READ

Surah al-Munafiqun

اَلْمُنٰفِقُوْن
11 Ayaat    مدنیۃ


63:0
بِسْمِ اللّٰهِ الرَّحْمٰنِ الرَّحِیْمِ
اللہ کے نام سے شروع جو بہت مہربان رحمت والا

سورة الفاتحة هي السورة الوحيدة التي أمر الإسلام أتباعه أن يقرءوها في كل صلاة. وفي جميع الركعات، وفي كل الأوقات، ولهذا أصبح حفظها ميسورا لكل مؤمن.وهذه السورة على صغر حجمها، وقلة آياتها، قد اشتملت بوجه إجمالي على مقاصد الدين من توحيد، وتعبد، وأحكام، ووعد ووعيد.ونرى من الخير قبل أن نبدأ في تفسيرها بالتفصيل، أن نمهد لذلك بالكلام عما يأتي:أولا: متى نزلت سورة الفاتحة؟للإجابة على هذا السؤال نقول: إن الرأي الراجح بين المحققين من العلماء أنها نزلت بمكة، بل هي من أوائل ما نزل من القرآن بمكة.وقيل: إنها مدنية. وقيل: إنها نزلت مرتين مرة بمكة حين فرضت الصلاة ومرة بالمدينة حين حولت القبلة.قال القرطبي: الأول أصح لقوله- تعالى- في سورة الحجر: وَلَقَدْ آتَيْناكَ سَبْعاً مِنَ الْمَثانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ وسورة الحجر مكية بالإجماع. ولا خلاف في أن فرض الصلاة كان بمكة، وما حفظ أنه لم يكن في الإسلام قط صلاة بغير الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ «يدل على ذلك قوله صلّى الله عليه وسلّم: «لا صلاة إلا بفاتحة الكتاب» . وهذا خبر عن الحكم لا عن الابتداء» .ثانيا: عدد آياتها: وهي سبع آيات لقوله- تعالى-: وَلَقَدْ آتَيْناكَ سَبْعاً مِنَ الْمَثانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ. قال العلماء: السبع المثاني هي الفاتحة.وقال ابن كثير: هي سبع آيات بلا خلاف. وقال عمرو بن عبيد: هي ثماني آيات لأنه جعل إِيَّاكَ نَعْبُدُ آية. وقال حسين الجعفي: هي ست آيات وهذان القولان شاذان» .ثالثا: أسماؤها: لسورة الفاتحة أسماء كثيرة من أشهرها:1- «الفاتحة أو فاتحة الكتاب، وسميت بذلك لأنه تفتتح قراءة القرآن بها لفظا. وتفتتح بها الكتابة في المصحف خطا، وتفتتح بها الصلوات، وإن لم تكن هي أول ما نزل من القرآن. وقد اشتهرت بهذا الاسم في أيام النبوة.وقد أصبح هذا الاسم علما بالغلبة لتلك الطائفة من الآيات التي مبدؤها الْحَمْدُ لِلَّهِ..ونهايتها.. وَلَا الضَّالِّينَ.2- «أم القرآن أو الكتاب» وسميت بذلك لاشتمالها إجمالا على المقاصد التي ذكرت فيه تفصيلا، أو لاشتمالها على ما فيه من الثناء على الله بما هو أهله، والتعبد بأمره ونهيه، وبيان وعده ووعيده، أو على جملة معانيه من الحكم النظرية، والأحكام العملية التي هي سلوك الصراط المستقيم، والاطلاع على معارج السعداء ومنازل الأشقياء.قال ابن جرير: «والعرب تسمى كل أمر جامع أمّا، وكل مقدم له توابع تتبعه «أما» فتقول للجلدة التي تجمع الدماغ: «أم الرأس» . وتسمى لواء الجيش ورايتهم التي يجتمعون تحتها «أما» .3- «السبع المثاني» جمع مثنى كفعلي اسم مكان. أو مثنى- بالتشديد- من التثنية على غير قياس. وسميت بذلك لأنها سبع آيات في الصلاة، أى تكرر فيها أخرج الإمام أحمد، عن أبي هريرة، عن النبي صلّى الله عليه وسلّم أنه قال: «هي أم القرآن، وهي السبع المثاني، وهي القرآن العظيم» .4- وتسمى- أيضا- سورة «الحمد» . 5- و «الكنز» . 6- و «الواقية» .7- و «الشفاء» ، لحديث. هي الشفاء من كل داء.8- و «الكافية» لأنها تكفي عن سواها ولا يكفى سواها عنها.9- و «الأساس» . 10- و «الرقية» .هذا، وقد ذكر القرطبي للفاتحة اثنى عشر اسما، كما ذكر السيوطي لها في كتابه «الإتقان» خمسة وعشرين اسما.رابعا: فضلها: ورد في فضل سورة الفاتحة أحاديث كثيرة منها:ما رواه البخاري في صحيحه عن أبي سعيد بن المعلى- رضي الله عنه- قال:كنت أصلي في المسجد، فدعاني النبي صلّى الله عليه وسلّم فلم أجبه فقلت: يا رسول الله، إني كنت أصلّي.فقال: ألم يقل الله: اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذا دَعاكُمْ.ثم قال لي: «لأعلمنك سورة هي أعظم السور في القرآن قبل أن تخرج من المسجد» . ثم أخذ بيدي، فلما أراد أن يخرج، قلت: يا رسول الله. ألم تقل: لأعلمنك سورة هي أعظم سورة في القرآن. قال: الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ، هي السبع المثاني والقرآن العظيم الذي أوتيته» .وروى مسلّم والنسائي، عن ابن عباس، قال:بينما جبريل قاعد عند النبي صلّى الله عليه وسلّم سمع نقيضا من فوقه- أي: صوتا- فرفع رأسه فقال:هذا باب من السماء فتح اليوم لم يفتح قط إلا اليوم. فسلّم وقال: أبشر بنورين قد أوتيتهما، ولم يؤتهما نبي قبلك: فاتحة الكتاب، وخواتيم سورة البقرة، لم تقرأ بحرف منهما إلا أعطيته» .وروى مسلّم عن أبي هريرة- رضي الله عنه- عن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال:«من صلّى صلاة لم يقرأ فيها بأم القرآن فهي خداج (ثلاثا) : غير تمام» فقيل لأبي هريرة: إنا نكون وراء الإمام؟ فقال: اقرأ بها في نفسك فإني سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول: قال الله- تعالى-: «قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين، ولعبدي ما سأل» ، فإذا قال العبد:الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ. قال الله: حمدني عبدي، وإذا قال: الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ. قال الله تعالى: أثنى علي عبدي. وإذا قال: مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ قال الله: مجدني عبدي. فإذا قال:إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ. قال الله: هذا بيني وبين عبدي ولعبدي ما سأل. فإذا قال:اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ. صِراطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ.قال الله: «هذا لعبدي ولعبدي ما سأل» .وأخرج الإمام أحمد في مسنده، عن عبد الله بن جابر، أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال له: ألا أخبرك بأخير سورة في القرآن؟ قلت: بلى يا رسول الله. قال: اقرأ: الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ حتى تختمها .تلك هي بعض الأحاديث التي وردت في فضل هذه السورة الكريمة.وقد ذكر العلماء أنه يسن للمسلّم قبل القراءة أن يستعيذ بالله من الشيطان الرجيم، استجابة لقوله- تعالى- فَإِذا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطانِ الرَّجِيمِ .ومعنى «أعوذ بالله من الشيطان الرجيم» : ألتجئ إلى الله وأتحصن به، واستجير بجنابه من الشيطان الرجيم أن يضرني في ديني أو دنياي.قال ابن كثير: «والشيطان في لغة العرب كل متمرد من الجن والإنس والدواب وكل شيء.وهو مشتق من شطن إذا بعد، فهو بعيد بطبعه عن طباع الشر، وبعيد بفسقه عن كل خير.وقيل: مشتق من شاط لأنه مخلوق من نار. والأول أصح إذ عليه يدل كلام العرب، فهم:يقولون تشيطن فلان إذا فعل أفعال الشيطان، ولو كان من شاط. لقالوا: تشيط، فالشيطان مشتق من البعد على الصحيح» .والرجيم: فعيل بمعنى مفعول أي أنه مرجوم مطرود من رحمة الله ومن كل خير، وقيل:رجيم بمعنى راجم لأنه يرجم الناس بالوساوس والشكوك.قال بعض العلماء: «وإنما خصت القراءة بطلب الاستعاذة مع أنه قد أمر بها على وجه العموم في جميع الشئون، لأن القرآن مصدر الهداية والشيطان مصدر الضلال، فهو يقف للإنسان بالمرصاد في هذا الشأن على وجه خاص، فيثير أمامه ألوانا من الشكوك فيما يقرأ، وفيما يفيد من قراءته، وفيما يقصد بها، فيفوت عليه الانتفاع بهدى الله وآياته، فعلمنا الله أن نتقي ذلك كله بهذه الاستعاذة التي هي في الواقع عنوان صدق، وتعبير حق، عن امتلاء قلب المؤمن بمعنى اللجوء إلى الله، وقوة عزيمته في طرد الوساوس والشكوك، واستقبال الهداية بقلب طاهر،وعقل واع، وإيمان ثابت» .قال القرطبي: وقد أجمع العلماء على أن التعوذ ليس من القرآن ولا آية منه، وهو قول القارئ: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم .والآن وبعد هذا التمهيد الموجز الذي تكلمنا فيه عن نزول سورة الفاتحة، وعن عدد آياتها، وعن أشهر أسمائها، وعن بعض الأحاديث التي وردت في فضلها نحب أن نبدأ في تفسير السورة الكريمة فنقول- وبالله التوفيق-: بسم ٱلله الرَّحْمٰنِ الرَّحِيمِ الاسم: اللفظ الذى يدل على ذات أو معنى. وقد اختلف النحويون في اشتقاقه على وجهين، فقال البصريون: هو مشتق من السمو، وهو العلو والرفعة، فقيل: اسم، لأن صاحبه بمنزلة المرتفع به.وقال الكوفيون: إنه مشتق من السمة وهي العلامة، لأن الاسم علامة لمن وضع له، فأصل اسم على هذا " وسم ".ويرى المحققون أن رأي البصريين أرجح، لأنه يقال في تصغير " اسم " سُمىَ، وفي جمعه أسماء، والتصغير والجمع يردان الأشياء إلى أصولها. ولو كان أصله وسم - كما قال الكوفيون - لقيل في جمعه: أوسام، وفي تصغيره وسيم.ولفظ الجلالة وهو " الله " علم على ذات الخالق - عز وجل - تفرد به - سبحانه - ولا يطلق على غيره، ولا يشاركه فيه أحد.قال القرطبي: قوله " الله " هذا الاسم أكبر أسمائه - سبحانه - وأجمعها حتى قال بعض العلماء: إنه اسم الله الأعظم ولم يتسم به غيره، ولذلك لم يثن ولم يجمع: فالله اسم للموجود الحق الجامع لصفات الإِلهية، المنعوت بنعوت الربوبيه، المنفرد بالوجود الحقيقي، لا إله إلا هو - سبحانه -و ٱلرَّحْمٰنِ ٱلرَّحِيمِ صفتان مشتقتان من الرحمة. والرحمة في أصل اللغة: رقة في القلب تقتضي الإِحسان، وهذا المعنى لا يليق أن يكون وصفاً لله - تعالى-، ولذا فسرها بعض العلماء بإرادة الإِحسان. وفسرها آخرون بالإِحسان نفسه.والموافق لمذهب السلف أن يقال: هي صفة قائمة بذاته - تعالى - لا نعرف حقيقتها، وإنما نعرف أثرها الذي هو الإِحسان.وقد كثرت أقوال المفسرين في العلاقة بين هاتين الصفتين، فبعضهم يرى أن ٱلرَّحْمٰنِ هو المنعم على جميع الخلق. وأن ٱلرَّحِيمِ هو المنعم على المؤمنين خاصه. ويرى آخرون أن ٱلرَّحْمٰنِ هو المنعم بجلائل النعم، وأن ٱلرَّحِيمِ هو المنعم بدقائقها.ويرى فريق ثالث أن الوصفين بمعنى واحد وأن الثاني منهما تأكيد للأول. والذى يراه المحققون من العلماء أن الصفتين ليستا بمعنى واحد، بل روعي فب كل منهما معنى لم يراع في الآخر، فالرحمن بمعنى عظيم الرحمة، لأن فعلان صيغة مبالغة في كثرة الشيء وعظمته، ويلزم منه الدوام كغضبان وسكران. والرحيم بمعنى دائم الرحمة، لأن صيغته فعيل تستعمل في الصفات الدائمة ككريم وظريف. فكأنه قيل: العظيم الرحمة الدائمة.أو أن ٱلرَّحْمٰنِ صفة ذاتية هي مبدأ الرحمة والإِحسان. و ٱلرَّحِيمِ صفة فعل تدل على وصول الرحمة والإِحسان وتعديهما إلى المنعم عليه.ولعل مما يؤيد ذلك أن لفظ الرحمن لم يذكر في القرآن إلا مجرى عليه الصفات كما هو الشأنِ في أسماء الذات. قال - تعالى-: ٱلرَّحْمَٰنُ عَلَّمَ ٱلْقُرْآنَ و ٱلرَّحْمَٰنُ عَلَى ٱلْعَرْشِ ٱسْتَوَىٰ قُلِ ٱدْعُواْ ٱللَّهَ أَوِ ٱدْعُواْ ٱلرَّحْمَٰنَ وهكذا...أما لفظ الرحيم فقد كثر في القرآن استعماله وصفاً فعلياً، وجاء في الغالب بأسلوب التعدية والتعلق بالمنعم عليه. قال - تعالى - إِنَّ ٱللَّهَ بِٱلنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَّحِيمٌ وَكَانَ بِٱلْمُؤْمِنِينَ رَحِيماً إِنَّهُ كَانَ بِكُمْ رَحِيماً إلخ.قال بعض العلماء " وهذا الرأي في نظرنا هو أقوى الآراء، فإن تخصيص أحد الوصفين بدقائق النعم أو ببعض المنعم عليهم لا دليل عليه، كما أنه ليس مستساغاً أن يقال في القرآن: إن كلمة ذكرت بعد أخرى لمجرد تأكيد المعنى المستفاد منها ".والجار والمجرور " بسم " متعلق بمحذوف تقديره ابتدئ.والمعنى: ابتدئ قراءتي متبركاً ومتيمناً باسم الله الذى هو الأول والآخر، والظاهر والباطن، والذى رحمته وسعت كل شيء، وأتبرأ مما كان يفعله المشركون والضالون، من ابتدائهم قراءتهم وأفعالهم باسم اللات أو باسم العزى أو باسم غيرهما من الآلهة الباطلة.هذا وقد أجمع العلماء على أن البسملة جزء آية من سورة النمل فى قوله - تعالى - إِنَّهُ مِن سُلَيْمَانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ ٱللَّهِ ٱلرَّحْمَٰنِ ٱلرَّحِيمِ ثم اختلفوا بعد ذلك في كونها آية مستقلة أنزلت للفصل بين السور مرة واحدة، أو هى آية من سورة الفاتحة ومن كل سورة ألخ.فبعضهم يرى أن البسملة آية من الفاتحة ومن كل سورة، ومن حججهم أن السلف قد أثبتوها في المصحف مع الأمر بتجريد القرآن مما ليس منه، ولذا لم يكتبوا " آمين ". فثبت بهذا أن البسملة جزء من الفاتحة ومن كل سورة.وبهذا الرأي قال ابن عباس وابن عمر وأبو هريرة وسعيد بن جبير والشافعي، وأحمد في أحد قوليه.ويرى آخرون أن البسملة ليست آية من الفاتحة ولا من غيرها من السور، وقالوا: إنها آية فذة. من القرآن أنزلت للفصل والتبرك للابتداء بها، ومن حججهم أنها لو كانت آية من الفاتحة ومن كل سورة، لما اختلف الناس في ذلك، ولما اضطربت أقوالهم في كونها آية من كل سورة أو من الفاتحة فقط.وكما وقع الخلاف بين العلماء في كونها آية مستقلة أو آية من كل سورة، فقد وقع الخلاف بينهم - أيضاً - في وجوب قراءتها فى الصلاة، وفي الجهر بها أو الإِسرار إذا قرئت.وتحقيق القول في ذلك مرجعه إلى كتب الفقه، وإلى كتب التفسير التي عنيت بتفسير آيات الأحكام.
63:1
اِذَا جَآءَكَ الْمُنٰفِقُوْنَ قَالُوْا نَشْهَدُ اِنَّكَ لَرَسُوْلُ اللّٰهِۘ-وَ اللّٰهُ یَعْلَمُ اِنَّكَ لَرَسُوْلُهٗؕ-وَ اللّٰهُ یَشْهَدُ اِنَّ الْمُنٰفِقِیْنَ لَكٰذِبُوْنَۚ(۱)
جب منافق تمہارے حضور حاضر ہوتے ہیں (ف۲) کہتے ہیں کہ ہم گواہی دیتے ہیں کہ حضور بیشک یقیناً اللہ کے رسول ہیں اور اللہ جانتا ہے کہ تم اس کے رسول ہو، اور اللہ گواہی دیتا ہے کہ منافق ضرور جھوٹے ہیں (ف۳)

