READ

Surah An-Nahl

اَلنَّحْل
128 Ayaat    مکیۃ


16:0
بِسْمِ اللّٰهِ الرَّحْمٰنِ الرَّحِیْمِ
اللہ کے نام سے شروع جو بہت مہربان رحمت والا

القول في الاستعاذةوفيها اثنتا عشرة مسألة :الأولى : أمر الله تعالى بالاستعاذة عند أول كل قراءة فقال تعالى : فإذا قرأت القرآن فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم [ النحل : 98 ] أي إذا أردت أن تقرأ ; فأوقع الماضي موقع المستقبل كما قال الشاعر :وإني لآتيكم لذكري الذي مضى من الود واستئناف ما كان في غدأراد ما يكون في غد ; وقيل : في الكلام تقديم وتأخير ، وأن كل فعلين تقاربا في المعنى جاز تقديم أيهما شئت ; كما قال تعالى : ثم دنا فتدلى [ النجم : 8 ] المعنى فتدلى ثم دنا ; ومثله : اقتربت الساعة وانشق القمر [ القمر : 1 ] وهو كثير .الثانية : هذا الأمر على الندب في قول الجمهور في كل قراءة في غير الصلاة . واختلفوا فيه في الصلاة . حكى النقاش عن عطاء : أن الاستعاذة واجبة ، وكان ابن سيرين والنخعي وقوم يتعوذون في الصلاة كل ركعة ، ويمتثلون أمر الله في الاستعاذة على العموم ، وأبو حنيفة والشافعي يتعوذان في الركعة الأولى من الصلاة ويريان قراءة الصلاة كلها كقراءة واحدة ; ومالك لا يرى التعوذ في الصلاة المفروضة ويراه في قيام رمضان .الثالثة : أجمع العلماء على أن التعوذ ليس من القرآن ولا آية منه ، وهو قول القارئ : أعوذ بالله من الشيطان الرجيم . وهذا اللفظ هو الذي عليه الجمهور من العلماء في التعوذ لأنه لفظ كتاب الله تعالى . وروي عن ابن مسعود أنه قال : قلت أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم ; فقال لي النبي صلى الله عليه وسلم : يا ابن أم عبد أعوذ بالله من الشيطان الرجيم هكذا أقرأني جبريل عن اللوح المحفوظ عن القلم .الرابعة : روى أبو داود وابن ماجه في سننهما عن جبير بن مطعم أنه رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي صلاة فقال عمرو : لا أدري أي صلاة هي ؟ فقال : " الله أكبر كبيرا الله أكبر كبيرا - ثلاثا - الحمد لله كثيرا الحمد لله كثيرا - ثلاثا - وسبحان الله بكرة وأصيلا - ثلاثا - أعوذ بالله من الشيطان من نفخه ونفثه وهمزه . قال عمرو : همزه المؤتة ، ونفثه الشعر ، ونفخه الكبر . وقال ابن ماجه : المؤتة يعني الجنون . والنفث : نفخ الرجل من فيه من غير أن يخرج ريقه . والكبر : التيه . وروى أبو داود عن أبي سعيد الخدري قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قام من الليل كبر ثم يقول : سبحانك اللهم وبحمدك تبارك اسمك وتعالى جدك ولا إله غيرك - ثم يقول : لا إله إلا الله - ثلاثا ثم يقول : - الله أكبر كبيرا - ثلاثا - أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم من همزه ونفخه ونفثه ثم يقرأ . وروى سليمان بن سالم عن ابن القاسم رحمه الله أن الاستعاذة : أعوذ بالله العظيم من الشيطان الرجيم إن الله هو السميع العليم بسم الله الرحمن الرحيم . قال ابن عطية : " وأما المقرئون فأكثروا في هذا من تبديل الصفة في اسم الله تعالى وفي الجهة الأخرى ، كقول بعضهم : أعوذ بالله المجيد ، من الشيطان المريد ; ونحو هذا مما لا أقول فيه : نعمت البدعة ، ولا أقول : إنه لا يجوز " .الخامسة : قال المهدوي : أجمع القراء على إظهار الاستعاذة في أول قراءة سورة " الحمد " إلا حمزة فإنه أسرها . وروى السدي عن أهل المدينة أنهم كانوا يفتتحون القراءة بالبسملة . وذكر أبو الليث السمرقندي عن بعض المفسرين أن التعوذ فرض ، فإذا نسيه القارئ وذكره في بعض الحزب قطع وتعوذ ، ثم ابتدأ من أوله . وبعضهم يقول : يستعيذ ثم يرجع إلى موضعه الذي وقف فيه ; وبالأول قال أسانيد الحجاز والعراق ; وبالثاني قال أسانيد الشام ومصر .السادسة : حكى الزهراوي قال : نزلت الآية في الصلاة وندبنا إلى الاستعاذة في غير الصلاة وليس بفرض . قال غيره : كانت فرضا على النبي صلى الله عليه وسلم وحده ، ثم تأسينا به .السابعة : روي عن أبي هريرة أن الاستعاذة بعد القراءة ; وقاله داود . قال أبو بكر بن العربي : انتهى العي بقوم إلى أن قالوا : إذا فرغ القارئ من قراءة القرآن يستعيذ بالله من الشيطان الرجيم . وقد روى أبو سعيد الخدري أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يتعوذ في صلاته قبل القراءة ، وهذا نص . فإن قيل : فما الفائدة في الاستعاذة من الشيطان الرجيم وقت القراءة ؟ قلنا : فائدتها امتثال الأمر ، وليس للشرعيات فائدة إلا القيام بحق الوفاء لها في امتثالها أمرا أو اجتنابها نهيا ; وقد قيل : فائدتها امتثال الأمر بالاستعاذة من وسوسة الشيطان عند القراءة ; كما قال تعالى وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبي إلا إذا تمنى ألقى الشيطان في أمنيته [ الحج : 52 ] . قال ابن العربي : ومن أغرب ما وجدناه قول مالك في المجموعة في تفسير هذه الآية : فإذا قرأت القرآن فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم [ النحل : 98 ] قال : ذلك بعد قراءة أم القرآن لمن قرأ في الصلاة ، وهذا قول لم يرد به أثر ، ولا يعضده نظر ; فإن كان هذا كما قال بعض الناس : إن الاستعاذة بعد القراءة ، كان تخصيص ذلك بقراءة أم القرآن في الصلاة دعوى عريضة ، ولا تشبه أصل مالك ولا فهمه ; فالله أعلم بسر هذه الرواية .الثامنة : في فضل التعوذ . روى مسلم عن سليمان بن صرد قال : استب رجلان عند النبي صلى الله عليه وسلم فجعل أحدهما يغضب ويحمر وجهه فنظر إليه النبي صلى الله عليه وسلم فقال : إني لأعلم كلمة لو قالها لذهب ذا عنه ، أعوذ بالله من الشيطان الرجيم . فقام إلى الرجل رجل ممن سمع النبي صلى الله عليه وسلم فقال : هل تدري ما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم آنفا ؟ قال : إني لأعلم كلمة لو قالها لذهب ذا عنه أعوذ بالله من الشيطان الرجيم فقال له الرجل : أمجنونا تراني ! أخرجه البخاري أيضا . وروى مسلم أيضا عن عثمان بن أبي العاص الثقفي أنه أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله ، إن الشيطان قد حال بيني وبين صلاتي وقراءتي يلبسها علي ، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : ذاك شيطان يقال له خنزب فإذا أحسسته فتعوذ بالله منه واتفل عن يسارك ثلاثا قال : ففعلت فأذهبه الله عني . وروى أبو داود عن ابن عمر قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سافر فأقبل عليه الليل قال : يا أرض ربي وربك الله أعوذ بالله من شرك [ وشر ما فيك ] [ و ] شر ما خلق فيك ومن شر ما يدب عليك [ وأعوذ بالله ] من أسد وأسود ومن الحية والعقرب ومن [ ساكن ] البلد ووالد وما ولد وروت خولة بنت حكيم قالت : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : من نزل منزلا ثم قال أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق لم يضره شيء حتى يرتحل . أخرجه الموطأ ومسلم والترمذي وقال : حديث حسن غريب صحيح . وما يتعوذ منه كثير ثابت في الأخبار ، والله المستعان .التاسعة : معنى الاستعاذة في كلام العرب : الاستجارة والتحيز إلى الشيء ، على معنى الامتناع به من المكروه ; يقال : عذت بفلان واستعذت به ; أي لجأت إليه . وهو عياذي ; أي ملجئي . وأعذت غيري به وعوذته بمعنى . ويقال : عوذ بالله منك ; أي أعوذ بالله منك ; قال الراجزقالت وفيها حيدة وذعر عوذ بربي منكم وحجروالعرب تقول عند الأمر تنكره : حجرا له ، بالضم ، أي دفعا ، وهو استعاذة من الأمر . والعوذة والمعاذة والتعويذ كله بمعنى . وأصل أعوذ : أعوذ نقلت الضمة إلى العين لاستثقالها على الواو فسكنت .العاشرة : الشيطان واحد الشياطين ; على التكسير والنون أصلية ; لأنه من شطن إذا بعد عن الخير . وشطنت داره أي بعدت ; قال الشاعر [ النابغة الذبياني ] :نأت بسعاد عنك نوى شطون فبانت والفؤاد بها رهينوبئر شطون أي بعيدة القعر . والشطن : الحبل ; سمي به لبعد طرفيه وامتداده . ووصف أعرابي فرسا لا يحفى فقال : كأنه شيطان في أشطان . وسمي الشيطان شيطانا لبعده عن الحق وتمرده ; وذلك أن كل عات متمرد من الجن والإنس والدواب شيطان ; قال جرير :أيام يدعونني الشيطان من غزل وهن يهوينني إذ كنت شيطاناوقيل : إن شيطانا مأخوذ من شاط يشيط إذا هلك ، فالنون زائدة . وشاط إذا احترق وشيطت اللحم إذا دخنته ولم تنضجه . واشتاط الرجل إذا احتد غضبا . وناقة مشياط التي يطير فيها السمن . واشتاط إذا هلك ; قال الأعشى :قد نخضب العير من مكنون فائله وقد يشيط على أرماحنا البطلأي يهلك . ويرد على هذه الفرقة أن سيبويه حكى أن العرب تقول : تشيطن فلان إذا فعل أفعال الشياطين ، فهذا بين أنه تفيعل من شطن ، ولو كان من شاط لقالوا : تشيط ، ويرد عليهم أيضا بيت أمية بن أبي الصلت :أيما شاطن عصاه عكاه ورماه في السجن والأغلالفهذا شاطن من شطن لا شك فيه .الحادية عشرة : الرجيم أي المبعد من الخير المهان . وأصل الرجم : الرمي بالحجارة ، وقد رجمته أرجمه ، فهو رجيم ومرجوم . والرجم : القتل واللعن والطرد والشتم ، وقد قيل هذا كله في قوله تعالى : لئن لم تنته يانوح لتكونن من المرجومين [ الشعراء : 116 ] . وقول أبي إبراهيم : لئن لم تنته لأرجمنك [ مريم : 46 ] . وسيأتي إن شاء الله تعالى .الثانية عشرة : روى الأعمش عن أبي وائل عن عبد الله قال : قال علي بن أبي طالب عليه السلام : رأيت النبي صلى الله عليه وسلم عند الصفا وهو مقبل على شخص في صورة الفيل وهو يلعنه ، قلت : ومن هذا الذي تلعنه يا رسول الله ؟ قال هذا الشيطان الرجيم فقلت : يا عدو الله ، والله لأقتلنك والله لأقتلنك ولأريحن الأمة منك ; قال : ما هذا جزائي منك ; قلت : وما جزاؤك مني يا عدو الله ؟ قال : والله ما أبغضك أحد قط إلا شركت أباه في رحم أمه .وفيها سبع وعشرون مسألة :الأولى : قال العلماء : ( بسم الله الرحمن الرحيم ) قسم من ربنا أنزله عند رأس كل سورة ، يقسم لعباده إن هذا الذي وضعت لكم يا عبادي في هذه السورة حق ، وإني أفي لكم بجميع ما ضمنت في هذه السورة من وعدي ولطفي وبري . و ( بسم الله الرحمن الرحيم ) مما أنزله الله تعالى في كتابنا وعلى هذه الأمة خصوصا بعد سليمان عليه السلام . وقال بعض العلماء : إن بسم الله الرحمن الرحيم تضمنت جميع الشرع ، لأنها تدل على الذات وعلى الصفات ; وهذا صحيح .الثانية : قال سعيد بن أبي سكينة : بلغني أن علي بن أبي طالب رضي الله عنه نظر إلى رجل يكتب : ( بسم الله الرحمن الرحيم ) فقال له : جودها فإن رجلا جودها فغفر له . قال سعيد : وبلغني أن رجلا نظر إلى قرطاس فيه ( بسم الله الرحمن الرحيم ) فقبله ووضعه على عينيه فغفر له . ومن هذا المعنى قصة بشر الحافي ، فإنه لما رفع الرقعة التي فيها اسم الله وطيبها طيب اسمه ، ذكره القشيري . وروى النسائي عن أبي المليح عن ردف رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إذا عثرت بك الدابة فلا تقل تعس الشيطان فإنه يتعاظم حتى يصير مثل البيت ويقول بقوته صرعته ولكن قل بسم الله الرحمن الرحيم فإنه يتصاغر حتى يصير مثل الذباب . وقال علي بن الحسين في تفسير قوله تعالى : وإذا ذكرت ربك في القرآن وحده ولوا على أدبارهم نفورا [ الإسراء : 46 ] قال معناه : إذا قلت : بسم الله الرحمن الرحيم . وروى وكيع عن الأعمش عن أبي وائل عن عبد الله بن مسعود قال : من أراد أن ينجيه الله من الزبانية التسعة عشر فليقرأ : بسم الله الرحمن الرحيم ليجعل الله تعالى له بكل حرف منها جنة من كل واحد . فالبسملة تسعة عشر حرفا على عدد ملائكة أهل النار الذين قال الله فيهم : عليها تسعة عشر [ المدثر : 30 ] وهم يقولون في كل أفعالهم : ( بسم الله الرحمن الرحيم ) فمن هنالك هي قوتهم ، وببسم الله استضلعوا . قال ابن عطية : ونظير هذا قولهم في ليلة القدر : إنها ليلة سبع وعشرين ، مراعاة للفظة ( هي ) من كلمات سورة : إنا أنزلناه [ القدر : 1 ] . ونظيره أيضا قولهم في عدد الملائكة الذين ابتدروا قول القائل : ربنا ولك الحمد حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه ، فإنها بضعة وثلاثون حرفا ; فلذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم : لقد رأيت بضعا وثلاثين ملكا يبتدرونها أيهم يكتبها أول . قال ابن عطية : وهذا من ملح التفسير وليس من متين العلم .الثالثة : روى الشعبي والأعمش أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يكتب ( باسمك اللهم ) حتى أمر أن يكتب ( بسم الله ) فكتبها ; فلما نزلت : قل ادعوا الله أو ادعوا الرحمن [ الإسراء : 110 ] كتب ( بسم الله الرحمن ) فلما نزلت : إنه من سليمان وإنه بسم الله الرحمن الرحيم [ النمل : 30 ] كتبها . وفي مصنف أبي داود قال الشعبي وأبو مالك وقتادة وثابت بن عمارة : إن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكتب بسم الله حتى نزلت سورة " النمل " .الرابعة : روي عن جعفر الصادق رضي الله عنه أنه قال : البسملة تيجان السور .قلت : وهذا يدل على أنها ليست بآية من الفاتحة ولا غيرها . وقد اختلف العلماء في هذا المعنى على ثلاثة أقوال :( الأول ) ليست بآية من الفاتحة ولا غيرها ; وهو قول مالك . ( الثاني ) أنها آية من كل سورة ; وهو قول عبد الله بن المبارك . ( الثالث ) قال الشافعي : هي آية في الفاتحة ; وتردد قوله في سائر السور ; فمرة قال : هي آية من كل سورة ، ومرة قال : ليست بآية إلا في الفاتحة وحدها . ولا خلاف بينهم في أنها آية من القرآن في سورة النمل .واحتج الشافعي بما رواه الدارقطني من حديث أبي بكر الحنفي عن عبد الحميد بن جعفر عن نوح بن أبي بلال عن سعيد بن أبي سعيد المقبري عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : إذا قرأتم " الحمد لله رب العالمين " فاقرءوا " بسم الله الرحمن الرحيم " إنها أم القرآن وأم الكتاب والسبع المثاني و " بسم الله الرحمن الرحيم " ، إحداها . رفع هذا الحديث عبد الحميد بن جعفر وعبد الحميد هذا وثقه أحمد بن حنبل ويحيى بن سعيد ويحيى بن معين ; وأبو حاتم يقول فيه : محله الصدق ; وكان سفيان الثوري يضعفه ويحمل عليه . ونوح بن أبي بلال ثقة مشهور .وحجة ابن المبارك وأحد قولي الشافعي ما رواه مسلم عن أنس قال : بينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم بين أظهرنا إذ أغفى إغفاءة ثم رفع رأسه متبسما ; فقلنا : ما أضحكك يا رسول الله ؟ قال : أنزلت علي آنفا سورة فقرأ : بسم الله الرحمن الرحيم إنا أعطيناك الكوثر فصل لربك وانحر إن شانئك هو الأبتر وذكر الحديث ، وسيأتي بكماله في سورة الكوثر إن شاء الله تعالى .الخامسة : الصحيح من هذه الأقوال قول مالك ; لأن القرآن لا يثبت بأخبار الآحاد وإنما طريقه التواتر القطعي الذي لا يختلف فيه . قال ابن العربي : ويكفيك أنها ليست من القرآن اختلاف الناس فيها ، والقرآن لا يختلف فيه . والأخبار الصحاح التي لا مطعن فيها دالة على أن البسملة ليست بآية من الفاتحة ولا غيرها إلا في النمل وحدها . روى مسلم عن أبي هريرة قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : قال [ تعالى ] : " قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين ولعبدي ما سأل فإذا قال العبد : ( الحمد لله رب العالمين ) قال الله تعالى حمدني عبدي وإذا قال : ( الرحمن الرحيم ) قال الله تعالى : أثنى علي عبدي وإذا قال : ( مالك يوم الدين ) قال مجدني عبدي - وقال مرة : فوض إلى عبدي - فإذا قال : ( إياك نعبد وإياك نستعين ) قال : هذا بيني وبين عبدي ، ولعبدي ما سأل ، فإذا قال : ( اهدنا الصراط المستقيم صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين ) قال : هذا لعبدي ولعبدي ما سأل . فقوله سبحانه : " قسمت الصلاة " يريد الفاتحة ، وسماها صلاة لأن الصلاة لا تصح إلا بها ; فجعل الثلاث الآيات الأول لنفسه ، واختص بها تبارك اسمه ، ولم يختلف المسلمون فيها . ثم الآية الرابعة جعلها بينه وبين عبده ; لأنها تضمنت تذلل العبد وطلب الاستعانة منه ، وذلك يتضمن تعظيم الله تعالى ، ثم ثلاث آيات تتمة سبع آيات . ومما يدل على أنها ثلاث قوله : " هؤلاء لعبدي " أخرجه مالك ; ولم يقل : هاتان ; فهذا يدل على أن ( أنعمت عليهم ) آية . قال ابن بكير قال مالك : " أنعمت عليهم " آية ، ثم الآية السابعة إلى آخرها . فثبت بهذه القسمة التي قسمها الله تعالى وبقوله عليه السلام لأبي : كيف تقرأ إذا افتتحت الصلاة قال : فقرأت : الحمد لله رب العالمين حتى أتيت على آخرها - أن البسملة ليست بآية منها ، وكذا عد أهل المدينة وأهل الشام وأهل البصرة ; وأكثر القراء عدوا : ( أنعمت عليهم ) آية ، وكذا روى قتادة عن أبي نضرة عن أبي هريرة قال : الآية السادسة : ( أنعمت عليهم ) . وأما أهل الكوفة من القراء والفقهاء فإنهم عدوا فيها ( بسم الله الرحمن الرحيم ) ولم يعدوا ( أنعمت عليهم ) .فإن قيل : فإنها ثبتت في المصحف وهي مكتوبة بخطه ونقلت نقله ، كما نقلت في النمل ، وذلك متواتر عنهم . قلنا : ما ذكرتموه صحيح ; ولكن لكونها قرآنا ، أو لكونها فاصلة بين السور - كما روي عن الصحابة : كنا لا نعرف انقضاء السورة حتى تنزل " بسم الله الرحمن الرحيم " أخرجه أبو داود - أو تبركا بها ، كما قد اتفقت الأمة على كتبها في أوائل الكتب والرسائل ؟ كل ذلك محتمل . وقد قال الجريري : سئل الحسن عن ( بسم الله الرحمن الرحيم ) قال : في صدور الرسائل . وقال الحسن أيضا : لم تنزل ( بسم الله الرحمن الرحيم ) في شيء من القرآن إلا في " طس " إنه من سليمان وإنه بسم الله الرحمن الرحيم . والفيصل أن القرآن لا يثبت بالنظر والاستدلال ، وإنما يثبت بالنقل المتواتر القطعي الاضطراري . ثم قد اضطرب قول الشافعي فيها في أول كل سورة فدل على أنها ليست بآية من كل سورة ; والحمد لله .فإن قيل : فقد روى جماعة قرآنيتها ، وقد تولى الدارقطني جمع ذلك في جزء صححه . قلنا : لسنا ننكر الرواية بذلك وقد أشرنا إليها ، ولنا أخبار ثابتة في مقابلتها ، رواها الأئمة الثقات والفقهاء الأثبات . روت عائشة في صحيح مسلم قالت : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يستفتح الصلاة بالتكبير ، والقراءة ب " الحمد لله رب العالمين " ، الحديث . وسيأتي بكماله . وروى مسلم أيضا عن أنس بن مالك قال : صليت خلف النبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر وعثمان ، فكانوا يستفتحون بالحمد لله رب العالمين ; لا يذكرون " بسم الله الرحمن الرحيم " في أول قراءة ولا في آخرها .ثم إن مذهبنا يترجح في ذلك بوجه عظيم ، وهو المعقول ; وذلك أن مسجد النبي صلى الله عليه وسلم بالمدينة انقضت عليه العصور ، ومرت عليه الأزمنة والدهور ، من لدن رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى زمان مالك ، ولم يقرأ أحد فيه قط " بسم الله الرحمن الرحيم " ؛ اتباعا للسنة ، وهذا يرد أحاديثكم .بيد أن أصحابنا استحبوا قراءتها في النفل ; وعليه تحمل الآثار الواردة في قراءتها أو على السعة في ذلك . قال مالك : ولا بأس أن يقرأ بها في النافلة ومن يعرض القرآن عرضا .وجملة مذهب مالك وأصحابه : أنها ليست عندهم آية من فاتحة الكتاب ولا غيرها ، ولا يقرأ بها المصلي في المكتوبة ولا في غيرها سرا ولا جهرا ; ويجوز أن يقرأها في النوافل . هذا هو المشهور من مذهبه عند أصحابه . وعنه رواية أخرى أنها تقرأ أول السورة في النوافل ، ولا تقرأ أول أم القرآن . وروى عنه ابن نافع ابتداء القراءة بها في الصلاة الفرض والنفل ولا تترك بحال . ومن أهل المدينة من يقول : إنه لابد فيها من ( بسم الله الرحمن الرحيم ) منهم ابن عمر ، وابن شهاب ; وبه قال الشافعي وأحمد وإسحاق وأبو ثور وأبو عبيد . وهذا يدل على أن المسألة مسألة اجتهادية لا قطعية ، كما ظنه بعض الجهال من المتفقهة الذي يلزم على قوله تكفير المسلمين ; وليس كما ظن لوجود الاختلاف المذكور ; والحمد لله .وقد ذهب جمع من العلماء إلى الإسرار بها مع الفاتحة ; منهم : أبو حنيفة والثوري ; وروى ذلك عن عمر وعلي وابن مسعود وعمار وابن الزبير ; وهو قول الحكم وحماد ; وبه قال أحمد بن حنبل وأبو عبيد ; وروي عن الأوزاعي مثل ذلك ; حكاه أبو عمر بن عبد البر في ( الاستذكار ) . واحتجوا من الأثر في ذلك بما رواه منصور بن زاذان عن أنس بن مالك قال : صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يسمعنا قراءة ( بسم الله الرحمن الرحيم ) . وما رواه عمار بن زريق عن الأعمش عن شعبة عن ثابت عن أنس قال : صليت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر وعثمان فلم أسمع أحدا منهم يقرأ بسم الله الرحمن الرحيم .