READ

Surah An-Nisaa

اَلنِّسَآء
176 Ayaat    مدنیۃ


4:161
وَّ اَخْذِهِمُ الرِّبٰوا وَ قَدْ نُهُوْا عَنْهُ وَ اَكْلِهِمْ اَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِؕ-وَ اَعْتَدْنَا لِلْكٰفِرِیْنَ مِنْهُمْ عَذَابًا اَلِیْمًا(۱۶۱)
اور اس لئے کہ وہ سود لیتے حالانکہ وہ اس سے منع کیے گئے تھے اور لوگوں کا مال ناحق کھا جاتے (ف۴۰۶) اور ان میں جو کافر ہوئے ہم نے ان کے لئے دردناک عذاب تیار کر رکھا ہے،

الثانية : قال ابن العربي : لا خلاف في مذهب مالك أن الكفار مخاطبون ، وقد بين الله في هذه الآية أنهم قد نهوا عن الربا وأكل الأموال بالباطل ؛ فإن كان ذلك خبرا عما نزل على محمد في القرآن وأنهم دخلوا في الخطاب فبها ونعمت ، وإن كان خبرا عما أنزل الله على موسى في التوراة ، وأنهم بدلوا وحرفوا وعصوا وخالفوا فهل يجوز لنا معاملتهم والقوم قد أفسدوا أموالهم في دينهم أم لا ؟ فظنت طائفة أن معاملتهم لا تجوز ؛ وذلك لما في أموالهم من هذا الفساد . والصحيح جواز معاملتهم مع رباهم واقتحام ما حرم الله سبحانه عليهم ؛ فقد قام الدليل القاطع على ذلك قرآنا وسنة ؛ قال الله تعالى : وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم وهذا نص ؛ وقد عامل النبي صلى الله عليه وسلم اليهود ومات ودرعه مرهونة عند يهودي في شعير أخذه لعياله . والحاسم لداء الشك والخلاف اتفاق الأمة على جواز التجارة مع أهل الحرب ؛ وقد سافر النبي صلى الله عليه وسلم إليهم تاجرا ، وذلك من سفره أمر قاطع على جواز السفر إليهم والتجارة معهم . فإن قيل : كان ذلك قبل النبوة ؛ قلنا : إنه لم يتدنس قبل النبوة بحرام - ثبت ذلك تواترا - ولا اعتذر عنه إذ بعث ، ولا منع منه إذ نبئ ، ولا قطعه أحد من الصحابة في حياته ، ولا أحد من المسلمين بعد وفاته ؛ فقد كانوا يسافرون في فك الأسرى وذلك واجب ، وفي الصلح كما أرسل عثمان وغيره ؛ وقد يجب وقد يكون ندبا ؛ فأما السفر إليهم لمجرد التجارة فمباح .
4:162
لٰكِنِ الرّٰسِخُوْنَ فِی الْعِلْمِ مِنْهُمْ وَ الْمُؤْمِنُوْنَ یُؤْمِنُوْنَ بِمَاۤ اُنْزِلَ اِلَیْكَ وَ مَاۤ اُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَ الْمُقِیْمِیْنَ الصَّلٰوةَ وَ الْمُؤْتُوْنَ الزَّكٰوةَ وَ الْمُؤْمِنُوْنَ بِاللّٰهِ وَ الْیَوْمِ الْاٰخِرِؕ-اُولٰٓىٕكَ سَنُؤْتِیْهِمْ اَجْرًا عَظِیْمًا۠(۱۶۲)
ہاں جو اُن میں علم کے پکے (ف۴۰۷) اور ایمان والے ہیں وہ ایمان لاتے ہیں اس پر جو اے محبوب تمہاری طرف اُترا اور جو تم سے پہلے اُترا (ف۴۰۸) اور نماز قائم رکھنے والے اور زکوٰة دینے والے اور اللہ اور قیامت پر ایمان لانے والے ایسوں کو عنقریب ہم بڑا ثواب دیں گے،

قوله تعالى : لكن الراسخون في العلم منهم والمؤمنون يؤمنون بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك والمقيمين الصلاة والمؤتون الزكاة والمؤمنون بالله واليوم الآخر أولئك سنؤتيهم أجرا عظيماقوله تعالى : لكن الراسخون في العلم منهم استثنى مؤمني أهل الكتاب ؛ وذلك أن اليهود أنكروا وقالوا : إن هذه الأشياء كانت حراما في الأصل وأنت تحلها ولم تكن حرمت بظلمنا ؛ فنزل لكن الراسخون في العلم والراسخ هو المبالغ في علم الكتاب الثابت فيه ، والرسوخ الثبوت ؛ وقد تقدم في " آل عمران " والمراد عبد الله بن سلام وكعب الأحبار ونظراؤهما . والمؤمنون أي من المهاجرين والأنصار ، أصحاب محمد عليه السلام . والمقيمين الصلاة وقرأ الحسن ومالك بن دينار وجماعة : " والمقيمون " على العطف ، وكذا هو في حرف عبد الله ، وأما حرف أبي فهو فيه " والمقيمين " كما في المصاحف . واختلف في نصبه على أقوال ستة ؛ أصحها قول سيبويه بأنه نصب على المدح ؛ أي وأعني المقيمين ؛ قال سيبويه : هذا باب ما ينتصب على التعظيم ؛ ومن ذلك والمقيمين الصلاة وأنشد :وكل قوم أطاعوا أمر سيدهم إلا نميرا أطاعت أمر غاويهاويروى ( أمر مرشدهم ) .الظاعنين ولما يظعنوا أحدا والقائلون لمن دار نخليهاوأنشد :لا يبعدن قومي الذين هم سم العداة وآفة الجزرالنازلين بكل معترك والطيبون معاقد الأزرقال النحاس : وهذا أصح ما قيل في المقيمين . وقال الكسائي : والمقيمين معطوف على ما قال النحاس قال الأخفش : وهذا بعيد ؛ لأن المعنى يكون ويؤمنون بالمقيمين . وحكى محمد بن جرير أنه قيل له : إن المقيمين هاهنا الملائكة عليهم السلام ؛ لدوامهم على الصلاة والتسبيح والاستغفار ، واختار هذا القول ، وحكى أن النصب على المدح بعيد ؛ لأن المدح إنما يأتي بعد تمام الخبر ، وخبر الراسخين في أولئك سنؤتيهم أجرا عظيما فلا ينتصب المقيمين على المدح . قال النحاس : ومذهب سيبويه في قوله : والمؤتون رفع بالابتداء . وقال غيره : هو مرفوع على إضمار مبتدأ ؛ أي هم المؤتون الزكاة . وقيل : والمقيمين عطف على الكاف التي في قبلك . أي من قبلك ومن قبل المقيمين . وقيل : المقيمين عطف على الكاف التي في إليك . وقيل : هو عطف على الهاء والميم ، أي منهم ومن المقيمين ؛ وهذه الأجوبة الثلاثة لا تجوز ؛ لأن فيها عطف مظهر على مضمر مخفوض .والجواب السادس : ما روي أن عائشة رضي الله عنها سئلت عن هذه الآية وعن قوله : إن هذان لساحران ، وقوله : والصابئون في المائدة ، فقالت للسائل : يا ابن أخي الكتاب أخطئوا . وقال أبان بن عثمان : كان الكاتب يملى عليه فيكتب فكتب لكن الراسخون في العلم منهم والمؤمنون ثم قال له : ما أكتب ؟ فقيل له : اكتب والمقيمين الصلاة فمن ثم وقع هذا . قال القشيري : وهذا المسلك باطل ؛ لأن الذين جمعوا الكتاب كانوا قدوة في اللغة ، فلا يظن بهم أنهم يدرجون في القرآن ما لم ينزل . وأصح هذه الأقوال قول سيبويه وهو قول الخليل ، وقول الكسائي هو اختيار القفال والطبري ، والله أعلم .
4:163
اِنَّاۤ اَوْحَیْنَاۤ اِلَیْكَ كَمَاۤ اَوْحَیْنَاۤ اِلٰى نُوْحٍ وَّ النَّبِیّٖنَ مِنْۢ بَعْدِهٖۚ-وَ اَوْحَیْنَاۤ اِلٰۤى اِبْرٰهِیْمَ وَ اِسْمٰعِیْلَ وَ اِسْحٰقَ وَ یَعْقُوْبَ وَ الْاَسْبَاطِ وَ عِیْسٰى وَ اَیُّوْبَ وَ یُوْنُسَ وَ هٰرُوْنَ وَ سُلَیْمٰنَۚ-وَ اٰتَیْنَا دَاوٗدَ زَبُوْرًاۚ(۱۶۳)
بیشک اے محبوب! ہم نے تمہاری طرف وحی بھیجی جیسے دحی نوح اور اس کے بعد پیغمبروں کو بھیجی (ف۴۰۹) اور ہم نے ابراہیم اور اسمٰعیل اور اسحاق اور یعقوب اور ان کے بیٹوں اور عیسیٰ اور ایوب اور یونس اور ہارون اور سلیمان کو وحی کی اور ہم نے داؤد کو زبور عطا فرمائی

