READ

Surah Al-Mu'minun

اَلْمُؤْمِنُوْن
118 Ayaat    مکیۃ


23:41
فَاَخَذَتْهُمُ الصَّیْحَةُ بِالْحَقِّ فَجَعَلْنٰهُمْ غُثَآءًۚ-فَبُعْدًا لِّلْقَوْمِ الظّٰلِمِیْنَ(۴۱)
تو انہیں آلیا سچی چنگھاڑ نے (ف۶۳) تو ہم نے انہیں گھاس کوڑا کردیا (ف۶۴) تو دور ہوں (ف۶۵) ظالم لوگ،

وجاء الوعيد فعلا. وأخبر- سبحانه- عن ذلك فقال: فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ بِالْحَقِّ ... أى: فأهلكناهم إهلاكا تامّا، بالصيحة التي صاحها بهم جبريل- عليه السلام- حيث صاح بهم مع الريح العاتية التي أرسلها الله عليهم فدمروا تدميرا.وذكر- سبحانه- هنا الصيحة فقط مع أن قوم هود قد أهلكوا بها وبالريح الصرصر العاتية للإشعار بأن إحدى هاتين العقوبتين لو انفردت كافية لإهلاكهم، فقد قال- سبحانه- في شأن الريح التي أرسلها عليهم: تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ بِأَمْرِ رَبِّها فَأَصْبَحُوا لا يُرى إِلَّا مَساكِنُهُمْ كَذلِكَ نَجْزِي الْقَوْمَ الْمُجْرِمِينَ .وقوله بِالْحَقِّ حال من الصيحة، وهو متعلق بمحذوف، والتقدير، فأخذتهم الصيحة حالة كونها بالعدل الذي لا ظلم معه، وإنما هم الذين ظلموا أنفسهم بتكذيبهم لنبيهم.وقوله سبحانه-: فَجَعَلْناهُمْ غُثاءً فَبُعْداً لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ بيان لمصيرهم الأليم.والغثاء: الرميم الهامد الذي يحمله السيل من ورق الشجر وغيره، يقال: غثا الوادي يغثو إذا كثر غثاؤه.أى: فصيرناهم هلكى هامدين كغثاء السيل البالي، الذي اختلط بزبده، فهلاكا وبعدا لهؤلاء القوم الظالمين، كما هلك وبعد من قبلهم قوم نوح- عليه السلام-.ثم تمضى السورة في استعراضها- على سبيل الإجمال- لقصص بعض الأنبياء، قال- تعالى-:
23:42
ثُمَّ اَنْشَاْنَا مِنْۢ بَعْدِهِمْ قُرُوْنًا اٰخَرِیْنَؕ(۴۲)
پھر ان کے بعد ہم نے اور سنگتیں (قومیں) پیدا کیں (ف۶۶)

أى: ثُمَّ أَنْشَأْنا من بعد قوم نوح وقوم هود قُرُوناً آخَرِينَ أى: أقواما آخرين من الناس، كل قوم كانوا مجتمعين في زمان واحد، كقوم صالح، وقوم لوط، وقوم شعيب وغيرهم.
23:43
مَا تَسْبِقُ مِنْ اُمَّةٍ اَجَلَهَا وَ مَا یَسْتَاْخِرُوْنَؕ(۴۳)
کوئی امت اپنی میعاد سے نہ پہلے جائے نہ پیچھے رہے (ف۶۷)

وقوله عز وجل-: ما تَسْبِقُ مِنْ أُمَّةٍ أَجَلَها وَما يَسْتَأْخِرُونَ بيان لمظهر من مظاهر قدرة الله- تعالى- وإحكامه لشئون خلقه..أى: ما تسبق أمة من الأمم أجلها الذي قدرناه لها ساعة من الزمان، ولا تستأخر عنه ساعة، بل الكل نهلكه ونميته في الوقت الذي حددناه بقدرتنا وحكمتنا.و «من» في قوله مِنْ أُمَّةٍ مزيدة للتأكيد: وفي هذا المعنى قوله- تعالى-:وَلِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ فَإِذا جاءَ أَجَلُهُمْ لا يَسْتَأْخِرُونَ ساعَةً وَلا يَسْتَقْدِمُونَ .
23:44
ثُمَّ اَرْسَلْنَا رُسُلَنَا تَتْرَاؕ-كُلَّمَا جَآءَ اُمَّةً رَّسُوْلُهَا كَذَّبُوْهُ فَاَتْبَعْنَا بَعْضَهُمْ بَعْضًا وَّ جَعَلْنٰهُمْ اَحَادِیْثَۚ-فَبُعْدًا لِّقَوْمٍ لَّا یُؤْمِنُوْنَ(۴۴)
پھر ہم نے اپنے رسول بھیجے ایک پیچے دوسرا جب کسی امت کے پاس اس کا رسول آیا انہوں نے اسے جھٹلایا (ف۶۸) تو ہم نے اگلوں سے پچھلے ملادیے (ف۶۹) اور انہیں کہانیاں کر ڈالا (ف۷۰) تو دور ہوں وہ لوگ کہ ایمان نہیں لاتے،

