها الطبري فيمن نزلت فيه: ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم من النساء" ، وهذا خلط وعجب من العجب ، ولم أجد من ذكر"ضمرة" هذه ، ولا ذكرها الطبري كما سها الحافظ في ذكرها وإفراد ترجمتها ، وأخطأ. وهو من الأدلة على عجلة الحافظ في تأليفه كتاب الإصابة ، وصحة ما قيل من أنه لم يكن إلا مسودة لم يبيضها ، فيمحصها.وهذا الاختلاف محتاج إلى إطالة ، اقتصرت منه على هذا القدر.وأما "الأسود بن خلف" ، فهو"الأسود بن خلف بن أسعد بن عامر بن بياضة الخزاعي" ، وهو غير"الأسود بن خلف بن عبد يغوث" ، كما ذكره الحافظ في الإصابة ، وابن سعد 5: 339 فإن يكن ذلك ، فهو أخو"عبد الله بن خلف بن أسعد" والد"طلحة الطلحات". ولم أجد ابن حجر قد أشار في الإصابة إلى خبر خلفه على امرأة أبيه ، مع أنه ذكره في تراجم النساء المذكورات في الخبر ، وفي ترجمة امرأة أبيه"حمينة بنت أبي طلحة" ، وكذلك لم يذكره بتة ، ابن الأثير ، مع أنه ذكره في ترجمته"حمينة". وفي الإصابة وابن الأثير: "خلف بن أسد بن عاصم بن بياضة" ، وهو تصحيف ، بل هو"أسعد بن عامر".وهذا أيضًا يحتاج إلى تحقيق أوفى ، ليس هذا مكانه. وأما خبر"منظور بن زبان بن سيار المازني" ، وفي شأن قصته اختلاف ذكره الحافظ ابن حجر في ترجمته وترجمة"مليكة" ، ورجح أن هذه القصة كانت على عهد عمر بن الخطاب ، وأن عمر فرق بينهما ، فاشتد ذلك عليه ، وكان يحبها ، فقال فيها شعرًا منه: لَعَمْرُ أبِي دِينٍ يُفَرِّقُ بَيْننَاوَبيْنَكِ قَسْرًا، إِنّهُ لَعَظِيمُوقصته في الأغاني 12: 194 (دار الكتب)(24) هكذا جاءت في المخطوطة والمطبوعة هنا ، وفي رقم: 8957 فيما يلي والدر المنثور ، 2: 134 ، "مرسلة" ، والذي جاء في كتب اللغة"امرأة مراسل" ، قالوا: هي التي فارقها زوجها بأي وجه كان ، مات أو طلقها. وقيل: هي التي يموت زوجها ، أو أحست منه أنه يريد تطليقها ، فهي تزين لآخر. وقيل: هي التي طلقت مرات. وقيل: هي التي تراسل الخطاب. وذلك كله قريب بعضه من بعض ، فإن المرأة إذا مات زوجها أو طلقها ، كانت خليقة أن تراسل الخطاب وتلتمس الطريق إلى زواج. وفي الحديث: "أن رجلا من الأنصار تزوج امرأة مراسلا يعني: ثيبًا = فقال النبي صلى الله عليه وسلم: فهلا بكرًا تلاعبها وتلاعبك!!" ، فقال أصحاب اللغة: "المراسل: التي قد أسنت وفيها بقية شباب". وكأن شرح هذا اللفظ يقتضي الجمع بين هذه الأقوال جميعًا فيقال: إنها التي قد فارقت الشباب فمات عنها زوجها أو طلقها ، فهي أحوج من ذات الشباب إلى طلب الزينة ومراسلة الخطاب ، لقلة رغبتهم فيها ، كرغبتهم في الأبكار الجميلات الشواب.و أما في هذا الخبر ، فإن صح أن اللفظ"مرسلة" على الصواب ، كان تفسيره: أنها التي أرسلها زوجها ، أي أطلقها ، وإنما عنى به: البكر المطلقة التي تنزل في الحكم منزلة الثيب. وإن كان الصواب"هي مراسل" ، فينبغي أن يزاد في معنى"مراسل" أنها البكر التي طلقت ، فهي بمنزلة الثيب. وانظر الأثر التالي.(25) سيأتي هذا الأثر برقم: 8957 ، مع اختلاف في لفظه ، انظر التعليق عليه هناك.(26) في المطبوعة: "من آبائكم منهن" بإسقاط الواو ، وهو خطأ ، صوابه من المخطوطة.(27) يعني بقوله: "زاد هاهنا" ، زاد على ما جاء في"سورة الإسراء: 32": وَلا تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلا .(28) في المطبوعة والمخطوطة: "وإن قلنا إن ذلك هو التأويل" ، وهو كلام لا يستقيم مع الذي بعده ، والصواب الموافق للسياق هو ما أثبت.(29) في المطبوعة: "... حرامًا ابتدئ مثله في الإسلام" ، ولم يحسن قراءة المخطوطة"ابتدا" فبدلها إلى ما أفسد الكلام إفسادًا.(30) في المخطوطة والمطبوعة: "إذ كان من لبني آدم ، وما لغيرهم ولا تقل: ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم من النساء" ، وهو كلام لا يستقيم البتة ، وصواب قوله"ولا تقل""ولم يقل" (بالبناء للمجهول) ، وهو معطوف على قوله آنفًا: "لقيل: ولا تنكحوا من نكح آباؤكم". واختلط على الناسخ تكرار الآية مرتين فسبق بصره ، فأسقط من الكلام ما أثبته بعد بين القوسين ، مما لا يتم الكلام ولا يستقيم إلا بإثباته ، واجتهدت فيه استظهارًا من كلامه وحجته ، كما ترى.(31) في المخطوطة: "فإنه يدخل فيما كان من مناكح آبائهم" ، وهو سهو وخطأ من الناسخ لما اختلط عليه الكلام ، والصواب هو الذي استظهره ناشر المطبوعة الأولى ، كما أثبتها.(32) ما بين القوسين زيادة لا بد منها ، ساقطة من المخطوطة والمطبوعة.(33) انظر تفسير"سلف" فيما سلف 6: 14.(34) انظر تفسير"فاحشة" فيما سلف: 115 تعليق: 2 والمراجع هناك.(35) لم يفسر أبو جعفر هنا"المقت" في هذا الموضع ، ولا في سائر المواضع التي جاء فيها ذكر"المقت" ، إلا تضمينًا. و"المقت": أشد البغض ، ثم سمى هذا النكاح الذي كانوا يتناكحونه في الجاهلية"نكاح المقت" ، وسمي المولود عليه"المقتى" على النسبة.(36) انظر تفسير"السبيل" فيما سلف: 37 ، تعليق: 6 ، والمراجع هناك. وأما "ساء" ، فإن أبا جعفر لم يبين معناها ، ولم يذكر أن أصحاب العربية يعدونها فعلا جامدًا يجري مجرى"نعم" و"بئس" ، وإن كان تفسيره قد تضمن ذلك. وهذا من الأدلة على أنه اختصر هذا التفسير في مواضع كثيرة.(37) حجة أبي جعفر في هذا الموضع ، حجة رجل بصير عارف بالكلام ومنازله ، متمكن من أصول الاستنباط ، قادر على ضبط ما ينتشر من المعاني ، متابع لسياق الأحكام والأخبار في كتاب ربه ، خبير بما كان عليه العرب في جاهليتهم.وقد رد العلماء على أبي جعفر قوله ، وقال بعضهم: هو قول غير وجيه. وذكروا أن"ما" تقع على أنواع من يعقل ، وإن كانت لا تقع على آحاد من يعقل ، عند من يذهب إلى المذهب. فجعلوا قول الطبري أن"ما" مصدرية باقية على معنى المصدر ، قولا ضعيفًا. بيد أن مذهب أبي جعفر صحيح مستقيم لا ينال منه احتجاجهم عليه. وإنما ساقهم إلى ذلك ، ترك أبي جعفر البيان عن حجته ، وأنا قائل في ذلك ما يشفي إن شاء الله.وذلك أن الذين ردوا مقالة أبي جعفر ، أرادوا أن هذه الآية نص في تحريم نكاح حلائل الآباء وحده ، وكأنهم حسبوا أن لو جعلوا"ما" مصدرية ، لم يكن في الآيات نص صريح في تحريم حلائل الآباء غيرها. والصواب غير ذلك. فإن الله سبحانه وتعالى قد حرم نكاح حلائل الآباء الذي كان أهل الجاهلية يرتكبونه بقوله في الآية التاسعة عشرة من سورة النساء فيما مضى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهًا وقال أبو جعفر في تفسيرها: "لا يحل لكم أن ترثوا نكاح نساء أقاربكم وآبائكم كرهًا" ، وساق هناك الآثار المبينة عن صورة نكاح حلائل الآباء والأقارب جميعًا. وهذا الذي ساق هناك فيه البيان عن صورة نكاح حلائل الآباء والأقارب بالوراثة ، كما كان أهل الجاهلية يعرفونه. فكانت هذه الآية نصًا قاطعًا بينًا في تحريم نكاح حلائل الآباء والأقارب بالوراثة ، كما عرفه أهل الجاهلية ، لأنهم لم يعرفوا نكاح حلائل الآباء إلا على هذه الصورة التي بينها الله في كتابه ، والتي أجمعت الأخبار على صفتها ، أن يخلف الرجل على امرأة أبيه.وأنا أرجح أن الله تبارك وتعالى إنما قال: "لا يحل لكم أن ترثوا النساء كرهًا" ، فذكر وراثتهن كرهًا ، ثم أتبع ذلك بالنهي عن عضل النساء عامة ، وبالبيان عن مقصدهم من عضل النساء ، وهو الذهاب ببعض ما أوتين من صدقاتهن = لأن أهل الجاهلية ، إنما تورطوا في نكاح حلائل الآباء ، لشيء واحد: هو أخذ ما آتاهن الآباء من المال ، ولئلا تذهب المرأة بما عندها من مال آبائهم ، فلذلك أتبعه بالنهي عن العضل عامة ، لأن فعلهم بحلائل آبائهم عضل أيضًا ، ومقصدهم منه هو مقصدهم من عضل نسائهم.وأيضًا ، فإن أهل الجاهلية لم يرتكبوا نكاح العمات والخالات والأخوات ، كما سترى بعد ، بل استنكروه ، فاستنكارهم نكاح حلائل الآباء - وهن بمنزلة أمهاتهن في حياة آبائهن - كان خليقًا أن يكون من فعلهم وعادتهم ، ولكن حملهم حب المال على مخالفة ذلك.ثم أتبع الله ذلك - كما قال أبو جعفر -"بالنهي عن مناكح آبائهم التي كانوا يتناكحوها في الجاهلية ، فحرم عليهم بهذه الآية نكاح حلائل الآباء وكل نكاح سواه ، نهى الله عن ابتداء مثله في الإسلام ، مما كان أهل الجاهلية يتناكحونه". وقد ذكرت عائشة رضي الله عنها في حديث البخاري (الفتح 9: 158) أن نكاح الجاهلية كان على أربعة أنحاء ، منها: "نكاح الناس اليوم" ، ثم عددت ضروب النكاح ووصفتها ، فأقر الإسلام منها نكاحًا واحدًا: يخطب الرجل إلى الرجل وليته أو ابنته ، فيصدقها ، ثم ينكحها.فهذه الآية مبطلة ضروب نكاح الجاهلية جميعًا ، ما كان منها نكاحًا فاسدًا ، كالاستبضاع ، ونكاح البغايا ، ونكاح البدل ، والشغار ، فكل ذلك كان: فاحشة ومقتًا وساء سبيلا ، كما تعرفه من صفته في حديث عائشة ، ويدخل فيه ، كما قال أبو جعفر ، نكاح حلائل الآباء.ثم أتبع الله سبحانه وتعالى هذه الآية التي حرمت جميع نكاح الجاهلية ، آية أخرى حرمت كل نكاح كان معروفًا في الأمم الأخرى ، غير العرب ، أو في الملل الأخرى غير ملة الإسلام فقال: "حرمت عليكم أمهاتكم وبناتكم وأخواتكم وعماتكم وخالاتكم" إلى آخر الآية. والعرب لم تعرف قط نكاح الأمهات ، أو البنات أو الأخوات أو العمات أو الخالات ، بل كان ذلك في غيرهم كالمصريين واليهود وأشباههم ، ينكح الرجل أخته أو عمته أو خالته. ومن الدليل على أن العرب لم تعرف نكاح الأخوات ، ولا نكاح العمات أو الخالات ، أنهم كانوا في جاهليتهم ، يقسمون على طلاق نسائهم أو تحريمهن على أنفسهم ، أو هجرانهن ، بقولهم للزوجة: "أنت علي كظهر أختي ، أو كظهر عمتي ، أو كظهر خالتي" ، فكان ذلك عندهم تحريمًا على أنفسهم غشيان الزوجة. وهذا باب لم أجد أحدًا وفاه حقه ، فعسى أن أوفق في موضع آخر إلى استيعابه إن شاء الله. وهو باب مهم في تفسير هذه الآيات ، والله المستعان.وإذن فهذه الآية الأخيرة ، غير خاصة في نكاح أهل الجاهلية ، بل هي تحريم لكل نكاح كرهه الله للمؤمنين ، مما كان عند الأمم قبلهم جائزًا أو مرتكبًا ، أو كان بعضه عندهم قليلا غير مشهور شهرة أنكحة الجاهلية التي ذكرها الله في وراثة حلائل الآباء والأقارب ، والتي ذكرتها عائشة في حديثها ، والتي جاء تحريمها عامًا في قوله: "ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم من النساء" بمعنى"ما" المصدرية ، كما ذهب إليه أبو جعفر. وكتبه: محمود محمد شاكر.
حُرِّمَتْ عَلَیْكُمْ اُمَّهٰتُكُمْ وَ بَنٰتُكُمْ وَ اَخَوٰتُكُمْ وَ عَمّٰتُكُمْ وَ خٰلٰتُكُمْ وَ بَنٰتُ الْاَخِ وَ بَنٰتُ الْاُخْتِ وَ اُمَّهٰتُكُمُ الّٰتِیْۤ اَرْضَعْنَكُمْ وَ اَخَوٰتُكُمْ مِّنَ الرَّضَاعَةِ وَ اُمَّهٰتُ نِسَآىٕكُمْ وَ رَبَآىٕبُكُمُ الّٰتِیْ فِیْ حُجُوْرِكُمْ مِّنْ نِّسَآىٕكُمُ الّٰتِیْ دَخَلْتُمْ بِهِنَّ٘-فَاِنْ لَّمْ تَكُوْنُوْا دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَلَا جُنَاحَ عَلَیْكُمْ٘-وَ حَلَآىٕلُ اَبْنَآىٕكُمُ الَّذِیْنَ مِنْ اَصْلَابِكُمْۙ-وَ اَنْ تَجْمَعُوْا بَیْنَ الْاُخْتَیْنِ اِلَّا مَا قَدْ سَلَفَؕ-اِنَّ اللّٰهَ كَانَ غَفُوْرًا رَّحِیْمًاۙ(۲۳)
حرام ہوئیں تم پر تمہاری مائیں (ف۶۴) اور بیٹیاں (ف۶۵) اور بہنیں اور پھوپھیاں اور خالائیں اور بھتیجیاں اور بھانجیاں (ف۶۶) اور تمہاری مائیں جنہوں نے دودھ پلایا (ف۶۷) اور دودھ کی بہنیں اور عورتوں کی مائیں (ف۶۸) اور ان کی بیٹیاں جو تمہاری گود میں ہیں (ف۶۹) ان بیبیوں سے جن سے تم صحبت کرچکے ہو تو پھر اگر تم نے ان سے صحبت نہ کی ہو تو ان کی بیٹیوں سے حرج نہیں (ف۷۰) اور تمہاری نسلی بیٹوں کی بیبیں (ف۷۱) اور دو بہنیں اکٹھی کرنا (ف۷۲) مگر جو ہو گزرا بیشک اللہ بخشنے والا مہربان ہے،
القول في تأويل قوله: حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ وَخَالاتُكُمْ وَبَنَاتُ الأَخِ وَبَنَاتُ الأُخْتِ وَأُمَّهَاتُكُمُ اللاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ مِنَ الرَّضَاعَةِ وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ وَرَبَائِبُكُمُ اللاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمُ اللاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ وَحَلائِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلابِكُمْ وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الأُخْتَيْنِ إِلا مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا (23)قال أبو جعفر: يعني بذلك تعالى ذكره: حُرّم عليكم نكاح أمهاتكم = فترك ذكر " النكاح "، اكتفاءً بدلالة الكلام عليه.وكان ابن عباس يقول في ذلك ما:-8944 - حدثنا به أبو كريب قال، حدثنا ابن أبي زائدة، عن الثوري، عن الأعمش، عن إسماعيل بن رجاء، عن عمير مولى ابن عباس، عن ابن عباس قال: حُرّم من النسب سبعٌ، ومن الصِّهر سبعٌ. ثم قرأ: " حُرّمت عليكم أمهاتكم " حتى بلغ: " وأن تجمعوا بين الأختين إلا ما قد سلف "، قال: والسابعة: وَلا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ .8945 - حدثنا ابن بشار قال، حدثنا مؤمل قال، حدثنا سفيان، عن الأعمش، عن إسماعيل بن رجاء، عن عمير مولى ابن عباس، عن ابن عباس قال: يحرم من النسب سبع، ومن الصهر سبع. ثم قرأ: " حُرّمت عليكم أمهاتكم " إلى قوله: وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ إِلا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ .8946 - حدثنا ابن بشار مرة أخرى قال، حدثنا أبو أحمد الزبيري قال، حدثنا سفيان، عن الأعمش، عن إسماعيل بن رجاء، عن عمير مولى ابن عباس، عن ابن عباس مثله. (38)8947 - حدثنا ابن بشار قال، حدثنا عبد الرحمن قال، حدثنا سفيان، عن ابن أبي ذئب، عن الزهري بنحوه.8948 - حدثنا ابن بشار قال، حدثنا عبد الرحمن قال، حدثنا سفيان، عن حبيب، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس قال: حرم عليكم سبع نَسَبًا، وسبعٌ صهرًا." حُرّمت عليكم أمهاتكم " الآية. (39)8949 - حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبي، عن علي بن صالح، عن سماك بن حرب، عن عكرمة، عن ابن عباس قال: " حرمت عليكم أمهاتكم وبناتكم وأخواتكم " قال: حَرّم الله من النسب سبعًا ومن الصهر سبعًا. ثم قرأ: " وأمهات نسائكم وربائبكم "، الآية.8950 - حدثنا ابن حميد قال، حدثنا جرير، عن مطرِّف، عن عمرو بن سالم مولى الأنصار قال، حُرّم من النسب سبع، ومن الصهر سبع: " حُرِّمت عليكم أمهاتكم وبناتكم وأخواتكم وعماتكم وخالاتكم وبنات الأخ وبنات الأخت " = ومن الصهر: " أمهاتكم اللاتي أرضَعْنكم وأخواتكم من الرضاعة وأمهات نسائكم ; وربائبكم اللاتي في حجوركم من نسائكم اللاتي دخلتم بهن فإن لم تكونوا دخلتم بهن فلا جُناح عليكم وحلائل أبنائكم الذين من أصلابكم وأن تجمعوا بين الأختين إلا ما قد سلف " = ثم قال: وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ إِلا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ = وَلا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ . (40)* * *قال أبو جعفر: فكل هؤلاء اللواتي سَمَّاهن الله تعالى وبيَّن تحريمَهن في هذه الآية، مُحَرَّمات، غيرُ جائز نكاحُهن لمن حَرَّم الله ذلك عليه من الرجال، بإجماع جميع الأمة، لا اختلاف بينهم في ذلك: إلا في أمهات نسائِنا اللواتي لم يدخُلْ بهن أزواجُهن، فإن في نكاحهن اختلافًا بين بعض المتقدِّمين من الصحابة: إذا بانت الابنة قبلَ الدخول بها من زوجها، هل هُنّ من المُبْهمات، أم هنّ من المشروط فيهن الدخول ببناتهنّ؟فقال جميع أهل العلم متقدمهم ومتأخرهم: من المُبهمات، (41) وحرام على من تزوَّج امرأةً أمُّها، (42) دخل بامرأته التي نكحها أو لم يدخل بها. وقالوا: شرطُ الدخول في الرَّبيبة دون الأم، فأما أمُّ المرأة فمُطْلقة بالتحريم. قالوا: ولو جاز أن يكون شرطُ الدخول في قوله: " وربائبكم اللاتي في حُجوركم من نسائكم اللاتي دخلتم بهن "، يرجع موصولا به قوله: " وأمهات نسائكم "، (43) جاز أن يكون الاستثناء في قوله: وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ إِلا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ من جميع المحرّمات بقوله: " حرّمت عليكم "، الآية. قالوا: وفي إجماع الجميع على أنّ الاستثناء في ذلك إنما هو مما وَلِيَه من قوله: وَالْمُحْصَنَاتُ ، أبينُ الدِّلالة على أن الشرط في قوله: " من نسائكم اللاتي دخلتم بهن "، مما وَليه من قوله: " وربائبكم اللاتي في حجوركم من نِسَائكم اللاتي دخلتم بهن "، دون أمَّهات نسائنا.* * *وروي عن بعض المتقدِّمين أنه كان يقول: حلالٌ نكاح أمَّهات نسائنا اللواتي لم ندخل بهن، وأنّ حكمهن في ذلك حكم الربائب.*ذكر من قال ذلك:8951 - حدثنا محمد بن بشار قال، حدثنا ابن أبي عدي وعبد الأعلى، عن سعيد، عن قتادة، عن خلاس بن عمرو، عن علي رضي الله عنه: في رجل تزوّج امرأة فطلّقها قبل أن يدخل بها، أيتزوَّج أمها؟ قال: هي بمنزلة الربيبة.8952 - حدثنا حميد بن مسعدة قال، حدثنا يزيد بن زريع قال، حدثنا سعيد قال، حدثنا قتادة، عن خلاس، عن علي رضي الله عنه قال: هي بمنزلة الربيبة. (44)8953 - حدثنا حميد قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد قال، حدثنا قتادة، عن سعيد بن المسيب، عن زيد بن ثابت: أنه كان يقول: إذا ماتت عنده وأخذَ ميراثها، كُرِه أن يخلُف على أمِّها. وإذا طلَّقها قبل أن يدخُل بها، فإن شاءَ فعل.8954 - حدثنا ابن بشار قال، حدثنا يحيى بن سعيد، عن قتادة، عن سعيد بن المسيب، عن زيد بن ثابت قال: إذا طلق الرجل امرأته قبل أن يدخُل بها، فلا بأس أن يتزوج أمَّها.8955 - حدثنا القاسم قال، حدثني حجاج قال، قال ابن جريج، أخبرني عكرمة بن خالد: أن مجاهدًا قال له: " وأمهات نسائكم وربائبكم اللاتي في حجوركم من نسائكم "، أريد بهما الدُّخُول جميعًا. (45)* * *قال أبو جعفر: والقول الأول أولى بالصواب، أعني قولَ من قال: " الأمّ من المبهمات ". لأن الله لم يشرط معهن الدخول ببناتهن، كما شرط ذلك مع أمهات الرَّبائب، مع أن ذلك أيضًا إجماعٌ من الحجة التي لا يجوز خِلافُها فيما جاءت به متفقة عليه. وقد روي بذلك أيضًا عن النبي صلى الله عليه وسلم خبرٌ، غيرَ أنَّ في إسناده نظرًا، وهو ما:-8956 - حدثنا به المثنى قال، حدثنا حبان بن موسى قال، أخبرنا ابن المبارك قال، أخبرنا المثنى بن الصباح، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إذا نكح الرجلُ المرأة، فلا يحل له أن يتزوج أمَّها، دخل بالابنة أم لم يدخل. وإذا تزوج الأمَّ فلم يدخل بها ثم طلقها، فإن شاء تزوَّج الابنة. (46)* * *قال أبو جعفر: وهذا خبر، وإن كان في إسناده ما فيه، فان في إجماع الحجة على صحة القول به، مستغنًى عن الاستشهاد على صِحَّته بغيره.8957 - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج، قال لعطاء: الرجل ينكح المرأة لم يَرَها ولم يجامعها حتى يطلقها، (47) أيحل له أمها؟ قال: لا هي مُرسلة. قلت لعطاء: أكان ابن عباس يقرأ: " وأمهات نسائكم اللاتي دخلتم بهن "؟ قال: " لا "، تترى = (48) قال حجاج، قلت لابن جريج: ما " تترى " = (49) ؟ قال: كأنه قال: لا! لا! (50)* * *وأما " الربائب " فإنه جمع " ربيبة "، وهي ابنة امرأة الرجل. قيل لها " ربيبة " لتربيته إياها، وإنما هي" مربوبة " صرفت إلى " ربيبة "، كما يقال: " هي قتيلة " من " مقتولة ". (51) وقد يقال لزوج المرأة: " هو ربيب ابن امرأته "، يعني به: " هو رَابُّه "، كما يقال: " هو خابر، وخبير " و " شاهد، وشهيد ". (52)* * *واختلف أهل التأويل في معنى قوله: " من نسائكم اللاتي دخلتم بهن ".فقال بعضهم: معنى " الدخول " في هذا الموضع، الجماعُ.*ذكر من قال ذلك:8958 - حدثني المثنى قال، حدثنا عبد الله بن صالح قال، حدثني معاوية بن صالح، عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس قوله: " من نسائكم اللاتي دخلتم بهن "، والدخول النكاح.* * *وقال آخرون: " الدخول " في هذا الموضع: هو التَّجريد.*ذكر من قال ذلك:8959 - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج قال، قال ابن جريج، قلت لعطاء: قوله: " اللاتي دخلتم بهن "، ما " الدّخول بهن "؟ قال: أن تُهْدَى إليه فيكشف ويَعْتسَّ، ويجلس بين رجليها. (53) قلت: أرأيت إن فعل ذلك في بيتِ أهلها؟ قال: هو سواءٌ، وَحسْبُه! قد حرَّم ذلك عليه ابنتَها. قلت: تحرم الربيبة مِمَّن يصنع هذا بأمها؟ ألا يحرُم عليَّ من أمَتي إن صنعته بأمها؟ (54) قال: نعم، سواء. قال عطاء: إذا كشف الرجل أَمته وجلس بين رجليها، أنهاه عن أمِّها وابنتها.* * *قال أبو جعفر: وأولى القولين عندي بالصواب في تأويل ذلك، ما قاله ابن عباس، من أنّ معنى: " الدخول " الجماع والنكاح. لأن ذلك لا يخلو معناه من أحد أمرين: إما أن يكون على الظاهر المتعارَف من معاني" الدخول " في الناس، وهو الوصول إليها بالخلوة بها = أو يكون بمعنى الجماع. وفي إجماع الجميع على أن خلوة الرجل بامرأته لا يحرِّم عليه ابنتها إذا طلِّقها قبل مَسِيسها ومُباشرتها، أو قبل النَّظر إلى فرجها بالشهوة، ما يدلُّ على أن معنى ذلك هو الوصول إليها بالجماع.وإذْ كان ذلك كذلك، فمعلوم أن الصحيح من التأويل في ذلك ما قلناه.* * *وأما قوله: " فإن لم تكونوا دخلتم بهن فلا جناح عليكم "، فإنه يقول: فإن لم تكونوا، أيها الناس، دخلتم بأمهات ربائبكم اللاتي في حجوركم فجامعتموهن حتى طلقتموهن =" فلا جناح عليكم "، يقول: فلا حرج عليكم في نكاح من كان من ربائبكم كذلك. (55)* * *وأما قوله: " وحلائل أبنائكم الذين من أصلابكم "، فإنه يعني: وأزواج أبنائكم الذين من أصلابكم.* * *وهي جمع " حليلة " وهي امرأته. وقيل: سميت امرأة الرجل " حليلته "، لأنها تحلُّ معه في فراش واحد.* * *ولا خلاف بين جميع أهل العلم أن حليلة ابن الرجل، حرامٌ عليه نكاحها بعقد ابنه عليها النكاح، دخل بها أو لم يدخل بها.* * *فإن قال قائل: فما أنت قائلٌ في حلائل الأبناء من الرضاع، فإن الله تعالى إنما حرم حلائل أبنائِنا من أصلابنا؟قيل: إن حلائل الأبناء من الرضاع، وحلائل الأبناء من الأصلاب، سواء في التحريم. وإنما قال: " وحلائل أبنائكم الذين من أصلابكم "، لأن معناه: وحلائل أبنائكم الذين ولدتموهم، دون حلائل أبنائكم الذين تبنيتموهم، كما:-8960 - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثنا حجاج، عن ابن جريج قال: قلت لعطاء: قوله: " وحلائل أبنائكم الذين من أصلابكم "، قال: كنا نُحدَّث، (56) والله أعلم، أنها نزلت في محمد صلى الله عليه وسلم. حين نكح امرأة زَيْد بن حارثة، قال المشركون في ذلك، فنزلت: " وحلائل أبنائكم الذين من أصلابكم "، ونزلت: وَمَا جَعَلَ أَدْعِيَاءَكُمْ أَبْنَاءَكُمْ [سورة الأحزاب: 4]، ونزلت: مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ [سورة الأحزاب: 40]* * *وأما قوله: " وأن تجمعوا بين الأختين " فإن معناه: وحرم عليكم أن تجمعوا بين الأختين عندكم بنكاح = ف " أن " في موضع رفع، كأنه قيل: والجمع بين الأختين. (57)* * *=" إلا ما قد سلف " لكن ما قد مضى منكم (58) =" إن الله كان غفورًا " (59) لذنوب عباده إذا تابوا إليه منها =" رحيما " بهم فيما كلَّفهم من الفرائض، وخفَّف عنهم فلم يحمِّلهم فوق طاقتهم.يخبر بذلك جل ثناؤه: أنه غفور لمن كان جمع بين الأختين بنكاح في جاهليته، وقبلَ تحريمه ذلك، إذا اتقى الله تبارك وتعالى بعدَ تحريمه ذلك عليه، فأطاعه باجتنابه = رحيمٌ به وبغيره من أهل طاعته من خَلْقِه.* * *---------------الهوامش :(38) الآثار: 8944 - 8946 -"إسماعيل بن رجاء بن ربيعة الزبيدي" ، روى له مسلم والأربعة. ثقة ، كان يجمع صبيان المكاتب ويحدثهم لكي لا ينسى حديثه!و"عمير مولى ابن عباس" هو: عمير بن عبد الله الهلالي ، مولى أم الفضل. ثقة.وروى خبر ابن عباس ، الحاكم في المستدرك 2: 304 من طريق: محمد بن كثير ، عن سفيان ، عن الأعمش ، عن إسماعيل بن رجاء ، وقال: "هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه" ووافقه الذهبي. وأشار إليه الحافظ في الفتح 5: 133 ، ونسبه للطبراني. وابن كثير في التفسير 2: 390.(39) الأثر: 8948 - رواه بهذا الإسناد البخاري في صحيحه (الفتح 5: 132) بغير هذا اللفظ ، ورواه بلفظه البيهقي في السنن الكبرى 7: 158 ، ولفظ البخاري: "حرم من النسب سبع ، ومن الصهر سبع" كالخبر السالف ، وانظر تفسير ابن كثير 2: 390.(40) الأثر: 8950 -"عمرو بن سالم" ، هو : "أبو عثمان الأنصاري" قاضي مرو ، مختلف فيه وفي اسم أبيه اختلاف كثير. وقيل: "اسمه كنيته" ، وهو مشهور بكنيته ، ولكن الطبري جاء به غير مكنى باسمه واسم أبيه.(41) "المبهمات" هن من المحرمات: ما لا يحل بوجه ولا سبب كتحريم الأم والأخت وما أشبهه. وقال القرطبي في تفسيره (5: 107): "وتحريم الأمهات عام في كل حال ، لا يتخصص بوجه من الوجوه ، ولهذا يسميه أهل العلم: (المبهم) ، أي لا باب فيه ولا طريق إليه ، لانسداد التحريم وقوته". وسأسوق لك ما قاله الأزهري في تفسيرها قال: "رأيت كثيرًا من أهل العلم يذهبون بهذا إلى إبهام الأمر واستبهامه ، وهو إشكاله = وهو غلط. قال: وكثير من ذوي المعرفة لا يميزون بين المبهم وغير المبهم من ألوان الخيل الذي لا شية فيه تخالف معظم لونه.قال: ولما سئل ابن عباس عن قوله: "وأمهات نسائكم" ولم يبين الله الدخول بهن ، أجاب فقال: هذا من مبهم التحريم ، الذي لا وجه فيه غير التحريم ، سواء دخلتم بالنساء أو لم تدخلوا بهن. فأمهات نسائكم حرمن عليكم من جميع الجهات.وأما قوله: "وربائبكم اللاتي في حجوركم من نسائكم اللاتي دخلتم بهن" ، فالربائب ههنا لسن من المبهمات ، لأن لهن وجهين مبينين: أحللن في أحدهما ، وحرمن في الآخر. فإذا دخل بأمهات الربائب حرمت الربائب ، وإن لم يدخل بأمهات الربائب لم يحرمن"فهذا تفسير"المبهم" الذي أراده ابن عباس فافهمه".وعقب على هذا ابن الأثير فقال: "هذا التفسير من الأزهري ، إنما هو للربائب والأمهات ، لا الحلائل ، وهو في أول الحديث إنما جعل سؤال ابن عباس عن الحلائل لا عن الربائب" ، وهو تعقيب غير جيد.ثم انظر"الإنصاف" للبطليوسي: 28 ، 29.(42) يعني: والذي تزوج امرأة فحرام عليه أمها.(43) في المخطوطة: "موضع موصولا به" ، ولا معنى لها ، وفي المطبوعة: "فوضع موصولا به" ولا معنى لها أيضًا ، واستظهرت صحتها"يرجع موصولا به" ، أي أن الشرط راجع إلى أمهات النساء والربائب جميعًا.(44) الأثران: 8951 ، 8952 -"خلاس بن عمرو الهجري" ثقة ، تكلموا في سماعه من علي ، وأن حديثه عنه من صحيفة كانت عنده ، ونص البخاري على ذلك في التاريخ الكبير 2 / 1 / 208. فمن أجل ذلك قال القرطبي في هذا الأثر: "وحديث خلاس عن علي لا تقوم به حجة ، ولا تصح روايته عند أهل العلم بالحديث ، والصحيح عنه مثل قول الجماعة".(45) الأثر: 8955 -"عكرمة بن خالد بن العاص بن هشام المخزومي" ، روى عن أبيه وأبي هريرة وابن عباس وابن عمر وغيرهم. وهو ثقة. وقال بعضهم: "منكر الحديث" وإنما خلط بينه وبين"عكرمة بن خالد بن سلمة بن العاص بن هشام المخزومي" ، وهما مختلفان.وانظر ما قاله ابن كثير في هذا الباب من تفسيره 2: 392-394 ، وذكر هذه الآثار.(46) الحديث: 8956 - المثنى بن الصباح الأبناوي المكي: مضت له ترجمة في: 4611. ونزيد هنا أنا نرى أن حديثه حسن ، لأنه اختلط أخيرًا ، كما فصلنا في شرح المسند ، في الحديث: 6893.ومن أجل الكلام فيه ذهب الطبري إلى أن في إسناد هذا الحديث نظرًا.وقد رواه البيهقي أيضًا في السنن الكبرى 7: 160 ، من طريق ابن المبارك ، عن المثنى بن الصباح. ثم قال البيهقي: "مثنى بن الصباح: غير قوي".ولكن المثنى لم ينفرد بروايته. فقد رواه البيهقي أيضًا - عقب رواية المثنى - من طريق ابن لهيعة ، عن عمر بن شعيب ، عن أبيه ، عن جده ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، بنحوه ، فهذه متابعة قوية للمثنى ، ترفع ما قد يظن من خطئه في روايته. والحديث نقله ابن كثير عن رواية الطبري هذه 2: 394 ، ضمن ما نقله من كلام الطبري في هذا الموضع.وذكره السيوطي 2: 135 وزاد نسبته لعبد الرزاق ، وعبد بن حميد. ونص على أن البيهقي رواه من طريقين وهما اللتان ذكرناهما.(47) في المخطوطة والمطبوعة: "لم يرها ولا يجامعها حتى يطلقها" ، وأثبت ما في الدر المنثور 2: 135 ، فهو أجود ، وقد مضى في الأثر رقم: 8941 ، "ثم لا يراها حتى يطلقها" ، وانظر تخريج الأثر.(48) في المطبوعة: "لا تبرأ" ، ثم في الذي يليه"ما تبرأ" ، وهو خطأ ، لم يحسن قراءة المخطوطة ، وفيها: "تترى" غير منقوطة. وصواب قراءتها ما أثبت. وقوله: "تترى" ، أي: متتابعة ، واحدة بعد واحدة ، وقد جاء السؤال عن"تترى" أيضًا في حديث رواه ابن سعد 2 / 2 / 131 ، عن قباث بن أشيم الليثي ، وجاء تفسيرها فيه"متفرقين".(49) في المطبوعة: "لا تبرأ" ، ثم في الذي يليه"ما تبرأ" ، وهو خطأ ، لم يحسن قراءة المخطوطة ، وفيها: "تترى" غير منقوطة. وصواب قراءتها ما أثبت. وقوله: "تترى" ، أي: متتابعة ، واحدة بعد واحدة ، وقد جاء السؤال عن"تترى" أيضًا في حديث رواه ابن سعد 2 / 2 / 131 ، عن قباث بن أشيم الليثي ، وجاء تفسيرها فيه"متفرقين".(50) الأثر: 8597 - مضى هذا الأثر مختصرًا بإسناده ، وبغير هذا اللفظ فيما سلف قريبًا رقم: 8941 ، وانظر التعليق عليه هناك.(51) في المطبوعة والمخطوطة: "قبيلة من مقبولة" بالباء الموحدة ، وليس صوابا ، بل الصواب ما أثبت ، ولعل الناسخ كتب ما كتب ، لأنهم قالوا: "رجل قتيل ، وامرأة قتيل" ، فهذا هو المشهور ، ولكنه أغفل أنهم إذا تركوا ذكر المرأة قالوا: "هذه قتيلة بني فلان" وقالوا: "مررت بقتيلة" ، ولم يقولوا في هذا"مررت بقتيل".(52) في المطبوعة: "جابر وجبير" بالجيم ، وفي المخطوطة ، أهمل نقط الأولى ، ونقط الثانية جيما ، وهو خطأ ، ليس في العربية شيء من ذلك ، بل الصواب ما أثبت و"الخابر والخبير": العالم بالخبر.(53) في المطبوعة: "يعس" ، وفي المخطوطة"يعيس" ، وصواب قراءتها ما أثبت. يقال: "اعتس الشيء" ، لمسه ورازه ليعرف خبره. وهو من الألفاظ التي لم تبين معناها كتب اللغة ، ولكن معناها مفرق في أثناء كلامها.(54) في المطبوعة والمخطوطة: "ألا ما يحرم علي من أمتي" ، وهو غير مستقيم ، وكأن الصواب المحض ما أثبته.(55) انظر تفسير"الجناح" فيما سلف 3: 230 ، 231 / 4: 162 ، 566 / 5: 70 ، 117 ، 138.(56) في المخطوطة والمطبوعة: "كنا نتحدث" ، وهو خطأ ، والصواب ما أثبت ، لأن عطاء يروي ما سمعه من أهل العلم من شيوخه. وانظر ابن كثير 2: 396.(57) انظر معاني القرآن للفراء 1: 260.(58) انظر تفسير"إلا" ، وتفسير"سلف" فيما سلف قريبًا: 137 ، 138 ، تعليق: 50.(59) في المخطوطة والمطبوعة: "فإن الله" ، فأثبتها على منهجه في التفسير ، بذكر نص الآية.
وَّ الْمُحْصَنٰتُ مِنَ النِّسَآءِ اِلَّا مَا مَلَكَتْ اَیْمَانُكُمْۚ-كِتٰبَ اللّٰهِ عَلَیْكُمْۚ-وَ اُحِلَّ لَكُمْ مَّا وَرَآءَ ذٰلِكُمْ اَنْ تَبْتَغُوْا بِاَمْوَالِكُمْ مُّحْصِنِیْنَ غَیْرَ مُسٰفِحِیْنَؕ-فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهٖ مِنْهُنَّ فَاٰتُوْهُنَّ اُجُوْرَهُنَّ فَرِیْضَةًؕ-وَ لَا جُنَاحَ عَلَیْكُمْ فِیْمَا تَرٰضَیْتُمْ بِهٖ مِنْۢ بَعْدِ الْفَرِیْضَةِؕ-اِنَّ اللّٰهَ كَانَ عَلِیْمًا حَكِیْمًا(۲۴)
اور حرام ہیں شوہر دار عورتیں مگر کافروں کی عورتیں جو تمہاری ملک میں آجائیں (ف۷۳) یہ اللہ کا نوشتہ ہے تم پر اور ان (ف۷۴) کے سوا جو رہیں وہ تمہیں حلال ہیں کہ اپنے مالوں کے عوض تلاش کرو قید لاتے (ف۷۵) نہ پانی گراتے (ف۷۶) تو جن عورتوں کو نکاح میں لانا چاہو ان کے بندھے ہوئے مہر انہیں دو، اور قرار داد کے بعد اگر تمہارے آپس میں کچھ رضامندی ہوجاوے تو اس میں گناہ نہیں (ف۷۷) بیشک اللہ علم و حکمت والا ہے،
والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكمالقول في تأويل قوله تعالى : والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم يعني بذلك جل ثناؤه : حرمت عليكم المحصنات من النساء , إلا ما ملكت أيمانكم . واختلف أهل التأويل في المحصنات التي عناهن الله في هذه الآية , فقال بعضهم : هن ذوات الأزواج غير المسبيات منهن . وملك اليمين : السبايا اللواتي فرق بينهن وبين أزواجهن السباء , فحللن لمن صرن له بملك اليمين من غير طلاق كان من زوجها الحربي لها . ذكر من قال ذلك : 7124 - حدثنا محمد بن بشار , قال : ثنا عبد الرحمن , قال : ثنا إسرائيل , عن أبي حصين , عن سعيد بن جبير , عن ابن عباس , قال : كل ذات زوج إتيانها زنا , إلا ما سبيت . * - حدثنا أبو كريب , قال : ثنا ابن عطية , قال : ثنا إسرائيل , عن أبي حصين , عن سعيد بن جبير , عن ابن عباس , مثله . 7125 - حدثني المثنى , قال : ثنا عبد الله بن صالح , قال : ثني معاوية , عن علي بن أبي طلحة , عن ابن عباس في قوله : والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم يقول : كل امرأة لها زوج فهي عليك حرام إلا أمة ملكتها ولها زوج بأرض الحرب , فهي لك حلال إذا استبرأتها . 7126 - وحدثني المثنى , قال : ثنا عمرو بن عون , قال : أخبرنا هشيم , عن خالد , عن أبي قلابة في قوله : والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم قال : ما سبيتم من النساء , إذا سبيت المرأة ولها زوج في قومها , فلا بأس أن تطأها . 7127 - حدثني يونس , قال : أخبرنا ابن وهب , قال : قال ابن زيد في قوله : والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم قال : كل امرأة محصنة لها زوج فهي محرمة إلا ما ملكت يمينك من السبي وهي محصنة لها زوج , فلا تحرم عليك به . قال : كان أبي يقول ذلك . 7128 - حدثني المثنى , قال : ثنا عتبة بن سعيد الحمصي , قال : ثنا سعيد , عن مكحول في قوله : والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم قال : السبايا . واعتل قائلو هذه المقالة بالأخبار التي رويت أن هذه الآية نزلت فيمن سبي من أوطاس. ذكر الرواية بذلك : 7129 - حدثنا بشر بن معاذ قال : ثنا يزيد , قال : ثنا سعيد , عن قتادة , عن أبي الخليل , عن أبي علقمة الهاشمي , عن أبي سعيد الخدري : أن نبي الله صلى الله عليه وسلم يوم حنين بعث جيشا إلى أوطاس , فلقوا عدوا , فأصابوا سبايا لهن أزواج من المشركين , فكان المسلمون يتأثمون من غشيانهن , فأنزل الله تبارك وتعالى هذه الآية : والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم أي هن حلال لكم إذا ما انقضت عددهن . * - حدثنا محمد بن بشار , قال : ثنا عبد الأعلى , قال : ثنا سعيد , عن قتادة , عن صالح أبي الخليل : أن أبا علقمة الهاشمي حدث , أن أبا سعيد الخدري حدث : أن نبي الله صلى الله عليه وسلم بعث يوم حنين سرية , فأصابوا حيا من أحياء العرب يوم أوطاس , فهزموهم وأصابوا لهم سبايا , فكان ناس من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يتأثمون من غشيانهن من أجل أزواجهن , فأنزل الله تبارك وتعالى والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم منهن فحلال لكم ذلك . * - حدثني علي بن سعيد الكناني , قال : ثنا عبد الرحيم بن سليمان , عن أشعث بن سوار , عن عثمان البتي , عن أبي الخليل , عن أبي سعيد الخدري , قال : لما سعى رسول الله صلى الله عليه وسلم أهل أوطاس , قلنا : يا رسول الله , كيف نقع على نساء قد عرفنا أنسابهن وأزواجهن ؟ قال : فنزلت هذه الآية : والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم * - حدثنا الحسن بن يحيى , قال : أخبرنا عبد الرزاق , قال : أخبرنا الثوري , عن عثمان البتي , [ عن أبي الخليل ] عن أبي سعيد الخدري , قال : أصبنا نساء من سبي أوطاس لهن أزواج , فكرهنا أن نقع عليهن ولهن أزواج , فسألنا النبي صلى الله عليه وسلم , فنزلت : والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم فاستحللنا فروجهن . * - حدثنا الحسن بن يحيى , قال : أخبرنا عبد الرزاق , قال : أخبرنا معمر , عن قتادة , عن أبي الخليل عن أبي سعيد , قال : نزلت في يوم أوطاس , أصاب المسلمون سبايا لهن أزواج في الشرك , فقال : والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم يقول : إلا ما أفاء الله عليكم , قال : فاستحللنا بها فروجهن. وقال آخرون ممن قال : " المحصنات ذوات الأزواج في هذا الموضع " . بل هن كل ذات زوج من النساء حرام على غير أزواجهن , إلا أن تكون مملوكة اشتراها مشتر من مولاها فتحل لمشتريها , ويبطل بيع سيدها إياها النكاح بينها وبين زوجها . ذكر من قال ذلك : 7130 - حدثني أبو السائب سلم بن جنادة , قال : ثنا أبو معاوية , عن الأعمش , عن إبراهيم , عن عبد الله في قوله : والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم قال : كل ذات زوج عليك حرام إلا أن تشتريها , أو ما ملكت يمينك . * - حدثني المثنى , قال : ثنا محمد بن جعفر , عن شعبة , عن مغيرة عن إبراهيم : أنه سئل عن الأمة تباع ولها زوج , قال : كان عبد الله يقول : بيعها طلاقها , ويتلو هذه الآية : والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم * - حدثنا ابن حميد , قال : ثنا جرير , عن مغيرة , عن إبراهيم , عن عبد الله في قوله : والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم قال : كل ذات زوج عليك حرام , إلا ما اشتريت بمالك ; وكان يقول : بيع الأمة : طلاقها. 7131 - حدثنا الحسن بن يحيى , قال : أخبرنا عبد الرزاق , قال : أخبرنا معمر , عن الزهري , عن ابن المسيب قوله : والمحصنات من النساء قال : هن ذوات الأزواج حرم الله نكاحهن إلا ما ملكت يمينك , فبيعها طلاقها . قال معمر : وقال الحسن مثل ذلك . 7132 - حدثنا ابن بشار , قال : ثنا عبد الأعلى , قال : ثنا سعيد , عن قتادة , عن الحسن في قوله : والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم قال : إذا كان لها زوج فبيعها طلاقها . 7133 - حدثنا ابن بشار , قال : ثنا عبد الأعلى , قال : حدثنا سعيد , عن قتادة أن أبي بن كعب وجابر بن عبد الله وأنس بن مالك قالوا : بيعها طلاقها . 7134 - حدثنا محمد بن المثنى , قال : ثنا عبد الأعلى , قال : ثنا سعيد , عن قتادة أن أبي بن كعب وجابرا وابن عباس , قالوا : بيعها طلاقها . * - حدثنا أبو كريب , قال : ثنا عمر بن عبيد , عن مغيرة , عن إبراهيم , قال : قال عبد الله : بيع الأمة طلاقها. * - حدثنا ابن بشار , قال : ثنا عبد الرحمن , قال : ثنا سفيان , عن منصور ومغيرة والأعمش , عن إبراهيم , عن عبد الله , قال : بيع الأمة طلاقها . * - حدثنا بن بشار , قال : ثنا مؤمل , قال : ثنا سعيد , عن حماد , عن إبراهيم , عن عبد الله . مثله . * - حدثنا ابن المثنى , قال : ثنا محمد بن جعفر , قال : ثنا شعبة , عن حماد , عن إبراهيم , عن عبد الله مثله . 7135 - حدثني يعقوب بن إبراهيم , قال : ثنا ابن علية , عن خالد , عن عكرمة , عن ابن عباس , قال : طلاق الأمة ست : بيعها طلاقها , وعتقها طلاقها , وهبتها طلاقها , وبراءتها طلاقها , وطلاق زوجها طلاقها . 7136 - حدثني أحمد بن المغيرة الحمصي . قال : ثنا عثمان بن سعيد , عن عيسى ابن أبي إسحاق , عن أشعث , عن الحسن , عن أبي بن كعب : أنه قال : بيع الأمة طلاقها . 7137 - حدثنا ابن بشار , قال : ثنا عبد الأعلى , عن عوف , عن الحسن , قال : بيع الأمة طلاقها , وبيعه طلاقها . 7138 - حدثنا حميد بن مسعدة , قال : ثنا بشر بن المفضل , قال : ثنا خالد , عن أبي قلابة , قال : قال عبد الله : مشتريها أحق ببضعها . يعني : الأمة تباع ولها زوج . * - حدثنا محمد بن عبد الأعلى , قال : ثنا المعتمر , عن أبيه , عن الحسن , قال : طلاق الأمة بيعها . * - حدثنا حميد , قال : ثنا سفيان بن حبيب , قال : ثنا يونس , عن الحسن أن أبيا , قال : بيعها طلاقها . 7139 - حدثنا أحمد , قال : ثنا سفيان , عن خالد , عن أبي قلابة , عن ابن مسعود , قال : إذا بيعت الأمة ولها زوج فسيدها أحق ببضعها . 7140 - حدثنا حميد , قال : ثنا يزيد بن زريع , قال : ثني سعيد , عن قتادة , عن أبي معشر , عن إبراهيم , قال : بيعها طلاقها. قال : فقيل لإبراهيم : فبيعه ؟ قال : ذلك ما لا نقول فيه شيئا . وقال آخرون : بل معنى المحصنات في هذا الموضع : العفائف. قالوا : وتأويل الآية : والعفائف من النساء حرام أيضا عليكم , إلا ما ملكت أيمانكم منهن بنكاح وصداق وسنة وشهود من واحدة إلى أربع . ذكر من قال ذلك : 7141 - حدثنا القاسم , قال : ثنا الحسين , قال : ثني حجاج , عن أبي جعفر , عن أبي العالية , قال : يقول : انكحوا ما طاب لكم من النساء : مثنى , وثلاث , ورباع , ثم حرم ما حرم من النسب والصهر , ثم قال : والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم قال : فرجع إلى أول السورة إلى أربع , فقال : هن حرام أيضا , إلا بصداق وسنة وشهود . 7142 - حدثنا الحسن بن يحيى , قال : أخبرنا عبد الرزاق , قال : أخبرنا معمر , عن أيوب , عن ابن سيرين عن عبيدة , قال : أحل الله لك أربعا في أول السورة , وحرم نكاح كل محصنة بعد الأربع , إلا ما ملكت يمينك . قال معمر : وأخبرني ابن طاوس عن أبيه : إلا ما ملكت يمينك , قال : فزوجك مما ملكت يمينك , يقول : حرم الله الزنا , لا يحل لك أن تطأ امرأة إلا ما ملكت يمينك. 7143 - حدثنا علي بن مسروق الكندي , قال : ثنا عبد الرحيم بن سليمان , عن هشام بن حسان , عن ابن سيرين , قال : سألت عبيدة عن قول الله تعالى : والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم قال : أربع . 7144 - حدثني علي بن سعيد , قال : ثنا عبد الرحيم , عن أشعث بن سوار , عن ابن سيرين , عن عبيدة , عن عمر بن الخطاب , مثله . 7145 - حدثنا أبو كريب , قال : ثنا ابن يمان , عن أشعث , عن جعفر , عن سعيد بن جبير في قوله : والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم قال : الأربع , فما بعدهن حرام . 7146 - حدثنا القاسم , قال : ثنا الحسين , قال : ثنا حجاج , عن ابن جريج , قال : سألت عطاء عنها , فقال : حرم الله ذوات القرابة , ثم قال : والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم يقول : حرم ما فوق الأربع منهن . 7147 - حدثنا محمد بن الحسين , قال : ثنا أحمد بن المفضل , قال : ثنا أسباط , عن السدي : والمحصنات من النساء قال : الخامسة حرام كحرمة الأمهات والأخوات . ذكر من قال : عنى بالمحصنات في هذا الموضع العفائف من المسلمين وأهل الكتاب . 7148 - حدثني إسحاق بن إبراهيم بن حبيب بن الشهيد , قال : ثنا عتاب بن بشير , عن خصيف , عن مجاهد , عن ابن عباس في قوله : والمحصنات قال : العفيفة العاقلة من مسلمة , أو من أهل الكتاب . 7149 - حدثنا أبو كريب , قال : ثنا ابن إدريس , عن بعض أصحابه , عن مجاهد : والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم قال : العفائف . وقال آخرون : المحصنات في هذا الموضع ذوات الأزواج غير أن الذي حرم الله منهن في هذه الآية الزنا بهن , وأباحهن بقوله : إلا ما ملكت أيمانكم بالنكاح أو الملك . ذكر من قال ذلك : 7150 - حدثني محمد بن عمرو , قال : ثنا أبو عاصم , عن عيسى , عن ابن أبي نجيح , عن مجاهد , في قول الله تعالى : والمحصنات قال : نهى عن الزنا. * - حدثني المثنى , قال : ثنا أبو حذيفة , قال : ثنا شبل , عن ابن أبي نجيح , عن مجاهد : والمحصنات من النساء قال : نهى عن الزنا أن تنكح المرأة زوجين . 7151 - حدثني المثنى , قال : ثنا عبد الله بن صالح , قال : ثني معاوية بن صالح , عن علي بن أبي طلحة , عن ابن عباس : قوله : والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم قال : كل ذات زوج عليكم حرام , إلا الأربع اللاتي ينكحن بالبينة والمهر . 7152 - حدثنا أحمد بن عثمان , قال : ثنا وهب بن جرير , قال : ثنا أبي , قال : سمعت النعمان بن راشد يحدث عن الزهري , عن سعيد بن المسيب : أنه سئل عن المحصنات من النساء , قال : هن ذوات الأزواج. 7153 - حدثنا ابن بشار , قال : ثنا عبد الرحمن , قال : ثنا سفيان , عن حماد , عن إبراهيم , عن عبد الله , قال : والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم قال : ذوات الأزواج من المسلمين والمشركين. وقال علي : ذوات الأزواج من المشركين . 7154 - حدثني المثنى , قال : ثنا الحماني , قال : ثنا شريك , عن سالم , عن سعيد , عن ابن عباس , في قوله : والمحصنات من النساء قال : كل ذات زوج عليكم حرام . 7155 - حدثني المثنى , قال : ثنا الحماني , قال : ثنا شريك , عن عبد الكريم , عن مكحول , نحوه . 