READ
Surah Al-Qasas
اَلْقَصَص
88 Ayaat مکیۃ
وَ جَعَلْنٰهُمْ اَىٕمَّةً یَّدْعُوْنَ اِلَى النَّارِۚ-وَ یَوْمَ الْقِیٰمَةِ لَا یُنْصَرُوْنَ(۴۱)
اور انہیں ہم نے (ف۱۰۶) دوزخیوں کا پیشوا بنایا کہ آگ کی طرف بلاتے ہیں (ف۱۰۷) اور قیامت کے دن ان کی مدد نہ ہوگی،
وَجَعَلْناهُمْ أى: فرعون وجنوده، أَئِمَّةً في الكفر والفسوق والعصيان بسبب أنهم يَدْعُونَ، غيرهم إلى ما يوصل إِلَى النَّارِ وسعيرها والاحتراق بها.وَيَوْمَ الْقِيامَةِ لا يُنْصَرُونَ أى: ويوم القيامة لا يجدون من ينصرهم، بأن يدفع العذاب عنهم بأية صورة من الصور.
وَ اَتْبَعْنٰهُمْ فِیْ هٰذِهِ الدُّنْیَا لَعْنَةًۚ-وَ یَوْمَ الْقِیٰمَةِ هُمْ مِّنَ الْمَقْبُوْحِیْنَ۠(۴۲)
اور اس دنیا میں ہم نے ان کے پیچھے لعنت لگائی (ف۱۰۸) اور قیامت کے دن ان کا برا ہے،
وَأَتْبَعْناهُمْ فِي هذِهِ الدُّنْيا التي قضوا حياتهم فيها في الكفر والضلال، أتبعناهم فيها لَعْنَةً أى: طردا وإبعادا عن رحمتنا.وَيَوْمَ الْقِيامَةِ هُمْ مِنَ الْمَقْبُوحِينَ والشيء المقبوح: هو المطرود المبعد عن كل خير.أى: وهم يوم القيامة- أيضا- من المبعدين عن رحمتنا، بسبب كفرهم وفسوقهم.والتعبير بقوله- سبحانه-: وَيَوْمَ الْقِيامَةِ هُمْ مِنَ الْمَقْبُوحِينَ يتناسب كل التناسب مع ما كانوا عليه في الدنيا من تطاول وغرور واستعلاء.فهؤلاء الذين كانوا في الدنيا كذلك، صاروا في الآخرة محل الازدراء وقبح الهيئة والاشمئزاز من كل عباد الله المخلصين.
وَ لَقَدْ اٰتَیْنَا مُوْسَى الْكِتٰبَ مِنْۢ بَعْدِ مَاۤ اَهْلَكْنَا الْقُرُوْنَ الْاُوْلٰى بَصَآىٕرَ لِلنَّاسِ وَ هُدًى وَّ رَحْمَةً لَّعَلَّهُمْ یَتَذَكَّرُوْنَ(۴۳)
اور بیشک ہم نے موسیٰ کو کتاب عطا فرمائی (ف۱۰۹) بعد اس کے کہ اگلی سنگتیں (قومیں) (ف۱۱۰) ہلاک فرمادیں جس میں لوگوں کے دل کی آنکھیں کھولنے والی باتیں اور ہدایت اور رحمت تاکہ وہ نصیحت مانیں،
ثم ختم- سبحانه- قصة موسى ببيان جانب مما منحه- عز وجل- له من نعم فقال:وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ أى آتيناه التوراة لتكون هداية ونورا مِنْ بَعْدِ ما أَهْلَكْنَا الْقُرُونَ الْأُولى أى: أنزلنا التوراة على موسى، من بعد إهلاكنا للقرون الأولى من الأقوام المكذبين، كقوم نوح وهود وصالح وغيرهم.قال الآلوسى: «والتعرض لبيان كون إيتائها بعد إهلاكهم للإشعار بأنها نزلت بعد مساس الحاجة إليها، تمهيدا لما يعقبه من بيان الحاجة الداعية إلى إنزال القرآن الكريم على رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فإن إهلاك القرون الأولى. من موجبات اندراس معالم الشرائع، وانطماس آثارها، المؤديين إلى اختلال نظام العالم وفساد أحوال الأمم وكل ذلك يستدعى تشريعا جديدا.وقوله- تعالى- بَصائِرَ لِلنَّاسِ وَهُدىً وَرَحْمَةً منصوب على أنه مفعول لأجله أو حال أى: آتيناه التوراة من أجل أن تكون أنوارا لقلوبهم يبصرون بها الحقائق، كما يبصرون بأعينهم المرئيات، ومن أجل أن تكون هداية لهم إلى الصراط المستقيم، ورحمة لهم من العذاب.وقوله- سبحانه- لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ تعليل لهذا الإيتاء، وحض لهم على الشكر.أى آتيناهم الكتاب الذي عن طريقه يعرفون الحق من الباطل.. كي يكونوا دائما متذكرين لنعمنا، وشاكرين لنا على هدايتنا لهم ورحمتنا بهم.وإلى هنا نرى السورة الكريمة، قد حدثتنا عن جوانب متعددة من حياة موسى- عليه السلام-.حدثتنا عن رعاية الله- تعالى- له حيث أراد له أن يعيش في بيت فرعون وأن يحظى برعاية امرأته، وأن يعود بعد ذلك إلى أمه كي تقر عينها به، دون أن يصيبه أذى من فرعون الذي كان يذبح الذكور من بنى إسرائيل ويستحيى نساءهم.ثم حدثتنا عن رعاية الله- تعالى- له، بعد أن بلغ أشده واستوى، حيث نجاه من القوم الظالمين، بعد أن قتل واحدا منهم.ثم حدثتنا عن رعاية الله- تعالى- له، بعد أن خرج من مصر خائفا يترقب متجها إلى قرية مدين، التي قضى فيها عشر سنين أجيرا عند شيخ كبير من أهلها.ثم حدثتنا عن رعاية الله- تعالى- له، بعد أن قضى تلك المدة، وسار بأهله متجها إلى مصر، وكيف أن الله- تعالى- أمره بتبليغ رسالته إلى فرعون وقومه، وأنه- عليه السلام- قد لبى أمر ربه- سبحانه- وبلغ رسالته على أتم وجه وأكمله، فكانت العاقبة الطيبة له ولمن آمن به، وكانت النهاية الأليمة لفرعون وجنوده.وهكذا طوفت بنا السورة الكريمة مع قصة موسى- عليه السلام- ذلك التطواف الذي نرى فيه رعاية الله- تعالى- لموسى، وإعداده لحمل رسالته، كما نرى فيه نماذج متنوعة لأخلاقه الكريمة، ولهمته العالية، ولصبره على تكاليف الدعوة، ولسنن الله- تعالى- في خلقه، تلك السنن التي لا تتخلف في بيان أن العاقبة الحسنة للمتقين، والعاقبة القبيحة للكافرين والفاسقين.ثم بدأت السورة بعد ذلك في تسلية الرسول صلّى الله عليه وسلم، وفي بيان أن هذا القرآن من عند الله، وفي بيان جانب من شبهات المشركين، ثم تلقين الرسول صلّى الله عليه وسلّم الرد المزهق لها..لنستمع إلى الآيات الكريمة التي تحكى لنا بأسلوبها البليغ، هذه المعاني وغيرها فتقول:
وَ مَا كُنْتَ بِجَانِبِ الْغَرْبِیِّ اِذْ قَضَیْنَاۤ اِلٰى مُوْسَى الْاَمْرَ وَ مَا كُنْتَ مِنَ الشّٰهِدِیْنَۙ(۴۴)
اور تم (ف۱۱۱) طور کی جانت مغرب میں نہ تھے (ف۱۱۲) جبکہ ہم نے موسیٰ کو رسالت کا حکم بھیجا (ف۱۱۳) اور اس وقت تم حاضر نہ تھے،
والخطاب في قوله- تعالى-: وَما كُنْتَ بِجانِبِ الْغَرْبِيِّ.. للرسول صلّى الله عليه وسلم والمراد بجانب الغربي: الجانب الغربي لجبل الطور الذي وقع فيه الميقات، وفيه تلقى موسى التوراة من ربه- تعالى-.أى: وما كنت- أيها الرسول الكريم- حاضرا في هذا المكان، إِذْ قَضَيْنا إِلى مُوسَى الْأَمْرَ أى، وقت أن كلفناه بحمل رسالتنا، وأنزلنا إليه التوراة، لتكون هداية ونورا له ولقومه.وَما كُنْتَ أيضا- أيها الرسول الكريم- مِنَ الشَّاهِدِينَ لذلك، حتى تعرف حقيقة ما كلفنا به أخاك موسى، فتبلغه للناس عن طريق المشاهدة.فالمقصود بالآية بيان أن ما بلغه الرسول صلّى الله عليه وسلّم للناس عن أخبار الأولين، إنما بلغه عن طريق الوحى الذي أوحاه الله- تعالى- إليه، وليس عن طريق آخر.قال الإمام ابن كثير عند تفسيره لهذه الآية: يقول- تعالى- منبها على برهان نبوة محمد صلّى الله عليه وسلّم حيث أخبر بالغيوب الماضية خبرا كأن سامعه شاهد وراء لما تقدم، وهو رجل أمى لا يقرأ شيئا من الكتب، نشأ بين قوم لا يعرفون شيئا من ذلك، كما أنه لما أخبره عن مريم وما كان من أمرها، قال- تعالى-: وَما كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يُلْقُونَ أَقْلامَهُمْ أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ وَما كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يَخْتَصِمُونَ ثم قال- تعالى-: تِلْكَ مِنْ أَنْباءِ الْغَيْبِ نُوحِيها إِلَيْكَ، ما كُنْتَ تَعْلَمُها أَنْتَ وَلا قَوْمُكَ مِنْ قَبْلِ هذا فَاصْبِرْ.
وَ لٰكِنَّاۤ اَنْشَاْنَا قُرُوْنًا فَتَطَاوَلَ عَلَیْهِمُ الْعُمُرُۚ-وَ مَا كُنْتَ ثَاوِیًا فِیْۤ اَهْلِ مَدْیَنَ تَتْلُوْا عَلَیْهِمْ اٰیٰتِنَاۙ-وَ لٰكِنَّا كُنَّا مُرْسِلِیْنَ(۴۵)
مگر ہوا یہ کہ ہم نے سنگتیں پیدا کیں (ف۱۱۴) کہ ان پر زمانہ دراز گزرا (ف۱۱۵) اور نہ تم اہلِ مدین میں مقیم تھے ان پر ہماری آیتیں پڑھتے ہوئے، ہاں ہم رسول بنانے والے ہوئے (ف۱۱۶)
وقوله- سبحانه-: وَلكِنَّا أَنْشَأْنا قُرُوناً فَتَطاوَلَ عَلَيْهِمُ الْعُمُرُ بيان للأسباب التي من أجلها قص الله- تعالى- على نبيه صلّى الله عليه وسلّم أخبار الأمم السابقة.أى: أنت أيها الرسول الكريم- لم تكن معاصرا لتلك الأحداث ولكن أخبرناك بها عن طريق الوحى، والسبب في ذلك أن بينك وبين موسى وغيره من الأنبياء أزمانا طويلة، تغيرت فيه الشرائع والأحكام، وعميت على الناس الأنباء، فكان من الخير والحكمة أن نقص عليك أخبار السابقين بالحق الذي لا يحوم حوله باطل، حتى يعرف الناس الأمور على وجهها الصحيح.قال صاحب الكشاف: فإن قلت: كيف يتصل قوله: وَلكِنَّا أَنْشَأْنا قُرُوناً بهذا الكلام؟قلت: اتصاله به وكونه استدراكا له، من حيث إن معناه: ولكنا أنشأنا بعد عهد الوحى إلى عهدك قرونا طويلة فَتَطاوَلَ على آخرهم: وهو القرن الذي أنت فيهم الْعُمُرُ.أى: أمد انقطاع الوحى، واندرست العلوم، فوجب إرسالك إليهم، فأرسلناك وأكسبناك- أى: وأعطيناك- العلم بقصص الأنبياء.. فذكر سبب الوحى الذي هو إطالة الفترة ودل به على المسبب، على عادة الله- تعالى- في اختصاراته وقوله- سبحانه-: وَما كُنْتَ ثاوِياً فِي أَهْلِ مَدْيَنَ تَتْلُوا عَلَيْهِمْ آياتِنا مؤكدة لمضمون ما قبله. من عدم معرفة الرسول صلّى الله عليه وسلّم لأخبار السابقين إلا عن طريق الوحى.وقوله: ثاوِياً من الثواء بمعنى الإقامة. يقال: ثوى فلان بالمكان يثوى ثواء فهو ثاو، إذا أقام فيه. والمثوى: المنزل، ومنه الأثر القائل: أصلحوا مثاويكم، أى: منازلكم.أى: وما كنت- أيها الرسول الكريم- مقيما في أهل مدين، وقت تلاوتك على أهل مكة المكرمة، قصة موسى والشيخ الكبير وما جرى بينهما، حتى تنقلها إليهم بطريق المشاهدة وإنما أنت أخبرتهم بها عن طريق وحينا الصادق المتمثل فيما أنزلناه عليك من آيات القرآن البينات.فالضمير في قوله تَتْلُوا عَلَيْهِمْ يعود على أهل مكة. والجملة حالية.ويرى أكثر المفسرين أن الضمير لأهل مدين، أى وما كنت مقيما في أهل مدين، تقرأ عليهم آياتنا، وتتعلم منهم، والجملة حالية- أيضا- أو خبر ثان.وعلى كلا التفسيرين فالمقصود بالجملة الكريمة إثبات أن ما أخبر به الرسول صلّى الله عليه وسلّم عن الأولين، إنما هو عن طريق الوحى ليس غير.وقوله- سبحانه-: وَلكِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ أى: ولكنا كنا مرسلين لك، وموحين إليك بتلك الآيات وفيها ما فيها عن أخبار الأولين. لإحقاق الحق وإبطال الباطل.
