READ

Surah an-Naziat

اَلنَّازِعَات
46 Ayaat    مکیۃ


79:0
بِسْمِ اللّٰهِ الرَّحْمٰنِ الرَّحِیْمِ
اللہ کے نام سے شروع جو بہت مہربان رحمت والا

القول في تأويل الاستعاذةتأويل قوله : ( أعوذ ) .قال أبو جعفر : والاستعاذة : الاستجارة . وتأويل قول القائل : ( أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ) أستجير بالله - دون غيره من سائر خلقه - من الشيطان أن يضرني في ديني ، أو يصدني عن حق يلزمني لربي .تأويل قوله : ( من الشيطان )قال أبو جعفر : والشيطان ، في كلام العرب : كل متمرد من الجن والإنس والدواب وكل شيء . وكذلك قال ربنا جل ثناؤه : ( وكذلك جعلنا لكل نبي عدوا شياطين الإنس والجن ) [ سورة الأنعام : 112 ] ، فجعل من الإنس شياطين ، مثل الذي جعل من الجن .وقال عمر بن الخطاب رحمة الله عليه ، وركب برذونا فجعل يتبختر به ، فجعل يضربه فلا يزداد إلا تبخترا ، فنزل عنه ، وقال : ما حملتموني إلا على شيطان! ما نزلت عنه حتى أنكرت نفسي .136 - حدثنا بذلك يونس بن عبد الأعلى ، قال : أنبأنا ابن وهب ، قال : أخبرني هشام بن سعد ، عن زيد بن أسلم ، عن أبيه ، عن عمر .قال أبو جعفر : وإنما سمي المتمرد من كل شيء شيطانا ، لمفارقة أخلاقه وأفعاله أخلاق سائر جنسه وأفعاله ، وبعده من الخير . وقد قيل : إنه أخذ من [ ص: 112 ] قول القائل : شطنت داري من دارك - يريد بذلك : بعدت . ومن ذلك قول نابغة بني ذبيان :نأت بسعاد عنك نوى شطون فبانت والفؤاد بها رهينوالنوى : الوجه الذي نوته وقصدته . والشطون : البعيد . فكأن الشيطان - على هذا التأويل - فيعال من شطن . ومما يدل على أن ذلك كذلك ، قول أمية بن أبي الصلت :أيما شاطن عصاه عكاه ثم يلقى في السجن والأكبالولو كان فعلان ، من شاط يشيط ، لقال : أيما شائط ، ولكنه قال : أيما شاطن ، لأنه من "شطن يشطن ، فهو شاطن" .تأويل قوله : ( الرجيم ) .وأما الرجيم فهو : فعيل بمعنى مفعول ، كقول القائل : كف خضيب ، ولحية دهين ، ورجل لعين ، يريد بذلك : مخضوبة ومدهونة وملعون . وتأويل الرجيم : الملعون المشتوم . وكل مشتوم بقول رديء أو سب فهو مرجوم . وأصل الرجم الرمي ، بقول كان أو بفعل . ومن الرجم بالقول قول أبي إبراهيم لإبراهيم صلوات الله عليه : ( لئن لم تنته لأرجمنك ) [ سورة مريم : 46 ] .وقد يجوز أن يكون قيل للشيطان رجيم ، لأن الله جل ثناؤه طرده من سماواته ، ورجمه بالشهب الثواقب [ ص: 113 ]وقد روي عن ابن عباس ، أن أول ما نزل جبريل على النبي صلى الله عليه وسلم علمه الاستعاذة .137 - حدثنا أبو كريب ، قال : حدثنا عثمان بن سعيد ، قال : حدثنا بشر بن عمارة ، قال : حدثنا أبو روق ، عن الضحاك ، عن عبد الله بن عباس ، قال : أول ما نزل جبريل على محمد قال : "يا محمد استعذ ، قل : أستعيذ بالسميع العليم من الشيطان الرجيم " ، ثم قال : قل : "بسم الله الرحمن الرحيم " ، ثم قال : ( اقرأ باسم ربك الذي خلق ) [ العلق : 1 ] . قال عبد الله : وهي أول سورة أنزلها الله على محمد بلسان جبريل .فأمره أن يتعوذ بالله دون خلقه .القول في تأويل بسم الله الرحمن الرحيمالقول في تأويل قوله : ( بسم )قال أبو جعفر : إن الله تعالى ذكره وتقدست أسماؤه أدب نبيه محمدا صلى الله عليه وسلم بتعليمه تقديم ذكر أسمائه الحسنى أمام جميع أفعاله ، ، وتقدم إليه في وصفه بها قبل جميع مهماته ، وجعل ما أدبه به من ذلك وعلمه إياه ، منه لجميع خلقه سنة يستنون بها ، وسبيلا يتبعونه عليها ، فبه افتتاح أوائل منطقهم ، وصدور رسائلهم وكتبهم وحاجاتهم ، حتى أغنت دلالة ما ظهر من قول القائل : "بسم الله " ، على ما بطن من مراده الذي هو محذوف .وذلك أن الباء من "بسم الله " مقتضية فعلا يكون لها جالبا ، ولا فعل معها ظاهر ، فأغنت سامع القائل "بسم الله " معرفته بمراد قائله ، عن إظهار قائل ذلك مراده قولا إذ كان كل ناطق به عند افتتاحه أمرا ، قد أحضر منطقه به - إما معه ، وإما قبله بلا فصل - ما قد أغنى سامعه عن دلالة شاهدة على الذي من أجله افتتح قيله به . فصار استغناء سامع ذلك منه عن إظهار ما حذف منه ، نظير استغنائه - إذا سمع قائلا قيل له : ما أكلت اليوم ؟ فقال : "طعاما " - عن أن يكرر المسئول مع قوله "طعاما " ، أكلت ، لما قد ظهر لديه من الدلالة على أن ذلك معناه ، بتقدم مسألة السائل إياه عما أكل . فمعقول إذا أن قول [ ص: 115 ] القائل إذا قال : "بسم الله الرحمن الرحيم " ثم افتتح تاليا سورة ، أن إتباعه "بسم الله الرحمن الرحيم " تلاوة السورة ، ينبئ عن معنى قوله : "بسم الله الرحمن الرحيم " ومفهوم به أنه مريد بذلك : أقرأ بسم الله الرحمن الرحيم . وكذلك قوله : "بسم الله " عند نهوضه للقيام أو عند قعوده وسائر أفعاله ، ينبئ عن معنى مراده بقوله "بسم الله " ، وأنه أراد بقيله "بسم الله " ، أقوم باسم الله ، وأقعد باسم الله . وكذلك سائر الأفعال .وهذا الذي قلنا في تأويل ذلك ، هو معنى قول ابن عباس الذي : -138 - حدثنا به أبو كريب ، قال : حدثنا عثمان بن سعيد ، قال : حدثنا بشر بن عمارة ، قال : حدثنا أبو روق ، عن الضحاك ، عن عبد الله بن عباس ، قال : إن أول ما نزل به جبريل على محمد ، قال : "يا محمد ، قل : أستعيذ بالسميع العليم من الشيطان الرجيم " ثم قال : "قل بسم الله الرحمن الرحيم " . قال : قال له جبريل : قل بسم الله يا محمد ، يقول : اقرأ بذكر الله ربك ، وقم واقعد بذكر الله .قال أبو جعفر : فإن قال لنا قائل : فإن كان تأويل قوله "بسم الله " ما وصفت ، والجالب الباء في "بسم الله " ما ذكرت ، فكيف قيل "بسم الله " ، بمعنى أقرأ باسم الله " ، أو أقوم أو أقعد باسم الله ؟ وقد علمت أن كل قارئ كتاب الله ، فبعون الله وتوفيقه قراءته ، وأن كل قائم أو قاعد أو فاعل فعلا فبالله قيامه وقعوده وفعله . وهلا - إذ كان ذلك كذلك - قيل " بالله الرحمن الرحيم " ولم يقل "بسم الله " ؟ فإن قول القائل : أقوم وأقعد بالله الرحمن الرحيم ، أو أقرأ بالله - أوضح معنى لسامعه من قوله "بسم الله " ، إذ كان قوله أقوم "أقوم أو أقعد باسم الله " ، يوهم سامعه أن قيامه وقعوده بمعنى غير الله .قيل له ، وبالله التوفيق : إن المقصود إليه من معنى ذلك غير ما توهمته في نفسك . وإنما معنى قوله "باسم الله " : أبدأ بتسمية الله وذكره قبل كل شيء ، [ ص: 116 ] أو أقرأ بتسميتي الله ، أو أقوم وأقعد بتسميتي الله وذكره - لا أنه يعني بقيله "بسم الله " : أقوم بالله ، أو أقرأ بالله ، فيكون قول القائل : أقرأ بالله ، أو أقوم أو أقعد بالله - أولى بوجه الصواب في ذلك من قوله "بسم الله " .فإن قال : فإن كان الأمر في ذلك على ما وصفت ، فكيف قيل : "بسم الله " وقد علمت أن الاسم اسم ، وأن التسمية مصدر من قولك سميت ؟قيل : إن العرب قد تخرج المصادر مبهمة على أسماء مختلفة ، كقولهم : أكرمت فلانا كرامة ، وإنما بناء مصدر "أفعلت " - إذا أخرج على فعله - "الإفعال " . وكقولهم : أهنت فلانا هوانا ، وكلمته كلاما . وبناء مصدر : "فعلت " التفعيل . ومن ذلك قول الشاعر :أكفرا بعد رد الموت عني وبعد عطائك المائة الرتاعايريد : إعطائك . ومنه قول الآخر :وإن كان هذا البخل منك سجية لقد كنت في طولي رجاءك أشعبايريد : في إطالتي رجاءك . ومنه قول الآخر :أظليم إن مصابكم رجلا أهدى السلام تحية ظلميريد : إصابتكم . والشواهد في هذا المعنى تكثر ، وفيما ذكرنا كفاية ، لمن وفق لفهمه . [ ص: 117 ]فإذ كان الأمر - على ما وصفنا ، من إخراج العرب مصادر الأفعال على غير بناء أفعالها - كثيرا ، وكان تصديرها إياها على مخارج الأسماء موجودا فاشيا ، فبين بذلك صواب ما قلنا من التأويل في قول القائل "بسم الله " ، أن معناه في ذلك عند ابتدائه في فعل أو قول : أبدأ بتسمية الله ، قبل فعلي ، أو قبل قولي .وكذلك معنى قول القائل عند ابتدائه بتلاوة القرآن : "بسم الله الرحمن الرحيم " ، إنما معناه : أقرأ مبتدئا بتسمية الله ، أو أبتدئ قراءتي بتسمية الله . فجعل "الاسم " مكان التسمية ، كما جعل الكلام مكان التكليم ، والعطاء مكان الإعطاء .وبمثل الذي قلنا من التأويل في ذلك ، روي الخبر عن عبد الله بن عباس .139 - حدثنا أبو كريب ، قال : حدثنا عثمان بن سعيد ، قال : حدثنا بشر بن عمارة ، قال : حدثنا أبو روق ، عن الضحاك ، عن عبد الله بن عباس ، قال : أول ما نزل جبريل على محمد صلى الله عليه وسلم قال : "يا محمد ، قل : أستعيذ بالسميع العليم من الشيطان الرجيم " ، ثم قال : "قل : بسم الله الرحمن الرحيم " .قال ابن عباس : "بسم الله " ، يقول له جبريل : يا محمد ، اقرأ بذكر الله ربك ، وقم واقعد بذكر الله .وهذا التأويل من ابن عباس ينبئ عن صحة ما قلنا - من أنه يراد بقول القائل مفتتحا قراءته : "بسم الله الرحمن الرحيم " : أقرأ بتسمية الله وذكره ، وأفتتح القراءة بتسمية الله ، بأسمائه الحسنى وصفاته العلى - ويوضح فساد قول من زعم أن معنى ذلك من قائله : بالله الرحمن الرحيم أول كل شيء ، مع أن العباد [ ص: 118 ] إنما أمروا أن يبتدئوا عند فواتح أمورهم بتسمية الله ، لا بالخبر عن عظمته وصفاته ، كالذي أمروا به من التسمية على الذبائح والصيد ، وعند المطعم والمشرب ، وسائر أفعالهم . وكذلك الذي أمروا به من تسميته عند افتتاح تلاوة تنزيل الله ، وصدور رسائلهم وكتبهم .ولا خلاف بين الجميع من علماء الأمة ، أن قائلا لو قال عند تذكيته بعض بهائم الأنعام "بالله " ، ولم يقل "بسم الله " ، أنه مخالف - بتركه قيل : "بسم الله " ما سن له عند التذكية من القول . وقد علم بذلك أنه لم يرد بقوله "بسم الله " "بالله " ، كما قال الزاعم أن اسم الله في قول الله : "بسم الله الرحمن الرحيم " هو الله . لأن ذلك لو كان كما زعم ، لوجب أن يكون القائل عند تذكيته ذبيحته "بالله " ، قائلا ما سن له من القول على الذبيحة . وفي إجماع الجميع على أن قائل ذلك تارك ما سن له من القول على ذبيحته - إذ لم يقل "بسم الله " - دليل واضح على فساد ما ادعى من التأويل في قول القائل : "بسم الله " ، أنه مراد به "بالله " ، وأن اسم الله هو الله .وليس هذا الموضع من مواضع الإكثار في الإبانة عن الاسم : أهو المسمى ، أم غيره ، أم هو صفة له ؟ فنطيل الكتاب به ، وإنما هذا موضع من مواضع الإبانة عن الاسم المضاف إلى الله : أهو اسم ، أم مصدر بمعنى التسمية ؟ [ ص: 119 ] فإن قال قائل : فما أنت قائل في بيت لبيد بن ربيعة :إلى الحول ، ثم اسم السلام عليكما ، ومن يبك حولا كاملا فقد اعتذرفقد تأوله مقدم في العلم بلغة العرب ، أنه معني به : ثم السلام عليكما ، وأن اسم السلام هو السلام ؟قيل له : لو جاز ذلك وصح تأويله فيه على ما تأول ، لجاز أن يقال : رأيت اسم زيد ، وأكلت اسم الطعام ، وشربت اسم الشراب; وفي إجماع جميع العرب على إحالة ذلك ما ينبئ عن فساد تأويل من تأول قول لبيد : "ثم اسم السلام [ ص: 120 ] عليكما " ، أنه أراد : ثم السلام عليكما ، وادعائه أن إدخال الاسم في ذلك وإضافته إلى السلام إنما جاز ، إذ كان اسم المسمى هو المسمى بعينه .ويسأل القائلون قول من حكينا قوله هذا ، فيقال لهم : أتستجيزون في العربية أن يقال : "أكلت اسم العسل " ، يعني بذلك : أكلت العسل ، كما جاز عندكم : اسم السلام عليك ، وأنتم تريدون : السلام عليك ؟فإن قالوا : نعم ! خرجوا من لسان العرب ، وأجازوا في لغتها ما تخطئه جميع العرب في لغتها . وإن قالوا : لا ؛ سئلوا الفرق بينهما . فلن يقولوا في أحدهما قولا إلا ألزموا في الآخر مثله .فإن قال لنا قائل : فما معنى قول لبيد هذا عندك ؟قيل له : يحتمل ذلك وجهين ، كلاهما غير الذي قاله من حكينا قوله .أحدهما : أن "السلام " اسم من أسماء الله ، فجائز أن يكون لبيد عنى بقوله : "ثم اسم السلام عليكما " ، ثم الزما اسم الله وذكره بعد ذلك ، ودعا ذكري والبكاء علي; على وجه الإغراء . فرفع الاسم ، إذ أخر الحرف الذي يأتي بمعنى الإغراء . وقد تفعل العرب ذلك ، إذا أخرت الإغراء وقدمت المغرى به ، وإن كانت قد تنصب به وهو مؤخر . ومن ذلك قول الشاعر :يا أيها المائح دلوي دونكا! إني رأيت الناس يحمدونكا!فأغرى ب "دونك " ، وهي مؤخرة ، وإنما معناه : دونك دلوي . فذلك قول لبيد :إلى الحول ثم اسم السلام عليكمايعني : عليكما اسم السلام ، أي : الزما ذكر الله ودعا ذكري والوجد بي ، لأن من بكى حولا على امرئ ميت فقد اعتذر . فهذا أحد وجهيه . [ ص: 121 ]والوجه الآخر منهما : ثم تسميتي الله عليكما ، كما يقول القائل للشيء يراه فيعجبه : "اسم الله عليك " يعوذه بذلك من السوء ، فكأنه قال : ثم اسم الله عليكما من السوء ، وكأن الوجه الأول أشبه المعنيين بقول لبيد .ويقال لمن وجه بيت لبيد هذا إلى أن معناه : ثم السلام عليكما ، أترى ما قلنا - من هذين الوجهين - جائزا ، أو أحدهما ، أو غير ما قلت فيه ؟فإن قال : لا ! أبان مقداره من العلم بتصاريف وجوه كلام العرب ، وأغنى خصمه عن مناظرته .وإن قال : بلى !قيل له : فما برهانك على صحة ما ادعيت من التأويل أنه الصواب ، دون الذي ذكرت أنه محتمله - من الوجه الذي يلزمنا تسليمه لك ؟ ولا سبيل إلى ذلك .وأما الخبر الذي : -140 - حدثنا به إسماعيل بن الفضل ، قال : حدثنا إبراهيم بن العلاء بن الضحاك وهو يلقب بزبريق قال : حدثنا إسماعيل بن عياش ، عن إسماعيل بن يحيى ، عن ابن أبي مليكة ، عمن حدثه ، عن ابن مسعود - ومسعر بن كدام ، عن عطية ، عن أبي سعيد - قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن عيسى ابن مريم أسلمته أمه إلى الكتاب ليعلمه ، فقال له المعلم : اكتب "بسم " فقال له عيسى : وما "بسم " ؟ فقال له المعلم : ما أدري ! فقال عيسى : الباء بهاء الله ، والسين : سناؤه ، والميم : مملكته . [ ص: 122 ]فأخشى أن يكون غلطا من المحدث ، وأن يكون أراد ب س م ، على سبيل ما يعلم المبتدئ من الصبيان في الكتاب حروف أبي جاد ، فغلط بذلك ، فوصله ، فقال : "بسم " ، لأنه لا معنى لهذا التأويل إذا تلي "بسم الله الرحمن الرحيم " ، على ما يتلوه القارئ في كتاب الله ، لاستحالة معناه على المفهوم به عند جميع العرب وأهل لسانها ، إذا حمل تأويله على ذلك .القول في تأويل قوله جل ثناؤه : ( الله ) .قال أبو جعفر : وأما تأويل قول الله تعالى ذكره "الله " ، فإنه على معنى ما روي لنا عن عبد الله بن عباس - : هو الذي يألهه كل شيء ، ويعبده كل خلق . [ ص: 123 ]141 - وذلك أن أبا كريب حدثنا ، قال : حدثنا عثمان بن سعيد ، قال : حدثنا بشر بن عمارة ، قال : حدثنا أبو روق ، عن الضحاك ، عن عبد الله بن عباس ، قال : "الله " ذو الألوهية والمعبودية على خلقه أجمعين .فإن قال لنا قائل : فهل لذلك في "فعل ويفعل " أصل كان منه بناء هذا الاسم ؟قيل : أما سماعا من العرب فلا ولكن استدلالا .فإن قال : وما دل على أن الألوهية هي العبادة ، وأن الإله هو المعبود ، وأن له أصلا في "فعل ويفعل " .قيل : لا تمانع بين العرب في الحكم لقول القائل - يصف رجلا بعبادة ، وبطلب ما عند الله جل ذكره : "تأله فلان " - بالصحة ولا خلاف . ومن ذلك قول رؤبة بن العجاج :لله در الغانيات المده سبحن واسترجعن من تألهييعني : من تعبدي وطلبي الله بعملي .