READ
Surah An-Nisaa
اَلنِّسَآء
176 Ayaat مدنیۃ
اُولٰٓىٕكَ مَاْوٰىهُمْ جَهَنَّمُ٘- وَ لَا یَجِدُوْنَ عَنْهَا مَحِیْصًا(۱۲۱)
اُن کا ٹھکانا دوزخ ہے اس سے بچنے کی جگہ نہ پائیں گے،
وقوله "أولئك" أي المستحسنون له فيما وعدهم ومناهم ( مأواهم جهنم ) أي : مصيرهم ومآلهم يوم حسابهم ( ولا يجدون عنها محيصا ) أي : ليس لهم عنها مندوحة ولا مصرف ، ولا خلاص ولا مناص .ثم ذكر حال السعداء الأتقياء وما لهم في مآلهم من الكرامة التامة ، فقال :
وَ الَّذِیْنَ اٰمَنُوْا وَ عَمِلُوا الصّٰلِحٰتِ سَنُدْخِلُهُمْ جَنّٰتٍ تَجْرِیْ مِنْ تَحْتِهَا الْاَنْهٰرُ خٰلِدِیْنَ فِیْهَاۤ اَبَدًاؕ-وَعْدَ اللّٰهِ حَقًّاؕ-وَ مَنْ اَصْدَقُ مِنَ اللّٰهِ قِیْلًا(۱۲۲)
اور جو ایمان لائے اور اچھے کام کیے کچھ دیر جاتی ہے کہ ہم انہیں باغوں میں لے جائیں گے جن کے نیچے نہریں بہیں ہمیشہ ہمیشہ ان میں رہیں اللہ کا سچا وعدہ اور اللہ سے زیادہ کس کی بات سچی،
( والذين آمنوا وعملوا الصالحات ) أي : صدقت قلوبهم وعملت جوارحهم بما أمروا به من الخيرات ، وتركوا ما نهوا عنه من المنكرات ( سندخلهم جنات تجري من تحتها الأنهار ) أي : يصرفونها حيث شاؤوا وأين شاؤوا ( خالدين فيها أبدا ) أي : بلا زوال ولا انتقال ( وعد الله حقا ) أي : هذا وعد من الله ووعد الله معلوم حقيقة أنه واقع لا محالة ، ولهذا أكده بالمصدر الدال على تحقيق الخبر ، وهو قوله : ( حقا ) ثم قال ( ومن أصدق من الله قيلا ) أي : لا أحد أصدق منه قولا وخبرا ، لا إله إلا هو ، ولا رب سواه . وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في خطبته : " إن أصدق الحديث كلام الله ، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم ، وشر الأمور محدثاتها ، وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة ، وكل ضلالة في النار " .
لَیْسَ بِاَمَانِیِّكُمْ وَ لَاۤ اَمَانِیِّ اَهْلِ الْكِتٰبِؕ-مَنْ یَّعْمَلْ سُوْٓءًا یُّجْزَ بِهٖۙ-وَ لَا یَجِدْ لَهٗ مِنْ دُوْنِ اللّٰهِ وَلِیًّا وَّ لَا نَصِیْرًا(۱۲۳)
کام نہ کچھ تمہارے خیالوں پر ہے (ف۳۱۵) اور نہ کتاب والوں کی ہوس پر (ف۳۱۶) جو برائی کرے گا (ف۳۱۷) اس کا بدلہ پائے گا اور اللہ کے سوا نہ کوئی اپنا حمایتی پائے گا نہ مددگار (ف۳۱۸)
قال قتادة : ذكر لنا أن المسلمين وأهل الكتاب افتخروا ، فقال أهل الكتاب : نبينا قبل نبيكم ، وكتابنا قبل كتابكم ، فنحن أولى بالله منكم . وقال المسلمون : نحن أولى بالله منكم نبينا خاتم النبيين ، وكتابنا يقضي على الكتب التي كانت قبله فأنزل الله : ( ليس بأمانيكم ولا أماني أهل الكتاب من يعمل سوءا يجز به ) ( ومن أحسن دينا ممن أسلم وجهه لله وهو محسن [ واتبع ملة إبراهيم حنيفا ] ) الآية . فأفلج الله حجة المسلمين على من ناوأهم من أهل الأديان .وكذا روي عن السدي ، ومسروق ، والضحاك وأبي صالح ، وغيرهم وكذا روى العوفي عن ابن عباس أنه قال في هذه الآية : تخاصم أهل الأديان فقال أهل التوراة : كتابنا خير الكتب ، ونبينا خير الأنبياء . وقال أهل الإنجيل مثل ذلك . وقال أهل الإسلام : لا دين إلا الإسلام . وكتابنا نسخ كل كتاب ، ونبينا خاتم النبيين ، وأمرتم وأمرنا أن نؤمن بكتابكم ونعمل بكتابنا . فقضى الله بينهم فقال : ( ليس بأمانيكم ولا أماني أهل الكتاب من يعمل سوءا يجز به ) وخير بين الأديان فقال : ( ومن أحسن دينا ممن أسلم وجهه لله وهو محسن [ واتبع ملة إبراهيم حنيفا ] ) إلى قوله : ( واتخذ الله إبراهيم خليلا )وقال مجاهد : قالت العرب : لن نبعث ولن نعذب . وقالت اليهود والنصارى : ( لن يدخل الجنة إلا من كان هودا أو نصارى ) [ البقرة : 111 ] وقالوا ( لن تمسنا النار إلا أياما معدودة ) [ البقرة : 80 ] .والمعنى في هذه الآية : أن الدين ليس بالتحلي ولا بالتمني ، وليس كل من ادعى شيئا حصل له بمجرد دعواه ، ولا كل من قال : " إنه هو المحق " سمع قوله بمجرد ذلك ، حتى يكون له من الله برهان ; ولهذا قال تعالى : ( ليس بأمانيكم ولا أماني أهل الكتاب ) أي : ليس لكم ولا لهم النجاة بمجرد التمني ، بل العبرة بطاعة الله ، واتباع ما شرعه على ألسنة رسله الكرام ; ولهذا قال بعده : ( من يعمل سوءا يجز به ) كقوله ( فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره . ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره ) [ الزلزلة : 7 ، 8 ] .وقد روي أن هذه الآية لما نزلت شق ذلك على كثير من الصحابة . قال الإمام أحمد : حدثنا عبد الله بن نمير ، حدثنا إسماعيل ، عن أبي بكر بن أبي زهير قال : أخبرت أن أبا بكر قال : يا رسول الله ، كيف الصلاح بعد هذه الآية : ( ليس بأمانيكم ولا أماني أهل الكتاب من يعمل سوءا يجز به ) فكل سوء عملناه جزينا به ؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " غفر الله لك يا أبا بكر ، ألست تمرض ؟ ألست تنصب ؟ ألست تحزن ؟ ألست تصيبك اللأواء ؟ " قال : بلى . قال : " فهو ما تجزون به " .ورواه سعيد بن منصور ، عن خلف بن خليفة ، عن إسماعيل بن أبي خالد ، به . ورواه ابن حبان في صحيحه ، عن أبي يعلى ، عن أبي خيثمة ، عن يحيى بن سعيد ، عن إسماعيل بن أبي خالد ، به . ورواه الحاكم من طريق سفيان الثوري ، عن إسماعيل به .وقال الإمام أحمد : حدثنا عبد الوهاب بن عطاء ، عن زياد الجصاص ، عن علي بن زيد ، عن مجاهد ، عن ابن عمر قال : سمعت أبا بكر يقول : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من يعمل سوءا يجز به في الدنيا " .وقال أبو بكر بن مردويه : حدثنا أحمد بن هشيم بن جهيمة ، حدثنا يحيى بن أبي طالب ، حدثنا عبد الوهاب بن عطاء ، حدثنا زياد الجصاص ، عن علي بن زيد ، عن مجاهد قال : قال عبد الله بن عمر : انظروا المكان الذي به عبد الله بن الزبير مصلوبا ولا تمرن عليه . قال : فسها الغلام ، فإذا ابن عمر ينظر إلى ابن الزبير فقال : يغفر الله لك ثلاثا ، أما والله ما علمتك إلا صواما قواما وصالا للرحم ، أما والله إني لأرجو مع متساوي ما أصبت ألا يعذبك الله بعدها . قال : ثم التفت إلي فقال : سمعت أبا بكر الصديق يقول : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من يعمل سوءا في الدنيا يجز به " .ورواه أبو بكر البزار في ، عن الفضل بن سهل ، عن عبد الوهاب بن عطاء ، به مختصرا . وقد قال في مسند ابن الزبير : حدثنا إبراهيم بن المستمر العروفي حدثنا عبد الرحمن بن سليم بن حيان ، حدثني أبي ، عن جدي حيان بن بسطام ، قال : كنت مع ابن عمر ، فمر بعبد الله بن الزبير وهو مصلوب ، فقال : رحمك الله أبا خبيب ، سمعت أباك - يعني الزبير - يقول : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من يعمل سوءا يجز به في الدنيا والأخرى " ثم قال : لا نعلمه يروى عن الزبير إلا من هذا الوجه .وقال أبو بكر بن مردويه : حدثنا أحمد بن كامل ، حدثنا محمد بن سعد العوفي ، حدثنا روح بن عبادة ، حدثنا موسى بن عبيدة ، حدثني مولى ابن سباع قال : سمعت ابن عمر يحدث ، عن أبي بكر الصديق قال : كنت عند النبي صلى الله عليه وسلم فنزلت هذه الآية : ( من يعمل سوءا يجز به ولا يجد له من دون الله وليا ولا نصيرا ) فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " يا أبا بكر ، هل أقرئك آية نزلت علي ؟ " قال : قلت : بلى يا رسول الله . فأقرأنيها فلا أعلم إلا أني وجدت انقصاما في ظهري حتى تمطأت فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ما لك يا أبا بكر ؟ " قلت : بأبي أنت وأمي يا رسول الله ، وأينا لم يعمل السوء ، وإنا لمجزيون بكل سوء عملناه ؟ ! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أما أنت وأصحابك يا أبا بكر المؤمنون فتجزون بذلك في الدنيا حتى تلقوا الله ، وليس لكم ذنوب ، وأما الآخرون فيجمع لهم ذلك حتى يجزوا به يوم القيامة " .وهكذا رواه الترمذي عن يحيى بن موسى ، وعبد بن حميد ، عن روح بن عبادة ، به . ثم قال : وموسى بن عبيدة يضعف ، ومولى ابن سباع مجهول .[ وقال ابن جرير : حدثنا الغلام ، حدثنا الحسين ، حدثنا الحجاج ، عن ابن جريج ، أخبرني عطاء بن أبي رباح قال : لما نزلت قال أبو بكر : يا رسول الله ، جاءت قاصمة الظهر ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إنما هي المصائب في الدنيا " ] .طريق أخرى عن الصديق : قال ابن مردويه : حدثنا محمد بن أحمد بن إسحاق العسكري ، حدثنا محمد بن عامر السعدي ، حدثنا يحيى بن يحيى ، حدثنا فضيل بن عياض ، عن سليمان بن مهران ، عن مسلم بن صبيح ، عن مسروق قال : قال أبو بكر [ الصديق ] يا رسول الله ، ما أشد هذه الآية : ( من يعمل سوءا يجز به ) ! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " المصائب والأمراض والأحزان في الدنيا جزاء " .طريق أخرى : قال ابن جرير : حدثني عبد الله بن أبي زياد وأحمد بن منصور قالا حدثنا زيد بن الحباب ، حدثنا عبد الملك بن الحسن الحارثي ، حدثنا محمد بن زيد بن قنفذ عن عائشة ، عن أبي بكر قال : لما نزلت : ( من يعمل سوءا يجز به ) قال أبو بكر : يا رسول الله ، كل ما نعمل نؤاخذ به ؟ فقال : " يا أبا بكر ، أليس يصيبك كذا وكذا ؟ فهو كفارة " .حديث آخر : قال سعيد بن منصور : أنبأنا عبد الله بن وهب ، أخبرني عمرو بن الحارث ، أن بكر بن سوادة حدثه ، أن يزيد بن أبي يزيد حدثه ، عن عبيد بن عمير ، عن عائشة : أن رجلا تلا هذه الآية : ( من يعمل سوءا يجز به ) فقال : إنا لنجزى بكل عمل ؟ هلكنا إذا . فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : " نعم ، يجزى به المؤمن في الدنيا ، في نفسه ، في جسده ، فيما يؤذيه " .طريق أخرى : قال ابن أبي حاتم : حدثنا أبي ، حدثنا سلمة بن بشير ، حدثنا هشيم ، عن أبي عامر ، عن ابن أبي مليكة ، عن عائشة قالت : قلت : يا رسول الله ، إني لأعلم أشد آية في القرآن . فقال : " ما هي يا عائشة ؟ " قلت : ( من يعمل سوءا يجز به ) فقال : " هو ما يصيب العبد المؤمن حتى النكبة ينكبها " .رواه ابن جرير من حديث هشيم ، به . ورواه أبو داود ، من حديث أبي عامر صالح بن رستم الخزاز به .طريق أخرى : قال أبو داود الطيالسي : حدثنا حماد بن سلمة ، عن علي بن زيد ، عن أمية أنها سألت عائشة عن هذه الآية : ( من يعمل سوءا يجز به ) فقالت : ما سألني عن هذه الآية أحد منذ سألت عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم ، سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : " يا عائشة ، هذه مبايعة الله للعبد ، مما يصيبه من الحمى والنكبة والشوكة ، حتى البضاعة يضعها في كمه فيفزع لها ، فيجدها في جيبه ، حتى إن المؤمن ليخرج من ذنوبه كما يخرج التبر الأحمر من الكير " .طريق أخرى : قال ابن مردويه : حدثنا محمد بن أحمد بن إبراهيم ، حدثنا أبو القاسم ، حدثنا سريج بن يونس ، حدثنا أبو معاوية ، عن محمد بن إسماعيل ، عن محمد بن زيد بن المهاجر ، عن عائشة قالت : سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن هذه الآية : ( من يعمل سوءا يجز به ) قال : " إن المؤمن يؤجر في كل شيء حتى في الفيظ عند الموت " .وقال الإمام أحمد : حدثنا حسين ، عن زائدة ، عن ليث ، عن مجاهد ، عن عائشة قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إذا كثرت ذنوب العبد ، ولم يكن له ما يكفرها ، ابتلاه الله بالحزن ليكفرها عنه " .حديث آخر : قال سعيد بن منصور ، عن سفيان بن عيينة ، عن عمر بن عبد الرحمن بن محيصن ، سمع محمد بن قيس بن مخرمة ، يخبر أن أبا هريرة ، رضي الله عنه ، قال : لما نزلت : ( من يعمل سوءا يجز به ) شق ذلك على المسلمين ، فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم : " سددوا وقاربوا ، فإن في كل ما يصاب به المسلم كفارة حتى الشوكة يشاكها ، والنكبة ينكبها " .وهكذا رواه أحمد ، عن سفيان بن عيينة ، ومسلم والترمذي والنسائي ، من حديث سفيان بن عيينة ، به ورواه ابن مردويه من حديث روح ومعتمر كلاهما ، عن إبراهيم بن يزيد عن عبد الله بن إبراهيم ، سمعت أبا هريرة يقول : لما نزلت هذه الآية : ( ليس بأمانيكم ولا أماني أهل الكتاب من يعمل سوءا يجز به ) بكينا وحزنا وقلنا : يا رسول الله ، ما أبقت هذه الآية من شيء . قال : " أما والذي نفسي بيده إنها لكما نزلت ، ولكن أبشروا وقاربوا وسددوا ; فإنه لا يصيب أحدا منكم في الدنيا إلا كفر الله بها خطيئته ، حتى الشوكة يشاكها أحدكم في قدمه " .وقال عطاء بن يسار ، عن أبي سعيد وأبي هريرة : أنهما سمعا رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " ما يصيب المؤمن من نصب ولا وصب ولا سقم ولا حزن ، حتى الهم يهمه ، إلا كفر به من سيئاته " أخرجاه .حديث آخر : قال الإمام أحمد : حدثنا يحيى ، عن سعد بن إسحاق ، حدثتني زينب بنت كعب بن عجرة ، عن أبي سعيد الخدري قال : قال رجل لرسول الله صلى الله عليه وسلم : أرأيت هذه الأمراض التي تصيبنا ؟ ما لنا بها ؟ قال : " كفارات " . قال أبي : وإن قلت ؟ قال : " وإن شوكة فما فوقها " قال : فدعا أبي على نفسه أنه لا يفارقه الوعك حتى يموت ، في ألا يشغله عن حج ولا عمرة ، ولا جهاد في سبيل الله ، ولا صلاة مكتوبة في جماعة ، فما مسه إنسان إلا وجد حره ، حتى مات ، رضي الله عنه . تفرد به أحمد .حديث آخر : روى ابن مردويه من طريق حسين بن واقد ، عن الكلبي ، عن أبي صالح ، عن ابن عباس قال : قيل : يا رسول الله : ( من يعمل سوءا يجز به ) ؟ قال : " نعم ، ومن يعمل حسنة يجز بها عشرا . فهلك من غلب واحدته عشرا " .وقال ابن جرير : حدثنا ابن وكيع ، حدثنا يزيد بن هارون ، حدثنا حماد بن سلمة ، عن حميد ، عن الحسن : ( من يعمل سوءا يجز به ) قال : الكافر ، ثم قرأ : ( وهل نجازي إلا الكفور ) [ سبأ : 17 ] .وهكذا روي عن ابن عباس ، وسعيد بن جبير : أنهما فسرا السوء هاهنا بالشرك أيضا .وقوله : ( ولا يجد له من دون الله وليا ولا نصيرا ) قال علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس : إلا أن يتوب فيتوب الله عليه . رواه ابن أبي حاتم .والصحيح أن ذلك عام في جميع الأعمال ، لما تقدم من الأحاديث ، وهذا اختيار ابن جرير ، والله أعلم .
وَ مَنْ یَّعْمَلْ مِنَ الصّٰلِحٰتِ مِنْ ذَكَرٍ اَوْ اُنْثٰى وَ هُوَ مُؤْمِنٌ فَاُولٰٓىٕكَ یَدْخُلُوْنَ الْجَنَّةَ وَ لَا یُظْلَمُوْنَ نَقِیْرًا(۱۲۴)
اور جو کچھ بھلے کام کرے گا مرد ہو یا عورت اور ہو مسلمان (ف۳۱۹) تو وہ جنت میں داخل کیے جائیں گے اور انہیں تِل بھر نقصان نہ دیا جائے گا
وقوله : ( ومن يعمل من الصالحات من ذكر أو أنثى وهو مؤمن [ فأولئك يدخلون الجنة ولا يظلمون نقيرا ] ) لما ذكر الجزاء على السيئات ، وأنه لا بد أن يأخذ مستحقها من العبد إما في الدنيا - وهو الأجود له - وإما في الآخرة - والعياذ بالله من ذلك ، ونسأله العافية في الدنيا والآخرة ، والصفح والعفو والمسامحة - شرع في بيان إحسانه وكرمه ورحمته في قبول الأعمال الصالحة من عباده ذكرانهم وإناثهم ، بشرط الإيمان ، وأنه سيدخلهم الجنة ولا يظلمهم من حسناتهم ولا مقدار النقير ، وهو : النقرة التي في ظهر نواة التمرة ، وقد تقدم الكلام على الفتيل ، وهو الخيط الذي في شق النواة ، وهذا النقير وهما في نواة التمرة ، وكذا القطمير وهو اللفافة التي على نواة التمرة ، الثلاثة في القرآن .
وَ مَنْ اَحْسَنُ دِیْنًا مِّمَّنْ اَسْلَمَ وَجْهَهٗ لِلّٰهِ وَ هُوَ مُحْسِنٌ وَّ اتَّبَعَ مِلَّةَ اِبْرٰهِیْمَ حَنِیْفًاؕ-وَ اتَّخَذَ اللّٰهُ اِبْرٰهِیْمَ خَلِیْلًا(۱۲۵)
اور اس سے بہتر کس کا دین جس نے اپنا منہ اللہ کے لئے جھکا دیا (ف۳۲۰) اور وہ نیکی والا ہے اور ابراہیم کے دین پر (ف۳۲۱) جو ہر باطل سے جدا تھا اور اللہ نے ابراہیم کو اپنا گہرا دوست بنایا (ف۳۲۲)
ثم قال تعالى : ( ومن أحسن دينا ممن أسلم وجهه لله ) أخلص العمل لربه ، عز وجل ، فعمل إيمانا واحتسابا ( وهو محسن ) أي : اتبع في عمله ما شرعه الله له ، وما أرسل به رسوله من الهدى ودين الحق ، وهذان الشرطان لا يصح عمل عامل بدونهما ، أي : يكون خالصا صوابا ، والخالص أن يكون لله ، والصواب أن يكون متبعا للشريعة فيصح ظاهره بالمتابعة ، وباطنه بالإخلاص ، فمتى فقد العمل أحد هذين الشرطين فسد . فمن فقد الإخلاص كان منافقا ، وهم الذين يراؤون الناس ، ومن فقد المتابعة كان ضالا جاهلا . ومتى جمعهما فهو عمل المؤمنين : ( الذين نتقبل عنهم أحسن ما عملوا ونتجاوز عن سيئاتهم [ في أصحاب الجنة وعد الصدق الذي كانوا يوعدون ] ) [ الأحقاف : 16 ] ; ولهذا قال تعالى : ( واتبع ملة إبراهيم حنيفا ) وهم محمد وأتباعه إلى يوم القيامة ، كما قال تعالى : ( إن أولى الناس بإبراهيم للذين اتبعوه وهذا النبي [ والذين آمنوا والله ولي المؤمنين ] ) [ آل عمران : 68 ] وقال تعالى : ( [ قل إنني هداني ربي إلى صراط مستقيم دينا قيما ملة إبراهيم حنيفا وما كان من المشركين ] ) [ الأنعام : 161 ] و ( ثم أوحينا إليك أن اتبع ملة إبراهيم حنيفا وما كان من المشركين ) [ النحل : 123 ] والحنيف : هو المائل عن الشرك قصدا ، أي تاركا له عن بصيرة ، ومقبل على الحق بكليته ، لا يصده عنه صاد ، ولا يرده عنه راد .وقوله : ( واتخذ الله إبراهيم خليلا ) وهذا من باب الترغيب في اتباعه ; لأنه إمام يقتدى به ، حيث وصل إلى غاية ما يتقرب به العباد له ، فإنه انتهى إلى درجة الخلة التي هي أرفع مقامات المحبة ، وما ذاك إلا لكثرة طاعته لربه ، كما وصفه به في قوله : ( وإبراهيم الذي وفى ) [ النجم : 37 ] قال كثيرون من السلف : أي قام بجميع ما أمر به ووفى كل مقام من مقامات العبادة ، فكان لا يشغله أمر جليل عن حقير ، ولا كبير عن صغير . وقال تعالى : ( وإذ ابتلى إبراهيم ربه بكلمات فأتمهن [ قال إني جاعلك للناس إماما ] ) الآية [ البقرة : 124 ] . وقال تعالى : ( إن إبراهيم كان أمة قانتا لله حنيفا ولم يك من المشركين [ شاكرا لأنعمه اجتباه وهداه إلى صراط مستقيم . وآتيناه في الدنيا حسنة وإنه في الآخرة لمن الصالحين ] ) [ النحل : 120 - 122 ] .وقال البخاري : حدثنا سليمان بن حرب ، حدثنا شعبة ، عن حبيب بن أبي ثابت ، عن سعيد بن جبير ، عن عمرو بن ميمون قال : إن معاذا لما قدم اليمن صلى الصبح بهم : فقرأ : ( واتخذ الله إبراهيم خليلا ) فقال رجل من القوم : لقد قرت عين أم إبراهيم .وقد ذكر ابن جرير في تفسيره ، عن بعضهم أنه إنما سماه الله خليلا من أجل أنه أصاب أهل ناحيته جدب ، فارتحل إلى خليل له من أهل الموصل - وقال بعضهم : من أهل مصر - ليمتار طعاما لأهله من قبله ، فلم يصب عنده حاجته . فلما قرب من أهله مر بمفازة ذات رمل ، فقال : لو ملأت غرائري من هذا الرمل ، لئلا أغم أهلي برجوعي إليهم بغير ميرة ، وليظنوا أني أتيتهم بما يحبون . ففعل ذلك ، فتحول ما في غرائره من الرمل دقيقا ، فلما صار إلى منزله نام وقام أهله ففتحوا الغرائر ، فوجدوا دقيقا فعجنوا وخبزوا منه فاستيقظ ، فسألهم عن الدقيق الذي منه خبزوا ، فقالوا : من الدقيق الذي جئت به من عند خليلك فقال : نعم ، هو من خليلي الله . فسماه الله بذلك خليلا .وفي صحة هذا ووقوعه نظر ، وغايته أن يكون خبرا إسرائيليا لا يصدق ولا يكذب ، وإنما سمي خليل الله لشدة محبة ربه ، عز وجل ، له ، لما قام له من الطاعة التي يحبها ويرضاها ; ولهذا ثبت في الصحيحين ، من حديث أبي سعيد الخدري : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما خطبهم في آخر خطبة خطبها قال : " أما بعد ، أيها الناس ، فلو كنت متخذا من أهل الأرض خليلا لاتخذت أبا بكر بن أبي قحافة خليلا ولكن صاحبكم خليل الله " .وجاء من طريق جندب بن عبد الله البجلي ، وعبد الله بن عمرو بن العاص ، وعبد الله بن مسعود ، عن النبي صلى الله عليه وسلم : " إن الله اتخذني خليلا كما اتخذ إبراهيم خليلا " .وقال أبو بكر بن مردويه : حدثنا عبد الرحيم بن محمد بن مسلم ، حدثنا إسماعيل بن أحمد بن أسيد ، حدثنا إبراهيم بن يعقوب الجوزجاني بمكة ، حدثنا عبيد الله الحنفي ، حدثنا زمعة بن صالح ، عن سلمة بن وهرام ، عن عكرمة ، عن ابن عباس قال : جلس ناس من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ينتظرونه ، فخرج حتى إذا دنا منهم سمعهم يتذاكرون ، فسمع حديثهم ، وإذا بعضهم يقول : عجبا إن الله اتخذ من خلقه خليلا فإبراهيم خليله ! وقال آخر : ماذا بأعجب من أن الله كلم موسى تكليما ! وقال آخر : فعيسى روح الله وكلمته ! وقال آخر : آدم اصطفاه الله ! فخرج عليهم فسلم وقال : " قد سمعت كلامكم وتعجبكم أن إبراهيم خليل الله ، وهو كذلك ، وموسى كليمه ، وعيسى روحه وكلمته ، وآدم اصطفاه الله ، وهو كذلك ألا وإني حبيب الله ولا فخر ، وأنا حامل لواء الحمد يوم القيامة ولا فخر ، وأنا أول شافع ، وأول مشفع ولا فخر ، وأنا أول من يحرك حلق الجنة ، فيفتح الله فيدخلنيها ومعي فقراء المؤمنين ولا فخر ، وأنا أكرم الأولين والآخرين يوم القيامة ولا فخر " .وهذا حديث غريب من هذا الوجه ، ولبعضه شواهد في الصحاح وغيرها .وقال قتادة ، عن عكرمة ، عن ابن عباس أنه قال : أتعجبون من أن تكون الخلة لإبراهيم ، والكلام لموسى ، والرؤية لمحمد ، صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين .رواه الحاكم في مستدركه وقال : صحيح على شرط البخاري ، ولم يخرجاه . وكذا روي عن أنس بن مالك ، وغير واحد من الصحابة والتابعين ، والأئمة من السلف والخلف .وقال ابن أبي حاتم : حدثنا يحيى بن عبدك القزويني ، حدثنا محمد - يعني ابن سعيد بن سابق - حدثنا عمرو - يعني ابن أبي قيس - عن عاصم ، عن أبي راشد ، عن عبيد بن عمير قال : كان إبراهيم عليه السلام يضيف الناس ، فخرج يوما يلتمس إنسانا يضيفه ، فلم يجد أحدا يضيفه ، فرجع إلى داره فوجد فيها رجلا قائما ، فقال : يا عبد الله ، ما أدخلك داري بغير إذني ؟ قال : دخلتها بإذن ربها . قال : ومن أنت ؟ قال : أنا ملك الموت ، أرسلني ربي إلى عبد من عباده أبشره أن الله قد اتخذه خليلا . قال : من هو ؟ فوالله إن أخبرتني به ثم كان بأقصى البلاد لآتينه ثم لا أبرح له جارا حتى يفرق بيننا الموت . قال : ذلك العبد أنت . قال : أنا ؟ قال : نعم . قال : فيم اتخذني الله خليلا ؟ قال : إنك تعطي الناس ولا تسألهم .وحدثنا أبي ، حدثنا محمود بن خالد السلمي ، حدثنا الوليد ، عن إسحاق بن يسار قال : لما اتخذ الله إبراهيم خليلا ألقى في قلبه الوجل ، حتى إن كان خفقان قلبه ليسمع من بعيد كما يسمع خفقان الطير في الهواء . وهكذا جاء في صفة رسول الله صلى الله عليه وسلم : أنه كان يسمع لصدره أزيز كأزيز المرجل من البكاء .
