READ
Surah al-Waqi`ah
اَلْوَاقِعَة
96 Ayaat مکیۃ
56:0
بِسْمِ اللّٰهِ الرَّحْمٰنِ الرَّحِیْمِ
اللہ کے نام سے شروع جو بہت مہربان رحمت والا
( بسم الله الرحمن الرحيم )يقال لها : الفاتحة ، أي فاتحة الكتاب خطا ، وبها تفتح القراءة في الصلاة ، ويقال لها أيضا : أم الكتاب عند الجمهور ، وكره أنس ، والحسن وابن سيرين كرها تسميتها بذلك ، قال الحسن وابن سيرين : إنما ذلك اللوح المحفوظ ، وقال الحسن : الآيات المحكمات : هن أم الكتاب ، ولذا كرها - أيضا - أن يقال لها أم القرآن وقد ثبت في [ الحديث ] الصحيح عند الترمذي وصححه عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : الحمد لله أم القرآن وأم الكتاب والسبع المثاني والقرآن العظيم ويقال لها : الحمد ، ويقال لها : الصلاة ، لقوله عليه السلام عن ربه : قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين ، فإذا قال العبد : الحمد لله رب العالمين ، قال الله : حمدني عبدي الحديث . فسميت الفاتحة صلاة ؛ لأنها شرط فيها . ويقال لها : الشفاء ؛ لما رواه الدارمي عن أبي سعيد مرفوعا : فاتحة الكتاب شفاء من كل سم . ويقال لها : الرقية ؛ لحديث أبي سعيد في الصحيح حين رقى بها الرجل السليم ، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : وما يدريك أنها رقية ؟ . وروى الشعبي عن ابن عباس أنه سماها : أساس القرآن ، قال : فأساسها بسم الله الرحمن الرحيم ، وسماها سفيان بن عيينة : الواقية . وسماها يحيى بن أبي كثير : الكافية ؛ لأنها تكفي عما عداها ولا يكفي ما سواها عنها ، كما جاء في بعض الأحاديث المرسلة : أم القرآن عوض من غيرها ، وليس غيرها عوضا عنها . ويقال لها : سورة الصلاة والكنز ، ذكرهما الزمخشري في كشافه . وهي مكية ، قاله ابن عباس وقتادة وأبو العالية ، وقيل مدنية ، قاله أبو هريرة ومجاهد وعطاء بن يسار والزهري . ويقال : نزلت مرتين : مرة بمكة ، ومرة بالمدينة ، والأول أشبه لقوله تعالى : ( ولقد آتيناك سبعا من المثاني ) [ الحجر : 87 ] ، والله أعلم . وحكى أبو الليث السمرقندي أن نصفها نزل بمكة ونصفها الآخر نزل بالمدينة ، وهو غريب جدا ، نقله القرطبي عنه . وهي سبع آيات بلا خلاف ، [ وقال عمرو بن عبيد : ثمان ، وقال حسين الجعفي : ستة وهذان شاذان ] . وإنما اختلفوا في البسملة : هل هي آية مستقلة من أولها كما هو عند جمهور قراء الكوفة وقول الجماعة من الصحابة والتابعين وخلق من الخلف ، أو بعض آية أو لا تعد من أولها بالكلية ، كما هو قول أهل المدينة من القراء والفقهاء ؟ على ثلاثة أقوال ، سيأتي تقريره في موضعه إن شاء الله تعالى ، وبه الثقة .قالوا : وكلماتها خمس وعشرون كلمة ، وحروفها مائة وثلاثة عشر حرفا . قال البخاري في أول كتاب التفسير : وسميت أم الكتاب سورة الفاتحة ، لأنه يبدأ بكتابتها في المصاحف ، ويبدأ بقراءتها في الصلاة وقيل : إنما سميت بذلك لرجوع معاني القرآن كله إلى ما تضمنته . قال ابن جرير : والعرب تسمي كل جامع أمر أو مقدم لأمر - إذا كانت له توابع تتبعه هو لها إمام جامع - أما ، فتقول للجلدة التي تجمع الدماغ ، أم الرأس ، ويسمون لواء الجيش ورايتهم التي يجتمعون تحتها أما ، واستشهد بقول ذي الرمة :على رأسه أم لنا نقتدي بها جماع أمور ليس نعصي لها أمرايعني : الرمح . قال : وسميت مكة : أم القرى لتقدمها أمام جميعها وجمعها ما سواها ، وقيل : لأن الأرض دحيت منها .ويقال لها أيضا : الفاتحة ؛ لأنها تفتتح بها القراءة ، وافتتحت الصحابة بها كتابة المصحف الإمام ، وصح تسميتها بالسبع المثاني ، قالوا : لأنها تثنى في الصلاة ، فتقرأ في كل ركعة ، وإن كان للمثاني معنى آخر غير هذا ، كما سيأتي بيانه في موضعه إن شاء الله . قال الإمام أحمد : حدثنا يزيد بن هارون ، أنبأنا ابن أبي ذئب وهاشم بن هاشم عن ابن أبي ذئب ، عن المقبري ، عن أبي هريرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال لأم القرآن : هي أم القرآن ، وهي السبع المثاني ، وهي القرآن العظيم . ثم رواه عن إسماعيل بن عمر عن ابن أبي ذئب به ، وقال أبو جعفر محمد بن جرير الطبري : حدثني يونس بن عبد الأعلى ، أنا ابن وهب ، أخبرني ابن أبي ذئب ، عن سعيد المقبري ، عن أبي هريرة ، رضي الله عنه ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : هي أم القرآن ، وهي فاتحة الكتاب ، وهي السبع المثاني . وقال الحافظ أبو بكر أحمد بن موسى بن مردويه في تفسيره : حدثنا أحمد بن محمد بن زياد ، ثنا محمد بن غالب بن حارث ، ثنا إسحاق بن عبد الواحد الموصلي ، ثنا المعافى بن عمران ، عن عبد الحميد بن جعفر ، عن نوح بن أبي بلال ، عن المقبري ، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : الحمد لله رب العالمين سبع آيات : بسم الله الرحمن الرحيم إحداهن ، وهي السبع المثاني والقرآن العظيم ، وهي أم الكتاب .وقد رواه الدارقطني أيضا عن أبي هريرة مرفوعا بنحوه أو مثله ، وقال : كلهم ثقات . وروى البيهقي عن علي وابن عباس وأبي هريرة أنهم فسروا قوله تعالى : ( سبعا من المثاني ) [ الحجر : 87 ] بالفاتحة ، وأن البسملة هي الآية السابعة منها ، وسيأتي تمام هذا عند البسملة .وقد روى الأعمش عن إبراهيم قال : قيل لابن مسعود : لم لم تكتب الفاتحة في مصحفك ؟ قال : لو كتبتها لكتبتها في أول كل سورة . قال أبو بكر بن أبي داود : يعني حيث يقرأ في الصلاة ، قال : واكتفيت بحفظ المسلمين لها عن كتابتها .وقد قيل : إن الفاتحة أول شيء نزل من القرآن ، كما ورد في حديث رواه البيهقي في دلائل النبوة ونقله الباقلاني أحد أقوال ثلاثة هذا [ أحدها ] وقيل : ( يا أيها المدثر كما في حديث جابر في الصحيح . وقيل : ( اقرأ باسم ربك الذي خلق ) [ العلق : 1 ] وهذا هو الصحيح ، كما سيأتي تقريره في موضعه ، والله المستعان.ذكر ما ورد في فضل الفاتحةقال الإمام أحمد بن محمد بن حنبل - رحمه الله - في مسنده : حدثنا يحيى بن سعيد ، عن شعبة ، حدثني خبيب بن عبد الرحمن ، عن حفص بن عاصم ، عن أبي سعيد بن المعلى - رضي الله عنه - قال : كنت أصلي فدعاني رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فلم أجبه حتى صليت وأتيته ، فقال : ما منعك أن تأتيني ؟ . قال : قلت : يا رسول الله ، إني كنت أصلي . قال : ألم يقل الله : ( يا أيها الذين آمنوا استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم ) [ الأنفال : 24 ] ثم قال : لأعلمنك أعظم سورة في القرآن قبل أن تخرج من المسجد . قال : فأخذ بيدي ، فلما أراد أن يخرج من المسجد قلت : يا رسول الله إنك قلت : لأعلمنك أعظم سورة في القرآن . قال : نعم ، الحمد لله رب العالمين هي : السبع المثاني والقرآن العظيم الذي أوتيته .وهكذا رواه البخاري عن مسدد ، وعلي بن المديني ، كلاهما عن يحيى بن سعيد القطان ، به . ورواه في موضع آخر من التفسير ، وأبو داود ، والنسائي ، وابن ماجه من طرق عن شعبة ، به . ورواه الواقدي عن محمد بن معاذ الأنصاري ، عن خبيب بن عبد الرحمن ، عن حفص بن عاصم ، عن أبي سعيد بن المعلى ، عن أبي بن كعب ، فذكر نحوه .وقد وقع في الموطأ للإمام مالك بن أنس ، ما ينبغي التنبيه عليه ، فإنه رواه مالك عن العلاء بن عبد الرحمن بن يعقوب الحرقي : أن أبا سعيد مولى عامر بن كريز أخبرهم ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نادى أبي بن كعب ، وهو يصلي في المسجد ، فلما فرغ من صلاته لحقه ، قال : فوضع النبي صلى الله عليه وسلم يده على يدي ، وهو يريد أن يخرج من باب المسجد ، ثم قال : إني لأرجو ألا تخرج من باب المسجد حتى تعلم سورة ما أنزل في التوراة ولا في الإنجيل ولا في الفرقان مثلها . قال أبي : فجعلت أبطئ في المشي رجاء ذلك ، ثم قلت : يا رسول الله ، ما السورة التي وعدتني ؟ قال : كيف تقرأ إذا افتتحت الصلاة ؟ قال : فقرأت عليه : ( الحمد لله رب العالمين حتى أتيت على آخرها ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : هي هذه السورة ، وهي السبع المثاني والقرآن العظيم الذي أعطيت . فأبو سعيد هذا ليس بأبي سعيد بن المعلى ، كما اعتقده ابن الأثير في جامع الأصول ومن تبعه ، فإن ابن المعلى صحابي أنصاري ، وهذا تابعي من موالي خزاعة ، وذاك الحديث متصل صحيح ، وهذا ظاهره أنه منقطع ، إن لم يكن سمعه أبو سعيد هذا من أبي بن كعب ، فإن كان قد سمعه منه فهو على شرط مسلم ، والله أعلم . على أنه قد روي عن أبي بن كعب من غير وجه كما قال الإمام أحمد :حدثنا عفان ، حدثنا عبد الرحمن بن إبراهيم ، حدثنا العلاء بن عبد الرحمن ، عن أبيه ، عن أبي هريرة قال : خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم على أبي بن كعب ، وهو يصلي ، فقال : يا أبي ، فالتفت ثم لم يجبه ، ثم قال : أبي ، فخفف . ثم انصرف إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال : السلام عليك أي رسول الله . فقال : وعليك السلام [ قال ] : ما منعك أي أبي إذ دعوتك أن تجيبني ؟ . قال : أي رسول الله ، كنت في الصلاة ، قال : أولست تجد فيما أوحى الله إلي استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم ) [ الأنفال : 24 ] . قال : بلى يا رسول الله ، لا أعود ، قال : أتحب أن أعلمك سورة لم تنزل لا في التوراة ولا في الإنجيل ولا في الزبور ولا في الفرقان مثلها ؟ قلت : نعم ، أي رسول الله ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إني لأرجو ألا أخرج من هذا الباب حتى تعلمها قال : فأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بيدي يحدثني ، وأنا أتبطأ ، مخافة أن يبلغ قبل أن يقضي الحديث ، فلما دنونا من الباب قلت : أي رسول الله ، ما السورة التي وعدتني قال : ما تقرأ في الصلاة ؟ . قال : فقرأت عليه أم القرآن ، قال : والذي نفسي بيده ما أنزل الله في التوراة ولا في الإنجيل ولا في الزبور ، ولا في الفرقان مثلها ؛ إنها السبع المثاني . ورواه الترمذي ، عن قتيبة ، عن الدراوردي ، عن العلاء ، عن أبيه ، عن أبي هريرة ، فذكره ، وعنده : إنها من السبع المثاني والقرآن العظيم الذي أعطيته ، ثم قال : هذا حديث حسن صحيح .وفي الباب ، عن أنس بن مالك ، ورواه عبد الله بن [ الإمام ] أحمد ، عن إسماعيل بن أبي معمر ، عن أبي أسامة ، عن عبد الحميد بن جعفر ، عن العلاء ، عن أبيه ، عن أبي هريرة ، عن أبي بن كعب ، فذكره مطولا بنحوه ، أو قريبا منه . وقد رواه الترمذي والنسائي جميعا عن أبي عمار حسين بن حريث ، عن الفضل بن موسى ، عن عبد الحميد بن جعفر ، عن العلاء ، عن أبيه ، عن أبي هريرة ، عن أبي بن كعب ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ما أنزل الله في التوراة ولا في الإنجيل مثل أم القرآن ، وهي السبع المثاني ، وهي مقسومة بيني وبين عبدي ، هذا لفظ النسائي . وقال الترمذي : حسن غريب .وقال الإمام أحمد : حدثنا محمد بن عبيد ، حدثنا هاشم ، يعني ابن البريد حدثنا عبد الله بن محمد بن عقيل ، عن ابن جابر ، قال : انتهيت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد أهراق الماء ، فقلت : السلام عليك يا رسول الله . فلم يرد علي ، قال : فقلت : السلام عليك يا رسول الله . فلم يرد علي ، قال : فقلت : السلام عليك يا رسول الله ، فلم يرد علي . قال : فانطلق رسول الله صلى الله عليه وسلم يمشي ، وأنا خلفه حتى دخل رحله ، ودخلت أنا المسجد ، فجلست كئيبا حزينا ، فخرج علي رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد تطهر ، فقال : عليك السلام ورحمة الله ، وعليك السلام ورحمة الله ، وعليك السلام ورحمة الله ، ثم قال : ألا أخبرك يا عبد الله بن جابر بأخير سورة في القرآن ؟ قلت : بلى يا رسول الله . قال : اقرأ : الحمد لله رب العالمين ، حتى تختمها . هذا إسناد جيد ، وابن عقيل تحتج به الأئمة الكبار ، وعبد الله بن جابر هذا هو الصحابي ، ذكر ابن الجوزي أنه هو العبدي ، والله أعلم . ويقال : إنه عبد الله بن جابر الأنصاري البياضي ، فيما ذكره الحافظ ابن عساكر . واستدلوا بهذا الحديث وأمثاله على تفاضل بعض الآيات والسور على بعض ، كما هو المحكي عن كثير من العلماء ، منهم : إسحاق بن راهويه ، وأبو بكر بن العربي ، وابن الحصار من المالكية . وذهبت طائفة أخرى إلى أنه لا تفاضل في ذلك ؛ لأن الجميع كلام الله ، ولئلا يوهم التفضيل نقص المفضل عليه ، وإن كان الجميع فاضلا ، نقله القرطبي عن الأشعري ، وأبي بكر الباقلاني ، وأبي حاتم بن حبان البستي ، ويحيى بن يحيى ، ورواية عن الإمام مالك [ أيضا ] .حديث آخر : قال البخاري في فضائل القرآن : حدثنا محمد بن المثنى ، حدثنا وهب ، حدثنا هشام ، عن محمد بن معبد ، عن أبي سعيد الخدري ، قال : كنا في مسير لنا ، فنزلنا ، فجاءت جارية فقالت : إن سيد الحي سليم ، وإن نفرنا غيب ، فهل منكم راق ؟ فقام معها رجل ما كنا نأبنه برقية ، فرقاه ، فبرئ ، فأمر له بثلاثين شاة ، وسقانا لبنا ، فلما رجع قلنا له : أكنت تحسن رقية ، أو كنت ترقي ؟ قال : لا ما رقيت إلا بأم الكتاب ، قلنا : لا تحدثوا شيئا حتى نأتي ، أو نسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فلما قدمنا المدينة ذكرناه للنبي صلى الله عليه وسلم فقال : وما كان يدريه أنها رقية ، اقسموا واضربوا لي بسهم .وقال أبو معمر : حدثنا عبد الوارث ، حدثنا هشام ، حدثنا محمد بن سيرين ، حدثني معبد بن سيرين ، عن أبي سعيد الخدري بهذا .وهكذا رواه مسلم ، وأبو داود من رواية هشام ، وهو ابن حسان ، عن ابن سيرين ، به . وفي بعض روايات مسلم لهذا الحديث : أن أبا سعيد هو الذي رقى ذلك السليم ، يعني : اللديغ ، يسمونه بذلك تفاؤلا .حديث آخر : روى مسلم في صحيحه ، والنسائي في سننه ، من حديث أبي الأحوص سلام بن سليم ، عن عمار بن رزيق ، عن عبد الله بن عيسى بن عبد الرحمن بن أبي ليلى ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس ، قال : بينا رسول الله صلى الله عليه وسلم وعنده جبريل ، إذ سمع نقيضا فوقه ، فرفع جبريل بصره إلى السماء ، فقال : هذا باب قد فتح من السماء ، ما فتح قط . قال : فنزل منه ملك ، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : أبشر بنورين قد أوتيتهما لم يؤتهما نبي قبلك : فاتحة الكتاب ، وخواتيم سورة البقرة ، ولن تقرأ حرفا منهما إلا أوتيته . وهذا لفظ النسائي .ولمسلم نحوه حديث آخر : قال مسلم : حدثنا إسحاق بن إبراهيم الحنظلي ، هو ابن راهويه ، حدثنا سفيان بن عيينة ، عن العلاء ، يعني ابن عبد الرحمن بن يعقوب الحرقي عن أبي هريرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، قال : من صلى صلاة لم يقرأ فيها أم القرآن فهي خداج - ثلاثا - غير تمام . فقيل لأبي هريرة : إنا نكون وراء الإمام ، قال : اقرأ بها في نفسك ؛ فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : قال الله عز وجل : قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين ، ولعبدي ما سأل فإذا قال العبد : ( الحمد لله رب العالمين ) [ الفاتحة : 2 ] ، قال الله : حمدني عبدي ، وإذا قال : ( الرحمن الرحيم [ الفاتحة : 3 ] ، قال الله : أثنى علي عبدي ، فإذا قال : ( مالك يوم الدين ) [ الفاتحة : 4 ] ، قال مجدني عبدي - وقال مرة : فوض إلي عبدي - فإذا قال : ( إياك نعبد وإياك نستعين ) [ الفاتحة : 5 ] ، قال : هذا بيني وبين عبدي ، ولعبدي ما سأل ، فإذا قال : ( اهدنا الصراط المستقيم صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين ) [ الفاتحة : 6 ، 7 ] ، قال هذا لعبدي ولعبدي ما سأل .وهكذا رواه النسائي ، عن إسحاق بن راهويه . وقد روياه - أيضا - عن قتيبة ، عن مالك ، عن العلاء ، عن أبي السائب مولى هشام بن زهرة ، عن أبي هريرة ، به وفي هذا السياق : فنصفها لي ونصفها لعبدي ، ولعبدي ما سأل .وكذا رواه ابن إسحاق ، عن العلاء ، وقد رواه مسلم من حديث ابن جريج ، عن العلاء ، عن أبي السائب هكذا .ورواه - أيضا - من حديث ابن أبي أويس ، عن العلاء ، عن أبيه وأبي السائب ، كلاهما عن أبي هريرة .وقال الترمذي : هذا حديث حسن ، وسألت أبا زرعة عنه فقال : كلا الحديثين صحيح ، من قال : عن العلاء ، عن أبيه ، وعن العلاء عن أبي السائب .وقد روى هذا الحديث عبد الله ابن الإمام أحمد ، من حديث العلاء ، عن أبيه ، عن أبي هريرة ، عن أبي بن كعب مطولا .قال ابن جرير : حدثنا صالح بن مسمار المروزي ، حدثنا زيد بن الحباب ، حدثنا عنبسة بن سعيد ، عن مطرف بن طريف ، عن سعيد بن إسحاق بن كعب بن عجرة ، عن جابر بن عبد الله ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : قال الله تعالى : قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين ، وله ما سأل ، فإذا قال العبد : ( الحمد لله رب العالمين قال : حمدني عبدي ، وإذا قال : ( الرحمن الرحيم قال : أثنى علي عبدي . ثم قال : هذا لي ، وله ما بقيوهذا غريب من هذا الوجه .ثم الكلام على ما يتعلق بهذا الحديث مما يختص بالفاتحة من وجوه :أحدها : أنه قد أطلق فيه لفظ الصلاة ، والمراد القراءة كقوله تعالى : ( ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها وابتغ بين ذلك سبيلا ) [ الإسراء : 110 ] ، أي : بقراءتك كما جاء مصرحا به في الصحيح ، عن ابن عباس وهكذا قال في هذا الحديث : قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين ، فنصفها لي ونصفها لعبدي ، ولعبدي ما سأل ثم بين تفصيل هذه القسمة في قراءة الفاتحة في الصلاة فدل على عظم القراءة في الصلاة ، وأنها من أكبر أركانها ، إذ أطلقت العبادة وأريد بها جزء واحد منها وهو القراءة ؛ كما أطلق لفظ القراءة والمراد به الصلاة في قوله : ( وقرآن الفجر إن قرآن الفجر كان مشهودا ) [ الإسراء : 78 ] ، والمراد صلاة الفجر ، كما جاء مصرحا به في الصحيحين : من أنه يشهدها ملائكة الليل وملائكة النهار ، فدل هذا كله على أنه لا بد من القراءة في الصلاة ، وهو اتفاق من العلماء .ولكن اختلفوا في مسألة نذكرها في الوجه الثاني ، وذلك أنه هل يتعين للقراءة في الصلاة فاتحة الكتاب ، أم تجزئ هي أو غيرها ؟ على قولين مشهورين ، فعند أبي حنيفة ومن وافقه من أصحابه وغيرهم أنها لا تتعين ، بل مهما قرأ به من القرآن أجزأه في الصلاة ، واحتجوا بعموم قوله تعالى : ( فاقرءوا ما تيسر من القرآن ) [ المزمل : 20 ] ، وبما ثبت في الصحيحين ، من حديث أبي هريرة في قصة المسيء صلاته أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له : إذا قمت إلى الصلاة فكبر ، ثم اقرأ ما تيسر معك من القرآن قالوا : فأمره بقراءة ما تيسر ، ولم يعين له الفاتحة ولا غيرها ، فدل على ما قلناه .والقول الثاني : أنه تتعين قراءة الفاتحة في الصلاة ، ولا تجزئ الصلاة بدونها ، وهو قول بقية الأئمة : مالك والشافعي وأحمد بن حنبل وأصحابهم وجمهور العلماء ؛ واحتجوا على ذلك بهذا الحديث المذكور ، حيث قال - صلوات الله وسلامه عليه - : من صلى صلاة لم يقرأ فيها بأم القرآن فهي خداج والخداج هو : الناقص كما فسر به في الحديث : غير تمام . واحتجوا - أيضا - بما ثبت في الصحيحين من حديث الزهري ، عن محمود بن الربيع ، عن عبادة بن الصامت ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب . وفي صحيح ابن خزيمة وابن حبان ، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا تجزئ صلاة لا يقرأ فيها بأم القرآن والأحاديث في هذا الباب كثيرة ، ووجه المناظرة هاهنا يطول ذكره ، وقد أشرنا إلى مأخذهم في ذلك ، رحمهم الله .ثم إن مذهب الشافعي وجماعة من أهل العلم : أنه تجب قراءتها في كل ركعة . وقال آخرون : إنما تجب قراءتها في معظم الركعات ، وقال الحسن وأكثر البصريين : إنما تجب قراءتها في ركعة واحدة من الصلوات ، أخذا بمطلق الحديث : لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب .وقال أبو حنيفة وأصحابه والثوري والأوزاعي : لا تتعين قراءتها ، بل لو قرأ بغيرها أجزأه لقوله : ( فاقرءوا ما تيسر من القرآن ) [ المزمل : 20 ] ، [ كما تقدم ] والله أعلم .وقد روى ابن ماجه من حديث أبي سفيان السعدي ، عن أبي نضرة ، عن أبي سعيد مرفوعا : لا صلاة لمن لم يقرأ في كل ركعة بالحمد وسورة في فريضة أو غيرها . وفي صحة هذا نظر ، وموضح تحرير هذا كله في كتاب الأحكام الكبير ، والله أعلم .الوجه الثالث : هل تجب قراءة الفاتحة على المأموم ؟ فيه ثلاثة أقوال للعلماء :أحدها : أنه تجب عليه قراءتها ، كما تجب على إمامه ؛ لعموم الأحاديث المتقدمة .والثاني : لا تجب على المأموم قراءة بالكلية لا الفاتحة ولا غيرها ، لا في الصلاة الجهرية ولا السرية ، لما رواه الإمام أحمد بن حنبل في مسنده ، عن جابر بن عبد الله ، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : من كان له إمام فقراءة الإمام له قراءة ولكن في إسناده ضعف . ورواه مالك ، عن وهب بن كيسان ، عن جابر من كلامه . وقد روي هذا الحديث من طرق ، ولا يصح شيء منها عن النبي صلى الله عليه وسلم ، والله أعلم .والقول الثالث : أنه تجب القراءة على المأموم في السرية ، لما تقدم ، ولا تجب في الجهرية لما ثبت في صحيح مسلم ، عن أبي موسى الأشعري ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إنما جعل الإمام ليؤتم به ، فإذا كبر فكبروا ، وإذا قرأ فأنصتوا وذكر بقية الحديث .وهكذا رواه أهل السنن ؛ أبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه ، عن أبي هريرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : وإذا قرأ فأنصتوا . وقد صححه مسلم بن الحجاج أيضا ، فدل هذان الحديثان على صحة هذا القول وهو قول قديم للشافعي ، رحمه الله ، ورواية عن الإمام أحمد بن حنبل .والغرض من ذكر هذه المسائل هاهنا بيان اختصاص سورة الفاتحة بأحكام لا تتعلق بغيرها من السور ، والله أعلم .وقال الحافظ أبو بكر البزار : حدثنا إبراهيم بن سعيد الجوهري ، حدثنا غسان بن عبيد ، عن أبي عمران الجوني ، عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إذا وضعت جنبك على الفراش ، وقرأت فاتحة الكتاب و قل هو الله أحد فقد أمنت من كل شيء إلا الموتالكلام على تفسير الاستعاذةقال الله تعالى : ( خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين وإما ينزغنك من الشيطان نزغ فاستعذ بالله إنه سميع عليم ) [ الأعراف : 199 ، 200 ] ، وقال تعالى : ( ادفع بالتي هي أحسن السيئة نحن أعلم بما يصفون وقل رب أعوذ بك من همزات الشياطين وأعوذ بك رب أن يحضرون ) [ المؤمنون : 96 - 98 ] وقال تعالى : ( ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم وما يلقاها إلا الذين صبروا وما يلقاها إلا ذو حظ عظيم وإما ينزغنك من الشيطان نزغ فاستعذ بالله إنه هو السميع العليم ) [ فصلت : 34 - 36 ] .فهذه ثلاث آيات ليس لهن رابعة في معناها ، وهو أن الله يأمر بمصانعة العدو الإنسي والإحسان إليه ، ليرده عنه طبعه الطيب الأصل إلى الموادة والمصافاة ، ويأمر بالاستعاذة به من العدو الشيطاني لا محالة ؛ إذ لا يقبل مصانعة ولا إحسانا ولا يبتغي غير هلاك ابن آدم ، لشدة العداوة بينه وبين أبيه آدم من قبل ؛ كما قال تعالى : ( يا بني آدم لا يفتننكم الشيطان كما أخرج أبويكم من الجنة ) [ الأعراف : 27 ] وقال : ( إن الشيطان لكم عدو فاتخذوه عدوا إنما يدعو حزبه ليكونوا من أصحاب السعير ) [ فاطر : 6 ] وقال أفتتخذونه وذريته أولياء من دوني وهم لكم عدو بئس للظالمين بدلا ) [ الكهف : 50 ] ، وقد أقسم للوالد إنه لمن الناصحين ، وكذب ، فكيف معاملته لنا وقد قال : ( فبعزتك لأغوينهم أجمعين إلا عبادك منهم المخلصين ) ، وقال تعالى : ( فإذا قرأت القرآن فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم إنه ليس له سلطان على الذين آمنوا وعلى ربهم يتوكلون ) [ النحل : 98 ، 99 ]قالت طائفة من القراء وغيرهم : نتعوذ بعد القراءة ، واعتمدوا على ظاهر سياق الآية ، ولدفع الإعجاب بعد فراغ العبادة ؛ وممن ذهب إلى ذلك حمزة فيما ذكره ابن قلوقا عنه ، وأبو حاتم السجستاني ، حكى ذلك أبو القاسم يوسف بن علي بن جبارة الهذلي المغربي في كتاب الكامل .وروي عن أبي هريرة - أيضا - وهو غريب .[ ونقله فخر الدين محمد بن عمر الرازي في تفسيره عن ابن سيرين في رواية عنه قال : وهو قول إبراهيم النخعي وداود بن علي الأصبهاني الظاهري ، وحكى القرطبي عن أبي بكر بن العربي عن المجموعة ، عن مالك ، رحمه الله تعالى ، أن القارئ يتعوذ بعد الفاتحة ، واستغربه ابن العربي . وحكى قولا ثالثا وهو الاستعاذة أولا وآخرا جمعا بين الدليلين ، نقله فخر الدين ] .والمشهور الذي عليه الجمهور أن الاستعاذة لدفع الوسواس فيها ، إنما تكون قبل التلاوة ، ومعنى الآية عندهم : ( فإذا قرأت القرآن فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم ) [ النحل : 98 ] أي : إذا أردت القراءة كقوله : ( إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم وأيديكم الآية [ المائدة : 6 ] أي : إذا أردتم القيام . والدليل على ذلك الأحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك ؛ قال الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله :حدثنا محمد بن الحسن بن آتش حدثنا جعفر بن سليمان ، عن علي بن علي الرفاعي اليشكري ، عن أبي المتوكل الناجي ، عن أبي سعيد الخدري ، قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قام من الليل فاستفتح صلاته وكبر قال : سبحانك اللهم وبحمدك ، وتبارك اسمك ، وتعالى جدك ، ولا إله غيرك . ويقول : لا إله إلا الله ثلاثا ، ثم يقول : أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم ، من همزه ونفخه ونفثه .وقد رواه أهل السنن الأربعة من رواية جعفر بن سليمان ، عن علي بن علي ، وهو الرفاعي ، وقال الترمذي : هو أشهر حديث في هذا الباب . وقد فسر الهمز بالموتة وهي الخنق ، والنفخ بالكبر ، والنفث بالشعر . كما رواه أبو داود وابن ماجه من حديث شعبة ، عن عمرو بن مرة ، عن عاصم العنزي ، عن نافع بن جبير بن مطعم ، عن أبيه قال : رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم حين دخل في الصلاة ، قال : الله أكبر كبيرا ، ثلاثا ، الحمد لله كثيرا ، ثلاثا ، سبحان الله بكرة وأصيلا ثلاثا ، اللهم إني أعوذ بك من الشيطان من همزه ونفخه ونفثه .قال عمرو : وهمزه : الموتة ، ونفخه : الكبر ، ونفثه : الشعر .وقال ابن ماجه : حدثنا علي بن المنذر ، حدثنا ابن فضيل ، حدثنا عطاء بن السائب ، عن أبي عبد الرحمن السلمي ، عن ابن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : اللهم إني أعوذ بك من الشيطان الرجيم ، وهمزه ونفخه ونفثه .قال : همزه : الموتة ، ونفثه : الشعر ، ونفخه : الكبر .وقال الإمام أحمد : حدثنا إسحاق بن يوسف ، حدثنا شريك ، عن يعلى بن عطاء ، عن رجل حدثه : أنه سمع أبا أمامة الباهلي يقول : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قام إلى الصلاة كبر ثلاثا ، ثم قال : لا إله إلا الله - ثلاث مرات ، وسبحان الله وبحمده ، ثلاث مرات . ثم قال : أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ، من همزه ونفخه ونفثه . وقال الحافظ أبو يعلى أحمد بن علي بن المثنى الموصلي في مسنده : حدثنا عبد الله بن عمر بن أبان الكوفي ، حدثنا علي بن هشام بن البريد عن يزيد بن زياد ، عن عبد الملك بن عمير ، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى ، عن أبي بن كعب ، قال : تلاحى رجلان عند النبي صلى الله عليه وسلم ، فتمزع أنف أحدهما غضبا ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إني لأعلم شيئا لو قاله ذهب عنه ما يجد : أعوذ بالله من الشيطان الرجيم .وكذا رواه النسائي في " اليوم والليلة " ، عن يوسف بن عيسى المروزي ، عن الفضل بن موسى ، عن يزيد بن زياد بن أبي الجعد ، به .وقد روى هذا الحديث أحمد بن حنبل ، عن أبي سعيد ، عن زائدة ، وأبو داود عن يوسف بن موسى ، عن جرير بن عبد الحميد ، والترمذي ، والنسائي في " اليوم والليلة " عن بندار ، عن ابن مهدي ، عن الثوري ، والنسائي - أيضا - من حديث زائدة بن قدامة ، ثلاثتهم عن عبد الملك بن عمير ، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى ، عن معاذ بن جبل ، قال : استب رجلان عند النبي صلى الله عليه وسلم ، فغضب أحدهما غضبا شديدا حتى خيل إلي أن أحدهما يتمزع أنفه من شدة غضبه ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : إني لأعلم كلمة لو قالها لذهب عنه ما يجد من الغضب ، قال : ما هي يا رسول الله ؟ قال : يقول : اللهم إني أعوذ بك من الشيطان الرجيم . قال : فجعل معاذ يأمره ، فأبى [ ومحك ] ، وجعل يزداد غضبا . وهذا لفظ أبي داود . وقال الترمذي : مرسل ، يعني أن عبد الرحمن بن أبي ليلى لم يلق معاذ بن جبل ، فإنه مات قبل سنة عشرين .قلت : وقد يكون عبد الرحمن بن أبي ليلى سمعه من أبي بن كعب ، كما تقدم وبلغه عن معاذ بن جبل ، فإن هذه القصة شهدها غير واحد من الصحابة ، رضي الله عنهم . قال البخاري : حدثنا عثمان بن أبي شيبة ، حدثنا جرير ، عن الأعمش ، عن عدي بن ثابت ، قال : قال سليمان بن صرد : استب رجلان عند النبي صلى الله عليه وسلم ، ونحن عنده جلوس ، فأحدهما يسب صاحبه مغضبا قد احمر وجهه ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : إني لأعلم كلمة لو قالها لذهب عنه ما يجد ، لو قال : أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ، فقالوا للرجل : ألا تسمع ما يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : إني لست بمجنون .وقد رواه - أيضا - مع مسلم ، وأبي داود ، والنسائي ، من طرق متعددة ، عن الأعمش ، به .وقد جاء في الاستعاذة أحاديث كثيرة يطول ذكرها هاهنا ، وموطنها كتاب الأذكار وفضائل الأعمال ، والله أعلم . وقد روي أن جبريل - عليه السلام - أول ما نزل بالقرآن على رسول الله صلى الله عليه وسلم أمره بالاستعاذة ، كما قال الإمام أبو جعفر بن جرير :حدثنا أبو كريب ، حدثنا عثمان بن سعيد ، حدثنا بشر بن عمارة ، حدثنا أبو روق ، عن الضحاك ، عن عبد الله بن عباس ، قال : أول ما نزل جبريل على محمد صلى الله عليه وسلم قال : يا محمد ، استعذ . قال : أستعيذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم ، ثم قال : قل : بسم الله الرحمن الرحيم . ثم قال : ( اقرأ باسم ربك الذي خلق قال عبد الله : وهي أول سورة أنزلها الله على محمد صلى الله عليه وسلم ، بلسان جبريل . وهذا الأثر غريب ، وإنما ذكرناه ليعرف ، فإن في إسناده ضعفا وانقطاعا ، والله أعلم .مسألة : وجمهور العلماء على أن الاستعاذة مستحبة ليست بمتحتمة يأثم تاركها ، وحكى فخر الدين عن عطاء بن أبي رباح وجوبها في الصلاة وخارجها كلما أراد القراءة قال : وقال ابن سيرين : إذا تعوذ مرة واحدة في عمره فقد كفى في إسقاط الوجوب ، واحتج فخر الدين لعطاء بظاهر الآية : فاستعذ وهو أمر ظاهره الوجوب وبمواظبة النبي صلى الله عليه وسلم عليها ، ولأنها تدرأ شر الشيطان وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب ، ولأن الاستعاذة أحوط وهو أحد مسالك الوجوب . وقال بعضهم : كانت واجبة على النبي صلى الله عليه وسلم دون أمته ، وحكي عن مالك أنه لا يتعوذ في المكتوبة ويتعوذ لقيام شهر رمضان في أول ليلة منه .مسألة : وقال الشافعي في الإملاء ، يجهر بالتعوذ حكم الجهر بالاستعاذة ، وإن أسر فلا يضر ، وقال في الأم بالتخيير لأنه أسر ابن عمر وجهر أبو هريرة ، واختلف قول الشافعي فيما عدا الركعة الأولى : هل يستحب التعوذ فيها ؟ على قولين ، ورجح عدم الاستحباب ، والله أعلم . فإذا قال المستعيذ : أعوذ بالله من الشيطان الرجيم كفى ذلك عند الشافعي وأبي حنيفة وزاد بعضهم : أعوذ بالله السميع العليم ، وقال آخرون : بل يقول : أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ، إن الله هو السميع العليم ، قاله الثوري والأوزاعي وحكي عن بعضهم أنه يقول : أستعيذ بالله من الشيطان الرجيم ؛ لمطابقة أمر الآية ، ولحديث الضحاك عن ابن عباس المذكور ، والأحاديث الصحيحة - كما تقدم - أولى بالاتباع من هذا ، والله أعلم .مسألة : ثم الاستعاذة في الصلاة إنما هي للتلاوة وهو قول أبي حنيفة ومحمد . وقال أبو يوسف : بل للصلاة ، فعلى هذا يتعوذ المأموم وإن كان لا يقرأ ، ويتعوذ في العيد بعد الإحرام وقبل تكبيرات العيد ، والجمهور بعدها قبل القراءة .ومن لطائف الاستعاذة أنها طهارة للفم مما كان يتعاطاه من اللغو والرفث ، وتطييب له وتهيؤ لتلاوة كلام الله وهي استعانة بالله واعتراف له بالقدرة وللعبد بالضعف والعجز عن مقاومة هذا العدو المبين الباطني الذي لا يقدر على منعه ودفعه إلا الله الذي خلقه ، ولا يقبل مصانعة ، ولا يدارى بالإحسان ، بخلاف العدو من نوع الإنسان كما دلت على ذلك آيات القرآن في ثلاث من المثاني ، وقال تعالى : ( إن عبادي ليس لك عليهم سلطان وكفى بربك وكيلا ) [ الإسراء : 65 ] ، وقد نزلت الملائكة لمقاتلة العدو البشري يوم بدر ، ومن قتله العدو البشري كان شهيدا ، ومن قتله العدو الباطني كان طريدا ، ومن غلبه العدو الظاهر كان مأجورا ، ومن قهره العدو الباطن كان مفتونا أو موزورا ، ولما كان الشيطان يرى الإنسان من حيث لا يراه استعاذ منه بالذي يراه ولا يراه الشيطان .فصل : والاستعاذة معناها : هي الالتجاء إلى الله والالتصاق بجنابه من شر كل ذي شر ، والعياذة تكون لدفع الشر ، واللياذ يكون لطلب جلب الخير كما قال المتنبي :يا من ألوذ به فيما أؤمله ومن أعوذ به ممن أحاذره لا يجبر الناس عظما أنت كاسرهولا يهيضون عظما أنت جابرهفصل معنى الاستعاذةومعنى أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ، أي : أستجير بجناب الله من الشيطان الرجيم أن يضرني في ديني أو دنياي ، أو يصدني عن فعل ما أمرت به ، أو يحثني على فعل ما نهيت عنه ؛ فإن الشيطان لا يكفه عن الإنسان إلا الله ؛ ولهذا أمر الله تعالى بمصانعة شيطان الإنس ومداراته بإسداء الجميل إليه ، ليرده طبعه عما هو فيه من الأذى ، وأمر بالاستعاذة به من شيطان الجن لأنه لا يقبل رشوة ولا يؤثر فيه جميل ؛ لأنه شرير بالطبع ولا يكفه عنك إلا الذي خلقه ، وهذا المعنى في ثلاث آيات من القرآن لا أعلم لهن رابعة ، قوله في الأعراف : ( خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين ) [ الأعراف : 199 ] ، فهذا فيما يتعلق بمعاملة الأعداء من البشر ، ثم قال : ( وإما ينزغنك من الشيطان نزغ فاستعذ بالله إنه سميع عليم ) [ الأعراف : 200 ] ، وقال تعالى في سورة " قد أفلح المؤمنون " : ( ادفع بالتي هي أحسن السيئة نحن أعلم بما يصفون وقل رب أعوذ بك من همزات الشياطين وأعوذ بك رب أن يحضرون ) [ المؤمنون : 96 - 98 ] ، وقال تعالى في سورة حم السجدة : ( ولا تستوي الحسنة ولا السيئة ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم وما يلقاها إلا الذين صبروا وما يلقاها إلا ذو حظ عظيم وإما ينزغنك من الشيطان نزغ فاستعذ بالله إنه هو السميع العليم ) [ فصلت : 34 - 36 ] .والشيطان معناه في لغة العرب مشتق من شطن إذا بعد ، فهو بعيد بطبعه عن طباع البشر ، وبعيد بفسقه عن كل خير ، وقيل : مشتق من شاط لأنه مخلوق من نار ، ومنهم من يقول : كلاهما صحيح في المعنى ، ولكن الأول أصح ، وعليه يدل كلام العرب ؛ قال أمية بن أبي الصلت في ذكر ما أوتي سليمان ، عليه السلام :أيما شاطن عصاه عكاه ثم يلقى في السجن والأغلالفقال : أيما شاطن ، ولم يقل : أيما شائط .وقال النابغة الذبياني - وهو : زياد بن عمرو بن معاوية بن جابر بن ضباب بن يربوع بن مرة بن سعد بن ذبيان - :نأت بسعاد عنك نوى شطون فبانت والفؤاد بها رهينيقول : بعدت بها طريق بعيدة .[ وقال سيبويه : العرب تقول : تشيطن فلان إذا فعل فعل الشيطان ولو كان من شاط ، لقالوا : تشيط ] . والشيطان مشتق من البعد على الصحيح ؛ ولهذا يسمون كل ما تمرد من جني وإنسي وحيوان شيطانا ، قال الله تعالى : ( وكذلك جعلنا لكل نبي عدوا شياطين الإنس والجن يوحي بعضهم إلى بعض زخرف القول غرورا ) [ الأنعام : 112 ] . وفي مسند الإمام أحمد ، عن أبي ذر - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : يا أبا ذر ، تعوذ بالله من شياطين الإنس والجن ، فقلت : أوللإنس شياطين ؟ قال : نعم . وفي صحيح مسلم عن أبي ذر - أيضا - قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : يقطع الصلاة المرأة والحمار والكلب الأسود . فقلت : يا رسول الله ، ما بال الكلب الأسود من الأحمر والأصفر فقال : الكلب الأسود شيطان . وقال ابن وهب : أخبرني هشام بن سعد ، عن زيد بن أسلم ، عن أبيه ، أن عمر بن الخطاب ، رضي الله عنه ، ركب برذونا ، فجعل يتبختر به ، فجعل يضربه فلا يزداد إلا تبخترا ، فنزل عنه ، وقال : ما حملتموني إلا على شيطان ، ما نزلت عنه حتى أنكرت نفسي . إسناده صحيح .والرجيم معناه : فعيل بمعنى مفعول ، أي : أنه مرجوم مطرود عن الخير كله ، كما قال تعالى : ( ولقد زينا السماء الدنيا بمصابيح وجعلناها رجوما للشياطين ) [ الملك : 5 ] ، وقال تعالى : ( إنا زينا السماء الدنيا بزينة الكواكب وحفظا من كل شيطان مارد لا يسمعون إلى الملإ الأعلى ويقذفون من كل جانب دحورا ولهم عذاب واصب إلا من خطف الخطفة فأتبعه شهاب ثاقب ) [ الصافات : 6 - 10 ] ، وقال تعالى : ( ولقد جعلنا في السماء بروجا وزيناها للناظرين وحفظناها من كل شيطان رجيم إلا من استرق السمع فأتبعه شهاب مبين ) [ الحجر : 16 - 18 ] ، إلى غير ذلك من الآيات . [ وقيل : رجيم بمعنى راجم ؛ لأنه يرجم الناس بالوساوس والربائث والأول أشهر ] ." بسم الله الرحمن الرحيم " افتتح بها الصحابة كتاب الله ، واتفق العلماء على أنها بعض آية من سورة النمل ، ثم اختلفوا : هل هي آية مستقلة بسم الله الرحمن الرحيم في أول كل سورة ، أو من أول كل سورة كتبت في أولها ، أو أنها بعض آية من أول كل سورة ، أو أنها كذلك في الفاتحة دون غيرها ، أو أنها [ إنما ] كتبت للفصل ، لا أنها آية ؟ على أقوال للعلماء سلفا وخلفا ، وذلك مبسوط في غير هذا الموضع .وفي سنن أبي داود بإسناد صحيح ، عن ابن عباس ، رضي الله عنهما ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان لا يعرف فصل السورة حتى ينزل عليه بسم الله الرحمن الرحيم وأخرجه الحاكم أبو عبد الله النيسابوري في مستدركه أيضا ، وروي مرسلا عن سعيد بن جبير . وفي صحيح ابن خزيمة ، عن أم سلمة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأ البسملة في أول الفاتحة في الصلاة وعدها آية ، لكنه من رواية عمر بن هارون البلخي ، وفيه ضعف ، عن ابن جريج ، عن ابن أبي مليكة ، عنها . وروى له الدارقطني متابعا ، عن أبي هريرة مرفوعا . وروى مثله عن علي وابن عباس وغيرهما . وممن حكي عنه أنها آية من كل سورة إلا " براءة " : ابن عباس ، وابن عمر ، وابن الزبير ، وأبو هريرة ، وعلي . ومن التابعين : عطاء ، وطاوس ، وسعيد بن جبير ، ومكحول ، والزهري ، وبه يقول عبد الله بن المبارك ، والشافعي ، وأحمد بن حنبل ، في رواية عنه ، وإسحاق بن راهويه ، وأبو عبيد القاسم بن سلام ، رحمهم الله . وقال مالك وأبو حنيفة وأصحابهما : ليست آية من الفاتحة ولا من غيرها من السور ، وقال الشافعي في قول ، في بعض طرق مذهبه : هي آية من الفاتحة وليست من غيرها ، وعنه أنها بعض آية من أول كل سورة ، وهما غريبان .