ولا شك أن "التأله " ، التفعل من : "أله يأله " ، وأن معنى "أله " - إذا نطق به : - عبد الله . وقد جاء منه مصدر يدل على أن العرب قد نطقت منه ب "فعل يفعل " بغير زيادة .142 - وذلك ما حدثنا به سفيان بن وكيع ، قال حدثنا أبي ، عن نافع بن عمر ، عن عمرو بن دينار ، عن ابن عباس : أنه قرأ " ويذرك وآلهتك " سورة الأعراف : 127 قال : عبادتك ، ويقال : إنه كان يعبد ولا يعبد . [ ص: 124 ]143 - حدثنا سفيان ، قال : حدثنا ابن عيينة ، عن عمرو بن دينار ، عن محمد بن عمرو بن الحسن ، عن ابن عباس : ( ويذرك وآلهتك ) ، قال : إنما كان فرعون يعبد ولا يعبدوكذلك كان عبد الله يقرؤها ومجاهد .144 - حدثنا القاسم قال : حدثنا الحسين بن داود ، قال : أخبرني حجاج ، عن ابن جريج ، عن مجاهد : قوله " ويذرك وآلهتك " قال : وعبادتك ولا شك أن الإلاهة - على ما فسره ابن عباس ومجاهد - مصدر من قول القائل : أله الله فلان إلاهة ، كما يقال : عبد الله فلان عبادة ، وعبر الرؤيا عبارة . فقد بين قول ابن عباس ومجاهد هذا : أن "أله " عبد ، وأن "الإلاهة " مصدره .فإن قال : فإن كان جائزا أن يقال لمن عبد الله : ألهه - على تأويل قول ابن عباس ومجاهد - فكيف الواجب في ذلك أن يقال ، إذا أراد المخبر الخبر عن استيجاب الله ذلك على عبده ؟ [ ص: 125 ]قيل : أما الرواية فلا رواية فيه عندنا ، ولكن الواجب - على قياس ما جاء به الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي : -145 - حدثنا به إسماعيل بن الفضل ، حدثنا إبراهيم بن العلاء ، قال : حدثنا إسماعيل بن عياش ، عن إسماعيل بن يحيى ، عن ابن أبي مليكة ، عمن حدثه عن ابن مسعود - ومسعر بن كدام ، عن عطية العوفي ، عن أبي سعيد - قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن عيسى أسلمته أمه إلى الكتاب ليعلمه فقال له المعلم اكتب "الله " فقال له عيسى : "أتدري ما الله ؟ الله إله الآلهة " .- أن يقال ، الله جل جلاله أله العبد ، والعبد ألهه . وأن يكون قول القائل "الله " - من كلام العرب أصله "الإله " .فإن قال : وكيف يجوز أن يكون ذلك كذلك ، مع اختلاف لفظيهما ؟قيل : كما جاز أن يكون قوله : ( لكنا هو الله ربي ) [ سورة الكهف : 38 ] أصله : لكن أنا ، هو الله ربي ، كما قال الشاعر :وترمينني بالطرف ، أي أنت مذنب وتقلينني ، لكن إياك لا أقلييريد : لكن أنا إياك لا أقلي ، فحذف الهمزة من "أنا " فالتقت نون "أنا " "ونون "لكن " وهي ساكنة ، فأدغمت في نون "أنا " فصارتا نونا مشددة . فكذلك "الله " أصله "الإله " ، أسقطت الهمزة التي هي فاء الاسم ، فالتقت اللام التي هي عين الاسم ، واللام الزائدة التي دخلت مع الألف الزائدة وهي ساكنة ، فأدغمت في [ ص: 126 ] الأخرى التي هي عين الاسم ، فصارتا في اللفظ لاما واحدة مشددة ، كما وصفنا من قول الله ( لكنا هو الله ربي ) .القول في تأويل قوله جل ثناؤه : ( الرحمن الرحيم ) .قال أبو جعفر : وأما " الرحمن " ، فهو فعلان ، من رحم ، و "الرحيم " فعيل منه . والعرب كثيرا ما تبني الأسماء من "فعل يفعل " على "فعلان " ، كقولهم من غضب : غضبان ، ومن سكر : سكران ، ومن عطش : عطشان . فكذلك قولهم "رحمن " من رحم ، لأن "فعل " منه : رحم يرحم . وقيل "رحيم " ، وإن كانت عين "فعل " منها مكسورة ، لأنه مدح . ومن شأن العرب أن يحملوا أبنية الأسماء - إذا كان فيها مدح أو ذم - على "فعيل " ، وإن كانت عين "فعل " منها مكسورة أو مفتوحة ، كما قالوا من "علم " عالم وعليم ، ومن "قدر " قادر وقدير . وليس ذلك منها بناء على أفعالها ، لأن البناء من "فعل يفعل " و "فعل يفعل " فاعل . فلو كان "الرحمن والرحيم " خارجين على بناء أفعالهما لكانت صورتهما "الراحم " .فإن قال قائل : فإذا كان الرحمن والرحيم اسمين مشتقين من الرحمة ، فما وجه تكرير ذلك ، وأحدهما مؤد عن معنى الآخر ؟قيل له : ليس الأمر في ذلك على ما ظننت ، بل لكل كلمة منهما معنى لا تؤدي الأخرى منهما عنها .فإن قال : وما المعنى الذي انفردت به كل واحدة منهما ، فصارت إحداهما غير مؤدية المعنى عن الأخرى ؟قيل : أما من جهة العربية ، فلا تمانع بين أهل المعرفة بلغات العرب ، أن قول القائل : "الرحمن " - عن أبنية الأسماء [ ص: 127 ] من "فعل يفعل " - أشد عدولا من قوله "الرحيم " . ولا خلاف مع ذلك بينهم ، أن كل اسم كان له أصل في "فعل يفعل " - ثم كان عن أصله من "فعل يفعل " أشد عدولا - أن الموصوف به مفضل على الموصوف بالاسم المبني على أصله من "فعل يفعل " ، إذا كانت التسمية به مدحا أو ذما . فهذا ما في قول القائل "الرحمن " ، من زيادة المعنى على قوله "الرحيم " في اللغة .وأما من جهة الأثر والخبر ، ففيه بين أهل التأويل اختلاف : -146 - فحدثني السري بن يحيى التميمي ، قال : حدثنا عثمان بن زفر ، قال : سمعت العرزمي يقول : "الرحمن الرحيم " ، قال : الرحمن بجميع الخلق ، "الرحيم" قال : بالمؤمنين .147 - حدثنا إسماعيل بن الفضل ، قال : حدثنا إبراهيم بن العلاء ، قال : حدثنا إسماعيل بن عياش ، عن إسماعيل بن يحيى ، عن ابن أبي مليكة ، عمن حدثه ، عن ابن مسعود - ومسعر بن كدام ، عن عطية العوفي ، عن أبي سعيد - يعني الخدري - قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن عيسى ابن مريم قال : الرحمن رحمن الآخرة والدنيا ، والرحيم رحيم الآخرة " .فهذان الخبران قد أنبآ عن فرق ما بين تسمية الله جل ثناؤه باسمه الذي هو "رحمن " ، وتسميته باسمه الذي هو "رحيم " ، واختلاف معنى الكلمتين - وإن اختلفا في معنى ذلك الفرق ، فدل أحدهما على أن ذلك في الدنيا ، ودل الآخر على أنه في الآخرة .فإن قال : فأي هذين التأويلين أولى عندك بالصحة ؟ [ ص: 128 ]قيل : لجميعهما عندنا في الصحة مخرج ، فلا وجه لقول قائل : أيهما أولى بالصحة ؟ وذلك أن المعنى الذي في تسمية الله بالرحمن ، دون الذي في تسميته بالرحيم : هو أنه بالتسمية بالرحمن موصوف بعموم الرحمة جميع خلقه ، وأنه بالتسمية بالرحيم موصوف بخصوص الرحمة بعض خلقه ، إما في كل الأحوال ، وإما في بعض الأحوال . فلا شك - إذا كان ذلك كذلك - أن ذلك الخصوص الذي في وصفه بالرحيم لا يستحيل عن معناه ، في الدنيا كان ذلك أو في الآخرة ، أو فيهما جميعا .فإذا كان صحيحا ما قلنا من ذلك - وكان الله جل ثناؤه قد خص عباده المؤمنين في عاجل الدنيا بما لطف بهم من توفيقه إياهم لطاعته ، والإيمان به وبرسله ، واتباع أمره واجتناب معاصيه ، مما خذل عنه من أشرك به ، وكفر وخالف ما أمره به ، وركب معاصيه; وكان مع ذلك قد جعل ، جل ثناؤه ، ما أعد في آجل الآخرة في جناته من النعيم المقيم والفوز المبين ، لمن آمن به ، وصدق رسله ، وعمل بطاعته ، خالصا ، دون من أشرك وكفر به - كان بينا أن الله قد خص المؤمنين من رحمته في الدنيا والآخرة ، مع ما قد عمهم به والكفار في الدنيا من الإفضال والإحسان إلى جميعهم ، في البسط في الرزق ، وتسخير السحاب بالغيث ، وإخراج النبات من الأرض ، وصحة الأجسام والعقول ، وسائر النعم التي لا تحصى ، التي يشترك فيها المؤمنون والكافرون .فربنا جل ثناؤه رحمن جميع خلقه في الدنيا والآخرة ، ورحيم المؤمنين خاصة في الدنيا والآخرة . فأما الذي عم جميعهم به في الدنيا من رحمته فكان رحمانا لهم به ، فما ذكرنا مع نظائره التي لا سبيل إلى إحصائها لأحد من خلقه ، كما قال جل ثناؤه : ( وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها ) [ سورة إبراهيم : 34 ، وسورة النحل : 18 ] .وأما في الآخرة ، فالذي عم جميعهم به فيها من رحمته ، فكان لهم رحمانا ، تسويته [ ص: 129 ] بين جميعهم جل ذكره في عدله وقضائه ، فلا يظلم أحدا منهم مثقال ذرة ، وإن تك حسنة يضاعفها ويؤت من لدنه أجرا عظيما ، وتوفى كل نفس ما كسبت . فذلك معنى عمومه في الآخرة جميعهم برحمته ، الذي كان به رحمانا في الآخرة .وأما ما خص به المؤمنين في عاجل الدنيا من رحمته ، الذي كان به رحيما لهم فيها ، كما قال جل ذكره : ( وكان بالمؤمنين رحيما ) [ سورة الأحزاب : 43 ] فما وصفنا من اللطف لهم في دينهم ، فخصهم به ، دون من خذله من أهل الكفر به .وأما ما خصهم به في الآخرة ، فكان به رحيما لهم دون الكافرين ، فما وصفنا آنفا مما أعد لهم دون غيرهم من النعيم ، والكرامة التي تقصر عنها الأماني .وأما القول الآخر في تأويله فهو ما : -148 - حدثنا به أبو كريب ، قال : حدثنا عثمان بن سعيد ، قال : حدثنا بشر بن عمارة ، قال : حدثنا أبو روق ، عن الضحاك ، عن عبد الله بن عباس ، قال : الرحمن ، الفعلان من الرحمة ، وهو من كلام العرب . قال : الرحمن الرحيم : الرقيق الرفيق بمن أحب أن يرحمه ، والبعيد الشديد على من أحب أن يعنف عليه . وكذلك أسماؤه كلها .وهذا التأويل من ابن عباس ، يدل على أن الذي به ربنا رحمن ، هو الذي به رحيم ، وإن كان لقوله "الرحمن " من المعنى ، ما ليس لقوله "الرحيم " . لأنه جعل معنى "الرحمن " بمعنى الرقيق على من رق عليه ، ومعنى "الرحيم " بمعنى الرفيق بمن رفق به .والقول الذي رويناه في تأويل ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم وذكرناه عن العرزمي ، أشبه بتأويله من هذا القول الذي رويناه عن ابن عباس . وإن [ ص: 130 ] كان هذا القول موافقا معناه معنى ذلك ، في أن للرحمن من المعنى ما ليس للرحيم ، وأن للرحيم تأويلا غير تأويل الرحمن .والقول الثالث في تأويل ذلك ما : -149 - حدثني به عمران بن بكار الكلاعي ، قال : حدثنا يحيى بن صالح ، قال : حدثنا أبو الأزهر نصر بن عمرو اللخمي من أهل فلسطين ، قال : سمعت عطاء الخراساني يقول : كان الرحمن ، فلما اختزل الرحمن من اسمه كان الرحمن الرحيم .والذي أراد ، إن شاء الله ، عطاء بقوله هذا : أن الرحمن كان من أسماء الله التي لا يتسمى بها أحد من خلقه ، فلما تسمى به الكذاب مسيلمة - وهو اختزاله إياه ، يعني اقتطاعه من أسمائه لنفسه - أخبر الله جل ثناؤه أن اسمه "الرحمن الرحيم " ليفصل بذلك لعباده اسمه من اسم من قد تسمى بأسمائه ، إذ كان لا يسمى أحد "الرحمن الرحيم " ، فيجمع له هذان الاسمان ، غيره جل ذكره . وإنما يتسمى بعض خلقه إما رحيما ، أو يتسمى رحمن . فأما "رحمن رحيم " ، فلم يجتمعا قط لأحد سواه ، ولا يجمعان لأحد غيره . فكأن معنى قول عطاء هذا : أن الله جل ثناؤه إنما فصل بتكرير الرحيم على الرحمن ، بين اسمه واسم غيره من خلقه ، اختلف معناهما أو اتفقا .والذي قال عطاء من ذلك غير فاسد المعنى ، بل جائز أن يكون جل ثناؤه خص نفسه بالتسمية بهما معا مجتمعين ، إبانة لها من خلقه ، ليعرف عباده بذكرهما مجموعين أنه المقصود بذكرهما دون من سواه من خلقه ، مع ما في تأويل كل واحد منهما من المعنى الذي ليس في الآخر منهما . [ ص: 131 ]وقد زعم بعض أهل الغباء أن العرب كانت لا تعرف "الرحمن " ، ولم يكن ذلك في لغتها ولذلك قال المشركون للنبي صلى الله عليه وسلم : ( وما الرحمن أنسجد لما تأمرنا ) [ سورة الفرقان : 60 ] ، إنكارا منهم لهذا الاسم ، كأنه كان محالا عنده أن ينكر أهل الشرك ما كانوا عالمين بصحته ، أو : لا ، وكأنه لم يتل من كتاب الله قول الله ( الذين آتيناهم الكتاب يعرفونه ) - يعني محمدا - ( كما يعرفون أبناءهم ) [ سورة البقرة : 146 ] وهم مع ذلك به مكذبون ، ولنبوته جاحدون! فيعلم بذلك أنهم قد كانوا يدافعون حقيقة ما قد ثبت عندهم صحته ، واستحكمت لديهم معرفته . وقد أنشد لبعض الجاهلية الجهلاء :ألا ضربت تلك الفتاة هجينها ألا قضب الرحمن ربي يمينهاوقال سلامة بن جندل السعدي :عجلتم علينا عجلتينا عليكم وما يشأ الرحمن يعقد ويطلق[ ص: 132 ]وقد زعم أيضا بعض من ضعفت معرفته بتأويل أهل التأويل ، وقلت روايته لأقوال السلف من أهل التفسير ، أن "الرحمن " مجازه : ذو الرحمة ، و "الرحيم " مجازه : الراحم ، ثم قال : قد يقدرون اللفظين من لفظ والمعنى واحد ، وذلك لاتساع الكلام عندهم . قال : وقد فعلوا مثل ذلك فقالوا : ندمان ونديم ، ثم استشهد ببيت برج بن مسهر الطائي :وندمان يزيد الكأس طيبا ، سقيت وقد تغورت النجومواستشهد بأبيات نظائره في النديم والندمان ، ففرق بين معنى الرحمن والرحيم في التأويل لقوله : الرحمن ذو الرحمة ، والرحيم الراحم ، وإن كان قد ترك بيان تأويل معنييهما على صحته . ثم مثل ذلك باللفظين يأتيان بمعنى واحد ، فعاد إلى ما قد جعله بمعنيين ، فجعله مثال ما هو بمعنى واحد مع اختلاف الألفاظ .ولا شك أن ذا الرحمة هو الذي ثبت أن له الرحمة ، وصح أنها له صفة; وأن الراحم هو الموصوف بأنه سيرحم ، أو قد رحم فانقضى ذلك منه ، أو هو فيه .ولا دلالة له فيه حينئذ أن الرحمة له صفة ، كالدلالة على أنها له صفة ، إذا وصف بأنه ذو الرحمة . فأين معنى "الرحمن الرحيم " على تأويله ، من معنى الكلمتين تأتيان مقدرتين من لفظ واحد باختلاف الألفاظ واتفاق المعاني ؟ ولكن القول إذا كان غير أصل معتمد عليه ، كان واضحا عواره .وإن قال لنا قائل : ولم قدم اسم الله الذي هو "الله " ، على اسمه الذي هو "الرحمن " ، واسمه الذي هو "الرحمن " ، على اسمه الذي هو "الرحيم " ؟قيل : لأن من شأن العرب ، إذا أرادوا الخبر عن مخبر عنه ، أن يقدموا اسمه ، ثم يتبعوه صفاته ونعوته . وهذا هو الواجب في الحكم : أن يكون الاسم مقدما قبل نعته وصفته ، ليعلم السامع الخبر ، عمن الخبر . فإذا كان ذلك كذلك - [ ص: 133 ] وكان لله جل ذكره أسماء قد حرم على خلقه أن يتسموا بها ، خص بها نفسه دونهم ، وذلك مثل "الله " و "الرحمن " و "الخالق "; وأسماء أباح لهم أن يسمي بعضهم بعضا بها ، وذلك : كالرحيم والسميع والبصير والكريم ، وما أشبه ذلك من الأسماء - كان الواجب أن تقدم أسماؤه التي هي له خاصة دون جميع خلقه ، ليعرف السامع ذلك من توجه إليه الحمد والتمجيد ، ثم يتبع ذلك بأسمائه التي قد تسمى بها غيره ، بعد علم المخاطب أو السامع من توجه إليه ما يتلو ذلك من المعاني . فبدأ الله جل ذكره باسمه لأن الألوهية ليست لغيره جل ثناؤه من وجه من الوجوه ، لا من جهة التسمي به ، ولا من جهة المعنى . وذلك أنا قد بينا أن معنى "الله " تعالى ذكره المعبود ، ولا معبود غيره جل جلاله ، وأن التسمي به قد حرمه الله جل ثناؤه ، وإن قصد المتسمي به ما يقصد المتسمي بسعيد وهو شقي ، وبحسن وهو قبيح .أولا ترى أن الله جل جلاله قال في غير آية من كتابه : ( أإله مع الله ) فاستكبر ذلك من المقر به ، وقال تعالى في خصوصه نفسه بالله وبالرحمن : ( قل ادعوا الله أو ادعوا الرحمن أيا ما تدعوا فله الأسماء الحسنى ) [ سورة الإسراء : 110 ] . ثم ثنى باسمه ، الذي هو الرحمن ، إذ كان قد منع أيضا خلقه التسمي به ، وإن كان من خلقه من قد يستحق تسميته ببعض معانيه . وذلك أنه قد يجوز وصف كثير ممن هو دون الله من خلقه ، ببعض صفات الرحمة . وغير جائز أن يستحق بعض الألوهية أحد دونه . فلذلك جاء الرحمن ثانيا لاسمه الذي هو "الله " .وأما اسمه الذي هو "الرحيم " فقد ذكرنا أنه مما هو جائز وصف غيره به . والرحمة من صفاته جل ذكره ، فكان - إذ كان الأمر على ما وصفنا - واقعا مواقع نعوت الأسماء اللواتي هن توابعها ، بعد تقدم الأسماء عليها . فهذا وجه تقديم اسم الله [ ص: 133 ] الذي هو "الله " ، على اسمه الذي هو "الرحمن " ، واسمه الذي هو "الرحمن " على اسمه الذي هو "الرحيم " .وقد كان الحسن البصري يقول في "الرحمن " مثل ما قلنا ، أنه من أسماء الله التي منع التسمي بها العباد .150 - حدثنا محمد بن بشار ، قال : حدثنا حماد بن مسعدة ، عن عوف ، عن الحسن ، قال : "الرحمن " اسم ممنوع .مع أن في إجماع الأمة من منع التسمي به جميع الناس ، ما يغني عن الاستشهاد على صحة ما قلنا في ذلك بقول الحسن وغيره
79:1
وَ النّٰزِعٰتِ غَرْقًاۙ(۱)
قسم ان کی (ف۲) کہ سختی سے جان کھینچیں (ف۳)