وَ مَا كُنْتَ بِجَانِبِ الطُّوْرِ اِذْ نَادَیْنَا وَ لٰكِنْ رَّحْمَةً مِّنْ رَّبِّكَ لِتُنْذِرَ قَوْمًا مَّاۤ اَتٰىهُمْ مِّنْ نَّذِیْرٍ مِّنْ قَبْلِكَ لَعَلَّهُمْ یَتَذَكَّرُوْنَ(۴۶)
اور نہ تم طور کے کنارے تھے جب ہم نے ندا فرمائی (ف۱۱۷) ہاں تمہارے رب کی مہر ہے (کہ تمہیں غیب کے علم دیے) (ف۱۱۸) کہ تم ایسی قوم کو ڈر سناؤ جس کے پاس تم سے پہلے کوئی ڈر سنانے والا نہ آیا (ف۱۱۹) یہ امید کرتے ہوئے کہ ان کو نصیحت ہو،
ثم ساق- سبحانه- ما يؤكد هذه المعاني تأكيدا قويا، حتى يخرس ألسنة الكافرين، فقال- تعالى-: وَما كُنْتَ بِجانِبِ الطُّورِ إِذْ نادَيْنا.أى وما كنت- أيضا أيها الرسول الكريم- بجانب الجبل المسمى بالطور وقت أن نادينا موسى، وكلفناه بحمل رسالتنا، وأعطيناه التوراة، وأوحينا إليه بما أوحينا من أحكام وتشريعات.وقوله- تعالى-: وَلكِنْ رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ أى: ولكن فعلنا ما فعلنا، بأن أرسلناك إلى الناس، وقصصنا عليك ما نريده من أخبار الأولين، من أجل رحمتنا بك وبالناس، حتى يعتبروا ويتعظوا بأحوال السابقين، فالعاقل من اتعظ بغيره.فقوله- تعالى-: رَحْمَةً منصوب على أنه مفعول لأجله، أو على المصدرية.وقوله- سبحانه-: لِتُنْذِرَ قَوْماً ما أَتاهُمْ مِنْ نَذِيرٍ مِنْ قَبْلِكَ متعلق بالفعل المعلل بالرحمة، والمراد بالقوم: أهل مكة وغيرهم ممن بعث الرسول صلّى الله عليه وسلّم إليهم.وجملة ما أَتاهُمْ مِنْ نَذِيرٍ مِنْ قَبْلِكَ صفة لقوله قَوْماً وما موصولة مفعول ثان لتنذر، وقوله: مِنْ نَذِيرٍ متعلق.أى: أرسلناك رحمة، لتنذر قوما العقاب الذي أتاهم من نذير من قبلك، وكما قال- تعالى-: وَإِنْ مِنْ أُمَّةٍ إِلَّا خَلا فِيها نَذِيرٌ.ويصح أن تكون ما نافية ومِنْ في قوله مِنْ نَذِيرٍ للتأكيد، فيكون المعنى: أرسلناك رحمة لتنذر هؤلاء المشركين من أهل مكة الذين لم يأتهم نذير من قبلك منذ أزمان متطاولة. إذ الفترة التي بينك وبين أبيهم إسماعيل تزيد على ألفى سنة.ورسالة إسماعيل إليهم قد اندرست معالمها، فكانت الحكمة والرحمة تقتضيان إرسالك إليهم لتنذرهم سوء عاقبة الشرك.أما معظم الرسل من قبلك- كموسى وعيسى وزكريا ويحيى وداود وسليمان فكانت مع تباعد زمانها عنك- أيضا- إلى غيرهم من بنى إسرائيل، ومن الأمم الأخرى. المتناثرة في أطراف الجزيرة العربية.فالمراد بالقوم على هذا الرأى: العرب المعاصرون له صلّى الله عليه وسلّم كما قال- تعالى-:لِتُنْذِرَ قَوْماً ما أُنْذِرَ آباؤُهُمْ فَهُمْ غافِلُونَ.ولعل هذا الرأى أقرب إلى سياق الآيات، وإلى إقامة الحجة على مشركي قريش، الذين وقفوا من الرسول صلّى الله عليه وسلّم موقف المكذب لرسالته، المعادى لدعوته.وقوله- سبحانه-: لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ تذييل قصد به حضهم على التذكر والاعتبار.أى: أرسلناك إليهم كي يتذكروا ما ترشدهم إليه، ويعتبروا بما جئتهم به، ويخشوا سوء عاقبة مخالفة إنذارك لهم.
وَ لَوْ لَاۤ اَنْ تُصِیْبَهُمْ مُّصِیْبَةٌۢ بِمَا قَدَّمَتْ اَیْدِیْهِمْ فَیَقُوْلُوْا رَبَّنَا لَوْ لَاۤ اَرْسَلْتَ اِلَیْنَا رَسُوْلًا فَنَتَّبِـعَ اٰیٰتِكَ وَ نَكُوْنَ مِنَ الْمُؤْمِنِیْنَ(۴۷)
اور اگر نہ ہوتا کہ کبھی پہنچتی انہیں کوئی مصیبت (ف۱۲۰) اس کے سبب جو ان کے ہاتھوں نے آگے بھیجا (ف۱۲۱) تو کہتے، اے ہمارے رب! تو نے کیوں نہ بھیجا ہماری طرف کوئی رسول کہ ہم تیری آیتوں کی پیروی کرتے اور ایمان لاتے (ف۱۲۲)
ثم أبطل- سبحانه- ما يتعللون به من معاذير فقال: وَلَوْلا أَنْ تُصِيبَهُمْ مُصِيبَةٌ بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ، فَيَقُولُوا رَبَّنا لَوْلا أَرْسَلْتَ إِلَيْنا رَسُولًا فَنَتَّبِعَ آياتِكَ وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ.ولَوْلا الأولى: امتناعية، تدل على امتناع الجواب لوجود الشرط، وجوابها محذوف لدلالة الكلام عليه، و «أن» وما في حيزها في محل رفع بالابتداء.ولَوْلا الثانية: تحضيضية، وجوابها قوله فَنَتَّبِعَ آياتِكَ.. وجملة فَيَقُولُوا عطف على أَنْ تُصِيبَهُمْ ومن جملة ما في حيز لَوْلا الأولى.والمعنى: ولولا أن تصيب هؤلاء المشركين مُصِيبَةٌ أى عقوبة شديدة. بسبب اقترافهم الكفر والمعاصي فَيَقُولُوا على سبيل التعلل عند نزول العقوبة بهم رَبَّنا أى:يا ربنا هلا أرسلت إلينا رسولا من عندك فَنَتَّبِعَ آياتِكَ الدالة على صدقه وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ به وبما جاء به من آيات من عندك.أى: ولولا قولهم هذا، وتعللهم بأنهم ما حملهم على الكفر، إلا عدم مجيء رسول إليهم يبشرهم وينذرهم.. لولا ذلك لما أرسلناك إليهم، ولكنا أرسلناك إليهم لنقطع حجتهم، ونزيل تعللهم، ونثبت لهم أن استمرارهم على كفرهم- بعد إرسالك إليهم، كان بسبب عنادهم وجحودهم، واستحواذ الشيطان عليهم.قال الإمام ابن كثير: قوله- تعالى-: وَلَوْلا أَنْ تُصِيبَهُمْ مُصِيبَةٌ أى: وأرسلناك إليهم- يا محمد لتقيم عليهم الحجة، ولتقطع عذرهم إذا جاءهم عذاب من الله بسبب كفرهم، فيحتجوا بأنهم لم يأتهم رسول ولا نذير، كما قال- تعالى- بعد ذكره إنزال كتابه المبارك وهو القرآن: أَنْ تَقُولُوا: إِنَّما أُنْزِلَ الْكِتابُ عَلى طائِفَتَيْنِ مِنْ قَبْلِنا، وَإِنْ كُنَّا عَنْ دِراسَتِهِمْ لَغافِلِينَ. أَوْ تَقُولُوا: لَوْ أَنَّا أُنْزِلَ عَلَيْنَا الْكِتابُ لَكُنَّا أَهْدى مِنْهُمْ، فَقَدْ جاءَكُمْ بَيِّنَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَهُدىً وَرَحْمَةٌ..
فَلَمَّا جَآءَهُمُ الْحَقُّ مِنْ عِنْدِنَا قَالُوْا لَوْ لَاۤ اُوْتِیَ مِثْلَ مَاۤ اُوْتِیَ مُوْسٰىؕ-اَوَ لَمْ یَكْفُرُوْا بِمَاۤ اُوْتِیَ مُوْسٰى مِنْ قَبْلُۚ-قَالُوْا سِحْرٰنِ تَظٰهَرَاٙ۫-وَ قَالُوْۤا اِنَّا بِكُلٍّ كٰفِرُوْنَ(۴۸)
پھر جب ان کے پاس حق آیا (ف۱۲۳) ہماری طرف سے بولے (ف۱۲۴) انہیں کیوں نہ دیا گیا جو موسیٰ کو دیا گیا (ف۱۲۵) کیا اس کے منکر نہ ہوئے تھے جو پہلے موسیٰ کو دیا گیا (ف۱۲۶) بولے دو جادو ہیں ایک دوسرے کی پشتی (امداد) پر، اور بولے ہم ان دونوں کے منکر ہیں (ف۱۲۷)
ثم بين- سبحانه- بعد ذلك موقفهم بعد مجيء الرسول صلّى الله عليه وسلّم إليهم فقال: فَلَمَّا جاءَهُمُ الْحَقُّ مِنْ عِنْدِنا قالُوا: لَوْلا أُوتِيَ مِثْلَ ما أُوتِيَ مُوسى.أى: ظل مشركو قريش أزمانا متطاولة دون أن يأتيهم رسول ينذرهم ويبشرهم فَلَمَّا جاءَهُمُ الْحَقُّ مِنْ عِنْدِنا متمثلا في رسولنا محمد صلّى الله عليه وسلّم وفيما أيدناه به من معجزات دالة على صدقه، وعلى رأسها القرآن الكريم.لما جاءهم هذا الرسول الكريم قالُوا على سبيل التعنت والجحود: هلا أوتى هذا الرسول مثل ما أوتى موسى، من توراة أنزلت عليه جملة واحدة ومن معجزات حسية منها العصا واليد والطوفان، والجراد ... إلخ.وقوله- عز وجل-: أَوَلَمْ يَكْفُرُوا بِما أُوتِيَ مُوسى مِنْ قَبْلُ.. رد عليهم لبيان أن ما قالوه هو من باب العناد والتعنت، والاستفهام لتقرير كفرهم وتأكيده.أى: قالوا ما قالوا على سبيل الجحود، والحال أن هؤلاء المشركين كفروا كفرا صريحا بما أعطاه الله- تعالى- لموسى من قبلك- يا محمد- من معجزات، كما كفروا بالمعجزات التي جئت بها من عند ربك، فهم دينهم الكفر بكل حق.ثم حكى- سبحانه- بعض أقوالهم الباطلة فقال: قالُوا سِحْرانِ تَظاهَرا، وَقالُوا إِنَّا بِكُلٍّ كافِرُونَ.وقوله: سِحْرانِ خبر لمبتدأ محذوف. أى: قالوا ما يقوله كل مجادل بغير علم:هما- أى ما جاء به موسى وما جاء به محمد- عليهما الصلاة والسلام، سِحْرانِ تَظاهَرا أى: تعاونا على إضلالنا، وإخراجنا عن ديننا، وقالوا- أيضا- إِنَّا بِكُلٍّ أى بكل واحد مما جاءوا به كافِرُونَ كفرا لا رجوع معه إلى ما جاء به هذان النبيان- عليهما الصلاة والسلام-.قال الآلوسى: وقوله: قالُوا استئناف مسوق لتقرير كفرهم المستفاد من الإنكار السابق، وبيان كيفيته، وسِحْرانِ، يعنون بهما ما أوتى نبينا وما أوتى موسى..تَظاهَرا أى: تعاونا بتصديق كل واحد منهما الآخر، وتأييده إياه، وذلك أن أهل مكة بعثوا رهطا منهم إلى رؤساء اليهود في عيد لهم، فسألوهم عن شأنه صلّى الله عليه وسلّم فقالوا: إنا نجده في التوراة بنعته وصفته، فلما رجع الرهط وأخبروهم بما قالت اليهود. قالوا ذلك.وقرأ الأكثرون قالوا ساحران تظاهرا وأرادوا بهما محمد وموسى- عليهما الصلاة والسلام- .