وقال داود : هي آية مستقلة في أول كل سورة لا منها ، وهذه رواية عن الإمام أحمد بن حنبل . وحكاه أبو بكر الرازي ، عن أبي الحسن الكرخي ، وهما من أكابر أصحاب أبي حنيفة ، رحمهم الله . هذا ما يتعلق بكونها من الفاتحة أم لا . فأما ما يتعلق بالجهر بها بسم الله الرحمن الرحيم ، فمفرع على هذا ؛ فمن رأى أنها ليست من الفاتحة فلا يجهر بها ، وكذا من قال : إنها آية من أولها ، وأما من قال بأنها من أوائل السور فاختلفوا ؛ فذهب الشافعي ، رحمه الله ، إلى أنه يجهر بها مع الفاتحة والسورة ، وهو مذهب طوائف من الصحابة والتابعين وأئمة المسلمين سلفا وخلفا ، فجهر بها من الصحابة أبو هريرة ، وابن عمر ، وابن عباس ، ومعاوية ، وحكاه ابن عبد البر ، والبيهقي عن عمر وعلي ، ونقله الخطيب عن الخلفاء الأربعة ، وهم : أبو بكر وعمر وعثمان وعلي ، وهو غريب . ومن التابعين : عن سعيد بن جبير ، وعكرمة ، وأبي قلابة ، والزهري ، وعلي بن الحسين ، وابنه محمد ، وسعيد بن المسيب ، وعطاء ، وطاوس ، ومجاهد ، وسالم ، ومحمد بن كعب القرظي ، وأبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم ، وأبي وائل ، وابن سيرين ، ومحمد بن المنكدر ، وعلي بن عبد الله بن عباس ، وابنه محمد ، ونافع مولى ابن عمر ، وزيد بن أسلم ، وعمر بن عبد العزيز ، والأزرق بن قيس ، وحبيب بن أبي ثابت ، وأبي الشعثاء ، ومكحول ، وعبد الله بن معقل بن مقرن . زاد البيهقي : وعبد الله بن صفوان ، ومحمد ابن الحنفية . زاد ابن عبد البر : وعمرو بن دينار .والحجة في ذلك أنها بعض الفاتحة ، فيجهر بها كسائر أبعاضها ، وأيضا فقد روى النسائي في سننه وابن خزيمة وابن حبان في صحيحيهما ، والحاكم في مستدركه ، عن أبي هريرة أنه صلى فجهر في قراءته بالبسملة ، وقال بعد أن فرغ : إني لأشبهكم صلاة برسول الله صلى الله عليه وسلم . وصححه الدارقطني والخطيب والبيهقي وغيرهم .وروى أبو داود والترمذي ، عن ابن عباس : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يفتتح الصلاة ببسم الله الرحمن الرحيم . ثم قال الترمذي : وليس إسناده بذاك .وقد رواه الحاكم في مستدركه ، عن ابن عباس قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يجهر ببسم الله الرحمن الرحيم ، ثم قال : صحيح وفي صحيح البخاري ، عن أنس بن مالك أنه سئل عن قراءة رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : كانت قراءته مدا ، ثم قرأ " بسم الله الرحمن الرحيم " ، يمد " بسم الله " ، ويمد " الرحمن " ، ويمد " الرحيم .وفي مسند الإمام أحمد ، وسنن أبي داود ، وصحيح ابن خزيمة ، ومستدرك الحاكم ، عن أم سلمة ، قالت : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقطع قراءته : ( بسم الله الرحمن الرحيم . الحمد لله رب العالمين . الرحمن الرحيم . مالك يوم الدين . وقال الدارقطني : إسناده صحيح .وروى الشافعي ، رحمه الله ، والحاكم في مستدركه ، عن أنس : أن معاوية صلى بالمدينة ، فترك البسملة ، فأنكر عليه من حضره من المهاجرين ذلك ، فلما صلى المرة الثانية بسمل .وفي هذه الأحاديث ، والآثار التي أوردناها كفاية ومقنع في الاحتجاج لهذا القول عما عداها ، فأما المعارضات والروايات الغريبة ، وتطريقها ، وتعليلها وتضعيفها ، وتقريرها ، فله موضع آخر .وذهب آخرون إلى أنه لا يجهر بالبسملة في الصلاة ، وهذا هو الثابت عن الخلفاء الأربعة وعبد الله بن مغفل ، وطوائف من سلف التابعين والخلف ، وهو مذهب أبي حنيفة ، والثوري ، وأحمد بن حنبل .وعند الإمام مالك : أنه لا يقرأ البسملة بالكلية ، لا جهرا ولا سرا ، واحتجوا بما في صحيح مسلم ، عن عائشة ، رضي الله عنها ، قالت : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفتتح الصلاة بالتكبير ، والقراءة ب الحمد لله رب العالمين . وبما في الصحيحين ، عن أنس بن مالك ، قال : صليت خلف النبي صلى الله عليه وسلم ، وأبي بكر وعمر وعثمان ، فكانوا يستفتحون ب الحمد لله رب العالمين . ولمسلم : لا يذكرون بسم الله الرحمن الرحيم في أول قراءة ولا في آخرها . ونحوه في السنن عن عبد الله بن مغفل ، رضي الله عنه .فهذه مآخذ الأئمة - رحمهم الله - في هذه المسألة وهي قريبة ؛ لأنهم أجمعوا على صحة صلاة من جهر بالبسملة ومن أسر ، ولله الحمد والمنة .قال الإمام العالم الحبر العابد أبو محمد عبد الرحمن بن أبي حاتم ، رحمه الله ، في تفسيره : حدثنا أبي ، حدثنا جعفر بن مسافر ، حدثنا زيد بن المبارك الصنعاني ، حدثنا سلام بن وهب الجندي ، حدثنا أبي ، عن طاوس ، عن ابن عباس ؛ أن عثمان بن عفان سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بسم الله الرحمن الرحيم . فقال : هو اسم من أسماء الله ، وما بينه وبين اسم الله الأكبر ، إلا كما بين سواد العينين وبياضهما من القرب .وهكذا رواه أبو بكر بن مردويه ، عن سليمان بن أحمد ، عن علي بن المبارك ، عن زيد بن المبارك ، به .وقد روى الحافظ ابن مردويه من طريقين ، عن إسماعيل بن عياش ، عن إسماعيل بن يحيى ، عن مسعر ، عن عطية ، عن أبي سعيد ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن عيسى ابن مريم أسلمته أمه إلى الكتاب ليعلمه ، فقال المعلم : اكتب ، قال ما أكتب ؟ قال : باسم الله ، قال له عيسى : وما باسم الله ؟ قال المعلم : ما أدري . قال له عيسى : الباء بهاء الله ، والسين سناؤه ، والميم مملكته ، والله إله الآلهة ، والرحمن رحمن الدنيا والآخرة ، والرحيم رحيم الآخرةوقد رواه ابن جرير من حديث إبراهيم بن العلاء الملقب : زبريق ، عن إسماعيل بن عياش ، عن إسماعيل بن يحيى ، عن ابن أبي مليكة ، عمن حدثه ، عن ابن مسعود ، ومسعر ، عن عطية ، عن أبي سعيد ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، فذكره . وهذا غريب جدا ، وقد يكون صحيحا إلى من دون رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ويكون من الإسرائيليات لا من المرفوعات ، والله أعلم .وقد روى جويبر ، عن الضحاك ، نحوه من قبله .وقد روى ابن مردويه ، من حديث يزيد بن خالد ، عن سليمان بن بريدة ، وفي رواية عن عبد الكريم أبي أمية ، عن ابن بريدة ، عن أبيه ؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : أنزلت علي آية لم تنزل على نبي غير سليمان بن داود وغيري ، وهي بسم الله الرحمن الرحيم .وروى بإسناده عن عبد الكبير بن المعافى بن عمران ، عن أبيه ، عن عمر بن ذر ، عن عطاء بن أبي رباح ، عن جابر بن عبد الله ، قال : لما نزل بسم الله الرحمن الرحيم هرب الغيم إلى المشرق ، وسكنت الرياح ، وهاج البحر ، وأصغت البهائم بآذانها ، ورجمت الشياطين من السماء ، وحلف الله تعالى بعزته وجلاله ألا يسمى اسمه على شيء إلا بارك فيه .[ وقال وكيع عن الأعمش عن أبي وائل عن ابن مسعود قال : من أراد أن ينجيه الله من الزبانية التسعة عشر فليقرأ : بسم الله الرحمن الرحيم ، ليجعل الله له من كل حرف منها جنة من كل واحد ، ذكره ابن عطية والقرطبي ووجهه ابن عطية ونصره بحديث : فقد رأيت بضعة وثلاثين ملكا يبتدرونها لقول الرجل : ربنا ولك الحمد حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه ، من أجل أنها بضعة وثلاثون حرفا وغير ذلك ] .وقال الإمام أحمد بن حنبل في مسنده : حدثنا محمد بن جعفر ، حدثنا شعبة ، عن عاصم ، قال : سمعت أبا تميمة يحدث ، عن رديف النبي صلى الله عليه وسلم قال : عثر بالنبي صلى الله عليه وسلم ، فقلت : تعس الشيطان . فقال النبي صلى الله عليه وسلم : لا تقل تعس الشيطان . فإنك إذا قلت : تعس الشيطان تعاظم ، وقال : بقوتي صرعته ، وإذا قلت : باسم الله ، تصاغر حتى يصير مثل الذباب .هكذا وقع في رواية الإمام أحمد وقد روى النسائي في اليوم والليلة ، وابن مردويه في تفسيره ، من حديث خالد الحذاء ، عن أبي تميمة هو الهجيمي ، عن أبي المليح بن أسامة بن عمير ، عن أبيه ، قال : كنت رديف النبي صلى الله عليه وسلم فذكره وقال : لا تقل هكذا ، فإنه يتعاظم حتى يكون كالبيت ، ولكن قل : بسم الله ، فإنه يصغر حتى يكون كالذبابة . فهذا من تأثير بركة بسم الله ؛ ولهذا تستحب في أول كل عمل بسم ا
تفسير سورة الواقعة وهي مكية .قال أبو إسحاق عن عكرمة ، عن ابن عباس قال : قال أبو بكر : يا رسول الله ، قد شبت ؟ قال : " شيبتني هود ، والواقعة ، والمرسلات ، وعم يتساءلون ، وإذا الشمس كورت " .رواه الترمذي وقال : حسن غريبوقال الحافظ ابن عساكر في ترجمة عبد الله بن مسعود بسنده إلى عمرو بن الربيع بن طارق المصري : حدثنا السري بن يحيى الشيباني ، عن أبي شجاع ، عن أبي ظبية قال : مرض عبد الله مرضه الذي توفي فيه ، فعاده عثمان بن عفان فقال : ما تشتكي ؟ قال : ذنوبي . قال : فما تشتهي ؟ قال : رحمة ربي . قال ألا آمر لك بطبيب ؟ قال : الطبيب أمرضني . قال : ألا آمر لك بعطاء ؟ قال : لا حاجة لي فيه . قال : يكون لبناتك من بعدك ؟ قال : أتخشى على بناتي الفقر ؟ إني أمرت بناتي يقرأن كل ليلة سورة الواقعة ، إني سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : " من قرأ سورة الواقعة كل ليلة ، لم تصبه فاقة أبدا " . .ثم قال ابن عساكر : كذا قال والصواب : عن " شجاع " ، كما رواه عبد الله بن وهب عن السري . وقال عبد الله بن وهب : أخبرني السري بن يحيى أن شجاعا حدثه ، عن أبي ظبية ، عن عبد الله بن مسعود ، قال : سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : " من قرأ سورة الواقعة كل ليلة لم تصبه فاقة أبدا " . فكان أبو ظبية لا يدعها .وكذا رواه أبو يعلى ، عن إسحاق بن إبراهيم ، عن محمد بن منيب ، عن السري بن يحيى ، عن شجاع ، عن أبي ظبية ، عن ابن مسعود ، به . ثم رواه عن إسحاق بن أبي إسرائيل ، عن محمد بن منيب العدني ، عن السري بن يحيى ، عن أبي ظبية ، عن ابن مسعود ; أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : " من قرأ سورة الواقعة في كل ليلة ، لم تصبه فاقة أبدا " . لم يذكر في سنده " شجاعا " . قال : وقد أمرت بناتي أن يقرأنها كل ليلة .وقد رواه ابن عساكر أيضا من حديث حجاج بن نصير وعثمان بن اليمان ، عن السري بن يحيى ، عن شجاع ، عن أبي فاطمة قال : مرض عبد الله ، فأتاه عثمان بن عفان يعوده ، فذكر الحديث بطوله . قال عثمان بن اليمان : كان أبو فاطمة هذا مولى لعلي بن أبي طالب .وقال [ الإمام ] أحمد : حدثنا عبد الرزاق ، حدثنا إسرائيل ، ويحيى بن آدم ، حدثنا إسرائيل ، عن سماك بن حرب ; أنه سمع جابر بن سمرة يقول : كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصلي الصلوات كنحو من صلاتكم التي تصلون اليوم ، ولكنه كان يخفف . كانت صلاته أخف من صلاتكم ، وكان يقرأ في الفجر " الواقعة " ونحوها من السور .الواقعة : من أسماء يوم القيامة ، سميت بذلك لتحقق كونها ووجودها ، كما قال : ( فيومئذ وقعت الواقعة ) [ الحاقة : 15 ]
وقوله : ( ليس لوقعتها كاذبة ) أي : ليس لوقوعها إذا أراد الله كونها صارف يصرفها ، ولا دافع يدفعها ، كما قال : ( استجيبوا لربكم من قبل أن يأتي يوم لا مرد له من الله ) [ الشورى : 47 ] ، وقال : ( سأل سائل بعذاب واقع للكافرين ليس له دافع ) [ المعارج : 1 ، 2 ] ، وقال تعالى : ( ويوم يقول كن فيكون قوله الحق وله الملك يوم ينفخ في الصور عالم الغيب والشهادة وهو الحكيم الخبير ) [ الأنعام : 73 ] .ومعنى ) كاذبة ) - كما قال محمد بن كعب - : لا بد أن تكون . وقال قتادة : ليس فيها مثنوية ولا ارتداد ولا رجعة .قال ابن جرير : والكاذبة : مصدر كالعاقبة والعافية .
وقوله : ( خافضة رافعة ) أي : تحفض أقواما إلى أسفل سافلين إلى الجحيم ، وإن كانوا في الدنيا أعزاء . وترفع آخرين إلى أعلى عليين ، إلى النعيم المقيم ، وإن كانوا في الدنيا وضعاء . وهكذا قال الحسن وقتادة ، وغيرهما .وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبي ، حدثنا يزيد بن عبد الرحمن بن مصعب المعنى ، حدثنا حميد بن عبد الرحمن الرؤاسي ، عن أبيه ، عن سماك ، عن عكرمة ، عن ابن عباس : ( خافضة رافعة ) تخفض أناسا وترفع آخرين .وقال عبيد الله العتكي ، عن عثمان بن سراقة ، ابن خالة عمر بن الخطاب : ( خافضة رافعة ) [ قال ] : الساعة خفضت أعداء الله إلى النار ، ورفعت أولياء الله إلى الجنة .وقال محمد بن كعب : تخفض رجالا كانوا في الدنيا مرتفعين ، وترفع رجالا كانوا في الدنيا مخفوضين .وقال السدي : خفضت المتكبرين ، ورفعت المتواضعين .وقال العوفي ، عن ابن عباس : ( خافضة رافعة ) أسمعت القريب والبعيد . وقال عكرمة : خفضت فأسمعت الأدنى ، ورفعت فأسمعت الأقصى . وكذا قال الضحاك ، وقتادة .
وقوله : ( إذا رجت الأرض رجا ) أي : حركت تحريكا فاهتزت واضطربت بطولها وعرضها . ولهذا قال ابن عباس ، ومجاهد ، وقتادة ، وغير واحد في قوله : ( إذا رجت الأرض رجا ) أي : زلزلت زلزالا [ شديدا ] .وقال الربيع بن أنس : ترج بما فيها كرج الغربال بما فيه .وهذه كقوله تعالى : ( إذا زلزلت الأرض زلزالها ) [ الزلزلة : 1 ] ، وقال تعالى : ( يا أيها الناس اتقوا ربكم إن زلزلة الساعة شيء عظيم ) [ الحج : 1 ] .
وقوله : ( وبست الجبال بسا ) أي : فتتت فتا . قاله ابن عباس ، ومجاهد ، وعكرمة ، وقتادة ، وغيرهم .وقال ابن زيد : صارت الجبال كما قال [ الله ] تعالى : ( كثيبا مهيلا ) [ المزمل : 14 ] .
فَكَانَتْ هَبَآءً مُّنْۢبَثًّاۙ(۶)
تو ہوجائیں گے جیسے روزن کی دھوپ میں غبار کے باریک ذرے پھیلے ہوئے
وقوله : ( فكانت هباء منبثا ) ، قال أبو إسحاق ، عن الحارث ، عن علي ، رضي الله عنه : ( هباء منبثا ) كرهج الغبار يسطع ثم يذهب ، فلا يبقى منه شيء .وقال العوفي عن ابن عباس في قوله : ( فكانت هباء منبثا ) : الهباء الذي يطير من النار ، إذا اضطرمت يطير منه الشرر ، فإذا وقع لم يكن شيئا .وقال عكرمة : المنبث : الذي ذرته الريح وبثته . وقال قتادة : ( هباء منبثا ) كيبيس الشجر الذي تذروه الرياح .وهذه الآية كأخواتها الدالة على زوال الجبال عن أماكنها يوم القيامة ، وذهابها وتسييرها ونسفها - أي قلعها - وصيرورتها كالعهن المنفوش .
وقوله : ( وكنتم أزواجا ثلاثة ) أي : ينقسم الناس يوم القيامة إلى ثلاثة أصناف : قوم عن يمين العرش ، وهم الذين خرجوا من شق آدم الأيمن ، ويؤتون كتبهم بأيمانهم ، ويؤخذ بهم ذات اليمين . قال السدي : وهم جمهور أهل الجنة . وآخرون عن يسار العرش ، وهم الذين خرجوا من شق آدم الأيسر ، ويؤتون كتبهم بشمائلهم ، ويؤخذ بهم ذات الشمال ، وهم عامة أهل النار - عياذا بالله من صنيعهم - وطائفة سابقون بين يديه وهم أخص وأحظى وأقرب من أصحاب اليمين الذين هم سادتهم ، فيهم الرسل والأنبياء والصديقون والشهداء ، وهم أقل عددا من أصحاب اليمين ;
فَاَصْحٰبُ الْمَیْمَنَةِ ﳔ مَاۤ اَصْحٰبُ الْمَیْمَنَةِؕ(۸)
تو دہنی طرف والے (ف۶) کیسے دہنی طرف والے (ف۷)
ولهذا قال : ( فأصحاب الميمنة ما أصحاب الميمنة وأصحاب المشأمة ما أصحاب المشأمة والسابقون السابقون ) وهكذا قسمهم إلى هذه الأنواع الثلاثة في آخر السورة وقت احتضارهم ، وهكذا ذكرهم في قوله تعالى : ( ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا فمنهم ظالم لنفسه ومنهم مقتصد ومنهم سابق بالخيرات بإذن الله ) الآية [ فاطر : 32 ] ، وذلك على أحد القولين في الظالم لنفسه كما تقدم بيانه .قال سفيان الثوري ، عن جابر الجعفي ، عن مجاهد ، عن ابن عباس في قوله : ( وكنتم أزواجا ثلاثة ) قال : هي التي في سورة الملائكة : ( ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا فمنهم ظالم لنفسه ومنهم مقتصد ومنهم سابق بالخيرات ) .وقال ابن جريج عن ابن عباس : هذه الأزواج الثلاثة هم المذكورون في آخر السورة وفي سورة الملائكة .وقال يزيد الرقاشي : سألت ابن عباس عن قوله : ( وكنتم أزواجا ثلاثة ) قال : أصنافا ثلاثة .وقال مجاهد : ( وكنتم أزواجا ثلاثة ) [ قال ] : يعني : فرقا ثلاثة . وقال ميمون بن مهران : أفواجا ثلاثة . وقال عبيد الله العتكي ، عن عثمان بن سراقة ابن خالة عمر بن الخطاب : ( وكنتم أزواجا ثلاثة ) اثنان في الجنة ، وواحد في النار .وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبي ، حدثنا محمد بن الصباح ، حدثنا الوليد بن أبي ثور ، عن سماك ، عن النعمان بن بشير قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ( وإذا النفوس زوجت ) [ التكوير : 7 ] قال : الضرباء ، كل رجل من قوم كانوا يعملون عمله ، وذلك بأن الله يقول : ( وكنتم أزواجا ثلاثة فأصحاب الميمنة ما أصحاب الميمنة وأصحاب المشأمة ما أصحاب المشأمة والسابقون السابقون ) قال : هم الضرباء .
وَ اَصْحٰبُ الْمَشْــٴَـمَةِ ﳔ مَاۤ اَصْحٰبُ الْمَشْــٴَـمَةِؕ(۹)
اور بائیں طرف والے (ف۸) کیسے بائیں طرف والے (ف۹)
وقال الإمام أحمد : حدثنا محمد بن عبد الله بن المثنى ، حدثنا البراء الغنوي ، حدثنا الحسن ، عن معاذ بن جبل ; أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تلا هذه الآية : ( وأصحاب اليمين ) ، ( وأصحاب الشمال ) فقبض بيده قبضتين فقال : " هذه للجنة ولا أبالي ، وهذه للنار ولا أبالي " .وقال أحمد أيضا : حدثنا حسن ، حدثنا ابن لهيعة ، حدثنا خالد بن أبي عمران ، عن القاسم بن محمد ، عن عائشة ، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : " أتدرون من السابقون إلى ظل يوم القيامة ؟ " قالوا : الله ورسوله أعلم . قال : " الذين إذا أعطوا الحق قبلوه ، وإذا سئلوه بذلوه ، وحكموا للناس كحكمهم لأنفسهم " .وقال محمد بن كعب وأبو حرزة يعقوب بن مجاهد : ( والسابقون السابقون ) : هم الأنبياء ، عليهم السلام . وقال السدي : هم أهل عليين . وقال ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، عن ابن عباس : ( والسابقون السابقون ) ، قال : يوشع بن نون ، سبق إلى موسى ، ومؤمن آل " يس " ، سبق إلى عيسى ، وعلي بن أبي طالب ، سبق إلى محمد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - . رواه ابن أبي حاتم ، عن محمد بن هارون الفلاس ، عن عبد الله بن إسماعيل المدائني البزاز ، عن شعيب بن الضحاك المدائني ، عن سفيان بن عيينة ، عن ابن أبي نجيح به .وقال ابن أبي حاتم : وذكر محمد بن أبي حماد ، حدثنا مهران ، عن خارجة ، عن قرة ، عن ابن سيرين : ( والسابقون السابقون ) الذين صلوا للقبلتين .ورواه ابن جرير من حديث خارجة ، به .وقال الحسن وقتادة : ( والسابقون السابقون ) أي : من كل أمة .وقال الأوزاعي ، عن عثمان بن أبي سودة أنه قرأ هذه الآية : ( والسابقون السابقون أولئك المقربون ) ثم قال : أولهم رواحا إلى المسجد ، وأولهم خروجا في سبيل الله .وهذه الأقوال كلها صحيحة ، فإن المراد بالسابقين هم المبادرون إلى فعل الخيرات كما أمروا ، كما قال تعالى : ( وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السماوات والأرض ) [ آل عمران : 133 ] ، وقال : ( سابقوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها كعرض السماء والأرض ) [ الحديد : 22 ] ، فمن سابق إلى هذه الدنيا وسبق إلى الخير ، كان في الآخرة من السابقين إلى الكرامة ، فإن الجزاء من جنس العمل ، وكما تدين تدان ; ولهذا قال تعالى : ( أولئك المقربون في جنات النعيم ) .وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبي ، حدثنا يحيى بن زكريا القزاز الرازي ، حدثنا خارجة بن مصعب ، عن زيد بن أسلم ، عن عطاء بن يسار ، عن عبد الله بن عمرو قال : قالت الملائكة : يا رب ، جعلت لبني آدم الدنيا فهم يأكلون ويشربون ويتزوجون ، فاجعل لنا الآخرة . فقال : لا أفعل . فراجعوا ثلاثا ، فقال : لا أجعل من خلقت بيدي كمن قلت له : كن ، فكان . ثم قرأ عبد الله : ( والسابقون السابقون أولئك المقربون في جنات النعيم ) .وقد روى هذا الأثر الإمام عثمان بن سعيد الدارمي في كتابه : " الرد على الجهمية " ، ولفظه : فقال الله عز وجل : " لن أجعل صالح ذرية من خلقت بيدي ، كمن قلت له : كن فكان " .
