READ
Surah al-Mursalat
اَلْمُرْسَلٰت
50 Ayaat مکیۃ
77:0
بِسْمِ اللّٰهِ الرَّحْمٰنِ الرَّحِیْمِ
اللہ کے نام سے شروع جو بہت مہربان رحمت والا
سورة الفاتحة هي السورة الوحيدة التي أمر الإسلام أتباعه أن يقرءوها في كل صلاة. وفي جميع الركعات، وفي كل الأوقات، ولهذا أصبح حفظها ميسورا لكل مؤمن.وهذه السورة على صغر حجمها، وقلة آياتها، قد اشتملت بوجه إجمالي على مقاصد الدين من توحيد، وتعبد، وأحكام، ووعد ووعيد.ونرى من الخير قبل أن نبدأ في تفسيرها بالتفصيل، أن نمهد لذلك بالكلام عما يأتي:أولا: متى نزلت سورة الفاتحة؟للإجابة على هذا السؤال نقول: إن الرأي الراجح بين المحققين من العلماء أنها نزلت بمكة، بل هي من أوائل ما نزل من القرآن بمكة.وقيل: إنها مدنية. وقيل: إنها نزلت مرتين مرة بمكة حين فرضت الصلاة ومرة بالمدينة حين حولت القبلة.قال القرطبي: الأول أصح لقوله- تعالى- في سورة الحجر: وَلَقَدْ آتَيْناكَ سَبْعاً مِنَ الْمَثانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ وسورة الحجر مكية بالإجماع. ولا خلاف في أن فرض الصلاة كان بمكة، وما حفظ أنه لم يكن في الإسلام قط صلاة بغير الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ «يدل على ذلك قوله صلّى الله عليه وسلّم: «لا صلاة إلا بفاتحة الكتاب» . وهذا خبر عن الحكم لا عن الابتداء» .ثانيا: عدد آياتها: وهي سبع آيات لقوله- تعالى-: وَلَقَدْ آتَيْناكَ سَبْعاً مِنَ الْمَثانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ. قال العلماء: السبع المثاني هي الفاتحة.وقال ابن كثير: هي سبع آيات بلا خلاف. وقال عمرو بن عبيد: هي ثماني آيات لأنه جعل إِيَّاكَ نَعْبُدُ آية. وقال حسين الجعفي: هي ست آيات وهذان القولان شاذان» .ثالثا: أسماؤها: لسورة الفاتحة أسماء كثيرة من أشهرها:1- «الفاتحة أو فاتحة الكتاب، وسميت بذلك لأنه تفتتح قراءة القرآن بها لفظا. وتفتتح بها الكتابة في المصحف خطا، وتفتتح بها الصلوات، وإن لم تكن هي أول ما نزل من القرآن. وقد اشتهرت بهذا الاسم في أيام النبوة.وقد أصبح هذا الاسم علما بالغلبة لتلك الطائفة من الآيات التي مبدؤها الْحَمْدُ لِلَّهِ..ونهايتها.. وَلَا الضَّالِّينَ.2- «أم القرآن أو الكتاب» وسميت بذلك لاشتمالها إجمالا على المقاصد التي ذكرت فيه تفصيلا، أو لاشتمالها على ما فيه من الثناء على الله بما هو أهله، والتعبد بأمره ونهيه، وبيان وعده ووعيده، أو على جملة معانيه من الحكم النظرية، والأحكام العملية التي هي سلوك الصراط المستقيم، والاطلاع على معارج السعداء ومنازل الأشقياء.قال ابن جرير: «والعرب تسمى كل أمر جامع أمّا، وكل مقدم له توابع تتبعه «أما» فتقول للجلدة التي تجمع الدماغ: «أم الرأس» . وتسمى لواء الجيش ورايتهم التي يجتمعون تحتها «أما» .3- «السبع المثاني» جمع مثنى كفعلي اسم مكان. أو مثنى- بالتشديد- من التثنية على غير قياس. وسميت بذلك لأنها سبع آيات في الصلاة، أى تكرر فيها أخرج الإمام أحمد، عن أبي هريرة، عن النبي صلّى الله عليه وسلّم أنه قال: «هي أم القرآن، وهي السبع المثاني، وهي القرآن العظيم» .4- وتسمى- أيضا- سورة «الحمد» . 5- و «الكنز» . 6- و «الواقية» .7- و «الشفاء» ، لحديث. هي الشفاء من كل داء.8- و «الكافية» لأنها تكفي عن سواها ولا يكفى سواها عنها.9- و «الأساس» . 10- و «الرقية» .هذا، وقد ذكر القرطبي للفاتحة اثنى عشر اسما، كما ذكر السيوطي لها في كتابه «الإتقان» خمسة وعشرين اسما.رابعا: فضلها: ورد في فضل سورة الفاتحة أحاديث كثيرة منها:ما رواه البخاري في صحيحه عن أبي سعيد بن المعلى- رضي الله عنه- قال:كنت أصلي في المسجد، فدعاني النبي صلّى الله عليه وسلّم فلم أجبه فقلت: يا رسول الله، إني كنت أصلّي.فقال: ألم يقل الله: اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذا دَعاكُمْ.ثم قال لي: «لأعلمنك سورة هي أعظم السور في القرآن قبل أن تخرج من المسجد» . ثم أخذ بيدي، فلما أراد أن يخرج، قلت: يا رسول الله. ألم تقل: لأعلمنك سورة هي أعظم سورة في القرآن. قال: الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ، هي السبع المثاني والقرآن العظيم الذي أوتيته» .