READ

Surah al-Qamar

اَلْقَمَر
55 Ayaat    مکیۃ


54:0
بِسْمِ اللّٰهِ الرَّحْمٰنِ الرَّحِیْمِ
اللہ کے نام سے شروع جو بہت مہربان رحمت والا

القول في تأويل الاستعاذةتأويل قوله : ( أعوذ ) .قال أبو جعفر : والاستعاذة : الاستجارة . وتأويل قول القائل : ( أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ) أستجير بالله - دون غيره من سائر خلقه - من الشيطان أن يضرني في ديني ، أو يصدني عن حق يلزمني لربي .تأويل قوله : ( من الشيطان )قال أبو جعفر : والشيطان ، في كلام العرب : كل متمرد من الجن والإنس والدواب وكل شيء . وكذلك قال ربنا جل ثناؤه : ( وكذلك جعلنا لكل نبي عدوا شياطين الإنس والجن ) [ سورة الأنعام : 112 ] ، فجعل من الإنس شياطين ، مثل الذي جعل من الجن .وقال عمر بن الخطاب رحمة الله عليه ، وركب برذونا فجعل يتبختر به ، فجعل يضربه فلا يزداد إلا تبخترا ، فنزل عنه ، وقال : ما حملتموني إلا على شيطان! ما نزلت عنه حتى أنكرت نفسي .136 - حدثنا بذلك يونس بن عبد الأعلى ، قال : أنبأنا ابن وهب ، قال : أخبرني هشام بن سعد ، عن زيد بن أسلم ، عن أبيه ، عن عمر .قال أبو جعفر : وإنما سمي المتمرد من كل شيء شيطانا ، لمفارقة أخلاقه وأفعاله أخلاق سائر جنسه وأفعاله ، وبعده من الخير . وقد قيل : إنه أخذ من [ ص: 112 ] قول القائل : شطنت داري من دارك - يريد بذلك : بعدت . ومن ذلك قول نابغة بني ذبيان :نأت بسعاد عنك نوى شطون فبانت والفؤاد بها رهينوالنوى : الوجه الذي نوته وقصدته . والشطون : البعيد . فكأن الشيطان - على هذا التأويل - فيعال من شطن . ومما يدل على أن ذلك كذلك ، قول أمية بن أبي الصلت :أيما شاطن عصاه عكاه ثم يلقى في السجن والأكبالولو كان فعلان ، من شاط يشيط ، لقال : أيما شائط ، ولكنه قال : أيما شاطن ، لأنه من "شطن يشطن ، فهو شاطن" .تأويل قوله : ( الرجيم ) .وأما الرجيم فهو : فعيل بمعنى مفعول ، كقول القائل : كف خضيب ، ولحية دهين ، ورجل لعين ، يريد بذلك : مخضوبة ومدهونة وملعون . وتأويل الرجيم : الملعون المشتوم . وكل مشتوم بقول رديء أو سب فهو مرجوم . وأصل الرجم الرمي ، بقول كان أو بفعل . ومن الرجم بالقول قول أبي إبراهيم لإبراهيم صلوات الله عليه : ( لئن لم تنته لأرجمنك ) [ سورة مريم : 46 ] .وقد يجوز أن يكون قيل للشيطان رجيم ، لأن الله جل ثناؤه طرده من سماواته ، ورجمه بالشهب الثواقب [ ص: 113 ]وقد روي عن ابن عباس ، أن أول ما نزل جبريل على النبي صلى الله عليه وسلم علمه الاستعاذة .137 - حدثنا أبو كريب ، قال : حدثنا عثمان بن سعيد ، قال : حدثنا بشر بن عمارة ، قال : حدثنا أبو روق ، عن الضحاك ، عن عبد الله بن عباس ، قال : أول ما نزل جبريل على محمد قال : "يا محمد استعذ ، قل : أستعيذ بالسميع العليم من الشيطان الرجيم " ، ثم قال : قل : "بسم الله الرحمن الرحيم " ، ثم قال : ( اقرأ باسم ربك الذي خلق ) [ العلق : 1 ] . قال عبد الله : وهي أول سورة أنزلها الله على محمد بلسان جبريل .فأمره أن يتعوذ بالله دون خلقه .القول في تأويل بسم الله الرحمن الرحيمالقول في تأويل قوله : ( بسم )قال أبو جعفر : إن الله تعالى ذكره وتقدست أسماؤه أدب نبيه محمدا صلى الله عليه وسلم بتعليمه تقديم ذكر أسمائه الحسنى أمام جميع أفعاله ، ، وتقدم إليه في وصفه بها قبل جميع مهماته ، وجعل ما أدبه به من ذلك وعلمه إياه ، منه لجميع خلقه سنة يستنون بها ، وسبيلا يتبعونه عليها ، فبه افتتاح أوائل منطقهم ، وصدور رسائلهم وكتبهم وحاجاتهم ، حتى أغنت دلالة ما ظهر من قول القائل : "بسم الله " ، على ما بطن من مراده الذي هو محذوف .وذلك أن الباء من "بسم الله " مقتضية فعلا يكون لها جالبا ، ولا فعل معها ظاهر ، فأغنت سامع القائل "بسم الله " معرفته بمراد قائله ، عن إظهار قائل ذلك مراده قولا إذ كان كل ناطق به عند افتتاحه أمرا ، قد أحضر منطقه به - إما معه ، وإما قبله بلا فصل - ما قد أغنى سامعه عن دلالة شاهدة على الذي من أجله افتتح قيله به . فصار استغناء سامع ذلك منه عن إظهار ما حذف منه ، نظير استغنائه - إذا سمع قائلا قيل له : ما أكلت اليوم ؟ فقال : "طعاما " - عن أن يكرر المسئول مع قوله "طعاما " ، أكلت ، لما قد ظهر لديه من الدلالة على أن ذلك معناه ، بتقدم مسألة السائل إياه عما أكل . فمعقول إذا أن قول [ ص: 115 ] القائل إذا قال : "بسم الله الرحمن الرحيم " ثم افتتح تاليا سورة ، أن إتباعه "بسم الله الرحمن الرحيم " تلاوة السورة ، ينبئ عن معنى قوله : "بسم الله الرحمن الرحيم " ومفهوم به أنه مريد بذلك : أقرأ بسم الله الرحمن الرحيم . وكذلك قوله : "بسم الله " عند نهوضه للقيام أو عند قعوده وسائر أفعاله ، ينبئ عن معنى مراده بقوله "بسم الله " ، وأنه أراد بقيله "بسم الله " ، أقوم باسم الله ، وأقعد باسم الله . وكذلك سائر الأفعال .وهذا الذي قلنا في تأويل ذلك ، هو معنى قول ابن عباس الذي : -138 - حدثنا به أبو كريب ، قال : حدثنا عثمان بن سعيد ، قال : حدثنا بشر بن عمارة ، قال : حدثنا أبو روق ، عن الضحاك ، عن عبد الله بن عباس ، قال : إن أول ما نزل به جبريل على محمد ، قال : "يا محمد ، قل : أستعيذ بالسميع العليم من الشيطان الرجيم " ثم قال : "قل بسم الله الرحمن الرحيم " . قال : قال له جبريل : قل بسم الله يا محمد ، يقول : اقرأ بذكر الله ربك ، وقم واقعد بذكر الله .قال أبو جعفر : فإن قال لنا قائل : فإن كان تأويل قوله "بسم الله " ما وصفت ، والجالب الباء في "بسم الله " ما ذكرت ، فكيف قيل "بسم الله " ، بمعنى أقرأ باسم الله " ، أو أقوم أو أقعد باسم الله ؟ وقد علمت أن كل قارئ كتاب الله ، فبعون الله وتوفيقه قراءته ، وأن كل قائم أو قاعد أو فاعل فعلا فبالله قيامه وقعوده وفعله . وهلا - إذ كان ذلك كذلك - قيل " بالله الرحمن الرحيم " ولم يقل "بسم الله " ؟ فإن قول القائل : أقوم وأقعد بالله الرحمن الرحيم ، أو أقرأ بالله - أوضح معنى لسامعه من قوله "بسم الله " ، إذ كان قوله أقوم "أقوم أو أقعد باسم الله " ، يوهم سامعه أن قيامه وقعوده بمعنى غير الله .قيل له ، وبالله التوفيق : إن المقصود إليه من معنى ذلك غير ما توهمته في نفسك . وإنما معنى قوله "باسم الله " : أبدأ بتسمية الله وذكره قبل كل شيء ، [ ص: 116 ] أو أقرأ بتسميتي الله ، أو أقوم وأقعد بتسميتي الله وذكره - لا أنه يعني بقيله "بسم الله " : أقوم بالله ، أو أقرأ بالله ، فيكون قول القائل : أقرأ بالله ، أو أقوم أو أقعد بالله - أولى بوجه الصواب في ذلك من قوله "بسم الله " .فإن قال : فإن كان الأمر في ذلك على ما وصفت ، فكيف قيل : "بسم الله " وقد علمت أن الاسم اسم ، وأن التسمية مصدر من قولك سميت ؟قيل : إن العرب قد تخرج المصادر مبهمة على أسماء مختلفة ، كقولهم : أكرمت فلانا كرامة ، وإنما بناء مصدر "أفعلت " - إذا أخرج على فعله - "الإفعال " . وكقولهم : أهنت فلانا هوانا ، وكلمته كلاما . وبناء مصدر : "فعلت " التفعيل . ومن ذلك قول الشاعر :أكفرا بعد رد الموت عني وبعد عطائك المائة الرتاعايريد : إعطائك . ومنه قول الآخر :وإن كان هذا البخل منك سجية لقد كنت في طولي رجاءك أشعبايريد : في إطالتي رجاءك . ومنه قول الآخر :أظليم إن مصابكم رجلا أهدى السلام تحية ظلميريد : إصابتكم . والشواهد في هذا المعنى تكثر ، وفيما ذكرنا كفاية ، لمن وفق لفهمه . [ ص: 117 ]فإذ كان الأمر - على ما وصفنا ، من إخراج العرب مصادر الأفعال على غير بناء أفعالها - كثيرا ، وكان تصديرها إياها على مخارج الأسماء موجودا فاشيا ، فبين بذلك صواب ما قلنا من التأويل في قول القائل "بسم الله " ، أن معناه في ذلك عند ابتدائه في فعل أو قول : أبدأ بتسمية الله ، قبل فعلي ، أو قبل قولي .وكذلك معنى قول القائل عند ابتدائه بتلاوة القرآن : "بسم الله الرحمن الرحيم " ، إنما معناه : أقرأ مبتدئا بتسمية الله ، أو أبتدئ قراءتي بتسمية الله . فجعل "الاسم " مكان التسمية ، كما جعل الكلام مكان التكليم ، والعطاء مكان الإعطاء .وبمثل الذي قلنا من التأويل في ذلك ، روي الخبر عن عبد الله بن عباس .139 - حدثنا أبو كريب ، قال : حدثنا عثمان بن سعيد ، قال : حدثنا بشر بن عمارة ، قال : حدثنا أبو روق ، عن الضحاك ، عن عبد الله بن عباس ، قال : أول ما نزل جبريل على محمد صلى الله عليه وسلم قال : "يا محمد ، قل : أستعيذ بالسميع العليم من الشيطان الرجيم " ، ثم قال : "قل : بسم الله الرحمن الرحيم " .قال ابن عباس : "بسم الله " ، يقول له جبريل : يا محمد ، اقرأ بذكر الله ربك ، وقم واقعد بذكر الله .وهذا التأويل من ابن عباس ينبئ عن صحة ما قلنا - من أنه يراد بقول القائل مفتتحا قراءته : "بسم الله الرحمن الرحيم " : أقرأ بتسمية الله وذكره ، وأفتتح القراءة بتسمية الله ، بأسمائه الحسنى وصفاته العلى - ويوضح فساد قول من زعم أن معنى ذلك من قائله : بالله الرحمن الرحيم أول كل شيء ، مع أن العباد [ ص: 118 ] إنما أمروا أن يبتدئوا عند فواتح أمورهم بتسمية الله ، لا بالخبر عن عظمته وصفاته ، كالذي أمروا به من التسمية على الذبائح والصيد ، وعند المطعم والمشرب ، وسائر أفعالهم . وكذلك الذي أمروا به من تسميته عند افتتاح تلاوة تنزيل الله ، وصدور رسائلهم وكتبهم .ولا خلاف بين الجميع من علماء الأمة ، أن قائلا لو قال عند تذكيته بعض بهائم الأنعام "بالله " ، ولم يقل "بسم الله " ، أنه مخالف - بتركه قيل : "بسم الله " ما سن له عند التذكية من القول . وقد علم بذلك أنه لم يرد بقوله "بسم الله " "بالله " ، كما قال الزاعم أن اسم الله في قول الله : "بسم الله الرحمن الرحيم " هو الله . لأن ذلك لو كان كما زعم ، لوجب أن يكون القائل عند تذكيته ذبيحته "بالله " ، قائلا ما سن له من القول على الذبيحة . وفي إجماع الجميع على أن قائل ذلك تارك ما سن له من القول على ذبيحته - إذ لم يقل "بسم الله " - دليل واضح على فساد ما ادعى من التأويل في قول القائل : "بسم الله " ، أنه مراد به "بالله " ، وأن اسم الله هو الله .وليس هذا الموضع من مواضع الإكثار في الإبانة عن الاسم : أهو المسمى ، أم غيره ، أم هو صفة له ؟ فنطيل الكتاب به ، وإنما هذا موضع من مواضع الإبانة عن الاسم المضاف إلى الله : أهو اسم ، أم مصدر بمعنى التسمية ؟ [ ص: 119 ] فإن قال قائل : فما أنت قائل في بيت لبيد بن ربيعة :إلى الحول ، ثم اسم السلام عليكما ، ومن يبك حولا كاملا فقد اعتذرفقد تأوله مقدم في العلم بلغة العرب ، أنه معني به : ثم السلام عليكما ، وأن اسم السلام هو السلام ؟قيل له : لو جاز ذلك وصح تأويله فيه على ما تأول ، لجاز أن يقال : رأيت اسم زيد ، وأكلت اسم الطعام ، وشربت اسم الشراب; وفي إجماع جميع العرب على إحالة ذلك ما ينبئ عن فساد تأويل من تأول قول لبيد : "ثم اسم السلام [ ص: 120 ] عليكما " ، أنه أراد : ثم السلام عليكما ، وادعائه أن إدخال الاسم في ذلك وإضافته إلى السلام إنما جاز ، إذ كان اسم المسمى هو المسمى بعينه .ويسأل القائلون قول من حكينا قوله هذا ، فيقال لهم : أتستجيزون في العربية أن يقال : "أكلت اسم العسل " ، يعني بذلك : أكلت العسل ، كما جاز عندكم : اسم السلام عليك ، وأنتم تريدون : السلام عليك ؟فإن قالوا : نعم ! خرجوا من لسان العرب ، وأجازوا في لغتها ما تخطئه جميع العرب في لغتها . وإن قالوا : لا ؛ سئلوا الفرق بينهما . فلن يقولوا في أحدهما قولا إلا ألزموا في الآخر مثله .فإن قال لنا قائل : فما معنى قول لبيد هذا عندك ؟قيل له : يحتمل ذلك وجهين ، كلاهما غير الذي قاله من حكينا قوله .أحدهما : أن "السلام " اسم من أسماء الله ، فجائز أن يكون لبيد عنى بقوله : "ثم اسم السلام عليكما " ، ثم الزما اسم الله وذكره بعد ذلك ، ودعا ذكري والبكاء علي; على وجه الإغراء . فرفع الاسم ، إذ أخر الحرف الذي يأتي بمعنى الإغراء . وقد تفعل العرب ذلك ، إذا أخرت الإغراء وقدمت المغرى به ، وإن كانت قد تنصب به وهو مؤخر . ومن ذلك قول الشاعر :يا أيها المائح دلوي دونكا! إني رأيت الناس يحمدونكا!فأغرى ب "دونك " ، وهي مؤخرة ، وإنما معناه : دونك دلوي . فذلك قول لبيد :إلى الحول ثم اسم السلام عليكمايعني : عليكما اسم السلام ، أي : الزما ذكر الله ودعا ذكري والوجد بي ، لأن من بكى حولا على امرئ ميت فقد اعتذر . فهذا أحد وجهيه . [ ص: 121 ]والوجه الآخر منهما : ثم تسميتي الله عليكما ، كما يقول القائل للشيء يراه فيعجبه : "اسم الله عليك " يعوذه بذلك من السوء ، فكأنه قال : ثم اسم الله عليكما من السوء ، وكأن الوجه الأول أشبه المعنيين بقول لبيد .ويقال لمن وجه بيت لبيد هذا إلى أن معناه : ثم السلام عليكما ، أترى ما قلنا - من هذين الوجهين - جائزا ، أو أحدهما ، أو غير ما قلت فيه ؟فإن قال : لا ! أبان مقداره من العلم بتصاريف وجوه كلام العرب ، وأغنى خصمه عن مناظرته .وإن قال : بلى !قيل له : فما برهانك على صحة ما ادعيت من التأويل أنه الصواب ، دون الذي ذكرت أنه محتمله - من الوجه الذي يلزمنا تسليمه لك ؟ ولا سبيل إلى ذلك .وأما الخبر الذي : -140 - حدثنا به إسماعيل بن الفضل ، قال : حدثنا إبراهيم بن العلاء بن الضحاك وهو يلقب بزبريق قال : حدثنا إسماعيل بن عياش ، عن إسماعيل بن يحيى ، عن ابن أبي مليكة ، عمن حدثه ، عن ابن مسعود - ومسعر بن كدام ، عن عطية ، عن أبي سعيد - قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن عيسى ابن مريم أسلمته أمه إلى الكتاب ليعلمه ، فقال له المعلم : اكتب "بسم " فقال له عيسى : وما "بسم " ؟ فقال له المعلم : ما أدري ! فقال عيسى : الباء بهاء الله ، والسين : سناؤه ، والميم : مملكته . [ ص: 122 ]فأخشى أن يكون غلطا من المحدث ، وأن يكون أراد ب س م ، على سبيل ما يعلم المبتدئ من الصبيان في الكتاب حروف أبي جاد ، فغلط بذلك ، فوصله ، فقال : "بسم " ، لأنه لا معنى لهذا التأويل إذا تلي "بسم الله الرحمن الرحيم " ، على ما يتلوه القارئ في كتاب الله ، لاستحالة معناه على المفهوم به عند جميع العرب وأهل لسانها ، إذا حمل تأويله على ذلك .القول في تأويل قوله جل ثناؤه : ( الله ) .قال أبو جعفر : وأما تأويل قول الله تعالى ذكره "الله " ، فإنه على معنى ما روي لنا عن عبد الله بن عباس - : هو الذي يألهه كل شيء ، ويعبده كل خلق . [ ص: 123 ]141 - وذلك أن أبا كريب حدثنا ، قال : حدثنا عثمان بن سعيد ، قال : حدثنا بشر بن عمارة ، قال : حدثنا أبو روق ، عن الضحاك ، عن عبد الله بن عباس ، قال : "الله " ذو الألوهية والمعبودية على خلقه أجمعين .فإن قال لنا قائل : فهل لذلك في "فعل ويفعل " أصل كان منه بناء هذا الاسم ؟قيل : أما سماعا من العرب فلا ولكن استدلالا .فإن قال : وما دل على أن الألوهية هي العبادة ، وأن الإله هو المعبود ، وأن له أصلا في "فعل ويفعل " .قيل : لا تمانع بين العرب في الحكم لقول القائل - يصف رجلا بعبادة ، وبطلب ما عند الله جل ذكره : "تأله فلان " - بالصحة ولا خلاف . ومن ذلك قول رؤبة بن العجاج :لله در الغانيات المده سبحن واسترجعن من تألهييعني : من تعبدي وطلبي الله بعملي .