وقال الإمام أحمد : حدثنا محمد بن عبد الله بن المثنى ، حدثنا البراء الغنوي ، حدثنا الحسن ، عن معاذ بن جبل ; أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تلا هذه الآية : ( وأصحاب اليمين ) ، ( وأصحاب الشمال ) فقبض بيده قبضتين فقال : " هذه للجنة ولا أبالي ، وهذه للنار ولا أبالي " .وقال أحمد أيضا : حدثنا حسن ، حدثنا ابن لهيعة ، حدثنا خالد بن أبي عمران ، عن القاسم بن محمد ، عن عائشة ، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : " أتدرون من السابقون إلى ظل يوم القيامة ؟ " قالوا : الله ورسوله أعلم . قال : " الذين إذا أعطوا الحق قبلوه ، وإذا سئلوه بذلوه ، وحكموا للناس كحكمهم لأنفسهم " .وقال محمد بن كعب وأبو حرزة يعقوب بن مجاهد : ( والسابقون السابقون ) : هم الأنبياء ، عليهم السلام . وقال السدي : هم أهل عليين . وقال ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، عن ابن عباس : ( والسابقون السابقون ) ، قال : يوشع بن نون ، سبق إلى موسى ، ومؤمن آل " يس " ، سبق إلى عيسى ، وعلي بن أبي طالب ، سبق إلى محمد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - . رواه ابن أبي حاتم ، عن محمد بن هارون الفلاس ، عن عبد الله بن إسماعيل المدائني البزاز ، عن شعيب بن الضحاك المدائني ، عن سفيان بن عيينة ، عن ابن أبي نجيح به .وقال ابن أبي حاتم : وذكر محمد بن أبي حماد ، حدثنا مهران ، عن خارجة ، عن قرة ، عن ابن سيرين : ( والسابقون السابقون ) الذين صلوا للقبلتين .ورواه ابن جرير من حديث خارجة ، به .وقال الحسن وقتادة : ( والسابقون السابقون ) أي : من كل أمة .وقال الأوزاعي ، عن عثمان بن أبي سودة أنه قرأ هذه الآية : ( والسابقون السابقون أولئك المقربون ) ثم قال : أولهم رواحا إلى المسجد ، وأولهم خروجا في سبيل الله .وهذه الأقوال كلها صحيحة ، فإن المراد بالسابقين هم المبادرون إلى فعل الخيرات كما أمروا ، كما قال تعالى : ( وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السماوات والأرض ) [ آل عمران : 133 ] ، وقال : ( سابقوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها كعرض السماء والأرض ) [ الحديد : 22 ] ، فمن سابق إلى هذه الدنيا وسبق إلى الخير ، كان في الآخرة من السابقين إلى الكرامة ، فإن الجزاء من جنس العمل ، وكما تدين تدان ; ولهذا قال تعالى : ( أولئك المقربون في جنات النعيم ) .وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبي ، حدثنا يحيى بن زكريا القزاز الرازي ، حدثنا خارجة بن مصعب ، عن زيد بن أسلم ، عن عطاء بن يسار ، عن عبد الله بن عمرو قال : قالت الملائكة : يا رب ، جعلت لبني آدم الدنيا فهم يأكلون ويشربون ويتزوجون ، فاجعل لنا الآخرة . فقال : لا أفعل . فراجعوا ثلاثا ، فقال : لا أجعل من خلقت بيدي كمن قلت له : كن ، فكان . ثم قرأ عبد الله : ( والسابقون السابقون أولئك المقربون في جنات النعيم ) .وقد روى هذا الأثر الإمام عثمان بن سعيد الدارمي في كتابه : " الرد على الجهمية " ، ولفظه : فقال الله عز وجل : " لن أجعل صالح ذرية من خلقت بيدي ، كمن قلت له : كن فكان " .
وقال الإمام أحمد : حدثنا محمد بن عبد الله بن المثنى ، حدثنا البراء الغنوي ، حدثنا الحسن ، عن معاذ بن جبل ; أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تلا هذه الآية : ( وأصحاب اليمين ) ، ( وأصحاب الشمال ) فقبض بيده قبضتين فقال : " هذه للجنة ولا أبالي ، وهذه للنار ولا أبالي " .وقال أحمد أيضا : حدثنا حسن ، حدثنا ابن لهيعة ، حدثنا خالد بن أبي عمران ، عن القاسم بن محمد ، عن عائشة ، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : " أتدرون من السابقون إلى ظل يوم القيامة ؟ " قالوا : الله ورسوله أعلم . قال : " الذين إذا أعطوا الحق قبلوه ، وإذا سئلوه بذلوه ، وحكموا للناس كحكمهم لأنفسهم " .وقال محمد بن كعب وأبو حرزة يعقوب بن مجاهد : ( والسابقون السابقون ) : هم الأنبياء ، عليهم السلام . وقال السدي : هم أهل عليين . وقال ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، عن ابن عباس : ( والسابقون السابقون ) ، قال : يوشع بن نون ، سبق إلى موسى ، ومؤمن آل " يس " ، سبق إلى عيسى ، وعلي بن أبي طالب ، سبق إلى محمد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - . رواه ابن أبي حاتم ، عن محمد بن هارون الفلاس ، عن عبد الله بن إسماعيل المدائني البزاز ، عن شعيب بن الضحاك المدائني ، عن سفيان بن عيينة ، عن ابن أبي نجيح به .وقال ابن أبي حاتم : وذكر محمد بن أبي حماد ، حدثنا مهران ، عن خارجة ، عن قرة ، عن ابن سيرين : ( والسابقون السابقون ) الذين صلوا للقبلتين .ورواه ابن جرير من حديث خارجة ، به .وقال الحسن وقتادة : ( والسابقون السابقون ) أي : من كل أمة .وقال الأوزاعي ، عن عثمان بن أبي سودة أنه قرأ هذه الآية : ( والسابقون السابقون أولئك المقربون ) ثم قال : أولهم رواحا إلى المسجد ، وأولهم خروجا في سبيل الله .وهذه الأقوال كلها صحيحة ، فإن المراد بالسابقين هم المبادرون إلى فعل الخيرات كما أمروا ، كما قال تعالى : ( وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السماوات والأرض ) [ آل عمران : 133 ] ، وقال : ( سابقوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها كعرض السماء والأرض ) [ الحديد : 22 ] ، فمن سابق إلى هذه الدنيا وسبق إلى الخير ، كان في الآخرة من السابقين إلى الكرامة ، فإن الجزاء من جنس العمل ، وكما تدين تدان ; ولهذا قال تعالى : ( أولئك المقربون في جنات النعيم ) .وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبي ، حدثنا يحيى بن زكريا القزاز الرازي ، حدثنا خارجة بن مصعب ، عن زيد بن أسلم ، عن عطاء بن يسار ، عن عبد الله بن عمرو قال : قالت الملائكة : يا رب ، جعلت لبني آدم الدنيا فهم يأكلون ويشربون ويتزوجون ، فاجعل لنا الآخرة . فقال : لا أفعل . فراجعوا ثلاثا ، فقال : لا أجعل من خلقت بيدي كمن قلت له : كن ، فكان . ثم قرأ عبد الله : ( والسابقون السابقون أولئك المقربون في جنات النعيم ) .وقد روى هذا الأثر الإمام عثمان بن سعيد الدارمي في كتابه : " الرد على الجهمية " ، ولفظه : فقال الله عز وجل : " لن أجعل صالح ذرية من خلقت بيدي ، كمن قلت له : كن فكان " .
وقال الإمام أحمد : حدثنا محمد بن عبد الله بن المثنى ، حدثنا البراء الغنوي ، حدثنا الحسن ، عن معاذ بن جبل ; أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تلا هذه الآية : ( وأصحاب اليمين ) ، ( وأصحاب الشمال ) فقبض بيده قبضتين فقال : " هذه للجنة ولا أبالي ، وهذه للنار ولا أبالي " .وقال أحمد أيضا : حدثنا حسن ، حدثنا ابن لهيعة ، حدثنا خالد بن أبي عمران ، عن القاسم بن محمد ، عن عائشة ، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : " أتدرون من السابقون إلى ظل يوم القيامة ؟ " قالوا : الله ورسوله أعلم . قال : " الذين إذا أعطوا الحق قبلوه ، وإذا سئلوه بذلوه ، وحكموا للناس كحكمهم لأنفسهم " .وقال محمد بن كعب وأبو حرزة يعقوب بن مجاهد : ( والسابقون السابقون ) : هم الأنبياء ، عليهم السلام . وقال السدي : هم أهل عليين . وقال ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، عن ابن عباس : ( والسابقون السابقون ) ، قال : يوشع بن نون ، سبق إلى موسى ، ومؤمن آل " يس " ، سبق إلى عيسى ، وعلي بن أبي طالب ، سبق إلى محمد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - . رواه ابن أبي حاتم ، عن محمد بن هارون الفلاس ، عن عبد الله بن إسماعيل المدائني البزاز ، عن شعيب بن الضحاك المدائني ، عن سفيان بن عيينة ، عن ابن أبي نجيح به .وقال ابن أبي حاتم : وذكر محمد بن أبي حماد ، حدثنا مهران ، عن خارجة ، عن قرة ، عن ابن سيرين : ( والسابقون السابقون ) الذين صلوا للقبلتين .ورواه ابن جرير من حديث خارجة ، به .وقال الحسن وقتادة : ( والسابقون السابقون ) أي : من كل أمة .وقال الأوزاعي ، عن عثمان بن أبي سودة أنه قرأ هذه الآية : ( والسابقون السابقون أولئك المقربون ) ثم قال : أولهم رواحا إلى المسجد ، وأولهم خروجا في سبيل الله .وهذه الأقوال كلها صحيحة ، فإن المراد بالسابقين هم المبادرون إلى فعل الخيرات كما أمروا ، كما قال تعالى : ( وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السماوات والأرض ) [ آل عمران : 133 ] ، وقال : ( سابقوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها كعرض السماء والأرض ) [ الحديد : 22 ] ، فمن سابق إلى هذه الدنيا وسبق إلى الخير ، كان في الآخرة من السابقين إلى الكرامة ، فإن الجزاء من جنس العمل ، وكما تدين تدان ; ولهذا قال تعالى : ( أولئك المقربون في جنات النعيم ) .وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبي ، حدثنا يحيى بن زكريا القزاز الرازي ، حدثنا خارجة بن مصعب ، عن زيد بن أسلم ، عن عطاء بن يسار ، عن عبد الله بن عمرو قال : قالت الملائكة : يا رب ، جعلت لبني آدم الدنيا فهم يأكلون ويشربون ويتزوجون ، فاجعل لنا الآخرة . فقال : لا أفعل . فراجعوا ثلاثا ، فقال : لا أجعل من خلقت بيدي كمن قلت له : كن ، فكان . ثم قرأ عبد الله : ( والسابقون السابقون أولئك المقربون في جنات النعيم ) .وقد روى هذا الأثر الإمام عثمان بن سعيد الدارمي في كتابه : " الرد على الجهمية " ، ولفظه : فقال الله عز وجل : " لن أجعل صالح ذرية من خلقت بيدي ، كمن قلت له : كن فكان " .
يقول تعالى مخبرا عن هؤلاء السابقين أنهم ) ثلة ) أي : جماعة ( من الأولين وقليل من الآخرين ) . وقد اختلفوا في المراد بقوله : ( الأولين ) ، و ) الآخرين ) . فقيل : المراد بالأولين : الأمم الماضية ، والآخرين : هذه الأمة . هذا رواية عن مجاهد ، والحسن البصري ، رواها عنهما ابن أبي حاتم . وهو اختيار ابن جرير ، واستأنس بقوله - صلى الله عليه وسلم - : " نحن الآخرون السابقون يوم القيامة " . ولم يحك غيره ولا عزاه إلى أحد .ومما يستأنس به لهذا القول ، ما رواه الإمام أبو محمد بن أبي حاتم : حدثنا أبي ، حدثنا محمد بن عيسى بن الطباع ، حدثنا شريك ، عن محمد بن عبد الرحمن ، عن أبيه ، عن أبي هريرة ، قال : لما نزلت : ( ثلة من الأولين وقليل من الآخرين ) شق ذلك على أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - فنزلت : ( ثلة من الأولين وثلة من الآخرين ) فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : إني لأرجو أن تكونوا ربع أهل الجنة ، ثلث أهل الجنة ، بل أنتم نصف أهل الجنة - أو : شطر أهل الجنة - وتقاسمونهم النصف الثاني " .ورواه الإمام أحمد ، عن أسود بن عامر ، عن شريك ، عن محمد ، بياع الملاء ، عن أبيه ، عن أبي هريرة ، فذكره . وقد روي من حديث جابر نحو هذا ، ورواه الحافظ ابن عساكر من طريق هشام بن عمار : حدثنا عبد ربه بن صالح ، عن عروة بن رويم ، عن جابر بن عبد الله ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - : لما نزلت : ( فيومئذ وقعت الواقعة ) ، ذكر فيها ( ثلة من الأولين وقليل من الآخرين ) ، قال عمر : يا رسول الله ، ثلة من الأولين وقليل منا ؟ قال : فأمسك آخر السورة سنة ، ثم نزل : ( ثلة من الأولين وثلة من الآخرين ) ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " يا عمر ، تعال فاسمع ما قد أنزل الله : ( ثلة من الأولين وثلة من الآخرين ) ، ألا وإن من آدم إلي ثلة ، وأمتي ثلة ، ولن نستكمل ثلتنا حتى نستعين بالسودان من رعاة الإبل ، ممن شهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له " .هكذا أورده في ترجمة " عروة بن رويم " ، إسنادا ومتنا ، ولكن في إسناده نظر . وقد وردت طرق كثيرة متعددة بقوله - صلى الله عليه وسلم - : " إني لأرجو أن تكونوا ربع أهل الجنة " الحديث بتمامه ، وهو مفرد في " صفة الجنة " ولله الحمد والمنة . وهذا الذي اختاره ابن جرير هاهنا فيه نظر ، بل هو قول ضعيف ; لأن هذه الأمة هي خير الأمم بنص القرآن ، فيبعد أن يكون المقربون في غيرها أكثر منها ، اللهم إلا أن يقابل مجموع الأمم بهذه الأمة . والظاهر أن المقربين من هؤلاء أكثر من سائر الأمم ، والله أعلم . فالقول الثاني في هذا المقام هو الراجح ، وهو أن يكون المراد بقوله : ( ثلة من الأولين ) أي : من صدر هذه الأمة ، ( وقليل من الآخرين ) أي : من هذه الأمة .قال ابن أبي حاتم : حدثنا الحسن بن محمد بن الصباح ، حدثنا عفان ، حدثنا عبد الله بن بكر المزني ، سمعت الحسن : أتى على هذه الآية : ( والسابقون السابقون أولئك المقربون ) فقال : أما السابقون ، فقد مضوا ، ولكن اللهم اجعلنا من أهل اليمين .ثم قال : حدثنا أبي ، حدثنا أبو الوليد ، حدثنا السري بن يحيى قال : قرأ الحسن : ( والسابقون السابقون أولئك المقربون في جنات النعيم ثلة من الأولين ) ثلة ممن مضى من هذه الأمة .وحدثنا أبي ، حدثنا عبد العزيز بن المغيرة المنقري ، حدثنا أبو هلال ، عن محمد بن سيرين ، أنه قال في هذه الآية : ( ثلة من الأولين وقليل من الآخرين ) قال : كانوا يقولون ، أو يرجون ، أن يكونوا كلهم من هذه الأمة . فهذا قول الحسن وابن سيرين أن الجميع من هذه الأمة . ولا شك أن أول كل أمة خير من آخرها ، فيحتمل أن يعم الأمر جميع الأمم كل أمة بحسبها ; ولهذا ثبت في الصحاح وغيرها من غير وجه ، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : " خير القرون قرني ، ثم الذين يلونهم ، ثم الذين يلونهم " الحديث بتمامه .فأما الحديث الذي رواه الإمام أحمد : حدثنا عبد الرحمن ، حدثنا زياد أبو عمر ، عن الحسن ، عن عمار بن ياسر ، قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " مثل أمتي مثل المطر ، لا يدرى أوله خير أم آخره " ، فهذا الحديث بعد الحكم بصحة إسناده ، محمول على أن الدين كما هو محتاج إلى أول الأمة في إبلاغه إلى من بعدهم ، كذلك هو محتاج إلى القائمين به في أواخرها ، وتثبيت الناس على السنة وروايتها وإظهارها ، والفضل للمتقدم . وكذلك الزرع الذي يحتاج إلى المطر الأول وإلى المطر الثاني ، ولكن العمدة الكبرى على الأول ، واحتياج الزرع إليه آكد ، فإنه لولاه ما نبت في الأرض ، ولا تعلق أساسه فيها ; ولهذا قال عليه السلام : " لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق ، لا يضرهم من خذلهم ، ولا من خالفهم إلى قيام الساعة " . وفي لفظ : " حتى يأتي أمر الله وهم كذلك " . والغرض أن هذه الأمة أشرف من سائر الأمم ، والمقربون فيها أكثر من غيرها وأعلى منزلة لشرف دينها وعظم نبيها . ولهذا ثبت بالتواتر عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه أخبر أن في هذه الأمة سبعين ألفا يدخلون الجنة بغير حساب . وفي لفظ : " مع كل ألف سبعون ألفا " . وفي آخر " مع كل واحد سبعون ألفا " .وقد قال الحافظ أبو القاسم الطبراني : حدثنا هشام بن مرثد الطبراني ، حدثنا محمد - هو ابن إسماعيل بن عياش - حدثني أبي ، حدثني ضمضم - يعني ابن زرعة - عن شريح - هو ابن عبيد - عن أبي مالك ، قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " أما والذي نفسي بيده ، ليبعثن منكم يوم القيامة مثل الليل الأسود زمرة جميعها يحيطون الأرض ، تقول الملائكة : لما جاء مع محمد - صلى الله عليه وسلم - أكثر مما جاء مع الأنبياء ، عليهم السلام " .وحسن أن يذكر هاهنا [ عند قوله : ( ثلة من الأولين وقليل من الآخرين ) ] الحديث الذي رواه الحافظ أبو بكر البيهقي في " دلائل النبوة " حيث قال : أخبرنا أبو نصر بن قتادة ، أخبرنا أبو عمرو بن مطر ، حدثنا جعفر - [ هو ] ابن محمد بن المستفاض الفريابي - حدثني أبو وهب الوليد بن عبد الملك بن عبيد الله بن مسرح الحراني ، حدثنا سليمان بن عطاء القرشي الحراني ، عن مسلمة بن عبد الله الجهني ، عن عمه أبي مشجعة بن ربعي ، عن ابن زمل الجهني - رضي الله عنه - قال : كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا صلى الصبح قال ، وهو ثان رجله : " سبحان الله وبحمده . أستغفر الله ، إن الله كان توابا " سبعين مرة ، ثم يقول : " سبعين بسبعمائة ، لا خير لمن كانت ذنوبه في يوم واحد أكثر من سبعمائة " . ثم يقول ذلك مرتين ، ثم يستقبل الناس بوجهه ، وكان يعجبه الرؤيا ، ثم يقول : " هل رأى أحد منكم شيئا ؟ " قال ابن زمل : فقلت : أنا يا رسول الله . فقال : " خير تلقاه ، وشر توقاه ، وخير لنا ، وشر على أعدائنا ، والحمد لله رب العالمين . اقصص رؤياك " . فقلت : رأيت جميع الناس على طريق رحب سهل لاحب ، والناس على الجادة منطلقين ، فبينما هم كذلك ، إذ أشفى ذلك الطريق على مرج لم تر عيني مثله ، يرف رفيفا يقطر ماؤه ، فيه من أنواع الكلأ قال : وكأني بالرعلة الأولى حين أشفوا على المرج كبروا ، ثم أكبوا رواحلهم في الطريق ، فلم يظلموه يمينا ولا شمالا . قال : فكأني أنظر إليهم منطلقين . ثم جاءت الرعلة الثانية وهم أكثر منهم أضعافا ، فلما أشفوا على المرج كبروا ، ثم أكبوا رواحلهم في الطريق ، فمنهم المرتع ، ومنهم الآخذ الضغث . ومضوا على ذلك . قال : ثم قدم عظم الناس ، فلما أشفوا على المرج كبروا وقالوا : ( هذا خير المنزل ) . كأني أنظر إليهم يميلون يمينا وشمالا فلما رأيت ذلك ، لزمت الطريق حتى آتي أقصى المرج ، فإذا أنا بك يا رسول الله على منبر فيه سبع درجات وأنت في أعلاها درجة ، وإذا عن يمينك رجل آدم شثل أقنى ، إذا هو تكلم يسمو فيفرع الرجال طولا وإذا عن يسارك رجل ربعة باذ كثير خيلان الوجه ، كأنما حمم شعره بالماء ، إذا هو تكلم أصغيتم إكراما له . وإذا أمام ذلك رجل شيخ أشبه الناس بك خلقا ووجها ، كلكم تؤمونه تريدونه ، وإذا أمام ذلك ناقة عجفاء شارف ، وإذا أنت يا رسول الله كأنك تبعثها . قال : فامتقع لون رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ساعة ثم سري عنه ، وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " أما ما رأيت من الطريق السهل الرحب اللاحب ، فذاك ما حملتم عليه من الهدى وأنتم عليه . وأما المرج الذي رأيت ، فالدنيا مضيت أنا وأصحابي لم نتعلق منها بشيء ، ولم تتعلق منا ، ولم نردها ولم تردنا . ثم جاءت الرعلة الثانية من بعدنا وهم أكثر منا أضعافا ، فمنهم المرتع ، ومنهم الآخذ الضغث ، ونجوا على ذلك . ثم جاء عظم الناس ، فمالوا في المرج يمينا وشمالا فإنا لله وإنا إليه راجعون . وأما أنت ، فمضيت على طريقة صالحة ، فلن تزال عليها حتى تلقاني . وأما المنبر الذي رأيت فيه سبع درجات وأنا في أعلاها درجة ، فالدنيا سبعة آلاف سنة ، أنا في آخرها ألفا . وأما الرجل الذي رأيت على يميني الآدم الشثل ، فذلك موسى عليه السلام ، إذا تكلم يعلو الرجال بفضل كلام الله إياه . والذي رأيت عن يساري الباز الربعة الكثير خيلان الوجه ، كأنما حمم شعره بالماء ، فذلك عيسى ابن مريم ، نكرمه لإكرام الله إياه . وأما الشيخ الذي رأيت أشبه الناس بي خلقا ووجها فذاك أبونا إبراهيم ، كلنا نؤمه ونقتدي به . وأما الناقة التي رأيت ورأيتني أبعثها فهي الساعة ، علينا تقوم ، لا نبي بعدي ، ولا أمة بعد أمتي " . قال : فما سأل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن رؤيا بعد هذا إلا أن يجيء الرجل ، فيحدثه بها متبرعا .