وروى مسلّم والنسائي، عن ابن عباس، قال:بينما جبريل قاعد عند النبي صلّى الله عليه وسلّم سمع نقيضا من فوقه- أي: صوتا- فرفع رأسه فقال:هذا باب من السماء فتح اليوم لم يفتح قط إلا اليوم. فسلّم وقال: أبشر بنورين قد أوتيتهما، ولم يؤتهما نبي قبلك: فاتحة الكتاب، وخواتيم سورة البقرة، لم تقرأ بحرف منهما إلا أعطيته» .وروى مسلّم عن أبي هريرة- رضي الله عنه- عن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال:«من صلّى صلاة لم يقرأ فيها بأم القرآن فهي خداج (ثلاثا) : غير تمام» فقيل لأبي هريرة: إنا نكون وراء الإمام؟ فقال: اقرأ بها في نفسك فإني سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول: قال الله- تعالى-: «قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين، ولعبدي ما سأل» ، فإذا قال العبد:الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ. قال الله: حمدني عبدي، وإذا قال: الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ. قال الله تعالى: أثنى علي عبدي. وإذا قال: مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ قال الله: مجدني عبدي. فإذا قال:إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ. قال الله: هذا بيني وبين عبدي ولعبدي ما سأل. فإذا قال:اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ. صِراطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ.قال الله: «هذا لعبدي ولعبدي ما سأل» .وأخرج الإمام أحمد في مسنده، عن عبد الله بن جابر، أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال له: ألا أخبرك بأخير سورة في القرآن؟ قلت: بلى يا رسول الله. قال: اقرأ: الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ حتى تختمها .تلك هي بعض الأحاديث التي وردت في فضل هذه السورة الكريمة.وقد ذكر العلماء أنه يسن للمسلّم قبل القراءة أن يستعيذ بالله من الشيطان الرجيم، استجابة لقوله- تعالى- فَإِذا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطانِ الرَّجِيمِ .ومعنى «أعوذ بالله من الشيطان الرجيم» : ألتجئ إلى الله وأتحصن به، واستجير بجنابه من الشيطان الرجيم أن يضرني في ديني أو دنياي.قال ابن كثير: «والشيطان في لغة العرب كل متمرد من الجن والإنس والدواب وكل شيء.وهو مشتق من شطن إذا بعد، فهو بعيد بطبعه عن طباع الشر، وبعيد بفسقه عن كل خير.وقيل: مشتق من شاط لأنه مخلوق من نار. والأول أصح إذ عليه يدل كلام العرب، فهم:يقولون تشيطن فلان إذا فعل أفعال الشيطان، ولو كان من شاط. لقالوا: تشيط، فالشيطان مشتق من البعد على الصحيح» .والرجيم: فعيل بمعنى مفعول أي أنه مرجوم مطرود من رحمة الله ومن كل خير، وقيل:رجيم بمعنى راجم لأنه يرجم الناس بالوساوس والشكوك.قال بعض العلماء: «وإنما خصت القراءة بطلب الاستعاذة مع أنه قد أمر بها على وجه العموم في جميع الشئون، لأن القرآن مصدر الهداية والشيطان مصدر الضلال، فهو يقف للإنسان بالمرصاد في هذا الشأن على وجه خاص، فيثير أمامه ألوانا من الشكوك فيما يقرأ، وفيما يفيد من قراءته، وفيما يقصد بها، فيفوت عليه الانتفاع بهدى الله وآياته، فعلمنا الله أن نتقي ذلك كله بهذه الاستعاذة التي هي في الواقع عنوان صدق، وتعبير حق، عن امتلاء قلب المؤمن بمعنى اللجوء إلى الله، وقوة عزيمته في طرد الوساوس والشكوك، واستقبال الهداية بقلب طاهر،وعقل واع، وإيمان ثابت» .قال القرطبي: وقد أجمع العلماء على أن التعوذ ليس من القرآن ولا آية منه، وهو قول القارئ: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم .والآن وبعد هذا التمهيد الموجز الذي تكلمنا فيه عن نزول سورة الفاتحة، وعن عدد آياتها، وعن أشهر أسمائها، وعن بعض الأحاديث التي وردت في فضلها نحب أن نبدأ في تفسير السورة الكريمة فنقول- وبالله التوفيق-: بسم ٱلله الرَّحْمٰنِ الرَّحِيمِ الاسم: اللفظ الذى يدل على ذات أو معنى. وقد اختلف النحويون في اشتقاقه على وجهين، فقال البصريون: هو مشتق من السمو، وهو العلو والرفعة، فقيل: اسم، لأن صاحبه بمنزلة المرتفع به.وقال الكوفيون: إنه مشتق من السمة وهي العلامة، لأن الاسم علامة لمن وضع له، فأصل اسم على هذا " وسم ".ويرى المحققون أن رأي البصريين أرجح، لأنه يقال في تصغير " اسم " سُمىَ، وفي جمعه أسماء، والتصغير والجمع يردان الأشياء إلى أصولها. ولو كان أصله وسم - كما قال الكوفيون - لقيل في جمعه: أوسام، وفي تصغيره وسيم.