قُلْ فَاْتُوْا بِكِتٰبٍ مِّنْ عِنْدِ اللّٰهِ هُوَ اَهْدٰى مِنْهُمَاۤ اَتَّبِعْهُ اِنْ كُنْتُمْ صٰدِقِیْنَ(۴۹)
تم فرماؤ تو اللہ کے پاس سے کوئی کتاب لے آؤ جو ان دونوں کتابوں سے زیادہ ہدایت کی ہو (ف۱۲۸) میں اس کی پیروی کروں گا اگر تم سچے ہو (ف۱۲۹)
ثم أمر الله- تعالى- رسوله صلّى الله عليه وسلّم أن يتحداهم، وأن يفحمهم بما يخرس ألسنتهم فقال: قُلْ فَأْتُوا بِكِتابٍ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ هُوَ أَهْدى مِنْهُما أَتَّبِعْهُ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ.أى: قل- أيها الرسول الكريم- لهؤلاء الجاحدين: لقد أنزل الله- تعالى- على موسى التوراة. وأنزل القرآن على، وأنا مؤمن بهما كل الإيمان، فإن كنتم أنتم مصرون على كفركم فَأْتُوا بِكِتابٍ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ، هُوَ أَهْدى مِنْهُما أى هو أوضح منهما وأبين في الإرشاد إلى الطريق المستقيم.وقوله أَتَّبِعْهُ مجزوم في جواب الأمر المحذوف، أى: إن تأتوا به أتبعه.. إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ في زعمكم أن القرآن والتوراة نوع من السحر.فالآية الكريمة تتهكم بهم، وتسخر منهم، بأسلوب بديع معجز، لأنه من المعروف لكل عاقل أنهم ليس في استطاعتهم- ولا في استطاعة غيرهم- أن يأتوا بكتاب. أهدى من الكتابين اللذين أنزلهما- سبحانه- على نبيين كريمين من أنبيائه، هما موسى ومحمد- عليهما الصلاة والسلام-.ولذا قال صاحب الكشاف ما ملخصه: وهذا الشرط يأتى به المدل بالأمر المتحقق لصحته، لأن امتناع الإتيان بكتاب أهدى من الكتابين. أمر معلوم متحقق. لا مجال فيه للشك، ويجوز أن يقصد بحرف الشك التهكم بهم .
فَاِنْ لَّمْ یَسْتَجِیْبُوْا لَكَ فَاعْلَمْ اَنَّمَا یَتَّبِعُوْنَ اَهْوَآءَهُمْؕ-وَ مَنْ اَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوٰىهُ بِغَیْرِ هُدًى مِّنَ اللّٰهِؕ-اِنَّ اللّٰهَ لَا یَهْدِی الْقَوْمَ الظّٰلِمِیْنَ۠(۵۰)
پھر اگر وہ یہ تمہارا فرمانا قبول نہ کریں (ف۱۳۰) تو جان لو کہ (ف۱۳۱) بس وہ اپنی خواہشو ں ہی کے پیچھے ہیں، اور اس سے بڑھ کر گمراہ کون جو اپنی خواہش کی پیروی کرے اللہ کی ہدایت سے جدا، بیشک اللہ ہدایت ہیں فرماتا ظالم لوگوں کو،
وقوله- سبحانه-: فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ زيادة في تثبيت قلب النبي صلّى الله عليه وسلم وتسليته عما أصابه منهم من أذى.أى: فإن لم يفعلوا ما تحديتهم به، من الإتيان بكتاب هو أهدى من الكتابين.فَاعْلَمْ- أيها الرسول الكريم- أَنَّما يَتَّبِعُونَ أَهْواءَهُمْ الباطلة، وشهواتهم الزائفة، عند ما يجادلونك في شئون دعوتك.والاستفهام في قوله: وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَواهُ بِغَيْرِ هُدىً مِنَ اللَّهِ.. للنفي والإنكار.أى: ولا أحد أضل ممن اتبع هواه وشيطانه، دون أن تكون معه هداية من الله- تعالى- تهديد إلى طريق الحق، لأن هذا الضال قد استحب العمى على الهدى. وآثر الغواية على الرشد.وقوله- سبحانه-: إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ تذييل مبين لسنة الله- تعالى- في خلقه.أى: إنه- سبحانه- جرت سنته أن لا يهدى القوم الظالمين إلى طريق الحق بسبب إصرارهم على الباطل، وتجاوزهم لكل حدود الحق والخير.
وَ لَقَدْ وَصَّلْنَا لَهُمُ الْقَوْلَ لَعَلَّهُمْ یَتَذَكَّرُوْنَؕ(۵۱)
اور بیشک ہم نے ان کے لیے بات مسلسل اتاری (ف۱۳۲) کہ وہ دھیان کریں،
ثم أكد- سبحانه- قطع أعذارهم وحججهم بقوله: وَلَقَدْ وَصَّلْنا لَهُمُ الْقَوْلَ، لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ.وقوله. وَصَّلْنا من الوصل الذي هو ضد القطع، والتضعيف فيه للتكثير.أى: ولقد أنزلنا هذا القرآن عليك- أيها الرسول الكريم- متتابعا، وأنت أوصلته إليهم كذلك، ليتصل تذكيرك لهم، عن طريق ما اشتمل عليه من عقائد وآداب وأحكام وقصص.لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ أى: ليكون ذلك أقرب إلى تذكرهم وتعقلهم وتدبرهم، لأن استماعهم في كل يوم. أو بين الحين والحين إلى جديد منه، أدعى إلى تذكرهم واعتبارهم.فالمقصود بالآية الكريمة. قطع كل حجة لهم، وبيان أن القرآن الكريم قد أنزله- سبحانه- متتابعا ولم ينزله جملة واحدة، لحكم من أعظمها اتصال التذكير بهداياته بين حين وآخر، على حسب ما يجد في المجتمع من أحداث.وبذلك نرى الآيات الكريمة، قد أقامت ألوانا من الحجج والبراهين، على صدق النبي صلّى الله عليه وسلّم فيما يبلغه عن ربه، وعلى أن هذا القرآن من عند الله، كما حكت جانبا من شبهات المشركين، وردت عليها بما يبطلها.ثم تمدح السورة الكريمة بعد ذلك، طائفة من أهل الكتاب، استقامت قلوبهم، وخلصت نفوسهم من العناد، فاستقبلوا آيات الله- تعالى- ومن جاء بها استقبالا يدل على صدق إيمانهم، فقال- تعالى-:
اَلَّذِیْنَ اٰتَیْنٰهُمُ الْكِتٰبَ مِنْ قَبْلِهٖ هُمْ بِهٖ یُؤْمِنُوْنَ(۵۲)
جن کو ہم نے اس سے پہلے (ف۱۳۳) کتاب دی وہ اس پر ایمان لاتے ہیں،
ذكر المفسرون في سبب نزول هذه الآيات روايات منها: أنها نزلت في سبعين من القسيسين بعثهم النجاشيّ إلى النبي صلّى الله عليه وسلّم فلما قدموا عليه، قرأ عليهم سورة يس، فجعلوا يبكون وأسلموا.وقيل: نزلت في عبد الله بن سلام وأصحابه الذين أسلموا من اليهود.وقيل: نزلت في نصارى نجران.وعلى أية حال فالآيات الكريمة تمدح قوما من أهل الكتاب أسلموا، وتعرض بالمشركين الذين أعرضوا عن دعوة الإسلام، مع أن في اتباعها سعادتهم ورشدهم.والضمير في قوله مِنْ قَبْلِهِ يعود إلى القرآن الكريم، أو إلى النبي صلّى الله عليه وسلم والمراد بالموصول من آمن من أهل الكتاب، والمراد بالكتاب التوراة والإنجيل.أى: الذين آتيناهم الكتاب من اليهود والنصارى من قبل نزول القرآن عليك- أيها الرسول الكريم- هم به يؤمنون، لأنهم يرون فيه الحق الذي لا باطل معه، والهداية التي لا ننشوبها ضلالة.
وَ اِذَا یُتْلٰى عَلَیْهِمْ قَالُوْۤا اٰمَنَّا بِهٖۤ اِنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَّبِّنَاۤ اِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلِهٖ مُسْلِمِیْنَ(۵۳)
اور جب ان پر یہ آیتیں پڑھی جاتی ہیں کہتے ہیں ہم اس پر ایمان لائے، بیشک یہی حق ہے ہمارے رب کے پا س سے ہم اس سے پہلے ہی گردن رکھ چکے تھے (ف۱۳۴)
وَإِذا يُتْلى عليهم هذا القرآن قالُوا بفرح وسرور آمَنَّا بِهِ بأنه كلام الله- تعالى- إِنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّنا أى: إنه الكتاب المشتمل على الحق الكائن من عند ربنا وخالقنا إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلِهِ أى: من قبل نزوله مُسْلِمِينَ وجوهنا لله- تعالى-، ومخلصين له العبادة.قال صاحب الكشاف: فإن قلت: أى فرق بين الاستئنافين إِنَّهُ وإِنَّا؟قلت: الأول تعليل للإيمان به، لأن كونه حقا من الله حقيق بأن يؤمن به. والثاني: بيان لقوله: آمَنَّا بِهِ لأنه يحتمل أن يكون إيمانا قريب العهد وبعيده، فأخبروا أن إيمانهم به متقادم، لأن آباءهم القدماء قرءوا في الكتب الأول ذكره وأبناءهم من بعدهم، .
اُولٰٓىٕكَ یُؤْتَوْنَ اَجْرَهُمْ مَّرَّتَیْنِ بِمَا صَبَرُوْا وَ یَدْرَءُوْنَ بِالْحَسَنَةِ السَّیِّئَةَ وَ مِمَّا رَزَقْنٰهُمْ یُنْفِقُوْنَ(۵۴)
ان کو ان کا اجر دوبالا دیا جائے گا (ف۱۳۵) بدلہ ان کے صبر کا (ف۱۳۶) اور وہ بھلائی سے برائی کو ٹالتے ہیں (ف۱۳۷) اور ہمارے دیے سے کچھ ہماری راہ میں خرچ کرتے ہیں (ف۱۳۸)
ثم بين- سبحانه- ما أعده لهؤلاء الأخيار من ثواب فقال: أُولئِكَ يُؤْتَوْنَ أَجْرَهُمْ مَرَّتَيْنِ بِما صَبَرُوا.أى: أولئك الموصوفون بتلك الصفات الكريمة يؤتون أجرهم مضاعفا بسبب صبرهم على مغالبة شهواتهم، وبسبب صبرهم على ما يستلزمه اتباع الحق من تكاليف.قال القرطبي: قوله- تعالى- أُولئِكَ يُؤْتَوْنَ أَجْرَهُمْ مَرَّتَيْنِ بِما صَبَرُوا ثبت في صحيح مسلم عن أبى موسى أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: «ثلاثة يؤتون أجرهم مرتين:رجل من أهل الكتاب آمن بنبيه، وأدرك النبي صلّى الله عليه وسلّم فآمن به واتبعه وصدقه فله أجران، وعبد مملوك أدى حق الله- عز وجل- وحق سيده فله أجران، ورجل كانت له أمة فغذاها فأحسن تغذيتها، ثم أدبها فأحسن تأديبها، ثم أعتقها وتزوجها، فله أجران» .قال علماؤنا: لما كان كل واحد من هؤلاء مخاطبا بأمرين من جهتين استحق كل واحد منهم أجرين، فالكتابى كان مخاطبا من جهة نبيه، ثم إنه خوطب من جهة نبينا، فأجابه واتبعه فله أجر الملتين» .وقوله- تعالى- وَيَدْرَؤُنَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ بيان لصفة أخرى من صفاتهم الحسنة.ويَدْرَؤُنَ من الدرء بمعنى الدفع ومنه الحديث الشريف: «ادرءوا الحدود بالشبهات» .أى: لا يقابلون السيئة بمثلها، وإنما يعفون ويصفحون، ويقابلون الكلمة الخبيثة بالكلمة الحسنة.وَمِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ أى: ومما أعطيناهم من مال يتصدقون، بدون إسراف أو تقتير.