ثم بين- سبحانه- على سبيل الإجمال، أن حكمته قد اقتضت أن يرسل رسلا آخرين، متتابعين في إرسالهم. كل واحد يأتى في أعقاب أخيه. ليخرجوا الناس من الظلمات إلى النور، فقال- تعالى-: ثُمَّ أَرْسَلْنا رُسُلَنا تَتْرا ...ولفظ تَتْرا مصدر كدعوى، وألفه للتأنيث وأصله: وترى فقلبت الواو تاء، وهو منصوب على الحال من رسلنا.أى: ثم أرسلنا بعد ذلك رسلنا متواترين متتابعين واحدا بعد الآخر، مع فترة ومهلة من الزمان بينهما.قال القرطبي: ومعنى «تترى» : تتواتر، ويتبع بعضهم بعضا ترغيبا وترهيبا..قال الأصمعى: واترت كتبي عليه، أتبعت بعضها بعضا إلا أن بين كل واحد منها وبين الآخر مهلة.. وقرأ ابن كثير وأبو عمرو تَتْرا بالتنوين على أنه مصدر أدخل فيه التنوين على فتح الراء، كقولك: حمدا وشكرا.. .ثم بين- سبحانه- موقف كل أمة من رسولها فقال: كُلَّ ما جاءَ أُمَّةً رَسُولُها كَذَّبُوهُ....أى: كلما جاء رسول كل أمة إليها ليبلغها رسالة الله- تعالى- وليدعوها إلى عبادته وحده- سبحانه- كذب أهل هذه الأمة هذا الرسول المرسل إليهم. وأعرضوا عنه وآذوه ...قال ابن كثير: «وقوله: كُلَّ ما جاءَ أُمَّةً رَسُولُها كَذَّبُوهُ يعنى جمهورهم وأكثرهم، كقوله- تعالى- يا حَسْرَةً عَلَى الْعِبادِ ما يَأْتِيهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ .وأضاف- سبحانه- الرسول إلى الأمة، للإشارة إلى أن كل رسول قد جاء إلى الأمة المرسل إليها. وفي التعبير بقوله: كُلَّ ما جاءَ ... إشعار بأنهم قابلوه بالتكذيب. بمجرد مجيئه إليهم، أى: إنهم بادروه بذلك بدون تريث أو تفكر.فماذا كانت عاقبتهم؟ كانت عاقبتهم كما بينها- سبحانه- في قوله: فَأَتْبَعْنا بَعْضَهُمْ بَعْضاً وَجَعَلْناهُمْ أَحادِيثَ فَبُعْداً لِقَوْمٍ لا يُؤْمِنُونَ.أى: فأتبعنا بعضهم بعضا في الهلاك والتدمير، وجعلناهم بسبب تكذيبهم لرسلهم أحاديث يتحدث الناس بها على سبيل التعجب والتلهي، ولم يبق بين الناس إلا أخبارهم السيئة.وذكرهم القبيح فَبُعْداً وهلاكا لقوم لا يؤمنون بالحق، ولا يستجيبون للهدى.قال صاحب الكشاف: «وقوله وَجَعَلْناهُمْ أَحادِيثَ أى: أخبارا يسمر بها، ويتعجب منها. والأحاديث تكون اسم جمع للحديث، ومنه أحاديث رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وتكون جمعا للأحدوثة: التي هي مثل الأضحوكة والألعوبة والأعجوبة. وهي: مما يتحدث به الناس تلهيا وتعجبا، وهو المراد هنا» .
23:45
ثُمَّ اَرْسَلْنَا مُوْسٰى وَ اَخَاهُ هٰرُوْنَ ﳔ بِاٰیٰتِنَا وَ سُلْطٰنٍ مُّبِیْنٍۙ(۴۵)
پھر ہم نے موسیٰ اور اس کے بھائی ہارون کو اپنی آیتوں اور روشن سند (ف۷۱) کے ساتھ بھیجا،