القول في تأويل قوله تعالى : وَالنَّازِعَاتِ غَرْقًا (1)أقسم ربنا جلّ جلاله بالنازعات، واختلف أهل التأويل فيها، وما هي، وما تنزع؟ فقال بعضهم: هم الملائكة التي تنزع نفوس بني آدم، والمنزوع نفوس الآدميين.* ذكر من قال ذلك:حدثنا إسحاق بن أبي إسرائيل، قال: ثنا النضر بن شُمَيل، قال: أخبرنا شعبة، عن سليمان، قال: سمعت أبا الضحى، عن مسروق، عن عبد الله وَالنَّازِعَاتِ غَرْقًا قال: الملائكة .حدثني أبو السائب، قال: ثنا أبو معاوية، عن الأعمش، عن مسلم، عن مسروق أنه كان يقول في النازعات: هي الملائكة .حدثنا ابن المثنى، قال: ثنا يوسف بن يعقوب، قال: ثنا شعبة، عن السُّدِّي، عن أبي صالح، عن ابن عباس في النازعات قال: حين تنزع نفسه .حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله: وَالنَّازِعَاتِ غَرْقًا قال: تنزع الأنفس .حدثنا أبو كُريب، قال: ثنا ابن يمان، عن أشعث، عن جعفر، عن سعيد، في قوله: وَالنَّازِعَاتِ غَرْقًا قال: نزعت أرواحهم، ثم غرقت، ثم قذف بها في النار .وقال آخرون: بل هو الموت ينزع النفوس.* ذكر من قال ذلك:حدثنا أبو كُريب، قال: ثنا وكيع، عن سفيان، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد وَالنَّازِعَاتِ غَرْقًا قال: الموت .حدثنا ابن حميد، قال: ثنا مهران، عن سفيان، عن عبد الله بن أبي نجيح، عن مجاهد، مثله.حدثنا ابن بشار، قال: ثنا عبد الرحمن، قال: ثنا سفيان، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، مثله.وقال آخرون: هي النجوم تنزع من أفق إلى أفق.حدثنا الفضل بن إسحاق، قال: ثنا أبو قُتَيبة، قال: ثنا أبو العوّام، أنه سمع الحسن في وَالنَّازِعَاتِ غَرْقًا قال: النجوم .حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة، في قوله: وَالنَّازِعَاتِ غَرْقًا قال: النجوم .وقال آخرون: هي القسيّ تنزع بالسهم.* ذكر من قال ذلك:حدثنا أبو كُريب، قال: ثنا وكيع، عن واصل بن السائب، عن عطاء وَالنَّازِعَاتِ غَرْقًا قال: القسيّ .وقال آخرون: هي النفس حين تُنزع.* ذكر من قال ذلك:حدثنا أبو كُريب، قال: ثنا وكيع، عن سفيان، عن السدّي وَالنَّازِعَاتِ غَرْقًا قال: النفس حين تَغرق في الصدر .والصواب من القول في ذلك عندي أن يقال: إن الله تعالى ذكره أقسم بالنازعات غرقا، ولم يخصص نازعة دون نازعة، فكلّ نازعة غرقا، فداخلة في قسمه، ملكا كان أو موتا، أو نجما، أو قوسا، أو غير ذلك. والمعنى: والنازعات إغراقا كما يغرق النازع في القوس.
79:2
وَّ النّٰشِطٰتِ نَشْطًاۙ(۲)
اور نرمی سے بند کھولیں) (ف۴)