ولا شك أن "التأله " ، التفعل من : "أله يأله " ، وأن معنى "أله " - إذا نطق به : - عبد الله . وقد جاء منه مصدر يدل على أن العرب قد نطقت منه ب "فعل يفعل " بغير زيادة .142 - وذلك ما حدثنا به سفيان بن وكيع ، قال حدثنا أبي ، عن نافع بن عمر ، عن عمرو بن دينار ، عن ابن عباس : أنه قرأ " ويذرك وآلهتك " سورة الأعراف : 127 قال : عبادتك ، ويقال : إنه كان يعبد ولا يعبد . [ ص: 124 ]143 - حدثنا سفيان ، قال : حدثنا ابن عيينة ، عن عمرو بن دينار ، عن محمد بن عمرو بن الحسن ، عن ابن عباس : ( ويذرك وآلهتك ) ، قال : إنما كان فرعون يعبد ولا يعبدوكذلك كان عبد الله يقرؤها ومجاهد .144 - حدثنا القاسم قال : حدثنا الحسين بن داود ، قال : أخبرني حجاج ، عن ابن جريج ، عن مجاهد : قوله " ويذرك وآلهتك " قال : وعبادتك ولا شك أن الإلاهة - على ما فسره ابن عباس ومجاهد - مصدر من قول القائل : أله الله فلان إلاهة ، كما يقال : عبد الله فلان عبادة ، وعبر الرؤيا عبارة . فقد بين قول ابن عباس ومجاهد هذا : أن "أله " عبد ، وأن "الإلاهة " مصدره .فإن قال : فإن كان جائزا أن يقال لمن عبد الله : ألهه - على تأويل قول ابن عباس ومجاهد - فكيف الواجب في ذلك أن يقال ، إذا أراد المخبر الخبر عن استيجاب الله ذلك على عبده ؟ [ ص: 125 ]قيل : أما الرواية فلا رواية فيه عندنا ، ولكن الواجب - على قياس ما جاء به الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي : -145 - حدثنا به إسماعيل بن الفضل ، حدثنا إبراهيم بن العلاء ، قال : حدثنا إسماعيل بن عياش ، عن إسماعيل بن يحيى ، عن ابن أبي مليكة ، عمن حدثه عن ابن مسعود - ومسعر بن كدام ، عن عطية العوفي ، عن أبي سعيد - قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن عيسى أسلمته أمه إلى الكتاب ليعلمه فقال له المعلم اكتب "الله " فقال له عيسى : "أتدري ما الله ؟ الله إله الآلهة " .- أن يقال ، الله جل جلاله أله العبد ، والعبد ألهه . وأن يكون قول القائل "الله " - من كلام العرب أصله "الإله " .فإن قال : وكيف يجوز أن يكون ذلك كذلك ، مع اختلاف لفظيهما ؟قيل : كما جاز أن يكون قوله : ( لكنا هو الله ربي ) [ سورة الكهف : 38 ] أصله : لكن أنا ، هو الله ربي ، كما قال الشاعر :وترمينني بالطرف ، أي أنت مذنب وتقلينني ، لكن إياك لا أقلييريد : لكن أنا إياك لا أقلي ، فحذف الهمزة من "أنا " فالتقت نون "أنا " "ونون "لكن " وهي ساكنة ، فأدغمت في نون "أنا " فصارتا نونا مشددة . فكذلك "الله " أصله "الإله " ، أسقطت الهمزة التي هي فاء الاسم ، فالتقت اللام التي هي عين الاسم ، واللام الزائدة التي دخلت مع الألف الزائدة وهي ساكنة ، فأدغمت في [ ص: 126 ] الأخرى التي هي عين الاسم ، فصارتا في اللفظ لاما واحدة مشددة ، كما وصفنا من قول الله ( لكنا هو الله ربي ) .القول في تأويل قوله جل ثناؤه : ( الرحمن الرحيم ) .قال أبو جعفر : وأما " الرحمن " ، فهو فعلان ، من رحم ، و "الرحيم " فعيل منه . والعرب كثيرا ما تبني الأسماء من "فعل يفعل " على "فعلان " ، كقولهم من غضب : غضبان ، ومن سكر : سكران ، ومن عطش : عطشان . فكذلك قولهم "رحمن " من رحم ، لأن "فعل " منه : رحم يرحم . وقيل "رحيم " ، وإن كانت عين "فعل " منها مكسورة ، لأنه مدح . ومن شأن العرب أن يحملوا أبنية الأسماء - إذا كان فيها مدح أو ذم - على "فعيل " ، وإن كانت عين "فعل " منها مكسورة أو مفتوحة ، كما قالوا من "علم " عالم وعليم ، ومن "قدر " قادر وقدير . وليس ذلك منها بناء على أفعالها ، لأن البناء من "فعل يفعل " و "فعل يفعل " فاعل . فلو كان "الرحمن والرحيم " خارجين على بناء أفعالهما لكانت صورتهما "الراحم " .فإن قال قائل : فإذا كان الرحمن والرحيم اسمين مشتقين من الرحمة ، فما وجه تكرير ذلك ، وأحدهما مؤد عن معنى الآخر ؟قيل له : ليس الأمر في ذلك على ما ظننت ، بل لكل كلمة منهما معنى لا تؤدي الأخرى منهما عنها .فإن قال : وما المعنى الذي انفردت به كل واحدة منهما ، فصارت إحداهما غير مؤدية المعنى عن الأخرى ؟قيل : أما من جهة العربية ، فلا تمانع بين أهل المعرفة بلغات العرب ، أن قول القائل : "الرحمن " - عن أبنية الأسماء [ ص: 127 ] من "فعل يفعل " - أشد عدولا من قوله "الرحيم " . ولا خلاف مع ذلك بينهم ، أن كل اسم كان له أصل في "فعل يفعل " - ثم كان عن أصله من "فعل يفعل " أشد عدولا - أن الموصوف به مفضل على الموصوف بالاسم المبني على أصله من "فعل يفعل " ، إذا كانت التسمية به مدحا أو ذما . فهذا ما في قول القائل "الرحمن " ، من زيادة المعنى على قوله "الرحيم " في اللغة .وأما من جهة الأثر والخبر ، ففيه بين أهل التأويل اختلاف : -146 - فحدثني السري بن يحيى التميمي ، قال : حدثنا عثمان بن زفر ، قال : سمعت العرزمي يقول : "الرحمن الرحيم " ، قال : الرحمن بجميع الخلق ، "الرحيم" قال : بالمؤمنين .147 - حدثنا إسماعيل بن الفضل ، قال : حدثنا إبراهيم بن العلاء ، قال : حدثنا إسماعيل بن عياش ، عن إسماعيل بن يحيى ، عن ابن أبي مليكة ، عمن حدثه ، عن ابن مسعود - ومسعر بن كدام ، عن عطية العوفي ، عن أبي سعيد - يعني الخدري - قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن عيسى ابن مريم قال : الرحمن رحمن الآخرة والدنيا ، والرحيم رحيم الآخرة " .فهذان الخبران قد أنبآ عن فرق ما بين تسمية الله جل ثناؤه باسمه الذي هو "رحمن " ، وتسميته باسمه الذي هو "رحيم " ، واختلاف معنى الكلمتين - وإن اختلفا في معنى ذلك الفرق ، فدل أحدهما على أن ذلك في الدنيا ، ودل الآخر على أنه في الآخرة .فإن قال : فأي هذين التأويلين أولى عندك بالصحة ؟ [ ص: 128 ]قيل : لجميعهما عندنا في الصحة مخرج ، فلا وجه لقول قائل : أيهما أولى بالصحة ؟ وذلك أن المعنى الذي في تسمية الله بالرحمن ، دون الذي في تسميته بالرحيم : هو أنه بالتسمية بالرحمن موصوف بعموم الرحمة جميع خلقه ، وأنه بالتسمية بالرحيم موصوف بخصوص الرحمة بعض خلقه ، إما في كل الأحوال ، وإما في بعض الأحوال . فلا شك - إذا كان ذلك كذلك - أن ذلك الخصوص الذي في وصفه بالرحيم لا يستحيل عن معناه ، في الدنيا كان ذلك أو في الآخرة ، أو فيهما جميعا .فإذا كان صحيحا ما قلنا من ذلك - وكان الله جل ثناؤه قد خص عباده المؤمنين في عاجل الدنيا بما لطف بهم من توفيقه إياهم لطاعته ، والإيمان به وبرسله ، واتباع أمره واجتناب معاصيه ، مما خذل عنه من أشرك به ، وكفر وخالف ما أمره به ، وركب معاصيه; وكان مع ذلك قد جعل ، جل ثناؤه ، ما أعد في آجل الآخرة في جناته من النعيم المقيم والفوز المبين ، لمن آمن به ، وصدق رسله ، وعمل بطاعته ، خالصا ، دون من أشرك وكفر به - كان بينا أن الله قد خص المؤمنين من رحمته في الدنيا والآخرة ، مع ما قد عمهم به والكفار في الدنيا من الإفضال والإحسان إلى جميعهم ، في البسط في الرزق ، وتسخير السحاب بالغيث ، وإخراج النبات من الأرض ، وصحة الأجسام والعقول ، وسائر النعم التي لا تحصى ، التي يشترك فيها المؤمنون والكافرون .فربنا جل ثناؤه رحمن جميع خلقه في الدنيا والآخرة ، ورحيم المؤمنين خاصة في الدنيا والآخرة . فأما الذي عم جميعهم به في الدنيا من رحمته فكان رحمانا لهم به ، فما ذكرنا مع نظائره التي لا سبيل إلى إحصائها لأحد من خلقه ، كما قال جل ثناؤه : ( وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها ) [ سورة إبراهيم : 34 ، وسورة النحل : 18 ] .وأما في الآخرة ، فالذي عم جميعهم به فيها من رحمته ، فكان لهم رحمانا ، تسويته [ ص: 129 ] بين جميعهم جل ذكره في عدله وقضائه ، فلا يظلم أحدا منهم مثقال ذرة ، وإن تك حسنة يضاعفها ويؤت من لدنه أجرا عظيما ، وتوفى كل نفس ما كسبت . فذلك معنى عمومه في الآخرة جميعهم برحمته ، الذي كان به رحمانا في الآخرة .وأما ما خص به المؤمنين في عاجل الدنيا من رحمته ، الذي كان به رحيما لهم فيها ، كما قال جل ذكره : ( وكان بالمؤمنين رحيما ) [ سورة الأحزاب : 43 ] فما وصفنا من اللطف لهم في دينهم ، فخصهم به ، دون من خذله من أهل الكفر به .وأما ما خصهم به في الآخرة ، فكان به رحيما لهم دون الكافرين ، فما وصفنا آنفا مما أعد لهم دون غيرهم من النعيم ، والكرامة التي تقصر عنها الأماني .وأما القول الآخر في تأويله فهو ما : -148 - حدثنا به أبو كريب ، قال : حدثنا عثمان بن سعيد ، قال : حدثنا بشر بن عمارة ، قال : حدثنا أبو روق ، عن الضحاك ، عن عبد الله بن عباس ، قال : الرحمن ، الفعلان من الرحمة ، وهو من كلام العرب . قال : الرحمن الرحيم : الرقيق الرفيق بمن أحب أن يرحمه ، والبعيد الشديد على من أحب أن يعنف عليه . وكذلك أسماؤه كلها .وهذا التأويل من ابن عباس ، يدل على أن الذي به ربنا رحمن ، هو الذي به رحيم ، وإن كان لقوله "الرحمن " من المعنى ، ما ليس لقوله "الرحيم " . لأنه جعل معنى "الرحمن " بمعنى الرقيق على من رق عليه ، ومعنى "الرحيم " بمعنى الرفيق بمن رفق به .والقول الذي رويناه في تأويل ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم وذكرناه عن العرزمي ، أشبه بتأويله من هذا القول الذي رويناه عن ابن عباس . وإن [ ص: 130 ] كان هذا القول موافقا معناه معنى ذلك ، في أن للرحمن من المعنى ما ليس للرحيم ، وأن للرحيم تأويلا غير تأويل الرحمن .والقول الثالث في تأويل ذلك ما : -149 - حدثني به عمران بن بكار الكلاعي ، قال : حدثنا يحيى بن صالح ، قال : حدثنا أبو الأزهر نصر بن عمرو اللخمي من أهل فلسطين ، قال : سمعت عطاء الخراساني يقول : كان الرحمن ، فلما اختزل الرحمن من اسمه كان الرحمن الرحيم .والذي أراد ، إن شاء الله ، عطاء بقوله هذا : أن الرحمن كان من أسماء الله التي لا يتسمى بها أحد من خلقه ، فلما تسمى به الكذاب مسيلمة - وهو اختزاله إياه ، يعني اقتطاعه من أسمائه لنفسه - أخبر الله جل ثناؤه أن اسمه "الرحمن الرحيم " ليفصل بذلك لعباده اسمه من اسم من قد تسمى بأسمائه ، إذ كان لا يسمى أحد "الرحمن الرحيم " ، فيجمع له هذان الاسمان ، غيره جل ذكره . وإنما يتسمى بعض خلقه إما رحيما ، أو يتسمى رحمن . فأما "رحمن رحيم " ، فلم يجتمعا قط لأحد سواه ، ولا يجمعان لأحد غيره . فكأن معنى قول عطاء هذا : أن الله جل ثناؤه إنما فصل بتكرير الرحيم على الرحمن ، بين اسمه واسم غيره من خلقه ، اختلف معناهما أو اتفقا .والذي قال عطاء من ذلك غير فاسد المعنى ، بل جائز أن يكون جل ثناؤه خص نفسه بالتسمية بهما معا مجتمعين ، إبانة لها من خلقه ، ليعرف عباده بذكرهما مجموعين أنه المقصود بذكرهما دون من سواه من خلقه ، مع ما في تأويل كل واحد منهما من المعنى الذي ليس في الآخر منهما . [ ص: 131 ]وقد زعم بعض أهل الغباء أن العرب كانت لا تعرف "الرحمن " ، ولم يكن ذلك في لغتها ولذلك قال المشركون للنبي صلى الله عليه وسلم : ( وما الرحمن أنسجد لما تأمرنا ) [ سورة الفرقان : 60 ] ، إنكارا منهم لهذا الاسم ، كأنه كان محالا عنده أن ينكر أهل الشرك ما كانوا عالمين بصحته ، أو : لا ، وكأنه لم يتل من كتاب الله قول الله ( الذين آتيناهم الكتاب يعرفونه ) - يعني محمدا - ( كما يعرفون أبناءهم ) [ سورة البقرة : 146 ] وهم مع ذلك به مكذبون ، ولنبوته جاحدون! فيعلم بذلك أنهم قد كانوا يدافعون حقيقة ما قد ثبت عندهم صحته ، واستحكمت لديهم معرفته . وقد أنشد لبعض الجاهلية الجهلاء :ألا ضربت تلك الفتاة هجينها ألا قضب الرحمن ربي يمينهاوقال سلامة بن جندل السعدي :عجلتم علينا عجلتينا عليكم وما يشأ الرحمن يعقد ويطلق[ ص: 132 ]وقد زعم أيضا بعض من ضعفت معرفته بتأويل أهل التأويل ، وقلت روايته لأقوال السلف من أهل التفسير ، أن "الرحمن " مجازه : ذو الرحمة ، و "الرحيم " مجازه : الراحم ، ثم قال : قد يقدرون اللفظين من لفظ والمعنى واحد ، وذلك لاتساع الكلام عندهم . قال : وقد فعلوا مثل ذلك فقالوا : ندمان ونديم ، ثم استشهد ببيت برج بن مسهر الطائي :وندمان يزيد الكأس طيبا ، سقيت وقد تغورت النجومواستشهد بأبيات نظائره في النديم والندمان ، ففرق بين معنى الرحمن والرحيم في التأويل لقوله : الرحمن ذو الرحمة ، والرحيم الراحم ، وإن كان قد ترك بيان تأويل معنييهما على صحته . ثم مثل ذلك باللفظين يأتيان بمعنى واحد ، فعاد إلى ما قد جعله بمعنيين ، فجعله مثال ما هو بمعنى واحد مع اختلاف الألفاظ .ولا شك أن ذا الرحمة هو الذي ثبت أن له الرحمة ، وصح أنها له صفة; وأن الراحم هو الموصوف بأنه سيرحم ، أو قد رحم فانقضى ذلك منه ، أو هو فيه .ولا دلالة له فيه حينئذ أن الرحمة له صفة ، كالدلالة على أنها له صفة ، إذا وصف بأنه ذو الرحمة . فأين معنى "الرحمن الرحيم " على تأويله ، من معنى الكلمتين تأتيان مقدرتين من لفظ واحد باختلاف الألفاظ واتفاق المعاني ؟ ولكن القول إذا كان غير أصل معتمد عليه ، كان واضحا عواره .وإن قال لنا قائل : ولم قدم اسم الله الذي هو "الله " ، على اسمه الذي هو "الرحمن " ، واسمه الذي هو "الرحمن " ، على اسمه الذي هو "الرحيم " ؟قيل : لأن من شأن العرب ، إذا أرادوا الخبر عن مخبر عنه ، أن يقدموا اسمه ، ثم يتبعوه صفاته ونعوته . وهذا هو الواجب في الحكم : أن يكون الاسم مقدما قبل نعته وصفته ، ليعلم السامع الخبر ، عمن الخبر . فإذا كان ذلك كذلك - [ ص: 133 ] وكان لله جل ذكره أسماء قد حرم على خلقه أن يتسموا بها ، خص بها نفسه دونهم ، وذلك مثل "الله " و "الرحمن " و "الخالق "; وأسماء أباح لهم أن يسمي بعضهم بعضا بها ، وذلك : كالرحيم والسميع والبصير والكريم ، وما أشبه ذلك من الأسماء - كان الواجب أن تقدم أسماؤه التي هي له خاصة دون جميع خلقه ، ليعرف السامع ذلك من توجه إليه الحمد والتمجيد ، ثم يتبع ذلك بأسمائه التي قد تسمى بها غيره ، بعد علم المخاطب أو السامع من توجه إليه ما يتلو ذلك من المعاني . فبدأ الله جل ذكره باسمه لأن الألوهية ليست لغيره جل ثناؤه من وجه من الوجوه ، لا من جهة التسمي به ، ولا من جهة المعنى . وذلك أنا قد بينا أن معنى "الله " تعالى ذكره المعبود ، ولا معبود غيره جل جلاله ، وأن التسمي به قد حرمه الله جل ثناؤه ، وإن قصد المتسمي به ما يقصد المتسمي بسعيد وهو شقي ، وبحسن وهو قبيح .أولا ترى أن الله جل جلاله قال في غير آية من كتابه : ( أإله مع الله ) فاستكبر ذلك من المقر به ، وقال تعالى في خصوصه نفسه بالله وبالرحمن : ( قل ادعوا الله أو ادعوا الرحمن أيا ما تدعوا فله الأسماء الحسنى ) [ سورة الإسراء : 110 ] . ثم ثنى باسمه ، الذي هو الرحمن ، إذ كان قد منع أيضا خلقه التسمي به ، وإن كان من خلقه من قد يستحق تسميته ببعض معانيه . وذلك أنه قد يجوز وصف كثير ممن هو دون الله من خلقه ، ببعض صفات الرحمة . وغير جائز أن يستحق بعض الألوهية أحد دونه . فلذلك جاء الرحمن ثانيا لاسمه الذي هو "الله " .وأما اسمه الذي هو "الرحيم " فقد ذكرنا أنه مما هو جائز وصف غيره به . والرحمة من صفاته جل ذكره ، فكان - إذ كان الأمر على ما وصفنا - واقعا مواقع نعوت الأسماء اللواتي هن توابعها ، بعد تقدم الأسماء عليها . فهذا وجه تقديم اسم الله [ ص: 133 ] الذي هو "الله " ، على اسمه الذي هو "الرحمن " ، واسمه الذي هو "الرحمن " على اسمه الذي هو "الرحيم " .وقد كان الحسن البصري يقول في "الرحمن " مثل ما قلنا ، أنه من أسماء الله التي منع التسمي بها العباد .150 - حدثنا محمد بن بشار ، قال : حدثنا حماد بن مسعدة ، عن عوف ، عن الحسن ، قال : "الرحمن " اسم ممنوع .مع أن في إجماع الأمة من منع التسمي به جميع الناس ، ما يغني عن الاستشهاد على صحة ما قلنا في ذلك بقول الحسن وغيره
54:1
اِقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَ انْشَقَّ الْقَمَرُ(۱)
پاس آئی قيامت اور (ف۲) شق ہوگیا چاند (ف۳)