ولفظ الجلالة وهو " الله " علم على ذات الخالق - عز وجل - تفرد به - سبحانه - ولا يطلق على غيره، ولا يشاركه فيه أحد.قال القرطبي: قوله " الله " هذا الاسم أكبر أسمائه - سبحانه - وأجمعها حتى قال بعض العلماء: إنه اسم الله الأعظم ولم يتسم به غيره، ولذلك لم يثن ولم يجمع: فالله اسم للموجود الحق الجامع لصفات الإِلهية، المنعوت بنعوت الربوبيه، المنفرد بالوجود الحقيقي، لا إله إلا هو - سبحانه -و ٱلرَّحْمٰنِ ٱلرَّحِيمِ صفتان مشتقتان من الرحمة. والرحمة في أصل اللغة: رقة في القلب تقتضي الإِحسان، وهذا المعنى لا يليق أن يكون وصفاً لله - تعالى-، ولذا فسرها بعض العلماء بإرادة الإِحسان. وفسرها آخرون بالإِحسان نفسه.والموافق لمذهب السلف أن يقال: هي صفة قائمة بذاته - تعالى - لا نعرف حقيقتها، وإنما نعرف أثرها الذي هو الإِحسان.وقد كثرت أقوال المفسرين في العلاقة بين هاتين الصفتين، فبعضهم يرى أن ٱلرَّحْمٰنِ هو المنعم على جميع الخلق. وأن ٱلرَّحِيمِ هو المنعم على المؤمنين خاصه. ويرى آخرون أن ٱلرَّحْمٰنِ هو المنعم بجلائل النعم، وأن ٱلرَّحِيمِ هو المنعم بدقائقها.ويرى فريق ثالث أن الوصفين بمعنى واحد وأن الثاني منهما تأكيد للأول. والذى يراه المحققون من العلماء أن الصفتين ليستا بمعنى واحد، بل روعي فب كل منهما معنى لم يراع في الآخر، فالرحمن بمعنى عظيم الرحمة، لأن فعلان صيغة مبالغة في كثرة الشيء وعظمته، ويلزم منه الدوام كغضبان وسكران. والرحيم بمعنى دائم الرحمة، لأن صيغته فعيل تستعمل في الصفات الدائمة ككريم وظريف. فكأنه قيل: العظيم الرحمة الدائمة.أو أن ٱلرَّحْمٰنِ صفة ذاتية هي مبدأ الرحمة والإِحسان. و ٱلرَّحِيمِ صفة فعل تدل على وصول الرحمة والإِحسان وتعديهما إلى المنعم عليه.ولعل مما يؤيد ذلك أن لفظ الرحمن لم يذكر في القرآن إلا مجرى عليه الصفات كما هو الشأنِ في أسماء الذات. قال - تعالى-: ٱلرَّحْمَٰنُ عَلَّمَ ٱلْقُرْآنَ و ٱلرَّحْمَٰنُ عَلَى ٱلْعَرْشِ ٱسْتَوَىٰ قُلِ ٱدْعُواْ ٱللَّهَ أَوِ ٱدْعُواْ ٱلرَّحْمَٰنَ وهكذا...أما لفظ الرحيم فقد كثر في القرآن استعماله وصفاً فعلياً، وجاء في الغالب بأسلوب التعدية والتعلق بالمنعم عليه. قال - تعالى - إِنَّ ٱللَّهَ بِٱلنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَّحِيمٌ وَكَانَ بِٱلْمُؤْمِنِينَ رَحِيماً إِنَّهُ كَانَ بِكُمْ رَحِيماً إلخ.قال بعض العلماء " وهذا الرأي في نظرنا هو أقوى الآراء، فإن تخصيص أحد الوصفين بدقائق النعم أو ببعض المنعم عليهم لا دليل عليه، كما أنه ليس مستساغاً أن يقال في القرآن: إن كلمة ذكرت بعد أخرى لمجرد تأكيد المعنى المستفاد منها ".والجار والمجرور " بسم " متعلق بمحذوف تقديره ابتدئ.والمعنى: ابتدئ قراءتي متبركاً ومتيمناً باسم الله الذى هو الأول والآخر، والظاهر والباطن، والذى رحمته وسعت كل شيء، وأتبرأ مما كان يفعله المشركون والضالون، من ابتدائهم قراءتهم وأفعالهم باسم اللات أو باسم العزى أو باسم غيرهما من الآلهة الباطلة.هذا وقد أجمع العلماء على أن البسملة جزء آية من سورة النمل فى قوله - تعالى - إِنَّهُ مِن سُلَيْمَانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ ٱللَّهِ ٱلرَّحْمَٰنِ ٱلرَّحِيمِ ثم اختلفوا بعد ذلك في كونها آية مستقلة أنزلت للفصل بين السور مرة واحدة، أو هى آية من سورة الفاتحة ومن كل سورة ألخ.فبعضهم يرى أن البسملة آية من الفاتحة ومن كل سورة، ومن حججهم أن السلف قد أثبتوها في المصحف مع الأمر بتجريد القرآن مما ليس منه، ولذا لم يكتبوا " آمين ". فثبت بهذا أن البسملة جزء من الفاتحة ومن كل سورة.وبهذا الرأي قال ابن عباس وابن عمر وأبو هريرة وسعيد بن جبير والشافعي، وأحمد في أحد قوليه.ويرى آخرون أن البسملة ليست آية من الفاتحة ولا من غيرها من السور، وقالوا: إنها آية فذة. من القرآن أنزلت للفصل والتبرك للابتداء بها، ومن حججهم أنها لو كانت آية من الفاتحة ومن كل سورة، لما اختلف الناس في ذلك، ولما اضطربت أقوالهم في كونها آية من كل سورة أو من الفاتحة فقط.وكما وقع الخلاف بين العلماء في كونها آية مستقلة أو آية من كل سورة، فقد وقع الخلاف بينهم - أيضاً - في وجوب قراءتها فى الصلاة، وفي الجهر بها أو الإِسرار إذا قرئت.وتحقيق القول في ذلك مرجعه إلى كتب الفقه، وإلى كتب التفسير التي عنيت بتفسير آيات الأحكام.