وقوله: وَالنَّاشِطَاتِ نَشْطًا اختلف أهل التأويل أيضا فيهنّ، وما هنّ، وما الذي ينشط، فقال بعضهم: هم الملائكة، تنشِط نفس المؤمن فتقبضُها، كما ينشط العقال من البعير إذا حُلّ عنه.* ذكر من قال ذلك:حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس: وَالنَّاشِطَاتِ نَشْطًا قال: الملائكة .وكان الفرّاء يقول: الذي سمعت من العرب أن يقولوا: أنشطت، وكأنما أنشط من عقال، ورَبْطُها: نشطها، والرابط: الناشط؛ قال: وإذا رَبَطْتَ الحبل في يد البعير فقد نشطته تنشطه، وأنت ناشط، وإذا حللته فقد أنشطته.وقال آخرون: وَالنَّاشِطَاتِ نَشْطًا هو الموت يَنْشِط نفسَ الإنسان.* ذكر من قال ذلك:حدثنا أبو كُريب، قال: ثنا وكيع، عن سفيان، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد وَالنَّاشِطَاتِ نَشْطًا قال: الموت .حدثنا ابن حميد، قال: ثنا مهران، قال: ثنا سفيان، عن عبد الله بن أبي نجيح، عن مجاهد، مثله.حدثنا ابن بشار، قال: ثنا يحيى، قال: ثنا سفيان، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، مثله.حدثنا ابن المثنى، قال: ثنا يوسف بن يعقوب، قال: ثنا شعبة عن السديّ، عن ابن عباس وَالنَّاشِطَاتِ نَشْطًا قال: حين تَنشِط نفسه .حدثنا أبو كُرَيب، قال: ثنا وكيع، عن سفيان، عن السدي وَالنَّاشِطَاتِ نَشْطًا قال: نشطها حين تُنشط من القدمين .وقال آخرون: هي النجوم تنشط من أفق إلى أفق.* ذكر من قال ذلك:حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة، قوله: وَالنَّاشِطَاتِ نَشْطًا قال: النجوم .حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة وَالنَّاشِطَاتِ نَشْطًا قال: هنّ النجوم .وقال آخرون: هي الأوهاق (6) .* ذكر من قال ذلك:حدثنا أبو كُرَيب، قال: ثنا وكيع، عن واصل بن السائب، عن عطاء وَالنَّاشِطَاتِ نَشْطًا قال: الأوهاق .والصواب من القول في ذلك عندي أن يقال: إن الله جلّ ثناؤه أقسم بالناشطات نشطا، وهي التي تنشط من موضع إلى موضع، فتذهب إليه، ولم يخصص الله بذلك شيئا دون شيء، بل عم القسم بجميع الناشطات والملائكة تنشط من موضع إلى موضع، وكذلك الموت، وكذلك النجوم والأوهاق وبقر الوحش أيضا تَنْشُط، كما قال الطِّرِمَّاح:وَهَلْ بِحَلِيفِ الخَيْلِ مِمَّنْ عَهِدْتُهبِهِ غَيْرُ أُحْدانَ النَّوَاشِطِ رُوع (7)يعني بالنواشط: بقر الوحش، لأنها تنشط من بلدة إلى بلدة، كما قال رؤبة بن العجَّاج:تَنَشَّطَتْهُ كُلُّ مِغْلاةِ الْوَهْق (8)والهموم تنشط صاحبها، كما قال هِيمان بن قحافة:أمْسَتْ هُمُومِي تَنْشِطُ المَناشِطَاالشَّامَ بِي طَوْرًا وَطَوْرًا وَاسِطَا (9)فكل ناشط فداخل فيما أقسم به إلا أن تقوم حجة يجب التسليم لها بأن المعنيّ بالقسم من ذلك بعض دون بعض.----------------------------الهوامش :(6) الأوهاق : جمع وهق ، بسكون الهاء أو تحريكها ، وهي الحبل المغار يرمى فيه أنشوطة ، فتؤخذ فيه الدابة والإنسان .(7) البيت للطرماح بن حكيم ( ديوانه 115 ) قال شارحه في تفسيره : يعني بالنواشط : بقر الوحش . لأنها تنشط من بلدة إلى بلدة .(8) البيت لرؤبة الراجز ( ديوانه 104 ) و ( اللسان : نشط ) قال : وتنشطت الناقة الأرض : قطعتها . وفاعل تنشط : هو الناقة ، والهاء راجعة إلى الخرق المذكور . قال : يقول : تناولته وأسرعت رجع يديها . والمغلاة : البعيدة الخطو . والوهق : المباراة في السير . يريد أنها ناقة سريعة السير وجملة تنشطته خبر ، رب في أول الأرجوزة " وقاتم الأعماق " .(9) البيتان في ( اللسان : نشط ) لهيمان بن قحافة . قال : قال الأخفش : الحمار ينشط من بلد إلى بلد ، والهموم تنشط بصاحبها ، وقال هميان : " أمست همومي ... " البيت . يقول : صارت همومي تنقلني من بلد إلى بلد ، فمرة إلى الشام ، ومرة إلى واسط بالعراق .
79:3
وَّ السّٰبِحٰتِ سَبْحًاۙ(۳)
اور آسانی سے پیریں (ف۵)

وقوله: وَالسَّابِحَاتِ سَبْحًا يقول تعالى ذكره: واللواتي تسبح سبحا.واختلف أهل التأويل في التي أقسم بها جلّ ثناؤه من السابحات، فقال بعضهم: هي الموت تسبح في نفس ابن آدم.* ذكر من قال ذلك:حدثنا أبو كُريب، قال: ثنا وكيع، عن سفيان، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد وَالسَّابِحَاتِ سَبْحًا قال: الموت، هكذا وجدته في كتابي (10) .وقد حدثنا به ابن حميد، قال: ثنا مهران، قال: ثنا سفيان، عن عبد الله بن أبي نجيح، عن مجاهد وَالسَّابِحَاتِ سَبْحًا قال: الملائكة، وهكذا وجدت هذا أيضا في كتابي، فإن يكن ما ذكرنا عن ابن حميد صحيحا، فإن مجاهدا كان يرى أن نزول الملائكة من السماء سبَّاحة، كما يقال للفرس الجواد: إنه لسابح إذا مرّ يُسرعُ.وقال آخرون: هي النجوم تَسْبَح في فلكها.* ذكر من قال ذلك:حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة وَالسَّابِحَاتِ سَبْحًا قال: هِي النجوم .حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة، مثله .وقال آخرون: هي السفن.* ذكر من قال ذلك:حدثنا أبو كُرَيب، قال: ثنا وكيع، عن واصل بن السائب، عن عطاء وَالسَّابِحَاتِ سَبْحًا قال: السفن .والصواب من القول في ذلك عندي أن يقال: إن الله جلّ ثناؤه أقسم بالسابحات سبحا من خلقه، ولم يخصص من ذلك بعضا دون بعض، فذلك (11) كل سابح، لما وصفنا قبل في النازعات (12) .--------------------الهوامش :(10) كأن جابرا يرى تفسير السابحات وهي جمع : بالموت وهو مفرد ، ليس بشيء ، ولذلك قال : هكذا وجدته في كتابي . لعله يريد : هكذا كتبته كما سمعته عن الشيوخ .(11) فذلك ... لعل أصل العبارة : فشمل ذلك ... إلخ .(12) أي في تأويل لفظ " النازعات " .
79:4
فَالسّٰبِقٰتِ سَبْقًاۙ(۴)
پھر آگے بڑھ کر جلد پہنچیں (ف۶)

وقوله: فَالسَّابِقَاتِ سَبْقًا اختلف أهل التأويل فيها، فقال بعضهم: هي الملائكة.* ذكر من قال ذلك:حدثنا ابن حميد، قال: ثنا مهران، عن سفيان، عن عبد الله بن أبي نجيح، عن مجاهد فَالسَّابِقَاتِ سَبْقًا قال: الملائكة .وقد حدثنا بهذا الحديث أبو كُرَيب، قال: ثنا وكيع، عن سفيان، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد فَالسَّابِقَاتِ سَبْقًا قال: الموت .وقال آخرون: بل هي الخيل السابقة.* ذكر من قال ذلك:حدثنا أبو كُرَيب، قال: ثنا وكيع، عن واصل بن السائب ، عن عطاء فَالسَّابِقَاتِ سَبْقًا قال: الخيل .وقال آخرون: بل هي النجوم يسبق بعضها بعضا في السير.* ذكر من قال ذلك:حدثنا بشر، قال : ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة فَالسَّابِقَاتِ سَبْقًا قال: هي النجوم .حدثنا ابن عبد الأعلى، قال : ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة، مثله.والقول عندنا في هذه مثل القول في سائر الأحرف الماضية.
79:5
فَالْمُدَبِّرٰتِ اَمْرًاۘ(۵)
پھر کام کی تدبیر کریں (ف۷)

وقوله: فَالْمُدَبِّرَاتِ أَمْرًا يقول: فالملائكة المدبرة ما أمرت به من أمر الله ، وكذلك قال أهل التأويل.* ذكر من قال ذلك:حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة فَالْمُدَبِّرَاتِ أَمْرًا قال: هي الملائكة .حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة، مثله.
79:6
یَوْمَ تَرْجُفُ الرَّاجِفَةُۙ(۶)
کہ کافروں پر ضرور عذاب ہوگا جس دن تھر تھرائے گی تھرتھرانے والی (ف۸)

وقوله: يَوْمَ تَرْجُفُ الرَّاجِفَةُ يقول تعالى ذكره: يوم ترجف الأرض والجبال للنفخة الأولى تَتْبَعُهَا الرَّادِفَةُ تتبعها الأخرى بعدها، هي النفخة الثانية التي ردفت الأولى لبعث يوم القيامة.* ذكر من قال ذلك:حدثني عليّ، قال: ثنا أبو صالح، قال: ثني معاوية، عن علي، عن ابن عباس، قوله: يَوْمَ تَرْجُفُ الرَّاجِفَةُ يقول: النفخة الأولى.
79:7
تَتْبَعُهَا الرَّادِفَةُؕ(۷)
اس کے پیچھے آئے گی پیچھے آنے والی (ف۹)

وقوله: تَتْبَعُهَا الرَّادِفَةُ يقول: النفخة الثانية .حدثنا محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله: يَوْمَ تَرْجُفُ الرَّاجِفَةُ * تَتْبَعُهَا الرَّادِفَةُ يقول: تتبع الآخرة الأولى، والراجفة: النفخة الأولى، والرادفة: النفخة الآخرة .حدثني يعقوب، قال: ثنا ابن علية، عن أبي رجاء، عن الحسن، في قوله: يَوْمَ تَرْجُفُ الرَّاجِفَةُ * تَتْبَعُهَا الرَّادِفَةُ قال: هما النفختان: أما الأولى فتميت الأحياء، وأما الثانية فتُحيي الموتى، ثم تلا الحسن: وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الأَرْضِ إِلا مَنْ شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرَى فَإِذَا هُمْ قِيَامٌ يَنْظُرُونَ .حدثنا بشر، قال : ثنا يزيد، قال : ثنا سعيد، عن قتادة يَوْمَ تَرْجُفُ الرَّاجِفَةُ * تَتْبَعُهَا الرَّادِفَةُ قال: هما الصيحتان، أما الأولى فتُميت كل شيء بإذن الله، وأما الأخرى فتُحيي كل شيء بإذن الله، إن نبيّ الله صلى الله عليه وسلم كان يقول: " بَيْنَهُما أرْبَعُونَ" قال أصحابه: والله ما زادنا على ذلك. وذُكر لنا أن نبيّ الله صلى الله عليه وسلم كان يقول: " يُبْعَثُ فِي تِلْك الأرْبَعِينَ مَطَرٌ يُقال لَهُ الْحَياةُ، حتى تَطِيبَ الأرْضُ وتَهْتَزَّ، وتَنْبُتَ أجْسادُ النَّاسِ نَباتَ البَقْل، ثُمَّ تُنْفَخُ الثَّانِيَةُ، فإذَا هُمْ قِيامٌ يَنْظُرُونَ" .حدثنا أبو كُرَيب ، قال : ثنا عبد الرحمن بن محمد المحاربي، عن إسماعيل بن رافع المدني، عن يزيد ابن أبي زياد عن رجل، عن محمد بن كعب القرظي، عن رجل من الأنصار، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، وذكر الصور، فقال أبو هريرة: يا رسول الله، وما الصور؟ قال: " قَرْنٌ". قال: فكيف هو؟ قال: " قَرْنٌ عَظِيمٌ يُنْفَخُ فِيهِ ثَلاثُ نَفَخاتٍ: الأولى نَفْخَةُ الفَزَع، والثَّانِيَةُ نَفْخَةُ الصَّعْق، والثَّالِثَةُ نَفْخَةُ القِيام، فَيَفْزَعُ أهْلُ السَّمَاوَاتِ والأرْضِ إلا مَنْ شاء الله، ويأمر الله فيدِيمُها، ويطوّلها، ولا يفتر، وهي التي تقول: ما ينظر هؤلاء إلا صيحة واحدة مالها من فَوَاق فيسير الله الجبال، فتكون سَرابًا، وتُرَجّ الأرضُ بأهلها رجًّا، وهي التي يقول: يَوْمَ تَرْجُفُ الرَّاجِفَةُ * تَتْبَعُهَا الرَّادِفَةُ * قُلُوبٌ يَوْمَئِذٍ وَاجِفَةٌ .حدثنا أبو كُرَيب، قال: ثنا وكيع ، عن سفيان ، عن عبيد الله بن محمد بن عقيل، عن الطفيل بن أبيّ، عن أبيه، قال: قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم: يَوْمَ تَرْجُفُ الرَّاجِفَةُ * تَتْبَعُهَا الرَّادِفَةُ فقال: " جاءت الراجفة تتبعها الرادفة، جاء الموت بما فيه " .حُدثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذ يقول : ثنا عبيد، قال: سمعت الضحاك يقول في قوله: يَوْمَ تَرْجُفُ الرَّاجِفَةُ : النفخة الأولى تَتْبَعُهَا الرَّادِفَةُ : النفخة الأخرى.وقال آخرون: في ذلك ما حدثني به محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى؛ وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، في قول الله: يَوْمَ تَرْجُفُ الرَّاجِفَةُ قال: ترجف الأرض والجبال، وهي الزلزلة وقوله: الرَّادِفَةُ قال: هو قوله: إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ فَدُكَّتَا دَكَّةً وَاحِدَةً .وقال آخرون: ترجف الأرض، والرادفة: الساعة.* ذكر من قال ذلك:حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله: يَوْمَ تَرْجُفُ الرَّاجِفَةُ الأرض، وفي قوله: تَتْبَعُهَا الرَّادِفَةُ قال: الرادفة: الساعة .واختلف أهل العربية في موضع جواب قوله: وَالنَّازِعَاتِ غَرْقًا فقال بعض نحويِّي البصرة: قوله وَالنَّازِعَاتِ غَرْقًا : قسم والله أعلم على إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لِمَنْ يَخْشَى وإن شئت جعلتها على يَوْمَ تَرْجُفُ الرَّاجِفَةُ قُلُوبٌ يَوْمَئِذٍ وَاجِفَةٌ وهو كما قال الله وشاء أن يكون في كل هذا، وفي كلّ الأمور. وقال بعض نحويي الكُوفة: جواب القسم في النازعات: ما تُرِك لمعرفة السامعين بالمعنى، كأنه لو ظهر كان لَتُبْعَثُنّ ولتحاسبنّ. قال: ويدل على ذلك أَئِذَا كُنَّا عِظَامًا نَخِرَةً . ألا ترى أنه كالجواب لقوله: لَتُبْعَثُنَّ إذ قال: أَئِذَا كُنَّا عِظَامًا نَخِرَةً ، وقال آخر منهم نحو هذا، غير أنه قال: لا يجوز حذف اللام في جواب اليمين، لأنها إذا حذفت لم يُعرف موضعها، وذلك أنها تلي كلّ كلام.والصواب من القول في ذلك عندنا، أن جواب القسم في هذا الموضع مما استغني عنه بدلالة الكلام، فترك ذكره.
79:8
قُلُوْبٌ یَّوْمَىٕذٍ وَّاجِفَةٌۙ(۸)
کتنے دل اس دن دھڑکتے ہوں گے،