7156 - حدثني المثنى , قال : ثنا الحماني , قال : ثنا شريك , عن الصلت بن بهرام , عن إبراهيم , نحوه. 7157 - محمد بن سعد , قال : ثني أبي , قال : ثني عمي , قال : ثني أبي , عن أبيه , عن ابن عباس قوله : والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم . .. إلى وأحل لكم ما وراء ذلكم يعني : ذوات الأزواج من النساء لا يحل نكاحهن , يقول : لا يخلب ولا يعد فتنشز على زوجها , وكل امرأة لا تنكح إلا ببينة ومهر فهي من المحصنات التي حرم الله إلا ما ملكت أيمانكم , يعني : التي أحل الله من النساء , وهو ما أحل من حرائر النساء مثنى وثلاث ورباع . وقال آخرون : بل هن نساء أهل الكتاب . ذكر من قال ذلك : 7158 - حدثنا ابن حميد , قال : ثنا يحيى بن واضح , قال : ثنا عيسى بن عبيد , عن أيوب بن أبي العوجاء عن أبي مجلز في قوله : والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم قال : نساء أهل الكتاب. وقال آخرون : بل هن الحرائر . ذكر من قال ذلك : 7159 - حدثنا ابن بشار , قال : ثني حماد بن مسعدة , قال : ثنا سليمان بن عرعرة , في قوله : والمحصنات من النساء قال : الحرائر . وقال آخرون : المحصنات : هن العفائف وذوات الأزواج , وحرام كل من الصنفين إلا بنكاح أو ملك يمين. ذكر من قال ذلك : 7160 - حدثني المثنى , قال : ثنا عبد الله بن صالح , قال : ثني الليث , قال : ثني عقيل , عن ابن شهاب , وسئل عن قول الله : والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم . .. الآية , قال : نرى أنه حرم في هذه الآية المحصنات من النساء ذوات الأزواج أن ينكحن مع أزواجهن - والمحصنات : العفائف - ولا يحللن إلا بنكاح , أو ملك يمين . والإحصان إحصانان : إحصان تزويج , وإحصان عفاف في الحرائر والمملوكات , كل ذلك حرم الله , إلا بنكاح أو ملك يمين. وقال آخرون : نزلت هذه الآية في نسائكن يهاجرن إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ولهن أزواج , فيتزوجهن بعض المسلمين , ثم يقدم أزواجهن مهاجرين , فنهي المسلمون عن نكاحهن . ذكر من قال ذلك : 7161 - حدثنا القاسم , قال : ثنا الحسين , قال : ثني حجاج , عن ابن جريج , قال : ثني حبيب بن أبي ثابت عن أبي سعيد الخدري , قال : كان النساء يأتيننا ثم يهاجر أزواجهن فمنعناهن ; يعني قوله : والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم وقد ذكر ابن عباس وجماعة غيره أنه كان ملتبسا عليهم تأويل ذلك . 7162 - حدثنا محمد بن المثنى , قال : ثنا محمد بن جعفر , قال : ثنا شعبة , عن عمرو بن مرة , قال : قال رجل لسعيد بن جبير : أما رأيت ابن عباس حين سئل عن هذه الآية : والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم فلم يقل فيها شيئا ؟ قال : فقال : كان لا يعلمها. 7163 - حدثنا القاسم , قال : ثنا الحسين , قال : ثنا هشيم , قال : أخبرنا عبد الرحمن بن يحيى , عن مجاهد , قال : لو أعلم من يفسر لي هذه الآية لضربت إليه أكباد الإبل , قوله : والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم . .. إلى قوله : فما استمتعتم به منهن ... إلى آخر الآية . قال أبو جعفر : فأما المحصنات فإنهن جمع محصنة , وهي التي قد منع فرجها بزوج , يقال منه : أحصن الرجل امرأته فهو يحصنها إحصانا وحصنت هي فهي تحصن حصانة : إذا عفت , وهي حاصن من النساء : عفيفة , كما قال العجاج : وحاصن من حاصنات ملس عن الأذى وعن قراف الوقس ويقال أيضا إذا هي عفت وحفظت فرجها من الفجور : قد أحصنت فرجها فهي محصنة , كما قال جل ثناؤه : ومريم ابنت عمران التي أحصنت فرجها 66 12 بمعنى : حفظته من الريبة ومنعته من الفجور . وإنما قيل لحصون المدائن والقرى حصون لمنعها من أرادها وأهلها , وحفظها ما وراءها ممن بغاها من أعدائها , ولذلك قيل للدرع درع حصينة . فإذا كان أصلا لإحصان ما ذكرنا من المنع والحفظ فبين أن معنى قوله : والمحصنات من النساء والممنوعات من النساء حرام عليكم إلا ما ملكت أيمانكم وإذ كان ذلك معناه , وكان الإحصان قد يكون بالحرية , كما قال جل ثناؤه : والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم 5 5 ويكون بالإسلام , كما قال تعالى ذكره : فإذا أحصن فإن أتين بفاحشة فعليهن نصف ما على المحصنات من العذاب 4 25 ويكون بالعفة كما قال جل ثناؤه : والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء 24 4 ويكون بالزوج ; ولم يكن تبارك وتعالى خص محصنة دون محصنة في قوله : والمحصنات من النساء فواجب أن يكون كل محصنة بأي معاني الإحصان كان إحصانها حراما علينا سفاحا أو نكاحا , إلا ما ملكته أيماننا منهن بشراء , كما أباحه لنا كتاب الله جل ثناؤه , أو نكاح على ما أطلقه لنا تنزيل الله . فالذي أباحه تبارك وتعالى لنا نكاحا من الحرائر الأربع سوى اللواتي حرمن علينا بالنسب والصهر , ومن الإماء ما سبينا من العدو سوى اللواتي وافق معناهن معنى ما حرم علينا من الحرائر بالنسب والصهر , فإنهن والحرائر فيما يحل ويحرم بذلك المعنى متفقات المعاني , وسوى اللواتي سبيناهن من أهل الكتابين ولهن أزواج , فإن السباء يحلهن لمن سباهن بعد الاستبراء , وبعد إخراج حق الله تبارك وتعالى الذي جعله لأهل الخمس منهن . فأما السفاح فإن الله تبارك وتعالى حرمه من جميعهن , فلم يحله من حرة ولا أمة ولا مسلمة ولا كافرة مشركة . وأما الأمة التي لها زوج فإنها لا تحل لمالكها إلا بعد طلاق زوجها إياها , أو وفاته وانقضاء عدتها منه , فأما بيع سيدها إياها فغير موجب بينها وبين زوجها فراقا ولا تحليلا لمشتريها , لصحة الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أنه خير بريرة إذ أعتقتها عائشة بين المقام مع زوجها الذي كان سادتها زوجوها منه في حال رقها , وبين فراقه " ولم يجعل صلى الله عليه وسلم عتق عائشة إياها طلاقا . ولو كان عتقها وزوال ملك عائشة إياها لها طلاقا لم يكن لتخيير النبي صلى الله عليه وسلم إياها بين المقام مع زوجها والفراق معنى , ولوجب بالعتق الفراق , وبزوال ملك عائشة عنها الطلاق ; فلما خيرها النبي صلى الله عليه وسلم بين الذي ذكرنا وبين المقام مع زوجها والفراق كان معلوما أنه لم يخير بين ذلك إلا والنكاح عقده ثابت , كما كان قبل زوال ملك عائشة عنها , فكان نظيرا للعتق الذي هو زوال ملك مالك المملوكة ذات الزوج عنها البيع الذي هو زوال ملك مالكها عنها , إذ كان أحدهما زوالا ببيع والآخر بعتق في أن الفرقة لا يجب بها بينها وبين زوجها بهما ولا بواحد منهما طلاق وإن اختلفا في معان أخر , من أن لها في العتق الخيار في المقام مع زوجها والفراق , لعلة مفارقة معنى البيع , وليس ذلك لها في البيع . فإن قال قائل : وكيف يكون معنيا بالاستثناء من قوله : والمحصنات من النساء ما وراء الأربع من الخمس إلى ما فوقهن بالنكاح والمنكوحات به غير مملوكات ؟ قيل له : إن الله تعالى لم يخص بقوله : إلا ما ملكت أيمانكم المملوكات الرقاب دون المملوك عليها بعقد النكاح أمرها , بل عم بقوله : إلا ما ملكت أيمانكم كلا المعنيين , أعني ملك الرقبة وملك الاستمتاع بالنكاح , لأن جميع ذلك ملكته أيماننا , أما هذه فملك استمتاع , وأما هذه فملك استخدام واستمتاع وتصريف فيما أبيح لمالكها منها . ومن ادعى أن الله تبارك وتعالى عنى بقوله : والمحصنات من النساء محصنة وغير محصنة , سوى من ذكرنا أولا بالاستثناء بقوله : إلا ما ملكت أيمانكم بعض أملاك أيماننا دون بعض , غير الذي دللنا على أنه غير معني به , سئل البرهان على دعواه من أصل أو نظير , فلن يقول في ذلك قولا إلا ألزم في الآخر مثله . فإن اعتل معتل منكم بحديث أبي سعيد الخدري أن هذه الآية نزلت في سبايا أوطاس , قيل له : إن سبايا أوطاس لم يوطأن بالملك والسباء دون الإسلام , وذلك أنهن كن مشركات من عبدة الأوثان , وقد قامت الحجة بأن نساء عبدة الأوثان لا يحللن بالملك دون الإسلام , وأنهن إذا أسلمن فرق الإسلام بينهن وبين الأزواج , سبايا كن أو مهاجرات , غير أنة إذا كن سبايا حللن إذا هن أسلمن بالاستبراء. فلا حجة لمحتج في أن المحصنات اللاتي عناهن بقوله , والمحصنات من النساء ذوات الأزواج من السبايا دون غيرهن بخبر أبي سعيد الخدري أن ذلك نزل في سبايا أوطاس , لأنه وإن كان فيهن نزل , فلم ينزل في إباحة وطئهن بالسباء خاصة دون غيره من المعاني التي ذكرنا , مع أن الآية تنزل في معنى فتعم ما نزلت به فيه وغيره , فيلزم حكمها جميع ما عمته لما قد بينا من القول في العموم والخصوص في كتابنا " كتاب البيان عن أصول الأحكام " .كتاب الله عليكمالقول في تأويل قوله تعالى : كتاب الله عليكم يعني تعالى ذكره : كتابا من الله عليكم . فأخرج الكتاب مصدرا من غير لفظه. وإنما جاز ذلك لأن قوله تعالى : حرمت عليكم أمهاتكم . .. إلى قوله : كتاب الله عليكم بمعنى : كتب الله تحريم ما حرم من ذلك وتحليل ما حلل من ذلك عليكم كتابا . وبما قلنا في ذلك , قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك : 7164 - حدثنا محمد بن بشار , قال : ثنا أبو أحمد , قال : ثنا سفيان , عن منصور , عن إبراهيم , قال : كتاب الله عليكم قال : ما حرم عليكم . 7165 - حدثنا القاسم , قال : حدثنا الحسين , قال : ثني حجاج , عن ابن جريج , قال : سألت عطاء عنها فقال : كتاب الله عليكم قال : هو الذي كتب عليكم الأربع أن لا تزيدوا. 7166 - حدثني يعقوب بن إبراهيم , قال : ثنا ابن علية , عن ابن عون , عن محمد بن سيرين , قال : قلت لعبيدة : والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم كتاب الله عليكم وأشار ابن عون بأصابعه الأربع . * - حدثني يعقوب بن إبراهيم , قال : ثنا هشيم , قال : أخبرنا هشام , عن ابن سيرين , قال : سألت عبيدة , عن قوله : كتاب الله عليكم قال : أربع . 7167 - حدثنا محمد بن الحسين , قال : ثنا أحمد بن المفضل , قال : ثنا أسباط , عن السدي : كتاب الله عليكم الأربع . 7168 - حدثني يونس , قال : أخبرنا ابن وهب , قال : قال ابن زيد في قوله : كتاب الله عليكم قال : هذا أمر الله عليكم , قال : يريد ما حرم عليهم من هؤلاء وما أحل لهم. وقرأ : وأحل لكم ما وراء ذلكم أن تبتغوا بأموالكم . .. إلى آخر الآية . قال : كتاب الله عليكم الذي كتبه , وأمره الذي أمركم به . كتاب الله عليكم أمر الله. وقد كان بعض أهل العربية يزعم أن قوله : كتاب الله عليكم منصوب على وجه الإغراء , بمعنى : عليكم كتاب الله , الزموا كتاب الله . والذي قال من ذلك غير مستفيض في كلام العرب , وذلك أنه لا [ تكاد ] تنصب بالحرف الذي تغري به , لا تكاد تقول : أخاك عليك وأباك دونك , وإن كان جائزا. والذي هو أولى بكتاب الله أن يكون محمولا على المعروف من لسان من نزل بلسانه هذا مع ما ذكرنا من تأويل أهل التأويل ذلك بمعنى ما قلنا , وخلاف ما وجهه إليه من زعم أنه نصب على وجه الإغراء .وأحل لكم ما وراء ذلكم أن تبتغوا بأموالكمالقول في تأويل قوله تعالى : وأحل لكم ما وراء ذلكم أن تبتغوا بأموالكم اختلف أهل التأويل في تأويل ذلك , فقال بعضهم : معنى ذلك : وأحل لكم ما دون الخمس أن تبتغوا بأموالكم على وجه النكاح . ذكر من قال ذلك : 7169 - حدثنا محمد بن الحسين , قال : ثنا أحمد بن المفضل , قال : ثنا أسباط , عن السدي : وأحل لكم ما وراء ذلكم ما دون الأربع أن تبتغوا بأموالكم . 7170 - حدثنا ابن وكيع , قال : ثنا أبي , عن سفيان , عن هشام , عن ابن سيرين , عن عبيدة السلماني : وأحل لكم ما وراء ذلكم يعني : ما دون الأربع . وقال آخرون : بل معنى ذلك : وأحل لكم ما وراء ذلكم من سمي لكم تحريمه من أقاربكم . ذكر من قال ذلك : 7171 - حدثنا القاسم , قال ثنا الحسين , قال : ثنا حجاج , عن ابن جريج , قال : سألت عطاء عنها , فقال : وأحل لكم ما وراء ذلكم قال : ما وراء ذات القرابة , أن تبتغوا بأموالكم . .. الآية . وقال آخرون : بل معنى ذلك : وأحل لكم ما وراء ذلكم عدد ما أحل لكم من المحصنات من النساء الحرائر ومن الإماء . ذكر من قال ذلك : 7172 - حدثنا محمد بن بشار , قال : ثنا عبد الأعلى , قال : ثنا سعيد , عن قتادة في قوله : وأحل لكم ما وراء ذلكم قال : ما ملكت أيمانكم . قال أبو جعفر : وأولى الأقوال في ذلك بالصواب , ما نحن مبينوه ; وهو أن الله جل ثناؤه بين لعباده المحرمات بالنسب والصهر , ثم المحرمات من المحصنات من النساء , ثم أخبرهم جل ثناؤه أنه قد أحل لهم ما عدا هؤلاء المحرمات المبينات في هاتين الآيتين أن نبتغيه بأموالنا نكاحا وملك يمين لا سفاحا . فإن قال قائل : عرفنا المحللات اللواتي هن وراء المحرمات بالأنساب والأصهار , فما المحللات من المحصنات والمحرمات منهن ؟ قيل : هو ما دون الخمس من واحدة إلى أربع على ما ذكرنا عن عبيدة والسدي من الحرائر , فأما ما عدا ذوات الأزواج فغير عدد محصور بملك اليمين . وإنما قلنا إن ذلك كذلك , لأن قوله : وأحل لكم ما وراء ذلكم عام في كل محلل لنا من النساء أن نبتغيها بأموالنا , فليس توجيه معنى ذلك إلى بعض منهن بأولى من بعض , إلا أن تقوم بأن ذلك كذلك حجة يجب التسليم لها , ولا حجة بأن ذلك كذلك. واختلف القراء في قراءة قوله : وأحل لكم ما وراء ذلكم فقرأ ذلك بعضهم : " وأحل لكم " بفتح الألف من أحل , بمعنى : كتب الله عليكم وأحل لكم ما وراء ذلكم. وقرأه آخرون : وأحل لكم ما وراء ذلكم اعتبارا بقوله : حرمت عليكم أمهاتكم . .. وأحل لكم ما وراء ذلكم قال أبو جعفر : والذي نقول في ذلك إنهما قراءتان معروفتان مستفيضتان في قراءة الإسلام غير مختلفتي المعنى , فبأي ذلك قرأ القارئ فمصيب الحق . وأما معنى قوله : ما وراء ذلكم فإنه يعني : ما عدا هؤلاء اللواتي حرمتهن عليكم أن تبتغوا بأموالكم , يقول : أن تطلبوا وتلتمسوا بأموالكم , إما شراء بها وإما نكاحا بصداق معلوم , كما قال جل ثناؤه : ويكفرون بما وراءه 2 91 يعني : بما عداه وبما سواه . وأما موضع " أن " من قوله : أن تبتغوا بأموالكم فرفع ترجمة عن " ما " التي في قوله : وأحل لكم ما وراء ذلكم في قراءة من قرأ : وأحل بضم الألف . ونصب على ذلك في قراءة من قرأ ذلك . " وأحل " بفتح الألف . وقد يحتمل النصب في ذلك في القراءتين على معنى : وأحل لكم ما وراء ذلكم لأن تبتغوا , فلما حذفت اللام الخافضة اتصلت بالفعل قبلها فنصبت . وقد يحتمل أن تكون في موضع خفض بهذا المعنى إذ كانت اللام في هذا الموضع معلوما أن بالكلام إليها الحاجة .محصنين غير مسافحينالقول في تأويل قوله تعالى : محصنين غير مسافحين يعني بقوله جل ثناؤه : محصنين أعفاء بابتغائكم ما وراء ما حرم عليكم من النساء بأموالكم غير مسافحين يقول : غير مزانين . كما : 7173 - حدثني محمد بن عمرو , قال : ثنا أبو عاصم , عن عيسى , عن ابن أبي نجيح , عن مجاهد في قوله محصنين قال : متناكحين. غير مسافحين قال : زانين بكل زانية . * - حدثني المثنى , قال : ثنا أبو حذيفة , قال : ثنا شبل , عن ابن أبي نجيح , عن مجاهد , قال : محصنين متناكحين . غير مسافحين السفاح : الزنا . 7174 - حدثنا محمد بن الحسين , قال : ثنا أحمد بن مفضل , قال : ثنا أسباط , عن السدي : محصنين غير مسافحين يقول : محصنين غير زناة .فما استمتعتم به منهن فآتوهن أجورهن فريضةالقول في تأويل قوله تعالى : فما استمتعتم به منهن فآتوهن أجورهن فريضة اختلف أهل التأويل في تأويل قوله : فما استمتعتم به منهن فقال بعضهم : معناه : فما نكحتم منهن فجامعتموهن , يعني من النساء ; فآتوهن أجورهن فريضة يعني : صدقاتهن فريضة معلومة. ذكر من قال ذلك : 7175 - حدثني المثنى , قال : ثنا عبد الله بن صالح , قال : ثني معاوية بن صالح , عن علي بن أبي طلحة , عن ابن عباس , قوله : فما استمتعتم به منهن فآتوهن أجورهن فريضة يقول : إذا تزوج الرجل منكم ثم نكحها مرة واحدة فقد وجب صداقها كله . والاستمتاع هو النكاح , وهو قوله : وآتوا النساء صدقاتهن نحلة 4 4 7176 - حدثنا الحسن بن يحيى , قال : أخبرنا عبد الرزاق , قال : أخبرنا معمر , عن الحسن , في قوله : فما استمتعتم به منهن قال : هو النكاح . 7177 - حدثني المثنى , قال : ثنا أبو حذيفة , قال : ثنا شبل , عن ابن أبي نجيح , عن مجاهد : فما استمتعتم به منهن النكاح . * - حدثنا القاسم , قال : ثنا الحسين , قال : ثني حجاج , عن ابن جريج , عن مجاهد , قوله : فما استمتعتم به منهن قال : النكاح أراد . 7178 - حدثني يونس , قال : أخبرنا ابن وهب , قال : قال ابن زيد في قوله : فما استمتعتم به منهن فآتوهن أجورهن فريضة . .. الآية , قال : هذا النكاح , وما في القرآن الإنكاح إذا أخذتها واستمتعت بها , فأعطها أجرها الصداق , فإن وضعت لك منه شيئا فهو لك سائغ فرض الله عليها العدة وفرض لها الميراث . قال : والاستمتاع هو النكاح ههنا إذا دخل بها. وقال آخرون : بل معنى ذلك : فما تمتعتم به منهن بأجر تمتع اللذة , لا بنكاح مطلق على وجه النكاح الذي يكون بولي وشهود ومهر . ذكر من قال ذلك : 7179 - حدثنا محمد بن الحسين , قال : ثنا أحمد بن مفضل , قال : ثنا أسباط , عن السدي : " فما استمتعتم به منهن إلى أجل مسمى فآتوهن أجورهن فريضة ولا جناح عليكم فيما تراضيتم به من بعد الفريضة " . فهذه المتعة الرجل ينكح المرأة بشرط إلى أجل مسمى , ويشهد شاهدين , وينكح بإذن وليها , وإذا انقضت المدة فليس له عليها سبيل وهي منه برية , وعليها أن تستبرئ ما في رحمها , وليس بينهما ميراث , ليس يرث واحد منهما صاحبه . 7180 - حدثني محمد بن عمرو , قال : ثنا أبو عاصم , عن عيسى , عن ابن أبي نجيح , عن مجاهد : فما استمتعتم به منهن قال : يعني نكاح المتعة. 7181 - حدثنا أبو كريب , قال : ثنا يحيى بن عيسى , قال : ثنا نصير بن أبي الأشعث , قال : ثني حبيب بن أبي ثابت , عن أبيه , قال : أعطاني ابن عباس مصحفا , فقال : هذا على قراءة أبي . قال أبو كريب , قال يحيى : فرأيت المصحف عند نصير فيه : " فما استمتعتم به منهن إلى أجل مسمى " . 7182 - حدثنا حميد بن مسعدة , قال : ثنا بشر بن المفضل , قال : ثنا داود , عن أبي نضرة , قال : سألت ابن عباس عن متعة النساء , قال : أما تقرأ سورة النساء ؟ قال : قلت بلى . قال : فما تقرأ فيها : " فما استمتعتم به منهن إلى أجل مسمى " ؟ قلت : لا , لو قرأتها هكذا ما سألتك ! قال : فإنها كذا. * - حدثنا ابن المثنى , قال : ثني عبد الأعلى , قال : ثني داود , عن أبي نضرة , قال : سألت ابن عباس عن المتعة , فذكر نحوه . * - حدثنا ابن المثنى , قال : ثنا محمد بن جعفر , قال : ثنا شعبة , عن أبي سلمة , عن أبي نضرة , قال : قرأت هذه الآية على ابن عباس : فما استمتعتم به منهن قال ابن عباس : " إلى أجل مسمى " , قال قلت : ما أقرؤها كذلك ! قال : والله لأنزلها الله كذلك ثلاث مرات . 7183 - حدثنا ابن المثنى , قال : ثنا أبو داود , قال : ثنا شعبة , عن أبي إسحاق , عن عمير : أن ابن عباس قرأ : " فما استمتعتم به منهن إلى أجل مسمى " . * - حدثنا ابن المثنى , قال : ثنا ابن أبي عدي , عن شعبة وثنا خلاد بن أسلم , قال : أخبرنا النضر , قال : أخبرنا شعبة , عن أبي إسحاق , عن ابن عباس , بنحوه . 7184 - حدثنا ابن بشار , قال : ثنا عبد الأعلى , قال : ثنا سعيد , عن قتادة , قال : في قراءة أبي بن كعب : " فما استمتعتم به منهن إلى أجل مسمى " . 7185 - حدثنا محمد بن المثنى , قال : ثنا محمد بن جعفر , قال : ثنا شعبة , عن الحكم , قال : سألته عن هذه الآية : والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم إلى هذا الموضع : فما استمتعتم به منهن أمنسوخة هي ؟ قال : لا . قال الحكم : قال علي رضي الله عنه : لولا أن عمر رضي الله عنه نهى عن المتعة ما زنى إلا شقي . 7186 - حدثني المثنى , قال : ثنا أبو نعيم , قال : ثنا عيسى بن عمر القارئ الأسدي , عن عمرو بن مرة أنه سمع سعيد بن جبير يقرأ : " فما استمتعتم به منهن إلى أجل مسمى فآتوهن أجورهن " . قال أبو جعفر : وأولى التأويلين في ذلك بالصواب تأويل من تأوله : فما نكحتموه منهن فجامعتموه فآتوهن أجورهن ; لقيام الحجة بتحريم الله متعة النساء على غير وجه النكاح الصحيح أو الملك الصحيح على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم . 7187 - حدثنا ابن وكيع , قال : ثنا أبي , عن عبد العزيز بن عمر بن عبد العزيز , قال : ثني الربيع بن سبرة الجهني , عن أبيه أن النبي صلى الله عليه وسلم , قال : " استمتعوا من هذه النساء " والاستمتاع عندنا يومئذ التزويج . وقد دللنا على أن المتعة على غير النكاح الصحيح حرام في غير هذا الموضع من كتبنا بما أغنى عن إعادته في هذا الموضع. وأما ما روي عن أبي بن كعب وابن عباس من قراءتهما : " فما استمتعتم به منهن إلى أجل مسمى " فقراءة بخلاف ما جاءت به مصاحف المسلمين , وغير جائز لأحد أن يلحق في كتاب الله تعالى شيئا لم يأت به الخبر القاطع العذر عمن لا يجوز خلافه .ولا جناح عليكم فيما تراضيتم به من بعد الفريضةالقول في تأويل قوله تعالى : ولا جناح عليكم فيما تراضيتم به من بعد الفريضة اختلف أهل التأويل في تأويل ذلك , فقال بعضهم : معنى ذلك : لا حرج عليكم أيها الأزواج إن أدركتكم عسرة بعد أن فرضتم لنسائكم أجورهن فريضة فيما تراضيتم به , من حط وبراءة , بعد الفرض الذي سلف منكم لهن ما كنتم فرضتم. ذكر من قال ذلك : 7188 - حدثنا محمد بن عبد الأعلى , قال : ثنا المعتمر بن سليمان , عن أبيه , قال : زعم حضرمي أن رجالا كانوا يفرضون المهر , ثم عسى أن يدرك أحدهم العسرة , فقال الله : ولا جناح عليكم فيما تراضيتم به من بعد الفريضة وقال آخرون : معنى ذلك : ولا جناح عليكم أيها الناس فيما تراضيتم أنتم والنساء واللواتي استمتعتم بهن إلى أجل مسمى , إذا انقضى الأجل الذي أجلتموه بينكم وبينهم في الفراق , أن يزدنكم في الأجل وتزيدوا من الأجر والفريضة قبل أن يستبرئن أرحامهن . ذكر من قال ذلك : 7189 - حدثنا محمد بن الحسين , قال : ثنا أحمد بن مفضل , قال : ثنا أسباط , عن السدي : ولا جناح عليكم فيما تراضيتم به من بعد الفريضة إن شاء أرضاها من بعد الفريضة الأولى , يعني : الأجرة التي أعطاها على تمتعه بها قبل انقضاء الأجل بينهما , فقال : أتمتع منك أيضا بكذا وكذا , فازداد قبل أن يستبرئ رحمها , ثم تنقضي المدة , وهو قوله : فيما تراضيتم به من بعد الفريضة وقال آخرون : معنى ذلك : ولا جناح عليكم أيها الناس فيما تراضيتم به أنتم ونساؤكم بعد أن تؤتوهن أجورهن على استمتاعكم بهن من مقام وفراق . ذكر من قال ذلك : 7190 - حدثنا المثنى , قال : ثنا عبد الله بن صالح , قال : ثنا معاوية بن صالح , عن علي بن أبي طلحة , عن ابن عباس , قوله : ولا جناح عليكم فيما تراضيتم به من بعد الفريضة والتراضي أن يوفيها صداقها , ثم يخيرها. وقال آخرون : بل معنى ذلك : ولا جناح عليكم فيما وضعت عنكم نساؤكم من صدقاتهن من بعد الفريضة . ذكر من قال ذلك : 7191 - حدثني يونس , قال : أخبرنا ابن وهب , قال : قال ابن زيد في قوله : ولا جناح عليكم فيما تراضيتم به من بعد الفريضة قال : إن وضعت لك منه شيئا فهو لك سائغ . قال أبو جعفر : وأولى هذه الأقوال بالصواب قول من قال : معنى ذلك : ولا حرج عليكم أيها الناس فيما تراضيتم به أنتم ونساؤكم من بعد إعطائهن أجورهن على النكاح الذي جرى بينكم وبينهن من حط ما وجب لهن عليكم , أو إبراء أو تأخير ووضع . وذلك نظير قوله جل ثناؤه : وآتوا النساء صدقاتهن نحلة فإن طبن لكم عن شيء منه نفسا فكلوه هنيئا مريئا 4 4 فأما الذي قاله السدي فقول لا معنى له لفساد القول بإحلال جماع امرأة بغير نكاح ولا ملك يمين .إن الله كان عليما حكيماوأما قوله : إن الله كان عليما حكيما فإنه يعني : إن الله كان ذا علم بما يصلحكم أيها الناس في مناكحكم وغيرها من أموركم وأمور سائر خلقه بما يدبر لكم ولهم من التدبير , وفيما يأمركم وينهاكم ; لا يدخل حكمته خلل ولا زلل .
وَ مَنْ لَّمْ یَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلًا اَنْ یَّنْكِحَ الْمُحْصَنٰتِ الْمُؤْمِنٰتِ فَمِنْ مَّا مَلَكَتْ اَیْمَانُكُمْ مِّنْ فَتَیٰتِكُمُ الْمُؤْمِنٰتِؕ-وَ اللّٰهُ اَعْلَمُ بِاِیْمَانِكُمْؕ-بَعْضُكُمْ مِّنْۢ بَعْضٍۚ-فَانْكِحُوْهُنَّ بِاِذْنِ اَهْلِهِنَّ وَ اٰتُوْهُنَّ اُجُوْرَهُنَّ بِالْمَعْرُوْفِ مُحْصَنٰتٍ غَیْرَ مُسٰفِحٰتٍ وَّ لَا مُتَّخِذٰتِ اَخْدَانٍۚ-فَاِذَاۤ اُحْصِنَّ فَاِنْ اَتَیْنَ بِفَاحِشَةٍ فَعَلَیْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنٰتِ مِنَ الْعَذَابِؕ-ذٰلِكَ لِمَنْ خَشِیَ الْعَنَتَ مِنْكُمْؕ-وَ اَنْ تَصْبِرُوْا خَیْرٌ لَّكُمْؕ-وَ اللّٰهُ غَفُوْرٌ رَّحِیْمٌ۠(۲۵)
اور تم میں بے مقدوری کے باعث جن کے نکاح میں آزاد عورتیں ایمان والیاں نہ ہوں تو ان سے نکاح کرے جو تمہارے ہاتھ کی مِلک ہیں ایمان والی کنیزیں (ف۷۸) اور اللہ تمہارے ایمان کو خوب جانتا ہے، تم میں ایک دوسرے سے ہے تو ان سے نکاح کرو ان کے مالکوں کی اجازت سے (ف۸۰) اور حسب دستور ان کے مہر انہیں دو (ف۸۱) قید میں آتیاں نہ مستی نکالتی اور نہ یار بناتی (ف۸۲) جب وہ قید میں آجائیں (ف۸۳) پھر برا کام کریں تو ان پر اس سزا کی آدھی ہے جو آزاد عورتوں پر ہے (ف۸۴) یہ (ف۸۵) اس کے لئے جسے تم میں سے زنا کا اندیشہ ہے، اور صبر کرنا تمہارے لئے بہتر ہے (ف۸۶) اور اللہ بخشنے والا مہربان ہے،
القول في تأويل قوله : أَنْ يَنْكِحَ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ فَمِنْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ مِنْ فَتَيَاتِكُمُ الْمُؤْمِنَاتِقال أبو جعفر: يعني بذلك: ومن لم يستطع منكم، أيها الناس، طولا = يعني من الأحرار =" أن ينكح المحصنات "، وهن الحرائر (54) = " المؤمنات " اللواتي قد صدَّقن بتوحيد الله وبما جاء به رسول الله صلى الله عليه وسلم من الحق.* * *وبنحو ما قلنا في" المحصنات " قال أهل التأويل.*ذكر من قال ذلك:9062 - حدثني المثنى قال، حدثنا عبد الله بن صالح قال، حدثني معاوية بن صالح، عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس قوله: " أن ينكح المحصنات "، يقول: أن ينكح الحرائر، فلينكح من إماء المؤمنين.9063 - حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم، عن عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد قوله: " أن ينكح المحصنات المؤمنات فمما ملكت أيمانكم " قال: " المحصنات " الحرائر، فلينكح الأمة المؤمنة.9064 - حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد مثله.9065 - حدثنا محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن المفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي: أما " فتياتكم "، فإماؤكم.9066 - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، أخبرنا هشيم قال، أخبرنا أبو بشر، عن سعيد بن جبير: " أن ينكح المحصنات المؤمنات فمما ملكت أيمانكم من فتياتكم المؤمنات "، قال: أما من لم يجد ما ينكح الحرة، تزوج الأمة. (55)9067 - حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد في قوله: " أن ينكح المحصنات المؤمنات فمما ملكت أيمانكم من فتياتكم المؤمنات "، قال: لا يجد ما ينكح به حرة، (56) فينكح هذه الأمة، فيتعفف بها، ويكفيه أهلها مؤونتها. ولم يحلّ الله ذلك لأحد، إلا أن لا يجد ما ينكح به حرة فينفق عليها، ولم يحلّ له حتى يخشى العنت. (57)9068 - حدثنا المثنى قال، حدثنا حبان بن موسى قال، أخبرنا ابن المبارك قال، أخبرنا سفيان، عن هشام الدستوائي، عن عامر الأحول، عن الحسن: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى أن تنكح الأمة على الحرة، وتُنكح الحرة على الأمة، ومن وجد طَوْلا لحرة فلا ينكحْ أمةً.* * *قال أبو جعفر: واختلفت القرأة في قراءة ذلك. فقرأته جماعة من قرأة الكوفيين والمكيين: ( أَنْ يَنْكِحَ الْمُحْصِنَاتِ ) بكسر " الصاد " مع سائر ما في القرآن من نظائر ذلك، سوى قوله: وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ إِلا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ [سورة النساء: 24]، فإنهم فتحوا " الصاد " منها، ووجهوا تأويله إلى أنهن محصنات بأزواجهن، وأن أزواجهن هم أحصنوهنّ. وأما سائر ما في القرآن، فإنهم تأوّلوا في كسرهم " الصاد " منه، إلى أن النساء هنَّ أحصنّ أنفسهنّ بالعفة.* * *وقرأت عامة قرأة المدينة والعراق ذلك كلَّه بالفتح، بمعنى أن بعضهن أحصنهن أزواجُهن، وبعضهن أحصنهنّ حريتهن أو إسلامهن.* * *وقرأ بعض المتقدمين كل ذلك بالكسر، بمعنى أنهن عففن وأحصنَّ أنفسهن. وذكرت هذه القراءة - أعني بكسر الجميع - عن علقمة، على الاختلاف في الرواية عنه. (58)* * *قال أبو جعفر: والصواب عندنا من القول في ذلك، أنهما قراءتان مستفيضتان في قرأة الأمصار، مع اتفاق ذلك في المعنى، فبأيتهما قرأ القارئ فمصيبٌ الصوابَ، إلا في الحرف الأول[من سورة النساء: 24] وهو قوله: وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ إِلا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ، فإني لا أستجيز الكسر في صاده، لاتفاق قراءة الأمصار على فتحها. (59) ولو كانت القراءة بكسرها مستفيضة استفاضَتها بفتحها، كان صوابًا القراءةُ بها كذلك، لما ذكرنا من تصرف " الإحصان " في المعاني التي بيّناها، فيكون معنى ذلك لو كسر: والعفائف من النساء حرامٌ عليكم، إلا ما ملكت أيمانكم، بمعنى أنهن أحصنَّ أنفسهن بالعفة. (60)* * *وأما " الفتيات "، فإنهن جمع " فتاة "، وهن الشوابّ من النساء. ثم يقال لكل مملوكة ذاتِ سنّ أو شابة: " فتاة "، والعبد: " فتى ".* * *ثم اختلف أهل العلم في نكاح الفتيات غير المؤمنات، وهل عنى الله بقوله: " من فتياتكم المؤمنات "، تحريم ما عدا المؤمنات منهن، أم ذلك من الله تأديب للمؤمنين؟فقال بعضهم: ذلك من الله تعالى ذكره دلالة على تحريم نكاح إماء المشركين.*ذكر من قال ذلك:9069 - حدثنا محمد بن بشار قال، حدثنا عبد الرحمن قال، أخبرنا سفيان، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: " من فتياتكم المؤمنات "، قال: لا ينبغي أن يتزوّج مملوكة نصرانيّةً.9070 - حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبي، عن سفيان، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: " من فتياتكم المؤمنات "، قال: لا ينبغي للحرّ المسلم أن ينكح المملوكة من أهل الكتاب.9071 - حدثنا علي بن سهل قال، حدثنا الوليد بن مسلم قال، سمعت أبا عمرو، وسعيد بن عبد العزيز، ومالك بن أنس، وأبو بكر بن عبد الله بن أبي مريم، يقولون: لا يحل لحرّ مسلم ولا لعبد مسلم، الأمةُ النصرانية، لأن الله يقول: " من فتياتكم المؤمنات "، يعني بالنكاح. (61)* * *وقال آخرون: ذلك من الله على الإرشاد والندب، لا على التحريم. وممن قال ذلك جماعة من أهل العراق.*ذكر من قال ذلك:9072 - حدثنا ابن حميد قال، حدثنا جرير، عن منصور، عن مغيرة قال، قال أبو ميسرة: أما أهل الكتاب بمنزلة الحرائر.* * *= ومنهم أبو حنيفة وأصحابه، (62) واعتلوا لقولهم بقول الله: أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ [سورة المائدة: 5]. قالوا: فقد أحل الله محصنات أهل الكتاب عامًّا، فليس لأحد أن يخُص منهن أمة ولا حرة. قالوا: ومعنى قوله: " فتياتكم المؤمنات "، غير المشركات من عبدة الأوثان.* * *قال أبو جعفر: وأولى القولين في ذلك بالصواب، قول من قال: هو دلالة على تحريم نكاح إماء أهل الكتاب، فإنهن لا يحللن إلا بملك اليمين. وذلك أن الله جل ثناؤه أحلّ نكاح الإماء بشروط، فما لم تجتمع الشروط التي سماهن فيهن، (63) فغير جائز لمسلم نكاحهن.* * *فإن قال قائل: فإنّ الآية التي في" المائدة " تدل على إباحتهن بالنكاح؟قيل: إن التي في" المائدة "، قد أبان أن حكمها في خاص من محصناتهم، وأنها معنيٌّ بها حرائرهم دون إمائهم، قولُه: " من فتياتكم المؤمنات ". وليست إحدى الآيتين دافعًا حكمها حكمَ الأخرى، (64) بل إحداهما مبينة حكم الأخرى، وإنما تكون إحداهما دافعة حكم الأخرى، لو لم يكن جائزًا اجتماع حكميهما على صحة. (65) فغير جائز أن يحكم لإحداهما بأنها دافعة حكم الأخرى، إلا بحجة التسليم لها من خبر أو قياس. ولا خبر بذلك ولا قياس. والآية محتملة ما قلنا: والمحصنات من حرائر الذين أوتوا الكتاب من قبلكم دون إمائهم.* * *القول في تأويل قوله تعالى وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِكُمْ بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍقال أبو جعفر: وهذا من المؤخر الذي معناه التقديم.* * *وتأويل ذلك: وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلا أَنْ يَنْكِحَ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ فَمِنْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ مِنْ فَتَيَاتِكُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ، فلينكح بعضكم من بعض = بمعنى: فلينكح هذا فتاة هذا.* * *ف " البعض " مرفوع بتأويل الكلام، ومعناه، إذ كان قوله: فَمِنْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ، في تأويل: فلينكح مما ملكت أيمانكم، ثم رد " بعضكم " على ذلك المعنى، فرفع.* * *ثم قال جل ثناؤه: " والله أعلم بإيمانكم "، (66) أي: والله أعلم بإيمان من آمن منكم بالله ورسوله وما جاء به من عند الله، فصدق بذلك كله = منكم. (67)* * *يقول: فلينكح من لم يستطع منكم طولا لحرة من فتياتكم المؤمنات. لينكح هذا المقتر الذي لا يجد طولا لحرة، من هذا الموسر، فتاتَه المؤمنة التي قد أبدت الإيمان فأظهرته، وكلوا سرائرهن إلى الله، فإن علم ذلك إلى الله دونكم، والله أعلم بسرائركم وسرائرهن.* * *القول في تأويل قوله : فَانْكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أَهْلِهِنَّ وَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ بِالْمَعْرُوفِقال أبو جعفر: يعني بقوله جل ثناؤه: " فانكحوهن "، فتزوجوهن (68) وبقوله: " بإذن أهلهن "، بإذن أربابهن وأمرهم إيّاكم بنكاحهن ورضاهم (69) = ويعني بقوله: " وآتوهن أجورهن "، وأعطوهن مهورهن، (70) كما:-9073 - حدثنا يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد: " وآتوهن أجورهن " قال: الصداق.* * *ويعني بقوله: " بالمعروف " على ما تراضيتم به، مما أحلَّ الله لكم، وأباحه لكم أن تجعلوه مهورًا لهن. (71)* * *القول في تأويل قوله : مُحْصَنَاتٍ غَيْرَ مُسَافِحَاتٍ وَلا مُتَّخِذَاتِ أَخْدَانٍقال أبو جعفر: يعني بقوله: " محصنات "، (72) عفيفات =" غير مسافحات "، غير مزانيات (73) =" ولا متخذات أخدان "، يقول: ولا متخذات أصدقاء على السفاح.* * *وذكر أن ذلك قيل كذلك، (74) لأن " الزواني" كنّ في الجاهلية، في العرب: المعلنات بالزنا، و " المتخذات الأخدان ": اللواتي قد حبسن أنفسَهن على الخليل والصديق، للفجور بها سرًّا دون الإعلان بذلك.*ذكر من قال ذلك:9074 - حدثنا المثنى قال، حدثنا عبد الله بن صالح قال، حدثني معاوية بن صالح، عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس قوله: " محصنات غير مسافحات ولا متخذات أخدان "، يعني: تنكحوهن عفائف غير زواني في سرّ ولا علانية =" ولا متخذات أخدان "، يعني: أخلاء.9075 - حدثني محمد بن سعد قال، حدثني أبي قال، حدثني عمي قال، حدثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس قوله: " غير مسافحات "، المسافحات المعالنات بالزنا =" ولا متخذات أخدان "، ذات الخليل الواحد = قال: كان أهل الجاهلية يحرِّمون ما ظهر من الزنا، ويستحلون ما خفي، يقولون: " أما ما ظهر منه فهو لؤم، وأما ما خفي فلا بأس بذلك "، فأنزل الله تبارك وتعالى: وَلا تَقْرَبُوا الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ [سورة الأنعام: 151].9076 - حدثني محمد بن عبد الأعلى قال، حدثنا معتمر قال، سمعت داود يحدّث، عن عامر قال: الزنا زناءان: تزني بالخدن ولا تزني بغيره، وتكون المرأة سَوْمًا، (75) ثم قرأ: " محصنات غير مسافحات ولا متخذات أخدان ".9077 - حدثنا محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن مفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي: أما " المحصنات " فالعفائف، فلتنكح الأمة بإذن أهلها محصنة = و " المحصنات " العفائف = غير مسافحة =، و " المسافحة "، المعالنة بالزنا = ولا متخذة صديقًا.9078 - حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد في قوله: " ولا متخذات أخدان "، قال: الخليلة يتخذها الرجل، والمرأة تتخذ الخليل.9079 - حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد مثله.9080- حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة: " محصنات غير مسافحات ولا متخذات أخدان "،" المسافحة ": البغيّ التي تؤاجر نفسها من عَرَض لها. و " ذات الخدن ": ذات الخليل الواحد. فنهاهم الله عن نكاحهما جميعًا.9081 - حدثت عن الحسين بن الفرج قال، سمعت أبا معاذ يقول: حدثنا عبيد بن سليمان قال، سمعت الضحاك بن مزاحم يقول في قوله: " محصنات غير مسافحات ولا متخذات أخدان "، أما " المحصنات "، فهن الحرائر، يقول: تزوج حرة. وأما " المسافحات "، فهن المعالنات بغير مهر. (76) وأما " متخذات أخدان "، فذات الخليل الواحد المستسرَّة به. (77) نهى الله عن ذلك.9082 - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثنا هشيم قال، أخبرنا إسماعيل بن سالم، عن الشعبي قال: الزنا وجهان قبيحان، أحدهما أخبث من الآخر. فأما الذي هو أخبثهما: فالمسافحة، التي تفجر بمن أتاها. وأما الآخر: فذات الخِدن.9083 - حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد في قوله: " محصنات غير مسافحات ولا متخذات أخدان "، قال: " المسافح " الذي يَلقى المرأة فيفجر بها ثم يذهب وتذهب. و " المخادن "، الذي يقيم معها على معصية الله وتقيم معه، فذاك " الأخدان ".* * *القول في تأويل قوله : فَإِذَا أُحْصِنَّقال أبو جعفر: اختلفت القرأة في قراءة ذلك.فقرأه بعضهم: ( فَإِذَا أَحْصَنَّ ) بفتح " الألف "، بمعنى: إذا أسلمن، فصرن ممنوعات الفروج من الحرام بالإسلام.* * *وقرأه آخرون: ( فَإِذَا أُحْصِنَّ ) بمعنى: فإذا تزوّجن، فصرن ممنوعات الفروج من الحرام بالأزواج.قال أبو جعفر: والصواب من القول في ذلك عندي، أنهما قراءتان معروفتان مستفيضتان في أمصار الإسلام، فبأيتهما قرأ القارئ فمصيبٌ في قراءته الصوابَ.* * *فإن ظن ظانٌّ أنّ ما قلنا في ذلك غيرُ جائز، إذ كانتا مختلفتي المعنى، وإنما تجوز القراءةُ بالوجهين فيما اتفقت عليه المعاني = فقد أغفل (78)وذلك أن معنيي ذلك وإن اختلفا، فغير دافع أحدُهما صاحبه. لأن الله قد أوجب على الأمَة ذات الإسلام وغير ذات الإسلام على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم، الحدَّ.9084 - فقال صلى الله عليه وسلم: " إذا زَنت أمَةُ أحدكم فَليجلدها، كتابَ الله، ولا يُثَرِّبْ عليها. ثم إن عادت فليضربها، كتابَ الله، ولا يُثرّبْ عليها. ثم إن عادت فليضربها، كتابَ الله، ولا يُثرّب عليها. ثم إن زَنت الرابعة فليضربها، كتابَ الله، وليبعها ولو بحبل من شَعَرٍ". (79)9085 - وقال صلى الله عليه وسلم: " أقيموا الحدودَ على ما ملكت أيمانكم " . (80)* * *=فلم يخصص بذلك ذات زوج منهن ولا غير ذات زوج. فالحدود واجبةٌ على مَوالي الإماء إقامتها عليهن، إذا فجرن، بكتاب الله وأمرِ رسول الله صلى الله عليه وسلم.* * *فإن قال قائل: فما أنت قائل فيما حدثكم به:-9086 - ابن بشار قال، حدثنا عبد الرحمن قال، حدثنا مالك بن أنس، عن الزهري، عن عبيد الله بن عبد الله، عن أبي هريرة وزيد بن خالد: أن النبي صلى الله عليه وسلم سُئل عن الأمة تَزني ولم تُحصَن. قال: اجلدها، فإن زنت فاجلدها، فإن زنت فاجلدها، فإن زنت = فقال في الثالثة أو الرابعة = فبعْها ولو بضفير = و " الضفيرُ": الشَّعر.9087 - حدثنا أبو كريب قال، حدثنا ابن عيينة، عن الزهري، عن عبيد الله بن عبد الله، عن أبي هريرة وزيد بن خالد: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سُئل = فذكر نحوه. (81)=فقد بينّ أن الحدّ الذي وجب إقامته بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم على الإماء، هو ما كان قبل إحصانهن. فأما ما وجب من ذلك عليهنّ بالكتاب، فبعدَ إحصانهن؟قيل له: قد بيَّنا أن أحد معاني" الإحصان " الإسلام، وأن الآخر منه: التزويج، وأن " الإحصان " كلمة تشتمل على معان شتى. (82) وليس في رواية من روى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه سُئل " عن الأمة تزني قبل أن تُحصن "، بيانُ أن التي سئِل عنها النبيّ صلى الله عليه وسلم هي التي تزني قبل التزويج، فيكون ذلك حجة لمحتج في أن " الإحصان " الذي سنّ صلى الله عليه وسلم حدَّ الإماء في الزنا، هو الإسلام دون التزويج، ولا أنه هو التزويجُ دون الإسلام.وإذ كان لا بيان في ذلك، فالصواب من القول: أنّ كل مملوكة زنت فواجب على مولاها إقامةُ الحدّ عليها، متزوجةً كانت أو غير متزوجة، لظاهر كتاب الله، والثابت من سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، إلا مَن أخرجه من وُجوب الحد عليه منهنّ بما يجب التسليم له.وإذْ كان ذلك كذلك، تبين به صحةُ ما اخترنا من القراءة في قوله: " فإذا أُحصِن ".* * *قال أبو جعفر: فإن ظن ظانّ أن في قول الله تعالى ذكره: وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلا أَنْ يَنْكِحَ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ فَمِنْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ مِنْ فَتَيَاتِكُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ، دلالةً على أن قوله: " فإذا أحصن "، معناه: تزوّجن، إذْ كان ذكر ذلك بعد وصفهن بالإيمان بقوله: مِنْ فَتَيَاتِكُمُ الْمُؤْمِنَاتِ = (83) وحسبَ أن ذلك لا يحتمل معنى غير معنى التزويج، مع ما تقدم ذلك من وصفهن بالإيمان = فقد ظنّ خطأ. (84)وذلك أنه غير مستحيل في الكلام أن يكون معنى ذلك: وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلا أَنْ يَنْكِحَ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ فَمِنْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ مِنْ فَتَيَاتِكُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ، فإذا هنَّ آمنَّ فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ ، فيكون الخبرُ مبتدأ عما يجب عليهنّ من الحدّ إذا أتين بفاحشة بعد إيمانهن، (85) بعد البيان عما لا يجوز لناكحهن من المؤمنين من نكاحهن، وعمن يجوز نكاحه له منهن.فإذ كان ذلك غير مستحيل في الكلام، فغيرُ جائز لأحد صَرْف معناه إلى أنه التزويج دون الإسلام، من أجل ما تقدّم من وصف الله إيَّاهن بالإيمان.* * *غير أن الذي نختار لمن قرأ: مُحْصَنَاتٍ غَيْرَ مُسَافِحَاتٍ بفتح " الصاد " في هذا الموضع، أن يَقرأ: فَإِذَا أُحْصِنَّ فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ بضم " الألف ".ولمن قرأ: " مُحْصِنَاتٍ" بكسر " الصاد " فيه، أن يقرأ: ( فَإِذَا أَحْصَنَّ ) بفتح " الألف "، لتأتلف قراءة القارئ على معنًى واحد وسياق واحد، لقرب قوله: " مُحْصِنَاتٍ" من قوله: " فإذا أحصَن ". ولو خالف من ذلك، لم يكن لحنًا، غيرَ أنّ وجه القراءةِ ما وصفت.* * *وقد اختلف أهل التأويل في تأويل ذلك، نظيرَ اختلاف القرأة في قراءته. فقال بعضهم: معنى قوله: " فإذا أحصن "، فإذا أسلمن.*ذكر من قال ذلك:9088 - حدثني محمد بن عبد الله بن بزيع قال، حدثنا بشر بن المفضل، عن سعيد، عن أبي معشر، عن إبراهيم: أن ابن مسعود قال: إسلامها إحصانها. (86)9089 - حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، أخبرني جرير بن حازم: أن سليمان بن مهران حدّثه، عن إبراهيم بن يزيد، عن همام بن الحارث: أن النعمان بن عبد الله بن مقرّن، سأل عبد الله بن مسعود فقال: أَمَتي زنت؟ فقال: اجلدها خمسين جلدة. قال: إنها لم تُحصِن! فقال ابنُ مسعود: إحصانُها إسلامها.9090 - حدثنا ابن بشار قال، حدثنا عبد الرحمن قال، حدثنا سفيان، عن حماد، عن إبراهيم: أن النعمان بن مقرّن سأل ابن مسعود عن أَمةٍ زنتْ وليس لها زوج، فقال: إسلامها إحصانها. (87)9091 - حدثني ابن المثنى قال، حدثنا محمد بن جعفر قال، حدثنا شعبة، عن حماد، عن إبراهيم: أن النعمان قال: قلت لابن مسعود: أَمتي زنت؟ قال: اجلدها. قلت: فإنها لم تُحصن! قال: إحصانها إسلامها.9092 - حدثنا ابن حميد قال، حدثنا جرير، عن مغيرة، عن إبراهيم، عن علقمة قال، كان عبد الله يقول: إحصانها إسلامها.9093 - حدثنا أبو كريب قال، حدثنا هشيم قال، أخبرنا إسماعيل بن سالم، عن الشعبي أنه تلا هذه الآية: " فإذا أحصن " قال، يقول: إذا أسلمن.9094 - حدثنا أبو هشام الرفاعي قال، حدثنا يحيى بن أبي زائدة، عن أشعث، عن الشعبي قال، قال عبد الله: الأمة إحصانها إسلامها.9095 - حدثني يعقوب بن إبراهيم قال، حدثنا هشيم قال، مغيرة، أخبرنا عن إبراهيم أنه كان يقول: " فإذا أحصن "، يقول: إذا أسلمن.9096 - حدثنا أبو هشام قال، حدثنا يحيى بن أبي زائدة، عن أشعث، عن الشعبي قال، الإحصان الإسلام.9097 - حدثني يعقوب بن إبراهيم قال، حدثنا ابن علية، عن برد بن سنان، عن الزهري قال: جلد عمر رضي الله عنه ولائد أبكارًا من ولائد الإمارة في الزنا. (88)9098 - حدثنا محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن مفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي: " فإذا أحصنّ"، يقول: إذا أسلمن.9099 - حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبي، عن إسرائيل، عن جابر، عن سالم والقاسم قالا إحصانها إسلامها وعفافها في قوله: " فإذا أحصن ".* * *وقال آخرون: معنى قوله: " فإذا أحصن "، فإذا تزوّجن.