بسم الله الرّحمن الرّحيمتفسير سورة المرسلاتمقدمة وتمهيد1- سورة «المرسلات» هي السورة السابعة والسبعون في ترتيب المصحف، أما ترتيبها في النزول فهي السورة الثالثة والثلاثون، وقد كان نزولها بعد سورة «الهمزة» ، وقبل سورة «ق» .وهي من السور المكية الخالصة، وقيل إن آية: وَإِذا قِيلَ لَهُمُ ارْكَعُوا لا يَرْكَعُونَ مدنية، وهذا القيل لا وزن له، لأنه لا دليل عليه. وعدد آياتها: خمسون آية.2- وقد ذكروا في فضلها أحاديث منها: ما أخرجه الشيخان عن عبد الله بن مسعود قال: بينما نحن مع النبي صلى الله عليه وسلم في غار بمنى، إذ نزلت عليه: «والمرسلات» ، فإنه ليتلوها، وإنى لأتلقاها من فيه، وإن فاه لرطب بها..وعن ابن عباس- رضى الله عنهما- قال: إن أم الفضل- امرأة العباس- سمعته يقرأ «والمرسلات عرفا» ، فقالت: يا بنى- ذكرتني بقراءتك هذه السورة. إنها لآخر ما سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ بها في المغرب .3- وسورة المرسلات زاخرة بالحديث عن أهوال يوم القيامة، وعن أحوال المكذبين في هذا اليوم، وعن مظاهر قدرة الله- تعالى-، وعن حسن عاقبة المتقين..التفسير وقد افتتحت هذه السورة بقوله- تعالى-:وللمفسرين في معنى هذه الصفات الخمس: «المرسلات والعاصفات والناشرات والفارقات والملقيات» اتجاهات، فمنهم من صدر تفسيره ببيان أن المراد بها الملائكة. فقد قال صاحب الكشاف: أقسم الله بطوائف من الملائكة، أرسلهن بأوامره فعصفن في مضيهن كما تعصف الرياح، تخففا في امتثال أمره. وبطوائف منهن نشرن أجنحتهن في الجو عند انحطاطهن بالوحي، أو نشرن الشرائع في الأرض.. ففرقن بين الحق والباطل، فألقين ذكرا إلى الأنبياء عذرا، للمحقين، أو نذرا للمبطلين.فإن قلت: ما معنى عرفا؟ قلت: متتابعة كشعر العرف- أى: عرف الفرس- يقال:جاءوا عرفا واحدا، وهم عليه كعرف الضبع: إذا تألبوا عليه...ومنهم من يرى أن المراد بالمرسلات وما بعدها: الرياح، فقد قال الجمل في حاشيته:أقسم الله- تعالى- بصفات خمس موصوفها محذوف، فجعلها بعضهم الرياح في الكل، وجعلها بعضهم الملائكة في الكل ... وغاير بعضهم فجعل الصفات الثلاث الأول، لموصوف واحد هو الرياح وجعل الرابعة لموصوف ثان وهو الآيات، وجعل الخامسة لموصوف ثالث وهو الملائكة.. .وسنسير نحن على هذا الرأى الثالث، لأنه في تصورنا أقرب الآراء إلى الصواب، إذ أن هذه الصفات من المناسب أن يكون بعضها للرياح، وبعضها للملائكة.فيكون المعنى: وحق الرياح المرسلات لعذاب المكذبين، فتعصفهم عصفا، وتهلكهم إهلاكا شديدا،
فقوله: عَصْفاً وصف مؤكد للإهلاك الشديد، يقال: عصفت الريح، إذا اشتدت، وعصفت الحرب بالقوم، إذا ذهبت بهم، وناقة عصوف، إذا مضت براكبها مسرعة، حتى لكأنها الريح.
وكذا ( والناشرات ) : هى الرياح التى تنشر السحاب فى آفاق السماء كما يشاء الرب - عز وجل - .
وقوله- سبحانه- فَالْفارِقاتِ فَرْقاً يصح أن يكون وصفا للملائكة الذين ينزلون بالشرائع المفرقة بين الحق والباطل، وبين أهل الحق وأهل الضلال.ويصح أن يكون وصفا للآيات التي أنزلها الله- تعالى- للتمييز بين الخير والشر، والرشد والغي.
وقوله فَالْمُلْقِياتِ ذِكْراً قال القرطبي: هم الملائكة بإجماع، يلقون كتب الله- تعالى- إلى الأنبياء- عليهم السلام-...فالمراد بالذكر في قوله فَالْمُلْقِياتِ ذِكْراً: وحى الله- تعالى- الذي يبلغه الملائكة إلى الرسل.
وقوله عُذْراً أَوْ نُذْراً منصوبان على أنهما بدل اشتمال من قوله ذِكْراً أو مفعول لأجله. أى: أن الملائكة يلقون وحى الله- تعالى- إلى أنبيائه، لإزالة أعذار المعتذرين عن الإيمان، حتى لا يقولوا ما جاءنا من بشير ولا نذير، ولإنذار الكافرين والفاسقين، حتى يقلعوا عن كفرهم وفسوقهم.وشبيه بهذه الآية قوله- تعالى- رُسُلًا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ.قال صاحب الكشاف: فإن قلت ما العذر والنذر، وبماذا انتصبا؟ قلت: هما مصدران من أعذر إذا محا الإساءة، ومن أنذر إذا خوف على فعل كالكفر والنكر، ويجوز أن يكون جمع عذير، بمعنى المعذرة، وجمع نذير بمعنى الإنذار ... وأما انتصابهما فعلى البدل من ذكرا ... أو على المفعول له.. .