إنا أوحينا إليك كما أوحينا إلى نوح والنبيين من بعده وأوحينا إلى إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط وعيسى وأيوب ويونس وهارون وسليمان وآتينا داود زبوراقوله تعالى : إنا أوحينا إليك كما أوحينا إلى نوح هذا متصل بقوله : يسألك أهل الكتاب أن تنزل عليهم كتابا من السماء ، فأعلم تعالى أن أمر محمد صلى الله عليه وسلم كأمر من تقدمه من الأنبياء . وقال ابن عباس فيما ذكره ابن إسحاق : نزلت في قوم من اليهود - منهم سكين وعدي بن زيد - قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم : ما أوحى الله إلى أحد من بعد موسى فكذبهم الله . والوحي إعلام في خفاء ؛ يقال : وحى إليه بالكلام يحي وحيا ، وأوحى يوحي إيحاء . إلى نوح قدمه لأنه أول نبي شرعت على لسانه الشرائع . وقيل غير هذا ؛ ذكر الزبير بن بكار حدثني أبو الحسن علي بن المغيرة عن هشام بن محمد بن السائب عن أبيه قال : أول نبي بعثه الله تبارك وتعالى في الأرض إدريس واسمه أخنوخ ؛ ثم انقطعت الرسل حتى بعث الله نوح بن لمك بن متوشلخ بن أخنوخ ، وقد كان سام بن نوح نبيا ، ثم انقطعت الرسل حتى بعث الله إبراهيم نبيا واتخذه خليلا ؛ وهو إبراهيم بن تارخ واسم تارخ آزر ، ثم بعث إسماعيل بن إبراهيم فمات بمكة ، ثم إسحاق بن إبراهيم فمات بالشام ، ثم لوط وإبراهيم عمه ، ثم يعقوب وهو إسرائيل بن إسحاق ثم يوسف بن يعقوب ثم شعيب بن يوبب ، ثم هود بن عبد الله ، ثم صالح بن أسف ، ثم موسى وهارون ابنا عمران ، ثم أيوب ثم الخضر وهو خضرون ، ثم داود بن إيشا ، ثم سليمان بن داود ، ثم يونس بن متى ، ثم إلياس ، ثم ذا الكفل واسمه عويدنا من سبط يهوذا بن يعقوب ؛ قال : وبين موسى بن عمران ومريم بنت عمران أم عيسى ألف سنة وسبعمائة سنة وليسا من سبط ؛ ثم محمد بن عبد الله بن عبد المطلب النبي صلى الله عليه وسلم . قال الزبير : كل نبي ذكر في القرآن من ولد إبراهيم غير إدريس ونوح ولوط وهود وصالح . ولم يكن من العرب أنبياء إلا خمسة : هود وصالح وإسماعيل وشعيب ومحمد صلى الله عليه وعليهم أجمعين ؛ وإنما سموا عربا لأنه لم يتكلم بالعربية غيرهم .قوله تعالى : والنبيين من بعده هذا يتناول جميع الأنبياء ثم قال : وأوحينا إلى إبراهيم فخص أقواما بالذكر تشريفا لهم ؛ كقوله تعالى : وملائكته ورسله وجبريل وميكال ثم قال وعيسى وأيوب قدم عيسى على قوم كانوا قبله ؛ لأن الواو لا تقتضي الترتيب ، وأيضا فيه تخصيص عيسى ردا على اليهود . وفي هذه الآية تنبيه على قدر نبينا صلى الله عليه وسلم وشرفه ، حيث قدمه في الذكر على أنبيائه ؛ ومثله قوله تعالى : وإذ أخذنا من النبيين ميثاقهم ومنك ومن نوح الآية ؛ ونوح مشتق من النوح ؛ وقد تقدم ذكره موعبا في " آل عمران " وانصرف وهو اسم أعجمي ؛ لأنه على ثلاثة أحرف فخف ؛ فأما إبراهيم وإسماعيل وإسحاق فأعجمية وهي معرفة ولذلك لم تنصرف ، وكذا يعقوب وعيسى وموسى إلا أن عيسى وموسى يجوز أن تكون الألف فيهما للتأنيث فلا ينصرفان في معرفة ولا نكرة ؛ فأما يونس ويوسف فروي عن الحسن أنه قرأ " ويونس " بكسر النون وكذا " يوسف " يجعلهما من آنس وآسف ، ويجب على هذا أن يصرفا ويهمزا ويكون جمعهما يآنس ويآسف . ومن لم يهمز قال : يوانس ويواسف . وحكى أبو زيد : يونس ويوسف بفتح النون والسين ؛ قال المهدوي : وكأن " يونس " في الأصل فعل مبني للفاعل ، و " يونس " فعل مبني للمفعول ، فسمي بهما .قوله تعالى : وآتينا داود زبورا الزبور كتاب داود وكان مائة وخمسين سورة ليس فيها حكم ولا حلال ولا حرام ، وإنما هي حكم ومواعظ . والزبر الكتابة ، والزبور بمعنى المزبور أي المكتوب ، كالرسول والركوب والحلوب . وقرأ حمزة " زبورا " بضم الزاي جمع زبر كفلس وفلوس ، وزبر بمعنى المزبور ؛ كما يقال : هذا الدرهم ضرب الأمير أي مضروبه ؛ والأصل في الكلمة التوثيق ؛ يقال : بئر مزبورة أي مطوية بالحجارة ، والكتاب يسمى زبورا لقوة الوثيقة به . وكان داود عليه السلام حسن الصوت ؛ فإذا أخذ في قراءة الزبور اجتمع إليه الإنس والجن والطير والوحش لحسن صوته ، وكان متواضعا يأكل من عمل يده ؛ روى أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا أبو أسامة عن هشام بن عروة عن أبيه قال : أن كان داود صلى الله عليه وسلم ليخطب الناس وفي يده القفة من الخوص ، فإذا فرغ ناولها بعض من إلى جنبه يبيعها ، وكان يصنع الدروع ؛ وسيأتي . وفي الحديث : الزرقة في العين يمن وكان داود أزرق .
4:164
وَ رُسُلًا قَدْ قَصَصْنٰهُمْ عَلَیْكَ مِنْ قَبْلُ وَ رُسُلًا لَّمْ نَقْصُصْهُمْ عَلَیْكَؕ-وَ كَلَّمَ اللّٰهُ مُوْسٰى تَكْلِیْمًاۚ(۱۶۴)
اور رسولوں کو جن کا ذکر آگے ہم تم سے (ف۴۱۰) فرماچکے اور ان رسولوں کو جن کا ذکر تم سے نہ فرمایا (ف۴۱۱) اور اللہ نے موسیٰ سے حقیقتاً کلام فرمایا (ف۴۱۲)