قلت : هذا قول حسن ، وعليه تتفق الآثار عن أنس ولا تتضاد ويخرج به من الخلاف في قراءة البسملة . وقد روي عن سعيد بن جبير قال : كان المشركون يحضرون بالمسجد ; فإذا قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( بسم الله الرحمن الرحيم ) قالوا : هذا محمد يذكر رحمان اليمامة - يعنون مسيلمة - فأمر أن يخافت ب " بسم الله الرحمن الرحيم " ، ونزل : ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها . قال الترمذي الحكيم أبو عبد الله : فبقي ذلك إلى يومنا هذا على ذلك الرسم وإن زالت العلة ، كما بقي الرمل في الطواف وإن زالت العلة ، وبقيت المخافتة في صلاة النهار وإن زالت العلة .السادسة : اتفقت الأمة على جواز كتبها في أول كل كتاب من كتب العلم والرسائل ; فإن كان الكتاب ديوان شعر فروى مجالد عن الشعبي قال : أجمعوا ألا يكتبوا أمام الشعر : بسم الله الرحمن الرحيم . وقال الزهري : مضت السنة ألا يكتبوا في الشعر : ( بسم الله الرحمن الرحيم ) . وذهب إلى رسم التسمية في أول كتب الشعر سعيد بن جبير ، وتابعه على ذلك أكثر المتأخرين . قال أبو بكر الخطيب : وهو الذي نختاره ونستحبه .السابعة : قال الماوردي ويقال لمن قال بسم الله : مبسمل ، وهي لغة مولدة ، وقد جاءت في الشعر ; قال عمر بن أبي ربيعة :لقد بسملت ليلى غداة لقيتها فيا حبذا ذاك الحبيب المبسملقلت : المشهور عن أهل اللغة بسمل . قال يعقوب بن السكيت والمطرز والثعالبي وغيرهم من أهل اللغة : بسمل الرجل ، إذا قال : بسم الله . يقال : قد أكثرت من البسملة ; أي من قول بسم الله ، ومثله : حوقل الرجل ، إذا قال : لا حول ولا قوة إلا بالله ، وهلل ، إذا قال : لا إله إلا الله ، وسبحل ، إذا قال : سبحان الله ، وحمدل ، إذا قال : الحمد لله ، وحيصل ، إذا قال : حي على الصلاة ، وجعفل ، إذا قال : جعلت فداك . وطبقل ، إذا قال : أطال الله بقاءك . ودمعز ، إذا قال أدام الله عزك . وحيفل ، إذا قال : حي على الفلاح . ولم يذكر المطرز : الحيصلة ، إذا قال : حي على الصلاة . وجعفل ، إذا قال : جعلت فداك . وطبقل ، إذا قال أطال الله بقاءك . ودمعز إذا قال : أدام الله عزك .الثامنة : ندب الشرع إلى ذكر البسملة في أول كل فعل ; كالأكل والشرب والنحر ; والجماع والطهارة وركوب البحر ، إلى غير ذلك من الأفعال ; قال الله تعالى : فكلوا مما ذكر اسم الله عليه . وقال اركبوا فيها بسم الله مجريها ومرساها . وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أغلق بابك واذكر اسم الله وأطفئ مصباحك واذكر اسم الله وخمر إناءك واذكر اسم الله وأوك سقاءك واذكر اسم الله . وقال لو أن أحدكم إذا أراد أن يأتي أهله قال : بسم الله اللهم جنبنا الشيطان وجنب الشيطان ما رزقتنا فإنه إن يقدر بينهما ولد في ذلك لم يضره شيطان أبدا . وقال لعمر بن أبي سلمة يا غلام سم الله وكل بيمينك وكل مما يليك وقال : إن الشيطان يستحل الطعام أن لا يذكر اسم الله عليه وقال : من لم يذبح فليذبح باسم الله . وشكا إليه عثمان بن أبي العاص وجعا يجده في جسده منذ أسلم ، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم ضع يدك على الذي تألم من جسدك وقل بسم الله ثلاثا وقل سبع مرات أعوذ بعزة [ بالله ] وقدرته من شر ما أجد وأحاذر . هذا كله ثابت في الصحيح . وروى ابن ماجه والترمذي عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ستر ما بين الجن وعورات بني آدم إذا دخل الكنيف أن يقول : بسم الله . وروى الدارقطني عن عائشة قالت : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا مس طهوره سمى الله تعالى ، ثم يفرغ الماء على يديه .التاسعة : قال علماؤنا : وفيها رد على القدرية وغيرهم ممن يقول : إن أفعالهم مقدورة لهم ، وموضع الاحتجاج عليهم من ذلك أن الله سبحانه أمرنا عند الابتداء بكل فعل أن نفتتح بذلك ، كما ذكرنا .فمعنى بسم الله ، أي بالله . ومعنى ( بالله ) أي بخلقه وتقديره يوصل إلى ما يوصل إليه . وسيأتي لهذا مزيد بيان إن شاء الله تعالى . وقال بعضهم : معنى قوله ( بسم الله ) يعني بدأت بعون الله وتوفيقه وبركته ; وهذا تعليم من الله تعالى عباده ، ليذكروا اسمه عند افتتاح القراءة وغيرها ، حتى يكون الافتتاح ببركة الله جل وعز .العاشرة : ذهب أبو عبيدة معمر بن المثنى إلى أن ( اسم ) صلة زائدة ، واستشهد بقول لبيد :إلى الحول ثم اسم السلام عليكما ومن يبك حولا كاملا فقد اعتذرفذكر ( اسم ) زيادة ، وإنما أراد : ثم السلام عليكما .وقد استدل علماؤنا بقول لبيد هذا على أن الاسم هو المسمى . وسيأتي الكلام فيه في هذا الباب وغيره ، إن شاء الله تعالى .الحادية عشرة : اختلف في معنى زيادة : " اسم " ; فقال قطرب : زيدت لإجلال ذكره تعالى وتعظيمه . وقال الأخفش : زيدت ليخرج بذكرها من حكم القسم إلى قصد التبرك ; لأن أصل الكلام : بالله .الثانية عشرة : اختلفوا أيضا في معنى دخول الباء عليه ، هل دخلت على معنى الأمر ؟ والتقدير : ابدأ بسم الله . أو على معنى الخبر ؟ والتقدير : ابتدأت بسم الله ; قولان : الأول للفراء ، والثاني للزجاج . ف ( باسم ) في موضع نصب على التأويلين . وقيل : المعنى ابتدائي بسم الله ; ف ( بسم الله ) في موضع رفع خبر الابتداء . وقيل : الخبر محذوف ; أي ابتدائي مستقر أو ثابت بسم الله ; فإذا أظهرته كان " بسم الله " في موضع نصب بثابت أو مستقر ، وكان بمنزلة قولك : زيد في الدار . وفي التنزيل : فلما رآه مستقرا عنده قال هذا من فضل ربي ف ( عنده ) في موضع نصب ; روي هذا عن نحاة أهل البصرة . وقيل : التقدير ابتدائي ببسم الله موجود أو ثابت ، ف ( باسم ) في موضع نصب بالمصدر الذي هو ابتدائي .الثالثة عشرة : بسم الله ، تكتب بغير ألف استغناء عنها بباء الإلصاق في اللفظ والخط لكثرة الاستعمال ، بخلاف قوله : اقرأ باسم ربك فإنها لم تحذف ؛ لقلة الاستعمال . واختلفوا في حذفها مع الرحمن والقاهر ; فقال الكسائي وسعيد الأخفش : تحذف الألف . وقال يحيى بن وثاب : لا تحذف إلا مع بسم الله فقط ، لأن الاستعمال إنما كثر فيه .الرابعة عشر : واختلف في تخصيص باء الجر بالكسر على ثلاثة معان ; فقيل : ليناسب لفظها عملها . وقيل : لما كانت الباء لا تدخل إلا على الأسماء خصت بالخفض الذي لا يكون إلا في الأسماء . الثالث : ليفرق بينهما وبين ما قد يكون من الحروف اسما ; نحو الكاف في قول الشاعر :ورحنا بكابن الماء يجنب وسطناأي بمثل ابن الماء أو ما كان مثله .الخامسة عشرة : اسم ، وزنه افع ، والذاهب منه الواو ; لأنه من سموت ، وجمعه أسماء ، وتصغيره سمي . واختلف في تقدير أصله ، فقيل : فعل ، وقيل : فعل . قال الجوهري : وأسماء يكون جمعا لهذا الوزن ، وهو مثل جذع وأجذاع ، وقفل وأقفال ; وهذا لا تدرك صيغته إلا بالسماع . وفيه أربع لغات : إسم بالكسر ، وأسم بالضم . قال أحمد بن يحيى : من ضم الألف أخذه من سموت أسمو ، ومن كسر أخذه من سميت أسمي . ويقال : سم وسم ، وينشد :والله أسماك سما مباركا آثرك الله به إيثاركاوقال آخر :وعامنا أعجبنا مقدمه يدعى أبا السمح وقرضاب سمهمبتركا كل عظم يلحمهقرضب الرجل : إذا أكل شيئا يابسا ، فهو قرضاب . ( سمه ) بالضم والكسر جميعا .ومنه قول الآخر :باسم الذي في كل سورة سمهوسكنت السين من ( باسم ) اعتلالا على غير قياس ، وألفه ألف وصل ، وربما جعلها الشاعر ألف قطع للضرورة ; كقول الأحوص :وما أنا بالمخسوس في جذم مالك ولا من تسمى ثم يلتزم الإسماالسادسة عشرة : تقول العرب في النسب إلى الاسم : سموي ، وإن شئت " اسمي " ، تركته على حاله ، وجمعه أسماء ، وجمع الأسماء أسام . وحكى الفراء : أعيذك بأسماوات الله .السابعة عشرة : اختلفوا في اشتقاق الاسم على وجهين : فقال البصريون : هو مشتق من السمو وهو العلو والرفعة ، فقيل : اسم لأن صاحبه بمنزلة المرتفع به . وقيل : لأن الاسم يسموا بالمسمى فيرفعه عن غيره . وقيل : إنما سمي الاسم اسما لأنه علا بقوته على قسمي الكلام : الحرف والفعل ; والاسم أقوى منهما بالإجماع لأنه الأصل ; فلعلوه عليهما سمي اسما ; فهذه ثلاثة أقوال .وقال الكوفيون : إنه مشتق من السمة وهي العلامة ; لأن الاسم علامة لمن وضع له ; فأصل اسم على هذا ( وسم ) . والأول أصح ; لأنه يقال في التصغير سمي وفي الجمع أسماء ; والجمع والتصغير يردان الأشياء إلى أصولها ; فلا يقال : وسيم ولا أوسام . ويدل على صحته أيضا فائدة الخلاف وهي :الثامنة عشرة : فإن من قال الاسم مشتق من العلو يقول : لم يزل الله سبحانه موصوفا قبل وجود الخلق وبعد وجودهم وعند فنائهم ، ولا تأثير لهم في أسمائه ولا صفاته ; وهذا قول أهل السنة . ومن قال الاسم مشتق من السمة يقول : كان الله في الأزل بلا اسم ولا صفة ، فلما خلق الخلق جعلوا له أسماء وصفات ، فإذا أفناهم بقي بلا اسم ولا صفة ; وهذا قول المعتزلة وهو خلاف ما أجمعت عليه الأمة ، وهو أعظم في الخطأ من قولهم : إن كلامه مخلوق ، تعالى الله عن ذلك ! وعلى هذا الخلاف وقع الكلام في الاسم والمسمى وهي :التاسعة عشرة : فذهب أهل الحق - فيما نقل القاضي أبو بكر بن الطيب - إلى أن الاسم هو المسمى ، وارتضاه ابن فورك ; وهو قول أبي عبيدة وسيبويه . فإذا قال قائل : الله عالم ; فقوله دال على الذات الموصوفة بكونه عالما ، فالاسم لكونه عالما وهو المسمى بعينه . وكذلك إذا قال : الله خالق ; فالخالق هو الرب ، وهو بعينه الاسم . فالاسم عندهم هو المسمى بعينه من غير تفصيل .قال ابن الحصار : من ينفي الصفات من المبتدعة يزعم أن لا مدلول للتسميات إلا الذات ، ولذلك يقولون : الاسم غير المسمى ، ومن يثبت الصفات يثبت للتسميات مدلولات هي أوصاف الذات وهي غير العبارات وهي الأسماء عندهم . وسيأتي لهذه مزيد بيان في ( البقرة ) و ( الأعراف ) إن شاء الله تعالى .الموفية عشرين - قوله : ( الله ) هذا الاسم أكبر أسمائه سبحانه وأجمعها ، حتى قال بعض العلماء : إنه اسم الله الأعظم ولم يتسم به غيره ; ولذلك لم يثن ولم يجمع ، وهو أحد تأويلي قوله تعالى : هل تعلم له سميا أي من تسمى باسمه الذي هو ( الله ) . فالله اسم للموجود الحق الجامع لصفات الإلهية ، المنعوت بنعوت الربوبية ، المنفرد بالوجود الحقيقي ، لا إله إلا هو سبحانه . وقيل : معناه الذي يستحق أن يعبد . وقيل : معناه واجب الوجود الذي لم يزل ولا يزال ; والمعنى واحد .الحادية والعشرون : واختلفوا في هذا الاسم هل هو مشتق أو موضوع للذات علم ؟ فذهب إلى الأول كثير من أهل العلم . واختلفوا في اشتقاقه وأصله ; فروى سيبويه عن الخليل أن أصله إلاه ، مثل فعال ; فأدخلت الألف واللام بدلا من الهمزة . قال سيبويه : مثل الناس أصله أناس . وقيل : أصل الكلمة ( لاه ) وعليه دخلت الألف واللام للتعظيم ، وهذا اختيار سيبويه . وأنشد :لاه ابن عمك لا أفضلت في حسب عني ولا أنت دياني فتخزونيكذا الرواية : فتخزوني ، بالخاء المعجمة ومعناه : تسوسني .وقال الكسائي والفراء : معنى " بسم الله " بسم الإله ; فحذفوا الهمزة وأدغموا اللام الأولى في الثانية فصارتا لاما مشددة ; كما قال عز وجل : لكنا هو الله ربي ومعناه : لكن أنا ، كذلك قرأها الحسن . ثم قيل : هو مشتق من ( وله ) إذا تحير ; والوله : ذهاب العقل . يقال : رجل واله وامرأة والهة وواله ، وماء موله : أرسل في الصحاري . فالله سبحانه تتحير الألباب وتذهب في حقائق صفاته والفكر في معرفته . فعلى هذا أصل : ( إلاه ) ، ( ولاه ) وأن الهمزة مبدلة من واو كما أبدلت في إشاح ووشاح ، وإسادة ووسادة ، وروي عن الخليل . وروي عن الضحاك أنه قال : إنما سمي : ( الله ) إلها ، لأن الخلق يتألهون إليه في حوائجهم ، ويتضرعون إليه عند شدائدهم ، وذكر عن الخليل بن أحمد أنه قال : لأن الخلق يألهون إليه ( بنصب اللام ) ويألهون أيضا ( بكسرها ) وهما لغتان . وقيل : إنه مشتق من الارتفاع ، فكانت العرب تقول لكل شيء مرتفع لاها ، فكانوا يقولون إذا طلعت الشمس : لاهت . وقيل : هو مشتق من أله الرجل إذا تعبد . وتأله إذا تنسك ، ومن ذلك قوله تعالى : ( ويذرك وإلاهتك ) على هذه القراءة ; فإن ابن عباس وغيره قالوا : وعبادتك .قالوا : فاسم الله مشتق من هذا ، فالله سبحانه معناه المقصود بالعبادة ، ومنه قول الموحدين : لا إله إلا الله ، معناه لا معبود غير الله . و ( إلا ) في الكلمة بمعنى غير ، لا بمعنى الاستثناء . وزعم بعضهم أن الأصل فيه ( الهاء ) التي هي الكناية عن الغائب ، وذلك أنهم أثبتوه موجودا في فطر عقولهم فأشاروا إليه بحرف الكناية ثم زيدت فيه لام الملك إذ قد علموا أنه خالق الأشياء ومالكها فصار ( له ) ثم زيدت فيه الألف واللام تعظيما وتفخيما .القول الثاني : ذهب إليه جماعة من العلماء أيضا منهم الشافعي وأبو المعالي والخطابي والغزالي والمفضل وغيرهم ، وروي عن الخليل وسيبويه : أن الألف واللام لازمة له لا يجوز حذفهما منه . قال الخطابي : والدليل على أن الألف واللام من بنية هذا الاسم ، ولم يدخلا للتعريف : دخول حرف النداء عليه ; كقولك : يا الله ، وحروف النداء لا تجتمع مع الألف واللام للتعريف ; ألا ترى أنك لا تقول : يا الرحمن ولا : يا الرحيم ، كما تقول : يا الله ، فدل على أنهما من بنية الاسم . والله أعلم .الثانية والعشرون : واختلفوا أيضا في اشتقاق اسمه الرحمن ; فقال بعضهم : لا اشتقاق له لأنه من الأسماء المختصة به سبحانه ، ولأنه لو كان مشتقا من الرحمة لاتصل بذكر المرحوم ، فجاز أن يقال : الله رحمن بعباده ، كما يقال : رحيم بعباده . وأيضا لو كان مشتقا من الرحمة لم تنكره العرب حين سمعوه ، إذ كانوا لا ينكرون رحمة ربهم ، وقد قال الله عز وجل : وإذا قيل لهم اسجدوا للرحمن قالوا وما الرحمن الآية . ولما كتب علي رضي الله عنه في صلح الحديبية بأمر النبي صلى الله عليه وسلم : بسم الله الرحمن الرحيم قال سهيل بن عمرو : أما ( بسم الله الرحمن الرحيم ) فما ندري ما ( بسم الله الرحمن الرحيم ) ! ولكن اكتب ما نعرف : باسمك اللهم ، الحديث . قال ابن العربي‏ : إنما جهلوا الصفة دون الموصوف ، واستدل على ذلك بقولهم : وما الرحمن ؟ ولم يقولوا : ومن الرحمن ؟ قال ابن الحصار : وكأنه رحمه الله لم يقرأ الآية الأخرى : " وهم يكفرون بالرحمن " . وذهب الجمهور من الناس إلى أن ( الرحمن ) مشتق من الرحمة مبني على المبالغة ; ومعناه ذو الرحمة الذي لا نظير له فيها ؛ فلذلك لا يثنى ولا يجمع كما يثنى ( الرحيم ) ويجمع .قال ابن الحصار : ومما يدل على الاشتقاق ما خرجه الترمذي وصححه عن عبد الرحمن بن عوف أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : قال الله عز وجل أنا الرحمن خلقت الرحم وشققت لها اسما من اسمي فمن وصلها وصلته ومن قطعها قطعته . وهذا نص في الاشتقاق ، فلا معنى للمخالفة والشقاق ، وإنكار العرب له لجهلهم بالله وبما وجب له .الثالثة والعشرون : زعم المبرد فيما ذكر ابن الأنباري في كتاب ( الزاهر ) له : أن ( الرحمن ) اسم عبراني فجاء معه ب ( الرحيم ) وأنشد :لن تدركوا المجد أو تشروا عباءكم بالخز أو تجعلوا الينبوت ضمرانا أو تتركون إلى القسين هجرتكمومسحكم صلبهم رحمان قرباناقال أبو إسحاق الزجاج في ( معاني القرآن ) : وقال أحمد بن يحيى : " الرحيم " عربي و " الرحمان " عبراني ، فلهذا جمع بينهما . وهذا القول مرغوب عنه .وقال أبو العباس : النعت قد يقع للمدح ; كما تقول : قال جرير الشاعر : وروى مطرف عن قتادة في قول الله عز وجل ( بسم الله الرحمن الرحيم ) قال : مدح نفسه . قال أبو إسحاق : وهذا قول حسن . وقال قطرب : يجوز أن يكون جمع بينهما للتوكيد . قال أبو إسحاق : وهذا قول حسن ، وفي التوكيد أعظم الفائدة ، وهو كثير في كلام العرب ، ويستغنى عن الاستشهاد ; والفائدة في ذلك ما قاله محمد بن يزيد : إنه تفضل بعد تفضل ، وإنعام بعد إنعام ، وتقوية لمطامع الراغبين ، ووعد لا يخيب آمله .الرابعة والعشرون : واختلفوا هل هما بمعنى واحد أو بمعنيين ؟ فقيل : هما بمعنى واحد ; كندمان ونديم . قالهأبو عبيدة . وقيل : ليس بناء فعلان كفعيل ، فإن فعلان لا يقع إلا على مبالغة الفعل ; نحو قولك : رجل غضبان ، للممتلئ غضبا . وفعيل قد يكون بمعنى الفاعل والمفعول . قال عملس :فأما إذا عضت بك الحرب عضة فإنك معطوف عليك رحيمف ( الرحمن ) خاص الاسم عام الفعل . و ( الرحيم ) عام الاسم خاص الفعل . هذا قول الجمهور .قال أبو علي الفارسي : ( الرحمن ) اسم عام في جميع أنواع الرحمة ، يختص به الله . ( والرحيم ) إنما هو في جهة المؤمنين ; كما قال تعالى : وكان بالمؤمنين رحيما . وقال العرزمي ( الرحمن ) بجميع خلقه في الأمطار ونعم الحواس والنعم العامة ، و ( الرحيم ) بالمؤمنين في الهداية لهم ، واللطف بهم . وقال ابن المبارك : ( الرحمن ) إذا سئل أعطى ، و ( الرحيم ) إذا لم يسأل غضب . وروى ابن ماجه في سننه والترمذي في جامعه عن أبي صالح عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من لم يسأل الله يغضب عليه لفظ الترمذي . وقال ابن ماجه : من لم يدع الله سبحانه غضب عليه . وقال : سألت أبا زرعة عن أبي صالح هذا ، فقال : هو الذي يقال له : الفارسي وهو خوزي ولا أعرف اسمه . وقد أخذ بعض الشعراء هذا المعنى فقال :الله يغضب إن تركت سؤاله وبني آدم حين يسأل يغضبوقال ابن عباس : هما اسمان رقيقان ، أحدهما أرق من الآخر ، أي أكثر رحمة .قال الخطابي : وهذا مشكل ; لأن الرقة لا مدخل لها في شيء من صفات الله تعالى .وقال الحسين بن الفضل البجلي : هذا وهم من الراوي ، لأن الرقة ليست من صفات الله تعالى في شيء ، وإنما هما اسمان رفيقان أحدهما أرفق من الآخر ، والرفق من صفات الله عز وجل ; قال النبي صلى الله عليه وسلم : إن الله رفيق يحب الرفق ويعطي على الرفق ما لا يعطي على العنف .الخامسة والعشرون : أكثر العلماء على أن ( الرحمن ) مختص بالله عز وجل ، لا يجوز أن يسمى به غيره ، ألا تراه قال : قل ادعوا الله أو ادعوا الرحمن فعادل الاسم الذي لا يشركه فيه غيره . وقال : واسأل من أرسلنا من قبلك من رسلنا أجعلنا من دون الرحمن آلهة يعبدون فأخبر أن الرحمن هو المستحق للعبادة جل وعز . وقد تجاسر مسيلمة الكذاب - لعنه الله - فتسمى برحمان اليمامة ، ولم يتسم به حتى قرع مسامعه نعت الكذاب فألزمه الله تعالى نعت الكذاب لذلك ، وإن كان كل كافر كاذبا ، فقد صار هذا الوصف لمسيلمة علما يعرف به ، ألزمه الله إياه . وقد قيل في اسمه " الرحمن " : إنه اسم الله الأعظم ذكره ابن العربي .السادسة والعشرون : الرحيم صفة مطلقة للمخلوقين ، ولما في الرحمن من العموم قدم في كلامنا على الرحيم مع موافقة التنزيل ; قاله المهدوي . وقيل : إن معنى الرحيم أي بالرحيم وصلتم إلى الله وإلى الرحمن ، ف ( الرحيم ) نعت محمد صلى الله عليه وسلم ، وقد نعته تعالى بذلك فقال : ( رؤوف رحيم ) فكأن المعنى أن يقول بسم الله الرحمن وبالرحيم ، أي وبمحمد صلى الله عليه وسلم وصلتم إلي ، أي باتباعه وبما جاء به وصلتم إلى ثوابي وكرامتي والنظر إلى وجهي والله أعلم .السابعة والعشرون : روي عن علي بن أبي طالب كرم الله وجهه أنه قال في قوله ( بسم الله ) : إنه شفاء من كل داء ، وعون على كل دواء . وأما الرحمن فهو عون لكل من آمن به ، وهو اسم لم يسم به غيره . وأما الرحيم فهو لمن تاب وآمن وعمل صالحا .وقد فسره بعضهم على الحروف ; فروي عن عثمان بن عفان أنه سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن تفسير ( بسم الله الرحمن الرحيم ) فقال : أما الباء فبلاء الله وروحه ونضرته وبهاؤه وأما السين فسناء الله وأما الميم فملك الله وأما الله فلا إله غيره وأما الرحمن فالعاطف على البر والفاجر من خلقه وأما الرحيم فالرفيق بالمؤمنين خاصة . وروي عن كعب الأحبار أنه قال : الباء بهاؤه والسين سناؤه فلا شيء أعلى منه والميم ملكه وهو على كل شيء قدير فلا شيء يعازه . وقد قيل : إن كل حرف هو افتتاح اسم من أسمائه ; فالباء مفتاح اسمه " بصير " ، والسين مفتاح اسمه " سميع " ، والميم مفتاح اسمه " مليك " ، والألف مفتاح اسمه " الله " ، واللام مفتاح اسمه " لطيف " ، والهاء مفتاح اسمه هاد ، والراء مفتاح اسمه " رازق " ، والحاء مفتاح اسمه " حليم " ، والنون مفتاح اسمه " نور " ; ومعنى هذا كله دعاء الله تعالى عند افتتاح كل شيء .الثامنة والعشرون : واختلف في وصل ( الرحيم ) ب ( الحمد لله ) ; فروي عن أم سلمة عن النبي صلى الله عليه وسلم : ( الرحيم ألحمد ) يسكن الميم ويقف عليها ، ويبتدئ بألف مقطوعة . وقرأ به قوم من الكوفيين . وقرأ جمهور الناس : ( الرحيم الحمد ) تعرب الرحيم بالخفض وبوصل الألف من ( الحمد ) . وحكى الكسائي عن بعض العرب أنها تقرأ ( الرحيم الحمد ) ، بفتح الميم وصلة الألف ; كأنه سكنت الميم وقطعت الألف ثم ألقيت حركتها على الميم وحذفت . قال ابن عطية : ولم ترو هذه قراءة عن أحد فيما علمت . وهذا نظر يحيى بن زياد في قوله تعالى : الم الله .
16:1
اَتٰۤى اَمْرُ اللّٰهِ فَلَا تَسْتَعْجِلُوْهُؕ-سُبْحٰنَهٗ وَ تَعٰلٰى عَمَّا یُشْرِكُوْنَ(۱)
اب آتا ہے اللہ کا حکم تو اس کی جلدی نہ کرو (ف۲) پاکی اور برتری ہے اسے ان شریکوں سے، (ف۳)