ثم ساق- سبحانه- بعد ذلك جانبا من قصة موسى وهارون- عليهما السلام- فقال:ثُمَّ أَرْسَلْنا مُوسى وَأَخاهُ هارُونَ بِآياتِنا وَسُلْطانٍ مُبِينٍ إِلى فِرْعَوْنَ وَمَلَائِهِ فَاسْتَكْبَرُوا وَكانُوا قَوْماً عالِينَ.أى: ثم أرسلنا من بعد أولئك الأقوام المهلكين الذين جعلناهم أحاديث مُوسى وَأَخاهُ هارُونَ بِآياتِنا الدالة على قدرتنا، وهي الآيات التسع وهي: العصا، واليد، والسنون، والبحر، والطوفان، والجراد، والقمل، والضفادع، والدم.وزودناه مع هذه الآيات العظيمة بسلطان مبين، أى: بحجة قوية واضحة، تحمل كل عاقل على الإيمان به، وعلى الاستجابة له.
23:46
اِلٰى فِرْعَوْنَ وَ مَلَاۡىٕهٖ فَاسْتَكْبَرُوْا وَ كَانُوْا قَوْمًا عَالِیْنَۚ(۴۶)
فرعون اور اس کے درباریوں کی طرف تو انہوں نے غرور کیا (ف۷۲) اور وہ لوگ غلبہ پائے ہوئے تھے، (ف۷۳)

وكان هذا الإرسال منا لموسى وهارون إلى فرعون وملئه، أى: وجهاء قومه وزعمائهم الذين يتبعهم غيرهم.فَاسْتَكْبَرُوا جميعا عن الاستماع إلى دعوة موسى وهارون- عليهما السلام، وَكانُوا قَوْماً عالِينَ أى مغرورين متكبرين، مسرفين في البغي والعدوان.
23:47
فَقَالُوْۤا اَنُؤْمِنُ لِبَشَرَیْنِ مِثْلِنَا وَ قَوْمُهُمَا لَنَا عٰبِدُوْنَۚ(۴۷)
تو بولے کیا ہم ایمان لے آئیں اپنے جیسے دو آدمیوں پر (ف۷۴) اور ان کی قوم ہماری بندگی کررہی ہے، (ف۷۵)

ثم بين- سبحانه- مظاهر هذا الغرور والتكبر من فرعون وملئه فقال: فَقالُوا أَنُؤْمِنُ لِبَشَرَيْنِ مِثْلِنا وهما موسى وهارون وَقَوْمُهُما أى: بنو إسرائيل الذين منهم موسى وهارون لَنا عابِدُونَ أى: مسخرون خاضعون منقادون لنا كما ينقاد الخادم لمخدومه.فأنت ترى أن فرعون وملأه، قد أعرضوا عن دعوة موسى وهارون، لأنهما- أولا- بشر مثلهم، والبشرية- في زعمهم الفاسد- تتنافى مع الرسالة والنبوة، ولأنهما- ثانيا- من قوم بمنزلة الخدم لفرعون وحاشيته، ولا يليق- في طبعهم المغرور- أن يتبع فرعون وحاشيته من كان من هؤلاء القوم المستضعفين.قال الآلوسى: «وقوله: فَقالُوا عطف على فَاسْتَكْبَرُوا وما بينهما اعتراض مقرر للاستكبار، والمراد: فقالوا فيما بينهم.. وثنى البشر لأنه يطلق على الواحد كقوله- تعالى- بَشَراً سَوِيًّاوعلى الجمع، كما في قوله: - تعالى- فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ الْبَشَرِ أَحَداً.. ولم يثن مثل نظرا إلى كونه في حكم المصدر، ولو أفرد البشر لصح، لأنه اسم جنس يطلق على الواحد وغيره، وكذا لو ثنى المثل، فإنه جاء مثنى في قوله: يَرَوْنَهُمْ مِثْلَيْهِمْ رَأْيَ الْعَيْنِ ومجموعا كما في قوله: ... ثُمَّ لا يَكُونُوا أَمْثالَكُمْ . وهذه القصص- كما ترى- تدل على أن مدار شبه المنكرين للنبوة، قياس حال الأنبياء على أحوالهم، بناء على جهلهم بتفاصيل شئون الحقيقة البشرية، وتباين طبقات أفرادها في مراقى الكمال.. ومن عجب أنهم لم يرضوا للنبوة ببشر، وقد رضى أكثرهم للإلهية بحجر..» .
23:48
فَكَذَّبُوْهُمَا فَكَانُوْا مِنَ الْمُهْلَكِیْنَ(۴۸)
تو انہوں نے ان دونوں کو جھٹلایا تو ہلاک کیے ہوؤں میں ہوگئے (ف۷۶)