*ذكر من قال ذلك:9100 - حدثني المثنى قال، حدثنا عبد الله بن صالح قال، حدثني معاوية، عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس قوله: " فإذا أحصن "، يعني: إذا تزوّجن حرًّا.9101 - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثنا هشيم قال، أخبرنا حصين، عن عكرمة، عن ابن عباس أنه كان يقرأ: ( فَإِذَا أُحْصِنَّ ) . يقول: إذا تزوجن.9102 - حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا جرير، عن مغيرة، عن عكرمة: أن ابن عباس كان يقرأ: " فإذا أحصن "، يقول: تزوجن.9103 - حدثنا أبو كريب قال، حدثنا ابن إدريس قال، سمعت ليثا، عن مجاهد قال: إحصان الأمة أن ينكحها الحرّ، وإحصان العبد أن ينكح الحرّة.9104 - حدثنا ابن المثنى قال، حدثنا محمد بن جعفر قال، حدثنا شعبة، عن عمرو بن مرة: أنه سمع سعيد بن جبير يقول: لا تُضرب الأمةُ إذا زنتْ، ما لم تتزوّج.9105 - حدثنا محمد بن بشار قال، حدثنا عبد الأعلى قال، حدثنا سعيد، عن قتادة: عن الحسن في قوله: " فإذا أحصن ". قال: أحصنتهن البُعُولة.9106 - حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة: " فإذا أحصن "، قال: أحصنتهن البعولة.9107 - حدثنا يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، أخبرني عياض بن عبد الله، عن أبي الزناد: أن الشعبي أخبره، أن ابن عباس أخبره: أنه أصاب جاريةً له قد كانت زَنتْ، وقال: أحصنتها. (89)* * *قال أبو جعفر وهذا التأويل على قراءة من قرأ: ( فَإِذَا أُحْصِنَّ ) بضم " الألف "، وعلى تأويل من قرأ: ( فَإِذَا أَحْصَنَّ ) بفتحها. وقد بينا الصّواب من القول والقراءة في ذلك عندنا. (90)* * *القول في تأويل قوله : فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِقال أبو جعفر: يعني جل ثناؤه بقوله: " فإن أتين بفاحشة "، فإن أتت فتياتكم - وهنّ إماؤكم - بعد ما أحصَنّ بإسلام، أو أحْصِنّ بنكاح (91) =" بفاحشة "، وهي الزنا (92) =" فعليهن نصف ما على المحصنات من العذاب "، يقول: فعليهن نصف ما على الحرائر من الحدّ، إذا هنّ زَنين قبل الإحصان بالأزواج.* * *و " العذاب " الذي ذكره الله تبارك وتعالى في هذا الموضع، هو الحدّ، وذلك النصف الذي جعله الله عذابًا لمن أتى بالفاحشة من الإماء إذا هن أحصن: خمسون جلدة، ونَفي ستة أشهر، وذلك نصف عام. لأنّ الواجب على الحرة إذا هي أتت بفاحشة قبل الإحصان بالزوج، جلد مئة ونفي حَوْلٍ. فالنصف من ذلك خمسون جلدة، ونفي نصف سنة. وذلك الذي جعله الله عذابًا للإماء المحصنات إذا هن أتين بفاحشة، كما:-9108 - حدثني المثنى قال، حدثنا عبد الله بن صالح قال، حدثني معاوية بن صالح، عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس: " فعليهن نصف ما على المحصنات من العذاب " ........... (93)9109 - حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة قوله: " فإن أتين بفاحشة فعليهن نصفُ ما على المحصنات من العذاب "، خمسون جلدةً، ولا نَفي ولا رَجمَ.* * *فإن قال قائل: وكيف [قيل] (94) " فعليهن نصفُ ما على المحصنات من العذاب "؟. وهل يكون الجلدُ على أحد؟قيل: إن معنى ذلك: فلازمُ أبدانهنّ أن تجلد نصف ما يَلزم أبدان المحصنات، كما يقال: " عليّ صلاةُ يوم "، بمعنى: لازم عليّ أن أصلي صلاة يوم (95) = و " عليّ الحج والصيام "، مثل ذلك. وكذلك: " عليه الحدّ"، بمعنى لازم له إمكان نفسه من الحدّ ليقام عليه.* * *القول في تأويل قوله : ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ الْعَنَتَ مِنْكُمْقال أبو جعفر: يعني تعالى ذكره بقوله: " ذلك "، هذا الذي أبَحْتُ = أيها الناس، (96) من نكاح فتياتكم المؤمنات لمن لا يستطيع منكم طَوْلا لنكاح المحصنات المؤمنات = أبحته لمن خشي العنت منكم، دون غيره ممن لا يخشى العنت.* * *واختلف أهل التأويل في هذا الموضع.فقال بعضهم: هو الزنا.*ذكر من قال ذلك:9110 - حدثنا أبو كريب قال، حدثنا ابن إدريس قال، سمعت ليثًا، عن مجاهد قوله: " لمن خشي العنت منكم "، قال: الزنا.9111 - حدثني يعقوب بن إبراهيم قال، حدثنا هشيم، عن العوام، عمن حدثه، عن ابن عباس أنه قال: ما ازْلَحَفَّ ناكح الأمة عن الزنا إلا قليلا. (97)9112 - حدثني المثنى قال، حدثنا عبد الله بن صالح قال، حدثني معاوية بن صالح، عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس قال: العنتُ الزنا.9113 - حدثني المثنى قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا عبيد بن يحيى قال، حدثنا شريك، عن عطاء بن السائب، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس قال: العنت الزنا.9114 - حدثني يعقوب قال، حدثنا هشيم قال، أخبرنا أبو بشر، عن سعيد بن جبير قال: ما ازْلَحَفَّ ناكح الأمة عن الزنا إلا قليلا " ذلك لمن خشي العنتَ منكم ".9115 - حدثنا أبو سلمة قال، حدثنا محمد بن جعفر قال، حدثنا شعبة، عن أبي بشر، عن سعيد بن جبير نحوه. (98)9116 - حدثني المثنى قال، حدثنا حبان بن موسى قال، أخبرنا ابن المبارك قال، أخبرنا فضيل بن مرزوق، عن عطية في قوله: " ذلك لمن خشي العنت منكم "، قال: الزنا.9117 - حدثني المثنى قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا ابن أبي حماد قال، حدثنا فضيل، عن عطية العوفي مثله.9118 - حدثني المثنى قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا أبو زهير، عن جويبر، عن الضحاك في قوله: " لمن خشي العنت منكم "، قال: الزنا.119 - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثنا هشيم قال، أخبرنا عبيدة، عن الشعبي = وجويبر، عن الضحاك = قالا العنت الزنا.9120 - حدثنا أحمد بن حازم قال، حدثنا أبو نعيم قال، حدثنا فضيل بن مرزوق، عن عطية: " ذلك لمن خشي العنت منكم "، قال: العنت الزنا.* * *وقال آخرون: معنى ذلك: العقوبة التي تُعْنِته، وهي الحدّ.* * *قال أبو جعفر: والصواب من القول في قوله: " ذلك لمن خشي العنت منكم "، ذلك لمن خاف منكم ضررًا في دينه وَبَدنِه.* * *قال أبو جعفر: وذلك أن " العنت " هو ما ضرّ الرجل. يقال منه: " قد عَنِتَ فلان فهو يَعْنَتُ عَنتًا "، إذا أتى ما يَضرّه في دين أو دنيا، ومنه قول الله تبارك وتعالى: وَدُّوا مَا عَنِتُّمْ [سورة آل عمران: 118]. ويقال: " قد أعنتني فلان فهو يُعنِتني"، إذا نالني بمضرة. وقد قيل: " العنت "، الهلاك. (99)* * *=فالذين وجهوا تأويل ذلك إلى الزنا، قالوا: الزنا ضَرَرٌ في الدين، وهو من العنت.=والذين وجّهوه إلي الإثم، قالوا: الآثام كلها ضرر في الدين، وهي من العنت.= والذين وجهوه إلى العقوبة التي تعنته في بدنه من الحدّ، فإنهم قالوا: الحد مضرة على بدن المحدود في دنياه، وهو من العنت.وقد عمّ الله بقوله: " لمن خشي العنت منكم "، جميعَ معاني العنت. ويجمع جميعَ ذلك الزّنا، لأنه يوجب العقوبةَ على صاحبه في الدنيا بما يُعنت بدنه، ويكتسب به إثمًا ومضرّة في دينه ودنياه. وقد اتفق أهلُ التأويل الذي هم أهله، على أن ذلك معناه. فهو وإن كان في عينه لذةً وقضاءَ شهوة، فإنه بأدائه إلى العنت، منسوبٌ إليه موصوف به، إن كان للعنت سببًا. (100)* * *القول في تأويل قوله : وَأَنْ تَصْبِرُوا خَيْرٌ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (25)قال أبو جعفر: يعني جل ثناؤه بذلك: " وأنْ تصبروا "، أيها الناس، عن نكاح الإماء =" خير لكم " =" والله غفور " لكم نكاحَ الإماء أنْ تنكحوهن على ما أحلّ لكم وأذن لكم به، وما سلف منكم في ذلك، إن أصلحتم أمورَ أنفسكم فيما بينكم وبين الله =" رحيم " بكم، إذ أذن لكم في نكاحهن عند الافتقار وعدم الطول للحرّة.* * *وبنحو ما قلنا في ذلك قال أهل التأويل.*ذكر من قال ذلك:9121 - حدثني يعقوب بن إبراهيم قال، حدثنا هشيم قال، أخبرنا أبو بشر، عن سعيد بن جبير: " وأن تصبروا خير لكم "، قال: عن نكاح الأمة.9122 - حدثنا أبو كريب قال، حدثنا ابن إدريس قال، سمعت ليثًا، عن مجاهد: " وأن تصبروا خير لكم "، قال: عن نكاح الإماء.9123 - حدثنا محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن المفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي: " وأن تصبروا خير لكم "، يقول: وأن تصبرَ ولا تنكح الأمة فيكون ولدك مملوكين، فهو خيرٌ لك.9124 - حدثنا محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم، عن عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: " وأن تصبروا خير لكم "، يقول: وأن تصبروا عن نكاح الإماء، خيرٌ لكم، وهو حلّ.9125 - حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتاده: " وأن تصبروا خير لكم "، يقول: وأن تصبروا عن نكاحهن = يعني نكاح الإماء= خير لكم.9126 - حدثني المثنى قال، حدثنا حبان بن موسى قال، أخبرنا ابن المبارك قال، أخبرنا فضيل بن مرزوق، عن عطية في قوله: " وأن تصبروا خير لكم "، قال: أن تصبروا عن نكاح الإماء، خير لكم.9127 - حدثني المثنى قال، حدثنا حبان قال، حدثنا ابن المبارك قال، أخبرنا ابن جريج قال، أخبرنا ابن طاوس، عن أبيه: " وأن تصبروا خير لكم "، قال: أن تصبروا عن نكاح الأمة خيرٌ لكم.9128 - حدثني علي بن داود قال، حدثنا عبد الله بن صالح قال، حدثني معاوية بن صالح، عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس: " وأن تصبروا خير لكم "، قال: وأن تصبروا عن الأمة، خير لكم.* * *و " أن " في قوله: " وأن تصبروا " في موضع رفع ب " خيرٌ"، بمعنى: والصبرُ عن نكاح الإماء خيرٌ لكم.---------------------الهوامش:(54) انظر تفسير"المحصنات" فيما سلف قريبًا: 151-169.(55) في المطبوعة: "فيتزوج الأمة" ، وأثبت ما في المخطوطة.(56) في المطبوعة: "من لم يجد ما ينكح..." ، وأثبت ما في المخطوطة ، فهو صواب محض.(57) في المطبوعة: "... إلا لمن لا يجد ما ينكح به حرة ، وينفق عليها" ، وأثبت ما في المخطوطة ، فهو الصواب الجيد.(58) لم يشر أبو جعفر في تفسير آية النساء: 24 فيما سلف ، إلى هذه القراءة ، ولم يذكر هذا الاختلاف في قراءة"المحصنات" ، وذلك من الأدلة على اختصاره التفسير ، كما أسلفت مرارًا.(59) هذا كله لم يذكر في تفسير آية النساء الأولى ، وبيان معنى"الإحصان" قد سلف قريبًا: 165 ، 166.(60) هذا كله لم يذكر في تفسير آية النساء الأولى ، وبيان معنى"الإحصان" قد سلف قريبًا: 165 ، 166.(61) الأثر: 9071 -"الوليد بن مسلم الدمشقي" ، سلفت ترجمته برقم: 2184 ، 6611 و"أبو عمرو" ، هو الأوزاعي ، وكان في المطبوعة والمخطوطة"أبو عمرو سعيد" كأنه واحد ، أو "أبو عمر" و"سعيد" ، والصواب ما أثبت.و"سعيد بن عبد العزيز التنوخي" أبو محمد ، مضت ترجمته برقم: 8966.وأما "أبو بكر بن عبد الله بن أبي مريم الغساني" ، كان من العباد المجتهدين ، وكان كثير الحديث ضعيفًا. قال أبو حاتم: "ضعيف الحديث ، طرقه لصوص فأخذوا متاعه ، فاختلط" ، مات سنة 156 ، وفي تهذيب التهذيب خطأ في سنة وفاته ، كتب: "سنة ست وخمسين ومئتين" ، والصواب ، ومئة. وقد ترجمه ابن سعد في طبقاته 7 / 2 / 170 في الطبعة الخامسة من أهل الشام ، التي منها"سعيد بن عبد العزيز التنوخي".هذا ، وقد كان في المطبوعة والمخطوطة: "ومالك بن عبد الله بن أبي مريم" ، وليس في الرواة من يسمى بهذا الاسم ، وصوابه ما أثبت ، وأبو بكر بن أبي مريم ، قد روى عنه الوليد بن مسلم ، كما روى عن سائر من ذكر قبله.(62) قوله: "ومنهم أبو حنيفة وأصحابه" معطوف على قوله قبل الأثر: "وممن قال ذلك جماعة من أهل العراق...".(63) في المطبوعة: "التي سماها فيهن" ، وأثبت ما في المخطوطة ، فهو صواب جيد.(64) في المطبوعة: "دافعة حكمها..." والصواب ما أثبت في المخطوطة ، وإن كان كاتبها قد أساء الكتابة ، فقرأها الناشر على غير وجهها الصحيح.(65) في المطبوعة والمخطوطة هنا: "حكمهما" على الإفراد ، والصواب ما أثبت ، على التثنية.(66) في المخطوطة أتم الآية هنا: "بعضكم من بعض" ، وقد أحسن الناشر الأول إذ حذف هذه الزيادة هنا ، لأن سياق التفسير على أن قوله: "والله أعلم بإيمانكم" من المقدم على قوله: "بعضكم من بعض".(67) السياق: "والله أعلم...منكم".(68) انظر تفسير"النكاح" فيما سلف 7: 574.(69) انظر تفسير"الإذن" فيما سلف 2: 449 ، 450 / 4: 286 ، 371 / 5: 352 ، 355 ، 395 / 7: 288 ، 377.(70) انظر تفسير"الإيتاء" فيما سلف في فهارس اللغة ، وتفسير"الأجور" فيما سلف قريبًا: 175.(71) انظر تفسير"المعروف" فيما سلف: 121 ، تعليق: 1 ، والمراجع هناك.(72) انظر تفسير"محصنات" فيما سلف قريبًا: 151 ، 168 ، 185.(73) انظر تفسير: "السفاح" فيما سلف قريبًا: 174.(74) في المطبوعة: "وقد ذكر..." بزيادة"قد" ، وأثبت ما في المخطوطة.(75) في المطبوعة: "وتكون المرأة شؤمًا" ، وهو كلام لا معنى له هنا ، وهي في المخطوطة: "سوما" غير منقوطة ، وهي الصواب. و"السوم" العرض ، يقال: "عرض علي سوم عالة" ، أي عرض ذلك علي عرضًا غير مبالغ فيه ، كما يعرض الماء على الإبل شربت مرة بعد مرة. ويضرب مثلا لمن يعرض عليك ما أنت عنه غني ، كالرجل يعلم أنك نزلت دار رجل ضيفًا ، فيعرض عليك القرى. ومنه"السوم" وهو عرض السلعة على البيع. وذلك بمعنى ما سيأتي في الأثر رقم: 9080: "البغي التي تؤاجر نفسها من عرض لها". هذا ، ولم يذكر هذا اللفظ مشروحًا في كتب اللغة ، فقيده هناك.(76) في المطبوعة: "فهن المعلنات" ، وفي المخطوطة: "فهي المعالنة" ، ورجحت أن يكون الصواب ما أثبت.(77) المستسرة: المستخفية ، من"السر".(78) قوله: "فقد أغفل" ، جواب الشرط في قوله: "فإن ظن ظان...". وقوله: "أغفل" فعل لازم غير متعد ، أي: دخل في الغفلة ، وانظر تفسير مثله فيما سلف 1: 151 ، تعليق: 1 / 5: 52 ، تعليق: 4 = ثم: 160 ، تعليق: 1.(79) الأثر: 9084 - حديث صحيح ، رواه من غير إسناد ، وكأنه من مسند أبي هريرة ، رواه البخاري بغير هذا اللفظ (الفتح 4: 350 / 12: 143-147) ومسلم 12: 211 / وأحمد في مسنده رقم: 7389 ، والبيهقي في السنن الكبرى 8: 242-244 ، من طرق.وقوله: "كتاب الله" على النصب ، وفي رواية للنسائي"بكتاب الله".وقوله صلى الله عليه وسلم: "ولا يثرب عليها" ، أي: لا يعيرها بالزنا ، ولا يبكتها بما أتت ، ولا يعنف عليها باللوم. وهذا أدب نبي الله صلى الله عليه وسلم لأمته: أن لا تعير مرتكبًا بما ارتكب ، وأن ترفق به ، وتعرض عن تذكيره بالفاحشة ، لئلا تمتلئ نفسه كمدًا وغيظًا وحقدًا على الناس. ولكنك ترى أهل زماننا ، يستطيلون على كل من أتى جرمًا ، فتمتلئ الصحافة بالسب والتعريض ، وقبيح الصفات لكل من أتى جرمًا ، كأن أحدهم قد أخذ عهدًا على أيامه البواقي أن لا يتورط في إثم أو جريمة. ومن يدري ، فلعل أطولهم لسانًا في ذلك ، أكثرهم استخفاء بما هو أشد من ذلك الجرم الذي ارتكبه المرتكب.(80) الأثر: 9085 - رواه أحمد في مسنده رقم: 736 ، 1137 ، 1142 ، 1230 / والسنن الكبرى للبيهقي 8: 243. وانظر تخريجه في تفسير ابن كثير 2: 406.(81) الأثران: 9086 ، 9087 - الإسناد الأول ، رواه مالك في الموطأ ص: 826 ، 827 ، مع خلاف في اللفظ يسير ، وقال في آخره: "والضفير ، الحبل" ، وهما سواء في المعنى. وأخرجه البخاري (الفتح 4: 350 / 12: 143-145) ، ومسلم 12: 212 ، 213 ، من طرق.(82) انظر ما سلف قريبًا ص: 151-196.(83) قوله: "وحسب" معطوف على قوله: "فإن ظن ظان".(84) قوله: "فقد ظن خطأ" جواب الشرط في قوله: "فإن ظن ظان".(85) في المطبوعة: "فيكون الخبر بيانًا عما يجب عليهن من الحد" ، غير ما في المخطوطة بسوء تصرف ، والصواب ما أثبته من المخطوطة. هذا ، ولم يرد بذكر"الخبر" و"مبتدأ" المعنى المصطلح عليه في النحو ، بل أراد إخبار الله تعالى ، وأنه ابتداء غير متصل بما قبله.(86) الأثر: 9088 -"سعيد" هو: سعيد بن أبي عروبة = و"أبو معشر" ، هو زياد بن كليب ، وكان في المطبوعة والمخطوطة: "سعيد بن أبي معشر" ، وهو خطأ محض.(87) الأثران 9089 -9090 - في الإسناد الأول: "إبراهيم بن يزيد" هو: إبراهيم النخعي. و"همام بن الحارث النخعي" ، ثقة ، كان من العباد ، وكان لا ينام إلا قاعدًا. روى عن ابن مسعود.وذكر في الإسناد الأول : "النعمان بن عبد الله بن مقرن" ، هكذا في المخطوطة والمطبوعة ، ولم أجد لهذا الاسم ذكرًا في الكتب ، وسيأتي في الأثر الذي يليه: "النعمان بن مقرن" ، وقد اختلف في"النعمان بن مقرن" فقيل: "النعمان بن عمرو بن مقرن" ، وقيل هما رجلان ، وذلك مفصل في كتب الرجال ، ولم يذكر أحد منهم"النعمان بن عبد الله بن مقرن".هذا ، وقد روى هذا الأثر ، البيهقي في السنن الكبرى 8: 243 ، وزاد الأمر إشكالا ، فرواه من حديث إبراهيم النخعي ، عن همام بن الحارث ، عن عمرو بن شرحييل: أن معقل بن مقرن أتى عبد الله بن مسعود = ولم أستطع أن أقطع بشيء في هذا الاضطراب.(88) الأثر: 9097 -"برد بن سنان الشامي ، مولى قريش" صاحب مكحول. روى عن عطاء بن أبي رباح ، والزهري ، ونافع مولى ابن عمر ، وغيرهم. كان صدوقًا في الحديث. مترجم في التهذيب.وقوله: "من ولائد الإمارة" ، في المخطوطة كتب"الإمارة" في الهامش ، وكان قد ضرب على الكلمة في صلب الكلام. ولعله يعني: ولائد من السبي.(89) في المخطوطة: "قال: حصنتها".(90) انظر ما سلف: 195 ، 196 / ثم: 199.(91) انظر تفسير"أتى بالفاحشة" فيما سلف: 73 ، 81.(92) انظر تفسير"الفاحشة" فيما سلف: 3: 303 / 5: 571 / 7: 218 / 8: 73 ، 115 ، 116.(93) الأثر: 9108 - هذا الأثر مبتور في المخطوطة والمطبوعة ، وإن كان قد ساقه كأنه غير مبتور ، فلذلك وضعت هذه النقط للدلالة على الخرم. ولم أجده في مكان آخر.(94) الزيادة بين القوسين ، لا بد منها ، وليست في المخطوطة ولا المطبوعة.(95) في المخطوطة: "لازم إلى أن أصلي" ، والصواب ما في المطبوعة.(96) انظر تفسير"ذلك" بمعنى"هذا" فيما سلف 1: 225-227 / 3: 335 / 6: 466.(97) الأثر: 9111 - ذكر هذا الأثر صاحب اللسان في (زحلف) و (زلحف) ، وقال في: "ازحلف" إنه على القلب من"ازلحف" على وزن"اقشعر" وقراءتهما بسكون الزاي ، وفتح اللام والحاء ، والفاء المشددة. وقوله: "ازلحف" أي: تنحى وتباعد ، شيئًا قليلا. وتمام الأثر في اللسان: "لأن الله عز وجل يقول: وأن تصبروا خير لكم". وانظر الأثر التالي رقم: 9114.(98) الأثر: 9115 -"أبو سلمة" ، لم أعرف من يكون في شيوخ أبي جعفر.(99) انظر تفسير العنت فيما سلف 4: 360 / 7: 140.(100) في المطبوعة: "أن كان للعنت" ، وهو صواب ، ولكن أثبت ما في المخطوطة.
یُرِیْدُ اللّٰهُ لِیُبَیِّنَ لَكُمْ وَ یَهْدِیَكُمْ سُنَنَ الَّذِیْنَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَ یَتُوْبَ عَلَیْكُمْؕ-وَ اللّٰهُ عَلِیْمٌ حَكِیْمٌ(۲۶)
اللہ چاہتا ہے کہ اپنے احکام تمہارے لئے بیان کردے اور تمہیں اگلوں کی روشیں بتادے (ف۸۷) اور تم پر اپنی رحمت سے رجوع فرمائے اور اللہ علم و حکمت والا ہے،
القول في تأويل قوله : يُرِيدُ اللَّهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ وَيَهْدِيَكُمْ سُنَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَيَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (26)قال أبو جعفر: يعني جل ثناؤه بقوله: " يريد الله ليبين لكم "، حلاله وحرامَه =" وَيهديكم سُنن الذين من قبلكم "، يقول: وليسددكم (101) =" سُنن الذين من قبلكم "، يعني: سُبل من قبلكم من أهل الإيمان بالله وأنبيائه، ومناهجهم فيما حرّم عليكم من نكاح الأمهات والبنات والأخوات وسائر ما حرم عليكم في الآيتين اللتين بَيَّن فيهما ما حرّم من النساء (102) =" ويتوب عليكم "، يقول: يريد الله أن يرجع بكم إلى طاعته في ذلك، مما كنتم عليه من معصيته في فعلكم ذلك قبلَ الإسلام، وقبل أن يوحي ما أوحىَ إلى نبيه من ذلك =" عليكم "، ليتجاوز لكم بتوبتكم عما سلف منكم من قبيح ذلك قبل إنابتكم وتوبتكم =" والله عليم "، يقول: والله ذو علم بما يصلح عباده في أدْيانهم ودنياهم وغير ذلك من أمورهم، وبما يأتون ويذَرون مما أحل أو حرم عليهم، حافظ ذلك كله عليهم =" حكيم " بتدبيره فيهم، في تصريفهم فيما صرّفهم فيه. (103)* * *واختلف أهل العربية في معنى قوله: " يريد الله ليبين لكم ".فقال بعضهم: معنى ذلك: يريد الله هذا من أجل أن يبين لكم. وقال: ذلك كما قال: وَأُمِرْتُ لأَعْدِلَ بَيْنَكُمُ [سورة الشورى: 15] بكسر " اللام "، لأن معناه: أمرت بهذا من أجل ذلك.* * *وقال آخرون: معنى ذلك: يريد الله أنْ يُبين لكم ويهديكم سُنن الذين من قبلكم. وقالوا: من شأن العرب التعقيبُ بين " كي" و " لام كي" و " أن "، ووضْعُ كل واحدة منهن موضع كلِّ واحدة من أختها معَ" أردت " و " أمرت ". فيقولون: " أمرتكَ أن تذهب، ولتذهب "، و " أردت أن تذهب ولتذهب "، كما قال الله جل ثناؤه: وَأُمِرْنَا لِنُسْلِمَ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ [سورة الأنعام: 71]، وقال في موضع آخر: قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَسْلَمَ [سورة الأنعام: 14]، (104) وكما قال: يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ [سورة الصف: 8]، ثم قال في موضع آخر، يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا [سورة التوبة: 32]. واعتلوا في توجيههم " أن " مع " أمرت " و " أردت " إلى معنى " كي"، وتوجيه " كي" مع ذلك إلى معنى " أن "، لطلب " أردت " و " أمرت " الاستقبال، وأنها لا يصلح معها الماضي، (105) لا يقال: " أمرتك أن قمت "، ولا " أردت أن قمت ". قالوا: فلما كانت " أن " قد تكون مع الماضي في غير " أردت " و " أمرت "، وَكَّدُوا لها معنى الاستقبال بما لا يكون معه ماض من الأفعال بحال، (106) من " كي" و " اللام " التي في معنى " كي". قالوا: وكذلك جمعت العرب بينهن أحيانًا في الحرف الواحد، فقال قائلهم في الجمع: (107)أَرَدْتَ لِكَيْمَا أَنْ تَطِيرَ بِقِرْبَتِيفَتَتْرُكَهَا شَنًّا بِبَيْدَاءَ بَلَقْعِ (108)فجمع بينهن، لاتفاق معانيهن واختلاف ألفاظهن، كما قال الآخر: (109)قَدْ يَكْسِبُ المَالَ الهِدَانُ الجَافِيبِغَيْرِ لا عَصْفٍ وَلا اصْطِرَافِ (110)فجمع بين " غير " و " لا "، توكيدًا للنفي. قالوا: إنما يجوز أن يجعل " أن " مكان " كي"، و " كي" مكان " أن "، في الأماكن التي لا يَصْحب جالبَ ذلك ماض من الأفعال أو غير المستقبل. فأما ما صحبه ماض من الأفعال وغير المستقبل، فلا يجوز ذلك. لا يجوز عندهم أن يقال: " طننت ليقوم "، ولا " أظن ليقوم "، بمعنى: أظن أن يقوم = لأنّ [" أنْ"]، (111) التي تدخل مع الظن تكون مع الماضي من الفعل، يقال: " أظن أن قد قام زيد "، ومع المستقبل، ومع الأسماء. (112)* * *قال أبو جعفر: وأولى القولين في ذلك بالصواب عندي، قولُ من قال: إن " اللام " في قوله: " يريد الله ليبين لكم "، بمعنى: يريد الله أنْ يبين لكم، لما ذكرتُ من علة من قال إنّ ذلك كذلك.* * *---------------(101) انظر تفسير"الهدى" فيما سلف من فهارس اللغة.(102) انظر تفسير"السنة" فيما سلف 7: 230 ، 231 ، وانظر مجاز القرآن لأبي عبيدة 1: 124.(103) انظر تفسير سائر ألفاظ الآية فيما سلف ، في فهارس اللغة.(104) في المخطوطة والمطبوعة: "وأمرت أن أكون" ، وهو سهو من الناسخ ، وأثبت نص التلاوة.(105) في المطبوعة: "وأيهما" ، وهي في المخطوطة غير منقوطة ، وكأنها خطأ مطبعي.(106) في المطبوعة: "ذكروا لها معنى الاستقبال..." ، وهو كلام لا معنى له ، صوابه ما أثبته من المخطوطة ، والظاهر أن الناشر استنكر عبارة أبي جعفر فغيرها. وعبارة الفراء في معاني القرآن: "استوثقوا لمعنى الاستقبال".(107) لا يعرف قائله.(108) معاني القرآن للفراء 1: 262 ، الإنصاف: 242 ، الخزانة 3: 585 ، والعيني (هامش الخزانة) 4: 405 ، وغيرها ، كما قال صاحب الخزانة: "وهذا بيت قلما خلا منه كتاب نحوي"."الشن": الخلق البالي: و"البيداء": المفازة المهلكة ، و"البلقع": الأرض القفر التي لا شيء بها. يقول: إنما أردت بذلك هلاكي وضياعي في قفرة مهلكة.(109) ينسب إلى العجاج ، وإلى رؤبة ، وليس في ديوانه ، وانظر التعليق التالي.(110) ديوان العجاج: 40 ، 82 ، معاني القرآن للفراء 1: 262 ، الإنصاف: 242. واللسان (صرف) (عصف) (هدن) ، والبيت التالي ، هو الوارد في شعر العجاج:قَالَ الَّذِي جَمَّعْتَ لِي صَوَافِيمِنْ غَيْرِ لا عَصْفٍ وَلا اصْطِرَافِوهو من قصيدة يعاتب فيها ولده رؤبة ، فرد عليه ولده رؤبة بقصيدة في ديوانه: 99. فظاهر أن هذا هو سبب الخلط في نسبة هذا الشعر ، والصواب أنه للعجاج ، لأنه من معنى عتابه ولده حين كبر وأرعش ، وظن أن ابنه طمع في ماله ورجا هلاكه ، وختم قصيدته بقوله:لَيْسَ كَذَاكُمْ وَلَدُ الأَشْرَافِأَعْجَلَنِي المَوْتَ وَلَمْ يُكًافِسَوْفَ يُجَازيك مَلِيكٌ وَافِبِالأَخْذِ إنْ جَازَاكَ، أَوْ يُعافِيو"الهدان": الجبان ، أو الوخم الثقيل النوام الذي لا يبكر في حاجة. و"عصف يعصف" و"اعتصف": طلب وكسب واحتال. و"العصف": الكسب والاحتيال. و"صرفت الرجل في أمري ، فتصرف واصطرف": أي احتال في طلب الكسب.(111) الزيادة بين القوسين لا بد منها ، استظهرتها من السياق ، ومن معاني القرآن للفراء.(112) ومثالهما عند الفراء 1: 263 ما نصه"ومع المستقبل ، فتقول: أظن أن سيقوم زيد = ومع الأسماء فتقول: أظن أنك قائم"وهذا الذي مضى هو مختصر مقالة الفراء في معاني القرآن 1: 261-263.
وَ اللّٰهُ یُرِیْدُ اَنْ یَّتُوْبَ عَلَیْكُمْ- وَ یُرِیْدُ الَّذِیْنَ یَتَّبِعُوْنَ الشَّهَوٰتِ اَنْ تَمِیْلُوْا مَیْلًا عَظِیْمًا(۲۷)
اور اللہ تم پر اپنی رحمت سے رجوع فرمانا چاہتا ہے، اور جو اپنے مزوں کے پیچھے پڑے ہیں وہ چاہتے ہیں کہ تم سیدھی راہ سے بہت الگ ہوجاؤ (ف۸۸)
القول في تأويل قوله عز وجل : وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلا عَظِيمًا (27)قال أبو جعفر: يعني بذلك تعالى ذكره: والله يريد أن يراجع بكم طاعته والإنابة إليه، ليعفوَ لكم عما سلف من آثامكم، ويتجاوز لكم عما كان منكم في جاهليتكم، من استحلالكم ما هو حرَامٌ عليكم من نكاح حلائل آبائكم وأبنائكم وغير ذلك مما كنتم تستحلونه وتأتونه، مما كان غير جائز لكم إتيانه من معاصي الله ==" ويريد الذين يتبعون الشهوات "، يقول: ويريد الذين يطلبون لذّات الدنيا وشهوات أنفسهم فيها =" أن تميلوا " عن أمر الله تبارك وتعالى، فتجوروا عنه بإتيانكم ما حرّم عليكم وركوبكم معاصيه =" ميلا عظيمًا "، جورًا وعدولا عنه شديدًا.* * *واختلف أهل التأويل في الذين وصفهم الله بأنهم " يتبعون الشهوات ".فقال بعضهم: هم الزناة.*ذكر من قال ذلك:9129 - حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم، عن عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد في قوله: " ويريد الذين يتبعون الشهوات "، قال: الزّنا =" أن تميلوا ميلا عظيمًا "، قال: يريدون أن تزنوا.9130 - حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: " ويريد الذين يتبعون الشهوات أن تميلوا ميلا عظيمًا "، أن تكونوا مثلهم، تزنون كما يزنون.9131 - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد: " ويريد الذين يتبعون الشهوات "، قال: الزنا =" أن تميلوا ميلا عظيمًا "، قال: يزني أهلُ الإسلام كما يزنون. قال: هي كهيئة: وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ [سورة القلم: 9].9132 - حدثنا أبو كريب قال، حدثنا يحيى بن أبي زائدة، عن ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: " ويريد الذين يتبعون الشهوات "، قال: الزنا =" أن تميلوا "، قال: أن تزنوا.* * *وقال آخرون، بل هم اليهودُ والنصارَى.*ذكر من قال ذلك:9133 - حدثنا محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن مفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي: " ويريد الذين يتبعون الشهوات "، قال: هم اليهود والنصارى =" أن تميلوا ميلا عظيمًا ".* * *وقال آخرون: بل هم اليهودُ خاصة، وكانت إرادتهم من المسلمين اتّباعَ شهواتهم في نكاح الأخوات من الأب. وذلك أنهم يحلون نكاحَهنّ، فقال الله تبارك وتعالى للمؤمنين: ويريدُ الذين يحلِّلون نكاح الأخوات من الأب، أن تميلوا عن الحق فتستحلّوهن كما استحلوا.* * *وقال آخرون. معنى ذلك: كل متبع شهوةً في دينه لغير الذي أبيح له.*ذكر من قال ذلك:9134 - حدثني يونس بن عبد الأعلى قال: أخبرنا ابن وهب قال، سمعت ابن زيد يقول في قوله: " ويريد الذين يتبعون الشهوات " الآية، قال: يريد أهل الباطل وأهل الشهوات في دينهم، أن تميلوا في دينكم ميلا عظيمًا، تتبعون أمرَ دينهم، وتتركون أمرَ الله وأمرَ دينكم.* * *قال أبو جعفر: وأولى الأقوال في ذلك بالصواب، قولُ من قال: معنى ذلك: ويريد الذين يتبعون شهوات أنفسهم من أهل الباطل وطلاب الزنا ونكاح الأخوات من الآباء، وغير ذلك مما حرمه الله =" أن تميلوا " عن الحق، (1) وعما أذن الله لكم فيه، فتجورُوا عن طاعته إلى معصيته، وتكونوا أمثالهم في اتباع شهوات أنفسكم فيما حرم الله، وترك طاعته =" ميلا عظيمًا ".وإنما قلنا، ذلك أولى بالصواب، لأن الله عز وجل عمّ بقوله: " ويريد الذين يتبعون الشهوات "، فوصفهم باتباع شهوات أنفسهم المذمومة، وعمهم بوصفهم بذلك، من غير وصفهم باتّباع بعض الشهوات المذمومة. فإذ كان ذلك كذلك، فأولى المعاني بالآية ما دلّ عليه ظاهرها، دون باطنها الذي لا شاهد عليه من أصل قياس. وإذ كان ذلك كذلك كان داخلا في" الذين يتبعون الشهوات " اليهود، والنصارى، والزناة، وكل متبع باطلا. لأن كل متَّبع ما نهاه الله عنه، فمتبع شهوة نفسه. فإذ كان ذلك بتأويل الآية أولى، وجبتُ صحة ما اخترنا من القول في تأويل ذلك.--------------------الهوامش :(1) كان في المخطوطة والمطبوعة: "أن تميلوا ميلا عظيما عن الحق..." ، ولكني استظهرت من ذكره في آخر الفقرة: "ميلا عظيما" ، أن قوله هنا"ميلا عظيما" سبق قلم من الناسخ ، جرت تتمة الآية على لسانه فأثبتها ، ولو صح ذلك ، لكانت هذه الأخيرة في آخر الفقرة لا مكان لها
یُرِیْدُ اللّٰهُ اَنْ یُّخَفِّفَ عَنْكُمْۚ-وَ خُلِقَ الْاِنْسَانُ ضَعِیْفًا(۲۸)
اللہ چاہتا ہے کہ تم پر تخفیف کرے (ف۸۹) اور آدمی کمزور بنایا گیا (ف۹۰)
القول في تأويل قوله : يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ وَخُلِقَ الإِنْسَانُ ضَعِيفًا (28)قال أبو جعفر: يعني جل ثناؤه بقوله: " يريد الله أن يخفف عنكم "، يريد الله أن يُيسر عليكم، (2) بإذنه لكم في نكاح الفتيات المؤمنات إذا لم تستطيعوا طولا لحرة =" وخلق الإنسان ضعيفًا "، يقول: يسَّر ذلك عليكم إذا كنتم غيرَ مستطيعي الطوْل للحرائر، لأنكم خُلِقتم ضعفاء عجزةً عن ترك جماع النساء، قليلي الصبر عنه، فأذن لكم في نكاح فتياتكم المؤمنات عند خوفكم العَنَت على أنفسكم، ولم تجدُوا طولا لحرة، لئلا تزنوا، لقلّة صبركم على ترك جماع النساء.* * *وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.*ذكر من قال ذلك:9135 - حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم، عن عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: " يريد الله أن يخفف عنكم " في نكاح الأمة، وفي كل شيء فيه يُسر.9136 - حدثنا محمد بن بشار قال، حدثنا أبو أحمد الزبيري قال، حدثنا سفيان، عن ابن طاوس، عن أبيه: " وخلق الإنسان ضعيفًا "، قال: في أمر الجماع.9137 - حدثنا ابن بشار قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا سفيان، عن ابن طاوس، عن أبيه: " وخلق الإنسان ضعيفًا "، قال: في أمر النساء.9138 - حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر، عن ابن طاوس، عن أبيه: " وخلق الإنسان ضعيفًا "، قال: في أمور النساء. ليس يكون الإنسان في شيء أضعفَ منه في النساء.9139 - حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد في قوله: " يريد الله أن يخفف عنكم "، قال: رخّص لكم في نكاح هؤلاء الإماء، حين اضطُرّوا إليهن =" وخلق الإنسان ضعيفًا "، قال: لو لم يرخِّص له فيها، لم يكن إلا الأمرُ الأول، إذا لم يجد حرّة.---------------------الهوامش:(2) انظر تفسير"التخفيف" فيما سلف 6: 577.
یٰۤاَیُّهَا الَّذِیْنَ اٰمَنُوْا لَا تَاْكُلُوْۤا اَمْوَالَكُمْ بَیْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ اِلَّاۤ اَنْ تَكُوْنَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِّنْكُمْ- وَ لَا تَقْتُلُوْۤا اَنْفُسَكُمْؕ-اِنَّ اللّٰهَ كَانَ بِكُمْ رَحِیْمًا(۲۹)
اے ایمان والو! آپس میں ایک دوسرے کے مال ناحق نہ کھاؤ (ف۹۱) مگر یہ کہ کوئی سودا تمہاری باہمی رضامندی کا ہو (ف۹۲) اور اپنی جانیں قتل نہ کرو (ف۹۳) بیشک اللہ تم پر مہربان ہے
القول في تأويل قوله : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْقال أبو جعفر: يعني بقوله جل ثناؤه: (3) " يا أيها الذين آمنوا "، صدّقوا الله ورسوله =" لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل "، يقول: لا يأكل بعضكم أموالَ بعض بما حرّمَ عليه، من الربا والقمار وغير ذلك من الأمور التي نهاكم الله عنها (4) =" إلا أن تكون تجارةً" . كما:-9140 - حدثنا محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن مفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي: " يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم "، أما " أكلهم أموالهم بينهم بالباطل "، فبالرّبا والقمار والبخس والظلم (5) =" إلا أن تكون تجارة "، ليربح في الدرهم ألفًا إن استطاع.9141 - حدثني محمد بن المثنى قال، حدثنا محمد بن الفضل أبو النعمان قال، حدثنا خالد الطحان، قال، أخبرنا داود بن أبي هند، عن عكرمة، عن ابن عباس في قوله تعالى: " لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل "، قال: الرجل يشتري السلعة فيردّها ويردّ معها درهمًا. (6)9142 - حدثنا محمد بن المثنى قال، حدثنا عبد الوهاب قال، حدثنا داود، عن عكرمة، عن ابن عباس = في الرجل يشتري من الرجل الثوبَ فيقول: " إن رضيته أخذته وإلا رددته ورددت معه درهمًا "، قال: هو الذي قال الله: " لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل ".* * *وقال آخرون: بل نزلت هذه الآية بالنهي عن أن يأكل بعضهم طعامَ بعض إلا بشراء. فأما قِرًى، فإنه كان محظورًا بهذه الآية، حتى نسخ ذلك بقوله في" سورة النور ": لَيْسَ عَلَى الأَعْمَى حَرَجٌ وَلا عَلَى الأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ وَلا عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَنْ تَأْكُلُوا مِنْ بُيُوتِكُمْ الآية [سورة النور: 61].*ذكر من قال ذلك:9143 - حدثني محمد بن حميد قال، حدثنا يحيى بن واضح، عن الحسن بن واقد، عن يزيد النحوي، عن عكرمة والحسن البصري قالا في قوله: " لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل إلا أن تكون تجارةً عن تراض منكم " الآية، فكان الرجل يتحرّج أن يأكل عند أحد من الناس بعد ما نزلت هذه الآية، فنسخ ذلك بالآية التي في" سورة النور "، فقال: لَيْسَ عَلَى الأَعْمَى حَرَجٌ وَلا عَلَى الأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ وَلا عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَنْ تَأْكُلُوا مِنْ بُيُوتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ آبَائِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أُمَّهَاتِكُمْ إلى قوله: جَمِيعًا أَوْ أَشْتَاتًا (7) فكان الرجل الغنيّ يدعو الرجلَ من أهله إلى الطعام، فيقول: " إني لأتَجَنَّح "! = و " التجنح " التحرّج (8) = ويقول: " المساكين أحق به مني"! (9) فأحل من ذلك أن يأكلوا مما ذكر اسم الله عليه، وأحلّ طعامَ أهل الكتاب. (10)* * *قال أبو جعفر: وأولى هذين القولين بالصواب في ذلك، قولُ السدي. وذلك أن الله تعالى ذكره حرّم أكل أموالنا بيننا بالباطل، ولا خلاف بين المسلمين أنّ أكل ذلك حرامٌ علينا، فإنّ الله لم يحلَّ قط أكلَ الأموال بالباطل.وإذْ كان ذلك كذلك، فلا معنى لقول من قال: " كان ذلك نهيًا عن أكل الرجل طعامَ أخيه قرًى [على وجه ما أذن له]، ثم نُسخ ذلك، (11) لنقل علماء الأمّة جميعًا وجُهَّالها : أن قرَى الضيف وإطعام الطعام كان من حميد أفعال أهل الشرك والإسلام التي حَمِدَ الله أهلها عليها وَندبهم إليها، وأن الله لم يحرّم ذلك في عصر من العصور، بل نَدَب الله عباده وحثهم عليه.وإذ كان ذلك كذلك، فهو من معنى الأكل بالباطل خارج، ومن أن يكون ناسخًا أو منسوخًا بمعزل. لأن النسخَ إنما يكون لمنسوخ، ولم يثبت النهي عنه، فيجوز أن يكون منسوخًا بالإباحة.وإذ كان ذلك كذلك، صحّ القول الذي قلناه: من أنّ الباطل الذي نهى الله عن أكل الأموال به، هو ما وصفنا مما حرمه على عباده في تنزيله أوْ على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم - وشذّ ما خالفه ". (12)واختلفت القرأة في قراءة قوله: " إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم ".فقرأها بعضهم: ( إِلا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةٌ ) رفعًا، بمعنى: إلا أن توجد تجارة، أو: تقع تجارة، عن تراض منكم، فيحل لكم أكلها حينئذ بذلك المعنى. ومذهب من قرأ ذلك على هذا الوجه: " إلا أن تكون " تامةً ههنا، (13) لا حاجة بها إلى خَبر، على ما وصفت. وبهذه القراءة قرأ أكثر أهل الحجاز وأهل البصرة.* * *وقرأ ذلك آخرون، وهم عامة قرأة الكوفيين: ( إِلا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً ) ، نصبًا، بمعنى: إلا أن تكونَ الأموال التي تأكلونها بينكم، تجارةً عن تراض منكم، فيحل لكم هنالك أكلها. فتكون " الأموال " مضمرة في قوله: " إلا أن تكون "، و " التجارة " منصوبة على الخبر. (14)* * *قال أبو جعفر: وكلتا القراءتين عندنا صوابٌ جائزةٌ القراءةُ بهما، لاستفاضتهما في قرأة الأمصار، مع تقارب معانيهما. غير أن الأمر وإن كان كذلك، فإن قراءة ذلك بالنصب، أعجبُ إليّ من قراءته بالرفع، لقوة النصب من وجهين:أحدهما: أن في" تكون " ذكر من الأموال. والآخر: أنه لو لم يجعل فيها ذكر منها، ثم أفردت ب " التجارة "، وهي نكرة، كان فصيحًا في كلام العرب النصبُ، إذ كانت مبنيةً على اسم وخبر. فإذا لم يظهر معها إلا نكرة واحدة، نصبوا ورفعوا، كما قال الشاعر:إِذَا كَانَ طَعْنًا بَيْنَهُمْ وَعِنَاقَا (15)قال أبو جعفر: ففي هذه الآية إبانةٌ من الله تعالى ذكره عن تكذيب قول الجهلة من المتصوِّفة المنكرين طلبَ الأقوات بالتجارات والصناعات، والله تعالى يقول: " يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم "، اكتسابًا منا ذلك بها، (16) كما:-9144 - حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة قوله: " يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم "، قال: التجارةُ رزقٌ من رزق الله، وحلالٌ من حلال الله، لمن طلبها بصدقها وبرِّها. وقد كنا نحدَّث: أن التاجرَ الأمين الصدوقَ مع السبعة في ظلّ العرش يوم القيامة. (17) .* * *وأما قوله: " عن تراض "، فإنّ معناه كما:-9145 - حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم، عن عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد في قول الله تبارك وتعالى: " عن تراض منكم "، في تجارة أو بيع، أو عطاءٍ يعطيه أحدٌ أحدًا.9146 - حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: " عن تراض منكم " في تجارة، أو بيع، أو عطاء يعطيه أحدٌ أحدًا.9147 - حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبي، عن القاسم، عن سليمان الجعفي، عن أبيه، عن ميمون بن مهران قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: البيعُ عن تراضٍ، والخيارُ بعد الصفقة، ولا يحلّ لمسلم أن يغشّ مسلمًا. (18)9148 - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج. قال: قلت لعطاء: المماسحة، بيعٌ هي؟ (19) قال: لا حتى يخيِّره، التخييرُ بعد ما يجبُ البيعُ، إن شاء أخذ، وإن شاء ترك.* * *واختلف أهل العلم في معنى " التراضي" في التجارة. فقال بعضهم: هو أن يُخير كل واحد من المتبايعين بعد عقدهما البيعَ بينهما فيما تبايعا فيه، من إمضاء البيع أو نقضه، أو يتفرّقا عن مجلسهما الذي تواجبا فيه البيعَ بأبدانهما، عن تراض منهما بالعقد الذي تعاقداه بينهما قبل التفاسخ.*ذكر من قال ذلك:9149 - حدثنا ابن بشار قال، حدثنا معاذ بن هشام قال، حدثني أبي، عن قتادة، عن محمد بن سيرين، عن شريح قال: اختصم رجلان باع أحدهما من الآخر بُرْنُسًا، فقال: إني بعتُ من هذا برنسًا، فاسترضيته فلم يُرضني!! فقال: أرضه كما أرضاك. قال: إني قد أعطيته دراهم ولم يرضَ! قال: أرضه كما أرضاك. قال: قد أرضيته فلم يرض! فقال: البيِّعان بالخيار ما لم يتفرَّقا. (20)9150 - حدثنا ابن بشار قال، حدثنا مؤمل قال، حدثنا سفيان، عن عبد الله بن أبي السفر، عن الشعبي، عن شريح قال: البيِّعان بالخيار ما لم يتفرّقا. (21)9151 - حدثنا محمد بن المثنى قال، حدثنا محمد بن جعفر، عن شعبة، عن الحكم، عن شريح مثله.9152 - حدثنا ابن المثنى قال حدثنا محمد قال، حدثنا شعبة، عن جابر قال، حدثني أبو الضحى، عن شريح أنه قال: البيِّعان بالخيار ما لم يتفرقا = قال قال أبو الضحى: كان شريح يحدِّث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بنحوه. (22)9153 - وحدثني الحسين بن يزيد الطحان قال، حدثنا إسحاق بن منصور، عن عبد السلام، عن رجل، عن أبي حوشب، عن ميمون قال: اشتريت من ابن سيرين سابريًّا، فسَام عليَّ سَوْمَه، فقلت: أحسن! فقال: إما أن تأخذ وإما أن تدع. فأخذت منه، فلما وزنتُ الثمن وَضَع الدراهم فقال: اختر، إما الدراهم، وإما المتاع. فاخترت المتاع فأخذته. (23)9154 - حدثنا أبو كريب قال، حدثنا هشيم، عن إسماعيل بن سالم، عن الشعبي أنه كان يقولُ في البيعين: إنهما بالخيار ما لم يتفرقا، فإذا تصادرَا فقد وجب البيع. (24)9155 - حدثنا محمد بن إسماعيل الأحمسي قال، حدثنا محمد بن عبيد قال، حدثنا سفيان بن دينار، عن ظبية قال: كنت في السوق وعلي رضي الله عنه في السوق، فجاءت جارية إلى بَيِّع فاكهة بدرهم، فقالت: أعطني هذا. فأعطاها إياه، فقالت: لا أريده، أعطني درهمي! فأبى، فأخذه منه علي فأعطاها إياه. (25)9156 - حدثنا ابن حميد قال، حدثنا جرير، عن مغيرة، عن الشعبي: أنه أُتِىَ في رجل اشترى من رجل برذَوْنًا ووَجبَ له، ثم إنّ المبتاع رَدّه قبل أن يتفرّقا، فقضى أنه قد وَجبَ عليه، فشهدَ عنده أبو الضحى: أنّ شريحًا قضى في مثله أن يردَّه على صاحبه. فرجع الشعبي إلى قضاء شُريح.9157- حدثني يعقوب بن إبراهيم قال، حدثنا هشيم قال، حدثنا هشام، عن ابن سيرين، عن شريح، أنه كان يقول في البيعين: إذا ادّعى المشتري، أنه قد أوجبَ له البيعَ، وقال البائع: لم أُوجب له = قال: شاهدان عدلان أنكما افترقتما عن تراض بعد بيع أو تخاير، وإلا فيمين البائع: أنكما [ما] افترقتما عن بيع ولا تخاير. (26)9158 - حدثني يعقوب قال، حدثنا ابن علية، عن أيوب، عن محمد. قال: كان شريح يقول: شاهدان ذوا عدل أنكما افترقتما عن تراض بعد بيع وتخاير، وإلا فيمينه بالله: ما تفرَّقتما عن تراض بعد بيع أو تخاير.9159 - حدثنا حميد بن مسعدة قال، حدثنا بشر بن المفضل قال، حدثنا ابن عون، عن محمد بن سيرين، عن شريح أنه كان يقول: شاهدان ذوا عدل أنهما تفرّقا عن تراض بعد بيع أو تخاير.* * *وعلة من قال هذه المقالة، ما:-9160 - حدثنا ابن المثنى قال، حدثنا يحيى بن سعيد، عن عبيد الله قال، أخبرني نافع، عن ابن عمر، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: كل بَيِّعين فلا بيع بينهما حتى يتفرّقا، إلا أن يكونَ خيارًا. (27)9161 - حدثنا أبو كريب قال، حدثنا مروان بن معاوية قال، حدثني يحيى بن أيوب قال، كان أبو زرعة إذا بايع رجلا يقول له: خيِّرني! ثم يقول: قال أبو هريرة: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لا يفترق إلا عن رضى ". (28)9162 - حدثني يعقوب بن إبراهيم قال، حدثنا ابن علية قال، حدثنا أيوب، عن أبي قلابة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا أهل البقيع! فسمعوا صوتَه، ثم قال: يا أهل البقيع! فاشْرأبُّوا ينظرون، حتى عرفوا أنه صوته، ثم قال: يا أهل البقيع! لا يتفرقنّ بيِّعان إلا عن رضى. (29)9163- حدثني أحمد بن محمد الطوسي قال، حدثنا أبو داود الطيالسي قال، حدثنا سليمان بن معاذ قال، حدثنا سماك، عن عكرمة، عن ابن عباس: أن النبي صلى الله عليه وسلم بايع رجلا ثم قال له: اختر. فقال: قد اخترت. فقال: هكذا البيع. (30)* * *قالوا: فالتجارة عن تراض، هو ما كان على ما بيَّنه النبي صلى الله عليه وسلم من تخيير كل واحد من المشتري والبائع في إمضاء البيع فيما يتبايعانه بينهما = أو نقضه بعد عقد البيع بينهما وقبل الافتراق = أو ما تفرقا عنه بأبدانهما عن تراض منهما بعد مُواجبة البيع فيه عن مجلسهما. فما كان بخلاف ذلك، فليس من التجارة التي كانت بينهما عن تراض منهما.* * *وقال آخرون: بل التراضي في التجارة، تُواجب عقد البيع فيما تبايعه المتبايعان بينهما عن رضى من كل واحد منهما: ما مُلِّك عليه صاحبه وَملِّك صاحبه عليه، افترقا عن مجلسهما ذلك أو لم يفترقا، تخايرا في المجلس أو لم يتخايرا فيه بعد عقده.* * *وعلة من قال هذه المقالة: أنّ البيع إنما هو بالقول، كما أن النكاح بالقول، ولا خلاف بين أهل العلم في الإجبار في النكاح لأحد المتناكحين على صاحبه، افترقا أو لم يفترقا عن مجلسهما الذي جرى ذلك فيه. قالوا: فكذلك حكم البيع. وتأولوا قولّ النبي صلى الله عليه وسلم: " البَيِّعان بالخيار ما لم يتفرقا "، على أنه ما لم يتفرّقا بالقول. وممن قال هذه المقالة مالك بن أنس، وأبو حنيفة، وأبو يوسف، ومحمد.* * *قال أبو جعفر: وأولى القولين بالصواب في ذلك عندنا، قولُ من قال: إن التجارة التي هي عن تراض بين المتبايعين، ما تفرّق المتبايعان عن المجلس الذي تواجبَا فيه بينهما عُقدة البيع بأبدانهما، عن تراض منهما بالعقد الذي جرى بينهما، وعن تخيير كل واحد منهما صاحبه = لصحة الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، بما:-9164 - حدثني يعقوب بن إبراهيم قال، حدثنا ابن علية قال، أخبرنا أيوب = وحدثنا ابن بشار قال، حدثنا عبد الوهاب قال، حدثنا أيوب = عن نافع، عن ابن عمر قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " البيعان بالخيار ما لم يتفرقا أو يكون بيعَ خيار " = وربما قال: " أو يقول أحدهما للآخر اختر ". (31)* * *=فإذ كان ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم صحيحًا، فليس يخلو قول أحد المتبايعين لصاحبه: " اختر "، من أن يكون قبل عقد البيع، أو معه، أو بعده.