تفسير سورة النحل وهي مكية كلها في قول الحسن وعكرمة وعطاء وجابر . وتسمى سورة النعم بسبب ما عدد الله فيها من نعمه على عباده . وقيل : هي مكية غير قوله - تعالى - : وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به الآية ; نزلت بالمدينة في شأن التمثيل بحمزة وقتلى أحد . وغير قوله - تعالى - : واصبر وما صبرك إلا بالله . وغير قوله : ثم إن ربك للذين هاجروا الآية . وأما قوله : والذين هاجروا في الله من بعد ما ظلموا فمكي ، في شأن هجرة الحبشة . وقال ابن عباس : هي مكية إلا ثلاث آيات منها نزلت بالمدينة بعد قتل حمزة ، وهي قوله : ولا تشتروا بعهد الله ثمنا قليلا إلى قوله بأحسن ما كانوا يعملون .أتى أمر الله فلا تستعجلوه سبحانه وتعالى عما يشركونقوله تعالى : أتى أمر الله فلا تستعجلوه قيل : أتى بمعنى يأتي ; فهو كقولك : إن أكرمتني أكرمتك . وقد تقدم أن إخبار الله - تعالى - في الماضي والمستقبل سواء ; لأنه آت لا محالة ، كقوله : ونادى أصحاب الجنة أصحاب النار . و أمر الله عقابه لمن أقام على الشرك وتكذيب رسوله . قال الحسن وابن جريج والضحاك : إنه ما جاء به القرآن من فرائضه وأحكامه . وفيه بعد ; لأنه لم ينقل أن أحدا من الصحابة استعجل فرائض الله من قبل أن تفرض عليهم ، وأما مستعجلو العذاب والعقاب فذلك منقول عن كثير من كفار قريش وغيرهم ، حتى قال النضر بن الحارث : اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك الآية ، فاستعجل العذاب .قلت : قد يستدل الضحاك بقول عمر - رضي الله عنه - : وافقت ربي في ثلاث : في مقام إبراهيم ، وفي الحجاب ، وفي أسارى بدر ; خرجه مسلم والبخاري . وقد تقدم في سورة البقرة . وقال الزجاج : هو ما وعدهم به من المجازاة على كفرهم ، وهو كقوله : حتى إذا جاء أمرنا وفار التنور . وقيل : هو يوم القيامة أو ما يدل على قربها من أشراطها . قال ابن عباس : لما نزلت اقتربت الساعة وانشق القمر قال الكفار : إن هذا يزعم أن القيامة قد قربت ، فأمسكوا عن بعض ما كنتم تعملون ، فأمسكوا وانتظروا فلم يروا شيئا ، فقالوا : ما نرى شيئا فنزلت اقترب للناس حسابهم الآية . فأشفقوا وانتظروا قرب الساعة ، فامتدت الأيام فقالوا : ما نرى شيئا فنزلت أتى أمر الله فوثب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والمسلمون وخافوا ; فنزلت فلا تستعجلوه فاطمأنوا ، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : بعثت أنا والساعة كهاتين وأشار بأصبعيه : السبابة والتي تليها . يقول : إن كادت لتسبقني فسبقتها . وقال ابن عباس : كان بعث النبي - صلى الله عليه وسلم - من أشراط الساعة ، وأن جبريل لما مر بأهل السماوات مبعوثا إلى محمد - صلى الله عليه وسلم - قالوا الله أكبر ، قد قامت الساعة .قوله تعالى : سبحانه وتعالى عما يشركون أي تنزيها له عما يصفونه به من أنه لا يقدر على قيام الساعة ، وذلك أنهم يقولون : لا يقدر أحد على بعث الأموات ، فوصفوه بالعجز الذي لا يوصف به إلا المخلوق ، وذلك شرك . وقيل : عما يشركون أي عن إشراكهم . وقيل : ما بمعنى الذي أي ارتفع عن الذين أشركوا به .
16:2
یُنَزِّلُ الْمَلٰٓىٕكَةَ بِالرُّوْحِ مِنْ اَمْرِهٖ عَلٰى مَنْ یَّشَآءُ مِنْ عِبَادِهٖۤ اَنْ اَنْذِرُوْۤا اَنَّهٗ لَاۤ اِلٰهَ اِلَّاۤ اَنَا فَاتَّقُوْنِ(۲)
ملائکہ کو ایمان کی جان یعنی وحی لے کر اپنے جن بندوں پر چاہے اتارتا ہے (ف ۴) کہ ڈر سناؤ کہ میرے سوا کسی کی بندگی نہیں تو مجھ سے ڈرو (ف۵)

قوله تعالى : ينزل الملائكة بالروح من أمره على من يشاء من عباده أن أنذروا أنه لا إله إلا أنا فاتقون قرأ المفضل عن عاصم تنزل الملائكة والأصل تتنزل ، فالفعل مسند إلى الملائكة . وقرأ الكسائي عن أبي بكر عن عاصم باختلاف عنه والأعمش " تنزل الملائكة " غير مسمى الفاعل . وقرأ الجعفي عن أبي بكر عن عاصم " ننزل الملائكة " بالنون مسمى الفاعل ، الباقون " ينزل " بالياء مسمى الفاعل ، والضمير فيه لاسم الله - عز وجل - . وروي عن قتادة " تنزل الملائكة " بالنون والتخفيف . وقرأ الأعمش " تنزل بفتح التاء وكسر الزاي ، من النزول . الملائكة " رفعا مثل " تنزل الملائكة "بالروح أي بالوحي وهو النبوة ; قاله ابن عباس . نظيره يلقي الروح من أمره على من يشاء من عباده . الربيع بن أنس : بكلام الله وهو القرآن . وقيل : هو بيان الحق الذي يجب اتباعه . وقيل أرواح الخلق ; قاله مجاهد ، لا ينزل ملك إلا ومعه روح . وكذا روي عن ابن عباس أن الروح خلق من خلق الله - عز وجل - كصور ابن آدم ، لا ينزل من السماء ملك إلا ومعه واحد منهم . وقيل بالرحمة ; قاله الحسن وقتادة . وقيل بالهداية ; لأنها تحيا بها القلوب كما تحيا بالأرواح الأبدان ، وهو معنى قول الزجاج . قال الزجاج : الروح ما كان فيه من أمر الله حياة بالإرشاد إلى أمره . وقال أبو عبيدة : الروح هنا جبريل . والباء في قوله : بالروح بمعنى مع ، كقولك : خرج بثيابه ، أي مع ثيابه .من أمره أي بأمره .على من يشاء من عباده أي على الذين اختارهم الله للنبوة . وهذا رد لقولهم : لولا نزل هذا القرآن على رجل من القريتين عظيم .أن أنذروا أنه لا إله إلا أنا فاتقون تحذير من عبادة الأوثان ، ولذلك جاء الإنذار ; لأن أصله التحذير مما يخاف منه . ودل على ذلك قوله : فاتقون . وأن في موضع نصب بنزع الخافض ، أي بأن أنذروا أهل الكفر بأنه لا إله إلا الله ، " فأن " في محل نصب بسقوط الخافض أو بوقوع الإنذار عليه .
16:3
خَلَقَ السَّمٰوٰتِ وَ الْاَرْضَ بِالْحَقِّؕ-تَعٰلٰى عَمَّا یُشْرِكُوْنَ(۳)
اس نے آسمان اور زمین بجا بنائے (ف۶) وہ ان کے شرک سے برتر ہے،

قوله تعالى : خلق السماوات والأرض بالحق تعالى عما يشركون قوله تعالى : خلق السماوات والأرض بالحق أي للزوال والفناء . وقيل : بالحق أي للدلالة على قدرته ، وأن له أن يتعبد العباد بالطاعة وأن يحيي الخلق بعد الموت .تعالى عما يشركون أي من هذه الأصنام التي لا تقدر على خلق شيء .
16:4
خَلَقَ الْاِنْسَانَ مِنْ نُّطْفَةٍ فَاِذَا هُوَ خَصِیْمٌ مُّبِیْنٌ(۴)
(اس نے) آدمی کو ایک نِتھری بوند سے بنایا (ف۷) تو جبھی کھلا جھگڑالو ہے،

قوله تعالى : خلق الإنسان من نطفة فإذا هو خصيم مبين قوله تعالى : خلق الإنسان من نطفة لما ذكر الدليل على توحيده ذكر بعده الإنسان ومناكدته وتعدي طوره . والإنسان اسم للجنس . وروي أن المراد به أبي بن خلف الجمحي ، جاء إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - بعظم رميم فقال : أترى يحيي الله هذا بعد ما قد رم . وفي هذا أيضا نزل أولم ير الإنسان أنا خلقناه من نطفة فإذا هو خصيم مبين أي خلق الإنسان من ماء يخرج من بين الصلب والترائب ، فنقله أطوارا إلى أن ولد ونشأ بحيث يخاصم في الأمور . فمعنى الكلام التعجب من الإنسان وضرب لنا مثلا ونسي خلقهفإذا هو خصيم أي مخاصم ، كالنسيب بمعنى المناسب . أي يخاصم الله - عز وجل - في قدرته .مبين أي ظاهر الخصومة . وقيل : يبين عن نفسه الخصومة بالباطل . والمبين : هو المفصح عما في ضميره بمنطقه .
16:5
وَ الْاَنْعَامَ خَلَقَهَاۚ-لَكُمْ فِیْهَا دِفْءٌ وَّ مَنَافِعُ وَ مِنْهَا تَاْكُلُوْنَ(۵)
اور چوپائے پیدا کیے ان میں تمہارے لیے گرم لباس اور منفعتیں ہیں (ف۸) اور ان میں سے کھاتے ہو،

قوله تعالى : والأنعام خلقها لكم فيها دفء ومنافع ومنها تأكلون فيه ثلاث مسائل :الأولى : قوله تعالى : والأنعام خلقها لكم لما ذكر الإنسان ذكر ما من به عليه . والأنعام : الإبل والبقر والغنم . وأكثر ما يقال : نعم وأنعام للإبل ، ويقال للمجموع ولا يقال للغنم مفردة . قال حسان :عفت ذات الأصابع فالجواء إلى عذراء منزلها خلاء ديار من بني الحسحاس قفرتعفيها الروامس والسماء وكانت لا يزال بها أنيسخلال مروجها نعم وشاءفالنعم هنا الإبل خاصة . وقال الجوهري : والنعم واحد الأنعام وهي المال الراعية ، وأكثر ما يقع هذا الاسم على الإبل . قال الفراء : هو ذكر لا يؤنث ، يقولون : هذا نعم وارد ، ويجمع على نعمان مثل حمل وحملان . والأنعام تذكر وتؤنث ; قال الله - تعالى - : مما في بطونه . وفي موضع مما في بطونها . وانتصب الأنعام عطفا على الإنسان ، أو بفعل مقدر ، وهو أوجه .الثانية : قوله تعالى : دفء الدفء : السخانة ، وهو ما استدفئ به من أصوافها وأوبارها وأشعارها ، ملابس ولحف وقطف . وروي عن ابن عباس : دفؤها نسلها ; والله أعلم قال الجوهري في الصحاح : الدفء نتاج الإبل وألبانها وما ينتفع به منها ; قال الله - تعالى - : لكم فيها دفء . وفي الحديث ( لنا من دفئهم ما سلموا بالميثاق ) . والدفء أيضا السخونة ، تقول منه : دفئ الرجل دفاءة مثل كره كراهة . وكذلك دفئ دفأ مثل ظمئ ظمأ . والاسم الدفء بالكسر وهو الشيء الذي يدفئك ، والجمع الأدفاء . تقول : ما عليه دفء ; لأنه اسم . ولا تقول : ما عليك دفاءة ; لأنه مصدر . وتقول : اقعد في دفء هذا الحائط أي كنه . ورجل دفئ على فعل إذا لبس ما يدفئه . وكذلك رجل دفآن وامرأة دفأى . وقد أدفأه الثوب وتدفأ هو بالثوب واستدفأ به ، وأدفأ به وهو افتعل ; أي لبس ما يدفئه . ودفؤت ليلتنا ، ويوم دفيء على فعيل وليلة دفيئة ، وكذلك الثوب والبيت . والمدفئة الإبل الكثيرة ; لأن بعضها يدفئ بعضا بأنفاسها ، وقد يشدد . والمدفأة الإبل الكثيرة الأوبار والشحوم ; عن الأصمعي . وأنشد الشماخ :وكيف يضيع صاحب مدفآت على أثباجهن من الصقيعقوله تعالى : ومنافع قال ابن عباس : المنافع نسل كل دابة . مجاهد : الركوب والحمل والألبان واللحوم والسمن .ومنها تأكلون أفرد منفعة الأكل بالذكر لأنها معظم المنافع . وقيل : المعنى ومن لحومها تأكلون عند الذبح .الثالثة : دلت هذه الآية على لباس الصوف ، وقد لبسه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والأنبياء قبله كموسى وغيره . وفي حديث المغيرة : فغسل وجهه وعليه جبة من صوف شامية ضيقة الكمين . . . الحديث ، خرجه مسلم وغيره . قال ابن العربي : وهو شعار المتقين ولباس الصالحين وشارة الصحابة والتابعين ، واختيار الزهاد والعارفين ، وهو يلبس لينا وخشنا وجيدا ومقاربا ورديئا ، وإليه نسب جماعة من الناس الصوفية ; لأنه لباسهم في الغالب ، فالياء للنسب والهاء للتأنيث . وقد أنشدني بعض أشياخهم بالبيت المقدس طهره الله :تشاجر الناس في الصوفي واختلفوا فيه وظنوه مشتقا من الصوفولست أنحل هذا الاسم غير فتى صافى فصوفي حتى سمي الصوفي
16:6
وَ لَكُمْ فِیْهَا جَمَالٌ حِیْنَ تُرِیْحُوْنَ وَ حِیْنَ تَسْرَحُوْنَ۪(۶)
اور تمہارا ان میں تجمل ہے جب انہیں شام کو واپس لاتے ہو اور جب چرنے کو چھوڑتے ہو،