وَ اِذَا سَمِعُوا اللَّغْوَ اَعْرَضُوْا عَنْهُ وَ قَالُوْا لَنَاۤ اَعْمَالُنَا وَ لَكُمْ اَعْمَالُكُمْ٘-سَلٰمٌ عَلَیْكُمْ٘-لَا نَبْتَغِی الْجٰهِلِیْنَ(۵۵)
اور جب بیہودہ بات سنتے ہیں اس سے تغافل کرتے ہیں (ف۱۳۹) اور کہتے ہیں ہمارے لیے ہمارے عمل اور تمہارے لیے تمہارے عمل، بس تم پر سلام (ف۱۴۰) ہم جاہلوں کے غرضی (چاہنے والے) نہیں (ف۱۴۱)
وَإِذا سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ أى: وإذا سمعوا الكلام الساقط الذي لا خير فيه.انصرفوا عنه تكرما وتنزها.وَقالُوا لمن تطاول عليهم وآذاهم، لنا أعمالنا، التي سيحاسبنا الله- تعالى- عليها وَلَكُمْ- أيضا- أعمالكم، التي سيحاسبكم الله- تعالى- عليها.سَلامٌ عَلَيْكُمْ أى: سلام متاركة منا عليكم، وإعراض عن سفاهتكم، فليس المراد بالسلام هنا: سلام التحية، وإنما المقصود به سلام المتاركة والإعراض.لا نَبْتَغِي الْجاهِلِينَ أى: إن ديننا ينهانا عن طلب صحبة الجاهلين، وعن المجادلة معهم.قال ابن كثير ما ملخصه: لما انتهى وقد أهل الكتاب من لقائه مع النبي صلّى الله عليه وسلم، وآمنوا به، وقاموا عنه، اعترضهم أبو جهل في نفر من قريش، فقالوا لهم: خيبكم الله من ركب، بعثكم من وراءكم من أهل دينكم، ترتادون لهم لتأتوهم بخبر الرجل، فلم تكد تطمئن مجالسكم عنده حتى فارقتم دينكم، وصدقتموه فيما قال، ما نعلم وفدا أحمق منكم.. فقالوا لهم: سلام عليكم، لا نجاهلكم، لنا ما نحن عليه، ولكم ما أنتم عليه، «1» .ثم بين- سبحانه- بعد ذلك أن الهداية منه وحده، ورد على أقوال المشركين، وبين سنة من سننه في خلقه، كما بين أن ما عنده- سبحانه- أفضل وأبقى، من شهوات الدنيا وزينتها، فقال- تعالى-:
اِنَّكَ لَا تَهْدِیْ مَنْ اَحْبَبْتَ وَ لٰكِنَّ اللّٰهَ یَهْدِیْ مَنْ یَّشَآءُۚ-وَ هُوَ اَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِیْنَ(۵۶)
بیشک یہ نہیں کہ تم جسے اپنی طرف سے چاہو ہدایت کردو ہاں اللہ ہدایت فرماتا ہے جسے چاہے، اور وہ خوب جانتا ہے ہدایت والوں کو (ف۱۴۲)
والمعنى: إِنَّكَ- أيها الرسول الكريم- لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ أى:لا تستطيع بقدرتك الخاصة أن تهدى إلى الإيمان من تريد هدايته إليه.وَلكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ أى: ولكن الله- تعالى- وحده، هو الذي يملك هداية من يشاء هدايته إلى الإيمان، فهو- سبحانه- الخالق لكل شيء، وقلوب العباد تحت تصرفه- تعالى- يهدى من يشاء منها ويضل من يشاء، على حسب مشيئته وحكمته، التي تخفى على الناس.وَهُوَ- سبحانه- أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ أى: بالقابلين للهداية المستعدين لها.فبلغ- أيها الرسول الكريم- ما كلفناك به، ثم اترك بعد ذلك قلوب الناس إلى خالقهم، فهو- سبحانه- الذي يصرفها كيف يشاء.قال بعض العلماء: وإن الإنسان ليقف أمام هذا الخبر، مأخوذا بصرامة هذا الدين واستقامته، فهذا عم رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وكافله وحاميه والذائد عنه، لا يكتب الله له الإيمان، على شدة حبه لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم وشدة حب الرسول له أن يؤمن.ذلك أنه إنما قصد إلى عصبية القرابة وحب الأبوة، ولم يقصد إلى العقيدة، وقد علم الله منه ذلك فلم يقدر له ما كان يحبه له صلّى الله عليه وسلّم ويرجوه، فأخرج هذا الأمر- أى الهداية- من خاصة رسوله صلّى الله عليه وسلّم وجعله خاصا بإرادته- سبحانه- وتقديره. وما على الرسول إلا البلاغ، وما على الداعين بعده إلا النصيحة، والقلوب بعد ذلك بين أصابع الرحمن والهدى والضلال وفق ما يعلمه من قلوب العباد، واستعدادهم للهدى والضلال .ثم حكى- سبحانه- جانبا من الاعتذارات الواهية التي تذرع بها المشركون في عدم الدخول في الإسلام.
وَ قَالُوْۤا اِنْ نَّتَّبِـعِ الْهُدٰى مَعَكَ نُتَخَطَّفْ مِنْ اَرْضِنَاؕ-اَوَ لَمْ نُمَكِّنْ لَّهُمْ حَرَمًا اٰمِنًا یُّجْبٰۤى اِلَیْهِ ثَمَرٰتُ كُلِّ شَیْءٍ رِّزْقًا مِّنْ لَّدُنَّا وَ لٰكِنَّ اَكْثَرَهُمْ لَا یَعْلَمُوْنَ(۵۷)
اور کہتے ہیں اگر ہم تمہارے ساتھ ہدایت کی پیروی کریں تو لوگ ہمارے ملک سے ہمیں اچک لے جائیں گے (ف۱۴۳) کیا ہم نے انہیں جگہ نہ دی امان والی حرم میں (ف۱۴۴) جس کی طرف ہر چیز کے پھل لائے جاتے ہیں ہمارے پاس کی روزی لیکن ان میں اکثر کو علم نہیں (ف۱۴۵)
فقال- تعالى-: وَقالُوا إِنْ نَتَّبِعِ الْهُدى مَعَكَ نُتَخَطَّفْ مِنْ أَرْضِنا والتخطف:الانتزاع بسرعة. يقال: فلان اختطفه الموت. إذا أخذه بغتة بدون إمهال.وقد ذكروا في سبب نزولها، أن بعض المشركين أتى النبي صلّى الله عليه وسلّم فقال له: يا محمد، نحن نعلم أنك على الحق، ولكنا نخشى إن اتبعناك، وخالفنا العرب، أن يتخطفونا من أرضنا، وإنما نحن أكلة رأس- أى: قليلون لا نستطيع مقاومة العرب.وقد رد الله- تعالى- على تعللهم هذا بقوله: أَوَلَمْ نُمَكِّنْ لَهُمْ حَرَماً آمِناً يُجْبى إِلَيْهِ ثَمَراتُ كُلِّ شَيْءٍ رِزْقاً مِنْ لَدُنَّا. وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ.وقوله: يُجْبى إِلَيْهِ أى: يحمل إليه، يقال جبى فلان الماء في الحوض إذا جمعه فيه، وحمله إليه.والاستفهام لتقريعهم على قولهم هذا الذي يخالف الحقيقة.أى: كيف قالوا ذلك، مع أننا قد جعلنا لهم حرما ذا أمان يعيشون من حوله، وتأتيهم خيرات الأرض من كل مكان، وقد فعلنا ذلك معهم وهم مشركون، فكيف نعرضهم للخطف وهم مؤمنون.قال صاحب الكشاف: وكانت العرب في الجاهلية حولهم- أى حول أهل مكة- يتغاورون ويتناحرون وهم آمنون مطمئنون في حرمهم، وبحرمة البيت هم قارون بواد غير ذي زرع، والثمرات والأرزاق تجبى إليهم من كل مكان، فإذا خولهم الله ما خولهم من الأمن والرزق بحرمة البيت وحدها، وهم كفرة عبدة أصنام، فكيف يستقيم أن يعرضهم للتخطف والخوف، ويسلبهم الأمن، إذا ضموا إلى حرمة البيت حرمة، الإسلام.. .والتعبير بقوله- سبحانه-: يُجْبى إِلَيْهِ ثَمَراتُ كُلِّ شَيْءٍ رِزْقاً للإشعار بكثرة الخيرات والثمرات، التي تأتى إلى أهل مكة من كل جانب من جوانب الأرض، ومن كل نوع من أنواع ثمارها. والجملة الكريمة صفة من صفات الحرم.وقوله- تعالى-: مِنْ لَدُنَّا أى: من جهتنا ومن عندنا وليس من عند غيرنا الذين تخشون غضبهم أو تخطفهم لكم، إن اتبعتم الرسول صلّى الله عليه وسلم.فالمقصود بهذه الجملة الكريمة بيان سعة فضل الله- تعالى-، وأنه هو القادر على كل شيء.وقوله- تعالى- وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ متعلق بقوله أَوَلَمْ نُمَكِّنْ لَهُمْ حَرَماً آمِناً.أى: لقد جعلنا لهم حرما ذا أمن، وأفضنا عليهم من خيرات الأرض، ولكن أكثرهم يجهلون هذه الحقيقة، ويجهلون أن اتباعهم للدين الحق، يؤدى إلى سعادتهم في حياتهم وبعد مماتهم.وشبيه بهذه الآية قوله- تعالى-: أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنا حَرَماً آمِناً وَيُتَخَطَّفُ النَّاسُ مِنْ حَوْلِهِمْ، أَفَبِالْباطِلِ يُؤْمِنُونَ، وَبِنِعْمَةِ اللَّهِ يَكْفُرُونَ .
وَ كَمْ اَهْلَكْنَا مِنْ قَرْیَةٍۭ بَطِرَتْ مَعِیْشَتَهَاۚ-فَتِلْكَ مَسٰكِنُهُمْ لَمْ تُسْكَنْ مِّنْۢ بَعْدِهِمْ اِلَّا قَلِیْلًاؕ-وَ كُنَّا نَحْنُ الْوٰرِثِیْنَ(۵۸)
اور کتنے شہر ہم نے ہلاک کردیے جو اپنے عیش پر اترا گئے تھے (ف۱۴۶) تو یہ ہیں ان کے مکان (ف۱۴۷) کہ ان کے بعد ان میں سکونت نہ ہوئی مگر کم (ف۱۴۸) اور ہمیں وارث ہیں (ف۱۴۹)
ثم بين- سبحانه- الأسباب الحقيقية التي تؤدى إلى زوال النعم، التي من بينها نعمة الأمان والاطمئنان، فقال- تعالى-: وَكَمْ أَهْلَكْنا مِنْ قَرْيَةٍ بَطِرَتْ مَعِيشَتَها.وكم هنا خبرية للتكثير، وبَطِرَتْ من البطر، بمعنى الأشر والغرور واستعمال نعم الله- تعالى- في غير ما خلقت له.أى: وكثيرا من أهل قرى كانت أحوالهم كحال أهل مكة في الأمن وسعة الرزق، فلما بطروا معيشتهم، واستعملوا نعمنا في الشر لا في الخير، وفي الفسوق لا في الطاعة، أخذناهم أخذ عزيز مقتدر، بأن دمرناهم وقراهم تدميرا.إذا فبطر النعمة وعدم الشكر عليها، هو السبب الحقيقي في الهلاك، وليس اتباع الهدى، كما زعم أولئك المشركون الجاهلون.قال القرطبي: «بين- سبحانه- لمن توهم، أنه لو آمن لقاتلته العرب وتخطفته، أن الخوف في ترك الإيمان أكثر، فكم من قوم كفروا ثم حل بهم البوار. والبطر: الطغيان بالنعمة» .ومَعِيشَتَها أى: في معيشتها، فلما حذف «في» تعدى الفعل، كما في قوله- تعالى-: وَاخْتارَ مُوسى قَوْمَهُ سَبْعِينَ رَجُلًا .ثم بين- سبحانه- مآل مساكن هؤلاء الطاغين فقال: فَتِلْكَ مَساكِنُهُمْ لَمْ تُسْكَنْ مِنْ بَعْدِهِمْ إِلَّا قَلِيلًا.أى: فتلك مساكن هؤلاء الطغاة ترونها يا أهل مكة في أسفاركم- إنها لم تسكن من بعدهم إلا زمانا قليلا، كالذي يرتاح بها وهو مسافر ثم يتركها إلى غير عودة إليها، لأنها صارت غير صالحة لذلك لشؤمها.وَكُنَّا نَحْنُ الْوارِثِينَ أى: وكنا نحن وحدنا الوارثين لها منهم، لأنهم لم يتركوا أحدا يرث منازلهم وأموالهم، أو لأنها صارت خرابا لا تصلح للسكن.