ثم بين- سبحانه- سوء عاقبة فرعون وملئه فقال: فَكَذَّبُوهُما فَكانُوا مِنَ الْمُهْلَكِينَ.أى: فكذب فرعون وأتباعه موسى وهارون- عليهما السلام- فيما جاءا به من عند ربهما- عز وجل- فكانت نتيجة هذا التكذيب أن أغرقنا فرعون ومن معه جميعا.
23:49
وَ لَقَدْ اٰتَیْنَا مُوْسَى الْكِتٰبَ لَعَلَّهُمْ یَهْتَدُوْنَ(۴۹)
اور بیشک ہم نے موسیٰ کو کتاب عطا فرمائی (ف۷۷) کہ ان کو (ف۷۸) ہدایت ہو،

ثم بين- سبحانه- ما أعطاه لموسى بعد هلاك فرعون وقومه فقال: وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ.والضمير في قوله- تعالى- لَعَلَّهُمْ يعود إلى قوم موسى من بنى إسرائيل. لأنه من المعروف أن التوراة أنزلت على موسى بعد هلاك فرعون وملئه..أى: ولقد آتينا موسى- بفضلنا وكرمنا- الكتاب المشتمل على الهداية والإرشاد، وهو التوراة، لَعَلَّهُمْ أى: بنى إسرائيل يَهْتَدُونَ إلى الصراط المستقيم، بسبب اتباعهم لتعاليمه، وتمسكهم بأحكامه. فالترجى في قوله لَعَلَّهُمْ إنما هو بالنسبة لهم.وقريب من هذه الآية قوله- تعالى-: وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ مِنْ بَعْدِ ما أَهْلَكْنَا الْقُرُونَ الْأُولى بَصائِرَ لِلنَّاسِ وَهُدىً وَرَحْمَةً لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ
23:50
وَ جَعَلْنَا ابْنَ مَرْیَمَ وَ اُمَّهٗۤ اٰیَةً وَّ اٰوَیْنٰهُمَاۤ اِلٰى رَبْوَةٍ ذَاتِ قَرَارٍ وَّ مَعِیْنٍ۠(۵۰)
اور ہم نے مریم اور اس کے بیٹے کو (ف۷۹) نشانی کیا اور انہیں ٹھکانا دیا ایک بلند زمین (ف۸۰) جہاں بسنے کا مقام (ف۸۱) اور نگاہ کے سامنے بہتا پانی،

ثم ساق- سبحانه- ما يدل على كمال قدرته، حيث أوجد عيسى من غير أب وجعل أمه مريم تلده من غير أن يمسها بشر. فقال- تعالى- وَجَعَلْنَا ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ آيَةً....أى: وجعلنا نبينا عيسى- عليه السلام-، كما جعلنا أمه مريم، آية واضحة وحجة عظيمة، في الدلالة على قدرتنا النافذة التي لا يعجزها شيء.قال أبو حيان: «قوله: وَجَعَلْنَا ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ آيَةً أى: جعلنا قصتهما، وهي آية عظمى بمجموعها، وهي آيات مع التفصيل، ويحتمل أن يكون حذف من الأول «آية» لدلالة الثاني، أى: وجعلنا ابن مريم آية، وأمه آية» .وقوله- تعالى- وَآوَيْناهُما إِلى رَبْوَةٍ ذاتِ قَرارٍ وَمَعِينٍ بيان لجانب مما أنعم به سبحانه- على عيسى وأمه.والربوة: المكان المرتفع من الأرض. وأصلها من قولهم: ربا الشيء يربو، إذا ازداد وارتفع، ومنه الربا لأنه زيادة أخذت على أصل المال.ومعين اسم مفعول من عانه إذا أدركه وأبصره بعينه، فالميم زائدة، وأصله معيون كمبيوع ثم دخله الإعلال. والكلام على حذف مضاف. أى: وماء معين.أى: ومن مظاهر رعايتنا وإحساننا إلى عيسى وأمه أننا آويناهما وأسكناهما، وأنزلناهما في جهة مرتفعة من الأرض، وهذه الجهة ذات قرار، أى: ذات استقرار لاستوائها وصلاحيتها للسكن لما فيها من الزروع والثمار، وهي في الوقت ذاته ينساب الماء الظاهر للعيون في ربوعها.قالوا: والمراد بهذه الربوة: بيت المقدس بفلسطين، أو دمشق، أو مصر.والمقصود من الآية الكريمة: الإشارة إلى إيواء الله- تعالى- لهما، في مكان طيب، ينضر فيه الزرع، وتطيب فيه الثمار، ويسيل فيه الماء ويجدان خلال عيشهما به الأمان والراحة.
23:51
یٰۤاَیُّهَا الرُّسُلُ كُلُوْا مِنَ الطَّیِّبٰتِ وَ اعْمَلُوْا صَالِحًاؕ-اِنِّیْ بِمَا تَعْمَلُوْنَ عَلِیْمٌؕ(۵۱)
اے پیغمبرو! پاکیزہ چیزیں کھاؤ (ف۸۲) اور اچھا کام کرو، میں تمہارے کاموں کو جانتا ہوں (ف۸۳)