وَ لِلّٰهِ مَا فِی السَّمٰوٰتِ وَ مَا فِی الْاَرْضِؕ-وَ كَانَ اللّٰهُ بِكُلِّ شَیْءٍ مُّحِیْطًا۠(۱۲۶)
اور اللہ ہی کا ہے جو کچھ آسمانوں میں ہے اور جو کچھ زمین میں، اور ہر چیز پر اللہ کا قابو ہے (ف۳۲۳)
وقوله : ( ولله ما في السماوات وما في الأرض ) أي : الجميع ملكه وعبيده وخلقه ، وهو المتصرف في جميع ذلك ، لا راد لما قضى ، ولا معقب لما حكم ، ولا يسأل عما يفعل ، لعظمته وقدرته وعدله وحكمته ولطفه ورحمته .وقوله : ( وكان الله بكل شيء محيطا ) أي : علمه نافذ في جميع ذلك ، لا تخفى عليه خافية من عباده ، ولا يعزب عن علمه مثقال ذرة في السماوات ولا في الأرض ، ولا أصغر من ذلك ولا أكبر ، ولا تخفى عليه ذرة لما تراءى للناظرين وما توارى .
وَ یَسْتَفْتُوْنَكَ فِی النِّسَآءِؕ-قُلِ اللّٰهُ یُفْتِیْكُمْ فِیْهِنَّۙ-وَ مَا یُتْلٰى عَلَیْكُمْ فِی الْكِتٰبِ فِیْ یَتٰمَى النِّسَآءِ الّٰتِیْ لَا تُؤْتُوْنَهُنَّ مَا كُتِبَ لَهُنَّ وَ تَرْغَبُوْنَ اَنْ تَنْكِحُوْهُنَّ وَ الْمُسْتَضْعَفِیْنَ مِنَ الْوِلْدَانِۙ-وَ اَنْ تَقُوْمُوْا لِلْیَتٰمٰى بِالْقِسْطِؕ-وَ مَا تَفْعَلُوْا مِنْ خَیْرٍ فَاِنَّ اللّٰهَ كَانَ بِهٖ عَلِیْمًا(۱۲۷)
اور تم سے عورتوں کے بارے میں فتویٰ پوچھتے ہیں (ف۳۲۴) تم فرمادو کہ اللہ تمہیں ان کا فتویٰ دیتا ہے اور وہ جو تم پر قرآن میں پڑھا جاتا ہے ان یتیم لڑکیوں کے بارے میں تم انہیں نہیں دیتے جو ان کا مقرر ہے (ف۳۲۵) اور انہیں نکاح میں بھی لانے سے منہ پھیرتے ہو اور کمزور (ف۳۲۶) بچوں کے بارے میں اور یہ کہ یتیموں کے حق میں انصاف پر قائم رہو (ف۳۲۷) اور تم جو بھلائی کرو تو اللہ کو اس کی خبر ہے،
قال البخاري : حدثنا عبيد بن إسماعيل ، حدثنا أبو أسامة قال : حدثنا هشام بن عروة ، أخبرني أبي عن عائشة : ( ويستفتونك في النساء قل الله يفتيكم فيهن ) إلى قوله : ( وترغبون أن تنكحوهن ) قالت : هو الرجل تكون عنده اليتيمة ، هو وليها ووارثها قد شركته في ماله ، حتى في العذق ، فيرغب أن ينكحها ، ويكره أن يزوجها رجلا فيشركه في ماله بما شركته فيعضلها ، فنزلت هذه الآية .وكذلك رواه مسلم ، عن أبي كريب ، وعن أبي بكر بن أبي شيبة ، كلاهما عن أبي أسامة .وقال ابن أبي حاتم : قرأت على محمد بن عبد الله بن عبد الحكم ، أخبرنا ابن وهب ، أخبرني يونس ، عن ابن شهاب ، أخبرني عروة بن الزبير ، قالت عائشة : ثم إن الناس استفتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد هذه الآية فيهن ، فأنزل الله : ( ويستفتونك في النساء قل الله يفتيكم فيهن وما يتلى عليكم في الكتاب ) الآية ، قالت : والذي ذكر الله أنه يتلى عليهم في الكتاب الآية الأولى التي قال الله [ تعالى ] ( وإن خفتم ألا تقسطوا في اليتامى فانكحوا ما طاب لكم من النساء ) [ النساء : 3 ] .وبهذا الإسناد ، عن عائشة قالت : وقول الله عز وجل : ( وترغبون أن تنكحوهن ) رغبة أحدكم عن يتيمته التي تكون في حجره حين تكون قليلة المال والجمال ، فنهوا أن ينكحوا ما رغبوا في مالها وجمالها من يتامى النساء إلا بالقسط ، من أجل رغبتهم عنهن .وأصله ثابت في الصحيحين ، من طريق يونس بن يزيد الأيلي ، به .والمقصود أن الرجل إذا كان في حجره يتيمة يحل له تزويجها ، فتارة يرغب في أن يتزوجها ، فأمره الله عز وجل أن يمهرها أسوة أمثالها من النساء ، فإن لم يفعل فليعدل إلى غيرها من النساء ، فقد وسع الله عز وجل . وهذا المعنى في الآية الأولى التي في أول السورة . وتارة لا يكون للرجل فيها رغبة لدمامتها عنده ، أو في نفس الأمر ، فنهاه الله عز وجل أن يعضلها عن الأزواج خشية أن يشركوه في ماله الذي بينه وبينها ، كما قال علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس في قوله : ( في يتامى النساء [ اللاتي لا تؤتونهن ما كتب لهن وترغبون أن تنكحوهن ] ) الآية ، فكان الرجل في الجاهلية تكون عنده اليتيمة ، فيلقي عليها ثوبه ، فإذا فعل ذلك [ بها ] لم يقدر أحد أن يتزوجها أبدا ، فإن كانت جميلة وهويها تزوجها وأكل مالها ، وإن كانت دميمة منعها الرجال أبدا حتى تموت ، فإذا ماتت ورثها . فحرم الله ذلك ونهى عنه .وقال في قوله : ( والمستضعفين من الولدان ) كانوا في الجاهلية لا يورثون الصغار ولا البنات ، وذلك قوله : ( لا تؤتونهن ما كتب لهن ) فنهى الله عن ذلك ، وبين لكل ذي سهم سهمه ، فقال : ( للذكر مثل حظ الأنثيين ) [ النساء : 11 ] صغيرا أو كبيرا .وكذا قال سعيد بن جبير وغيره ، قال سعيد بن جبير في قوله : ( وأن تقوموا لليتامى بالقسط ) كما إذا كانت ذات جمال ومال نكحتها واستأثرت بها ، كذلك إذا لم تكن ذات جمال ولا مال فانكحها واستأثر بها .وقوله : ( وما تفعلوا من خير فإن الله كان به عليما ) تهييج على فعل الخيرات وامتثال الأمر وأن الله عز وجل عالم بجميع ذلك ، وسيجزي عليه أوفر الجزاء وأتمه .
وَ اِنِ امْرَاَةٌ خَافَتْ مِنْۢ بَعْلِهَا نُشُوْزًا اَوْ اِعْرَاضًا فَلَا جُنَاحَ عَلَیْهِمَاۤ اَنْ یُّصْلِحَا بَیْنَهُمَا صُلْحًاؕ-وَ الصُّلْحُ خَیْرٌؕ-وَ اُحْضِرَتِ الْاَنْفُسُ الشُّحَّؕ-وَ اِنْ تُحْسِنُوْا وَ تَتَّقُوْا فَاِنَّ اللّٰهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُوْنَ خَبِیْرًا(۱۲۸)
اور اگر کوئی عورت اپنے شوہر کی زیادتی یا بے رغبتی کا اندیشہ کرے (ف۳۲۸) تو ان پر گناہ نہیں کہ آپس میں صلح کرلیں (ف۳۲۹) اور صلح خوب ہے (ف۳۳۰) اور دل لالچ کے پھندے میں ہیں (ف۳۳۱) اور اگر تم نیکی اور پرہیزگاری کرو (ف۳۳۲) تو اللہ کو تمہارے کاموں کی خبر ہے(ف۳۳۳)
يقول تعالى مخبرا ومشرعا عن حال الزوجين : تارة في حال نفور الرجل عن المرأة ، وتارة في حال اتفاقه معها ، وتارة في حال فراقه لها .فالحالة الأولى : ما إذا خافت المرأة من زوجها أن ينفر عنها ، أو يعرض عنها ، فلها أن تسقط حقها أو بعضه ، من نفقة أو كسوة ، أو مبيت ، أو غير ذلك من الحقوق عليه ، وله أن يقبل ذلك منها فلا جناح عليها في بذلها ذلك له ، ولا عليه في قبوله منها ; ولهذا قال تعالى : ( فلا جناح عليهما أن يصلحا بينهما صلحا ) ثم قال ( والصلح خير ) أي : من الفراق . وقوله : ( وأحضرت الأنفس الشح ) أي الصلح عند المشاحة خير من الفراق ; ولهذا لما كبرت سودة بنت زمعة عزم رسول الله صلى الله عليه وسلم على فراقها ، فصالحته على أن يمسكها ، وتترك يومها لعائشة ، فقبل ذلك منها وأبقاها على ذلك .ذكر الرواية بذلك :قال أبو داود الطيالسي : حدثنا سليمان بن معاذ ، عن سماك بن حرب ، عن عكرمة ، عن ابن عباس قال : خشيت سودة أن يطلقها رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقالت : يا رسول الله ، لا تطلقني واجعل يومي لعائشة . ففعل ، ونزلت هذه الآية : ( وإن امرأة خافت من بعلها نشوزا أو إعراضا ) الآية ، قال ابن عباس : فما اصطلحا عليه من شيء فهو جائز .ورواه الترمذي ، عن محمد بن المثنى ، عن أبي داود الطيالسي ، به . وقال : حسن غريبوقال الشافعي أخبرنا مسلم ، عن ابن جريج ، عن عطاء ، عن ابن عباس ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم توفي عن تسع نسوة ، وكان يقسم لثمان .وفي الصحيحين ، من حديث هشام بن عروة ، عن أبيه ، عن عائشة قالت : لما كبرت سودة بنت زمعة وهبت يومها لعائشة ، فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقسم لها بيوم سودة .وفي صحيح البخاري ، من حديث الزهري ، عن عروة ، عن عائشة ، نحوه .وقال سعيد بن منصور : أنبأنا عبد الرحمن بن أبي الزناد ، عن ، عن أبيه عروة قال : أنزل الله تعالى في سودة وأشباهها : ( وإن امرأة خافت من بعلها نشوزا أو إعراضا ) وذلك أن سودة كانت امرأة قد أسنت ، ففزعت أن يفارقها رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وضنت بمكانها منه ، وعرفت من حب رسول الله صلى الله عليه وسلم عائشة ومنزلتها منه ، فوهبت يومها من رسول الله صلى الله عليه وسلم لعائشة ، فقبل ذلك النبي صلى الله عليه وسلم .قال البيهقي : وقد رواه أحمد بن يونس : عن ابن أبي الزناد موصولا . وهذه الطريق رواها الحاكم في مستدركه فقال :حدثنا أبو بكر بن إسحاق الفقيه ، أخبرنا الحسن بن علي بن زياد ، حدثنا أحمد بن يونس ، حدثنا عبد الرحمن بن أبي الزناد ، عن هشام بن عروة ، عن أبيه ، عن عائشة : أنها قالت له : يا ابن أختي ، كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يفضل بعضنا على بعض في مكثه عندنا ، وكان قل يوم إلا وهو يطوف علينا ، فيدنو من كل امرأة من غير مسيس ، حتى يبلغ إلى من هو يومها فيبيت عندها ، ولقد قالت سودة بنت زمعة - حين أسنت وفرقت أن يفارقها رسول الله صلى الله عليه وسلم - : يا رسول الله ، يومي هذا لعائشة . فقبل ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم . قالت عائشة : ففي ذلك أنزل الله : ( وإن امرأة خافت من بعلها نشوزا أو إعراضا )وكذا رواه أبو داود ، عن أحمد بن يونس ، به . ثم قال الحاكم : صحيح الإسناد ولم يخرجاه .وقد رواه [ الحافظ أبو بكر ] بن مردويه من طريق أبي بلال الأشعري ، عن عبد الرحمن بن أبي الزناد ، به نحوه . ومن رواية عبد العزيز بن محمد الدراوردي ، عن هشام بن عروة ، بنحوه مختصرا ، والله أعلم .وقال أبو العباس محمد بن عبد الرحمن الدغولي في أول معجمه : حدثنا محمد بن يحيى ، حدثنا مسلم بن إبراهيم ، حدثنا هشام الدستوائي ، حدثنا القاسم بن أبي بزة قال : بعث النبي صلى الله عليه وسلم إلى سودة بنت زمعة بطلاقها ، فلما أن أتاها جلست له على طريق عائشة ، فلما رأته قالت له : أنشدك بالذي أنزل عليك كلامه واصطفاك على خلقه لما راجعتني ، فإني قد كبرت ولا حاجة لي في الرجال ، لكن أريد أن أبعث مع نسائك يوم القيامة . فراجعها فقالت : إني جعلت يومي وليلتي لحبة رسول الله صلى الله عليه وسلم . وهذا غريب مرسل .وقد قال البخاري : حدثنا محمد بن مقاتل ، أخبرنا عبد الله ، أخبرنا هشام بن عروة ، عن أبيه ، عن عائشة : ( وإن امرأة خافت من بعلها نشوزا أو إعراضا ) قالت : الرجل تكون عنده المرأة ، ليس بمستكثر منها ، يريد أن يفارقها ، فتقول : أجعلك من شأني في حل . فنزلت هذه الآية .وقال ابن جرير : حدثنا ابن وكيع ، حدثنا أبي ، عن هشام بن عروة ، عن أبيه ، عن عائشة : ( وإن امرأة خافت من بعلها نشوزا أو إعراضا فلا جناح عليهما أن يصلحا بينهما صلحا والصلح خير ) قالت : هذا في المرأة تكون عند الرجل ، فلعله ألا يكون يستكثر منها ، ولا يكون لها ولد ، ولها صحبة فتقول : لا تطلقني وأنت في حل من شأني .حدثني المثنى ، حدثنا حجاج بن منهال ، حدثنا حماد بن سلمة ، عن ، عن عروة ، عن عائشة في قوله : ( وإن امرأة خافت من بعلها نشوزا أو إعراضا ) قالت : هو الرجل يكون له المرأتان : إحداهما قد كبرت ، أو هي دميمة وهو لا يستكثر منها فتقول : لا تطلقني ، وأنت في حل من شأني .وهذا الحديث ثابت في الصحيحين ، من غير وجه ، عن هشام بن عروة ، عن أبيه ، عن عائشة بنحو ما تقدم ، ولله الحمد والمنة .وقال ابن جرير : حدثنا ابن حميد وابن وكيع قالا حدثنا جرير ، عن أشعث ، عن ابن سيرين قال : جاء رجل إلى عمر ، رضي الله عنه ، فسأله عن آية ، فكره ذلك وضربه بالدرة ، فسأله آخر عن هذه الآية : ( وإن امرأة خافت من بعلها نشوزا أو إعراضا ) فقال : عن مثل هذا فسلوا . ثم قال : هذه المرأة تكون عند الرجل ، قد خلا من سنها ، فيتزوج المرأة الشابة يلتمس ولدها ، فما اصطلحا عليه من شيء فهو جائز . وقال ابن أبي حاتم : حدثنا علي بن الحسن الهسنجاني ، حدثنا مسدد ، حدثنا أبو الأحوص ، عن سماك بن حرب ، عن خالد بن عرعرة قال : جاء رجل إلى علي بن أبي طالب [ رضي الله عنه ] فسأله عن قول الله عز وجل : ( وإن امرأة خافت من بعلها نشوزا أو إعراضا فلا جناح عليهما ) قال علي : يكون الرجل عنده المرأة ، فتنبو عيناه عنها من دمامتها ، أو كبرها ، أو سوء خلقها ، أو قذذها ، فتكره فراقه ، فإن وضعت له من مهرها شيئا حل له ، وإن جعلت له من أيامها فلا حرج .وكذا رواه أبو داود الطيالسي ، عن شعبة ، عن حماد بن سلمة وأبي الأحوص . ورواه ابن جرير من طريق إسرائيل أربعتهم عن سماك ، به وكذا فسرها ابن عباس ، وعبيدة السلماني ، ومجاهد بن جبر ، والشعبي ، وسعيد بن جبير ، وعطاء ، وعطية العوفي ومكحول ، والحكم بن عتبة ، والحسن ، وقتادة ، وغير واحد من السلف والأئمة ، ولا أعلم [ في ذلك ] خلافا في أن المراد بهذه الآية هذا والله أعلم .وقال الشافعي : أنبأنا ابن عيينة ، عن الزهري ، عن ابن المسيب : أن ابنة محمد بن مسلمة كانت عند رافع بن خديج فكره منها أمرا إما كبرا أو غيره فأراد طلاقها فقالت : لا تطلقني واقسم لي ما بدا لك . فأنزل الله عز وجل : ( وإن امرأة خافت من بعلها نشوزا أو إعراضا ) الآية .وقد رواه الحاكم في مستدركه ، من طريق عبد الرزاق ، عن معمر ، عن الزهري ، عن سعيد بن المسيب وسليمان بن يسار بأطول من هذا السياق .وقال الحافظ أبو بكر البيهقي : أخبرنا أبو سعيد بن أبي عمرو ، حدثنا أبو محمد أحمد بن عبد الله المزني ، أنبأنا علي بن محمد بن عيسى ، حدثنا أبو اليمان ، أخبرني شعيب بن أبي حمزة ، عن الزهري ، أخبرني سعيد بن المسيب وسليمان بن يسار : أن السنة في هاتين الآيتين اللتين ذكر الله فيهما نشوز المرء وإعراضه عن امرأته في قوله : ( وإن امرأة خافت من بعلها نشوزا أو إعراضا ) إلى تمام الآيتين ، أن المرء إذا نشز عن امرأته وآثر عليها ، فإن من الحق أن يعرض عليها أن يطلقها أو تستقر عنده على ما كانت من أثرة في القسم من ماله ونفسه ، فإن استقرت عنده على ذلك ، وكرهت أن يطلقها ، فلا حرج عليه فيما آثر عليها من ذلك ، فإن لم يعرض عليها الطلاق ، وصالحها على أن يعطيها من ماله ما ترضاه وتقر عنده على الأثرة في القسم من ماله ونفسه ، صلح له ذلك ، وجاز صلحها عليه ، كذلك ذكر سعيد بن المسيب وسليمان الصلح الذي قال الله عز وجل ( فلا جناح عليهما أن يصلحا بينهما صلحا والصلح خير ) .وقد ذكر لي أن رافع بن خديج الأنصاري - وكان من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم - كانت عنده امرأة حتى إذا كبرت تزوج عليها فتاة شابة ، وآثر عليها الشابة ، فناشدته الطلاق فطلقها تطليقة ، ثم أمهلها ، حتى إذا كادت تحل راجعها ، ثم عاد فآثر الشابة عليها فناشدته الطلاق فطلقها تطليقة أخرى ، ثم أمهلها ، حتى إذا كادت تحل راجعها ، ثم عاد فآثر الشابة عليها ، فناشدته الطلاق فقال لها : ما شئت ، إنما بقيت لك تطليقة واحدة ، فإن شئت استقررت على ما ترين من الأثرة ، وإن شئت فارقتك ، فقالت : لا بل أستقر على الأثرة . فأمسكها على ذلك ، فكان ذلك صلحهما ، ولم ير رافع عليه إثما حين رضيت أن تستقر عنده على الأثرة فيما آثر به عليها .وهذا رواه بتمامه عبد الرحمن بن أبي حاتم ، عن أبيه ، عن أبي اليمان ، عن شعيب ، عن الزهري ، عن سعيد بن المسيب ، وسليمان بن يسار ، فذكره بطوله ، والله أعلموقوله : ( والصلح خير ) قال علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس : يعني التخيير ، أن يخير الزوج لها بين الإقامة والفراق ، خير من تمادي الزوج على أثرة غيرها عليها .والظاهر من الآية أن صلحهما على ترك بعض حقها للزوج ، وقبول الزوج ذلك ، خير من المفارقة بالكلية ، كما أمسك النبي صلى الله عليه وسلم سودة بنت زمعة على أن تركت يومها لعائشة ، رضي الله عنها ، ولم يفارقها بل تركها من جملة نسائه ، وفعله ذلك لتتأسى به أمته في مشروعية ذلك وجوازه ، فهو أفضل في حقه عليه الصلاة والسلام . ولما كان الوفاق أحب إلى الله [ عز وجل ] من الفراق قال : ( والصلح خير ) بل الطلاق بغيض إليه ، سبحانه وتعالى ; ولهذا جاء في الحديث الذي رواه أبو داود وابن ماجه جميعا ، عن كثير بن عبيد ، عن محمد بن خالد ، عن معرف بن واصل ، عن محارب بن دثار ، عن عبد الله بن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أبغض الحلال إلى الله الطلاق " .ثم رواه أبو داود عن أحمد بن يونس ، عن معرف عن محارب قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم . . . فذكر معناه مرسلا .وقوله : ( وإن تحسنوا وتتقوا فإن الله كان بما تعملون خبيرا ) [ أي ] وإن تتجشموا مشقة الصبر على من تكرهون منهن ، وتقسموا لهن أسوة أمثالهن ، فإن الله عالم بذلك وسيجزيكم على ذلك أوفر الجزاء .