وَ مَا كَانَ رَبُّكَ مُهْلِكَ الْقُرٰى حَتّٰى یَبْعَثَ فِیْۤ اُمِّهَا رَسُوْلًا یَّتْلُوْا عَلَیْهِمْ اٰیٰتِنَاۚ-وَ مَا كُنَّا مُهْلِكِی الْقُرٰۤى اِلَّا وَ اَهْلُهَا ظٰلِمُوْنَ(۵۹)
اور تمہارا رب شہروں کو ہلاک نہیں کرتا جب تک ان کے اصل مرجع میں رسول نہ بھیجے (ف۱۵۰) جو ان پر ہماری آیتیں پڑھے (ف۱۵۱) اور ہم شہروں کو ہلاک نہیں کرتے مگر جبکہ ان کے ساکن ستمگار ہوں (ف۱۵۲)
ثم بين- سبحانه- مظهرا من مظاهر عدالته، وسنة من سننه التي كتبها على نفسه فقال- تعالى-: وَما كانَ رَبُّكَ مُهْلِكَ الْقُرى حَتَّى يَبْعَثَ فِي أُمِّها رَسُولًا يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آياتِنا ...والمراد ب أُمِّها أكبرها وأعظمها كمكة بالنسبة للجزيرة العربية.أى: إن حكمة الله- تعالى- وعدالته قد اقتصت، أن لا يهلك قرية من القرى التي كفر أهلها، حتى يبعث في كبرى تلك القرى وأصلها رسولا من رسله الكرام، يتلو على أهلها آياته، ويبلغهم دعوته، ويبين لهم الحق من الباطل.وحكمة إرسال الرسول في كبرى تلك القرى، لأنها المركز والعاصمة، التي تبلغ الرسالة إلى القرى التابعة لها، ولأنها في العادة- المكان المختار لسكنى وجهاء القوم ورؤسائهم.قال ابن كثير ما ملخصه: وفي هذه الآية دلالة على أن النبي صلّى الله عليه وسلّم المبعوث من أم القرى- وهي مكة-، رسول إلى جميع القرى من عرب وأعجام، كما قال- تعالى-:وَكَذلِكَ أَوْحَيْنا إِلَيْكَ قُرْآناً عَرَبِيًّا لِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرى وَمَنْ حَوْلَها..، وقال- تعالى-:قُلْ يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعاً. وثبت في الصحيحين أنه قال: بعثت إلى الأحمر والأسود، ولذا ختم به الرسالة والنبوة، فلا نبي بعده، ولا رسول، بل شرعه باق بقاء الليل والنهار إلى يوم القيامة، .وقوله- سبحانه-: وَما كُنَّا مُهْلِكِي الْقُرى إِلَّا وَأَهْلُها ظالِمُونَ معطوف على ما قبله. وهو قوله: وَما كانَ رَبُّكَ مُهْلِكَ الْقُرى ومؤكد له.أى: وما كنا في حال من الأحوال بمهلكى هذه القرى، إلا في حال ظلم أهلها لأنفسهم، عن طريق تكذيبهم لرسلنا وإعراضهم عن آياتنا، وإيثارهم الكفر على الإيمان.وشبيه بهذه الآية قوله- تعالى- وَما كانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرى بِظُلْمٍ وَأَهْلُها مُصْلِحُونَ.
وَ مَاۤ اُوْتِیْتُمْ مِّنْ شَیْءٍ فَمَتَاعُ الْحَیٰوةِ الدُّنْیَا وَ زِیْنَتُهَاۚ-وَ مَا عِنْدَ اللّٰهِ خَیْرٌ وَّ اَبْقٰىؕ-اَفَلَا تَعْقِلُوْنَ۠(۶۰)
اور جو کچھ چیز تمہیں دی گئی ہے اور دنیوی زندگی کا برتاوا اور اس کا سنگھارہے (ف۱۵۳) اور جواللہ کے پاس ہے (ف۱۵۴) اور وہ بہتر اور زیادہ باقی رہنے والا (ف۱۵۵) تو کیا تمہیں عقل نہیں (ف۱۵۶)
ثم بين- سبحانه- أن هذه الدنيا وما فيها من متاع، هي شيء زهيد وضئيل بالنسبة لما ادخره- عز وجل- لعباده الصالحين من خيرات، فقال: وَما أُوتِيتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَمَتاعُ الْحَياةِ الدُّنْيا وَزِينَتُها.أى: وما أعطيتموه- أيها الناس- من خير، وما أصبتموه من مال فهو متاع زائل من أعراض الحياة الدنيا الزائلة وحطامها الذي لا دوام له، ومهما كثر فهو إلى نفاد، ومهما طال فله نهاية، فأنتم تتمتعون بزينة الحياة الدنيا ثم تتركونها لغيركم.وَما عِنْدَ اللَّهِ- تعالى- من ثواب وعطاء جزيل في الآخرة، هو في نفسه خَيْرٌ وَأَبْقى لأن لذته خالصة من الشوائب والأكدار وبهجته لا تنتهي ولا تزول.أَفَلا تَعْقِلُونَ هذه التوجيهات الحكيمة، وتعملون بمقتضاها، فإن من شأن العقلاء أن يؤثروا الباقي على الفاني، والذي هو خير على الذي هو أدنى.
اَفَمَنْ وَّعَدْنٰهُ وَعْدًا حَسَنًا فَهُوَ لَاقِیْهِ كَمَنْ مَّتَّعْنٰهُ مَتَاعَ الْحَیٰوةِ الدُّنْیَا ثُمَّ هُوَ یَوْمَ الْقِیٰمَةِ مِنَ الْمُحْضَرِیْنَ(۶۱)
تو کیا وہ جسے ہم نے اچھا وعدہ دیا (ف۱۵۷) تو وہ اس سے ملے گا اس جیسا ہے جسے ہم نے دنیوی زندگی کا برتاؤ برتنے دیا پھر وہ قیامت کے دن گرفتار کرکے حاضر لایا جائے گا (ف۱۵۸)
ثم نفى- سبحانه- التسوية بين أهل الجنة وأهل النار بأبلغ أسلوب فقال: أَفَمَنْ وَعَدْناهُ وَعْداً حَسَناً فَهُوَ لاقِيهِ، كَمَنْ مَتَّعْناهُ مَتاعَ الْحَياةِ الدُّنْيا.فالاستفهام للإنكار ونفى المساواة بين الفريقين، والمراد بالوعد: الموعود به وهو الجنة ونعيمها.أى: إنه لا يستوي في عرف أى عاقل، حال المؤمنين الذين وعدناهم وعدا حسنا بالجنة ونعيمها، وهم سيظفرون بما وعدناهم به لا محالة، وحال أولئك الكافرين والفاسقين الذين متعناهم إلى حين بمتاع الدنيا الزائلة.وقوله- سبحانه-: ثُمَّ هُوَ يَوْمَ الْقِيامَةِ مِنَ الْمُحْضَرِينَ معطوف على مَتَّعْناهُ وداخل معه في حيز الصلة، ومؤكد لإنكار المساواة.أى: ثم هو هذا الذي متعناه بمتاع الحياة الدنيا الزائل، من المحضرين لعذابنا في النار، والمحضرين: جمع محضر. اسم مفعول من أحضره.وهذا التعبير يشعر بإحضاره إلى النار وهو مكره خائف، من العذاب المهين الذي أعدّ له، فالآية الكريمة قد نفت بأبلغ أسلوب- المساواة بين المؤمنين والكافرين.ثم حكى- سبحانه- جانبا من أقوال المشركين يوم القيامة، ومن أحوالهم السيئة، ورد أمرهم وأمر غيرهم إليه وحده- عز وجل- فقال:
وَ یَوْمَ یُنَادِیْهِمْ فَیَقُوْلُ اَیْنَ شُرَكَآءِیَ الَّذِیْنَ كُنْتُمْ تَزْعُمُوْنَ(۶۲)
اور جس دن انہیں ندا کرے گا (ف۱۵۹) تو فرمائے گا کہاں ہیں میرے وہ شریک جنہیں تم (ف۱۶۰) گمان کرتے تھے،
والظرف في قوله- سبحانه-: وَيَوْمَ يُنادِيهِمْ منصوب بفعل مقدر، ونداؤهم نداء إهانة وتحقير. والنداء صادر عن الله- تعالى-.أى: واذكر- أيها المخاطب- لتتعظ وتعتبر، حال أولئك الظالمين، يوم يناديهم الله- تعالى- فيقول لهم: أَيْنَ شُرَكائِيَ الَّذِينَ كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ أى: أين شركائى الذين كنتم في الدنيا تزعمونهم شركائى، لكي ينصروكم أو يدفعوا عنكم العذاب.فمفعولا تَزْعُمُونَ محذوفان، لدلالة الكلام عليهما. والمقصود بهذا الاستفهام أَيْنَ شُرَكائِيَ الخزي والفضيحة، إذ من المعلوم أنه لا شركاء لله- تعالى- لا في ذاته ولا في صفاته.
قَالَ الَّذِیْنَ حَقَّ عَلَیْهِمُ الْقَوْلُ رَبَّنَا هٰۤؤُلَآءِ الَّذِیْنَ اَغْوَیْنَاۚ-اَغْوَیْنٰهُمْ كَمَا غَوَیْنَاۚ-تَبَرَّاْنَاۤ اِلَیْكَ٘-مَا كَانُوْۤا اِیَّانَا یَعْبُدُوْنَ(۶۳)
کہیں گے وہ جن پر بات ثابت ہوچکی (ف۱۶۱) اے ہمارے رب یہ ہیں وہ جنہیں ہم نے گمراہ کیا، ہم نے انہیں گمراہ کیا جیسے خود گمراہ ہوئے تھے (ف۱۶۲) ہم ان سے بیزار ہوکر تیری طرف رجوع لاتے ہیں وہ ہم کو نہ پوجتے تھے (ف۱۶۳)
والمراد بالذين حق عليهم القول في قوله- تعالى-: قالَ الَّذِينَ حَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ ... رؤساؤهم في الكفر، ودعاتهم إليه كالشياطين، ومن يشبهونهم في التحريض على الضلال.أى قال: رؤساؤهم ودعاتهم إلى الكفر، الذين ثبت عليهم العذاب بسبب إصرارهم على الفسوق والجحود.رَبَّنا هؤُلاءِ الَّذِينَ أَغْوَيْنا أى: يا ربنا هؤلاء هم أتباعنا الذين أضللناهم.أَغْوَيْناهُمْ كَما غَوَيْنا أى: دعوناهم إلى الضلالة التي كنا عليها فأطاعونا فيما دعوناهم إليه.قال صاحب الكشاف ما ملخصه: قوله: هؤُلاءِ مبتدأ، والَّذِينَ أَغْوَيْنا صفته، والراجع إلى الموصول محذوف وأَغْوَيْناهُمْ الخبر. والكاف صفة لمصدر محذوف تقديره: أغويناهم فغووا غيا مثل ما غوينا، يعنون أنا لم نغو إلا باختيارنا، لا أن فوقنا مغوين أغوونا بقسر منهم وإلجاء. أودعونا إلى الغي وسولوه لنا، فهؤلاء كذلك غووا باختيارهم، لأن إغواءنا لهم، لم يكن إلا وسوسة وتسويلا. لا قسرا أو إلجاء «فلا فرق إذا بين غينا وغيهم..» .وقوله- سبحانه- تَبَرَّأْنا إِلَيْكَ ما كانُوا إِيَّانا يَعْبُدُونَ من كلام الرؤساء والشياطين، فهو مقرر لما قبله، ومؤكد له.أى: تبرأنا إليك منهم، ومن ادعائهم أننا أجبرناهم على الضلالة والغواية، والحق أنهم ما كانوا يعبدوننا، بل كانوا يعبدون ما سولته لهم أهواؤهم وشهواتهم الباطلة.فالآية الكريمة تحكى تبرؤ رءوس الكفر من أتباعهم يوم القيامة، ومن الآيات التي وردت في هذا المعنى قوله- تعالى-: وَقالَ الشَّيْطانُ لَمَّا قُضِيَ الْأَمْرُ إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدْتُكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَما كانَ لِي عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطانٍ إِلَّا أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي، فَلا تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنْفُسَكُمْ..وقوله- سبحانه-: وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ آلِهَةً لِيَكُونُوا لَهُمْ عِزًّا كَلَّا سَيَكْفُرُونَ بِعِبادَتِهِمْ وَيَكُونُونَ عَلَيْهِمْ ضِدًّا .