مقدمة وتمهيد1- سورة «المنافقون» من السور المدنية الخالصة، وعدد آياتها إحدى عشرة آية، وكان نزولها بعد سورة «الحج» ، وقبل سورة «المجادلة» .وقد عرفت بهذا الاسم منذ عهد النبوة، فقد جاء في حديث زيد بن أرقم- الذي سنذكره خلال تفسيرنا لها- أنه قال: «فلما أصبحنا قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم سورة المنافقين» .وقال الآلوسى: أخرج سعيد بن منصور، والطبراني في الأوسط- بسند حسن- عن أبى هريرة، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ في صلاة الجمعة في الركعة الأولى بسورة الجمعة، فيحرض بها المؤمنين ويقرأ في الركعة الثانية بسورة المنافقين، فيقرع بها المنافقين.2- والمحققون من العلماء على أن هذه السورة، نزلت في غزوة بنى المصطلق، وقد جاء ذلك في بعض الروايات التي وردت في سبب نزول بعض آياتها، والتي سنذكرها خلال تفسيرنا لها- بإذن الله- وكانت هذه الغزوة في السنة الخامسة من الهجرة.وذكر بعضهم أنها نزلت في غزوة «تبوك» ، ومما يشهد لضعف هذا القول، أن المنافقين في هذا الوقت- وهو السنة التاسعة من الهجرة، كانوا قد زالت دولتهم، وضعف شأنهم، وما كان لواحد منهم أن يقول: لَئِنْ رَجَعْنا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ.3- وسميت هذه السورة بسورة «المنافقون» ، لأنها فضحتهم، ووصفتهم بما هم أهله من صفات ذميمة، ومن طباع قبيحة، ومن مسالك سيئة ... ويكاد حديثها يكون مقصورا عليهم، وعلى أكاذيبهم ودسائسهم.وحديث القرآن عن النفاق والمنافقين، قد ورد في كثير من السور المدنية، ففي سورة البقرة نجد حديثا مستفيضا عنهم، يبدأ بقوله- تعالى-: وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الْآخِرِ، وَما هُمْ بِمُؤْمِنِينَ.وفي سورة آل عمران نجد توبيخا من الله- تعالى- لهم، كما في قوله- عز وجل-:الَّذِينَ قالُوا لِإِخْوانِهِمْ وَقَعَدُوا، لَوْ أَطاعُونا ما قُتِلُوا، قُلْ فَادْرَؤُا عَنْ أَنْفُسِكُمُ الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ.مقدمة وتمهيد1- سورة «المنافقون» من السور المدنية الخالصة، وعدد آياتها إحدى عشرة آية، وكان نزولها بعد سورة «الحج» ، وقبل سورة «المجادلة» .وقد عرفت بهذا الاسم منذ عهد النبوة، فقد جاء في حديث زيد بن أرقم- الذي سنذكره خلال تفسيرنا لها- أنه قال: «فلما أصبحنا قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم سورة المنافقين» .وقال الآلوسى: أخرج سعيد بن منصور، والطبراني في الأوسط- بسند حسن- عن أبى هريرة، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ في صلاة الجمعة في الركعة الأولى بسورة الجمعة، فيحرض بها المؤمنين ويقرأ في الركعة الثانية بسورة المنافقين، فيقرع بها المنافقين.2- والمحققون من العلماء على أن هذه السورة، نزلت في غزوة بنى المصطلق، وقد جاء ذلك في بعض الروايات التي وردت في سبب نزول بعض آياتها، والتي سنذكرها خلال تفسيرنا لها- بإذن الله- وكانت هذه الغزوة في السنة الخامسة من الهجرة.وذكر بعضهم أنها نزلت في غزوة «تبوك» ، ومما يشهد لضعف هذا القول، أن المنافقين في هذا الوقت- وهو السنة التاسعة من الهجرة، كانوا قد زالت دولتهم، وضعف شأنهم، وما كان لواحد منهم أن يقول: لَئِنْ رَجَعْنا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ.3- وسميت هذه السورة بسورة «المنافقون» ، لأنها فضحتهم، ووصفتهم بما هم أهله من صفات ذميمة، ومن طباع قبيحة، ومن مسالك سيئة ... ويكاد حديثها يكون مقصورا عليهم، وعلى أكاذيبهم ودسائسهم.وحديث القرآن عن النفاق والمنافقين، قد ورد في كثير من السور المدنية، ففي سورة البقرة نجد حديثا مستفيضا عنهم، يبدأ بقوله- تعالى-: وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الْآخِرِ، وَما هُمْ بِمُؤْمِنِينَ.وفي سورة آل عمران نجد توبيخا من الله- تعالى- لهم، كما في قوله- عز وجل-:الَّذِينَ قالُوا لِإِخْوانِهِمْ وَقَعَدُوا، لَوْ أَطاعُونا ما قُتِلُوا، قُلْ فَادْرَؤُا عَنْ أَنْفُسِكُمُ الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ.افتتح الله - تعالى - السورة الكريمة ، بالحديث عن صفة من أبرز الصفات الذميمة للمنافقين ، ألا وهى صفة الكذب والخداع ، فقال - تعالى - ( إِذَا جَآءَكَ المنافقون قَالُواْ نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ الله . . . ) .( إِذَا ) هنا ظرف للزمان الماضى ، بقرينة كون جملتيها ماضيتين ، وجواب " إذا " قوله ( قَالُواْ نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ الله . . ) والخطاب للرسول - صلى الله عليه وسلم - .و ( المنافقون ) جمع منافق ، وهو من يظهر الإسلام ويخفى الكفر ، أو من يظهر خلاف ما يبطن من أقوال وأفعال .أى : إذا حضر المنافقون إلى مجلسك - أيها الرسول الكريم -قالوا لك على سبيل الكذب والمخادعة والمداهنة . . . نشهد أنك رسول من عند الله - تعالى - ، وأنك صادق فيما تبلغه عن ربك .وعبروا عن التظاهر بتصديقهم له - صلى الله عليه وسلم - بقوله ( نَشْهَدُ ) - المأخوذ من الشهادة التى هى إخبار عن أمر مقطوع به - وأكدوا هذه الشهادة بإن واللام ، للإيهام بأن شهادتهم صادقة ، وأنهم لا يقصدون بها إلا وجه الحق ، وأن ما على ألسنتهم يوافق ما فى قلوبهم .قال الشوكانى : أكدوا شهادتهم بإنّ واللام ، للإشعار بأنها صادرة من صميم قلوبهم ، مع خلوص نياتهم ، والمراد بالمنافقين ، عبد الله بن أبىّ وأتباعه .ومعنى نشهد : نحلف ، فهو يجرى مجرى القسم ، ولذا يتلقى بما يتلقى به القسم .ومثل نشهد : نعلم ، فإنه يجرى مجرى القسم كما فى قول الشاعر :ولقد علمت لتأتين منيتى ... إن المنايا لا تطيش سهامهاوقوله : ( والله يَشْهَدُ إِنَّ المنافقين لَكَاذِبُونَ ) معطوفة على قوله : ( قَالُواْ نَشْهَدُ ) .أى : إذا حضر المنافقون إليك - أيها الرسول الكريم - قالوا كذبا وخداعا : نشهد إنك لرسول الله ، والله - تعالى - ( يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ ) حقا سواء شهدوا بذلك أم لم يشهدوا ، فأنت لست فى حاجة إلى هذه الشهادة التى تخالف بواطنهم .( والله ) - تعالى - ( يَشْهَدُ إِنَّ المنافقين لَكَاذِبُونَ ) فى قولهم : نشهد إنك لرسول الله ، لأن قولهم هذا يباين ما أخفته قلوبهم المريضة ، من كفر ونفاق وعداوة لك وللحق الذى جئت به .والإيمان الحق لا يتم إلا إذا كان ما ينطق به اللسان ، يوافق ويواطىء ، ما أمضره القلب ، وهؤلاء قد قالوا بألسنتهم ما ليس فى قلوبهم ، فثبت كذبهم فى قولهم : نشهد إنك لرسول الله . .قال صاحب الكشاف : فإن قلت : أى : فائدة فى قوله - تعالى - : ( والله يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ ) ؟ قلت : لو قال : قالوا نشهد إنك لرسول الله ، والله يشهد إن المنافقين لكاذبون ، لكان يوهم أن قولهم هذا كذب ، فوسط بينهما قوله : ( والله يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ ) ليميط هذا الإيهام .وجىء بالفعل ( يَشْهَدُ ) فى الإخبار عن كذبهم فيما قالوه ، للمشاكلة ، حتى يكون إبطال خبرهم مساويا لإخبارهم ولما نطقوا به .
63:2
اِتَّخَذُوْۤا اَیْمَانَهُمْ جُنَّةً فَصَدُّوْا عَنْ سَبِیْلِ اللّٰهِؕ-اِنَّهُمْ سَآءَ مَا كَانُوْا یَعْمَلُوْنَ(۲)
اور انہوں نے اپنی قسموں کو ڈھال ٹھہرالیا (ف۴) تو اللہ کی راہ سے روکا (ف۵) بیشک وہ بہت ہی برے کام کرتے ہیں (ف۶)