قوله تعالى : ولكم فيها جمال حين تريحون وحين تسرحون الجمال ما يتجمل به ويتزين . والجمال : الحسن . وقد جمل الرجل - بالضم - جمالا فهو جميل ، والمرأة جميلة ، وجملاء أيضا ; عن الكسائي . وأنشد :فهي جملاء كبدر طالع بزت الخلق جميعا بالجمالوقول أبي ذؤيب :جمالك أيها القلب القريحيريد : الزم تجملك وحياءك ولا تجزع جزعا قبيحا . قال علماؤنا : فالجمال يكون في الصورة وتركيب الخلقة ، ويكون في الأخلاق الباطنة ، ويكون في الأفعال . فأما جمال الخلقة فهو أمر يدركه البصر ويلقيه إلى القلب متلائما ، فتتعلق به النفس من غير معرفة بوجه ذلك ولا نسبته لأحد من البشر . وأما جمال الأخلاق فكونها على الصفات المحمودة من العلم والحكمة والعدل والعفة ، وكظم الغيظ وإرادة الخير لكل أحد . وأما جمال الأفعال فهو وجودها ملائمة لمصالح الخلق وقاضية لجلب المنافع فيهم وصرف الشر عنهم . وجمال الأنعام والدواب من جمال الخلقة ، وهو مرئي بالأبصار موافق للبصائر . ومن جمالها كثرتها وقول الناس إذا رأوها هذه نعم فلان ; قاله السدي . ولأنها إذا راحت توفر حسنها وعظم شأنها وتعلقت القلوب بها ; لأنها إذ ذاك أعظم ما تكون أسنمة وضروعا ; قاله قتادة . ولهذا المعنى قدم الرواح على السراح لتكامل درها وسرور النفس بها إذ ذاك . والله أعلم . وروى أشهب عن مالك قال : يقول الله - عز وجل - ولكم فيها جمال حين تريحون وحين تسرحون وذلك في المواشي حين تروح إلى المرعى وتسرح عليه . والرواح رجوعها بالعشي من المرعى ، والسراح بالغداة ; تقول : سرحت الإبل أسرحها سرحا وسروحا إذا غدوت بها إلى المرعى فخليتها ، وسرحت هي . المتعدي واللازم واحد .
16:7
وَ تَحْمِلُ اَثْقَالَكُمْ اِلٰى بَلَدٍ لَّمْ تَكُوْنُوْا بٰلِغِیْهِ اِلَّا بِشِقِّ الْاَنْفُسِؕ-اِنَّ رَبَّكُمْ لَرَءُوْفٌ رَّحِیْمٌۙ(۷)
اور وہ تمہارے بوجھ اٹھا کر لے جاتے ہیں ایسے شہر کی طرف کہ اس تک نہ پہنچتے مگر ادھ مرے ہوکر، بیشک تمہارا رب نہایت مہربان رحم والا ہے (ف۹)

قوله تعالى : وتحمل أثقالكم إلى بلد لم تكونوا بالغيه إلا بشق الأنفس إن ربكم لرءوف رحيم فيه ثلاث مسائل :الأولى : قوله - تعالى - : وتحمل أثقالكم الأثقال أثقال الناس من متاع وطعام وغيره ، وهو ما يثقل الإنسان حمله . وقيل : المراد أبدانهم ; يدل على ذلك قوله - تعالى - : وأخرجت الأرض أثقالها . والبلد مكة ، في قول عكرمة . وقيل : هو محمول على العموم في كل بلد مسلكه على الظهر . وشق الأنفس : مشقتها وغاية جهدها . وقراءة العامة بكسر الشين . قال الجوهري : والشق المشقة ; ومنه قوله - تعالى - : لم تكونوا بالغيه إلا بشق الأنفس وهذا قد يفتح ، حكاه أبو عبيدة . قال المهدوي : وكسر الشين وفتحها في " شق " متقاربان ، وهما بمعنى المشقة ، وهو من الشق في العصا ونحوها ; لأنه ينال منها كالمشقة من الإنسان . وقال الثعلبي : وقرأ أبو جعفر إلا بشق الأنفس وهما لغتان ، مثل رق ورق وجص وجص ورطل ورطل . وينشد قول الشاعر بكسر الشين وفتحها :وذي إبل يسعى ويحسبها له أخي نصب من شقها ودؤوبويجوز أن يكون بمعنى المصدر ، من شققت عليه أشق شقا . والشق أيضا بالكسر النصف ، يقال : أخذت شق الشاة وشقة الشاة . وقد يكون المراد من الآية هذا المعنى ; أي لم تكونوا بالغيه إلا بنقص من القوة وذهاب شق منها ، أي لم تكونوا تبلغوه إلا بنصف قوى أنفسكم وذهاب النصف الآخر . والشق أيضا الناحية من الجبل . وفي حديث أم زرع : وجدني في أهل غنيمة بشق . قال أبو عبيد : هو اسم موضع . والشق أيضا : الشقيق ، يقال :هو أخي وشق نفسي . وشق اسم كاهن من كهان العرب . والشق أيضا : الجانب ; ومنه قول امرئ القيس :إذا ما بكى من خلفها انصرفت له بشق وتحتي شقها لم يحولفهو مشترك .الثانية : من الله سبحانه بالأنعام عموما ، وخص الإبل هنا بالذكر في حمل الأثقال على سائر الأنعام ; فإن الغنم للسرح والذبح ، والبقر للحرث ، والإبل للحمل . وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : بينما رجل يسوق بقرة له قد حمل عليها التفتت إليه البقرة فقالت إني لم أخلق لهذا ولكني إنما خلقت للحرث فقال الناس سبحان الله تعجبا وفزعا أبقرة تكلم ؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : وإني أومن به وأبو بكر وعمر . فدل هذا الحديث على أن البقر لا يحمل عليها ولا تركب ، وإنما هي للحرث وللأكل والنسل والرسل .الثالثة : في هذه الآية دليل على جواز السفر بالدواب وحمل الأثقال عليها . ولكن على قدر ما تحتمله من غير إسراف في الحمل مع الرفق في السير . وقد أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - بالرفق بها والإراحة لها ومراعاة التفقد لعلفها وسقيها . وروى مسلم من حديث أبي هريرة قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : إذا سافرتم في الخصب فأعطوا الإبل حظها من الأرض وإذا سافرتم في السنة فبادروا بها نقيها رواه مالك في الموطأ عن أبي عبيد عن خالد بن معدان . وروى معاوية بن قرة قال : كان لأبي الدرداء جمل يقال له دمون ، فكان يقول : يا دمون ، لا تخاصمني عند ربك . فالدواب عجم لا تقدر أن تحتال لنفسها ما تحتاج إليه ، ولا تقدر أن تفصح بحوائجها ، فمن ارتفق بمرافقها ثم ضيعها من حوائجها فقد ضيع الشكر وتعرض للخصومة بين يدي الله - تعالى - . وروى مطر بن محمد قال : حدثنا أبو داود قال حدثنا ابن خالد قال حدثنا المسيب بن آدم قال . رأيت عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - ضرب جمالا وقال : تحمل على بعيرك ما لا يطيق .
16:8
وَّ الْخَیْلَ وَ الْبِغَالَ وَ الْحَمِیْرَ لِتَرْكَبُوْهَا وَ زِیْنَةًؕ-وَ یَخْلُقُ مَا لَا تَعْلَمُوْنَ(۸)
اور گھوڑے اور خچر اور گدھے کہ ان پر سوار ہو اور زینت کے لیے، اور وہ پیدا کرے گا (ف۱۰) جس کی تمہیں خبر نہیں، (ف۱۱)

قوله تعالى : والخيل والبغال والحمير لتركبوها وزينة ويخلق ما لا تعلمون فيه ثمان مسائل :الأولى : قوله - تعالى - : والخيل بالنصب معطوف ، أي وخلق الخيل . وقرأ ابن أبي عبلة " والخيل والبغال والحمير " بالرفع فيها كلها . وسميت الخيل خيلا لاختيالها في المشية . وواحد الخيل خائل ، كضائن واحد ضين . وقيل لا واحد له . وقد تقدم هذا في " آل عمران " وذكرنا الأحاديث هناك ولما أفرد سبحانه الخيل والبغال والحمير بالذكر دل على أنها لم تدخل تحت لفظ الأنعام وقيل دخلت ولكن أفردها بالذكر لما يتعلق بها من الركوب ; فإنه يكثر في الخيل والبغال والحمير .الثانية : قال العلماء : ملكنا الله - تعالى - الأنعام والدواب وذللها لنا ، وأباح لنا تسخيرها والانتفاع بها رحمة منه - تعالى - لنا ، وما ملكه الإنسان وجاز له تسخيره من الحيوان فكراؤه له جائز بإجماع أهل العلم ، لا اختلاف بينهم في ذلك . وحكم كراء الرواحل والدواب مذكور في كتب الفقه .الثالثة : لا خلاف بين العلماء في اكتراء الدواب والرواحل للحمل عليها والسفر بها ; لقوله - تعالى - : وتحمل أثقالكم الآية . وأجازوا أن يكري الرجل الدابة والراحلة إلى مدينة بعينها وإن لم يسم أين ينزل منها ، وكم من منهل ينزل فيه ، وكيف صفة سيره ، وكم ينزل في طريقه ، واجتزءوا بالمتعارف بين الناس في ذلك . قال علماؤنا : والكراء يجري مجرى البيوع فيما يحل منه ويحرم . قال ابن القاسم فيمن اكترى دابة إلى موضع كذا بثوب مروي ولم يصف رقعته وذرعه : لم يجز ; لأن مالكا لم يجز هذا في البيع ، ولا يجيز في ثمن الكراء إلا ما يجوز في ثمن البيع .قلت : ولا يختلف في هذا إن شاء الله ; لأن ذلك إجارة . قال ابن المنذر : وأجمع كل من يحفظ عنه من أهل العلم على أن من اكترى دابة ليحمل عليها عشرة أقفزة قمح فحمل عليها ما اشترط فتلفت أن لا شيء عليه . وهكذا إن حمل عليها عشرة أقفزة شعير . واختلفوا فيمن اكترى دابة ليحمل عليها عشرة أقفزة فحمل عليها أحد عشر قفيزا ، فكان الشافعي وأبو ثور يقولان : هو ضامن لقيمة الدابة وعليه الكراء . وقال ابن أبي ليلى : عليه قيمتها ولا أجر عليه . وفيه قول ثالث - وهو أن عليه الكراء وعليه جزء من أجر وجزء من قيمة الدابة بقدر ما زاد من الحمل ; وهذا قول النعمان ويعقوب ومحمد . وقال ابن القاسم صاحب مالك : لا ضمان عليه في قول مالك إذا كان القفيز الزائد لا يفدح الدابة ، ويعلم أن مثله لا تعطب فيه الدابة ، ولرب الدابة أجر القفيز الزائد مع الكراء الأول ; لأن عطبها ليس من أجل الزيادة . وذلك بخلاف مجاوزة المسافة ; لأن مجاوزة المسافة تعد كله فيضمن إذا هلكت في قليله وكثيره . والزيادة على الحمل المشترط اجتمع فيه إذن وتعد ، فإذا كانت الزيادة لا تعطب في مثلها علم أن هلاكها مما أذن له فيه .الرابعة : واختلف أهل العلم في الرجل يكتري الدابة بأجر معلوم إلى موضع مسمى ، فيتعدى فيتجاوز ذلك المكان ثم يرجع إلى المكان المأذون له في المصير إليه . فقالت طائفة : إذا جاوز ذلك المكان ضمن وليس عليه في التعدي كراء ; هكذا قال الثوري . وقال أبو حنيفة : الأجر له فيما سمى ، ولا أجر له فيما لم يسم ; لأنه خالف فهو ضامن ، وبه قال يعقوب . وقال الشافعي : عليه الكراء الذي سمى ، وكراء المثل فيما جاوز ذلك ، ولو عطبت لزمه قيمتها . ونحوه قال الفقهاء السبعة ، مشيخة أهل المدينة قالوا : إذا بلغ المسافة ثم زاد فعليه كراء الزيادة إن سلمت وإن هلكت ضمن . وقال أحمد وإسحاق وأبو ثور : عليه الكراء والضمان . قال ابن المنذر : وبه نقول . وقال ابن القاسم : إذا بلغ المكتري الغاية التي اكترى إليها ثم زاد ميلا ونحوه أو أميالا أو زيادة كثيرة فعطبت الدابة ، فلربها كراؤه الأول والخيار في أخذه كراء الزائد بالغا ما بلغ ، أو قيمة الدابة يوم التعدي . ابن المواز : وقد روى أنه ضامن ولو زاد خطوة . وقال ابن القاسم عن مالك في زيادة الميل ونحوه : وأما ما يعدل الناس إليه في المرحلة فلا يضمن . وقال ابن حبيب عن ابن الماجشون وأصبغ : إذا كانت الزيادة يسيرة أو جاوز الأمد الذي تكاراها إليه بيسير ، ثم رجع بها سالمة إلى موضع تكاراها إليه فماتت ، أو ماتت في الطريق إلى الموضع الذي تكاراها إليه ، فليس له إلا كراء الزيادة ، كرده لما تسلف من الوديعة . ولو زاد كثيرا مما فيه مقام الأيام الكثيرة التي يتغير في مثلها سوقها فهو ضامن ، كما لو ماتت في مجاوزة الأمد أو المسافة ; لإنه إذا كانت زيادة يسيرة مما يعلم أن ذلك مما لم يعن على قتلها فهلاكها بعد ردها إلى الموضع المأذون له فيه كهلاك ما تسلف من الوديعة بعد رده لا محالة . وإن كانت الزيادة كثيرة فتلك الزيادة قد أعانت على قتلها .الخامسة : قال ابن القاسم وابن وهب قال مالك قال الله - تعالى - : والخيل والبغال والحمير لتركبوها وزينة فجعلها للركوب والزينة ولم يجعلها للأكل ; ونحوه عن أشهب . ولهذا قال أصحابنا : لا يجوز أكل لحوم الخيل والبغال والحمير ; لأن الله - تعالى - لما نص على الركوب والزينة دل على أن ما عداه بخلافه . وقال في [ الأنعام ] ومنها تأكلون مع ما امتن الله منها من الدفء والمنافع ، فأباح لنا أكلها بالذكاة المشروعة فيها . وبهذه الآية احتج ابن عباس والحكم بن عيينة ، قال الحكم : لحوم الخيل حرام في كتاب الله ، وقرأ هذه الآية والتي قبلها وقال : هذه للأكل وهذه للركوب . وسئل ابن عباس عن لحوم الخيل فكرهها ، وتلا هذه الآية وقال : هذه للركوب ، وقرأ الآية التي قبلها والأنعام خلقها لكم فيها دفء ومنافع ثم قال : هذه للأكل . وبه قال مالك وأبو حنيفة وأصحابهما والأوزاعي ومجاهد وأبو عبيد وغيرهم ، واحتجوا بما خرجه أبو داود والنسائي والدارقطني وغيرهم عن صالح بن يحيى بن المقدام بن معديكرب عن أبيه عن جده عن خالد بن الوليد ، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى يوم خيبر عن أكل لحوم الخيل والبغال والحمير ، وكل ذي ناب من السباع أو مخلب من الطير . لفظ الدارقطني . وعند النسائي أيضا عن خالد بن الوليد أنه سمع النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول : لا يحل أكل لحوم الخيل والبغال والحمير . وقال الجمهور من الفقهاء والمحدثين : هي مباحة . وروي عن أبي حنيفة . وشذت طائفة فقالت بالتحريم ; منهم الحكم كما ذكرنا ، وروي عن أبي حنيفة . حكى الثلاث روايات عنه الروياني في بحر المذهب على مذهب الشافعي .قلت : الصحيح الذي يدل عليه النظر والخبر جواز أكل لحوم الخيل ، وأن الآية والحديث لا حجة فيهما لازمة . أما الآية فلا دليل فيها على تحريم الخيل . إذ لو دلت عليه لدلت على تحريم لحوم الحمر ، والسورة مكية ، وأي حاجة كانت إلى تجديد تحريم لحوم الحمر عام خيبر وقد ثبت في الأخبار تحليل الخيل على ما يأتي . وأيضا لما ذكر - تعالى - الأنعام ذكر الأغلب من منافعها وأهم ما فيها ، وهو حمل الأثقال والأكل ، ولم يذكر الركوب ولا الحرث بها ولا غير ذلك مصرحا به ، وقد تركب ويحرث بها ; قال الله - تعالى - : الذي جعل لكم الأنعام لتركبوا منها ومنها تأكلون . وقال في الخيل : لتركبوها وزينة فذكر أيضا أغلب منافعها والمقصود منها ، ولم يذكر حمل الأثقال عليها ، وقد تحمل كما هو مشاهد فلذلك لم يذكر الأكل . وقد بينه - عليه السلام - الذي جعل إليه بيان ما أنزل عليه ما يأتي ، ولا يلزم من كونها خلقت للركوب والزينة ألا تؤكل ، فهذه البقرة قد أنطقها خالقها الذي أنطق كل شيء فقالت : إنما خلقت للحرث . فيلزم من علل أن الخيل لا تؤكل لأنها خلقت للركوب ألا تؤكل البقر لأنها خلقت للحرث . وقد أجمع المسلمون على جواز أكلها ، فكذلك الخيل بالسنة الثابتة فيها . روى مسلم من حديث جابر قال : نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم خيبر عن لحوم الحمر الأهلية وأذن في لحوم الخيل . وقال النسائي عن جابر : أطعمنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم خيبر لحوم الخيل ونهانا عن لحوم الحمر . وفي رواية عن جابر قال : كنا نأكل لحوم الخيل على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - . فإن قيل : الرواية عن جابر بأنهم أكلوها في خيبر حكاية حال وقضية في عين ، فيحتمل أن يكونوا ذبحوا لضرورة ، ولا يحتج بقضايا الأحوال . قلنا : الرواية عنجابر وإخباره بأنهم كانوا يأكلون لحوم الخيل على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يزيل ذلك الاحتمال ، ولئن سلمناه فمعنا حديث أسماء قالت : نحرنا فرسا على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ونحن بالمدينة فأكلناه ; رواه مسلم . وكل تأويل من غير ترجيح في مقابلة النص فإنما هو دعوى ، لا يلتفت إليه ولا يعرج عليه . وقد روى الدارقطني زيادة حسنة ترفع كل تأويل في حديث أسماء ، قالت أسماء : كان لنا فرس على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أرادت أن تموت فذبحناها فأكلناها . فذبحها إنما كان لخوف الموت عليها لا لغير ذلك من الأحوال . وبالله التوفيق . فإن قيل : حيوان من ذوات الحوافر فلا يؤكل كالحمار ؟ قلنا : هذا قياس الشبه وقد اختلف أرباب الأصول في القول به ، ولئن سلمناه فهو منتقض بالخنزير ; فإنه ذو ظلف وقد باين ذوات الأظلاف ، وعلى أن القياس إذا كان في مقابلة النص فهو فاسد الوضع لا التفات إليه . قال الطبري : وفي إجماعهم على جواز ركوب ما ذكر للأكل دليل على جواز أكل ما ذكر للركوب .السادسة : وأما البغال فإنها تلحق بالحمير ، إن قلنا إن الخيل لا تؤكل ; فإنها تكون متولدة من عينين لا يؤكلان . وإن قلنا إن الخيل تؤكل ، فإنها عين متولدة من مأكول وغير مأكول فغلب التحريم على ما يلزم في الأصول . وكذلك ذبح المولود بين كافرين أحدهما من أهل الذكاة والآخر ليس من أهلها ، لا تكون ذكاة ولا تحل به الذبيحة . وقد مضى في " الأنعام " الكلام في تحريم الحمر فلا معنى للإعادة وقد علل تحريم أكل الحمار بأنه أبدى جوهره الخبيث حيث نزا على ذكر وتلوط ; فسمي رجسا .السابعة : في الآية دليل على أن الخيل لا زكاة فيها ; لأن الله سبحانه من علينا بما أباحنا منها وكرمنا به من منافعها ، فغير جائز أن يلزم فيها كلفة إلا بدليل . وقد روى مالك عن عبد الله بن دينار عن سليمان بن يسار عن عراك بن مالك عن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : ليس على المسلم في عبده ولا فرسه صدقة . وروى أبو داود عن أبي هريرة عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : ليس في الخيل والرقيق زكاة إلا زكاة الفطر في الرقيق . وبه قال مالك والشافعي والأوزاعي والليث وأبو يوسف ومحمد . وقال أبو حنيفة : إن كانت إناثا كلها أو ذكورا وإناثا ، ففي كل فرس دينار إذا كانت سائمة ، وإن شاء قومها فأخرج عن كل مائتي درهم خمسة دراهم . واحتج بأثر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : في الخيل السائمة في كل فرس دينار وبقوله - صلى الله عليه وسلم - : الخيل ثلاثة . . . الحديث . وفيه : ولم ينس حق الله في رقابها ولا ظهورها . والجواب عن الأول أنه حديث لم يروه إلا غورك السعدي عن جعفر عن محمد عن أبيه عن جابر . قال الدارقطني : تفرد به غورك عن جعفر وهو ضعيف جدا ، ومن دونه ضعفاء . وأما الحديث فالحق المذكور فيه هو الخروج عليها إذا وقع النفير وتعين بها لقتال العدو إذا تعين ذلك عليه ، ويحمل المنقطعين عليها إذا احتاجوا لذلك ، وهذا واجب عليه إذا تعين ذلك ، كما يتعين عليه أن يطعمهم عند الضرورة ، فهذه حقوق الله في رقابها . فإن قيل : هذا هو الحق الذي في ظهورها وبقي الحق الذي في رقابها ; قيل : قد روي لا ينسى حق الله فيها ولا فرق بين قوله : حق الله فيها أو في رقابها وظهورها فإن المعنى يرجع إلى شيء واحد ; لأن الحق يتعلق بجملتها . وقد قال جماعة من العلماء : إن الحق هنا حسن ملكها وتعهد شبعها والإحسان إليها وركوبها غير مشقوق عليها ; كما جاء في الحديث لا تتخذوا ظهورها كراسي . وإنما خص رقابها بالذكر لأن الرقاب والأعناق تستعار كثيرا في مواضع الحقوق اللازمة والفروض الواجبة ; ومنه قوله - تعالى - : فتحرير رقبة مؤمنة وكثر عندهم استعمال ذلك واستعارته حتى جعلوه في الرباع والأموال ; ألا ترى قول كثير :غمر الرداء إذا تبسم ضاحكا غلقت لضحكته رقاب المالوأيضا فإن الحيوان الذي تجب فيه الزكاة له نصاب من جنسه ، ولما خرجت الخيل عن ذلك علمنا سقوط الزكاة فيها . وأيضا فإيجابه الزكاة في إناثها منفردة دون الذكور تناقض منه . وليس في الحديث فصل بينهما . ونقيس الإناث على الذكور في نفي الصدقة بأنه حيوان مقتنى لنسله لا لدره ، ولا تجب الزكاة في ذكوره فلم تجب في إناثه كالبغال والحمير . وقد روي عنه أنه لا زكاة في إناثها وإن انفردت كذكورها منفردة ، وهذا الذي عليه الجمهور . قال ابن عبد البر : الخبر في صدقة الخيل عن عمر صحيح من حديث الزهري وغيره . وقد روي من حديث مالك ، ورواه عنه جويرية عن الزهري أن السائب بن يزيد قال : لقد رأيت أبي يقوم الخيل ثم يدفع صدقتها إلى عمر . وهذا حجة لأبي حنيفة وشيخه حماد بن أبي سليمان ، لا أعلم أحدا من فقهاء الأمصار أوجب الزكاة في الخيل غيرهما . تفرد به جويرية عن مالك وهو ثقة .الثامنة : قوله - تعالى - : وزينة منصوب بإضمار فعل ، المعنى : وجعلها زينة . وقيل : هو مفعول من أجله . والزينة : ما يتزين به ، وهذا الجمال والتزيين وإن كان من متاع الدنيا فقد أذن الله سبحانه لعباده فيه ; قال النبي - صلى الله عليه وسلم - : الإبل عز لأهلها والغنم بركة والخيل في نواصيها الخير . خرجه البرقاني وابن ماجه في السنن . وقد تقدم في الأنعام وإنما جمع النبي - صلى الله عليه وسلم - العز في الإبل ; لأن فيها اللباس والأكل واللبن والحمل والغزو وإن نقصها الكر والفر وجعل البركة في الغنم لما فيها من اللباس والطعام والشراب وكثرة الأولاد ; فإنها تلد في العام ثلاث مرات إلى ما يتبعها من السكينة ، وتحمل صاحبها عليه من خفض الجناح ولين الجانب ; بخلاف الفدادين أهل الوبر . وقرن النبي - صلى الله عليه وسلم - الخير بنواصي الخيل بقية الدهر لما فيها من الغنيمة المستفادة للكسب والمعاش ، وما يوصل إليه من قهر الأعداء وغلب الكفار وإعلاء كلمة الله - تعالى - .قوله تعالى : ويخلق ما لا تعلمون قال الجمهور : من الخلق . وقيل : من أنواع الحشرات والهوام في أسافل الأرض والبر والبحر مما لم يره البشر ولم يسمعوا به . وقيل : ويخلق ما لا تعلمون " مما أعد الله في الجنة لأهلها وفي النار لأهلها ، مما لم تره عين ولم تسمع به أذن ولا خطر على قلب بشر . وقال قتادة والسدي : هو خلق السوس في الثياب والدود في الفواكه . ابن عباس : عين تحت العرش ; حكاه الماوردي . الثعلبي : وقال ابن عباس عن يمين العرش نهر من النور مثل السماوات السبع والأرضين السبع والبحار السبع سبعين مرة ، يدخله جبريل كل سحر فيغتسل فيزداد نورا إلى نوره وجمالا إلى جماله وعظما إلى عظمه ، ثم ينتفض فيخرج الله من كل ريشة سبعين ألف قطرة ، ويخرج من كل قطرة سبعة آلاف ملك ، يدخل منهم كل يوم سبعون ألف ملك إلى البيت المعمور ، وفي الكعبة سبعون ألفا لا يعودون إليه إلى يوم القيامة . وقول خامس : وهو ما روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنها أرض بيضاء ، مسيرة الشمس ثلاثين يوما مشحونة خلقا لا يعلمون أن الله - تعالى - يعصى في الأرض ، قالوا : يا رسول الله ، من ولد آدم ؟ قال : لا يعلمون أن الله خلق آدم . قالوا : يا رسول الله ، فأين إبليس منهم ؟ قال : لا يعلمون أن الله خلق إبليس - ثم تلا ويخلق ما لا تعلمون ذكره الماوردي .قلت : ومن هذا المعنى ما ذكر البيهقي عن الشعبي قال : إن لله عبادا من وراء الأندلس كما بيننا وبين الأندلس ، ما يرون أن الله عصاه مخلوق ، رضراضهم الدر والياقوت وجبالهم الذهب والفضة ، لا يحرثون ولا يزرعون ولا يعملون عملا ، لهم شجر على أبوابهم لها ثمر هي طعامهم وشجر لها أوراق عراض هي لباسهم ; ذكره في بدء الخلق من " كتاب الأسماء والصفات " . وخرج من حديث موسى بن عقبة عن محمد بن المنكدر عن جابر بن عبد الله الأنصاري أنه قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : أذن لي أن أحدث عن ملك من ملائكة الله من حملة العرش ما بين شحمة أذنه إلى عاتقه مسيرة سبعمائة عام .
16:9
وَ عَلَى اللّٰهِ قَصْدُ السَّبِیْلِ وَ مِنْهَا جَآىٕرٌؕ-وَ لَوْ شَآءَ لَهَدٰىكُمْ اَجْمَعِیْنَ۠(۹)
اور بیچ کی راہ (ف۱۲) ٹھیک اللہ تک ہے اور کوئی راہ ٹیڑھی ہے (ف۱۳) اور چاہتا تو تم سب کو راہ پر لاتا، (ف۱۴)