القول في تأويل قوله تعالى : اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ (1)يعني تعالى ذكره بقوله ( اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ ) : دنت الساعة التي تقوم فيها القيامة, وقوله ( اقْتَرَبَتِ ) افتعلت من القُرب, وهذا من الله تعالى ذكره إنذار لعباده بدنوّ القيامة, وقرب فناء الدنيا, وأمر لهم بالاستعداد لأهوال القيامة قبل هجومها عليهم, وهم عنها في غفلة ساهون.وقوله ( وَانْشَقَّ الْقَمَرُ ) يقول جلّ ثناؤه: وانفلق القمر, وكان ذلك فيما ذُكر على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو بمكة, قبل هجرته إلى المدينة، وذلك أن كفار أهل مكة سألوه آية, فآراهم صلى الله عليه وسلم انشقاق القمر, آية حجة على صدق قوله, وحقيقة نبوّته; فلما أراهم أعرضوا وكذبوا, وقالوا: هذا سحر مستمرّ, سحرنا محمد, فقال الله جلّ ثناؤه ( وَإِنْ يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ ) .وينحو الذي قلنا في ذلك جاءت الآثار, وقال به أهل التأويل.* ذكر الآثار المروية بذلك, والأخيار عمن قاله من أهل التأويل:حدثنا بشر, قال: ثنا يزيد, قال: ثنا سعيد, عن قتادة " أن أنس بن مالك حدثهم أن أهل مكة سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يريهم آية, فأراهم انشقاق القمر مرّتين " .حدثنا ابن المثنى, قال: ثنا محمد بن جعفر, قال: ثنا شعبة, قال: سمعت قتادة يحدّث, عن أنس, قال: انشق القمر فرقتين.حدثنا ابن المثنى والحسن بن أبي يحيى المقدسي, قالا ثنا أبو داود, قال: ثنا شعبة, عن قتادة, قال: سمعت أنسا يقول: " انشق القمر على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ".حدثني يعقوب الدورقيّ, قال: ثنا أبو داود, قال: ثنا سعيد, عن قتادة, قال: سمعت أنسا يقول: فذكر مثله.حدثنا عليّ بن سهل, قال: ثنا حجاج بن محمد, عن شعبة, عن قتادة, عن أنس, قال: " انشقّ القمر على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم مرّتين ".حدثني محمد بن عبد الله بن بزيع, قال: ثنا بشر بن المفضل, قال: ثنا سعيد بن أبي عروبة, عن قتادة, عن أنس بن مالك " أن أهل مكة سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يريهم آية, فأراهم القمر شقتين حتى رأوا حراء بينهما ".حدثني أبو السائب, قال: ثنا معاوية, عن الأعمش, عن إبراهيم, عن أبى معمر, عن عبد الله, قال: " انشقّ القمر ونحن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بمنى حتى ذهبت منه فرقة خلف الجبل, فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اشْهَدُوا ".حدثني إسحاق بن أبي إسرائيل, قال: ثنا النضر بن شميل المازنيّ, قال: أخبرنا شعبة, عن سليمان, قال: سمعت إبراهيم, عن أبي معمر, عن عبد الله, قال " تفلَّق القمر على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فرقتين, فكانت فرقة على الجبل, وفرقة من ورائه, فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اللَّهُم اشْهَدْ " .حدثنا إسحاق بن أبي إسرائيل, قال: ثنا النضر, قال: أخبرنا شعبة, عن سليمان, عن مجاهد, عن ابن عمر, مثل حديث إبراهيم في القمر.حدثني عيسى بن عثمان بن عيسى الرملي, قال: ثني عمي يحيى بن عيسى, عن الأعمش, عن إبراهيم, عن رجل , عن عبد الله, قال " كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بمنى, فانشقّ القمر, فأخذت فرقة خلق الجبل, فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اشْهَدُوا ".حدثني محمد بن عمارة, قال: ثنا عمرو بن حماد, قال: ثنا أسباط, عن سماك, عن إبراهيم, عن الأسود, عن عبد الله, قال: " رأيت الجبل من فرج القمر حين انشقّ".حدثنا الحسن بن يحيى المقدسي, قال: ثنا يحيى بن حماد, قال: ثنا أبو عوانة, عن المُغيرة, عن أبي الضحى, عن مسروق, عن عبد الله, قال: " انشقّ القمر على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم , فقالت قريش: هذا سحر ابن أبي كَبْشة سحركم فسلوا السُّفَّار, فسألوهم, فقالوا: نعم قد رأيناه, فأنزل الله تبارك وتعالى : ( اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ ) .حدثنا ابن حُميد, قال: ثنا جرير, عن مغيرة, عن إبراهيم, عن عبد الله قال: " قد مضى انشقاق القمر ".حدثني أبو السائب, قال: ثنا أبو معاوية, عن الأعمش, عن مسلم, عن مسروق, قال: عبد الله " خمس قد مضين: الدخان, واللزام, والبطشة, والقمر, والروم ".حدثني يعقوب بن إبراهيم, قال: ثنا ابن عُلَية, قال: أخبرنا أيوب, عن محمد, قال: نُبِّئت أن ابن مسعود كان يقول: قد انشقَ القمر.قال: أخبرنا ابن علية, قال: أخبرنا عطاء بن السائب, عن أبي عبد الرحمن السُلَميّ, قال: " نزلنا المدائن, فكنا منها على فرسخ, فجاءت الجمعة, فحضر أبي, وحضرت معه, فخطبنا حُذيفة, فقال: ألا إن الله يقول ( اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ ) ألا وإن الساعة قد اقتربت, ألا وإن القمر قد انشقّ, ألا وإن الدنيا قد آذنت بفراق, ألا وإن اليوم المِضمار, وغدا السباق, فقلت لأبي: أتستبق الناس غدا؟ فقال: يا بنيّ إنك لجاهل, إنما هو السباق بالأعمال, ثم جاءت الجمعة الأخرى, فحضرنا, فخطب حُذيفة, فقال: ألا إن الله تبارك وتعالى يقول ( اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ ) ألا وإن الساعة قد أقتربت, ألا وإن القمر قد انشقّ, ألا وإن الدنيا قد آذنت بفراق, ألا وإن اليوم المضمار وغدا السباق, ألا وإن الغاية النار, والسابق من سَبق إلى الجنة ".حدثنا ابن المثنى, قال: ثنا محمد بن جعفر, قال: ثنا شعبة, عن عطاء بن السائب, عن أبي عبد الرحمن قال: " كنت مع أبي بالمدائن, قال: فخطب أميرهم, وكان عطاء يروي أنه حُذيفة, فقال في هذه الآية : ( اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ ) قد اقتربت الساعة وانشقّ القمر, قد اقتربت الساعة وانشق القمر, اليوم المضمار, وغدا السباق, والسابق من سبق إلى الجنة, والغاية النار; قال: فقلت لأبي: غدا السباق, قال: فأخبره ".حدثنا أبو كُرَيب, قال: ثنا ابن فضيل, عن حصين, عن محمد بن جبير بن مطعم, عن أبيه, قال: " انشقّ القمر, ونحن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة ".حدثنا ابن حُميد, قال: ثنا مهران, عن خارجة, عن الحصين بن عبد الرحمن, عن ابن جُبَير, عن أبيه ( وَانْشَقَّ الْقَمَرُ ) قال: انشقّ ونحن بمكة.حدثنا محمد بن عسكر, قال: ثنا عثمان بن صالح وعبد الله بن عبد الحكم, قالا ثنا بكر بن مضر, عن جعفر بن ربيعة, عن عِرَاك, (5) عن عبيد الله بن عبد الله بن عُتبة, عن ابن عباس, قال: " انشقّ القمر في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ".حدثنا نصر بن عليّ, قال: ثنا عبد الأعلى, قال: ثنا داود بن أبي هند, عن عليّ بن أبي طلحة, عن ابن عباس, قال: " انشقّ القمر قبل الهجرة, أو قال: قد مضى ذاك ".حدثنا إسحاق بن شاهين, قال: ثنا خالد بن عبد الله, عن داود, عن علي, عن ابن عباس بنحوه.حدثنا ابن المثنى, قال: ثنا عبد الأعلى, قال: ثنا داود, عن علي, عن ابن عباس أنه قال في هذه الآية ( اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ ) قال: ذاك قد مضى كان قبل الهجرة, انشقّ حتى رأوا شِقيه.حدثني محمد بن سعد, قال: ثني أبي, قال: ثني عمي, قال: ثني أبي, عن أبيه, عن ابن عباس, قوله ( اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ ) ... إلى قوله ( سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ ) قال: قد مضى, كان قد انشق القمر على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة, فأعرض المشركون وقالوا: سحر مستمرّ.حدثني محمد بن عمرو, قال: ثنا أبو عاصم, قال: ثنا عيسى; وحدثني الحارث, قال: ثنا الحسن, قال: ثنا ورقاء جميعا, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد في قوله ( اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ ) قال: رأوه منشقا.حدثنا ابن حُميد, قال: ثنا مهران, عن سفيان, عن منصور وليث عن مجاهد ( اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ ) قال: انفلق القمر فلقتين, فثبتت فلقة, وذهبت فلقة من وراء الجبل, فقال النبيّ صلى الله عليه وسلم: " اشْهَدُوا ".حدثنا ابن حُميد, قال: ثنا مهران, عن أبي سنان, عن ليث, عن مجاهد " انشقّ القمر على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم , فصار فرقتين, فقال النبي صلى الله عليه وسلم لأبى بكر: اشْهَدْ يا أبا بَكْرٍ فقال المشركون: سحر القمر حتى انشقّ".حدثنا ابن حُميد, قال: ثنا مهران, عن أبي سنان, قال: قدم رجل المدائن فقام فقال: إن الله تبارك وتعالى يقول ( اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ ) وإن القمر قد انشقّ, وقد آذنت الدنيا بفراق, اليوم المِضْمار, وغدا السباق, والسابق. من سبق إلى الجنة, والغاية النار.حدثنا بشر, قال: ثنا يزيد, قال: ثنا سعيد, عن قتادة ( اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ ) يحدث الله في خلقه ما يشاء.حدثنا ابن عبد الأعلى, قال: ثنا ابن ثور, عن معمر, عن قتادة, عن أنس, قال: سأل أهل مكة النبيّ صلى الله عليه وسلم آية, فانشقّ القمر بمكة مرّتين, فقال ( اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ ) .حُدثت عن الحسين, قال: سمعت أبا معاذ يقول: أخبرنا عبيد, قال: سمعت الضحاك يقول في قوله ( وَانْشَقَّ الْقَمَرُ ) قد مضى, كان الشقّ على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة, فأعرض عنه المشركون, وقالوا: سِحْر مستمرّ.حدثنا ابن حُميد, قال: ثنا سلمة, عن عمرو, عن مغيرة, عن إبراهيم, قال: مضى انشقاق القمر بمكة.----------------------الهوامش :(5) ضبطه في التاج بوزن كتاب .
54:2
وَ اِنْ یَّرَوْا اٰیَةً یُّعْرِضُوْا وَ یَقُوْلُوْا سِحْرٌ مُّسْتَمِرٌّ(۲)
اور اگر دیکھیں (ف۴) کوئی نشانی تو منہ پھیرتے (ف۵) اور کہتے ہیں یہ تو جادو ہے چلا آتا،