ثم بين- سبحانه- جانبا من الوسائل التي كانوا يستعملونها لكي يصدقهم من يسمعهم فقال- تعالى-: اتَّخَذُوا أَيْمانَهُمْ جُنَّةً..والأيمان: - بفتح الهمزة- جمع يمين، والجنّة- بضم الجيم- ما يستتر به المقاتل ليتقى ضربات السيوف والرماح والنبال..أى: أن هؤلاء المنافقين إذا ظهر كذبهم، أو إذا جوبهوا بما يدل على كفرهم ونفاقهم، أقسموا، بالأيمان المغلظة بأنهم ما قالوا أو فعلوا ما يسيء إلى النبي صلى الله عليه وسلم أو إلى المؤمنين..فهم يستترون بالحلف الكاذب، حتى لا يصيبهم أذى من المؤمنين، كما يستتر المقاتل بترسه من الضربات.وقد حكى القرآن كثيرا من أيمانهم الكاذبة، ومن ذلك قوله- تعالى-: وَيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ إِنَّهُمْ لَمِنْكُمْ وَما هُمْ مِنْكُمْ، وَلكِنَّهُمْ قَوْمٌ يَفْرَقُونَ .وقوله- سبحانه-: يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ ما قالُوا، وَلَقَدْ قالُوا كَلِمَةَ الْكُفْرِ، وَكَفَرُوا بَعْدَ إِسْلامِهِمْ وَهَمُّوا بِما لَمْ يَنالُوا ... .وقوله- عز وجل-: يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَكُمْ لِيُرْضُوكُمْ، وَاللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَنْ يُرْضُوهُ إِنْ كانُوا مُؤْمِنِينَ .قال الآلوسى: قال قتادة: كلما ظهر شيء منهم يوجب مؤاخذتهم، حلفوا كاذبين، عصمة لأموالهم ودمائهم.. .والفاء في قوله- تعالى-: فَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ ... للتفريع على ما تقدم.أى: اتخذوا أيمانهم الفاجرة ذريعة أمام المؤمنين لكي يصدقوهم، فتمكنوا عن طريق هذه الأيمان الكاذبة، من صد بعض الناس عن الصراط المستقيم، ومن تشكيكهم في صحة ما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم.فهم قد جمعوا بين رذيلتين كبيرتين: إحداهما: تعمّد الأيمان الكاذبة، والثانية: إعراضهم عن الحق، ومحاولتهم صرف غيرهم عنه.وقوله- سبحانه-: إِنَّهُمْ ساءَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ تذييل قصد به بيان قبح أحوالهم، وسوء عاقبتهم.و «ساء» : فعل ماض بمعنى بئس في إفادة الذم، و «ما» موصولة والعائد محذوف.أى: إن هؤلاء المنافقين بئس ما كانوا يقولونه من أقوال كاذبة، وساء ما كانوا يفعلونه من أفعال قبيحة، سيكونون بسببها يوم القيامة في الدرك الأسفل من النار.
63:3
ذٰلِكَ بِاَنَّهُمْ اٰمَنُوْا ثُمَّ كَفَرُوْا فَطُبِـعَ عَلٰى قُلُوْبِهِمْ فَهُمْ لَا یَفْقَهُوْنَ(۳)
یہ اس لیے کہ وہ زبان سے ایمان لائے پھر دل سے کافر ہوئے تو ان کے دلوں پر مہر کردی گئی تو اب وہ کچھ نہیں سمجھتے،