قوله تعالى : ورسلا قد قصصناهم عليك من قبل ورسلا لم نقصصهم عليك وكلم الله موسى تكليماقوله تعالى : ورسلا قد قصصناهم عليك من قبل يعني بمكة . ورسلا منصوب بإضمار فعل ، أي وأرسلنا رسلا ؛ لأن معنى وأوحينا إلى نوح وأرسلنا نوحا . وقيل : هو منصوب بفعل دل عليه قصصناهم أي وقصصنا رسلا ؛ ومثله ما أنشد سيبويه :أصبحت لا أحمل السلاح ولا أملك رأس البعير إن نفرا والذئب أخشاه إن مررت بهوحدي وأخشى الرياح والمطراأي وأخشى الذئب . وفي حرف أبي " ورسل " بالرفع على تقدير ومنهم رسل . ثم قيل : إن الله تعالى لما قص في كتابه بعض أسماء أنبيائه ، ولم يذكر أسماء بعض ، ولمن ذكر فضل على من لم يذكر . قالت اليهود : ذكر محمد الأنبياء ولم يذكر موسى ؛ فنزلت وكلم الله موسى تكليما تكليما مصدر معناه التأكيد ؛ يدل على بطلان من يقول : خلق لنفسه كلاما في شجرة فسمعه موسى ، بل هو الكلام الحقيقي الذي يكون به المتكلم متكلما . قال النحاس : وأجمع النحويون على أنك إذا أكدت الفعل بالمصدر لم يكن مجازا ، وأنه لا يجوز في قول الشاعر :امتلأ الحوض وقال قطنيأن يقول : قال قولا ؛ فكذا لما قال : تكليما وجب أن يكون كلاما على الحقيقة من الكلام الذي يعقل . وقال وهب بن منبه : إن موسى عليه السلام قال : " يا رب بم اتخذتني كليما " ؟ طلب العمل الذي أسعده الله به ليكثر منه ؛ فقال الله تعالى له : أتذكر إذ ند من غنمك جدي فاتبعته أكثر النهار وأتعبك ، ثم أخذته وقبلته وضممته إلى صدرك وقلت له : أتعبتني وأتعبت نفسك ، ولم تغضب عليه ؛ من أجل ذلك اتخذتك كليما .
4:165
رُسُلًا مُّبَشِّرِیْنَ وَ مُنْذِرِیْنَ لِئَلَّا یَكُوْنَ لِلنَّاسِ عَلَى اللّٰهِ حُجَّةٌۢ بَعْدَ الرُّسُلِؕ-وَ كَانَ اللّٰهُ عَزِیْزًا حَكِیْمًا(۱۶۵)
رسول خوشخبری دیتے (ف۴۱۳) اور ڈر سناتے (ف۴۱۴) کہ رسولوں کے بعد اللہ کے یہاں لوگوں کو کوئی عذر نہ رہے (ف۴۱۵) اور اللہ غالب حکمت والا ہے،

قوله تعالى : رسلا مبشرين ومنذرين لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل وكان الله عزيزا حكيماقوله تعالى : رسلا مبشرين ومنذرين هو نصب على البدل من ورسلا قد قصصناهم ويجوز أن يكون على إضمار فعل ؛ ويجوز نصبه على الحال ؛ أي كما أوحينا إلى نوح والنبيين من بعده رسلا . لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل فيقولوا ما أرسلت إلينا رسولا ، وما أنزلت علينا كتابا ؛ وفي التنزيل : وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا وقوله تعالى : ولو أنا أهلكناهم بعذاب من قبله لقالوا ربنا لولا أرسلت إلينا رسولا فنتبع آياتك وفي هذا كله دليل واضح أنه لا يجب شيء من ناحية العقل . وروي عن كعب الأحبار أنه قال : كان الأنبياء ألفي ألف ومائتي ألف . وقال مقاتل : كان الأنبياء ألف ألف وأربعمائة ألف وأربعة وعشرين ألفا . وروى أنس بن مالك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : بعثت على أثر ثمانية آلاف من الأنبياء منهم أربعة آلاف من بني إسرائيل ذكره أبو الليث السمرقندي في التفسير له ؛ ثم أسند عن شعبة عن أبي إسحاق عن الحارث الأعور عن أبي ذر الغفاري قال : قلت يا رسول الله كم كانت الأنبياء وكم كان المرسلون ؟ قال : كانت الأنبياء مائة ألف نبي وأربعة وعشرين ألف نبي وكان المرسلون ثلاثمائة وثلاثة عشر .قلت : هذا أصح ما روي في ذلك ؛ خرجه الآجري وأبو حاتم البستي في المسند الصحيح له .
4:166
لٰكِنِ اللّٰهُ یَشْهَدُ بِمَاۤ اَنْزَلَ اِلَیْكَ اَنْزَلَهٗ بِعِلْمِهٖۚ-وَ الْمَلٰٓىٕكَةُ یَشْهَدُوْنَؕ-وَ كَفٰى بِاللّٰهِ شَهِیْدًاؕ(۱۶۶)
لیکن اے محبوب! اللہ اس کا گواہ ہے جو اس نے تمہاری طرف اتارا وہ اس نے اپنے علم سے اتارا ہے اور فرشتے گواہ ہیں اور اللہ کی گواہی کافی،