وَ قِیْلَ ادْعُوْا شُرَكَآءَكُمْ فَدَعَوْهُمْ فَلَمْ یَسْتَجِیْبُوْا لَهُمْ وَ رَاَوُا الْعَذَابَۚ-لَوْ اَنَّهُمْ كَانُوْا یَهْتَدُوْنَ(۶۴)
اور ان سے فرمایا جائے گا اپنے شریکوں کو پکارو (ف۱۶۴) تو وہ پکاریں گے تو وہ ان کی نہ سنیں گے اور دیکھیں گے عذاب، کیا اچھا ہوتا اگر وہ راہ پاتے (ف۱۶۵)
ثم وجه- سبحانه- إليهم توبيخا آخر فقال: وَقِيلَ ادْعُوا شُرَكاءَكُمْ فَدَعَوْهُمْ فَلَمْ يَسْتَجِيبُوا لَهُمْ وَرَأَوُا الْعَذابَ لَوْ أَنَّهُمْ كانُوا يَهْتَدُونَ.أى: وقيل لهؤلاء الكافرين على سبيل الفضيحة والتقريع: اطلبوا من شركائكم الذين توهمتم فيهم النفع والضر أن يشفعوا لكم، أو أن ينقذوكم مما أنتم فيه من عذاب، فطلبوا منهم ذلك لشدة حيرتهم وذلتهم فَلَمْ يَسْتَجِيبُوا لَهُمْ ولم يلتفتوا إليهم.وَرَأَوُا الْعَذابَ أى: ورأى الشركاء والمشركون العذاب ماثلا أمام أعينهم.ولَوْ في قوله: لَوْ أَنَّهُمْ كانُوا يَهْتَدُونَ شرطية، وجوابها محذوف. والتقدير:لو أنهم كانوا في الدنيا مهتدين إلى طريق الحق. لما أصابهم هذا العذاب المهين.ويجوز أن تكون للتمني فلا تحتاج إلى جواب، ويكون المعنى. ورأوا العذاب. فتمنوا أن لو كانوا ممن هداهم الله- تعالى- إلى الصراط المستقيم في الدنيا.
وَ یَوْمَ یُنَادِیْهِمْ فَیَقُوْلُ مَا ذَاۤ اَجَبْتُمُ الْمُرْسَلِیْنَ(۶۵)
اور جس دن انہیں ندا کرتے گا تو فرمائے گا (ف۱۶۶) تم نے رسولوں کو کیا جواب دیا (ف۱۶۷)
ثم وجه- سبحانه- إليهم نداء آخر لا يقل عن سابقه في فضيحتهم وتقريعهم فقال- تعالى-: ويوم يناديهم فيقول: ماذا أَجَبْتُمُ الْمُرْسَلِينَ.أى: واذكر- أيها العاقل- حال هؤلاء الكافرين يوم يناديهم المنادى من قبل الله- عز وجل- فيقول لهم: ما الذي أجبتم به رسلكم عند ما أمروكم بإخلاص العبادة لله- تعالى- ونهوكم عن الإشراك والكفر؟فالمقصود من السؤال الأول: توبيخهم على إشراكهم، والمقصود من السؤال الثاني، توبيخهم على تكذيبهم لرسلهم، ولذا وقفوا من هذه الأسئلة موقف الحائر المذهول المكروب، كما قال- تعالى-: فَعَمِيَتْ عَلَيْهِمُ الْأَنْباءُ يَوْمَئِذٍ فَهُمْ لا يَتَساءَلُونَ.
فَعَمِیَتْ عَلَیْهِمُ الْاَنْۢبَآءُ یَوْمَىٕذٍ فَهُمْ لَا یَتَسَآءَلُوْنَ(۶۶)
تو اس دن ان پر خبریں اندھی ہوجائیں گی (ف۱۶۸) تو وہ کچھ پوجھ گچھ نہ کریں گے (ف۱۶۹)
أى: فخفيت عليهم الحجج التي يجيبون بها على هذه الأسئلة، وصاروا لفرط دهشتهم وذهولهم عاجزين عن أن يسأل بعضهم بعضا عن الإجابة.وعدى فَعَمِيَتْ بعلى، لتضمنه معنى الخفاء قال- سبحانه- فَعَمِيَتْ عَلَيْهِمُ الْأَنْباءُ ولم يقل: فعموا عن الأنباء، للمبالغة في بيان ذهولهم وصمتهم المطبق في ذلك اليوم العسير، حتى لكأنما الأنباء والأخبار عمياء لا تصل إليهم، ولا تعرف شيئا عنهم.والتعبير بقوله- سبحانه- فَهُمْ لا يَتَساءَلُونَ يشعر بزيادة حيرتهم وفرط دهشتهم فهم جميعا قد صاروا في حالة من الإبلاس والحيرة، جعلتهم يتساوون في العجز والجهل.
فَاَمَّا مَنْ تَابَ وَ اٰمَنَ وَ عَمِلَ صَالِحًا فَعَسٰۤى اَنْ یَّكُوْنَ مِنَ الْمُفْلِحِیْنَ(۶۷)
تو وہ جس نے توبہ کی (ف۱۷۰) اور ایمان لایا (ف۱۷۱) اور اچھا کام کیا قریب ہے کہ وہ راہ یاب ہو،
وكعادة القرآن الكريم في الجمع بين حال الكافرين وحال المؤمنين، أتبع الحديث عن الكافرين، بالحديث عن المؤمنين فقال: فَأَمَّا مَنْ تابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صالِحاً فَعَسى هذا التائب المؤمن المواظب على الأعمال الصالحة أَنْ يَكُونَ مِنَ الْمُفْلِحِينَ أى من الفائزين بالمطلوب.قال ابن كثير: وعسى من الله- عز وجل- موجبة، فإن هذا واقع بفضل الله ومنّه- أى وعطائه- لا محالة .
وَ رَبُّكَ یَخْلُقُ مَا یَشَآءُ وَ یَخْتَارُؕ-مَا كَانَ لَهُمُ الْخِیَرَةُؕ-سُبْحٰنَ اللّٰهِ وَ تَعٰلٰى عَمَّا یُشْرِكُوْنَ(۶۸)
اور تمہارا رب پیدا کرتا ہے جو چاہے اور پسند فرماتا ہے (ف۱۷۲) ان کا (ف۱۷۳) کچھ اختیار نہیں، پاکی اور برتری ہے اللہ کو ان کے شرک سے،
ثم بين- سبحانه- أن مرد الأمور جميعها إليه، وأنه هو صاحب الخلق والأمر فقال:وَرَبُّكَ يَخْلُقُ ما يَشاءُ وَيَخْتارُ.أى: وربك- أيها الرسول الكريم- يخلق ما يشاء أن يخلقه، ويختار من يختار من عباده لحمل رسالته، ولتبليغ دعوته. لا يُسْئَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْئَلُونَ.وما في قوله- تعالى- ما كانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ نافية والخيرة من التخير وهي بمعنى الاختيار، والجملة مؤكدة لما قبلها من أنه- سبحانه- يخلق ما يشاء ويختار.أى: وربك وحده يخلق ما يشاء خلقه ويختار ما يشاء اختياره لشئون عباده، وما صح وما استقام لهؤلاء المشركين أن يختاروا شيئا لم يختره الله- تعالى- أو لم يرده، إذ كل شيء في هذا الوجود خاضع لإرادته وحده- عز وجل- ولا يملك أحد كائنا من كان أن يقترح عليه شيئا ولا أن يزيد أو ينقص في خلقه شيئا.وليس لهؤلاء المشركين أن يختاروا للنبوة أو لغيرها أحدا لم يختره الله- تعالى- لذلك، فالله- عز وجل- أعلم حيث يجعل رسالته.قال القرطبي ما ملخصه: قوله: ما كانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ أى: ليس يرسل من اختاروه هم.وقيل: يجوز أن تكون ما في موضع نصب بيختار، ويكون المعنى، ويختار الذي كان لهم فيه الخيرة.والصحيح الأول لإطباقهم الوقف على قوله وَيَخْتارُ، وما نفى عام لجميع الأشياء، أن يكون للعبد فيها شيء سوى اكتسابه بقدرة الله- عز وجل-.وقال الثعلبي: وما نفى، أى ليس لهم الاختيار على الله. وهذا أصوب، كقوله- تعالى: وَما كانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ.. .وقوله- تعالى-: سُبْحانَ اللَّهِ وَتَعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ تنزيه له- عز وجل- عن الشرك والشركاء.أى تنزه الله- تعالى- وتقدس بذاته وصفاته عن إشراك المشركين، وضلاك الضالين.
وَ رَبُّكَ یَعْلَمُ مَا تُكِنُّ صُدُوْرُهُمْ وَ مَا یُعْلِنُوْنَ(۶۹)
اور تمہارا رب جانتا ہے جو ان کے سینوں میں چھپا ہے (ف۱۷۴) اور جو ظاہر کرتے ہیں (ف۱۷۵)
ثم بين- سبحانه- أن علمه شامل لكل شيء فقال: وَرَبُّكَ يَعْلَمُ ما تُكِنُّ صُدُورُهُمْ وَما يُعْلِنُونَ.أى: وربك- أيها الرسول الكريم- يعلم علما تاما ما تخفيه صدور هؤلاء المشركين من أسرار، وما تعلنه من أقوال، وسيحاسبهم على كل ذلك حسابا لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها.
وَ هُوَ اللّٰهُ لَاۤ اِلٰهَ اِلَّا هُوَؕ-لَهُ الْحَمْدُ فِی الْاُوْلٰى وَ الْاٰخِرَةِ٘-وَ لَهُ الْحُكْمُ وَ اِلَیْهِ تُرْجَعُوْنَ(۷۰)
اور وہی ہے اللہ کہ کوئی خدا نہیں اس کے سوا اسی کی تعریف ہے دنیا (ف۱۷۶) اور آخرت میں اور اسی کا حکم ہے (ف۱۷۷) اور اسی کی طرف پھر جاؤ گے،
وَهُوَ اللَّهُ- سبحانه- لا إله إلا هو يستحق العبادة والخضوع لَهُ الْحَمْدُ فِي الْأُولى وَالْآخِرَةِ.أى: في الدنيا، وله الحمد- أيضا- في الآخرة، وله وحده الْحُكْمُ النافذ وَإِلَيْهِ وحده تُرْجَعُونَ للحساب لا إلى غيره.ثم أمر- سبحانه- نبيه صلّى الله عليه وسلّم أن يذكر الناس بمظاهر قدرته- سبحانه- في هذا الكون، وأن يوقظ مشاعرهم للتأمل في ظاهرتين كونيتين، هما الليل والنهار، فإن التدبر فيما اشتملتا عليه من تنظيم دقيق، من شأنه أن يبعث على الإيمان بقدرة موجدهما، وهو الله عز وجل. قال- تعالى-:
قُلْ اَرَءَیْتُمْ اِنْ جَعَلَ اللّٰهُ عَلَیْكُمُ الَّیْلَ سَرْمَدًا اِلٰى یَوْمِ الْقِیٰمَةِ مَنْ اِلٰهٌ غَیْرُ اللّٰهِ یَاْتِیْكُمْ بِضِیَآءٍؕ-اَفَلَا تَسْمَعُوْنَ(۷۱)
تم فرماؤ (ف۱۷۸) بھلا دیکھو تو اگر اللہ ہمیشہ تم پر قیامت تک رات رکھے (ف۱۷۹) تو اللہ کے سوا کون خدا ہے جو تمہیں روشنی لادے (ف۱۸۰) تو کیا تم سنتے نہیں (ف۱۸۱)
السرمد: الدائم الذي لا ينقطع، والمراد به هنا: دوام الزمان من ليل أو نهار.والمعنى: قل- أيها الرسول الكريم- للناس ليعتبروا ويتعظوا وينتبهوا إلى مظاهر قدرتنا ورحمتنا، أخبرونى ماذا كان يحصل لكم إن جعل الله- تعالى- عليكم الزمان ليلا دائما إلى يوم القيامة، مَنْ إِلهٌ غَيْرُ اللَّهِ- تعالى- يَأْتِيكُمْ بِضِياءٍ تبصرون عن طريقه عجائب هذا الكون، وتقضون فيه حوائجكم أَفَلا تَسْمَعُونَ ما أرشدناكم إليه سماع تدبر وتفهم واعتبار يهديكم إلى طاعة الله- تعالى- وشكره على نعمه.