واسم الإشارة في قوله- تعالى- بعد ذلك: ذلِكَ بِأَنَّهُمْ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا يعود إلى ما تقدم ذكره من الكذب، ومن الصد عن سبيل الله، ومن قبح الأقوال والأفعال.أى: ذلك الذي ذكر من حالهم الذي دأبوا عليه من الكذب والخداع والصد عن سبيل الله ... سببه أنهم آمَنُوا أى: نطقوا بكلمة الإسلام بألسنتهم دون أن يستقر الإيمان في قلوبهم، ثم كفروا، أى: ثم ارتكسوا في الكفر واستمروا عليه، وظهر منهم ما يدل على رسوخهم فيه ظهورا جليا، كقولهم: أَنُؤْمِنُ كَما آمَنَ السُّفَهاءُ ... وكقولهم للمجاهدين:لا تَنْفِرُوا فِي الْحَرِّ....فَطُبِعَ عَلى قُلُوبِهِمْ أى: فختم الله- تعالى- عليها بالكفر نتيجة إصرارهم عليه، فصاروا، بحيث لا يصل إليها الإيمان.فَهُمْ لا يَفْقَهُونَ أى: فهم لا يدركون حقيقة الإيمان أصلا، ولا يشعرون به، ولا يفهمون حقائقه لانطماس بصائرهم.وقوله: ذلِكَ مبتدأ، وقوله بِأَنَّهُمْ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ... خبر: والباء للسببية.وثُمَّ للتراخي النسبي، لأن إبطان الكفر مع إظهار الإيمان أعظم من الكفر الصريح، وأشد ضررا وقبحا.قال صاحب الكشاف: فان قلت: المنافقون لم يكونوا إلا على الكفر الثابت الدائم، فما معنى قوله: آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا؟.قلت: فيه ثلاثة أوجه: أحدها: آمنوا: أى نطقوا بكلمة الشهادة، وفعلوا كما يفعل من يدخل في الإسلام، ثم كفروا. أى: ثم ظهر كفرهم بعد ذلك وتبين بما أطلع الله عليه المؤمنين من قولهم: إن كان ما يقوله محمد صلى الله عليه وسلم حقا فنحن حمير..والثاني: آمنوا، أى: نطقوا بالإيمان عند المؤمنين، ثم نطقوا بالكفر عند شياطينهم استهزاء بالإسلام، كقوله- تعالى-: وَإِذا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قالُوا آمَنَّا، وَإِذا خَلَوْا إِلى شَياطِينِهِمْ قالُوا إِنَّا مَعَكُمْ.الثالث: أن يراد أهل الردة منهم.. .
63:4
وَ اِذَا رَاَیْتَهُمْ تُعْجِبُكَ اَجْسَامُهُمْؕ-وَ اِنْ یَّقُوْلُوْا تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْؕ-كَاَنَّهُمْ خُشُبٌ مُّسَنَّدَةٌؕ-یَحْسَبُوْنَ كُلَّ صَیْحَةٍ عَلَیْهِمْؕ-هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْؕ-قٰتَلَهُمُ اللّٰهُ٘-اَنّٰى یُؤْفَكُوْنَ(۴)
اور جب تو انہیں دیکھے (ف۷) ان کے جسم تجھے بھلے معلوم ہوں، اور اگر بات کریں تو تُو ان کی بات غور سے سنے (ف۸) گویا وہ کڑیاں ہیں دیوار سے ٹکائی ہوئی (ف۹) ہر بلند آواز اپنے ہی اوپر لے جاتے ہیں (ف۱۰) وہ دشمن ہیں (ف۱۱) تو ان سے بچتے رہو (ف۱۲) اللہ انہیں مارے کہاں اوندھے جاتے ہیں (ف۱۳)