قوله تعالى : لكن الله يشهد بما أنزل إليك أنزله بعلمه والملائكة يشهدون وكفى بالله شهيداقوله تعالى : لكن الله يشهد رفع بالابتداء ، وإن شئت شددت النون ونصبت . وفي الكلام حذف دل عليه الكلام ؛ كأن الكفار قالوا : ما نشهد لك يا محمد فيما تقول فمن يشهد لك ؟ فنزل لكن الله يشهد . ومعنى أنزله بعلمه أي وهو يعلم أنك أهل لإنزاله عليك ؛ ودلت الآية على أنه تعالى عالم بعلم . والملائكة يشهدون ذكر شهادة الملائكة ليقابل بها نفي شهادتهم . وكفى بالله شهيدا أي كفى الله شاهدا ، والباء زائدة .
4:167
اِنَّ الَّذِیْنَ كَفَرُوْا وَ صَدُّوْا عَنْ سَبِیْلِ اللّٰهِ قَدْ ضَلُّوْا ضَلٰلًۢا بَعِیْدًا(۱۶۷)
وہ جنہوں نے کفر کیا (ف۴۱۶) اور اللہ کی راہ سے روکا (ف۴۱۷) بیشک وہ دور کی گمراہی میں پڑے،

قوله تعالى : إن الذين كفروا وصدوا عن سبيل الله قد ضلوا ضلالا بعيداقوله تعالى : إن الذين كفروا يعني اليهود أي ظلموا . وصدوا عن سبيل الله أي عن اتباع الرسول محمد صلى الله عليه وسلم بقولهم : ما نجد صفته في كتابنا ، وإنما النبوة في ولد هارون وداود ، وإن في التوراة أن شرع موسى لا ينسخ . قد ضلوا ضلالا بعيدا لأنهم كفروا ومع ذلك منعوا الناس من الإسلام .
4:168
اِنَّ الَّذِیْنَ كَفَرُوْا وَ ظَلَمُوْا لَمْ یَكُنِ اللّٰهُ لِیَغْفِرَ لَهُمْ وَ لَا لِیَهْدِیَهُمْ طَرِیْقًاۙ(۱۶۸)
بیشک جنہوں نے کفر کیا (ف۳۱۸) اور حد سے بڑھے (ف۴۱۹) اللہ ہرگز انہیں نہ بخشے گا(ف۴۲۰) اور نہ انہیں کوئی راہ دکھائے،

قوله تعالى : إن الذين كفروا وظلموا لم يكن الله ليغفر لهم ولا ليهديهم طريقاقوله تعالى : إن الذين كفروا وظلموا يعني اليهود ؛ أي ظلموا محمدا بكتمان نعته ، وأنفسهم إذ كفروا ، والناس إذ كتموهم . لم يكن الله ليغفر لهم هذا فيمن يموت على كفره ولم يتب .
4:169
اِلَّا طَرِیْقَ جَهَنَّمَ خٰلِدِیْنَ فِیْهَاۤ اَبَدًاؕ-وَ كَانَ ذٰلِكَ عَلَى اللّٰهِ یَسِیْرًا(۱۶۹)
مگر جہنم کا راستہ کہ اس میں ہمیشہ ہمیشہ رہیتں گے اور یہ اللہ کو آسان ہے،

4:170
یٰۤاَیُّهَا النَّاسُ قَدْ جَآءَكُمُ الرَّسُوْلُ بِالْحَقِّ مِنْ رَّبِّكُمْ فَاٰمِنُوْا خَیْرًا لَّكُمْؕ-وَ اِنْ تَكْفُرُوْا فَاِنَّ لِلّٰهِ مَا فِی السَّمٰوٰتِ وَ الْاَرْضِؕ-وَ كَانَ اللّٰهُ عَلِیْمًا حَكِیْمًا(۱۷۰)
اے لوگو! تمہارے پاس یہ رسول (ف۴۲۱) حق کے ساتھ تمہارے رب کی طرف سے تشریف لائے تو ایمان لاؤ اپنے بھلے کو اور اگر تم کفر کرو (ف۴۲۲) تو بیشک اللہ ہی کا ہے جو کچھ آسمانوں اور زمین میں ہے، اور اللہ علم و حکمت والا ہے،

قوله تعالى : ياأيها الناس قد جاءكم الرسول بالحق من ربكم فآمنوا خيرا لكم وإن تكفروا فإن لله ما في السماوات والأرض وكان الله عليما حكيماقوله تعالى : يا أيها الناس هذا خطاب للكل . قد جاءكم الرسول يريد محمدا عليه الصلاة والسلام . بالحق بالقرآن . وقيل : بالدين الحق ؛ وقيل : بشهادة أن لا إله إلا الله ، وقيل : الباء للتعدية ؛ أي جاءكم ومعه الحق ؛ فهو في موضع الحال .قوله تعالى : فآمنوا خيرا لكم في الكلام إضمار ؛ أي وأتوا خيرا لكم ؛ هذا مذهب سيبويه ، وعلى قول الفراء نعت لمصدر محذوف ؛ أي إيمانا خيرا لكم ، وعلى قول أبي عبيدة يكن خيرا لكم .
4:171
یٰۤاَهْلَ الْكِتٰبِ لَا تَغْلُوْا فِیْ دِیْنِكُمْ وَ لَا تَقُوْلُوْا عَلَى اللّٰهِ اِلَّا الْحَقَّؕ-اِنَّمَا الْمَسِیْحُ عِیْسَى ابْنُ مَرْیَمَ رَسُوْلُ اللّٰهِ وَ كَلِمَتُهٗۚ-اَلْقٰىهَاۤ اِلٰى مَرْیَمَ وَ رُوْحٌ مِّنْهُ٘-فَاٰمِنُوْا بِاللّٰهِ وَ رُسُلِهٖ ۚ۫-وَ لَا تَقُوْلُوْا ثَلٰثَةٌؕ-اِنْتَهُوْا خَیْرًا لَّكُمْؕ-اِنَّمَا اللّٰهُ اِلٰهٌ وَّاحِدٌؕ-سُبْحٰنَهٗۤ اَنْ یَّكُوْنَ لَهٗ وَلَدٌۘ-لَهٗ مَا فِی السَّمٰوٰتِ وَ مَا فِی الْاَرْضِؕ-وَ كَفٰى بِاللّٰهِ وَكِیْلًا۠(۱۷۱)
اے کتاب والو! اپنے دین میں زیادتی نہ کرو (ف۴۲۳) اور اللہ پر نہ کہو مگر سچ (ف۴۲۴) مسیح عیسیٰ مریم کا بیٹا (ف۴۲۵) ا لله کا رسول ہی ہے اور اس کا ایک کلمہ (ف۴۲۶) کہ مریم کی طرف بھیجا اور اس کے یہاں کی ایک روح تو اللہ اور اس کے رسولوں پر ایمان لاؤ (ف۴۲۷) اور تین نہ کہو (ف۴۲۸) باز رہو اپنے بھلے کو اللہ تو ایک ہی خدا ہے (ف۴۲۹) پاکی اُسے اس سے کہ اس کے کوئی بچہ ہو اسی کا مال ہے جو کچھ آسمانوں میں ہے اور جو کچھ زمین میں ہے (ف۴۳۰) اور اللہ کافی کارساز،