وقوله ( وَإِنْ يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا ) يقول تعالى ذكره. وإن ير المشركون علامة تدلهم على حقيقة نبوّة محمد صلى الله عليه وسلم , ودلالة تدلهم على صدقة فيما جاءهم به عن ربهم, يعرضوا عنها, فيولوا مكذّبين بها مُنكرين أن يكون حقا يقينا, ويقولوا تكذيبا منهم بها, وإنكارا لها أن تكون حقا: هذا سحر سَحَرَنا به محمد حين خَيَّلَ إلينا أنا نرى القمر منفلقا باثنين بسحره, وهو سحر مستمرّ, يعني يقول: سحر مستمرّ ذاهب, من قولهم: قد مرّ هذا السحر إذا ذهب.وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.ذكر من قال ذلك:حدثني محمد بن عمرو, قال: ثنا أبو عاصم, قال: ثنا عيسى; وحدثني الحارث, قال: ثنا الحسن, قال: ثنا ورقاء جميعا عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد, قوله ( سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ ) قال: ذاهب.حدثنا بشر, قال: ثنا يزيد, قال: ثنا سعيد, عن قتادة, قوله ( وَإِنْ يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ ) قال: إذا رأى أهل الضلالة آية من آيات الله قالوا: إنما هذا عمل السحر, يوشك هذا أن يستمرّ ويذهب.حدثنا ابن عبد الأعلى, قال: ثنا ابن ثور, عن معمر, عن قتادة ( وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ ) يقول: ذاهب.حدثت عن الحسين, قال: سمعت أبا معاذ يقول: ثنا عبيد, قال: سمعت الضحاك يقول في قوله ( وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ ) كما يقول أهل الشرك إذا كُسف القمر يقولون: هذا عمل السحرة.حدثنا ابن حميد, قال: ثنا مهران, عن سفيان, قوله ( سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ ) قال: حين انشق القمر بفلقتين: فلقة من وراء الجبل, وذهبت فلقة أخرى, فقال المشركون حين رأوا ذلك: سحر مستمرّ.وكان بعض أهل المعرفة بكلام العرب من أهل البصرة يوجه قوله ( مُسْتَمِرٌّ ) إلى أنه مستفعل من الإمرار من قولهم: قد مرّ الجبل: إذا صلب وقوي واشتدّ وأمررته أنا: إذا فتلته فتلا شديدا, ويقول: معنى قوله ( وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ ) : سحر شديد.
54:3
وَ كَذَّبُوْا وَ اتَّبَعُوْۤا اَهْوَآءَهُمْ وَ كُلُّ اَمْرٍ مُّسْتَقِرٌّ(۳)
اور انہوں نے جھٹلایا (ف۶) اور اپنی خواہشوں کے پیچھے ہوئے (ف۷) اور ہر کام قرار پاچکا ہے (ف۸)

القول في تأويل قوله تعالى : وَكَذَّبُوا وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءَهُمْ وَكُلُّ أَمْرٍ مُسْتَقِرٌّ (3)يقول تعالى ذكره: وكذّب هؤلاء المشركون من قريش بآيات الله بعد ما أتتهم حقيقتها, وعاينوا الدلالة على صحتها برؤيتهم القمر منفلقا فلقتين ( وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءَهُمْ ) يقول: وآثروا اتباع ما دعتهم إليه أهواء أنفسهم من تكذيب ذلك على التصديق بما قد أيقنوا صحته من نبوّة محمد صلى الله عليه وسلم , وحقيقة ما جاءهم به من ربهم.وقوله ( وَكُلُّ أَمْرٍ مُسْتَقِرٌّ ) يقول تعالى ذكره: وكلّ أمر من خير أو شرّ مستقر قراره, ومتناه نهايته, فالخير مستقرّ بأهله في الجنة, والشرّ مستقرّ بأهله في النار.كما حدثنا بشر, قال: ثنا يزيد, قال: ثنا سعيد, عن قتادة, قوله ( وَكُلُّ أَمْرٍ مُسْتَقِرٌّ ) : أي بأهل الخير الخير, وبأهل الشرّ الشرّ.
54:4
وَ لَقَدْ جَآءَهُمْ مِّنَ الْاَنْۢبَآءِ مَا فِیْهِ مُزْدَجَرٌۙ(۴)
اور بیشک ان کے پاس وہ خبریں آئیں (ف۹) جن میں کافی روک تھی (ف۱۰)

وقوله ( وَلَقَدْ جَاءَهُمْ مِنَ الأنْبَاءِ مَا فِيهِ مُزْدَجَرٌ ) يقول تعالى ذكره: ولقد جاء هؤلاء المشركين من قريش الذين كذّبوا بآيات الله, واتبعوا أهواءهم من الأخبار عن الأمم السالفة, الذين كانوا من تكذيب رسل الله على مثل الذي هم عليه, وأحلّ الله بهم من عقوباته ما قصّ في هذا القرآن ما فيه لهم مزدجر, يعني: ما يردعهم, ويزجرهم عما هم عليه مقيمون, من التكذيب بآيات الله, وهو مُفْتَعَلٌ من الزَّجْر.وبنحو الذي قلنا في معنى ذلك قال أهل التأويل.* ذكر من قال ذلك:حدثني محمد بن عمرو, قال: ثنا أبو عاصم, قال: ثنا عيسى; وحدثني الحارث, قال: ثنا الحسن, قال: ثنا ورقاء جميعا, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد, قوله ( مُزْدَجَرٌ ) قال: مُنتهى.حدثنا بشر, قال: ثنا يزيد, قال: ثنا سعيد, عن قتادة, قوله ( وَلَقَدْ جَاءَهُمْ مِنَ الأنْبَاءِ مَا فِيهِ مُزْدَجَرٌ ) : أي هذا القرآن.حدثنا ابن حميد, قال: ثنا مهران, عن سفيان ( وَلَقَدْ جَاءَهُمْ مِنَ الأنْبَاءِ مَا فِيهِ مُزْدَجَرٌ ) قال: المزدَجَر: المنتهى.
54:5
حِكْمَةٌۢ بَالِغَةٌ فَمَا تُغْنِ النُّذُرُۙ(۵)
انتہاء کو پہنچی ہوئی حکمت پھر کیا کام دیں ڈر سنانے والے،

وقوله ( حِكْمَةٌ بَالِغَةٌ ) يعني بالحكمة البالغة: هذا القرآن, ورُفعت الحكمةُ ردّا على " ما " التي في قوله ( وَلَقَدْ جَاءَهُمْ مِنَ الأنْبَاءِ مَا فِيهِ مُزْدَجَرٌ ) .وتأويل الكلام: ولقد جاءهم من الأنباء النبأ الذي فيه مزدَجَر, حكمة بالغة. ولو رُفعت الحكمة على الاستئناف كان جائزا, فيكون معنى الكلام حينئذ: ولقد جاءهم من الأنباء النبأ الذي فيه مزدجر, ذلك حكمة بالغة, أو هو حكمة بالغة فتكون الحكمة كالتفسير لها.وقوله ( فَمَا تُغْنِ النُّذُرُ ) وفي " ما " التي في قوله ( فَمَا تُغْنِ النُّذُرُ ) وجهان: أحدهما أن تكون بمعنى الجحد, فيكون إذا وجهت إلى ذلك معنى الكلام, فليست تغني عنهم النذر ولا ينتفعون بها, لإعراضهم عنها وتكذيبهم بها. والآخر: أن تكون بمعنى: أنى, فيكون معنى الكلام إذا وجهت إلى ذلك: فأي شيء تُغني عنهم النُّذر. والنُّذر: جمع نذير, كالجُدُد: جمع جديد, والحُصُر: جمع حَصير.
54:6
فَتَوَلَّ عَنْهُمْۘ- یَوْمَ یَدْعُ الدَّاعِ اِلٰى شَیْءٍ نُّكُرٍۙ(۶)
تو تم ان سے منہ پھیرلو (ف۱۱) جس دن بلانے والا (ف۱۲) ایک سخت بے پہچانی بات کی طرف بلائے گا (ف۱۳)

القول في تأويل قوله تعالى : فَتَوَلَّ عَنْهُمْ يَوْمَ يَدْعُو الدَّاعِي إِلَى شَيْءٍ نُكُرٍ (6)يعني تعالى ذكره بقوله ( فَتَوَلَّ عَنْهُمْ ) : فأعرض يا محمد عن هؤلاء المشركين من قومك, الذين إن يروا آية يعرضوا ويقولوا: سِحْر مستمرّ, فإنهم يوم يدعو داعي الله إلى موقف القيامة, وذلك هو الشيء النُّكُر.
54:7
خُشَّعًا اَبْصَارُهُمْ یَخْرُجُوْنَ مِنَ الْاَجْدَاثِ كَاَنَّهُمْ جَرَادٌ مُّنْتَشِرٌۙ(۷)
نیچی آنکھیں کیے ہوئے قبروں سے نکلیں گے گویا وہ ٹڈی ہیں پھیلی ہوئی (ف۱۴)

القول في تأويل قوله تعالى : خُشَّعًا أَبْصَارُهُمْ يَخْرُجُونَ مِنَ الأَجْدَاثِ كَأَنَّهُمْ جَرَادٌ مُنْتَشِرٌ (7)( خُشَّعًا أَبْصَارُهُمْ ) يقول: ذليلة أبصارهم خاشعة, لا ضرر بها( يَخْرُجُونَ مِنَ الأجْدَاثِ ) وهي جمع جدث, وهي القبور, وإنما وصف جلّ ثناؤه بالخشوع الأبصار دون سائر أجسامهم, والمراد به جميع أجسامهم, لأن أثر ذلة كل ذليل, وعزّة كل عزيز, تتبين في ناظريه دون سائر جسده, فلذلك خصّ الأبصار بوصفها بالخشوع.وبنحو الذي قلنا في معنى قوله ( خُشَّعًا أَبْصَارُهُمْ ) قال أهل التأويل.* ذكر من قال ذلك:حدثنا بشر, قال: ثنا يزيد, قال: ثنا سعيد, عن قتادة, قوله: ( خَاشِعًا أَبْصَارُهُمْ ): أي ذليلة أبصارهم.واختلفت القرّاء في قراءة قوله: ( خَاشِعًا أَبْصَارُهُمْ ) فقرأ ذلك عامة قرّاء المدينة وبعض المكيين الكوفيين ( خُشَّعًا ) بضم الخاء وتشديد الشين, بمعنى خاشع; وقرأه عامة قرّاء الكوفة وبعض البصريين ( خَاشِعًا أَبْصَارُهُمْ ) بالألف على التوحيد اعتبارا بقراءة عبد الله, وذلك أن ذلك في قراءة عبد الله ( خَاشِعَةً أَبْصَارُهُمْ ), وألحقوه وهو بلفظ الاسم في التوحيد, إذ كان صفة بحكم فَعَلَ ويَفْعَل في التوحيد إذا تقدّم الأسماء, كما قال الشاعر:وشَبابٍ حَسَنٍ أوْجُهُهمْمِنْ إيادِ بنِ نزارِ بْنِ مَعَد (1)فوحد حَسَنا وهو صفة للأوجه, وهي جمع; وكما قال الآخر:يَرْمي الفِجاجَ بِها الرُّكبانَ مُعْترِضًاأعْناقَ بُزَّلِها مُرْخَى لَها الجُدُلُ (2)فوحد معترضا, وهي من صفة الأعناق, والجمع والتأنيث فيه جائزان على ما بيَّنا.وقوله ( كَأَنَّهُمْ جَرَادٌ مُنْتَشِرٌ ) يقول تعالى ذكره: يخرجون من قبورهم كأنهم في انتشارهم وسعيهم إلى موقف الحساب جراد منتَشر.----------------------الهوامش :(1) البيت للحارس بن دوس الإيادي ، ويروى لأبي داود الإيادي ، ( هامش القرطبي 17 : 129 ) والبيت من شواهد الفراء في معاني القرآن ( الورقة 317 ) قال : إذا تقدم الفعل قبل اسم مؤنث ، وهو له ، أو قبل جمع مؤنث مثل الأنصار والأعمار وما أشبهها جاز تأنيث الفعل وتذكيره وجمعه ، وقد أتى بذلك في هذا الحرف ، فقرأه ابن عباس : " خاشعا أبصارهم " حدثني بذلك هشيم وأبو معاوية ، عن وائل بن داود ، عن مسلم بن يسار ، عن ابن عباس ، أنه قراه " خاشعا " . قال : وحدثني هشيم ، عن عوف الأعرابي ، عن الحسن وأبي رجاء العطاردي : أن أحدهما قال : " خاشعا " والآخر : " خشعا " قال الفراء : وهي في قراءة عبد الله ( ابن مسعود ) : " خاشعة أبصارهم " . وقرأ الناس بعد : " خشعا أبصارهم " ، وقد قال الشاعر : " وشباب حسن ... " البيت .(2) وهذا الشاهد كذلك من شواهد الفراء في معاني القرآن ( الورقة 317 ) على أنه إذا تقدم الفعل وشبهه قبل اسم مؤنث ( جمع تكسير ) مثل الأنصار والأعمار وما أشبهها جاز تأنيث الفعل وتذكيره وجمعه . وقال الفراء تعليقًا على هذا البيت : الجدل : جمع الجديل : وهو الزمام . فلو قال معترضات أو معترضة ، لكان صوابا ، ومرخاة ومرخيات أ . ه .
54:8
مُّهْطِعِیْنَ اِلَى الدَّاعِؕ- یَقُوْلُ الْكٰفِرُوْنَ هٰذَا یَوْمٌ عَسِرٌ(۸)
بلانے والے کی طرف لپکتے ہوئے (ف۱۵) کافر کہیں گے یہ دن سخت ہے،