=فإن يكن قبله، فذلك الخَلْف من الكلام الذي لا معنى له، (32) لأنه لم يملك قبل عقد البيع أحدُ المتبايعين على صاحبه ما لم يكن له مالكًا، فيكون لتخييره صاحبه فيما مَلك عليه وجه مفهوم (33) = ولا فيهما من يجهلُ أنه بالخيار في تمليك صاحبه ما هو لهُ غير مالك بعوَض يعتاضُه منه، فيقال له: " أنت بالخيار فيما تريدُ أن تحدثه من بيع أو شراء ".= أو يكون - إذْ بطل هذا المعنى (34) - تخيير كلّ واحد منهما صاحبه مع عقد البيع. ومعنى التخيير في تلك الحال، نظيرُ معنى التخيير قبلها. لأنها حالة لم يَزُل فيها عن أحدهما ما كان مالكه قبل ذلك إلى صاحبه، فيكون للتخيير وجه مفهوم.= أو يكون ذلك بعد عقد البيع، إذْ فَسد هذان المعنيان. (35)وإذْ كان ذلك كذلك، صحّ أن المعنى الآخر من قول رسول الله صلى الله عليه وسلم - أعني قوله: " ما لم يتفرقا " - إنما هو التفرّق بعد عقد البيع، كما كان التخيير بعده. وإذْ صحّ ذلك، فسد قولُ من زعم أن معنى ذلك إنما هو التفرق بالقول الذي به يكون البيع. وإذ فسد ذلك، صحّ ما قلنا من أن التخيير والافتراق إنما هما معنيان بهما يكون تمام البيع بعد عقده، وصحّ تأويل من قال: معنى قوله: " إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم ": إلا أن يكون أكلكم الأموال التي يأكلها بعضكم لبعض، عن مِلْك منكم عمن مَلكتموها عليه، بتجارة تبايعتموها بينكم، وافترقتم عنها عن تراض منكم بعد عقد البيع بينكم بأبدانكم، أو تخيير بعضكم بعضًا. (36)* * *القول في تأويل قوله : وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا (29)قال أبو جعفر: يعني بذلك جل ثناؤه: " ولا تقتلوا أنفسكم "، ولا يقتل بعضكم بعضًا، وأنتم أهل ملة واحدة، ودعوة واحدة، ودين واحد. فجعل جل ثناؤه أهل الإسلام كلهم بعضَهم من بعض. وجعل القاتل منهم قتيلا = في قتله إياه منهم = بمنزلة قَتله نفسه، إذ كان القاتلُ والمقتول أهلَ يد واحدة على من خالف مِلَّتَهُما. (37)وبنحو ما قلنا في ذلك قال أهل التأويل.*ذكر من قال ذلك:9165 - حدثنا محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن مفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي: " ولا تقتلوا أنفسكم "، يقول: أهل ملتكم.9166 - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج، عن عطاء بن أبي رباح: " ولا تقتلوا أنفسكم "، قال: قتل بعضكم بعضًا.* * *وأما قوله جل ثناؤه: " إن الله كان بكم رحيمًا "، فإنه يعني: إن الله تبارك وتعالى لم يزل " رحيمًا " بخلقه، (38) ومن رحمته بكم كفُّ بعضكم عن قتل بعض، أيها المؤمنون، بتحريم دماء بعضكم على بعض إلا بحقها، وحظْرِ أكل مال بعضكم على بعض بالباطل، إلا عن تجارة يملك بها عليه برضاه وطيب نفسه، لولا ذلك هلكتمْ وأهلك بعضكم بعضًا قتلا وسلبًا وغصبًا.---------------الهوامش :(3) في المخطوطة والمطبوعة: "يعني بذلك جل ثناؤه" ، والسياق يقتضي ما أثبت.(4) انظر تفسير"أكل الأموال بالباطل" فيما سلف 3: 548 ، 549 / 7: 528 ، 578(5) في المطبوعة: "نهى عن أكلهم أموالهم بينهم بالباطل وبالربا..." ، ولا أدري لم غير ما في المخطوطة!! وهو مطابق لما في الدر المنثور 2: 143.(6) الأثر: 9141 -"محمد بن الفضل أبو النعمان" ، هو"عارم" ، سلفت ترجمته برقم: 3387.وكان في المخطوطة: "محمد بن المفضل". وأما المطبوعة ، فقد أساء الناشر غاية الإساءة ، وخالف الأمانة ، فكتب"أحمد بن المفضل" ، وحذف"أبو النعمان" ، وهذا أسوأ ما يكون من ترك الأمانة. وأما "خالد الطحان" ، فهو: "خالد بن عبد الله بن عبد الرحمن الواسطي" سلفت ترجمته برقم: 4433 ، 5434.(7) من أعجب العجب ، أن تكون آية سورة النور قد ذكرت قبل أسطر على الصحة ، ثم تتفق المخطوطة والمطبوعة على أن تسوق الآية على الخطأ ، فيكتب: "ليس عليكم جناح أن تأكلوا من بيوتكم..." وهذا من السهو الشديد ، أعاذنا الله وإياك من مثله ، والله وحده المستعان.(8) "التجنح": التحرج ، هذا معنى جيد عريق في العربية ، لم تثبته كتب اللغة ، فأثبته هناك.(9) في المطبوعة: "أحق مني به" ، على التأخير ، وأثبت ما في المخطوطة.(10) كأن هذا الأثر فيه بعض النقص ، وقد اختصره السيوطي في الدر المنثور 2: 143 ، 144 ، اختصارًا شديدًا.(11) هذه العبارة التي بين القوسين ، محرفة لا شك في تحريفها ، ولم أجد لها وجهًا أرتضيه ، فوضعتها بين القوسين ، ولو أسقطها مسقط من الكلام لاستقام على صحة.(12) قوله: "وشذ ما خالفه" معطوف على قوله: "صح القول الذي قلناه".(13) في المطبوعة: "... على هذا الوجه أن تكون تامة..." ، ورددتها إلى ما كان في المخطوطة ، فهي صحيحة في سياقه.(14) انظر تفصيل القول في هاتين القراءتين ، في نظيرة هذه الآية من سورة البقرة: 282 في 6: 80-82 ، وإن اختلف وجه التأويل في الآيتين ، كما يظهر من مراجعة ذلك في آية سورة البقرة.(15) سلف البيت بتمامه في 6: 80 ، ولم أشر إلى مكانه هنا في الموضع السالف ، لأني لم أقف عليه أثناء تخريج شعر التفسير ، لإدماجه في صلب الكلام.(16) في المطبوعة: "اكتسابًا أحل ذلك لها" ، غير ما في المخطوطة ، إذ لم يحسن قراءته. وهو كما أثبته ، إلا أن الناسخ أخطأ فكتب"لها" ، والصواب: "بها" ، أي: بالتجارات والصناعات.(17) يعني الحديث الصحيح: "سَبْعَةٌ يِظلُّهُم الله في ظِلّه يومَ لا ظِلّ إلا ظِلُّهُ: إمَام عادلٌ ، وشابٌّ نَشَأَ في عبادة الله ، ورجُلٌ قلبه مُعَلَّقٌ بالمسجِد إذَا خَرَجَ مِنْه حَتَّى يَعُودَ إليه ، ورجلان تَحابَّا في الله فاجتمعَا على ذلك وافترقَا ، ورجُلٌ ذكر الله خاليًا ففاضتْ عيناهُ ، ورجُلٌ دَعَتْهُ امرأة ذات مَنْصِبٍ وجَمالٍ فقال: إنّي أخاف الله رَبَّ العالَمين ، ورجُلٌ تصدَّق بصدقةٍ ، فأخفَاها حتى لا تَعْلَم شِماله ما تنفِقُ يمينُه". رواه الترمذي من حديث أبي هريرة وصححه: 345.(18) الأثر: 9147 - هذا حديث مرسل ، خرجه ابن كثير في تفسيره 2: 413 والسيوطي في الدر المنثور 2: 144 ، ولم ينسبه لغير ابن جرير.(19) "تماسح الرجلان": إذا تبايعا فتصافقا ، ومسح أحدهما على يد صاحبه ، وذلك من صور بيعهم في الجاهلية.(20) "البيع" (بفتح الباء وتشديد الياء المكسورة) ، البائع أو المشتري ، والبيعان: المتبايعان.(21) الأثر: 9150 -"عبد الله بن أبي السفر الهمداني الثوري" ، واسم"أبي السفر": سعيد بن يحمد. وروى عبد الله عن أبيه ، وعن الشعبي وغيرهما. ثقة ، ليس بكثير الحديث. مترجم في التهذيب.(22) حديث: "البيعان بالخيار..." ، حديث صحيح رواه البخاري ومسلم وغيرهما ، وانظر السنن الكبرى للبيهقي 5: 268-272.(23) الأثر: 9153 -"الحسين بن يزيد الطحان" ، وقد مضى قبل بنسبته"السبيعي" ، انظر ما سلف رقم: 2892 ، 7863. وكان في المطبوعة والمخطوطة هنا"الحسن بن يزيد" وهو خطأ.وأما "أبو حوشب" ، فلم أجد من الرواة من هذا كنيته ، وفي الإسناد تصحيف لا شك فيه.(24) "تصادرا" انصرف هذا ، وانصرف الآخر ، يقال: "صدر الرجل فهو صادر" ، رجع أو انصرف.(25) الأثر: 9155 -"محمد بن إسماعيل الأحمسي" مضت ترجمته برقم: 405 ، 718."محمد بن عبيد الطنافسي" مضت ترجمته برقم: 405.و"ظبية" ، هكذا اجتهدت قراءتها من المخطوطة ، ولم أعرف من تكون؟ وكان في المطبوعة: "طيسلة" أخطأ قراءة المخطوطة خطأ عظيما. ولم أجد هذا الأثر في مكان آخر.(26) الزيادة ما بين القوسين لا بد منهما للسياق ، وانظر الأثر الذي يليه.(27) الحديث: 9160 - يحيى بن سعيد: هو القطان. عبيد الله: هو ابن عمر بن حفص بن عاصم العمري. ووقع في المطبوعة (والمخطوطة)"عبد الله" بالتكبير. وهو أخو"عبيد الله". وهو محتمل أن يكون كذلك. ولكني أرى الصواب"عبيد الله" بالتصغير ، أولا: لأن الحديث معروف من روايته. وثانيًا: لأن الحافظ المزي لم يذكر في تهذيب الكمال رواية ليحيى القطان عن"عبد الله" ، لا في ترجمة يحيى ، ولا في ترجمة"عبد الله". وهو من عادته أن يتتبع ذلك ويستقصيه استقصاء تامًا.والحديث رواه أحمد في المسند: 5158 ، عن يحيى - وهو القطان ، عن عبيد الله ، به ، نحوه.ورواه أحمد أيضًا: 6193 ، عن الفضل بن دكين ، عن الثوري ، عن عبد الله بن دينار ، عن ابن عمر. ورواه البخاري 4: 280 (فتح) ، من رواية عبد الله بن دينار ، عن ابن عمر. وكذلك رواه مسلم 1: 447 ، من هذا الوجه.ورواه أحمد أيضًا: 4566 ، بنحوه ، عن ابن عيينة ، عن عبد الله بن دينار.وسيأتي أيضًا: 9164 ، من رواية أيوب ، عن نافع ، بمعناه.وقد خرجناه في مواضع كثيرة في المسند. وهو حديث معروف مشهور.(28) الحديث: 9161 - يحيى بن أيوب بن أبي زرعة بن عمرو بن جرير البجلي: ثقة. قال ابن معين: "ليس به بأس". ونقل بعضهم عن ابن معين تضعيفه ، وترجمه البخاري في الكبير 4 / 2 / 260 ، فلم يذكر فيه جرحًا ، وترجمه ابن أبي حاتم 4 / 2 / 137.وهو يروي هنا عن جده"أبي زرعة بن عمرو بن جرير" - وهو تابعي ثقة.والحديث رواه أبو داود: 3485 ، عن محمد بن حاتم الجرجرائي ، عن مروان ، وهو ابن معاوية الفزاري - بهذا الإسناد.ورواه البيهقي في السنن الكبرى 5: 271 ، من طريق أبي داود. وذكره السيوطي 1: 144 ولم ينسبه لغير الطبري.(29) الحديث: 9162 - هذا إسناد مرسل ، لأن أبا قلابة تابعي. فلا أدري أهو هكذا في الطبري ، أم كان موصولا فسقط اسم الصحابي من الناسخين؟فقد رواه البيهقي في السنن الكبرى 5: 271 ، من طريق الحسن بن مكرم ، عن علي بن عاصم ، عن خالد الحذاء ، عن أبي قلابة ، عن أنس ، بنحوه. وهذا إسناد جيد.ولكن السيوطي ذكر رواية الطبري هذه 1: 144 ، عن أبي قلابة ، مرسلا.(30) الحديث: 9163 - سليمان بن معاذ: هو سليمان بن قرم - بفتح القاف وسكون الراء - بن معاذ ، وهو ثقة ، فيما رجحنا في شرح المسند: 5753.والحديث هو من رواية الطيالسي. وهو في مسنده: 2675.وكذلك رواه البيهقي في السنن الكبرى 5: 270 ، من طريق الطيالسي.وفي المستدرك للحاكم 2: 14 ، حديث لابن عمر وابن عباس - معًا - مرفوعًا ، في معنى الخيار بين البيعين. وهو شاهد قوي لمعنى هذا الحديث.(31) الحديث: 9164 - هذا إسناد من أصح الأسانيد: "أيوب ، عن نافع ، عن ابن عمر".وقد رواه الطبري هنا بإسنادين إلى أيوب: من طريق ابن علية ، ومن طريق عبد الوهاب ، وهو ابن عبد المجيد الثقفي.وقد رواه مالك في الموطأ ، ص: 671 ، بنحوه - عن نافع عن ابن عمر: سلسلة الذهب.ورواه أحمد في المسند: 4484 ، عن إسماعيل - وهو ابن علية - عن أيوب ، به.ورواه البخاري 4: 274 (فتح) ، من طريق حماد بن زيد ، عن أيوب.ورواه مسلم 1: 447 ، من رواية مالك ، ومن رواية عبيد الله ، ومن رواية أيوب - وغيرهم - عن نافع. ورواه البيهقي 5: 268-269 ، بأسانيد فيها كثيرة.(32) "الخلف" (بفتح الخاء وسكون اللام): هو الكلام الرديء الخطأ ، يقال: "هذا خلف من القول" ، وفي المثل: "سكت ألفًا ، ونطق خلفًا" ، للذي يطيل الصمت ، فإذا تكلم تكلم بالخطأ.(33) في المطبوعة: "فيما يملك عليه" ، والصواب من المخطوطة.(34) في المخطوطة والمطبوعة: "إن بطل..." والأجود ما أثبت.(35) في المطبوعة: "إذا فسد..." ، والصواب"إذ" كما في المخطوطة.(36) في المخطوطة والمطبوعة: "أو يخير بعضكم..." ، ورجحت ما أثبت.(37) انظر تفسير"أنفسكم" في مثل هذا المعنى 2: 301 / 6: 501 / 7: 454 ، 455.(38) انظر تفسير: "كان" في مثل هذا فيما سلف 7: 523 / 8: 51 ، 88 ، 98
وَ مَنْ یَّفْعَلْ ذٰلِكَ عُدْوَانًا وَّ ظُلْمًا فَسَوْفَ نُصْلِیْهِ نَارًاؕ-وَ كَانَ ذٰلِكَ عَلَى اللّٰهِ یَسِیْرًا(۳۰)
اور جو ظلم و زیادتی سے ایسا کرے گا تو عنقریب ہم اسے آگ میں داخل کریں گے اور یہ اللہ کو آسان ہے،
القول في تأويل قوله : وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ عُدْوَانًا وَظُلْمًا فَسَوْفَ نُصْلِيهِ نَارًا وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا (30)قال أبو جعفر: اختلف أهل التأويل في تأويل قوله: " ومن يفعل ذلك عدوانًا ".فقال بعضهم: معنى ذلك: ومن يقتل نفسه، بمعنى: ومن يقتل أخاه المؤمن =" عدوانًا وظلمًا فسوف نُصليه نارًا ".*ذكر من قال ذلك:9167 - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج قال: قلت لعطاء: أرأيتَ قوله: " ومن يفعل ذلكُ عدْوانًا وظلمًا فسوف نُصليه نارًا "، في كل ذلك، أو في قوله: وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ ؟ قال: بل في قوله: وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ .* * *وقال آخرون: بل معنى ذلك: ومن يفعل ما حرَّمته عليه من أول هذه السورة إلى قوله: " ومن يفعل ذلك " = من نكاح من حَرّمت نكاحه، وتعدِّي حدوده، وأكل أموال الأيتام ظلمًا، وقتل النفس المحرّم قتلها ظلمًا بغير حق.* * *وقال آخرون: بل معنى ذلك: ومن يأكل مالَ أخيه المسلم ظلمًا بغير طيب نفس منه، وَقَتل أخاه المؤمن ظلمًا، فسوف نصليه نارًا.* * *قال أبو جعفر: والصواب من القول في ذلك عندي أن يقال: معناه: ومن يفعل ما حرّم الله عليه، من قوله: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهًا إلى قوله: " ومن يفعل ذلك "، من نكاح المحرمات، وعضل المحرَّم عضلُها من النساء، وأكل المال بالباطل، وقتل المحرّم قتله من المؤمنين= لأنّ كلّ ذلك مما وعد الله عليه أهلَه العقوبة.* * *فإن قال قائل: فما منعك أن تجعل قوله: " ذلك "، معنيّا به جميع ما أوعدَ الله عليه العقوبة من أول السورة؟قيل: منعني ذلك (39) أن كلّ فصْل من ذلك قد قُرِن بالوعيد، إلى قوله: أُولَئِكَ أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا ، (40) ولا ذكر للعقوبة من بعد ذلك على ما حرّم الله في الآي التي بعده إلى قوله: " فسوف نصليه نارًا ". فكان قوله: " ومن يفعل ذلك "، معنيًّا به ما قلنا، مما لم يُقرَن بالوعيد، مع إجماع الجميع على أنّ الله تعالى قد توعد على كل ذلك = (41) أولى من أن يكون معنيًّا به ما سلف فيه الوعيد بالنهي مقرونًا قبل ذلك. (42)* * *وأما قوله: " عدْوانًا "، فإنه يعني به تجاوزًا لما أباح الله له، إلى ما حرمه عليه =" وُظلمًا "، يعني: فعلا منه ذلك بغير ما أذن الله به، وركوبًا منه ما قد نهاه الله عنه (43) . وقوله: " فسوف نُصليه نارًا "، يقول: فسوف نُورده نارًا يصلَى بها فيحترق فيها (44) =" وكان ذلك على الله يسيرًا "، يعني: وكان إصلاءُ فاعل ذلك النارَ وإحراقه بها، على الله سَهْلا يسيرًا، لأنه لا يقدر على الامتناع على ربه مما أراد به من سوء. وإنما يصعب الوفاءُ بالوعيد لمن توعده، على من كان &; 8-232 &; إذا حاول الوفاءَ به قَدَر المتوعَّد من الامتناع منه. فأما من كان في قبضة مُوعِده، فيسيرٌ عليه إمضاءُ حكمه فيه، والوفاءُ له بوعيده، غيرُ عسير عليه أمرٌ أراده به. (45)-------------------الهوامش :(39) في المطبوعة: "منع ذلك" ، والصواب من المخطوطة.(40) آخر الآية الثامنة عشرة من سورة النساء.(41) قوله: "أولى" خبر"كان" في قوله: "فكان قوله..."(42) هذه حجة واضحة ، وبرهان على حسن فهم أبي جعفر لمعاني القرآن ومقاصده. ونهج صحيح في ربط آيات الكتاب المبين ، قل أن تظفر بمثله في غير هذا التفسير.(43) انظر تفسير"العدوان" و"الظلم" فيما سلف من فهارس اللغة ، مادة"عدا" و"ظلم".(44) انظر تفسير"الإصلاء" فيما سلف: 27-29.(45) عند هذا الموضع ، انتهى الجزء السادس من مخطوطتنا ، وفي آخرها ما نصه: "نجز الجزء السادسُ من الكتاب ، بحمد الله تعالى وعونِه وحُسْنِ توفيقه. وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم.يتلوه في الجزء السابع إن شاء الله تعالى:القول في تأويل قوله: إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُمْ مُدْخَلا كَرِيمًا "وكان الفراغُ منه في بعض شهور سنة خمس عشرة وسبعمئة ، أحسَنَ اللهُ تَقَضِّيها وخاتمتها ، في خير وعافية بمنّه وكرمِهِ. غفر الله لِصاحبه ولكاتبه ولمؤلّفه ولجميع المسلمين. الحمد لله ربّ العالمين". ثم كتب كاتب تحته بخط مغربي ، ما نصه:"طالعه الفقير إليه سبحانه ، محمد بن محمود بن محمد بن حسين الجزائري الحنفي ، عفى عنهم بمنّه ، وأتمه بتاريخ ثاني شهر ربيع الأول من سنة تسع وثلاثين واثني عشر مئة. وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وآله" وهذا الشيخ الجزائري الذي كتب هذه الخاتمة ، هو الذي مضت له تعليقة على مكان من التفسير ، أثبتها في مكانها في الجزء الخامس: 514 ، تعليق: 2.ثم بدأ الجزء السابع من مخطوطتنا ، وأوله: بسم الله الرحمن الرحيم رب أعن
اِنْ تَجْتَنِبُوْا كَبَآىٕرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَیِّاٰتِكُمْ وَ نُدْخِلْكُمْ مُّدْخَلًا كَرِیْمًا(۳۱)
اگر بچتے رہو کبیرہ گناہوں سے جن کی تمہیں ممانعت ہے (ف۹۴) تو تمہارے اور گناہ (ف۹۵) ہم بخش دیں گے اور تمہیں عزت کی جگہ داخل کریں گے،
إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنهالقول في تأويل قوله تعالى : إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه اختلف أهل التأويل في معنى الكبائر التي وعد الله جل ثناؤه عباده باجتنابها تكفير سائر سيئاتهم عنهم , فقال بعضهم : الكبائر التي قال الله تبارك وتعالى : إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه نكفر عنكم سيئاتكم هي ما تقدم الله إلى عباده بالنهي عنه من أول سورة النساء إلى رأس الثلاثين منها . ذكر من قال ذلك : 7281 - حدثنا محمد بن بشار , قال : ثنا عبد الرحمن , قال : ثنا سفيان , عن الأعمش , عن أبي الضحى , عن مسروق , عن عبد الله , قال : الكبائر من أول سورة النساء إلى ثلاثين منها . * - حدثنا ابن بشار , قال : ثنا عبد الرحمن , قال : ثنا سفيان , عن حماد , عن إبراهيم , عن عبد الله بمثله . * - حدثني المثنى , قال : ثنا حجاج , قال : ثنا حماد , عن إبراهيم , عن ابن مسعود , مثله . * - حدثنا أبو هشام الرفاعي , قال : ثنا وكيع , قال : ثنا الأعمش , عن إبراهيم , قال : ثني علقمة , عن عبد الله , قال : الكبائر من أول سورة النساء , إلى قوله : إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه * - حدثنا الرفاعي , قال : ثنا أبو معاوية وأبو خالد , عن الأعمش , عن إبراهيم , عن علقمة , عن عبد الله قال : الكبائر من أول سورة النساء , إلى قوله : إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه * - حدثني أبو السائب , قال : ثنا أبو معاوية , عن الأعمش , عن مسلم , عن مسروق , قال : سئل عبد الله عن الكبائر , قال : ما بين فاتحة سورة النساء إلى رأس الثلاثين . * - حدثنا ابن حميد , قال : ثنا جرير , عن مغيرة , عن حماد , عن إبراهيم , عن ابن مسعود , قال : الكبائر : ما بين فاتحة سورة النساء إلى ثلاثين آية منها : إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه * - حدثني يعقوب بن إبراهيم , قال : ثنا هشيم , قال : أخبرنا مغيرة , عن إبراهيم , عن عبد الله , أنه قال : الكبائر من أول سورة النساء إلى الثلاثين منها . إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه 7282 - حدثني يعقوب , قال : ثنا ابن علية , عن ابن عون , عن إبراهيم , قال : كانوا يرون أن الكبائر فيما بين أول هذه السورة , سورة النساء , إلى هذا الموضع. إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه * - حدثني المثنى , قال : ثنا آدم العسقلاني , قال : ثنا شعبة , عن عاصم بن أبي النجود , عن زر بن حبيش , عن ابن مسعود , قال : الكبائر من أول سورة النساء إلى ثلاثين آية منها. ثم تلا : إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه نكفر عنكم سيئاتكم وندخلكم مدخلا كريما * - حدثني المثنى , قال : ثنا ابن وكيع , قال : ثنا مسعر , عن عاصم بن أبي النجود , عن زر بن حبيش , قال : قال عبد الله : الكبائر : ما بين أول سورة النساء إلى رأس الثلاثين. وقال آخرون : الكبائر سبع . ذكر من قال ذلك : 7283 - حدثني تميم بن المنتصر , قال : ثنا يزيد , قال : أخبرنا محمد بن إسحاق , عن محمد بن سهل بن أبي حثمة , عن أبيه , قال : إني لفي هذا المسجد مسجد الكوفة , وعلي رضي الله عنه يخطب الناس على المنبر , فقال : يا أيها الناس إن الكبائر سبع ! فأصاخ الناس , فأعادها ثلاث مرات , ثم قال : ألا تسألوني عنها ؟ قالوا : يا أمير المؤمنين ما هي ؟ قال : الإشراك بالله , وقتل النفس التي حرم الله , وقذف المحصنة , وأكل مال اليتيم , وأكل الربا , والفرار يوم الزحف , والتعرب بعد الهجرة. فقلت لأبي : يا أبت التعرب بعد الهجرة , كيف لحق ههنا ؟ فقال : يا بني , وما أعظم من أن يهاجر الرجل , حتى إذا وقع سهمه في الفيء ووجب عليه الجهاد , خلع ذلك من عنقه فرجع أعرابيا كما كان . 7284 - حدثني محمد بن عبيد المحاربي , قال : ثنا أبو الأحوص سلام بن سليم , عن ابن إسحاق , عن عبيد بن عمير , قال : الكبائر سبع ليس منهن كبيرة إلا وفيها آية من كتاب الله , الإشراك بالله منهن : ومن يشرك بالله فكأنما خر من السماء 22 31 و الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما إنما يأكلون في بطونهم نارا 4 10 و الذين يأكلون الربا لا يقومون إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس 2 275 و الذين يرمون المحصنات الغافلات المؤمنات 24 23 والفرار من الزحف : يا أيها الذين آمنوا إذا لقيتم الذين كفروا زحفا فلا تولوهم الأدبار 8 15 والتعرب بعد الهجرة : إن الذين ارتدوا على أدبارهم من بعد ما تبين لهم الهدى 47 25 وقتل النفس . * - حدثنا ابن حميد , قال ثنا جرير , عن منصور عن ابن إسحاق , عن عبيد بن عمير الليثي , قال : الكبائر سبع : الإشراك بالله : ومن يشرك بالله فكأنما خر من السماء فتخطفه الطير أو تهوي به الريح في مكان سحيق 22 31 وقتل النفس : ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم . .. 4 93 الآية , وأكل الربا : الذين يأكلون الربا لا يقومون إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس . .. 2 275 الآية , وأكل أموال اليتامى : إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما . .. 4 10 الآية , وقذف المحصنة : إن الذين يرمون المحصنات الغافلات المؤمنات . .. 24 23 الآية , والفرار من الزحف : ومن يولهم يومئذ دبره إلا متحرفا لقتال أو متحيزا إلى فئة . .. 8 16 الآية . والمرتد أعرابيا بعد هجرته : إن الذين ارتدوا على أدبارهم من بعد ما تبين لهم الهدى 47 25 الآية . 7285 - حدثنا يعقوب بن إبراهيم , قال : ثنا ابن علي , عن ابن عون , عن محمد , قال : سألت عبيدة عن الكبائر , فقال : الإشراك بالله , وقتل النفس التي حرم الله بغير حقها , وفرار يوم الزحف , وأكل مال اليتيم بغير حقه , وأكل الربا , والبهتان . قال : ويقولون أعرابية بعد هجرة . قال ابن عون : فقلت لمحمد فالسحر ؟ قال : إن البهتان يجمع شرا كثيرا. 7286 - حدثنا أبو كريب , قال : ثنا هشيم , قال : أخبرنا منصور وهشام , عن ابن سيرين , عن عبيدة أنه قال : الكبائر : الإشراك , وقتل النفس الحرام , وأكل الربا , وقذف المحصنة , وأكل مال اليتيم , والفرار من الزحف , والمرتد أعرابيا بعد هجرته . * - حدثني يعقوب , قال : ثنا هشيم , قال : ثنا هشام , عن ابن سيرين , عن عبيدة , بنحوه . وعلة من قال هذه المقالة ما : 7287 - حدثني المثنى , قال : ثنا أبو صالح , قال : أخبرني الليث , قال : ثني خالد , عن سعيد بن أبي هلال , عن نعيم المجمر , قال : أخبرني صهيب مولى العتواري أنه سمع من أبي هريرة وأبي سعيد الخدري يقولان : خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما , فقال : " والذي نفسي بيده ؟ " ثلاث مرات , ثم أكب , فأكب كل رجل منا يبكي لا يدري على ماذا حلف . ثم رفع رأسه وفي وجهه البشر , فكان أحب إلينا من حمر النعم , فقال : " ما من عبد يصلي الصلوات الخمس , ويصوم رمضان , ويخرج الزكاة , ويجتنب الكبائر السبع , إلا فتحت له أبواب الجنة , ثم قيل : ادخل بسلام " . 7288 - حدثني المثنى , قال : ثنا أبو حذيفة , قال : ثنا شبل , عن ابن أبي نجيح , عن عطاء , قال : الكبائر سبع : قتل النفس , وأكل الربا , وأكل مال اليتيم , ورمي المحصنة , وشهادة الزور , وعقوق الوالدين , والفرار يوم الزحف . وقال آخرون : هي تسع . ذكر من قال ذلك : 7289 - حدثني يعقوب بن إبراهيم , قال : ثنا ابن علية , قال : أخبرنا زياد بن مخراق , عن طيسلة بن مياس , قال : كنت مع الحدثان , فأصبت ذنوبا لا أراها إلا من الكبائر , فلقيت ابن عمر , فقلت : إني أصيب ذنوبا لا أراها إلا من الكبائر , قال : وما هي ؟ قلت : كذا وكذا , قال : ليس من الكبائر - قال : لشيء لم يسمعه طيسلة - قال : هي تسع , وسأعدهن عليك : الإشراك بالله , وقتل النسمة بغير حلها , والفرار من الزحف , وقذف المحصنة , وأكل الربا , وأكل مال اليتيم ظلما , وإلحاد في المسجد الحرام , والذي يستسحر وبكاء الوالدين من العقوق. قال ابن زياد : وقال طيسلة : لما رأى ابن عمر فرقي , قال : أتخاف النار أن تدخلها ؟ قلت : نعم , قال : وتحب أن تدخل الجنة ؟ قلت : نعم , قال : أحي والدك ؟ قلت : عندي أمي . قال : فوالله لئن أنت ألنت لها الكلام , وأطعمتها الطعام , لتدخلن الجنة ما اجتنبت الموجبات . * - حدثنا سليمان بن ثابت الخراز الواسطي , قال : أخبرنا سلم بن سلام , قال : أخبرنا أيوب بن عتبة , عن طيسلة بن علي النهدي , قال : أتيت ابن عمر , وهو في ظل أراك يوم عرفة , وهو يصب الماء على رأسه ووجهه . قال : قلت : أخبرني عن الكبائر ! قال : هي تسع , قلت : ما هن ؟ قال : الإشراك بالله , وقذف المحصنة - قال : قلت قبل القتل ؟ قال : نعم , ورغما - وقتل النفس المؤمنة , والفرار من الزحف , والسحر , وأكل الربا , وأكل مال اليتيم , وعقوق الوالدين المسلمين , والإلحاد بالبيت الحرام قبلتكم أحياء وأمواتا. 7290 - حدثنا سليمان بن ثابت الخراز , قال : أخبرنا سلم بن سلام , قال : أخبرنا أيوب بن عتبة , عن يحيى عن عبيد بن عمير , عن أبيه , عن النبي صلى الله عليه وسلم , بمثله , إلا أنه قال : بدأ بالقتل قبل القذف. وقال آخرون : هي أربع . ذكر من قال ذلك : 7291 - حدثنا ابن حميد , قال : ثنا حكام بن سلم , عن عنبسة , عن مطرف , عن وبرة , عن ابن مسعود , قال : الكبائر : الإشراك بالله , والقنوط من رحمة الله , والإياس من روح الله , والأمن من مكر الله . * - حدثني يعقوب بن إبراهيم . قال : ثنا هشيم , قال : أخبرنا مطرف , عن وبرة بن عبد الرحمن , عن أبي الطفيل , قال : قال عبد الله بن مسعود : أكبر الكبائر : الإشراك بالله , والإياس من روح الله , والقنوط من رحمة الله , والأمن من مكر الله. * - حدثنا أبو كريب , قال : ثنا أبو معاوية , عن الأعمش , عن وبرة بن عبد الرحمن , قال : قال عبد الله : إن الكبائر : الشرك بالله , والقنوط من رحمة الله , والأمن من مكر الله , والإياس من روح الله . * - حدثنا أبو كريب وأبو السائب , قالا : ثنا ابن إدريس , قال : سمعت مطرفا عن وبرة , عن أبي الطفيل قال : قال عبد الله : الكبائر أربع : الإشراك بالله , والقنوط من رحمة الله , واليأس من روح الله , والأمن من مكر الله . 7292 - حدثني محمد بن عمارة الأسدي , قال : ثنا عبد الله , قال : أخبرنا شيبان , عن الأعمش , عن وبرة , عن أبي الطفيل , قال : سمعت ابن مسعود يقول : أكبر الكبائر : الإشراك بالله . * - حدثني محمد بن عمارة , قال : ثنا عبد الله , قال : أخبرنا إسرائيل , عن أبي إسحاق , عن وبرة , عن أبي الطفيل , عن عبد الله , بنحوه . * - حدثني ابن المثنى , قال : ثني وهب بن جرير , قال : ثنا شعبة , عن عبد الملك عن أبي الطفيل , عن عبد الله , قال : الكبائر أربع : الإشراك بالله , والأمن من مكر الله , والإياس من روح الله , والقنوط من رحمة الله. * - وبه قال : شعبة , عن القاسم بن أبي بزة , عن أبي الطفيل , عن عبد الله , بمثله . * - حدثنا ابن المثنى , قال : ثنا محمد بن جعفر , قال : ثنا شعبة , عن القاسم بن أبي بزة , عن أبي الطفيل , عن عبد الله بن مسعود , بنحوه. * - حدثنا ابن حميد , قال : ثنا جرير , عن عبد العزيز بن رفيع , عن أبي الطفيل , عن ابن مسعود , قال : الكبائر أربع : الإشراك بالله , وقتل النفس التي حرم الله , والأمن لمكر الله , والإياس من روح الله . * - حدثنا ابن وكيع , قال : ثنا أبي , عن المسعودي , عن فرات القزاز , عن أبي الطفيل , عن عبد الله , قال : الكبائر : القنوط من رحمة الله , والإياس من روح الله , والأمن لمكر الله , والشرك بالله. وقال آخرون : كل ما نهى الله عنه فهو كبيرة . ذكر من قال ذلك : 7293 - حدثنا أبو كريب , قال : ثنا هشيم , عن منصور , عن ابن سيرين , عن ابن عباس , قال : ذكرت عنده الكبائر , فقال : كل ما نهى الله عنه فهو كبيرة . 7294 - حدثني يعقوب بن إبراهيم , قال : ثنا ابن علية , قال : أخبرنا أيوب , عن محمد , قال : أنبئت أن ابن عباس كان يقول : كل ما نهى الله عنه كبيرة , وقد ذكرت الطرفة , قال : هي النظرة . 7295 - حدثني محمد بن عبد الأعلى , قال : ثنا معتمر , عن أبيه , عن طاوس , قال : قال رجل لعبد الله بن عباس : أخبرني بالكبائر السبع , قال : فقال ابن عباس : هي أكثر من سبع وتسع . فما أدري كم قالها من مرة . * - حدثني يعقوب بن إبراهيم , قال : ثنا ابن علية , عن سليمان التيمي , عن طاوس , قال : ذكروا عند ابن عباس الكبائر , فقالوا : هي سبع , قال : هي أكثر من سبع وتسع . قال سليمان : فلا أدري كم قالها من مرة . 7296 - حدثنا محمد بن بشار , قال : ثنا محمد بن جعفر وابن أبي عدي , عن عوف , قال : قام أبو العالية الرياحي على حلقة أنا فيها , فقال : إن ناسا يقولون : الكبائر سبع , وقد خفت أن تكون الكبائر سبعين , أو يزدن على ذلك . 7297 - حدثنا علي , قال : ثنا الوليد , قال : سمعت أبا عمرو يخبر عن الزهري , عن ابن عباس , أنه سئل عن الكبائر سبع هي ؟ قال : هي إلى السبعين أقرب . 7298 - حدثني المثنى , قال : ثنا أبو حذيفة , قال : ثنا شبل , عن قيس بن سعد , عن سعيد بن جبير , أن رجلا قال لابن عباس : كم الكبائر أسبع هي ؟ قال : إلى سبعمائة أقرب منها إلى سبع , غير أنه لا كبيرة مع استغفار , ولا صغيرة مع إصرار . * - حدثنا ابن حميد , قال : ثنا جرير , عن ليث , عن طاوس , قال : جاء رجل إلى ابن عباس , فقال : أرأيت الكبائر السبع التي ذكرهن الله ما هن ؟ قال : هن إلى السبعين أدنى منها إلى السبع. * - حدثنا الحسن بن يحيى , قال : أخبرنا عبد الرزاق , قال : أخبرنا معمر , عن ابن طاوس , عن أبيه , قال : قيل لابن عباس : الكبائر سبع ؟ قال : هي إلى السبعين أقرب. 7299 - حدثنا أحمد بن حازم , قال : أخبرنا أبو نعيم , قال : ثنا عبد الله بن سعدان , عن أبي الوليد , قال : سألت ابن عباس , عن الكبائر , قال : كل شيء عصي الله فيه فهو كبيرة . وقال آخرون : هي ثلاث . ذكر من قال ذلك : 7300 - حدثني المثنى , قال : ثنا أبو حذيفة , قال : ثنا شبل , عن ابن أبي نجيح , عن مجاهد , عن ابن مسعود قال : الكبائر : ثلاث : اليأس من روح الله , والقنوط من رحمة الله , والأمن من مكر الله . وقال آخرون : كل موجبة وكل ما أوعد الله أهله عليه الناس فكبيرة . ذكر من قال ذلك : 7301 - حدثني المثنى , قال : ثنا عبد الله بن صالح , قال : ثني معاوية , عن علي بن أبي طلحة , عن ابن عباس : قوله : إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه قال : الكبائر : كل ذنب ختمه الله بنار أو غضب , أو لعنة , أو عذاب . 7302 - حدثني يعقوب بن إبراهيم , قال : ثنا ابن علية , قال : أخبرنا هشام بن حسان , عن محمد بن واسع , قال : قال سعيد بن جبير : كل موجبة في القرآن كبيرة. * - حدثنا ابن وكيع , قال : ثنا أبي عن محمد بن مهزم الشعاب , عن محمد بن واسع الأزدي , عن سعيد بن جبير , قال : كل ذنب نسبه الله إلى النار , فهو من الكبائر . 7303 - حدثنا علي بن سهل , قال : ثنا الوليد بن مسلم , عن سالم أنه سمع الحسن , يقول : كل موجبة في القرآن كبيرة. 7304 - حدثني محمد بن عمرو , قال : ثنا أبو عاصم , عن عيسى , عن ابن أبي نجيح , عن مجاهد في قول الله : إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه قال : الموجبات . * - حدثني المثنى , قال : ثنا أبو حذيفة , قال : ثنا شبل , عن ابن أبي نجيح , عن مجاهد , مثله . 7305 - حدثني يحيى بن أبي طالب , قال : ثنا يزيد , قال : ثنا جويبر , عن الضحاك , قال : الكبائر : كل موجبة أوجب الله لأهلها النار , وكل عمل يقام به الحد فهو من الكبائر. قال أبو جعفر : والذي نقول به في ذلك ما ثبت به الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم . وذلك 7306 - حدثنا به أحمد بن الوليد القرشي , قال : ثنا محمد بن جعفر , قال : ثنا شعبة , قال : ثني عبيد الله بن أبي بكر , قال : سمعت أنس بن مالك قال : ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم الكبائر , أو سئل عن الكبائر , فقال : " الشرك بالله , وقتل النفس , وعقوق الوالدين " فقال : " ألا أنبئكم بأكبر الكبائر ؟ " قال : " قول الزور " , أو قال : " شهادة الزور " , قال شعبة : وأكبر ظني أنه قال : " شهادة الزور " . * - حدثنا يحيى بن حبيب بن عربي , قال : حدثنا خالد بن الحارث , قال : حدثنا شعبة , قال : أخبرنا عبيد الله بن أبي بكر , عن أنس , عن النبي صلى الله عليه وسلم في الكبائر , قال : " الشرك بالله , وعقوق الوالدين , وقتل النفس , وقول الزور " . * - حدثنا ابن المثنى , قال : ثنا يحيى بن كثير , قال : ثنا شعبة , عن عبيد الله بن أبي بكر , عن أنس , قال : ذكروا الكبائر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : " الإشراك بالله وعقوق الوالدين , وقتل النفس . ألا أنبئكم بأكبر الكبائر ؟ قول الزور " . 7307 - حدثنا محمد بن المثنى , قال : ثنا محمد بن جعفر , قال : ثنا شعبة , عن فراس , عن الشعبي , عن عبد الله بن عمرو , عن النبي صلى الله عليه وسلم , قال : " أكبر الكبائر : الإشراك بالله , وعقوق الوالدين , أو قتل النفس " شعبة الشاك " واليمين الغموس " . * - حدثنا أبو هشام الرفاعي , قال : ثنا عبد الله بن موسى , قال : ثنا شيبان , عن فراس , عن الشعبي , عن عبد الله بن عمرو , قال : جاء أعرابي إلى النبي صلى الله عليه وسلم , فقال : ما الكبائر , قال : " الشرك بالله " قال : ثم مه ؟ قال : " وعقوق الوالدين ". قال : ثم مه ؟ قال : " واليمين الغموس " . قلت للشعبي : ما اليمين الغموس ؟ قال : الذي يقتطع مال امرئ مسلم بيمينه وهو فيها كاذب . 7308 - حدثني المثنى , قال : ثنا ابن أبي السري محمد بن المتوكل العسقلاني , قال : ثنا محمد بن سعد , عن خالد بن معدان , عن أبي رهم , عن أبي أيوب الأنصاري , قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من أقام الصلاة , وآتى الزكاة وصام رمضان , واجتنب الكبائر , فله الجنة " , قيل : وما الكبائر ؟ قال : " الإشراك بالله , وعقوق الوالدين , والفرار يوم الزحف " . * - حدثني عباس بن أبي طالب , قال : ثنا سعد بن عبد الحميد , عن جعفر , عن ابن أبي جعفر , عن ابن أبي الزناد , عن موسى بن عقبة , عن عبد الله بن سلمان الأغر , عن أبيه أبي عبد الله سلمان الأغر , قال : قال أبو أيوب خالد بن أيوب الأنصاري , عقبي بدري , قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ما من عبد يعبد الله لا يشرك به شيئا , ويقيم الصلاة , ويؤتي الزكاة , ويصوم رمضان ويجتنب الكبائر , إلا دخل الجنة ". فسألوه : ما الكبائر ؟ قال : " الإشراك بالله , والفرار من الزحف , وقتل النفس " . 7309 - حدثنا أبو كريب , قال : ثنا أحمد بن عبد الرحمن , قال : ثنا عباد بن عباد , عن جعفر بن الزبير , عن القاسم , عن أبي أمامة : أن ناسا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكروا الكبائر , وهو متكئ , فقالوا : الشرك بالله , وأكل مال اليتيم , وفرار من الزحف , وقذف المحصنة , وعقوق الوالدين , وقول الزور , والغلول , والسحر , وأكل الربا . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " فأين تجعلون الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمنا قليلا " . .. إلى آخر الآية . 7310 - حدثنا عبيد الله بن محمد الفريابي , قال : ثنا سفيان , عن أبي معاوية , عن أبي عمرو الشيباني , عن عبد الله , قال : سألت النبي صلى الله عليه وسلم : ما الكبائر ؟ قال : " أن تدعو لله ندا وهو خلقك , وأن تقتل ولدك من أجل أن يأكل معك , وأن تزني بحليلة جارك " . وقرأ علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم : والذين لا يدعون مع الله إلها آخر , ولا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق ولا يزنون 7311 - حدثني هذا الحديث عبد الله بن محمد الزهري , فقال : ثنا سفيان , قال : ثنا أبو معاوية النخعي , وكان على السجن سمعه من أبي عمرو عن عبد الله بن مسعود : سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم , فقلت : أي العمل شر ؟ قال : " أن تجعل لله ندا وهو خلقك , وأن تقتل ولدك خشية أن يأكل معك , وأن تزني بجارتك " وقرأ علي : والذين لا يدعون مع الله إلها آخر قال أبو جعفر : وأولى ما قيل في تأويل الكبائر بالصحة , ما صح به الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم دون ما قاله غيره , وإن كان كل قائل فيها قولا من الذين ذكرنا أقوالهم , قد اجتهد وبالغ في نفسه , ولقوله في الصحة مذهب . فالكبائر إذن : الشرك بالله , وعقوق الوالدين , وقتل النفس المحرم قتلها , وقول الزور . وقد يدخل في قول الزور شهادة الزور , وقذف المحصنة , واليمين الغموس , والسحر . ويدخل في قتل النفس المحرم قتلها : قتل الرجل ولده من أجل أن يطعم معه , والفرار من الزحف , والزنا بحليلة الجار وإذ كان ذلك كذلك صح كل خبر روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في معنى الكبائر , وكان بعضه مصدقا بعضا , وذلك أن الذي روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : " هي سبع " يكون معنى قوله حينئذ " هي سبع " على التفصيل , ويكون معنى قوله في الخبر الذي روي عنه أنه قال : " هي الإشراك بالله , وقتل النفس , وعقوق الوالدين , وقول الزور " على الإجمال , إذ كان قوله : " وقول الزور " يحتمل معاني شتى , وأن يجمع جميع ذلك : قول الزور . وأما خبر ابن مسعود الذي حدثني به الفريابي على ما ذكرت , فإنه عندي غلط من عبيد الله بن محمد , لأن الأخبار المتظاهرة من الأوجه الصحيحة عن ابن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم بنحو الرواية التي رواها الزهري عن ابن عيينة , ولم يقل أحد منهم في حديثه عن ابن مسعود أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن الكبائر ; فنقلهم ما نقلوا من ذلك عن ابن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم أولى بالصحة من نقل الفريابي . فمن اجتنب الكبائر التي وعد الله مجتنبها تكفير ما عداها من سيئاته , وإدخاله مدخلا كريما , وأدى فرائضه التي فرضها الله عليه , وجد الله لما وعده من وعد منجزا , وعلى الوفاء به دائبا .نكفر عنكم سيئاتكموأما قوله : نكفر عنكم سيئاتكم فإنه يعني به : نكفر عنكم أيها المؤمنون باجتنابكم كبائر ما ينهاكم عنه ربكم صغائر سيئاتكم , يعني : صغائر ذنوبكم. كما : 7312 - حدثني محمد بن الحسين , قال : ثنا أحمد بن مفضل , قال : ثنا أسباط , عن السدي : نكفر عنكم سيئاتكم الصغائر . 7313 - حدثني يعقوب بن إبراهيم , قال : ثنا ابن علية , عن ابن عون , عن الحسن : أن ناسا لقوا عبد الله بن عمرو بمصر , فقالوا : نرى أشياء من كتاب الله أمر أن يعمل بها , لا يعمل بها , فأردنا أن نلقى أمير المؤمنين في ذلك ؟ فقدم وقدموا معه , فلقيه عمر رضي الله عنه , فقال : متى قدمت ؟ قال : منذ كذا وكذا , قال : أبإذن قدمت ؟ قال : فلا أدري كيف رد عليه , فقال : يا أمير المؤمنين , إن ناسا لقوني بمصر , فقالوا : إنا نرى أشياء من كتاب الله تبارك وتعالى أمر أن يعمل بها ولا يعمل بها , فأحبوا أن يلقوك في ذلك . فقال : اجمعهم لي ! قال : فجمعتهم له - قال ابن عون : أظنه قال في نهر - فأخذ أدناهم رجلا , فقال : أنشدكم بالله وبحق الإسلام عليك , أقرأت القرآن كله ؟ قال : نعم , قال : فهل أحصيته في نفسك ؟ قال : اللهم لا. قال : ولو قال نعم لخصمه . قال : فهل أحصيته في بصرك ؟ هل أحصيته في لفظك ؟ هل أحصيته في أثرك ؟ قال : ثم تتبعهم حتى أتى على آخرهم , فقال : ثكلت عمر أمه ! أتكلفونه أن يقيم الناس على كتاب الله ؟ قد علم ربنا أن ستكون لنا سيئات ! قال : وتلا : إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه نكفر عنكم سيئاتكم وندخلكم مدخلا كريما هل علم أهل المدينة ؟ أو قال : هل علم أحد بما قدمتم ؟ قالوا : لا , قال : لو علموا لوعظت بكم . 7314 - حدثني يعقوب , قال : ثنا ابن علية , قال : ثنا زياد بن مخراق , عن معاوية بن قرة قال : أتينا أنس بن مالك , فكان فيما حدثنا قال : لم نر مثل الذي بلغنا عن ربنا , ثم لم نخرج له عن كل أهل ومال . ثم سكت هنيهة , ثم قال : والله لقد كلفنا ربنا أهون من ذلك , لقد تجاوز لنا عما دون الكبائر , فما لنا ولها ؟ ثم تلا : إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه ... الآية . 7315 - حدثنا بشر بن معاذ , قال : ثنا يزيد , قال : ثنا سعيد , عن قتادة , قوله : إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه . .. الآية , إنما وعد الله المغفرة لمن اجتنب الكبائر , وذكر لنا أن نبي الله صلى الله عليه وسلم , قال : " اجتنبوا الكبائر , وسددوا , وأبشروا " 7316 - حدثنا الحسن بن يحيى , قال : أخبرنا عبد الرزاق , قال : أخبرنا معمر , عن رجل , عن ابن مسعود قال : في خمس آيات من سورة النساء لهن أحب إلي من الدنيا جميعا : إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه نكفر عنكم سيئاتكم وقوله : إن الله لا يظلم مثقال ذرة وإن تك حسنة يضاعفها 4 40 وقوله : إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء 4 48 وقوله : ومن يعمل سوءا أو يظلم نفسه ثم يستغفر الله يجد الله غفورا رحيما 4 110 وقوله : والذين آمنوا بالله ورسله ولم يفرقوا بين أحد منهم أولئك سوف يؤتيهم أجورهم وكان الله غفورا رحيما 4 152 7317 - حدثنا القاسم , قال : ثنا الحسين , قال : ثني أبو النضر , عن صالح المري , عن قتادة , عن ابن عباس , قال : ثمان آيات نزلت في سورة النساء , هي خير لهذه الأمة مما طلعت عليه الشمس وغربت , أولاهن : يريد الله ليبين لكم ويهديكم سنن الذين من قبلكم ويتوب عليكم والله عليم حكيم 4 26 والثانية : والله يريد أن يتوب عليكم ويريد الذين يتبعون الشهوات أن تميلوا ميلا عظيما 4 27 والثالثة : يريد الله أن يخفف عنكم وخلق الإنسان ضعيفا 4 28 ثم ذكر مثل قول ابن مسعود سواء , وزاد فيه : ثم أقبل يفسرها في آخر الآية : وكان الله للذين عملوا الذنوب غفورا رحيما وندخلكم مدخلا كريماوأما قوله : وندخلكم مدخلا كريما فإن القراء اختلفت في قراءته , فقرأته عامة قراء أهل المدينة وبعض الكوفيين : " وندخلكم مدخلا كريما " بفتح الميم , وكذلك الذي في الحج : ليدخلنهم مدخلا يرضونه 22 59 فمعنى : " وندخلكم مدخلا " فيدخلون دخولا كريما . وقد يحتمل على مذهب من قرأ هذه القراءة أن يكون المعنى في المدخل : المكان والموضع , لأن العرب ربما فتحت الميم من ذلك بهذا المعنى , كما قال الراجز : بمصبح الحمد وحيث يمسي وقد أنشدني بعضهم سماعا من العرب : الحمد لله ممسانا ومصبحنا بالخير صبحنا ربي ومسانا وأنشدني آخر غيره : الحمد لله ممسانا ومصبحنا لأنه من أصبح وأمسى . وكذلك تفعل العرب فيما كان من الفعل بناؤه على أربعة تضم ميمه في مثل هذا , فتقول : دحرجته مدحرجا فهو مدحرج , ثم تحمل ما جاء على أفعل يفعل على ذلك , لأن يفعل من يدخل , وإن كان على أربعة , فإن أصله أن يكون على يؤفعل : يؤدخل , ويؤخرج , فهو نظير يدحرج . وقرأ ذلك عامة قراء الكوفيين والبصريين : مدخلا بضم الميم , يعني : وندخلكم إدخالا كريما . قال أبو جعفر : وأولى القراءتين بالصواب قراءة من قرأ ذلك : وندخلكم مدخلا كريما بضم الميم لما وصفنا من أن ما كان من الفعل بناؤه على أربعة في فعل فالمصدر منه مفعل , وأن أدخل ودحرج فعل منه على أربعة , فالمدخل مصدره أولى من مفعل مع أن ذلك أفصح في كلام العرب في مصادر ما جاء على أفعل , كما يقال : أقام بمكان فطاب له المقام , إذا أريد به الإقامة , وقام في موضعه فهو في مقام واسع , كما قال جل ثناؤه : إن المتقين في مقام أمين 44 51 من قام يقوم , ولو أريد به الإقامة لقرئ : " إن المتقين في مقام أمين " كما قرئ : وقل رب أدخلني مدخل صدق وأخرجني مخرج صدق 17 80 بمعنى الإدخال والإخراج , ولم يبلغنا عن أحد أنه قرأ : مدخل صدق , ولا مخرج صدق , بفتح الميم . وأما المدخل الكريم : فهو الطيب الحسن , المكرم بنفي الآفات والعاهات عنه , وبارتفاع الهموم والأحزان ودخول الكدر في عيش من دخله , فلذلك سماه الله كريما . كما : 7318 - حدثني محمد بن الحسين , قال : ثنا أحمد بن مفضل , قال : ثنا أسباط , عن السدي : وندخلكم مدخلا كريما قال : الكريم : هو الحسن في الجنة . .