قوله تعالى : ياأهل الكتاب لا تغلوا في دينكم ولا تقولوا على الله إلا الحق إنما المسيح عيسى ابن مريم رسول الله وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه فآمنوا بالله ورسله ولا تقولوا ثلاثة انتهوا خيرا لكم إنما الله إله واحد سبحانه أن يكون له ولد له ما في السماوات وما في الأرض وكفى بالله وكيلاقوله تعالى : يا أهل الكتاب لا تغلوا في دينكم نهي عن الغلو . والغلو التجاوز في الحد ؛ ومنه غلا السعر يغلو غلاء ؛ وغلا الرجل في الأمر غلوا ، وغلا بالجارية لحمها وعظمها إذا أسرعت الشباب فجاوزت لداتها ؛ ويعني بذلك فيما ذكره المفسرون غلو اليهود في عيسى حتى قذفوا مريم ، وغلو النصارى فيه حتى جعلوه ربا ؛ فالإفراط والتقصير كله سيئة وكفر ؛ ولذلك قال مطرف بن عبد الله : الحسنة بين سيئتين ؛ وقال الشاعر :وأوف ولا تستوف حقك كله وصافح فلم يستوف قط كريم ولا تغل في شيء من الأمر واقتصدكلا طرفي قصد الأمور ذميموقال آخر :عليك بأوساط الأمور فإنها نجاة ولا تركب ذلولا ولا صعباوفي صحيح البخاري عنه عليه السلام : لا تطروني كما أطرت النصارى عيسى وقولوا عبد الله ورسوله .قوله تعالى : ولا تقولوا على الله إلا الحق أي لا تقولوا إن له شريكا أو ابنا . ثم بين تعالى حال عيسى عليه السلام وصفته فقال : إنما المسيح عيسى ابن مريم رسول الله وكلمته وفيه ثلاث مسائل :الأولى : قوله تعالى : إنما المسيح المسيح رفع بالابتداء ؛ و عيسى بدل منه وكذا ابن مريم . ويجوز أن يكون خبر الابتداء ويكون المعنى : إنما المسيح ابن مريم . ودل بقوله : عيسى ابن مريم على أن من كان منسوبا بوالدته كيف يكون إلها ، وحق الإله أن يكون قديما لا محدثا . ويكون رسول الله خبرا بعد خبر .الثانية : لم يذكر الله عز وجل امرأة وسماها باسمها في كتابه إلا مريم ابنة عمران ؛ فإنه ذكر اسمها في نحو من ثلاثين موضعا لحكمة ذكرها بعض الأشياخ ؛ فإن الملوك والأشراف لا يذكرون حرائرهم في الملإ ، ولا يبتذلون أسماءهن ؛ بل يكنون عن الزوجة بالعرس والأهل والعيال ونحو ذلك ؛ فإن ذكروا الإماء لم يكنوا عنهن ولم يصونوا أسماءهن عن الذكر والتصريح بها ؛ فلما قالت النصارى في مريم ما قالت وفي ابنها صرح الله باسمها ، ولم يكن عنها بالأموة والعبودية التي هي صفة لها ؛ وأجرى الكلام على عادة العرب في ذكر إمائها .الثالثة : اعتقاد أن عيسى عليه السلام لا أب له واجب ، فإذا تكرر اسمه منسوبا للأم استشعرت القلوب ما يجب عليها اعتقاده من نفي الأب عنه ، وتنزيه الأم الطاهرة عن مقالة اليهود لعنهم الله ، والله أعلم .قوله تعالى : وكلمته ألقاها إلى مريم أي هو مكون بكلمة " كن " فكان بشرا من غير أب ؛ والعرب تسمي الشيء باسم الشيء إذا كان صادرا عنه . وقيل : كلمته بشارة الله تعالى مريم عليها السلام ، ورسالته إليها على لسان جبريل عليه السلام ؛ وذلك قوله : إذ قالت الملائكة يا مريم إن الله يبشرك بكلمة منه . وقيل : " الكلمة " هاهنا بمعنى الآية ؛ قال الله تعالى : وصدقت بكلمات ربها و ما نفدت كلمات الله . وكان لعيسى أربعة أسماء ؛ المسيح وعيسى وكلمة وروح ، وقيل غير هذا مما ليس في القرآن . ومعنى ألقاها إلى مريم أمر بها مريم .قوله تعالى : وروح منه هذا الذي أوقع النصارى في الإضلال ؛ فقالوا : عيسى جزء منه فجهلوا وضلوا ؛ وعنه أجوبة ثمانية : الأول : قال أبي بن كعب : خلق الله أرواح بني آدم لما أخذ عليهم الميثاق ؛ ثم ردها إلى صلب آدم وأمسك عنده روح عيسى عليه السلام ؛ فلما أراد خلقه أرسل ذلك الروح إلى مريم ، فكان منه عيسى عليه السلام ؛ فلهذا قال : وروح منه . وقيل : هذه الإضافة للتفضيل وإن كان جميع الأرواح من خلقه ؛ وهذا كقوله : وطهر بيتي للطائفين ، وقيل : قد يسمى من تظهر منه الأشياء العجيبة روحا ، وتضاف إلى الله تعالى فيقال : هذا روح من الله أي من خلقه ؛ كما يقال في النعمة إنها من الله . وكان عيسى يبرئ الأكمه والأبرص ويحيي الموتى فاستحق هذا الاسم . وقيل : يسمى روحا بسبب نفخة جبريل عليه السلام ، ويسمى النفخ روحا ؛ لأنه ريح يخرج من الروح . قال الشاعر - هو ذو الرمة :فقلت له ارفعها إليك وأحيها بروحك واقتته لها قيتة قدراوقد ورد أن جبريل نفخ في درع مريم فحملت منه بإذن الله ؛ وعلى هذا يكون وروح منه معطوفا على المضمر الذي هو اسم الله في ألقاها التقدير : ألقى الله وجبريل الكلمة إلى مريم . وقيل : روح منه أي من خلقه ؛ كما قال : وسخر لكم ما في السماوات وما في الأرض جميعا منه أي من خلقه . وقيل : روح منه أي رحمة منه ؛ فكان عيسى رحمة من الله لمن اتبعه ؛ ومنه قوله تعالى : وأيدهم بروح منه أي برحمة ، وقرئ : " فروح وريحان " . وقيل : وروح منه وبرهان منه ؛ وكان عيسى برهانا وحجة على قومه صلى الله عليه وسلم .قوله تعالى : فآمنوا بالله ورسوله أي آمنوا بأن الله إله واحد خالق المسيح ومرسله ، وآمنوا برسله ومنهم عيسى فلا تجعلوه إلها . ولا تقولوا آلهتنا ثلاثة عن الزجاج . قال ابن عباس : يريد بالتثليث الله تعالى وصاحبته وابنه . وقال الفراء وأبو عبيد : أي لا تقولوا هم ثلاثة ؛ كقوله تعالى : سيقولون ثلاثة . قال أبو علي : التقدير ولا تقولوا هو ثالث ثلاثة ؛ فحذف المبتدأ والمضاف . والنصارى مع فرقهم مجمعون على التثليث ويقولون : إن الله جوهر واحد وله ثلاثة أقانيم ؛ فيجعلون كل أقنوم إلها ويعنون بالأقانيم الوجود والحياة والعلم ، وربما يعبرون عن الأقانيم بالأب والابن وروح القدس ؛ فيعنون بالأب الوجود ، وبالروح الحياة ، وبالابن المسيح ، في كلام لهم فيه تخبط بيانه في أصول الدين . ومحصول كلامهم يئول إلى التمسك بأن عيسى إله بما كان يجريه الله سبحانه وتعالى على يديه من خوارق العادات على حسب دواعيه وإرادته ؛ وقالوا : قد علمنا خروج هذه الأمور عن مقدور البشر ، فينبغي أن يكون المقتدر عليها موصوفا بالإلهية ؛ فيقال لهم : لو كان ذلك من مقدوراته وكان مستقلا به كان تخليص نفسه من أعدائه ودفع شرهم عنه من مقدوراته ، وليس كذلك ؛ فإن اعترفت النصارى بذلك فقد سقط قولهم ودعواهم أنه كان يفعلها مستقلا به ؛ وإن لم يسلموا ذلك فلا حجة لهم أيضا ؛ لأنهم معارضون بموسى عليه السلام ، وما كان يجري على يديه من الأمور العظام ، مثل قلب العصا ثعبانا ، وفلق البحر واليد البيضاء والمن والسلوى ، وغير ذلك ؛ وكذلك ما جرى على يد الأنبياء ؛ فإن أنكروا ذلك فننكر ما يدعونه هم أيضا من ظهوره على يد عيسى عليه السلام ، فلا يمكنهم إثبات شيء من ذلك لعيسى ؛ فإن طريق إثباته عندنا نصوص القرآن وهم ينكرون القرآن ، ويكذبون من أتى به ، فلا يمكنهم إثبات ذلك بأخبار التواتر . وقد قيل : إن النصارى كانوا على دين الإسلام إحدى وثمانين سنة بعدما رفع عيسى ؛ يصلون إلى القبلة ؛ ويصومون شهر رمضان ، حتى وقع فيما بينهم وبين اليهود حرب ، وكان في اليهود رجل شجاع يقال له بولس ، قتل جماعة من أصحاب عيسى فقال : إن كان الحق مع عيسى فقد كفرنا وجحدنا وإلى النار مصيرنا ، ونحن مغبونون إن دخلوا الجنة ودخلنا النار ؛ وإني أحتال فيهم فأضلهم فيدخلون النار ؛ وكان له فرس يقال لها العقاب ، فأظهر الندامة ووضع على رأسه التراب وقال للنصارى : أنا بولس عدوكم قد نوديت من السماء أن ليست لك توبة إلا أن تتنصر ، فأدخلوه في الكنيسة بيتا فأقام فيه سنة لا يخرج ليلا ولا نهارا حتى تعلم الإنجيل ؛ فخرج وقال : نوديت من السماء أن الله قد قبل توبتك فصدقوه وأحبوه ، ثم مضى إلى بيت المقدس واستخلف عليهم نسطورا وأعلمه أن عيسى ابن مريم إله ، ثم توجه إلى اللاهوت والناسوت وقال : لم يكن عيسى بإنس فتأنس ولا بجسم فتجسم ولكنه ابن الله . وعلم رجلا يقال له يعقوب ذلك ؛ ثم دعا رجلا يقال له الملك فقال له ؛ إن الإله لم يزل ولا يزال عيسى ؛ فلما استمكن منهم دعا هؤلاء الثلاثة واحدا واحدا وقال له : أنت خالصتي ولقد رأيت المسيح في النوم ورضي عني ، وقال لكل واحد منهم : إني غدا أذبح نفسي وأتقرب بها ، فادع الناس إلى نحلتك ، ثم دخل المذبح فذبح نفسه ؛ فلما كان يوم ثالثه دعا كل واحد منهم الناس إلى نحلته ، فتبع كل واحد منهم طائفة ، فاقتتلوا واختلفوا إلى يومنا هذا ، فجميع النصارى من الفرق الثلاث ؛ فهذا كان سبب شركهم فيما يقال ؛ والله أعلم . وقد رويت هذه القصة في معنى قوله تعالى : فأغرينا بينهم العداوة والبغضاء إلى يوم القيامة وسيأتي إن شاء الله تعالى .قوله تعالى : انتهوا خيرا لكم خيرا منصوب عند سيبويه بإضمار فعل ؛ كأنه قال : ائتوا خيرا لكم ، لأنه إذا نهاهم عن الشرك فقد أمرهم بإتيان ما هو خير لهم ؛ قال سيبويه : ومما ينتصب على إضمار الفعل المتروك إظهاره انتهوا خيرا لكم لأنك إذا قلت : ائته فأنت تخرجه من أمر وتدخله في آخر ؛ وأنشد :فواعديه سرحتي مالك أو الربا بينهما أسهلاومذهب أبي عبيدة : انتهوا يكن خيرا لكم ؛ قال محمد بن يزيد : هذا خطأ ؛ لأنه يضمر الشرط وجوابه ، وهذا لا يوجد في كلام العرب . ومذهب الفراء أنه نعت لمصدر محذوف ؛ قال علي بن سليمان : هذا خطأ فاحش ؛ لأنه يكون المعنى : انتهوا الانتهاء الذي هو خير لكم .قوله تعالى : إنما الله إله واحد هذا ابتداء وخبر ؛ وواحد نعت له . ويجوز أن يكون إله بدلا من اسم الله عز وجل وواحد خبره ؛ التقدير إنما المعبود واحد .سبحانه أن يكون له ولد أي تنزيها عن أن يكون له ولد ؛ فلما سقط " عن " كان أن في محل النصب بنزع الخافض ؛ أي كيف يكون له ولد ؟ وولد الرجل مشبه له ، ولا شبيه لله عز وجل . له ما في السماوات وما في الأرض فلا شريك له ، وعيسى ومريم من جملة ما في السماوات وما في الأرض ، وما فيهما مخلوق ، فكيف يكون عيسى إلها وهو مخلوق ! وإن جاز ولد فليجز أولاد حتى يكون كل من ظهرت عليه معجزة ولدا له . وكفى بالله وكيلا أي لأوليائه ؛ وقد تقدم .
4:172
لَنْ یَّسْتَنْكِفَ الْمَسِیْحُ اَنْ یَّكُوْنَ عَبْدًا لِّلّٰهِ وَ لَا الْمَلٰٓىٕكَةُ الْمُقَرَّبُوْنَؕ-وَ مَنْ یَّسْتَنْكِفْ عَنْ عِبَادَتِهٖ وَ یَسْتَكْبِرْ فَسَیَحْشُرُهُمْ اِلَیْهِ جَمِیْعًا(۱۷۲)
مسیح اللہ کا بندہ بننے سے کچھ نفرت نہیں کرتا (ف۴۳۱) اور نہ مقرب فرشتے اور جو اللہ کی بندگی سے نفرت اور تکبر کرے تو کوئی دم جاتا ہے کہ وہ ان سب کو اپنی طرف ہانکے گا (ف۴۳۲)