وقوله: قُلُوبٌ يَوْمَئِذٍ وَاجِفَةٌ يقول تعالى ذكره: قلوب خَلْقٍ من خلقه يومئذ، خائفة من عظيم الهول النازل.* ذكر من قال ذلك:حدثني عليّ، قال: ثنا أبو صالح، قال: ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس قُلُوبٌ يَوْمَئِذٍ وَاجِفَةٌ يقول: خائفة .حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس: وَاجِفَةٌ : خائفة .حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة، في وَاجِفَةٌ قال: خائفة .حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: قُلُوبٌ يَوْمَئِذٍ وَاجِفَةٌ يقول: خائفة، وجفت مما عاينت يومئذ .حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله: قُلُوبٌ يَوْمَئِذٍ وَاجِفَةٌ قال: الواجفة: الخائفة.
79:9
اَبْصَارُهَا خَاشِعَةٌۘ(۹)
آنکھ اوپر نہ اٹھا سکیں گے (ف۱۰)

وقوله: ( أَبْصَارُهَا خَاشِعَةٌ ) يقول: أبصار أصحابها ذليلة مما قد علاها من الكآبة والحزن من الخوف والرعب الذي قد نزل بهم من عظيم هول ذلك اليوم.كما حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله: ( أَبْصَارُهَا خَاشِعَةٌ ) قال: خاشعة للذلّ الذي قد نزل بها .حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: ( أَبْصَارُهَا خَاشِعَةٌ ) يقول: ذليلة.
79:10
یَقُوْلُوْنَ ءَاِنَّا لَمَرْدُوْدُوْنَ فِی الْحَافِرَةِؕ(۱۰)
کافر (ف۱۱) کہتے ہیں کیا ہم پھر الٹے پاؤں پلٹیں گے (ف۱۲)

القول في تأويل قوله تعالى : يَقُولُونَ أَئِنَّا لَمَرْدُودُونَ فِي الْحَافِرَةِ (10)يقول تعالى ذكره: يقول هؤلاء المكذّبون بالبعث من مشركي قريش إذا قيل لهم: إنكم مبعوثون من بعد الموت: أئنا لمردودون إلى حالنا الأولى قبل الممات، فراجعون أحياء كما كنا قبل هلاكنا، وقبل مماتنا، وهو من قولهم: رجع فلان على حافرته: إذا رجع من حيث جاء؛ ومنه قول الشاعر:أحافِرَةً عَلى صَلَعٍ وشَيْبٍمَعاذَ اللهِ مِنْ سَفَهٍ وطَيْشٍ (13)وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.* ذكر من قال ذلك:حدثني عليّ، قال: ثنا أبو صالح، قال: ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس، قوله: الْحَافِرَةِ يقول: الحياة .حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله: أَئِنَّا لَمَرْدُودُونَ فِي الْحَافِرَةِ يقول: أئنا لنحيا بعد موتنا، ونبعث من مكاننا هذا.حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة يقول: أَئِنَّا لَمَرْدُودُونَ فِي الْحَافِرَةِ أئنا لمبعوثون خلقا جديدا.حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة فِي الْحَافِرَةِ قال: أي مردودون خَلقا جديدا .حدثنا أبو كُرَيب، قال: ثنا وكيع، عن أبي معشر، عن محمد بن قيس أو محمد بن كعب القُرَظيّ أَئِنَّا لَمَرْدُودُونَ فِي الْحَافِرَةِ قال: في الحياة .حدثنا ابن حميد، قال: ثنا مهران، عن سفيان، عن السديّ أَئِنَّا لَمَرْدُودُونَ فِي الْحَافِرَةِ قال: في الحياة .وقال آخرون: الحافرة: الأرض المحفورة التي حُفرت فيها قبورهم، فجعلوا ذلك نظير قوله: مِنْ مَاءٍ دَافِقٍ . يعني مدفوق، وقالوا: الحافرة بمعنى المحفورة، ومعنى الكلام عندهم: أئنا لمردودون في قبورنا أمواتا.حدثني محمد بن عمرو، قال : ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قوله: الْحَافِرَةِ قال: الأرض: نبعث خلقا جديدا، قال: البعث .حدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد أَئِنَّا لَمَرْدُودُونَ فِي الْحَافِرَةِ قال: الأرض، نبعث خلقا جديدا .وقال آخرون: الحافرة: النار.* ذكر من قال ذلك:حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: سمعت ابن زيد يقول في قول الله: أَئِنَّا لَمَرْدُودُونَ فِي الْحَافِرَةِ قال: الحافرة: النار، وقرأ قول الله تِلْكَ إِذًا كَرَّةٌ خَاسِرَةٌ قال: ما أكثر أسماءها، هي النار، وهي الجحيم، وهي سَقَرُ، وهي جهنم، وهي الهاوية، وهي الحافرة، وهي لَظَى، وهي الحُطَمة.------------------الهوامش :(13) البيت في ( اللسان : حفر ) ولم ينسبه . والرواية فيه وفي تفسير الشوكاني ( 5 : 363 ) " من سفه وعار " قال : في اللسان : يقال : رجع على حافرته أي : الطريق الذي جاء منه . والحافرة الخلقة الأولى ، وفي التنزيل : أئنا لمردودون في الحافرة أي : في أول أمرنا . وأنشد ابن الأعرابي : " أحافرة ... " البيت . يقول : أأرجع إلى ما كنت عليه في شبابي وأمري الأول ، من الغزل أو الصبا ، بعد ما شبت وصلعت . وقال أبو عبيدة في مجاز القرآن : أئنا لمردودون في الحافرة : من حيث كنا ، يقال : رجع فلان في حافرته : من حيث جاء ، وعلى حافرته : من حيث كان . ا ه .
79:11
ءَاِذَا كُنَّا عِظَامًا نَّخِرَةًؕ(۱۱)
کیا ہم جب گلی ہڈیاں ہوجائیں گے (ف۱۳)

وقوله: أَئِذَا كُنَّا عِظَامًا نَخِرَةً اختلفت القرّاء قي قراءة ذلك، فقرأته عامة قرّاء المدينة والحجاز والبصرة نَخِرَةً بمعنى: بالية. وقرأ ذلك عامة قرّاء الكوفة ( ناخِرَةً ) بألف، بمعنى: أنها مجوّفة تنخَر الرياح في جوفها إذا مرّت بها. وكان بعض أهل العلم بكلام العرب من الكوفيين يقول: الناخرة والنخرة سواء في المعنى، بمنزلة الطامع والطمِع، والباخل والبَخِل؛ وأفصح اللغتين عندنا وأشهرهما عندنا نَخِرَةً ، بغير ألف، بمعنى: بالية، غير أن رءوس الآي قبلها وبعدها جاءت بالألف، فأعجب إليّ لذلك أن تُلْحق ناخرة بها ليتفق هو وسائر رءوس الآيات، لولا ذلك كان أعجب القراءتين إليّ حذف الألف منها.* ذكر من قال نَخِرَةً : بالية:حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي ، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس أَئِذَا كُنَّا عِظَامًا نَخِرَةً فالنخرة: الفانية البالية .حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى، وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد عِظَامًا نَخِرَةً قال: مرفوتة .حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة أَئِذَا كُنَّا عِظَامًا تكذيبا بالبعث ( نَاخِرَةً ) بالية. قالوا: تِلْكَ إِذًا كَرَّةٌ خَاسِرَةٌ يقول جلّ ثناؤه عن قيل هؤلاء المكذّبين بالبعث، قالوا: تلك: يعنون تلك الرجعة أحياء بعد الممات، إذًا: يعنون الآن، كرّة: يعنون رجعة، خاسرة: يعنون غابنة.وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.* ذكر من قال ذلك:
79:12
قَالُوْا تِلْكَ اِذًا كَرَّةٌ خَاسِرَةٌۘ(۱۲)
بولے یوں تو یہ پلٹنا تو نرا نقصان ہے (ف۱۴)

حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة إِذًا كَرَّةٌ خَاسِرَةٌ : أي رجعة خاسرة .حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله: تِلْكَ إِذًا كَرَّةٌ خَاسِرَةٌ قال: وأيّ كرّة أخسر منها، أُحيوا ثم صاروا إلى النار، فكانت كرّة سوء.
79:13
فَاِنَّمَا هِیَ زَجْرَةٌ وَّاحِدَةٌۙ(۱۳)
تو وہ (ف۱۵) نہیں مگر ایک جھڑکی (ف۱۶)

وقوله: فَإِنَّمَا هِيَ زَجْرَةٌ وَاحِدَةٌ يقول تعالى ذكره: فإنما هي صيحة واحدة، ونَفخة تنفخ في الصور، وذلك هو الزجرة.وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.* ذكر من قال ذلك:حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى، وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قوله: زَجْرَةٌ وَاحِدَةٌ قال: صيحة .حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله: زَجْرَةٌ وَاحِدَةٌ قال: الزجرة: النفخة في الصور.
79:14
فَاِذَا هُمْ بِالسَّاهِرَةِؕ(۱۴)
جبھی وہ کھلے میدان میں آپڑے ہوں گے (ف۱۷)

وقوله: ( فَإِذَا هُمْ بِالسَّاهِرَةِ ) يقول تعالى ذكره: فإذا هؤلاء المكذبون بالبعث المتعجبون من إحياء الله إياهم من بعد مماتهم، تكذيبا منهم بذلك بالساهرة، يعني بظهر الأرض، والعرب تسمي الفلاة ووجه الأرض ساهرة، وأراهم سموا ذلك بها، لأن فيه نوم الحيوان وسهرها، فوصف بصفة ما فيه؛ ومنه قول أُميَّة بن أبي الصَّلْت:وفِيها لَحْمُ ساهِرَةٍ وبَحْرٍوَمَا فاهُوا بِهِ لَهُمُ مُقِيمُ (14)ومنه قول أخي نهم يوم ذي قار لفرسه:أَقْدِمْ " مِحاجُ" إنها الأساوِرَهوَلا يَهُولَنَّكَ رِجْلٌ نادِرَهْفإنَّمَا قَصْرُكَ تُرْبُ السَّاهِرَهْثُمَّ تَعُودُ بَعْدَها فِي الْحَافِرَهْمِنْ بَعْدِ ما كُنْتَ عِظاما ناخِرَهْ (15)واختلف أهل التأويل في معناها، فقال بعضهم مثل الذي قلنا.* ذكر من قال ذلك:حدثني يعقوب بن إبراهيم، قال: ثنا هشيم، قال: أخبرنا حصين، عن عكرِمة، عن ابن عباس، في قوله: ( فَإِذَا هُمْ بِالسَّاهِرَةِ ) قال: على الأرض، قال: فذكر شعرا قاله أُمية بن أبي الصلت، فقال:عِنْدَنا صَيْدُ بَحْرٍ وصَيْدُ ساهِرَةٍ (16)حدثنا محمد بن عبد الله بن بزيع، قال: ثنا أبو محصن، عن حصين، عن عكرِمة، في قوله: ( فَإِذَا هُمْ بِالسَّاهِرَةِ ) قال: الساهرة: الأرض، أما سمعت: لهم صيد بحر، وصيد ساهرة .حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله: ( فَإِذَا هُمْ بِالسَّاهِرَةِ ) يعني: الأرض .حدثني يعقوب، قال: ثنا ابن علية، قال: ثنا عُمارة بن أبي حفصة، عن عكرِمة، في قوله: ( فَإِذَا هُمْ بِالسَّاهِرَةِ ) قال: فإذا هم على وجه الأرض، قال: أو لم تسمعوا ما قال أُمية بن أبي الصلت لهم:وفِيها لَحْمُ ساهِرَةٍ وبَحْرٍ..........حدثنا عمارة بن موسى، قال: ثنا عبد الوارث بن سعيد، قال: ثنا عمارة، عن عكرمة، في قوله: ( فَإِذَا هُمْ بِالسَّاهِرَةِ ) قال: فإذا هم على وجه الأرض، قال أمية:وفِيها لَحْمُ ساهِرَةٍ وبَحْرٍ..........حدثنا يعقوب، قال: ثنا ابن علية، عن أبي رجاء، عن الحسن ( فَإِذَا هُمْ بِالسَّاهِرَةِ ) فإذا هم على وجه الأرض .حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى، وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء جميعا، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قوله: ( بِالسَّاهِرَةِ ) قال: المكان المستوي .حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قال: لما تباعد البعث في أعين القوم قال الله: فَإِنَّمَا هِيَ زَجْرَةٌ وَاحِدَةٌ * فَإِذَا هُمْ بِالسَّاهِرَةِ يقول: فإذا هم بأعلى الأرض بعد ما كانوا في جوفها .حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة ( بِالسَّاهِرَةِ ) قال: فإذا هم يخرجون من قبورهم فوق الأرض والأرض، الساهرة، قال: فإذا هم يخرجون .حدثنا ابن حميد، قال: ثنا مهران، عن سفيان، عن خصيف، عن عكرمة وأبي الهيثم، عن سعيد بن جُبير ( فَإِذَا هُمْ بِالسَّاهِرَةِ ) قال: بالأرض .حدثنا أبو كُرَيب، قال: ثنا وكيع، عن سفيان، عن أبي الهيثم، عن سعيد بن جُبير، مثله.حدثنا أبو كُرَيب، قال: ثنا وكيع، عن سفيان، عن حصين، عن عكرمة، مثله.حُدثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذ يقول: ثنا عبيد، قال: سمعت الضحاك يقول في قوله: ( فَإِذَا هُمْ بِالسَّاهِرَةِ ) : وجه الأرض .حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله: ( فَإِذَا هُمْ بِالسَّاهِرَةِ ) قال: الساهرة ظهر الأرض فوق ظهرها .وقال آخرون: الساهرة: اسم مكان من الأرض بعينه معروف.* ذكر من قال ذلك:حدثني عليّ بن سهل، قال: ثني الوليد بن مسلم، عن عثمان بن أبي العاتكة، قوله: فَإِنَّمَا هِيَ زَجْرَةٌ وَاحِدَةٌ * فَإِذَا هُمْ بِالسَّاهِرَةِ قال: بالصُّقْع الذي بين جبل حسان وجبل أريحاء، يمدّه الله كيف يشاء .حدثنا ابن حميد، قال: ثنا مهران، عن سفيان ( فَإِذَا هُمْ بِالسَّاهِرَةِ ) قال: أرض بالشام .وقال آخرون: هو جبل بعينه معروف.* ذكر من قال ذلك:حدثنا عليّ بن سهل، قال: ثنا الحسن بن بلال، قال: ثنا حماد، قال: أخبرنا أبو سنان، عن وهب بن منبه، قال في قول الله: ( فَإِذَا هُمْ بِالسَّاهِرَةِ ) قال: الساهرة: جبل إلى جنب بيت المقدس .وقال آخرون: هي جهنم.* ذكر من قال ذلك:حدثنا ابن بشار، قال : ثنا محمد بن مروان العقيلي، قال : ثني سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة ( فَإِذَا هُمْ بِالسَّاهِرَةِ ) قال: في جهنم.
79:15
هَلْ اَتٰىكَ حَدِیْثُ مُوْسٰىۘ(۱۵)
کیا تمہیں موسیٰ کی خبر آئی (ف۱۸)