وَ لَا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللّٰهُ بِهٖ بَعْضَكُمْ عَلٰى بَعْضٍؕ-لِلرِّجَالِ نَصِیْبٌ مِّمَّا اكْتَسَبُوْاؕ-وَ لِلنِّسَآءِ نَصِیْبٌ مِّمَّا اكْتَسَبْنَؕ-وَ سْــٴَـلُوا اللّٰهَ مِنْ فَضْلِهٖؕ-اِنَّ اللّٰهَ كَانَ بِكُلِّ شَیْءٍ عَلِیْمًا(۳۲)
اور ا س کی آرزو نہ کرو جس سے اللہ نے تم میں ایک کو دوسرے پر بڑائی دی (ف۹۶) مردوں کے لئے ان کی کمائی سے حصہ ہے، اور عورتوں کے لئے ان کی کمائی سے حصہ (ف۹۷) اور اللہ سے اس کا فضل مانگو، بیشک اللہ سب کچھ جانتا ہے،
القول في تأويل قوله : وَلا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍقال أبو جعفر: يعني بذلك جل ثناؤه: ولا تشتهوا ما فضل الله به بعضكم على بعض. (102)* * *وذكر أن ذلك نزل في نساءٍ تمنين منازلَ الرجال، وأن يكون لهم ما لهم، فنهى الله عباده عن الأماني الباطلة، وأمرهم أن يسألوه من فضله، إذ كانت الأمانيّ تورِث أهلها الحسد والبغي بغير الحق. (103)* * *ذكر الأخبار بما ذكرنا:9236 - حدثنا محمد بن بشار قال، حدثنا مؤمل، قال حدثنا سفيان، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد قال: قالت أم سلمة: يا رسول الله، لا نعطَي الميراث، ولا نغزو في سبيل الله فنُقتل؟ فنزلت: " ولا تتمنوا ما فضَّل الله به بعضكم على بعض ". (104)9237 - حدثنا أبو كريب قال، حدثنا معاوية بن هشام، عن سفيان الثوري، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قال: قالت أم سلمة: يا رسول الله: تغزو الرجال ولا نغزو، وإنما لنا نصف الميراث! فنزلت: وَلا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبُوا وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبْنَ ، ونزلت: إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ [سورة الأحزاب: 35].9238 - حدثني المثنى قال، حدثنا عبد الله بن صالح قال، حدثني معاوية بن صالح، عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس قوله: " ولا تتمنَّوا ما فضل الله به بعضكم على بعض "، يقول: لا يتمنى الرجل يقول: " ليت أنّ لي مالَ فلان وأهلَه "! فنهى الله سبحانه عن ذلك، ولكن ليسأل الله من فضله.9239 - حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم، عن عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد في قوله: " ولا تتمنوا ما فضل الله به بعضكم على بعض "، قال: قول النساء: " ليتنا رجالا فنغزو ونبلُغ ما يبلغ الرجال "! (105)9240 - حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: " ولا تتمنوا ما فضل الله به بعضكم على بعض "، قولُ النساء يتمنين: " ليتنا رجال فنغزو "! ثم ذكر مثل حديث محمد بن عمرو.9241 - حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا ابن عيينة، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قال: قالت أم سلمة: أيْ رسول الله، أتغزو الرجال ولا نغزو، وإنما لنا نصفُ الميراث؟ فنزلت: " ولا تتمنوا ما فضل الله ". (106)9242 - حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال: أخبرنا معمر، عن شيخ من أهل مكة قوله: " ولا تتمنوا ما فضل الله به بعضكم على بعض "، قال: كان النساء يقلن: " ليتنا رجال فنجاهد كما يجاهد الرجال، ونغزو في سبيل الله "! فقال الله: " ولا تتمنوا ما فضل الله به بعضكم على بعض ".9243 - حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة، عن الحسن قال: تتمنى مالَ فلان ومال فلان! وما يدريك؟ لعل هلاكَه في ذلك المال!9244 - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثنا حجاج، عن ابن جريج، عن عكرمة ومجاهد: أنهما قالا نزلت في أم سلمة ابنة أبي أمية بن المغيرة. (107)9245 - وبه قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج، عن عطاء قال: هو الإنسان، يقول: " وددت أن لي مال فلان "! قال: وَاسْأَلُوا اللَّهَ مِنْ فَضْلِهِ ، وقول النساء: " ليت أنا رجالا فنغزو ونبلغ ما يبلغ الرجال "! (108)* * *وقال آخرون: بل معنى ذلك: لا يتمنَّ بعضكم ما خصّ الله بعضًا من منازل الفضل.*ذكر من قال ذلك:9246 - حدثنا محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن مفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي قوله: " ولا تتمنوا ما فضل الله به بعضكم على بعض "، فإن الرجال قالوا: " نريد أن يكون لنا من الأجر الضعفُ على أجر النساء، كما لنا في السهام سهمان، فنريد أن يكون لنا في الأجر أجران ". وقالت النساء: " نريد أن يكون لنا أجرٌ مثل أجر الرجال، فإنا لا نستطيع أن نقاتل، ولو كتب علينا القتال لقاتلنا "! فأنزل الله تعالى الآية، وقال لهم: سلوا الله من فضله، يرزقكم الأعمال، وهو خير لكم.9247 - حدثني يعقوب بن إبراهيم قال، حدثنا ابن علية، عن أيوب، عن محمد قال: نُهيتم عن الأمانيّ، ودُللتم على ما هو خير منه: وَاسْأَلُوا اللَّهَ مِنْ فَضْلِهِ .9248 - حدثني المثنى قال، حدثنا عارم قال، حدثنا حماد بن زيد، عن أيوب قال: كان محمد إذا سمع الرجل يتمنى في الدنيا قال: قد نهاكم الله عن هذا: " ولا تتمنوا ما فضل الله به بعضكم على بعض "، ودلكم على خير منه: وَاسْأَلُوا اللَّهَ مِنْ فَضْلِهِ .قال أبو جعفر: فتأويل الكلام على هذا التأويل: ولا تتمنوا، أيها الرجال والنساء، الذي فضل الله به بعضكم على بعض من منازل الفضل ودرجات الخير، وليرض أحدكم بما قسم الله له من نصيب، ولكن سَلُوا الله من فضله.* * *القول في تأويل قوله : لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبُوا وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبْنَقال أبو جعفر: اختلف أهل التأويل في تأويل ذلك.فقال بعضهم: معنى ذلك: للرجال نصيب مما اكتسبوا، من الثواب على الطاعة، والعقاب على المعصية =" وللنساء نصيب " من ذلك مثل ذلك.*ذكر من قال ذلك:9249 - حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة قوله: وَلا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبُوا وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبْنَ ، كان أهل الجاهلية لا يورَّثون المرأة شيئًا ولا الصبيَّ شيئًا، وإنما يجعلون الميراث لمن يَحْترف وينفع ويدفع. (109) فلما نَجَزَ للمرأة نصيبها وللصبيّ نصيبه، (110) وجَعل للذكر مثل حظّ الأنثيين، قال النساء: " لو كان جعل أنصباءَنا في الميراث كأنصباء الرجال "! وقال الرجال: " إنا لنرجو أن نفضَّل على النساء بحسناتنا في الآخرة، كما فضلنا عليهن في الميراث "! فأنزل الله: " للرجال نصيب مما اكتسبوا وللنساء نصيب مما اكتسبن "، يقول: المرأة تُجزى بحسنتها عشر أمثالها، كما يُجْزى الرجل، قال الله تعالى: وَاسْأَلُوا اللَّهَ مِنْ فَضْلِهِ .9250 - حدثني المثنى قال، حدثنا عبد الرحمن بن أبي حماد قال، حدثني أبو ليلى قال، سمعت أبا حريز يقول: لما نزل: لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنْثَيَيْنِ ، قالت النساء: كذلك عليهم نصيبان من الذنوب، كما لهم نصيبان من الميراث! فأنزل الله: " للرجال نصيب مما اكتسبوا وللنساء نصيب مما اكتسبن "، يعني الذنوب = وَاسْأَلُوا اللَّهَ ، يا معشر النساء = مِنْ فَضْلِهِ . (111)* * *وقال آخرون: بل معنى ذلك: للرجال نصيب مما اكتسبوا من ميراث موتاهم، وللنساء نصيب منهم.*ذكر من قال ذلك:9251 - حدثنا المثنى قال، حدثنا عبد الله بن صالح قال، حدثني معاوية بن صالح، عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس قوله: " للرجال نصيب مما اكتسبوا وللنساء نصيب مما اكتسبن "، يعني: ما ترك الوالدان والأقربون: يقول: لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنْثَيَيْنِ .9252 - حدثنا ابن حميد قال، حدثنا جرير، عن أبي إسحاق، عن عكرمة أو غيره في قوله: " للرجال نصيب مما اكتسبوا وللنساء نصيب مما اكتسبن "، قال: في الميراث، كانوا لا يورِّثون النساء.* * *قال أبو جعفر: وأولى القولين في ذلك بتأويل الآية، قول من قال: معناه: للرجال نصيب من ثواب الله وعقابه مما اكتسبوا فعملوه من خير أو شر، وللنساء نصيب مما اكتسبن من ذلك كما للرجال.وإنما قلنا إن ذلك أولى بتأويل الآية من قول من قال: " تأويله: للرجال نصيب من الميراث، وللنساء نصيب منه "، لأن الله جل ثناؤه أخبر أن لكل فريق من الرجال والنساء نصيبًا مما اكتسب. وليس الميراث مما اكتسبه الوارث، وإنما هو مال أورثه الله عن ميّته بغير اكتساب، وإنما " الكسب " العمل، و " المكتسب ": المحترف. (112) فغير جائز أن يكون معنى الآية = وقد قال الله: " للرجال نصيب مما اكتسبوا وللنساء نصيب مما اكتسبن ": للرجال نصيبٌ مما ورِثوا، وللنساء نصيب مما ورثن. لأن ذلك لو كان كذلك لقيل: " للرجال نصيب مما لم يكتسبوا، وللنساء نصيب مما لم يكتسبن "!!* * *القول في تأويل قوله : وَاسْأَلُوا اللَّهَ مِنْ فَضْلِهِقال أبو جعفر: يعني بذلك جل ثناؤه: واسألوا الله من عونه وتوفيقه للعمل بما يرضيه عنكم من طاعته. ففضله في هذا الموضع: توفيقه ومعونته كما:- (113)9253 - حدثنا محمد بن مسلم الرازي قال، حدثنا أبو جعفر النفيلي قال، حدثنا يحيى بن يمان، عن أشعث ، عن سعيد: " واسألوا الله من فضله "، قال: العبادة، ليست من أمر الدنيا.9254 - حدثنا محمد بن مسلم قال، حدثني أبو جعفر قال، حدثنا موسى، عن ليث قال: " فضله "، العبادة، ليسَ من أمر الدنيا. (114)9255 - حدثنا ابن حميد قال، حدثنا هشام، عن ليث، عن مجاهد في قوله: " واسألوا الله من فضله "، قال: ليس بعرض الدنيا.9256 - حدثنا محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن مفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي: " واسألوا الله من فضله "، يرزقكم الأعمال، وهو خير لكم.9257 - حدثنا ابن وكيع قال: حدثنا أبي قال، حدثنا إسرائيل، عن حكيم بن جبير، عن رجل لم يسمه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: سلوا الله من فضله، فإنه يحب أن يسأل، وإنّ من أفضل العبادة انتظار الفَرَج. (115)* * *القول في تأويل قوله : إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا (32)قال أبو جعفر: يعني بذلك جل ثناؤه: إنّ الله كان بما يصلح عباده - فيما قسم لهم من خير، ورفع بعضهم فوق بعض في الدين والدنيا، وبغير ذلك من قضائه وأحكامه فيهم =" عليما "، يقول: ذا علم. فلا تتمنوا (116) غير الذي قضى لكم، ولكن عليكم بطاعته، والتسليم لأمره، والرضى بقضائه، ومسألته من فضله.-------------------------الهوامش :(102) انظر تفسير"التمني" فيما سلف 2: 366.(103) ولكن هذا باب من القول والتشهي ، قد لج فيه أهل هذا الزمان ، وخلطوا في فهمه خلطًا لا خلاص منه إلا بصدق النية ، وبالفهم الصحيح لطبيعة هذا البشر ، وبالفصل بين ما هو أمان باطلة لا أصل لها من ضرورة ، وبالخروج من ربقة التقليد للأمم الغالبة ، وبالتحرر من أسر الاجتماع الفاسد الذي يضطرب بالأمم اليوم اضطرابًا شديدًا. ولكن أهل ملتنا ، هداهم الله وأصلح شئونهم ، قد انساقوا في طريق الضلالة ، وخلطوا بين ما هو إصلاح لما فسد من أمورهم بالهمة والعقل والحكمة ، وبين ما هو إفساد في صورة إصلاح. وقد غلا القوم وكثرت داعيتهم من ذوي الأحقاد ، الذين قاموا على صحافة زمانهم ، حتى تبلبلت الألسنة ، ومرجت العقول ، وانزلق كثير من الناس مع هؤلاء الدعاة ، حتى صرنا نجد من أهل العلم ، ممن ينتسب إلى الدين ، من يقول في ذلك مقالة يبرأ منها كل ذي دين. وفرق بين أن تحيي أمة رجالا ونساء حياة صحيحة سليمة من الآفات والعاهات والجهالات ، وبين أن تسقط الأمة كل حاجز بين الرجال والنساء ، ويصبح الأمر كله أمر أمان باطلة ، تورث أهلها الحسد والبغي بغير الحق ، كما قال أبو جعفر لله دره ، ولله بلاؤه. فاللهم اهدنا سواء السبيل ، في زمان خانت الألسنة فيه عقولها! وليحذر الذين يخالفون عن أمر الله ، وعن قضائه فيهم ، أن تصيبهم قارعة تذهب بما بقي من آثارهم في هذه الأرض ، كما ذهبت بالذين من قبلهم.(104) الحديث: 9236 - سفيان في هذا الإسناد: يجوز أن يكون الثوري ، وأن يكون ابن عيينة. فمؤمل يروي عنهما ، وكلاهما روى هذا الحديث: الثوري في الرواية عقب هذه: 9237 ، وابن عيينة في الرواية: 9241.وسيأتي تخريج الحديث في: 9241.(105) في المطبوعة: "ليتنا رجال" بالرفع ، وهو الوجه السائر ، أما المخطوطة ، فقد كتب"رجالا" ، وضبطها بالقلم ضبطًا ، ولذلك أثبتها كما هي في المخطوطة ، و"ليت" تنصب الاسم وترفع الخبر ، وبعض النحويين ينصب الاسمين جميعًا ، وأنشدوا:يا لَيْتَ أَيَامَ الصَّبَا رَوَاجِعَاوحكى بعض النحويين: أن بعض العرب يستعمل"ليت" ، بمنزلة"وجدت" ، فيعديها إلى مفعولين ، ويجريها مجرى الأفعال ، فيقول: "ليت زيدًا شاخصًا". فرواية الخبر بالنصب ، صواب كما ترى ، لا معنى لتغييره. ولا يحمل هذا على الخطأ من الناسخ ، فالظاهر أن أبا جعفر أتى بالخبر التالي وفيه: "ليتنا رجال" ، لينبه على هذه الرواية بالنصب. وانظر ص 264 ، تعليق: 1.(106) الحديث: 9241- هو في تفسير عبد الرزاق ، ص: 41 (مخطوط مصور) ، بهذا الإسناد. وقد سبق بإسنادين آخرين: 9236 ، 9237.ورواه أحمد في المسند 6: 322 (حلبي) ، عن سفيان ، وهو ابن عيينة ، بهذا الإسناد.ورواه الترمذي 4: 88 ، عن ابن أبي عمر ، عن سفيان. وفيه: "عن مجاهد ، عن أم سلمة: أنها قالت: يغزو الرجال..." ، إلخ.ورواه الحاكم 2: 305-306 ، من طريق قبيصة بن عقبة ، عن سفيان - وهو الثوري - عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد: "عن أم سلمة: أنها قالت...". ورواه الواحدي في أسباب النزول ، ص 110 ، من طريق قتيبة ، عن ابن عيينة - كرواية عبد الرازق هنا ، وأحمد في المسند.فاختلفت صيغة الرواية عن مجاهد. ففي بعضها: "عن مجاهد ، قال: قالت أم سلمة". وفي بعضها: "عن مجاهد عن أم سلمة: أنها قالت".فالصيغة الأولى ظاهرها الإرسال ، لأن معناها أن مجاهدًا يحكي من قبل نفسه ما قالته أم سلمة للنبي صلى الله عليه وسلم ، فيكون مرسلا ، لأنه لم يدرك ذلك.والصيغة الثانية ظاهرها الاتصال ، لأن معناها أن مجاهدًا يذكر هذا رواية عن أم سلمة. ثم يختلفون أيضًا في وصله دون حجة.فقد قال الترمذي - بعد روايته"عن مجاهد عن أم سلمة"-: "هذا حديث مرسل. ورواه بعضهم عن ابن أبي نجيح عن مجاهد ، مرسلا: أن أم سلمة قالت كذا وكذا".وقال الحالكم - بعد روايته"عن مجاهد عن أم سلمة"-: "هذا حديث على شرط الشيخين ، إن كان سمع مجاهد من أم سلمة". ووافقه الذهبي على تصحيحه ، وأعرض عن تعليله فلم يشر إليه.وعندي - بما أرى من السياق والقرائن - أن الروايتين بمعنى واحد ، وإنما هو اختلا ، في اللفظ من تصرف الرواة. وكلها بمعنى"مجاهد عن أم سلمة". فقد ثبت اللفظان من رواية ابن عيينة. وكذا قد ثبتا في رواية الثوري ، هنا في: 9237 ، وفي رواية الحاكم. وقد نقل ابن كثير 2: 428 ، عن ابن أبي حاتم أنه قال: "وروى يحيى القطان ووكيع بن الجراح ، عن الثوري ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، عن أم سلمة ، قالت: قلت: يا رسول الله".وأما حكم الترمذي في روايته من طريق ابن عيينة -بأنه حديث مرسل ، فإنه جزم بلا دليل.ومجاهد أدرك أم سلمة يقينًا وعاصرها ، فإنه ولد سنة 21 ، وأم سلمة ماتت بعد سنة 60 على اليقين.والمعاصرة - من الراوي الثقة - تحمل على الاتصال ، إلا أن يكون الراوي مدلسًا. ولم يزعم أحد أن مجاهدًا مدلس ، إلا كلمة قالها القطب الحلبي في شرح البخاري ، حكاها عنه الحافظ في التهذيب 10: 44 ، ثم عقب عليها بقوله: "ولم أر من نسبه إلى التدليس". وقال الحافظ أيضًا في الفتح 6: 194 ، ردًا على من زعم أن مجاهدًا لم يسمع من عبد الله بن عمرو - : "لكن سماع مجاهد بن عبد الله من عمرو ثابت ، وليس بمدلس".فثبت عندنا اتصال الحديث وصحته. والحمد لله. والحديث ذكره ابن كثير 2: 428 ، من رواية المسند ، ثم أشار إلى روايات الترمذي ، وابن أبي حاتم ، وابن مردويه ، وابن جرير ، والحاكم.وذكره السيوطي 2: 149 ، وزاد نسبته لعبد بن حميد ، وسعيد بن منصور ، وابن المنذر.(107) الأثر: 9244 - ابن كثير 2: 429 ، والدر المنثور 2: 149 ، ولم ينسبه لغير ابن جرير.(108) في المطبوعة: "ليتنا رجال فنغزو" ، على الوجه السائر ، ولكني أثبت ما في المخطوطة ، ولم أغيره ، وهو صواب عند النحاة ، فإنهم يقولون: إن من بعض لغات العرب أن تنصب"أن" الاسم والخبر جميعًا ، قال بذلك أبو عبيد القاسم بن سلام والفراء وابن السيد وابن الطراوة. واستشهدوا بقول الشاعر إذَا الْتَفَّ جِنْحُ اللَّيْلِ، فَلْتَأْتِ، وَلْتَكُنْخُطَاكَ خِفَافًا إنَّ حُرَّاسَنَا أُسْدَاوانظر التعليق السالف ص: 261 ، تعليق: 2.(109) احترف لعياله ، وحرف لعياله: سعى لهم في الكسب وطلب الرزق.(110) في المطبوعة والمخطوطة والدر المنثور 2: 149"لحق" ، واللام في المخطوطة مائلة. فرأيت أن"لحق" هنا لا معنى لها ، ولم أجدها من قبل في كلام معناه كمعنى هذا الكلام ، واجتهدت قراءتها ، ورجحت أنها"نجز". يقال: "نجز حاجته": إذا قضاها وعجلها ، كأنه قال: فلما عجل للمرأة نصيبها وقضاه.(111) الأثر: 9250 -"عبد الرحمن بن أبي حماد" انظر ما سلف عنه برقم: 3109 ، 4077 ، 6691 ، 8431 ، ورواية المثنى عنه.و"أبو ليلى" هو: "عبد الله بن ميسرة الكوفي" ، ويكنى"أبا إسحاق" ، وقد سلفت ترجمته برقم: 6920.و"أبو حريز" هو: "عبد الله بن الحسين الأزدي" قاضي سجستان. قال ابن حبان في الثقات: "صدوق" ، وقال ابن أبي عدي: "عامة ما يرويه لا يتابعه عليه أحد". وقال سعيد بن أبي مريم: "كان صاحب قياس ، وليس في الحديث شيء". مترجم في التهذيب. وكان في المطبوعة: "أبو جرير" ، وهو خطأ ، والمخطوطة غير منقوطة.(112) انظر تفسير"الكسب" و"الاكتساب" فيما سلف 2: 273 ، 274 / 3: 100 ، 101 ، 128 ، 129 / 4: 449 / 6: 131 ، 295 / 7: 327 ، 364.(113) انظر تفسير: "الفضل" فيما سلف 2: 344 / 5: 164 ، 571 / 6: 516 / 7: 299 ، 414.(114) الأثران: 9253 ، 9254-"محمد بن مسلم الرازي" ، هو المعروف بابن واره ، واسمه"محمد بن مسلم بن عثمان بن عبد الله" ، الحافظ ، كان أحد المتقنين الأمناء ، قالوا: كان ابن مسلم شيئًا عجبًا. وكان أبو زرعة الرازي لا يقوم لأحد ، ولا يجلس أحدًا في مكانه إلا ابن واره. وكان ابن واره فيه بأو شديد وعجب. مترجم في التهذيب ، وابن أبي حاتم 4 / 1 / 79 ، وتاريخ بغداد 3: 256.و"أبو جعفر النفيلي" ، هو: "عبد الله بن محمد بن علي بن نفيل القضاعي" ، روى له الأئمة. كان حافظًا ، وكان الإمام أحمد إذا رآه يعظمه. مترجم في التهذيب.(115) الأثر: 9257 -"حكيم بن جبير الأسدي" ، تكلموا فيه ، قال أحمد: "ضعيف الحديث مضطرب" ، وقال أبو حاتم: "ضعيف الحديث ، منكر الحديث ، له رأي غير محمود ، نسأل الله السلامة ، غال في التشيع".وهذا الأثر رواه الترمذي في كتاب الدعوات: 514 من طريق: بشر بن معاذ العقدي ، عن حماد بن واقد ، عن إسرائيل ، عن أبي إسحاق ، عن أبي الأحوص ، عن عبد الله بن مسعود ، ثم قال الترمذي: "هكذا روى حماد بن واقد هذا الحديث ، وحماد بن واقد ليس بالحافظ. وروى أبو نعيم هذا الحديث عن إسرائيل ، عن حكيم بن جبير ، عن رجل ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، وحديث أبي نعيم أشبه أن يكون أصح". وقال ابن كثير في تفسيره 2: 430 ، ونقل ما قاله الترمذي: "وكذا رواه ابن مردويه من حديث وكيع عن إسرائيل. ثم رواه من حديث قيس بن الربيع ، عن حكيم بن جبير ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: سلوا الله من فضله ، فإن الله يحب أن يسأل ، وإن أحب عباد الله إلى الله الذي يحب الفرج".(116) في المخطوطة والمطبوعة: "ولا تتمنوا" ، والجيد ما أثبت.
وَ لِكُلٍّ جَعَلْنَا مَوَالِیَ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدٰنِ وَ الْاَقْرَبُوْنَؕ-وَ الَّذِیْنَ عَقَدَتْ اَیْمَانُكُمْ فَاٰتُوْهُمْ نَصِیْبَهُمْؕ-اِنَّ اللّٰهَ كَانَ عَلٰى كُلِّ شَیْءٍ شَهِیْدًا۠(۳۳)
اور ہم نے سب کے لئے مال کے مستحق بنادیے ہیں جو کچھ چھوڑ جائیں ماں باپ اور قرابت والے اور وہ جن سے تمہارا حلف بندھ چکا (ف۹۸) انہیں ان کا حصہ دو، بیشک ہر چیز اللہ کے سامنے ہے،
القول في تأويل قوله : وَلِكُلٍّ جَعَلْنَا مَوَالِيَ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَيعني جل ثناؤه بقوله: " ولكلّ جعلنا موالي"، ولكلكم، أيها الناس =" جعلنا موالي"، يقول: ورثة من بني عمه وإخوته وسائر عصبته غيرهم.* * *والعرب تسمي ابن العم " المولى "، ومنه قول الشاعر: (117)وَمَوْلًى رَمَيْنَا حَوْلَهُ وَهُوَ مُدْغِلٌبِأَعْرَاضِنَا وَالْمُنْدِيَاتِ سَرُوعُ (118)يعني بذلك: وابن عم رمينا حوله، ومنه قول الفضل بن العباس:مَهْلا بَنِي عَمِّنَا مَهْلا مَوَالِينَالا تُظْهِرُنَّ لَنَا مَا كانَ مَدْفُونَا (119)وبنحو ما قلنا في ذلك قال أهل التأويل.*ذكر من قال ذلك:9258 - حدثنا أبو كريب قال، حدثنا أبو أسامة قال، حدثنا إدريس قال، حدثنا طلحة بن مصرف، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس في قوله: " ولكل جعلنا موالي"، قال: ورثة.9259 - حدثني المثنى قال، حدثنا عبد الله بن صالح قال، حدثني معاوية بن صالح، عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس: " ولكل جعلنا موالي مما ترك الوالدان "، قال: الموالي، العصبة، يعني = الورثة.9260 - حدثنا محمد بن بشار قال، حدثنا مؤمل قال، حدثنا سفيان، عن منصور، عن مجاهد في قوله: " ولكل جعلنا موالي"، قال: الموالي، العصبة.9261 - حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا الثوري، عن منصور، عن مجاهد قوله: " ولكل جعلنا موالي"، قال: هم الأولياء.9262 - حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة: " ولكل جعلنا موالي"، يقول: عصبة.9263 - حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر، عن قتادة في قوله: " ولكل جعلنا موالي"، قال: الموالي: أولياء الأب، أو الأخ، (120) أو ابن الأخ، أو غيرهما من العصبة.9264 - حدثنا محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن مفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي: " ولكل جعلنا موالي"، أما " موالي"، فهم أهل الميراث.9265 - حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد في قوله: " ولكل جعلنا موالي"، قال: الموالي: العصبة. هم كانوا في الجاهلية الموالي، فلما دخلت العجم على العرب لم يجدوا لهم اسمًا، فقال الله تبارك وتعالى: فَإِنْ لَمْ تَعْلَمُوا آبَاءَهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَمَوَالِيكُمْ [سورة الأحزاب: 5]، فسموا: " الموالي"، قال: و " المولى " اليوم موليان: مَوْلى يرث ويورث، فهؤلاء ذوو الأرحام - وموْلى يورَث ولا يرِث، فهؤلاء العَتَاقة. (121) وقال: ألا ترون قول زكريا: وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوَالِيَ مِنْ وَرَائِي [سورة مريم: 5]؟ فالموالي ههنا الورثة.* * *ويعني بقوله: " مما ترك الوالدان والأقربون "، مما تركه والده وأقرباؤه من الميراث.* * *قال أبو جعفر: فتأويل الكلام: ولكلكم، أيها الناس، جعلنا عَصبة يرثون به مما ترك والده وأقرباؤه من ميراثهم.* * *القول في تأويل قوله : وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ فَآتُوهُمْ نَصِيبَهُمْ(122)قال أبو جعفر: اختلفت القرأة في قراءة ذلك.فقرأه بعضهم: ( وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ ) ، بمعنى: والذين عقدت أيمانكم الحلفَ بينكم وبينهم. وهي قراءة عامة قرأة الكوفيين.* * *وقرأ ذلك آخرون: ( والذين عاقدت أيمانكم ) ، بمعنى: والذين عاقدت أيمانكم وأيمانهم الحلفَ بينكم وبينهم.* * *قال أبو جعفر: والذي نقول به في ذلك: إنهما قراءتان معروفتان مستفيضتان في قرأة أمصار المسلمين بمعنى واحد.* * *وفي دلالة قوله: " أيمانكم " على أنها أيمان العاقدين والمعقود عليهم الحلف، مستغنى عن الدلالة على ذلك بقراءة قوله: " عقدت "،" عاقدت ". وذلك أن الذين قرءوا ذلك: " عاقدت "، قالوا: لا يكون عَقْد الحلف إلا من فريقين، ولا بد لنا من دلالة في الكلام على أن ذلك كذلك. وأغفلوا موضعَ دلالة قوله: " أيمانكم "، على أن معنى ذلك أيمانكم وأيمانُ المعقود عليهم، وأن العقد إنما هو صفة للأيمان دون العاقدين الحلف، حتى زعم بعضهم أن ذلك إذا قرئ: " عقدت أيمانكم "، فالكلام محتاج إلى ضمير صفة تقي الكلام، (123) حتى يكون الكلام معناه: والذين عقدت لهم أيمانكم = ذهابًا منه عن الوجه الذي قلنا في ذلك، من أن الأيمان معنيٌّ بها أيمان الفريقين.* * *وأما " عاقدت أيمانكم "، فإنه في تأويل: عاقدت أيمانُ هؤلاء أيمانَ هؤلاء، الحلفَ.فهما متقاربان في المعنى، وإن كانت قراءة من قرأ ذلك: " عقدت أيمانكم " بغير " ألف "، أصح معنى من قراءة من قرأه: " عاقدت "، للذي ذكرنا من الدلالة المُغنية في صفة الأيمان بالعقد، (124) على أنها أيمان الفريقين = من الدلالة على ذلك بغيره. (125)* * *وأما معنى قوله: " عقدت أيمانكم "، فإنه: وَصَلت وشَدّت وَوكَّدت = " أيمانكم "، يعني: مواثيقكم التي واثق بعضهم بعضًا (126) =" فآتوهم نصيبهم ".* * *ثم اختلف أهل التأويل في معنى " النصيب " الذي أمر الله أهل الحلف أن يؤتي بعضهم بعضًا في الإسلام. (127)فقال بعضهم: هو نصيبه من الميراث، لأنهم في الجاهلية كانوا يتوارثون، فأوجب الله في الإسلام من بعضهم لبعض بذلك الحلف، وبمثله في الإسلام، من الموارثة مثل الذي كان لهم في الجاهلية. ثم نسخ ذلك بما فرض من الفرائض لذوي الأرحام والقرابات.*ذكر من قال ذلك:9266 - حدثنا محمد بن حميد قال، حدثنا يحيى بن واضح، عن الحسن بن واقد، عن يزيد النحوي، عن عكرمة والحسن البصري في قوله: " والذين عاقدتْ أيمانكم فآتوهم نصيبهم إن الله كان على كل شيء شهيدًا "، (128) قال: كان الرجل يحالف الرجل ليس بينهما نسبٌ، فيرث أحدهما الآخر، فنسخ الله ذلك في" الأنفال " فقال: وَأُولُو الأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ [سورة الأنفال: 75]. (129)9267 - حدثنا ابن بشار قال، حدثنا محمد بن جعفر قال، حدثنا شعبة، عن أبي بشر، عن سعيد بن جبير في قول الله: " والذين عاقدت أيمانكم "، قال: كان الرجل يعاقد الرجل فيرثه، وعاقد أبو بكر رضي الله عنه مولى فورثه.9268 - حدثني المثنى قال، حدثنا عبد الله بن صالح قال، حدثني معاوية، عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس قوله: " والذين عاقدت أيمانكم فآتوهم نصيبهم "، فكان الرجل يعاقد الرجل: أيُّهما مات ورثه الآخر. فأنزل الله: وَأُولُو الأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ إِلا أَنْ تَفْعَلُوا إِلَى أَوْلِيَائِكُمْ مَعْرُوفًا [سورة الأحزاب: 6]، يقول: إلا أن يوصوا لأوليائهم الذين عاقدوا وصيةً، فهو لهم جائز من ثلث مال الميت. وذلك هو المعروف.9269 - حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة قوله: " والذين عاقدت أيمانكم فآتوهم نصيبهم إن الله كان على كل شيء شهيدًا "، كان الرجل يعاقد الرجل في الجاهلية فيقول: " دمي دمُك، وهَدَمي هَدَمك، وترثني وأرثك، وتطلب بي وأطلب بك ". (130) فجعل له السدس من جميع المال في الإسلام، ثم يقسم أهل الميرات ميراثهم. فنسخ ذلك بعد في" سورة الأنفال " فقال الله: وَأُولُو الأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ [سورة الأنفال: 75 ].9270 - حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر، عن قتادة: " والذين عاقدت أيمانكم "، قال: كان الرجل في الجاهلية يعاقد الرجل فيقول: " دمي دمك، وترثني وأرثك، وتطلب بي وأطلب بك ". (131) فلما جاء الإسلام بقي منهم ناس، فأمروا أن يؤتوهم نصيبهم من الميراث، وهو السدس، ثم نسخ ذلك بالميراث، فقال: وَأُولُو الأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ .9271 - حدثني المثنى قال، حدثنا الحجاج بن المنهال قال، حدثنا همام بن يحيى قال، سمعت قتادة يقول، في قوله: " والذين عاقدت أيمانكم فآتوهم نصيبهم "، وذلك أن الرجل كان يعاقد الرجلَ في الجاهلية فيقول: " هدمي هدمك ودمي دمك، وترثني وأرثك، وتطلب بي وأطلب بك "، (132) فجعل له السدس من جميع المال، ثم يقتسم أهل الميراث ميراثهم. فنسخ ذلك بعد في" الأنفال " فقال: وَأُولُو الأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ ، فصارت المواريث لذوي الأرحام.9272 - حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبي، عن إسرائيل، عن جابر، عن عكرمة قال: هذا حِلْفٌ كان في الجاهلية، كان الرجل يقول للرجل: " ترثني وأرثك، وتنصرني وأنصرك، وتَعْقِل عني وأعقل عنك ". (133)9273 - حدثت عن الحسين بن الفرج قال، سمعت أبا معاذ يقول، أخبرنا عبيد بن سليمان قال، (134) سمعت الضحاك يقول في قوله: " والذين عاقدت أيمانكم "، كان الرجل يتبع الرجل فيعاقده: " إن مِتُّ، فلك مثل ما يرث بعض ولدي"! وهذا منسوخ.9274 - حدثني محمد بن سعد قال، حدثني أبي قال، حدثني عمي قال، حدثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس قوله: " ولكل جعلنا موالي مما ترك الوالدان والأقربون والذين عاقدت أيمانكم فآتوهم نصيبهم "، فإن الرجل في الجاهلية قد كان يلحق به الرجل فيكون تابعه، فإذا مات الرجل صار لأهله وأقاربه الميراث، وبقي تابعه ليس له شيء، فأنزل الله: " والذين عاقدت أيمانكم فآتوهم نصيبهم "، فكان يعطى من ميراثه، فأنزل الله بعد ذلك: وَأُولُو الأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ .* * *وقال آخرون: بل نزلت هذه الآية في الذين آخى بينهم رسول الله صلى الله عليه وسلم من المهاجرين والأنصار، فكان بعضهم يرث بعضًا بتلك المؤاخاة، ثم نسخ الله ذلك بالفرائض، وبقوله: وَلِكُلٍّ جَعَلْنَا مَوَالِيَ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ .*ذكر من قال ذلك:9275 - حدثنا أبو كريب قال، حدثنا أبو أسامة قال، حدثنا إدريس بن يزيد قال، حدثنا طلحة بن مصرف، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس في قوله: " والذين عاقدت أيمانكم فآتوهم نصيبهم "، قال: كان المهاجرون حين قَدِموا المدينة، يرث المهاجريُّ الأنصاريَّ دون ذوي رحمه، للأخوة التي آخى رسول الله صلى الله عليه وسلم بينهم. فلما نزلت هذه الآية: وَلِكُلٍّ جَعَلْنَا مَوَالِيَ ، نسخت. (135)9276 - حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد في قوله: " والذين عاقدت أيمانكم "، الذين عقد رسول الله صلى الله عليه وسلم =" فآتوهم نصيبهم "، إذا لم يأت رحمٌ تحول بينهم. قال: وهو لا يكون اليوم، إنما كان في نفر آخَى بينهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وانقطع ذلك. ولا يكون هذا لأحدٍ إلا للنبي صلى الله عليه وسلم، كان آخى بين المهاجرين والأنصار، واليوم لا يؤاخَى بين أحد.* * *وقال آخرون: بل نزلت هذه الآية في أهل العقد بالحلف، ولكنهم أمروا أن يؤتي بعضهم بعضًا أنصباءهم من النصرة والنصيحة وما أشبه ذلك، دون الميراث.*ذكر من قال ذلك:9277 - حدثنا أبو كريب قال، حدثنا أبو أسامة قال، حدثنا إدريس الأودي قال، حدثنا طلحة بن مصرف، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس: " والذين عقدت أيمانكم فآتوهم نصيبهم " من النصر والنصيحة والرِّفادة، ويوصي لهم، وقد ذهبَ الميراث. (136)9278 - حدثنا محمد بن بشار قال، حدثنا عبد الرحمن قال، حدثنا سفيان، عن منصور، عن مجاهد: " والذين عقدت أيمانكم ". قال: كان حلفٌ في الجاهلية، (137) فأمرُوا في الإسلام أن يعطوهم نصيبهم من العقل والمشورة والنصرة، (138) ولا ميراث.9279 - حدثنا ابن المثنى قال، حدثنا محمد بن جعفر قال، حدثنا شعبة، عن منصور، عن مجاهد أنه قال في هذه الآية: " والذين عاقدت أيمانكم فآتوهم نصيبهم " من العوْن والنصر والحِلف.9280 - حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا الثوري، عن منصور، عن مجاهد في قول الله: " والذين عاقدت أيمانكم "، قال: كان هذا حلفًا في الجاهلية، فلما كان الإسلام، أمروا أن يؤتوهم نصيبهم من النصر والولاء والمشورة، ولا ميراث.9281 - حدثنا زكريا بن يحيى بن أبي زائدة قال، حدثنا حجاج، قال ابن جريج: " والذين عاقدت أيمانكم "، أخبرني عبد الله بن كثير: أنه سمع مجاهدا يقول: هو الحلف: " عقدت أيمانكم ". قال: " فآتوهم نصيبهم "، قال: النصر.9282 - حدثني زكريا بن يحيى قال، حدثنا حجاج، قال، ابن جريج، أخبرني عطاء قال: هو الحلف. قال: " فآتوهم نصيبهم "، قال: العقل والنصر.9283 - حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم، عن عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد في قول الله: " والذين عاقدت أيمانكم "، قال: لهم نصيبهم من النصر والرِّفادة والعقل. (139)9284 - حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد نحوه.9285 - حدثنا المثنى قال، حدثنا الحماني قال، حدثنا شريك، عن سالم، عن سعيد: " والذين عاقدت أيمانكم "، قال: هم الحلفاء.9286- حدثنا المثنى قال، حدثنا الحماني قال، حدثنا عباد بن العوام، عن خصيف، عن عكرمة مثله.9287 - حدثنا محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن مفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي: " والذين عاقدت أيمانكم فآتوهم نصيبهم "، أما " عقدت أيمانكم "، فالحلفُ، كالرجل في الجاهلية ينزل في القوم فيحالفونه على أنه منهم، يواسونه بأنفسهم، (140) فإذا كان لهم حق أو قتال كان مثلهم، وإذا كان له حق أو نصرة خذلوه. فلما جاء الإسلام سألوا عنه، وأبى اللهُ إلا أن يشدّده. وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لم يزد الإسلام الحُلفاء إلا شدة ".* * *وقال آخرون: بل نزلت هذه الآية في الذين كانوا يتبنون أبناءَ غيرهم في الجاهلية، فأمروا في الإسلام أنْ يوصوا لهم عند الموت وصيةً. (141)*ذكر من قال ذلك:9288 - حدثني المثنى قال، حدثنا عبد الله بن صالح قال، حدثني الليث، عن عقيل، عن ابن شهاب قال، حدثني سعيد بن المسيَّب: أن الله قال: " ولكل جعلنا موالي مما ترك الوالدان والأقربون والذين عاقدت أيمانكم فآتوهم نصيبهم "، قال سعيد بن المسيب: إنما نزلت هذه الآية في الذين كانوا يتبنَّون رجالا غير أبنائهم ويورِّثونهم، فأنزل الله فيهم، فجعل لهم نصيبًا في الوصية، وردّ الميراث إلى الموالي في ذي الرحم والعصبة، (142) وأبى الله للمدَّعَيْن ميراثًا ممن ادّعاهم وتبنّاهم، ولكنّ الله جعل لهم نصيبًا في الوصية.* * *قال أبو جعفر: وأولى الأقوال بالصواب في تأويل قوله: " والذين عقدت أيمانكم "، قولُ من قال: " والذين عقدت أيمانكم على المحالفة، وهم الحلفاء ". وذلك أنه معلوم عند جميع أهل العلم بأيام العرب وأخبارها، أنّ عقد الحلف بينها كان يكون بالأيمان والعهود والمواثيق، على نحو ما قد ذكرنا من الرواية في ذلك.فإذ كان الله جل ثناؤه إنما وصف الذين عقدت أيمانهم ما عقدوه بها بينهم، دون من لم تعقد عقدًا بينهم أيمانهم (143) = وكانت مؤاخاة النبي صلى الله عليه وسلم بين من آخى بينه وبينه من المهاجرين والأنصار، لم تكن بينهم بأيمانهم، وكذلك التبني = (144) كان معلومًا أن الصواب من القول في ذلك قولُ من قال: " هو الحلف "، دون غيره، لما وصفناه من العلة.* * *وأما قوله: " فآتوهم نصيبهم "، فإن أولى التأويلين به، ما عليه الجميع مجمعون من حكمه الثابت، وذلك إيتاءُ أهل الحلف الذي كان في الجاهلية دون الإسلام، بعضِهم بعضًا أنصباءَهم من النصرة والنصيحة والرأي، دون الميراث. وذلك لصحة الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: " لا حلف في الإسلام، وما كان من حلف في الجاهلية، فلم يزدْهُ الإسلام إلا شدة ".9289 - حدثنا بذلك أبو كريب قال، حدثنا وكيع، عن شريك، عن سماك، عن عكرمة، عن ابن عباس، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. (145)9290 - وحدثنا أبو كريب قال، حدثنا مصعب بن المقدام، عن إسرائيل بن يونس، عن محمد بن عبد الرحمن مولى آل طلحة، عن عكرمة، عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا حلف في الإسلام، وكل حلف كان في الجاهلية فلم يزده الإسلام إلا شدة. وما يسرني أنّ لي حُمْر النعم، وأنى نقضتُ الحلف الذي كان في دار الندوة. (146)9291 - حدثنا ابن حميد قال، حدثنا جرير، عن مغيرة، عن أبيه، عن شعبة بن التوأم الضبيّ: أن قيس بن عاصم سألَ النبي صلى الله عليه وسلم عن الحلف فقال: لا حلف في الإسلام، ولكن تمسكوا بحلف الجاهلية.9292 - حدثني يعقوب بن إبراهيم قال، حدثنا هشيم قال، أخبرنا مغيرة، عن أبيه، عن شعبة بن التوأم، عن قيس بن عاصم: أنه سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن الحلف، قال فقال: ما كان من حلف في الجاهلية فتمسكوا به، ولا حلف في الإسلام. (147)9293 - حدثنا أبو كريب قال، حدثنا وكيع، عن داود بن أبي عبد الله، عن ابن جُدْعان، عن جدّته، عن أمّ سلمة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " لا حلف في الإسلام، وما كان من حلف في الجاهلية لم يزده الإسلام إلا شدّة ". (148)9294 - حدثنا حميد بن مسعدة قال، حدثنا حسين المعلم = وحدثنا مجاهد بن موسى قال، حدثنا يزيد بن هارون قال، حدثنا حسين المعلم = وحدثنا حاتم بن بكر الضبيّ قال، حدثنا عبد الأعلى، عن حسين المعلم = قال، حدثنا أبي، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده: أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في خطبته يوم فتح مكة: " فُوا بحلفٍ، فإنه لا يزيده الإسلام إلا شدة، ولا تُحدثوا حلفًا في الإسلام ". (149)9295 - حدثنا أبو كريب وعبدة بن عبد الله الصفار قالا حدثنا محمد بن بشر قال، حدثنا زكريا بن أبي زائدة قال، حدثني سعد بن إبراهيم، عن أبيه، عن جبير بن مطعم: أن النبي صلى الله عليه وسلم. قال: لا حلف في الإسلام، وأيُّما حِلف كان في الجاهلية، فلم يزده الإسلام إلا شدة. (150)9296 - حدثنا حميد بن مسعدة ومحمد بن عبد الأعلى قالا حدثنا بشر بن المفضل قال، حدثنا عبد الرحمن بن إسحاق = وحدثني يعقوب بن إبراهيم قال، حدثنا ابن علية، عن عبد الرحمن بن إسحاق = عن الزهري، عن محمد بن جبير بن مطعم، عن أبيه، عن عبد الرحمن بن عوف، أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: شهدت حلف المطيِّبين. وأنا غلام مع عُمومتي، فما أحبّ أن لي حُمرَ النعم وأني أنْكُثُه = زاد يعقوب في حديثه عن ابن علية. قال: وقال الزهري: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لم يُصب الإسلام حلفًا إلا زاده شدة. قال: ولا حلفَ في الإسلام. قال: وقد ألَّف رسول الله صلى الله عليه وسلم بين قُريش والأنصار. (151)9297 - حدثنا تميم بن المنتصر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا محمد بن إسحاق، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، قال: لما دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة عامَ الفتح، قام خطيبًا في الناس فقال: " يا أيها الناس، ما كان من حِلف في الجاهلية فإنّ الإسلام لم يزده إلا شدة، ولا حلف في الإسلام ".9298 - حدثنا أبو كريب قال، حدثنا يونس بن بكير قال، حدثنا محمد بن إسحاق، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، عن النبي صلى الله عليه وسلم نحوه.9299 - حدثنا أبو كريب قال، حدثنا خالد بن مخلد قال، حدثنا سليمان بن بلال قال، حدثنا عبد الرحمن بن الحارث، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، عن النبي صلى الله عليه وسلم نحوه. (152)* * *قال أبو جعفر: فإذ كان ما ذكرنا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم صحيحًا = وكانت الآية إذا اختُلف في حكمها منسوخ هو أم غير منسوخ، (153) غير جائز القضاء عليه بأنه منسوخ - مع اختلاف المختلفين فيه، ولوجُوب حكمها وَنفي النسخ عنه وجه صحيحٌ - (154) إلا بحجة يجب التسليم لها، لما قد بينَّا في غير موضع من كتبنا الدلالةَ على صحةِ القول بذلك (155) = (156) فالواجب أن يكون الصحيح من القول في تأويل قوله: " والذين عقدت أيمانكم فآتوهم نصيبهم "، هو ما ذكرنا من التأويل، وهو أن قوله: " عقدت أيمانكم " من الحلف، وقوله: " فآتوهم نصيبهم " من النصرة والمعونة والنصيحة والرأي، على ما أمرَ به من ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم في الأخبار التي ذكرناها عنه = (157) دون قول من قال: " معنى قوله: فآتوهم نصيبهم، من الميراث "، وان ذلك كان حكما ثم نُسخ بقوله: وَأُولُو الأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ ، ودونَ ما سِوَى القول الذي قلناه في تأويل ذلك. (158)وإذْ صَحّ ما قلنا في ذلك، وجب أن تكون الآية محكمة لا منسوخةً. (159)* * *القول في تأويل قوله : إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدًا (33)قال أبو جعفر: يعني بذلك جل ثناؤه: فآتوا الذين عقدت أيمانكم نصيبهم من النصرة والنصيحة والرأي، فإن الله شاهد على ما تفعلون من ذلك، وعلى غيره من أفعالكم، مُرَاعٍ لكل ذلك، حافظٌ، حتى يجازي جميعَكم على جميع ذلك جزاءه، أما المحسنَ منكم المتبع أمري وطاعتي فبالحسنى، وأما المسيءَ منكم المخالفَ أمري ونهيي فبالسوأى. ومعنى قوله: " شَهيدا "، ذو شهادة على ذلك. (160)* * *---------------الهوامش:(117) لم أعرف قائله.(118) لم أجد البيت في مكان ، وهو في المخطوطة.بأعواضنا والممديات سروعو"رجل مدغل": ذو خب مفسد بين الناس. و"المنديات" ، المخزيات ، وأنا بعد ذلك في شك شديد من"بأعراضنا" و"سروع" ، فتركت البيت على حاله حتى أجده ، أو ألتمس له وجهًا صحيحًا. وقوله: "رمينا حوله" ، أي ناضلنا عنه ، ودافعنا ورامينا من حوله من يراميه.(119) مجاز القرآن لأبي عبيدة 1: 125 ، والكامل 2: 279 والمؤتلف والمختلف ، ومعجم الشعراء: 35 ، 310 ، والحماسة 1: 121 ، والصداقة والصديق: 139 ، واللسان (ولى) وغيرها. وراويتهم.لا تَنْبِشُوا بَيْنَنَا مَا كانَ مَدْفُونَاوهي أجود الروايتين وأحقهما بمعنى الشعر ، وفي اللسان رواية أخرى لا تقوم.(120) في المطبوعة: "الأب الأخ" بإسقاط "أو" ، والصواب من المخطوطة.(121) يقال: "هو مولى عتاقة" ، هو الذي أعتق من الرق ، و"العتاقة" (بفتح العين) مصدر مثل"العتق" (بكسر فسكون) و"عتاق" (بفتح العين). وقوله: "فهؤلاء العتاقة" ، يعني: فهؤلاء موالي العتاقة ، فإن لا يكن قد سقط من الناسخ"موالي" ، فهو مصدر وصف به ، بمعنى فهؤلاء المعتقون.(122) لم يذكر في المخطوطة والمطبوعة: "فآتوهم نصيبهم" في هذا الموضع ، ولا فيما بعده ، فأثبتها في مكانها ، لأنه فسرها بعد في هذا الموضع.(123) في المطبوعة: "إلى ضمير صلة في الكلام" ، وهو خلط لا معنى له. وأثبت ما في المخطوطة ، وقوله: "ضمير" ، أي: إضمار ، وقد سلف مثل ذلك 1: 427 ، تعليق: 1 / 2: 107 ، تعليق: 1. وأما قوله: "صفة" فقد سلف مرارًا أن"الصفة" هي حرف الجر ، و"حروف الصفات" ، هي حروف الجر (انظر 6: 329 ، تعليق: 6 ، والمراجع هناك) ، والمعنى: إضمار حرف جر.وأما قوله: "تقى الكلام" فهذا لفظ غم على معناه ، وهو في المخطوطة كما أثبته ، ولعله أراد أن حرف الجر المتعلق بقوله: "عقدت" يقي الجملة من فساد المعنى. ولعل ذلك من قديم عبارتهم ، وإن كنت لا أحققه ، وفوق كل ذي علم عليم.(124) في المطبوعة: "من الدلالة على المعنى - في صفة الأيمان بالعقد" وهو باطل المعنى ، وفي المخطوطة: "من الدلالة على المعنية في صفة الأيمان بالعقد" ، والذي لا شك فيه زيادة"على" في هذه العبارة ، وأن قراءتها"المغنية". وانظر التعليق التالي.(125) تداخلت مراجع حروف الجر في هذه الجملة ، وأحببت أن ألين سياقها ، فهو يقول: "للذي ذكرنا من الدلالة المغنية في صفة الأيمان بالعقد... من الدلالة على ذلك بغيره" ، فقوله: "من الدلالة" متعلق بقوله: "المغنية" ، يعني أن صفة الأيمان بالعقد ، دلالة على أنها أيمان الفريقين ، وأن هذه الدلالة مغنية من الدلالة على ذلك المعنى بدلالة غيرها.(126) في المخطوطة والمطبوعة: "واثق بعضهم بعضًا" ، والسياق يقتضي أن تكون: "بعضكم" ، كما أثبتها.(127) انظر تفسير"النصيب" فيما سلف 4: 206 / 6: 288.(128) ستأتي القراءة مرة"عاقدت" ومرة"عقدت" في الآثار التالية ، فتركتها كما هي في المخطوطة والمطبوعة ، فإن اختلفتا ، أثبت ما في المخطوطة ، دون إشارة إلى ذلك من فعلي.(129) أثبت تمام الآية في المخطوطة.(130) قولهم: "دمي دمك" ، أي: إن قتلني إنسان طلبت بدمي كما تطلب دم وليك وأخيك. و"الهدم" (بسكون الدال وتحريكها) ، فإذا سكنت الدال ، فمعناه: من هدم لي عزًا وشرفًا فقد هدمه منك ، أو: من أهدر دمي فقد أهدر دمك = أو: ما عفوت أنا عنه من الدم ، فعليك أن تعفو عنه. وأما "الهدم" (بفتح الدال): فأصله: الشيء الذي انهدم ، وهو قريب المعنى من الأول ، ويقال: هو القبر ، أي: أقبر حيث تقبر. يريدون: لا تفارقني ولا أفارقك في الحياة والممات.وقولهم: "تطلب بي وأطلب بك" ، أي: تطلب الثأر بي ، إذا أصابني مكروه ، وأفعل ذلك بك. و"الباء" هنا بمعنى: السبب ، أي بسببي ومن جراء ما أصابني. وهذه الكلمات كلها توثيق في العهد ، وعقد لازم يوجب على الرجلين أن يتعاونا في الخير والشر ، لا يفارق أحدهما صاحبه في المحنة والبلاء.(131) انظر التعليق السالف.(132) انظر التعليق السالف.(133) "العقل" (بفتح فسكون): الدية."عقل القتيل عقلا": أدى ديته. و"عقل عنه": أدى جنايته ، وذلك إذا لزمته دية فأعطاها عنه.(134) في المطبوعة: "عبيد بن سلمان" ، وهو خطأ كثر في هذه المطبوعة ، نبهت عليه مرارًا ، والصواب من المخطوطة ، وهو إسناد دائر في التفسير ، وسأصححه منذ اليوم ثم لا أشير إليه ثانية.(135) الأثر: 9275 - أخرجه البخاري في صحيحه (الفتح 8: 186) مطولا ، وفرقه الطبري ، فروى بعضه هنا ، وروى سائره برقم: 9277 ، قال الحافظ ابن حجر: "إدريس ، هو ابن يزيد الأودي (بفتح الألف وسكون الواو) والد عبد الله بن إدريس الفقيه الكوفي ، ثقة عندهم ، وما له في البخاري سوى هذا الحديث. ووقع في رواية الطبري عن أبي كريب ، عن أبي أسامة: حدثنا إدريس بن يزيد" ، وقد وقع في رواية البخاري نقص ، سقط منه"فآتوهم نصيبهم" مع أن قوله: "من النصر" متعلق بقوله: "فآتوهم نصيبهم" لا بقوله: "عاقدت" ، وهو وجه الكلام ، واستدركه الحافظ في الفتح من رواية الطبري هذه.(136) الأثر: 9277 - هو تمام الأثر السالف رقم: 9275 ، وقد سلف التعليق عليه. وقد كان في المخطوطة: "وقد الميراث" بينهما بياض ، أتمته المطبوعة على الصواب من رواية البخاري. وفي البخاري زيادة: "وقد ذهب الميراث ، ويوصى له".و"الرفادة" (بكسر الراء): الإعانة بالعطية والصلة ، ومنه"الرفادة" التي كانت قريش تترافد بها في الجاهلية ، يخرج كل إنسان مالا بقدر طاقته ، فيجمعون من ذلك مالا عظيما أيام الموسم ، فيشترون به للحاج الجزر والطعام والزبيب ، فلا يزالون يطعمون الناس حتى تنقضي أيام الحج. وكانت الرفادة والسقاية لبني هاشم.(137) "كان" هنا تامة ، لا اسم لها ولا خبر.(138) في المطبوعة والمخطوطة: "من العقل والنصرة والمشورة" ، ولكن المخطوطة وضعت حرف"م" على كل من"النصرة والمشورة" بمعنى تقديم الثاني على الأول. ففعلت ذلك.و"العقل": الدية ، كما سلف شرحها قريبًا ص: 276 ، تعليق: 2.