يقول تعالى مخبرا عن هؤلاء السابقين أنهم ) ثلة ) أي : جماعة ( من الأولين وقليل من الآخرين ) . وقد اختلفوا في المراد بقوله : ( الأولين ) ، و ) الآخرين ) . فقيل : المراد بالأولين : الأمم الماضية ، والآخرين : هذه الأمة . هذا رواية عن مجاهد ، والحسن البصري ، رواها عنهما ابن أبي حاتم . وهو اختيار ابن جرير ، واستأنس بقوله - صلى الله عليه وسلم - : " نحن الآخرون السابقون يوم القيامة " . ولم يحك غيره ولا عزاه إلى أحد .ومما يستأنس به لهذا القول ، ما رواه الإمام أبو محمد بن أبي حاتم : حدثنا أبي ، حدثنا محمد بن عيسى بن الطباع ، حدثنا شريك ، عن محمد بن عبد الرحمن ، عن أبيه ، عن أبي هريرة ، قال : لما نزلت : ( ثلة من الأولين وقليل من الآخرين ) شق ذلك على أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - فنزلت : ( ثلة من الأولين وثلة من الآخرين ) فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : إني لأرجو أن تكونوا ربع أهل الجنة ، ثلث أهل الجنة ، بل أنتم نصف أهل الجنة - أو : شطر أهل الجنة - وتقاسمونهم النصف الثاني " .ورواه الإمام أحمد ، عن أسود بن عامر ، عن شريك ، عن محمد ، بياع الملاء ، عن أبيه ، عن أبي هريرة ، فذكره . وقد روي من حديث جابر نحو هذا ، ورواه الحافظ ابن عساكر من طريق هشام بن عمار : حدثنا عبد ربه بن صالح ، عن عروة بن رويم ، عن جابر بن عبد الله ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - : لما نزلت : ( فيومئذ وقعت الواقعة ) ، ذكر فيها ( ثلة من الأولين وقليل من الآخرين ) ، قال عمر : يا رسول الله ، ثلة من الأولين وقليل منا ؟ قال : فأمسك آخر السورة سنة ، ثم نزل : ( ثلة من الأولين وثلة من الآخرين ) ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " يا عمر ، تعال فاسمع ما قد أنزل الله : ( ثلة من الأولين وثلة من الآخرين ) ، ألا وإن من آدم إلي ثلة ، وأمتي ثلة ، ولن نستكمل ثلتنا حتى نستعين بالسودان من رعاة الإبل ، ممن شهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له " .هكذا أورده في ترجمة " عروة بن رويم " ، إسنادا ومتنا ، ولكن في إسناده نظر . وقد وردت طرق كثيرة متعددة بقوله - صلى الله عليه وسلم - : " إني لأرجو أن تكونوا ربع أهل الجنة " الحديث بتمامه ، وهو مفرد في " صفة الجنة " ولله الحمد والمنة . وهذا الذي اختاره ابن جرير هاهنا فيه نظر ، بل هو قول ضعيف ; لأن هذه الأمة هي خير الأمم بنص القرآن ، فيبعد أن يكون المقربون في غيرها أكثر منها ، اللهم إلا أن يقابل مجموع الأمم بهذه الأمة . والظاهر أن المقربين من هؤلاء أكثر من سائر الأمم ، والله أعلم . فالقول الثاني في هذا المقام هو الراجح ، وهو أن يكون المراد بقوله : ( ثلة من الأولين ) أي : من صدر هذه الأمة ، ( وقليل من الآخرين ) أي : من هذه الأمة .قال ابن أبي حاتم : حدثنا الحسن بن محمد بن الصباح ، حدثنا عفان ، حدثنا عبد الله بن بكر المزني ، سمعت الحسن : أتى على هذه الآية : ( والسابقون السابقون أولئك المقربون ) فقال : أما السابقون ، فقد مضوا ، ولكن اللهم اجعلنا من أهل اليمين .ثم قال : حدثنا أبي ، حدثنا أبو الوليد ، حدثنا السري بن يحيى قال : قرأ الحسن : ( والسابقون السابقون أولئك المقربون في جنات النعيم ثلة من الأولين ) ثلة ممن مضى من هذه الأمة .وحدثنا أبي ، حدثنا عبد العزيز بن المغيرة المنقري ، حدثنا أبو هلال ، عن محمد بن سيرين ، أنه قال في هذه الآية : ( ثلة من الأولين وقليل من الآخرين ) قال : كانوا يقولون ، أو يرجون ، أن يكونوا كلهم من هذه الأمة . فهذا قول الحسن وابن سيرين أن الجميع من هذه الأمة . ولا شك أن أول كل أمة خير من آخرها ، فيحتمل أن يعم الأمر جميع الأمم كل أمة بحسبها ; ولهذا ثبت في الصحاح وغيرها من غير وجه ، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : " خير القرون قرني ، ثم الذين يلونهم ، ثم الذين يلونهم " الحديث بتمامه .فأما الحديث الذي رواه الإمام أحمد : حدثنا عبد الرحمن ، حدثنا زياد أبو عمر ، عن الحسن ، عن عمار بن ياسر ، قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " مثل أمتي مثل المطر ، لا يدرى أوله خير أم آخره " ، فهذا الحديث بعد الحكم بصحة إسناده ، محمول على أن الدين كما هو محتاج إلى أول الأمة في إبلاغه إلى من بعدهم ، كذلك هو محتاج إلى القائمين به في أواخرها ، وتثبيت الناس على السنة وروايتها وإظهارها ، والفضل للمتقدم . وكذلك الزرع الذي يحتاج إلى المطر الأول وإلى المطر الثاني ، ولكن العمدة الكبرى على الأول ، واحتياج الزرع إليه آكد ، فإنه لولاه ما نبت في الأرض ، ولا تعلق أساسه فيها ; ولهذا قال عليه السلام : " لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق ، لا يضرهم من خذلهم ، ولا من خالفهم إلى قيام الساعة " . وفي لفظ : " حتى يأتي أمر الله وهم كذلك " . والغرض أن هذه الأمة أشرف من سائر الأمم ، والمقربون فيها أكثر من غيرها وأعلى منزلة لشرف دينها وعظم نبيها . ولهذا ثبت بالتواتر عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه أخبر أن في هذه الأمة سبعين ألفا يدخلون الجنة بغير حساب . وفي لفظ : " مع كل ألف سبعون ألفا " . وفي آخر " مع كل واحد سبعون ألفا " .وقد قال الحافظ أبو القاسم الطبراني : حدثنا هشام بن مرثد الطبراني ، حدثنا محمد - هو ابن إسماعيل بن عياش - حدثني أبي ، حدثني ضمضم - يعني ابن زرعة - عن شريح - هو ابن عبيد - عن أبي مالك ، قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " أما والذي نفسي بيده ، ليبعثن منكم يوم القيامة مثل الليل الأسود زمرة جميعها يحيطون الأرض ، تقول الملائكة : لما جاء مع محمد - صلى الله عليه وسلم - أكثر مما جاء مع الأنبياء ، عليهم السلام " .وحسن أن يذكر هاهنا [ عند قوله : ( ثلة من الأولين وقليل من الآخرين ) ] الحديث الذي رواه الحافظ أبو بكر البيهقي في " دلائل النبوة " حيث قال : أخبرنا أبو نصر بن قتادة ، أخبرنا أبو عمرو بن مطر ، حدثنا جعفر - [ هو ] ابن محمد بن المستفاض الفريابي - حدثني أبو وهب الوليد بن عبد الملك بن عبيد الله بن مسرح الحراني ، حدثنا سليمان بن عطاء القرشي الحراني ، عن مسلمة بن عبد الله الجهني ، عن عمه أبي مشجعة بن ربعي ، عن ابن زمل الجهني - رضي الله عنه - قال : كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا صلى الصبح قال ، وهو ثان رجله : " سبحان الله وبحمده . أستغفر الله ، إن الله كان توابا " سبعين مرة ، ثم يقول : " سبعين بسبعمائة ، لا خير لمن كانت ذنوبه في يوم واحد أكثر من سبعمائة " . ثم يقول ذلك مرتين ، ثم يستقبل الناس بوجهه ، وكان يعجبه الرؤيا ، ثم يقول : " هل رأى أحد منكم شيئا ؟ " قال ابن زمل : فقلت : أنا يا رسول الله . فقال : " خير تلقاه ، وشر توقاه ، وخير لنا ، وشر على أعدائنا ، والحمد لله رب العالمين . اقصص رؤياك " . فقلت : رأيت جميع الناس على طريق رحب سهل لاحب ، والناس على الجادة منطلقين ، فبينما هم كذلك ، إذ أشفى ذلك الطريق على مرج لم تر عيني مثله ، يرف رفيفا يقطر ماؤه ، فيه من أنواع الكلأ قال : وكأني بالرعلة الأولى حين أشفوا على المرج كبروا ، ثم أكبوا رواحلهم في الطريق ، فلم يظلموه يمينا ولا شمالا . قال : فكأني أنظر إليهم منطلقين . ثم جاءت الرعلة الثانية وهم أكثر منهم أضعافا ، فلما أشفوا على المرج كبروا ، ثم أكبوا رواحلهم في الطريق ، فمنهم المرتع ، ومنهم الآخذ الضغث . ومضوا على ذلك . قال : ثم قدم عظم الناس ، فلما أشفوا على المرج كبروا وقالوا : ( هذا خير المنزل ) . كأني أنظر إليهم يميلون يمينا وشمالا فلما رأيت ذلك ، لزمت الطريق حتى آتي أقصى المرج ، فإذا أنا بك يا رسول الله على منبر فيه سبع درجات وأنت في أعلاها درجة ، وإذا عن يمينك رجل آدم شثل أقنى ، إذا هو تكلم يسمو فيفرع الرجال طولا وإذا عن يسارك رجل ربعة باذ كثير خيلان الوجه ، كأنما حمم شعره بالماء ، إذا هو تكلم أصغيتم إكراما له . وإذا أمام ذلك رجل شيخ أشبه الناس بك خلقا ووجها ، كلكم تؤمونه تريدونه ، وإذا أمام ذلك ناقة عجفاء شارف ، وإذا أنت يا رسول الله كأنك تبعثها . قال : فامتقع لون رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ساعة ثم سري عنه ، وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " أما ما رأيت من الطريق السهل الرحب اللاحب ، فذاك ما حملتم عليه من الهدى وأنتم عليه . وأما المرج الذي رأيت ، فالدنيا مضيت أنا وأصحابي لم نتعلق منها بشيء ، ولم تتعلق منا ، ولم نردها ولم تردنا . ثم جاءت الرعلة الثانية من بعدنا وهم أكثر منا أضعافا ، فمنهم المرتع ، ومنهم الآخذ الضغث ، ونجوا على ذلك . ثم جاء عظم الناس ، فمالوا في المرج يمينا وشمالا فإنا لله وإنا إليه راجعون . وأما أنت ، فمضيت على طريقة صالحة ، فلن تزال عليها حتى تلقاني . وأما المنبر الذي رأيت فيه سبع درجات وأنا في أعلاها درجة ، فالدنيا سبعة آلاف سنة ، أنا في آخرها ألفا . وأما الرجل الذي رأيت على يميني الآدم الشثل ، فذلك موسى عليه السلام ، إذا تكلم يعلو الرجال بفضل كلام الله إياه . والذي رأيت عن يساري الباز الربعة الكثير خيلان الوجه ، كأنما حمم شعره بالماء ، فذلك عيسى ابن مريم ، نكرمه لإكرام الله إياه . وأما الشيخ الذي رأيت أشبه الناس بي خلقا ووجها فذاك أبونا إبراهيم ، كلنا نؤمه ونقتدي به . وأما الناقة التي رأيت ورأيتني أبعثها فهي الساعة ، علينا تقوم ، لا نبي بعدي ، ولا أمة بعد أمتي " . قال : فما سأل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن رؤيا بعد هذا إلا أن يجيء الرجل ، فيحدثه بها متبرعا .
وقوله : ( على سرر موضونة ) قال ابن عباس : أي مرمولة بالذهب ، يعني : منسوجة به . وكذا قال مجاهد ، وعكرمة ، وسعيد بن جبير ، وزيد بن أسلم ، وقتادة ، والضحاك ، وغيره .وقال السدي : مرمولة بالذهب واللؤلؤ . وقال عكرمة : مشبكة بالدر والياقوت . وقال ابن جرير : ومنه سمي وضين الناقة الذي تحت بطنها ، وهو فعيل بمعنى مفعول ; لأنه مضفور ، وكذلك السرر في الجنة مضفورة بالذهب واللآلئ .
وقال : ( متكئين عليها متقابلين ) أي : وجوه بعضهم إلى بعض ، ليس أحد وراء أحد .
یَطُوْفُ عَلَیْهِمْ وِلْدَانٌ مُّخَلَّدُوْنَۙ(۱۷)
ان کے گرد لیے پھریں گے (ف۱۵) ہمیشہ رہنے والے لڑکے (ف۱۶)
( يطوف عليهم ولدان مخلدون ) أي : مخلدون على صفة واحدة ، لا يكبرون عنها ولا يشيبون ولا يتغيرون ،
بِاَكْوَابٍ وَّ اَبَارِیْقَ ﳔ وَ كَاْسٍ مِّنْ مَّعِیْنٍۙ(۱۸)
کوزے اور آفتابے اور جام اور آنکھوں کے سامنے بہتی شراب
( بأكواب وأباريق وكأس من معين ) ، أما الأكواب فهي : الكيزان التي لا خراطيم لها ولا آذان . والأباريق : التي جمعت الوصفين . والكئوس : الهنابات ، والجميع من خمر من عين جارية معين ، ليس من أوعية تنقطع وتفرغ ، بل من عيون سارحة .
لَّا یُصَدَّعُوْنَ عَنْهَا وَ لَا یُنْزِفُوْنَۙ(۱۹)
کہ اس سے نہ انہیں درد سر ہو اور نہ ہوش میں فرق آئے (ف۱۷)
وقوله : ( لا يصدعون عنها ولا ينزفون ) أي : لا تصدع رءوسهم ولا تنزف عقولهم ، بل هي ثابتة مع الشدة المطربة واللذة الحاصلة .وروى الضحاك ، عن ابن عباس ، أنه قال : في الخمر أربع خصال : السكر ، والصداع ، والقيء ، والبول . فذكر الله خمر الجنة ونزهها عن هذه الخصال .وقال مجاهد ، وعكرمة ، وسعيد بن جبير ، وعطية ، وقتادة ، والسدي : ( لا يصدعون عنها ) يقول : ليس لهم فيها صداع رأس .وقالوا في قوله : ( ولا ينزفون ) أي : لا تذهب بعقولهم .
وقوله : ( وفاكهة مما يتخيرون ولحم طير مما يشتهون ) أي : ويطوفون عليهم بما يتخيرون من الثمار .وهذه الآية دليل على جواز أكل الفاكهة على صفة التخير لها ، ويدل على ذلك حديث " عكراش بن ذؤيب " الذي رواه الحافظ أبو يعلى الموصلي ، رحمه الله ، في مسنده : حدثنا العباس بن الوليد النرسي ، حدثنا العلاء بن الفضل بن عبد الملك بن أبي سوية ، حدثنا عبيد الله بن عكراش ، عن أبيه عكراش بن ذؤيب ، قال : بعثني بنو مرة في صدقات أموالهم إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقدمت المدينة فإذا هو جالس بين المهاجرين والأنصار ، وقدمت عليه بإبل كأنها عروق الأرطى ، قال : " من الرجل ؟ " قلت : عكراش بن ذؤيب . قال : " ارفع في النسب " ، فانتسبت له إلى " مرة بن عبيد " ، وهذه صدقة " مرة بن عبيد " . فتبسم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - . قال : هذه إبل قومي ، هذه صدقات قومي . ثم أمر بها أن توسم بميسم إبل الصدقة وتضم إليها . ثم أخذ بيدي فانطلقنا إلى منزل أم سلمة ، فقال : " هل من طعام ؟ " فأتينا بجفنة كثيرة الثريد والوذر ، فجعل يأكل منها ، فأقبلت أخبط بيدي في جوانبها ، فقبض رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بيده اليسرى على يدي اليمنى ، فقال : " يا عكراش ، كل من موضع واحد ، فإنه طعام واحد " . ثم أتينا بطبق فيه تمر ، أو رطب - شك عبيد الله رطبا كان أو تمرا - فجعلت آكل من بين يدي ، وجالت يد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الطبق ، وقال : " يا عكراش ، كل من حيث شئت فإنه غير لون واحد " . ثم أتينا بماء ، فغسل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يده ومسح ببلل كفيه وجهه وذراعيه ورأسه ثلاثا ، ثم قال : " يا عكراش ، هذا الوضوء مما غيرت النار " .وهكذا رواه الترمذي مطولا وابن ماجه جميعا ، عن محمد بن بشار ، عن أبي الهذيل العلاء بن الفضل ، به . وقال الترمذي : غريب لا نعرفه إلا من حديثه .وقال الإمام أحمد : حدثنا بهز بن أسد وعفان - وقال الحافظ أبو يعلى : حدثنا شيبان - قالوا : حدثنا سليمان بن المغيرة ، حدثنا ثابت ، قال : قال أنس : كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تعجبه الرؤيا ، فربما رأى الرجل الرؤيا فسأل عنه إذا لم يكن يعرفه ، فإذا أثني عليه معروفا ، كان أعجب لرؤياه إليه . فأتته امرأة فقالت : يا رسول الله ، رأيت كأني أتيت فأخرجت من المدينة ، فأدخلت الجنة فسمعت وجبة انتحبت لها الجنة ، فنظرت فإذا فلان بن فلان ، وفلان بن فلان ، فسمت اثني عشر رجلا كان النبي - صلى الله عليه وسلم - قد بعث سرية قبل ذلك ، فجيء بهم عليهم ثياب طلس تشخب أوداجهم ، فقيل : اذهبوا بهم إلى نهر البيدخ - أو : البيذخ - قال : فغمسوا فيه ، فخرجوا ووجوههم كالقمر ليلة البدر ، فأتوا بصحفة من ذهب فيها بسر ، فأكلوا من بسره ما شاءوا ، فما يقلبونها من وجه إلا أكلوا من الفاكهة ما أرادوا ، وأكلت معهم . فجاء البشير من تلك السرية ، فقال : كان من أمرنا كذا وكذا ، وأصيب فلان وفلان . حتى عد اثني عشر رجلا فدعا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المرأة فقال : " قصي رؤياك " فقصتها ، وجعلت تقول : فجيء بفلان وفلان كما قال .هذا لفظ أبي يعلى ، قال الحافظ الضياء : وهذا على شرط مسلم .وقال الحافظ أبو القاسم الطبراني : حدثنا معاذ بن المثنى ، حدثنا علي بن المديني ، حدثنا ريحان بن سعيد ، عن عباد بن منصور ، عن أيوب ، عن أبي قلابة ، عن أبي أسماء ، عن ثوبان ، قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " إن الرجل إذا نزع ثمرة في الجنة ، عادت مكانها أخرى " .وقوله : ( ولحم طير مما يشتهون ) ، قال الإمام أحمد :حدثنا سيار بن حاتم ، حدثنا جعفر بن سليمان الضبعي ، حدثنا ثابت ، عن أنس ، قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " إن طير الجنة كأمثال البخت ، يرعى في شجر الجنة " . فقال أبو بكر : يا رسول الله ، إن هذه لطير ناعمة فقال : " أكلتها أنعم منها - قالها ثلاثا - وإني لأرجو أن تكون ممن يأكل منها " . تفرد به أحمد من هذا الوجه .وروى الحافظ أبو عبد الله المقدسي في كتابه " صفة الجنة " من حديث إسماعيل بن علي الخطبي ، عن أحمد بن علي الخيوطي ، عن عبد الجبار بن عاصم ، عن عبد الله بن زياد ، عن زرعة ، عن نافع ، عن ابن عمر ، قال : ذكرت عند النبي - صلى الله عليه وسلم - طوبى ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " يا أبا بكر ، هل بلغك ما طوبى ؟ " قال : الله ورسوله أعلم . قال : " طوبى شجرة في الجنة ، ما يعلم طولها إلا الله ، يسير الراكب تحت غصن من أغصانها سبعين خريفا ، ورقها الحلل ، يقع عليها الطير كأمثال البخت " . فقال أبو بكر : يا رسول الله ، إن هناك لطيرا ناعما ؟ قال : " أنعم منه من يأكله ، وأنت منهم إن شاء الله " .وقال قتادة في قوله : ( ولحم طير مما يشتهون ) : ذكر لنا أن أبا بكر قال : يا رسول الله ، إني أرى طيرها ناعمة كما أهلها ناعمون . قال : " من يأكلها - والله يا أبا بكر - أنعم منها ، وإنها لأمثال البخت ، وإني لأحتسب على الله أن تأكل منها يا أبا بكر " .وقال أبو بكر بن أبي الدنيا : حدثني مجاهد بن موسى ، حدثنا معن بن عيسى ، حدثني ابن أخي ابن شهاب ، عن أبيه ، عن أنس بن مالك ; أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سئل عن الكوثر فقال : " نهر أعطانيه ربي عز وجل ، في الجنة أشد بياضا من اللبن ، وأحلى من العسل ، فيه طيور أعناقها يعني كأعناق الجزر " . فقال عمر : إنها لناعمة . قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " آكلها أنعم منها " .وكذا رواه الترمذي عن عبد بن حميد ، عن القعنبي ، عن محمد بن عبد الله بن مسلم بن شهاب ، عن أبيه ، عن أنس ، وقال : حسن .وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبي ، حدثنا علي بن محمد الطنافسي ، حدثنا أبو معاوية ، عن عبيد الله بن الوليد الوصافي ، عن عطية العوفي ، عن أبي سعيد الخدري ، قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " إن في الجنة لطيرا فيه سبعون ألف ريشة ، فيقع على صحفة الرجل من أهل الجنة فينتفض ، فيخرج من كل ريشة - يعني لونا - أبيض من اللبن ، وألين من الزبد ، وأعذب من الشهد ، ليس منها لون يشبه صاحبه ثم يطير " .هذا حديث غريب جدا ، والوصافي وشيخه ضعيفان . ثم قال ابن أبي حاتم :حدثنا أبي ، حدثنا عبد الله بن صالح - كاتب الليث - حدثني الليث ، حدثنا خالد بن يزيد ، عن سعيد بن أبي هلال ، عن أبي حازم عن عطاء ، عن كعب ، قال : إن طائر الجنة أمثال البخت ، يأكل مما خلق من ثمرات الجنة ، ويشرب من أنهار الجنة ، فيصطففن له ، فإذا اشتهى منها شيئا أتاه حتى يقع بين يديه ، فيأكل من خارجه وداخله ثم يطير لم ينقص منه شيء .صحيح إلى كعب .وقال الحسن بن عرفة : حدثنا خلف بن خليفة ، عن حميد الأعرج ، عن عبد الله بن الحارث ، عن عبد الله بن مسعود ، قال : قال لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " إنك لتنظر إلى الطير في الجنة فتشتهيه فيخر بين يديك مشويا " .