قوله تعالى : لن يستنكف المسيح أن يكون عبدا لله ولا الملائكة المقربون ومن يستنكف عن عبادته ويستكبر فسيحشرهم إليه جميعاقوله تعالى : لن يستنكف المسيح أي لن يأنف ولن يحتشم . أن يكون عبدا لله أي : من أن يكون ؛ فهو في موضع نصب . وقرأ الحسن : " إن يكون " بكسر الهمزة على أنها نفي هو بمعنى " ما " والمعنى : ما يكون له ولد ؛ وينبغي رفع يكون ولم يذكره الرواة . ولا الملائكة المقربون أي من رحمة الله ورضاه ؛ فدل بهذا على أن الملائكة أفضل من الأنبياء صلوات الله عليهم أجمعين . وكذا ولا أقول إني ملك وقد تقدمت الإشارة إلى هذا المعنى في " البقرة " . ومن يستنكف أي يأنف عن عبادته ويستكبر فلا يفعلها . فسيحشرهم إليه أي إلى المحشر . جميعا فيجازي كلا بما يستحق ، كما بينه في الآية بعد هذا
4:173
فَاَمَّا الَّذِیْنَ اٰمَنُوْا وَ عَمِلُوا الصّٰلِحٰتِ فَیُوَفِّیْهِمْ اُجُوْرَهُمْ وَ یَزِیْدُهُمْ مِّنْ فَضْلِهٖۚ-وَ اَمَّا الَّذِیْنَ اسْتَنْكَفُوْا وَ اسْتَكْبَرُوْا فَیُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا اَلِیْمًا ﳔ وَّ لَا یَجِدُوْنَ لَهُمْ مِّنْ دُوْنِ اللّٰهِ وَلِیًّا وَّ لَا نَصِیْرًا(۱۷۳)
تو وہ جو ایمان لائے اور اچھے کام کیے ان کی مزدوری انہیں بھرپور دے کر اپنے فضل سے انہیں اور زیادہ دے گا اور وہ جنہوں نے (ف۴۳۳) نفرت اور تکبر کیا تھا انہیں دردناک سزا دے گا اور اللہ کے سوا نہ اپنا کوئی حمایتی پائیں گے نہ مددگار،