قُلْ اَرَءَیْتُمْ اِنْ جَعَلَ اللّٰهُ عَلَیْكُمُ النَّهَارَ سَرْمَدًا اِلٰى یَوْمِ الْقِیٰمَةِ مَنْ اِلٰهٌ غَیْرُ اللّٰهِ یَاْتِیْكُمْ بِلَیْلٍ تَسْكُنُوْنَ فِیْهِؕ-اَفَلَا تُبْصِرُوْنَ(۷۲)
تم فرماؤ بھلا دیکھو تو اگر اللہ قیامت تک ہمیشہ دن رکھے (ف۱۸۲) تو اللہ کے سوا کون خدا ہے جو تمہیں رات لادے جس میں آرام کرو (ف۱۸۳) تو کیا تمہیں سوجھتا نہیں (ف۱۸۴)
ثم قال لهم: أخبرونى بعد ذلك، لو جعل الله- تعالى- عليكم الزمان ضياء دائما إلى يوم القيامة مَنْ إِلهٌ غَيْرُ اللَّهِ- تعالى- يَأْتِيكُمْ بِلَيْلٍ تَسْكُنُونَ فِيهِ أى: تستريحون فيه من عناء العمل والكد والتعب بالنهار أَفَلا تُبْصِرُونَ أى: أفلا تبصرون هذه الدلائل الساطعة الدالة على قدرة الله- تعالى- ورأفته بكم.إن دوام الزمان على هيئة واحدة من ليل أو نهار، يؤدى إلى اختلال الحياة، وعدم توفر أسباب المعيشة السليمة لكم، بل ربما أدى إلى هلاككم.إن المشاهد من أحوال الناس، أنهم مع وجود الليل لساعات محدودة، يشتاقون لطلوع الفجر، لقضاء مصالحهم، ومع وجود النهار لساعات محدودة- أيضا- يتطلعون إلى حلول الليل، ليستريحوا فيه من عناء العمل.وختم- سبحانه- الآية الأولى بقوله: أَفَلا تَسْمَعُونَ لأن حاسة السمع- فيما لو كان الليل سرمدا- هي أكثر الحواس استعمالا في تلك الحالة المفترضة، وختم الآية الثانية بقوله: أَفَلا تُبْصِرُونَ، لأن حاسة البصر- فيما لو كان النهار سرمدا- من أكثر الحواس استعمالا في هذه الحالة.قال صاحب الكشاف: فإن قلت: هلا قيل: بنهار تتصرفون فيه، كما قيل «بليل تسكنون فيه،؟قلت ذكر الضياء- هو ضوء الشمس- لأن المنافع التي تتعلق به متكاثرة، ليس التصرف في المعاش وحده، والظلام ليس بتلك المنزلة .
وَ مِنْ رَّحْمَتِهٖ جَعَلَ لَكُمُ الَّیْلَ وَ النَّهَارَ لِتَسْكُنُوْا فِیْهِ وَ لِتَبْتَغُوْا مِنْ فَضْلِهٖ وَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُوْنَ(۷۳)
اور اس نے اپنی مہر سے تمہارے لیے رات اور دن بنائے کہ رات میں آرام کرو اور دن میں اس کا فضل ڈھونڈو (ف۱۸۵) اور اس لیے کہ تم حق مانو (ف۱۸۶)
وقوله- سبحانه-: وَمِنْ رَحْمَتِهِ جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ، وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ بيان لمظاهر فضل الله- تعالى- على الناس، حيث جعل الليل والنهار على تلك الحالة التي يعيشون فيها.أى: ومن رحمته بكم- أيها الناس- أنه- سبحانه- لم يجعل زمان الليل سرمدا، ولا زمان النهار، بل جعلهما متعاقبين، وجعل لكل واحد منهما زمانا محددا مناسبا لمصالحكم ومنافعكم، فالليل تسكنون فيه وتريحون فيه أبدانكم، والنهار تنتشرون فيه لطلب الرزق من الله تعالى.وقد فعل- سبحانه- ذلك لمصلحتكم، كي تشكروه على نعمه، وتخلصوا له العبادة والطاعة.
وَ یَوْمَ یُنَادِیْهِمْ فَیَقُوْلُ اَیْنَ شُرَكَآءِیَ الَّذِیْنَ كُنْتُمْ تَزْعُمُوْنَ(۷۴)
اور جس دن انہیں ندا کرتے گا تو فرمائے گا، کہاں ہیں؟ میرے وہ شریک جو تم بکتے تھے،
وبعد هذا الحديث عن مشاهد الكون، عادت السورة- للمرة الثالثة- إلى الحديث عن أحوال المجرمين يوم القيامة، فقال- تعالى-: وَيَوْمَ يُنادِيهِمْ فَيَقُولُ أَيْنَ شُرَكائِيَ الَّذِينَ كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ.أى: كن متذكرا- أيها العاقل- لتعتبر وتتعظ، حال المجرمين يوم القيامة، يوم يناديهم الله- تعالى- على سبيل التقريع والتأنيب فيقول لهم: أين شركائى الذين كنتم في دنياكم تزعمون أنهم شركائى في العبادة والطاعة.إنهم لا وجود لهم إلا في عقولكم الجاهلة، وأفكاركم الباطلة، وتقاليدكم السقيمة.قال- تعالى-: وَلَقَدْ جِئْتُمُونا فُرادى كَما خَلَقْناكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ، وَتَرَكْتُمْ ما خَوَّلْناكُمْ وَراءَ ظُهُورِكُمْ، وَما نَرى مَعَكُمْ شُفَعاءَكُمُ الَّذِينَ زَعَمْتُمْ أَنَّهُمْ فِيكُمْ شُرَكاءُ، لَقَدْ تَقَطَّعَ بَيْنَكُمْ وَضَلَّ عَنْكُمْ ما كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ
وَ نَزَعْنَا مِنْ كُلِّ اُمَّةٍ شَهِیْدًا فَقُلْنَا هَاتُوْا بُرْهَانَكُمْ فَعَلِمُوْۤا اَنَّ الْحَقَّ لِلّٰهِ وَ ضَلَّ عَنْهُمْ مَّا كَانُوْا یَفْتَرُوْنَ۠(۷۵)
اور ہر گروہ میں سے ایک گواہ نکال کر (ف۱۸۷) فرمائیں گے اپنی دلیل لاؤ (ف۱۸۸) تو جان لیں گے کہ (ف۱۸۹) حق اللہ کا ہے اور ان سے کھوئی جائیں گی جو بناوٹیں کرتے تھے (ف۱۹۰)
وقوله- تعالى-: وَنَزَعْنا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيداً أى: أخرجنا بسرعة من كل أمة من الأمم شهيدا يشهد عليهم، والمراد به الرسول الذي أرسله- سبحانه- إلى تلك الأمة المشهود عليها. فَقُلْنا هاتُوا بُرْهانَكُمْ أى: فقلنا لهؤلاء المشركين- بعد أن شهد عليهم أنبياؤهم بأنهم قد بلغوهم رسالة الله- قلنا لهم: هاتوا برهانكم وأدلتكم على صحة ما كنتم عليه من شرك وكفر في الدنيا: والأمر هنا للتعجيز والإفضاح.ولذا عقب- سبحانه- عليهم بقوله: فَعَلِمُوا أَنَّ الْحَقَّ لِلَّهِ أى: فعجزوا عن الإتيان بالبرهان، وعلموا أن العبادة الحق إنما هي لله- تعالى- وحده. وَضَلَّ عَنْهُمْ ما كانُوا يَفْتَرُونَ أى: وغاب عنهم ما كانوا يفترونه في حياتهم، من أن معبوداتهم الباطلة ستشفع لهم يوم القيامة.وبعد هذا البيان المتنوع عن دعاوى المشركين والرد عليها، وعن أحوالهم يوم القيامة، وعن أحوال المؤمنين الصادقين.. بعد كل ذلك، ختم- سبحانه- قصة موسى- عليه السلام- التي جاء الحديث عنها في كثير من آيات هذه السورة- ختمها بقصة قارون الذي كان من قوم موسى- عليه السلام- فقال- تعالى-:
اِنَّ قَارُوْنَ كَانَ مِنْ قَوْمِ مُوْسٰى فَبَغٰى عَلَیْهِمْ۪-وَ اٰتَیْنٰهُ مِنَ الْكُنُوْزِ مَاۤ اِنَّ مَفَاتِحَهٗ لَتَنُوْٓاُ بِالْعُصْبَةِ اُولِی الْقُوَّةِۗ-اِذْ قَالَ لَهٗ قَوْمُهٗ لَا تَفْرَحْ اِنَّ اللّٰهَ لَا یُحِبُّ الْفَرِحِیْنَ(۷۶)
بیشک قارون موسیٰ کی قوم سے تھا (ف۱۹۱) پھر اس نے ان پر زیادتی کی اور ہم نے اس کو اتنے خزانے دیے جن کی کنجیاں ایک زور آور جماعت پر بھاری تھیں، جب اس سے اس کی قوم (ف۱۹۲) نے کہا اِترا نہیں (ف۱۹۳) بیشک اللہ اِترانے والوں کو دوست نہیں رکھتا،
قال القرطبي: قوله- تعالى-: إِنَّ قارُونَ كانَ مِنْ قَوْمِ مُوسى لما قال- تعالى-: وَما أُوتِيتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَمَتاعُ الْحَياةِ الدُّنْيا وَزِينَتُها بين أن قارون أوتيها واغتر بها. ولم تعصمه من عذاب الله، كما لم تعصم فرعون ولستم- أيها المشركون- بأكثر عددا ومالا من قارون وفرعون، فلم ينفع فرعون جنوده وأمواله، ولم ينفع قارون قرابته من موسى ولا كنوزه.قال النخعي وقتادة وغيرهما: كان قارون ابن عم موسى.. وقيل كان ابن خالته.. .وقوله فَبَغى عَلَيْهِمْ من البغي وهو مجاوزة الحد في كل شيء. يقال: بغى فلان على غيره بغيا، إذا ظلمه واعتدى عليه. وأصله من بغى الجرح، إذا ترامى إليه الفساد.والمعنى: إن قارون كان من قوم موسى، أى: من بنى إسرائيل الذين أرسل إليهم موسى كما أرسل إلى فرعون وقومه.فَبَغى عَلَيْهِمْ أى: فتطاول عليهم، وتجاوز الحدود في ظلمهم وفي الاعتداء عليهم.ولم يحدد القرآن كيفية بغيه أو الأشياء التي بغى عليهم فيها، للإشارة إلى أن بغيه قد شمل كل ما من شأنه أن يسمى بغيا من أقوال أو أفعال.وقوله- تعالى-: وَآتَيْناهُ مِنَ الْكُنُوزِ ما إِنَّ مَفاتِحَهُ لَتَنُوأُ بِالْعُصْبَةِ أُولِي الْقُوَّةِ بيان لما أعطى الله- تعالى- لقارون من نعم.والكنوز: جمع كنز وهو المال الكثير المدخر، وما موصولة. وهي المفعول الثاني لآتينا.وصلتها إِنَّ وما في حيزها. وقوله: مَفاتِحَهُ جمع مفتح- بكسر الميم وفتح التاء- وهو الآلة التي يفتح بها- أو جمع مفتح- بفتح الميم والتاء- بمعنى الخزائن التي تجمع فيها الأموال.وهو- أى لفظ مفاتحه- اسم إن، والخبر: لَتَنُوأُ بِالْعُصْبَةِ أُولِي الْقُوَّةِ.وقوله لَتَنُوأُ. أى لتعجز أو لتثقل. يقال: ناء فلان بحمل هذا الشيء، إذا أثقله حمله وأتعبه: والباء في قوله بِالْعُصْبَةِ للتعدية والعصبة: الجماعة من الناس من غير تعيين بعدد معين، سموا بذلك لأنهم يتعصب بعضهم لبعض ومنهم من خصها في العرف، بالعشرة إلى الأربعين.والمعنى: وآتينا قارون- بقدرتنا وفضلنا- من الأموال الكثيرة، ما يثقل حمل مفاتح خزائنها، العصبة من الرجال الأقوياء، بحيث تجعلهم شبه عاجزين عن حملها.قال صاحب الكشاف: وقد بولغ في ذكر ذلك- أى في كثرة أمواله- بلفظ الكنوز، والمفاتح، والنوء، والعصبة، وأولى القوة .والمراد بالفرح في قوله- سبحانه-: إِذْ قالَ لَهُ قَوْمُهُ لا تَفْرَحْ: البطر والأشر والتفاخر على الناس، والاستخفاف بهم واستعمال نعم الله- تعالى- في السيئات والمعاصي.وجملة: إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ تعليل للنهى عن الفرح المذموم.أى: لقد أعطى الله- تعالى- قارون نعما عظيمة، فلم يشكر الله عليها، بل طغى وبغى، فقال له العقلاء من قومه: لا تفرح بهذا المال الذي بين يديك فرح البطر الفخور، المستعمل لنعم الله في الفسوق والمعاصي، فإن الله- تعالى- لا يحب من كان كذلك.