وقوله ( مُهْطِعِينَ إِلَى الدَّاعِ ) يقول: مسرعين بنظرهم قِبَلَ داعيهم إلى ذلك الموقف. وقد بيَّنا معنى الإهطاع بشواهده المغنية عن الإعادة, ونذكر بعض ما لم نذكره فيما مضى من الرواية.حدثنا ابن حميد, قال: ثنا جرير, عن مغيرة, عن عثمان بن يسار, عن تميم بن حَذْلم قوله : ( مُهْطِعِينَ إِلَى الدَّاعِ ) قال: هو التحميج.حدثنا ابن حميد, قال: ثنا سفيان, عن سفيان, عن أبيه, عن أبي الضحى ( مُهْطِعِينَ إِلَى الدَّاعِ ) قال: التحميج.قال: ثنا مهران, عن سفيان ( مُهْطِعِينَ إِلَى الدَّاعِ ) قال: هكذا أبصارهم شاخصة إلى السماء.حدثنا بشر, قال: ثنا يزيد, قال: ثنا سعيد, عن قتادة, قوله ( مُهْطِعِينَ إِلَى الدَّاعِ ) : أي عامدين إلى الداعي.حدثني عليّ, قال: ثنا أبو صالح, قال: ثنا معاوية, عن عليّ, عن ابن عباس , قوله ( مُهْطِعِينَ ) يقول: ناظرين.وقوله ( يَقُولُ الْكَافِرُونَ هَذَا يَوْمٌ عَسِرٌ ) يقول تعالى ذكره: يقول الكافرون بالله يوم يدع الداعي إلى شيء نكُر: هذا يوم عسر. وإنما وصفوه بالعسر لشدة أهواله وبَلْباله.
54:9
كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوْحٍ فَكَذَّبُوْا عَبْدَنَا وَ قَالُوْا مَجْنُوْنٌ وَّ ازْدُجِرَ(۹)
ان سے (ف۱۶) پہلے نوح کی قوم نے جھٹلایا تو ہمارے بندہ (ف۱۷) کو جھوٹا بتایا اور بولے وہ مجنون ہے اور اسے جھڑکا (ف۱۸)

القول في تأويل قوله تعالى : كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ فَكَذَّبُوا عَبْدَنَا وَقَالُوا مَجْنُونٌ وَازْدُجِرَ (9)وهذا وعيد من الله تعالى ذكره, وتهديد للمشركين من أهل مكة وسائر من أرْسَل إليه رسولَه محمدا صلى الله عليه وسلم على تكذيبهم إياه, وتقدم منه إليهم إن هم لم ينيبوا من تكذيبهم إياه, أنه محلّ بهم ما أحل بالأمم الذين قصّ قصصهم في هذه السورة من الهلاك والعذاب, ومنجّ نبيه محمدا والمؤمنين به, كما نجَّى من قبله الرسل وأتباعهم من نقمه التي أحلَّها بأممهم, فقال جلّ ثناؤه لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: كذّبت يا محمد قبل هؤلاء الذين كذّبوك من قومك, الذين إذا رأوْا آية أعرضوا وقالوا سحر مستمرّ - قوم نوح, فكذّبوا عبدنا نوحا إذ أرسلناه إليهم, كما كذّبتك قريش إذ أتيتهم بالحقّ من عندنا وقالوا: هو مجنون وازدجر, وهو افْتُعِل من زجرت, وكذا تفعل العرب بالحرف إذا كان أوّله زايا صيروا تاء الافتعال منه دالا من ذلك قولهم: ازدجر من زجرت, وازدلف من زلفت, وازديد من زدت.واختلف أهل التأويل في المعنى الذي زَجَروه, فقال بعضهم: كان زجرهم إياه أن قالوا: استُطِير جنونا.* ذكر من قال ذلك:حدثنا ابن بشار, قال: ثنا يحيى, عن سفيان, عن منصور, عن مجاهد ( وَقَالُوا مَجْنُونٌ وَازْدُجِرَ ) قال: استطير جنونا.حدثنا ابن حميد, قال: ثنا مهران, عن سفيان, عن منصور, عن مجاهد, مثله.حدثني محمد بن عمرو, قال: ثنا أبو عاصم, قال: ثنا عيسى; وحدثني الحارث, قال: ثنا الحسن, قال: ثنا ورقاء جميعا, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد, قوله ( وَازْدُجِرَ ) قال: استُطير جنونا.حدثنا ابن المثنى, قال: ثنا محمد بن جعفر, قال: ثنا شعبة, عن الحكم, عن مجاهد في هذه الآية ( وَقَالُوا مَجْنُونٌ وَازْدُجِرَ ) قال: استعر جنونا.حدثني موسى بن عبد الرحمن المسروقي, قال: ثنا زيد بن الحباب, قال: وأخبرني شعبة بن الحجاج, عن الحكم, عن مجاهد, مثله.وقال آخرون: بل كان زجرهم إياه وعيدهم له بالشتم والرجم بالقول القبيح.* ذكر من قال ذلك:حدثني يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد, في قوله ( وَقَالُوا مَجْنُونٌ وَازْدُجِرَ ) قال: اتهموه وزجروه وأوعدوه لئن لم يفعل ليكوننّ من المرجومين, وقرأ لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ يَا نُوحُ لَتَكُونَنَّ مِنَ الْمَرْجُومِينَ .
54:10
فَدَعَا رَبَّهٗۤ اَنِّیْ مَغْلُوْبٌ فَانْتَصِرْ(۱۰)
تو اس نے اپنے رب سے دعا کی کہ میں مغلوب ہوں تو میرا بدلہ لے،

وقوله ( فَدَعَا رَبَّهُ أَنِّي مَغْلُوبٌ فَانْتَصِرْ ) يقول تعالى ذكره: فدعا نوح ربه: إن قومي قد غلبوني, تمرّدوا وعتوا, ولا طاقة لي بهم, فانتصر منهم بعقاب من عندك على كفرهم بك.
54:11
فَفَتَحْنَاۤ اَبْوَابَ السَّمَآءِ بِمَآءٍ مُّنْهَمِرٍ٘ۖ(۱۱)
تو ہم نے آسمان کے دروازے کھول دیے زور کے بہتے پانی سے (ف۱۹)

القول في تأويل قوله تعالى : فَفَتَحْنَا أَبْوَابَ السَّمَاءِ بِمَاءٍ مُنْهَمِرٍ (11)يقول تعالى ذكره ( فَفَتَحْنَا ) لما دعانا نوح مستغيثا بنا على قومه ( أَبْوَابَ السَّمَاءِ بِمَاءٍ مُنْهَمِرٍ ) وهو المندفق, كما قال امرؤ القيس في صفة غيث:رَاحَ تَمْريه الصبا ثُمَّ انْتَحَىفِيهِ شُؤْبُوبُ جنوبٍ مُنْهَمِرْ (3)وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.* ذكر من قال ذلك:حدثنا ابن حميد, قال: ثنا مهران, عن سفيان ( بِمَاءٍ مُنْهَمِرٍ ) قال: ينصبّ انصبابا.-----------------الهوامش :(3) البيت لامرئ القيس بن حجر ، من مقطوعة في ثمانية أبيات يصف فيها غيثا : ( مختار الشعر الجاهلي بشرح مصطفى السقا طبعة الحلبي 110 - 111 ) قال شارحه : راح : عاد السحاب بالمطر آخر النهار . وتمريه : تستدبره ، وأصله من مرى الضرع ، وهو مسحه باليد ليدر ، والسحاب حين تضربه ريح الصبا الباردة ، يتجمع ويتكاثف ، فيسقط مطرا ، ثم جاءت الجنوب عندهم محملة بالأمطار من بحر الهند ، فأضافت إلى هذا السحاب شؤبوبا آخر جنوبيًّا ، فتضاعف المطر وانهمر انهمارًا. أ . ه . وموضع الشاهد في البيت : أن المنهمر في قوله تعالى : " بماء منهمر " معناه : المتدفق . الشديد الانصباب أ . ه .
54:12
وَّ فَجَّرْنَا الْاَرْضَ عُیُوْنًا فَالْتَقَى الْمَآءُ عَلٰۤى اَمْرٍ قَدْ قُدِرَۚ(۱۲)
اور زمین چشمے کرکے بہا دی (ف۲۰) تو دونوں پانی (ف۲۱) مل گئے اس مقدار پر جو مقدر تھی (ف۲۲)

وقوله ( وَفَجَّرْنَا الأرْضَ عُيُونًا ) يقول جلّ ثناؤه: وأسلنا الأرض عيون الماء.كما حدثنا ابن حميد, قال: ثنا مهران, عن سفيان, في قوله ( وَفَجَّرْنَا الأرْضَ عُيُونًا ) قال: فجَّرنا الأرض الماءَ وجاء من السماء ( فَالْتَقَى الْمَاءُ عَلَى أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ ) يقول تعالى ذكره: فالتقى ماء السماء وماء الأرض على أمر قد قدره الله وقضاه.كما حدثنا ابن حميد, قال: ثنا مهران, عن سفيان ( فَالْتَقَى الْمَاءُ عَلَى أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ ) قال: ماء السماء وماء الأرض. وإنما قيل: فالتقى الماء على أمر قد قدر, والالتقاء لا يكون من واحد, وإنما يكون من اثنين فصاعدا, لأن الماء قد يكون جمعا وواحدا, وأريد به في هذا الموضع: مياه السماء ومياه الأرض, فخرج بلفظ الواحد ومعناه الجمع. وقيل: التقى الماء على أمر قد قُدر, لأن ذلك كان أمرا قد قضاه الله في اللوح المحفوظ.كما حدثنا ابن بشار, قال: ثنا مؤمل, قال: ثنا سفيان, عن موسى بن عبيدة عن محمد بن كعب قال: كانت الأقوات قبل الأجساد, وكان القدر قبل البلاء, وتلا( فَالْتَقَى الْمَاءُ عَلَى أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ ) .
54:13
وَ حَمَلْنٰهُ عَلٰى ذَاتِ اَلْوَاحٍ وَّ دُسُرٍۙ(۱۳)
اور ہم نے نوح کو سوار کیا (ف۲۳) تختوں اور کیلوں والی پر کہ

القول في تأويل قوله تعالى : وَحَمَلْنَاهُ عَلَى ذَاتِ أَلْوَاحٍ وَدُسُرٍ (13)يقول تعالى ذكره: وحملنا نوحا إذ التقى الماء على أمر قد قُدر, على سفينة ذات ألواح ودُسُر. والدسر: جمع دسار، وقد يقال في واحدها: دسير, كما يقال: حَبِيك وحِباك; والدَّسار: المسمار الذي تشدّ به السفينة; يقال منه: دسرت السفينة إذا شددتها بمسامير أو غيرها.وقد اختلف أهل التأويل في ذلك, فقال بعضهم في ذلك بنحو الذي قلنا فيه.* ذكر من قال ذلك:حدثني يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد, أخبرني ابن لهِيعة, عن أبي صخر, عن القُرَظي, وسُئل عن هذه الآية ( وَحَمَلْنَاهُ عَلَى ذَاتِ أَلْوَاحٍ وَدُسُرٍ ) قال: الدُّسُر: المسامير.حدثنا بشر, قال: ثنا يزيد, قال: ثنا سعيد, عن قتادة, قوله ( وَحَمَلْنَاهُ عَلَى ذَاتِ أَلْوَاحٍ وَدُسُرٍ ) حدثنا أن دُسُرَها: مساميرها التي شُدَّت بها.حدثنا ابن عبد الأعلى, قال: ثنا ابن ثور, عن معمر, عن قتادة, في قوله ( ذَاتِ أَلْوَاحٍ ) قال: معاريض السفينة; قال: ودُسُر: قال دُسِرت بمسامير.حدثنا يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد, في قوله ( وَدُسُرٍ ) قال: الدسر: المسامير التي دُسرت بها السفينة, ضُربت فيها, شُدّت بها.حدثني عليّ, قال: ثنا أبو صالح, قال: ثني معاوية, عن عليّ, عن ابن عباس , قوله ( وَدُسُرٍ ) يقول: المسامير .وقال آخرون: بل الدُّسُر: صَدْر السفينة, قالوا: وإنما وصف بذلك لأنه يدفع الماء ويدْسُرُه.* ذكر من قال ذلك:حدثني يعقوب بن إبراهيم, قال: ثنا ابن عُلية, عن أبي رجاء, عن الحسن, في قوله ( وَحَمَلْنَاهُ عَلَى ذَاتِ أَلْوَاحٍ وَدُسُرٍ ) قال : تدسُر الماء بصدرها, أو قال: بِجُؤْجُئِها.حدثنا بشر. قال: ثنا يزيد, قال: ثنا سعيد, عن قتادة, قال: كان الحسن يقول في قوله ( وَدُسُرٍ ) جؤجؤها تدسر به الماء.حدثنا ابن عبد الأعلى, قال: ثنا ابن ثور, عن معمر, عن الحسن أنه قال: تدسر الماء بصدرها.حدثني محمد بن سعد, قال: ثنى أبي, قال: ثني عمي, قال: ثني أبي, عن أبيه, عن ابن عباس, قوله ( وَدُسُرٍ ) قال: الدُّسُر: كَلْكَل السفينة.وقال آخرون: الدسر: عوارض السفينة.* ذكر من قال ذلك:حدثنا ابن حميد, قال: ثنا مهران, عن سفيان, عن الحصين, عن مجاهد ( ذَاتِ أَلْوَاحٍ وَدُسُرٍ ) قال: ألواح : السفينة ودسر عوارضها.وقال آخرون: الألواح: جانباها, والدُّسُر: طرفاها.* ذكر من قال ذلك:حُدثت عن الحسين, قال: سمعت أبا معاذ, يقول: ثنا عبيد, قال: سمعت الضحاك يقول في قوله ( ذَاتِ أَلْوَاحٍ وَدُسُرٍ ) أما الألواح: فجانبا السفينة. وأما الدُّسُر: فطرفاها وأصلاها.وقال آخرون: بل الدُّسُر: أضلاع السفينة.* ذكر من قال ذلك:حدثني محمد بن عمرو, قال: ثنا أبو عاصم, قال: ثنا عيسى; وحدثني الحارث, قال: ثنا الحسن, قال: ثنا ورقاء جميعا, عن ابن نجيح, عن مجاهد, قوله ( وَدُسُرٍ ) قال: أضلاع السفينة.
54:14
تَجْرِیْ بِاَعْیُنِنَاۚ-جَزَآءً لِّمَنْ كَانَ كُفِرَ(۱۴)
ہماری نگاہ کے روبرو بہتی (ف۲۴) اس کے صلہ میں (ف۲۵) جس کے ساتھ کفر کیا گیا تھا،

وقوله ( تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا ) يقول جلّ ثناؤه: تجري السفينة التي حملنا نوحا فيها بمرأى منا ومنظر.وذُكر عن سفيان في تأويل ذلك ما حدثنا ابن حُمَيد, قال: ثنا مهران, عن سفيان, في قوله ( تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا ) يقول: بأمرنا( جَزَاءً لِمَنْ كَانَ كُفِرَ ) .اختلف أهل التأويل في تأويله: فقال بعضهم: تأويله فعلنا ذلك ثوابا لمن كان كُفر فيه, بمعنى: كفر بالله فيه.* ذكر من قال ذلك:حدثني محمد بن عمرو, قال: ثنا أبو عاصم, قال: ثنا عيسى; وحدثني الحارث, قال: ثنا الحسن, قال: ثنا ورقاء جميعا, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد ( جَزَاءً لِمَنْ كَانَ كُفِرَ ) قال: كَفَر بالله.وحدثني الحارث, قال: ثنا الحسن, قال: ثنا ورقاء, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد ( جَزَاءً لِمَنْ كَانَ كُفِرَ ) قال: لمن كان كفر فيه.ووجه آخرون معنى (مَنْ) إلى معنى (ما) في هذا الموضع, وقالوا: معنى الكلام: جزاء لما كان كَفَر من أيادي الله ونعمه عند الذين أهلكهم وغرّقهم من قوم نوح.* ذكر من قال ذلك:حدثني يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد, في قوله ( جَزَاءً لِمَنْ كَانَ كُفِرَ ) قال: لمن كان كفر نعم الله, وكفر بأياديه وآلائه ورسله وكتبه, فإن ذلك جزاء له.والصواب من القول من ذلك عندي ما قاله مجاهد, وهو أن معناه: ففتحنا أبواب السماء بماء منهمر, وفجرنا الأرض عيونا, فغرّقنا قوم نوح, ونجينا نوحا عقابا من الله وثوابا للذي جُحد وكُفر, لأن معنى الكفر: الجحود, والذي جحد ألوهته ووحدانيته قوم نوح, فقال بعضهم لبعض لا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلا سُوَاعًا وَلا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْرًا ومن ذهب به إلى هذا التأويل كانت من الله, كأنه قيل: عوقبوا للَّه ولكفرهم به. ولو وجَّه مُوَجَّه إلى أنها مراد بها نوح والمؤمنون به كان مذهبا, فيكون معنى الكلام حينئذ, فعلنا ذلك جزاء لنوح ولمن كان معه في الفلك, كأنه قيل: غرقناهم لنوح ولصنيعهم بنوح ما صنعوا من كفرهم به.
54:15
وَ لَقَدْ تَّرَكْنٰهَاۤ اٰیَةً فَهَلْ مِنْ مُّدَّكِرٍ(۱۵)
اور ہم نے اس (ف۲۶) نشانی چھوڑا تو ہے کوئی دھیان کرنے والا (ف۲۷)