(139) الأثر: 9283 - في المطبوعة: "محمد بن محمد بن عمرو" ، وهو خطأ محض ، صوابه من المخطوطة ، ومع ذلك فهو إسناد كثير الدوران في التفسير ، أقربه: 9239.وانظر تفسير"العقل" ، و"الرفادة" فيما سلف قريبًا من التعليقات.(140) "آساه بنفسه وواساه بنفسه" ، جعله"أسوة له". أي: مثلا له. ومنها"المواساة" ، وهي المشاركة والمساهمة في المعاش والرزق.(141) في المطبوعة: "فأمروا بالإسلام" وهي سقيمة ، صوابها من المخطوطة.(142) في المطبوعة: "في ذوي الرحم" ، وهي صواب ، والذي أثبته من المخطوطة صواب أيضًا.(143) في المخطوطة والمطبوعة: "دون من لم يعقد عقد ما بينهم أيمانهم" ، وصواب قراءتها ما أثبت. ثم قوله بعد: "وكانت مؤاخاة النبي..." معطوف على قوله: "فإذ كان الله...".(144) قوله: "كان معلومًا" ، جواب قوله: "فإذ كان الله..." وما عطف عليه.(145) الحديث: 9289 - إسناده صحيح.ورواه أحمد في المسند: 2911 ، 3046 ، من طريق شريك ، بهذا الإسناد مختصرًا ، ليس فيه قوله"لا حلف في الإسلام". وهذه الزيادة ثابتة فيه في رواية أبي يعلى. فقد ذكر الهيثمي في مجمع الزوائد 8: 173. كاملا وقال: "رواه أبو يعلى ، وأحمد باختصار. ورجالهما رجال الصحيح".وذكره ابن كثير 2: 431-432 ، عن هذا الموضع من الطبري.وذكره السيوطي 2: 151 ، مختصرًا كرواية المسند. وقصر في تخريجه جدًا ، إذ لم ينسبه لغير عبد بن حميد.(146) الحديث: 9290 - وهذا إسناد آخر ، من وجه آخر - لحديث ابن عباس ، بلفظ أطول من الذي قبله.وهو إسناد صحيح.محمد بن عبد الرحمن بن عبيد ، مولى آل طلحة: ثقة ، وثقه ابن معين وغيره. مترجم في التهذيب. والكبير للبخاري 1 / 1 / 146 ، وابن أبي حاتم 3 / 2 / 318.والزيادة التي هنا -"وما يسرني أن لي حمر النعم"- ذكرها الهيثمي في مجمع الزوائد ، حديثًا مستقلا ، 8: 172 ، وقال: "رواه الطبراني. وفيه مرزوق بن المرزبان ، ولم أعرفه ، وبقية رجاله رجال الصحيح".وليس إسناد الطبراني أمامي ، حتى أستطيع أن أقول فيه. ولكن إسناد الطبري هنا خلا من ذاك الرجل ، فصح الحديث من هذا الوجه.وذكره ابن كثير 2: 432 ، عن هذا الموضع ، ولم يزد."حمر النعم" انظر تفسيرها فيما سلف رقم: 9185.(147) الحديثان: 9291 ، 9292 - مغيرة: هو ابن مقسم الضبي ، مضى في: 3349. أبوه: "مقسم الضبي": مترجم في التعجيل ، ص: 409 ترجمة موجزة ، وأنه ذكره ابن حبان في الثقات. وهو تابعي ، روى عن النعمان بن بشير. وترجمه البخاري في الكبير 4 / 2 / 33. وابن أبي حاتم 4 / 1 / 414-415. ولم يذاكرا فيه جرحًا.شعبة بن التوأم الضبي ، ويقال"التميمي": تابعي ثقة. مترجم في التعجيل ، ص: 177-178 ، والإصابة 3: 230 ، والكبير 2 / 2 / 244 ، وابن أبي حاتم 2 / 1 / 368.والحديث رواه الطيالسي: 1084 ، عن جرير بن عبد الحميد ، عن مغيرة ، أي بأول الإسنادين هنا.ورواه أحمد في المسند 5: 61 (حلبي) عن هشيم ، عن مغيرة. أي بثانيهما.ونقله ابن كثير 2: 432 ، عن ثانيهما. ثم أشار إلى رواية أحمد. ثم نقله ثانيًا ، ص 433 ، من رواية المسند.وذكره الهيثمي في مجمع الزوائد 8: 172. وقال: "رواه أحمد". ثم لم يزد!وأشار إليه ابن أبي حاتم في ترجمة"شعبة بن التوأم" ، فقال: "روى عن قيس بن عاصم ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، أنه قال: لا حلف في الإسلام".(148) الحديث: 9293 - داود بن أبي عبد الله ، مولى بني هاشم: ثقة ، ذكره ابن حبان في الثقات ، كما في التهذيب. وترجمه ابن أبي حاتم 1 / 2 / 417 ، فلم يذكر فيه جرحًا.ابن جدعان: المشهور بذلك عند أهل هذا الشأن ، هو"علي بن زيد بن جدعان". وقد روى الترمذي 4: 25 ، بهذا الإسناد: "أبو كريب..." - حديث"المستشار مؤتمن".فظن الحافظ ابن عساكر - في كتاب الأطراف - أنه هو"علي بن زيد". وتعقبه الحافظ المزي في تهذيب الكمال ، ص: 817-818 (مخطوط مصور) ، فقال: "وذلك وهم منه. والصواب: جده عبد الرحمن بن محمد بن زيد بن جدعان" - يعني لقوله في الإسناد: "عن ابن جدعان ، عن جدته".وفي تهذيب الكمال ، وتهذيب التهذيب ، في ترجمة داود ، وفي ترجمة"عبد الرحمن" (3: 191 ، و6: 267 من تهذيب التهذيب) أن البخاري روى في الأدب المفرد حديث"المستشار مؤتمن" - من طريق داود"عن عبد الرحمن بن محمد" هذا. وأن ذاك هو الدليل على أن المراد ب"ابن جدعان" هو"عبد الرحمن بن محمد". والذي رأيته في الأدب المفرد (ص: 29) بهذا الإسناد حديث مطول ، ولكن ليس فيه كلمة"المستشار مؤتمن". فالظاهر أنهما يريدان أصل الحديث. ولكن رواية البخاري هي التي كشفت عن الصواب في اسم"ابن جدعان".وجدة ابن جدعان - هذه - مجهولة ، لم يعرف اسمها. وعندي أن جهالتها لا تضر. فالغالب - فيما أرى - أنها صحابية. لأن عبد الرحمن بن محمد تابعي ، روى عن عائشة ، وعن ابن عمر. فجدته يكلد العارف أن يوقن أنها صحابية ، أو مخضرمة على الأقل. والنساء في تلك العصور لم يعرفن باصطناع الروايات. ولذلك قال الذهبي في الميزان (3: 395): "فصل في النسوة المجهولات. وما علمت في النساء من اتهمت ، ولا من تركوها". وقوله هنا"عن جدته" - في المطبوعة"عمن حدثه"! وهو تحريف. وفي مطبوعة ابن كثير 2: 432- حين نقل هذا الحديث عن الطبري -"عن ابن جدعان ، حدثه"! وهو تحريف أيضًا. وصوابه ، كما أثبتنا"عن جدته". وقد ثبت على الصواب في مخطوطة الأزهر من تفسير ابن كثير (2: 273 نسخة مصورة عندي).والحديث ذكره الهيثمي في مجمع الزوائد 8: 173. وقال: "رواه أبو يعلى ، والطبراني. وفيه جدة ابن أبي مليكة ، ولم أعرفها. وبقية رجاله ثقات".و"جدة ابن أبي مليكة": هي"جدة ابن جدعان" ، لأن ابن جدعان - هنا -: هو"عبد الرحمن بن محمد بن زيد بن جدعان". فهو ابن أخي"علي بن زيد بن جدعان" ، وقد نسبوا إلى جدهم الأعلى. إذ"علي بن زيد": هو"علي بن زيد بن عبد الله بن أبي مليكة زهير بن عبد الله بن جدعان". وإنما الذي اشتهر عند المحدثين باسم"ابن أبي مليكة" - فهو"عبد الله بن عبيد الله بن عبد الله بن أبي مليكة زهير...". وهو ابن عم"علي بن زيد".(149) الحديث: 9294 - حاتم بن بكر الضبي - شيخ الطبري: هكذا ثبت هنا اسم أبيه"بكر". وقد مضى في: 3222 بالتصغير"بكير". وبينا هناك أنه ثبت في التقريب والتهذيب"بكر" ، وفي الخلاصة"بكير". وها هو ذا الاختلاف وقع في موضعين من الطبري. ثم رجعت إلى النسخة المخطوطة المصورة من تهذيب الكمال ، ص: 214 ، فظهر أن ناسخها أسقط كلمة"بكر" فأثبته"حاتم بن غيلان" ، ممنسوبًا إلى جده. وهو سهو من الناسخ يقينًا ، لأنه أثبته قبل ترجمة"حاتم بن حريث". ولو كان أصله"حاتم بن غيلان" لأخره إلى موضعه في حرف الغين في آباء من اسمه"حاتم" ، فيكون موضعه بعد"حاتم بن العلاء". فبقي الإشكال في اسم أبيه كما هو؟وهذا الحديث رواه الطبري هنا ، مختصرًا ، بثلاثة أسانيد: عن"حميد بن مسعدة ، عن حسين المعلم". ثم عن"مجاهد بن موسى ، عن يزيد بن هارون ، عن حسين المعلم". ثم عن"حاتم بن بكر الضبي ، عن عبد الأعلى ، عن حسين المعلم". ثم يقول حسين المعلم"حدثنا أبي ، عن عمرو بن شعيب".وفي هذه الأسانيد إشكالان:أولهما: أن"حميد بن مسعدة" مات سنة 244 ، فمن المحال أن يروى عن"حسين المعلم" ، ويقول -كما هنا -"حدثنا حسين المعلم". لأن حسينًا مات سنة 145 ، فبين وفاتيهما 99 سنة!! والراجح عندي أن يكون الناسخون أسقطوا شيخًا بين حميد وحسين.وثانيهما: أن"حسينًا المعلم": هو"حسين بن ذكوان". وهو يروي عن عمرو بن شعيب مباشرة. ولو كان هذا وحده لكان هناك احتمال أن يروي عنه أيضًا بواسطة أبيه. ولكن الإشكال في أن"ذكوان" والد"حسين المعلم" ليس له ذكر في دوواين الرجال بشيء من الرواية ، ولا ذكر أحد أن ابنه يروي عنه. فأنا أرجح أيضًا أن يكون قوله هنا"حدثنا أبي" زيادة خطأ من الناسخين.ويؤيد أن زيادة"حدثنا أبي" تخليط من الناسخين - أن ابن كثير حين أشار إلى هذا الإسناد 2: 432 ، قال: "ثم رواه - يعني الطبري - من حديث حسين المعلم ، وعبد الرحمن بن الحارث ، عن عمرو بن شعيب ، به". فذكر أن حسينًا رواه عن عمرو بن شعيب. ولم يذكر أنه"عن حسين عن أبيه".وأما الحديث نفسه ، فإنه سيأتي معناه ، من رواية محمد بن إسحاق ، عن عمرو بن شعيب: 9297 ، 9298 ، ومن رواية عبد الرحمن بن الحارث ، عن عمرو: 9299. ويأتي تخريجه هناك ، إن شاء الله.(150) الحديث: 9295 - زكريا بن أبي زائدة الهمداني الوادعي: ثقة معروف ، من شيوخ شعبة والثوري. أخرج له الجماعة.سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف ، قاضي المدينة: ثقة كثير الحديث ، وهو ثبت لا شك فيه. أخرج له الجماعة.أبوه"إبراهيم بن عبد الرحمن": تابعي ثقة ، من كبار التابعين. مترجم في التهذيب. والكبير 1 / 1 / 295 ، وابن سعد 5: 39-40 ، وابن أبي حاتم 1 / 1 / 111."جبير بن مطعم": صحابي معروف ، من قريش ، من بني نوفل. قدم المدينة في فداء أسارى بدر. ثم أسلم بعد ذلك.والحديث رواه أحمد في المسند: 16832ج4 ص83 حلبي ، من طريق زكريا ، وهو ابن أبي زائدة - بهذا الإسناد.وكذلك رواه مسلم 2: 270 ، والبيهقي 6: 262- كلاهما من طريق زكريا.وذكره ابن كثير 2: 432-433 ، من رواية المسند. ثم أشار إلى أنه رواه مسلم ، وأبو داود ، وابن جرير ، والنسائي.(151) الحديث: 9296 - بشر بن المفضل بن لاحق البصري: ثقة من شيوخ أحمد وإسحاق وابن المديني. أخرج له الجماعة. مترجم في التهذيب ، والكبير للبخاري 1 / 2 / 84 ، وابن أبي حاتم 1 / 1 / 366.وهذا الحديث رواه الطبري بإسنادين من طريق عبد الرحمن بن إسحاق.وهو: "عبد الرحمن بن إسحاق بن عبد الله العامري". وهو ثقة ، وثقه ابن معين وغيره ، وأخرج له مسلم. مترجم في التهذيب ، والكبير للبخاري 1 / 1 / 52 ، وابن سعد 5: 151-152 ، وابن أبي حاتم 3 / 2 / 218.والحديث رواه أحمد: 1655 ، عن بشر بن المفضل ، عن عبد الرحمن بن إسحاق - بهذا الإسناد.ثم روى له أوله: 1676 ، عن إسماعيل ، وهو ابن علية ، عن عبد الرحمن بن إسحاق.وكذلك روى البخاري أوله ، في الأدب المفرد ، ص: 83 ، من طريق ابن علية. ووقع فيه هناك خطأ مطبعي ، يصحح من هذا الموضع.وهذا الحديث في حقيقته حديثان:أولهما: حديث متصل ، من حديث عبد الرحمن بن عوف.وثانيهما: حديث مرسل. وهو قول الزهري: "قال رسول الله صلى الله عليه وسلم..." - إلى آخره.وقد فصلنا القول في ذلك في المسند: 1655.(152) الأحاديث: 9297-9299 ، هي ثلاثة أسانيد لحديث واحد. وقد مضى بنحوه: 9294.يزيد - في الإسناد الأول: هو يزيد بن هارون.عبد الرحمن - في الإسناد الثالث: هو عبد الرحمن بن الحارث بن عبد الله بن عياش بن أبي ربيعة.والحديث رواه أحمد في المسند - ضمن حديث مطول: 6692 ، عن يزيد بن هارون ، عن محمد بن إسحاق. وأشرنا إلى كثير من أسانيده هناك ، وفي الاستدراك: 2832.ورواه البخاري في الأدب المفرد ، ص: 83-84 ، مختصرًا كما هنا ، عن خالد بن مخلد ، بالإسناد الأخير هنا.وذكره ابن كثير 2: 432 ، عن الرواية: 9298 هنا. ثم أشار إلى الروايتين: 9294 ، 9299.(153) في المخطوطة والمطبوعة: "منسوخ هي" ، خطأ ، صوابه ما أثبت.(154) سياق العبارة: "غير جائز القضاء عليه بأنه منسوخ... إلا بحجة يجب التسليم لها" ، والذي بينهما قيد اعترض به بين طرفي الكلام.(155) انظر مقالته في: "الناسخ والمنسوخ" فيما سلف: 131 ، والتعليق 1 ، والمراجع هناك.(156) قوله: "فالواجب..." ، جواب قوله آنفًا: "فإذ كان ما ذكرنا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم صحيحًصا".(157) السياق: "فالواجب أن يكون الصحيح من القول... هو ما ذكرنا من التأويل... دون قول من قال".(158) في المطبوعة والمخطوطة: "دون ما سوى القول" بلا واو عاطفة ، والصواب إثبات"واو العطف" ، عطفًا على قوله آنفًا: "دون قول من قال".(159) أشكل على ابن كثير هذا الموضع من كلام الطبري فرواه عنه ثم قال: "وفيه نظر ، فإن من الحلف ما كان على المناصرة والمعاونة ، ومنه ما كان على الإرث ، كما حكاه غير واحد من السلف وكما قال ابن عباس: كان المهاجري يرث الأنصاري دون قراباته وذوي رحمه ، حتى نسخ ذلك. فكيف يقول: إن هذه الآية محكمة غير منسوخة ، والله أعلم".وهذا الذي تعجب منه ابن كثير ، قد بينه الطبري ، وأقام عليه كل مذهبه ، في كل ناسخ ومنسوخ ، وقد كرره مرات كثيرة في تفسيره ، وقد أعاده هنا عند ذكر الناسخ والمنسوخ فقال: إن الآية إذا اختلف في حكمها منسوخ هو أم غير منسوخ ، واختلف المختلفون في حكمها ، وكان لنفي النسخ عنها وإثبات أنها محكمة وجه صحيح ، لم يجز لأحد أن يقضي بأن حكمها منسوخ ، إلا بحجة يجب التسليم لها. وقد بين أبو جعفر مرارًا أن الحجة التي يجب التسليم لها هي: ظاهر القرآن ، والخبر الصحيح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. أما تأويل ابن عباس أو غيره من الأئمة ، فليس حجة في إثبات النسخ في آية ، لتأويلها على أنها محكمة وجه صحيح.فالعجب لابن كثير ، حين عجب من أبي جعفر في تأويله وبيانه. ولو أنصف لنقض حجة الطبري في مقالته من الناسخ والمنسوخ ، لا أن يحتج عليه ويتعجب منه ، لحجة هي منقوضة عند الطبري ، قد أفاض في نقضها مرارًا في كتابه هذا ، وفي غيرها من كتبه كما قال ، رحم الله أبا جعفر ، وغفر الله لابن كثير.(160) انظر تفسير"الشهيد" فيما سلف 1: 376-378 / 3: 97. 145 / 6: 60 ، 75 / 7: 243
اَلرِّجَالُ قَوّٰمُوْنَ عَلَى النِّسَآءِ بِمَا فَضَّلَ اللّٰهُ بَعْضَهُمْ عَلٰى بَعْضٍ وَّ بِمَاۤ اَنْفَقُوْا مِنْ اَمْوَالِهِمْؕ-فَالصّٰلِحٰتُ قٰنِتٰتٌ حٰفِظٰتٌ لِّلْغَیْبِ بِمَا حَفِظَ اللّٰهُؕ-وَ الّٰتِیْ تَخَافُوْنَ نُشُوْزَهُنَّ فَعِظُوْهُنَّ وَ اهْجُرُوْهُنَّ فِی الْمَضَاجِعِ وَ اضْرِبُوْهُنَّۚ-فَاِنْ اَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوْا عَلَیْهِنَّ سَبِیْلًاؕ-اِنَّ اللّٰهَ كَانَ عَلِیًّا كَبِیْرًا(۳۴)
مرد افسر ہیں عورتوں پر (ف۹۹) اس لیے کہ اللہ نے ان میں ایک کو دوسرے پر فضیلت دی(ف۱۰۰) اور اس لئے کہ مردوں نے ان پر اپنے مال خرچ کیے (ف۱۰۱) تو نیک بخت عورتیں ادب والیاں ہیں خاوند کے پیچھے حفاظت رکھتی ہیں (ف۱۰۲) جس طرح اللہ نے حفاظت کا حکم دیا اور جن عورتوں کی نافرمانی کا تمہیں اندیشہ ہو (ف۱۰۳) تو انہیں سمجھاؤ اور ان سے الگ سوؤ اور انہیں مارو پھر اگر وہ تمہارے حکم میں آجائیں تو ان پر زیادتی کی کوئی راہ نہ چاہو بیشک اللہ بلند بڑا ہے(ف۱۰۵)
الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعضالقول في تأويل قوله تعالى : الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض يعني بقوله جل ثناؤه : الرجال قوامون على النساء الرجال أهل قيام على نسائهم في تأديبهن والأخذ على أيديهن , فيما يجب عليهن لله ولأنفسهم ; بما فضل الله بعضهم على بعض يعني بما فضل الله به الرجال على أزواجهم من سوقهم إليهن مهورهن , وإنفاقهم عليهن أموالهم , وكفايتهم إياهن مؤنهن. وذلك تفضيل الله تبارك وتعالى إياهن عليهن , ولذلك صاروا قواما عليهن , نافذي الأمر عليهن فيما جعل الله إليهم من أمورهن . وبما قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك : 7368 - حدثني المثنى , قال : ثنا عبد الله بن صالح , قالا : ثني معاوية بن صالح , عن علي بن أبي طلحة , عن ابن عباس , قوله : الرجال قوامون على النساء يعني : أمراء عليها أن تطيعه فيما أمرها الله به من طاعته , وطاعته أن تكون محسنة إلى أهله حافظة لماله وفضله عليها بنفقته وسعيه . 7369 - حدثني المثنى , قال : ثنا إسحاق , قال : ثنا أبو زهير , عن جويبر , عن الضحاك في قوله : الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض يقول : الرجل قائم على المرأة يأمرها بطاعة الله , فإن أبت , فله أن يضربها ضربا غير مبرح , وله عليها الفضل بنفقته وسعيه . 7370 - حدثنا محمد بن الحسين , قال : ثنا أحمد بن المفضل , قال : ثنا أسباط , عن السدي : الرجال قوامون على النساء قال : يأخذون على أيديهن ويؤدبونهن . 7371 - حدثني المثنى , قال : ثنا حبان بن موسى , قال : أخبرنا ابن المبارك , قال : سمعت سفيان , يقول : بما فضل الله بعضهم على بعض قال : بتفضيل الله الرجال على النساء . وذكر أن هذه الآية نزلت في رجل لطم امرأته , فخوصم إلى النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك , فقضى لها بالقصاص . ذكر من قال ذلك : 7372 - حدثنا محمد بن بشار , قال : ثنا عبد الأعلى , قال : ثنا سعيد , عن قتادة , قال : ثنا الحسن : أن رجلا لطم امرأته , فأتت النبي صلى الله عليه وسلم , فأراد أن يقصها منه , فأنزل الله : الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم فدعاه النبي صلى الله عليه وسلم , فتلاها عليه وقال : " أردت أمرا وأراد الله غيره " . 7373 - حدثنا بشر بن معاذ , قال : ثنا يزيد , قال : ثنا سعيد , عن قتادة , قوله : الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم ذكر لنا أن رجلا لطم امرأته , فأتت النبي صلى الله عليه وسلم , ثم ذكر نحوه . * - حدثنا الحسن بن يحيى , قال : أخبرنا عبد الرزاق , قال : أخبرنا معمر , عن قتادة , في قوله : الرجال قوامون على النساء قال : صك رجل امرأته , فأتت النبي صلى الله عليه وسلم , فأراد أن يقيدها منه , فأنزل الله : الرجال قوامون على النساء 7374 - حدثنا ابن وكيع , قال : ثنا أبي , عن جرير بن حازم , عن الحسن : أن رجلا من الأنصار لطم امرأته , فجاءت تلتمس القصاص , فجعل النبي صلى الله عليه وسلم بينهما القصاص , فنزلت : قوله : ولا تعجل بالقرآن من قبل أن يقضى إليك وحيه 20 114 ونزلت : الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض 7375 - حدثنا القاسم , قال : ثنا الحسين , قال : ثني حجاج , عن ابن جريج , قال : لطم رجل امرأته , فأراد النبي صلى الله عليه وسلم القصاص , فبينما هم كذلك , نزلت الآية . 7376 - حدثنا محمد بن الحسين , قال : ثنا أحمد بن مفضل , قال : ثنا أسباط , عن السدي : أما : الرجال قوامون على النساء فإن رجلا من الأنصار كان بينه وبين امرأته كلام , فلطمها , فانطلق أهلها , فذكروا ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم , فأخبرهم : الرجال قوامون على النساء . .. الآية . وكان الزهري يقول : ليس بين الرجل وامرأته قصاص فيما دون النفس. 7377 - حدثنا الحسن بن يحيى , قال : أخبرنا عبد الرزاق , قال : أخبرنا معمر , سمعت الزهري , يقول : لو أن رجلا شج امرأته , أو جرحها , لم يكن عليه في ذلك قود وكان عليه العقل , إلا أن يعدو عليها فيقتلها , فيقتل بها .وبما أنفقوا من أموالهموأما قوله : وبما أنفقوا من أموالهم فإنه يعني : وبما ساقوا إليهن من صداق , وأنفقوا عليهن من نفقة . كما : 7378 - حدثني المثنى , قال : ثنا أبو صالح , قال : ثني معاوية بن صالح , عن علي بن أبي طلحة , عن ابن عباس , قال : فضله عليها بنفقته وسعيه . 7379 - حدثني المثنى , قال : ثنا إسحاق , قال : ثنا أبو زهير , عن جويبر , عن الضحاك , مثله . 7380 - حدثني المثنى , قال : ثنا حبان بن موسى , قال : أخبرنا ابن المبارك , قال : سمعت سفيان يقول : وبما أنفقوا من أموالهم بما ساقوا من المهر. فتأويل الكلام إذا : الرجال قوامون على نسائهم بتفضيل الله إياهم عليهن وبإنفاقهم عليهن من أموالهم . و " ما " التي في قوله : بما فضل الله والتي في قوله : وبما أنفقوا في معنى المصدر .فالصالحاتالقول في تأويل قوله تعالى : فالصالحات يعني بقوله جل ثناؤه : فالصالحات المستقيمات الدين , العاملات بالخير . كما : 7381 - حدثني المثنى , قال : ثنا حبان بن موسى , قال : ثنا عبد الله بن المبارك , قال : سمعت سفيان , يقول : فالصالحات يعملن بالخير .قانتاتوقوله : قانتات يعني : مطيعات لله ولأزواجهن . كما : 7382 - حدثني محمد بن عمرو , قال : ثنا أبو عاصم , عن عيسى , عن ابن أبي نجيح , عن مجاهد : قوله : قانتات قال : مطيعات . * - حدثني المثنى , قال : ثنا أبو حذيفة , قال : ثنا شبل , عن ابن أبي نجيح , عن مجاهد : قانتات قال : مطيعات . 7383 - حدثني علي عن داود , قال : ثنا أبو صالح , قال : ثني معاوية بن صالح , عن علي بن أبي طلحة , عن ابن عباس : قانتات مطيعات . 7384 - حدثنا الحسن بن معاذ , قال : ثنا يزيد , قال : ثنا سعيد , عن قتادة : قانتات أي مطيعات لله ولأزواجهن . * - حدثنا الحسن بن يحيى , قال : أخبرنا عبد الرزاق , قال : . أخبرنا معمر , عن قتادة , قال : مطيعات . 7385 - حدثنا محمد بن الحسين , قال : ثنا أحمد بن مفضل , قال : ثنا أسباط , عن السدي : القانتات : المطيعات. 7386 - حدثني المثنى , قال : ثنا حبان بن موسى , قال : أخبرنا ابن المبارك , قال : سمعت سفيان يقول في قوله : قانتات قال : مطيعات لأزواجهن . وقد بينا معنى القنوت فيما مضى وأنه الطاعة , ودللنا على صحة ذلك من الشواهد بما أغنى عن إعادته.حافظات للغيبقوله : حافظات للغيب فإنه يعني : حافظات لأنفسهن عند غيبة أزواجهن عنهن في فروجهن وأموالهم , وللواجب عليهن من حق الله في ذلك وغيره. كما : 7387 - حدثنا بشر بن معاذ , قال : ثنا يزيد , قال : ثنا سعيد , عن قتادة : حافظات للغيب يقول : حافظات لما استودعهن الله من حقه , وحافظات لغيب أزواجهن . 7388 - حدثنا محمد بن الحسين , قال : ثنا أحمد بن مفضل , قال : ثنا أسباط , عن السدي : حافظات للغيب بما حفظ الله يقول : تحفظ على زوجها ماله وفرجها , حتى يرجع كما أمرها الله . 7389 - حدثنا القاسم , قال : ثنا الحسين , قال : ثني حجاج , عن ابن جريج , قال : قلت لعطاء : ما قوله : حافظات للغيب ؟ قال : حافظات للزوج. * - حدثني زكريا بن يحيى بن أبي زائدة , قال : ثنا حجاج , قال : قال ابن جريج : سألت عطاء , عن حافظات للغيب قال : حافظات للأزواج . 7390 - حدثني المثنى , قال : ثنا حبان بن موسى , قال : أخبرنا ابن المبارك , قال : سمعت سفيان يقول : حافظات للغيب حافظات لأزواجهن لما غاب من شأنهن . 7391 - حدثني المثنى , قال : ثنا أبو صالح , قال : ثنا أبو معشر , قال : ثنا سعيد بن أبي سعيد المقبري , عن أبي هريرة , قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " خير النساء امرأة إذا نظرت إليها سرتك , وإذا أمرتها أطاعتك , وإذا غبت عنها حفظتك في نفسها ومالك " قال : ثم قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم : الرجال قوامون على النساء . .. الآية . قال أبو جعفر : وهذا الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم يدل على صحة ما قلنا في تأويل ذلك , وأن معناه : صالحات في أديانهن , مطيعات لأزواجهن , حافظات لهم في أنفسهن وأموالهم .بما حفظ اللهوأما قوله : بما حفظ الله فإن القراء اختلفت في قراءته , فقرأته عامة القراء في جميع أمصار الإسلام : بما حفظ الله برفع اسم الله على معنى : بحفظ الله إياهن إذ صيرهن كذلك . كما : 7392 - حدثني زكريا بن يحيى بن أبي زائدة , قال : ثنا حجاج , قال : قال ابن جريج : سألت عطاء , عن قوله : بما حفظ الله قال : يقول : حفظهن الله . 7393 - حدثني المثنى , قال : ثنا حبان بن موسى , قال : أخبرنا ابن المبارك , قال : سمعت سفيان يقول في قوله : بما حفظ الله قال : بحفظ الله إياها أنه جعلها كذلك . وقرأ ذلك أبو جعفر يزيد بن القعقاع المدني : " بما حفظ الله " يعني : بحفظهن الله في طاعته , وأداء حقه بما أمرهن من حفظ غيب أزواجهن , كقول الرجل للرجل : ما حفظت الله في كذا وكذا , بمعنى : راقبته ولاحظته . قال أبو جعفر : والصواب من القراءة في ذلك ما جاءت به قراءة المسلمين من القراءة مجيئا يقطع عذر من بلغه ويثبت عليه حجته , دون ما انفرد به أبو جعفر فشذ عنهم , وتلك القراءة ترفع اسم الله تبارك وتعالى : بما حفظ الله مع صحة ذلك في العربية وكلام العرب , وقبح نصبه في العربية لخروجه عن المعروف من منطق العرب . وذلك أن العرب لا تحذف الفاعل مع المصادر من أجل أن الفاعل إذا حذف معها لم يكن للفعل صاحب معروف. وفي الكلام متروك استغني بدلالة الظاهر من الكلام عليه من ذكره ومعناه : فالصالحات قانتات حافظات للغيب بما حفظ الله فأحسنوا إليهن وأصلحوا , وكذلك هو فيما ذكر في قراءة ابن مسعود . 7394 - حدثني المثنى , قال : ثنا إسحاق , قال : ثنا عبد الرحمن بن أبي حماد , قال : ثنا عيسى الأعمى , عن طلحة بن مصرف , قال : في قراءة عبد الله : " فالصالحات قانتات للغيب بما حفظ الله فأصلحوا إليهن واللاتي تخافون نشوزهن " . 7395 - حدثنا محمد بن الحسين , قال : ثنا أحمد بن مفضل , قال : ثنا أسباط , عن السدي : فالصالحات قانتات حافظات للغيب بما حفظ الله فأحسنوا إليهن . 7396 - حدثني علي بن داود , قال : ثنا عبد الله , قال : ثني معاوية , عن علي بن أبي طلحة , عن ابن عباس , قوله : فالصالحات قانتات حافظات للغيب بما حفظ الله فأصلحوا إليهن. * - حدثني علي بن داود , قال : ثنا عبد الله بن صالح , قال : ثني معاوية , عن علي بن أبي طلحة , عن ابن عباس , قوله : فالصالحات قانتات حافظات للغيب بما حفظ الله يعني إذا كن هكذا , فأصلحوا إليهن .واللاتي تخافون نشوزهن فعظوهنالقول في تأويل قوله : واللاتي تخافون نشوزهن فعظوهن اختلف أهل التأويل في معنى قوله : واللاتي تخافون نشوزهن فقال بعضهم : معناه : واللاتي تعلمون نشوزهن . ووجه صرف الخوف في هذا الموضع إلى العلم في قول هؤلاء نظير صرف الظن إلى العلم لتقارب معنييهما , إذ كان الظن شكا , وكان الخوف مقرونا برجاء , وكانا جميعا من فعل المرء بقلبه , كما قال الشاعر : ولا تدفنني في الفلاة فإنني أخاف إذا ما مت أن لا أذوقها معناه : فإنني أعلم , وكما قال الآخر : أتاني كلام عن نصيب يقوله وما خفت يا سلام أنك عائبي بمعنى : وما ظننت. وقال جماعة من أهل التأويل : معنى الخوف في هذا الموضع : الخوف الذي هو خلاف الرجاء . قالوا : معنى ذلك : إذا رأيتم منهن ما تخافون أن ينشزن عليكم من نظر إلى ما لا ينبغي لهن أن ينظرن إليه , ويدخلن ويخرجن , واستربتم بأمرهن , فعظوهن واهجروهن . وممن قال ذلك محمد بن كعب. وأما قوله : نشوزهن فإنه يعني : استعلاءهن على أزواجهن , وارتفاعهن عن فرشهم بالمعصية منهن , والخلاف عليهم فيما لزمهن طاعتهم فيه , بغضا منهن وإعراضا عنهم وأصل النشوز الارتفاع , ومنه قيل للمكان المرتفع من الأرض نشز ونشاز . فعظوهن يقول : ذكروهن الله , وخوفوهن وعيده في ركوبها ما حرم الله عليها من معصية زوجها فيما أوجب عليها طاعته فيه. وبنحو ما قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال : النشوز : البغض ومعصية الزوج : 7397 - حدثنا محمد بن الحسين , قال : ثنا أحمد بن مفضل , قال : ثنا أسباط , عن السدي : واللاتي تخافون نشوزهن قال : بغضهن . 7398 - حدثني يونس , قال : أخبرنا ابن وهب , قال : قال ابن زيد في قوله : واللاتي تخافون نشوزهن قال : التي تخاف معصيتها . قال : النشوز : معصيته وخلافه . 7399 - حدثني المثنى , قال : ثنا عبد الله بن صالح , قال : ثني معاوية , عن علي بن أبي طلحة , عن ابن عباس , قوله : واللاتي تخافون نشوزهن تلك المرأة تنشز وتستخف بحق زوجها ولا تطيع أمره . 7400 - حدثني المثنى , قال : ثنا إسحاق , ثنا روح , قال : ثنا ابن جريج , قال : قال عطاء : النشوز : أن تحب فراقه , والرجل كذلك. ذكر الرواية عمن قال ما قلنا في قوله : فعظوهن 7401 - حدثني المثنى , قال : ثنا عبد الله بن صالح , قال : ثنا معاوية , عن علي بن أبي طلحة , عن ابن عباس : فعظوهن يعني : عظوهن بكتاب الله , قال : أمره الله إذا نشزت أن يعظها ويذكرها الله ويعظم حقه عليها . 7402 - حدثني المثنى , قال : ثنا أبو حذيفة , قال : ثنا شبل , عن ابن أبي نجيح , عن مجاهد : واللاتي تخافون نشوزهن فعظوهن قال : إذا نشزت المرأة عن فراش زوجها يقول لها : اتقي الله وارجعي إلى فراشك , فإن أطاعته فلا سبيل له عليها . 7403 - حدثني المثنى , قال : ثنا عمرو بن عون , قال : ثنا هشيم , عن يونس , عن الحسن , قال : إذا نشزت المرأة على زوجها يعظها بلسانه , يقول : يأمرها بتقوى الله وطاعته . 7404 - حدثنا ابن وكيع , قال : ثنا أبي , عن موسى بن عبيدة , عن محمد بن كعب القرظي , قال : إذا رأى الرجل خفة في صرها في مدخلها ومخرجها , قال : يقول لها بلسانه : قد رأيت منك كذا وكذا فانتهي ! فإن أعتبت فلا سبيل له عليها , وإن أبت هجر مضجعها. * - حدثني المثنى , قال : ثنا حبان بن موسى , قال : ثنا ابن المبارك , قال : أخبرنا شبل , عن ابن أبي نجيح , عن مجاهد في قوله : فعظوهن قال : إذا نشزت المرأة عن فراش زوجها , فإنه يقول لها : اتقي الله وارجعي . 7405 - حدثنا ابن وكيع , قال : ثنا أبي , عن إسرائيل , عن جابر , عن عطاء : فعظوهن قال : بالكلام . 7406 - حدثنا القاسم , قال : ثنا الحسين , قال : ثنا حجاج , عن ابن جريج , قوله : فعظوهن قال بالألسنة. 7407 - حدثنا ابن حميد , قال : ثنا حكام , عن عمرو بن أبي قيس , عن عطاء , عن سعيد بن جبير : فعظوهن قال : عظوهن باللسان .واهجروهن في المضاجعالقول في تأويل قوله تعالى : واهجروهن في المضاجع اختلف أهل التأويل في تأويل ذلك , فقال بعضهم : معنى ذلك : فعظوهن في نشوزهن عليكم أيها الأزواج , فإن أبين مراجعة الحق في ذلك والواجب عليهم لكم , فاهجروهن بترك جماعهن في مضاجعتكم إياهن . ذكر من قال ذلك : 7408 - حدثني المثنى , قال : ثنا عبد الله بن صالح , قال : ثني معاوية بن صالح , عن علي بن أبي طلحة , عن ابن عباس , قوله : فعظوهن واهجروهن في المضاجع يعني : عظوهن , فإن أطعنكم وإلا فاهجروهن. 7409 - حدثني محمد بن مسعدة , قال : ثني أبي , قال : ثني عمي , قال : ثني أبي , عن أبيه , عن ابن عباس : واهجروهن في المضاجع يعني بالهجران أن يكون الرجل وامرأته على فراش واحد لا يجامعها. 7410 - حدثنا ابن حميد , قال : ثنا جرير , عن عطاء بن السائب , عن سعيد بن جبير , قال : الهجر : هجر الجماع . 7411 - حدثنا محمد بن الحسين , قال : ثنا أحمد بن مفضل , قال : ثنا أسباط , عن السدي : أما تخافون نشوزهن فإن على زوجها أن يعظها , فإن لم تقبل فليهجرها في المضجع . يقول : يرقد عندها ويوليها ظهره , ويطأ ولا يكلمها. هكذا في كتابي : " ويطؤها ولا يكلمها " . 7412 - حدثني المثنى , قال : ثنا عمرو بن عون , قال : ثنا هشيم , عن جويبر , عن الضحاك في قوله : واهجروهن في المضاجع قال : يضاجعها ويهجر كلامها ويوليها ظهره . * - حدثني المثنى , قال : ثنا حبان بن موسى , قال : ثنا ابن المبارك , قال : أخبرنا شريك , عن عطاء بن السائب , عن سعيد بن جبير , عن ابن عباس : واهجروهن في المضاجع قال : لا يجامعها . وقال آخرون : بل معنى ذلك : واهجروهن واهجروا كلامهن في تركهن مضاجعتكم , حتى يرجعن إلى مضاجعتكم . ذكر من قال ذلك : 7413 - حدثنا أبو كريب وأبو السائب , قالا : ثنا ابن إدريس , عن الحسن بن عبيد الله , عن أبي الضحى , عن ابن عباس في قوله : واهجروهن في المضاجع أنها لا تترك في الكلام , ولكن الهجران في أمر المضجع. 7414 - حدثنا ابن حميد , قال : ثنا يحيى بن واضح , قال : ثنا أبو حمزة , عن عطاء بن السائب , عن سعيد بن جبير : واهجروهن في المضاجع يقول : حتى يأتين مضاجعكم . 7415 - حدثنا ابن حميد , قال : ثنا حكام , عن عمرو , عن عطاء , عن سعيد بن جبير : واهجروهن في المضاجع في الجماع . 7416 - حدثني المثنى , قال : ثنا عبد الله بن صالح , قال : ثني معاوية بن صالح , عن علي بن أبي طلحة , عن ابن عباس : واهجروهن في المضاجع قال : يعظها فإن هي قبلت وإلا هجرها في المضجع ولا يكلمها من غير أن يذر نكاحها , وذلك عليها شديد . 7417 - حدثني المثنى , قال : ثنا حبان بن موسى , قال : أخبرنا ابن المبارك , قال : أخبرنا شريك , عن خصيف , عن عكرمة : واهجروهن في المضاجع الكلام والحديث . ................. ذكر من قال ذلك : 7418 - حدثني الحسن بن زريق الطهوي , قال : ثنا أبو بكر بن عياش , عن منصور , عن مجاهد في قوله : واهجروهن في المضاجع قال : لا تضاجعوهن . 7419 - حدثنا ابن حميد , قال : ثنا جرير , عن مغيرة , عن الشعبي , قال : الهجران أن لا يضاجعها . 7420 - وبه قال حدثنا جرير , عن مغيرة , عن عامر وإبراهيم , قالا : الهجران في المضجع أن لا يضاجعها على فراشه . * - حدثني يعقوب بن إبراهيم , قال : ثنا هشيم , قال : أخبرنا مغيرة , عن إبراهيم والشعبي , أنهما قالا في قوله : واهجروهن في المضاجع قالا : يهجر مضاجعتها حتى ترجع إلى ما يحب . * - حدثنا محمد بن المثنى , قال : ثنا محمد بن جعفر , قال : ثنا شعبة , عن مغيرة , عن إبراهيم والشعبي أنهما كانا يقولان : واهجروهن في المضاجع قال : يهجرها في المضجع . 7421 - حدثنا المثنى , قال : ثنا حبان , قال : ثنا ابن المبارك , قال : ثنا شريك , عن خصيف , عن مقسم : واهجروهن في المضاجع قال : هجرها في مضجعها : أن لا يقرب فراشها . 7422 - حدثنا ابن وكيع , قال : ثنا أبي , عن موسى بن عبيدة , عن محمد بن كعب القرظي , قال : اهجروهن في المضاجع , قال : يعظها بلسانه , فإن أعتبت فلا سبيل له عليها , وإن أبت هجر مضجعها . 7423 - حدثنا الحسن بن يحيى , قال : أخبرنا عبد الرزاق , قال : أخبرنا معمر عن الحسن وقتادة في قوله : فعظوهن واهجروهن قالا : إذا خاف نشوزها وعظها , فإن قبلت وإلا هجر مضجعها . 7424 - حدثنا بشر بن معاذ , قال : ثنا يزيد , قال : ثنا سعيد , عن قتادة : واهجروهن في المضاجع قال : تبدأ يا ابن آدم فتعظها , فإن أبت عليك فاهجرها , يعني به : فراشها. وقال آخرون : معنى قوله : واهجروهن في المضاجع قولوا لهن من القول هجرا في تركهن مضاجعتكم . ذكر من قال ذلك : 7425 - حدثنا الحسن بن يحيى , قال : أخبرنا عبد الرزاق , قال : أخبرنا الثوري , عن رجل , عن أبي صالح عن ابن عباس , في قوله : واهجروهن في المضاجع قال : يهجرها بلسانه , ويغلظ لها بالقول , ولا يدع جماعها. 7426 - وبه قال : أخبرنا الثوري , عن خصيف , عن عكرمة , قال : إنما الهجران بالمنطق أن يغلظ لها , وليس بالجماع . 7427 - حدثني يعقوب بن إبراهيم , قال : ثنا هشيم , قال : أخبرنا مغيرة , عن أبي الضحى , في قوله : واهجروهن في المضاجع قال : يهجر بالقول , ولا يهجر مضاجعتها حتى ترجع إلى ما يريد . 7428 - حدثنا المثنى , قال : ثنا حبان بن موسى , قال : أخبرنا ابن المبارك , قال : ثنا عبد الوارث بن سعيد عن رجل , عن الحسن , قال : لا يهجرها إلا في المبيت في المضجع , ليس له أن يهجر في كلام ولا شيء إلا في الفراش. 7429 - حدثني المثنى , قال : ثنا إسحاق , قال : ثني يعلى , عن سفيان , في قوله : واهجروهن في المضاجع قال : في مجامعتها , ولكن يقول لها : تعالي وافعلي ! كلاما فيه غلظة , فإذا فعلت ذلك فلا يكلفها أن تحبه , فإن قلبها ليس في يديها . ولا معنى للهجر في كلام العرب إلا على أحد ثلاثة أوجه : أحدها هجر الرجل كلام الرجل وحديثه , وذلك رفضه وتركه , يقال منه : هجر فلان أهله يهجرها هجرا وهجرانا . والآخر : الإكثار من الكلام بترديد كهيئة كلام الهازئ , يقال منه : هجر فلان في كلامه يهجر هجرا إذا هذى ومدد الكلمة , وما زالت تلك هجيراه وإهجيراه , ومنه قول ذي الرمة : رمى فأخطأ والأقدار غالبة فانصعن والويل هجيراه والحرب والثالث : هجر البعير إذا ربطه صاحبه بالهجار , وهو حبل يربط في حقويها ورسغها , ومنه قول امرئ القيس : رأت هلكا بنجاف الغبيط فكادت تجد لذاك الهجارا فأما القول الذي فيه الغلظة والأذى فإنما هو الإهجار , ويقال منه : أهجر فلان في منطقه : إذا قال الهجر وهو الفحش من الكلام , يهجر إهجارا وهجرا . فإذ كان لا وجه للهجر في الكلام إلا أحد المعاني الثلاثة , وكانت المرأة المخوف نشوزها إنما أمر زوجها بوعظها لتنيب إلى طاعته فيما يجب عليها له من موافاته عند دعائه إياها إلى فراشه , فغير جائز أن تكون عظته لذلك , ثم تصير المرأة إلى أمر الله وطاعة زوجها في ذلك , ثم يكون الزوج مأمورا بهجرها في الأمر الذي كانت عظته إياها عليه . وإذ كان ذلك كذلك بطل قول من قال : معنى قوله : واهجروهن في المضاجع واهجروا جماعهن . أو يكون إذ بطل هذا المعنى . بمعنى : وأهجروا كلامهن بسبب هجرهن مضاجعكم , وذلك أيضا لا وجه له مفهوم لأن الله تعالى ذكره قد أخبر على لسان نبيه صلى الله عليه وسلم أنه لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث . على أن ذلك لو كان حلالا لم يكن لهجرها في الكلام معنى مفهوم , لأنها إذا كانت عنه منصرفة وعليه ناشزا فمن سرورها أن لا يكلمها ولا يراها ولا تراه , فكيف يؤمر الرجل في حال بغض امرأته إياه وانصرافها عنه بترك ما في تركه سرورها من ترك جماعها ومجاذبتها وتكليمها , وهو يؤمر بضربها لترتدع عما هي عليه من ترك طاعته إذا دعاها إلى فراشه , وغير ذلك مما يلزمها طاعته فيه ؟ أو يكون إذ فسد هذان الوجهان يكون معناه : واهجروا في قولكم لهم , بمعنى : ردوا عليهن كلامكم إذا كلمتموهن بالتغليظ لهن , فإن كان ذلك معناه , فلا وجه لإعمال الهجر في كناية أسماء النساء الناشزات , أعني في الهاء والنون من قوله واهجروهن لأنه إذا أريد به ذلك المعنى , كان الفعل غير واقع , إنما يقال : هجر فلان في كلامه ولا يقال : هجر فلان فلانا . فإذا كان في كل هذه المعاني ما ذكرنا من الخلل اللاحق , فأولى الأقوال بالصواب في ذلك أن يكون قوله : واهجروهن موجها معناه إلى معنى الربط بالهجار على ما ذكرنا من قيل العرب للبعير إذا ربطه صاحبه بحبل على ما وصفنا : هجره فهو يهجره هجرا. وإذا كان ذلك معناه كان تأويل الكلام : واللاتي تخافون نشوزهن , فعظوهن في نشوزهن عليكم , فإن اتعظن فلا سبيل لكم عليهن , وإن أبين الأوبة من نشوزهن فاستوثقوا منهن رباطا في مضاجعهن , يعني في منازلهن وبيوتهن التي يضطجعن بها ويضاجعن فيها أزواجهن . كما : 7430 - حدثني عباس بن أبي طالب , قال : ثنا يحيى بن أبي بكير , عن شبل , قال : سمعت أبا قزعة يحدث عن عمرو بن دينار , عن حكيم بن معاوية , عن أبيه : أنه جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : ما حق زوجة أحدنا عليه ؟ قال : " يطعمها ويكسوها , ولا يضرب الوجه ولا يقبح ولا يهجر إلا في البيت " . * - حدثنا الحسن بن عرفة , قال : ثنا يزيد , عن شعبة بن الحجاج , عن أبي قزعة , عن حكيم بن معاوية عن أبيه , عن النبي صلى الله عليه وسلم , نحوه . 7431 - حدثني المثنى , قال : ثنا حبان بن موسى , قال : ثنا ابن المبارك , قال : أخبرنا بهز بن حكيم , عن جده , قال : قلت : يا رسول الله , نساؤنا ما نأتي منها وما نذر ؟ قال : " حرثك فأت حرثك أنى شئت , غير أن لا تضرب الوجه ولا تقبح ولا تهجر إلا في البيت وأطعم إذا طعمت واكس إذا اكتسيت ; كيف وقد أفضى بعضكم إلى بعض إلا بما حل عليها ؟ " . وبنحو الذي قلنا في تأويل ذلك , قال عدة من أهل التأويل . ذكر من قال ذلك : 7432 - حدثني المثنى , قال : ثنا عمرو بن عون , قال : أخبرنا هشيم , عن الحسن , قال : إذا نشزت المرأة على زوجها , فليعظها بلسانه , فإن قبلت فذاك وإلا ضربها ضربا غير مبرح , فإن رجعت فذاك , وإلا فقد حل له أن يأخذ منها ويخليها. 7433 - حدثنا ابن حميد , قال : ثنا جرير , عن الحسن بن عبيد الله , عن أبي الضحى , عن ابن عباس في قوله : واهجروهن في المضاجع واضربوهن قال : يفعل بها ذاك ويضربها حتى تطيعه في المضاجع , فإذا أطاعته في المضجع فليس له عليها سبيل إذا ضاجعته . 7434 - حدثني المثنى , قال : ثنا حبان , قال : ثنا ابن المبارك , قال : أخبرنا يحيى بن بشر أنه سمع عكرمة يقول في قوله : واهجروهن في المضاجع واضربوهن ضربا غير مبرح , قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " اضربوهن إذا عصينكم في المعروف ضربا غير مبرح " . قال أبو جعفر : فكل هؤلاء الذين ذكرنا قولهم لم يوجبوا للهجر معنى غير الضرب , ولم يوجبوا هجرا إذا كان هيئة من الهيئات التي تكون بها المضروبة عند الضرب مع دلالة الخبر الذي رواه عكرمة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أمر بضربهن إذا عصين أزواجهن في المعروف من غير أمر منه أزواجهن بهجرهن لما وصفنا من العلة . فإن ظن ظان أن الذي قلنا في تأويل الخبر عن النبي صلى الله عليه وسلم الذي رواه عكرمة , ليس كما قلنا , وصح أن ترك النبي صلى الله عليه وسلم أمر الرجل بهجر زوجته إذا عصته في المعروف وأمره بضربها قبل الهجر , لو كان دليلا على صحة ما قلنا من أن معنى الهجر هو ما بيناه , لوجب أن يكون لا معنى لأمر الله زوجها أن يعظها إذا هي نشزت , إذ كان لا ذكر للعظة في خبر عكرمة عن النبي صلى الله عليه وسلم , فإن الأمر في ذلك بخلاف ما ظن ; وذلك أن قوله صلى الله عليه وسلم : " إذا عصينكم في المعروف " دلالة بينة أنه لم يبح للرجل ضرب زوجته إلا بعد عظتها من نشوزها , وذلك أنه لا تكون له عاصية , إلا وقد تقدم منه لها أمر أو عظة بالمعروف على ما أمر الله تعالى ذكره به .واضربوهنالقول في تأويل قوله تعالى : واضربوهن يعني بذلك جل ثناؤه : فعظوهن أيها الرجال في نشوزهن , فإن أبين الإياب إلى ما يلزمهن لكم فشدوهن وثاقا في منازلهن , واضربوهن ليؤبن إلى الواجب عليهن من طاعة الله في اللازم لهن من حقوقكم . وقال أهل التأويل : صفة الضرب التي أباح الله لزوج الناشز أن يضربها الضرب غير المبرح . ذكر من قال ذلك : 7435 - حدثنا ابن حميد , قال : ثنا حكام , عن عمرو , عن عطاء , عن سعيد بن جبير : واضربوهن قال : ضربا غير مبرح. * - حدثنا ابن حميد , قال : ثنا يحيى بن واضح , قال : أخبرنا أبو حمزة , عن عطاء بن السائب , عن سعيد بن جبير , مثله . 7436 - حدثنا ابن حميد , قال : ثنا جرير , عن مغيرة , عن الشعبي , قال : الضرب غير المبرح . 7437 - حدثني المثنى , قال : ثنا حبان بن موسى , قال : ثنا ابن المبارك , قال : أخبرنا شريك , عن عطاء بن السائب , عن سعيد بن جبير , عن ابن عباس : واضربوهن قال : ضربا غير مبرح. 7438 - حدثنا المثنى , قال : ثنا أبو صالح , قال : ثني معاوية , عن علي بن أبي طلحة , عن ابن عباس : واهجروهن في المضاجع واضربوهن , قال : تهجرها في المضجع , فإن أقبلت وإلا فقد أذن الله لك أن تضربها ضربا غير مبرح , ولا تكسر لها عظما , فإن أقبلت , وإلا فقد حل لك منها الفدية . 7439 - حدثنا الحسن بن يحيى , قال : أخبرنا عبد الرزاق , قال : أخبرنا معمر , عن الحسن وقتادة في قوله : واضربوهن قال : ضربا غير مبرح . 7440 - وبه قال : أخبرنا عبد الرزاق , قال : أخبرنا ابن جريج , قال : قلت لعطاء : واضربوهن قال : ضربا غير مبرح . 7441 - حدثنا بشر بن معاذ , قال : ثنا يزيد بن زريع , قال : ثنا سعيد , عن قتادة : واهجروهن في المضاجع واضربوهن قال : تهجرها في المضجع , فإن أبت عليك فاضربها ضربا غير مبرح ; أي غير شائن . 7442 - حدثنا المثنى , قال : ثنا إسحاق , قال : ثنا ابن عيينة , عن ابن جريج , عن عطاء , قال : قلت لابن عباس : ما الضرب غير المبرح , قال : السواك وشبهه يضربها به . * - حدثنا إبراهيم بن سعيد الجوهري , قال : ثنا ابن عيينة , عن ابن جريج , عن عطاء , قال : قلت لابن عباس : ما الضرب غير المبرح ؟ قال : بالسواك ونحوه . 7443 - حدثنا المثنى , قال : ثنا حبان بن موسى , قال : أخبرنا ابن المبارك , قال : أخبرنا ابن عيينة , عن ابن جريج , عن عطاء , قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في خطبته : " ضربا غير مبرح " قال : السواك ونحوه . 7444 - حدثنا القاسم , قال : ثنا الحسين , قال : ثني حجاج , قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لا تهجروا النساء إلا في المضاجع , واضربوهن ضربا غير مبرح " يقول : غير مؤثر . 7445 - حدثنا ابن وكيع , قال : حدثنا أبي , عن إسرائيل , عن جابر , عن عطاء : واضربوهن قال : ضربا غير مبرح . 7446 - حدثنا المثنى , قال : ثنا حبان , قال : أخبرنا ابن المبارك , قال : ثنا يحيى بن بشر , عن عكرمة مثله . 7447 - حدثنا محمد بن الحسين , قال : ثنا أحمد بن مفضل , قال : ثنا أسباط , عن السدي : واضربوهن قال : إن أقبلت في الهجران , وإلا ضربها ضربا غير مبرح . 7448 - حدثنا ابن وكيع , قال : ثنا أبي , عن موسى بن عبيدة , عن محمد بن كعب , قال : تهجر مضجعها ما رأيت أن تنزع , فإن لم تنزع ضربها ضربا غير مبرح . 7449 - حدثني المثنى , قال : ثنا عمرو بن عون , قال : ثنا هشيم , عن يونس , عن الحسن : واضربوهن قال : ضربا غير مبرح . * - حدثني المثنى , قال : ثنا حبان , قال : ثنا ابن المبارك , قال : أخبرنا عبد الوارث بن سعيد , عن رجل , عن الحسن , قال : ضربا غير مبرح , غير مؤثر .فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلاالقول في تأويل قوله تعالى : فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلا يعني بذلك جل ثناؤه : فإن أطعنكم أيها الناس نساؤكم اللاتي تخافون نشوزهن عند وعظكم إياهن فلا تهجروهن في المضاجع , فإن لم يطعنكم فاهجروهن في المضاجع واضربوهن , فإن راجعن طاعتكم عند ذلك وفئن إلى الواجب عليهن , فلا تطلبوا طريقا إلى أذاهن ومكروههن , ولا تلتمسوا سبيلا إلى ما لا يحل لكم من أبدانهن وأموالهن بالعلل , وذلك أن يقول أحدكم لإحداهن وهي له مطيعة : إنك لست تحبيني وأنت لي مبغضة , فيضربها على ذلك أو يؤذيها , فقال الله تعالى للرجال : فإن أطعنكم أي على بغضهن لكم فلا تجنوا عليهن , ولا تكلفوهن محبتكم , فإن ذلك ليس بأيديهن فتضربوهن أو تؤذوهن عليه. ومعنى قوله : فلا تبغوا لا تلتمسوا ولا تطلبوا , من قول القائل : بغيت الضالة : إذا التمستها , ومنه قول الشاعر في صفة الموت : بغاك وما تبغيه حتى وجدته كأنك قد واعدته أمس موعدا بمعنى : طلبك وما تطلبه. وبنحو ما قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك : 7450 - حدثنا المثنى , قال : ثنا عبد الله بن صالح , قال : ثني معاوية بن صالح , عن علي بن أبي طلحة , عن ابن عباس , في قوله : فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلا قال : إذا أطاعتك فلا تتجن عليها العلل . * - حدثنا ابن حميد , قال : حدثنا جرير , عن الحسن بن عبيد الله , عن أبي الضحى , عن ابن عباس , قال : إذا أطاعته فليس له عليها سبيل إذا ضاجعته . 7451 - حدثنا الحسن بن يحيى , قال : أخبرنا عبد الرزاق , قال : أخبرنا ابن جريج , قوله : فلا تبغوا عليهن سبيلا قال : العلل . 7452 - وقال : أخبرنا عبد الرزاق , قال : قال الثوري في قوله : فإن أطعنكم قال : إن أتت الفراش وهي تبغضه . 7453 - حدثني المثنى , قال : ثنا إسحاق , قال : ثنا يعلى , عن سفيان , قال : إذا فعلت ذلك لا يكلفها أن تحبه , لأن قلبها ليس في يديها. 7454 - حدثنا المثنى , قال : ثنا أبو حذيفة , قال : ثنا شبل , عن ابن أبي نجيح , عن مجاهد , قال : إن أطاعته فضاجعته , فإن الله يقول : فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلا 7455 - حدثنا بشر بن معاذ , قال : ثنا يزيد , قال : ثنا سعيد , عن قتادة : فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلا يقول : فإن أطاعتك فلا تبغي عليها العلل .إن الله كان عليا كبيراالقول في تأويل قوله تعالى : إن الله كان عليا كبيرا يقول : إن الله ذو علو على كل شيء , فلا تبغوا أيها الناس على أزواجكم إذا أطعنكم فيما ألزمهن الله لكم من حق سبيلا لعلو أيديكم على أيديهن , فإن الله أعلى منكم ومن كل شيء , وأعلى منكم عليهن , وأكبر منكم ومن كل شيء , وأنتم في يده وقبضته , فاتقوا الله أن تظلموهن وتبغوا عليهن سبيلا وهن لكم مطيعات , فينتصر لهن منكم ربكم الذي هو أعلى منكم ومن كل شيء , وأكبر منكم ومن كل شيء .