ثم رسم- سبحانه- لهم بعد ذلك صورة تجعل كل عاقل يستهزئ بهم، ويحتقرهم، ويسمو بنفسه عن الاقتراب منهم. فقال- تعالى-: وَإِذا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسامُهُمْ. وَإِنْ يَقُولُوا تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُسَنَّدَةٌ.قال القرطبي: قال ابن عباس: كان عبد الله بن أبى، وسيما جسيما صحيحا صبيحا، ذلق اللسان، فإذا قال: سمع النبي صلى الله عليه وسلم مقالته.وقال الكلبي: المراد ابن أبى، وجد بن قيس، ومعتب بن قشير، كانت لهم أجسام ومنظر، وفصاحة ...وخُشُبٌ- بضم الخاء والشين- جمع خشبة- بفتحهما- كثمرة وثمر.وقرأ ابن كثير وأبو عمرو والكسائي: كأنهم خشب- بضم الخاء وسكون الشين- كبدنة وبدن.أى: وإذا رأيت- أيها الرسول الكريم- هؤلاء المنافقين، أعجبتك أجسامهم، لكمالها وحسن تناسقها، وإن يقولوا قولا حسبت أنه صدق، لفصاحته، وأحببت الاستماع إليه لحلاوته.وعدى الفعل «تسمع» باللام، لتضمنه معنى تصغ لقولهم.وجملة: كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُسَنَّدَةٌ مستأنفة، أو خبر لمبتدأ محذوف.أى: كأنهم وهم جالسون في مجلسك، مستندين على الجدران، وقد خلت قلوبهم من الخير والإيمان، كأنهم بهذه الحالة، مجموعة من الأخشاب الطويلة العريضة، التي استندت إلى الحوائط، دون أن يكون فيها حسن، أو نفع، أو عقل.فهم أجسام تعجب، وأقوال تغرى بالسماع إليها، ولكنهم قد خلت قلوبهم من كل خير، وامتلأت نفوسهم بكل الصفات الذميمة. فهم كما قال القائل:لا بأس بالقوم من طول ومن غلظ ... جسم البغال وأحلام العصافيروشبههم- سبحانه- بالخشب المسندة على سبيل الذم لهم، أى: كأنهم في عدم الانتفاع بهم، وخلوهم من الفائدة كالأخشاب المسندة إلى الحوائط الخالية من أية فائدة.ورحم الله صاحب الكشاف فقد قال: فإن قلت: ما معنى كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُسَنَّدَةٌ قلت: شبهوا في استنادهم- وما هم إلا أجرام خالية عن الإيمان والخير بالخشب المسندة إلى الحوائط لأن الخشب إذا انتفع به، كان في سقف أو جدار أو غيرهما من مظان الانتفاع، وما دام متروكا فارغا غير منتفع به، أسند إلى الحائط، فشبهوا به في عدم الانتفاع.ويجوز أن يراد بالخشب المسندة الأصنام المنحوتة من الخشب، المسندة إلى الحيطان، وشبهوا بها في حسن صورهم، وقلة جدواهم، والخطاب للرسول صلى الله عليه وسلم أو لكل من يخاطب.. .فأنت ترى القرآن الكريم وصفهم بتلك الصفة البديعة في التنفير منهم وعدم الاغترار بمظهرهم لأنهم كما قال القائل:لا تخدعنك اللحى ولا الصور ... تسعة أعشار من ترى بقرتراهم كالسحاب منتشرا ... وليس فيه لطالب مطرفي شجر السرو منهم شبه ... له رواء وماله ثمرثم وصفهم- سبحانه- بعد ذلك بالجبن والخور فقال: يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ....والصيحة: المرة من الصياح، والمراد بها ما ينذر ويخيف أى: يظنون لجبن قلوبهم ولسوء نواياهم، وخبث نفوسهم- أن كل صوت ينادى به المنادى، لنشدان ضالة، أو انفلات دابة ... إنما هو واقع عليهم ضار بهم مهلك لهم..قال الآلوسى: قوله: يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ أى: واقعة عليهم، ضارة لهم، لجبنهم وهلعهم.وقيل: كانوا على وجل من أن ينزل الله- تعالى- فيهم ما يهتك أستارهم، ويبيح دماءهم وأموالهم.والوقف على «عليهم» الواقع مفعولا ثانيا ل «يحسبون» وهو وقف تام.وقوله- تعالى-: هُمُ الْعَدُوُّ استئناف. أى: هم الكاملون في العداوة، والراسخون فيها، فإن أعدى الأعداء، العدو المداجى.فَاحْذَرْهُمْ لكونهم أعدى الأعداء، ولا تغترن بظواهرهم..وقوله- سبحانه-: قاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ دعاء عليهم بالطرد من رحمة الله- تعالى-، وتعجيب لكل مخاطب من أحوالهم التي بلغت النهاية في السوء والقبح.عن ابن عباس أن معنى قاتَلَهُمُ اللَّهُ طردهم من رحمته ولعنهم، وكل شيء في القرآن قتل فهو لعن.. .وأَنَّى بمعنى كيف، ويُؤْفَكُونَ بمعنى يصرفون، من الأفك- بفتح الهمزة والفاء- بمعنى الانصراف عن الشيء.أى: لعن الله- تعالى- هؤلاء المنافقين، وطردهم من رحمته، لأنهم بسيب مسالكهم الخبيثة، وأفعالهم القبيحة، وصفاتهم السيئة ... صاروا محل مقت العقلاء، وعجبهم، إذ كيف ينصرفون عن الحق الواضح إلى الباطل الفاضح، وكيف يتركون النور الساطع، ويدخلون في الظلام الدامس؟!! وبذلك نرى أن هذه الآيات الكريمة: قد فضحت المنافقين، وحذرت من شرورهم، ووصفتهم بالصفات التي تخزيهم، وتكشف عن دخائلهم المريضة.ثم وصفهم- سبحانه- بصفات أخرى، لا تقل في قبحها وبشاعتها عن سابقتها فقال- تعالى-:
63:5
وَ اِذَا قِیْلَ لَهُمْ تَعَالَوْا یَسْتَغْفِرْ لَكُمْ رَسُوْلُ اللّٰهِ لَوَّوْا رُءُوْسَهُمْ وَ رَاَیْتَهُمْ یَصُدُّوْنَ وَ هُمْ مُّسْتَكْبِرُوْنَ(۵)
اور جب ان سے کہا جائے کہ آؤ (ف۱۴) رسول اللہ تمہارے لیے معافی چاہیں تو اپنے سر گھماتے ہیں اور تم انہیں دیکھو کہ غور کرتے ہوئے منہ پھیر لیتے ہیں (ف۱۵)

وقد ذكر المفسرون في سبب نزول هذه الآيات روايات متعددة، فصلها الإمام ابن كثير- رحمه الله- فقال ما ملخصه:وقد ذكر غير واحد من السلف أن هذا السياق كله نزل في عبد الله بن أبى بن سلول وأتباعه، فقد ذكر محمد بن إسحاق، أنه لما قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة بعد غزوة أحد، قام عبد الله بن أبى، والرسول صلى الله عليه وسلم يخطب للجمعة، فقال: أيها الناس، هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم أكرمكم الله به.. فأخذ بعض المسلمين بثيابه من نواحيه وقالوا له: اجلس يا عدو الله، لست لهذا المقام بأهل، وقد صنعت ما صنعت- يعنون مرجعه بثلث الناس دون أن يشتركوا في غزوة أحد-.فخرج يتخطى رقاب الناس وهو يقول: والله لكأنما قلت بجرا- أى: أمرا منكرا- أن قمت أشدد أمره.فلقيه رجال من الأنصار بباب المسجد، فقالوا له: ويلك، مالك؟ .. ارجع للنبي يستغفر لك رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: والله ما أبتغى أن يستغفر لي.وفي رواية أنه قيل له: لو أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فسألته أن يستغفر لك، فجعل يلوى رأسه ويحركه استهزاء ...ثم قال الإمام ابن كثير- رحمه الله- ما ملخصه: وذكر ابن إسحاق في حديثه عن غزوة بنى المصطلق- وكانت في شعبان من السنة الخامسة من الهجرة- أن غلاما لعمر بن الخطاب- رضى الله عنه- اسمه الجهجاه بن سعيد الغفاري تزاحم على ماء مع رجل من الأنصار اسمه سنان بن وبر..فقال سنان: يا معشر الأنصار، وقال الجهجاه: يا معشر المهاجرين. فغضب عبد الله بن أبى- وعنده رهط من قومه فيهم زيد بن أرقم- وقال: أو قد فعلوها؟!! قد نافرونا وكاثرونا في بلادنا. والله ما مثلنا وجلابيب قريش- يعنى المهاجرين- إلا كما قال القائل: «سمن كلبك يأكلك» والله لئن رجعنا إلى المدينة، ليخرجن الأعز منها الأذل.فذهب زيد إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره الخبر ...فقال عمر بن الخطاب يا رسول الله، مر عباد بن بشر فليضرب عنق عبد الله بن أبى بن سلول.فقال صلى الله عليه وسلم: فكيف إذا الناس تحدث يا عمر، أن محمدا يقتل أصحابه؟ لا، ولكن ناد يا عمر في الناس بالرحيل.فلما بلغ عبد الله بن أبى أن ذلك قد بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم أتاه فاعتذر إليه، وحلف بالله ما قال الذي قاله عنه زيد بن أرقم..وراح رسول الله صلى الله عليه وسلم مهجرا في ساعة كان لا يروح فيها، فلقيه أسيد بن الحضير، فقال له: يا رسول الله، لقد رحت في ساعة ما كنت تروح فيها.فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أما بلغك ما قال صاحبك ابن أبى؟ زعم أنه إذا قدم المدينة أنه سيخرج الأعزّ منها الأذلّ.فقال أسيد: فأنت يا رسول الله العزيز وهو الذليل..وإنما خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذا الوقت الذي لم يتعود السفر فيه، ليشغل الناس عن الحديث، الذي كان من عبد الله بن أبى.قال ابن إسحاق: ونزلت سورة المنافقين في ابن أبىّ وأتباعه، فلما نزلت أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بأذن زيد بن أرقم ثم قال: هذا الذي أوفى الله بأذنه.وفي رواية أنه صلى الله عليه وسلم بعث إلى زيد فقرأها عليه ثم قال: «إن الله قد صدقك» ثم قال ابن إسحاق: وبلغني أن عبد الله بن عبد الله بن أبى بلغه ما كان من أمر أبيه، فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له: يا رسول الله بلغني أنك تريد قتل أبى.. فإن كنت فاعلا، فمرني به، فأنا أحمل إليك رأسه، فو الله لقد علمت الخزرج ما كان لها من رجل أبر بوالده منى، وإنى أخشى أن تأمر غيرى بقتله، فلا تدعني نفسي أن أرى قاتل أبى يمشى على الأرض فأقتله، فأكون قد قتلت مؤمنا بكافر، فأدخل النار.فقال صلى الله عليه وسلم: «بل نترفق به ونحسن صحبته، ما بقي معنا» .وذكر عكرمة وابن زيد وغيرهما: أن الناس لما قفلوا راجعين إلى المدينة، وقف عبد الله بن عبد الله بن أبى على باب المدينة، واستل سيفه، فجعل الناس يمرون عليه، فلما جاء أبوه قال له: وراءك فقال له أبوه: ويلك مالك؟ فقال: والله لا تجوز من هاهنا حتى يأذن لك رسول الله صلى الله عليه وسلم فإنه العزيز وأنت الذليل.فلما جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان يسير في مؤخرة الجيش شكا إليه عبد الله بن أبى ما فعله ابنه عبد الله معه.فقال ابنه: والله يا رسول الله لا يدخلها حتى تأذن له. فأذن له رسول الله صلى الله عليه وسلم.فقال عبد الله لأبيه: أما إذ أذن لك رسول الله صلى الله عليه وسلم فجز الآن .والآن وبعد ذكر جانب من هذه الآثار التي وردت في سبب نزول هذه الآيات، نعود إلى تفسيرها فنقول وبالله التوفيق.قوله- تعالى-: وَإِذا قِيلَ لَهُمْ تَعالَوْا يَسْتَغْفِرْ لَكُمْ رَسُولُ اللَّهِ، لَوَّوْا رُؤُسَهُمْ.. بيان لصفة أخرى من صفات المنافقين، تدل على عنادهم وإصرارهم على كفرهم ونفاقهم.والقائل لهم: تَعالَوْا يَسْتَغْفِرْ لَكُمْ رَسُولُ اللَّهِ جماعة من المؤمنين، على سبيل النصح لهؤلاء المنافقين لعلهم يقلعون عن كفرهم وفجورهم.والمراد باستغفار رسول الله صلى الله عليه وسلم لهم: توبتهم من ذنوبهم، وتركهم لنفاقهم، وإعلان ذلك أمامه صلى الله عليه وسلم لكي يدعو الله- تعالى- لهم بقبول توبتهم.وقوله: لَوَّوْا رُؤُسَهُمْ من اللى بمعنى الإمالة من جانب إلى آخر، يقال: لوى فلان رأسه، إذا أمالها وحركها، وهو كناية عن التكبر والإعراض عن النصيحة.أى: وإذ قال قائل لهؤلاء المنافقين: لقد نزل في شأنكم ما نزل من الآيات القرآنية التي تفضحكم.. فتوبوا إلى الله توبة نصوحا، وأقلعوا عن نفاقكم، وأقبلوا نحو رسول الله صلى الله عليه وسلم بقلب سليم، لكي يستغفر الله- تعالى- لكم، بأن يلتمس منه قبول توبتكم..ما كان من هؤلاء المنافقين، إلا أن تكبروا ولجوا في طغيانهم، وأمالوا رءوسهم استهزاء وسخرية ممن نصحهم.وَرَأَيْتَهُمْ أيها المخاطب يَصُدُّونَ أى: يعرضون عن النصيحة وَهُمْ مُسْتَكْبِرُونَ عن قبولها، لانطماس بصائرهم، وإصرارهم على ما هم فيه من باطل وجحود للحق.قال الآلوسى ما ملخصه: روى أنه لما صدق الله- تعالى- زيد بن أرقم فيما أخبر به عن ابن أبى، مقت الناس ابن أبى، وقال له بعضهم: امض إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم واعترف بذنبك، يستغفر لك، فلوى رأسه إنكارا لهذا الرأى، وقال لهم: لقد أشرتم على بالإيمان فآمنت، وأشرتم على بأن أعطى زكاة مالي فأعطيت.. ولم يبق لكم إلا أن تأمرونى بالسجود لمحمد صلى الله عليه وسلم.وفي حديث أخرجه أحمد والشيخان.. أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دعاهم ليستغفر لهم، فلووا رءوسهم.. .وقوله: يَسْتَغْفِرْ لَكُمْ ... مجزوم في جواب الأمر، وهو قوله: تَعالَوْا وقوله:لَوَّوْا رُؤُسَهُمْ جواب إِذا.والتعبير بقوله: تَعالَوْا تتضمن إرادة تخليص هؤلاء المنافقين مما هم فيه من ضلال، وإرادة ارتفاعهم من انحطاط هم فيه إلى علو يدعون إليه، لأن الأصل في كله «تعال» أن يقولها من كان في مكان عال، لمن هو أسفل منه.والتعبير بقوله- تعالى-، وَرَأَيْتَهُمْ يَصُدُّونَ وَهُمْ مُسْتَكْبِرُونَ يرسم صورة بغيضة لهم وهم يتركون دعوة الناصح لهم، بعناد وتكبر وغرور، وبراهم الرائي بعينه وهم على تلك الصورة المنكرة، التي تدل على جهالاتهم وإعراضهم عن كل خير.
63:6
سَوَآءٌ عَلَیْهِمْ اَسْتَغْفَرْتَ لَهُمْ اَمْ لَمْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْؕ-لَنْ یَّغْفِرَ اللّٰهُ لَهُمْؕ-اِنَّ اللّٰهَ لَا یَهْدِی الْقَوْمَ الْفٰسِقِیْنَ(۶)
ان پر ایک سا ہے تم ان کی معافی چاہو یا نہ چاہو، اللہ انہیں ہر گز نہ بخشے گا (ف۱۶) بیشک اللہ فاسقوں کو راہ نہیں دیتا،