ثم ختم- سبحانه- الحديث عن هؤلاء الأنبياء، بتوجيه خطاب إلى الرسل جميعا، أمرهم فيه بالأكل من الطيبات، وبالتزود من العمل الصالح، فقال- تعالى-: يا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّباتِ وَاعْمَلُوا صالِحاً، إِنِّي بِما تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ.ووجه- سبحانه- الخطاب إلى الرسل جميعا، مع أن الموجود منهم عند نزول الآية واحد فقط، وهو الرسول صلّى الله عليه وسلّم للدلالة على أن كل رسول أمر في زمنه بالأكل من الطيبات التي أحلها- تعالى- وبالعمل الصالح.وفي الآية إشارة إلى أن المداومة على الأكل من الطيبات التي أحلها الله، والتي لا شبهة فيها، له أثره في مواظبة الإنسان على العمل الصالح.قال الإمام ابن كثير عند تفسيره لهذه الآية: يأمر الله- تعالى- عباده المرسلين بالأكل من الحلال، والقيام بالصالح من الأعمال، فدل هذا على أن الحلال عون على العمل الصالح، فقام الأنبياء- عليهم الصلاة والسلام- بهذا أتم قيام، وجمعوا بين كل خير. قولا وعملا.ودلالة ونصحا.ثم ساق- رحمه الله- عددا من الأحاديث في هذا المعنى منها: أن أم عبد الله- بنت شداد بن أوس- بعثت إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بقدح لبن عند فطره وهو صائم، وذلك مع طول النهار وشدة الحر. فرد إليهما رسولها: أنّى كانت لك الشاة؟ - أى: على أية حال تملكينها- فقالت: اشتريتها من مالي، فشرب منه، فلما كان من الغد أتته أم عبد الله فقالت له: يا رسول الله. بعثت إليك بلبن مرثية لك من طول النهار وشدة الحر، فرددت إلىّ الرسول فيه؟ فقال لها: «بذلك أمرت الرسل. أن لا تأكل إلا طيبا ولا تعمل إلا صالحا» .ومنها: ما ثبت في صحيح مسلم. عن أبى هريرة- رضى الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم «يا أيها الناس، إن الله طيب لا يقبل إلا طيبا، وإن الله أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين فقال: يا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّباتِ وَاعْمَلُوا صالِحاً ... وقال: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّباتِ ما رَزَقْناكُمْ ثم ذكر الرجل يطيل السفر أشعث أغبر، ومطعمه من حرام. ومشربه من حرام، وملبسه من حرام، وغذى بالحرام. يمد يديه إلى السماء: يا رب يا رب فأنى يستجاب لذلك» .وقوله- سبحانه-: إِنِّي بِما تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ تحذير من مخالفة ما أمر به- تعالى-.أى: إنى: بما تعملون- أيها الرسل وأيها الناس- عليم فأجازيكم على هذا العمل بما تستحقون.
23:52
وَ اِنَّ هٰذِهٖۤ اُمَّتُكُمْ اُمَّةً وَّاحِدَةً وَّ اَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُوْنِ(۵۲)
اور بیشک یہ تمہارا دین ایک ہی دین ہے (ف۸۴) اور میں تمہارا رب ہوں تو مجھ سے ڈرو،