وَ لَنْ تَسْتَطِیْعُوْۤا اَنْ تَعْدِلُوْا بَیْنَ النِّسَآءِ وَ لَوْ حَرَصْتُمْ فَلَا تَمِیْلُوْا كُلَّ الْمَیْلِ فَتَذَرُوْهَا كَالْمُعَلَّقَةِؕ-وَ اِنْ تُصْلِحُوْا وَ تَتَّقُوْا فَاِنَّ اللّٰهَ كَانَ غَفُوْرًا رَّحِیْمًا(۱۲۹)
اور تم سے ہرگز نہ ہوسکے گا کہ عورتوں کو برابر رکھو اور چاہے کتنی ہی حرص کرو (ف۳۳۴) تو یہ تو نہ ہو کہ ایک طرف پورا جھک جاؤ کہ دوسری کو ادھر میں لٹکتی چھوڑ دو (ف۳۳۵) اور اگر تم نیکی اور پرہیزگاری کرو تو بیشک اللہ بخشنے والا مہربان ہے،
وقوله تعالى : ( ولن تستطيعوا أن تعدلوا بين النساء ولو حرصتم ) أي : لن تستطيعوا أيها الناس أن تساووا بين النساء من جميع الوجوه ، فإنه وإن حصل القسم الصوري : ليلة وليلة ، فلا بد من التفاوت في المحبة والشهوة والجماع ، كما قاله ابن عباس ، وعبيدة السلماني ، ومجاهد ، والحسن البصري ، والضحاك بن مزاحم .وقد قال ابن أبي حاتم : حدثنا أبو زرعة ، حدثنا ابن أبي شيبة ، حدثنا حسين الجعفي ، عن زائدة ، عن عبد العزيز بن رفيع ، عن ابن أبي مليكة قال : نزلت هذه الآية : ( ولن تستطيعوا أن تعدلوا بين النساء ولو حرصتم ) في عائشة . يعني : أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يحبها أكثر من غيرها ، كما جاء في الحديث الذي رواه الإمام أحمد وأهل السنن ، من حديث حماد بن سلمة ، عن أيوب ، عن أبي قلابة ، عن عبد الله بن يزيد ، عن عائشة قالت : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقسم بين نسائه فيعدل ، ثم يقول : " اللهم هذا قسمي فيما أملك ، فلا تلمني فيما تملك ولا أملك " يعني : القلب .لفظ أبي داود ، وهذا إسناد صحيح ، لكن قال الترمذي : رواه حماد بن زيد وغير واحد ، عن أيوب ، عن أبي قلابة مرسلا قال : وهذا أصح .وقوله ( فلا تميلوا كل الميل ) أي : فإذا ملتم إلى واحدة منهم فلا تبالغوا في الميل بالكلية ( فتذروها كالمعلقة ) أي : فتبقى هذه الأخرى معلقة .قال ابن عباس ، ومجاهد ، وسعيد بن جبير ، والحسن ، والضحاك ، والربيع بن أنس ، والسدي ، ومقاتل بن حيان : معناه لا ذات زوج ولا مطلقة .وقد قال أبو داود الطيالسي : أنبأنا همام ، عن قتادة ، عن النضر بن أنس ، عن بشير بن نهيك ، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من كانت له امرأتان فمال إلى إحداهما ، جاء يوم القيامة وأحد شقيه ساقط " .وهكذا رواه الإمام أحمد وأهل السنن ، من حديث همام بن يحيى ، عن قتادة ، به . وقال الترمذي : إنما أسنده همام ، ورواه عن قتادة - قال : " كان يقال " . ولا نعرف هذا الحديث مرفوعا إلا من حديث همام .وقوله : ( وإن تصلحوا وتتقوا فإن الله كان غفورا رحيما ) أي : وإن أصلحتم في أموركم ، وقسمتم بالعدل فيما تملكون ، واتقيتم الله في جميع الأحوال ، غفر الله لكم ما كان من ميل إلى بعض النساء دون بعض .
وَ اِنْ یَّتَفَرَّقَا یُغْنِ اللّٰهُ كُلًّا مِّنْ سَعَتِهٖؕ-وَ كَانَ اللّٰهُ وَاسِعًا حَكِیْمًا(۱۳۰)
اور اگر وہ دونوں (ف۳۳۶) جدا ہوجائیں تو اللہ اپنی کشائش سے تم میں ہر ایک کو دوسرے سے بے نیاز کردے گا (ف۳۳۷) اور اللہ کشائش والا حکمت والا ہے،
ثم قال تعالى : ( وإن يتفرقا يغن الله كلا من سعته وكان الله واسعا حكيما ) وهذه هي الحالة الثالثة ، وهي حالة الفراق ، وقد أخبر تعالى أنهما إذا تفرقا فإن الله يغنيه عنها ويغنيها عنه ، بأن يعوضه بها من هو خير له منها ، ويعوضها عنه بمن هو خير لها منه : ( وكان الله واسعا حكيما ) أي : واسع الفضل عظيم المن ، حكيما في جميع أفعاله وأقداره وشرعه .
وَ لِلّٰهِ مَا فِی السَّمٰوٰتِ وَ مَا فِی الْاَرْضِؕ-وَ لَقَدْ وَصَّیْنَا الَّذِیْنَ اُوْتُوا الْكِتٰبَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَ اِیَّاكُمْ اَنِ اتَّقُوا اللّٰهَؕ-وَ اِنْ تَكْفُرُوْا فَاِنَّ لِلّٰهِ مَا فِی السَّمٰوٰتِ وَ مَا فِی الْاَرْضِؕ-وَ كَانَ اللّٰهُ غَنِیًّا حَمِیْدًا(۱۳۱)
اور اللہ ہی کا ہے جو کچھ آسمانوں میں ہے اور جو کچھ زمین میں، اور بیشک تاکید فرمادی ہے ہم نے ان سے جو تم سے پہلے کتاب دیئے گئے اور تم کو کہ اللہ سے ڈرتے رہو (ف۳۳۸) اور اگر کفر کرو تو بیشک اللہ ہی کا ہے جو کچھ آسمانوں میں ہے اور جو کچھ زمین میں (ف۳۳۹) اور اللہ بے نیاز ہے (ف۳۴۰) سب خوبیوں سراہا،
يخبر تعالى أنه مالك السماوات والأرض ، وأنه الحاكم فيهما ; ولهذا قال : ( ولقد وصينا الذين أوتوا الكتاب من قبلكم وإياكم ) أي : وصيناكم بما وصيناهم به ، من تقوى الله ، عز وجل ، بعبادته وحده لا شريك له .ثم قال : ( وإن تكفروا فإن لله ما في السماوات وما في الأرض [ وكان الله غنيا حميدا ] ) كما قال تعالى إخبارا عن موسى أنه قال لقومه : ( إن تكفروا أنتم ومن في الأرض جميعا فإن الله لغني حميد ) [ إبراهيم : 8 ] ، وقال ( فكفروا وتولوا واستغنى الله والله غني حميد ) [ التغابن : 6 ] أي : غني عن عباده ، ( حميد ) أي : محمود في جميع ما يقدره ويشرعه .
وَ لِلّٰهِ مَا فِی السَّمٰوٰتِ وَ مَا فِی الْاَرْضِؕ-وَ كَفٰى بِاللّٰهِ وَكِیْلًا(۱۳۲)
اور اللہ کا ہے جو کچھ آسمانوں میں ہے اور جو کچھ زمین میں، اور اللہ کافی ہے کارساز،
وقوله : ( ولله ما في السماوات وما في الأرض وكفى بالله وكيلا ) أي : هو القائم على كل نفس بما كسبت ، الرقيب الشهيد على كل شيء .
اِنْ یَّشَاْ یُذْهِبْكُمْ اَیُّهَا النَّاسُ وَ یَاْتِ بِاٰخَرِیْنَؕ-وَ كَانَ اللّٰهُ عَلٰى ذٰلِكَ قَدِیْرًا(۱۳۳)
اے لوگوں وہ چاہے تو تمہیں لے جائے (ف۳۴۱) اور اوروں کو لے آئے اور اللہ کو اس کی قدرت ہے،
وقوله : ( إن يشأ يذهبكم أيها الناس ويأت بآخرين وكان الله على ذلك قديرا ) أي : هو قادر على إذهابكم وتبديلكم بغيركم إذا عصيتموه ، وكما قال [ تعالى ] ( وإن تتولوا يستبدل قوما غيركم ثم لا يكونوا أمثالكم ) [ محمد : 38 ] . وقال بعض السلف : ما أهون العباد على الله إذا أضاعوا أمره ! وقال تعالى : ( إن يشأ يذهبكم ويأت بخلق جديد . وما ذلك على الله بعزيز ) [ إبراهيم : 19 ، 20 ] أي : ما هو عليه بممتنع .
مَنْ كَانَ یُرِیْدُ ثَوَابَ الدُّنْیَا فَعِنْدَ اللّٰهِ ثَوَابُ الدُّنْیَا وَ الْاٰخِرَةِؕ-وَ كَانَ اللّٰهُ سَمِیْعًۢا بَصِیْرًا۠(۱۳۴)
جو دنیا کا انعام چاہے تو اللہ ہی کے پاس دنیا و آخرت دونوں کا انعام ہے (ف۳۴۲) اور اللہ ہی سنتا دیکھتا ہے،
وقوله : ( من كان يريد ثواب الدنيا فعند الله ثواب الدنيا والآخرة ) أي : يا من ليس همه إلا الدنيا ، اعلم أن عند الله ثواب الدنيا والآخرة ، وإذا سألته من هذه وهذه أعطاك وأغناك وأقناك ، كما قال تعالى : ( فمن الناس من يقول ربنا آتنا في الدنيا وما له في الآخرة من خلاق . ومنهم من يقول ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار . أولئك لهم نصيب مما كسبوا [ والله سريع الحساب ] ) [ البقرة : 200 - 202 ] ، وقال تعالى : ( من كان يريد حرث الآخرة نزد له في حرثه [ ومن كان يريد حرث الدنيا نؤته منها وما له في الآخرة من نصيب ] ) [ الشورى : 20 ] ، وقال تعالى : ( من كان يريد العاجلة عجلنا له فيها ما نشاء لمن نريد ثم جعلنا له جهنم يصلاها مذموما مدحورا . ومن أراد الآخرة وسعى لها سعيها وهو مؤمن فأولئك كان سعيهم مشكورا . كلا نمد هؤلاء وهؤلاء من عطاء ربك وما كان عطاء ربك محظورا . انظر كيف فضلنا بعضهم على بعض [ وللآخرة أكبر درجات وأكبر تفضيلا ] ) [ الإسراء : 18 - 21 ] .وقد زعم ابن جرير أن المعنى في هذه الآية : ( من كان يريد ثواب الدنيا ) أي : من المنافقين الذين أظهروا الإيمان لأجل ذلك ، ( فعند الله ثواب الدنيا ) وهو ما حصل لهم من المغانم وغيرها مع المسلمين . وقوله : ( والآخرة ) أي : وعند الله ثواب الآخرة ، وهو ما ادخره لهم من العقوبة في نار جهنم . وجعلها كقوله : ( من كان يريد الحياة الدنيا وزينتها [ نوف إليهم أعمالهم فيها ] وهم فيها لا يبخسون . أولئك الذين ليس لهم في الآخرة إلا النار وحبط ما صنعوا فيها وباطل ما كانوا يعملون ) [ هود : 15 ، 16 ] .ولا شك أن هذه الآية معناها ظاهر ، وأما تفسيره الآية الأولى بهذا ففيه نظر ; فإن قوله ( فعند الله ثواب الدنيا والآخرة ) ظاهر في حضور الخير في الدنيا والآخرة ، أي : بيده هذا وهذا ، فلا يقتصرن قاصر الهمة على السعي للدنيا فقط ، بل لتكن همته سامية إلى نيل المطالب العالية في الدنيا والآخرة ، فإن مرجع ذلك كله إلى الذي بيده الضر والنفع ، وهو الله الذي لا إله إلا هو ، الذي قد قسم السعادة والشقاوة في الدنيا والآخرة بين الناس ، وعدل بينهم فيما علمه فيهم ، ممن يستحق هذا ، وممن يستحق هذا ; ولهذا قال : ( وكان الله سميعا بصيرا )
یٰۤاَیُّهَا الَّذِیْنَ اٰمَنُوْا كُوْنُوْا قَوّٰمِیْنَ بِالْقِسْطِ شُهَدَآءَ لِلّٰهِ وَ لَوْ عَلٰۤى اَنْفُسِكُمْ اَوِ الْوَالِدَیْنِ وَ الْاَقْرَبِیْنَۚ-اِنْ یَّكُنْ غَنِیًّا اَوْ فَقِیْرًا فَاللّٰهُ اَوْلٰى بِهِمَا- فَلَا تَتَّبِعُوا الْهَوٰۤى اَنْ تَعْدِلُوْاۚ-وَ اِنْ تَلْوٗۤا اَوْ تُعْرِضُوْا فَاِنَّ اللّٰهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُوْنَ خَبِیْرًا(۱۳۵)
اے ایمان والو! انصاف پر خوب قائم ہوجاؤ اللہ کے لئے گواہی دیتے چاہے اس میں تمہارا اپنا نقصان ہو یا ماں باپ کا یا رشتہ داروں کا جس پر گواہی دو وہ غنی ہو یا فقیر ہو (ف۳۴۳) بہرحال اللہ کو اس کا سب سے زیادہ اختیار ہے تو خواہش کے پیچھے نہ جاؤ کہ حق سے الگ پڑو اگر تم ہیر پھیر کرو (ف۳۴۴) یا منہ پھیرو (ف۳۴۵) تو اللہ کو تمہارے کاموں کی خبر ہے (ف۳۴۶)
يأمر تعالى عباده المؤمنين أن يكونوا قوامين بالقسط ، أي بالعدل ، فلا يعدلوا عنه يمينا ولا شمالا ولا تأخذهم في الله لومة لائم ، ولا يصرفهم عنه صارف ، وأن يكونوا متعاونين متساعدين متعاضدين متناصرين فيه .وقوله : ( شهداء لله ) كما قال ( وأقيموا الشهادة لله ) أي : ليكن أداؤها ابتغاء وجه الله ، فحينئذ تكون صحيحة عادلة حقا ، خالية من التحريف والتبديل والكتمان ; ولهذا قال : ( ولو على أنفسكم ) أي : اشهد الحق ولو عاد ضررها عليك وإذا سئلت عن الأمر فقل الحق فيه ، وإن كان مضرة عليك ، فإن الله سيجعل لمن أطاعه فرجا ومخرجا من كل أمر يضيق عليه .وقوله : ( أو الوالدين والأقربين ) أي : وإن كانت الشهادة على والديك وقرابتك ، فلا تراعهم فيها ، بل اشهد بالحق وإن عاد ضررها عليهم ، فإن الحق حاكم على كل أحد ، وهو مقدم على كل أحد .وقوله : ( إن يكن غنيا أو فقيرا فالله أولى بهما ) أي : لا ترعاه لغناه ، ولا تشفق عليه لفقره ، الله يتولاهما ، بل هو أولى بهما منك ، وأعلم بما فيه صلاحهما .وقوله ( فلا تتبعوا الهوى أن تعدلوا ) أي : فلا يحملنكم الهوى والعصبية وبغضة الناس إليكم ، على ترك العدل في أموركم وشؤونكم ، بل الزموا العدل على أي حال كان ، كما قال تعالى : ( ولا يجرمنكم شنآن قوم على ألا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى ) [ المائدة : 8 ]ومن هذا القبيل قول عبد الله بن رواحة ، لما بعثه النبي صلى الله عليه وسلم يخرص على أهل خيبر ثمارهم وزرعهم ، فأرادوا أن يرشوه ليرفق بهم ، فقال : والله لقد جئتكم من عند أحب الخلق إلي ، ولأنتم أبغض إلي من أعدادكم من القردة والخنازير ، وما يحملني حبي إياه وبغضي لكم على ألا أعدل فيكم . فقالوا : " بهذا قامت السماوات والأرض " . وسيأتي الحديث مسندا في سورة المائدة ، إن شاء الله [ تعالى ] .وقوله : ( وإن تلووا أو تعرضوا ) قال مجاهد وغير واحد من السلف : ( تلووا ) أي : تحرفوا الشهادة وتغيروها ، " واللي " هو : التحريف وتعمد الكذب ، قال الله تعالى : ( وإن منهم لفريقا يلوون ألسنتهم بالكتاب [ لتحسبوه من الكتاب وما هو من الكتاب ويقولون هو من عند الله وما هو من عند الله ويقولون على الله الكذب وهم يعلمون ] ) [ آل عمران : 78 ] . و " الإعراض " هو : كتمان الشهادة وتركها ، قال الله تعالى : ( ومن يكتمها فإنه آثم قلبه ) [ البقرة : 283 ] وقال النبي صلى الله عليه وسلم : " خير الشهداء الذي يأتي بشهادته قبل أن يسألها " . ولهذا توعدهم الله بقوله : ( فإن الله كان بما تعملون خبيرا ) أي : وسيجازيكم بذلك .
یٰۤاَیُّهَا الَّذِیْنَ اٰمَنُوْۤا اٰمِنُوْا بِاللّٰهِ وَ رَسُوْلِهٖ وَ الْكِتٰبِ الَّذِیْ نَزَّلَ عَلٰى رَسُوْلِهٖ وَ الْكِتٰبِ الَّذِیْۤ اَنْزَلَ مِنْ قَبْلُؕ-وَ مَنْ یَّكْفُرْ بِاللّٰهِ وَ مَلٰٓىٕكَتِهٖ وَ كُتُبِهٖ وَ رُسُلِهٖ وَ الْیَوْمِ الْاٰخِرِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلٰلًۢا بَعِیْدًا(۱۳۶)
اے ایمان والو ایمان رکھو اللہ اور اللہ کے رسول پر (ف۳۴۷) اور اس کتاب پر جو اپنے ان رسول پر اتاری اور اس کتاب پر جو پہلے اتاردی (ف۳۴۸) اور جو نہ مانے اللہ اور اس کے فرشتوں اور کتابوں اور رسولوں اور قیامت کو (ف۳۴۹) تو وہ ضرور دور کی گمراہی میں پڑا،
يأمر الله تعالى عباده المؤمنين بالدخول في جميع شرائع الإيمان وشعبه وأركانه ودعائمه ، وليس هذا من باب تحصيل الحاصل ، بل من باب تكميل الكامل وتقريره وتثبيته والاستمرار عليه . كما يقول المؤمن في كل صلاة : ( اهدنا الصراط المستقيم ) [ الفاتحة : 6 ] أي : بصرنا فيه ، وزدنا هدى ، وثبتنا عليه . فأمرهم بالإيمان به وبرسوله ، كما قال تعالى : ( يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وآمنوا برسوله ) [ الحديد : 28 ] .وقوله : ( والكتاب الذي نزل على رسوله ) يعني : القرآن ( والكتاب الذي أنزل من قبل ) وهذا جنس يشمل جميع الكتب المتقدمة ، وقال في القرآن : ( نزل ) ; لأنه نزل مفرقا منجما على الوقائع ، بحسب ما يحتاج إليه العباد إليه في معادهم ومعاشهم ، وأما الكتب المتقدمة فكانت تنزل جملة واحدة ; ولهذا قال : ( والكتاب الذي أنزل من قبل ) ثم قال ( ومن يكفر بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر فقد ضل ضلالا بعيدا ) أي : فقد خرج عن طريق الهدى ، وبعد عن القصد كل البعد .
اِنَّ الَّذِیْنَ اٰمَنُوْا ثُمَّ كَفَرُوْا ثُمَّ اٰمَنُوْا ثُمَّ كَفَرُوْا ثُمَّ ازْدَادُوْا كُفْرًا لَّمْ یَكُنِ اللّٰهُ لِیَغْفِرَ لَهُمْ وَ لَا لِیَهْدِیَهُمْ سَبِیْلًاؕ(۱۳۷)
بیشک وہ لوگ جو ایمان لائے پھر کافر ہوئے پھر ایمان لائے پھر کافر ہوئے پھر اور کفر میں بڑھے (ف۳۵۰) اللہ ہرگز نہ انہیں بخشے (ف۳۵۱) نہ انہیں راہ دکھائے،
يخبر تعالى عمن دخل في الإيمان ثم رجع عنه ، ثم عاد فيه ثم رجع ، واستمر على ضلاله وازداد حتى مات ، فإنه لا توبة بعد موته ، ولا يغفر الله له ، ولا يجعل له مما هو فيه فرجا ولا مخرجا ، ولا طريقا إلى الهدى ; ولهذا قال : ( لم يكن الله ليغفر لهم ولا ليهديهم سبيلا )قال ابن أبي حاتم : حدثنا أبي ، حدثنا أحمد بن عبدة ، حدثنا حفص بن جميع ، عن سماك ، عن عكرمة ، عن ابن عباس في قوله : ( ثم ازدادوا كفرا ) قال : تموا على كفرهم حتى ماتوا . وكذا قال مجاهد .وروى ابن أبي حاتم من طريق جابر المعلى ، عن عامر الشعبي ، عن علي ، رضي الله عنه ، أنه قال : يستتاب المرتد ، ثلاثا ، ثم تلا هذه الآية : ( إن الذين آمنوا ثم كفروا ثم آمنوا ثم كفروا ثم ازدادوا كفرا لم يكن الله ليغفر لهم ولا ليهديهم سبيلا )
بَشِّرِ الْمُنٰفِقِیْنَ بِاَنَّ لَهُمْ عَذَابًا اَلِیْمَاﰳ ۙ (۱۳۸)
خوشخبری دو منافقوں کو کہ ان کے لئے دردناک عذاب ہے
ثم قال : ( بشر المنافقين بأن لهم عذابا أليما ) يعني : أن المنافقين من هذه الصفة فإنهم آمنوا ثم كفروا ، فطبع على قلوبهم ،
الَّذِیْنَ یَتَّخِذُوْنَ الْكٰفِرِیْنَ اَوْلِیَآءَ مِنْ دُوْنِ الْمُؤْمِنِیْنَؕ-اَیَبْتَغُوْنَ عِنْدَهُمُ الْعِزَّةَ فَاِنَّ الْعِزَّةَ لِلّٰهِ جَمِیْعًاؕ(۱۳۹)
وہ جو مسلمانوں کو چھوڑ کر کافروں کو دوست بناتے ہیں (ف۳۵۲) کیا ان کے پاس عزت ڈھونڈتے ہیں تو عزت تو ساری اللہ کے لیے ہے(ف۳۵۳)
ثم وصفهم بأنهم يتخذون الكافرين أولياء من دون المؤمنين ، بمعنى أنهم معهم في الحقيقة ، يوالونهم ويسرون إليهم بالمودة ، ويقولون لهم إذا خلوا بهم : إنما نحن معكم ، إنما نحن مستهزئون . أي بالمؤمنين في إظهارنا لهم الموافقة . قال الله تعالى منكرا عليهم فيما سلكوه من موالاة الكافرين : ( أيبتغون عندهم العزة ) ؟ثم أخبر تعالى بأن العزة كلها لله وحده لا شريك له ، ولمن جعلها له . كما قال في الآية الأخرى : ( من كان يريد العزة فلله العزة جميعا ) [ فاطر : 10 ] ، وقال تعالى : ( ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين ولكن المنافقين لا يعلمون ) [ المنافقون : 8 ] .والمقصود من هذا التهييج على طلب العزة من جناب الله ، والالتجاء إلى عبوديته ، والانتظام في جملة عباده المؤمنين الذين لهم النصرة في هذه الحياة الدنيا ، ويوم يقوم الأشهاد .ويناسب أن يذكر هاهنا الحديث الذي رواه الإمام أحمد :حدثنا حسين بن محمد ، حدثنا أبو بكر بن عياش ، عن حميد الكندي ، عن عبادة بن نسي ، عن أبي ريحانة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " من انتسب إلى تسعة آباء كفار ، يريد بهم عزا وفخرا ، فهو عاشرهم في النار " .تفرد به أحمد وأبو ريحانة هذا هو أزدي ، ويقال : أنصاري . اسمه شمعون بالمعجمة ، فيما قاله البخاري ، وقال غيره : بالمهملة ، والله أعلم .