القول في تأويل قوله تعالى : هَلْ أتَاكَ حَدِيثُ مُوسَى (15) .يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم : هل أتاك يا محمد حديث موسى بن عمران ،-----------------------الهوامش:(14) البيت لأمية بن أبي الصلت ( ديوانه : 52 واللسان : سهر ) وهو من شواهد أبي عبيدة في مجاز القرآن ( 184 ) قال : " الساهرة " : الفلاة ، ووجه الأرض . قال أمية بن أبي الصلت : " وفيها لحم ساهرة ... " البيت . وفاهموا : تكلموا . وقال الفراء في معاني القرآن ( 456 ) وقوله : فإذا هم بالساهرة وهو وجه الأرض كأنها سميت بهذا الاسم ؛ لأن فيها الحيوان : نومهم وسهرهم . وبإسناده إلى ابن عباس أنه قال : الساهرة : الأرض . وأنشد : " ففيها لحم ساهرة ... " البيت . ا ه . ويصف الجنة بأنهم يطعمون فيها لحما من الصيد ولحم البحر ، وكل ما فاهت به أفواههم من شيء ، وجدوه حاضرا لديهم .(15) هذه خمسة أبيات من مشطور الرجز ، نسبها صاحب ( اللسان : نخر ) إلى الهمداني . قال ابن بري : وقال الهمداني يوم القادسية ورواية البيتين الأولين مختلفة شيئا وهي :أقْدِمْ أخا نَهْمٍ عَلى الأساوِرَهوَلا تَهُولَنْكَ رُءُوسٌ نادَرِهْوبعدهما بقية الأبيات ، كرواية المؤلف . ومحاج في رواية المؤلف بفتح الميم وكسرها : اسم فرس ، وأما على رواية ابن بري فإنه يخاطب رجلا . والأساورة : جمع أسوار بضم الهمزة وكسرها ؛ قيل كما في تاج العروس : هو قائد الفرس ، بمنزلة الأمير في العرب . وقيل : هو الملك الأكبر . وقيل : هو الجيد الرمي بالسهام . وقيل : هو الثابت على ظهر الفرس . والنادرة : التي ندرت عن الجسد وفارقته . وقصرك : نهاية أمرك وغايته ، والساهرة : الأرض أو الفلاة ، كما تقدم ذكره . والحافرة : الأولى قبل الموت . والناخرة بمعنى : النخرة ، وهي البالية . وفي ( اللسان : نخر ) في قوله تعالى : أئذا كنا عظاما نخرة وقرئ : ناخرة . قال : وناظرة أجود الوجهين ؛ لأن الآيات بالألف ، ألا ترى أن ناخرة مع الحافرة والساهرة أشبه بمجئ التأويل . قال : والناخرة والنخرة : سواء في المعنى ، بمنزلة الطامع والطمع . قال ابن بري . قال : الهمداني يوم القادسية : " أقدم أخا نهمٍ ... " الأبيات الخمسة . ا ه .(16) هذا كلام غير موزون ، وبيت أمية بن أبي الصلت تقدم قريبا ، ونعيده هنا كما وجدناه في ( ديوانه 52 ) .وفيها لَحْمُ ساهِرَةٍ وَبحْرٍوما فاهُوا به أبَدا مُقِيمُ
79:16
اِذْ نَادٰىهُ رَبُّهٗ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوًىۚ(۱۶)
جب اسے اس کے رب نے پاک جنگل طویٰ میں (ف۱۹) ندا فرمائی،

القول في تأويل قوله تعالى : إِذْ نَادَاهُ رَبُّهُ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوًى (16)يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم : هل أتاك يا محمد حديث موسى بن عمران، وهل سمعت خبره حين ناجاه ربه بالواد المقدّس، يعني بالمقدّس: المطهر المبارك. وقد ذكرنا أقوال أهل العلم في ذلك فيما مضى، فأغنى عن إعادته في هذا الموضع، وكذلك بيَّنَّا معنى قوله: ( طُوًى ) وما قال فيه أهل التأويل، غير أنا نذكر بعض ذلك هاهنا.وقد اختلف أهل التأويل في قوله: ( طُوى ) فقال بعضهم: هو اسم الوادي.* ذكر من قال ذلك:حدثني محمد بن عمرو، قال : ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى، وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قوله: ( طُوًى ) اسم الوادي .حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله: إِنَّكَ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوًى قال: اسم المقدّس طوى .حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة ( إِذْ نَادَاهُ رَبُّهُ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوًى ) كنا نحدّث أنه قدّس مرّتين، واسم الوادي طُوًى .وقال آخرون: بل معنى ذلك: طأ الأرض حافيا.* ذكر بعض من قال ذلك:حدثنا أبو كُريب، قال: ثنا وكيع، عن سفيان، عن ابن جُرَيج، عن مجاهد إِنَّكَ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوًى قال: طأ الأرض بقدمك .وقال آخرون: بل معنى ذلك أن الوادي قدّس طوى: أي مرّتين، وقد بيَّنا ذلك كله ووجوهه فيما مضى بما أغنى عن إعادته في هذا الموضع. وقرأ ذلك الحسن بكسر الطاء، وقال: بُثَّتْ فيه البركة والتقديس مرّتين. حدثنا بذلك أحمد بن يوسف، قال: ثنا القاسم، قال: ثنا هشيم، عن عوف، عن الحسن.واختلفت القراء في قراءة ذلك، فقرأته عامة قرّاء المدينة والبصرة ( طُوًى ) بالضمّ ولم يجرّوه وقرأ ذلك بعض أهل الشأم والكوفة ( طُوًى ) بضمّ الطاء والتنوين.
79:17
اِذْهَبْ اِلٰى فِرْعَوْنَ اِنَّهٗ طَغٰى٘ۖ(۱۷)
کہ فرعون کے پاس جا اس نے سر اٹھایا (ف۲۰)

وقوله: ( اذْهَبْ إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى ) يقول تعالى ذكره: نادى موسى ربُّه: أن اذهب إلى فرعون، فحذفت " أن " إذ كان النداء قولا فكأنه قيل لموسى قال ربه: اذهب إلى فرعون. وقوله: ( إِنَّهُ طَغَى ) يقول: عتا وتجاوز حدّه في العدوان، والتكبر على ربه.
79:18
فَقُلْ هَلْ لَّكَ اِلٰۤى اَنْ تَزَكّٰىۙ(۱۸)
اس سے کہہ کیا تجھے رغبت اس طرف ہے کہ ستھرا ہو (ف۲۱)

وقوله: ( فَقُلْ هَلْ لَكَ إِلَى أَنْ تَزَكَّى ) يقول: فقل له: هل لك إلى أن تتطهَّر من دنس الكفر، وتؤمِن بربك؟كما حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد في قوله: ( هَلْ لَكَ إِلَى أَنْ تَزَكَّى ) قال: إلى أن تُسلم. قال: والتزكي في القرآن كله: الإسلام، وقرأ قول الله: وَذَلِكَ جَزَاءُ مَنْ تَزَكَّى قال: من أسلم، وقرأ وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّى قال: يسلم، وقرأ وَمَا عَلَيْكَ أَلا يَزَّكَّى . ألا يسلم .حدثني سعيد بن عبد الله بن عبد الحَكَم، قال: ثنا حفص بن عُمَرَ العَدَنِيّ، عن الحكم بن أبان عن عكرمة، قول موسى لفرعون: ( هَلْ لَكَ إِلَى أَنْ تَزَكَّى ) هل لك إلى أن تقول: لا إله إلا الله .واختلفت القرّاء في قراءة قوله: ( تَزَكَّى ) فقرأته عامة قرَّاء المدينة ( تَزَّكَّى ) بتشديد الزاي، وقرأته عامة قرّاء الكوفة والبصرة ( إِلَى أَنْ تَزَكَّى ) بتخفيف الزاي. وكان أبو عمرو يقول فيما ذُكر عنه ( تَزَّكَّى ) بتشديد الزاي، بمعنى: تتصدّق بالزكاة، فتقول: تتزكى، ثم تدغم، وموسى لم يدع فرعون إلى أن يتصدّق وهو كافر، إنما دعاه إلى الإسلام، فقال: تزكى: أي تكون زاكيا مؤمنا، والتخفيف في الزاي هو أفصح القراءتين في العربية.
79:19
وَ اَهْدِیَكَ اِلٰى رَبِّكَ فَتَخْشٰىۚ(۱۹)
اور تجھے تیرے رب کی طرف (ف۲۲) راہ بتاؤں کہ تو ڈرے (ف۲۳)

القول في تأويل قوله تعالى : وَأَهْدِيَكَ إِلَى رَبِّكَ فَتَخْشَى (19)يقول تعالى ذكره لنبيه موسى: قل لفرعون: هل لك إلى أن أرشدك إلى ما يرضي ربك، وذلك الدين القيم ( فَتَخْشَى ) يقول: فتخشى عقابه بأداء ما ألزمك من فرائضه، واجتناب ما نهاك عنه من معاصيه.
79:20
فَاَرٰىهُ الْاٰیَةَ الْكُبْرٰى٘ۖ(۲۰)
پھر موسیٰ نے اسے بہت بڑی نشانی دکھائی (ف۲۴)

قوله: ( فَأَرَاهُ الآيَةَ الْكُبْرَى ) يقول تعالى ذكره: فأرى موسى فرعون الآية الكبرى، يعني الدلالة الكبرى، على أنه لله رسول أرسله إليه، فكانت تلك الآية يد موسى إذ أخرجها بيضاء للناظرين، وعصاه إذ تحوّلت ثعبانا مبينا.وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.* ذكر من قال ذلك:حدثني أبو زائدة زكريا بن يحيى بن أبي زائدة، قال: ثنا مسلم بن إبراهيم، عن محمد بن سيف أبي رجاء هكذا هو في كتابي وأظنه عن نوح بن قيس، عن محمد بن سيف، قال: سمعت الحسن يقول في هذه الآية: ( فَأَرَاهُ الآيَةَ الْكُبْرَى ) قال: يده وعصاه .حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى، وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن قال: ثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد ( فَأَرَاهُ الآيَةَ الْكُبْرَى ) قال: عصاه ويده .حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: ( فَأَرَاهُ الآيَةَ الْكُبْرَى ) قال: رأى يد موسى وعصاه، وهما آيتان .حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة ( الآيَةَ الْكُبْرَى ) قال: عصاه ويده .حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب قال: قال ابن زيد، في قوله: ( فَأَرَاهُ الآيَةَ الْكُبْرَى ) قال: العصا والحية.
79:21
فَكَذَّبَ وَعَصٰى٘ۖ(۲۱)
اس پر اس نے جھٹلایا (ف۲۵) اور نافرمانی کی،

وقوله: ( فَكَذَّبَ وَعَصَى ) يقول: فكذّب فرعون موسى فيما أتاه من الآيات المعجزة، وعصاه فيما أمره به من طاعته ربه، وخَشيته إياه.
79:22
ثُمَّ اَدْبَرَ یَسْعٰى٘ۖ(۲۲)
پھر پیٹھ دی (ف۲۶) اپنی کوشش میں لگا (ف۲۷)

وقوله: ( ثُمَّ أَدْبَرَ يَسْعَى ) يقول: ثم ولَّى مُعرضا عما دعاه إليه موسى من طاعته ربه، وخشيته وتوحيده.( يَسْعَى ) يقول: يعمل في معصية الله، وفيما يُسخطه عليه.وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.* ذكر من قال ذلك:حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى، وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قوله: ( ثُمَّ أَدْبَرَ يَسْعَى ) قال: يعمل بالفساد.
79:23
فَحَشَرَ فَنَادٰى٘ۖ(۲۳)
تو لوگوں کو جمع کیا (ف۲۸) پھر پکارا،