وقوله- سبحانه-: سَواءٌ عَلَيْهِمْ أَسْتَغْفَرْتَ لَهُمْ أَمْ لَمْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ لَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ..تيئيس له صلى الله عليه وسلم من إيمانهم، ومن قبولهم للحق.ولفظ «سواء» اسم مصدر بمعنى الاستواء، والمراد به الفاعل. أى: مستو، ولذلك يوصف به كما يوصف بالمصدر، كما في قوله- تعالى-: قُلْ يا أَهْلَ الْكِتابِ تَعالَوْا إِلى كَلِمَةٍ سَواءٍ بَيْنَنا وَبَيْنَكُمْ ... أى: مستوية.أى: إن هؤلاء الراسخين في الكفر والنفاق، قد استوى عندهم استغفارك لهم وعدم استغفارك، فهم لتأصل الجحود فيهم صاروا لا يفرقون بين الحق والباطل، ولا يؤمنون بثواب أو عقاب ... ولذلك فلن يغفر الله- تعالى- لهم مهما حرصت على هدايتهم وصلاحهم.وقوله- سبحانه-: إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفاسِقِينَ تعليل لانتفاء المغفرة من الله- تعالى- لهم.أى: لن يغفر الله- تعالى- لهم، لأن سنته- سبحانه- قد اقتضت أن لا يهدى إلى طاعته، وأن لا يشمل بمغفرته، من فسق عن أمره، وآثر الباطل على الحق، والكفر على الإيمان، لسوء استعداده، واتباعه لخطوات الشيطان.
63:7
هُمُ الَّذِیْنَ یَقُوْلُوْنَ لَا تُنْفِقُوْا عَلٰى مَنْ عِنْدَ رَسُوْلِ اللّٰهِ حَتّٰى یَنْفَضُّوْاؕ-وَ لِلّٰهِ خَزَآىٕنُ السَّمٰوٰتِ وَ الْاَرْضِ وَ لٰكِنَّ الْمُنٰفِقِیْنَ لَا یَفْقَهُوْنَ(۷)
وہی ہیں جو کہتے ہیں کہ ان پر خرچ نہ کرو جو رسول اللہ کے پاس ہیں یہاں تک کہ پریشان ہوجائیں، اور اللہ ہی کے لیے ہیں آسمانوں اور زمین کے خزانے (ف۱۷) مگر منافقوں کو سمجھ نہیں،

وقوله- سبحانه-: هُمُ الَّذِينَ يَقُولُونَ لا تُنْفِقُوا عَلى مَنْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ حَتَّى يَنْفَضُّوا ...كلام مستأنف جار مجرى التعليل لفسقهم، وحكاية لجانب من أقوالهم الفاسدة ...والقائل هو عبد الله بن أبى، كما جاء في روايات أسباب النزول لهذه الآيات، والتي سبق أن ذكرنا بعضها.ونسب- سبحانه- القول إليهم جميعا، لأنهم رضوا به، وقبلوه منه.ومرادهم بمن عند رسول الله صلى الله عليه وسلم: المهاجرون الذين تركوا ديارهم في مكة، واستقروا بالمدينة.أى: إن هؤلاء المنافقين لن يغفر الله- تعالى- لهم، لأنهم فسقوا عن أمره، ومن مظاهر فسوقهم وفجورهم، أنهم أيدوا زعيمهم في النفاق، عند ما قال لهم: لا تنفقوا على من عند رسول الله من فقراء المهاجرين، ولا تقدموا لأحد منهم عونا أو مساعدة، حتى ينفضوا من حوله. أى: حتى يتفرقوا من حوله. يقال: انفض القوم: إذا فنيت أزوادهم يقال: نفض الرجل وعاءه من الزاد فانفض، إذ انتهى زاده. وليس مرادهم حتى ينفضوا ويتفرقوا عنه، فإذا فعلوا ذلك فأنفقوا عليهم. وإنما مرادهم، استمروا على عدم مساعدتكم لهم، حتى يتركوا المدينة، وتكون مسكنا لكم وحدكم.وقوله- سبحانه-: وَلِلَّهِ خَزائِنُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَلكِنَّ الْمُنافِقِينَ لا يَفْقَهُونَ.والخزائن: جمع خزينة، وهي ما يخزن فيها المال والطعام وما يشبههما، والمراد بها أرزاق العباد التي يمنحها الله- تعالى- لعباده.أى: ولله- تعالى- وحده لا لأحد غيره، ملك أرزاق العباد جميعا: فيعطى من يشاء، ويمنع من يشاء، ولكن المنافقين لا يفقهون ذلك ولا يدركونه، لجهلهم بقدرة الله- تعالى-، ولاستيلاء الجحود والضلال على نفوسهم.
63:8
یَقُوْلُوْنَ لَىٕنْ رَّجَعْنَاۤ اِلَى الْمَدِیْنَةِ لَیُخْرِجَنَّ الْاَعَزُّ مِنْهَا الْاَذَلَّؕ-وَ لِلّٰهِ الْعِزَّةُ وَ لِرَسُوْلِهٖ وَ لِلْمُؤْمِنِیْنَ وَ لٰكِنَّ الْمُنٰفِقِیْنَ لَا یَعْلَمُوْنَ۠(۸)
کہتے ہیں ہم مدینہ پھر کر گئے (ف۱۸) تو ضرور جو بڑی عزت والا ہے وہ اس میں سے نکال دے گا اسے جو نہایت ذلت والا ہے (ف۱۹) اور عزت تو اللہ اور اس کے رسول اور مسلمانوں ہی کے لیے ہے مگر منافقوں کو خبر نہیں (ف۲۰)