قوله تعالى : وعلى الله قصد السبيل ومنها جائر ولو شاء لهداكم أجمعين قوله تعالى : وعلى الله قصد السبيل أي على الله بيان قصد السبيل ، فحذف المضاف وهو البيان . والسبيل : الإسلام ، أي على الله بيانه بالرسل والحجج والبراهين . وقصد السبيل : استعانة الطريق ; يقال : طريق قاصد أي يؤدي إلى المطلوب .ومنها جائر أي ومن السبيل جائر ; أي عادل عن الحق فلا يهتدى به ; ومنه قول امرئ القيس :ومن الطريقة جائر وهدى قصد السبيل ومنه ذو دخلوقال طرفة :عدولية أو من سفين ابن يامن يجور بها الملاح طورا ويهتديالعدولية سفينة منسوبة إلى عدولى قرية بالبحرين . والعدولي : الملاح ; قاله في الصحاح . وفي التنزيل وأن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ولا تتبعوا السبل . وقد تقدم وقيل : المعنى ومنهم جائر عن سبيل الحق ، أي عادل عنه فلا يهتدي إليه . وفيهم قولان : أحدهما : أنهم أهل الأهواء المختلفة ; قاله ابن عباس . الثاني : ملل الكفر من اليهودية والمجوسية والنصرانية . وفي مصحف عبد الله " ومنكم جائر " وكذا قرأ علي " ومنكم " بالكاف . وقيل : المعنى وعنها جائر ; أي عن السبيل . ف " من " بمعنى عن . وقال ابن عباس : أي من أراد الله أن يهديه سهل له طريق الإيمان ، ومن أراد أن يضله ثقل عليه الإيمان وفروعه . وقيل : معنى قصد السبيل مسيركم ورجوعكم . والسبيل واحدة بمعنى الجمع ، ولذلك أنث الكناية فقال : ومنها والسبيل مؤنثة في لغةأهل الحجاز .قوله تعالى : ولو شاء لهداكم أجمعين بين أن المشيئة لله - تعالى - ، وهو يصحح ما ذهب إليه ابن عباس في تأويل الآية ، ويرد على القدرية ومن وافقها كما تقدم .
16:10
هُوَ الَّذِیْۤ اَنْزَلَ مِنَ السَّمَآءِ مَآءً لَّكُمْ مِّنْهُ شَرَابٌ وَّ مِنْهُ شَجَرٌ فِیْهِ تُسِیْمُوْنَ(۱۰)
وہی ہے جس نے آسمان سے پانی اتارا اس سے تمہارا پینا ہے اور اس سے درخت ہیں جن سے چَراتے ہو (ف۱۵)

قوله تعالى : هو الذي أنزل من السماء ماء لكم منه شراب ومنه شجر فيه تسيمون الشراب ما يشرب ، والشجر معروف . أي ينبت من الأمطار أشجارا وعروشا ونباتا . وتسيمون ترعون إبلكم ; يقال : سامت السائمة تسوم سوما أي رعت ، فهي سائمة . والسوام والسائم بمعنى ، وهو المال الراعي . وجمع السائم والسائمة سوائم . وأسمتها أنا أي أخرجتها إلى الرعي ، فأنا مسيم وهي مسامة وسائمة . قال :أولى لك ابن مسيمة الأجمالوأصل السوم الإبعاد في المرعى . وقال الزجاج : أخذ من السومة وهي العلامة ; أي أنها تؤثر في الأرض علامات برعيها ، أو لأنها تعلم للإرسال في المرعى .قلت : والخيل المسومة تكون المرعية . وتكون المعلمة . وقوله : مسومين قال الأخفش تكون معلمين وتكون مرسلين ; من قولك : سوم فيها الخيل أي أرسلها ، ومنه السائمة ، وإنما جاء بالياء والنون لأن الخيل سومت وعليها ركبانها .
16:11
یُنْۢبِتُ لَكُمْ بِهِ الزَّرْعَ وَ الزَّیْتُوْنَ وَ النَّخِیْلَ وَ الْاَعْنَابَ وَ مِنْ كُلِّ الثَّمَرٰتِؕ-اِنَّ فِیْ ذٰلِكَ لَاٰیَةً لِّقَوْمٍ یَّتَفَكَّرُوْنَ(۱۱)
اس پانی سے تمہارے لیے کھیتی اگاتا ہے اور زیتون اور کھجور اور انگور اور ہر قسم کے پھل (ف۱۶) بیشک اس میں نشانی ہے (ف۱۷) دھیان کرنے والوں کو،

قوله تعالى : ينبت لكم به الزرع والزيتون والنخيل والأعناب ومن كل الثمرات إن في ذلك لآية لقوم يتفكرون قوله تعالى : ينبت لكم به الزرع والزيتون والنخيل والأعناب ومن كل الثمرات قرأ أبو بكر عن عاصم " ننبت " بالنون على التعظيم . العامة بالياء على معنى ينبت الله لكم ; يقال : نبتت الأرض وأنبتت بمعنى ، ونبت البقل وأنبت بمعنى . وأنشد الفراء :رأيت ذوي الحاجات حول بيوتهم قطينا بها حتى إذا أنبت البقلأي نبت . وأنبته الله فهو منبوت ، على غير قياس . وأنبت الغلام نبتت عانته . ونبت الشجر غرسه ; يقال : نبت أجلك بين عينيك . ونبت الصبي تنبيتا ربيته . والمنبت موضع النبات ; يقال : ما أحسن نابتة بني فلان ; أي ما ينبت عليه أموالهم وأولادهم . ونبتت لهم نابتة إذا نشأ لهم نشء صغار . وإن بني فلان لنابتة شر . والنوابت من الأحداث الأغمار . والنبيت حي من اليمن . والينبوت شجر ; كله عن الجوهري . والزيتون جمع زيتونة . ويقال للشجرة نفسها : زيتونة ، وللثمرة زيتونة . وقد مضى في سورة " الأنعام " حكم زكاة هذه الثمار فلا معنى للإعادة .إن في ذلك أي الإنزال والإنبات .لآية أي دلالة لقوم يتفكرون .
16:12
وَ سَخَّرَ لَكُمُ الَّیْلَ وَ النَّهَارَۙ-وَ الشَّمْسَ وَ الْقَمَرَؕ-وَ النُّجُوْمُ مُسَخَّرٰتٌۢ بِاَمْرِهٖؕ-اِنَّ فِیْ ذٰلِكَ لَاٰیٰتٍ لِّقَوْمٍ یَّعْقِلُوْنَۙ(۱۲)
اور اس نے تمہارے لیے مسخر کیے رات اور دن اور سورج اور چاند، اور ستارے اس کے حکم کے باندھے ہیں بیشک اس آیت میں نشانیاں ہیں عقل مندوں کو (ف۱۸)

قوله تعالى : وسخر لكم الليل والنهار والشمس والقمر والنجوم مسخرات بأمره إن في ذلك لآيات لقوم يعقلون قوله تعالى : وسخر لكم الليل والنهار أي للسكون والأعمال ; كما قال : ومن رحمته جعل لكم الليل والنهار لتسكنوا فيه ولتبتغوا من فضله .والشمس والقمر والنجوم مسخرات بأمره أي مذللات لمعرفة الأوقات ونضج الثمار والزرع والاهتداء بالنجوم في الظلمات . وقرأ ابن عامر وأهل الشام والشمس والقمر والنجوم مسخرات بالرفع على الابتداء والخبر . الباقون بالنصب عطفا على ما قبله . وقرأ حفص عن عاصم برفع " والنجوم " ، مسخرات خبره . وقرئ والشمس والقمر والنجوم بالنصب . مسخرات بالرفع ، وهو خبر ابتداء محذوف أي هي مسخرات ، وهي في قراءة من نصبها حال مؤكدة ; كقوله : وهو الحق مصدقا .إن في ذلك لآيات لقوم يعقلون أي يعقلون عن الله ما نبههم عليه ووفقهم له .
16:13
وَ مَا ذَرَاَ لَكُمْ فِی الْاَرْضِ مُخْتَلِفًا اَلْوَانُهٗؕ-اِنَّ فِیْ ذٰلِكَ لَاٰیَةً لِّقَوْمٍ یَّذَّكَّرُوْنَ(۱۳)
اور وہ جو تمہارے لیے زمین میں پیدا کیا رنگ برنگ (ف۱۹) بیشک اس میں نشانی ہے یاد کرنے والوں کو

قوله تعالى : وما ذرأ لكم في الأرض مختلفا ألوانه إن في ذلك لآية لقوم يذكرون فيه ثلاث مسائل :الأولى : قوله تعالى : وما ذرأ أي وسخر ما ذرأ في الأرض لكم . ذرأ أي خلق ; ذرأ الله الخلق يذرؤهم ذرءا خلقهم ، فهو ذارئ ; ومنه الذرية وهي نسل الثقلين ، إلا أن العرب تركت همزها ، والجمع الذراري . يقال : أنمى الله ذرأك وذروك ، أي ذريتك . وأصل الذرو والذرء التفريق عن جمع . وفي الحديث : ذرء النار ; أي أنهم خلقوا لها .الثانية : ما ذرأه الله سبحانه منه مسخر مذلل كالدواب والأنعام والأشجار وغيرها ، ومنه غير ذلك . والدليل عليه ما رواه مالك في الموطأ عن كعب الأحبار قال : لولا كلمات أقولهن لجعلتني يهود حمارا . فقيل له : وما هن ؟ فقال : أعوذ بوجه الله العظيم الذي ليس شيء أعظم منه ، وبكلمات الله التامات التي لا يجاوزهن بر ولا فاجر ، وبأسماء الله الحسنى كلها ما علمت منها وما لم أعلم ، من شر ما خلق وبرأ وذرأ . وفيه عن يحيى بن سعيد أنه قال : أسري برسول الله - صلى الله عليه وسلم - فرأى عفريتا من الجن يطلبه بشعلة من نار ، الحديث . وفيه : وشر ما ذرأ في الأرض . وقد ذكرناه وما في معناه في غير هذا الموضع .الثالثة : قوله تعالى : مختلفا ألوانه مختلفا نصب على الحال . وألوانه هيئاته ومناظره ، يعني الدواب والشجر وغيرها .إن في ذلك أي في اختلاف ألوانها .لآية أي لعبرة .لقوم يذكرون أي يتعظون ويعلمون أن في تسخير هذه المكونات لعلامات على وحدانية الله - تعالى - ، وأنه لا يقدر على ذلك أحد غيره .
16:14
وَ هُوَ الَّذِیْ سَخَّرَ الْبَحْرَ لِتَاْكُلُوْا مِنْهُ لَحْمًا طَرِیًّا وَّ تَسْتَخْرِجُوْا مِنْهُ حِلْیَةً تَلْبَسُوْنَهَاۚ-وَ تَرَى الْفُلْكَ مَوَاخِرَ فِیْهِ وَ لِتَبْتَغُوْا مِنْ فَضْلِهٖ وَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُوْنَ(۱۴)
اور وہی ہے جس نے تمہارے لیے دریا مسخر کیا (ف۲۰) کہ اس میں سے تازہ گوشت کھاتے ہو (ف۲۱) اور اس میں سے گہنا (زیور) نکالتے ہو جسے پہنتے ہو (ف۲۲) اور تو اس میں کشتیاں دیکھے کہ پانی چیر کر چلتی ہیں اور اس لیے کہ تم اس کا فضل تلاش کرو اور کہیں احسان مانو،