وقوله: ( فَحَشَرَ فَنَادَى ) يقول: فجمع قومه وأتباعه، فنادى فيهم .
79:24
فَقَالَ اَنَا رَبُّكُمُ الْاَعْلٰى٘ۖ(۲۴)
پھر بولا میں تمہارا سب سے اونچا رب ہوں (ف۲۹)

( فَقالَ ) لهم: ( أَنَا رَبُّكُمُ الأعْلَى ) الذي كلّ ربّ دوني، وكذب الأحمق.وبمثل الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.* ذكر من قال ذلك:حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله: ( فَحَشَرَ فَنَادَى ) قال: صرخ وحشر قومه، فنادى فيهم، فلما اجتمعوا قال: أَنَا رَبُّكُمُ الأَعْلَى * فَأَخَذَهُ اللَّهُ نَكَالَ الآخِرَةِ وَالأُولَى .
79:25
فَاَخَذَهُ اللّٰهُ نَكَالَ الْاٰخِرَةِ وَ الْاُوْلٰىؕ(۲۵)
تو اللہ نے اسے دنیا و آخرت دونوں کے عذاب میں پکڑا (ف۳۰)

القول في تأويل قوله تعالى : فَأَخَذَهُ اللَّهُ نَكَالَ الآخِرَةِ وَالأُولَى (25)يعني تعالى ذكره بقوله: ( فَأَخَذَهُ اللَّهُ ) فعاقبه الله ( نَكَالَ الآخِرَةِ وَالأولَى ) يقول: عقوبة الآخرة من كلمتيه، وهي قوله: أَنَا رَبُّكُمُ الأَعْلَى ، والأولى قوله: مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرِي .وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.* ذكر من قال ذلك:حدثنا أبو كُرَيب، قال: سمعت أبا بكر، وسُئل عن هذا فقال: كان بينهما أربعون سنة، بين قوله: مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرِي ، وقوله: أَنَا رَبُّكُمُ الأَعْلَى قال: هما كلمتاه، ( فَأَخَذَهُ اللَّهُ نَكَالَ الآخِرَةِ وَالأولَى ) قيل له: مَن ذكره؟ قال: أبو حصين، فقيل له: عن أبي الضُّحَى، عن ابن عباس؟ قال: نعم .حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله: ( فَأَخَذَهُ اللَّهُ نَكَالَ الآخِرَةِ وَالأولَى ) قال: أما الأولى فحين قال: مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرِي ، وأما الآخرة فحين قال: أَنَا رَبُّكُمُ الأَعْلَى .حدثنا ابن بشار، قال: ثنا عبد الرحمن، قال: ثنا محمد بن أبي الوضَّاح، عن عبد الكريم الجَزريّ، عن مجاهد، في قوله: ( فَأَخَذَهُ اللَّهُ نَكَالَ الآخِرَةِ وَالأولَى ) قال: هو قوله: مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرِي ، وقوله: أَنَا رَبُّكُمُ الأَعْلَى وكان بينهما أربعون سنة .حدثنا ابن بشار، قال: ثنا عبد الرحمن، قال: ثنا أبو عوانة، عن إسماعيل الأسدي، عن الشعبيّ بمثله.حدثنا أبو كُرَيب، قال: ثنا وكيع، عن زكريا، عن عامر ( نَكَالَ الآخِرَةِ وَالأولَى ) قال: هما كلمتاه مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرِي و أَنَا رَبُّكُمُ الأَعْلَى .حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى، وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قوله: ( نَكَالَ الآخِرَةِ وَالأولَى ) فذلك قوله: مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرِي والآخرة في قوله: أَنَا رَبُّكُمُ الأَعْلَى .حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، قال: أخبرني من سمع مجاهدا يقول: كان بين قول فرعون: مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرِي وبين قوله: أَنَا رَبُّكُمُ الأَعْلَى أربعون سنة .حُدثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذ يقول: ثنا عبيد، قال: سمعت الضحاك يقول في قوله: (نَكَالَ الآخِرَةِ وَالأُولَى) أما الأولى فحين قال فرعون: مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرِي ، وأما الآخرة فحين قال: أَنَا رَبُّكُمُ الأَعْلَى فأخذه الله بكلمتيه كلتيهما، فأغرقه في اليم .حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد في قوله: ( فَأَخَذَهُ اللَّهُ نَكَالَ الآخِرَةِ وَالأولَى ) قال: اختلفوا فيها فمنهم من قال: نكال الآخرة من كلمتيه، والأولى قوله: مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرِي وقوله: أَنَا رَبُّكُمُ الأَعْلَى .وقال آخرون: عذاب الدنيا وعذاب الآخرة، عجَّل الله له الغرق مع ما أعدّ له من العذاب في الآخرة.حدثنا ابن حميد، قال: ثنا مهران، عن سفيان، عن الأعمش، عن خيثمة الجعفي، قال: كان بين كلمتي فرعون أربعون سنة، قوله: أَنَا رَبُّكُمُ الأَعْلَى ، وقوله: مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرِي .حدثنا أبو كُرَيب، قال: ثنا وكيع، عن إسرائيل، عن ثُوير، عن مجاهد، قال: مكث فرعون في قومه بعد ما قال: أَنَا رَبُّكُمُ الأَعْلَى أربعين سنة .قال آخرون: بل عُنِيَ بذلك: فأخذه الله نكال الدنيا والآخرة.* ذكر من قال ذلك:حدثنا ابن بشار، قال: ثنا هَوْذَة، قال: ثنا عوف، عن الحسن، في قوله: ( فَأَخَذَهُ اللَّهُ نَكَالَ الآخِرَةِ وَالأولَى ) قال: الدنيا والآخرة .حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، عن الحسن ( فَأَخَذَهُ اللَّهُ نَكَالَ الآخِرَةِ وَالأولَى ) قال: عقوبة الدنيا والآخرة، وهو قول قتادة .وقال آخرون: الأولى عصيانه ربه وكفره به، والآخرة قوله: أَنَا رَبُّكُمُ الأَعْلَى .* ذكر من قال ذلك:حدثنا ابن حميد، قال: ثنا مهران، عن سفيان، عن إسماعيل بن سميع، عن أبي رَزين ( فَأَخَذَهُ اللَّهُ نَكَالَ الآخِرَةِ وَالأولَى ) قال: الأولى تكذيبه وعصيانه، والآخرة قوله: أَنَا رَبُّكُمُ الأَعْلَى ، ثم قرأ: فَكَذَّبَ وَعَصَى * ثُمَّ أَدْبَرَ يَسْعَى * فَحَشَرَ فَنَادَى * فَقَالَ أَنَا رَبُّكُمُ الأَعْلَى فهي الكلمة الآخرة .وقال آخرون: بل عُنِيَ بذلك أنه أخذه بأوّل عمله وآخره.* ذكر من قال ذلك:حدثنا ابن حميد، قال: ثنا مهران، عن سفيان، عن منصور، عن مجاهد ( فَأَخَذَهُ اللَّهُ نَكَالَ الآخِرَةِ وَالأولَى ) قال: أوّل عمله وآخره .حدثنا ابن بشار، قال: ثنا عبد الرحمن، قال: ثنا سفيان، عن منصور، عن مجاهد ( فَأَخَذَهُ اللَّهُ نَكَالَ الآخِرَةِ وَالأولَى ) قال: أول أعماله وآخرها .حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن الكلبي: ( فَأَخَذَهُ اللَّهُ نَكَالَ الآخِرَةِ وَالأولَى ) قال: نكال الآخرة من المعصية والأولى .حدثنا ابن حميد، قال: ثنا جرير، عن منصور، عن مجاهد، قوله: ( نَكَالَ الآخِرَةِ وَالأولَى ) قال: عمله للآخرة والأولى.
79:26
اِنَّ فِیْ ذٰلِكَ لَعِبْرَةً لِّمَنْ یَّخْشٰى(۲۶)ﮒ
بیشک اس میں سیکھ ملتا ہے اسے جو ڈرے (ف۳۱)

وقوله: ( إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لِمَنْ يَخْشَى ) يقول تعالى ذكره: إن في العقوبة التي عاقب الله بها فرعون في عاجل الدنيا، وفي أخذه إياه نكال الآخرة والأولى، عظة ومعتبرا لمن يخاف الله ويخشى عقابه، وأخرج نكال الآخرة مصدرا من قوله: ( فَأَخَذَهُ اللَّهُ ) لأن قوله ( فَأَخَذَهُ اللَّهُ ) نكل به فجعل ( نَكَالَ الآخِرَةِ ) مصدرا من معناه لا من لفظه.
79:27
ءَاَنْتُمْ اَشَدُّ خَلْقًا اَمِ السَّمَآءُؕ-بَنٰىهَاٙ(۲۷)
کیا تمہاری سمجھ کے مطابق تمہارا بنانا (ف۳۲) مشکل یا آسمان کا اللہ نے اسے بنایا،

وقوله: ( أَأَنْتُمْ أَشَدُّ خَلْقًا أَمِ السَّمَاءُ بَنَاهَا ) يقول تعالى ذكره للمكذّبين بالبعث من قريش، القائلين: أَئِذَا كُنَّا عِظَامًا نَخِرَةً * قَالُوا تِلْكَ إِذًا كَرَّةٌ خَاسِرَةٌ أأنتم أيها الناس أشد خلقا، أم السماء بناها ربكم، فإن من بنى السماء فرفعها سقفا، هَيِّن عليه خلقكم وخلق أمثالكم، وإحياؤكم بعد مماتكم وليس خلقكم بعد مماتكم بأشدّ من خلق السماء. وعني بقوله: ( بَناها ) : رفعها فجعلها للأرض سقفا.
79:28
رَفَعَ سَمْكَهَا فَسَوّٰىهَاۙ(۲۸)
اس کی چھت اونچی کی (ف۳۳) پھر اسے ٹھیک کیا (ف۳۴)

وقوله: ( رَفَعَ سَمْكَهَا فَسَوَّاهَا ) يقول تعالى ذكره: فسوّى السماء، فلا شيء أرفع من شيء، ولا شيء أخفض من شيء، ولكن جميعها مستوي الارتفاع والامتداد.وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.* ذكر من قال ذلك:حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: ( رَفَعَ سَمْكَهَا فَسَوَّاهَا ) يقول: رفع بناءها فسوّاها .حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى، وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قوله: ( رَفَعَ سَمْكَهَا فَسَوَّاهَا ) قال: رفع بناءها بغير عمد .حدثني عليّ، قال: ثنا أبو صالح، قال: ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس، قوله: ( رَفَعَ سَمْكَهَا ) يقول: بُنيانها.
79:29
وَ اَغْطَشَ لَیْلَهَا وَ اَخْرَ جَ ضُحٰىهَا۪(۲۹)
اس کی رات اندھیری کی اور اس کی روشنی چمکائی (ف۳۵)

القول في تأويل قوله تعالى : وَأَغْطَشَ لَيْلَهَا وَأَخْرَجَ ضُحَاهَا (29)وقوله: ( وَأَغْطَشَ لَيْلَهَا ) يقول تعالى ذكره: أظلم ليل السماء، فأضاف الليل إلى السماء، لأن الليل غروب الشمس، وغروبها وطلوعها فيها، فأضيف إليها لمَّا كان فيها، كما قيل: نجوم الليل، إذ كان فيه الطلوع والغروب.وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.* ذكر من قال ذلك:حدثني عليّ، قال: ثنا أبو صالح، قال: ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس، قوله: ( وَأَغْطَشَ لَيْلَهَا ) يقول: أظلم ليلها .حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس ( وَأَغْطَشَ لَيْلَهَا ) يقول: أظلم ليلها .حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى، وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قوله: ( وَأَغْطَشَ لَيْلَهَا ) قال: أظلم .حدثني بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: ( وَأَغْطَشَ لَيْلَهَا ) قال: أظلم ليلها .حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة ( وَأَغْطَشَ لَيْلَهَا ) قال: أظلم .حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب. قال: قال ابن زيد، في قوله: ( وَأَغْطَشَ لَيْلَهَا ) قال: الظُّلمة .حُدثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذ يقول: ثنا عبيد، قال: سمعت الضحاك يقول في قوله: ( وَأَغْطَشَ لَيْلَهَا ) يقول: أظلم ليلها .حدثنا محمد بن سنان القزّاز، قال: ثنا حفص بن عمر، قال: ثنا الحكم عن عكرمة ( وَأَغْطَشَ لَيْلَهَا ) قال: أظلم ليلها.وقوله: ( وَأَخْرَجَ ضُحَاهَا ) يقول: وأخرج ضياءها، يعني: أبرز نهارها فأظهره، ونوّر ضحاها.وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.* ذكر من قال ذلك:حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى، وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد ( وَأَخْرَجَ ضُحَاهَا ) نوّرها .حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: ( وَأَخْرَجَ ضُحَاهَا ) يقول: نوّر ضياءها .حُدثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذ يقول: أخبرنا عبيد، قال: سمعت الضحاك يقول في قوله: ( وَأَخْرَجَ ضُحَاهَا ) قال: نهارها .حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله: ( وَأَخْرَجَ ضُحَاهَا ) قال: ضوء النهار.
79:30
وَ الْاَرْضَ بَعْدَ ذٰلِكَ دَحٰىهَاؕ(۳۰)
اور اس کے بعد زمین پھیلائی (ف۳۶)