فأما الذين آمنوا وعملوا الصالحات فيوفيهم أجورهم ويزيدهم من فضله إلى قوله : نصيرا . وأصل يستنكف نكف ، فالياء والسين والتاء زوائد ؛ يقال : نكفت من الشيء واستنكفت منه وأنكفته أي نزهته عما يستنكف منه ؛ ومنه الحديث سئل عن " سبحان الله " فقال : إنكاف الله من كل سوء يعني تنزيهه وتقديسه عن الأنداد والأولاد . وقال الزجاج : استنكف أي أنف مأخوذ من نكفت الدمع إذا نحيته بإصبعك عن خدك ، ومنه الحديث ما ينكف العرق عن جبينه أي ما ينقطع ؛ ومنه الحديث جاء بجيش لا ينكف آخره أي لا ينقطع آخره . وقيل : هو من النكف وهو العيب ؛ يقال : ما عليه في هذا الأمر نكف ولا وكف أي عيب : أي لن يمتنع المسيح ولن يتنزه من العبودية ولن ينقطع عنها ولن يعيبها .
4:174
یٰۤاَیُّهَا النَّاسُ قَدْ جَآءَكُمْ بُرْهَانٌ مِّنْ رَّبِّكُمْ وَ اَنْزَلْنَاۤ اِلَیْكُمْ نُوْرًا مُّبِیْنًا(۱۷۴)
اے لوگو! بیشک تمہارے پاس اللہ کی طرف سے واضح دلیل آئی (ف۴۳۴) اور ہم نے تمہاری طرف روشن نور اتارا (ف۴۳۵)

قوله تعالى : ياأيها الناس قد جاءكم برهان من ربكم وأنزلنا إليكم نورا مبيناقوله تعالى : يا أيها الناس قد جاءكم برهان من ربكم يعني محمدا صلى الله عليه وسلم ؛ عن الثوري ؛ وسماه برهانا لأن معه البرهان وهو المعجزة . وقال مجاهد : البرهان هاهنا الحجة ؛ والمعنى متقارب ؛ فإن المعجزات حجته صلى الله عليه وسلم . والنور المنزل هو القرآن ؛ عن الحسن ؛ وسماه نورا لأن به تتبين الأحكام ويهتدى به من الضلالة ، فهو نور مبين ، أي واضح بين .
4:175
فَاَمَّا الَّذِیْنَ اٰمَنُوْا بِاللّٰهِ وَ اعْتَصَمُوْا بِهٖ فَسَیُدْخِلُهُمْ فِیْ رَحْمَةٍ مِّنْهُ وَ فَضْلٍۙ-وَّ یَهْدِیْهِمْ اِلَیْهِ صِرَاطًا مُّسْتَقِیْمًاؕ(۱۷۵)
تو وہ جو اللہ پر ایمان لائے اور اس کی رسی مضبوط تھامی تو عنقریب اللہ انہیں اپنی رحمت اور اپنے فضل میں داخل کرے گا (ف۴۳۶) اور انہیں اپنی طرف سیدھی راہ دکھائے گا،

قوله تعالى : فأما الذين آمنوا بالله واعتصموا به فسيدخلهم في رحمة منه وفضل ويهديهم إليه صراطا مستقيماقوله تعالى : فأما الذين آمنوا بالله واعتصموا به أي بالقرآن عن معاصيه ، وإذا اعتصموا بكتابه فقد اعتصموا به وبنبيه . وقيل : اعتصموا به أي بالله . والعصمة الامتناع ، وقد تقدم . ويهديهم أي : وهو يهديهم فأضمر هو ليدل على أن الكلام مقطوع مما قبله . إليه أي إلى ثوابه . وقيل : إلى الحق ليعرفوه . صراطا مستقيما أي دينا مستقيما . و " صراطا " منصوب بإضمار فعل دل عليه " ويهديهم " التقدير ؛ ويعرفهم صراطا مستقيما . وقيل : هو مفعول ثان على تقدير ؛ ويهديهم إلى ثوابه صراطا مستقيما . وقيل : هو حال . والهاء في إليه قيل : هي للقرآن ، وقيل : للفضل ، وقيل للفضل والرحمة ؛ لأنهما بمعنى الثواب . وقيل : هي لله عز وجل على حذف المضاف كما تقدم من أن المعنى ويهديهم إلى ثوابه . أبو علي : الهاء راجعة إلى ما تقدم من اسم الله عز وجل ، والمعنى ويهديهم إلى صراطه ؛ فإذا جعلنا صراطا مستقيما نصبا على الحال كانت الحال من هذا المحذوف . وفي قوله : " وفضل " دليل على أنه تعالى يتفضل على عباده بثوابه ؛ إذ لو كان في مقابلة العمل لما كان فضلا . والله أعلم .
4:176
یَسْتَفْتُوْنَكَؕ-قُلِ اللّٰهُ یُفْتِیْكُمْ فِی الْكَلٰلَةِؕ-اِنِ امْرُؤٌا هَلَكَ لَیْسَ لَهٗ وَلَدٌ وَّ لَهٗۤ اُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَۚ-وَ هُوَ یَرِثُهَاۤ اِنْ لَّمْ یَكُنْ لَّهَا وَلَدٌؕ-فَاِنْ كَانَتَا اثْنَتَیْنِ فَلَهُمَا الثُّلُثٰنِ مِمَّا تَرَكَؕ-وَ اِنْ كَانُوْۤا اِخْوَةً رِّجَالًا وَّ نِسَآءً فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْاُنْثَیَیْنِؕ-یُبَیِّنُ اللّٰهُ لَكُمْ اَنْ تَضِلُّوْاؕ-وَ اللّٰهُ بِكُلِّ شَیْءٍ عَلِیْمٌ۠(۱۷۶)
اے محبوب! تم سے فتویٰ پوچھتے ہیں تم فرمادو کہ اللہ تمہیں کلالہ (ف۴۳۷) میں فتویٰ دیتا ہے، اگر کسی مرد کا انتقال ہو جو بے اولاد ہے (ف۴۳۸) اور اس کی ایک بہن ہو تو ترکہ میں اس کی بہن کا آدھا ہے (ف۴۳۹) اور مرد اپنی بہن کا وارث ہوگا اگر بہن کی اولاد نہ ہو (ف۴۴۰) پھر اگر دو بہنیں ہوں ترکہ میں ان کا دو تہائی اور اگر بھائی بہن ہوں مرد بھی اور عورتیں بھی تو مرد کا حصہ دو عورتوں کے برابر، ا لله تمہارے لئے صاف بیان فرماتا ہے کہ کہیں بہک نہ جاؤ، اور اللہ ہرچیز جانتا ہے،