ثم حكى- سبحانه- قولا آخر من أقوالهم القبيحة فقال: يَقُولُونَ لَئِنْ رَجَعْنا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ....والقائل هو عبد الله بن سلول، ولكن القرآن نسب القول إليهم جميعا لأنهم رضوا بقوله، ووافقوه عليه.وجاء الأسلوب بصيغة المضارع، لاستحضار هذه المقالة السيئة، وتلك الصورة البغيضة لهؤلاء القوم.والأعز: هو القوى لعزته، بمعنى أنه يغلب غيره، والأذل هو الذي يغلبه غيره لذلته وضعفه.وأراد عبد الله بن أبى بالأعز، نفسه، وشيعته من المنافقين، وأراد بالأذل، الرسول صلى الله عليه وسلم ومن معه من المهاجرين وغيرهم من المؤمنين الصادقين.والمراد بالرجوع في قوله لَئِنْ رَجَعْنا الرجوع إلى المدينة بعد انتهاء غزوة بنى المصطلق.أى: يقول هؤلاء المنافقون- على سبيل التبجح وسوء الأدب- لئن رجعنا إلى المدينة بعد انتهاء هذه الغزوة، ليخرجن الفريق الأعز منا الفريق الأذل من المدينة، حتى لا يبقى فيها أحد من هذا الفريق الأذل، بل تصبح خالية الوجه لنا. وقد رد الله- تعالى- على مقالتهم الباطلة هذه بما يخرس ألسنتهم فقال: وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ، وَلكِنَّ الْمُنافِقِينَ لا يَعْلَمُونَ.أى: لقد كذب المنافقون فيما قالوه، فإن لله- تعالى- وحده العزة المطلقة والقوة التي لا تقهر، وهي- أيضا- لمن أفاضها عليه من رسله ومن المؤمنين الصادقين، وهي بعيدة كل البعد عن أولئك المنافقين.وقال- سبحانه-: وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ بإعادة حرف الجر، لتأكيد أمر هذه العزة، وأنها متمكنة منهم لأنها مستمدة من إيمانهم بالله- تعالى- وحده.وقوله- تعالى-: وَلكِنَّ الْمُنافِقِينَ لا يَعْلَمُونَ استدراك قصد به تجهيل هؤلاء المنافقين، أى: ليست العزة إلا لله- تعالى- ولرسوله وللمؤمنين، ولكن المنافقين لا يعلمون ذلك، ولا يعرفونه لاستيلاء الجهل والغباء عليهم، لأنهم لو كانت لهم عقول تعقل، لعلموا أن العزة لدعوة الحق، بدليل انتشارها في الآفاق يوما بعد يوم، وانتصار أصحابها على أعدائهم حينا بعد حين، وازدياد سلطانهم وقتا بعد وقت.قال صاحب الكشاف قوله- تعالى-: وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ ... أى: الغلبة والقوة لله- تعالى-، ولمن أعزه الله وأيده من رسوله، ومن المؤمنين، وهم الأخصاء بذلك، كما أن المذلة والهوان، للشيطان وذويه من الكافرين والمنافقين.وعن الحسن بن على- رضى الله عنهما- أن رجلا قال له: إن الناس يزعمون أن فيك تيها، قال: ليس بتيه، ولكنه عزة، وتلا هذه الآية .وقال الإمام الرازي: العزة غير الكبر، ولا يحل للمؤمن أن يذل نفسه- لغير الله- فالعزة معرفة الإنسان بحقيقة نفسه، وإكرامها عن أن يضعها في غير موضعها اللائق بها، كما أن الكبر جهل الإنسان بنفسه، وإنزالها فوق منزلتها. فالعزة تشبه الكبر من حيث الصورة، وتختلف من حيث الحقيقة، كاشتباه التواضع بالضعة، فالتواضع محمود، والضعة مذمومة، والكبر مذموم والعزة محمودة.. .هذا، وإن المتدبر لهذه الآيات الكريمة وفي أسباب نزولها، ليرى فيها ألوانا من العظات والعبر.يرى فيها التصرف الحكيم من الرسول صلى الله عليه وسلم إذ أنه صلى الله عليه وسلم بمجرد أن بلغته تلك الأقوال التي قالها عبد الله بن أبى، لكي يثير الفتنة بين المسلمين، ما كان منه إلا أن أمر عمر ابن الخطاب، بأن ينادى في الناس بالرحيل.. لكي يشغل الناس عما تفوه به ابن أبى، حتى لا يقع بينهم ما لا تحمد عقباه.كما يرى كيف أنه صلى الله عليه وسلم عالج تلك الأحداث بحكمة حكيمة فعند ما أشار عليه عمر- رضى الله عنه- بقتل ابن أبى.. ما كان منه صلى الله عليه وسلم إلا أن قال له: يا عمر، كيف إذا تحدث الناس أن محمدا يقتل أصحابه؟! وأبى صلى الله عليه وسلم أن يأمر بقتله بل ترك لعشيرته من الأنصار تأديبه وتوبيخه.ولقد بلغ الحال بابنه عبد الله- رضى الله عنه- وهو أقرب الناس إليه، أن يمنعه من دخول المدينة حتى يأذن له رسول الله صلى الله عليه وسلم بدخولها.كما يرى المتدبر لهذه الآيات، والأحداث التي نزلت فيها، أن النفوس إذا جحدت الحق، واستولت عليها الأحقاد، واستحوذ عليها الشيطان.. أبت أن تسلك الطريق المستقيم، مهما كانت معالمه واضحة أمامها..فعبد الله بن أبى وجماعته، وقفوا من الدعوة الإسلامية موقف المحارب لها ولأتباعها، وسلكوا في إذاعة السوء حول الرسول صلى الله عليه وسلم وحول أصحابه كل مسلك.. مع أن آيات القرآن الكريم، كانت تتلى على مسامعهم صباح مساء، ومع أن إرشادات الرسول صلى الله عليه وسلم كانت تصل إليهم يوما بعد يوم، ومع أن المؤمنين الصادقين كانوا لا يكفون عن نصحهم ووعظهم..كما نرى أن الإيمان متى خالطت بشاشته القلوب، ضحى الإنسان من أجله بكل شيء..فعبد الله بن عبد الله بن أبى بن سلول، يقول للرسول صلى الله عليه وسلم: يا رسول الله بلغني أنك تريد قتل أبى، فإن كنت لا بد فاعلا فمرني به فأنا أحمل إليك رأسه..ثم يقف على باب المدينة شاهرا سيفه، ثم يمنع أباه من دخولها حتى يأذن له الرسول صلى الله عليه وسلم بدخولها، وحتى يقول: إن الرسول صلى الله عليه وسلم هو العزيز، وأنه هو- أى عبد الله ابن أبى- هو الذليل.وهكذا تعطينا هذه الآيات وأحداثها ما تعطينا من عبر وعظات..ثم تختتم السورة الكريمة بنداء توجهه إلى المؤمنين، تأمرهم فيه بالمواظبة على طاعة الله- تعالى- وتنهاهم عن أن يشغلهم عن ذلك شاغل، وتحضهم على الإنفاق في سبيل إعلاء كلمته- سبحانه-، وعلى تقديم العمل الصالح الذي ينفعهم قبل فوات الأوان، قال- تعالى-:
63:9
یٰۤاَیُّهَا الَّذِیْنَ اٰمَنُوْا لَا تُلْهِكُمْ اَمْوَالُكُمْ وَ لَاۤ اَوْلَادُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللّٰهِۚ-وَ مَنْ یَّفْعَلْ ذٰلِكَ فَاُولٰٓىٕكَ هُمُ الْخٰسِرُوْنَ(۹)
اے ایمان والو تمہارے مال نہ تمہاری اولاد کوئی چیز تمہیں اللہ کے ذکر سے غافل نہ کرے (ف۲۱) اور جو ایسا کرے (ف۲۲) تو وہی لوگ نقصان میں ہیں (ف۲۳)