القول في تأويل قوله تعالى : وَلَقَدْ تَرَكْنَاهَا آيَةً فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ (15)يقول تعالى ذكره: ولقد تركنا السفينة التي حملنا فيها نوحا ومن كان معه آية, يعني عِبْرة وعظة لمن بعد قوم نوح من الأمم ليعتبروا ويتعظوا, فينتهوا عن أن يسلكوا مسلكهم في الكفر بالله, وتكذيب رسله, فيصيبهم مثل ما أصابهم من العقوبة.وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.* ذكر من قال ذلك:حدثنا بشر, قال: ثنا يزيد, قال: ثنا سعيد, عن قتادة, قوله ( وَلَقَدْ تَرَكْنَاهَا آيَةً فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ ) قال: أبقاها الله بباقَردى من أرض الجزيرة, عبرة وآية, حتى نظرت إليها أوائل هذه الأمة نظرا, وكم من سفينة كانت بعدها قد صارت رمادا.حدثنا ابن عبد الأعلى, قال: ثنا ابن ثور, عن معمر, عن قتادة, في قوله ( وَلَقَدْ تَرَكْنَاهَا آيَةً ) قال: ألقى الله سفينة نوح على الجوديّ حتى أدركها أوائل هذه الأمة.قال: ثنا ابن ثور, عن معمر, عن مجاهد, أن الله حين غرّق الأرض, جعلت الجبال تشمخ, فتواضع الجوديّ, فرفعه الله على الجبال, وجعل قرار السفينة عليه.وقوله ( فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ ) يقول: فهل من ذي تذكر يتذكر ما قد فعلنا بهذه الأمة التي كفرت بربها, وعصت رسوله نوحا, وكذبته فيما أتاهم به عن ربهم من النصيحة, فيعتبر بهم, ويحذر أن يَحل به من عذاب الله بكفره بربه, وتكذيبه رسوله محمدا صلى الله عليه وسلم, مثل الذي حلّ بهم, فينيب إلى التوبة, ويراجع الطاعة. وأصل مدّكر: مفتعل من ذكر, اجتمعت فاء الفعل, وهي ذال, وتاء وهي بعد الذال, فصيرتا دالا مشدّدة, وكذلك تفعل العرب فيما كان أوّله ذالا يتبعها تاء الافتعال يجعلونهما جميعا دالا مشدّدة, فيقولون: ادّكرت ادكارًا, وإنما هو اذتكرت اذتكارا, وفهل من مذتكر, ولكن قيل: ادكرت ومدّكر لما قد وصفت, قد ذُكر عن بعض بني أسد أنهم يقولون في ذلك مذّكر, فيقلبون الدال ويعتبرون الدال والتاء ذالا مشددة, وذُكر عن الأسود بن يزيد أنه قال: قلت لعبد الله بن مسعود: فهل من مدّكر, أو مذّكر, فقال: أقرأني رسول الله صلى الله عليه وسلم: (مُذَّكر) يعنى بذال مشددة.وبنحو الذي قلنا في ذلك أهل التأويل.* ذكر من قال ذلك:حدثني يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد في قوله ( فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ ) قال: المدّكر: الذي يتذكر, وفي كلام العرب: المذكر: المتذكر.حدثنا ابن حُميد, قال: ثنا مهران, عن سفيان ( فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ ) قال: فهل من مذّكر.
54:16
فَكَیْفَ كَانَ عَذَابِیْ وَ نُذُرِ(۱۶)
تو کیسا ہوا میرا عذاب اور میری دھمکیاں،

وقوله ( فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ ) يقول تعالى ذكره: فكيف كان عذابي لهؤلاء الذين كفروا بربهم من قوم نوح, وكذّبوا رسوله نوحا, إذ تمادوا في غيهم وضلالهم, وكيف كان إنذاري بما فعلت بهم من العقوبة التي أحللت بهم بكفرهم بربهم, وتكذيبهم رسوله نوحا, صلوات الله عليه, وهو إنذار لمن كفر من قومه من قريش, وتحذير منه لهم, أن يحلّ بهم على تماديهم في غيهم, مثل الذي حلّ بقوم نوح من العذاب.وقوله ( وَنَذَرَ ) يعني: وإنذاري, وهو مصدر.
54:17
وَ لَقَدْ یَسَّرْنَا الْقُرْاٰنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُّدَّكِرٍ(۱۷)
اور بیشک ہم نے قرآن یاد کرنے کے لیے آسان فرمادیا تو ہے کوئی یاد کرنے والا (ف۲۸)

وقوله ( وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ ) يقول تعالى ذكره: ولقد سهَّلنا القرآن, بيَّناه وفصلناه للذكر, لمن أراد أن يتذكر ويعتبر ويتعظ, وهوّناه.كما حدثنا محمد بن عمرو, قال: ثنا أبو عاصم, قال: ثنا عيسى, وحدثني الحارث, قال: ثنا الحسن, قال: ثنا ورقاء جميعا, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد, قوله ( يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ ) قال: هوّناه.حدثني يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد, في قوله ( وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ ) قال: يسَّرنا: بيَّنا.وقوله ( فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ ) يقول: فهل من معتبر متعظ يتذكر فيعتبر بما فيه من العبر والذكر.وقد قال بعضهم في تأويل ذلك: هل من طالب علم أو خير فيُعان عليه, وذلك قريب المعنى مما قلناه, ولكنا اخترنا العبارة التي عبرناها في تأويله, لأن ذلك هو الأغلب من معانيه على طاهره.* ذكر من قال ذلك:حدثنا بشر, قال: ثنا يزيد, قال: ثنا سعيد, عن قتادة ( وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ ) يقول: فهل من طالب خير يُعان عليه.حدثنا الحسين بن عليّ الصُّدائيّ, قال: ثنا يعقوب, قال: ثني الحارث بن عبيد الإياديّ قال: سمعت قتادة يقول في قول الله ( فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ ) قال: هل من طالب خير يُعان عليه.حدثنا عليّ بن سهل, قال: ثنا ضمرة بن ربيعة أو أيوب بن سويد أو كلاهما, عن ابن شَوْذَب, عن مطر, في قوله ( وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ ) قال: هل من طالب علم فيعان عليه.
54:18
كَذَّبَتْ عَادٌ فَكَیْفَ كَانَ عَذَابِیْ وَ نُذُرِ(۱۸)
عاد نے جھٹلایا (ف۲۹) تو کیسا ہوا میرا عذاب اور میرے ڈر دلانے کے فرمان (ف۳۰)

القول في تأويل قوله تعالى : كَذَّبَتْ عَادٌ فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ (18)يقول تعالى ذكره: كذّبت أيضا عاد نبيهم هودا صلى الله عليه وسلم فيما أتاهم به عن الله, كالذي كذّبت قوم نوح, وكالذي كذّبتم مَعْشر قريش نبيكم محمدا صلى الله عليه وسلم وعلى جميع رسله,( فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ ) يقول: فانظروا معشر كفرة قريش بالله كيف كان عذابي إياهم, وعقابي لهم على كفرهم بالله, وتكذيبهم رسوله هودا وإنذاري بفعلي بهم ما فعلت من سلك طرائقهم, وكانوا على مثل ما كانوا عليه من التمادي في الغيّ والضلالة.
54:19
اِنَّاۤ اَرْسَلْنَا عَلَیْهِمْ رِیْحًا صَرْصَرًا فِیْ یَوْمِ نَحْسٍ مُّسْتَمِرٍّۙ(۱۹)
بیشک ہم نے ان پر ایک سخت آندھی بھیجی (ف۳۱) ایسے دن میں جس کی نحوست ان پر ہمیشہ کے لیے رہی (ف۳۲)

وقوله ( إِنَّا أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا صَرْصَرًا ) يقول تعالى ذكره: إنا بعثنا على عاد إذ تمادوا في طغيانهم وكفرهم بالله ريحا صرصرا, وهي الشديدة العصوف في برد, التي لصوتها صرير, وهي مأخوذة من شدة صوت هبوبها إذا سمع فيها كهيئة قول القائل: صرّ, فقيل منه: صرصر, كما قيل: فكبكبوا فيها, من فكبوا, ونَهْنَهْتَ من نَهَهْتَ.وبنحو الذي قلتا في ذلك قال أهل التأويل.* ذكر من قال ذلك:حدثني محمد بن سعد, قال: ثني أبي, قال: ثني عمي, قال: ثني أبي, عن أبيه, عن ابن عباس, قوله ( رِيحًا صَرْصَرًا ) قال: ريحا باردة.حدثنا بشر, قال: ثنا يزيد, قال: ثنا سعيد, عن قتادة, قوله ( إِنَّا أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا صَرْصَرًا ) والصَّرصر: الباردة.حدثنا ابن عبد الأعلى, قال: ثنا ابن ثور, عن معمر, عن قتادة, قال: الصَّرصر: الباردة.حُدثت عن الحسين, قال: سمعت أبا مُعاذ يقول: ثنا عبيد, قال: سمعت الضحاك يقول في قوله ( رِيحًا صَرْصَرًا ) باردة.حدثنا ابن حُميد, قال: ثنا مهران, عن سفيان ( رِيحًا صَرْصَرًا ) قال: شديدة, والصرصر: الباردة.حدثني يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد, في قوله ( رِيحًا صَرْصَرًا ) قال: الصرصر: الشديدة.وقوله ( فِي يَوْمِ نَحْسٍ مُسْتَمِرٍّ ) يقول: في يوم شرّ وشؤم لهم.وبنحو الذي قلنا في ذلك, قال أهل التأويل.* ذكر من قال ذلك:حدثنا ابن عبد الأعلى, قال: ثنا ابن ثور, عن معمر, عن قتادة, قال: النَّحْس: الشؤم.حدثني يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد, في قوله ( فِي يَوْمِ نَحْسٍ ) قال النحس: الشرّ( فِي يَوْمِ نَحْسٍ ) في يوم شرّ.وقد تأوّل ذلك آخرون بمعنى شديد, ومن تأوّل ذلك كذلك فإنه يجعله من صفة اليوم, ومن جعله من صفة اليوم, فإنه ينبغي أن يكون قراءته بتنوين اليوم, وكسر الحاء من النحْس, فيكون ( فِي يَوْمٍ نَحِسٍ ) كما قال جلّ ثناؤه فِي أَيَّامٍ نَحِسَاتٍ ولا أعلم أحدا قرأ ذلك كذلك في هذا الموضع, غير أن الرواية التي ذكرت في تأويل ذلك عمن ذكرت عنه على ما وصفنا تدلّ على أن ذلك كان قراءة.* ذكر من قال ذلك:حدثني محمد بن سعد, قال: ثني أبي, قال: ثني عمي, قال: ثني أبي, عن أبيه, عن ابن عباس, قوله ( فِي يَوْمِ نَحْسٍ ) قال: أيام شداد.وحُدثت عن الحسين, قال: سمعت أبا معاذ يقول: ثنا عبيد, قال: سمعت الضحاك يقول في قوله ( فِي يَوْمِ نَحْسٍ ) يوم شديد.وقوله ( مُسَتَمِرٍّ ) يقول: في يوم شرّ وشؤم, استمرّ بهم البلاء والعذاب فيه إلى أن وافي بهم جهنم.كما حدثنا بشر, قال:. ثنا يزيد, قال: ثنا سعيد, عن قتادة ( فِي يَوْمِ نَحْسٍ مُسْتَمِرٍّ ) يستمرّ بهم إلى نار جهنم.
54:20
تَنْزِعُ النَّاسَۙ- كَاَنَّهُمْ اَعْجَازُ نَخْلٍ مُّنْقَعِرٍ(۲۰)
لوگوں کو یوں دے مارتی تھی کہ گویا اکھڑی ہوئی کھجوروں کے ڈنڈ (سوکھے تنے) ہیں

وقوله ( تَنزعُ النَّاسَ كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ مُنْقَعِرٍ ) يقول: تقتلع الناس ثم ترمي بهم على رءوسهم, فتندقّ رقابهم, وتبين من أجسامهم.كما حدثنا ابن حُميد, قال: ثنا سلمة, عن ابن إسحاق, قال: لما هاجت الريح قام نفر من عاد سبعة شَماليَّا, منهم ستة من أشدّ عاد وأجسمها, منهم عمرو بن الحُلَيِّ والحارث بن شداد والهلقام وابنا تيقن وخَلَجان بن أسعد, فأدلجوا العيال في شعب بين جبلين, ثم اصطفوا على باب الشعب ليردّوا الريح عمن بالشِّعب من العِيال, فجعلت الريح تخفقُهم رجلا رجلا فقالت امرأة من عاد:ذَهَبَ الدَّهْرُ بعَمْرِو بْنِ حُلَيٍّ والهَنيَّاتِثُمَّ بالحارِثِ والهِلْقامِ طَلاعِ الثَّنيَّاتِوَالَّذِي سَدَّ عَلَيْنا الرّيحَ أيَّامَ البَلِيَّاتِ (4)حدثنا العباس بن الوليد البيروتي, قال: أخبرني أبي, قال: ثني إسماعيل بن عياش, عن محمد بن إسحاق قال: لما هبَّت الريح قام سبعة من عاد, فقالوا: نردّ الريح, فأتوا فم الشعب الذي يأتي منه الريح, فوقفوا عليه, فجعلت الريح تهبّ, فتدخل تحت واحد واحد, فتقتلعه من الأرض فترمي به على رأسه, فتندقّ رقبته, ففعلت ذلك بستة منهم, وتركتهم كما قال الله ( أَعْجَازُ نَخْلٍ مُنْقَعِرٍ ) وبقي الخلجان فأتى هودا فقال: يا هود ما هذا الذي أرى في السحاب كهيئة البخاتيّ؟ قال: تلك ملائكة ربي, قال: ما لي إن أسلمت ؟ قال: تَسْلَم, قال: أيُقيدني ربك إن أسلمت من هؤلاء؟ فقال: ويلك أرأيت ملكا يقيد جنوده؟ فقال: وعزّته لو فعل ما رضيت. قال: ثم مال إلى جانب الجبل, فأخذ بركن منه فهزّه, فاهتز في يده, ثم جعل يقول:لَمْ يَبْقَ إلا الخَلَجانُ نَفْسُهُيا لَكَ مِنْ دَهانِي أمْسُهُبِثابِتِ الوَطْءِ شَدِيدٍ وَطْسُهُلَوْ لَمْ يَجِئْني جِئْتُهُ أحُسُّهُ (5)قال: ثم هبت الريح فألحقته بأصحابه.حدثني محمد بن إبراهيم, قال: ثنا مسلم بن إبراهيم, قال: ثنا نوح بن قيس, قال: ثنا محمد بن سيف, عن الحسن, قال: لما أقبلت الريح قام إليها قوم عاد, فأخذ بعضهم بأيدي بعض كما تفعل الأعاجم, وغمزوا أقدامهم في الأرض وقالوا: يا هود من يزيل أقدامنا عن الأرض إن كنت صادقا, فأرسل الله عليهم الريح فصيرتهم كأنهم أعجاز نخل مُنْقَعر.حدثني محمد بن إبراهيم, قال: ثنا مسلم, قال: ثنا نوح بن قيس, قال: ثنا أشعث بن جابر, عن شهر بن حوشب, عن أبي هريرة, قال: إن كان الرجل من قوم عاد ليتخذ المصراعين من حجارة, لو اجتمع عليها خمس مئة من هذه الأمة لم يستطيعوا أن يحملوها, وإن كان الرجل منهم ليغمز قدمه في الأرض, فتدخل في الأرض, وقال: " كأنهم أعجاز نخل " ; ومعنى الكلام: فيتركهم كأنهم أعجاز نخل منقعر, فترك ذكر فيتركهم استغناء بدلالة الكلام عليه. وقيل: إنما شبههم بأعجاز نخل منقعر, لأن رءوسهم كانت تبين من أجسامهم, فتذهب لذلك رِقابهم, وتبقى أجسادهم.* ذكر من قال ذلك:حدثنا الحسن بن عرفة, قال: ثنا خلف بن خليفة, عن هلال بن خباب عن مجاهد, في قوله ( كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ مُنْقَعِرٍ ) قال: سقطت رءوسهم كأمثال الأخبية, وتفرّدت, أو وتَفَرّقت أعناقهم وقال " أبو جعفر: أنا أشك ", فشبهها بأعجاز نخل منقعر.حدثني محمد بن سعد, قال: ثني أبي, قال: ثني عمي, قال: ثني أبي, عن أبيه, عن ابن عباس, قوله ( تَنزعُ النَّاسَ كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ مُنْقَعِرٍ ) قال: هم قوم عاد حين صرعتهم الريح, فكأنهم فلق نخل منقعر .---------------------الهوامش :(4) هذه الأبيات لامرأة من عاد قوم هود عليه السلام ( هامش القرطبي 17 : 136 ) . وقد ذكر المؤلف الأبيات في قصة عاد حينما سلط الله عليهم الريح . والله أعلم بمن قالها وبمن رواها . وقوله ( علينا ) . زيادة لإصلاح الوزن ، وهي ساقطة من الأصل .(5) وهذان البيتان من الأشعار التي رواها أهل القصص في قصة هلاك عاد قوم هود بالريح . وقد أوردها الثعلبي المفسر في كتابه قصص الأنبياء المشهور بعرائس المجالس ص 64 من طبعة الحلبي أ . ه.
54:21
فَكَیْفَ كَانَ عَذَابِیْ وَ نُذُرِ(۲۱)
تو کیا کیسا ہوا میرا عذاب اور ڈر کے فرمان،

( فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ ) يقول تعالى ذكره: فانظروا يا معشر كفار قريش, كيف كان عذابي قوم عاد, إذ كفروا بربهم, وكذّبوا رسوله, فإن ذلك سنة الله في أمثالهم, وكيف كان إنذاري بهم مَنْ أنذرت.
54:22
وَ لَقَدْ یَسَّرْنَا الْقُرْاٰنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُّدَّكِرٍ۠(۲۲)
اور بیشک ہم نے آسان کیا قرآن یاد کرنے کے لیے تو ہے کوئی یاد کرنے والا،

القول في تأويل قوله تعالى : وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ (22)يقول تعالى ذكره: ولقد سهلنا القرآن وهوّناه لمن أراد التذكر به والاتعاظ ( فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ ) يقول: فهل من متعظ ومنزجر بآياته.
54:23
كَذَّبَتْ ثَمُوْدُ بِالنُّذُرِ(۲۳)
ثمود نے رسولوں کو جھٹلایا (ف۳۳)

وقوله ( كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِالنُّذُرِ ) يقول تعالى ذكره: كذّبت ثمود قوم صالح بنذر الله التي أتتهم من عنده, فقالوا تكذيبا منهم لصالح رسول ربهم: أبشرا منا نتبعه نحن الجماعة الكبيرة وهو واحد؟.
54:24
فَقَالُوْۤا اَبَشَرًا مِّنَّا وَاحِدًا نَّتَّبِعُهٗۤۙ-اِنَّاۤ اِذًا لَّفِیْ ضَلٰلٍ وَّ سُعُرٍ(۲۴)
تو بولے کیا ہم اپنے میں کے ایک آدمی کی تابعداری کریں (ف۳۴) جب تو ہم ضرور گمراہ اور دیوانے ہیں (ف۳۵)

وقوله ( إِنَّا إِذًا لَفِي ضَلالٍ وَسُعُرٍ ) يقول: قالوا: إنا إذًا باتباعنا صالحا إن اتبعناه وهو بشر منا واحد لفي ضلال: يعنون: لفي ذهاب عن الصواب وأخذ على غير استقامة وسُعُر: يعنون بالسُّعُر: جمع سَعير.وكان قتادة يقول: عني بالسُّعُر: العناء.حدثنا بشر, قال: ثنا يزيد, قال: ثنا سعيد, عن قتادة, قوله ( إِنَّا إِذًا لَفِي ضَلالٍ وَسُعُرٍ ) : في عناء وعذاب.حدثنا ابن عبد الأعلى, قال: ثنا ابن ثور, عن معمر, عن قتادة, في قوله ( إِنَّا إِذًا لَفِي ضَلالٍ وَسُعُرٍ ) قال: ضلال وعناء.
54:25
ءَاُلْقِیَ الذِّكْرُ عَلَیْهِ مِنْۢ بَیْنِنَا بَلْ هُوَ كَذَّابٌ اَشِرٌ(۲۵)
کیا ہم سب میں سے اس پر (ف۳۶) بلکہ یہ سخت جھوٹا اترونا (شیخی باز) ہے (ف۳۸)

القول في تأويل قوله تعالى : أَؤُلْقِيَ الذِّكْرُ عَلَيْهِ مِنْ بَيْنِنَا بَلْ هُوَ كَذَّابٌ أَشِرٌ (25)يقول تعالى ذكره مخبرا عن قيل مكذّبي رسوله صالح صلى الله عليه وسلم من قومه ثمود: أألقي عليه الذكر من بيننا, يعنون بذلك: أنزل الوحي وخصّ بالنبوّة من بيننا وهو واحد منا, إنكارا منهم أن يكون الله يُرسل رسولا من بني آدم.وقوله ( بَلْ هُوَ كَذَّابٌ أَشِرٌ ) يقول: قالوا: ما ذلك كذلك, بل هو كذّاب أشر, يعنون بالأشر: المَرِح ذا التجبر والكبرياء, والمَرِح من النشاط.وقد حدثني الحسن بن محمد بن سعيد القرشيّ, قال: قلت لعبد الرحمن بن أبي حماد: ما الكذّاب الأشر؟ قال: الذي لا يبالي ما قال, وبكسر الشين من الأشر وتخفيف الراء قرأت قراء الأمصار. وذُكر عن مجاهد أنه كان يقرأه: ( كَذَّابٌ أَشُرٌ ) بضم الشين وتخفيف الراء, وذلك في الكلام نظير الحذِر والحذُر والعَجِل والعَجُل.والصواب من القراءة في ذلك عندنا, ما عليه قرّاء الأمصار لإجماع الحجة من القرّاء عليه.
54:26
سَیَعْلَمُوْنَ غَدًا مَّنِ الْكَذَّابُ الْاَشِرُ(۲۶)
بہت جلد کل جان جائیں گے (ف۳۹) کون تھا بڑا جھوٹا اترونا (شیخی باز)

وقوله ( سَيَعْلَمُونَ غَدًا مَنِ الْكَذَّابُ الأشِرُ ) يقول تعالى ذكره: قال الله لهم: ستعلمون غدا في القيامة من الكذّاب الأشر منكم معشر ثمود, ومن رسولنا صالح حين تردون على ربكم, وهذا التأويل تأويل من قرأه ( سَتَعْلَمُونَ ) بالتاء, وهي قراءة عامة أهل الكوفة سوى عاصم والكسائي. أما تأويل ذلك على قراءة من قرأه بالياء, وهي قراءة عامة قراء أهل المدينة والبصرة وعاصم والكسائي, فإنه قال الله ( سَيَعْلَمُونَ غَدًا مَنِ الْكَذَّابُ الأشِرُ ) وترك من الكلام ذكر قال الله, استغناء بدلالة الكلام عليه.والصواب من القول في ذلك عندنا أنهما قراءتان معروفتان, قد قرأ بكل واحدة منهما علماء من القرّاء, فبأيتهما قرأ القارئ فمصيب, لتقارب معنييهما, وصحتهما في الإعراب والتأويل .
54:27
اِنَّا مُرْسِلُوا النَّاقَةِ فِتْنَةً لَّهُمْ فَارْتَقِبْهُمْ وَ اصْطَبِرْ٘(۲۷)
ہم ناقہ بھیجنے والے ہیں انکی جانچ کو (ف۴۰) تو اے صا لح! تو راہ دیکھ (ف۴۱) اور صبر کر (ف۴۲)

القول في تأويل قوله تعالى : إِنَّا مُرْسِلُو النَّاقَةِ فِتْنَةً لَهُمْ فَارْتَقِبْهُمْ وَاصْطَبِرْ (27)يقول تعالى ذكره: إنا باعثوا الناقة التي سألتها ثمودُ صالحا من الهضبة التي سألوه بَعثَتها منها آية لهم, وحجة لصالح على حقيقة نبوّته وصدق قوله.وقوله ( فِتْنَةً لَهُمْ ) يقول: ابتلاء لهم واختبارا, هل يؤمنون بالله ويتبعون صالحا ويصدّقونه بما دعاهم إليه من توحيد الله إذا أرسل الناقة, أم يكذّبونه ويكفرون بالله؟وقوله ( فَارْتَقِبْهُمْ ) يقول تعالى ذكره لصالح: إنا مُرسلو الناقة فتنة لهم, فانتظرهم, وتبصَّر ما هم صانعوه بها( وَاصْطَبِرْ ) يقول له : واصطبر على ارتقابهم ولا تعجل ، وانتظر ما يصنعون بناقة الله وقيل : (وَاصْطَبِرْ)وأصل الطاء تاء, فجعلت طاء, وإنما هو افتعل من الصبر.
54:28
وَ نَبِّئْهُمْ اَنَّ الْمَآءَ قِسْمَةٌۢ بَیْنَهُمْۚ-كُلُّ شِرْبٍ مُّحْتَضَرٌ(۲۸)
اور انہیں خبر دے دے کہ پانی ان میں حصوں سے ہے (ف۴۳) ہر حصہ پر وہ حاضر ہو جس کی باری ہے (ف۴۴)

القول في تأويل قوله تعالى : وَنَبِّئْهُمْ أَنَّ الْمَاءَ قِسْمَةٌ بَيْنَهُمْ كُلُّ شِرْبٍ مُحْتَضَرٌ (28)وقوله ( وَنَبِّئْهُمْ أَنَّ الْمَاءَ قِسْمَةٌ بَيْنَهُمْ ) يقول تعالى ذكره: نبئهم: أخبرهم أن الماء قسمة بينهم, يوم غبّ الناقة, وذلك أنها كانت ترد الماء يوما, وتغبّ يوما, فقال جلّ ثناؤه لصالح: أخبر قومك من ثمود أن الماء يوم غبّ الناقة قسمة بينهم, فكانوا يقتسمون ذلك يوم غبها, فيشربون منه ذلك اليوم, ويتزوّدون فيه منه ليوم ورودها.وقد وجه تأويل ذلك قوم إلى أن الماء قسمة بينهم وبين الناقة يوما لهم ويوما لها, وأنه إنما قيل بينهم, والمعنى: ما ذكرت عندهم, لأن العرب إذا أرادت الخبر عن فعل جماعة بني آدم مختلطا بهم البهائم, جعلوا الفعل خارجا مخرج فعل جماعة بني آدم, لتغليبهم فعل بني آدم على فعل البهائم.وقوله ( كُلُّ شِرْبٍ مُحْتَضَرٌ ) يقول تعالى ذكره: كلّ شرب من ماء يوم غبّ الناقة, ومن لبن يوم ورودها محتضر يحتضرونه.كما حدثني محمد بن عمرو, قال: ثنا أبو عاصم, قال: ثنا عيسى, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد, في قوله ( كُلُّ شِرْبٍ مُحْتَضَرٌ ) قال: يحضرون بهم الماء إذا غابت, واذا جاءت حضروا اللبن.حدثني الحارث, قال: ثنا الحسين, قال: ثنا ورقاء, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد, في قوله ( كُلُّ شِرْبٍ مُحْتَضَرٌ ) قال: يحضرون بهم الماء إذا غابت, وإذا جاءت حضروا اللبن.
54:29
فَنَادَوْا صَاحِبَهُمْ فَتَعَاطٰى فَعَقَرَ(۲۹)
تو انہوں نے اپنے ساتھی کو (ف۴۵) پکارا تو اس نے (ف۴۶) لے کر اس کی کونچیں کاٹ دیں (ف۴۷)

القول في تأويل قوله تعالى : فَنَادَوْا صَاحِبَهُمْ فَتَعَاطَى فَعَقَرَ (29)يقول تعالى ذكره: فنادت ثمود صاحبهم عاقر الناقة قدار بن سالف ليعقر الناقة حضّا منهم له على ذلك.وقوله ( فَتَعَاطَى فَعَقَرَ ) يقول: فتناول الناقة بيده فعقرها.
54:30
فَكَیْفَ كَانَ عَذَابِیْ وَ نُذُرِ(۳۰)
پھر کیسا ہوا میرا عذاب اور ڈر کے فرمان (ف۴۸)

وقوله ( فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ ) يقول جلّ ثناؤه لقريش: فكيف كان عذابي إياهم معشر قريش حين عذبتهم ألم أهلكهم بالرجفة. ونُذُر: يقول: فكيف كان إنذاري من أنذرت من الأمم بعدهم بما فعلت بهم وأحللت بهم من العقوبة.وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.* ذكر من قال ذلك:حدثني محمد بن سعد, قال: ثنى أبي, قال: ثني عمي, قال: ثني أبي, عن أبيه, عن ابن عباس , قوله ( فَتَعَاطَى فَعَقَرَ ) قال: تناولها بيده ( فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ ) قال: يقال: إنه ولد زنية فهو من التسعة الذين كانوا يُفسدون في الأرض, ولا يصلحون, وهم الذين قالوا لصالح لَنُبَيِّتَنَّهُ وَأَهْلَهُ ولنقتلنهم.
54:31
اِنَّاۤ اَرْسَلْنَا عَلَیْهِمْ صَیْحَةً وَّاحِدَةً فَكَانُوْا كَهَشِیْمِ الْمُحْتَظِرِ(۳۱)
بیشک ہم نے ان پر ایک چنگھاڑ بھیجی (ف۴۹) جبھی وہ ہوگئے جیسے گھیرا بنانے والے کی بچی ہوئی گھاس سوکھی روندی ہوئی (ف۵۰)

وقوله ( إِنَّا أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ صَيْحَةً وَاحِدَةً ) وقد بيَّنا فيما مضى أمر الصيحة, وكيف أتتهم, وذكرنا ما روي في ذلك من الآثار, فأغنى ذلك عن إعادته في هذا الموضع.وقوله ( فَكَانُوا كَهَشِيمِ الْمُحْتَظِرِ ) يقول تعالى ذكره فكانوا بهلاكهم بالصيحة بعد نضارتهم أحياء, وحسنهم قبل بوارهم كيبس الشجر الذي حظرته بحظير حظرته بعد حُسن نباته, وخضرة ورقه قبل يُبسه.وقد اختلف أهل التأويل في المعنيّ بقوله ( كَهَشِيمِ الْمُحْتَظِرِ ) فقال بعضهم: عني بذلك: العظام المحترقة, وكأنهم وجهوا معناه إلى أنه مَثَّلَ هؤلاء القوم بعد هلاكهم وبلائهم بالشيء الذي أحرقه محرق في حظيرته.* ذكر من قال ذلك:حدثني سليمان بن عبد الجبار, قال: ثنا محمد بن الصلت, قال ثنا أبو كُدينة, قال: ثنا قابوس, عن أبيه, عن ابن عباس ( كَهَشِيمِ الْمُحْتَظِرِ ) &; 22-594 &; قال: كالعظام المحترقة.حدثني محمد بن سعد, قال: ثني أبي, قال: ثني عمي, قال: ثنى أبي, عن أبيه, عن ابن عباس, قوله ( فَكَانُوا كَهَشِيمِ الْمُحْتَظِرِ ) قال: المحترق . ولا بيان عندنا في هذا الخبر عن ابن عباس, كيف كانت قراءته ذلك, إلا أنا وجهنا معنى قوله هذا على النحو الذي جاءنا من تأويله قوله ( كَهَشِيمِ الْمُحْتَظِرِ ) إلى أنه كان يقرأ ذلك كنحو قراءة الأمصار, وقد يحتمل تأويله ذلك كذلك أن يكون قراءته كانت بفتح الظاء من المحتظر, على أن المحتظر نعت للهشيم, أضيف إلى نعته, كما قيل : إِنَّ هَذَا لَهُوَ حَقُّ الْيَقِينِ قد ذُكر عن الحسن وقتادة أنهما كانا يقرآن ذلك كذلك, ويتأوّلانه هذا التأويل الذي ذكرناه عن ابن عباس.حدثني عبد الوارث بن عبد الصمد بن عبد الوارث, قال: ثني أبي, عن الحسن, قال: كان قتادة يقرأ ( كَهَشِيمِ الْمُحْتَظِرِ ) يقول: المحترق.حدثنا بشر, قال: ثنا يزيد, قال: ثنا سعيد, عن قتادة, قوله ( فَكَانُوا كَهَشِيمِ الْمُحْتَظِرِ ) يقول: كهشيم محترق.وقال آخرون: بل عنى بذلك التراب . الذي يتناثر من الحائط.* ذكر من قال ذلك:حدثنا بن حميد, قال: ثنا مهران, عن يعقوب, عن جعفر, عن سعيد بن جبير ( كَهَشِيمِ الْمُحْتَظِرِ ) قال: التراب الذي يتناثر من الحائط.وقال آخرون: بل هو حظيرة الراعي للغنم.* ذكر من قال ذلك:حدثنا ابن حميد, قال: ثنا مهران, عن سفيان, عن أبي إسحاق وأسنده, قال ( الْمُحْتَظِرِ ) حظيرة الراعي للغنم.حُدثت عن الحسين, قال: سمعت أبا معاذ يقول: أخبرنا عبيد, قال: &; 22-595 &; سمعت الضحاك يقول في قوله ( كَهَشِيمِ الْمُحْتَظِرِ ) المحتظر: الحظيرة تتخذ للغنم فتيبس, فتصير كهشيم المحتظر, قال: هو الشوك الذي تحظر به العرب حول مواشيها من السباع والهشيم: يابس الشجر الذي فيه شوك ذلك الهشيم.وقال آخرون: بل عني به هشيم الخيمة, وهو ما تكسَّر من خشبها.* ذكر من قال ذلك:حدثني محمد بن عمرو, قال: ثنا أبو عاصم, قال: ثنا عيسى, عن مجاهد, في قوله ( كَهَشِيمِ الْمُحْتَظِرِ ) قال: الرجل يهشِم الخيمة.وحدثني الحارث, قال: ثنا ورقاء جميعا, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد, في قوله ( كَهَشِيمِ الْمُحْتَظِرِ ) الهشيم: الخيمة.وقال آخرون: بل هو الورق الذي يتناثر من خشب الحطب.* ذكر من قال ذلك:حدثنا ابن حُميد, قال: ثنا مهران, عن سفيان ( كَهَشِيمِ ) قال: الهشيم: إذا ضربت الحظيرة بالعصا تهشم ذاك الورق فيسقط. والعرب تسمي كل شيء كان رطبا فيبس هشيما.
54:32
وَ لَقَدْ یَسَّرْنَا الْقُرْاٰنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُّدَّكِرٍ(۳۲)
اور بیشک ہم نے آسان کیا قرآن یاد کرنے کے لیے تو ہے کوئی یاد کرنے والا،