وَ قَدْ نَزَّلَ عَلَیْكُمْ فِی الْكِتٰبِ اَنْ اِذَا سَمِعْتُمْ اٰیٰتِ اللّٰهِ یُكْفَرُ بِهَا وَ یُسْتَهْزَاُ بِهَا فَلَا تَقْعُدُوْا مَعَهُمْ حَتّٰى یَخُوْضُوْا فِیْ حَدِیْثٍ غَیْرِهٖۤ ﳲ اِنَّكُمْ اِذًا مِّثْلُهُمْؕ-اِنَّ اللّٰهَ جَامِعُ الْمُنٰفِقِیْنَ وَ الْكٰفِرِیْنَ فِیْ جَهَنَّمَ جَمِیْعَاۙﰳ (۱۴۰)
اور بیشک اللہ تم پر کتاب (ف۳۵۴) میں اتار چکا کہ جب تم اللہ کی آیتوں کو سنو کہ ان کا انکار کیا جاتا اور ان کی ہنسی بنائی جاتی ہے تو ان لوگوں کے ساتھ نہ بیٹھو جب تک وہ اور بات میں مشغول نہ ہوں (ف۳۵۵) ورنہ تم بھی انہیں جیسے ہو (ف۳۵۶) بیشک اللہ منافقوں اور کافروں سب کو جہنم میں اکٹھا کرے گا
وقوله [ تعالى ] ( وقد نزل عليكم في الكتاب أن إذا سمعتم آيات الله يكفر بها ويستهزأ بها فلا تقعدوا معهم حتى يخوضوا في حديث غيره إنكم إذا مثلهم ) أي : إذا ارتكبتم النهي بعد وصوله إليكم ، ورضيتم بالجلوس معهم في المكان الذي يكفر فيه بآيات الله ويستهزأ وينتقص بها ، وأقررتموهم على ذلك ، فقد شاركتموهم في الذي هم فيه . فلهذا قال تعالى : ( إنكم إذا مثلهم ) [ أي ] في المأثم ، كما جاء في الحديث : " من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يجلس على مائدة يدار عليها الخمر " .والذي أحيل عليه في هذه الآية من النهي في ذلك ، هو قوله تعالى في سورة الأنعام ، وهي مكية : ( وإذا رأيت الذين يخوضون في آياتنا فأعرض عنهم [ حتى يخوضوا في حديث غيره وإما ينسينك الشيطان فلا تقعد بعد الذكرى مع القوم الظالمين ] ) [ الأنعام : 68 ] قال مقاتل بن حيان : نسخت هذه الآية التي في الأنعام . يعني نسخ قوله : ( إنكم إذا مثلهم ) لقوله ( وما على الذين يتقون من حسابهم من شيء ولكن ذكرى لعلهم يتقون ) [ الأنعام : 69 ] .وقوله : ( إن الله جامع المنافقين والكافرين في جهنم جميعا ) أي : كما أشركوهم في الكفر ، كذلك شارك الله بينهم في الخلود في نار جهنم أبدا ، وجمع بينهم في دار العقوبة والنكال ، والقيود والأغلال . وشراب الحميم والغسلين لا الزلال .
الَّذِیْنَ یَتَرَبَّصُوْنَ بِكُمْۚ-فَاِنْ كَانَ لَكُمْ فَتْحٌ مِّنَ اللّٰهِ قَالُوْۤا اَلَمْ نَكُنْ مَّعَكُمْ ﳲ وَ اِنْ كَانَ لِلْكٰفِرِیْنَ نَصِیْبٌۙ-قَالُوْۤا اَلَمْ نَسْتَحْوِذْ عَلَیْكُمْ وَ نَمْنَعْكُمْ مِّنَ الْمُؤْمِنِیْنَؕ-فَاللّٰهُ یَحْكُمُ بَیْنَكُمْ یَوْمَ الْقِیٰمَةِؕ-وَ لَنْ یَّجْعَلَ اللّٰهُ لِلْكٰفِرِیْنَ عَلَى الْمُؤْمِنِیْنَ سَبِیْلًا۠(۱۴۱)
وہ جو تمہاری حالت تکا کرتے ہیں تو اگر اللہ کی طرف سے تم کو فتح ملے کہیں کیا ہم تمہارے ساتھ نہ تھے (ف۳۵۷) اور اگر کافروں کا حصہ ہو تو ان سے کہیں کیا ہمیں تم پر قابو نہ تھا (ف۳۵۸) اور ہم نے تمہیں مسلمانوں سے بچایا (ف۳۵۹) تو اللہ تم سب میں (ف۳۶۰) قیامت کے دن فیصلہ کردے گا (ف۳۶۱) اور اللہ کافروں کو مسلمان پر کوئی راہ نہ دے گا (ف۳۶۲)
يخبر تعالى عن المنافقين أنهم يتربصون بالمؤمنين دوائر السوء ، بمعنى ينتظرون زوال دولتهم ، وظهور الكفر عليهم ، وذهاب ملتهم ( فإن كان لكم فتح من الله ) أي : نصر وتأييد وظفر وغنيمة ( قالوا ألم نكن معكم ) ؟ أي : يتوددون إلى المؤمنين بهذه المقالة ( وإن كان للكافرين نصيب ) أي : إدالة على المؤمنين في بعض الأحيان ، كما وقع يوم أحد ، فإن الرسل تبتلى ثم يكون لها العاقبة ( قالوا ألم نستحوذ عليكم ونمنعكم من المؤمنين ) ؟ أي : ساعدناكم في الباطن ، وما ألوناهم خبالا وتخذيلا حتى انتصرتم عليهم .وقال السدي : ( نستحوذ عليكم ) نغلب عليكم ، كقوله : ( استحوذ عليهم الشيطان ) [ المجادلة : 19 ] وهذا أيضا تودد منهم إليهم ، فإنهم كانوا يصانعون هؤلاء وهؤلاء ; ليحظوا عندهم ويأمنوا كيدهم ، وما ذاك إلا لضعف إيمانهم ، وقلة إيقانهم .قال الله تعالى : ( فالله يحكم بينكم يوم القيامة ) أي : بما يعلمه منكم - أيها المنافقون - من البواطن الرديئة ، فلا تغتروا بجريان الأحكام الشرعية عليكم ظاهرا في الحياة الدنيا ، لما له [ تعالى ] في ذلك من الحكمة ، فيوم القيامة لا تنفعكم ظواهركم ، بل هو يوم تبلى فيه السرائر ويحصل ما في الصدور .وقوله : ( ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلا ) قال عبد الرزاق : أنبأنا الثوري ، عن الأعمش ، عن ذر ، عن يسيع الكندي قال : جاء رجل إلى علي بن أبي طالب ، فقال : كيف هذه الآية : ( ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلا ) ؟ فقال علي ، رضي الله عنه : ادنه ادنه ، ثم قال : ( فالله يحكم بينكم يوم القيامة ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلا )وكذا روى ابن جريج عن عطاء الخراساني ، عن ابن عباس : ( ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلا ) قال : ذاك يوم القيامة . وكذا روى السدي عن أبي مالك الأشجعي : يعني يوم القيامة . وقال السدي : ( ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلا ) أي : حجة .ويحتمل أن يكون المراد : ( ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلا ) أي : في الدنيا ، بأن يسلطوا عليهم استيلاء استئصال بالكلية ، وإن حصل لهم ظفر في بعض الأحيان على بعض الناس ، فإن العاقبة للمتقين في الدنيا والآخرة ، كما قال تعالى : ( إنا لننصر رسلنا والذين آمنوا في الحياة الدنيا [ ويوم يقوم الأشهاد . يوم لا ينفع الظالمين معذرتهم ولهم اللعنة ولهم سوء الدار ] ) [ غافر : 51 ، 52 ] . وعلى هذا فيكون ردا على المنافقين فيما أملوه وتربصوه وانتظروه من زوال دولة المؤمنين ، وفيما سلكوه من مصانعتهم الكافرين ، خوفا على أنفسهم منهم إذا هم ظهروا على المؤمنين فاستأصلوهم ، كما قال تعالى : ( فترى الذين في قلوبهم مرض يسارعون فيهم [ يقولون نخشى أن تصيبنا دائرة فعسى الله أن يأتي بالفتح أو أمر من عنده فيصبحوا على ما أسروا في أنفسهم ] نادمين ) [ المائدة : 52 ] .وقد استدل كثير من العلماء بهذه الآية الكريمة على أصح قولي العلماء ، وهو المنع من بيع العبد المسلم من الكافر لما في صحة ابتياعه من التسليط له عليه والإذلال ، ومن قال منهم بالصحة يأمره بإزالة ملكه عنه في الحال ; لقوله تعالى : ( ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلا )
اِنَّ الْمُنٰفِقِیْنَ یُخٰدِعُوْنَ اللّٰهَ وَ هُوَ خَادِعُهُمْۚ-وَ اِذَا قَامُوْۤا اِلَى الصَّلٰوةِ قَامُوْا كُسَالٰىۙ-یُرَآءُوْنَ النَّاسَ وَ لَا یَذْكُرُوْنَ اللّٰهَ اِلَّا قَلِیْلًا٘ۙ(۱۴۲)
بیشک منافق لوگ اپنے گمان میں اللہ کو فریب دیا چاہتے ہیں (ف۳۶۳) اور وہی انہیں غافل کرکے مارے گا اور جب نماز کو کھڑے ہوں (ف۳۶۴) تو ہارے جی سے (ف۳۶۵) لوگوں کو دکھاوا کرتے ہیں اور اللہ کو یاد نہیں کرتے مگر تھوڑا (ف۳۶۶)
قد تقدم في أول سورة البقرة قوله تعالى : ( يخادعون الله والذين آمنوا ) [ البقرة : 9 ] وقال هاهنا : ( إن المنافقين يخادعون الله وهو خادعهم ) ولا شك أن الله تعالى لا يخادع ، فإنه العالم بالسرائر والضمائر ، ولكن المنافقين لجهلهم وقلة علمهم وعقلهم ، يعتقدون أن أمرهم كما راج عند الناس وجرت عليهم أحكام الشريعة ظاهرا ، فكذلك يكون حكمهم يوم القيامة عند الله ، وأن أمرهم يروج عنده ، كما أخبر عنهم تعالى أنهم يوم القيامة يحلفون له : أنهم كانوا على الاستقامة والسداد ، ويعتقدون أن ذلك نافع لهم عنده ، فقال تعالى : ( يوم يبعثهم الله جميعا فيحلفون له كما يحلفون لكم [ ويحسبون أنهم على شيء ألا إنهم هم الكاذبون ] ) [ المجادلة : 18 ] .وقوله : ( وهو خادعهم ) أي : هو الذي يستدرجهم في طغيانهم وضلالهم ، ويخذلهم عن الحق والوصول إليه في الدنيا وكذلك في يوم القيامة كما قال تعالى : ( يوم يقول المنافقون والمنافقات للذين آمنوا انظرونا نقتبس من نوركم قيل ارجعوا وراءكم فالتمسوا نورا فضرب بينهم بسور له باب باطنه فيه الرحمة وظاهره من قبله العذاب ينادونهم ألم نكن معكم قالوا بلى ولكنكم فتنتم أنفسكم وتربصتم وارتبتم وغرتكم الأماني حتى جاء أمر الله وغركم بالله الغرور فاليوم لا يؤخذ منكم فدية ولا من الذين كفروا مأواكم النار هي مولاكم وبئس المصير ألم يأن ) . [ الحديد : 13 - 15 ] وقد ورد في الحديث : " من سمع سمع الله به ، ومن راءى راءى الله به " وفي حديث آخر : " إن الله يأمر بالعبد إلى الجنة فيما يبدو للناس ، ويعدل به إلى النار " عياذا بالله من ذلك .وقوله : ( وإذا قاموا إلى الصلاة قاموا كسالى [ يراؤون الناس ولا يذكرون الله إلا قليلا ] ) هذه صفة المنافقين في أشرف الأعمال وأفضلها وخيرها ، وهي الصلاة . إذا قاموا إليها قاموا وهم كسالى عنها ; لأنهم لا نية لهم فيها ، ولا إيمان لهم بها ولا خشية ، ولا يعقلون معناها كما روى ابن مردويه ، من طريق عبيد الله بن زحر ، عن خالد بن أبي عمران ، عن عطاء بن أبي رباح ، عن ابن عباس قال : يكره أن يقوم الرجل إلى الصلاة وهو كسلان ، ولكن يقوم إليها طلق الوجه ، عظيم الرغبة ، شديد الفرح ، فإنه يناجي الله [ تعالى ] وإن الله أمامه يغفر له ويجيبه إذا دعاه ، ثم يتلو ابن عباس هذه الآية : ( وإذا قاموا إلى الصلاة قاموا كسالى ) وروي من غير هذا الوجه ، عن ابن عباس ، نحوه .فقوله تعالى : ( وإذا قاموا إلى الصلاة قاموا كسالى ) هذه صفة ظواهرهم ، كما قال : ( ولا يأتون الصلاة إلا وهم كسالى ) [ التوبة : 54 ] ثم ذكر تعالى صفة بواطنهم الفاسدة ، فقال : ( يراؤون الناس ) أي : لا إخلاص لهم [ ولا معاملة مع الله بل إنما يشهدون الصلاة تقية من الناس ومصانعة لهم ] ; ولهذا يتخلفون كثيرا عن الصلاة التي لا يرون غالبا فيها كصلاة العشاء وقت العتمة ، وصلاة الصبح في وقت الغلس ، كما ثبت في الصحيحين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " أثقل الصلاة على المنافقين صلاة العشاء وصلاة الفجر ، ولو يعلمون ما فيهما لأتوهما ولو حبوا ، ولقد هممت أن آمر بالصلاة فتقام ، ثم آمر رجلا فيصلي بالناس ، ثم أنطلق معي برجال ، معهم حزم من حطب إلى قوم لا يشهدون الصلاة ، فأحرق عليهم بيوتهم بالنار " .وفي رواية : " والذي نفسي بيده ، لو علم أحدهم أنه يجد عرقا سمينا أو مرماتين حسنتين ، لشهد الصلاة ، ولولا ما في البيوت من النساء والذرية لحرقت عليهم بيوتهم بالنار " .وقال الحافظ أبو يعلى : حدثنا محمد - هو ابن أبي بكر المقدمي - حدثنا محمد بن دينار ، عن إبراهيم الهجري ، عن أبي الأحوص ، عن عبد الله قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من أحسن الصلاة حيث يراه الناس ، وأساءها حيث يخلو ، فتلك استهانة ، استهان بها ربه عز وجل " .وقوله : ( ولا يذكرون الله إلا قليلا ) أي : في صلاتهم لا يخشعون [ فيها ] ولا يدرون ما يقولون ، بل هم في صلاتهم ساهون لاهون ، وعما يراد بهم من الخير معرضون .وقد روى الإمام مالك ، عن العلاء بن عبد الرحمن ، عن أنس بن مالك قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " تلك صلاة المنافق ، تلك صلاة المنافق ، تلك صلاة المنافق : يجلس يرقب الشمس ، حتى إذا كانت بين قرني الشيطان ، قام فنقر أربعا لا يذكر الله فيها إلا قليلا " .وكذا رواه مسلم ، والترمذي ، والنسائي ، من حديث إسماعيل بن جعفر المدني ، عن العلاء بن عبد الرحمن ، به . وقال الترمذي : حسن صحيح .
مُّذَبْذَبِیْنَ بَیْنَ ذٰلِكَ ﳓ لَاۤ اِلٰى هٰۤؤُلَآءِ وَ لَاۤ اِلٰى هٰۤؤُلَآءِؕ-وَ مَنْ یُّضْلِلِ اللّٰهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهٗ سَبِیْلًا(۱۴۳)
بیچ میں ڈگمگا رہے ہیں (ف۳۶۷) نہ اِدھر کے نہ اُدھر کے (ف۳۶۸) اور جسے اللہ گمراہ کرے تو اس کے لئے کوئی راہ نہ پائے گا،
وقوله : ( مذبذبين بين ذلك لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء ) يعني : المنافقين محيرين بين الإيمان والكفر ، فلا هم مع المؤمنين ظاهرا وباطنا ، ولا مع الكافرين ظاهرا وباطنا ، بل ظواهرهم مع المؤمنين ، وبواطنهم مع الكافرين . ومنهم من يعتريه الشك ، فتارة يميل إلى هؤلاء ، وتارة يميل إلى أولئك ( كلما أضاء لهم مشوا فيه وإذا أظلم عليهم قاموا ) الآية [ البقرة : 20 ] .قال مجاهد : ( مذبذبين بين ذلك لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء ) يعني : أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم ( ولا إلى هؤلاء ) يعني : اليهود .وقال ابن جرير : حدثنا محمد بن المثنى ، حدثنا عبد الوهاب ، حدثنا عبيد الله ، عن نافع ، عن ابن عمر ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " مثل المنافق كمثل الشاة العائرة بين الغنمين ، تعير إلى هذه مرة ، وإلى هذه مرة ، ولا تدري أيتهما تتبع " .تفرد به مسلم . وقد رواه عن محمد بن المثنى مرة أخرى ، عن عبد الوهاب ، فوقف به على ابن عمر ، ولم يرفعه ، قال : حدثنا به عبد الوهاب مرتين كذلك .قلت : وقد رواه الإمام أحمد ، عن إسحاق بن يوسف بن عبيد الله ، به مرفوعا . وكذا رواه إسماعيل بن عياش وعلي بن عاصم ، عن عبيد الله ، عن نافع ، عن ابن عمر مرفوعا . وكذا رواه عثمان بن محمد بن أبي شيبة ، عن عبدة ، عن عبد الله ، به مرفوعا . ورواه حماد بن سلمة ، عن عبيد الله - أو عبد الله بن عمر - عن نافع ، عن ابن عمر مرفوعا . ورواه أيضا صخر بن جويرية ، عن نافع عن ابن عمر ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، بمثله .وقال الإمام أحمد : حدثنا خلف بن الوليد ، حدثنا الهذيل بن بلال ، عن ابن عبيد ، عن أبيه : أنه جلس ذات يوم بمكة وعبد الله بن عمر معه ، فقال أبي : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن مثل المنافق يوم القيامة كالشاة بين الربيضين من الغنم ، إن أتت هؤلاء نطحتها ، وإن أتت هؤلاء نطحتها " فقال له ابن عمر : كذبت . فأثنى القوم على أبي خيرا - أو معروفا - فقال ابن عمر : لا أظن صاحبكم إلا كما تقولون ، ولكني شاهد نبي الله إذ قال : كالشاة بين الغنمين . فقال : هو سواء . فقال : هكذا سمعته .وقال أحمد : حدثنا يزيد ، حدثنا المسعودي ، عن أبي جعفر محمد بن علي قال : بينما عبيد بن عمير يقص ، وعنده عبد الله بن عمر ، فقال عبيد بن عمير : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " مثل المنافق كالشاة بين ربيضين ، إذا أتت هؤلاء نطحتها ، وإذا أتت هؤلاء نطحتها " . فقال ابن عمر : ليس كذلك قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " كشاة بين غنمين " . قال : فاحتفظ الشيخ وغضب ، فلما رأى ذلك ابن عمر قال : أما إني لو لم أسمعه لم أردد ذلك عليك .طريق أخرى : عن ابن عمر ، قال الإمام أحمد : حدثنا عبد الرزاق ، أخبرنا معمر ، عن عثمان بن بودويه ، عن يعفر بن زوذى قال : سمعت عبيد بن عمير وهو يقص يقول : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " مثل المنافق كمثل الشاة الرابضة بين الغنمين " . فقال ابن عمر : ويلكم . لا تكذبوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم . إنما قال صلى الله عليه وسلم : " مثل المنافق كمثل الشاة العائرة بين الغنمين " .وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبي ، حدثنا عبيد الله بن موسى ، أخبرنا إسرائيل ، عن أبي إسحاق ، عن أبي الأحوص ، عن عبد الله - هو ابن مسعود - قال : مثل المؤمن والمنافق والكافر مثل ثلاثة نفر انتهوا إلى واد ، فدفع أحدهم فعبر ، ثم وقع الآخر حتى إذا أتى على نصف الوادي ناداه الذي على شفير الوادي : ويلك . أين تذهب ؟ إلى الهلكة ؟ ارجع عودك على بدئك ، وناداه الذي عبر : هلم إلى النجاة . فجعل ينظر إلى هذا مرة وإلى هذا مرة ، قال : فجاءه سيل فأغرقه ، فالذي عبر المؤمن ، والذي غرق المنافق : ( مذبذبين بين ذلك لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء ) والذي مكث الكافر وقال ابن جرير : حدثنا بشر ، حدثنا يزيد ، حدثنا شعبة عن قتادة : ( مذبذبين بين ذلك لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء ) يقول : ليسوا بمؤمنين مخلصين ولا مشركين مصرحين بالشرك . قال : وذكر لنا أن نبي الله صلى الله عليه وسلم كان يضرب مثلا للمؤمن وللمنافق وللكافر ، كمثل رهط ثلاثة دفعوا إلى نهر ، فوقع المؤمن فقطع ، ثم وقع المنافق حتى إذا كاد يصل إلى المؤمن ناداه الكافر : أن هلم إلي ، فإني أخشى عليك . وناداه المؤمن : أن هلم إلي ، فإني عندي وعندي ; يحصى له ما عنده . فما زال المنافق يتردد بينهما حتى أتى أذى فغرقه . وإن المنافق لم يزل في شك وشبهة ، حتى أتى عليه الموت وهو كذلك . قال : وذكر لنا أن نبي الله صلى الله عليه وسلم كان يقول : " مثل المنافق كمثل ثاغية بين غنمين ، رأت غنما على نشز فأتتها وشامتها فلم تعرف ، ثم رأت غنما على نشز فأتتها وشامتها فلم تعرف " .ولهذا قال تعالى : ( ومن يضلل الله فلن تجد له سبيلا ) أي : ومن صرفه عن طريق الهدى ( فلن تجد له وليا مرشدا ) فإنه : ( من يضلل الله فلا هادي له ) والمنافقون الذين أضلهم عن سبيل النجاة فلا هادي لهم ، ولا منقذ لهم مما هم فيه ، فإنه تعالى لا معقب لحكمه ، ولا يسأل عما يفعل وهم يسألون .
یٰۤاَیُّهَا الَّذِیْنَ اٰمَنُوْا لَا تَتَّخِذُوا الْكٰفِرِیْنَ اَوْلِیَآءَ مِنْ دُوْنِ الْمُؤْمِنِیْنَؕ-اَتُرِیْدُوْنَ اَنْ تَجْعَلُوْا لِلّٰهِ عَلَیْكُمْ سُلْطٰنًا مُّبِیْنًا(۱۴۴)
اے ایمان والو! کافروں کو دوست نہ بناؤ مسلمانوں کے سوا (ف۳۶۹) کیا یہ چاہتے ہو کہ اپنے اوپر اللہ کے لئے صریح حجت کرلو (ف۳۷۰)
ينهى تعالى عباده المؤمنين عن اتخاذ الكافرين أولياء من دون المؤمنين ، يعني مصاحبتهم ومصادقتهم ومناصحتهم وإسرار المودة إليهم ، وإفشاء أحوال المؤمنين الباطنة إليهم ، كما قال تعالى : ( لا يتخذ المؤمنون الكافرين أولياء من دون المؤمنين ومن يفعل ذلك فليس من الله في شيء إلا أن تتقوا منهم تقاة ويحذركم الله نفسه ) [ آل عمران : 28 ] أي : يحذركم عقوبته في ارتكابكم نهيه . ولهذا قال هاهنا : ( أتريدون أن تجعلوا لله عليكم سلطانا مبينا ) أي : حجة عليكم في عقوبته إياكم .قال ابن أبي حاتم : حدثنا أبي ، حدثنا مالك بن إسماعيل ، حدثنا سفيان بن عيينة ، عن عمرو بن دينار ، عن عكرمة عن ابن عباس قوله : ( سلطانا مبينا ) [ قال ] كل سلطان في القرآن حجة .وهذا إسناد صحيح . وكذا قال مجاهد ، وعكرمة ، وسعيد بن جبير ، ومحمد بن كعب القرظي ، والضحاك ، والسدي والنضر بن عربي .
اِنَّ الْمُنٰفِقِیْنَ فِی الدَّرْكِ الْاَسْفَلِ مِنَ النَّارِۚ-وَ لَنْ تَجِدَ لَهُمْ نَصِیْرًاۙ(۱۴۵)
بیشک منافق دوزخ کے سب سے نیچے طبقہ میں ہیں (ف۳۷۱) اور تو ہرگز ان کا کوئی مددگار نہ پائے گا
م أخبر تعالى : ( إن المنافقين في الدرك الأسفل من النار ) أي : يوم القيامة ، جزاء على كفرهم الغليظ . قال الوالبي عن ابن عباس : ( في الدرك الأسفل من النار ) أي : في أسفل النار . وقال غيره : النار دركات ، كما أن الجنة درجات . " وقال سفيان الثوري ، عن عاصم ، عن ذكوان أبي صالح ، عن أبي هريرة : ( إن المنافقين في الدرك الأسفل من النار ) قال : في توابيت ترتج عليهم . كذا رواه ابن جرير ، عن ابن وكيع ، عن يحيى بن يمان ، عن سفيان ، به . ورواه ابن أبي حاتم ، عن المنذر بن شاذان ، عن عبيد الله بن موسى ، عن إسرائيل ، عن عاصم ، عن أبي صالح ، عن أبي هريرة : ( إن المنافقين في الدرك الأسفل من النار ) قال : الدرك الأسفل بيوت لها أبواب تطبق عليهم ، فتوقد من تحتهم ومن فوقهم .وقال ابن جرير : حدثنا ابن بشار ، حدثنا عبد الرحمن ، حدثنا سفيان ، عن سلمة بن كهيل ، عن خيثمة ، عن عبد الله - يعني ابن مسعود : ( إن المنافقين في الدرك الأسفل من النار ) قال : في توابيت من نار تطبق عليهم . ورواه ابن أبي حاتم ، عن أبي سعيد الأشج ، عن وكيع ، عن سفيان ، عن سلمة ، عن خيثمة ، عن ابن مسعود : ( إن المنافقين في الدرك الأسفل من النار ) قال : في توابيت من حديد مبهمة عليهم ، ومعنى قوله : ( مبهمة ) أي : مغلقة مقفلة لا يهتدى لمكان فتحها .وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبي ، حدثنا أبو سلمة ، حدثنا حماد بن سلمة ، أخبرنا علي بن يزيد عن القاسم بن عبد الرحمن : أن ابن مسعود سئل عن المنافقين ، فقال : يجعلون في توابيت من نار ، فتطبق عليهم في أسفل درك من النار .( ولن تجد لهم نصيرا ) أي : ينقذهم مما هم فيه ، ويخرجهم من أليم العذاب .