وَ اِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَیْنِهِمَا فَابْعَثُوْا حَكَمًا مِّنْ اَهْلِهٖ وَ حَكَمًا مِّنْ اَهْلِهَاۚ-اِنْ یُّرِیْدَاۤ اِصْلَاحًا یُّوَفِّقِ اللّٰهُ بَیْنَهُمَاؕ-اِنَّ اللّٰهَ كَانَ عَلِیْمًا خَبِیْرًا(۳۵)
اور اگر تم کو میاں بی بی کے جھگڑے کا خوف ہو (ف۱۰۶) تو ایک پنچ مرد والوں کی طرف سے بھیجو اور ایک پنچ عورت والوں کی طرف سے (ف۱۰۷) یہ دونوں اگر صلح کرانا چاہیں گے تو اللہ ان میں میل کردے گا، بیشک اللہ جاننے والا خبردار ہے (ف۱۰۸)
القول في تأويل قوله : وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا إِنْ يُرِيدَا إِصْلاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَاقال أبو جعفر: يعني بقوله جل ثناؤه " وإن خفتم شقاق بينهما "، وإن علمتم أيها الناس (62) =" شقاق بينهما "، وذلك مشاقة كل واحد منهما صاحبه، وهو إتيانه ما يشق عليه من الأمور. فأما من المرأة، فالنشوز وتركها أداء حق الله عليها الذي ألزمها الله لزوجها. وأما من الزوج، فتركُه إمساكها بالمعروف أو تسريحها بإحسان.* * *و " الشقاق " مصدر من قول القائل: " شاقَّ فلان فلانًا " = إذا أتى كل واحد منهما إلى صاحبه ما يشق عليه من الأمور =" فهو يُشاقُّه مشاقَّة وشقاقًا "، وذلك قد يكون عداوة، (63) كما:-9403 - حدثنا محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن المفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي في قوله: " وإن خفتم شقاق بينهما "، قال: إن ضربها فأبت أن ترجع وشاقَّته = يقول: عادته.* * *وإنما أضيف " الشقاق " إلى " البين "، لأن " البين " قد يكون اسمًا، كما قال جل ثناؤه: لَقَدْ تَقَطَّعَ بَيْنَكُمْ [سورة الأنعام: 94]، في قراءة من قرأ ذلك. (64)* * *وأما قوله: " فابعثوا حكمًا من أهله وحكمًا من أهلها "، فإن أهل التأويل اختلفوا في المخاطبين بهذه الآية: مَنِ المأمور ببعثة الحكمين؟ (65)فقال بعضهم: المأمور بذلك: السلطانُ الذي يرفع ذلك إليه.*ذكر من قال ذلك:9404 - حدثنا محمد بن بشار قال، حدثنا عبد الوهاب قال، حدثنا أيوب، عن سعيد بن جبير: أنه قال في المختلعة: يعظها، فإن انتهت وإلا هجرها. فإن انتهت، وإلا ضربها. فإن انتهت، وإلا رفع أمرَها إلى السلطان، فيبعث حكمًا من أهله وحكمًا من أهلها، فيقول الحكم الذي من أهلها: " يفعل بها كذا "، ويقول الحكم الذي من أهله: " تفعل به كذا ". فأيهما كان الظالم ردَّه السلطان وأخذ فوق يديه، وإن كانت ناشزًا أمره أن يَخْلع.9405 - حدثنا يحيى بن أبي طالب قال، حدثنا يزيد قال، أخبرنا جويبر، عن الضحاك: " وإن خفتم شقاق بينهما فابعثوا حكمًا من أهله وحكمًا من أهلها "، قال: بل ذلك إلى السلطان.* * *وقال آخرون: بل المأمور بذلك: الرجل والمرأة.*ذكر من قال ذلك:9406 - حدثنا محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن المفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي: " وإن خفتم شقاق بينهما فابعثوا حكمًا من أهله وحكمًا من أهلها "، إن ضربها. فإن رجعت، فإنه ليس له عليها سبيل. فإن أبت أن ترجع وشاقّته، فليبعث حكمًا من أهله، وتبعث حكمًا من أهلها.* * *ثم اختلف أهل التأويل فيما يُبعث له الحكمان، وما الذي يجوز للحكمين من الحكم بينهما، وكيف وَجْهُ بَعْثهِما بينهما؟فقال بعضهم: يبعثهما الزوجان بتوكيل منهما إياهما بالنظر بينهما. وليس لهما أن يعملا شيئًا في أمرهما إلا ما وكَّلاهما به، أو وكله كل واحد منهما بما إليه، فيعملان بما وكلهما به مَن وكلهما من الرجل والمرأة فيما يجوز توكيلهما فيه، أو توكيل من وُكل منهما في ذلك.*ذكر من قال ذلك:9407 - حدثني يعقوب بن إبراهيم قال، حدثنا ابن علية، عن أيوب، عن محمد، عن عبيدة قال: جاء رجل وامرأته بينهما شقاقٌ إلى علي رضي الله عنه، مع كل واحد منهما فِئام من الناس، (66) فقال علي رضي الله عنه: ابعثوا حكمًا من أهله وحكمًا من أهلها. ثم قال للحكمين: تدرِيان ما عليكما؟ عليكما إن رأيتما أن تجمعا أن تجمعا، وإن رأيتما أن تفرِّقا أن تفرقا، (67) قالت المرأة: رضيت بكتاب الله، بما عليَّ فيه ولي. قال الرجل: أما الفرقة فلا. فقال علي رضي الله عنه: كذبتَ والله، لا تنقلب حتى تقرَّ بمثل الذي أقرَّت به. (68)9408 - حدثنا مجاهد بن موسى قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا هشام بن حسان وعبد الله بن عون، عن محمد: أن عليَّا رضي الله عنه أتاه رجل وامرأته، ومع كل واحد منهما فئام من الناس. فأمرهما علي رضي الله عنه أن يبعثا حكمًا من أهله وحكمًا من أهلها، لينظرا. فلما دنا منه الحكمان، قال لهما علي رضي الله عنه: أتدريان ما لكما؟ لكما إن رأيتما أن تفرّقا فرقتما، وإن رأيتما أن تجمعا جمعتما = قال هشام في حديثه: فقالت المرأة: رضيت بكتاب الله لي وعليّ، فقال الرجل: أما الفرقة فلا! فقال عليّ: كذبتَ والله، حتى ترضى مثل ما رضيت به = وقال ابن عون في حديثه: كذبتَ والله، لا تبرَحُ حتى ترضى بمثل ما رضيت به. (69)9409 - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثنا هشيم قال، أخبرنا منصور وهشام، عن ابن سيرين، عن عبيدة قال: شهدت عليًّا رضي الله عنه، فذكر مثله. (70)9410 - حدثنا محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن المفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي قال: إذا هجرها في المضجع وضربها، فأبت أن ترجع وشاقّته، فليبعث حكمًا من أهله وتبعث حكمًا من أهلها. تقول المرأة لحكمها: " قد وليتك أمري، فإن أمرتني أن أرجعَ رجعت، وإن فرَّقت تفرقنا "، وتخبره بأمرها إن كانت تريد نفقة أو كرهت شيئًا من الأشياء، وتأمره أن يرفع ذلك عنها وترجع، أو تخبره أنها لا تريد الطلاق، ويبعث الرجل حكمًا من أهله يوليه أمره، ويخبره يقول له حاجته: إن كان يريدها أو لا يريد أن يطلقها، أعطاها ما سألت وزادها في النفقة، وإلا قال له: " خذ لي منها ما لها علي، وطلقها "، فيوليه أمره، فإن شاء طلق، وإن شاء أمسك. ثم يجتمع الحكمان، فيخبر كل واحد منهما ما يريد لصاحبه، ويجهد كل واحد منهما ما يريد لصاحبه. فإن اتفق الحكمان على شيء فهو جائز، إن طلَّقا وإن أمسكا. فهو قول الله: " فابعثوا حكمًا من أهله وحكمًا من أهلها إن يريدا إصلاحا يوفق الله بينهما ". فإن بعثت المرأة حكمًا وأبى الرجل أن يبعث، فإنه لا يقربها حتى يبعث حكمًا.* * *وقال آخرون: إن الذي يبعث الحكمين هو السلطان، غير أنه إنما يبعثهما ليعرفا الظالم من المظلوم منهما، ليحملهما على الواجب لكل واحد منهما قِبَل صاحبه، لا التفريق بينهما.*ذكر من قال ذلك:9411 - حدثنا محمد بن بشار قال، حدثنا عبد الأعلى قال، حدثنا سعيد، عن قتادة، عن الحسن = وهو قول قتادة = أنهما قالا إنما يبعث الحكمان ليصلحا ويشهدا على الظالم بظلمه. وأما الفرقة، فليست في أيديهما ولم يملَّكا ذلك = يعني: " وإن خفتم شقاق بينهما فابعثوا حكمًا من أهله وحكمًا من أهلها ".9412 - حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد بن زريع قال، حدثنا سعيد، عن قتادة قوله: " وإن خفتم شقاق بينهما فابعثوا حكمًا من أهله وحكمًا من أهلها "، الآية، إنما يبعث الحكمان ليصلحا. فإن أعياهما أن يصلحا، شهدا على الظالم بظلمه، وليس بأيديهما فرقة، ولا يملَّكان ذلك.9413 - حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل، عن قيس بن سعد قال: وسألت عن الحكمين، (71) قال: ابعثوا حكمًا من أهله وحكمًا من أهلها، فما حكم الحكمان من شيء فهو جائزٌ، يقول الله تبارك وتعالى: إِنْ يُرِيدَا إِصْلاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا . قال: يخلو حكم الرجل بالزوج، وحكم المرأة بالمرأة، فيقول كل واحد منهما لصاحبه: " اصدقني ما في نفسك ". فإذا صَدق كل واحد منهما صاحبه، اجتمع الحكمان، وأخذ كل واحد منهما على صاحبه ميثاقًا: " لتصدقني الذي قال لك صاحبك، ولأصدقنك الذي قال لي صاحبي"، فذاك حين أرادا الإصلاح، يوفق الله بينهما. فإذا فعلا ذلك، اطَّلع كل واحد منهما على ما أفضى به صاحبه إليه، فيعرفان عند ذلك من الظالم والناشز منهما، فأتيا عليه فحكما عليه. فإن كانت المرأة قالا " أنت الظالمة العاصية، لا ينفق عليك حتى ترجعي إلى الحق وتطيعي الله فيه ". وإن كان الرجل هو الظالم قالا " أنت الظالم المضارّ، لا تدخل لها بيتًا حتى تنفق عليها وترجع إلى الحق والعدل ". فإن أبت ذلك كانت هي الظالمةَ العاصيةَ، (72) وأخذ منها ما لها، وهو له حلال طيب. وإن كان هو الظالمَ المسيءَ إليها المضارَّ لها طلقها، ولم يحلّ له من مالها شيء. فإن أمسكها، أمسكها بما أمر الله، وأنفق عليها وأحسن إليها. (73)9414 - حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبي، عن موسى بن عبيدة، عن محمد بن كعب القرظي قال: كان علي بن أبي طالب رضي الله عنه يبعث الحكمين، حكمًا من أهله وحكمًا من أهلها. فيقول الحكم من أهلها: " يا فلان، ما تنقِم من زوجتك "؟ فيقول: " أنقِم منها كذا وكذا ". قال فيقول: " أفرأيت إن نزعَت عما تكره إلى ما تحب، هل أنت مُتقي الله فيها، ومعاشرها بالذي يحق عليك في نفقتها وكسوتها "؟ فإذا قال: " نعم "، قال الحكم من أهله: " يا فلانة ما تنقمين من زوجك فلان "؟ فيقول مثل ذلك، فإن قالت: " نعم "، جمع بينهما. قال: وقال علي رضي الله عنه: الحكمان، بهما يجمع الله وبهما يفرِّق.9415 - حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر قال، قال الحسن: الحكمان يحكمان في الاجتماع، ولا يحكمان في الفُرقة.9416 - حدثني محمد بن سعد قال، حدثني أبي قال، حدثني عمي قال: حدثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس قوله: وَاللاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ ، وهي المرأة التي تنشز على زوجها، فلزوجها أن يخلعها حين يأمر الحكمان بذلك، وهو بعد ما تقول لزوحها: " والله لا أُبرُّ لك قسمًا ولآذنَنَّ في بيتك بغير أمرك "! ويقول السلطان: " لا نجيز لك خلعًا " = حتى تقول المرأة لزوجها: " والله لا أغتسل لك من جنابة، ولا أقيم لك صلاة "! فعند ذلك يقول السلطان: " اخلع المرأة "!9417 - حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد في قوله: " واللاتي تخافون نشوزهن فعظوهن "، قال: تعظها، فإن أبت وغَلبت، فاهجرها في مضجعها. فإن غلبت هذا أيضًا، فاضربها. فإن غلبت هذا أيضًا، بُعث حكم من أهله وحكم من أهلها. فإن غلبت هذا أيضًا وأرادت غيره، فإنَّ أبِي قال = أو: كان أبي يقول (74) = ليس بيد الحكمين من الفرقة شيء، إن رأيا الظلم من ناحية الزوج قالا " أنت يا فلان ظالم، انزع "! فإن أبى، رفعا ذلك إلى السلطان. ليس إلى الحكمين من الفراق شيء.* * *وقال آخرون: بل إنما يبعث الحكمين السلطانُ، على أن حكمهما ماضٍ على الزوجين في الجمع والتفريق.*ذكر من قال ذلك:9418 - حدثني المثنى قال، حدثنا عبد الله بن صالح قال، حدثني معاوية، عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس قوله: " وإن خفتم شقاق بينهما فابعثوا حكمًا من أهله وحكمًا من أهلها "، فهذا الرجل والمرأة، إذا تفاسد الذي بينهما، فأمر الله سبحانه أن يبعثوا رجلا صالحًا من أهل الرجل، ومثله من أهل المرأة، فينظران أيهما المسيء. فإن كان الرجل هو المسيء، حَجَبوا عنه امرأته وقَصَروه على النفقة، (75) وإن كانت المرأة هي المسيئة، قصروها على زوجها، ومنعوها النفقة. فإن اجتمع رأيهما على أن يفرّقا أو يجمعا، فأمرهما جائز. فإن رأيا أن يجمعا، فرضي أحد الزوجين وكره ذلك الآخر، ثم ماتَ أحدهما، فإنّ الذي رضي يَرِث الذي كره، ولا يرث الكارهُ الراضيَ، وذلك قوله: " إن يريدا إصلاحًا "، قال: هما الحكمان =" يوفق الله بينهما ".9419 - حدثنا ابن بشار قال، حدثنا روح قال، حدثنا عوف، عن محمد بن سيرين: أن الحكم من أهلها والحكم من أهله، يفرِّقان ويجمعان إذا رأيا ذلك =" فابعثوا حكمًا من أهله وحكمًا من أهلها ".9420 - حدثني محمد بن المثنى قال، حدثنا محمد بن جعفر قال، حدثنا شعبة، عن عمرو بن مرة، قال: سألت سعيد بن جبير عن الحكمين فقال: لم أولد إذ ذاك! (76) فقلت: إنما أعني حَكم الشقاق. قال: يقبلان على الذي جاء التداري من عنده. (77) فإن فعل، وإلا أقبلا على الآخر. فإن فعل، وإلا حكما. فما حكما من شيء فهو جائز.9421 - حدثنا عبد الحميد بن بيان قال، أخبرنا محمد بن يزيد، عن إسماعيل، عن عامر في قوله: " فابعثوا حكمًا من أهله وحكمًا من أهلها "، قال: ما قضى الحكمان من شيء فهو جائز.9422 - حدثنا ابن حميد قال، حدثنا جرير، عن مغيرة، عن داود، عن إبراهيم قال: ما حكما من شيء فهو جائز. إن فرّقا بينهما بثلاث تطليقات أو تطليقتين، فهو جائز. وإن فرقا بتطليقة فهو جائز. وإن حكما عليه بجزاء بهذا من ماله، (78) فهو جائز: فإن أصلحا فهو جائز. وإن وضَعا من شيء فهو جائز.9423 - حدثنا المثنى قال، حدثنا حبان قال، أخبرنا ابن المبارك قال، حدثنا أبو جعفر، عن المغيرة، عن إبراهيم في قوله: " وإن خفتم شقاق بينهما فابعثوا حكمًا من أهله وحكمًا من أهلها "، قال: ما صنع الحكمان من شيء فهو جائز عليهما. إن طلقا ثلاثا فهو جائز عليهما. وإن طلقا واحدة وطلقاها على جُعْل، فهو جائز، (79) وما صنعا من شيء فهو جائز.9424 - حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر، عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن قال: إن شاء الحكمان أن يفرقا فرّقا. وإن شاءا أن يجمعا جمعَا.9425 - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني هشيم، عن حصين، عن الشعبي: أن امرأة نشزت على زوجها، فاختصموا إلى شريح، فقال شريح: ابعثوا حكمًا من أهله وحكمًا من أهلها. فنظر الحكمان في أمرهما، فرأيا أن يفرِّقا بينهما، فكره ذلك الرجل، فقال شريح: ففيم كانا اليوم؟ وأجاز قولهما. (80)9426 - حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر، عن ابن طاوس، عن عكرمة بن خالد، عن ابن عباس قال: بعثت أنا ومعاوية حكمين = قال معمر: بلغني أن عثمان رضي الله عنه بعثهما، وقال لهما: إن رأيتما أن تجمعا جمعتما، وإن رأيتما أن تفرِّقا فرقتما. (81)9427 - حدثني المثنى قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا روح بن عبادة قال، حدثنا ابن جريج قال، حدثني ابن أبي مليكة: أن عقيل بن أبي طالب تزوج فاطمة ابنة عتبة، فكان بينهما كلام. فجاءت عثمان فذكرت ذلك له، فأرسل ابن عباس ومعاوية، فقال ابن عباس: لأفرقنَّ بينهما! وقال معاوية: ما كنت لأفرّق بين شيخين من بني عبد مناف! فأتياهما وقد اصطلحا. (82) .9428 - حدثني يحيى بن أبي طالب قال، حدثنا يزيد قال، أخبرنا جويبر، عن الضحاك في قوله: " وإن خفتم شقاق بينهما فابعثوا حكمًا من أهله وحكمًا من أهلها "، يكونان عَدْلين عليهما وشاهدين. وذلك إذا تدارأ الرجل والمرأة وتنازعا إلى السلطان، (83) جعل عليهما حكمين: حكمًا من أهل الرجل، وحكمًا من أهل المرأة، يكونان أمينين عليهما جميعًا، وينظران مِن أيهما يكون الفساد. فإن كان من قبل المرأة، أجبرت على طاعة زوجها، وأمِرَ أن يتقي الله ويحسن صحبتها، وينفق عليها بقدر ما آتاه الله، إمساكٌ بمعروف أو تسريح بإحسان. وإن كانت الإساءة من قبل الرجل، أُمر بالإحسان إليها، فإن لم يفعل قيل له: " أعطها حقها وخَلِّ سبيلها ". وإنما يلي ذلك منهما السلطان.* * *قال أبو جعفر: وأولى الأقوال بالصواب في قوله: " فابعثوا حكمًا من أهله وحكمًا من أهلها "، أن الله خاطب المسلمين بذلك، وأمرهم ببعثة الحكمين عند خوف الشِّقاق بين الزوجين للنظر في أمرهما، ولم يخصص بالأمر بذلك بعضهم دون بعض. وقد أجمع الجميع على أن بعثة الحكمين في ذلك ليست لغير الزوجين، وغير السلطان الذي هو سائس أمر المسلمين، أو من أقامه في ذلك مقام نفسه.واختلفوا في الزوجين والسلطان، ومن المأمورُ بالبعثة في ذلك: الزوجان، أو السلطان؟ (84) ولا دلالة في الآية تدل على أن الأمر بذلك مخصوص به أحد الزوجين، ولا أثر به عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، والأمة فيه مختلفة.وإذْ كان الأمر على ما وصفنا، فأولى الأقوال في ذلك بالصواب: أن يكون مخصوصًا من الآية ما أجمع الجميع على أنه مخصوص منها. (85) وإذْ كان ذلك كذلك، فالواجب أن يكون الزوجان والسلطان ممن قد شمله حكم الآية، والأمر بقوله: " فابعثوا حكمًا من أهله وحكمًا من أهلها "، إذْ كان مختلفًا بينهما: هل هما معنيِّان بالأمر بذلك أم لا؟ = وكان ظاهر الآية قد عمهما = فالواجبُ من القول، إذ كان صحيحًا ما وصفنا، صحيحًا أن يقال (86) إن بعث الزوجان كل واحد منهما حكمًا من قبله لينظر في أمرهما، وكان كل واحد منهما قد بعثه من قبله في ذلك، لما لَه على صاحبه ولصاحبه عليه، (87) فتوكيله بذلك من وكِّل جائز له وعليه.وإن وكَّله ببعض ولم يوكله بالجميع، كان ما فعله الحكم مما وكله به صاحبه ماضيًا جائزًا على ما وكله به. وذلك أن يوكله أحدهما بما له دون ما عليه.وإن لم يوكل كل واحد من الزوجين بما له وعليه، (88) أو بما له، أو بما عليه، إلا الحكمين كليهما، (89) [لم يجز] إلا ما اجتمعا عليه، دون ما انفرد به أحدهما. (90)وإن لم يوكلهما واحد منهما بشيء، وإنما بعثاهما للنظر بينهما ، ليعرفا الظالم من المظلوم منهما، (91) ليشهدا عليهما عند السلطان إن احتاجا إلى شهادتهما = لم يكن لهما أن يُحدثا بينهما شيئًا غير ذلك من طلاق، أو أخذ مال، أو غير ذلك، ولم يلزم الزوجين ولا واحدًا منهما شيء من ذلك. (92)* * *فإن قال قائل: وما معنى الحكمين، إذ كان الأمر على ما وصفت؟قيل: قد اختلف في ذلك.فقال بعضهم: معنى " الحكم "، النظرُ العدلُ، كما قال الضحاك بن مزاحم في الخبر الذي ذكرناه، الذي:-9429 - حدثنا به يحيى بن أبي طالب، عن يزيد، عن جويبر عنه: لا أنتما قاضيان تقضيان بينهما=* * *=على السبيل التي بيَّنَّا من قوله. (93)* * *وقال آخرون: معنى ذلك: أنهما القاضيان، يقضيان بينهما ما فوَّض إليهما الزوجان.* * *قال أبو جعفر: وأي الأمرين كان، فليس لهما، ولا لواحد منهما، الحكم بينهما بالفرقة، ولا بأخذ مال إلا برضى المحكوم عليه بذلك، وإلا ما لزم من حق لأحد الزوجين على الآخر في حكم الله، وذلك ما لزم الرجلَ لزوجته من النفقة والإمساك بمعروف، إن كان هو الظالم لها.فأما غير ذلك، فليس ذلك لهما، ولا لأحد من الناس غيرهما، لا السلطان ولا غيره. وذلك أن الزوج إن كان هو الظالمَ للمرأة، فللإمام السبيلُ إلى أخذه بما يجب لها عليه من حق. وإن كانت المرأة هي الظالمةَ زوجها الناشزةَ عليه، فقد أباح الله له أخذَ الفدية منها، وجعل إليه طلاقها، على ما قد بيناه في" سورة البقرة ". (94)وإذْ كان الأمرُ كذلك، لم يكن لأحدٍ الفرقةُ بين رجل وامرأة بغير رضى الزوج، ولا أخذُ مال من المرأة بغير رضاها بإعطائه، إلا بحجة يجب التسليم لها من أصل أو قياس.وإن بعث الحكمين السلطانُ، فلا يجوز لهما أن يحكما بين الزوجين بفرقة إلا بتوكيل الزوج إياهما بذلك، (95) ولا لهما أن يحكما بأخذ مال من المرأة إلا برضى المرأة. يدل على ذلك ما قد بيناه قبلُ من فعل علي بن أبي طالب رضي الله عنه بذلك، والقائلين بقوله. (96) ولكن لهما أن يصلحا بين الزوجين، ويتعرفا الظالم منهما من المظلوم، ليشهدا عليه إن احتاج المظلوم منهما إلى شهادتهما.وإنما قلنا: " ليس لهما التفريق "، للعلة التي ذكرناها آنفًا. وإنما يبعث السلطانُ الحكمين إذا بعثهما، إذا ارتفع إليه الزوجان، فشكا كل واحد منهما صاحبه، وأشكلَ عليه المحقّ منهما من المبطل. لأنه إذا لم يشكل المحق من المبطل، فلا وجه لبعثه الحكمين في أمر قد عرف الحكم فيه.* * *القول في تأويل قوله : إِنْ يُرِيدَا إِصْلاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَاقال أبو جعفر: يعني بقوله جل ثناؤه: " إن يريدا إصلاحًا "، إن يرد الحكمان إصلاحًا بين الرجل والمرأة = أعني: بين الزوجين المخوف شقاقُ بينهما = يقول: " يوفق الله " بين الحكمين فيتفقا على الإصلاح بينهما. وذلك إذا صدق كل واحد منهما فيما أفضى إليه: مَنْ بُعِثَ للنظر في أمر الزوجين.* * *وبنحو ما قلنا في ذلك قال أهل التأويل.*ذكر من قال ذلك:9430 - حدثنا ابن بشار قال، حدثنا يحيى، عن سفيان، عن أبي هاشم، عن مجاهد في قوله: " إن يريدا إصلاحًا "، قال: أمَا إنه ليس بالرجل والمرأة، ولكنه الحكمان.9431 - حدثنا ابن حميد قال، حدثنا حكام، عن عمرو، عن عطاء، عن سعيد بن جبير: " إن يريدا إصلاحًا يوفق الله بينهما "، قال: هما الحكمان، إن يريدا إصلاحًا يوفق الله بينهما.9432 - حدثنا المثنى قال، حدثنا عبد الله بن صالح قال، حدثني معاوية، عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس قوله: " إن يريدا إصلاحًا يوفق الله بينهما "، وذلك الحكمان، وكذلك كل مصلح يوفقه الله للحق والصواب.9433 - حدثنا محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن المفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي: " إن يريدا إصلاحًا يوفق الله بينهما "، يعني بذلك الحكمين.9434 - حدثنا ابن حميد قال، حدثنا جرير، عن عطاء بن السائب، عن سعيد بن جبير: " إن يريدا إصلاحًا "، قال: إن يرد الحكمان إصلاحًا أصلحا.9435 - حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا الثوري، عن أبي هاشم، عن مجاهد: " إن يريدا إصلاحًا يوفق الله بينهما "، يوفق الله بين الحكمين.9436 - حدثني يحيى بن أبي طالب قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا جويبر، عن الضحاك قوله: " إن يريدا إصلاحًا "، قال: هما الحكمان إذا نصحا المرأةَ والرجلَ جميعًا.* * *القول في تأويل قوله : إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا خَبِيرًا (35)قال أبو جعفر: يعني جل ثناؤه: " إنّ الله كان عليمًا "، بما أراد الحكمان من إصلاح بين الزوجين وغيره =" خبيرًا "، بذلك وبغيره من أمورهما وأمور غيرهما، (97) لا يخفى عليه شيء منه، حافظ عليهم، حتى يجازي كلا منهم جزاءه، بالإحسان إحسانًا، وبالإساءة غفرانًا أو عقابًا.------------------------------الهوامش :(62) انظر تفسير"الخوف" بمعنى العلم فيما سلف قريبًا ص: 298 ، تعليق: 2 ، والمراجع هناك.(63) انظر تفسير"الشقاق" فيما سلف 3: 115 ، 116 ، 336.(64) هذه القراءة برفع"بينكم" ، بمعنى: وصلكم الذي يصل بينكم.(65) في المطبوعة: "ببعثه الحكمين" ، وهو خطأ في قراءة المخطوطة ، وهي غير منقوطة.(66) "الفئام": الجماعة الكثيرة.(67) في المخطوطة: "فابعثوا حكمًا من أهله وحكمًا من أهلها ، إن رأيتما أن تجمعا ، وإن رأيتما أن تفرقا أن تفرقا" ، سقط من الكلام ما ثبت في المخطوطة ، وهو نص ما في المراجع التي سأذكرها بعد.(68) الأثر: 9407 - رواه الشافعي في الأم 5: 177 من طريق عبد الوهاب بن عبد المجيد الثقفي ، عن أيوب بن أبي تميمة ، بمثله سواء. وأخرجه البيهقي في السنن الكبرى 7: 305 ، 306. وقال الشافعي: "حديث علي ثابت عندنا".(69) الأثران: 9408 ، 9409 - أخرجه البيهقي في السنن 7: 306 ، مختصرًا.(70) الأثران: 9408 ، 9409 - أخرجه البيهقي في السنن 7: 306 ، مختصرًا.(71) في المطبوعة: "سألت عن الحكمين" ، وأثبت ما في المخطوطة ، وهو صواب ، فالظاهر أنه بعض خبر ، لا بدء خبر ، وانظر التعليق رقم: 3.(72) في المطبوعة: "وترجع إلى الحق والعدل ، فإن كانت هي الظالمة العاصية أخذ..." ، وفسد الكلام: وفي المخطوطة: "وترجع إلى الحق والعدل ما دامت ذلك كانت هي الظالمة العاصية وأخذ..." ، وهو تحريف من الناسخ ، وصواب قراءتها"فإن أبت ذلك" كما أثبتها. والصواب أيضًا إثبات الواو في"وأخذ" ، لا حذفها ، كما في المطبوعة.(73) الأثر: 9413 -"قيس بن سعد المكي" مولى نافع بن علقمة ، روى عن طاوس ، وعطاء ، ومجاهد ، وسعيد بن جبير. ثقة. مترجم في التهذيب.وكان هذا الإسناد في المطبوعة: "قال حدثنا شبل ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، عن قيس بن سعد" ، وكان في المخطوطة مثله ، إلا أن وضع بعد"شبل" إلى أعلى: "لا" وبعد"مجاهد" إلى أعلى"إلى" ، وذلك من إشاراتهم إلى حذف ما بينهما ، استغنوا بذلك عن الضرب عليه بالقلم. فلم يعرف الناشر قاعدتهم في الكتابة والحذوف ، فأثبت ما حقه الحذف. و"قيس بن سعد" كما ترى يروي عن مجاهد ، وليس مجاهد ممن يروي عنه. وهذا الخبر ، كأنه مما سأل عنه قيس بن سعد مجاهدًا أو عطاء ، كما مر في بعض أسانيده السالفة ، التي غاب عني مكانها اليوم.(74) في المطبوعة: "فإن أبي كان يقول" ، وفي المخطوطة: "فإن أبي قال وكان أبي يقول" والصواب ما في المخطوطة ، إلا قوله"وكان أبي يقول" ، فصوابه"أو: كان أبي يقول" ، وقائل هذه الجملة هو: عبد الله بن زيد أسلم = وأبوه هو: زيد بن أسلم.(75) "قصره على الشيء" حبسه عليه ، وألزمه إياه ، إجبارًا وقهرًا ، وفي الحديث: "لتقصرنه على الحق قصرًا" ، أي: قهرًا وغلبة ، وهو من"القسر" ، وأبدلت السين صادًا ، وهما يتبادلان في كثير من الكلام.(76) ذهب سعيد بن جبير حين سأله عمرو بن مرة عن"الحكمين" ، إلى أنه عنى الحكمين في أمر علي ومعاوية رضي الله عنهما ، واجتماعهما بدومة الجندل سنة 37 من الهجرة. فلذلك قال: "لم أولد إذ ذاك" ، لأن سعيد بن جبير رحمه الله قتله الحجاج سنة 95 ، وهو ابن تسع وأربعين سنة ، كأنه ولد سنة 46 من الهجرة ، بعد التحكيم. وروي أن سعيد بن جبير دعا ابنه حين دعي ليقتل ، فجعل ابنه يبكي ، فقال: ما يبكيك؟ ما بقاء أبيك بعد سبع وخمسين سنة؟ = فكأنه ولد - على هذه الرواية سنة 38 من الهجرة ، وذلك أيضًا بعد تحكيم الحكمين.(77) في المطبوعة: "الذي جاء الأذى من عنده" لم يحسن قراءة المخطوطة ، لأنها غير منقوطة. وهو من"التدارؤ" ، ترك همزه ، "تدارأ الرجلان" ، أي تشاغبا وخالف أحدهما صاحبه. وفي قول بعض الحكماء: "لا تتعلموا العلم لثلاث ، ولا تتركوه لثلاث: لا تتعلموه للتداري ، ولا للتماري ، ولا للتباهي = ولا تدعوه رغبة عنه ، ولا رضًا بالجهل ، ولا استحياء من الفعل له". وعنى بقوله: "التداري" هنا الخصومة والتداعي. وانظر الأثر التالي رقم: 9428.(78) في المطبوعة: "بهذا من ماله" ، وهي في المخطوطة غير منقوطة ، وليس لها معنى هنا. ورجحت أن صوابها"بجزاء" ، لأنه سيأتي في الأثر التالي: "أو طلقاها على جعل" و"الجعل" (بضم فسكون) ، وهو المال المعطى على شيء ، أجرًا كان أو غيره. و"الجزاء" البدل ، فكأنه يعطي لها بدلا مما لقيت من إساءته ، وعقوبة للمسيء.(79) انظر التعليق السالف.(80) الأثر: 9425 - أخرجه البيهقي في السنن الكبرى 7: 306.(81) الأثر: 9426 - أخرجه البيهقي في السنن الكبرى 7: 306(82) الأثر: 9427 - رواه الشافعي في الأم 5: 177 ، 178 من طريق مسلم بن خالد ، عن ابن جريج ، وخرجه البيهقي في السنن 7: 306.(83) انظر تفسير"تدارأ" فيما سلف ص: 326 ، تعليق: 2.(84) في المخطوطة: "الزوجين أو السلطان" ، وهو خطأ ظاهر.(85) في المخطوطة والمطبوعة: "من أجمع الجميع" ، وهو خطأ ظاهر ، وفساد ، والصواب ما أثبت.(86) في المطبوعة حذف"صحيحًا" هذه الثانية ، مع أنها مستقيمة لا ضير منها.(87) في المطبوعة: "وكان لكل واحد منهما ممن بعثه من قبله في ذلك طاقة على صاحبه ولصاحبه عليه" ، وهو كلام لا يستقيم البتة. وفي المخطوطة: "وكان كل واحد منهما من بعثه من قبله في ذلك لماقه على صاحبه ، ولصاحبه عليه" ، وظاهر أن قوله"من بعثه" هي: "قد بعثه" وأما قوله: "في ذلك لماقه" فإني رجحت أن صوابها"في ذلك لما له" ، وكأنه عنى أنه قد أرسله مملكًا في جميع أمره ، في جميع ماله على صاحبه ، ولصاحبه عليه. واستأنست في ذلك بالجزء التالي من هذا الكلام.(88) في المطبوعة: "أو لم يوكل واحد من الزوجين" مكان ما في المخطوطة: "وإن لم يوكل" وهو تصرف معيب ، فإنه أفسد الكلام ، وزادها خلطًا على خلط.(89) في المطبوعة: "فليس للحكمين..." مكان ما في المطبوعة: "إلا الحكمين" ، وزاد الكلام اضطرابًا.(90) الذي بين القوسين ، ظاهر جدًا أنه سقط من الناسخ ، هو أو ما في معناه. وبهذا استقامت هذه العبارة التي اقتضت من الجهد ما كنا في غنى عنه ، لو صحح الناسخ كتابته.(91) في المطبوعة ، حذف قوله: "بينهما".(92) في المخطوطة: "لم يلزم" بحذف الواو ، والصواب ما في المطبوعة.(93) قوله: "على السبيل التي بينا من قوله" ، هذا من كلام الطبري ، تعليقًا على سائر كلامه السالف. وعنى بذلك قول الضحاك الذي ذكره آنفًا برقم: 9428. ولو ترك هذا السياق بغير فواصل ، لما استطاع أن يفهمه إلا المصابر على المشقات.(94) انظر ما سلف 4: 549-583.(95) في المطبوعة والمخطوطة: "ولا يجوز لهما" بالواو ، والصواب بالفاء.(96) انظر الآثار السالفة من 9407-9409.(97) انظر تفسير"الخبير" فيما سلف 1: 496 / 5: 94 ، 586.
وَ اعْبُدُوا اللّٰهَ وَ لَا تُشْرِكُوْا بِهٖ شَیْــٴًـا وَّ بِالْوَالِدَیْنِ اِحْسَانًا وَّ بِذِی الْقُرْبٰى وَ الْیَتٰمٰى وَ الْمَسٰكِیْنِ وَ الْجَارِ ذِی الْقُرْبٰى وَ الْجَارِ الْجُنُبِ وَ الصَّاحِبِ بِالْجَنْۢبِ وَ ابْنِ السَّبِیْلِۙ-وَ مَا مَلَكَتْ اَیْمَانُكُمْؕ-اِنَّ اللّٰهَ لَا یُحِبُّ مَنْ كَانَ مُخْتَالًا فَخُوْرَاۙﰳ (۳۶)
اور اللہ کی بندگی کرو اور اس کا شریک کسی کو نہ ٹھہراؤ (ف۱۰۹) اور ماں باپ سے بھلائی کرو (ف۱۱۰) اور رشتہ داروں (ف۱۱۱) اور یتیموں اور محتاجوں (ف۱۱۲) اور پاس کے ہمسائے اور دور کے ہمسائے (ف۱۱۳) اور کروٹ کے ساتھی (ف۱۱۴) اور راہ گیر (ف۱۱۵) اور اپنی باندی غلام سے (ف۱۱۶) بیشک اللہ کو خوش نہیں آتا کوئی اترانے والے بڑائی مارنے والا (ف۱۱۷)
القول في تأويل قوله جل ذكره : وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِقال أبو جعفر: يعني بذلك جل ثناؤه: وذِلُّوا لله بالطاعة، واخضعوا له بها، وأفردوه بالربوبية، وأخلصوا له الخضوع والذلة، بالانتهاء إلى أمره، والانزجار عن نهيه، ولا تجعلوا له في الربوبية والعبادة شريكًا تعظمونه تعظيمكم إياه. (98)=" وبالوالدين إحسانًا "، يقول: وأمركم بالوالدين إحسانًا = يعني برًّا بهما = ولذلك نصب " الإحسان "، لأنه أمر منه جل ثناؤه بلزوم الإحسان إلى الوالدين، على وجه الإغراء. (99)* * *وقد قال بعضهم: معناه: " واستوصوا بالوالدين إحسانًا "، وهو قريب المعنى مما قلناه.* * *وأما قوله: " وبذي القربى "، فإنه يعني: وأمرَ أيضًا بذي القربى = وهم ذوو قرابة أحدنا من قبل أبيه أو أمه، ممن قربت منه قرابته برحمه من أحد الطرفين (100) إحسانًا بصلة رحمه.* * *وأما قوله: " واليتامى "، فإنهم جمع " يتيم "، وهو الطفل الذي قد مات والده وهلك. (101)* * *=" والمساكين " وهو جمع " مسكين "، وهو الذي قد ركبه ذل الفاقة والحاجة، فتمسكن لذلك. (102)* * *يقول تعالى ذكره: استوصوا بهؤلاء إحسانًا إليهم، وتعطفوا عليهم، والزموا وصيتي في الإحسان إليهم.* * *القول في تأويل قوله : وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَىقال أبو جعفر: اختلف أهل التأويل في تأويل ذلك. فقال بعضهم: معنى ذلك: والجار ذي القرابة والرحم منك.*ذكر من قال ذلك:9437 - حدثني المثنى قال، حدثنا عبد الله بن صالح قال، حدثني معاوية، عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس قوله: " والجار ذي القربى "، يعني: الذي بينك وبينه قرابة.9438 - حدثني محمد بن سعد قال، حدثني أبي قال، حدثني عمي قال، حدثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس: " والجار ذي القربى "، يعني: ذا الرَّحم.9439 - حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر، عن قتادة وابن أبي نجيح، عن مجاهد قوله: " والجار ذي القربى "، قال: جارك، هو ذو قرابتك.9440 - حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبي، عن إسرائيل، عن جابر، عن عكرمة ومجاهد في قوله: " والجار ذي القربى "، قالا القرابة.9441 - حدثني المثنى قال، حدثنا عمرو بن عون قال، حدثنا هشيم، عن جويبر، عن الضحاك في قوله: " والجار ذي القربى "، قال: جارك الذي بينك وبينه قرابة.9442 - حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: " والجار ذي القربى "، جارك ذو القرابة.9443 - حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة: " والجار ذي القربى "، إذا كان له جار له رحم، فله حقَّان اثنان: حق القرابة، وحق الجار.9444 - حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد في قوله: " والجار ذي القربى "، قال: الجار ذو القربى، ذو قرابتك.* * *وقال آخرون: بل هو جارُ ذي قرابتك.*ذكر من قال ذلك:9445 - حدثنا عبد الرحمن قال، حدثنا جرير، عن ليث، عن ميمون بن مهران في قوله: " والجار ذي القربى " قال: الرجل يتوسل إليك بجوار ذي قرابتك.* * *قال أبو جعفر: وهذا القول قولٌ مخالفٌ المعروفَ من كلام العرب. وذلك أن الموصوف بأنه " ذو القرابة " في قوله: " والجار ذي القربى "،" الجار " دون غيره. فجعله قائل هذه المقالة جار ذي القرابة. ولو كان معنى الكلام كما قال ميمون بن مهران لقيل: " وجار ذي القربى "، ولم يُقَل: " والجار ذي القربى ". فكان يكون حينئذ = إذا أضيف " الجار " إلى " ذي القرابة " = الوصية ببرّ جار ذي القرابة، (103) دون الجار ذي القربى. وأما و " الجار " بالألف واللام، فغير جائز أن يكوى " ذي القربى " إلا من صفة " الجار ". وإذا كان ذلك كذلك، كانت الوصية من الله في قوله: " والجار ذي القربى " ببرّ الجار ذي القربى، (104) دون جار ذي القرابة. وكان بينًا خطأ ما قال ميمون بن مهران في ذلك.* * *وقال آخرون: معنى ذلك: والجار ذي القربى منكم بالإسلام.*ذكر من قال ذلك:9446 - حدثني محمد بن عمارة الأسدي قال، حدثنا عبيد الله بن موسى قال، حدثنا سفيان عن أبي إسحاق، عن نَوْف الشامي: " والجار ذي القربى "، المسلم. (105)* * *قال أبو جعفر: وهذا أيضًا مما لا معنى له. وذلك أن تأويل كتاب الله تبارك وتعالى، غير جائز صرفه إلا إلى الأغلب من كلام العرب الذين نزل بلسانهم القرآن، المعروفِ فيهم، (106) دون الأنكر الذي لا تتعارفه، إلا أن يقوم بخلاف ذلك حجة يجب التسليم لها. وإذا كان ذلك كذلك = وكان معلومًا أن المتعارف من كلام العرب إذا قيل: " فلان ذو قرابة "، إنما يعني به: إنه قريب الرحم منه، دون القرب بالدين = كان صرفه إلى القرابة بالرحم، أولى من صرفه إلى القرب بالدين.* * *القول في تأويل قوله : وَالْجَارِ الْجُنُبِقال أبو جعفر: اختلف أهل التأويل في تأويل ذلك. فقال بعضهم: معنى ذلك: والجار البعيد الذي لا قرابة بينك وبينه.*ذكر من قال ذلك:9447 - حدثني المثنى قال، حدثنا أبو صالح قال، حدثني معاوية، عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس: " والجار الجنب "، الذي ليس بينك وبينه قرابة.9448 - حدثني محمد بن سعد قال، حدثني أبي قال، حدثني عمي قال، حدثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس: " والجار الجنب "، يعني: الجار من قوم جنب.9449 - حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة: " والجار الجنب "، الذي ليس بينهما قرابة، وهو جار، فله حق الجوار.9450 - حدثنا محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن المفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي: " والجار الجنب "، الجار الغريب يكون من القوم.9451 - حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر، عن قتادة وابن أبي نجيح، عن مجاهد: " والجار الجنب "، جارك من قوم آخرين.9452 - حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: " والجار الجنب "، جارك لا قرابة بينك وبينه، البعيد في النسب وهو جار.9453 - حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبي، عن إسرائيل، عن جابر، عن عكرمة ومجاهد في قوله: " والجار الجنب "، قال: المجانب.9454 - حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد في قوله: " والجار الجنب "، الذي ليس بينك وبينه رَحمٌ ولا قرابة. (107)9455 - حدثني يحيى بن أبي طالب قال، حدثنا يزيد قال، أخبرنا جويبر، عن الضحاك: " والجار الجنب "، قال: من قوم آخرين.* * *وقال آخرون: هو الجار المشرك.*ذكر من قال ذلك:9456 - حدثني محمد بن عمارة الأسدي قال، حدثنا عبيد الله بن موسى قال، حدثنا سفيان، عن أبي إسحاق، عن نوف الشامي: " والجار الجنب "، قال: اليهوديّ والنصرانيّ. (108)* * *قال أبو جعفر: وأولى القولين في ذلك بالصواب، قول من قال: " معنى، الجنب، في هذا الموضع: الغريبُ البعيد، مسلمًا كان أو مشركًا، يهوديًا كان أو نصرانيًا "، لما بينا قبل من أن " الجار ذي القربى "، هو الجار ذو القرابة والرحم. والواجب أن يكون " الجار ذو الجنابة "، الجار البعيد، ليكون ذلك وصية بجميع أصناف الجيران قريبهم وبعيدهم.* * *وبعد، فإن " الجُنب "، في كلام العرب: البعيد، كما قال أعشى بني قيس:أَتَيْتُ حُرَيْثًا زَائِرًا عَنْ جَنَابَةٍفَكانَ حُرَيْثٌ فِي عَطَائِي جَامِدَا (109)يعني بقوله: " عن جنابة "، عن بعد وغُربة. ومنه، قيل: " اجتنب فلان فلانًا "، إذا بعد منه =" وتجنّبه "، و " جنَّبه خيره "، إذا منعه إياه. (110) ومنه قيل للجنب: " جُنُب "، لاعتزاله الصلاة حتى يغتسل.فمعنى ذلك: والجار المجانب للقرابة.* * *القول في تأويل قوله تعالى : وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِقال أبو جعفر: اختلف أهل التأويل في المعنيّ بذلك.فقال بعضهم: هو رفيق الرجل في سَفره.*ذكر من قال ذلك:9457 - حدثني المثنى قال، حدثنا عبد الله بن صالح قال، حدثني معاوية، عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس: " والصاحب بالجنب "، الرفيق.9458 - حدثنا ابن بشار قال، حدثنا يحيى وعبد الرحمن قالا حدثنا سفيان، عن أبي بكير قال: سمعت سعيد بن جبير يقول: " والصاحب بالجنب "، الرفيق في السفر. (111)9459 - حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر، عن قتادة وابن أبي نجيح، عن مجاهد في قوله: " والصاحب بالجنب "، صاحبك في السفر.9460 - حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة: " والصاحب بالجنب "، وهو الرفيق في السفر.9461 - حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: " والصاحب بالجنب "، الرفيق في السفر، منزله منزلك، وطعامه طعامك، ومسيره مسيرك.9462 - حدثنا سفيان قال، حدثنا أبي، عن إسرائيل، عن جابر، عن عكرمة ومجاهد: " والصاحب بالجنب "، قالا الرفيق في السفر.9463 - حدثني المثنى قال، حدثنا الحماني قال، حدثنا شريك، عن جابر، عن عامر، عن علي وعبد الله قالا " الصاحب بالجنب "، الرفيق الصالح.9464 - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج قال، أخبرني سليم، عن مجاهد قال: " الصاحب بالجنب "، رفيقك في السفر، الذي يأتيك ويده مع يدك.9465 - حدثني المثنى قال، حدثنا سويد بن نصر قال، أخبرنا ابن المبارك، قراءة على ابن جريج قال، أخبرنا سليم: أنه سمع مجاهدًا يقول: " والصاحب بالجنب "، فذكر مثله.9466 - حدثنا محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن المفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي: " والصاحب بالجنب "، الصاحب في السفر.9467 - حدثني المثنى قال، حدثنا أبو دكين قال، حدثنا سفيان، عن أبي بكير، عن سعيد بن جبير،" والصاحب بالجنب "، الرفيق الصالح.9468 - حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا الثوري، عن أبي بكير، عن سعيد بن جبير مثله.9469 - حدثني المثنى قال، حدثنا عمرو بن عون قال، أخبرنا هشيم، عن جويبر، عن الضحاك في قوله: " والصاحب بالجنب "، قال: الرفيق في السفر.9470 - حدثني يحيى بن أبي طالب قال، حدثنا يزيد قال، أخبرنا جويبر، عن الضحاك مثله.* * *وقال آخرون: بل هو امرأة الرجل التي تكون معه إلى جنبه.*ذكر من قال ذلك:9471- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبي، عن سفيان، عن جابر، عن عامر = أو القاسم = عن علي وعبد الله رضوان الله عليهما: " والصاحب بالجنب "، قالا هي المرأة. (112)9472 - حدثني المثنى قال، حدثنا عمرو بن عون قال، حدثنا هشيم، عن بعض أصحابه، عن جابر، عن علي وعبد الله مثله.9473 - حدثني محمد بن سعد قال، حدثني أبي قال، حدثني عمي قال، حدثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس: " والصاحب بالجنب "، يعني: الذي معك في منزلك.9474 - حدثنا محمد بن المثنى قال، حدثنا محمد بن جعفر قال، حدثنا شعبة، عن هلال، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى: أنه قال في هذه الآية: " والصاحب بالجنب "، قال: هي المرأة.9475 - حدثنا ابن بشار قال: حدثنا عبد الرحمن قال، حدثنا سفيان، عن أبي الهيثم، عن إبراهيم: " والصاحب بالجنب "، قال: المرأة.9476 - حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، قال الثوري، قال أبو الهيثم، عن إبراهيم: هي المرأة.9477 - حدثني المثنى قال، حدثنا أبو نعيم قال، حدثنا سفيان، عن أبي الهيثم، عن إبراهيم مثله.9478 - حدثني المثنى قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا أبو معاوية، عن محمد بن سوقة، عن أبي الهيثم، عن إبراهيم مثله.9479 - حدثني عمرو بن بَيْذَق قال، حدثنا مروان بن معاوية، عن محمد بن سوقة، عن أبي الهيثم، عن إبراهيم مثله. (113)* * *وقال آخرون: هو الذي يلزمك ويصحبك رَجاء نفعك.*ذكر من قال ذلك:9480 - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج قال، قال ابن عباس: " الصاحب بالجنب "، الملازم = وقال أيضًا: رفيقك الذي يرافقك.9481 - حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال: قال ابن زيد: " والصاحب بالجنب "، الذي يلصق بك، وهو إلى جنبك، ويكون معك إلى جنبك رجاءَ خيرك ونفعك.* * *قال أبو جعفر: والصواب من القول في تأويل ذلك عندي: أن معنى: " الصاحب بالجنب "، الصاحب إلى الجنب، كما يقال: " فلان بجَنب فلان، وإلى جنبه "، وهو من قولهم: " جَنَب فلانٌ فلانًا فهو يجنُبُه جَنْبًا "، إذا كان لجنبه. (114) ومن ذلك: " جَنَب الخيل "، إذا قاد بعضها إلى جنب بعض. وقد يدخل في هذا: الرفيقُ في السفر، والمرأة، والمنقطع إلى الرجل الذي يلازمه رجاءَ نفعه، لأن كلهم بجنب الذي هو معه وقريبٌ منه. وقد أوصى الله تعالى بجميعهم، لوجوب حق الصاحب على المصحوب، وقد:-9482 - حدثنا سهل بن موسى الرازي قال، حدثنا ابن أبي فديك، عن فلان بن عبد الله، عن الثقة عنده: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان معه رجل من أصحابه وهما على راحلتين، فدخل النبي صلى الله عليه وسلم وسلم في غَيْضِة طرفاء، (115) فقطع قَصِيلين، أحدهما معوجٌّ، والآخر معتدل، (116) فخرج بهما، &; 8-345 &; فأعطى صاحبه المعتدل، وأخذ لنفسه المعوج، فقال الرجل: يا رسول الله، بأبي أنت وأمي، أنت أحق بالمعتدل مني! فقال: " كلا يا فلان، إن كل صاحب يصحب صاحبًا، مسئول عن صحابته ولو ساعة من نهار. (117)9483 - حدثني المثنى قال، حدثنا سويد بن نصر قال، أخبرنا ابن المبارك، عن حيوة قال، حدثني شرحبيل بن شريك، عن أبي عبد الرحمن الحُبُليّ، عن عبد الله بن عمرو، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن خير الأصحاب عند الله تبارك وتعالى، خيرهم لصاحبه. وخير الجيران عند الله خيرهم لجاره. (118)* * *قال أبو جعفر: فإذ كان " الصاحب بالجنب "، محتملا معناه ما ذكرناه: (119) من أن يكون داخلا فيه كل من جَنَب رجلا بصحبةٍ في سفر، (120) أو نكاح، أو انقطاع إليه واتصال به = (121) ولم يكن الله جل ثناؤه خصّ بعضَهم مما احتمله ظاهر التنزيل &; 8-346 &; = (122) فالصواب أن يقال: جميعهم معنيّون بذلك، وكلهم قد أوصى الله بالإحسان إليه. (123)* * *القول في تأويل قوله : وَابْنِ السَّبِيلِقال أبو جعفر: اختلف أهل التأويل في تأويل ذلك. فقال بعضهم: " ابن السبيل "، هو المسافر الذي يجتاز مارًا.*ذكر من قال ذلك:9484 - حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر، عن قتادة = وابن أبي نجيح، عن مجاهد: " وابن السبيل "، هو الذي يمر عليك وهو مسافر.9484م - حدثني المثنى قال، حدثنا سويد بن نصر قال، أخبرنا ابن المبارك، عن معمر، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد وقتادة مثله.9485 - حدثني المثنى قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا ابن أبي جعفر، عن أبيه، عن الربيع في قوله: " وابن السبيل "، قال: هو المارُّ عليك، وإن كان في الأصل غنيًّا.* * *وقال آخرون: هو الضيف.*ذكر من قال ذلك:9486 - حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد في قوله: " وابن السبيل "، قال: الضيف، له حق في السفر والحضر.9487 - حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة: " وابن السبيل "، وهو الضيف.9488 - حدثني المثنى قال، حدثنا عمرو بن عون قال، أخبرنا هشيم، عن جويبر، عن الضحاك: " وابن السبيل "، قال: الضيف.9489 - حدثنا يحيى بن أبي طالب قال، حدثنا يزيد قال، أخبرنا جويبر، عن الضحاك مثله.* * *قال أبو جعفر: والصواب من القول في ذلك: أن " ابن السبيل "، هو صاحب الطريق = و " السبيل ": هو الطريق، وابنه: صاحبه الضاربُ فيه (124) = فله الحق على من مرّ به محتاجًا منقطَعًا به، إذا كان سفره في غير معصية الله، أن يعينه إن احتاج إلى معونة، ويضيفه إن احتاج إلى ضيافة، وأن يحمله إن احتاج إلى حُمْلان. (125)* * *القول في تأويل قوله : وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْقال أبو جعفر: يعني بذلك جل ثناؤه: والذين ملكتموهم من أرقائكم = فأضاف " الملك " إلى " اليمين "، كما يقال: " تكلم فوك "، و " مشَتْ رجلك "، و " بطشت يدك "، بمعنى: تكلمتَ، ومشيتَ، وبطشتَ. غير أن ما وصف به كل عضو من ذلك، فإنما أضيف إليه ما وُصف به (126) لأنه بذلك يكون، في المتعارف في الناس، دون سائر جوارح الجسد. فكان معلومًا = بوصف ذلك العضو بما وصف به من ذلك = المعنى المراد من الكلام. فكذلك قوله: " وما ملكت أيمانكم "، لأن مماليك أحدنا تحت يديه، (127) إنما يَطعم ما تُناوله أيماننا، ويكتسي ما تكسوه، (128) وتصرِّفه فيما أحبَّ صرفه فيه بها. فأضيف ملكهم إلى " الأيمان " لذلك.* * *وبنحو ما قلنا في ذلك قال أهل التأويل.*ذكر من قال ذلك:9490 - حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: " وما ملكت أيمانكم "، ممّا خوّلك الله. كل هذا أوصى الله به.* * *قال أبو جعفر: وإنما يعني مجاهد بقوله: " كل هذا أوصى الله به "، الوالدين، وذا القربى، واليتامى، والمساكين، والجار ذا القربى، والجار الجنب، والصاحب بالجنب، وابن السبيل. فأوصى ربنا جل جلاله بجميع هؤلاء عبادَه إحسانًا إليهم، وأمر خلقه بالمحافظة على وصيته فيهم. فحقٌّ على عباده حفظ وصية الله فيهم، ثم حفظ وصية رسوله صلى الله عليه.* * *القول في تأويل قوله : إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ مَنْ كَانَ مُخْتَالا فَخُورًا (36)قال أبو جعفر: يعني بقوله جل ثناؤه: " إن الله لا يحبّ من كان مختالا "، إن الله لا يحب من كان ذا خُيَلاء.و " المختال: " المفتعل "، من قولك: " خال الرجل فهو يخول خَوْلا وخَالا "، (129) ومنه قول الشاعر: (130)فَإنْ كُنْتَ سَيِّدَنَا سُدْتَنَاوإنْ كُنْتَ لِلْخَالِ فَاذْهَبْ فَخُلْ (131)ومنه قول العجاج:وَالْخَالُ ثَوْبٌ مِنْ ثِيَابِ الْجُهَّالْ (132)وأما " الفخور "، فهو المفتخر على عباد الله بما أنعم الله عليه من آلائه، وبسط له من فضله، ولا يحمده على ما أتاه من طَوْله، ولكنه به مختال مستكبر، وعلى غيره به مُسْتطيل مفتخر. كما:-9491 - حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: " إن الله لا يحب من كان مختالا "، قال: متكبرًا، =" فخورا "، قال: يعدّ ما أُعطي، وهو لا يشكر الله.9492 - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثنا محمد بن كثير، عن عبد الله بن واقد أبي رجاء الهرويّ قال: لا تجد سيِّئ الملِكة إلا وجدته مختالا فخورًا. (133) وتلا " وما ملكت أيمانكم إن الله لا يحب من كان مختالا فخورًا " = ولا عاقًّا إلا وجدته جبارًا شقيًا. وتلا وَبَرًّا بِوَالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّارًا شَقِيًّا [سورة مريم: 32]---------------------الهوامش :(98) انظر تفسير"عبد" فيما سلف 1: 160 ، 161 ، 362 / 3: 120 ، 317 / 6: 488.(99) انظر تفسير"وبالوالدين إحسانًا" فيما سلف 2: 290-292.(100) انظر تفسير"ذي القربى" فيما سلف 2: 292 / 3: 344.(101) انظر تفسير"اليتامى" فيما سلف 2: 292 / 3: 345 / 4: 295 / 7: 524 ، 541.(102) انظر تفسير"المساكين" فيما سلف 2: 137 ، 293 / 3: 345 / 4: 295 / 7: 116.(103) في المخطوطة والمطبوعة: "الوصية بين جار ذي القرابة" ، وهو كلام لا معنى له ، وهو تصحيف وتحريف ، صوابه ما أثبت.(104) في المخطوطة والمطبوعة هنا أيضًا: "بين الجار ذي القربى" ، وهو خطأ وتصحيف كما أسلفت.(105) الأثر: 9446 -"نوف الشامي" ، هو: نوف بن فضالة الحميري البكالي ، مضت ترجمته برقم: 3965 ، وسيأتي في رقم: 9456.(106) "المعروف" بالكسر ، صفة لقوله: "إلى الأغلب". وفي المطبوعة: "المعروف وفيهم" ، وهو خطأ في الطباعة ولا شك.(107) في المطبوعة: "... وجه ولا قرابة" ، وهو لا معنى له ، والصواب من المخطوطة.(108) الأثر: 9456 -"عبيد الله بن موسى بن أبي المختار العبسي" ، مضت ترجمته برقم: 5796 ، وهو يروي عن سفيان الثوري ، وعن شيبان بن عبد الرحمن التميمي. وقد جاء في هذا الإسناد في المطبوعة"شيبان ، عن أبي إسحاق" ، وكذلك هو في المخطوطة ، ولكنه كتب"شيبان" كتابة سيئة ، كتابة شاك في قراءتها. وقد سلف في الإسناد رقم: 9446 قريبًا"سفيان ، عن أبي إسحاق" واضحة جدًا في المخطوطة ، فرجحتها لذلك ، وأثبتها هنا. وانظر التعليق على الأثر: 9446.(109) ديوانه: 49 ، ومجاز القرآن لأبي عبيدة: 126 ، الكامل 2: 26 ، وسيأتي في التفسير 20: 26 (بولاق) من قصيدة هجا فيها الحارث بن وعلة بن مجالد بن زبان الرقاشي ، وكان جاء يسأله فقال له: "ولا كرامة!! ألست القائل:أَلا مَنْ مُبْلِغٌ عَنِّي حُرَيْثًامُغَلْغَلَةً? أَحَانَ أَمِ ادَّرَانَا?تهجوني وتصغرني ، ثم تسألني!! = فكان مما قال له بعد البيت السالف ، فأوجعه:لَعَمْرُكَ مَا أَشْبَهْتَ وَعْلَةَ فَي النَّدَىشَمَائِلَهُ، وَلا أَباهُ المُجَالِدَاإذَا زَارَهُ يَوْمًا صَدِيقٌ، كأنَّمايَرَى أُسُدًا فِي بَيْتِهِ وَأَسَاوِدَافي شعر كثير ، و"حريث" تصغير"الحارث" ، تصغير ترخيم ، وقياسه"حويرث". ورجل"جامد الكف ، وجماد الكف": بخيل لا تلين صفاته. وكان في المطبوعة هنا: "جاهدا" وهو خطأ ، وفي الموضع الآخر من التفسير: "جاحدا" وهو خطأ أيضًا. وروى هنا: في عطائي" ، وروايته في التفسير 20: 26"عن عطائي" وهي المطابقة لرواية المراجع السالفة جميعًا ، ولا بأس بها.(110) في المطبوعة: "وتجنبه خيره" ، أسقط: "وجنبه" بين الكلامين ، ففسد السياق ، والصواب من المخطوطة.(111) الأثر: 9458 -"أبو بكير التيمي" ، مؤذن لتيم ، واسمه"مرزوق". روى عن سعيد بن جبير ، وعكرمة ، ومجاهد. وروى عنه ليث بن أبي سليم ، وإسرائيل ، وسفيان الثوري ، وشريك. مترجم في التهذيب.وكان في المطبوعة: "أبو بكر" وهو خطأ ، صوابه ما أثبت من المخطوطة. وسيأتي على الصواب في رقم: 9467 ، 9468.(112) قوله: "رضوان الله عليهما" ، زيادة من المخطوطة.(113) الأثر: 9479 -"عمرو بن بيذق" (بالذال المعجمة) هكذا في المخطوطة ، شيخ الطبري ، لم أعرف له ترجمة ، وقد روى عنه في كتاب تاريخ الصحابة والتابعين ، الملحق بالتاريخ ص: 86 ، وكتبه هناك"عمرو بين بيدق" بالدال المهملة ، وكأن الأول أصح.(114) هذا النص من تفسير اللغة ، قلما تجده في كتاب من كتب اللغة.(115) "الغيضة" ، مكان يجتمع فيه الماء ويفيض ، فينبت فيه الشجر ويلتف ، والجمع"غياض". و"الطرفاء" من شجر العضاء ، وهدبه مثل هدب الأثل ، وليس له خشب ، إنما يخرج عصيًا سمحة في السماء ، وقد تتحمض به الإبل ، إذا لم تجد حمضًا غيره.(116) في المطبوعة: "فصيلين" بالفاء ، ولا معنى لها ، وفي المخطوطة: "فصيلين" غير منقوطة ، وفي الدر المنثور: "فصلين" وليس لها معنى. و"القصيل" بالقاف: ما اقتصل (أي: اقتطع) من الزرع أخضر ، ومنه: "القصيل" وهو الذي تعلف به الدواب. يقال: "قصل الدابة" ، أي: علفها القصيل.(117) الأثر: 9482 -"سهل بن موسى الرازي" انظر ما كتبت عنه برقم: 4319 ، وقبله رقم: 180. وأما "ابن أبي فديك" فهو: محمد بن إسماعيل بن مسلم بن أبي فديك ، مضت ترجمته برقم: 4319. وهذا الأثر على إرساله ضعيف ، لجهالة من روى عنهم ابن أبي فديك. ولم أجده إلا في الدر المنثور 2: 159 ، ولم ينسبه لغير ابن جرير.(118) الأثر: 9483 - رواه أحمد في مسنده رقم: 6566 من طريق عبد الله بن يزيد ، عن حيوة وابن لهيعة ، بمثله ، والحاكم في المستدرك 4: 164 ، والترمذي: 3: 129 ، من طريق عبد الله بن المبارك ، كرواية الطبري. قال أخي السيد أحمد: "إسناده صحيح".و"أبو عبد الرحمن الحبلي" ، هو: عبد الله بن يزيد المعافري ، مضت ترجمته برقم: 6657.(119) في المطبوعة: "وإن كان الصاحب بالجنب معناه ما ذكرناه" ، أسقط"محتملا" ، لأنها كتبت في المخطوطة"متصلا" مختلطة الكتابة ، فلم يحسن قراءتها فحذفها ، مع أن الكلام لا يستقيم إلا بها. أما ما كان في المطبوعة والمخطوطة من قوله: "وإن كان" ، فهو خطأ محض لا تستقيم به الجملة ، صوابه ما أثبت: "فإذ كان".(120) في المطبوعة: "يصحبه في سفر" ، وهو خطأ معرق يختل به سياق الكلام. وهو في المخطوطة غير منقوط ، وصواب قراءته ما أثبت.(121) قوله: "ولم يكن الله" معطوف على قوله: "فإذ كان الصاحب".(122) قوله"فالصواب" ، جواب قوله: "فإذ كان الصاحب... فالصواب أن يقال".(123) في المطبوعة: "وبكلهم قد أوصى..." ، لم يحسن قراءة المخطوطة ، والصواب ما أثبت.(124) انظر تفسير"ابن السبيل" فيما سلف 3: 345-347 / 4: 295 = وتفسير"السبيل" في 2: 497 ، وسائر فهارس اللغة.(125) "الحملان" (بضم الحاء وسكون الميم): ما يحمل عليه من الدواب.(126) في المطبوعة: "ما وصفت به" في الموضعين ، والصواب من المخطوطة.(127) في المطبوعة: "يده" ، وأثبت ما في المخطوطة.(128) في المطبوعة: "ونكسي ما يكسوه" ، وهو خطأ صوابه من المخطوطة ، وأفعال هذه الجملة إلى آخرها غير منقوطة في المخطوطة ، فأساء ناشر المطبوعة وضع النقط عليها ، فاختل معناها ، فقد كان فيها: " ... نطعم ... ونكسي ... ونصرفه" ، والصواب ما أثبت.(129) هذا أحد وجهي الكلام ، والآخر: "خال يخال خيلا وخالا" ، بالياء ، ورجحه بعضهم لأنه من"الخيلاء".(130) هو أنس بن مساحق العبدي ، رجل من عبد القيس.(131) حماسة أبي تمام 1: 133 ، ومجاز القرآن لأبي عبيدة 1: 127 ، واللسان (خيل). وقبل البيت:أَلا أبْلِغَا خُلَّتِي رَاشِدًاقَدِيمًا، وصِنْوِي إذَا ما تَصِلْبِأَنَّ الدَّقِيقَ يَهِيجُ الْجَلِيلَوَأَنَّ الْعَزِيزَ لإذا سَاءَ ذَلْوَأَنَّ الْحَزَامَةَ أَنْ تَصْرِفُوالِحَيٍّ سِوَانَا صُدُورَ الأسَلْوتقول في البيت"فخل" بضم الخاء وبفتحها ، أي: اذهب فاختل ما شاءت لك الخيلاء.(132) وَالدَّهْرُ فِيهِ غَفْلَةٌ لِلْغُفَّالْوَالْمَرْءُ يُبْلِيهِ بَلاء السِّرْبالْكَرُّ الَّليَالِي وَاخْتِلافُ الأحْوَالْوكان في المطبوعة: "ثياب الجمال" ، وهو تصحيف ، صوابه في المخطوطة.(133) "الملكة" (بفتح الميم واللام) و(بكسر الميم وسكون اللام) ، وهو الذي يسيء إذا ملك شيئًا ، فتجبر وتغطرس ، وفي الحديث: "لا يدخل الجنة سيئ الملكة" ، وهو الذي يسيء إلى مماليكه أو إلى ما يقع تحت سلطانه.