وجملة إِنَّما تُوعَدُونَ لَصادِقٌ جواب القسم، وجيء بها مؤكدة، لتقوية تحقيق وقوع الجواب، وما وعدوا به هو البعث والحساب.أى: وحق الرياح المرسلة لعذاب المشركين.. وحق الملائكة الذين نرسلهم بوحينا للتفريق بين الحق والباطل، ولتبليغ رسلنا ما كلفناهم به.. إنكم- أيها الكافرون- لمبعوثون ومحاسبون على أعمالكم يوم القيامة الذي لا شك في وقوعه وحصوله وثبوته.
ثم بين- سبحانه- علامات هذا اليوم فقال: فَإِذَا النُّجُومُ طُمِسَتْ أى: محقت وذهب ضوؤها، وزال نورها. يقال: طمست الشيء، من باب ضرب- إذا محوته واستأصلت أثره،
وَإِذَا السَّماءُ فُرِجَتْ أى: شقت أو فتحت، وتدلت أرجاؤها، ووهت أطرافها.
( وَإِذَا الجبال نُسِفَتْ ) أى : اقتلعت وأزيلت من أماكنها . يقال : نسف فلان البناء ينسفه ، إذا قلعه من أصله .
وَإِذَا الرُّسُلُ أُقِّتَتْ أى: بلغت وقتها الذي كانت تنتظره، وهو يوم القيامة، للقضاء بينهم وبين أقوامهم. فقوله: أُقِّتَتْ من التوقيت، وهو جعل الشيء منتهيا إلى وقته المحدد له.قال الآلوسى: قوله وَإِذَا الرُّسُلُ أُقِّتَتْ أى: بلغت ميقاتها. وجوز أن يكون المعنى: عين لها الوقت الذي تحضر فيه للشهادة على الأمم، وذلك عند مجيء يوم القيامة.. .وجواب فَإِذَا وما عطف عليها في قوله فَإِذَا النُّجُومُ طُمِسَتْ محذوف، والتقدير:وقع ما وعدناكم به وهو يوم القيامة.
وقوله: لِأَيِّ يَوْمٍ أُجِّلَتْ. لِيَوْمِ الْفَصْلِ. وَما أَدْراكَ ما يَوْمُ الْفَصْلِ. وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ تعليل لبلوغ الرسل الى الوقت الذي كانوا ينتظرونه لأخذ حقوقهم من أقوامهم الظالمين، والاستفهام للتهويل والتعظيم من شأن هذا اليوم.أى: لأى يوم أخرت الأمور التي كانت متعلقة بالرسل؟ من تعذيب الكافرين، وإثابة المتقين..
ليوم الفصل ، وهو يوم القيامة ، الذى يفصل الله - تعالى - فيه بقضائه العادل بين العباد .
( وَمَآ أَدْرَاكَ ) ، - أيها المخاطب - ( مَا يَوْمُ الفصل ) ؟ إنه يوم هائل شديد ، لا تحيط العبارة بكنهه ، ولا يعلم إلا الله - تعالى - وحده مقدار أهواله .
ويقال في هذا اليوم لكل فاسق عن أمر ربه، ومشرك معه في العبادة غيره، وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ أى: هلاك وحسرة في هذا اليوم للمكذبين بالحق الذي جاء به الرسل، وبلغوه إلى أقوامهم.وقد تكررت هذه الآية عشر مرات في تلك السورة الكريمة، على سبيل الوعيد والتهديد لهؤلاء المكذبين لرسلهم، والجاحدين لنعم خالقهم، والويل: أشد السوء والشر، وهو في الأصل مصدر بمعنى الهلاك، وكان حقه النصب بفعل من لفظه أو معناه، إلا أنه رفع على الابتداء، للدلالة على ثبات الهلاك ودوامه للمدعو عليه.وقوله يَوْمَئِذٍ ظرف للويل أو صفة له، ولذا صح الابتداء به.ثم ساقت السورة الكريمة بعد ذلك ألوانا من الأدلة على وحدانية الله- تعالى- وقدرته، كإهلاك المكذبين السابقين، وخلق الأولين والآخرين، والإنعام على الناس بالجبال والأنهار..قال- تعالى-:
والاستفهام في قوله أَلَمْ نُهْلِكِ الْأَوَّلِينَ وفي الآيات المماثلة له بعد ذلك، للتقرير، والمقصود به استخراج الاعتراف والإقرار من مشركي قريش على صحة البعث، لأن من قدر على الإهلاك، قادر على الإعادة.أى: لقد أهلكنا الأقوام الأولين الذين كذبوا رسلهم، كقوم نوح وعاد وثمود.
ثُمَّ نُتْبِعُهُمُ الْآخِرِينَ أى: أهلكنا الأولين، ثم نتبعهم بإهلاك المتأخرين عنهم، والذين يشبهون سابقيهم في الكفر والجحود.و «ثم» هنا للتراخي الرتبى، لأن إهلاك الآخرين الذين لم يعتبروا بمن سبقهم سيكون أشد من إهلاك غيرهم، وفي ذلك تهديد شديد ووعيد واضح لمشركي مكة.