اِلَّا الَّذِیْنَ تَابُوْا وَ اَصْلَحُوْا وَ اعْتَصَمُوْا بِاللّٰهِ وَ اَخْلَصُوْا دِیْنَهُمْ لِلّٰهِ فَاُولٰٓىٕكَ مَعَ الْمُؤْمِنِیْنَؕ-وَ سَوْفَ یُؤْتِ اللّٰهُ الْمُؤْمِنِیْنَ اَجْرًا عَظِیْمًا(۱۴۶)
مگر وہ جنہوں نے توبہ کی (ف۳۷۲) اور سنورے اور اللہ کی رسی مضبوط تھامی اور اپنا دین خالص اللہ کے لئے کرلیا تو یہ مسلمانوں کے ساتھ ہیں (ف۳۷۳) اور عنقریب اللہ مسلمانوں کو بڑا ثواب دے گا،
ثم أخبر تعالى أن من تاب [ منهم ] في الدنيا تاب عليه وقبل ندمه إذا أخلص في توبته وأصلح عمله ، واعتصم بربه في جميع أمره ، فقال : ( إلا الذين تابوا وأصلحوا واعتصموا بالله وأخلصوا دينهم لله ) أي : بدلوا الرياء بالإخلاص ، فينفعهم العمل الصالح وإن قل .قال ابن أبي حاتم : أخبرنا يونس بن عبد الأعلى قراءة ، أنبأنا ابن وهب ، أخبرني يحيى بن أيوب ، عن عبيد الله بن زحر ، عن خالد بن أبي عمران ، عن عمرو بن مرة ، عن معاذ بن جبل : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " أخلص دينك ، يكفك القليل من العمل " .( فأولئك مع المؤمنين ) أي : في زمرتهم يوم القيامة ( وسوف يؤت الله المؤمنين أجرا عظيما )
مَا یَفْعَلُ اللّٰهُ بِعَذَابِكُمْ اِنْ شَكَرْتُمْ وَ اٰمَنْتُمْؕ-وَ كَانَ اللّٰهُ شَاكِرًا عَلِیْمًا(۱۴۷)
اور اللہ تمہیں عذاب دے کر کیا کرے گا اگر تم حق مانو، اور ایمان لاؤ اور اللہ ہے صلہ دینے والا جاننے والا،
ثم قال مخبرا عن غناه عما سواه ، وأنه إنما يعذب العباد بذنوبهم ، فقال : ( ما يفعل الله بعذابكم إن شكرتم وآمنتم ) أي : أصلحتم العمل وآمنتم بالله ورسوله ، ( وكان الله شاكرا عليما ) أي : من شكر شكر له ومن آمن قلبه به علمه ، وجازاه على ذلك أوفر الجزاء .
لَا یُحِبُّ اللّٰهُ الْجَهْرَ بِالسُّوْٓءِ مِنَ الْقَوْلِ اِلَّا مَنْ ظُلِمَؕ-وَ كَانَ اللّٰهُ سَمِیْعًا عَلِیْمًا(۱۴۸)
اللہ پسند نہیں کرتا بری بات کا اعلان کرنا (ف۳۷۴) مگر مظلوم سے (ف۳۷۵) اور اللہ سنتا جانتا ہے،
قال [ علي ] بن أبي طلحة عن ابن عباس : ( لا يحب الله الجهر بالسوء من القول ) يقول : لا يحب الله أن يدعو أحد على أحد ، إلا أن يكون مظلوما ، فإنه قد أرخص له أن يدعو على من ظلمه ، وذلك قوله : ( إلا من ظلم ) وإن صبر فهو خير له .وقال أبو داود : حدثنا عبيد الله بن معاذ ، حدثنا أبي ، حدثنا سفيان ، عن حبيب ، عن عطاء ، عن عائشة قالت : سرق لها شيء ، فجعلت تدعو عليه ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم " لا تسبخي عنه " .وقال الحسن البصري : لا يدع عليه ، وليقل : اللهم أعني عليه ، واستخرج حقي منه . وفي رواية عنه قال : قد أرخص له أن يدعو على من ظلمه من غير أن يعتدي عليه .وقال عبد الكريم بن مالك الجزري في هذه الآية : هو الرجل يشتمك فتشتمه ، ولكن إن افترى عليك فلا تفتر عليه ; لقوله : ( ولمن انتصر بعد ظلمه فأولئك ما عليهم من سبيل ) [ الشورى : 41 ] .وقال أبو داود : حدثنا القعنبي ، حدثنا عبد العزيز بن محمد ، عن العلاء ، عن أبيه ، عن أبي هريرة ; أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " المستبان ما قالا فعلى البادئ منهما ، ما لم يعتد المظلوم " .وقال عبد الرزاق : أنبأنا المثنى بن الصباح ، عن مجاهد في قوله : ( لا يحب الله الجهر بالسوء من القول إلا من ظلم ) قال : ضاف رجل رجلا فلم يؤد إليه حق ضيافته ، فلما خرج أخبر الناس ، فقال : " ضفت فلانا فلم يؤد إلي حق ضيافتي " . فذلك الجهر بالسوء من القول إلا من ظلم ، حين لم يؤد الآخر إليه حق ضيافته .وقال محمد بن إسحاق ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد : ( لا يحب الله الجهر بالسوء من القول إلا من ظلم ) قال : قال هو الرجل ينزل بالرجل فلا يحسن ضيافته ، فيخرج فيقول : " أساء ضيافتي ، ولم يحسن " . وفي رواية هو الضيف المحول رحله ، فإنه يجهر لصاحبه بالسوء من القول .وكذا روي عن غير واحد ، عن مجاهد ، نحو هذا . وقد روى الجماعة سوى النسائي والترمذي ، من طريق الليث بن سعد - والترمذي من حديث ابن لهيعة - كلاهما عن يزيد بن أبي حبيب ، عن أبي الخير مرثد بن عبد الله ، عن عقبة بن عامر قال : قلنا يا رسول الله ، إنك تبعثنا فننزل بقوم فلا يقرونا ، فما ترى في ذلك ؟ قال : " إذا نزلتم بقوم فأمروا لكم بما ينبغي للضيف ، فاقبلوا منهم ، وإن لم يفعلوا فخذوا منهم حق الضيف الذي ينبغي لهم " .وقال الإمام أحمد : حدثنا محمد بن جعفر ، حدثنا شعبة ، سمعت أبا الجودي يحدث ، عن سعيد بن المهاجر ، عن المقدام أبي كريمة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " أيما مسلم ضاف قوما ، فأصبح الضيف محروما ، فإن حقا على كل مسلم نصره حتى يأخذ بقرى ليلته من زرعه وماله " .تفرد به أحمد من هذا الوجه وقال أحمد أيضا : حدثنا يحيى بن سعيد ، حدثنا شعبة ، حدثني منصور ، عن الشعبي عن المقدام أبي كريمة ، سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " ليلة الضيف واجبة على كل مسلم ، فإن أصبح بفنائه محروما كان دينا له عليه ، إن شاء اقتضاه وإن شاء تركه " .ثم رواه أيضا عن غندر عن شعبة . وعن زياد بن عبد الله البكائي . عن وكيع ، وأبي نعيم ، عن سفيان الثوري - ثلاثتهم عن منصور ، به . وكذا رواه أبو داود من حديث أبي عوانة ، عن منصور ، به .ومن هذه الأحاديث وأمثالها ذهب أحمد وغيره إلى وجوب الضيافة ، ومن هذا القبيل الحديث الذي رواه الحافظ أبو بكر البزار .حدثنا عمرو بن علي ، حدثنا صفوان بن عيسى ، حدثنا محمد بن عجلان ، عن أبيه ، عن أبي هريرة ; أن رجلا أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : إن لي جارا يؤذيني ، فقال له : " أخرج متاعك فضعه على الطريق " . فأخذ الرجل متاعه فطرحه على الطريق ، فجعل كل من مر به قال : مالك ؟ قال : جاري يؤذيني . فيقول : اللهم العنه ، اللهم أخزه ! قال : فقال الرجل : ارجع إلى منزلك ، وقال لا أوذيك أبدا " .وقد رواه أبو داود في كتاب الأدب ، عن أبي توبة الربيع بن نافع ، عن سليمان بن حيان أبي خالد الأحمر ، عن محمد بن عجلان به .ثم قال البزار : لا نعلمه يروى عن أبي هريرة إلا بهذا الإسناد ، ورواه أبو جحيفة وهب بن عبد الله ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ويوسف بن عبد الله بن سلام ، عن النبي صلى الله عليه وسلم .
اِنْ تُبْدُوْا خَیْرًا اَوْ تُخْفُوْهُ اَوْ تَعْفُوْا عَنْ سُوْٓءٍ فَاِنَّ اللّٰهَ كَانَ عَفُوًّا قَدِیْرًا(۱۴۹)
اگر تم کوئی بھلائی اعلانیہ کرو یا چھپ کر یا کسی کی برائی سے درگزرو تو بیشک اللہ معاف کرنے والا قدرت والا ہے (ف۳۷۶)
وقوله : ( إن تبدوا خيرا أو تخفوه أو تعفوا عن سوء فإن الله كان عفوا قديرا ) أي : إن تظهروا - أيها الناس - خيرا ، أو أخفيتموه ، أو عفوتم عمن أساء إليكم ، فإن ذلك مما يقربكم عند الله ويجزل ثوابكم لديه ، فإن من صفاته تعالى أن يعفو عن عباده مع قدرته على عقابهم . ولهذا قال : ( إن الله كان عفوا قديرا ) ; ولهذا ورد في الأثر : أن حملة العرش يسبحون الله ، فيقول بعضهم : سبحانك على حلمك بعد علمك . ويقول بعضهم : سبحانك على عفوك بعد قدرتك . وفي الحديث الصحيح : " ما نقص مال من صدقة ، ولا زاد الله عبدا بعفو إلا عزا ، ومن تواضع لله رفعه الله " .
اِنَّ الَّذِیْنَ یَكْفُرُوْنَ بِاللّٰهِ وَ رُسُلِهٖ وَ یُرِیْدُوْنَ اَنْ یُّفَرِّقُوْا بَیْنَ اللّٰهِ وَ رُسُلِهٖ وَ یَقُوْلُوْنَ نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَّ نَكْفُرُ بِبَعْضٍۙ-وَّ یُرِیْدُوْنَ اَنْ یَّتَّخِذُوْا بَیْنَ ذٰلِكَ سَبِیْلًاۙ(۱۵۰)
وہ جو اللہ اور اس کے رسولوں کو نہیں مانتے اور چاہتے ہیں کہ اللہ سے اس کے رسولوں کو جدا کردیں (ف۳۷۷) اور کہتے ہیں ہم کسی پر ایمان لائے اور کسی کے منکر ہوئے (ف۳۷۸) اور چاہتے ہیں کہ ایمان و کفر کے بیچ میں کوئی راہ نکال لیں
يتوعد [ تبارك و ] تعالى الكافرين به وبرسله من اليهود والنصارى ، حيث فرقوا بين الله ورسله في الإيمان ، فآمنوا ببعض الأنبياء وكفروا ببعض ، بمجرد التشهي والعادة ، وما ألفوا عليه آباءهم ، لا عن دليل قادهم إلى ذلك ، فإنه لا سبيل لهم إلى ذلك بل بمجرد الهوى والعصبية . فاليهود - عليهم لعائن الله - آمنوا بالأنبياء إلا عيسى ومحمدا عليهما الصلاة والسلام ، والنصارى آمنوا بالأنبياء وكفروا بخاتمهم وأشرفهم محمد صلى الله عليه وسلم ، والسامرة لا يؤمنون بنبي بعد يوشع خليفة موسى بن عمران ، والمجوس يقال : إنهم كانوا يؤمنون بنبي لهم يقال له زرادشت ، ثم كفروا بشرعه ، فرفع من بين أظهرهم ، والله أعلم .والمقصود أن من كفر بنبي من الأنبياء ، فقد كفر بسائر الأنبياء ، فإن الإيمان واجب بكل نبي بعثه الله إلى أهل الأرض ، فمن رد نبوته للحسد أو العصبية أو التشهي تبين أن إيمانه بمن آمن به من الأنبياء ليس إيمانا شرعيا ، إنما هو عن غرض وهوى وعصبية ; ولهذا قال تعالى : ( إن الذين يكفرون بالله ورسله ) فوسمهم بأنهم كفار بالله ورسله ( ويريدون أن يفرقوا بين الله ورسله ) أي : في الإيمان ( ويقولون نؤمن ببعض ونكفر ببعض ويريدون أن يتخذوا بين ذلك سبيلا ) أي : طريقا ومسلكا .
اُولٰٓىٕكَ هُمُ الْكٰفِرُوْنَ حَقًّاۚ-وَ اَعْتَدْنَا لِلْكٰفِرِیْنَ عَذَابًا مُّهِیْنًا(۱۵۱)
یہی ہیں ٹھیک ٹھیک کافر (ف۳۷۹) اور ہم نے کافروں کے لئے ذلت کا عذاب تیار کر رکھا ہے،
ثم أخبر تعالى عنهم ، فقال : ( أولئك هم الكافرون حقا ) أي : كفرهم محقق لا محالة بمن ادعوا الإيمان به ; لأنه ليس شرعيا ، إذ لو كانوا مؤمنين به لكونه رسول الله لآمنوا بنظيره ، وبمن هو أوضح دليلا وأقوى برهانا منه ، لو نظروا حق النظر في نبوته .وقوله : ( وأعتدنا للكافرين عذابا مهينا ) أي : كما استهانوا بمن كفروا به إما لعدم نظرهم فيما جاءهم به من الله ، وإعراضهم عنه وإقبالهم على جمع حطام الدنيا مما لا ضرورة بهم إليه ، وإما بكفرهم به بعد علمهم بنبوته ، كما كان يفعله كثير من أحبار اليهود في زمان رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث حسدوه على ما آتاه الله من النبوة العظيمة ، وخالفوه وكذبوه وعادوه وقاتلوه ، فسلط الله عليهم الذل الدنيوي الموصول بالذل الأخروي : ( وضربت عليهم الذلة والمسكنة وباؤوا بغضب من الله ) [ البقرة : 61 ] في الدنيا والآخرة .
وَ الَّذِیْنَ اٰمَنُوْا بِاللّٰهِ وَ رُسُلِهٖ وَ لَمْ یُفَرِّقُوْا بَیْنَ اَحَدٍ مِّنْهُمْ اُولٰٓىٕكَ سَوْفَ یُؤْتِیْهِمْ اُجُوْرَهُمْؕ-وَ كَانَ اللّٰهُ غَفُوْرًا رَّحِیْمًا۠(۱۵۲)
اور وہ جو اللہ اور اس کے سب رسولوں پر ایمان لائے اور ان میں سے کسی پر ایمان میں فرق نہ کیا انہیں عنقریب اللہ ان کے ثواب دے گا (ف۳۸۰) اور اللہ بخشنے والا مہربان ہے (ف۳۸۱)
وقوله : ( والذين آمنوا بالله ورسله ولم يفرقوا بين أحد منهم ) يعني بذلك : أمة محمد صلى الله عليه وسلم ، فإنهم يؤمنون بكل كتاب أنزله الله وبكل نبي بعثه الله ، كما قال تعالى : ( آمن الرسول بما أنزل إليه من ربه والمؤمنون كل آمن بالله [ وملائكته وكتبه ورسله لا نفرق بين أحد من رسله وقالوا سمعنا وأطعنا غفرانك ربنا وإليك المصير ] ) [ البقرة : 285 ] .ثم أخبر تعالى بأنه قد أعد لهم الجزاء الجزيل والثواب الجليل والعطاء الجميل ، فقال : ( أولئك سوف يؤتيهم أجورهم ) على ما آمنوا بالله ورسله ( وكان الله غفورا رحيما ) أي : لذنوبهم أي : إن كان لبعضهم ذنوب .
یَسْــٴَـلُكَ اَهْلُ الْكِتٰبِ اَنْ تُنَزِّلَ عَلَیْهِمْ كِتٰبًا مِّنَ السَّمَآءِ فَقَدْ سَاَلُوْا مُوْسٰۤى اَكْبَرَ مِنْ ذٰلِكَ فَقَالُوْۤا اَرِنَا اللّٰهَ جَهْرَةً فَاَخَذَتْهُمُ الصّٰعِقَةُ بِظُلْمِهِمْۚ-ثُمَّ اتَّخَذُوا الْعِجْلَ مِنْۢ بَعْدِ مَا جَآءَتْهُمُ الْبَیِّنٰتُ فَعَفَوْنَا عَنْ ذٰلِكَۚ-وَ اٰتَیْنَا مُوْسٰى سُلْطٰنًا مُّبِیْنًا(۱۵۳)
اے محبوب! اہل کتاب (ف۳۸۲) تم سے سوال کرتے ہیں کہ ان پر آسمان سے ایک کتاب اتاردو (ف۳۸۳) تو وہ تو موسیٰ سے اس سے بھی بڑا سوال کرچکے (ف۳۸۴) کہ بولے ہمیں ا لله کو اعلانیہ دکھادو تو انہیں کڑک نے آ لیا ان کے گناہوں پر پھر بچھڑا لے بیٹھے (ف۳۸۵) بعداس کے لئے روشن آیتیں (ف۳۸۶) ان کے پاس آچکیں تو ہم نے یہ معاف فرمادیا (ف۳۸۷) اور ہم نے موسیٰ کو روشن غلبہ دیا (ف۳۸۸)
قال محمد بن كعب القرظي ، والسدي ، وقتادة : سأل اليهود رسول الله صلى الله عليه وسلم أن ينزل عليهم كتابا من السماء . كما نزلت التوراة على موسى مكتوبة .قال ابن جريج : سألوه أن ينزل عليهم صحفا من الله مكتوبة إلى فلان وفلان وفلان ، بتصديقه فيما جاءهم به . وهذا إنما قالوه على سبيل التعنت والعناد والكفر والإلحاد ، كما سأل كفار قريش قبلهم نظير ذلك ، كما هو مذكور في سورة " سبحان " : ( وقالوا لن نؤمن لك حتى تفجر لنا من الأرض ينبوعا ) [ الإسراء : 90 ، 93 ] الآيات . ولهذا قال تعالى : ( فقد سألوا موسى أكبر من ذلك فقالوا أرنا الله جهرة فأخذتهم الصاعقة بظلمهم ) أي : بطغيانهم وبغيهم ، وعتوهم وعنادهم . وهذا مفسر في سورة " البقرة " حيث يقول تعالى : ( وإذ قلتم يا موسى لن نؤمن لك حتى نرى الله جهرة فأخذتكم الصاعقة وأنتم تنظرون . ثم بعثناكم من بعد موتكم لعلكم تشكرون ) [ البقرة : 55 ، 56 ] .وقوله تعالى : ( ثم اتخذوا العجل من بعد ما جاءتهم البينات ) أي : من بعد ما رأوا من الآيات الباهرة والأدلة القاهرة على يد موسى ، عليه السلام ، في بلاد مصر وما كان من إهلاك عدو الله فرعون وجميع جنوده في اليم ، فما جاوزوه إلا يسيرا حتى أتوا على قوم يعكفون على أصنام لهم ، فقالوا لموسى ( اجعل لنا إلها كما لهم آلهة [ قال إنكم قوم تجهلون . إن هؤلاء متبر ما هم فيه وباطل ما كانوا يعملون ] ) [ الأعراف : 138 ، 139 ] . ثم ذكر تعالى قصة اتخاذهم العجل مبسوطة في سورة " الأعراف " ، وفي سورة " طه " بعد ذهاب موسى إلى مناجاة الله ، عز وجل ، ثم لما رجع وكان ما كان ، جعل الله توبتهم من الذي صنعوه وابتدعوه : أن يقتل من لم يعبد العجل منهم من عبده ، فجعل يقتل بعضهم بعضا ثم أحياهم الله ، عز وجل ، فقال الله عز وجل ( فعفونا عن ذلك وآتينا موسى سلطانا مبينا )
وَ رَفَعْنَا فَوْقَهُمُ الطُّوْرَ بِمِیْثَاقِهِمْ وَ قُلْنَا لَهُمُ ادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا وَّ قُلْنَا لَهُمْ لَا تَعْدُوْا فِی السَّبْتِ وَ اَخَذْنَا مِنْهُمْ مِّیْثَاقًا غَلِیْظًا(۱۵۴)
پھر ہم نے ان پر طور کو اونچا کیا ان سے عہد لینے کو اور ان سے فرمایا کہ دروازے میں سجدہ کرتے داخل ہو اور ان سے فرمایا کہ ہفتہ میں حد سے نہ بڑھو (ف۳۸۹) اور ہم نے ان سے گاڑھا عہد لیا(ف۳۹۰)
ثم قال تعالى : ( ورفعنا فوقهم الطور بميثاقهم ) وذلك حين امتنعوا من الالتزام بأحكام التوراة ، وظهر منهم إباء عما جاءهم به موسى ، عليه السلام ، ورفع الله على رؤوسهم جبلا ثم ألزموا فالتزموا وسجدوا ، وجعلوا ينظرون إلى فوق رؤوسهم خشية أن يسقط عليهم ، كما قال تعالى : ( وإذ نتقنا الجبل فوقهم كأنه ظلة وظنوا أنه واقع بهم خذوا ما آتيناكم بقوة [ واذكروا ما فيه لعلكم تتقون ] ) [ الأعراف : 171 ] .( وقلنا لهم ادخلوا الباب سجدا ) أي : فخالفوا ما أمروا به من القول والفعل ، فإنهم أمروا أن يدخلوا باب بيت القدس سجدا ، وهم يقولون : حطة . أي : اللهم حط عنا ذنوبنا في تركنا الجهاد ونكولنا عنه ، حتى تهنا في التيه أربعين سنة . فدخلوا يزحفون على أستاههم ، وهم يقولون : حنطة في شعرة .( وقلنا لهم لا تعدوا في السبت ) أي : وصيناهم بحفظ السبت والتزام ما حرم الله عليهم ، ما دام مشروعا لهم ( وأخذنا منهم ميثاقا غليظا ) أي : شديدا ، فخالفوا وعصوا وتحيلوا على ارتكاب مناهي الله ، عز وجل ، كما هو مبسوط في سورة الأعراف عند قوله : ( واسألهم عن القرية التي كانت حاضرة البحر [ إذ يعدون في السبت ] ) [ الأعراف : 163 - 166 ] الآيات ، وسيأتي حديث صفوان بن عسال ، في سورة " سبحان " عند قوله : ( ولقد آتينا موسى تسع آيات بينات ) [ الإسراء : 101 ] ، وفيه : " وعليكم - خاصة يهود - ألا تعدوا في السبت " .
فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِّیْثَاقَهُمْ وَ كُفْرِهِمْ بِاٰیٰتِ اللّٰهِ وَ قَتْلِهِمُ الْاَنْۢبِیَآءَ بِغَیْرِ حَقٍّ وَّ قَوْلِهِمْ قُلُوْبُنَا غُلْفٌؕ-بَلْ طَبَعَ اللّٰهُ عَلَیْهَا بِكُفْرِهِمْ فَلَا یُؤْمِنُوْنَ اِلَّا قَلِیْلًا۪(۱۵۵)
تو ان کی کیسی بدعہدیوں کے سبب ہم نے ان پر لعنت کی اور اس لئے کہ وہ آیات الٰہی کے منکر ہوئے (ف۳۹۱) اور انبیاء کو ناحق شہید کرتے (ف۳۹۲) اور ان کے اس کہنے پر کہ ہمارے دلوں پر غلاف ہیں (ف۳۹۳) بلکہ اللہ نے ان کے کفر کے سبب ان کے دلوں پر مہر لگادی ہے تو ایمان نہیں لاتے مگر تھوڑے،
وهذه من الذنوب التي ارتكبوها ، مما أوجب لعنتهم وطردهم وإبعادهم عن الهدى ، وهو نقضهم المواثيق والعهود التي أخذت عليهم ، وكفرهم بآيات الله ، أي : حججه وبراهينه ، والمعجزات التي شاهدوها على أيدي الأنبياء ، عليهم السلام .قوله ( وقتلهم الأنبياء بغير حق ) وذلك لكثرة إجرامهم واجترائهم على أنبياء الله ، فإنهم قتلوا جما غفيرا من الأنبياء [ بغير حق ] عليهم السلام .وقولهم : ( قلوبنا غلف ) قال ابن عباس ، ومجاهد ، وسعيد بن جبير ، وعكرمة ، والسدي ، وقتادة ، وغير واحد : أي في غطاء . وهذا كقول المشركين : ( وقالوا قلوبنا في أكنة مما تدعونا إليه [ وفي آذاننا وقر ومن بيننا وبينك حجاب فاعمل إننا عاملون ] ) [ فصلت : 5 ] . وقيل : معناه أنهم ادعوا أن قلوبهم غلف للعلم ، أي : أوعية للعلم قد حوته وحصلته . رواه الكلبي ، عن أبي صالح ، عن ابن عباس . وقد تقدم نظيره في سورة البقرة .قال الله تعالى : ( بل طبع الله عليها بكفرهم ) فعلى القول الأول كأنهم يعتذرون إليه بأن قلوبهم لا تعي ما يقول ; لأنها في غلف وفي أكنة ، قال الله [ تعالى ] بل هو مطبوع عليها بكفرهم . وعلى القول الثاني عكس عليهم ما ادعوه من كل وجه ، وقد تقدم الكلام على مثل هذا في سورة البقرة .( فلا يؤمنون إلا قليلا ) أي : مردت قلوبهم على الكفر والطغيان وقلة الإيمان .