وقوله: ( وَالأرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا ) اختلف أهل التأويل في معنى قوله ( بَعْدَ ذَلكَ ) فقال بعضهم: دُحِيت الأرض من بعد خَلق السماء.* ذكر من قال ذلك:حدثني عليّ، قال: ثنا أبو صالح، قال: ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس، قوله حيث ذكر خلق الأرض قبل السماء، ثم ذكر السماء قبل الأرض، وذلك أن الله خَلق الأرض بأقواتها من غير أن يدحوها قبل السماء، ثم استوى إلى السماء فسوّاهنّ سبع سماوات ، ثم دحا الأرض بعد ذلك، فذلك قوله: ( وَالأرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا ) .حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس ( وَالأرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا * أَخْرَجَ مِنْهَا مَاءَهَا وَمَرْعَاهَا * وَالْجِبَالَ أَرْسَاهَا ) يعني: أن الله خلق السماوات والأرض، فلما فرغ من السماوات قبل أن يخلق أقوات الأرض فيها بعد خلق السماء، وأرسى الجبال، يعني بذلك دحْوَها الأقوات، ولم تكن تصلح أقوات الأرض ونباتها إلا بالليل والنهار، فذلك قوله: ( وَالأرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا ) ألم تسمع أنه قال: ( أَخْرَجَ مِنْهَا مَاءَهَا وَمَرْعَاهَا ) .حدثنا ابن حميد، قال: ثنا يعقوب، عن حفص، عن عكرمة، عن ابن عباس، قال: وضع البيت على الماء على أربعة أركان قبل أن يخلق الدنيا بألفي عام، ثم دُحيت الأرض من تحت البيت .حدثنا ابن حميد، قال: ثنا مهران، عن سفيان، عن الأعمش، عن بكير بن الأخنس، عن مجاهد عن عبد الله بن عمرو، قال: خلق الله البيت قبل الأرض بألفي سنة، ومنه دُحيت الأرض .وقال آخرون: بل معنى ذلك: والأرض مع ذلك دحاها، وقالوا: الأرض خُلِقت ودُحِيت قبل السماء، وذلك أن الله قال: هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الأَرْضِ جَمِيعًا ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ . قالوا: فأخبر الله أنه سوّى السماوات بعد أن خلق ما في الأرض جميعا، قالوا فإذا كان ذلك كذلك، فلا وجه لقوله: ( وَالأرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا ) إلا ما ذكرنا من أنه مع ذلك دحاها قالوا: وذلك كقول الله عز وجلّ: عُتُلٍّ بَعْدَ ذَلِكَ زَنِيمٍ . بمعنى: مع ذلك زنيم، وكما يقال للرجل: أنت أحمق، وأنت بعد هذا لئيم الحسب، بمعنى: مع هذا، وكما قال جلّ ثناؤه: وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ : أي من قبل الذكر، واستشهد بقول الهُذَليّ:حَمِدْتُ إلَهِي بَعْدَ عُرْوَةَ إذْ نَجَاخِراشٌ وبَعْضُ الشِّر أهْوَنُ مِنْ بَعْضِ (1)وزعموا أن خراشا نجا قبل عروة.حدثنا أبو كُرَيب، قال: ثنا وكيع، عن سفيان، عن خَصِيفٍ، عن مجاهد ( وَالأرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا ) قال: مع ذلك دحاها .حدثنا ابن بشار، قال: ثنا عبد الرحمن، قال: ثنا سفيان، عن الأعمش، عن مجاهد، أنه قال: والأرْضَ عِنْدَ ذَلكَ دَحاها.حدثنا عبد الرحمن بن عبد الله بن عبد الحكم، قال: ثنا عليّ بن معبد، قال: ثنا محمد بن سلمة، عن خصيف، عن مجاهد ( وَالأرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا ) قال: مع ذلك دحاها .حدثني محمد بن خلف العسقلاني، قال: ثنا روّاد بن الجرّاح، عن أبي حمزة، عن السدي في قوله: ( وَالأرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا ) قال: مع ذلك دحاها .والقول الذي ذكرناه عن ابن عباس من أن الله تعالى خلق الأرض، وقدّر فيها أقواتها، ولم يدحها، ثم استوى إلى السماء، فسوّاهن سبع سماوات ، ثم دحا الأرض بعد ذلك، فأخرج منها ماءها ومرعاها، وأرسى جبالها، أشبه بما دلّ عليه ظاهر التنزيل، لأنه جلّ ثناؤه قال: ( وَالأرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا ) والمعروف من معنى " بَعْدَ " أنه خلاف معنى " قَبْل " وليس في دحوِّ الله الأرض بعد تسويته السماوات السبع، وإغطاشه ليلها، وإخراجه ضحاها، ما يوجب أن تكون الأرض خُلقت بعد خلق السماوات لأن الدحوّ إنما هو البسط في كلام العرب، والمدّ يقال منه: دحا يدحو دَحْوا، ودَحيْتُ أدْحي دَحْيا، لغتان؛ ومنه قول أُميَّة بن أبي الصلت:دَارٌ دَحاها ثُمَّ أعْمَرَنا بِهاوَأقامَ بالأخْرَى الَّتِي هي أمجدُ (2)وقول أوس بن حجر في نعت غيث:يَنْفِي الحصَى عن جديد الأرْضِ مُبْتَرِكٌكأنَّه فاحِصٌ أو لاعِبٌ داحِي (3)وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.* ذكر من قال ذلك:حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة ( وَالأرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا ) : أي بسطها .حدثني محمد بن خلف، قال: ثنا رَوّاد، عن أبي حمزة، عن السدي ( دَحَاها ) قال: بسطها .حدثنا ابن بشار، قال: ثنا عبد الرحمن، قال: ثنا سفيان: ( دَحَاها ) بسطها .وقال ابن زيد في ذلك ما حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله: ( دَحَاها ) قال: حرثها شقَّها وقال: ( أَخْرَجَ مِنْهَا مَاءَهَا وَمَرْعَاهَا ) ، وقرأ: ثُمَّ شَقَقْنَا الأَرْضَ شَقًّا ... حتى بلغ وَفَاكِهَةً وَأَبًّا ، وقال حين شقَّها أنْبتَ هذا منها، وقرأ وَالأَرْضِ ذَاتِ الصَّدْعِ .------------------------الهوامش:(1) البيت لأبي خراش الهذلي ( شرح التبريزي على الحماسة 2 : 43 ) من قصيدة له قالها في أخيه عروة وابنه خراش بن أبي خراش ، وكان قوم من العرب أسروهما ، فقتلوا عروة ، ونجا خراش وقد ذهب المؤلف إلى أن ( بعد ) في البيت بمعنى ( مع ) وكأن الشاعر يقول : حمدت إلهي على نجاة خراش ، مع ما أصبت به من قتل عروة أخي وانظر ( ديوان الهذليين 2 : 157 )(2) البيت لأمية بن أبي الصلت ( ديوانه 63 عن تفسير الطبري ) وفي ( اللسان : دحا ) الدحو البسط دحا الأرض يدحوها دحوا : بسطها . ودحيت الشيء أدحاه : بسطته ، لغة في دحوته ، حكاها اللحياني . وقال أبو عبيدة في مجاز القرآن ( 184 ) دحاها : بسطها . تقول : دحوت ودحيت . ا . ه .(3) البيت في ( اللسان : دحا ) وفي الشطر الأول منه : " ينزع جلد الحصى أجش مبترك " . وهو وصف غيث . يقال : دحا المطر الحصى عن وجه الأرض دحوا : نزعه ، والمطر الداحي : الذي ينزع الحصى عن وجه الأرض ، والأجش : الذي في صوته خشونة . والمبترك : المعتمد على الشيء ، الملح عليه . والفاحص : الذي يفحص الأرض وينبشها ويحتفرها . والداحي : الذي يلعب بالمداحي ، وهي أحجار أمثال القرصة ، كانوا يحفرون حفرة ويدحون فيها تلك الأحجار ، فإن وقع الحجر فيها غلب صاحبها ، وإن لم يقع غلب . والدحو : هو رمي اللاعب بالحجر والجوز وغيره ، وتسمى الحفرة أدحية . والبيت شاهد كالذي قبله . والبيت متنازع في نسبته بين أوس وعبيد بن الأبرص . وهو في ديوان أوس ص 3 ، وفي ديوان عبيد 35 .
79:31
اَخْرَ جَ مِنْهَا مَآءَهَا وَ مَرْعٰىهَا۪(۳۱)
اس میں سے (ف۳۷) اس کا پانی اور چارہ نکا لا (ف۳۸)

وقوله: ( أَخْرَجَ مِنْهَا مَاءَهَا ) يقول: فجَّر فيها الأنهار ( وَمَرْعَاهَا ) يقول: أنبت نَباتها.وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.* ذكر من قال ذلك:حُدثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذ يقول: أخبرنا عبيد، قال: سمعت الضحاك يقول في قوله: ( وَمَرْعَاهَا ) ما خلق الله فيها من النبات، ومَاءهَا ما فجر فيها من الأنهار .
79:32
وَ الْجِبَالَ اَرْسٰىهَاۙ(۳۲)
اور پہاڑوں کو جمایا (ف۳۹)

وقوله: ( وَالْجِبَالَ أَرْسَاهَا ) يقول: والجبال أثبتها فيها، وفي الكلام متروك استغني بدلالة الكلام عليه من ذكره، وهو فيها، وذلك أن معنى الكلام: والجبال أرساها فيها.حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد عن قتادة ( وَالْجِبَالَ أَرْسَاهَا ) أي: أثبتها لا تَمِيد بأهلها حدثنا ابن حميد، قال: ثنا جرير، عن عطاء، عن أبي عبد الرحمن السلمي، عن علي قال: لما خلق الله الأرض قمصت وقالت: تخلق عليّ آدم وذرّيته يلقون عليّ نتْنهم، ويعملون عليّ بالخطايا، فأرساها الله، فمنها ما ترون، ومنها ما لا ترون، فكان أوَّل قرار الأرض كلحم الجزور إذا نُحِر يحتلج لحمها.
79:33
مَتَاعًا لَّكُمْ وَ لِاَنْعَامِكُمْؕ(۳۳)
تمہارے اور تمہارے چوپایوں کے فائدہ کو،

القول في تأويل قوله تعالى : مَتَاعًا لَكُمْ وَلأَنْعَامِكُمْ (33)يعني تعالى ذكره بقوله: ( مَتَاعًا لَكُمْ وَلأنْعَامِكُمْ ) أنه خلق هذه الأشياء، وأخرج من الأرض ماءها ومرعاها منفعة لنا ومتاعا إلى حين.
79:34
فَاِذَا جَآءَتِ الطَّآمَّةُ الْكُبْرٰى٘ۖ(۳۴)
پھر جب آئے گی وہ عام مصیبت سب سے بڑی (ف۴۰)

وقوله: ( فَإِذَا جَاءَتِ الطَّامَّةُ الْكُبْرَى ) يقول تعالى ذكره: فإذا جاءت التي تطم على كلّ هائلة من الأمور، فتغمر ما سواها بعظيم هولها، وقيل: إنها اسم من أسماء يوم القيامة.* ذكر من قال ذلك:حدثني عليّ، قال: ثنا أبو صالح، قال: ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس، قوله: ( فَإِذَا جَاءَتِ الطَّامَّةُ الْكُبْرَى ) من أسماء يوم القيامة عظمه الله، وحذّره عباده .حدثني محمد بن عمارة، قال: ثنا سهل بن عامر، قال: ثنا مالك بن مغول، عن القاسم بن الوليد، في قوله: ( فَإِذَا جَاءَتِ الطَّامَّةُ الْكُبْرَى ) قال: سيق أهل الجنة إلى الجنة، وأهل النار إلى النار.
79:35
یَوْمَ یَتَذَكَّرُ الْاِنْسَانُ مَا سَعٰىۙ(۳۵)
اس دن آدمی یاد کرے گا جو کوشش کی تھی (ف۴۱)

وقوله: ( يَوْمَ يَتَذَكَّرُ الإنْسَانُ مَا سَعَى ) يقول: إذا جاءت الطامة يوم يتذكر الإنسان ما عمل في الدنيا من خير وشر، وذلك سعيه .
79:36
وَ بُرِّزَتِ الْجَحِیْمُ لِمَنْ یَّرٰى(۳۶)
اور جہنم ہر دیکھنے والے پر ظاہر کی جائے گی (ف۴۲)

( وَبُرِّزَتِ الْجَحِيمُ ) يقول: وأظْهِرت الجحيم، وهي نار الله لمن يراها، يقول: لأبصار الناظرين.
79:37
فَاَمَّا مَنْ طَغٰىۙ(۳۷)
تو وہ جس نے سرکشی کی (ف۴۳)

القول في تأويل قوله تعالى : فَأَمَّا مَنْ طَغَى (37)يقول تعالى ذكره: فأما من عتا على ربه، وعصاه واستكبر عن عبادته.حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى، وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قوله: ( طَغَى ) قال: عصى.
79:38
وَ اٰثَرَ الْحَیٰوةَ الدُّنْیَاۙ(۳۸)
اور دنیا کی زندگی کو ترجیح دی (ف۴۴)

قوله: ( وَآثَرَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا ) يقول: وآثر متاع الحياة الدنيا على كرامة الآخرة، وما أعدّ الله فيها لأوليائه، فعمل للدنيا، وسعى لها، وترك العمل للآخرة .
79:39
فَاِنَّ الْجَحِیْمَ هِیَ الْمَاْوٰىؕ(۳۹)
تو بیشک جہنم ہی اس کا ٹھکانا ہے،

( فَإِنَّ الْجَحِيمَ هِيَ الْمَأْوَى ) يقول: فإن نار الله التي اسمها الجحيم، هي منزله ومأواه، ومصيره الذي يصير إليه يوم القيامة.
79:40
وَ اَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهٖ وَ نَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوٰىۙ(۴۰)
اور وہ جو اپنے رب کے حضور کھڑے ہونے سے ڈرا (ف۴۵) اور نفس کو خواہش سے روکا (ف۴۶)

وقوله: ( وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى ) يقول: وأما من خاف مسألة الله إياه عند وقوفه يوم القيامة بين يديه، فاتقاه بأداء فرائضه، واجتناب معاصيه، ( وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى ) يقول: ونهى نفسه عن هواها فيما يكرهه الله، ولا يرضاه منها، فزجرها عن ذلك، وخالف هواها إلى ما أمره به ربه .
  FONT
  THEME
  TRANSLATION
  • English | Ahmed Ali
  • Urdu | Ahmed Raza Khan
  • Turkish | Ali-Bulaç
  • German | Bubenheim Elyas
  • Chinese | Chineese
  • Spanish | Cortes
  • Dutch | Dutch
  • Portuguese | El-Hayek
  • English | English
  • Urdu | Fateh Muhammad Jalandhry
  • French | French
  • Hausa | Hausa
  • Indonesian | Indonesian-Bahasa
  • Italian | Italian
  • Korean | Korean
  • Malay | Malay
  • Russian | Russian
  • Tamil | Tamil
  • Thai | Thai
  • Farsi | مکارم شیرازی
  TAFSEER
  • العربية | التفسير الميسر
  • العربية | تفسير الجلالين
  • العربية | تفسير السعدي
  • العربية | تفسير ابن كثير
  • العربية | تفسير الوسيط لطنطاوي
  • العربية | تفسير البغوي
  • العربية | تفسير القرطبي
  • العربية | تفسير الطبري
  • English | Arberry
  • English | Yusuf Ali
  • Dutch | Keyzer
  • Dutch | Leemhuis
  • Dutch | Siregar
  • Urdu | Sirat ul Jinan
  HELP

اَلنَّازِعَات
اَلنَّازِعَات
  00:00



Download

اَلنَّازِعَات
اَلنَّازِعَات
  00:00



Download