وقوله- سبحانه- وَإِنَّ هذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً واحِدَةً.. جملة مستأنفة.والمراد بالأمة هنا: الشريعة والدين الذي أنزله الله- تعالى- على أنبيائه ورسله، أى:وإن شريعتكم- أيها الرسل- جميعا هي شريعة واحدة لا تختلف في أصولها التي تتعلق بالعقائد والعبادات والمعاملات، وإن اختلفت في الأحكام الفرعية.وقرأ بعض القراء السبعة: وَإِنَّ هذِهِ أُمَّتُكُمْ.. بفتح الهمزة، على أن الآية من جملة ما خوطب به الرسل.والتقدير: واعلموا- أيها الرسل- أن ملتكم وشريعتكم، ملة واحدة، وشريعة واحدة في عقائدها وأصول أحكامها.وَأَنَا رَبُّكُمْ لا شريك لي في الربوبية فَاتَّقُونِ أى: فخافوا عقابي، واحذروا مخالفة أمرى، وصونوا أنفسكم من كل ما نهيتكم عنه.ثم بين- سبحانه- بعد ذلك حال المصرين على كفرهم وضلالهم من دعوة الرسل عليهم- الصلاة والسلام- فقال:
23:53
فَتَقَطَّعُوْۤا اَمْرَهُمْ بَیْنَهُمْ زُبُرًاؕ-كُلُّ حِزْبٍۭ بِمَا لَدَیْهِمْ فَرِحُوْنَ(۵۳)
تو ان کی امتوں نے اپنا کام آپس میں ٹکڑے ٹکڑے کرلیا (ف۸۵) ہر گروہ جو اس کے پاس ہے اس پر خوش ہے، (ف۸۶)

والفاء في قوله- تعالى-: فَتَقَطَّعُوا لترتيب حالهم وما هم عليه من تفرق وتنازع واختلاف، على ما سبق من أمرهم بالتقوى، واتباع ما جاءهم به الرسل.وضمير الجمع يعود إلى الأقوام السابقين الذين خالفوا رسلهم، وتفرقوا شيعا وأحزابا.وقوله زُبُراً حال من هذا الضمير. ومفردة زبرة- كغرفة- بمعنى: قطعة. والمراد به هنا: طائفة من الناس. والمراد بأمرهم: أمر دينهم الذي هو واحد في الأصل.أى: أن هؤلاء الأقوام الذين جاء الرسل لهدايتهم، لم يتبعوا دين رسلهم بل تفرقوا في شأنه شيعا وأحزابا، فمنهم أهل الكتاب الذين قال بعضهم: عزير ابن الله، وقال بعضهم:المسيح ابن الله، ومنهم المشركون الذين عبدوا من دون الله- تعالى- أصناما لا تضر ولا تنفع، وصار كل حزب من هؤلاء المعرضين عن الحق، مسرورا بما هو عليه من باطل، وفرحا بما هو فيه من ضلال.والآية القرآنية بأسلوبها البديع، تسوق هذا التنازع من هؤلاء الجاهلين في شأن الدين الواحد، في صورة حسية، يرى المتدبر من خلالها، أنهم تجاذبوه فيما بينهم، حتى قطعوه في أيديهم قطعا، ثم مضى كل فريق منهم بقطعته وهو فرح مسرور، مع أنه- لو كان يعقل- لما انحدر إلى هذا الفعل القبيح، ولما فرح بعمل شيء من شأنه أن يحزن له كل عاقل.
23:54
فَذَرْهُمْ فِیْ غَمْرَتِهِمْ حَتّٰى حِیْنٍ(۵۴)
تو تم ان کو چھوڑ دو ان کے نشہ میں (ف۸۷) ایک وقت تک (ف۸۸)