وَّ بِكُفْرِهِمْ وَ قَوْلِهِمْ عَلٰى مَرْیَمَ بُهْتَانًا عَظِیْمًاۙ(۱۵۶)
اور اس لئے کہ انہوں نے کفر کیا (ف۳۹۴) اور مریم پر بڑا بہتان اٹھایا،
( وبكفرهم وقولهم على مريم بهتانا عظيما ) قال علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس : " يعني أنهم رموها بالزنا " . وكذا قال السدي ، وجويبر ، ومحمد بن إسحاق وغير واحد . وهو ظاهر من الآية : أنهم رموها وابنها بالعظائم ، فجعلوها زانية ، وقد حملت بولدها من ذلك - زاد بعضهم : وهي حائض - فعليهم لعائن الله المتتابعة إلى يوم القيامة .
وَّ قَوْلِهِمْ اِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِیْحَ عِیْسَى ابْنَ مَرْیَمَ رَسُوْلَ اللّٰهِۚ-وَ مَا قَتَلُوْهُ وَ مَا صَلَبُوْهُ وَ لٰكِنْ شُبِّهَ لَهُمْؕ-وَ اِنَّ الَّذِیْنَ اخْتَلَفُوْا فِیْهِ لَفِیْ شَكٍّ مِّنْهُؕ-مَا لَهُمْ بِهٖ مِنْ عِلْمٍ اِلَّا اتِّبَاعَ الظَّنِّۚ-وَ مَا قَتَلُوْهُ یَقِیْنًۢاۙ(۱۵۷)
اور ان کے اس کہنے پر کہ ہم نے مسیح عیسیٰ بن مریم اللہ کے رسول کو شہید کیا (ف۳۹۵) اور ہے یہ کہ انہوں نے نہ اسے قتل کیا اور نہ اسے سولی دی بلکہ ان کے لئے ان کی شبیہ کا ایک بنادیا گیا (ف۳۹۶) اور وہ جو اس کے بارہ میں اختلاف کررہے ہیں ضرور اس کی طرف سے شبہ میں پڑے ہوئے ہیں (ف۳۹۷) انہیں اس کی کچھ بھی خبر نہیں (ف۳۹۸) مگر یہی گمان کی پیروی (ف۳۹۹) اور بیشک انہوں نے اس کو قتل نہیں کیا (ف۴۰۰)
وقولهم : ( إنا قتلنا المسيح عيسى ابن مريم رسول الله ) أي هذا الذي يدعي لنفسه هذا المنصب قتلناه . وهذا منهم من باب التهكم والاستهزاء ، كقول المشركين : ( يا أيها الذي نزل عليه الذكر إنك لمجنون ) [ الحجر : 6 ] .وكان من خبر اليهود - عليهم لعائن الله وسخطه وغضبه وعقابه - أنه لما بعث الله عيسى ابن مريم بالبينات والهدى ، حسدوه على ما آتاه الله من النبوة والمعجزات الباهرات ، التي كان يبرئ بها الأكمه والأبرص ويحيي الموتى بإذن الله ، ويصور من الطين طائرا ثم ينفخ فيه فيكون طائرا يشاهد طيرانه بإذن الله ، عز وجل ، إلى غير ذلك من المعجزات التي أكرمه الله بها وأجراها على يديه ، ومع هذا كذبوه وخالفوه ، وسعوا في أذاه بكل ما أمكنهم ، حتى جعل نبي الله عيسى ، عليه السلام ، لا يساكنهم في بلدة ، بل يكثر السياحة هو وأمه ، عليهما السلام ، ثم لم يقنعهم ذلك حتى سعوا إلى ملك دمشق في ذلك الزمان - وكان رجلا مشركا من عبدة الكواكب ، وكان يقال لأهل ملته : اليونان - وأنهوا إليه : أن ببيت المقدس رجلا يفتن الناس ويضلهم ويفسد على الملك رعاياه . فغضب الملك من هذا ، وكتب إلى نائبه بالقدس أن يحتاط على هذا المذكور ، وأن يصلبه ويضع الشوك على رأسه ، ويكف أذاه على الناس . فلما وصل الكتاب امتثل متولي بيت المقدس ذلك ، وذهب هو وطائفة من اليهود إلى المنزل الذي فيه عيسى ، عليه السلام ، وهو في جماعة من أصحابه ، اثنا عشر أو ثلاثة عشر - وقيل : سبعة عشر نفرا - وكان ذلك يوم الجمعة بعد العصر ليلة السبت ، فحصروه هنالك . فلما أحس بهم وأنه لا محالة من دخولهم عليه ، أو خروجه عليهم قال لأصحابه : أيكم يلقى عليه شبهي ، وهو رفيقي في الجنة ؟ فانتدب لذلك شاب منهم ، فكأنه استصغره عن ذلك ، فأعادها ثانية وثالثة وكل ذلك لا ينتدب إلا ذلك الشاب - فقال : أنت هو - وألقى الله عليه شبه عيسى ، حتى كأنه هو ، وفتحت روزنة من سقف البيت ، وأخذت عيسى عليه السلام سنة من النوم ، فرفع إلى السماء وهو كذلك ، كما قال [ الله ] تعالى : ( إذ قال الله يا عيسى إني متوفيك ورافعك إلي [ ومطهرك من الذين كفروا ] ) الآية [ آل عمران : 55 ] .فلما رفع خرج أولئك النفر فلما رأى أولئك ذلك الشاب ظنوا أنه عيسى ، فأخذوه في الليل وصلبوه ، ووضعوا الشوك على رأسه ، فأظهر اليهود أنهم سعوا في صلبه وتبجحوا بذلك ، وسلم لهم طوائف من النصارى ذلك لجهلهم وقلة عقلهم ، ما عدا من كان في البيت مع المسيح ، فإنهم شاهدوا رفعه ، وأما الباقون فإنهم ظنوا كما ظن اليهود أن المصلوب هو المسيح ابن مريم ، حتى ذكروا أن مريم جلست تحت ذلك المصلوب وبكت ، ويقال : إنه خاطبها ، والله أعلم .وهذا كله من امتحان الله عباده ; لما له في ذلك من الحكمة البالغة ، وقد أوضح الله الأمر وجلاه وبينه وأظهره في القرآن العظيم ، الذي أنزله على رسوله الكريم ، المؤيد بالمعجزات والبينات والدلائل الواضحات ، فقال تعالى - وهو أصدق القائلين ، ورب العالمين ، المطلع على السرائر والضمائر ، الذي يعلم السر في السماوات والأرض ، العالم بما كان وما يكون ، وما لم يكن لو كان كيف يكون - : ( وما قتلوه وما صلبوه ولكن شبه لهم ) أي : رأوا شبهه فظنوه إياه ; ولهذا قال : ( وإن الذين اختلفوا فيه لفي شك منه ما لهم به من علم إلا اتباع الظن [ وما قتلوه يقينا بل رفعه الله إليه ] ) يعني بذلك : من ادعى قتله من اليهود ، ومن سلمه من جهال النصارى ، كلهم في شك من ذلك وحيرة وضلال وسعر . ولهذا قال : ( وما قتلوه يقينا ) أي : وما قتلوه متيقنين أنه هو ، بل شاكين متوهمين .
بَلْ رَّفَعَهُ اللّٰهُ اِلَیْهِؕ-وَ كَانَ اللّٰهُ عَزِیْزًا حَكِیْمًا(۱۵۸)
بلکہ اللہ نے اسے اپنی طرف اٹھالیا (ف۴۰۱) اور اللہ غالب حکمت والا ہے،
( بل رفعه الله إليه وكان الله عزيزا حكيما ) أي منيع الجناب لا يرام جنابه ، ولا يضام من لاذ ببابه ( حكيما ) أي : في جميع ما يقدره ويقضيه من الأمور التي يخلقها وله الحكمة البالغة ، والحجة الدامغة ، والسلطان العظيم ، والأمر القديم .قال ابن أبي حاتم : حدثنا أحمد بن سنان ، حدثنا أبو معاوية ، عن الأعمش ، عن المنهال بن عمرو ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس قال : لما أراد الله أن يرفع عيسى إلى السماء ، خرج على أصحابه - وفي البيت اثنا عشر رجلا من الحواريين - يعني : فخرج عليهم من عين في البيت ، ورأسه يقطر ماء ، فقال : إن منكم من يكفر بي اثنتي عشرة مرة ، بعد أن آمن بي . ثم قال : أيكم يلقى عليه شبهي ، فيقتل مكاني ويكون معي في درجتي ؟ فقام شاب من أحدثهم سنا ، فقال له : اجلس . ثم أعاد عليهم فقام ذلك الشاب ، فقال : اجلس . ثم أعاد عليهم فقام الشاب فقال : أنا . فقال : أنت هو ذاك . فألقي عليه شبه عيسى ورفع عيسى من روزنة في البيت إلى السماء . قال : وجاء الطلب من اليهود فأخذوا الشبه فقتلوه ، ثم صلبوه وكفر به بعضهم اثنتي عشرة مرة ، بعد أن آمن به ، وافترقوا ثلاث فرق ، فقالت طائفة : كان الله فينا ما شاء ثم صعد إلى السماء . وهؤلاء اليعقوبية ، وقالت فرقة : كان فينا ابن الله ما شاء ، ثم رفعه الله إليه . وهؤلاء النسطورية ، وقالت فرقة : كان فينا عبد الله ورسوله ما شاء ، ثم رفعه الله إليه . وهؤلاء المسلمون ، فتظاهرت الكافرتان على المسلمة ، فقتلوها ، فلم يزل الإسلام طامسا حتى بعث الله محمدا صلى الله عليه وسلم .وهذا إسناد صحيح إلى ابن عباس ، ورواه النسائي عن أبي كريب ، عن أبي معاوية ، بنحوه وكذا ذكر غير واحد من السلف أنه قال لهم : أيكم يلقى عليه شبهي فيقتل مكاني ، وهو رفيقي في الجنة ؟وقال ابن جرير : حدثنا ابن حميد ، حدثنا يعقوب القمي ، عن هارون بن عنترة ، عن وهب بن منبه قال : أتي عيسى وعنده سبعة عشر من الحواريين في بيت وأحاطوا بهم . فلما دخلوا عليه صورهم الله ، عز وجل ، كلهم على صورة عيسى ، فقالوا لهم : سحرتمونا . ليبرزن لنا عيسى أو لنقتلنكم جميعا . فقال عيسى لأصحابه : من يشري نفسه منكم اليوم بالجنة ؟ فقال رجل منهم : أنا . فخرج إليهم وقال : أنا عيسى - وقد صوره الله على صورة عيسى - فأخذوه وقتلوه وصلبوه . فمن ثم شبه لهم ، فظنوا أنهم قد قتلوا عيسى ، وظنت النصارى مثل ذلك أنه عيسى ، ورفع الله عيسى من يومه ذلك . وهذا سياق غريب جدا . قال ابن جرير : وقد روي عن وهب نحو هذا القول ، وهو ما حدثني به المثنى ، حدثنا إسحاق ، حدثنا إسماعيل بن عبد الكريم ، حدثني عبد الصمد بن معقل : أنه سمع وهبا يقول : إن عيسى ابن مريم لما أعلمه الله أنه خارج من الدنيا ، جزع من الموت وشق عليه ، فدعا الحواريين فصنع لهم طعاما ، فقال : احضروني الليلة ، فإن لي إليكم حاجة . فلما اجتمعوا إليه من الليل عشاهم وقام يخدمهم . فلما فرغوا من الطعام أخذ يغسل أيديهم ويوضئهم بيده ، ويمسح أيديهم بثيابه ، فتعاظموا ذلك وتكارهوه ، فقال : ألا من رد علي شيئا الليلة مما أصنع ، فليس مني ولا أنا منه . فأقروه ، حتى إذا فرغ من ذلك قال : أما ما صنعت بكم الليلة ، مما خدمتكم على الطعام ، وغسلت أيديكم بيدي ، فليكن لكم بي أسوة ، فإنكم ترون أني خيركم ، فلا يتعظم بعضكم على بعض ، وليبذل بعضكم نفسه لبعض ، كما بذلت نفسي لكم . وأما حاجتي الليلة التي أستعينكم عليها فتدعون لي الله ، وتجتهدون في الدعاء أن يؤخر أجلي . فلما نصبوا أنفسهم للدعاء ، وأرادوا أن يجتهدوا ، أخذهم النوم حتى لم يستطيعوا دعاء ، فجعل يوقظهم ويقول : سبحان الله ! أما تصبرون لي ليلة واحدة تعينونني فيها ؟ قالوا : والله ما ندري ما لنا . لقد كنا نسمر فنكثر السمر ، وما نطيق الليلة سمرا ، وما نريد دعاء إلا حيل بيننا وبينه . فقال : يذهب بالراعي وتفرق الغنم . وجعل يأتي بكلام نحو هذا ينعي به نفسه . ثم قال : الحق ، ليكفرن بي أحدكم قبل أن يصيح الديك ثلاث مرات ، وليبيعني أحدكم بدراهم يسيرة ، وليأكلن ثمني ، فخرجوا وتفرقوا ، وكانت اليهود تطلبه ، وأخذوا شمعون أحد الحواريين ، وقالوا : هذا من أصحابه . فجحد وقال : ما أنا بصاحبه فتركوه ، ثم أخذه آخرون ، فجحد كذلك . ثم سمع صوت ديك فبكى وأحزنه ، فلما أصبح أتى أحد الحواريين إلى اليهود فقال : ما تجعلون لي إن دللتكم على المسيح ؟ فجعلوا له ثلاثين درهما ، فأخذها ودلهم عليه ، وكان شبه عليهم قبل ذلك ، فأخذوه فاستوثقوا منه ، وربطوه بالحبل ، وجعلوا يقودونه ويقولون ، له : أنت كنت تحيي الموتى ، وتنهر الشيطان ، وتبرئ المجنون ، أفلا تنجي نفسك من هذا الحبل ؟ ويبصقون عليه ، ويلقون عليه الشوك ، حتى أتوا به الخشبة التي أرادوا أن يصلبوه عليها ، فرفعه الله إليه ، وصلبوا ما شبه لهم فمكث سبعا .ثم إن أمه والمرأة التي كان يداويها عيسى عليه السلام ، فأبرأها الله من الجنون ، جاءتا تبكيان حيث المصلوب ، فجاءهما عيسى فقال : علام تبكيان ؟ فقالتا : عليك . فقال : إني قد رفعني الله إليه ، ولم يصبني إلا خير ، وإن هذا شبه لهم فأمرا الحواريين يلقوني إلى مكان كذا وكذا . فلقوه إلى ذلك المكان أحد عشر . وفقدوا الذي كان باعه ودل عليه اليهود ، فسأل عنه أصحابه فقال : إنه ندم على ما صنع فاختنق ، وقتل نفسه فقال : لو تاب لتاب الله عليه . ثم سألهم عن غلام كاد يتبعهم ، يقال له : يحيى ، قال : هو معكم ، فانطلقوا ، فإنه سيصبح كل إنسان يحدث بلغة قومه ، فلينذرهم وليدعهم . سياق غريب جدا .ثم قال ابن جرير : حدثنا ابن حميد ، حدثنا سلمة ، عن ابن إسحاق قال : كان اسم ملك بني إسرائيل الذي بعث إلى عيسى ليقتله رجلا منهم ، يقال له : داود ، فلما أجمعوا لذلك منه ، لم يفظع عبد من عباد الله بالموت - فيما ذكر لي - فظعه ولم يجزع منه جزعه ، ولم يدع الله في صرفه عنه دعاءه ، حتى إنه ليقول - فيما يزعمون - " اللهم إن كنت صارفا هذه الكأس عن أحد من خلقك فاصرفها عني " وحتى إن جلده من كرب ذلك ليتفصد دما . فدخل - المدخل الذي أجمعوا أن يدخلوا عليه فيه ليقتلوه - هو وأصحابه ، وهم ثلاثة عشر بعيسى ، عليه السلام ، فلما أيقن أنهم داخلون عليه قال لأصحابه من الحواريين - وكانوا اثني عشر رجلا فطرس ويعقوب بن زبدي ويحنس أخو يعقوب ، وأنداربيس ، وفيلبس ، وأبرثلما ومنى وتوماس ، ويعقوب بن حلفيا ، وتداوسيس ، وقثانيا ويودس زكريا يوطا .قال ابن حميد : قال سلمة ، قال ابن إسحاق : وكان [ فيهم فيما ] ذكر لي رجل اسمه سرجس ، فكانوا ثلاثة عشر رجلا سوى عيسى ، عليه السلام ، جحدته النصارى ، وذلك أنه هو الذي شبه لليهود مكان عيسى [ عليه السلام ] قال : فلا أدري ما هو ؟ من هؤلاء الاثني عشر ، أو كان ثالث عشر ، فجحدوه حين أقروا لليهود بصلب عيسى ، وكفروا بما جاء به محمد صلى الله عليه وسلم من الخبر عنه . فإن كانوا ثلاثة عشر فإنهم دخلوا المدخل حين دخلوا وهم بعيسى أربعة عشر ، وإن كانوا اثني عشر ، فإنهم دخلوا المدخل [ حين دخلوا ] وهم ثلاثة عشر .قال ابن إسحاق : وحدثني رجل كان نصرانيا فأسلم : أن عيسى حين جاءه من الله ( إني متوفيك ورافعك إلي ) قال : يا معشر الحواريين ، أيكم يحب أن يكون رفيقي في الجنة على أن يشبه للقوم في صورتي ، فيقتلوه في مكاني ؟ فقال سرجس : أنا ، يا روح الله . قال : فاجلس في مجلسي . فجلس فيه ، ورفع عيسى ، عليه السلام ، فدخلوا عليه فأخذوه فصلبوه ، فكان هو الذي صلبوه وشبه لهم به ، وكانت عدتهم حين دخلوا مع عيسى معلومة ، قد رأوهم وأحصوا عدتهم . فلما دخلوا عليه ليأخذوه وجدوا عيسى ، فيما يرون وأصحابه ، وفقدوا رجلا من العدة ، فهو الذي اختلفوا فيه وكانوا لا يعرفون عيسى ، حتى جعلوا ليودس زكريا يوطا ثلاثين درهما على أن يدلهم عليه ويعرفهم إياه ، فقال لهم : إذا دخلتم عليه فإني سأقبله ، وهو الذي أقبل ، فخذوه . فلما دخلوا وقد رفع عيسى ، ورأى سرجس في صورة عيسى ، فلم يشكك أنه عيسى ، فأكب عليه فقبله فأخذوه فصلبوه .ثم إن يودس زكريا يوطا ندم على ما صنع ، فاختنق بحبل حتى قتل نفسه ، وهو ملعون في النصارى ، وقد كان أحد المعدودين من أصحابه ، وبعض النصارى يزعم أن يودس زكريا يوطا هو الذي شبه لهم ، فصلبوه وهو يقول : " إني لست بصاحبكم . أنا الذي دللتكم عليه " . والله أعلم أي ذلك كان .وقال ابن جرير ، عن مجاهد : صلبوا رجلا شبهوه بعيسى ، ورفع الله ، عز وجل ، عيسى إلى السماء حيا .واختار ابن جرير أن شبه عيسى ألقي على جميع أصحابه .