قوله : وهو الذي سخر البحر لتأكلوا منه لحما طريا وتستخرجوا منه حلية تلبسونها وترى الفلك مواخر فيه ولتبتغوا من فضله ولعلكم تشكرونفيه تسع مسائل :الأولى : قوله تعالى : وهو الذي سخر البحر تسخير البحر هو تمكين البشر من التصرف فيه وتذليله بالركوب والإرفاء وغيره ، وهذه نعمة من نعم الله علينا ، فلو شاء سلطه علينا وأغرقنا . وقد مضى الكلام في البحر وفي صيدهلتأكلوا منه لحما طريا سماه هنا لحما واللحوم عند مالك ثلاثة أجناس : فلحم ذوات الأربع جنس ، ولحم ذوات الريش جنس ، ولحم ذوات الماء جنس . فلا يجوز بيع الجنس من جنسه متفاضلا ، ويجوز بيع لحم البقر والوحش بلحم الطير والسمك متفاضلا ، وكذلك لحم الطير بلحم البقر والوحش والسمك يجوز متفاضلا . وقال أبو حنيفة : اللحم كلها أصناف مختلفة كأصولها ; فلحم البقر صنف ، ولحم الغنم صنف ، ولحم الإبل صنف ، وكذلك الوحش مختلف ، كذلك الطير ، وكذلك السمك ، وهو أحد قولي الشافعي . والقول الآخر أن الكل من النعم والصيد والطير والسمك جنس واحد لا يجوز التفاضل فيه . والقول الأول هو المشهور من مذهبه عند أصحابه . ودليلنا هو أن الله - تعالى - فرق بين أسماء الأنعام في حياتها فقال : ثمانية أزواج من الضأن اثنين ومن المعز اثنين ثم قال : ومن الإبل اثنين ومن البقر اثنين فلما أن أم بالجميع إلى اللحم قال : أحلت لكم بهيمة الأنعام فجمعها بلحم واحد لتقارب منافعها كتقارب لحم الضأن والمعز . وقال في موضع آخر : ولحم طير مما يشتهون وهذا جمع طائر الذي هو الواحد ، لقوله - تعالى - : ولا طائر يطير بجناحيه فجمع لحم الطير كله باسم واحد . وقال هنا : " لحما طريا " فجمع أصناف السمك بذكر واحد ، فكان صغاره ككباره في الجمع بينهما . وقد روي عن ابن عمر أنه سئل عن لحم المعز بلحم الكباش أشيء واحد ؟ فقال لا ; ولا مخالف له فصار كالإجماع ، والله أعلم . ولا حجة للمخالف في نهيه - صلى الله عليه وسلم - عن بيع الطعام إلا مثلا بمثل ; فإن الطعام في الإطلاق يتناول الحنطة وغيرها من المأكولات ولا يتناول اللحم ; ألا ترى أن القائل إذا قال : أكلت اليوم طعاما لم يسبق الفهم منه إلى أكل اللحم ، وأيضا فإنه معارض بقوله - صلى الله عليه وسلم - : إذا اختلف الجنسان فبيعوا كيف شئتم وهذان جنسان ، وأيضا فقد اتفقنا على جواز بيع اللحم بلحم الطير متفاضلا لا لعلة أنه بيع طعام لا زكاة له بيع بلحم ليس فيه الزكاة ، وكذلك بيع السمك بلحم الطير متفاضلا .الثانية : وأما الجراد فالمشهور عندنا جواز بيع بعضه ببعض متفاضلا . وذكر عن سحنون أنه يمنع من ذلك ، وإليه مال بعض المتأخرين ورآه مما يدخر .الثالثة : اختلف العلماء فيمن حلف ألا يأكل لحما ; فقال ابن القاسم : يحنث بكل نوع من هذه الأنواع الأربعة . وقال أشهب في المجموعة . لا يحنث إلا بكل لحوم الأنعام دون الوحش وغيره ، مراعاة للعرف والعادة ، وتقديما لها على إطلاق اللفظ اللغوي ، وهو أحسن .الرابعة : قوله تعالى : وتستخرجوا منه حلية تلبسونها يعني به اللؤلؤ والمرجان ; لقوله - تعالى - : يخرج منهما اللؤلؤ والمرجان . وإخراج الحلية إنما هي فيما عرف من الملح فقط . وقال : إن في الزمرد بحريا . وقد خطئ الهذلي في قوله في وصف الدرة :فجاء بها من درة لطمية على وجهها ماء الفرات يدومفجعلها من الماء الحلو . فالحلية حق وهي نحلة الله - تعالى - لآدم وولده . خلق آدم وتوج وكلل بإكليل الجنة ، وختم بالخاتم الذي ورثه عنه سليمان بن داود - صلوات الله عليهم - ، وكان يقال له خاتم العز فيما روي .الخامسة : امتن الله سبحانه على الرجال والنساء امتنانا عاما بما يخرج من البحر ، فلا يحرم عليهم شيء منه ، وإنما حرم الله - تعالى - على الرجال الذهب والحرير . روى الصحيح عن عمر بن الخطاب قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : لا تلبسوا الحرير فإنه من لبسه في الدنيا لم يلبسه في الآخرة . وسيأتي في سورة [ الحج ] الكلام فيه إن شاء الله . وروى البخاري عن ابن عمر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - اتخذ خاتما من ذهب ، وجعل فصه مما يلي باطن كفه ، ونقش فيه محمد رسول الله ; فاتخذ الناس مثله ; فلما رآهم قد اتخذوها رمى به وقال : لا ألبسه أبدا ثم اتخذ خاتما من فضة فاتخذ الناس خواتيم الفضة . قال ابن عمر : فلبس الخاتم بعد النبي - صلى الله عليه وسلم - أبو بكر ثم عمر ثم عثمان ، حتى وقع من عثمان في بئر أريس . قال أبو داود : لم يختلف الناس على عثمان حتى سقط الخاتم من يده . وأجمع العلماء على جواز التختم بالورق على الجملة للرجال . قال الخطابي : وكره للنساء التختم بالفضة ; لأنه من زي الرجال ، فإن لم يجدن ذهبا فليصفرنه بزعفران أو بشبهه . وجمهور العلماء من السلف والخلف على تحريم اتخاذ الرجال خاتم الذهب ، إلا ما روي عن أبي بكر بن عبد الرحمن وخباب ، وهو خلاف شاذ ، وكل منهما لم يبلغهما النهي والنسخ . والله أعلم . وأما ما رواه أنس بن مالك أنه رأى في يد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خاتما من ورق يوما واحدا ، ثم إن الناس اصطنعوا الخواتم ، من ورق ولبسوها ، فطرح رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خاتمه فطرح الناس خواتيمهم - أخرجه الصحيحان واللفظ للبخاري - فهو عند العلماء وهم من ابن شهاب ; لأن الذي نبذ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إنما هو خاتم الذهب . رواه عبد العزيز بن صهيب وقتادة عن أنس ، وهو خلاف ما روى ابن شهاب عن أنس فوجب القضاء بالجملة على الواحد إذا خالفها ، مع ما يشهد للجماعة من حديث ابن عمر .السادسة : إذا ثبت جواز التختم للرجال بخاتم الفضة والتحلي به ، فقد كره ابن سيرين وغيره من العلماء نقشه وأن يكون فيه ذكر الله . وأجاز نقشه جماعة من العلماء . ثم إذا نقش عليه اسم الله أو كلمة حكمة أو كلمات من القرآن وجعله في شماله ، فهل يدخل به الخلاء ويستنجي بشماله ؟ خففه سعيد بن المسيب ومالك . قيل لمالك : إن كان في الخاتم ذكر الله ويلبسه في الشمال أيستنجى به ؟ قال : أرجو أن يكون خفيفا . وروي عنه الكراهة وهو الأولى . وعلى المنع من ذلك أكثر أصحابه . وقد روى همام عن ابن جريج عن الزهري عن أنس قال :كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا دخل الخلاء وضع خاتمه . قال أبو داود : هذا حديث منكر ، وإنما يعرف عن ابن جريج عن زياد بن سعد عن الزهري عن أنس أن النبي - صلى الله عليه وسلم - اتخذ خاتما من ورق ثم ألقاه . قال أبو داود : لم يحدث بهذا إلا همام .السابعة : روى البخاري عن أنس بن مالك أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - اتخذ خاتما من فضة ونقش فيه " محمد رسول الله " وقال : إني اتخذت خاتما من ورق ونقشت فيه محمد رسول الله فلا ينقشن أحد على نقشه . قال علماؤنا : فهذا دليل على جواز نقش اسم صاحب الخاتم على خاتمه . قال مالك : ومن شأن الخلفاء والقضاة نقش أسمائهم على خواتيمهم ، ونهيه - عليه السلام - : لا ينقشن أحد على نقش خاتمه ، من أجل أن ذلك اسمه وصفته برسالة الله له إلى خلقه . وروى أهل الشام أنه لا يجوز الخاتم لغير ذي سلطان . وروي في ذلك حديثا عن أبي ريحانة ، وهو حديث لا حجة فيه لضعفه . وقوله - عليه السلام - : لا ينقشن أحد على نقشه يرده ويدل على جواز اتخاذ الخاتم لجميع الناس ، إذا لم ينقش على نقش خاتمه . وكان نقش خاتم الزهري " محمد يسأل الله العافية " . وكان نقش خاتم مالك " حسبي الله ونعم الوكيل " . وذكر الترمذي الحكيم في " نوادر الأصول " أن نقش خاتم موسى - عليه السلام - لكل أجل كتاب . وقد مضى في الرعد وبلغ عمر بن عبد العزيز أن ابنه اشترى خاتما بألف درهم فكتب إليه : إنه بلغني أنك اشتريت خاتما بألف درهم ، فبعه وأطعم منه ألف جائع ، واشتر خاتما من حديد بدرهم ، واكتب عليه " رحم الله امرأ عرف قدر نفسه " .الثامنة : من حلف ألا يلبس حليا فلبس لؤلؤا لم يحنث ; وبه قال أبو حنيفة . قال ابن خويز منداد : لأن هذا وإن كان الاسم اللغوي يتناوله فلم يقصده باليمين ، والأيمان تخص بالعرف ; ألا ترى أنه لو حلف ألا ينام على فراش فنام على الأرض لم يحنث ، وكذلك لا يستضيء بسراج فجلس في الشمس لا يحنث ، وإن كان الله - تعالى - قد سمى الأرض فراشا والشمس سراجا . وقال الشافعي وأبو يوسف ومحمد : من حلف ألا يلبس حليا ولبس اللؤلؤ فإنه يحنث ; لقوله - تعالى - : وتستخرجوا منه حلية تلبسونها والذي يخرج منه : اللؤلؤ والمرجان .التاسعة : قوله تعالى : وترى الفلك مواخر فيه قد تقدم ذكر الفلك وركوب البحر في ( البقرة ) وغيرها . وقوله : مواخر قال ابن عباس : جواري ، من جرت تجري . سعيد بن جبير : معترضة . الحسن : مواقر . قتادة والضحاك : أي تذهب وتجيء ، مقبلة ومدبرة بريح واحدة . وقيل : مواخر ملججة في داخل البحر ; وأصل المخر شق الماء عن يمين وشمال . مخرت السفينة تمخر وتمخر مخرا ومخورا إذا جرت تشق الماء مع صوت ; ومنه قوله - تعالى - : وترى الفلك مواخر فيه يعني جواري . وقال الجوهري : ومخر السابح إذا شق الماء بصدره ، ومخر الأرض شقها للزراعة ، ومخرها بالماء إذا حبس الماء فيها حتى تصير أريضة ; أي خليقة بجودة نبات الزرع . وقال الطبري : المخر في اللغة صوت هبوب الريح ; ولم يقيد كونه في ماء ، وقال : إن من ذلك قول واصل مولى أبي عيينة : إذا أراد أحدكم البول فليتمخر الريح ; أي لينظر في صوتها في الأجسام من أين تهب ، فيتجنب استقبالها لئلا ترد عليه بوله .ولتبتغوا من فضله أي ولتركبوه للتجارة وطلب الربح .ولعلكم تشكرون تقدم جميع هذا في ( البقرة ) والحمد لله .
16:15
وَ اَلْقٰى فِی الْاَرْضِ رَوَاسِیَ اَنْ تَمِیْدَ بِكُمْ وَ اَنْهٰرًا وَّ سُبُلًا لَّعَلَّكُمْ تَهْتَدُوْنَۙ(۱۵)
اور اس نے زمین میں لنگر ڈالے (ف۲۳) کہ کہیں تمہیں لے کر نہ کانپے اور ندیاں اور رستے کہ تم راہ پاؤ (ف۲۴)

قوله تعالى : وألقى في الأرض رواسي أن تميد بكم وأنهارا وسبلا لعلكم تهتدون قوله تعالى : وألقى في الأرض رواسي أي جبالا ثابتة . رسا يرسو إذا ثبت وأقام . قال :فصبرت عارفة لذلك حرة ترسو إذا نفس الجبان تطلعأن تميد بكم أي لئلا تميد ; عند الكوفيين . وكراهية أن تميد ; على قول البصريين . والميد : الاضطراب يمينا وشمالا ; ماد الشيء يميد ميدا إذا تحرك ; ومادت الأغصان تمايلت ، وماد الرجل تبختر . قال وهب بن منبه : خلق الله الأرض فجعلت تميد وتمور ، فقالت الملائكة . إن هذه غير مقرة أحدا على ظهرها فأصبحت وقد أرسيت بالجبال ، ولم تدر الملائكة مم خلقت الجبال . وقال علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - : لما خلق الله الأرض قمصت ومالت وقالت : أي رب ! أتجعل علي من يعمل بالمعاصي والخطايا ، ويلقي علي الجيف والنتن ! فأرسى الله - تعالى - فيها من الجبال ما ترون وما لا ترون . وروى الترمذي في آخر " كتاب التفسير " حدثنا محمد بن بشار حدثنا يزيد بن هارون أخبرنا العوام بن حوشب عن سليمان بن أبي سليمان عن أنس بن مالك عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : لما خلق الله الأرض جعلت تميد فخلق الجبال فعاد بها عليها فاستقرت فعجبت الملائكة من شدة الجبال قالوا يا رب هل من خلقك شيء أشد من الجبال قال نعم الحديد قالوا يا رب فهل من خلقك شيء أشد من الحديد قال نعم النار فقالوا يا رب فهل من خلقك شيء أشد من النار قال نعم الماء قالوا يا رب فهل من خلقك شيء أشد من الماء قال نعم الريح قالوا يا رب فهل من خلقك شيء أشد من الريح قال نعم ابن آدم تصدق بصدقة بيمينه يخفيها من شماله . قال أبو عيسى : هذا حديث غريب لا نعرفه مرفوعا إلا من هذا الوجه .قلت : وفي هذه الآية أدل دليل على استعمال الأسباب ، وقد كان قادرا على سكونها دون الجبال . وقد تقدم هذا المعنىوأنهارا أي وجعل فيها أنهارا ، أو ألقى فيها أنهارا .وسبلا أي طرقا ومسالك .لعلكم تهتدون أي إلى حيث تقصدون من البلاد فلا تضلون ولا تتحيرون .
16:16
وَ عَلٰمٰتٍؕ-وَ بِالنَّجْمِ هُمْ یَهْتَدُوْنَ(۱۶)
اور علامتیں (ف۲۵) اور ستارے سے وہ راہ پاتے ہیں (ف۲۶)

قوله تعالى : وعلامات وبالنجم هم يهتدون فيه ثلاث مسائل : الأولى : قوله تعالى : وعلامات قال ابن عباس : العلامات معالم الطرق بالنهار ; أي جعل للطريق علامات يقع الاهتداء بها .وبالنجم هم يهتدون يعني بالليل ، والنجم يراد به النجوم . وقرأ ابن وثاب " وبالنجم " . الحسن : بضم النون والجيم جميعا ومراده النجوم ، فقصره ; كما قال الشاعر :إن الفقير بيننا قاض حكم أن ترد الماء إذا غاب النجموكذلك القول لمن قرأ " النجم " إلا أنه سكن استخفافا . ويجوز أن يكون النجم جمع نجم كسقف وسقف . واختلف في النجوم ; فقال الفراء : الجدي والفرقدان . وقيل : الثريا . قال الشاعر :حتى إذا ما استقل النجم في غلس وغودر البقل ملوي ومحصودأي منه ملوي ومنه محصود ، وذلك عند طلوع الثريا يكون . وقال الكلبي : العلامات الجبال . وقال مجاهد : هي النجوم ; لأن من النجوم ما يهتدى بها ، ومنها ما يكون علامة لا يهتدى بها ; وقاله قتادة والنخعي . وقيل : تم الكلام عند قوله وعلامات ثم ابتدأ وقال : وبالنجم هم يهتدون . وعلى الأول : أي وجعل لكم علامات ونجوما تهتدون بها . ومن العلامات الرياح يهتدى بها . وفي المراد بالاهتداء قولان : أحدهما : في الأسفار ، وهذا قول الجمهور . الثاني : في القبلة . وقال ابن عباس : سألت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن قوله - تعالى - :وبالنجم هم يهتدون قال : هو الجدي يا ابن عباس ، عليه قبلتكم وبه تهتدون في بركم وبحركم ذكره الماوردي .الثانية : قال ابن العربي : أما جميع النجوم فلا يهتدي بها إلا العارف بمطالعها ومغاربها ، والفرق بين الجنوبي والشمالي منها ، وذلك قليل في الآخرين . وأما الثريا فلا يهتدي بها إلا من يهتدي بجميع النجوم . وإنما الهدى لكل أحد بالجدي والفرقدين ; لأنها من النجوم المنحصرة المطالع الظاهرة السمت الثابتة في المكان ، فإنها تدور على القطب الثابت دورانا محصلا ، فهي أبدا هدى الخلق في البر إذا عميت الطرق ، وفي البحر عند مجرى السفن ، وفي القبلة إذا جهل السمت ، وذلك على الجملة بأن تجعل القطب على ظهر منكبك الأيسر فما استقبلت فهو سمت الجهة .قلت : وسأل ابن عباس رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن النجم فقال : هو الجدي عليه قبلتكم وبه تهتدون في بركم وبحركم . وذلك أن آخر الجدي بنات نعش الصغرى والقطب الذي تستوي عليه القبلة بينها .الثالثة : قال علماؤنا : وحكم استقبال القبلة على وجهين : أحدهما : أن يراها ويعاينها فيلزمه استقبالها وإصابتها وقصد جهتها بجميع بدنه . والآخر : أن تكون الكعبة بحيث لا يراها فيلزمه التوجه نحوها وتلقاءها بالدلائل ، وهي الشمس والقمر والنجوم والرياح وكل ما يمكن به معرفة جهتها ، ومن غابت عنه وصلى مجتهدا إلى غير ناحيتها وهو ممن يمكنه الاجتهاد فلا صلاة له ; فإذا صلى مجتهدا مستدلا ثم انكشف له بعد الفراغ من صلاته أنه صلى إلى غير القبلة أعاد إن كان في وقتها ، وليس ذلك بواجب عليه ; لأنه قد أدى فرضه على ما أمر به . وقد مضى هذا المعنى في " البقرة " مستوفى والحمد لله
16:17
اَفَمَنْ یَّخْلُقُ كَمَنْ لَّا یَخْلُقُؕ-اَفَلَا تَذَكَّرُوْنَ(۱۷)
تو کیا جو بنائے (ف۲۷) وہ ایسا ہوجائے گا جو نہ بنائے (ف۲۸) تو کیا تم نصیحت نہیں مانتے،

قوله تعالى : أفمن يخلق كمن لا يخلق أفلا تذكرون قوله - تعالى - : أفمن يخلق هو الله - تعالى - . كمن لا يخلق يريد الأصنام . أفلا تذكرون أخبر عن الأوثان التي لا تخلق ولا تضر ولا تنفع ، كما يخبر عمن يعقل على ما تستعمله العرب في ذلك ; فإنهم كانوا يعبدونها فذكرت بلفظ من كقوله : ألهم أرجل . وقيل : لاقتران الضمير في الذكر بالخالق . قال الفراء : هو كقول العرب : اشتبه علي الراكب وجمله فلا أدري من ذا ومن ذا ; وإن كان أحدهما غير إنسان . قال المهدوي : ويسأل ب " من " عن البارئ - تعالى - ولا يسأل عنه ب " ما " ; لأن " ما " إنما يسأل بها عن الأجناس ، والله - تعالى - ليس بذي جنس ، ولذلك أجاب موسى - عليه السلام - حين قال له : فمن ربكما ياموسى ولم يجب حين قال له : وما رب العالمين إلا بجواب " من " وأضرب عن جواب ما حين كان السؤال فاسدا . ومعنى الآية : من كان قادرا على خلق الأشياء المتقدمة الذكر كان بالعبادة أحق ممن هو مخلوق لا يضر ولا ينفع ; هذا خلق الله فأروني ماذا خلق الذين من دونه أروني ماذا خلقوا من الأرض .
16:18
وَ اِنْ تَعُدُّوْا نِعْمَةَ اللّٰهِ لَا تُحْصُوْهَاؕ-اِنَّ اللّٰهَ لَغَفُوْرٌ رَّحِیْمٌ(۱۸)
اور اگر اللہ کی نعمتیں گنو تو انہیں شمار نہ کرسکو گے (ف۲۹) بیشک اللہ بخشنے والا مہربان ہے (ف۳۰)

قوله تعالى : وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها إن الله لغفور رحيمقوله تعالى : وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها تقدم في إبراهيم .
16:19
وَ اللّٰهُ یَعْلَمُ مَا تُسِرُّوْنَ وَ مَا تُعْلِنُوْنَ(۱۹)
اور اللہ جانتا ہے (ف۳۱) جو چھپاتے اور ظاہر کرتے ہو،

والله يعلم ما تسرون وما تعلنون أي ما تبطنونه وما تظهرونه . وقد تقدم جميع هذا مستوفى
16:20
وَ الَّذِیْنَ یَدْعُوْنَ مِنْ دُوْنِ اللّٰهِ لَا یَخْلُقُوْنَ شَیْــٴًـا وَّ هُمْ یُخْلَقُوْنَؕ(۲۰)
اور اللہ کے سوا جن کو پوجتے ہو ہیں (۳۲) وہ کچھ بھی نہیں بناتے اور (ف۳۳) وہ خود بنائے ہوئے ہیں (ف۳۴)

قوله تعالى : والذين يدعون من دون الله لا يخلقون شيئا وهم يخلقون أموات غير أحياء وما يشعرون أيان يبعثون قوله - تعالى - والذين يدعون من دون الله قراءة العامة " تدعون " بالتاء لأن ما قبله خطاب . روى أبو بكر عن عاصم وهبيرة عن حفص يدعون بالياء ، وهي قراءة يعقوب . فأما قوله : ما تسرون وما تعلنون فكلهم بالتاء على الخطاب ; إلا ما روى هبيرة عن حفص عن عاصم أنه قرأ بالياء . لا يخلقون شيئا أي لا يقدرون على خلق شيء وهم يخلقون .
16:21
اَمْوَاتٌ غَیْرُ اَحْیَآءٍۚ-وَ مَا یَشْعُرُوْنَۙ-اَیَّانَ یُبْعَثُوْنَ۠(۲۱)
مُردے ہیں (ف۳۵) زندہ نہیں اور انہیں خبر نہیں لوگ کب اٹھائے جایں گے (ف۳۶)