القول في تأويل قوله تعالى : وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ (32)يقول تعالى ذكره: ولقد هوّنا القرآن بيَّناه للذكر: يقول: لمن أراد أن يتذكر به فيتعظ ( فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ ) يقول: فهل من متَّعظ به ومعتبر فيعتبر به, فيرتدع عما يكرهه الله منه.
54:33
كَذَّبَتْ قَوْمُ لُوْطٍۭ بِالنُّذُرِ(۳۳)
لوط کی قوم نے رسولوں کو جھٹلایا،

وقوله ( كَذَّبَتْ قَوْمُ لُوطٍ بِالنُّذُرِ ) يقول تعالى ذكره: كذّبت قوم لوط بآيات الله التي أنذرهم وذكرهم بها.
54:34
اِنَّاۤ اَرْسَلْنَا عَلَیْهِمْ حَاصِبًا اِلَّاۤ اٰلَ لُوْطٍؕ-نَجَّیْنٰهُمْ بِسَحَرٍۙ(۳۴)
بیشک ہم نے ان پر (ف۵۱) پتھراؤ بھیجا (ف۵۲) سوائے لو ط کے گھر والوں کے (ف۵۳) ہم نے انہیں پچھلے پہر (ف۵۴) بچالیا،

وقوله ( إِنَّا أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ حَاصِبًا ) يقول تعالى ذكره: إنا أرسلنا عليهم حجارة.وقوله ( إِلا آلَ لُوطٍ نَجَّيْنَاهُمْ بِسَحَرٍ ) يقول: غير آل لوط الذين صدّقوه واتبعوه على دينه فإنا نجيناهم من العذاب الذي عذّبنا به قومه الذين كذبوه, والحاصب الذي حصبناهم به بسحر: بنعمة من عندنا: يقول: نعمة أنعمناها على لوط وآله, وكرامة أكرمناهم بها من عندنا.
54:35
نِّعْمَةً مِّنْ عِنْدِنَاؕ-كَذٰلِكَ نَجْزِیْ مَنْ شَكَرَ(۳۵)
اپنے پاس کی نعمت فرماکر، ہم یونہی صلہ دیتے ہیں اسے جو شکر کرے (ف۵۵)

وقوله ( كَذَلِكَ نَجْزِي مَنْ شَكَرَ ) يقول: وكما أثبنا لوطًا وآله, وأنعمنا عليه, فأنجيناهم من عذابنا بطاعتهم إيانا كذلك نثيب من شكرنا على نعمتنا عليه, فأطاعنا وانتهى إلى أمرنا ونهينا من جميع خلقنا. وأجرى قوله بسحر, لأنه نكرة, وإذا قالوا: فعلت هذا سحر بغير باء لم يجروه.
54:36
وَ لَقَدْ اَنْذَرَهُمْ بَطْشَتَنَا فَتَمَارَوْا بِالنُّذُرِ(۳۶)
اور بیشک اس نے (ف۵۶) انہیں ہماری گرفت سے (ف۵۷) ڈرایا تو انہوں نے ڈر کے فرمانوں میں شک کیا (ف۵۸)

القول في تأويل قوله تعالى : وَلَقَدْ أَنْذَرَهُمْ بَطْشَتَنَا فَتَمَارَوْا بِالنُّذُرِ (36)يقول تعالى ذكره: ولقد أنذر لوط قومه بطشتنا التي بطشناها قبل ذلك ( فَتَمَارَوْا بِالنُّذُرِ ) يقول: فكذّبوا بإنذاره ما أنذرهم من ذلك شكا منهم فيه .وقوله ( فَتَمَارَوْا ) تفاعلوا من المرية.وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل:* ذكر من قال ذلك:حدثنا بشر, قال: ثنا يزيد, قال: ثنا سعيد, عن قتادة, قوله ( فَتَمَارَوْا بِالنُّذُرِ ) لم يصدّقوه، وقوله ( وَلَقَدْ رَاوَدُوهُ عَنْ ضَيْفِهِ ) يقول جلّ ثناؤه: ولقد راود لوطا قومه عن ضيفه الذين نزلوا به حين أراد الله إهلاكهم ( فَطَمَسْنَا أَعْيُنَهُمْ ) يقول: فطمسنا على أعينهم حتى صيرناها كسائر الوجه لا يرى لها شقّ, فلم يبصروا ضيفه. والعرب تقول: قد طمست الريح الأعلام: إذا دفنتها بما تسفي عليها من التراب, كما قال كعب بن زُهَير:مِنْ كُلّ نَصَّاخَةِ الذّفْرَى إذَا أعْتَرَقَتْعُرْضَتها طامِسُ الأعْلام مَجْهُولُ (1)يعني بقوله ( طامِسُ الأعْلامِ ) : مندفن الأعلام.وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.* ذكر من قال ذلك:------------------------الهوامش:(1) البيت : لكعب بن زهير من لاميته المشهورة " بانت سعاد " التي مدح بها سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم . وقد شرحناه ثلاث مرات في ( 2 : 402 ، 5 : 123 ، 9 : 157 ) من هذه الطبعة ، فراجعه في أحد هذه المواضع ، أو فيها كلها، لزيادة الفائدة .
54:37
وَ لَقَدْ رَاوَدُوْهُ عَنْ ضَیْفِهٖ فَطَمَسْنَاۤ اَعْیُنَهُمْ فَذُوْقُوْا عَذَابِیْ وَ نُذُرِ(۳۷)
انہوں نے اسے اس کے مہمانوں سے پھسلانا چاہا (ف۵۹) تو ہم نے ان کی آنکھیں میٹ دی (چوپٹ کردیں) (ف۶۰) فرمایا چکھو میرا عذاب اور ڈر کے فرمان (ف۶۱)

حدثني محمد بن سعد, قال: ثني أبي, قال: ثني عمي, قال: ثني أبي, عن أبيه, عن ابن عباس, قوله ( وَلَقَدْ رَاوَدُوهُ عَنْ ضَيْفِهِ فَطَمَسْنَا أَعْيُنَهُمْ ) قال: عمى الله عليهم الملائكة حين دخلوا على لوط.حدثنا بشر, قال: ثنا يزيد, قال: ثنا سعيد, عن قتادة, قوله ( وَلَقَدْ رَاوَدُوهُ عَنْ ضَيْفِهِ فَطَمَسْنَا أَعْيُنَهُمْ ) وذُكر لنا أن جبريل عليه السلام استأذن ربه في عقوبتهم ليلة أتوا لوطا, وأنهم عالجوا الباب ليدخلوا عليه, فصفقهم بجناحه, وتركهم عميا يتردّدون.حدثني يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد, في قول الله ( وَلَقَدْ رَاوَدُوهُ عَنْ ضَيْفِهِ فَطَمَسْنَا أَعْيُنَهُمْ ) قال: هؤلاء قوم لوط حين راودوه عن ضيفه, طمس الله أعينهم, فكان ينهاهم عن عملهم الخبيث الذي كانوا يعملون, فقالوا: إنا لا نترك عملنا فإياك أن تُنزل أحدا أو تُضيفه, أو تدعه ينزل عليك, فإنا لا نتركه ولا نترك عملنا. قال: فلما جاءه المرسلون, خرجت امرأته الشقية من الشقّ, فأتتهم فدعتهم, وقالت لهم: تعالوا فإنه قد جاء قوم لم أر قطّ أحسن وجوها منهم, ولا أحسن ثيابًا, ولا أطيب أرواحا منهم, قال: فجاءوه يهرعون إليه, فقال: إن هؤلاء ضيفي, فاتقوا الله ولا تخزوني في ضيفي, قالوا: أولم ننهك عن العالمين؟ أليس قد تقدمنا إليك وأعذرنا فيما بيننا بينك؟ قال: هؤلاء بناتي هنّ أطهر لكم فقال له جبريل عليه السلام: ما يهولك من هؤلاء؟ قال: أما ترى ما يريدون؟ فقال: إنا رسل ربك لن يصلوا إليك, لا تخف ولا تحزن إنا منجوك وأهلك إلا امرأتك, لتصنعن هذا الأمر سرّا, وليكوننّ فيه بلاء; قال: فنشر جبريل عليه السلام جناحا من أجنحته, فاختلس به أبصارهم, فطمس أعينهم, فجعلوا يجول بعضهم في بعض, فذلك قول الله ( فَطَمَسْنَا أَعْيُنَهُمْ فَذُوقُوا عَذَابِي وَنُذُرِ ) .حُدثت عن الحسين, قال: سمعت أبا معاذ يقول: أخبرنا عبيد, قال: سمعت الضحاك يقول في قوله ( وَلَقَدْ رَاوَدُوهُ عَنْ ضَيْفِهِ ) جاءت الملائكة في صور الرجال, وكذلك كانت تجيء, فرآهم قوم لوط حين دخلوا القرية. وقيل: إنهم نزلوا بلوط, فأقبلوا إليهم يريدونهم, فتلقَّاهم لوط يناشدهم الله أن لا يخزوه في ضيفه, فأبوا عليه وجاءوا ليدخلوا عليه, فقالت الرسل للوط خلّ بينهم وبين الدخول, فإنا رسل ربك, لن يصلوا إليك, فدخلوا البيت, وطمس الله على أبصارهم, فلم يروهم; وقالوا: قد رأيناهم حين دخلوا البيت, فأين ذهبوا؟ فلم يروهم ورجعوا.وقوله ( فَذُوقُوا عَذَابِي وَنُذُرِ ) يقول تعالى ذكره: فذوقوا معشر قوم لوط من سدوم, عذابي الذي حلّ بكم, وإنذاري الذي أنذرت به غيركم من الأمم من النكال والمثلات.
54:38
وَ لَقَدْ صَبَّحَهُمْ بُكْرَةً عَذَابٌ مُّسْتَقِرٌّۚ(۳۸)
اور بیشک صبح تڑکے ان پر ٹھہرنے والا عذاب آیا (ف۶۲)

القول في تأويل قوله تعالى : وَلَقَدْ صَبَّحَهُمْ بُكْرَةً عَذَابٌ مُسْتَقِرٌّ (38)يقول تعالى ذكره: ولقد صُبِّحَ قوْمُ لوط بُكْرةً ذكر أن ذلك كان عند طلوع الفجر.حدثنا ابن حُميد, قال: ثنا مهران, عن سفيان ( بُكْرَةً ) قال: عند طلوع الفجر.وقوله ( عَذَابِ ) وذلك قلب الأرض بهم, وتصيير أعلاها أسفلها بهم, ثم إتباعهم بحجارة من سجيل منضود.كما حدثنا ابن حُميد, قال: ثنا مهران, عن سفيان ( وَلَقَدْ صَبَّحَهُمْ بُكْرَةً عَذَابٌ ) قال: حجارة رموا بها.وقوله ( مُسْتَقِرّ ) يقول: استقرّ ذلك العذاب فيهم إلى يوم القيامة حتى يوافوا عذاب الله الأكبر في جهنم.وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.* ذكر من قال ذلك:حدثنا بشر, قال: ثنا يزيد, قال: ثنا سعيد, عن قتادة ( وَلَقَدْ صَبَّحَهُمْ بُكْرَةً عَذَابٌ مُسْتَقِرٌّ ) يقول: صبحهم عذاب مستقرّ, استقرّ بهم إلى نار جهنم.حدثني يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد, في قوله ( وَلَقَدْ صَبَّحَهُمْ بُكْرَةً ) ... الآية, قال: ثم صبحهم بعد هذا, يعني بعد أن طمس الله أعينهم, فهم من ذلك العذاب إلى يوم القيامة, قال: وكل قومه كانوا كذلك, ألا تسمع قوله حين يقول : أَلَيْسَ مِنْكُمْ رَجُلٌ رَشِيدٌ .حدثنا ابن حُميد, قال: ثنا مهران, عن سفيان ( مُسْتَقِرّ ) استقرّ.
54:39
فَذُوْقُوْا عَذَابِیْ وَ نُذُرِ(۳۹)
تو چکھو میرا عذاب اور ڈر کے فرمان،

وقوله ( فَذُوقُوا عَذَابِي وَنُذُرِ ) يقول تعالى ذكره لهم: فذوقوا معشر قوم لوط عذابي الذي أحللته بكم, بكفركم بالله وتكذيبكم رسوله, وإنذاري بكم الأمم سواكم بما أنزلته بكم من العقاب.
54:40
وَ لَقَدْ یَسَّرْنَا الْقُرْاٰنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُّدَّكِرٍ۠(۴۰)
اور بیشک ہم نے آسان کیا قرآن یاد کرنے کے لیے تو ہے کوئی یاد کرنے والا،

وقوله ( وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ ) يقول تعالى ذكره: ولقد سهَّلنا القرآن للذكر لمن أراد التذكر به فهل من متعظ ومعتبر به فينزجر به عما نهاه الله عنه إلى ما أمره به وأذن له فيه.
  FONT
  THEME
  TRANSLATION
  • English | Ahmed Ali
  • Urdu | Ahmed Raza Khan
  • Turkish | Ali-Bulaç
  • German | Bubenheim Elyas
  • Chinese | Chineese
  • Spanish | Cortes
  • Dutch | Dutch
  • Portuguese | El-Hayek
  • English | English
  • Urdu | Fateh Muhammad Jalandhry
  • French | French
  • Hausa | Hausa
  • Indonesian | Indonesian-Bahasa
  • Italian | Italian
  • Korean | Korean
  • Malay | Malay
  • Russian | Russian
  • Tamil | Tamil
  • Thai | Thai
  • Farsi | مکارم شیرازی
  TAFSEER
  • العربية | التفسير الميسر
  • العربية | تفسير الجلالين
  • العربية | تفسير السعدي
  • العربية | تفسير ابن كثير
  • العربية | تفسير الوسيط لطنطاوي
  • العربية | تفسير البغوي
  • العربية | تفسير القرطبي
  • العربية | تفسير الطبري
  • English | Arberry
  • English | Yusuf Ali
  • Dutch | Keyzer
  • Dutch | Leemhuis
  • Dutch | Siregar
  • Urdu | Sirat ul Jinan
  HELP

اَلْقَمَر
اَلْقَمَر
  00:00



Download

اَلْقَمَر
اَلْقَمَر
  00:00



Download