والخطاب في قوله- تعالى-: فَذَرْهُمْ فِي غَمْرَتِهِمْ حَتَّى حِينٍ للرسول صلّى الله عليه وسلّم والضمير المنصوب «هم» للمشركين.والغمرة في الأصل: الماء الذي يغمر القامة ويسترها، إذ المادة تدل على التغطية والستر.يقال: غمر الماء الأرض إذا غطاها وسترها. ويقال: هذا رجل غمر- بضم الغين وإسكان الميم- إذا غطاه الجهل وجعله لا تجربة له بالأمور. ويقال: هذا رجل غمر- بكسر الغين- إذا غطى الحقد قلبه والمراد بالغمرة هنا: الجهالة والضلالة، والمعنى: لقد أديت- أيها الرسول- الرسالة، ونصحت لقومك. وبلغتهم ما أمرك الله- تعالى- بتبليغه، وعليك الآن أن تترك هؤلاء الجاحدين المعاندين في جهالاتهم وغفلتهم وحيرتهم حَتَّى حِينٍ أى:حتى يأتى الوقت الذي حددناه للفصل في أمرهم بما تقتضيه حكمتنا.وجاء لفظ «حين» بالتنكير، لتهويل الأمر وتفظيعه.
23:55
اَیَحْسَبُوْنَ اَنَّمَا نُمِدُّهُمْ بِهٖ مِنْ مَّالٍ وَّ بَنِیْنَۙ(۵۵)
کیا یہ خیال کررہے ہیں کہ وہ جو ہم ان کی مدد کررہے ہیں مال اور بیٹوں سے (ف۸۹)

ثم تأخذ السورة الكريمة بعد ذلك في السخرية منهم لغفلتهم عن هذا المصير المحتوم، الذي سيفاجئهم بما لا يتوقعون. فيقول: أَيَحْسَبُونَ أَنَّما نُمِدُّهُمْ بِهِ مِنْ مالٍ وَبَنِينَ. نُسارِعُ لَهُمْ فِي الْخَيْراتِ، بَلْ لا يَشْعُرُونَ.والهمزة في قوله أَيَحْسَبُونَ للاستفهام الإنكارى. و «ما» موصولة، وهي اسم «أن» وخبرها جملة «نسارع لهم ... » والرابط مقدر أى: به.أى: أيظن هؤلاء الجاهلون. أن ما نعطيهم إياه من مال وبنين، هو من باب المسارعة منا في إمدادهم بالخيرات لرضانا عنهم وإكرامنا لهم؟ كلا: ما فعلنا معهم ذلك لتكريمهم، وإنما فعلنا ذلك معهم لاستدراجهم وامتحانهم، ولكنهم لا يشعرون بذلك. ولا يحسون به لانطماس بصائرهم ولاستيلاء الجهل والغرور على نفوسهم.فقوله- سبحانه- بَلْ لا يَشْعُرُونَ إضراب انتقالي عن الحسبان المذكور وهو معطوف على مقدر ينسحب إليه الكلام.أى: ما فعلنا ذلك معهم لإكرامنا إياهم كما يظنون، بل فعلنا ما فعلنا استدراجا لهم، ولكنهم لا شعور لهم ولا إحساس، وما هم إلا كالأنعام بل هم أضل.لذا قال بعض الصالحين: من يعص الله- تعالى- ولم ير نقصانا فيما أعطاه- سبحانه- من الدنيا. فليعلم أنه مستدرج قد مكر به.وشبيه بهاتين الآيتين قوله- تعالى-: فَذَرْنِي وَمَنْ يُكَذِّبُ بِهذَا الْحَدِيثِ، سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لا يَعْلَمُونَ وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ .وبعد أن صورت السورة الكريمة حالة أصحاب القلوب التي غمرها الجهل والعمى، أتبعت ذلك بإعطاء صورة وضيئة مشرقة لأصحاب القلوب الوجلة المؤمنة، المسارعة في الخيرات فقال- تعالى-:
23:56
نُسَارِعُ لَهُمْ فِی الْخَیْرٰتِؕ-بَلْ لَّا یَشْعُرُوْنَ(۵۶)
یہ جلد جلد ان کو بھلائیاں دیتے ہیں (ف۹۰) بلکہ انہیں خبر نہیں (ف۹۱)