أموات غير أحياء أي هم أموات ، يعني الأصنام ، لا أرواح فيها ولا تسمع ولا تبصر ، أي هي جمادات فكيف تعبدونها وأنتم أفضل منها بالحياة .وما يشعرون أيان يبعثون وما يشعرون يعني الأصنام . أيان يبعثون وقرأ السلمي ، " إيان " بكسر الهمزة ، وهما لغتان ، موضعه نصب ب يبعثون وهي في معنى الاستفهام . والمعنى : لا يدرون متى يبعثون . وعبر عنها كما عبر عن الآدميين ; لأنهم زعموا أنها تعقل عنهم وتعلم وتشفع لهم عند الله - تعالى - ، فجرى خطابهم على ذلك . وقد قيل : إن الله يبعث الأصنام يوم القيامة ولها أرواح فتتبرأ من عبادتهم ، وهي في الدنيا جماد لا تعلم متى تبعث . قال ابن عباس ; تبعث الأصنام وتركب فيها الأرواح ومعها شياطينها فيتبرءون من عبدتها ، ثم يؤمر بالشياطين والمشركين إلى النار . وقيل : إن الأصنام تطرح في النار مع عبدتها يوم القيامة ; دليله إنكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم . وقيل : تم الكلام عند قوله : لا يخلقون شيئا وهم يخلقون ثم ابتدأ فوصف المشركين بأنهم أموات ، وهذا الموت موت كفر . وما يشعرون أيان يبعثون أي وما يدري الكفار متى يبعثون ، أي وقت البعث ; لأنهم لا يؤمنون بالبعث حثى يستعدوا للقاء الله وقيل : أي وما يدريهم متى الساعة ، ولعلها تكون قريبا .
16:22
اِلٰهُكُمْ اِلٰهٌ وَّاحِدٌۚ-فَالَّذِیْنَ لَا یُؤْمِنُوْنَ بِالْاٰخِرَةِ قُلُوْبُهُمْ مُّنْكِرَةٌ وَّ هُمْ مُّسْتَكْبِرُوْنَ(۲۲)
تمہارا معبوثد ایک معبود ہے (ف۳۷) تو وہ جو آخرت پر ایمان نہیں لاتے ان کے دل منکر ہیں (ف۳۸) اور وہ مغرور ہیں (ف۳۹)

قوله تعالى : إلهكم إله واحد فالذين لا يؤمنون بالآخرة قلوبهم منكرة وهم مستكبرونقوله تعالى : إلهكم إله واحد لما بين استحالة الإشراك بالله - تعالى - بين أن المعبود واحد لا رب غيره ولا معبود سواه .فالذين لا يؤمنون بالآخرة قلوبهم منكرة أي لا تقبل الوعظ ولا ينفع فيها الذكر ، وهذا رد على القدرية .وهم مستكبرون متكبرون متعظمون عن قبول الحق . وقد تقدم في ( البقرة ) معنى الاستكبار
16:23
لَا جَرَمَ اَنَّ اللّٰهَ یَعْلَمُ مَا یُسِرُّوْنَ وَ مَا یُعْلِنُوْنَؕ-اِنَّهٗ لَا یُحِبُّ الْمُسْتَكْبِرِیْنَ(۲۳)
فی الحقیقت اللہ جانتا ہے جو چھپاتے اور جو ظاہر کرتے ہیں، بیشک وہ مغروروں کو پسند نہیں فرماتا،

لا جرم أن الله يعلم ما يسرون وما يعلنون أي من القول والعمل فيجازيهم . قال الخليل : لا جرم كلمة تحقيق ولا تكون إلا جوابا ; يقال : فعلوا ذلك ; فيقال : لا جرم سيندمون . أي حقا أن لهم النار . وقد مضى القول في هذا في " هود " مستوفىإنه لا يحب المستكبرين أي لا يثيبهم ولا يثني عليهم . وعن الحسين بن علي أنه مر بمساكين قد قدموا كسرا بينهم وهم يأكلون فقالوا : الغذاء يا أبا عبد الله ، فنزل وجلس معهم وقال : إنه لا يحب المستكبرين فلما فرغ قال : قد أجبتكم فأجيبوني ; فقاموا معه إلى منزله فأطعمهم وسقاهم وأعطاهم وانصرفوا . قال العلماء . وكل ذنب يمكن التستر منه وإخفاؤه إلا الكبر ; فإنه فسق يلزمه الإعلان ، وهو أصل العصيان كله . وفي الحديث الصحيح إن المستكبرين يحشرون أمثال الذر يوم القيامة يطؤهم الناس بأقدامهم لتكبرهم . أو كما قال - صلى الله عليه وسلم - : تصغر لهم أجسامهم في المحشر حتى يضرهم صغرها وتعظم لهم في النار حتى يضرهم عظمها .
16:24
وَ اِذَا قِیْلَ لَهُمْ مَّا ذَاۤ اَنْزَلَ رَبُّكُمْۙ-قَالُوْۤا اَسَاطِیْرُ الْاَوَّلِیْنَۙ(۲۴)
اور جب ان سے کہا جائے (ف۴۰) تمہارے رب نے کیا اتارا (ف۴۱) کہیں اگلوں کی کہانیاں ہیں (ف۴۲)

قوله تعالى : وإذا قيل لهم ماذا أنزل ربكم قالوا أساطير الأولين قوله - تعالى - وإذا قيل لهم ماذا أنزل ربكم يعني وإذا قيل لمن تقدم ذكره ممن لا يؤمن بالآخرة وقلوبهم منكرة بالبعث ماذا أنزل ربكم . قيل : القائل النضر بن الحارث ، وأن الآية نزلت فيه ، وكان خرج إلى الحيرة فاشترى أحاديث " كليلة ودمنة " فكان يقرأ على قريش ويقول : ما يقرأ محمد على أصحابه إلا أساطير الأولين ; أي ليس هو من تنزيل ربنا . وقيل : إن المؤمنين هم القائلون لهم اختبارا فأجابوا بقولهم : أساطير الأولين فأقروا بإنكار شيء هو أساطير الأولين . والأساطير : الأباطيل والترهات . وقد تقدم في الأنعام والقول في ماذا أنزل ربكم كالقول في ماذا ينفقون وقوله : أساطير الأولين . خبر ابتداء محذوف ، التقدير : الذي أنزله أساطير الأولين .
16:25
لِیَحْمِلُوْۤا اَوْزَارَهُمْ كَامِلَةً یَّوْمَ الْقِیٰمَةِۙ-وَ مِنْ اَوْزَارِ الَّذِیْنَ یُضِلُّوْنَهُمْ بِغَیْرِ عِلْمٍؕ-اَلَا سَآءَ مَا یَزِرُوْنَ۠(۲۵)
کہ قیامت کے دن اپنے (ف۴۳) بوجھ پورے اٹھائیں اور کچھ بوجھ ان کے جنہیں اپنی جہالت سے گمراہ کرتے ہیں، سن لو کیا ہی برا بوجھ اٹھاتے ہیں،

قوله تعالى : ليحملوا أوزارهم كاملة يوم القيامة ومن أوزار الذين يضلونهم بغير علم ألا ساء ما يزرون قوله تعالى : ليحملوا أوزارهم قيل : هي لام كي ، وهي متعلقة بما قبلها . وقيل : لام العاقبة ، كقوله : ليكون لهم عدوا وحزنا . أي قولهم في القرآن والنبي أداهم إلى أن حملوا أوزارهم ; أي ذنوبهم . وقيل : هي لام الأمر ، والمعنى التهدد .كاملة لم يتركوا منها شيئا لنكبة أصابتهم في الدنيا بكفرهم .ومن أوزار الذين يضلونهم بغير علم قال مجاهد : يحملون وزر من أضلوه ولا ينقص من إثم المضل شيء . وفي الخبر أيما داع دعا إلى ضلالة فاتبع فإن عليه مثل أوزار من اتبعه من غير أن ينقص من أوزارهم شيء وأيما داع دعا إلى هدى فاتبع فله مثل أجورهم من غير أن ينقص من أجورهم شيء خرجه مسلم بمعناه . ومن للجنس لا للتبعيض ; فدعاة الضلالة عليهم مثل أوزار من اتبعهم .بغير علم أي يضلون الخلق جهلا منهم بما يلزمهم من الآثام ; إذ لو علموا لما أضلوا .ألا ساء ما يزرون أي بئس الوزر الذي يحملونه . ونظير هذه الآية وليحملن أثقالهم وأثقالا مع أثقالهم وقد تقدم في آخر " الأنعام " بيان قوله : ولا تزر وازرة وزر أخرى .
16:26
قَدْ مَكَرَ الَّذِیْنَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَاَتَى اللّٰهُ بُنْیَانَهُمْ مِّنَ الْقَوَاعِدِ فَخَرَّ عَلَیْهِمُ السَّقْفُ مِنْ فَوْقِهِمْ وَ اَتٰىهُمُ الْعَذَابُ مِنْ حَیْثُ لَا یَشْعُرُوْنَ(۲۶)
بیشک ان سے اگلوں نے (ف۴۴) فریب کیا تھا تو اللہ نے ان کی چنائی کو نیو سے (تعمیر کو بنیاد) سے لیا تو اوپر سے ان پر چھت گر پڑی اور عذاب ان پر وہاں سے آیا جہاں کی انہیں خبر نہ تھی (ف۴۵)

قوله تعالى : قد مكر الذين من قبلهم فأتى الله بنيانهم من القواعد فخر عليهم السقف من فوقهم وأتاهم العذاب من حيث لا يشعرونقوله تعالى : قد مكر الذين من قبلهم أي سبقهم بالكفر أقوام مع الرسل المتقدمين فكانت العاقبة الجميلة للرسل .فأتى الله بنيانهم من القواعد فخر عليهم السقف من فوقهم قال ابن عباس وزيد بن أسلم وغيرهما : إنه النمرود بن كنعان وقومه ، أرادوا صعود السماء وقتال أهله ; فبنوا الصرح ليصعدوا منه بعد أن صنع بالنسور ما صنع ، فخر . كما تقدم بيانه في آخر سور [ إبراهيم ] . ومعنى فأتى الله بنيانهم أي أتى أمره البنيان ، إما زلزلة أو ريحا فخربته . قال ابن عباس ووهب : كان طول الصرح في السماء خمسة آلاف ذراع ، وعرضه ثلاثة آلاف . وقال كعب ومقاتل : كان طول فرسخين ، فهبت ريح فألقت رأسه في البحر وخر عليهم الباقي . ولما سقط الصرح تبلبلت ألسن الناس من الفزع يومئذ ، فتكلموا بثلاثة وسبعين لسانا ، فلذلك سمي بابل ، وما كان لسان قبل ذلك إلا السريانية . وقد تقدم هذا المعنى في " البقرة " وقرأ ابن هرمز وابن محيصن " السقف " بضم السين والقاف جميعا . وضم مجاهد السين وأسكن القاف تخفيفا ; كما تقدم في " وبالنجم " في الوجهين . والأشبه أن يكون جمع سقف . والقواعد : أصول البناء ، وإذا اختلت القواعد سقط البناء . وقوله : من فوقهم قال ابن الأعرابي : وكد ليعلمك أنهم كانوا حالين تحته . والعرب تقول : خر علينا سقف ووقع علينا حائط إذا كان يملكه وإن لم يكن وقع عليه . فجاء بقوله : من فوقهم ليخرج هذا الشك الذي في كلام العرب فقال : من فوقهم أي عليهم وقع وكانوا تحته فهلكوا وما أفلتوا . وقيل : إن المراد بالسقف السماء ; أي إن العذاب أتاهم من السماء التي هي فوقهم ; قال ابن عباس . وقيل : إن قوله : فأتى الله بنيانهم من القواعد تمثيل ، والمعنى : أهلكهم فكانوا بمنزلة من سقط عليه بنيانه . وقيل : المعنى أحبط الله أعمالهم فكانوا بمنزلة من سقط بنيانه . وقيل : المعنى أبطل مكرهم وتدبيرهم فهلكوا كما هلك من نزل عليه السقف من فوقه . وعلى هذا اختلف في الذين خر عليهم السقف ; فقال ابن عباس وابن زيد ما تقدم . وقيل : إنه بختنصر وأصحابه ; قال بعض المفسرين . وقيل : المراد المقتسمون الذين ذكرهم الله في سورة الحجر ; قال الكلبي . وعلى هذا التأويل يخرج وجه التمثيل ، والله أعلم .وأتاهم العذاب من حيث لا يشعرون أي من حيث ظنوا أنهم في أمان . وقال ابن عباس : يعني البعوضة التي أهلك الله بها نمرودا .
16:27
ثُمَّ یَوْمَ الْقِیٰمَةِ یُخْزِیْهِمْ وَ یَقُوْلُ اَیْنَ شُرَكَآءِیَ الَّذِیْنَ كُنْتُمْ تُشَآقُّوْنَ فِیْهِمْؕ-قَالَ الَّذِیْنَ اُوْتُوا الْعِلْمَ اِنَّ الْخِزْیَ الْیَوْمَ وَ السُّوْٓءَ عَلَى الْكٰفِرِیْنَۙ(۲۷)
پھر قیامت کے دن انہیں رسوا کرے گا اور فرمائے گا کہاں ہیں میرے وہ شریک (ف۴۶) جن میں تم جھگڑتے تھے (ف۴۷) علم والے (ف۴۸) کہیں گے آج ساری رسوائی اور برائی (ف۴۹) کافروں پر ہے

قوله تعالى : ثم يوم القيامة يخزيهم ويقول أين شركائي الذين كنتم تشاقون فيهم قال الذين أوتوا العلم إن الخزي اليوم والسوء على الكافرينقوله تعالى : ثم يوم القيامة يخزيهم أي يفضحهم بالعذاب ويذلهم به ويهينهمويقول أين شركائي أي بزعمكم وفي دعواكم ، أي الآلهة التي عبدتم دوني ، وهو سؤال توبيخ . وقرأ ابن كثير " شركاي " بياء مفتوحة من غير همز ، والباقون بالهمز .الذين كنتم تشاقون فيهم أي تعادون أنبيائي بسببهم ، فليدفعوا عنكم هذا العذاب . وقرأ نافع " تشاقون " بكسر النون على الإضافة ، أي تعادونني فيهم . وفتحها الباقون .قال الذين أوتوا العلم قال ابن عباس : أي الملائكة . وقيل المؤمنون .إن الخزي اليوم أي الهوان والذل يوم القيامة .والسوء على الكافرين أي العذاب . على الكافرين .
16:28
الَّذِیْنَ تَتَوَفّٰىهُمُ الْمَلٰٓىٕكَةُ ظَالِمِیْۤ اَنْفُسِهِمْ۪-فَاَلْقَوُا السَّلَمَ مَا كُنَّا نَعْمَلُ مِنْ سُوْٓءٍؕ-بَلٰۤى اِنَّ اللّٰهَ عَلِیْمٌۢ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُوْنَ(۲۸)
وہ کہ فرشتے ان کی جان نکالتے ہیں اس حال پر کیا وہ اپنا برا کررہے تھے (ف۵۰) اب صلح ڈالیں گے (ف۵۱) کہ ہم تو کچھ برائی نہ کرتے تھے (ف۵۲) ہاں کیوں نہیں، بیشک اللہ خوب جانتا ہے جو تمہارے کوتک (برے اعمال) تھے (ف۵۳)

قوله تعالى : الذين تتوفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم فألقوا السلم ما كنا نعمل من سوء بلى إن الله عليم بما كنتم تعملونقوله تعالى : الذين تتوفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم هذا من صفة الكافرين . و ظالمي أنفسهم نصب على الحال ; أي وهم ظالمون أنفسهم إذ أوردوها موارد الهلاك . فألقوا السلم أي الاستسلام . أي أقروا لله بالربوبية وانقادوا عند الموت وقالوا : ما كنا نعمل من سوء أي من شرك . فقالت لهم الملائكة : بلى قد كنتم تعملون الأسواء . إن الله عليم بما كنتم تعملون وقال عكرمة . نزلت هذه الآية بالمدينة في قوم أسلموا بمكة ولم يهاجروا ، فأخرجتهم قريش إلى بدر كرها فقتلوا بها ; فقال : الذين تتوفاهم الملائكة بقبض أرواحهم . ظالمي أنفسهم في مقامهم بمكة وتركهم الهجرة . فألقوا السلم يعني في خروجهم معهم . وفيه ثلاثة أوجه : أحدها : أنه الصلح ; قاله الأخفش . الثاني : الاستسلام ; قاله قطرب . الثالث : الخضوع ; قاله مقاتل . ما كنا نعمل من سوء يعني من كفر . بلى إن الله عليم بما كنتم تعملون يعني أن أعمالهم أعمال الكفار . وقيل : إن بعض المسلمين لما رأوا قلة المؤمنين رجعوا إلى المشركين ; فنزلت فيهم . وعلى القول الأول فلا يخرج كافر ولا منافق من الدنيا حتى ينقاد ويستسلم ، ويخضع ويذل ، ولا تنفعهم حينئذ توبة ولا إيمان ; كما قال : فلم يك ينفعهم إيمانهم لما رأوا بأسنا . وقد تقدم هذا المعنى وتقدم في " الأنفال " أن الكفار يتوفون بالضرب والهوان وكذلك في " الأنعام " وقد ذكرناه في كتاب التذكرة
16:29
فَادْخُلُوْۤا اَبْوَابَ جَهَنَّمَ خٰلِدِیْنَ فِیْهَاؕ-فَلَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِیْنَ(۲۹)
اب جہنم کے دروازوں میں جاؤ کہ ہمیشہ اس میں رہو، تو کیا ہی برا ٹھکانا مغروروں کا،

قوله تعالى : فادخلوا أبواب جهنم خالدين فيها فلبئس مثوى المتكبرين قوله تعالى : فادخلوا أبواب جهنم أي يقال لهم ذلك عند الموت . وقيل : هو بشارة لهم بعذاب القبر ; إذ هو باب من أبواب جهنم للكافرين . وقيل : لا تصل أهل الدركة الثانية إليها مثلا إلا بدخول الدركة الأولى ثم الثانية ثم الثالثة هكذا . وقيل : لكل دركة باب مفرد ، فالبعض يدخلون من باب والبعض يدخلون من باب آخر . فالله أعلم .خالدين فيها أي ماكثين فيها .فلبئس مثوى أي مقامالمتكبرين الذين تكبروا عن الإيمان وعن عبادة الله - تعالى - ، وقد بينهم بقوله الحق : إنهم كانوا إذا قيل لهم لا إله إلا الله يستكبرون .
16:30
وَ قِیْلَ لِلَّذِیْنَ اتَّقَوْا مَا ذَاۤ اَنْزَلَ رَبُّكُمْؕ-قَالُوْا خَیْرًاؕ-لِلَّذِیْنَ اَحْسَنُوْا فِیْ هٰذِهِ الدُّنْیَا حَسَنَةٌؕ-وَ لَدَارُ الْاٰخِرَةِ خَیْرٌؕ-وَ لَنِعْمَ دَارُ الْمُتَّقِیْنَۙ(۳۰)
اور ڈر والوں (ف۵۴) سے کہا گیا تمہارے رب رب نے کیا اتارا، بولے خوبی (ف۵۵) جنہوں نے اس دنیا میں بھلائی کی (ف۵۶) ان کے لیے بھلائی ہے (ف۵۷) اور بیشک پچھلا گھر سب سے بہتر، اور ضرور (ف۵۸) کیا ہی اچھا گھر پرہیزگاروں کا

قوله تعالى : وقيل للذين اتقوا ماذا أنزل ربكم قالوا خيرا للذين أحسنوا في هذه الدنيا حسنة ولدار الآخرة خير ولنعم دار المتقين جنات عدن يدخلونها تجري من تحتها الأنهار لهم فيها ما يشاءون كذلك يجزي الله المتقين الذين تتوفاهم الملائكة طيبين يقولون سلام عليكم ادخلوا الجنة بما كنتم تعملونقوله تعالى : وقيل للذين اتقوا ماذا أنزل ربكم قالوا خيرا أي قالوا : أنزل خيرا ; وتم الكلام . وماذا على هذا اسم واحد . وكان يرد الرجل من العرب مكة في أيام الموسم فيسأل المشركين عن محمد - عليه السلام - فيقولون : ساحر أو شاعر أو كاهن أو مجنون . ويسأل المؤمنين فيقولون : أنزل الله عليه الخير والهدى ، والمراد القرآن . وقيل : إن هذا يقال لأهل الإيمان يوم القيامة . قال الثعلبي : فإن قيل : لم ارتفع الجواب في قوله : أساطير الأولين وانتصب في قوله : خيرا فالجواب أن المشركين لم يؤمنوا بالتنزيل ، فكأنهم قالوا : الذي يقوله محمد هو أساطير الأولين . والمؤمنين آمنوا بالنزول فقالوا : أنزل خيرا ، وهذا مفهوم معناه من الإعراب ، والحمد لله .قوله تعالى : للذين أحسنوا في هذه الدنيا حسنة قيل : هو من كلام الله - عز وجل - . وقيل : هو من جملة كلام الذين اتقوا . والحسنة هنا : الجنة ; أي من أطاع الله فله الجنة غدا . وقيل : للذين أحسنوا اليوم حسنة في الدنيا من النصر والفتح والغنيمةولدار الآخرة خير أي ما ينالون في الآخرة من ثواب الجنة خير وأعظم من دار الدنيا ; لفنائها وبقاء الآخرة .ولنعم دار المتقين فيه وجهان : قال الحسن : المعنى ولنعم دار المتقين الدنيا ; لأنهم نالوا بالعمل فيها ثواب الآخرة ودخول الجنة . وقيل : المعنى ولنعم دار المتقين الآخرة ; وهذا قول الجمهور .
16:31
جَنّٰتُ عَدْنٍ یَّدْخُلُوْنَهَا تَجْرِیْ مِنْ تَحْتِهَا الْاَنْهٰرُ لَهُمْ فِیْهَا مَا یَشَآءُوْنَؕ-كَذٰلِكَ یَجْزِی اللّٰهُ الْمُتَّقِیْنَۙ(۳۱)
بسنے کے باغ جن میں جائیں گے ان کے نیچے نہریں رواں انہیں وہاں ملے گا جو چاہیں (ف۵۹) اللہ ایسا ہی صلہ دیتا ہے پرہیزگاروں کو