وَ اِنْ مِّنْ اَهْلِ الْكِتٰبِ اِلَّا لَیُؤْمِنَنَّ بِهٖ قَبْلَ مَوْتِهٖۚ-وَ یَوْمَ الْقِیٰمَةِ یَكُوْنُ عَلَیْهِمْ شَهِیْدًاۚ(۱۵۹)
کوئی کتابی ایسا نہیں جو اس کی موت سے پہلے اس پر ایمان نہ لائے (ف۴۰۲) اور قیامت کے دن وہ ان پر گواہ ہوگا (ف۴۰۳)
وقوله تعالى : ( وإن من أهل الكتاب إلا ليؤمنن به قبل موته ويوم القيامة يكون عليهم شهيدا )قال ابن جرير : اختلف أهل التأويل في معنى ذلك ، فقال بعضهم : معنى ذلك : ( وإن من أهل الكتاب إلا ليؤمنن به ) يعني بعيسى ( قبل موته ) يعني : قبل موت عيسى - يوجه ذلك إلى أن جميعهم يصدقون به إذا نزل لقتل الدجال ، فتصير الملل كلها واحدة ، وهي ملة الإسلام الحنيفية ، دين إبراهيم ، عليه السلام .ذكر من قال ذلك :حدثنا ابن بشار ، حدثنا عبد الرحمن ، حدثنا سفيان ، عن أبي حصين ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس : ( وإن من أهل الكتاب إلا ليؤمنن به قبل موته ) قال : قبل موت عيسى ابن مريم . وقال العوفي عن ابن عباس مثل ذلك .وقال أبو مالك في قوله : ( إلا ليؤمنن به قبل موته ) قال : ذلك عند نزول عيسى ابن مريم ، عليه السلام ، لا يبقى أحد من أهل الكتاب إلا آمن به .وقال الضحاك ، عن ابن عباس : ( وإن من أهل الكتاب إلا ليؤمنن به قبل موته ) يعني : اليهود خاصة . وقال الحسن البصري : يعني النجاشي وأصحابه . ورواهما ابن أبي حاتم .وقال ابن جرير : وحدثني يعقوب ، حدثنا ابن علية ، حدثنا أبو رجاء ، عن الحسن : ( وإن من أهل الكتاب إلا ليؤمنن به قبل موته ) قال : قبل موت عيسى . والله إنه الآن حي عند الله ، ولكن إذا نزل آمنوا به أجمعون .وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبي ، حدثنا علي بن عثمان اللاحقي ، حدثنا جويرية بن بشر قال : سمعت رجلا قال للحسن : يا أبا سعيد ، قول الله ، [ عز وجل ] ( وإن من أهل الكتاب إلا ليؤمنن به قبل موته ) قال : " قبل موت عيسى . إن الله رفع إليه عيسى [ إليه ] وهو باعثه قبل يوم القيامة مقاما يؤمن به البر والفاجر " .وكذا قال قتادة ، وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم ، وغير واحد . وهذا القول هو الحق ، كما سنبينه بعد بالدليل القاطع ، إن شاء الله ، وبه الثقة وعليه التكلان .قال ابن جرير : وقال آخرون : معنى ذلك : ( وإن من أهل الكتاب إلا ليؤمنن به ) قبل موت الكتابي . ذكر من كان يوجه ذلك إلى أنه إذا عاين علم الحق من الباطل ; لأن كل من نزل به الموت لم تخرج نفسه حتى يتبين له الحق من الباطل في دينه .قال علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس قوله : ( وإن من أهل الكتاب إلا ليؤمنن به قبل موته ) قال لا يموت يهودي حتى يؤمن بعيسى .حدثني المثنى ، حدثنا أبو حذيفة ، حدثنا شبل ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد في قوله : ( إلا ليؤمنن به قبل موته ) كل صاحب كتاب يؤمن بعيسى قبل موته - قبل موت صاحب الكتاب - وقال ابن عباس : لو ضربت عنقه لم تخرج نفسه حتى يؤمن بعيسى .حدثنا ابن حميد ، حدثنا أبو نميلة يحيى بن واضح ، حدثنا حسين بن واقد ، عن يزيد النحوي ، عن عكرمة ، عن ابن عباس قال : لا يموت اليهودي حتى يشهد أن عيسى عبد الله ورسوله ، ولو عجل عليه بالسلاح .حدثني إسحاق بن إبراهيم بن حبيب بن الشهيد ، حدثنا عتاب بن بشير عن خصيف ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس : ( وإن من أهل الكتاب إلا ليؤمنن به قبل موته ) قال : هي في قراءة أبي : ( قبل موتهم ) ليس يهودي يموت أبدا حتى يؤمن بعيسى . قيل لابن عباس : أرأيت إن خر من فوق بيت ؟ قال : يتكلم به في الهوي . فقيل : أرأيت إن ضربت عنق أحد منهم ؟ قال : يلجلج بها لسانه .وكذا روى سفيان الثوري عن خصيف ، عن عكرمة ، عن ابن عباس : ( وإن من أهل الكتاب إلا ليؤمنن به قبل موته ) قال : لا يموت يهودي حتى يؤمن بعيسى ، عليه السلام ، وإن ضرب بالسيف تكلم به ، قال : وإن هوى تكلم [ به ] وهو يهوي .وكذا روى أبو داود الطيالسي ، عن شعبة ، عن أبي هارون الغنوي عن عكرمة ، عن ابن عباس . فهذه كلها أسانيد صحيحة إلى ابن عباس ، وكذا صح عن مجاهد ، وعكرمة ، ومحمد بن سيرين . وبه يقول الضحاك وجويبر ، والسدي ، وحكاه عن ابن عباس ، ونقل قراءة أبي بن كعب : " قبل موتهم " .وقال عبد الرزاق ، عن إسرائيل ، عن فرات القزاز ، عن الحسن في قوله : ( إلا ليؤمنن به قبل موته ) قال : لا يموت أحد منهم حتى يؤمن بعيسى قبل أن يموت .وهذا يحتمل أن يكون مراد الحسن ما تقدم عنه ، ويحتمل أن يكون مراده ما أراده هؤلاءقال ابن جرير : وقال آخرون : معنى ذلك : وإن من أهل الكتاب إلا ليؤمنن بمحمد صلى الله عليه وسلم قبل موت الكتابي .ذكر من قال ذلك :حدثني ابن المثنى ، حدثنا الحجاج بن منهال ، حدثنا حماد ، عن حميد قال : قال عكرمة : لا يموت النصراني ولا اليهودي حتى يؤمن بمحمد صلى الله عليه وسلم في قوله : ( وإن من أهل الكتاب إلا ليؤمنن به قبل موته )ثم قال ابن جرير : وأولى هذه الأقوال بالصحة القول الأول ، وهو أنه لا يبقى أحد من أهل الكتاب بعد نزول عيسى ، عليه السلام ، إلا آمن به قبل موته ، أي قبل موت عيسى ، عليه السلام ، ولا شك أن هذا الذي قاله ابن جرير ، رحمه [ الله ] هو الصحيح ; لأنه المقصود من سياق الآي في تقرير بطلان ما ادعته اليهود من قتل عيسى وصلبه ، وتسليم من سلم لهم من النصارى الجهلة ذلك ، فأخبر الله أنه لم يكن الأمر كذلك ، وإنما شبه لهم فقتلوا الشبيه وهم لا يتبينون ذلك ، ثم إنه رفعه إليه ، وإنه باق حي ، وإنه سينزل قبل يوم القيامة ، كما دلت عليه الأحاديث المتواترة - التي سنوردها إن شاء الله قريبا - فيقتل مسيح الضلالة ، ويكسر الصليب ، ويقتل الخنزير ، ويضع الجزية - يعني : لا يقبلها من أحد من أهل الأديان ، بل لا يقبل إلا الإسلام أو السيف - فأخبرت هذه الآية الكريمة أن يؤمن به جميع أهل الكتاب حينئذ ، ولا يتخلف عن التصديق به واحد منهم ; ولهذا قال : ( وإن من أهل الكتاب إلا ليؤمنن به قبل موته ) أي : قبل موت عيسى ، الذي زعم اليهود ومن وافقهم من النصارى أنه قتل وصلب .( ويوم القيامة يكون عليهم شهيدا ) أي : بأعمالهم التي شاهدها منهم قبل رفعه إلى السماء وبعد نزوله إلى الأرض . فأما من فسر هذه الآية بأن المعنى : أن كل كتابي لا يموت حتى يؤمن بعيسى أو بمحمد ، عليهما [ الصلاة و ] والسلام فهذا هو الواقع ، وذلك أن كل أحد عند احتضاره يتجلى له ما كان جاهلا به ، فيؤمن به ، ولكن لا يكون ذلك إيمانا نافعا له ، إذا كان قد شاهد الملك ، كما قال تعالى في [ أول ] هذه السورة : ( وليست التوبة للذين يعملون السيئات حتى إذا حضر أحدهم الموت قال إني تبت الآن [ ولا الذين يموتون وهم كفار ] ) الآية [ النساء : 18 ] وقال تعالى : ( فلما رأوا بأسنا قالوا آمنا بالله وحده [ وكفرنا بما كنا به مشركين . فلم يك ينفعهم إيمانهم لما رأوا بأسنا ] ) الآيتين [ غافر : 84 ، 85 ] وهذا يدل على ضعف ما احتج به ابن جرير في رد هذا القول ، حيث قال : ولو كان المراد بهذه الآية هذا ، لكان كل من آمن بمحمد أو بالمسيح ، ممن كفر بهما - يكون على دينهما ، وحينئذ لا يرثه أقرباؤه من أهل دينه ; لأنه قد أخبر الصادق أنه يؤمن به قبل موته . فهذا ليس بجيد ; إذ لا يلزم من إيمانه في حالة لا ينفعه إيمانه أنه يصير بذلك مسلما ، ألا ترى إلى قول ابن عباس : ولو تردى من شاهق أو ضرب بسيف أو افترسه سبع ، فإنه لا بد أن يؤمن بعيسى " فالإيمان في مثل هذه الحالات ليس بنافع ، ولا ينقل صاحبه عن كفره لما قدمناه ، والله أعلم .ومن تأمل هذا جيدا وأمعن النظر ، اتضح له أن هذا ، وإن كان هو الواقع ، لكن لا يلزم منه أن يكون المراد بهذه الآية هذا ، بل المراد بها ما ذكرناه من تقرير وجود عيسى ، عليه السلام ، وبقاء حياته في السماء ، وأنه سينزل إلى الأرض قبل يوم القيامة ; ليكذب هؤلاء وهؤلاء من اليهود والنصارى الذين تباينت أقوالهم فيه وتضادت وتعاكست وتناقضت ، وخلت عن الحق ، ففرط هؤلاء اليهود وأفرط هؤلاء النصارى : تنقصه اليهود بما رموه به وأمه من العظائم ، وأطراه النصارى بحيث ادعوا فيه بما ليس فيه ، فرفعوه في مقابلة أولئك عن مقام النبوة إلى مقام الربوبية ، تعالى الله عن قول هؤلاء وهؤلاء علوا كبيرا ، وتنزه وتقدس لا إله إلا هو .ذكر الأحاديث الواردة في نزول عيسى ابن مريم إلى الأرض من السماء في آخر الزمان قبل يوم القيامة ، وأنه يدعو إلى عبادة الله وحده لا شريك له :قال البخاري ، رحمه الله ، في كتاب ذكر الأنبياء ، من صحيحه المتلقى بالقبول : ( نزول عيسى ابن مريم - عليه السلام ) : حدثنا إسحاق بن إبراهيم ، حدثنا يعقوب بن إبراهيم ، حدثنا أبي ، عن صالح ، عن ابن شهاب ، عن سعيد بن المسيب ، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " والذي نفسي بيده ليوشكن أن ينزل فيكم ابن مريم حكما عدلا فيكسر الصليب ، ويقتل الخنزير ، ويضع الجزية ، ويفيض المال حتى لا يقبله أحد ، حتى تكون السجدة خيرا من الدنيا وما فيها " . ثم يقول أبو هريرة : اقرؤوا إن شئتم : ( وإن من أهل الكتاب إلا ليؤمنن به قبل موته ويوم القيامة يكون عليهم شهيدا )وكذا رواه مسلم عن الحسن الحلواني وعبد بن حميد كلاهما ، عن يعقوب ، به وأخرجه البخاري ومسلم ، أيضا ، من حديث سفيان بن عيينة ، عن الزهري ، به وأخرجاه من طريق الليث عن الزهري به ورواه ابن مردويه من طريق محمد بن أبي حفصة ، عن الزهري ، عن سعيد بن المسيب ، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " يوشك أن يكون فيكم ابن مريم حكما عدلا يقتل الدجال ، ويقتل الخنزير ، ويكسر الصليب ، ويضع الجزية ، ويفيض المال ، وتكون السجدة واحدة لله رب العالمين " . قال أبو هريرة : اقرؤوا إن شئتم : ( وإن من أهل الكتاب إلا ليؤمنن به قبل ) موت عيسى ابن مريم ، ثم يعيدها أبو هريرة ثلاث مرات .طريق أخرى عن أبي هريرة : قال الإمام أحمد : حدثنا روح ، حدثنا محمد بن أبي حفصة ، عن الزهري ، عن حنظلة بن علي الأسلمي ، عن أبي هريرة ; أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " ليهلن عيسى ابن مريم بفج الروحاء بالحج أو العمرة أو ليثنينهما جميعا " .وكذا رواه مسلم منفردا به من حديث سفيان بن عيينة ، والليث بن سعد ، ويونس بن يزيد ، ثلاثتهم عن الزهري به .وقال أحمد : حدثنا يزيد ، حدثنا سفيان - هو ابن حسين - عن الزهري ، عن حنظلة ، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ينزل عيسى ابن مريم فيقتل الخنزير ، ويمحو الصليب ، وتجمع له الصلاة ، ويعطي المال حتى لا يقبل ، ويضع الخراج ، وينزل الروحاء فيحج منها أو يعتمر أو يجمعهما " قال : وتلا أبو هريرة : ( وإن من أهل الكتاب إلا ليؤمنن به قبل موته [ ويوم القيامة يكون عليهم شهيدا ] ) فزعم حنظلة أن أبا هريرة قال : يؤمن به قبل موت عيسى ، فلا أدري هذا كله حديث النبي صلى الله عليه وسلم أو شيء قاله أبو هريرة .وكذا رواه ابن أبي حاتم ، عن أبيه ، عن أبي موسى محمد بن المثنى ، عن يزيد بن هارون ، عن سفيان بن حسين عن الزهري ، به .طريق أخرى : قال البخاري : حدثنا ابن بكير ، حدثنا الليث ، عن يونس ، عن ابن شهاب ، عن نافع مولى أبي قتادة الأنصاري ; أن أبا هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " كيف أنتم إذا نزل فيكم المسيح ابن مريم ، وإمامكم منكم ؟ " تابعه عقيل والأوزاعي .وهكذا رواه الإمام أحمد ، عن عبد الرزاق ، عن معمر ، وعن عثمان بن عمر ، عن ابن أبي ذئب ، كلاهما عن الزهري ، به . وأخرجه مسلم من رواية يونس والأوزاعي وابن أبي ذئب ، به .طريق أخرى : قال الإمام أحمد : حدثنا عفان ، حدثنا همام ، أنبأنا قتادة ، عن عبد الرحمن ، عن أبي هريرة ; أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " الأنبياء إخوة لعلات أمهاتهم شتى ودينهم واحد ، وإني أولى الناس بعيسى ابن مريم ; لأنه لم يكن بيني وبينه نبي ، وإنه نازل ، فإذا رأيتموه فاعرفوه : رجل مربوع إلى الحمرة والبياض ، عليه ثوبان ممصران ، كأن رأسه يقطر وإن لم يصبه بلل ، فيدق الصليب ، ويقتل الخنزير ، ويضع الجزية ، ويدعو الناس إلى الإسلام ، ويهلك الله في زمانه الملل كلها إلا الإسلام ، ويهلك الله في زمانه المسيح الدجال ، ثم تقع الأمنة على الأرض ، حتى ترتع الأسود مع الإبل ، والنمار مع البقر ، والذئاب مع الغنم ، ويلعب الصبيان بالحيات لا تضرهم ، فيمكث أربعين سنة ، ثم يتوفى ويصلي عليه المسلمون " .وكذا رواه أبو داود ، عن هدبة بن خالد ، عن همام بن يحيى . رواه ابن جرير - ولم يورد عند هذه الآية سواه - عن بشر بن معاذ ، عن يزيد بن هارون ، عن سعيد بن أبي عروبة - كلاهما عن قتادة ، عن عبد الرحمن بن آدم - وهو مولى أم برثن - صاحب السقاية ، عن أبي هريرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم فذكر نحوه ، وقال : فيقاتل الناس على الإسلام .وقد روى البخاري ، عن أبي اليمان ، عن شعيب ، عن الزهري ، عن أبي سلمة ، عن أبي هريرة قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " أنا أولى الناس بعيسى ابن مريم ، والأنبياء أولاد علات ، ليس بيني وبينه نبي " .ثم روى عن محمد بن سنان : عن فليح بن سليمان ، عن هلال بن علي ، عن عبد الرحمن بن أبي عمرة ، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " أنا أولى الناس بعيسى ابن مريم في الدنيا والآخرة ، والأنبياء إخوة لعلات ، أمهاتهم شتى ودينهم واحد " وقال إبراهيم بن طهمان ، عن موسى بن عقبة ، عن صفوان بن سليم ، عن عطاء بن يسار ، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم . .حديث آخر : قال مسلم في صحيحه : حدثني زهير بن حرب ، حدثنا معلى بن منصور ، حدثنا سليمان بن بلال ، حدثنا سهيل ، عن أبيه ، عن أبي هريرة ; أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " لا تقوم الساعة حتى ينزل الروم بالأعماق - أو بدابق - فيخرج إليهم جيش من المدينة من خيار أهل الأرض يومئذ ، فإذا تصافوا قال الروم : خلوا بيننا وبين الذين سبوا منا نقاتلهم . فيقول المسلمون : لا والله لا نخلي بينكم وبين إخواننا . فيقاتلونهم ، فينهزم ثلث لا يتوب الله عليهم أبدا ، ويقتل ثلثه أفضل الشهداء عند الله [ عز وجل ] ويفتتح الثلث لا يفتنون أبدا فيفتتحون قسطنطينية ، فبينما هم يقسمون الغنائم قد علقوا سيوفهم بالزيتون ، إذ صاح فيهم الشيطان : إن المسيح قد خلفكم في أهليكم . فيخرجون ، وذلك باطل . فإذا جاؤوا الشام خرج ، فبينما هم يعدون للقتال : يسوون الصفوف ، إذ أقيمت الصلاة ، فينزل عيسى ابن مريم فأمهم فإذا رآه عدو الله ذاب كما يذوب الملح في الماء ، فلو تركه لانذاب حتى يهلك ولكن يقتله الله بيده ، فيريهم دمه في حربته " .حديث آخر : قال الإمام أحمد : حدثنا هشيم ، عن العوام بن حوشب ، عن جبلة بن سحيم ، عن مؤثر بن عفازة ، عن ابن مسعود ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " لقيت ليلة أسري بي إبراهيم وموسى وعيسى ، عليه السلام ، فتذاكروا أمر الساعة ، فردوا أمرهم إلى إبراهيم ، فقال : لا علم لي بها . فردوا أمرهم إلى موسى ، فقال : لا علم لي بها . فردوا أمرهم إلى عيسى ، فقال : أما وجبتها فلا يعلم بها أحد إلا الله ، وفيما عهد إلي ربي - عز وجل - أن الدجال خارج قال : ومعي قضيبان ، فإذا رآني ذاب كما يذوب الرصاص قال : فيهلكه الله إذا رآني حتى إن الحجر والشجر يقول : يا مسلم ، إن تحتي كافرا فتعال فاقتله : قال : فيهلكهم الله ، ثم يرجع الناس إلى بلادهم وأوطانهم ، فعند ذلك يخرج يأجوج ومأجوج ، وهم من كل حدب ينسلون ، فيطؤون بلادهم ، فلا يأتون على شيء إلا أهلكوه ، ولا يمرون على ماء إلا شربوه ، قال : ثم يرجع الناس إلي يشكونهم ، فأدعو الله عليهم ، فيهلكهم ويميتهم ، حتى تجوى الأرض من نتن ريحهم ، وينزل الله المطر ، فيجترف أجسادهم حتى نقذفهم في البحر ، ففيما عهد إلي ربي - عز وجل - أن ذلك إذا كان كذلك أن الساعة كالحامل المتم ، لا يدري أهلها متى تفجؤهم بولادها ليلا أو نهارا .رواه ابن ماجه ، عن محمد بن بشار ، عن يزيد بن هارون ، عن العوام بن حوشب ، به نحوه .حديث آخر : قال الإمام أحمد : حدثنا يزيد بن هارون ، أخبرنا حماد بن سلمة ، عن علي بن زيد ، عن أبي نضرة قال : أتينا عثمان بن أبي العاص في يوم جمعة ; لنعرض عليه مصحفا لنا على مصحفه ، فلما حضرت الجمعة أمرنا فاغتسلنا ، ثم أتينا بطيب فتطيبنا ، ثم جئنا المسجد فجلسنا إلى رجل ، فحدثنا عن الدجال ، ثم جاء عثمان بن أبي العاص فقمنا إليه ، فجلسنا فقال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " يكون للمسلمين ثلاثة أمصار : مصر بملتقى البحرين ، ومصر بالحيرة ، ومصر بالشام . فيفزع الناس ثلاث فزعات ، فيخرج الدجال في أعراض الناس ، فيهزم من قبل المشرق ، فأول مصر يرده المصر الذي بملتقى البحرين ، فيصير أهلهم ثلاث فرق : فرقة تقيم تقول : نشامه ننظر ما هو ؟ وفرقة تلحق بالأعراب ، وفرقة تلحق بالمصر الذي يليهم . ومع الدجال سبعون ألفا عليهم السيجان وأكثر من معه اليهود والنساء ، ثم يأتي المصر الذي يليه ، فيصير أهله ثلاث فرق : فرقة تقول : نشامه وننظر ما هو ؟ وفرقة تلحق بالأعراب ، وفرقة تلحق بالمصر الذي يليهم بغرب الشام وينحاز المسلمون إلى عقبة أفيق فيبعثون سرحا لهم ، فيصاب سرحهم ، فيشتد ذلك عليهم وتصيبهم مجاعة شديدة وجهد شديد ، حتى إن أحدهم ليحرق وتر قوسه فيأكله ، فبينما هم كذلك إذ نادى مناد من السحر : " يا أيها الناس ، أتاكم الغوث ثلاثا " فيقول بعضهم لبعض : إن هذا لصوت رجل شبعان ، وينزل عيسى ابن مريم ، عليه السلام ، عند صلاة الفجر ، فيقول له أميرهم : روح الله ، تقدم صل . فيقول : هذه الأمة أمراء ، بعضهم على بعض . فيتقدم أميرهم فيصلي ، فإذا قضى صلاته أخذ عيسى حربته ، فيذهب نحو الدجال ، فإذا رآه الدجال ذاب كما يذوب الرصاص ، فيضع حربته بين ثندوته فيقتله وينهزم أصحابه ، فليس يومئذ شيء يواري أحدا ، حتى إن الشجرة لتقول : يا مؤمن ، هذا كافر . ويقول الحجر : يا مؤمن ، هذا كافر " . تفرد به أحمد من هذا الوجه .حديث آخر : قال أبو عبد الله محمد بن يزيد بن ماجه في سننه المشهورة : حدثنا علي بن محمد ، حدثنا عبد الرحمن المحاربي ، عن إسماعيل بن رافع أبي رافع ، عن أبي زرعة الشيباني يحيى بن أبي عمرو ، عن أبي أمامة الباهلي قال : خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فكان أكثر خطبته حديثا حدثناه عن الدجال ، وحذرناه ، فكان من قوله أن قال :" لم تكن فتنة في الأرض ، منذ ذرأ الله ذرية آدم ، عليه السلام ، أعظم من فتنة الدجال ، وإن الله لم يبعث نبيا إلا حذر أمته الدجال . وأنا آخر الأنبياء ، وأنتم آخر الأمم ، وهو خارج فيكم لا محالة ، فإن يخرج وأنا بين ظهرانيكم ، فأنا حجيج لكل مسلم ، وإن يخرج من بعدي فكل حجيج نفسه ، والله خليفتي على كل مسلم وإنه يخرج من خلة بين الشام والعراق ، فيعيث يمينا ويعيث شمالا " .يا عباد الله ، أيها الناس ، فاثبتوا . وإني سأصفه لكم صفة لم يصفها إياه نبي قبلي : إنه يبدأ فيقول أنا نبي " فلا نبي بعدي ، ثم يثني فيقول : " أنا ربكم " ، ولا ترون ربكم حتى تموتوا . وإنه أعور وإن ربكم ، عز وجل ، ليس بأعور ، وإنه مكتوب بين عينيه : كافر ، يقرؤه كل مؤمن ، كاتب وغير كاتب . وإن من فتنته أن معه جنة ونارا ، فناره جنة وجنته نار . فمن ابتلي بناره فليستغث بالله وليقرأ فواتح الكهف ، فتكون عليه بردا وسلاما ، كما كانت النار على إبراهيم [ عليه السلام ] وإن من فتنته أن يقول لأعرابي : أرأيت إن بعثت لك أباك وأمك أتشهد أني ربك ؟ فيقول : نعم . فيتمثل له شيطانان في صورة أبيه وأمه ، فيقولان : يا بني ، اتبعه ، فإنه ربك . وإن من فتنته أن يسلط على نفس واحدة فيقتلها وينشرها بالمنشار ، حتى يلقى شقين ثم يقول : انظروا إلى عبدي هذا ، فإني أبعثه الآن ، ثم يزعم أن له ربا غيري . فيبعثه الله ، فيقول له الخبيث : من ربك ، فيقول : ربي الله . وأنت عدو الله ، الدجال ، والله ما كنت بعد أشد بصيرة بك مني اليوم " . قال أبو الحسن الطنافسي : فحدثنا المحاربي ، حدثنا عبيد الله بن الوليد الوصافي ، عن عطية ، عن أبي سعيد قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ذلك الرجل أرفع أمتي درجة في الجنة " .قال : قال أبو سعيد : والله ما كنا نرى ذلك الرجل إلا عمر بن الخطاب ، حتى مضى لسبيله .قال المحاربي : ثم رجعنا إلى حديث أبي رافع قال : وإن من فتنته أن يأمر السماء أن تمطر ، فتمطر ، ويأمر الأرض أن تنبت ، فتنبت ، [ وإن من فتنته أن يمر بالحي فيكذبونه ، فلا تبقى لهم سائمة إلا هلكت ] وإن من فتنته أن يمر بالحي فيصدقونه ، فيأمر السماء أن تمطر ، فتمطر ، ويأمر الأرض أن تنبت ، فتنبت . حتى تروح مواشيهم من يومهم ذلك أسمن ما كانت وأعظمه ، وأمده خواصر ، وأدره ضروعا ، وإنه لا يبقى شيء من الأرض إلا وطئه وظهر عليه ، إلا مكة والمدينة ، فإنه لا يأتيهما من نقب من نقابهما إلا لقيته الملائكة بالسيوف صلتة ، حتى ينزل عند الظريب الأحمر ، عند منقطع السبخة ، فترجف المدينة بأهلها ثلاث رجفات ، فلا يبقى منافق ولا منافقة إلا خرج إليه ، فتنفي الخبث منها كما ينفي الكير خبث الحديد ، ويدعى ذلك اليوم يوم الخلاص .