وقوله : ( وفاكهة مما يتخيرون ولحم طير مما يشتهون ) أي : ويطوفون عليهم بما يتخيرون من الثمار .وهذه الآية دليل على جواز أكل الفاكهة على صفة التخير لها ، ويدل على ذلك حديث " عكراش بن ذؤيب " الذي رواه الحافظ أبو يعلى الموصلي ، رحمه الله ، في مسنده : حدثنا العباس بن الوليد النرسي ، حدثنا العلاء بن الفضل بن عبد الملك بن أبي سوية ، حدثنا عبيد الله بن عكراش ، عن أبيه عكراش بن ذؤيب ، قال : بعثني بنو مرة في صدقات أموالهم إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقدمت المدينة فإذا هو جالس بين المهاجرين والأنصار ، وقدمت عليه بإبل كأنها عروق الأرطى ، قال : " من الرجل ؟ " قلت : عكراش بن ذؤيب . قال : " ارفع في النسب " ، فانتسبت له إلى " مرة بن عبيد " ، وهذه صدقة " مرة بن عبيد " . فتبسم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - . قال : هذه إبل قومي ، هذه صدقات قومي . ثم أمر بها أن توسم بميسم إبل الصدقة وتضم إليها . ثم أخذ بيدي فانطلقنا إلى منزل أم سلمة ، فقال : " هل من طعام ؟ " فأتينا بجفنة كثيرة الثريد والوذر ، فجعل يأكل منها ، فأقبلت أخبط بيدي في جوانبها ، فقبض رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بيده اليسرى على يدي اليمنى ، فقال : " يا عكراش ، كل من موضع واحد ، فإنه طعام واحد " . ثم أتينا بطبق فيه تمر ، أو رطب - شك عبيد الله رطبا كان أو تمرا - فجعلت آكل من بين يدي ، وجالت يد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الطبق ، وقال : " يا عكراش ، كل من حيث شئت فإنه غير لون واحد " . ثم أتينا بماء ، فغسل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يده ومسح ببلل كفيه وجهه وذراعيه ورأسه ثلاثا ، ثم قال : " يا عكراش ، هذا الوضوء مما غيرت النار " .وهكذا رواه الترمذي مطولا وابن ماجه جميعا ، عن محمد بن بشار ، عن أبي الهذيل العلاء بن الفضل ، به . وقال الترمذي : غريب لا نعرفه إلا من حديثه .وقال الإمام أحمد : حدثنا بهز بن أسد وعفان - وقال الحافظ أبو يعلى : حدثنا شيبان - قالوا : حدثنا سليمان بن المغيرة ، حدثنا ثابت ، قال : قال أنس : كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تعجبه الرؤيا ، فربما رأى الرجل الرؤيا فسأل عنه إذا لم يكن يعرفه ، فإذا أثني عليه معروفا ، كان أعجب لرؤياه إليه . فأتته امرأة فقالت : يا رسول الله ، رأيت كأني أتيت فأخرجت من المدينة ، فأدخلت الجنة فسمعت وجبة انتحبت لها الجنة ، فنظرت فإذا فلان بن فلان ، وفلان بن فلان ، فسمت اثني عشر رجلا كان النبي - صلى الله عليه وسلم - قد بعث سرية قبل ذلك ، فجيء بهم عليهم ثياب طلس تشخب أوداجهم ، فقيل : اذهبوا بهم إلى نهر البيدخ - أو : البيذخ - قال : فغمسوا فيه ، فخرجوا ووجوههم كالقمر ليلة البدر ، فأتوا بصحفة من ذهب فيها بسر ، فأكلوا من بسره ما شاءوا ، فما يقلبونها من وجه إلا أكلوا من الفاكهة ما أرادوا ، وأكلت معهم . فجاء البشير من تلك السرية ، فقال : كان من أمرنا كذا وكذا ، وأصيب فلان وفلان . حتى عد اثني عشر رجلا فدعا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المرأة فقال : " قصي رؤياك " فقصتها ، وجعلت تقول : فجيء بفلان وفلان كما قال .هذا لفظ أبي يعلى ، قال الحافظ الضياء : وهذا على شرط مسلم .وقال الحافظ أبو القاسم الطبراني : حدثنا معاذ بن المثنى ، حدثنا علي بن المديني ، حدثنا ريحان بن سعيد ، عن عباد بن منصور ، عن أيوب ، عن أبي قلابة ، عن أبي أسماء ، عن ثوبان ، قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " إن الرجل إذا نزع ثمرة في الجنة ، عادت مكانها أخرى " .وقوله : ( ولحم طير مما يشتهون ) ، قال الإمام أحمد :حدثنا سيار بن حاتم ، حدثنا جعفر بن سليمان الضبعي ، حدثنا ثابت ، عن أنس ، قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " إن طير الجنة كأمثال البخت ، يرعى في شجر الجنة " . فقال أبو بكر : يا رسول الله ، إن هذه لطير ناعمة فقال : " أكلتها أنعم منها - قالها ثلاثا - وإني لأرجو أن تكون ممن يأكل منها " . تفرد به أحمد من هذا الوجه .وروى الحافظ أبو عبد الله المقدسي في كتابه " صفة الجنة " من حديث إسماعيل بن علي الخطبي ، عن أحمد بن علي الخيوطي ، عن عبد الجبار بن عاصم ، عن عبد الله بن زياد ، عن زرعة ، عن نافع ، عن ابن عمر ، قال : ذكرت عند النبي - صلى الله عليه وسلم - طوبى ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " يا أبا بكر ، هل بلغك ما طوبى ؟ " قال : الله ورسوله أعلم . قال : " طوبى شجرة في الجنة ، ما يعلم طولها إلا الله ، يسير الراكب تحت غصن من أغصانها سبعين خريفا ، ورقها الحلل ، يقع عليها الطير كأمثال البخت " . فقال أبو بكر : يا رسول الله ، إن هناك لطيرا ناعما ؟ قال : " أنعم منه من يأكله ، وأنت منهم إن شاء الله " .وقال قتادة في قوله : ( ولحم طير مما يشتهون ) : ذكر لنا أن أبا بكر قال : يا رسول الله ، إني أرى طيرها ناعمة كما أهلها ناعمون . قال : " من يأكلها - والله يا أبا بكر - أنعم منها ، وإنها لأمثال البخت ، وإني لأحتسب على الله أن تأكل منها يا أبا بكر " .وقال أبو بكر بن أبي الدنيا : حدثني مجاهد بن موسى ، حدثنا معن بن عيسى ، حدثني ابن أخي ابن شهاب ، عن أبيه ، عن أنس بن مالك ; أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سئل عن الكوثر فقال : " نهر أعطانيه ربي عز وجل ، في الجنة أشد بياضا من اللبن ، وأحلى من العسل ، فيه طيور أعناقها يعني كأعناق الجزر " . فقال عمر : إنها لناعمة . قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " آكلها أنعم منها " .وكذا رواه الترمذي عن عبد بن حميد ، عن القعنبي ، عن محمد بن عبد الله بن مسلم بن شهاب ، عن أبيه ، عن أنس ، وقال : حسن .وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبي ، حدثنا علي بن محمد الطنافسي ، حدثنا أبو معاوية ، عن عبيد الله بن الوليد الوصافي ، عن عطية العوفي ، عن أبي سعيد الخدري ، قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " إن في الجنة لطيرا فيه سبعون ألف ريشة ، فيقع على صحفة الرجل من أهل الجنة فينتفض ، فيخرج من كل ريشة - يعني لونا - أبيض من اللبن ، وألين من الزبد ، وأعذب من الشهد ، ليس منها لون يشبه صاحبه ثم يطير " .هذا حديث غريب جدا ، والوصافي وشيخه ضعيفان . ثم قال ابن أبي حاتم :حدثنا أبي ، حدثنا عبد الله بن صالح - كاتب الليث - حدثني الليث ، حدثنا خالد بن يزيد ، عن سعيد بن أبي هلال ، عن أبي حازم عن عطاء ، عن كعب ، قال : إن طائر الجنة أمثال البخت ، يأكل مما خلق من ثمرات الجنة ، ويشرب من أنهار الجنة ، فيصطففن له ، فإذا اشتهى منها شيئا أتاه حتى يقع بين يديه ، فيأكل من خارجه وداخله ثم يطير لم ينقص منه شيء .صحيح إلى كعب .وقال الحسن بن عرفة : حدثنا خلف بن خليفة ، عن حميد الأعرج ، عن عبد الله بن الحارث ، عن عبد الله بن مسعود ، قال : قال لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " إنك لتنظر إلى الطير في الجنة فتشتهيه فيخر بين يديك مشويا " .
وقوله : ( وحور عين كأمثال اللؤلؤ المكنون ) قرأ بعضهم بالرفع ، وتقديره : ولهم فيها حور عين . وقراءة الجر تحتمل معنيين ، أحدهما : أن يكون الإعراب على الإتباع بما قبله ; لقوله : ( يطوف عليهم ولدان مخلدون بأكواب وأباريق وكأس من معين لا يصدعون عنها ولا ينزفون وفاكهة مما يتخيرون ولحم طير مما يشتهون وحور عين ) ، كما قال ( وامسحوا برءوسكم وأرجلكم ) [ المائدة : 6 ] ، وكما قال : ( عاليهم ثياب سندس خضر وإستبرق ) [ الإنسان : 21 ] . والاحتمال الثاني : أن يكون مما يطوف به الولدان المخلدون عليهم الحور العين ، ولكن يكون ذلك في القصور ، لا بين بعضهم بعضا ، بل في الخيام يطوف عليهم الخدام بالحور العين ، والله أعلم .
وقوله : ( وحور عين كأمثال اللؤلؤ المكنون ) قرأ بعضهم بالرفع ، وتقديره : ولهم فيها حور عين . وقراءة الجر تحتمل معنيين ، أحدهما : أن يكون الإعراب على الإتباع بما قبله ; لقوله : ( يطوف عليهم ولدان مخلدون بأكواب وأباريق وكأس من معين لا يصدعون عنها ولا ينزفون وفاكهة مما يتخيرون ولحم طير مما يشتهون وحور عين ) ، كما قال ( وامسحوا برءوسكم وأرجلكم ) [ المائدة : 6 ] ، وكما قال : ( عاليهم ثياب سندس خضر وإستبرق ) [ الإنسان : 21 ] . والاحتمال الثاني : أن يكون مما يطوف به الولدان المخلدون عليهم الحور العين ، ولكن يكون ذلك في القصور ، لا بين بعضهم بعضا ، بل في الخيام يطوف عليهم الخدام بالحور العين ، والله أعلم .وقوله : ( كأمثال اللؤلؤ المكنون ) أي : كأنهن اللؤلؤ الرطب في بياضه وصفائه ، كما تقدم في " سورة الصافات " ( كأنهن بيض مكنون ) [ الصافات : 49 ] وقد تقدم في سورة " الرحمن " وصفهن أيضا ;
ولهذا قال : ( جزاء بما كانوا يعملون ) أي : هذا الذي أتحفناهم به مجازاة لهم على ما أحسنوا من العمل .
لَا یَسْمَعُوْنَ فِیْهَا لَغْوًا وَّ لَا تَاْثِیْمًاۙ(۲۵)
اس میں نہ سنیں گے نہ کوئی بیکار با ت نہ گنہگاری (ف۲۲)
ثم قال : ( لا يسمعون فيها لغوا ولا تأثيما إلا قيلا سلاما سلاما ) أي : لا يسمعون في الجنة كلاما لاغيا ، أي : غثا خاليا عن المعنى ، أو مشتملا على معنى حقير أو ضعيف ، كما قال : ( لا تسمع فيها لاغية ) [ الغاشية : 11 ] أي : كلمة لاغية ( ولا تأثيما ) أي : ولا كلاما فيه قبح ،
( إلا قيلا سلاما سلاما ) أي : إلا التسليم منهم بعضهم على بعض ، كما قال : ( تحيتهم فيها سلام ) [ إبراهيم : 23 ] وكلامهم أيضا سالم من اللغو والإثم .
وَ اَصْحٰبُ الْیَمِیْنِ ﳔ مَاۤ اَصْحٰبُ الْیَمِیْنِؕ(۲۷)
اور دہنی طرف والے کیسے دہنی طرف والے (ف۲۴)
لما ذكر تعالى مآل السابقين - وهم المقربون - عطف عليهم بذكر أصحاب اليمين - وهم الأبرار - كما قال ميمون بن مهران : أصحاب اليمين منزلة دون المقربين ، فقال : ( وأصحاب اليمين ما أصحاب اليمين ) أي : أي شيء أصحاب اليمين ؟ وما حالهم ؟ وكيف مآلهم ؟ ثم فسر ذلك فقال
( في سدر مخضود ) . قال ابن عباس ، وعكرمة ، ومجاهد ، وأبو الأحوص ، وقسامة بن زهير ، والسفر بن نسير ، والحسن ، وقتادة ، وعبد الله بن كثير ، والسدي ، وأبو حرزة ، وغيرهم : هو الذي لا شوك فيه . وعن ابن عباس : هو الموقر بالثمر . وهو رواية عن عكرمة ، ومجاهد ، وكذا قال قتادة أيضا : كنا نحدث أنه الموقر الذي لا شوك فيه .والظاهر أن المراد هذا وهذا فإن سدر الدنيا كثير الشوك قليل الثمر ، وفي الآخرة على عكس من هذا لا شوك فيه ، وفيه الثمر الكثير الذي قد أثقل أصله ، كما قال الحافظ أبو بكر بن سلمان النجاد .حدثنا محمد بن محمد هو البغوي ، حدثني حمزة بن عباس ، حدثنا عبد الله بن عثمان ، حدثنا عبد الله بن المبارك ، أخبرنا صفوان بن عمرو ، عن سليم بن عامر ، قال : كان أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقولون : إن الله لينفعنا بالأعراب ومسائلهم ; قال : أقبل أعرابي يوما فقال : يا رسول الله ، ذكر الله في الجنة شجرة تؤذي صاحبها ؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " وما هي ؟ " . قال : السدر ، فإن له شوكا موذيا ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " أليس الله يقول : ( في سدر مخضود ) ، خضد الله شوكه ، فجعل مكان كل شوكة ثمرة ، فإنها لتنبت ثمرا تفتق الثمرة منها عن اثنين وسبعين لونا من طعام ، ما فيها لون يشبه الآخر " .طريق أخرى : قال أبو بكر بن أبي داود : حدثنا محمد بن المصفى ، حدثنا محمد بن المبارك ، حدثنا يحيى بن حمزة ، حدثني ثور بن يزيد ، حدثني حبيب بن عبيد ، عن عتبة بن عبد السلمي قال : كنت جالسا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فجاء أعرابي فقال : يا رسول الله ، أسمعك تذكر في الجنة شجرة لا أعلم شجرة أكثر شوكا منها ؟ يعني : الطلح ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " إن الله يجعل مكان كل شوكة منها ثمرة مثل خصوة التيس الملبود ، فيها سبعون لونا من الطعام ، لا يشبه لون آخر " .
وقوله : ( وطلح منضود ) : الطلح : شجر عظام يكون بأرض الحجاز ، من شجر العضاة ، واحدته طلحة ، وهو شجر كثير الشوك ، وأنشد ابن جرير لبعض الحداة :بشرها دليلها وقالا غدا ترين الطلح والجبالاوقال مجاهد : ( منضود ) أي : متراكم الثمر ، يذكر بذلك قريشا ; لأنهم كانوا يعجبون من وج ، وظلاله من طلح وسدر .وقال السدي : ( منضود ) : مصفوف . قال ابن عباس : يشبه طلح الدنيا ، ولكن له ثمر أحلى من العسل .قال الجوهري : والطلح لغة في الطلع .قلت : وقد روى ابن أبي حاتم من حديث الحسن بن سعد ، عن شيخ من همدان قال : سمعت عليا يقول : هذا الحرف في ( وطلح منضود ) قال : طلع منضود ، فعلى هذا يكون هذا من صفة السدر ، فكأنه وصفه بأنه مخضود وهو الذي لا شوك له ، وأن طلعه منضود ، وهو كثرة ثمره ، والله أعلم .وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبو سعيد الأشج ، حدثنا أبو معاوية ، عن إدريس ، عن جعفر بن إياس ، عن أبي نضرة ، عن أبي سعيد : ( وطلح منضود ) قال : الموز . قال : وروي عن ابن عباس ، وأبي هريرة ، والحسن ، وعكرمة ، وقسامة بن زهير ، وقتادة ، وأبي حزرة ، مثل ذلك ، وبه قال مجاهد وابن زيد - وزاد فقال : أهل اليمن يسمون الموز الطلح . ولم يحك ابن جرير غير هذا القول .
وقوله : ( وظل ممدود ) : قال البخاري : حدثنا علي بن عبد الله ، حدثنا سفيان ، عن أبي الزناد ، عن الأعرج ، عن أبي هريرة - يبلغ به النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " إن في الجنة شجرة يسير الراكب في ظلها مائة عام لا يقطعها ، اقرءوا إن شئتم : ( وظل ممدود ) .ورواه مسلم من حديث الأعرج ، به .وقال الإمام أحمد : حدثنا سريج ، حدثنا فليح ، عن هلال بن علي ، عن عبد الرحمن بن أبي عمرة ، عن أبي هريرة ، قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " إن في الجنة شجرة يسير الراكب في ظلها مائة سنة ، اقرءوا إن شئتم : ( وظل ممدود ) .وكذا رواه البخاري ، عن محمد بن سنان ، عن فليح به ، وكذا رواه عبد الرزاق ، عن معمر ، عن همام ، عن أبي هريرة . وكذا رواه حماد بن سلمة ، عن محمد بن زياد ، عن أبي هريرة ، والليث بن سعد ، عن سعيد المقبري ، عن أبيه ، عن أبي هريرة ، وعوف ، عن ابن سيرين ، عن أبي هريرة [ به ] .وقال الإمام أحمد : حدثنا محمد بن جعفر وحجاج قالا حدثنا شعبة ، سمعت أبا الضحاك يحدث عن أبي هريرة ، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : " إن في الجنة شجرة يسير الراكب في ظلها سبعين ، أو مائة سنة ، هي شجرة الخلد " .وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أحمد بن سنان ، حدثنا يزيد بن هارون ، عن محمد بن عمرو ، عن أبي سلمة ، عن أبي هريرة ، عن رسول الله قال : " في الجنة شجرة يسير الراكب في ظلها مائة عام ما يقطعها ، واقرءوا إن شئتم : ( وظل ممدود ) .إسناده جيد ، ولم يخرجوه . وهكذا رواه ابن جرير ، عن أبي كريب ، عن عبدة وعبد الرحيم ، عن محمد بن عمرو ، به . وقد رواه الترمذي ، من حديث عبد الرحيم بن سليمان ، به .وقال ابن جرير : حدثنا ابن حميد ، حدثنا مهران ، حدثنا إسماعيل بن أبي خالد ، عن زياد - مولى بني مخزوم - عن أبي هريرة قال : إن في الجنة لشجرة يسير الراكب في ظلها مائة سنة ، اقرءوا إن شئتم : ( وظل ممدود ) . فبلغ ذلك كعبا فقال : صدق ، والذي أنزل التوراة على موسى والفرقان على محمد ، لو أن رجلا ركب حقة أو جذعة ، ثم دار حول تلك الشجرة ما بلغها حتى يسقط هرما ، إن الله غرسها بيده ونفخ فيها من روحه ، وإن أفنانها لمن وراء سور الجنة ، وما في الجنة نهر إلا وهو يخرج من أصل تلك الشجرة .وقال الحافظ أبو يعلى الموصلي : حدثنا محمد بن منهال الضرير ، حدثنا يزيد بن زريع ، عن سعد بن أبي عروبة ، عن قتادة ، عن أنس ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في قول الله عز وجل : ( وظل ممدود ) ، قال : " في الجنة شجرة يسير الراكب في ظلها مائة عام لا يقطعها " .وكذا رواه البخاري ، عن روح بن عبد المؤمن ، عن يزيد بن زريع ، وهكذا رواه أبو داود الطيالسي ، عن عمران بن داور القطان ، عن قتادة به . وكذا رواه معمر ، وأبو هلال ، عن قتادة ، به . وقد أخرج البخاري ومسلم من حديث أبي سعيد وسهل بن سعد ، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : " إن في الجنة شجرة يسير الراكب الجواد المضمر السريع مائة عام ما يقطعها " .فهذا حديث ثابت عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بل متواتر مقطوع بصحته عند أئمة الحديث النقاد ، لتعدد طرقه ، وقوة أسانيده ، وثقة رجاله .وقد قال الإمام أبو جعفر بن جرير : حدثنا أبو كريب ، حدثنا أبو بكر ، حدثنا أبو حصين قال : كنا على باب في موضع ، ومعنا أبو صالح وشقيق - يعني : الضبي - فحدث أبو صالح قال : حدثني أبو هريرة قال : إن في الجنة شجرة يسير الراكب في ظلها سبعين عاما . قال أبو صالح : أتكذب أبا هريرة ؟ قال : ما أكذب أبا هريرة ، ولكني أكذبك أنت . فشق ذلك على القراء يومئذ .قلت : فقد أبطل من يكذب بهذا الحديث ، مع ثبوته وصحته ورفعه إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - .وقال الترمذي : حدثنا أبو سعيد الأشج ، حدثنا زياد بن الحسن بن الفرات القزاز ، عن أبيه ، عن جده ، عن أبي حازم ، عن أبي هريرة ، قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " ما في الجنة شجرة إلا ساقها من ذهب " . ثم قال : حسن غريب .وقال ابن أبي حاتم : حدثنا الحسن بن أبي الربيع ، حدثنا أبو عامر العقدي ، عن زمعة بن صالح ، عن سلمة بن وهرام ، عن عكرمة ، عن ابن عباس قال : الظل الممدود شجرة في الجنة على ساق ظلها قدر ما يسير الراكب في نواحيها مائة عام . قال : فيخرج إليها أهل الجنة ; أهل الغرف وغيرهم ، فيتحدثون في ظلها . قال : فيشتهي بعضهم ويذكر لهو الدنيا ، فيرسل الله ريحا من الجنة فتحرك تلك الشجرة بكل لهو في الدنيا .هذا أثر غريب وإسناده جيد قوي حسن .وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبو سعيد الأشج ، حدثنا ابن يمان ، حدثنا سفيان ، حدثنا أبو إسحاق ، عن عمرو بن ميمون في قوله : ( وظل ممدود ) قال : سبعون ألف سنة . وكذا رواه ابن جرير ، عن بندار ، عن ابن مهدي ، عن سفيان ، مثله . ثم قال ابن جرير : حدثنا ابن حميد ، حدثنا مهران ، عن سفيان ، عن أبي إسحاق ، عن عمرو بن ميمون : ( وظل ممدود ) قال : خمسمائة ألف سنة .وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبي ، حدثنا أبو الوليد الطيالسي ، حدثنا حصين بن نافع ، عن الحسن في قول الله تعالى : ( وظل ممدود ) قال : في الجنة شجرة يسير الراكب في ظلها مائة سنة لا يقطعها .وقال عوف عن الحسن : بلغني أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : " إن في الجنة لشجرة يسير الراكب في ظلها مائة عام لا يقطعها " . رواه ابن جرير .وقال شبيب عن عكرمة ، عن ابن عباس : في الجنة شجر لا يحمل ، يستظل به . رواه ابن أبي حاتم .وقال الضحاك ، والسدي ، وأبو حرزة في قوله : ( وظل ممدود ) لا ينقطع ، ليس فيها شمس ولا حر ، مثل قبل طلوع الفجر .وقال ابن مسعود : الجنة سجسج ، كما بين طلوع الفجر إلى طلوع الشمس .وقد تقدمت الآيات كقوله : ( وندخلهم ظلا ظليلا ) [ النساء : 57 ] ، وقوله : ( أكلها دائم وظلها ) [ الرعد : 35 ] ، وقوله : ( في ظلال وعيون ) [ المرسلات : 41 ] إلى غير ذلك من الآيات .