قوله تعالى : يستفتونك قل الله يفتيكم في الكلالة إن امرؤ هلك ليس له ولد وله أخت فلها نصف ما ترك وهو يرثها إن لم يكن لها ولد فإن كانتا اثنتين فلهما الثلثان مما ترك وإن كانوا إخوة رجالا ونساء فللذكر مثل حظ الأنثيين يبين الله لكم أن تضلوا والله بكل شيء عليم فيه ست مسائل :الأولى : قال البراء بن عازب : هذه آخر آية نزلت من القرآن ؛ كذا في كتاب مسلم . وقيل : نزلت والنبي صلى الله عليه وسلم متجهز لحجة الوداع ، ونزلت بسبب جابر ؛ قال جابر بن عبد الله : مرضت فأتاني رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر يعوداني ماشيين ، فأغمي علي ؛ فتوضأ رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم صب علي من وضوئه فأفقت ، فقلت : يا رسول الله كيف أقضي في مالي ؟ فلم يرد علي شيئا حتى نزلت آية الميراث يستفتونك قل الله يفتيكم في الكلالة رواه مسلم ؛ وقال : آخر آية نزلت : واتقوا يوما ترجعون فيه إلى الله وقد تقدم . ومضى في أول السورة الكلام في الكلالة مستوفى ، وأن المراد بالإخوة هنا الإخوة للأب والأم أو للأب وكان لجابر تسع أخوات .الثانية : إن امرؤ هلك ليس له ولد أي ليس له ولد ولا والد ؛ فاكتفى بذكر أحدهما ؛ قال الجرجاني : لفظ الولد ينطلق على الوالد والمولود ، فالوالد يسمى والدا لأنه ولد ، والمولود يسمى ولدا لأنه ولد ؛ كالذرية فإنها من ذرا ثم تطلق على المولود وعلى الوالد ؛ قال الله تعالى : وآية لهم أنا حملنا ذريتهم في الفلك المشحونالثالثة : والجمهور من العلماء من الصحابة والتابعين يجعلون الأخوات عصبة البنات وإن لم يكن معهن أخ ، غير ابن عباس ؛ فإنه كان لا يجعل الأخوات عصبة البنات ؛ وإليه ذهب داود وطائفة ؛ وحجتهم ظاهر قول الله تعالى : إن امرؤ هلك ليس له ولد وله أخت فلها نصف ما ترك ولم يورث الأخت إلا إذا لم يكن للميت ولد ؛ قالوا : ومعلوم أن الابنة من الولد ، فوجب ألا ترث الأخت مع وجودها . وكان ابن الزبير يقول بقول ابن عباس في هذه المسألة حتى أخبره الأسود بن يزيد : أن معاذا قضى في بنت وأخت فجعل المال بينهما نصفين .الرابعة : هذه الآية تسمى بآية الصيف ؛ لأنها نزلت في زمن الصيف ؛ قال عمر : إني والله لا أدع شيئا أهم إلي من أمر الكلالة ، وقد سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عنها فما أغلظ لي في شيء ما أغلظ لي فيها ، حتى طعن بإصبعه في جنبي أو في صدري ثم قال : يا عمر ألا تكفيك آية الصيف التي أنزلت في آخر سورة النساء . وعنه رضي الله عنه قال : ثلاث لأن يكون رسول الله صلى الله عليه وسلم بينهن أحب إلي من الدنيا وما فيها : الكلالة والربا والخلافة ؛ خرجه ابن ماجه في سننه .الخامسة : طعن بعض الرافضة بقول عمر : ( والله لا أدع ) الحديث .السادسة : قوله تعالى : يبين الله لكم أن تضلوا قال الكسائي : المعنى يبين الله لكم لئلا تضلوا . قال أبو عبيد ؛ فحدثت الكسائي بحديث رواه ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : لا يدعون أحدكم على ولده أن يوافق من الله إجابة فاستحسنه . قال النحاس : والمعنى عند أبي عبيد لئلا يوافق من الله إجابة ، وهذا القول عند البصريين خطأ صراح ؛ لأنهم لا يجيزون إضمار لا ؛ والمعنى عندهم : يبين الله لكم كراهة أن تضلوا ، ثم حذف ؛ كما قال : واسأل القرية وكذا معنى حديث النبي صلى الله عليه وسلم ؛ أي كراهية أن يوافق من الله إجابة . والله بكل شيء عليم تقدم في غير موضع . والله أعلم .تمت سورة " النساء " والحمد لله الذي وفق .وتم الجزء الخامس ويليه الجزء السادس مبتدئا بتفسير سورة المائدة ونرجو من الله التوفيق
  FONT
  THEME
  TRANSLATION
  • English | Ahmed Ali
  • Urdu | Ahmed Raza Khan
  • Turkish | Ali-Bulaç
  • German | Bubenheim Elyas
  • Chinese | Chineese
  • Spanish | Cortes
  • Dutch | Dutch
  • Portuguese | El-Hayek
  • English | English
  • Urdu | Fateh Muhammad Jalandhry
  • French | French
  • Hausa | Hausa
  • Indonesian | Indonesian-Bahasa
  • Italian | Italian
  • Korean | Korean
  • Malay | Malay
  • Russian | Russian
  • Tamil | Tamil
  • Thai | Thai
  • Farsi | مکارم شیرازی
  TAFSEER
  • العربية | التفسير الميسر
  • العربية | تفسير الجلالين
  • العربية | تفسير السعدي
  • العربية | تفسير ابن كثير
  • العربية | تفسير الوسيط لطنطاوي
  • العربية | تفسير البغوي
  • العربية | تفسير القرطبي
  • العربية | تفسير الطبري
  • English | Arberry
  • English | Yusuf Ali
  • Dutch | Keyzer
  • Dutch | Leemhuis
  • Dutch | Siregar
  • Urdu | Sirat ul Jinan
  HELP

اَلنِّسَآء
اَلنِّسَآء
  00:00



Download

اَلنِّسَآء
اَلنِّسَآء
  00:00



Download