وقوله: كَذلِكَ نَفْعَلُ بِالْمُجْرِمِينَ أى: مثل ذلك الفعل الشنيع، والعقاب الأليم، نفعل بالمجرمين الذين أصروا على كفرهم وعنادهم حتى أدركهم الموت.فالكاف بمعنى مثل، والإشارة في قوله: كَذلِكَ تعود إلى الفعل المأخوذ من قوله نَفْعَلُ أى مثل ذلك الفعل نفعل بالمجرمين.
ثم كرر - سبحانه - التهديد والوعيد لهم ، لعلهم يرتدعون أو يتعظون فقال : ( وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِّلْمُكَذِّبِينَ ) .
اَلَمْ نَخْلُقْكُّمْ مِّنْ مَّآءٍ مَّهِیْنٍۙ(۲۰)
کیا ہم نے تمہیں ایک بے قدر پانی سے پیدا نہ فرمایا (ف۱۲)
ثم قال - سبحانه - ممتنا على خلقه بإيجادهم فى هذه الحياة ، ومحتجا على إمكان الإِعادة بخلقهم ولم يكونوا شيئا مذكورا ، فقال : ( أَلَمْ نَخْلُقكُّم مِّن مَّآءٍ مَّهِينٍ ) .أى : لقد خلقناكم - أيها الناس - من نطفة حقيرة ضعيفة ، من مَهُن الشئ - بفتح الميم وضم الهاء - إذا ضعف ، وميمه أصلية ، وليس هو من مادة هان ، و " من " ابتدائية .
وقوله: فَجَعَلْناهُ فِي قَرارٍ مَكِينٍ تفصيل لكيفية الخلق على سبيل الإدماج، والقرار:اسم للمكان الذي يستقر فيه الماء، والمراد به رحم المرأة. والمكين صفة له.أى: خلقناكم من ماء ضعيف، ومن مظاهر قدرتنا وحكمتنا ولطفنا بكم أننا جعلنا هذا الماء الذي خلقتم منه، في مكان حصين، قد بلغ النهاية في تمكنه وثباته.فقوله مَكِينٍ بمعنى متمكن، من مكن الشيء مكانة، إذا ثبت ورسخ.
وقوله: إِلى قَدَرٍ مَعْلُومٍ بيان لبديع حكمته، والقدر بمعنى المقدار المحدد المنضبط، الذي لا يتخلف.أى: جعلنا هذا الماء في قرار مكين، إلى وقت معين محدد في علم الله- تعالى- يأذن عنده بخروج هذا المخلوق من رحم أمه، إلى الحياة، وهذا الوقت هو مدة الحمل.
فَقَدَرْنَا ﳓ فَنِعْمَ الْقٰدِرُوْنَ(۲۳)
پھر ہم نے اندازہ فرمایا، تو ہم کیا ہی اچھے قادر (ف۱۵)
وقوله- تعالى-: فَقَدَرْنا فَنِعْمَ الْقادِرُونَ ثناء منه- تعالى- على ذاته بما هو أهله. أى: فقدّرنا ذلك الخلق تقديرا حكيما منضبطا، وتمكنا من إيجاده في أطوار متعددة، فنعم المقدرون نحن، ونعم الموجدون نحن لما نوجده من مخلوقات.
وما دام الأمر كذلك فويل وهلاك يوم القيامة ، للمكذبين بوحدانيتنا وقدرتنا .
ثم انتقل- سبحانه- إلى الاستدلال على إمكانية البعث بطريق ثالث فقال: أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ كِفاتاً، أَحْياءً وَأَمْواتاً، وَجَعَلْنا فِيها رَواسِيَ شامِخاتٍ.والكفات: اسم للمكان الذي يكفت فيه الشيء. أى يجمع ويضم ويوضع فيه.يقال: كفت فلان الشيء يكفته كفتا، من باب ضرب- إذا جمعه ووضعه بداخل شيء معين، ومنه سمى الوعاء كفاتا، لأن الشيء يوضع بداخله، وهو منصوب على أنه مفعول ثان لقوله نَجْعَلِ، لأن الجعل هنا بمعنى التصيير.
وقوله: أَحْياءً وَأَمْواتاً منصوبان على أنهما مفعولان به، لقوله كِفاتاً. أو مفعولان لفعل محذوف.أى: لقد جعلنا الأرض وعاء ومكانا تجتمع فيه الخلائق: الأحياء منهم يعيشون فوقها، والأموات منهم يدفنون في باطنها،
وَّ جَعَلْنَا فِیْهَا رَوَاسِیَ شٰمِخٰتٍ وَّ اَسْقَیْنٰكُمْ مَّآءً فُرَاتًاؕ(۲۷)
اور ہم نے اس میں اونچے اونچے لنگر ڈالے (ف۱۷) اور ہم نے تمہیں خوب میٹھا پانی پلایا (ف۱۸)
وَجَعَلْنا فِيها- أيضا- جبالا رَواسِيَ أى:ثوابت شامِخاتٍ أى: مرتفعات ارتفاعا كبيرا، جمع شامخ وهو الشديد الارتفاع.قال صاحب الكشاف: الكفات: من كفت الشيء إذا ضمه وجمعه.. وبه انتصب أَحْياءً وَأَمْواتاً كأنه قيل: كافتة أحياء وأمواتا، أو انتصبا بفعل مضمر يدل عليه، وهو تكفت.والمعنى: تكفت أحياء على ظهرها، وأمواتا في بطنها.فإن قلت: لم قيل أحياء وأمواتا على التنكير، وهي كفات الأحياء والأموات جميعا؟قلت: هو من تنكير التفخيم، كأنه قيل: تكفت أحياء لا يعدون، وأمواتا لا يحصرون.. .وقوله- سبحانه- وَأَسْقَيْناكُمْ ماءً فُراتاً بيان لنعمة أخرى من أجل نعمه على خلقه، أى: وأسقيناكم- بفضلنا ورحمتنا- ماء فُراتاً أى: عذبا سائغا للشاربين.