وقوله : ( وماء مسكوب ) قال الثوري : [ يعني ] يجري في غير أخدود .وقد تقدم الكلام عند تفسير قوله تعالى : ( فيها أنهار من ماء غير آسن ) الآية [ محمد : 15 ] ، بما أغنى عن إعادته هاهنا .
وقوله : ( وفاكهة كثيرة لا مقطوعة ولا ممنوعة ) أي : وعندهم من الفواكه الكثيرة المتنوعة في الألوان ما لا عين رأت ، ولا أذن سمعت ، ولا خطر على قلب بشر ، ( كلما رزقوا منها من ثمرة رزقا قالوا هذا الذي رزقنا من قبل وأتوا به متشابها ) [ البقرة : 25 ] أي : يشبه الشكل الشكل ، ولكن الطعم غير الطعم . وفي الصحيحين في ذكر سدرة المنتهى قال : " فإذا ورقها كآذان الفيلة ونبقها مثل قلال هجر " .وفيهما أيضا من حديث مالك ، عن زيد ، عن عطاء بن يسار ، عن ابن عباس قال : خسفت الشمس ، فصلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والناس معه ، فذكر الصلاة . وفيه : قالوا : يا رسول الله ، رأيناك تناولت شيئا في مقامك هذا ، ثم رأيناك تكعكعت . قال : " إني رأيت الجنة ، فتناولت منها عنقودا ، ولو أخذته لأكلتم منه ما بقيت الدنيا " .وقال الحافظ أبو يعلى : حدثنا أبو خيثمة ، حدثنا عبد الله بن جعفر ، حدثنا عبيد الله ، حدثنا ابن عقيل ، عن جابر قال : بينا نحن في صلاة الظهر ، إذ تقدم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فتقدمنا معه ، ثم تناول شيئا ليأخذه ثم تأخر ، فلما قضى الصلاة قال له أبي بن كعب : يا رسول الله ، صنعت اليوم في الصلاة شيئا ما كنت تصنعه ؟ قال : " إنه عرضت علي الجنة ، وما فيها من الزهرة والنضرة ، فتناولت منها قطفا من عنب لآتيكم به ، فحيل بيني وبينه ، ولو أتيتكم به لأكل منه من بين السماء والأرض لا ينقصونه " .وروى مسلم ، من حديث أبي الزبير ، عن جابر ، نحوه .وقال الإمام أحمد : حدثنا علي بن بحر ، حدثنا هشام بن يوسف ، أخبرنا معمر ، عن يحيى بن أبي كثير ، عن عامر بن زيد البكالي : أنه سمع عتبة بن عبد السلمي يقول : جاء أعرابي إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فسأله عن الحوض وذكر الجنة ، ثم قال الأعرابي : فيها فاكهة ؟ قال : " نعم ، وفيها شجرة تدعى طوبى " فذكر شيئا لا أدري ما هو ، قال : أي شجر أرضنا تشبه ؟ قال : " ليست تشبه شيئا من شجر أرضك " . فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : " أتيت الشام ؟ " قال : لا . قال : " تشبه شجرة بالشام تدعى الجوزة ، تنبت على ساق واحد ، وينفرش أعلاها " . قال : ما عظم أصلها ؟ قال : " لو ارتحلت جذعة من إبل أهلك ما أحاطت بأصلها حتى تنكسر ترقوتها هرما " . قال : فيها عنب ؟ قال : " نعم " . قال : فما عظم العنقود ؟ قال : " مسيرة شهر للغراب الأبقع ، ولا يفتر " . قال : فما عظم الحبة ؟ قال : " هل ذبح أبوك تيسا من غنمه قط عظيما ؟ " قال : نعم . قال : " فسلخ إهابه فأعطاه أمك ، فقال : اتخذي لنا منه دلوا ؟ " قال : نعم . قال الأعرابي : فإن تلك الحبة لتشبعني وأهل بيتي ؟ قال : " نعم وعامة عشيرتك " .
وقوله : ( لا مقطوعة ولا ممنوعة ) أي : لا تنقطع شتاء ولا صيفا ، بل أكلها دائم مستمر أبدا ، مهما طلبوا وجدوا ، لا يمتنع عليهم بقدرة الله شيء .قال قتادة : لا يمنعهم من تناولها عود ولا شوك ولا بعد . وقد تقدم في الحديث : " إذا تناول الرجل الثمرة عادت مكانها أخرى " .
وقوله : ( وفرش مرفوعة ) أي : عالية وطيئة ناعمة .قال النسائي وأبو عيسى الترمذي : حدثنا أبو كريب ، حدثنا رشدين بن سعد ، عن عمرو بن الحارث ، عن دراج ، عن أبي الهيثم ، عن أبي سعيد ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في قوله : ( وفرش مرفوعة ) قال : " ارتفاعها كما بين السماء والأرض ، ومسيرة ما بينهما خمسمائة عام " .ثم قال الترمذي : هذا حديث حسن غريب لا نعرفه ، إلا من حديث رشدين بن سعد . قال : وقال بعض أهل العلم : معنى هذا الحديث : ارتفاع الفرش في الدرجات ، وبعد ما بين الدرجتين كما بين السماء والأرض .هكذا قال : إنه لا يعرف هذا إلا من رواية رشدين بن سعد ، وهو المصري ، وهو ضعيف . وهكذا رواه أبو جعفر بن جرير ، عن أبي كريب ، عن رشدين . ثم رواه هو وابن أبي حاتم ، كلاهما عن يونس بن عبد الأعلى ، عن ابن وهب ، عن عمرو بن الحارث ، فذكره . وكذا رواه ابن أبي حاتم أيضا عن نعيم بن حماد ، عن ابن وهب . وأخرجه الضياء في صفة الجنة من حديث حرملة عن بن وهب ، به مثله . ورواه الإمام أحمد عن حسن بن موسى ، عن ابن لهيعة ، حدثنا دراج ، فذكره .وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبو سعيد الأشج ، حدثنا أبو معاوية ، عن جويبر ، عن أبي سهل - يعني : كثير بن زياد - عن الحسن : : ( وفرش مرفوعة ) قال : ارتفاع فراش الرجل من أهل الجنة مسيرة ثمانين سنة .
وقوله : ( إنا أنشأناهن إنشاء فجعلناهن أبكارا عربا أترابا لأصحاب اليمين ) جرى الضمير على غير مذكور . لكن لما دل السياق ، وهو ذكر الفرش على النساء اللاتي يضاجعن فيها ، اكتفى بذلك عن ذكرهن ، وعاد الضمير عليهن ، كما في قوله : ( إذ عرض عليه بالعشي الصافنات الجياد فقال إني أحببت حب الخير عن ذكر ربي حتى توارت بالحجاب ) [ ص : 31 ، 32 ] يعني : الشمس ، على المشهور من قول المفسرين .قال الأخفش في قوله : ( إنا أنشأناهن إنشاء ) أضمرهن ولم يذكرهن قبل ذلك . وقال أبو عبيدة : ذكرن في قوله : ( وحور عين كأمثال اللؤلؤ المكنون ) [ الواقعة : 22 ، 23 ] .فقوله : ( إنا أنشأناهن ) أي : أعدناهن في النشأة الآخرة بعدما كن عجائز رمصا ، صرن أبكارا عربا ، أي : بعد الثيوبة عدن أبكارا عربا ، أي : متحببات إلى أزواجهن بالحلاوة والظرافة والملاحة .وقال بعضهم : ( عربا ) أي : غنجات .قال موسى بن عبيدة الربذي ، عن يزيد الرقاشي ، عن أنس بن مالك قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ( إنا أنشأناهن إنشاء ) قال : " نساء عجائز كن في الدنيا عمشا رمصا " . رواه الترمذي ، وابن جرير ، وابن أبي حاتم . ثم قال الترمذي : غريب ، وموسى ويزيد ضعيفان .وقال ابن أبي حاتم : حدثنا محمد بن عوف الحمصي ، حدثنا آدم - يعني : ابن أبي إياس - حدثنا شيبان ، عن جابر ، عن يزيد بن مرة ، عن سلمة بن يزيد قال : سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول في قوله : ( إنا أنشأناهن إنشاء ) يعني : " الثيب والأبكار اللاتي كن في الدنيا " .وقال عبد بن حميد : حدثنا مصعب بن المقدام ، حدثنا المبارك بن فضالة ، عن الحسن قال : أتت عجوز فقالت : يا رسول الله ادع الله أن يدخلني الجنة . فقال : " يا أم فلان ، إن الجنة لا تدخلها عجوز " . قال : فولت تبكي ، قال : " أخبروها أنها لا تدخلها وهي عجوز ، إن الله تعالى يقول : ( إنا أنشأناهن إنشاء فجعلناهن أبكارا )وهكذا رواه الترمذي في الشمائل عن عبد بن حميد .وقال أبو القاسم الطبراني : حدثنا بكر بن سهل الدمياطي ، حدثنا عمرو بن هاشم البيروتي ، حدثنا سليمان بن أبي كريمة ، عن هشام بن حسان ، عن الحسن ، عن أمه ، عن أم سلمة قالت : قلت : يا رسول الله ، أخبرني عن قول الله : ( وحور عين ) [ الواقعة : 22 ] ، قال : " حور : بيض ، عين : ضخام العيون ، شفر الحوراء بمنزلة جناح النسر " . قلت : أخبرني عن قوله : ( كأمثال اللؤلؤ المكنون ) [ الواقعة : 23 ] ، قال : " صفاؤهن صفاء الدر الذي في الأصداف ، الذي لم تمسه الأيدي " . قلت : أخبرني عن قوله : ( فيهن خيرات حسان ) [ الرحمن : 70 ] . قال : " خيرات الأخلاق ، حسان الوجوه " . قلت : أخبرني عن قوله : ( كأنهن بيض مكنون ) [ الصافات : 49 ] ، قال : " رقتهن كرقة الجلد الذي رأيت في داخل البيضة مما يلي القشر ، وهو : الغرقئ " . قلت : يا رسول الله ، أخبرني عن قوله : ( عربا أترابا ) . قال : " هن اللواتي قبضن في دار الدنيا عجائز رمصا شمطا ، خلقهن الله بعد الكبر ، فجعلهن عذارى عربا متعشقات محببات ، أترابا على ميلاد واحد " . قلت : يا رسول الله ، نساء الدنيا أفضل أم الحور العين ؟ قال : " بل نساء الدنيا أفضل من الحور العين ، كفضل الظهارة على البطانة " . قلت : يا رسول الله ، وبم ذاك ؟ قال : " بصلاتهن وصيامهن وعبادتهن الله عز وجل ، ألبس الله وجوههن النور ، وأجسادهن الحرير ، بيض الألوان ، خضر الثياب ، صفر الحلي ، مجامرهن الدر ، وأمشاطهن الذهب ، يقلن : نحن الخالدات فلا نموت أبدا ، ونحن الناعمات فلا نبأس أبدا ، ونحن المقيمات فلا نظعن أبدا ، ألا ونحن الراضيات فلا نسخط أبدا ، طوبى لمن كنا له وكان لنا " . قلت : يا رسول الله ، المرأة منا تتزوج زوجين والثلاثة والأربعة ، ثم تموت فتدخل الجنة ويدخلون معها ، من يكون زوجها ؟قال : " يا أم سلمة ، إنها تخير فتختار أحسنهم خلقا ، فتقول : يا رب ، إن هذا كان أحسن خلقا معي فزوجنيه ، يا أم سلمة ذهب حسن الخلق بخير الدنيا والآخرة " .وفي حديث الصور الطويل المشهور أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يشفع للمؤمنين كلهم في دخول الجنة فيقول الله : قد شفعتك وأذنت لهم في دخولها . فكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : " والذي بعثني بالحق ، ما أنتم في الدنيا بأعرف بأزواجكم ومساكنكم من أهل الجنة بأزواجهم ومساكنهم ، فيدخل الرجل منهم على ثنتين وسبعين زوجة ، سبعين مما ينشئ الله ، وثنتين من ولد آدم لهما فضل على من أنشأ الله ، بعبادتهما الله في الدنيا ، يدخل على الأولى منهما في غرفة من ياقوتة ، على سرير من ذهب مكلل باللؤلؤ ، عليه سبعون زوجا من سندس وإستبرق وإنه ليضع يده بين كتفيها ، ثم ينظر إلى يده من صدرها من وراء ثيابها وجلدها ولحمها ، وإنه لينظر إلى مخ ساقها كما ينظر أحدكم إلى السلك في قصبة الياقوت ، كبده لها مرآة - يعني : وكبدها له مرآة - فبينما هو عندها لا يملها ولا تمله ، ولا يأتيها من مرة إلا وجدها عذراء ، ما يفتر ذكره ، ولا تشتكي قبلها إلا أنه لا مني ولا منية ، فبينما هو كذلك إذ نودي : إنا قد عرفنا أنك لا تمل ولا تمل ، إلا أن لك أزواجا غيرها ، فيخرج ، فيأتيهن واحدة واحدة ، كلما جاء واحدة قالت : والله ما في الجنة شيء أحسن منك ، وما في الجنة شيء أحب إلي منك " .وقال عبد الله بن وهب : أخبرني عمرو بن الحارث ، عن دراج ، عن ابن حجيرة ، عن أبي هريرة ، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال له : أنطأ في الجنة ؟ قال : " نعم ، والذي نفسي بيده دحما دحما ، فإذا قام عنها رجعت مطهرة بكرا " .وقال الطبراني : حدثنا إبراهيم بن جابر الفقيه البغدادي ، حدثنا محمد بن عبد الملك الدقيق الواسطي ، حدثنا معلى بن عبد الرحمن الواسطي ، حدثنا شريك ، عن عاصم الأحول ، عن أبي المتوكل ، عن أبي سعيد قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " إن أهل الجنة إذا جامعوا نساءهم عدن أبكارا " . وقال أبو داود الطيالسي : حدثنا عمران ، عن قتادة ، عن أنس ، قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " يعطى المؤمن في الجنة قوة كذا وكذا في النساء " . قلت : يا رسول الله ، ويطيق ذلك ؟ قال : " يعطى قوة مائة " .ورواه الترمذي من حديث أبي داود وقال : صحيح غريب .وروى أبو القاسم الطبراني من حديث حسين بن علي الجعفي ، عن زائدة ، عن هشام بن حسان ، عن محمد بن سيرين ، عن أبي هريرة قال : قيل : يا رسول الله ، هل نصل إلى نسائنا في الجنة ؟ قال : " إن الرجل ليصل في اليوم إلى مائة عذراء " .قال الحافظ أبو عبد الله المقدسي : هذا الحديث عندي على شرط الصحيح ، والله أعلم .وقوله : ( عربا ) قال سعيد بن جبير ، عن ابن عباس : يعني متحببات إلى أزواجهن ، ألم تر إلى الناقة الضبعة ، هي كذلك .وقال الضحاك ، عن ابن عباس : العرب : العواشق لأزواجهن ، وأزواجهن لهن عاشقون . وكذا قال عبد الله بن سرجس ، ومجاهد ، وعكرمة ، وأبو العالية ، ويحيى بن أبي كثير ، وعطية ، والحسن ، وقتادة ، والضحاك ، وغيرهم .وقال ثور بن زيد ، عن عكرمة قال : سئل ابن عباس عن قوله : ( عربا ) قال : هي الملقة لزوجها .وقال شعبة ، عن سماك ، عن عكرمة : هي الغنجة .وقال الأجلح بن عبد الله ، عن عكرمة : هي الشكلة .وقال صالح بن حيان ، عن عبد الله بن بريدة في قوله : ( عربا ) قال : الشكلة بلغة أهل مكة ، والغنجة بلغة أهل المدينة .وقال تميم بن حذلم : هي حسن التبعل .وقال زيد بن أسلم ، وابنه عبد الرحمن : العرب : حسنات الكلام .وقال ابن أبي حاتم : ذكر عن سهل بن عثمان العسكري : حدثنا أبو علي ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن جده قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ( عربا ) قال : " كلامهن عربي " .وقوله : ( أترابا ) قال الضحاك ، عن ابن عباس يعني : في سن واحدة ، ثلاث وثلاثين سنة .وقال مجاهد : الأتراب : المستويات . وفي رواية عنه : الأمثال . وقال عطية : الأقران . وقال السدي : ( أترابا ) أي : في الأخلاق ، المتواخيات بينهن ، ليس بينهن تباغض ولا تحاسد ، يعني : لا كما كن ضرائر [ في الدنيا ] ضرائر متعاديات .وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبو سعيد الأشج ، حدثنا أبو أسامة ، عن عبد الله بن الكهف ، عن الحسن ومحمد : ( عربا أترابا ) قالا : المستويات الأسنان ، يأتلفن جميعا ، ويلعبن جميعا .وقد روى أبو عيسى الترمذي ، عن أحمد بن منيع ، عن أبي معاوية ، عن عبد الرحمن بن إسحاق ، عن النعمان بن سعد ، عن علي رضي الله عنه ، قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " إن في الجنة لمجتمعا للحور العين ، يرفعن أصواتا لم تسمع الخلائق بمثلها ، يقلن : نحن الخالدات فلا نبيد ، ونحن الناعمات فلا نبأس ، ونحن الراضيات فلا نسخط ، طوبى لمن كان لنا وكنا له " . ثم قال : هذا حديث غريب .وقال الحافظ أبو يعلى : حدثنا أبو خيثمة ، حدثنا إسماعيل بن عمر ، حدثنا ابن أبي ذئب ، عن فلان بن عبد الله بن رافع ، عن بعض ولد أنس بن مالك ، عن أنس أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : " إن الحور العين ليغنين في الجنة ، يقلن نحن خيرات حسان ، خبئنا لأزواج كرام " .قلت : إسماعيل بن عمر هذا هو أبو المنذر الواسطي أحد الثقات الأثبات . وقد روى هذا الحديث الإمام عبد الرحيم بن إبراهيم الملقب بدحيم ، عن ابن أبي فديك ، عن ابن أبي ذئب ، عن عون بن الخطاب بن عبد الله بن رافع ، عن ابن لأنس ، عن أنس قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " إن الحور العين يغنين في الجنة : نحن الجوار الحسان ، خلقنا لأزواج كرام " .