والمقصود من هذه الآيات الكريمة نهى المؤمنين عن التشبه بالمنافقين الذين سبق الحديث عنهم بصورة مفصلة، وحضهم على الاستجابة لما كلفهم الله- تعالى- به. أى: يا من آمنتم بالله- تعالى- إيمانا حقا، لا تُلْهِكُمْ أَمْوالُكُمْ وَلا أَوْلادُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ ... أى:لا تشغلكم أموالكم التي تهتمون بجمعها وتحصيلها.. ولا أولادكم الذين هم أشهى ثمرات حياتكم.. لا يشغلكم ذلك عن أداء ما كلفكم- سبحانه- بأدائه من طاعات، فالمراد بذكر الله، ما يشمل جميع التكاليف من صلاة وزكاة وصيام وحج، وغير ذلك من الطاعات التي أمر الله- تعالى- بها.وخص الأموال والأولاد بتوجه النهى عن الاشتغال بهما اشتغالا يلهى عن ذكر الله، لأنهما أكثر الأشياء التي تلهى عن طاعة الله- تعالى-..فمن أجل الاشتغال بجمع المال، يقضى الإنسان معظم حياته، وكثير من الناس من أجل جمع المال، يضحون بما يفرضه عليهم دينهم من واجبات، ومن أخلاق، ومن سلوك وآداب..ومن أجل راحة الأولاد قد يضحى الآباء براحتهم، وبما تقضى به المروءة، وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث يقول: «الولد مجبنة مبخلة» .والتعبير بقوله- تعالى-: لا تُلْهِكُمْ أَمْوالُكُمْ وَلا أَوْلادُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ يشعر بأن المسلم إذا اشتغل بجمع المال. وبرعاية الأولاد، دون أن يصرفه ذلك عن طاعة الله، أو عن أداء حق من حقوقه- تعالى-، فإن هذا الاشتغال لا يكون مذموما، بل يكون مرضيا عنه من الله- تعالى-.واسم الإشارة في قوله- سبحانه-: وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ فَأُولئِكَ هُمُ الْخاسِرُونَ يعود إلى ما سبق ذكره من اللهو عن ذكر الله، بسبب الأموال والأولاد.أى: ومن يشغله حبه لماله وأولاده عن ذكر الله، وعن أداء ما كلفه- سبحانه- به، فأولئك هم البالغون أقصى درجات الخسران والغفلة. لأنهم خالفوا ما أمرهم به ربهم، وآثروا ما ينفعهم في عاجلتهم الفانية، على ما ينفعهم في آجلتهم الباقية،
63:10
وَ اَنْفِقُوْا مِنْ مَّا رَزَقْنٰكُمْ مِّنْ قَبْلِ اَنْ یَّاْتِیَ اَحَدَكُمُ الْمَوْتُ فَیَقُوْلَ رَبِّ لَوْ لَاۤ اَخَّرْتَنِیْۤ اِلٰۤى اَجَلٍ قَرِیْبٍۙ-فَاَصَّدَّقَ وَ اَكُنْ مِّنَ الصّٰلِحِیْنَ(۱۰)
اور ہمارے دیے میں سے کچھ ہماری راہ میں خرچ کرو (ف۲۴) قبل اس کے کہ تم میں کسی کو موت آئے پھر کہنے لگے، اے میرے رب تو نے مجھے تھوڑی مدت تک کیوں مہلت نہ دی کہ میں صدقہ دیتا اور نیکوں میں ہوتا،

ثم حضهم- سبحانه- على الإنفاق في سبيله فقال: وَأَنْفِقُوا مِنْ ما رَزَقْناكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلا أَخَّرْتَنِي إِلى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ مِنَ الصَّالِحِينَ.والمراد بالإنفاق: إنفاق المال في وجوه الخير والطاعات، فيشمل الزكاة المفروضة، والصدقات المستحبة، وغير ذلك من وجوه البر والخير.و «من» في قوله- تعالى- مِمَّا رَزَقْناكُمْ للتبعيض إذ المطلوب إنفاقه بعض المال الذي يملكه الإنسان، وليس كله، وهذا من باب التوسعة منه- تعالى- على عباده، ومن مظاهر سماحة شريعته- عز وجل-.والمراد بالموت: علاماته وأماراته الدالة على قرب وقوعه.وقوله فَيَقُولَ معطوف على قوله أَنْ يَأْتِيَ ومسبب عنه.ولَوْلا بمعنى هلا فهي حرف تحضيض.وقوله: فَأَصَّدَّقَ منصوب على أنه في جواب التمني، وقوله: وَأَكُنْ بالجزم، لأنه معطوف على محل فَأَصَّدَّقَ كأنه قيل: إن أخرتنى إلى أجل قريب أتصدق وأكن من الصالحين.والمعنى: يا من آمنتم بالله حق الإيمان، لا تشغلكم أموالكم ولا أولادكم عن طاعة الله - تعالى- بل داوموا عليها كل المداومة، وأنفقوا بسخاء وسماحة نفس مما أعطيناكم من أرزاق كثيرة، ومن نعم لا تحصى، وليكن إنفاقكم من قبل أن تنزل بأحدكم أمارات الموت وعلاماته ...وحينئذ يقول أحدكم يا رب، هلا أخرت وفاتي إلى وقت قريب من الزمان لكي أتدارك ما فاتنى من تقصير، ولكي أتصدق بالكثير من مالي، وأكون من عبادك الصالحين.وقال- سبحانه- مِمَّا رَزَقْناكُمْ فأسند الرزق إليه، لكي يكون أدعى إلى الامتثال والاستجابة، لأنه- سبحانه- مع أن الأرزاق جميعها منه، إلا أنه- فضلا منه وكرما- اكتفى منهم بإنفاق جزء من تلك الأرزاق.وقدم- سبحانه- المفعول وهو «أحدكم» على الفاعل وهو «الموت» ، للاهتمام بالمفعول، وللإشعار بأن الموت نازل بكل إنسان لا محالة.والتعبير بقوله: لَوْلا أَخَّرْتَنِي إِلى أَجَلٍ قَرِيبٍ ... يشعر بأن القائل قد قال ذلك زيادة في تأميل الاستجابة، فكأنه يقول: يا رب ألتمس منك أن تؤخر أجلى إلى وقت قريب لا إلى وقت بعيد لكي أتدارك ما فاتنى في هذا الوقت القريب الذي هو منتهى سؤالى، وغاية أملى..
63:11
وَ لَنْ یُّؤَخِّرَ اللّٰهُ نَفْسًا اِذَا جَآءَ اَجَلُهَاؕ-وَ اللّٰهُ خَبِیْرٌۢ بِمَا تَعْمَلُوْنَ۠(۱۱)
اور ہرگز اللہ کسی جان کو مہلت نہ دے گا جب اس کا وعدہ آجائے (ف۲۵) اور اللہ کو تمہارے کاموں کی خبر ہے،

وقد بين- سبحانه- بعد ذلك أنه لا تأخير في الأجل متى انتهى لا من قريب ولا من بعيد.. فقال: وَلَنْ يُؤَخِّرَ اللَّهُ نَفْساً إِذا جاءَ أَجَلُها ...أى: ولن يؤخر الله- تعالى- نفسا من النفوس، متى انتهى أجلها في هذه الحياة، وانقضى عمرها من هذه الدنيا، كما قال- سبحانه-: فَإِذا جاءَ أَجَلُهُمْ لا يَسْتَأْخِرُونَ ساعَةً وَلا يَسْتَقْدِمُونَ.وقوله: وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِما تَعْمَلُونَ أى: والله- تعالى- مطلع اطلاعا تاما على أعمالكم الظاهرة والباطنة، وسيجازيكم عليها بما تستحقون من ثواب أو عقاب.وبعد فهذا تفسير لسورة «المنافقون» نسأل الله- تعالى- أن يجعله خالصا لوجهه، ونافعا لعباده.والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم..
  FONT
  THEME
  TRANSLATION
  • English | Ahmed Ali
  • Urdu | Ahmed Raza Khan
  • Turkish | Ali-Bulaç
  • German | Bubenheim Elyas
  • Chinese | Chineese
  • Spanish | Cortes
  • Dutch | Dutch
  • Portuguese | El-Hayek
  • English | English
  • Urdu | Fateh Muhammad Jalandhry
  • French | French
  • Hausa | Hausa
  • Indonesian | Indonesian-Bahasa
  • Italian | Italian
  • Korean | Korean
  • Malay | Malay
  • Russian | Russian
  • Tamil | Tamil
  • Thai | Thai
  • Farsi | مکارم شیرازی
  TAFSEER
  • العربية | التفسير الميسر
  • العربية | تفسير الجلالين
  • العربية | تفسير السعدي
  • العربية | تفسير ابن كثير
  • العربية | تفسير الوسيط لطنطاوي
  • العربية | تفسير البغوي
  • العربية | تفسير القرطبي
  • العربية | تفسير الطبري
  • English | Arberry
  • English | Yusuf Ali
  • Dutch | Keyzer
  • Dutch | Leemhuis
  • Dutch | Siregar
  • Urdu | Sirat ul Jinan
  HELP

اَلْمُنٰفِقُوْن
اَلْمُنٰفِقُوْن
  00:00



Download

اَلْمُنٰفِقُوْن
اَلْمُنٰفِقُوْن
  00:00



Download