وَ ابْتَغِ فِیْمَاۤ اٰتٰىكَ اللّٰهُ الدَّارَ الْاٰخِرَةَ وَ لَا تَنْسَ نَصِیْبَكَ مِنَ الدُّنْیَا وَ اَحْسِنْ كَمَاۤ اَحْسَنَ اللّٰهُ اِلَیْكَ وَ لَا تَبْغِ الْفَسَادَ فِی الْاَرْضِؕ-اِنَّ اللّٰهَ لَا یُحِبُّ الْمُفْسِدِیْنَ(۷۷)
اور جو مال تجھے اللہ نے دیا ہے اس سے آخرت کا گھر طلب کر (ف۱۹۴) اور دنیا میں اپنا حصہ نہ بھول (ف۱۹۵) اور احسان کر (ف۱۹۶) جیسا اللہ نے تجھ پر احسان کیا اور (ف۱۹۷) زمیں میں فساد نہ چاه بے شک اللہ فسادیوں کو دوست نہیں رکھتا،
ثم قالوا له- أيضا- على سبيل النصح والإرشاد: وَابْتَغِ فِيما آتاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ أى: واطلب فيما أعطاك الله- تعالى- من أموال عظيمة، ثواب الدار الآخرة، عن طريق إنفاق جزء من مالك في وجوه الخير، كالإحسان إلى الفقراء والمحتاجين.وَلا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيا أى: اجعل مالك زادا لآخرتك، ولا تترك التنعم بنعم الله في دنياك، فإن لربك عليك حقا، ولنفسك عليك حقا، ولأهلك عليك حقا، ولضيفك عليك حقا، فأعط كل ذي حق حقه.وَأَحْسِنْ كَما أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ أى: وأحسن إلى عباد الله بأن تترك البغي عليهم، وتعطيهم حقوقهم. مثل ما أحسن الله إليك بنعم كثيرة.وَلا تَبْغِ الْفَسادَ فِي الْأَرْضِ أى: ولا تطلب الفساد في الأرض عن طريق البغي والظلم إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ كما أنه- سبحانه- لا يحب الفرحين المختالين.وهكذا ساق العقلاء من قوم قارون النصائح الحكيمة له، والتي من شأن من اتبعها أن ينال السعادة في دنياه وأخراه.
قَالَ اِنَّمَاۤ اُوْتِیْتُهٗ عَلٰى عِلْمٍ عِنْدِیْؕ-اَوَ لَمْ یَعْلَمْ اَنَّ اللّٰهَ قَدْ اَهْلَكَ مِنْ قَبْلِهٖ مِنَ الْقُرُوْنِ مَنْ هُوَ اَشَدُّ مِنْهُ قُوَّةً وَّ اَكْثَرُ جَمْعًاؕ-وَ لَا یُسْــٴَـلُ عَنْ ذُنُوْبِهِمُ الْمُجْرِمُوْنَ(۷۸)
بو لا یہ (ف۱۹۸) تو مجھے ایک علم سے ملا ہے جو میرے پاس ہے (ف۱۹۹) اور کیا اسے یہ نہیں معلوم کہ اللہ نے اس سے پہلے وہ سنگتیں (قومیں) ہلاک فرمادیں جن کی قوتیں اس سے سخت تھیں اور جمع اس سے زیادہ (ف۲۰۰) اور مجرموں سے ان کے گناہوں کی پوچھ نہیں (ف۲۰۱)
ولكن قارون قابل هذه النصائح، بالغرور وبالإصرار على الفساد والجحود فقال كما حكى القرآن عنه إِنَّما أُوتِيتُهُ عَلى عِلْمٍ عِنْدِي.أى: قال قارون في الرد على ناصحيه: إن هذا المال الكثير الذي تحت يدي، إنما أوتيته بسبب علمي وجدي واجتهادي.. فكيف تطلبون منى أن أتصرف بمقتضى نصائحكم؟ لا. لن أتبع تلك النصائح التي وجهتموها إلى، فإن هذا المال مالي ولا شأن لكم بتصرفى فيه، كما أنه لا شأن لكم بتصرفاتى الخاصة، ولا بسلوكى في حياتي التي أملكها.وهذا القول يدل على أن قارون، كان قد بلغ الذروة في الغرور والطغيان وجحود النعمة.ولذا جاءه التهديد المصحوب بالسخرية منه ومن كنوزه، في قوله- تعالى-: أَوَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ قَدْ أَهْلَكَ مِنْ قَبْلِهِ مِنَ الْقُرُونِ مَنْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُ قُوَّةً وَأَكْثَرُ جَمْعاً.والمقصود بهذا الاستفهام التعجيب من حاله، والتأنيب له على جهله وغروره.أى: أبلغ الغرور والجهل بقارون أنه يزعم أن هذا المال الذي بين يديه جمعه بمعرفته واجتهاده، مع أنه يعلم- حق العلم عن طريق التوراة وغيرها، أن الله- تعالى- قد أهلك من قبله. من أهل القرون السابقة عليه من هو أشد منه في القوة، وأكثر منه في جمع المال واكتنازه.فالمقصود بالجملة الكريمة تهديده وتوبيخه على غروره وبطره.وقوله- سبحانه-: وَلا يُسْئَلُ عَنْ ذُنُوبِهِمُ الْمُجْرِمُونَ جملة حالية. أى: والحال أنه لا يسأل عن ذنوبهم المجرمون سؤال استعتاب واستعلام، لأن الله- تعالى- لا يخفى عليه شيء. وإنما يسألون- كما جاء في قوله- تعالى- فَوَ رَبِّكَ لَنَسْئَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ- سؤال توبيخ وإفضاح.فالمراد بالنفي في قوله- سبحانه- وَلا يُسْئَلُ.. سؤال الاستعلام والاستعتاب، والمراد بالإثبات في قوله: فَلَنَسْئَلَنَّ أو في قوله: فَوَ رَبِّكَ لَنَسْئَلَنَّهُمْ سؤال التقريع والتوبيخ.أو نقول: إن في يوم القيامة مواقف، فالمجرمون قد يسألون في موقف، ولا يسألون في موقف آخر، وبذلك يمكن الجمع بين الآيات التي تنفى السؤال والآيات التي تثبته.
فَخَرَ جَ عَلٰى قَوْمِهٖ فِیْ زِیْنَتِهٖؕ-قَالَ الَّذِیْنَ یُرِیْدُوْنَ الْحَیٰوةَ الدُّنْیَا یٰلَیْتَ لَنَا مِثْلَ مَاۤ اُوْتِیَ قَارُوْنُۙ-اِنَّهٗ لَذُوْ حَظٍّ عَظِیْمٍ(۷۹)
تو اپنی قومی پر نکلا اپنی آرائش میں (ف۲۰۲) بولے وہ جو دنیا کی زندگی چاہتے ہیں کسی طرح ہم کو بھی ایسا ملتا جیسا قارون کو ملا بیشک اس کا بڑا نصیب ہے،
ثم حكى القرآن بعد ذلك مظهرا آخر من مظاهر غرور قارون وبطره فقال: فَخَرَجَ عَلى قَوْمِهِ فِي زِينَتِهِ والجملة الكريمة معطوفة على قوله قبل ذلك قالَ إِنَّما أُوتِيتُهُ عَلى عِلْمٍ عِنْدِي وما بينهما اعتراض. والزينة: اسم ما يتزين به الإنسان من حلى أو ثياب أو ما يشبههما.أى: قال ما قال قارون على سبيل الفخر والخيلاء، ولم يكتف بهذا القول بل خرج على قومه في زينة عظيمة. وأبهة فخمة، فيها ما فيها من ألوان الرياش والخدم.وقد ذكر بعض المفسرين روايات متعددة، في زينته التي خرج فيها، رأينا أن نضرب عنها صفحا لضعفها، ويكفى أن نعلم أنها زينة فخمة، لأنه لم يرد نص في تفاصيلها.وأمام هذه الزينة الفخمة التي خرج فيها قارون، انقسم الناس إلى فريقين، فريق استهوته هذه الزينة، وتمنى أن يكون له مثلها، وقد عبر القرآن عن هذا الفريق بقوله:قالَ الَّذِينَ يُرِيدُونَ الْحَياةَ الدُّنْيا يا لَيْتَ لَنا مِثْلَ ما أُوتِيَ قارُونُ إِنَّهُ لَذُو حَظٍّ عَظِيمٍ.أى: خرج قارون على قومه في زينته، فما كان من الذين يريدون الحياة الدنيا وزخارفها من قومه، إلا أن قالوا على سبيل التمني والانبهار.. يا ليت لنا مثل ما أوتى قارون من مال وزينة ورياش، إنه لذو حظ عظيم، ونصيب ضخم، من متاع الدنيا وزينتها.هكذا قال الذين يريدون الحياة الدنيا. وهم الفريق الأول من قوم قارون. أما الفريق الثاني المتمثل في أصحاب الإيمان القوى، والعلم النافع، فقد قابلوا أصحاب هذا القول بالزجر والتعنيف، وقد حكى القرآن ذلك عنهم فقال: وَقالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَيْلَكُمْ، ثَوابُ اللَّهِ خَيْرٌ لِمَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صالِحاً وَلا يُلَقَّاها إِلَّا الصَّابِرُونَ.
وَ قَالَ الَّذِیْنَ اُوْتُوا الْعِلْمَ وَیْلَكُمْ ثَوَابُ اللّٰهِ خَیْرٌ لِّمَنْ اٰمَنَ وَ عَمِلَ صَالِحًاۚ-وَ لَا یُلَقّٰىهَاۤ اِلَّا الصّٰبِرُوْنَ(۸۰)
اور بولے وہ جنہیں علم دیا گیا (ف۲۰۳) خرابی ہو تمہاری، اللہ کا ثواب بہتر ہے اس کے لیے جو ایمان لائے اور اچھے کام کرے (ف۲۰۴) اور یہ انہیں کو ملتا ہے جو صبر والے ہیں (ف۲۰۵)
وكلمة وَيْلَكُمْ أصلها الدعاء بالهلاك، وهي منصوبة بمقدر. أى: ألزمكم الله الويل.ثم استعملت في الزجر والتعنيف والحض على ترك ما هو قبيح، وهذا الاستعمال هو المراد هنا.أى: وقال الذين أوتوا العلم النافع من قوم قارون. لمن يريدون الحياة الدنيا: كفوا عن قولكم هذا، واتركوا الرغبة في أن تكونوا مثله، فإن ثَوابُ اللَّهِ في الآخرة خَيْرٌ مما تمنيتموه، وهذا الثواب إنما هو لِمَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صالِحاً فلا تتمنوا عرض الدنيا الزائل.وهذه المثوبة العظمى التي أعدها الله- تعالى- لمن آمن وعمل صالحا وَلا يُلَقَّاها أى: لا يظفر بها، ولا يوفق للعمل لها إِلَّا الصَّابِرُونَ على طاعة الله- تعالى- وعلى ترك المعاصي والشهوات.قال صاحب الكشاف: والراجع في وَلا يُلَقَّاها للكلمة التي تكلم بها العلماء، أو للثواب، لأنه في معنى المثوبة أو الجنة، أو للسيرة والطريقة وهي الإيمان والعمل الصالح .
- English | Ahmed Ali
- Urdu | Ahmed Raza Khan
- Turkish | Ali-Bulaç
- German | Bubenheim Elyas
- Chinese | Chineese
- Spanish | Cortes
- Dutch | Dutch
- Portuguese | El-Hayek
- English | English
- Urdu | Fateh Muhammad Jalandhry
- French | French
- Hausa | Hausa
- Indonesian | Indonesian-Bahasa
- Italian | Italian
- Korean | Korean
- Malay | Malay
- Russian | Russian
- Tamil | Tamil
- Thai | Thai
- Farsi | مکارم شیرازی
- العربية | التفسير الميسر
- العربية | تفسير الجلالين
- العربية | تفسير السعدي
- العربية | تفسير ابن كثير
- العربية | تفسير الوسيط لطنطاوي
- العربية | تفسير البغوي
- العربية | تفسير القرطبي
- العربية | تفسير الطبري
- English | Arberry
- English | Yusuf Ali
- Dutch | Keyzer
- Dutch | Leemhuis
- Dutch | Siregar
- Urdu | Sirat ul Jinan