فقالت أم شريك بنت أبي العكر يا رسول الله ، فأين العرب يومئذ ؟ قال : " هم قليل ، وجلهم ببيت المقدس ، وإمامهم رجل صالح ، فبينما إمامهم قد تقدم يصلي بهم الصبح إذ نزل [ عليهم ] عيسى [ ابن مريم ] عليه السلام ، الصبح ، فرجع ذلك الإمام ينكص ، يمشي القهقرى ; ليقدم عيسى يصلي بالناس ، فيضع عيسى ، عليه السلام ، يده بين كتفيه ثم يقول : تقدم فصل ، فإنها لك أقيمت . فيصلي بهم إمامهم ، فإذا انصرف قال عيسى ، عليه السلام : افتحوا الباب . فيفتح ، ووراءه الدجال ، معه سبعون ألف يهودي كلهم ذو سيف محلى وساج ، فإذا نظر إليه الدجال ذاب كما يذوب الملح في الماء ، وينطلق هاربا ، ويقول عيسى [ عليه السلام ] إن لي فيك ضربة لن تستبقني بها . فيدركه عند باب لد الشرقي ، فيقتله ، ويهزم الله اليهود ، فلا يبقى شيء مما خلق الله تعالى يتوارى به اليهودي إلا أنطق الله ذلك الشيء ، لا حجر ، ولا شجر ، ولا حائط ، ولا دابة - إلا الغرقدة فإنها من شجرهم لا تنطق - إلا قال : يا عبد الله المسلم ، هذا يهودي ، فتعال اقتله .قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " وإن أيامه أربعون سنة ، السنة كنصف السنة ، والسنة كالشهر ، والشهر كالجمعة ، وآخر أيامه كالشررة ، يصبح أحدكم على باب المدينة فلا يبلغ بابها الآخر حتى يمسي " . فقيل له : يا نبي الله كيف نصلي ، في تلك الأيام القصار ؟ قال : " تقدرون فيها الصلاة كما تقدرون في هذه الأيام الطوال . ثم صلوا " .قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " فيكون عيسى ابن مريم في أمتي حكما عدلا وإماما مقسطا ، يدق الصليب ، ويقتل الخنزير ، ويضع الجزية ، ويترك الصدقة ، فلا يسعى على شاة ولا بعير ، وترتفع الشحناء والتباغض ، وتنزع حمة كل ذات حمة ، حتى يدخل الوليد يده في الحية فلا تضره ، وتفر الوليدة الأسد فلا يضرها ، ويكون الذئب في الغنم كأنه كلبها ، وتملأ الأرض من السلم كما يملأ الإناء من الماء ، وتكون الكلمة واحدة ، فلا يعبد إلا الله ، وتضع الحرب أوزارها ، وتسلب قريش ملكها ، وتكون الأرض كفاثور الفضة تنبت نباتها كعهد آدم ، حتى يجتمع النفر على القطف من العنب فيشبعهم ، ويجتمع النفر على الرمانة فتشبعهم ، ويكون الثور بكذا وكذا ، من المال ، ويكون الفرس بالدريهمات .قيل : يا رسول الله ، وما يرخص الفرس ؟ قال : " لا تركب لحرب أبدا " قيل له : فما يغلي الثور ؟ قال : " تحرث الأرض كلها " .وإن قبل خروج [ الدجال ] ثلاث سنوات شداد ، يصيب الناس فيها جوع شديد ، يأمر الله السماء في السنة [ الأولى أن تحبس ثلث مطرها ، ويأمر الأرض فتحبس ثلث نباتها ، ثم يأمر السماء في الثانية فتحبس ثلثي مطرها ، ويأمر الأرض فتحبس ثلثي نباتها ، ثم يأمر الله السماء في السنة ] الثالثة فتحبس مطرها كله ، فلا تقطر قطرة ، ويأمر الأرض أن تحبس نباتها كله ، فلا تنبت خضراء ، فلا تبقى ذات ظلف إلا هلكت ، إلا ما شاء الله " .فقيل : فما يعيش الناس في ذلك الزمان ؟ قال : " التهليل والتكبير والتسبيح والتحميد ، ويجري ذلك عليهم مجرى الطعام " .قال ابن ماجه : سمعت أبا الحسن الطنافسي يقول : سمعت عبد الرحمن المحاربي يقول : ينبغي أن يدفع هذا الحديث إلى المؤدب ، حتى يعلمه الصبيان في الكتاب .هذا حديث غريب جدا من هذا الوجه ، ولبعضه شواهد من أحاديث أخر ; ولنذكر حديث النواس بن سمعان هاهنا لشبهه بسياقه هذا الحديث ، قال مسلم بن الحجاج في صحيحه :حدثنا أبو خيثمة زهير بن حرب ، حدثنا الوليد بن مسلم ، حدثني عبد الرحمن بن يزيد بن جابر ، حدثني يحيى بن جابر الطائي قاضي حمص ، حدثني عبد الرحمن بن جبير ، عن أبيه جبير بن نفير الحضرمي أنه سمع النواس بن سمعان الكلابي ( ح ) وحدثنا محمد بن مهران الرازي ، حدثنا الوليد بن مسلم ، حدثنا عبد الرحمن بن يزيد بن جابر ، عن يحيى بن جابر الطائي ، عن عبد الرحمن بن جبير ، عن أبيه جبير بن نفير ، عن النواس بن سمعان قال : ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم الدجال ذات غداة ، فخفض فيه ورفع ، حتى ظنناه في طائفة النخل ، فلما رحلنا إليه عرف ذلك فينا ، فقال : " ما شأنكم ؟ " قلنا : يا رسول الله ، ذكرت الدجال غداة فخفضت فيه ورفعت حتى ظنناه في طائفة النخل فقال : " غير الدجال أخوفني عليكم ، إن يخرج وأنا فيكم فأنا حجيجه دونكم ، وإن يخرج ولست فيكم فامرؤ حجيج نفسه ، والله خليفتي على كل مسلم : إنه شاب قطط عينه طافية ، كأني أشبهه بعبد العزى بن قطن ، من أدركه منكم فليقرأ عليه فواتح سورة الكهف ، إنه خارج خلة بين الشام والعراق ، فعاث يمينا وعاث شمالا . يا عباد الله ، فاثبتوا " : قلنا : يا رسول الله ، وما لبثته في الأرض ؟ قال : " أربعين يوما ، يوم كسنة ، ويوم كشهر ، ويوم كجمعة ، وسائر أيامه كأيامكم " .قلنا : يا رسول الله ، فذلك اليوم الذي كسنة أتكفينا فيه صلاة يوم ؟ قال : " لا اقدروا له قدره " . قلنا : يا رسول الله ، وما إسراعه في الأرض ؟ قال كالغيث استدبرته الريح ، فيأتي على قوم فيدعوهم ، فيؤمنون به ويستجيبون له ، فيأمر السماء فتمطر ، والأرض فتنبت ، فتروح عليهم سارحتهم أطول ما كانت ذرى ، وأسبغه ضروعا ، وأمده خواصر ، ثم يأتي القوم فيدعوهم ، فيردون عليه قوله ، فينصرف عنهم ، فيصبحون ممحلين ليس بأيديهم شيء من أموالهم . ويمر بالخربة فيقول لها : أخرجي كنوزك . فتتبعه كنوزها كيعاسيب النحل . ثم يدعو رجلا ممتلئا شبابا ، فيضربه بالسيف ، فيقطعه جزلتين رمية الغرض ، ثم يدعوه فيقبل ويتهلل وجهه ويضحك فبينما هو كذلك إذ بعث الله المسيح ابن مريم ، عليه السلام ، فينزل عند المنارة البيضاء شرقي دمشق ، بين مهرودتين ، واضعا كفيه على أجنحة ملكين ، إذا طأطأ رأسه قطر ، وإذا رفعه تحدر منه جمان كاللؤلؤ ، ولا يحل لكافر يجد ريح نفسه إلا مات ونفسه ينتهي حيث ينتهي طرفه ، فيطلبه حتى يدركه بباب لد فيقتله .ثم يأتي عيسى ، عليه السلام ، قوما قد عصمهم الله منه فيمسح عن وجوههم ويحدثهم بدرجاتهم في الجنة ، فبينما هو كذلك إذ أوحى الله ، عز وجل ، إلى عيسى إني قد أخرجت عبادا لي لا يدان لأحد بقتالهم ، فحرز عبادي إلى الطور .ويبعث الله يأجوج ومأجوج وهم من كل حدب ينسلون ، فيمر أوائلهم على بحيرة طبرية فيشربون ما فيها ، ويمر آخرهم فيقولون : لقد كان بهذه مرة ماء . ويحصر نبي الله عيسى وأصحابه ، حتى يكون رأس الثور لأحدهم خيرا من مائة دينار لأحدكم اليوم ، فيرغب نبي الله عيسى وأصحابه ، فيرسل الله عليهم النغف في رقابهم فيصبحون فرسى كموت نفس واحدة .ثم يهبط نبي الله عيسى وأصحابه إلى الأرض ، فلا يجدون في الأرض موضع شبر إلا ملأه زهمهم ونتنهم ، فيرغب نبي الله عيسى وأصحابه إلى الله ، فيرسل الله طيرا كأعناق البخت ، فتحملهم فتطرحهم حيث شاء الله .ثم يرسل الله مطرا لا يكن منه بيت مدر ولا وبر فيغسل الأرض حتى يتركها كالزلفة ، ثم يقال للأرض : أخرجي ثمرك وردي بركتك . فيومئذ تأكل العصابة من الرمانة ، ويستظلون بقحفها ، ويبارك الله في الرسل حتى إن اللقحة من الإبل لتكفي الفئام من الناس واللقحة من الفم لتكفي الفخذ من الناس ، فبينما هم كذلك إذ بعث الله ريحا طيبة ، فتأخذهم تحت آباطهم ، فتقبض روح كل مؤمن وكل مسلم ، ويبقى شرار الناس يتهارجون فيها تهارج الحمر ، فعليهم تقوم الساعة " .ورواه الإمام أحمد وأهل السنن من حديث عبد الرحمن بن يزيد بن جابر ، به . وسنذكره أيضا من طريق أحمد ، عند قوله تعالى في سورة الأنبياء : ( حتى إذا فتحت يأجوج ومأجوج [ وهم من كل حدب ينسلون ] ) [ الأنبياء : 96 ] .حديث آخر : قال مسلم في صحيحه أيضا : حدثنا عبيد الله بن معاذ بن معاذ العنبري ، حدثنا أبي ، حدثنا شعبة ، عن النعمان بن سالم قال : سمعت يعقوب بن عاصم بن عروة بن مسعود الثقفي يقول : سمعت عبد الله بن عمرو - وجاءه رجل فقال - : ما هذا الحديث الذي تحدث به تقول : إن الساعة تقوم إلى كذا وكذا ؟ فقال : سبحان الله ؟ ! - أو : لا إله إلا الله ، أو كلمة نحوها - لقد هممت ألا أحدث أحدا شيئا أبدا ، إنما قلت : إنكم سترون بعد قليل أمرا عظيما : يحرق البيت ، ويكون ويكون . ثم قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " يخرج الدجال في أمتي ، فيمكث أربعين ، لا أدري أربعين يوما ، أو أربعين شهرا ، أو أربعين عاما ، فيبعث الله تعالى عيسى ابن مريم ، كأنه عروة بن مسعود ، فيطلبه فيهلكه ، ثم يمكث الناس سبع سنين ليس بين اثنين عداوة ، ثم يرسل الله ريحا باردة من قبل الشام ، فلا يبقى على وجه الأرض أحد في قلبه مثقال ذرة من خير - أو إيمان - إلا قبضته ، حتى لو أن أحدكم دخل في كبد جبل لدخلته عليه حتى تقبضه " قال : سمعتها من رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " فيبقى شرار الناس في خفة الطير وأحلام السباع ، لا يعرفون معروفا ، ولا ينكرون منكرا ، فيتمثل لهم الشيطان فيقول : ألا تستجيبون ؟ فيقولون : فما تأمرنا ؟ فيأمرهم بعبادة الأوثان ، وهم في ذلك دار رزقهم ، حسن عيشهم . ثم ينفخ في الصور فلا يسمعه أحد إلا أصغى ليتا ، ورفع ليتا ، قال : وأول من يسمعه رجل يلوط حوض إبله ، قال : فيصعق ويصعق الناس . ثم يرسل الله - أو قال : ينزل الله - مطرا كأنه الطل - أو قال : الظل - نعمان الشاك - فتنبت منه أجساد الناس ، ثم ينفخ فيه أخرى فإذا هم قيام ينظرون . ثم يقال : يا أيها الناس ، هلموا إلى ربكم ، ( وقفوهم إنهم مسئولون ) [ الصافات : 24 ] قال : " ثم يقال : أخرجوا بعث النار . فيقال : من كم ؟ فيقال : من كل ألف تسعمائة وتسعة وتسعين " . قال ( يجعل الولدان شيبا ) [ المزمل : 17 ] وذلك ( يوم يكشف عن ساق ) [ القلم : 42 ] .ثم رواه مسلم والنسائي في تفسيره جميعا عن محمد بن بشار ، عن غندر ، عن شعبة ، عن النعمان بن سالم ، به .حديث آخر : قال الإمام أحمد : حدثنا عبد الرزاق ، أخبرنا معمر ، عن الزهري ، عن عبد الله بن عبيد الله بن ثعلبة الأنصاري ، عن عبد الله بن يزيد الأنصاري ، عن مجمع بن جارية قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " يقتل ابن مريم المسيح الدجال بباب لد - أو : إلى جانب لد " .ورواه أحمد أيضا ، عن سفيان بن عيينة من حديث الليث والأوزاعي ، ثلاثتهم عن الزهري ، عن عبد الله بن عبيد الله بن ثعلبة ، عن عبد الرحمن بن يزيد عن عمه مجمع بن جارية عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " يقتل ابن مريم الدجال بباب لد " .وكذا رواه الترمذي ، عن قتيبة ، عن الليث ، به . وقال : هذا حديث صحيح . قال : وفي الباب عن عمران بن حصين ، ونافع بن عتبة ، وأبي برزة ، وحذيفة بن أسيد ، وأبي هريرة . وكيسان ، وعثمان بن أبي العاص ، وجابر ، وأبي أمامة ، وابن مسعود ، وعبد الله بن عمرو ، وسمرة بن جندب ، والنواس بن سمعان ، وعمرو بن عوف ، وحذيفة بن اليمان ، رضي الله عنهم .ومراده برواية هؤلاء ما فيه ذكر الدجال . وقتل عيسى ابن مريم ، عليه السلام له . فأما أحاديث ذكر الدجال فقط فكثيرة جدا ، وهي أكثر من أن تحصر ; لانتشارها وكثرة رواتها في الصحاح والحسان والمسانيد ، وغير ذلك .حديث آخر : قال الإمام أحمد : حدثنا سفيان ، عن فرات ، عن أبي الطفيل ، عن حذيفة بن أسيد الغفاري قال : أشرف علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم من غرفة ونحن نتذاكر الساعة ، فقال : " لا تقوم الساعة حتى ترون عشر آيات : طلوع الشمس من مغربها ، والدخان ، والدابة ، وخروج يأجوج ومأجوج ، ونزول عيسى ابن مريم ، والدجال ، وثلاثة خسوف : خسف بالمشرق ، وخسف بالمغرب ، وخسف بجزيرة العرب . ونار تخرج من قعر عدن ، تسوق - أو تحشر - الناس ، تبيت معهم حيث باتوا ، وتقيل معهم حيث قالوا " .وهكذا رواه مسلم وأهل السنن من حديث فرات القزاز به . ورواه مسلم أيضا من رواية عبد العزيز بن رفيع عن أبي الطفيل عن أبي سريحة حذيفة بن أسيد الغفاري ، موقوفا والله أعلم .فهذه أحاديث متواترة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من رواية أبي هريرة ، وابن مسعود ، وعثمان بن أبي العاص ، وأبي أمامة ، والنواس بن سمعان ، وعبد الله بن عمرو بن العاص ، ومجمع بن جارية وأبي سريحة وحذيفة بن أسيد ، رضي الله عنهم .وفيها دلالة على صفة نزوله ومكانه ، من أنه بالشام ، بل بدمشق ، عند المنارة الشرقية ، وأن ذلك يكون عند إقامة الصلاة للصبح وقد بنيت في هذه الأعصار ، في سنة إحدى وأربعين وسبعمائة منارة للجامع الأموي بيضاء ، من حجارة منحوتة ، عوضا عن المنارة التي هدمت بسبب الحريق المنسوب إلى صنيع النصارى - عليهم لعائن الله المتتابعة إلى يوم القيامة - وكان أكثر عمارتها من أموالهم ، وقويت الظنون أنها هي التي ينزل عليها [ المسيح ] عيسى ابن مريم ، عليه السلام ، فيقتل الخنزير ، ويكسر الصليب ، ويضع الجزية ، فلا يقبل إلا الإسلام كما تقدم في الصحيحين ، وهذا إخبار من النبي صلى الله عليه وسلم بذلك ، وتقرير وتشريع وتسويغ له على ذلك في ذلك الزمان ، حيث تنزاح عللهم ، وترتفع شبههم من أنفسهم ; ولهذا كلهم يدخلون في دين الإسلام متابعة لعيسى ، عليه السلام ، وعلى يديه ; ولهذا قال تعالى : ( وإن من أهل الكتاب إلا ليؤمنن به قبل موته [ ويوم القيامة يكون عليهم شهيدا ] ) .وهذه الآية كقوله [ تعالى ] ( وإنه لعلم للساعة ) [ الزخرف : 61 ] وقرئ : " علم " بالتحريك ، أي إشارة ودليل على اقتراب الساعة ، وذلك لأنه ينزل بعد خروج المسيح الدجال ، فيقتله الله على يديه ، كما ثبت في الصحيح : " إن الله لم يخلق داء إلا أنزل له شفاء " ويبعث الله في أيامه يأجوج ومأجوج ، فيهلكهم الله [ به ] ببركة دعائه ، وقد قال تعالى : ( حتى إذا فتحت يأجوج ومأجوج وهم من كل حدب ينسلون . واقترب الوعد الحق ) الآية [ الأنبياء : 96 ، 97 ] .صفة عيسى عليه السلام : قد تقدم في حديث عبد الرحمن بن آدم ، عن أبي هريرة [ رضي الله عنه ] فإذا رأيتموه فاعرفوه : رجل مربوع إلى الحمرة والبياض ، عليه ثوبان ممصران ، كأن رأسه يقطر وإن لم يصبه بلل " . وفي حديث النواس بن سمعان : " فينزل عند المنارة البيضاء شرقي دمشق ، بين مهرودتين واضعا كفيه على أجنحة ملكين ، إذا طأطأ رأسه قطر ، وإذا رفعه تحدر منه مثل جمان اللؤلؤ ، ولا يحل لكافر يجد ريح نفسه إلا مات ونفسه ينتهي حيث ينتهي طرفه " .وروى البخاري ومسلم ، من طريق الزهري ، عن سعيد بن المسيب ، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ليلة أسري بي لقيت موسى " ، قال : فنعته " فإذا رجل - حسبته قال : - مضطرب رجل الرأس ، كأنه من رجال شنوءة " . قال : " ولقيت عيسى " فنعته النبي صلى الله عليه وسلم فقال : " ربعة أحمر ، كأنما خرج من ديماس - يعني الحمام - ورأيت إبراهيم وأنا أشبه ولده به " الحديث .وروى البخاري ، من حديث مجاهد ، عن ابن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " رأيت موسى وعيسى وإبراهيم ، فأما عيسى فأحمر جعد عريض الصدر ، وأما موسى فآدم جسيم سبط ، كأنه من رجال الزط " .وله ولمسلم من طريق موسى بن عقبة ، عن نافع قال : قال عبد الله بن عمر : ذكر النبي صلى الله عليه وسلم يوما بين ظهراني الناس المسيح الدجال فقال : " إن الله ليس بأعور ، ألا إن المسيح الدجال أعور العين اليمنى ، كأن عينه عنبة طافية وأراني الله عند الكعبة في المنام ، فإذا رجل آدم ، كأحسن ما ترى من أدم الرجال ، تضرب لمته بين منكبيه ، رجل الشعر ، يقطر رأسه ماء ، واضعا يديه على منكبي رجلين ، وهو يطوف بالبيت ، فقلت : من هذا ؟ فقالوا : المسيح ابن مريم ثم رأيت وراءه رجلا جعدا قططا ، أعور عين اليمنى ، كأشبه من رأيت بابن قطن ، واضعا يديه على منكبي رجل يطوف بالبيت ، فقلت : من هذا ؟ قالوا : المسيح الدجال " . تابعه عبيد الله عن نافع .ثم رواه البخاري عن أحمد بن محمد المكي ، عن إبراهيم بن سعد ، عن الزهري ، عن سالم ، عن أبيه قال : لا والله ما قال النبي صلى الله عليه سلم لعيسى [ عليه السلام ] أحمر ، ولكن قال : " بينما أنا نائم أطوف بالكعبة ، فإذا رجل آدم سبط الشعر ، يتهادى بين رجلين ينطف رأسه ماء - أو يهراق رأسه ماء - فقلت : من هذا ؟ فقالوا : ابن مريم . فذهبت ألتفت ، فإذا رجل أحمر جسيم ، جعد الرأس ، أعور عينه اليمنى ، كأن عينه عنبة طافية . قلت : من هذا ؟ قالوا : الدجال . وأقرب الناس به شبها ابن قطن " . قال الزهري : رجل من خزاعة هلك في الجاهلية .هذه كلها ألفاظ البخاري ، رحمه الله ، وقد تقدم في حديث عبد الرحمن بن آدم عن أبي هريرة : أن عيسى ، عليه السلام ، يمكث في الأرض بعد نزوله أربعين سنة ، ثم يتوفى ويصلي عليه المسلمون .وفي حديث عبد الله بن عمرو عند مسلم : أنه يمكث سبع سنين ، فيحتمل - والله أعلم - أن يكون المراد بلبثه في الأرض أربعين سنة ، مجموع إقامته فيها قبل رفعه وبعد نزوله ، فإنه رفع وله ثلاث وثلاثون سنة في الصحيح ، وقد ورد ذلك في حديث في صفة أهل الجنة : أنهم على صورة آدم وميلاد عيسى ثلاث وثلاثين سنة . وأما ما حكاه ابن عساكر عن بعضهم أنه رفع وله مائة وخمسون سنة ، فشاذ غريب بعيد . وذكر الحافظ أبو القاسم بن عساكر في ترجمة عيسى ابن مريم من تاريخه ، عن بعض السلف : أنه يدفن مع النبي صلى الله عليه وسلم في حجرته ، فالله أعلم .وقوله تعالى : ( ويوم القيامة يكون عليهم شهيدا ) قال قتادة : يشهد عليهم أنه قد بلغهم الرسالة من الله ، وأقر بالعبودية لله عز وجل ، وهذا كقوله تعالى في آخر سورة المائدة : ( وإذ قال الله يا عيسى ابن مريم أأنت قلت للناس [ اتخذوني وأمي إلهين من دون الله قال سبحانك ما يكون لي أن أقول ما ليس لي بحق إن كنت قلته فقد علمته تعلم ما في نفسي ولا أعلم ما في نفسك إنك أنت علام الغيوب . ما قلت لهم إلا ما أمرتني به أن اعبدوا الله ربي وربكم وكنت عليهم شهيدا ما دمت فيهم فلما توفيتني كنت أنت الرقيب عليهم وأنت على كل شيء شهيد . إن تعذبهم فإنهم عبادك وإن تغفر لهم فإنك أنت ] العزيز الحكيم ) [ المائدة : 116 - 118 ] .
فَبِظُلْمٍ مِّنَ الَّذِیْنَ هَادُوْا حَرَّمْنَا عَلَیْهِمْ طَیِّبٰتٍ اُحِلَّتْ لَهُمْ وَ بِصَدِّهِمْ عَنْ سَبِیْلِ اللّٰهِ كَثِیْرًاۙ(۱۶۰)
تو یہودیوں کے بڑے ظلم کے (ف۴۰۴) سبب ہم نے وہ بعض ستھری چیزیں کہ ان کے لئے حلال تھیں (ف۴۰۵) ان پر حرام فرمادیں اور اس لئے کہ انہوں نے بہتوں کو اللہ کی راہ سے روکا،
يخبر ، تعالى ، أنه بسبب ظلم اليهود بما ارتكبوه من الذنوب العظيمة ، حرم عليهم طيبات كان أحلها لهم ، كما قال ابن أبي حاتم :حدثنا محمد بن عبد الله بن يزيد المقري ، حدثنا سفيان بن عيينة ، عن عمرو ، وقال : قرأ ابن عباس : " طيبات كانت أحلت لهم " .وهذا التحريم قد يكون قدريا ، بمعنى : أنه تعالى قيضهم لأن تأولوا في كتابهم ، وحرفوا وبدلوا أشياء كانت حلالا لهم ، فحرموها على أنفسهم ، تشديدا منهم على أنفسهم وتضييقا وتنطعا . ويحتمل أن يكون شرعيا بمعنى : أنه تعالى حرم عليهم في التوراة أشياء كانت حلالا لهم قبل ذلك ، كما قال تعالى : ( كل الطعام كان حلا لبني إسرائيل إلا ما حرم إسرائيل على نفسه من قبل أن تنزل التوراة ) [ آل عمران : 93 ] وقد قدمنا الكلام على هذه الآية وأن المراد : أن الجميع من الأطعمة كانت حلالا لهم ، من قبل أن تنزل التوراة ما عدا ما كان حرم إسرائيل على نفسه من لحوم الإبل وألبانها . ثم إنه تعالى حرم أشياء كثيرة في التوراة ، كما قال في سورة الأنعام : ( وعلى الذين هادوا حرمنا كل ذي ظفر ومن البقر والغنم حرمنا عليهم شحومهما إلا ما حملت ظهورهما أو الحوايا أو ما اختلط بعظم ذلك جزيناهم ببغيهم وإنا لصادقون ) [ الأنعام : 146 ] أي : إنما حرمنا عليهم ذلك ; لأنهم يستحقون ذلك بسبب بغيهم وطغيانهم ومخالفتهم رسولهم واختلافهم عليه . ولهذا قال : ( فبظلم من الذين هادوا حرمنا عليهم طيبات أحلت لهم وبصدهم عن سبيل الله كثيرا ) أي : صدوا الناس وصدوا أنفسهم عن اتباع الحق . وهذه سجية لهم متصفون بها من قديم الدهر وحديثه ; ولهذا كانوا أعداء الرسل ، وقتلوا خلقا من الأنبياء ، وكذبوا عيسى ومحمدا ، صلوات الله وسلامه عليهما .
- English | Ahmed Ali
- Urdu | Ahmed Raza Khan
- Turkish | Ali-Bulaç
- German | Bubenheim Elyas
- Chinese | Chineese
- Spanish | Cortes
- Dutch | Dutch
- Portuguese | El-Hayek
- English | English
- Urdu | Fateh Muhammad Jalandhry
- French | French
- Hausa | Hausa
- Indonesian | Indonesian-Bahasa
- Italian | Italian
- Korean | Korean
- Malay | Malay
- Russian | Russian
- Tamil | Tamil
- Thai | Thai
- Farsi | مکارم شیرازی
- العربية | التفسير الميسر
- العربية | تفسير الجلالين
- العربية | تفسير السعدي
- العربية | تفسير ابن كثير
- العربية | تفسير الوسيط لطنطاوي
- العربية | تفسير البغوي
- العربية | تفسير القرطبي
- العربية | تفسير الطبري
- English | Arberry
- English | Yusuf Ali
- Dutch | Keyzer
- Dutch | Leemhuis
- Dutch | Siregar
- Urdu | Sirat ul Jinan