وقوله : ( إنا أنشأناهن إنشاء فجعلناهن أبكارا عربا أترابا لأصحاب اليمين ) جرى الضمير على غير مذكور . لكن لما دل السياق ، وهو ذكر الفرش على النساء اللاتي يضاجعن فيها ، اكتفى بذلك عن ذكرهن ، وعاد الضمير عليهن ، كما في قوله : ( إذ عرض عليه بالعشي الصافنات الجياد فقال إني أحببت حب الخير عن ذكر ربي حتى توارت بالحجاب ) [ ص : 31 ، 32 ] يعني : الشمس ، على المشهور من قول المفسرين .قال الأخفش في قوله : ( إنا أنشأناهن إنشاء ) أضمرهن ولم يذكرهن قبل ذلك . وقال أبو عبيدة : ذكرن في قوله : ( وحور عين كأمثال اللؤلؤ المكنون ) [ الواقعة : 22 ، 23 ] .فقوله : ( إنا أنشأناهن ) أي : أعدناهن في النشأة الآخرة بعدما كن عجائز رمصا ، صرن أبكارا عربا ، أي : بعد الثيوبة عدن أبكارا عربا ، أي : متحببات إلى أزواجهن بالحلاوة والظرافة والملاحة .وقال بعضهم : ( عربا ) أي : غنجات .قال موسى بن عبيدة الربذي ، عن يزيد الرقاشي ، عن أنس بن مالك قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ( إنا أنشأناهن إنشاء ) قال : " نساء عجائز كن في الدنيا عمشا رمصا " . رواه الترمذي ، وابن جرير ، وابن أبي حاتم . ثم قال الترمذي : غريب ، وموسى ويزيد ضعيفان .وقال ابن أبي حاتم : حدثنا محمد بن عوف الحمصي ، حدثنا آدم - يعني : ابن أبي إياس - حدثنا شيبان ، عن جابر ، عن يزيد بن مرة ، عن سلمة بن يزيد قال : سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول في قوله : ( إنا أنشأناهن إنشاء ) يعني : " الثيب والأبكار اللاتي كن في الدنيا " .وقال عبد بن حميد : حدثنا مصعب بن المقدام ، حدثنا المبارك بن فضالة ، عن الحسن قال : أتت عجوز فقالت : يا رسول الله ادع الله أن يدخلني الجنة . فقال : " يا أم فلان ، إن الجنة لا تدخلها عجوز " . قال : فولت تبكي ، قال : " أخبروها أنها لا تدخلها وهي عجوز ، إن الله تعالى يقول : ( إنا أنشأناهن إنشاء فجعلناهن أبكارا )وهكذا رواه الترمذي في الشمائل عن عبد بن حميد .وقال أبو القاسم الطبراني : حدثنا بكر بن سهل الدمياطي ، حدثنا عمرو بن هاشم البيروتي ، حدثنا سليمان بن أبي كريمة ، عن هشام بن حسان ، عن الحسن ، عن أمه ، عن أم سلمة قالت : قلت : يا رسول الله ، أخبرني عن قول الله : ( وحور عين ) [ الواقعة : 22 ] ، قال : " حور : بيض ، عين : ضخام العيون ، شفر الحوراء بمنزلة جناح النسر " . قلت : أخبرني عن قوله : ( كأمثال اللؤلؤ المكنون ) [ الواقعة : 23 ] ، قال : " صفاؤهن صفاء الدر الذي في الأصداف ، الذي لم تمسه الأيدي " . قلت : أخبرني عن قوله : ( فيهن خيرات حسان ) [ الرحمن : 70 ] . قال : " خيرات الأخلاق ، حسان الوجوه " . قلت : أخبرني عن قوله : ( كأنهن بيض مكنون ) [ الصافات : 49 ] ، قال : " رقتهن كرقة الجلد الذي رأيت في داخل البيضة مما يلي القشر ، وهو : الغرقئ " . قلت : يا رسول الله ، أخبرني عن قوله : ( عربا أترابا ) . قال : " هن اللواتي قبضن في دار الدنيا عجائز رمصا شمطا ، خلقهن الله بعد الكبر ، فجعلهن عذارى عربا متعشقات محببات ، أترابا على ميلاد واحد " . قلت : يا رسول الله ، نساء الدنيا أفضل أم الحور العين ؟ قال : " بل نساء الدنيا أفضل من الحور العين ، كفضل الظهارة على البطانة " . قلت : يا رسول الله ، وبم ذاك ؟ قال : " بصلاتهن وصيامهن وعبادتهن الله عز وجل ، ألبس الله وجوههن النور ، وأجسادهن الحرير ، بيض الألوان ، خضر الثياب ، صفر الحلي ، مجامرهن الدر ، وأمشاطهن الذهب ، يقلن : نحن الخالدات فلا نموت أبدا ، ونحن الناعمات فلا نبأس أبدا ، ونحن المقيمات فلا نظعن أبدا ، ألا ونحن الراضيات فلا نسخط أبدا ، طوبى لمن كنا له وكان لنا " . قلت : يا رسول الله ، المرأة منا تتزوج زوجين والثلاثة والأربعة ، ثم تموت فتدخل الجنة ويدخلون معها ، من يكون زوجها ؟قال : " يا أم سلمة ، إنها تخير فتختار أحسنهم خلقا ، فتقول : يا رب ، إن هذا كان أحسن خلقا معي فزوجنيه ، يا أم سلمة ذهب حسن الخلق بخير الدنيا والآخرة " .وفي حديث الصور الطويل المشهور أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يشفع للمؤمنين كلهم في دخول الجنة فيقول الله : قد شفعتك وأذنت لهم في دخولها . فكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : " والذي بعثني بالحق ، ما أنتم في الدنيا بأعرف بأزواجكم ومساكنكم من أهل الجنة بأزواجهم ومساكنهم ، فيدخل الرجل منهم على ثنتين وسبعين زوجة ، سبعين مما ينشئ الله ، وثنتين من ولد آدم لهما فضل على من أنشأ الله ، بعبادتهما الله في الدنيا ، يدخل على الأولى منهما في غرفة من ياقوتة ، على سرير من ذهب مكلل باللؤلؤ ، عليه سبعون زوجا من سندس وإستبرق وإنه ليضع يده بين كتفيها ، ثم ينظر إلى يده من صدرها من وراء ثيابها وجلدها ولحمها ، وإنه لينظر إلى مخ ساقها كما ينظر أحدكم إلى السلك في قصبة الياقوت ، كبده لها مرآة - يعني : وكبدها له مرآة - فبينما هو عندها لا يملها ولا تمله ، ولا يأتيها من مرة إلا وجدها عذراء ، ما يفتر ذكره ، ولا تشتكي قبلها إلا أنه لا مني ولا منية ، فبينما هو كذلك إذ نودي : إنا قد عرفنا أنك لا تمل ولا تمل ، إلا أن لك أزواجا غيرها ، فيخرج ، فيأتيهن واحدة واحدة ، كلما جاء واحدة قالت : والله ما في الجنة شيء أحسن منك ، وما في الجنة شيء أحب إلي منك " .وقال عبد الله بن وهب : أخبرني عمرو بن الحارث ، عن دراج ، عن ابن حجيرة ، عن أبي هريرة ، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال له : أنطأ في الجنة ؟ قال : " نعم ، والذي نفسي بيده دحما دحما ، فإذا قام عنها رجعت مطهرة بكرا " .وقال الطبراني : حدثنا إبراهيم بن جابر الفقيه البغدادي ، حدثنا محمد بن عبد الملك الدقيق الواسطي ، حدثنا معلى بن عبد الرحمن الواسطي ، حدثنا شريك ، عن عاصم الأحول ، عن أبي المتوكل ، عن أبي سعيد قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " إن أهل الجنة إذا جامعوا نساءهم عدن أبكارا " . وقال أبو داود الطيالسي : حدثنا عمران ، عن قتادة ، عن أنس ، قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " يعطى المؤمن في الجنة قوة كذا وكذا في النساء " . قلت : يا رسول الله ، ويطيق ذلك ؟ قال : " يعطى قوة مائة " .ورواه الترمذي من حديث أبي داود وقال : صحيح غريب .وروى أبو القاسم الطبراني من حديث حسين بن علي الجعفي ، عن زائدة ، عن هشام بن حسان ، عن محمد بن سيرين ، عن أبي هريرة قال : قيل : يا رسول الله ، هل نصل إلى نسائنا في الجنة ؟ قال : " إن الرجل ليصل في اليوم إلى مائة عذراء " .قال الحافظ أبو عبد الله المقدسي : هذا الحديث عندي على شرط الصحيح ، والله أعلم .وقوله : ( عربا ) قال سعيد بن جبير ، عن ابن عباس : يعني متحببات إلى أزواجهن ، ألم تر إلى الناقة الضبعة ، هي كذلك .وقال الضحاك ، عن ابن عباس : العرب : العواشق لأزواجهن ، وأزواجهن لهن عاشقون . وكذا قال عبد الله بن سرجس ، ومجاهد ، وعكرمة ، وأبو العالية ، ويحيى بن أبي كثير ، وعطية ، والحسن ، وقتادة ، والضحاك ، وغيرهم .وقال ثور بن زيد ، عن عكرمة قال : سئل ابن عباس عن قوله : ( عربا ) قال : هي الملقة لزوجها .وقال شعبة ، عن سماك ، عن عكرمة : هي الغنجة .وقال الأجلح بن عبد الله ، عن عكرمة : هي الشكلة .وقال صالح بن حيان ، عن عبد الله بن بريدة في قوله : ( عربا ) قال : الشكلة بلغة أهل مكة ، والغنجة بلغة أهل المدينة .وقال تميم بن حذلم : هي حسن التبعل .وقال زيد بن أسلم ، وابنه عبد الرحمن : العرب : حسنات الكلام .وقال ابن أبي حاتم : ذكر عن سهل بن عثمان العسكري : حدثنا أبو علي ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن جده قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ( عربا ) قال : " كلامهن عربي " .وقوله : ( أترابا ) قال الضحاك ، عن ابن عباس يعني : في سن واحدة ، ثلاث وثلاثين سنة .وقال مجاهد : الأتراب : المستويات . وفي رواية عنه : الأمثال . وقال عطية : الأقران . وقال السدي : ( أترابا ) أي : في الأخلاق ، المتواخيات بينهن ، ليس بينهن تباغض ولا تحاسد ، يعني : لا كما كن ضرائر [ في الدنيا ] ضرائر متعاديات .وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبو سعيد الأشج ، حدثنا أبو أسامة ، عن عبد الله بن الكهف ، عن الحسن ومحمد : ( عربا أترابا ) قالا : المستويات الأسنان ، يأتلفن جميعا ، ويلعبن جميعا .وقد روى أبو عيسى الترمذي ، عن أحمد بن منيع ، عن أبي معاوية ، عن عبد الرحمن بن إسحاق ، عن النعمان بن سعد ، عن علي رضي الله عنه ، قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " إن في الجنة لمجتمعا للحور العين ، يرفعن أصواتا لم تسمع الخلائق بمثلها ، يقلن : نحن الخالدات فلا نبيد ، ونحن الناعمات فلا نبأس ، ونحن الراضيات فلا نسخط ، طوبى لمن كان لنا وكنا له " . ثم قال : هذا حديث غريب .وقال الحافظ أبو يعلى : حدثنا أبو خيثمة ، حدثنا إسماعيل بن عمر ، حدثنا ابن أبي ذئب ، عن فلان بن عبد الله بن رافع ، عن بعض ولد أنس بن مالك ، عن أنس أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : " إن الحور العين ليغنين في الجنة ، يقلن نحن خيرات حسان ، خبئنا لأزواج كرام " .قلت : إسماعيل بن عمر هذا هو أبو المنذر الواسطي أحد الثقات الأثبات . وقد روى هذا الحديث الإمام عبد الرحيم بن إبراهيم الملقب بدحيم ، عن ابن أبي فديك ، عن ابن أبي ذئب ، عن عون بن الخطاب بن عبد الله بن رافع ، عن ابن لأنس ، عن أنس قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " إن الحور العين يغنين في الجنة : نحن الجوار الحسان ، خلقنا لأزواج كرام " .
وقوله : ( عربا ) قال سعيد بن جبير ، عن ابن عباس : يعني متحببات إلى أزواجهن ، ألم تر إلى الناقة الضبعة ، هي كذلك .وقال الضحاك ، عن ابن عباس : العرب : العواشق لأزواجهن ، وأزواجهن لهن عاشقون . وكذا قال عبد الله بن سرجس ، ومجاهد ، وعكرمة ، وأبو العالية ، ويحيى بن أبي كثير ، وعطية ، والحسن ، وقتادة ، والضحاك ، وغيرهم .وقال ثور بن زيد ، عن عكرمة قال : سئل ابن عباس عن قوله : ( عربا ) قال : هي الملقة لزوجها .وقال شعبة ، عن سماك ، عن عكرمة : هي الغنجة .وقال الأجلح بن عبد الله ، عن عكرمة : هي الشكلة .وقال صالح بن حيان ، عن عبد الله بن بريدة في قوله : ( عربا ) قال : الشكلة بلغة أهل مكة ، والغنجة بلغة أهل المدينة .وقال تميم بن حذلم : هي حسن التبعل .وقال زيد بن أسلم ، وابنه عبد الرحمن : العرب : حسنات الكلام .وقال ابن أبي حاتم : ذكر عن سهل بن عثمان العسكري : حدثنا أبو علي ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن جده قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ( عربا ) قال : " كلامهن عربي " .وقوله : ( أترابا ) قال الضحاك ، عن ابن عباس يعني : في سن واحدة ، ثلاث وثلاثين سنة .وقال مجاهد : الأتراب : المستويات . وفي رواية عنه : الأمثال . وقال عطية : الأقران . وقال السدي : ( أترابا ) أي : في الأخلاق ، المتواخيات بينهن ، ليس بينهن تباغض ولا تحاسد ، يعني : لا كما كن ضرائر [ في الدنيا ] ضرائر متعاديات .وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبو سعيد الأشج ، حدثنا أبو أسامة ، عن عبد الله بن الكهف ، عن الحسن ومحمد : ( عربا أترابا ) قالا : المستويات الأسنان ، يأتلفن جميعا ، ويلعبن جميعا .وقد روى أبو عيسى الترمذي ، عن أحمد بن منيع ، عن أبي معاوية ، عن عبد الرحمن بن إسحاق ، عن النعمان بن سعد ، عن علي رضي الله عنه ، قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " إن في الجنة لمجتمعا للحور العين ، يرفعن أصواتا لم تسمع الخلائق بمثلها ، يقلن : نحن الخالدات فلا نبيد ، ونحن الناعمات فلا نبأس ، ونحن الراضيات فلا نسخط ، طوبى لمن كان لنا وكنا له " . ثم قال : هذا حديث غريب .وقال الحافظ أبو يعلى : حدثنا أبو خيثمة ، حدثنا إسماعيل بن عمر ، حدثنا ابن أبي ذئب ، عن فلان بن عبد الله بن رافع ، عن بعض ولد أنس بن مالك ، عن أنس أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : " إن الحور العين ليغنين في الجنة ، يقلن نحن خيرات حسان ، خبئنا لأزواج كرام " .قلت : إسماعيل بن عمر هذا هو أبو المنذر الواسطي أحد الثقات الأثبات . وقد روى هذا الحديث الإمام عبد الرحيم بن إبراهيم الملقب بدحيم ، عن ابن أبي فديك ، عن ابن أبي ذئب ، عن عون بن الخطاب بن عبد الله بن رافع ، عن ابن لأنس ، عن أنس قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " إن الحور العين يغنين في الجنة : نحن الجوار الحسان ، خلقنا لأزواج كرام " .
وقوله : ( لأصحاب اليمين ) أي : خلقنا لأصحاب اليمين ، أو : ادخرن لأصحاب اليمين ، أو : زوجن لأصحاب اليمين . والأظهر أنه متعلق بقوله : ( إنا أنشأناهن إنشاء فجعلناهن أبكارا عربا أترابا لأصحاب اليمين ) فتقديره : أنشأناهن لأصحاب اليمين . وهذا توجيه ابن جرير .روي عن أبي سليمان الداراني - رحمه الله - قال : صليت ليلة ، ثم جلست أدعو ، وكان البرد شديدا ، فجعلت أدعو بيد واحدة ، فأخذتني عيني فنمت ، فرأيت حوراء لم ير مثلها وهي تقول : يا أبا سليمان ، أتدعو بيد واحدة وأنا أغذى لك في النعيم من خمسمائة سنة !قلت : ويحتمل أن يكون قوله : ( لأصحاب اليمين ) متعلقا بما قبله ، وهو قوله : ( أترابا لأصحاب اليمين ) أي : في أسنانهم . كما جاء في الحديث الذي رواه البخاري ومسلم ، من حديث جرير ، عن عمارة بن القعقاع ، عن أبي زرعة ، عن أبي هريرة ، قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " أول زمرة يدخلون الجنة على صورة القمر ليلة البدر ، والذين يلونهم على ضوء أشد كوكب دري في السماء إضاءة ، لا يبولون ولا يتغوطون ، ولا يتفلون ولا يتمخطون ، أمشاطهم الذهب ورشحهم المسك ومجامرهم الألوة ، وأزواجهم الحور العين ، أخلاقهم على خلق رجل واحد ، على صورة أبيهم آدم ، ستون ذراعا في السماء " .وقال الإمام أحمد : حدثنا يزيد بن هارون وعفان قالا حدثنا حماد بن سلمة - وروى الطبراني ، واللفظ له من حديث حماد بن سلمة - عن علي بن زيد بن جدعان ، عن سعيد بن المسيب ، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " يدخل أهل الجنة الجنة جردا مردا بيضا جعادا مكحلين ، أبناء ثلاثين أو ثلاث وثلاثين ، وهم على خلق آدم ستون ذراعا في عرض سبعة أذرع " .وروى الترمذي من حديث أبي داود الطيالسي ، عن عمران القطان ، عن قتادة ، عن شهر بن حوشب ، عن عبد الرحمن بن غنم ، عن معاذ بن جبل ، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : " يدخل أهل الجنة الجنة جردا مردا مكحلين أبناء ثلاثين ، أو ثلاث وثلاثين سنة " . ثم قال : حسن غريبوقال ابن وهب : أخبرنا عمرو بن الحارث أن دراجا أبا السمح حدثه عن أبي الهيثم ، عن أبي سعيد قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " من مات من أهل الجنة من صغير أو كبير ، يردون بني ثلاث وثلاثين في الجنة ، لا يزيدون عليها أبدا ، وكذلك أهل النار " .ورواه الترمذي عن سويد بن نصر ، عن ابن المبارك ، عن رشدين بن سعد ، عن عمرو بن الحارث ، بهوقال أبو بكر بن أبي الدنيا : حدثنا القاسم بن هاشم ، حدثنا صفوان بن صالح ، حدثنا رواد بن الجراح العسقلاني ، حدثنا الأوزاعي ، عن هارون بن رئاب ، عن أنس قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " يدخل أهل الجنة الجنة على طول آدم ستين ذراعا بذراع الملك ! على حسن يوسف ، وعلى ميلاد عيسى ثلاث وثلاثين سنة ، وعلى لسان محمد ، جرد مرد مكحلون " .وقال أبو بكر بن أبي داود : حدثنا محمود بن خالد وعباس بن الوليد قالا : " حدثنا عمر عن الأوزاعي ، عن هارون بن رئاب ، عن أنس بن مالك قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " يبعث أهل الجنة على صورة آدم في ميلاد ثلاث وثلاثين ، جردا مردا مكحلين ، ثم يذهب بهم إلى شجرة في الجنة فيكسون منها ، لا تبلى ثيابهم ، ولا يفنى شبابهم " .
وقوله : ( ثلة من الأولين وثلة من الآخرين ) أي : جماعة من الأولين وجماعة من الآخرين .وقال ابن أبي حاتم : حدثنا المنذر بن شاذان ، حدثنا محمد بن بكار ، حدثنا سعيد بن بشير ، عن قتادة ، عن الحسن ، عن عمران بن حصين ، عن عبد الله بن مسعود - قال : وكان بعضهم يأخذ عن بعض - قال : أكرينا ذات ليلة عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثم غدونا عليه ، فقال : " عرضت علي الأنبياء وأتباعها بأممها ، فيمر علي النبي ، والنبي في العصابة ، والنبي في الثلاثة ، والنبي ليس معه أحد - وتلا قتادة هذه الآية : ( أليس منكم رجل رشيد ) [ هود : 78 ] - قال : حتى مر علي موسى بن عمران في كبكبة من بني إسرائيل " . قال : " قلت : ربي من هذا ؟ قال : هذا أخوك موسى بن عمران ومن معه من بني إسرائيل " . قال : " قلت : رب فأين أمتي ؟ قال : انظر عن يمينك في الظراب . قال : " فإذا وجوه الرجال " . قال : " قال : أرضيت ؟ " قال : قلت : " قد رضيت ، رب " . قال : انظر إلى الأفق عن يسارك فإذا وجوه الرجال . قال : أرضيت ؟ قلت : " رضيت ، رب " . قال : فإن مع هؤلاء سبعين ألفا ، يدخلون الجنة بغير حساب " . قال : وأنشأ عكاشة بن محصن من بني أسد - قال سعيد : وكان بدريا - قال : يا نبي الله ، ادع الله أن يجعلني منهم . قال : فقال : " اللهم اجعله منهم " . قال : أنشأ رجل آخر ، قال : يا نبي الله ، ادع الله أن يجعلني منهم . فقال : " سبقك بها عكاشة " قال : فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " فإن استطعتم - فداكم أبي وأمي - أن تكونوا من أصحاب السبعين فافعلوا وإلا فكونوا من أصحاب الظراب ، وإلا فكونوا من أصحاب الأفق ، فإني قد رأيت ناسا كثيرا قد تأشبوا حوله " . ثم قال : " إني لأرجو أن تكونوا ربع أهل الجنة " . فكبرنا ، ثم قال : " إني لأرجو أن تكونوا ثلث أهل الجنة " . قال : فكبرنا ، قال : " إني لأرجو أن تكونوا نصف أهل الجنة " . قال : فكبرنا . ثم تلا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - هذه الآية : ( ثلة من الأولين وثلة من الآخرين ) قال : فقلنا بيننا : من هؤلاء السبعون ألفا ؟ فقلنا : هم الذين ولدوا في الإسلام ، ولم يشركوا . قال : فبلغه ذلك فقال : " بل هم الذين لا يكتوون ولا يسترقون ولا يتطيرون ، وعلى ربهم يتوكلون " .وكذا رواه ابن جرير من طريقين آخرين عن قتادة ، به نحوه . وهذا الحديث له طرق كثيرة من غير هذا الوجه في الصحاح وغيرها .وقال ابن جرير : حدثنا ابن حميد ، حدثنا مهران ، حدثنا سفيان ، عن أبان بن أبي عياش ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس : ( ثلة من الأولين وثلة من الآخرين ) قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " هما جميعا من أمتي " .
وقوله : ( ثلة من الأولين وثلة من الآخرين ) أي : جماعة من الأولين وجماعة من الآخرين .وقال ابن أبي حاتم : حدثنا المنذر بن شاذان ، حدثنا محمد بن بكار ، حدثنا سعيد بن بشير ، عن قتادة ، عن الحسن ، عن عمران بن حصين ، عن عبد الله بن مسعود - قال : وكان بعضهم يأخذ عن بعض - قال : أكرينا ذات ليلة عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثم غدونا عليه ، فقال : " عرضت علي الأنبياء وأتباعها بأممها ، فيمر علي النبي ، والنبي في العصابة ، والنبي في الثلاثة ، والنبي ليس معه أحد - وتلا قتادة هذه الآية : ( أليس منكم رجل رشيد ) [ هود : 78 ] - قال : حتى مر علي موسى بن عمران في كبكبة من بني إسرائيل " . قال : " قلت : ربي من هذا ؟ قال : هذا أخوك موسى بن عمران ومن معه من بني إسرائيل " . قال : " قلت : رب فأين أمتي ؟ قال : انظر عن يمينك في الظراب . قال : " فإذا وجوه الرجال " . قال : " قال : أرضيت ؟ " قال : قلت : " قد رضيت ، رب " . قال : انظر إلى الأفق عن يسارك فإذا وجوه الرجال . قال : أرضيت ؟ قلت : " رضيت ، رب " . قال : فإن مع هؤلاء سبعين ألفا ، يدخلون الجنة بغير حساب " . قال : وأنشأ عكاشة بن محصن من بني أسد - قال سعيد : وكان بدريا - قال : يا نبي الله ، ادع الله أن يجعلني منهم . قال : فقال : " اللهم اجعله منهم " . قال : أنشأ رجل آخر ، قال : يا نبي الله ، ادع الله أن يجعلني منهم . فقال : " سبقك بها عكاشة " قال : فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " فإن استطعتم - فداكم أبي وأمي - أن تكونوا من أصحاب السبعين فافعلوا وإلا فكونوا من أصحاب الظراب ، وإلا فكونوا من أصحاب الأفق ، فإني قد رأيت ناسا كثيرا قد تأشبوا حوله " . ثم قال : " إني لأرجو أن تكونوا ربع أهل الجنة " . فكبرنا ، ثم قال : " إني لأرجو أن تكونوا ثلث أهل الجنة " . قال : فكبرنا ، قال : " إني لأرجو أن تكونوا نصف أهل الجنة " . قال : فكبرنا . ثم تلا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - هذه الآية : ( ثلة من الأولين وثلة من الآخرين ) قال : فقلنا بيننا : من هؤلاء السبعون ألفا ؟ فقلنا : هم الذين ولدوا في الإسلام ، ولم يشركوا . قال : فبلغه ذلك فقال : " بل هم الذين لا يكتوون ولا يسترقون ولا يتطيرون ، وعلى ربهم يتوكلون " .وكذا رواه ابن جرير من طريقين آخرين عن قتادة ، به نحوه . وهذا الحديث له طرق كثيرة من غير هذا الوجه في الصحاح وغيرها .وقال ابن جرير : حدثنا ابن حميد ، حدثنا مهران ، حدثنا سفيان ، عن أبان بن أبي عياش ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس : ( ثلة من الأولين وثلة من الآخرين ) قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " هما جميعا من أمتي " .
- English | Ahmed Ali
- Urdu | Ahmed Raza Khan
- Turkish | Ali-Bulaç
- German | Bubenheim Elyas
- Chinese | Chineese
- Spanish | Cortes
- Dutch | Dutch
- Portuguese | El-Hayek
- English | English
- Urdu | Fateh Muhammad Jalandhry
- French | French
- Hausa | Hausa
- Indonesian | Indonesian-Bahasa
- Italian | Italian
- Korean | Korean
- Malay | Malay
- Russian | Russian
- Tamil | Tamil
- Thai | Thai
- Farsi | مکارم شیرازی
- العربية | التفسير الميسر
- العربية | تفسير الجلالين
- العربية | تفسير السعدي
- العربية | تفسير ابن كثير
- العربية | تفسير الوسيط لطنطاوي
- العربية | تفسير البغوي
- العربية | تفسير القرطبي
- العربية | تفسير الطبري
- English | Arberry
- English | Yusuf Ali
- Dutch | Keyzer
- Dutch | Leemhuis
- Dutch | Siregar
- Urdu | Sirat ul Jinan