وعلى هذا تكون جنات عدن بدلا من الدار فلذلك ارتفع .وقيل : ارتفع على تقدير هي جنات ، فهي مبينة لقوله : دار المتقين . أو تكون مرفوعة بالابتداء ، التقدير : جنات عدن نعم دار المتقين .يدخلونها في موضع الصفة ، أي مدخولة . وقيل : جنات رفع بالابتداء ، وخبره يدخلونها وعليه يخرج قول الحسن . والله أعلم .تجري في موضع النعت لجنات وهو مرفوع ، لأنه فعل مستقبل فحذفت الضمة من الياء لثقلها معها .من تحتها أي من تحت أشجارها ، ولم يجر لها ذكر ، لأن الجنات دالة عليها .الأنهار أي ماء الأنهار ، فنسب الجري إلى الأنهار توسعا ، وإنما يجري الماء وحده فحذف اختصارا ، كما قال - تعالى - : واسأل القرية أي أهلها . وقال الشاعر :نبئت أن النار بعدك أوقدت واستب بعدك يا كليب المجلسأراد : أهل المجلس ; فحذف . والنهر : مأخوذ من أنهرت ، أي وسعت ، ومنه قول قيس بن الخطيم :ملكت بها كفي فأنهرت فتقها يرى قائم من دونها ما وراءهاأي وسعتها ، يصف طعنة . ومنه قول النبي - صلى الله عليه وسلم - : ما أنهر الدم وذكر اسم الله عليه فكلوه . معناه : ما وسع الذبح حتى يجري الدم كالنهر . وجمع النهر : نهر وأنهار . ونهر نهر : كثير الماء ; قال أبو ذؤيب :أقامت به فابتنت خيمة على قصب وفرات نهروروي : أن أنهار الجنة ليست في أخاديد ، إنما تجري على سطح الجنة منضبطة بالقدرة حيث شاء أهلها . والوقف على الأنهار حسن وليس بتام ،لهم فيها ما يشاءون أي مما تمنوه وأرادوه .كذلك يجزي الله المتقين أي مثل هذا الجزاء يجزي الله المتقين .
16:32
الَّذِیْنَ تَتَوَفّٰىهُمُ الْمَلٰٓىٕكَةُ طَیِّبِیْنَۙ-یَقُوْلُوْنَ سَلٰمٌ عَلَیْكُمُۙ-ادْخُلُوا الْجَنَّةَ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُوْنَ(۳۲)
وہ جن کی جان نکالتے ہیں فرشتے ستھرے پن میں (ف۶۰) یہ کہتے ہوئے کہ سلامتی ہو تم پر (ف۶۱) جنت میں جاؤ بدلہ اپنے کیے کا،

الذين تتوفاهم الملائكة طيبين قرأ الأعمش وحمزة يتوفاهم الملائكة في الموضعين بالياء ، واختاره أبو عبيد ; لما روي عن ابن مسعود أنه قال : إن قريشا زعموا أن الملائكة إناث فذكروهم أنتم . الباقون بالتاء ; لأن المراد به الجماعة من الملائكة . وطيبين فيه ستة أقوال : الأول : طيبين طاهرين من الشرك . الثاني : صالحين . الثالث : زاكية أفعالهم وأقوالهم . الرابع : طيبين الأنفس ثقة بما يلقونه من ثواب الله - تعالى - . الخامس : طيبة نفوسهم بالرجوع إلى الله . السادس : طيبين أن تكون وفاتهم طيبة سهلة لا صعوبة فيها ولا ألم ; بخلاف ما تقبض به روح الكافر والمخلط . والله أعلم .يقولون سلام عليكم يحتمل وجهين : أحدهما : أن يكون السلام إنذارا لهم بالوفاة . الثاني : أن يكون تبشيرا لهم بالجنة ; لأن السلام أمان . وذكر ابن المبارك قال : حدثني حيوة قال أخبرني أبو صخر عن محمد بن كعب القرظي قال : إذا استنقعت نفس العبد المؤمن جاءه ملك الموت فقال : السلام عليك ولي الله الله يقرأ عليك السلام . ثم نزع بهذه الآية " الذين تتوفاهم الملائكة طيبين يقولون سلام عليكم " . وقال ابن مسعود : إذا جاء ملك الموت يقبض روح المؤمن قال : ربك يقرئك السلام . وقال مجاهد : إن المؤمن ليبشر بصلاح ولده من بعده لتقر عينه . وقد أتينا على هذا في ( كتاب التذكرة ) وذكرنا هناك الأخبار الواردة في هذا المعنى ، والحمد لله .وقوله : ادخلوا الجنة يحتمل وجهين : أحدهما : أن يكون معناه أبشروا بدخول الجنة . الثاني : أن يقولوا ذلك لهم في الآخرةبما كنتم تعملون يعني في الدنيا من الصالحات .
16:33
هَلْ یَنْظُرُوْنَ اِلَّاۤ اَنْ تَاْتِیَهُمُ الْمَلٰٓىٕكَةُ اَوْ یَاْتِیَ اَمْرُ رَبِّكَؕ-كَذٰلِكَ فَعَلَ الَّذِیْنَ مِنْ قَبْلِهِمْؕ-وَ مَا ظَلَمَهُمُ اللّٰهُ وَ لٰكِنْ كَانُوْۤا اَنْفُسَهُمْ یَظْلِمُوْنَ(۳۳)
کاہے کے انتظار میں ہیں (ف۶۲) مگر اس کے کہ فرشتے ان پر آئیں (ف۶۳) یا تمہارے رب کا عذاب آئے (ف۶۴) ان سے اگلوں نے ایسا ہی کیا (ف۶۵) اور اللہ نے ان پر کچھ ظلم نہ کیا، ہاں وہ خود ہی (ف۶۶) اپنی جانوں پر ظلم کرتے تھے،

قوله تعالى : هل ينظرون إلا أن تأتيهم الملائكة أو يأتي أمر ربك كذلك فعل الذين من قبلهم وما ظلمهم الله ولكن كانوا أنفسهم يظلمونقوله تعالى : هل ينظرون إلا أن تأتيهم الملائكة هذا راجع إلى الكفار ، أي ما ينتظرون إلا أن تأتيهم الملائكة لقبض أرواحهم وهم ظالمون لأنفسهم . وقرأ الأعمش وابن وثاب وحمزة والكسائي وخلف " يأتيهم الملائكة " بالياء . والباقون بالتاء على ما تقدم .أو يأتي أمر ربك أي بالعذاب من القتل كيوم بدر ، أو الزلزلة والخسف في الدنيا . وقيل : المراد يوم القيامة . والقوم لم ينتظروا هذه الأشياء لأنهم ما آمنوا بها ، ولكن امتناعهم عن الإيمان أوجب عليهم العذاب ، فأضيف ذلك إليهم ، أي عاقبتهم العذاب .كذلك فعل الذين من قبلهم أي أصروا على الكفر فأتاهم أمر الله فهلكوا .وما ظلمهم الله ولكن كانوا أنفسهم يظلمون أي ما ظلمهم الله بتعذيبهم وإهلاكهم ، ولكن ظلموا أنفسهم بالشرك .
16:34
فَاَصَابَهُمْ سَیِّاٰتُ مَا عَمِلُوْا وَ حَاقَ بِهِمْ مَّا كَانُوْا بِهٖ یَسْتَهْزِءُوْنَ۠(۳۴)
تو ان کی بری کمائیاں ان پر پڑیں (ف۶۷) اور انہیں گھیرلیا اس (ف۶۸) نے جس پر ہنستے تھے،

قوله تعالى : فأصابهم سيئات ما عملوا وحاق بهم ما كانوا به يستهزئون قوله تعالى : فأصابهم سيئات ما عملوا قيل : فيه تقديم وتأخير ; التقدير : كذلك فعل الذين من قبلهم فأصابهم سيئات ما عملوا ، وما ظلمهم الله ولكن كانوا أنفسهم يظلمون ، فأصابهم عقوبات كفرهم وجزاء الخبيث من أعمالهم .وحاق بهم أي أحاط بهم ودار .ما كانوا به يستهزئون أي عقاب استهزائهم .
16:35
وَ قَالَ الَّذِیْنَ اَشْرَكُوْا لَوْ شَآءَ اللّٰهُ مَا عَبَدْنَا مِنْ دُوْنِهٖ مِنْ شَیْءٍ نَّحْنُ وَ لَاۤ اٰبَآؤُنَا وَ لَا حَرَّمْنَا مِنْ دُوْنِهٖ مِنْ شَیْءٍؕ-كَذٰلِكَ فَعَلَ الَّذِیْنَ مِنْ قَبْلِهِمْۚ-فَهَلْ عَلَى الرُّسُلِ اِلَّا الْبَلٰغُ الْمُبِیْنُ(۳۵)
اور مشرک بولے اللہ چاہتا تو اس کے سوا کچھ نہ پوجنے نہ ہم اور نہ ہمارے باپ دادا اور نہ اس سے جدا ہو کر ہم کوئی چیز حرام ٹھہراتے (ف۶۹) جیسا ہی ان سے اگلوں نے کیا (ف۷۰) تو رسولوں پر کیا ہے مگر صاف پہنچا دینا، (ف۷۱)

قوله تعالى : وقال الذين أشركوا لو شاء الله ما عبدنا من دونه من شيء نحن ولا آباؤنا ولا حرمنا من دونه من شيء كذلك فعل الذين من قبلهم فهل على الرسل إلا البلاغ المبينقوله تعالى : وقال الذين أشركوا لو شاء الله ما عبدنا من دونه من شيء أي شيئا ، ومن صلة . قال الزجاج : قالوه استهزاء ، ولو قالوه عن اعتقاد لكانوا مؤمنين . وأخبر الله - عز وجل - بالغيب عما سيقولونه ; وظنوا أن هذا متمسك لهم لما لزمتهم الحجة وتيقنوا باطل ما كانوا عليه . والمعنى : لو شاء الله لأرسل إلى آبائنا رسولا فنهاهم عن الشرك وعن تحريم ما أحل لهم فينتهوا فأتبعناهم على ذلك .كذلك فعل الذين من قبلهم أي مثل هذا التكذيب والاستهزاء فعل من كان قبلهم بالرسل فأهلكوا .فهل على الرسل إلا البلاغ المبين أي ليس عليهم إلا التبليغ ، وأما الهداية فهي إلى الله - تعالى - .
16:36
وَ لَقَدْ بَعَثْنَا فِیْ كُلِّ اُمَّةٍ رَّسُوْلًا اَنِ اعْبُدُوا اللّٰهَ وَ اجْتَنِبُوا الطَّاغُوْتَۚ-فَمِنْهُمْ مَّنْ هَدَى اللّٰهُ وَ مِنْهُمْ مَّنْ حَقَّتْ عَلَیْهِ الضَّلٰلَةُؕ-فَسِیْرُوْا فِی الْاَرْضِ فَانْظُرُوْا كَیْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِیْنَ(۳۶)
اور بیشک ہر امت میں ہم نے ایک رسول بھیجا (ف۷۲) کہ اللہ کو پوجو اور شیطان سے بچو تو ان (ف۷۳) میں کسی کو اللہ نے راہ دکھائی (ف۷۴) اور کسی پر گمراہی ٹھیک اتری (ف۷۵) تو زمین میں چل پھر کر دیکھو کیسا انجام ہوا جھٹلانے والوں کا (ف۷۶)

قوله : ولقد بعثنا في كل أمة رسولا أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت فمنهم من هدى الله ومنهم من حقت عليه الضلالة فسيروا في الأرض فانظروا كيف كان عاقبة المكذبينقوله تعالى : ولقد بعثنا في كل أمة رسولا أن اعبدوا الله أي بأن اعبدوا الله ووحدوه .واجتنبوا الطاغوت أي اتركوا كل معبود دون الله كالشيطان والكاهن والصنم ، وكل من دعا إلى الضلال .فمنهم من هدى الله أي أرشده إلى دينه وعبادته .ومنهم من حقت عليه الضلالة أي بالقضاء السابق عليه حتى مات على كفره ، وهذا يرد على القدرية ; لأنهم زعموا أن الله هدى الناس كلهم ووفقهم للهدى ، والله - تعالى - يقول : فمنهم من هدى الله ومنهم من حقت عليه الضلالة وقد تقدم هذا في غير موضعفسيروا في الأرض أي فسيروا معتبرين في الأرضفانظروا كيف كان عاقبة المكذبين أي كيف صار آخر أمرهم إلى الخراب والعذاب والهلاك .
16:37
اِنْ تَحْرِصْ عَلٰى هُدٰىهُمْ فَاِنَّ اللّٰهَ لَا یَهْدِیْ مَنْ یُّضِلُّ وَ مَا لَهُمْ مِّنْ نّٰصِرِیْنَ(۳۷)
اگر تم ان کی ہدایت کی حرص کرو (ف ۷۷) تو بیشک اللہ ہدایت نہیں دیتا جسے گمراہ کرے اور ان کا کوئی مددگار نہیں،

قوله تعالى : إن تحرص على هداهم فإن الله لا يهدي من يضل وما لهم من ناصرين قوله تعالى : إن تحرص على هداهم أي إن تطلب يا محمد بجهدك هداهم .فإن الله لا يهدي من يضل وما لهم من ناصرين أي لا يرشد من أضله ، أي من سبق له من الله الضلالة لم يهده . وهذه قراءة ابن مسعود وأهل الكوفة . " فيهدي " فعل مستقبل وماضيه هدى . و " من " في موضع نصب " بيهدي " ويجوز أن يكون هدى يهدي بمعنى اهتدى يهتدي ، رواه أبو عبيد عن الفراء قال : كما قرئ أمن لا يهدي إلا أن يهدى بمعنى يهتدي . قال أبو عبيد : ولا نعلم أحدا روى هذا غير الفراء ، وليس بمتهم فيما يحكيه النحاس : حكي لي عن محمد بن يزيد كأن معنى لا يهدي من يضل من علم ذلك منه وسبق ذلك له عنده ، قال : ولا يكون يهدي بمعنى يهتدي إلا أن يكون يهدي أو يهدي . وعلى قول الفراء يهدي بمعنى يهتدي ، فيكون من في موضع رفع ، والعائد إلى من الهاء المحذوفة من الصلة ، والعائد إلى اسم إن الضمير المستكن في يضل . وقرأ الباقون " لا يهدى " بضم الياء وفتح الدال ، واختاره أبو عبيد وأبو حاتم ، على معنى من أضله الله لم يهده هاد ; دليله قوله : من يضلل الله فلا هادي له ومن في موضع رفع على أنه اسم ما لم يسم فاعله ، وهي بمعنى الذي ، والعائد عليها من صلتها محذوف ، والعائد على اسم إن من " فإن الله " الضمير المستكن في يضل وما لهم من ناصرين تقدم معناه .
16:38
وَ اَقْسَمُوْا بِاللّٰهِ جَهْدَ اَیْمَانِهِمْۙ-لَا یَبْعَثُ اللّٰهُ مَنْ یَّمُوْتُؕ-بَلٰى وَعْدًا عَلَیْهِ حَقًّا وَّ لٰكِنَّ اَكْثَرَ النَّاسِ لَا یَعْلَمُوْنَۙ(۳۸)
اور انہوں نے اللہ کی قسم کھائی اپنے حلف میں حد کی کوشش سے کہ اللہ مُردے نہ اٹھائے گا (ف۷۸) ہاں کیوں نہیں (۷۹) سچا وعدہ اس کے ذمہ پر لیکن اکثر لوگ نہیں جانتے (ف۸۰)

قوله تعالى : وأقسموا بالله جهد أيمانهم لا يبعث الله من يموت بلى وعدا عليه حقا ولكن أكثر الناس لا يعلمون قوله تعالى : وأقسموا بالله جهد أيمانهم هذا تعجيب من صنعهم ، إذ أقسموا بالله وبالغوا في تغليظ اليمين بأن الله لا يبعث من يموت . ووجه التعجيب أنهم يظهرون تعظيم الله فيقسمون به ثم يعجزونه عن بعث الأموات . وقال أبو العالية : كان لرجل من المسلمين على مشرك دين فتقاضاه ، وكان في بعض كلامه : والذي أرجوه بعد الموت إنه لكذا ، فأقسم المشرك بالله : لا يبعث الله من يموت ; فنزلت الآية . وقال قتادة : ذكر لنا أن ابن عباس قال له رجل : يا ابن عباس ، إن ناسا يزعمون أن عليا مبعوث بعد الموت قبل الساعة ، ويتأولون هذه الآية . فقال ابن عباس : كذب أولئك ! إنما هذه الآية عامة للناس ، لو كان علي مبعوثا قبل القيامة ما نكحنا نساءه ولا قسمنا ميراثه .بلى هذا رد عليهم ; أي بلى ليبعثنهم .وعدا عليه حقا مصدر مؤكد ; لأن قوله يبعثهم يدل على الوعد ، أي وعد البعث وعدا حقا .ولكن أكثر الناس لا يعلمون أنهم مبعوثون . وفي البخاري عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال الله - تعالى - كذبني ابن آدم ولم يكن له ذلك وشتمني ولم يكن له ذلك فأما تكذيبه إياي فقوله لن يعيدني كما بدأني وأما شتمه إياي فقوله اتخذ الله ولدا وأنا الأحد الصمد لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد . وقد تقدم ويأتي
16:39
لِیُبَیِّنَ لَهُمُ الَّذِیْ یَخْتَلِفُوْنَ فِیْهِ وَ لِیَعْلَمَ الَّذِیْنَ كَفَرُوْۤا اَنَّهُمْ كَانُوْا كٰذِبِیْنَ(۳۹)
اس لیے کہ انہیں صاف بتادے جس بات میں جھگڑتے تھے (ف۸۱) اور اس لیے کہ کافر جان لیں کہ وہ جھوٹے تھے (ف۸۲)

قوله تعالى : ليبين لهم الذي يختلفون فيه وليعلم الذين كفروا أنهم كانوا كاذبين قوله تعالى : ليبين لهم أي ليظهر لهم .الذي يختلفون فيه أي من أمر البعث .وليعلم الذين كفروا بالبعث وأقسموا عليهأنهم كانوا كاذبين وقيل : المعنى ولقد بعثنا في كل أمة رسولا ليبين لهم الذي يختلفون فيه ، والذي اختلف فيه المشركون والمسلمون أمور : منها البعث ، ومنها عبادة الأصنام ، ومنها إقرار قوم بأن محمدا حق ولكن منعهم من اتباعه التقليد ; كأبي طالب .
16:40
اِنَّمَا قَوْلُنَا لِشَیْءٍ اِذَاۤ اَرَدْنٰهُ اَنْ نَّقُوْلَ لَهٗ كُنْ فَیَكُوْنُ۠(۴۰)
جو چیز ہم چاہیں اس سے ہمارا فرمانا یہی ہوتا ہے کہ ہم کہیں ہوجا وہ فوراً ہوجاتی ہے، (ف۸۳)

قوله تعالى : إنما قولنا لشيء إذا أردناه أن نقول له كن فيكون أعلمهم سهولة الخلق عليه ، أي إذا أردنا أن نبعث من يموت فلا تعب علينا ولا نصب في إحيائهم ، ولا في غير ذلك مما نحدثه ; لأنا إنما نقول له كن فيكون . قراءة ابن عامر والكسائي فيكون نصبا عطفا على أن نقول . وقال الزجاج : يجوز أن يكون نصبا على جواب كن . الباقون بالرفع على معنى فهو يكون . وقد مضى القول فيه في " البقرة " مستوفى وقال ابن الأنباري : أوقع لفظ الشيء على المعلوم عند الله قبل الخلق لأنه بمنزلة ما وجد وشوهد . وفي الآية دليل على أن القرآن غير مخلوق ; لأنه لو كان قوله : كن مخلوقا لاحتاج إلى قول ثان ، والثاني إلى ثالث وتسلسل وكان محالا . وفيها دليل على أن الله سبحانه مريد لجميع الحوادث كلها خيرها وشرها نفعها وضرها ; والدليل على ذلك أن من يرى في سلطانه ما يكرهه ولا يريده فلأحد شيئين : إما لكونه جاهلا لا يدري ، وإما لكونه مغلوبا لا يطيق ، ولا يجوز ذلك في وصفه سبحانه ، وقد قام الدليل على أنه خالق لاكتساب العباد ، ويستحيل أن يكون فاعلا لشيء وهو غير مريد له ; لأن أكثر أفعالنا يحصل على خلاف مقصودنا وإرادتنا ، فلو لم يكن الحق سبحانه مريدا لها لكانت تلك الأفعال تحصل من غير قصد ; وهذا قول الطبيعيين ، وقد أجمع الموحدون على خلافه وفساده .
  FONT
  THEME
  TRANSLATION
  • English | Ahmed Ali
  • Urdu | Ahmed Raza Khan
  • Turkish | Ali-Bulaç
  • German | Bubenheim Elyas
  • Chinese | Chineese
  • Spanish | Cortes
  • Dutch | Dutch
  • Portuguese | El-Hayek
  • English | English
  • Urdu | Fateh Muhammad Jalandhry
  • French | French
  • Hausa | Hausa
  • Indonesian | Indonesian-Bahasa
  • Italian | Italian
  • Korean | Korean
  • Malay | Malay
  • Russian | Russian
  • Tamil | Tamil
  • Thai | Thai
  • Farsi | مکارم شیرازی
  TAFSEER
  • العربية | التفسير الميسر
  • العربية | تفسير الجلالين
  • العربية | تفسير السعدي
  • العربية | تفسير ابن كثير
  • العربية | تفسير الوسيط لطنطاوي
  • العربية | تفسير البغوي
  • العربية | تفسير القرطبي
  • العربية | تفسير الطبري
  • English | Arberry
  • English | Yusuf Ali
  • Dutch | Keyzer
  • Dutch | Leemhuis
  • Dutch | Siregar
  • Urdu | Sirat ul Jinan
  HELP

اَلنَّحْل
اَلنَّحْل
  00:00



Download

اَلنَّحْل
اَلنَّحْل
  00:00



Download