وقوله- تعالى- وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ تكرير للتوبيخ والتقريع على جحودهم لنعم الله، التي يرونها بأعينهم، ويحسونها بحواسهم ويستعملونها لمنفعتهم.ثم انتقلت السورة الكريمة إلى بيان المصير الأليم الذي ينتظر هؤلاء المكذبين، فقال- تعالى-: انْطَلِقُوا إِلى ما كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ. انْطَلِقُوا إِلى ظِلٍّ ذِي ثَلاثِ شُعَبٍ. لا ظَلِيلٍ وَلا يُغْنِي مِنَ اللَّهَبِ. إِنَّها تَرْمِي بِشَرَرٍ كَالْقَصْرِ. كَأَنَّهُ جِمالَتٌ صُفْرٌ.
اِنْطَلِقُوْۤا اِلٰى مَا كُنْتُمْ بِهٖ تُكَذِّبُوْنَۚ(۲۹)
چلو اس کی طرف (ف۲۰) جسے جھٹلاتے تھے،
وقوله- سبحانه-: انْطَلِقُوا مفعول لقول محذوف. أى: يقال للكافرين يوم القيامة- على سبيل الإهانة والإذلال-: انطلقوا إلى ما كنتم تكذبون به في الدنيا من العذاب.
اِنْطَلِقُوْۤا اِلٰى ظِلٍّ ذِیْ ثَلٰثِ شُعَبٍۙ(۳۰)
چلو اس دھوئیں کے سائے کی طرف جس کی تین شاخیں (ف۲۱)
وقوله: انْطَلِقُوا إِلى ظِلٍّ ذِي ثَلاثِ شُعَبٍ.. بدل مما قبله، وأعيد فعل انْطَلِقُوا.. على سبيل التوكيد، لقصد الزيادة في تقريعهم وتوبيخهم.والمراد بالظل: دخان جهنم، وسمى بذلك لشدة كثافته، أى: انطلقوا- أيها المشركون- إلى ظل من دخان جهنم الذي يتصاعد من وقودها، ثم يتفرق بعد ذلك إلى ثلاث شعب، شأن الدخان العظيم عند ما يرتفع.وسمى هذا الدخان العظيم الخانق بالظل، على سبيل التهكم بهم، إذ هم في هذه الحالة يكونون في حاجة شديدة إلى ظل يأوون إلى برده.
ثم وصف- سبحانه- هذا الظل بصفة ثانية فقال: لا ظَلِيلٍ أى: ليس هو بظل على سبيل الحقيقة، وإنما هو دخان خانق لا برد فيه.ثم وصفه بصفة ثالثة فقال: وَلا يُغْنِي مِنَ اللَّهَبِ أى: أن هذا الظل الذي تنطلقون إليه لا يغنى شيئا من الإغناء، من حر لهب جهنم التي هي مأواكم ونهايتكم.وبهذه الصفات يكون لفظ الظل، قد فقد خصائصه المعروفة من البرودة والشعور عنده بالراحة.. وصار المقصود به ظلا آخر، لا برد فيه، ولا يدفع عنهم شيئا من حر اللهب.وهذه الصفات إنما جيء بها لدفع ما يوهمه لفظ «ظل» .وعدى الفعل «يغنى» بحرف من، لتضمنه معنى يبعد.
والشرر : واحده شررَه ، وهى القطعة التى تتطاير من النار لشدة اشتعالها .والقصر: البناء العالي المرتفع. وقيل: هو الغليظ من الشجر. أو هو قطع من الخشب، يجمعها الجامعون للاستدفاء بها من البرد. وقوله: جِمالَتٌ جمع جمل- كحجارة وحجر.قال الآلوسى: «جمالة» بكسر الجيم- كما قرأ به حمزة والكسائي وحفص وهو جمع جمل.والتاء لتأنيث الجمع. يقال: جمل وجمال وجمالة.. والتنوين للتكثير.وقرأ الجمهور جمالات- بكسر الجيم مع الألف والتاء- جمع جمال.. فيكون جمع الجمع.. .والمعنى: إنها- أى: جهنم- ترمى المكذبين بالحق، الذين هم وقودها، ترميهم بشرر متطاير منها لشدة اشتعالها، كل واحدة من هذا الشرر كأنها البناء المرتفع في عظمها وارتفاعها.
وقوله- تعالى-: كَأَنَّهُ جِمالَتٌ صُفْرٌ وصف آخر للشرر، أى: كأن هذا الشرر في هيئته ولونه وسرعة حركته.. جمال لونها أصفر.واختير اللون الأصفر للجمال، لأن شرر النار عند ما يشتد اشتعالها يكون مائلا إلى الصفرة.وقيل المراد بالصفر هنا: السواد، لأن سواد الإبل يضرب إلى الصفرة.فأنت ترى أن الله- تعالى- قد شبه الشرر الذي ينفصل عن النار في عظمته وضخامته بالقصر، وهو البناء العالي المرتفع، وشبهه- أيضا- حين يأخذ في الارتفاع والتفرق..بالجمال الصفر، في هيئتها ولونها وسرعة حركتها، وتزاحمها.والمقصود بهذا التشبيه: زيادة الترويع والتهويل، فإن هؤلاء الكافرين لما كذبوا بالحساب والجزاء، وصف الله- تعالى- لهم نار الآخرة بتلك الصفات المرعبة، لعلهم يقلعون عن شركهم، لا سيما وأنهم يرون النار في دنياهم، ويرون شررها حين يتطاير ... وإن كان الفرق شاسعا بين نار الدنيا ونار الآخرة.