الَّذِیْنَ یَبْخَلُوْنَ وَ یَاْمُرُوْنَ النَّاسَ بِالْبُخْلِ وَ یَكْتُمُوْنَ مَاۤ اٰتٰىهُمُ اللّٰهُ مِنْ فَضْلِهٖؕ-وَ اَعْتَدْنَا لِلْكٰفِرِیْنَ عَذَابًا مُّهِیْنًاۚ(۳۷)
جو آپ بخل کریں اور اوروں سے بخل کے لئے کہیں (ف۱۱۸) اور اللہ نے جو انہیں اپنے فضل سے دیا ہے اسے چھپائيں (ف۱۱۹) اور کافروں کے لئے ہم نے ذلت کا عذاب تیار کر رکھا ہے،
القول في تأويل قوله : الَّذِينَ يَبْخَلُونَ وَيَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبُخْلِ وَيَكْتُمُونَ مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِقال أبو جعفر: يعني بذلك جل ثناؤه: إن الله لا يحب المختال الفخور، الذي يبخل ويأمر الناسَ بالبخل.= ف" الذين " يحتمل أن يكون في موضع رفع، ردًّا على ما في قوله: " فخورًا "، من ذِكرٍ = (134) ويحتمل أن يكون نصبًا على النعت ل " مَنْ".و " البخل " في كلام العرب: منع الرجل سائله ما لديه وعنده ما فضل عنه، (135) كما:-9493 - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج، عن ابن طاوس، عن أبيه في قوله: " الذين يبخلون ويأمرون الناس بالبخل "، قال: البخل أن يبخل الإنسان بما في يديه =" والشح ": أن يشٍح على ما في أيدي الناس. قال: يحبّ أن يكون له ما في أيدي الناس بالحِلِّ والحرام، لا يقنع.واختلفت القرأة في قراءة قوله: " ويأمرون الناس بالبخل ".* * *فقرأته عامة قرأة أهل الكوفة: " بِالْبَخَلِ" بفتح " الباء " و " الخاء ".وقرأته عامة قرأة أهل المدينة وبعض البصريين بضم " الباء ": " بِالْبُخْلِ".قال أبو جعفر: وهما لغتان فصيحتان بمعنى واحد، وقراءتان معروفتان غير مختلفتي المعنى، فبأيتهما قرأ القارئ فهو مصيب في قراءته.* * *وقد قيل إن الله جل ثناؤه عنى بقوله: " الذين يبخلون ويأمرون الناس بالبخل "، الذين كتموا اسمَ محمد صلى الله عليه وسلم وصفته من اليهود ولم يبينوه للناس، وهم يجدونه مكتوبًا عندهم في التوراة والإنجيل.*ذكر من قال ذلك:9494 - حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال، حدثنا المعتمر بن سليمان، عن أبيه، عن الحضرمي: " الذين يبخلون ويأمرون الناس بالبخل ويكتمون ما آتاهم الله من فضله "، قال: هم اليهود، بخلوا بما عندهم من العلم وكَتَموا ذلك.9495 - حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد في قول الله: " الذين يبخلون ويأمرون الناس بالبخل " إلى قوله: وَكَانَ اللَّهُ بِهِمْ عَلِيمًا ، ما بين ذلك في يهود.9496 - حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد مثله.9497 - حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة قوله: " الذين يبخلون ويأمرون الناس بالبخل "، وهم أعداءُ الله أهلُ الكتاب، بخلوا بحقّ الله عليهم، وكتموا الإسلام ومحمدًا صلى الله عليه وسلم، وهم يجدونه مكتوبًا عندهم في التوراة والإنجيل.9498 - حدثنا محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن مفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي: أما " الذين يبخلون ويأمرون الناس بالبخل "، فهم اليهود =" ويكتمون ما آتاهم الله من فضله "، اسمَ محمدٍ صلى الله عليه وسلم = (136) وأما: " يبخلون ويأمرون الناس بالبخل "، يبخلون باسم محمد صلى الله عليه وسلم، ويأمرُ بعضهم بعضًا بكتمانه.9499 - حدثنا محمد بن مسلم الرازي قال، حدثني أبو جعفر الرازي قال، حدثنا يحيى، عن عارم، عن أشعث، عن جعفر، عن سعيد بن جبير، في قوله: " الذين يبخلون ويأمرون الناس بالبخل "، قال: هذا للعلم، ليس للدنيا منه شيء.9500 - حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد في قوله: " الذين يبخلون ويأمرون الناس بالبخل "، قال: هؤلاء يهود. وقرأ: " ويكتمون ما آتاهم الله من فضله "، قال: يبخلون بما آتاهم الله من الرزق، ويكتمون ما آتاهم الله من الكتب. إذا سئلوا عن الشيء وما أنزل الله كتموه. وقرأ: أَمْ لَهُمْ نَصِيبٌ مِنَ الْمُلْكِ فَإِذًا لا يُؤْتُونَ النَّاسَ نَقِيرًا [سورة النساء: 53] من بخلهم.9501 - حدثنا ابن حميد قال، حدثنا سلمة، عن ابن إسحاق، عن محمد بن أبي محمد، عن عكرمة أو عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس قال: كان كَرْدَم بن زيد، حليفُ كعب بن الأشرف، وأسامة بن حبيب، ونافع بن أبي نافع، وبَحْريّ بن عمرو، وحُيَيّ بن أخطب، ورفاعة بن زيد بن التابوت، يأتون رجالا من الأنصار، = وكانوا يخالطونهم، ينتصحون لهم = من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فيقولون لهم: لا تنفقوا أموالكم، فإنا نخشى عليكم الفقر في ذهابها، ولا تسارعوا في النفقة، فإنكم لا تدرون ما يكون! فأنزل الله فيهم: " الذين يبخلون ويأمرون الناس بالبخل ويكتمون ما آتاهم الله من فضله "، أي: من النبوة، (137) التي فيها تصديق ما جاء به محمد صلى الله عليه وسلم =" وأعتدنا للكافرين عذابًا مهينًا "، إلى قوله: وَكَانَ اللَّهُ بِهِمْ عَلِيمًا . (138)* * *قال أبو جعفر: فتأويل الآية على التأويل الأول: والله لا يحبّ ذوي الخُيلاء والفخر، الذين يبخلون بتبيين ما أمرهم الله بتبيينه للناس، من اسم محمد صلى الله عليه وسلم ونعته وصفته التي أنزلها في كتبه على أنبيائه، وهم به عالمون = ويأمرون الناس الذين يعلمون ذلك مثل علمهم، بكتمان ما أمرهم الله بتبيينه له، ويكتمون ما آتاهم الله من علم ذلك ومعرفته مَنْ حرّم الله عليه كتمانه إيّاه.* * *وأما على تأويل ابن عباس وابن زيد: إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ مَنْ كَانَ مُخْتَالا فَخُورًا ، الذين يبخلون على الناس بفضل ما رزقهم الله من أموالهم، ثم سائر تأويلهما وتأويل غيرهما سواء.* * *قال أبو جعفر: وأولى الأقوال بالصواب في ذلك، ما قاله الذين قالوا: إن الله وصف هؤلاء القوم الذين وصف صفتهم في هذه الآية، بالبخل بتعريف من جهل أمرَ محمد صلى الله عليه وسلم أنه حقّ، وأنّ محمدًا لله نبيّ مبعوث، وغير ذلك من الحق الذي كان الله تعالى ذكره قد بيّنه فيما أوحى إلى أنبيائه من كتبه. فبخل بتبيينه للناس هؤلاء، وأمروا من كانت حاَله حالَهم في معرفتهم به: أن يكتموه من جَهِل ذلك، ولا يبيِّنوه للناس.وإنما قلنا: هذا القول أولى بتأويل الآية، لأن الله جل ثناؤه وصفهم بأنهم يأمرون الناس بالبخل، ولم يبلغنا عن أمة من الأمم أنها كانت تأمرُ الناس بالبخل ديانةً ولا تخلُّقًا، بل ترى ذلك قبيحًا وتذمَّ فاعله؛ (139) وَتمتدح - وإن هي تخلَّقَت بالبخل واستعملته في أنفسها - بالسخاء والجود، (140) وتعدُّه من مكارم الأفعال وتحثُّ عليه. ولذلك قلنا: إنّ بخلهم الذي وصفهم الله به، إنما كان بخلا بالعلم الذي كان الله آتاهموه فبخلوا بتبيينه للناس وكتموه، دون البخل بالأموال = إلا أن يكون معنى ذلك: الذين يبخلون بأموالهم التي ينفقونها في حقوق الله وُسُبله، ويأمرون الناس من أهل الإسلام بترك النفقة في ذلك. فيكون بخلهم بأموالهم، وأمرهم الناس بالبخل، بهذا المعنى (141) - على ذكرنا من الرواية عن ابن عباس - فيكون لذلك وجه مفهومٌ في وصفهم بالبخل وأمرِهم به.* * *القول في تأويل قوله : وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُهِينًا (37)قال أبو جعفر: يعني: بذلك جل ثناؤه: " وأعتدنا "، وجعلنا للجاحدين نعمة الله التي أنعم بها عليهم، (142) من المعرفة بنبوة محمد صلى الله عليه وسلم، المكذبين به بعد علمهم به، الكاتمين نعته وصفته مَنْ أمرَهم الله ببيانه له من الناس =" عذابًا مهينًا "، يعني: العقابَ المذلّ مَن عُذِّب بخلوده فيه، (143) عَتادًا له في آخرته، إذا قَدِم على ربه وَجدَه، بما سلف منه من جحوده فرضَ الله الذي فرضَه عليه. (144)* * *---------------(134) في المطبوعة: "من ذم" ، ولا معنى له البتة. والصواب من المخطوطة ، والمراد بقوله: "ذكر" ، الضمير ، وقد رد هذا الوجه أبو حيان في تفسيره 3: 247 ، ولم ينسبه للطبري.(135) في المطبوعة والمخطوطة: "من فضل عنه" ، وكأن الصواب المحض ما أثبت. وتفسير"البخل" هذا قلما تصيبه في كتب اللغة.(136) في المطبوعة: "أو: يبخلون..." ، وأثبت ما في المخطوطة.(137) في ابن هشام: "أي: من التوراة" ، وهي أجود الروايتين ، إن لم تكن هذه التي هنا من سهو الناسخ. ولكني خشيت أن يكون لها وجه ، فتركتها.(138) الأثر: 9501 - رواه ابن هشام عن ابن إسحاق في سيرته 2: 208 ، 209 ، وهو تابع الآثار التي آخرها: 8338 فيما مضى قديمًا.أما "كردم بن زيد" فإنه في سيرة ابن هشام: "كردم بن قيس" ، وهو المذكور في سيرة ابن هشام 2: 160 ، أيضًا أنه حليف كعب بن الأشرف ، من بني النضير. أما "كردم بن زيد" في رواية الطبري عن ابن إسحاق ، فقد ذكره ابن هشام في سيرته 2: 162 ، وعده من بني قريظة. هذا ، والذين ذكرهم في هذا الأثر من اليهود منسوبون في سيرة ابن هشام ، وهذه نسبتهم: "كردم بن قيس" و"حيي بن أخطب" من بني النضير = و"كردم بن زيد" ، وأسامة بن حبيب ، ونافع بن أبي نافع ، من بني قريظة = وبحري بن عمرو ، ورفاعة بن زيد بن التابوت ، من بني قينقاع.(139) في المطبوعة: "ويذم فاعله" بالياء ، وهو خطأ في قراءة المخطوطة ، لأنها غير منقوطة ، واستتبع هذا الخطأ من ناشر المطبوعة أن يغير ما كان في المخطوطة ، إذا اختلطت معاني الكلام عليه ، كما سترى.(140) في المطبوعة: "ولا يمتدح... فالسخاء ، تعده..." ، لما أخطأ في قراءة الكلمة السالفة ، غير ما في المخطوطة كل التغيير زاد"لا" في"ويمتدح" ، وجعل"بالسخاء""فالسخاء" ، وجعل"وتعده" ، "تعده" بحذف الواو = أراد أن تستقيم العبارة ففسدت فسادًا مطلقًا بلا قيد ولا شرط!!هذا ، وسياق الجملة: "بل ترى ذلك قبيحًا وتذم فاعله ، وتمتدح... بالسخاء والجود ، وتعده من مكارم الأخلاق" ، وأتى بقوله: "وإن هي تخلقت بالبخل ، واستعملته في أنفسها" ، اعتراضًا.(141) في المطبوعة والمخطوطة"فهذا المعنى" ، والصواب ما أثبته ، وسياقه: فيكون بخلهم بأموالهم... بهذا المعنى...(142) انظر تفسير: "أعتدنا" فيما سلف 8: 103.(143) انظر تفسير: "المهين" فيما سلف 2: 347 ، 348 / 7: 423 / 8: 72.(144) في المطبوعة: "وآخذه بما سلف..." والصواب ما في المخطوطة ، فإن أول هذه الجملة"إذا قدم على ربه ، وجد..." ، وهو تفسير"العتاد".
وَ الَّذِیْنَ یُنْفِقُوْنَ اَمْوَالَهُمْ رِئَآءَ النَّاسِ وَ لَا یُؤْمِنُوْنَ بِاللّٰهِ وَ لَا بِالْیَوْمِ الْاٰخِرِؕ-وَ مَنْ یَّكُنِ الشَّیْطٰنُ لَهٗ قَرِیْنًا فَسَآءَ قَرِیْنًا(۳۸)
اور وہ جو اپنے مال لوگوں کے دکھاوے کو خرچ کرتے ہیں (ف۱۲۰) اور ایمان نہیں لاتے اللہ اور نہ قیامت پر، اور جس کا مصاحب شیطان ہوا، (ف۱۲۱) تو کتنا برا مصاحب ہے،
القول في تأويل قوله : وَالَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ رِئَاءَ النَّاسِ وَلا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلا بِالْيَوْمِ الآخِرِقال أبو جعفر: يعني بذلك جل ثناؤه: وأعتدنا للكافرين بالله من اليهود الذين وصف الله صِفَتهم، عذابًا مهينًا =" والذين ينفقون أموالهم رئاءَ الناس."* * *و " الذين " في موضع خفضٍ، عطفًا على " الكافرين ".* * *وقوله: " رئاء الناس "، يعني: ينفقه مُراءاة الناس، في غير طاعة الله أو غير سبيله، ولكن في سبيل الشيطان (1) =" ولا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر "، يقول: ولا يصدقون بوحدانية الله، ولا بالمَعَاد إليه يوم القيامة (2) - الذي فيه جزاء الأعمال - أنه كائن. (3)* * *وقد قال مجاهد (4) إن هذا من صفة اليهود! وهو بصفة أهل النفاق الذين كانوا أهلَ شرك، (5) فأظهروا الإسلام تقيةً من رسول الله صلى الله عليه وسلم وأهلِ الإيمان به، وهم على كفرهم مقيمون = (6) أشبه منه بصفة اليهود. لأن اليهود كانت توحِّد الله وتصدّق بالبعث والمعاد. وإنما كان كفرُها، تكذيبَها بنبوة محمد صلى الله عليه وسلم.* * *وبعدُ، ففي فصل الله بين صفة الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر، وصفة الفريق الآخر الذين وصفهم في الآية قبلها، وأخبر أنّ لهم عذابًا مهينًا = ب " الواو " الفاصلة بينهم = (7) ما ينبئ عن أنهما صفتان من نوعين من الناس مختلفي المعاني، وإن كان جميعهم أهلَ كفر بالله. (8) ولو كانت الصفتان كلتاهما صفة نوع من الناس، لقيل إن شاء الله: وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُهِينًا ،" الذين ينفقون أموالهم رئاء الناس "، ولكن فصل بينهم ب " الواو " لما وصفنا.* * *فإن ظن ظان أن دخول " الواو " غير مستنكر في عطف صفة على صفة لموصوف واحد في كلام العرب = فإنّ ذلك، (9) وإن كان كذلك، فإن الأفصح في كلام العرب إذا أريد ذلك، ترك إدخال " الواو ". وإذا أريد بالثاني وصفٌ آخر غير الأوّل، إدخال " الواو ". (10) وتوجيه كلام الله إلى الأفصح الأشهر من كلام مَنْ نزل بلسانه كتابُه، أولى بنا من توجيهه إلى الأنكر من كلامهم.* * *القول في تأويل قوله : وَمَنْ يَكُنِ الشَّيْطَانُ لَهُ قَرِينًا فَسَاءَ قَرِينًا (38)قال أبو جعفر: يعني بذلك جل ثناؤه: ومن يكن الشيطان له خليلا وصاحبًا، يعمل بطاعته، ويتبع أمره، ويترك أمرَ الله في إنفاقه ماله رئاء الناس في غير طاعته، وجحوده وحدانية الله والبعث بعد الممات =" فساء قرينًا "، يقول: فساء الشيطان قرينًا.* * *وإنما نصب " القرين "، لأن في" ساء " ذكرًا من الشيطان، كما قال جل ثناؤه: بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلا [سورة الكهف: 50]، وكذلك تفعل العرب في" ساء " ونظائرها (11) = ومنه قول عدي بن زيد:عَنِ الْمَرْءِ لا تَسْأَلْ, وأبْصِرْ قَرِينَهُفَإنَّ الْقَرِينَ بِالمُقَارِنِ مُقْتَدِ (12)يريد: ب " القرين "، الصّاحبَ والصديق.---------------------------الهوامش :(1) انظر تفسير"رئاء" فيما سلف 5: 521 ، 522.(2) في المطبوعة: "ولا بالميعاد".(3) قوله: "أنه كائن" ، سياقه"ولا يصدقون بالمعاد... أنه كائن".(4) يعني في الأثر رقم: 9495.(5) في المطبوعة والمخطوطة: "وهو صفة أهل النفاق" ، وهو لا يستقيم ، كما سترى في التعليق التالي.(6) السياق: "وهو بصفة أهل النفاق... أشبه منه بصفة اليهود" ، فصح التصحيح السالف. أما ناشر المطبوعة ، فإنه لما رأى الكلام غير مستقيم ، كتب: "أشبه منهم بصفة اليهود" ، فزاد الكلام فسادًا.(7) السياق: ففي فصل الله... بالواو الفاصلة بينهم ، ما ينبئ".(8) في المطبوعة: "وإن كان جمعهم" ، وهو خطأ محض ، صوابه من المخطوطة ، وهي غير منقوطة.(9) في المطبوعة: "في كلام العرب. قيل ذلك وإن كان كذلك" ، والذي دعا ناشر المخطوطة إلى ذلك أن الناسخ كتب"العربفان" وصل"باء""العرب" ، بفاء"فإن" ، فاجتهد المصحح.(10) في المطبوعة: "أدخل الواو" ، والصواب من المخطوطة.(11) انظر ما سلف في"ساء" 8: 138 ، تعليق: 8 ، ومعاني القرآن للفراء 1: 267-269 ، ومجاز القرآن لأبي عبيدة 1: 127.(12) ديوانه ، في شعراء الجاهلية: 466 ، ومجموعة المعاني: 14 ، وغيرهما كثير. وقد أثبت البيت كما رواه أبو جعفر ، وكما جاء في المخطوطة ، أما ناشر المطبوعة فقد غيره ، وأثبت ما درج عليه من الرواية:عَنِ الْمَرْءِ لا تَسأَل وسَلْ عَنْ قَرِينِهفَكُلُّ قَرِينٍ بِالْمُقَارن يَقْتَدِيوهو سوء تصرف لا شك فيه.
وَ مَا ذَا عَلَیْهِمْ لَوْ اٰمَنُوْا بِاللّٰهِ وَ الْیَوْمِ الْاٰخِرِ وَ اَنْفَقُوْا مِمَّا رَزَقَهُمُ اللّٰهُؕ-وَ كَانَ اللّٰهُ بِهِمْ عَلِیْمًا(۳۹)
اور ان کا کیا نقصان تھا اگر ایمان لاتے اللہ اور قیامت پر اور اللہ کے دیے میں سے اس کی راہ میں خرچ کرتے (ف۱۲۲) اور اللہ ان کو جانتا ہے،
القول في تأويل قوله : وَمَاذَا عَلَيْهِمْ لَوْ آمَنُوا بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقَهُمُ اللَّهُ وَكَانَ اللَّهُ بِهِمْ عَلِيمًا (39)قال أبو جعفر: يعني بذلك جل ثناؤه: وأيّ شيء على هؤلاء الذين ينفقون أموالهم رئاء الناس ولا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر =" لو آمنوا بالله واليوم الآخر "، لو صدّقوا بأن الله واحدٌ لا شريك له، وأخلصوا له التوحيد، وأيقنوا بالبعث بعد الممات، وصدّقوا بأن الله مُجازيهم بأعمالهم يوم القيامة =" وأنفقوا مما رزقهم الله "، يقول: وأدّوا زكاة أموالهم التي رَزَقهم الله وأعطاهموها، طيبةً بها أنفسهم، ولم ينفقوها رئاء الناس، التماس الذكر والفخر عند أهل الكفر بالله، والمحمدة بالباطل عند الناس =" وكان الله "، بهؤلاء الذين وصَف صفتهم أنهم ينفقون أموالهم رئاء الناس نفاقًا، وهم بالله واليوم الآخر مكذّبون =" عليمًا "، يقول: ذا علم بهم وبأعمالهم، (13) وما يقصدون ويريدون بإنفاقهم ما ينفقون من أموالهم، وأنهم يريدون بذلك الرَياء والسُّمعة والمحمدة في الناس، وهو حافظ عليهم أعمالهم، لا يخفَى عليه شيء منها، حتى يجازيهم بها جزاءهم عند مَعادهم إليه.----------------الهوامش :(13) في المخطوطة: "ذو علم" بالرفع ، ولا بأس به.
اِنَّ اللّٰهَ لَا یَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍۚ-وَ اِنْ تَكُ حَسَنَةً یُّضٰعِفْهَا وَ یُؤْتِ مِنْ لَّدُنْهُ اَجْرًا عَظِیْمًا(۴۰)
اللہ ایک ذرہ بھر ظلم نہیں فرماتا اور اگر کوئی نیکی ہو تو اسے دونی کرتا اور اپنے پاس سے بڑا ثواب دیتا ہے،
القول في تأويل قوله تعالى : إِنَّ اللَّهَ لا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْرًا عَظِيمًا (40)قال أبو جعفر: يعني بذلك جل ثناؤه: " وماذا عليهم لو آمنوا بالله واليوم الآخر وأنفقوا مما رزقهم الله "، فَإن الله لا يبخس أحدًا من خلقه أنفق في سبيله مما رزقه، من ثواب نفقته في الدنيا، ولا من أجرها يوم القيامة =" مثقال ذَرّة "، أي: ما يزنها ويكون على قدر ثِقَلها في الوزن، ولكنه يجازيه به ويُثيبه عليه، كما:-9502 - حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر، عن قتادة: أنه تلا " إن الله لا يظلم مثقال ذرّة وإن تَك حسنةً يضاعفها "، قال: لأنْ تفضُل حسناتي في سيئاتي بمثقال ذرّة، أحبُّ إليّ من الدنيا وما فيها. (14)9503 - حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة قال: كان بعض أهل العلم يقول: لأنْ تفضُل حسناتي على سيئاتي ما يزن ذَرّة أحب إليّ من أن تكون لي الدنيا جميعًا.* * *وأما " الذرة " فإنه ذكر عن ابن عباس أنه قال فيها، كما:-9504 - حدثني إسحاق بن وهب الواسطيّ قال، حدثنا أبو عاصم قال: حدثنا شبيب بن بشر، عن عكرمة، عن ابن عباس في قوله: " مثقال ذرة "، قال: رأس نَملة حَمراء. (15)* * *= قال أبو جعفر: قال لي إسحاق بن وهب: قال يزيد بن هارون: زعموا أن هذه الذرّة الحمراء، ليس لها وزن. (16)* * *وبنحو الذي قلنا في ذلك صحّت الأخبار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.9505 - حدثنا محمد بن المثنى ومحمد بن بشار قالا حدثنا أبو داود قال، حدثنا عمران، عن قتادة، عن أنس: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن الله لا يظلم المؤمن حسنةً، يُثابُ عليها الرزق في الدنيا، ويجزَى بها في الآخرة. وأما الكافر فيُطعم بها في الدنيا، فإذا كان يومُ القيامة لم تكن له حسنةً. (17)حدثنا موسى بن عبد الرحمن المسروقي قال، حدثنا جعفر بن عون قال، حدثنا هشام بن سعد قال، أخبرنا زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار: والذي نَفسي بيده، ما أحدكم بأشدّ مُناشَدَةً في الحق يراه مصيبًا له، من المؤمنين في إخوانهم إذا رأوا أن قد خَلصُوا من النار، يقولون: " أي ربنا، إخواننا، كانوا يصلّون معنا، ويصومون معنا، ويحجون معنا، ويجاهدون معنا، قد أخذتهم النار "! فيقول الله لهم: " اذهبوا، فمن عرفتم صورته فأخرجوه "! ويحرِّم صورتهم على النار، فيجدون الرجل قد أخذته النار إلى أنصاف ساقيه، وإلى ركبتيه، وإلى حَقْويه، فيخرجون منها بشرًا كثيرًا، ثم يعودون فيتكلمون، فيقول: " اذهبوا فمن وجدتم في قلبه مثقال قيراط خير فأخرجوه "! فيخرجون منها بشرًا كثيرًا. ثم يعودون فيتكلمون، فلا يزال يقولُ لهم ذلك حتى يقول: " اذهبوا، فمن وجدتم في قلبه مثقال ذَرّة فأخرجوه " = فكان أبو سعيد إذا حدَّث بهذا الحديث قال: إن لم تصدقوا، فاقرأوا: " إنّ الله لا يظلم مثقال ذَرّة وإن تك حسنة يضاعفها ويؤت من لدنه أجرًا عظيمًا " = فيقولون: " رَبنا لم نَذرْ فيها خيرًا ". (18)9507 - وحدثني محمد بن عبد الله بن عبد الحكم قال، حدثني أبي وشعيب بن الليث، عن الليث، عن خالد بن يزيد، عن ابن أبي هلال، عن زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار، عن أبي سعيد الخدريّ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بنحوه. (19)* * *وقال آخرون في ذلك، بما:-9508 - حدثني به المثنى قال، حدثنا مسلم بن إبراهيم قال، حدثنا صدقة بن أبي سهل قال، حدثنا أبو عمرو، عن زاذان قال: أتيت ابن مسعود فقال: إذا كان يومُ القيامة، جمع الله الأولين والآخرين، ثم نادى مناد من عند الله: " ألا من كان يطلب مظلمةً فليجئ إلى حقه فليأخذه "! قال: فيفرح والله المرءُ أن يَذُوب له الحقّ على والده، أو ولده، أو زوجته، فيأخذ منه، وإن كان صغيرًا (20) = ومصداق ذلك في كتاب الله تبارك وتعالى: فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ فَلا أَنْسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلا يَتَسَاءَلُونَ [سورة المؤمنون: 101] = فيقال له: " ائت هؤلاء حقوقهم " = أي: أعطهم حقوقهم = فيقول: " أي رب، من أين وقد ذهبت الدنيا "؟ فيقول الله لملائكته: " أي ملائكتي، انظروا في أعماله الصّالحة، وأعطوهم منها "! فإن بقي مثقال ذَرّة من حسنة قالت الملائكة؛ وهو أعلم بذلك منها: " يا ربنا، أعطينا كل ذي حق حقه، وبقي له مثقال ذرة من حسنة " فيقول للملائكة: ضعِّفوها لعبدي، وأدخلوه بفضل رحمتي الجنة " = ومصداق ذلك في كتاب الله: " إن الله لا يظلم مثقال ذرة وإن تك حسنة يضاعفها ويؤت من لدنه أجرًا عظيمًا "، أي: الجنة، يعطيها. وإن فنيت حسناته وبقيت سيئاته، قالت الملائكة، وهو أعلم بذلك: " إلهنا، فنيت حسناته وبقي سيئاته، وبقي طالبون كثيرٌ"! فيقول الله: " ضعِّفوا عليها من أوزارهم، واكتبوا له كتابًا إلى النار " (21) قال صدقة: أو صكًّا إلى جهنم، شك صَدَقة أيتهما قال. (22)9509 - وحدثت عن محمد بن عبيد، عن هارون بن عنترة، عن عبد الله بن السائب قال: سمعت زاذان يقول: قال عبد الله بن مسعود: يؤخذ بيد العبد والأمة يومَ القيامة، فينادي منادٍ على رؤوس الأولين والآخرين: " هذا فلان بن فلان، من كان له حق فليأت إلى حقه "، فتفرح المرأة أنْ يَذُوب لها الحق على أبيها، أو على ابنها، أو على أخيها، أو على زوجها، (23) ثم قرأ ابن مسعود: فَلا أَنْسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلا يَتَسَاءَلُونَ [سورة المؤمنون: 101]، فيغفر الله تبارك وتعالى من حقه ما شاء، ولا يغفر من حقوق الناس شيئًا، فينصبُ للناس فيقول: " ائتوا إلى الناس حقوقهم "! فيقول: " رب فنيت الدنيا، من أين أوتيهم حقوقهم؟ فيقول: " خذوا من أعماله الصالحة، فأعطوا كل ذي حقّ حقه بقدر مَظْلمته ". فإن كان وليًّا لله، ففضل له مثقال ذرّة، ضاعفها له حتى يُدخله بها الجنة = ثمّ قرأ علينا: " إنّ الله لا يظلم مثقال ذرة " = وإن كان عبدًا شقيًّا، قال الملك: " رب فنيت حسناته، وبقي طالبون كثير "! فيقول: " خذوا من سيئاتهم فأضيفوها إلى سيئاته، ثم صُكُّوا له صكًّا إلى النار ". (24)* * *قال أبو جعفر: فتأويل الآية على تأويل عبد الله هذا: إن الله لا يظلم عبدًا وجب له مثقال ذَرّة قِبَل عبد له آخر في مَعاده ويوم لقائه فما فوقه، (25) فيتركه عليه فلا يأخذه للمظلوم من ظالمه، ولكنه يأخذه منه له، ويأخذ من كل ظالم لكل مظلوم تَبِعَتَهُ قِبَله (26) =" وإن تك حسنة يضاعفها "، يقول: وإن تُوجد له حسنة يضاعفها، بمعنى: يضاعف له ثوابها وأجرها =" ويُؤت من لدنه أجرًا عظيمًا "، يقول: ويعطه من عنده أجرًا عظيمًا،" والأجر العظيم " (27) الجنة، على ما قاله عبد الله.* * *ولكلا التأويلين وجه مفهوم = أعني التأويل الذي قاله ابن مسعود، والذي قاله قتادة = وإنما اخترنا التأويل الأول، لموافقته الأثرَ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، مع دلالة ظاهر التنزيل على صحته، إذ كان في سياق الآية التي قبلها، التي حث الله فيها على النفقة في طاعته، وذمِّ النفقة في طاعة الشيطان. ثم وَصَل ذلك بما وعدَ المنافقين في طاعته بقوله: " إن الله لا يظلم مثقال ذرة وإن تك حسنة يضاعفها ويؤت من لدنه أجرًا عظيمًا ".واختلفت القرأة في قراءة قَوله: " وإن تك حسنة ". فقرأت ذلك عامة قرأة العراق: ( وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً ) بنصب " الحسنة "، بمعنى: وإن تك زنةُ الذرّة حسنةً، يضاعفها.* * *وقرأ ذلك عامة قرأة المدينة: ( وَإِنْ تَكُ حَسَنَةٌ )، برفع " الحسنة "، بمعنى: وإن توجد حسنةٌ، على ما ذكرت عن عبد الله بن مسعود من تأويل ذلك. (28)وأما قوله: " يُضَاعفها "، فإنه جاء ب " الألف "، ولم يقل: " يُضعِّفها "، لأنه أريد به في قول بعض أهل العربية: (29) يُضاعفها أضعافًا كثيرة، ولو أريد به في قوله (30) يضعِّف ذلك ضِعفين لقيل: " يضعِّفها " بالتشديد.* * *ثم اختلف أهل التأويل في الذين وعدهم الله بهذه الآية ما وعدهم فيها.فقال بعضهم: هم جميع أهل الإيمان بالله وبمحمد صلى الله عليه وسلم. واعتلّوا في ذلك بما:-9510 - حدثنا الفضل بن الصباح قال، حدثنا يزيد بن هارون، عن مبارك بن فضالة، عن علي بن زيد، عن أبي عثمان النهدي قال: لقيت أبا هريرة فقلت له: إنه بلغني أنك تقول: إن الحسنة لتُضَاعف ألفَ ألف حسنة! قال: وما أعجبك من ذلك؟ فوالله لقد سمعته = يعني النبي صلى الله عليه وسلم = يقول: إن الله ليضاعف الحسنة ألفي ألف حسنة! (31)وقال آخرون: بل ذلك: المهاجرون خاصة، دون أهل البوادي والأعراب. واعتلوا في ذلك بما:-9511 - حدثني محمد بن هارون أبو نشيط قال، حدثنا يحيى بن أبي بكير قال، حدثنا فضيل بن مرزوق، عن عطية العوفي، عن عبد الله بن عمير قال: نزلت هذه الآية، في الأعراب: مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا [سورة الأنعام: 160] قال: فقال رجل: فما للمهاجرين؟ قال، ما هو أعظم من ذلك: " إنّ الله لا يظلم مثقال ذَرّة وإن تَكُ حسنةً يضاعفها ويُؤت من لدنه أجرًا عظيمًا "، وإذا قال الله لشيء: " عظيم "، فهو عظيم. (32)* * *قال أبو جعفر: وأولى القولين في ذلك بالصواب، قولُ من قال: " عُنى بهذه الآية المهاجرون دون الأعراب ". (33) وذلك أنه غير جائز أن يكون في أخبار الله أو أخبار رسوله صلى الله عليه وسلم شيء يدفع بعضه بعضًا. فإذْ كان صحيحًا وعْدُ الله من جاء من عباده المؤمنين بالحسنة من الجزاء عشرَ أمثالها، وَمنْ جاء بالحسنة منهم أن يضاعفها له = وكان الخبرَان اللذان ذكرناهما عنه صلى الله عليه وسلم صحيحين = كان غيرَ جائز إلا أن يكون أحدُهما مجملا والآخر مفسَّرًا، إذ كانت أخبارُه صلى الله عليه وسلم يصدِّق بعضها بعضًا. وإذ كان ذلك كذلك، صحّ أن خبرَ أبي هريرة معناهُ أنّ الحسنة لَتُضاعف للمهاجرين من أهل الإيمان ألفي ألفُ حسنة، وللأعراب منهم عشر أمثالها، على ما رَوَى ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم = وأن قوله: مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا ، يعني: من جاء بالحسنة من أعراب المؤمنين فله عشر أمثالها، ومن جاء بالحسنة من مهاجريهم يُضاعف له ويؤته الله من لدنه أجرًا = يعني يعطه من عنده =" أجرًا عظيمًا ". يعني: عِوَضًا من حسنته عظيمًا، وذلك " العوض العظيم "، الجنة، كما:-9512 - حدثني المثنى قال، حدثنا مسلم بن إبراهيم قال، حدثنا صدقة بن أبي سهل قال، حدثنا أبو عمرو، عن زاذان، عن ابن مسعود: " ويؤت من لدنه أجرًا عظيمًا "، أي: الجنة يعطيها. (34)9513 - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج قال، أخبرني عباد بن أبي صالح، عن سعيد بن جبير قوله: " ويؤت من لدنه أجرًا عظيمًا "، قال: الأجرُ العظيم، الجنة. (35)9514 - حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد في قوله: " ويؤت من لدنه أجرًا عظيمًا "، قال: " أجرًا عظيمًا "، الجنة.-------------------الهوامش :(14) غفرانك اللهم! إن ناشر المطبوعة يسيء إساءات لا عداد لها في تحريف الكلام ، وتصرفه على غير أصل من فهم أو أمانة ، فلم يحسن قراءة المخطوطة كما أثبتها ، فجعل ما فيها لغوًا وكتب مكانه"لأن تفضل حسناتي ما يزن ذرة ، أحب إلي من الدنيا وما فيها". ولا أدري ، ما كان أغناه عن مثل هذا العمل المنكر!(15) الأثر: 9504 -"إسحاق بن وهب بن زياد العلاف" أبو يعقوب الواسطي. روى عنه البخاري ، وابن ماجه ، وأبو زرعة ، وأبو حاتم. مترجم في التهذيب.و"أبو عاصم" هو: الضحاك بن مخلد. مضى مرارًا.و"شيب بن بشر" روى عن أنس ، وعكرمة ، ثقة لين الحديث ، يخطئ كثيرًا. مترجم في التهذيب.(16) في المطبوعة: "إن هذه الدودة الحمراء" ، وهو خطأ محض ، وفي المخطوطة: "إن هذه الدود الحمراء" ، وهو تحريف.(17) الحديث: 9505 - أبو داود: هو الطيالسي."عمران": هو ابن داور القطان.والحديث في مسند الطيالسي: 2011 ، بهذا الإسناد.ورواه الإمام أحمد في المسند ، من طريق همام ، عن قتادة: 12264 ، 12291 ، 14063 (ج3 ص123 ، 125 ، 283 حلبي).وكذلك رواه مسلم 2: 344-345 ، من طريق همام. ثم رواه من طرق أخر.وذكره ابن كثير 2: 450 ، من رواية الطيالسي.وذكره السيوطي 2: 163 ، ونسبه لهؤلاء.(18) الحديث: 9506 - جعفر بن عون بن عمرو بن حريث ، المخزومي الكوفي: ثقة. أخرج له الجماعة.والحديث قطعة من حديث طويل في الشفاعة. رواه الأئمة في الدواوين من أوجه كثيرة ، عن زيد بن أسلم ، عن عطاء بن يسار ، عن أبي سعيد الخدري:فرواه الطيالسي: 2179 ، عن خارجة بن مصعب ، عن زيد.ورواه أحمد في المسند: 11144 (3: 16-17 حلبي) ، من طريق عبد الرحمن بن إسحاق ، عن زيد.ورواه أيضًا: 11922 (3: 94-95 حلبي) ، من طريق معمر ، عن زيد.ورواه مسلم 1: 66-67 ، من طريق حفص بن ميسرة ، عن زيد.ثم رواه - ولم يذكر لفظه - من طريق جعفر بن عون ، عن هشام بن سعد. وهي الطريق التي رواها الطبري هنا.وستأتي الإشارة إلى رواية البخاري ، في الحديث التالي.(19) الحديث: 9507 -"الليث": هو ابن سعد. خالد بن يزيد: هو الجمحي المصري."ابن أبي هلال": هو سعيد بن أبي هلال المصري.والحديث مكرر ما قبله.ورواه البخاري 13: 358-361 (فتح) ، من طريق الليث بن سعد ، بهذا الإسناد. وذكر ابن كثير 2: 449 قطعة منه ، نسبها للصحيحين.(20) في المطبوعة: "فيفرح والله الصبي" ، وفي المخطوطة: "فيفرح والله الصر أن يذوب" ، وصواب قراءتها"المرء" كما أثبتها من المراجع المذكورة بعد."ذاب لي على فلان من الحق كذا ، يذوب" ، أي ثبت له ووجب.(21) في المطبوعة: "ضعوا عليها من أوزارهم" ، وأثبت ما في المخطوطة. وانظر الأثر التالي.(22) الحديث: 9508 - صدقة بن أبي سهل: مترجم في التعجيل ، ص: 185-186. والكبير 2 / 2 / 298 ، برقم: 2891 ، وابن أبي حاتم 2 / 1 / 434-435 ، برقم: 1907. ولم يذكرا فيه جرحًا ، فهو ثقة.وشيخه"أبو عمرو": لم أعرف من هو؟ ففي هذه الكنية كثرة."زاذان": هو الكندي الضرير. وهو تابعي ثقة معروف.وانظر الإسناد التالي لهذا.(23) انظر تفسير"يذوب" ، فيما سلف ص: 363 ، تعليق رقم: 1.(24) الحديث: 9509 - هو تكرار للذي قبله بنحوه. ولكن الطبري جاء في أوله بصيغة التجهيل: "حدثت عن محمد بن عبيد". فضاع هذا الإسناد بهذا التجهيل.ونقله ابن كثير 2: 449-450 ، عن ابن أبي حاتم: "حدثنا أبو سعيد الأشج ، حدثنا عيسى بن يونس ، عن هارون بن عنترة ..." ، فزال الضعف عن أول الإسناد.وهارون بن عنترة: مضى توثيقه وترجمته في: 405.عبد الله بن السائب الكندي ، ويقال: الشيباني ، الكوفي: ثقة معروف. روى عنه الأعمش والثوري. وأخرج له مسلم.فهذا الإسناد - عند ابن أبي حاتم - إسناد صحيح.والحديث أثر موقوف على ابن مسعود. ولكني أراه من المرفوع حكمًا. فإن ما ذكره ابن مسعود مما لا يعرف بالرأي. وما كان ابن مسعود ليقول هذا من عند نفسه: وليس هو ممن ينقل عن أهل الكتاب ، ولا يقبل الإسرائيليات.وقد ذكره ابن كثير - كما قلنا - ثم قال: "ولبعض هذا الأثر شاهد في الحديث الصحيح" ونقله السيوطي 2: 163 ، وزاد نسبته لعبد بن حميد."الصك": الكتاب. وقوله: "صكوا" فعل من"الصك" ، أي: اكتبوا له صكًا ، وهذا الفعل ، لم تذكره كتب اللغة ، وهذا شاهده.(25) السياق: "وجب له مثقال ذرة... فما فوقه".(26) "التبعة" (بفتح التاء وكسر الباء) و"التباعة" (بكسر التاء): ما اتبعت به صاحبك من ظلامة أو حق لك عنده.(27) انظر تفسير"الأجر" فيما سلف 2: 148 ، 512 / 5: 519 / 7: 501(28) انظر معاني القرآن للفراء 1: 269.(29) يعني أبا عبيدة في مجاز القرآن 1: 127 ونصه: "يضاعفها" أضعافًا = و"يضعفها" ضعفين.(30) يعني: في قول أبي عبيدة.(31) الحديث: 9510 - رواه أحمد في المسند: 7932 ، عن يزيد بن هارون ، بهذا الإسناد.وهو حديث صحيح. فصلنا القول في تخريجه في المسند.وذكره ابن كثير 2: 451 ، عن رواية المسند ، ثم نقله من رواية ابن أبي حاتم بإسنادين.ثم ذكره مرة أخرى من رواية ابن أبي حاتم ، عند تفسير الآية: 38 من سورة التوبة (ج4 ص168 -169).وذكره السيوطي 2: 163 ، وقصر في تخريجه جدًا ، فلم ينسبه لغير الطبري. وذكر نحوه قبله ، ونسبه لابن أبي شيبة فقط.(32) الحديث: 9511 - هذا الإسناد ضعيف ، من أجل"عطية العوفي". وقد بينا ضعفه فيما مضى: 305.وأما شيخ الطبري"محمد بن هارون بن إبراهيم الربعي": فإنه ثقة. مترجم في التهذيب.والحديث نقله ابن كثير 2: 450 ، من رواية ابن أبي حاتم ، من طريق فضيل بن مرزوق ، بهذا الإسناد. ولم يذكر شيئًا في تخريجه ، ولا في تعليله.وذكره السيوطي 2: 162-163 ، وزاد نسبته لسعيد بن منصور ، وابن المنذر والطبراني.(33) في المطبوعة: "المهاجرين" ، وأثبت ما في المخطوطة.(34) الأثر: 9512 - هو من الأثر السالف رقم: 9508.(35) الأثر: 9513 -"عباد بن أبي صالح ذكوان ، السمان" هو: "عبد الله بن أبي صالح". قال البخاري في الصغير: "منكر الحديث". وقال ابن معين: "ثقة" ، وقال الساجي: "ثقة ، إلا أنه روى عن أبيه ما لم يتابع عليه". مترجم في التهذيب.
- English | Ahmed Ali
- Urdu | Ahmed Raza Khan
- Turkish | Ali-Bulaç
- German | Bubenheim Elyas
- Chinese | Chineese
- Spanish | Cortes
- Dutch | Dutch
- Portuguese | El-Hayek
- English | English
- Urdu | Fateh Muhammad Jalandhry
- French | French
- Hausa | Hausa
- Indonesian | Indonesian-Bahasa
- Italian | Italian
- Korean | Korean
- Malay | Malay
- Russian | Russian
- Tamil | Tamil
- Thai | Thai
- Farsi | مکارم شیرازی
- العربية | التفسير الميسر
- العربية | تفسير الجلالين
- العربية | تفسير السعدي
- العربية | تفسير ابن كثير
- العربية | تفسير الوسيط لطنطاوي
- العربية | تفسير البغوي
- العربية | تفسير القرطبي
- العربية | تفسير الطبري
- English | Arberry
- English | Yusuf Ali
- Dutch | Keyzer
- Dutch | Leemhuis
- Dutch | Siregar
- Urdu | Sirat ul Jinan