وزيادة فى التخويف والإنذار ختمت هذه الآيات - أيضا - بقوله - تعالى - ( وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِّلْمُكَذِّبِينَ ) .
ثم صور- سبحانه- حالهم عند ما يردون على النار، ويوشكون على القذف بهم فيها، فقال- تعالى- هذا يَوْمُ لا يَنْطِقُونَ، وَلا يُؤْذَنُ لَهُمْ فَيَعْتَذِرُونَ، وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ. هذا يَوْمُ الْفَصْلِ جَمَعْناكُمْ وَالْأَوَّلِينَ. فَإِنْ كانَ لَكُمْ كَيْدٌ فَكِيدُونِ. وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ.أى: ويقال لهؤلاء المجرمين- أيضا- عند الإلقاء بهم في النار: هذا يوم لا ينطقون فيه بشيء ينفعهم، أو لا ينطقون فيه إطلاقا لشدة دهشتهم، وعظم حيرتهم.ويكون في الكلام التفات من الخطاب إلى الغيبة، فإنهم بعد أن خوطبوا خطاب إهانة وإذلال بقوله- تعالى-: انْطَلِقُوا أعرض المخاطبون لهم، على سبيل الإهمال لهؤلاء الكافرين، وقالوا لهم: هذا يوم القيامة الذي لا يصح لكم النطق فيه.وهذا لا يتعارض مع الآيات التي تفيد نطقهم، كما في قوله- تعالى-: وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ يَتَساءَلُونَ لأن في يوم القيامة مواطن متعددة، فهم قد ينطقون في موطن، ولا ينطقون في موطن آخر.
وقوله- تعالى- وَلا يُؤْذَنُ لَهُمْ فَيَعْتَذِرُونَ معطوف على ما قبله. أى: في يوم القيامة لا ينطق هؤلاء المجرمون نطقا يفيدهم، ولا يؤذن لهم في الاعتذار عما ارتكبوه من سوء، حتى يقبل اعتذارهم، وإنما يرفض اعتذارهم رفضا تاما، لأنه قد جاء في غير وقته وأوانه.يقال: اعتذرت إلى فلان، إذا أتيت له بعذر يترتب عليه محو الإساءة.
وقوله - تعالى - ( وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِّلْمُكَذِّبِينَ ) تكرير للتوبيخ والتقريع على جحودهم لنعم الله ، التى يرونها بأعينهم ، ويحسونها بحواسهم ويستعملونها لمنفعتهم .
هٰذَا یَوْمُ الْفَصْلِۚ-جَمَعْنٰكُمْ وَ الْاَوَّلِیْنَ(۳۸)
یہ ہے فیصلہ کا دن، ہم نے تمہیں جمع کیا (ف۲۷) اور سب اگلوں کو (ف۲۸)
ثم يقال لهم - أيضا - على سبيل التحدى والتقريع ( هذا ) هو يوم القيامة ( يَوْمُ الفصل ) بين المحقين والمبطين ( جَمَعْنَاكُمْ ) فيه - أيها الكافرون - مع من تقدمكم من الكفار ( والأولين ) .
فَإِنْ كانَ لَكُمْ- أيها الكافرون- كَيْدٌ أى: مخرج وحيلة ومنفذ من العذاب الذي حل بكم فَكِيدُونِ أى: فافعلوه وقوموا به فأنتم الآن في أشد حالات الاحتياج إلى من يخفف العذاب عنكم.أو المعنى: فَإِنْ كانَ لَكُمْ كَيْدٌ أى: قدرة على كيد ديني ورسلي والمؤمنين، كما كنتم تفعلون في الدنيا فَكِيدُونِ أى: فأظهروه اليوم. والأمر للتعجيز، لأنه من المعروف أنهم في يوم القيامة لا قدرة لهم ولا حيلة.وهكذا نجد أن هذه الآيات الكريمة، قد ساقت ألوانا من الأدلة على وحدانية الله- تعالى-، وعلى أن يوم البعث حق، وعلى العاقبة السيئة التي سيكون عليها الكافرون يوم القيامة.ثم ختم- سبحانه- السورة الكريمة بالموازنة بين حال المتقين، وحال المجرمين، فقال:
- English | Ahmed Ali
- Urdu | Ahmed Raza Khan
- Turkish | Ali-Bulaç
- German | Bubenheim Elyas
- Chinese | Chineese
- Spanish | Cortes
- Dutch | Dutch
- Portuguese | El-Hayek
- English | English
- Urdu | Fateh Muhammad Jalandhry
- French | French
- Hausa | Hausa
- Indonesian | Indonesian-Bahasa
- Italian | Italian
- Korean | Korean
- Malay | Malay
- Russian | Russian
- Tamil | Tamil
- Thai | Thai
- Farsi | مکارم شیرازی
- العربية | التفسير الميسر
- العربية | تفسير الجلالين
- العربية | تفسير السعدي
- العربية | تفسير ابن كثير
- العربية | تفسير الوسيط لطنطاوي
- العربية | تفسير البغوي
- العربية | تفسير القرطبي
- العربية | تفسير الطبري
- English | Arberry
- English | Yusuf Ali
- Dutch | Keyzer
- Dutch | Leemhuis
- Dutch | Siregar
- Urdu | Sirat ul Jinan