ثم تأخذ السورة الكريمة بعد ذلك في السخرية منهم لغفلتهم عن هذا المصير المحتوم، الذي سيفاجئهم بما لا يتوقعون. فيقول: أَيَحْسَبُونَ أَنَّما نُمِدُّهُمْ بِهِ مِنْ مالٍ وَبَنِينَ. نُسارِعُ لَهُمْ فِي الْخَيْراتِ، بَلْ لا يَشْعُرُونَ.والهمزة في قوله أَيَحْسَبُونَ للاستفهام الإنكارى. و «ما» موصولة، وهي اسم «أن» وخبرها جملة «نسارع لهم ... » والرابط مقدر أى: به.أى: أيظن هؤلاء الجاهلون. أن ما نعطيهم إياه من مال وبنين، هو من باب المسارعة منا في إمدادهم بالخيرات لرضانا عنهم وإكرامنا لهم؟ كلا: ما فعلنا معهم ذلك لتكريمهم، وإنما فعلنا ذلك معهم لاستدراجهم وامتحانهم، ولكنهم لا يشعرون بذلك. ولا يحسون به لانطماس بصائرهم ولاستيلاء الجهل والغرور على نفوسهم.فقوله- سبحانه- بَلْ لا يَشْعُرُونَ إضراب انتقالي عن الحسبان المذكور وهو معطوف على مقدر ينسحب إليه الكلام.أى: ما فعلنا ذلك معهم لإكرامنا إياهم كما يظنون، بل فعلنا ما فعلنا استدراجا لهم، ولكنهم لا شعور لهم ولا إحساس، وما هم إلا كالأنعام بل هم أضل.لذا قال بعض الصالحين: من يعص الله- تعالى- ولم ير نقصانا فيما أعطاه- سبحانه- من الدنيا. فليعلم أنه مستدرج قد مكر به.وشبيه بهاتين الآيتين قوله- تعالى-: فَذَرْنِي وَمَنْ يُكَذِّبُ بِهذَا الْحَدِيثِ، سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لا يَعْلَمُونَ وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ .وبعد أن صورت السورة الكريمة حالة أصحاب القلوب التي غمرها الجهل والعمى، أتبعت ذلك بإعطاء صورة وضيئة مشرقة لأصحاب القلوب الوجلة المؤمنة، المسارعة في الخيرات فقال- تعالى-:
23:57
اِنَّ الَّذِیْنَ هُمْ مِّنْ خَشْیَةِ رَبِّهِمْ مُّشْفِقُوْنَۙ(۵۷)
بیشک وہ جو اپنے رب کے ڈر سے سہمے ہوئے ہیں (ف۹۲)

وقوله- سبحانه- إِنَّ الَّذِينَ هُمْ مِنْ خَشْيَةِ رَبِّهِمْ مُشْفِقُونَ بيان للصفة الأولى من صفات هؤلاء المؤمنين الصادقين.والإشفاق: هو الخوف من الله- تعالى- والخشية منه- سبحانه- مع شدة الرقة في القلب وكثرة الخوف من عقابه.أى: أنهم من خشية عقابه- عز وجل- حذرون خائفون، وهذا شأن المؤمنين الصادقين، كما قال الحسن البصري: إن المؤمن جمع إحسانا وشفقة، وإن المنافق جمع إساءة وأمنا.
23:58
وَ الَّذِیْنَ هُمْ بِاٰیٰتِ رَبِّهِمْ یُؤْمِنُوْنَۙ(۵۸)
اور وہ جو اپنے رب کی آیتوں پر ایمان لاتے ہیں (ف۹۳)

وقوله- تعالى-: وَالَّذِينَ هُمْ بِآياتِ رَبِّهِمْ يُؤْمِنُونَ بيان للصفة الثانية أى: أنهم يؤمنون إيمانا راسخا بجميع آيات الله- سبحانه- الدالة على وحدانيته وقدرته، سواء أكانت تلك الآيات تنزيلية أم كونية.
23:59
وَ الَّذِیْنَ هُمْ بِرَبِّهِمْ لَا یُشْرِكُوْنَۙ(۵۹)
اور وہ جو اپنے رب کا کوئی شریک نہیں کرتے،

وقوله- عز وجل-: وَالَّذِينَ هُمْ بِرَبِّهِمْ لا يُشْرِكُونَ صفة ثالثة لهم. أى: أنهم يخلصون العبادة لله- تعالى- وحده، ويقصدون بأقوالهم وأعمالهم وجهه الكريم، فهم بعيدون عن الرياء والمباهاة بطاعاتهم.
23:60
وَ الَّذِیْنَ یُؤْتُوْنَ مَاۤ اٰتَوْا وَّ قُلُوْبُهُمْ وَجِلَةٌ اَنَّهُمْ اِلٰى رَبِّهِمْ رٰجِعُوْنَۙ(۶۰)
اور وہ جو دیتے ہیں جو کچھ دیں (ف۹۴) اور ان کے دل ڈر رہے ہیں یوں کہ ان کو اپنے رب کی طرف پھرنا ہے، (ف۹۵)

ثم بين- سبحانه- صفتهم الرابعة فقال: وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ ما آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلى رَبِّهِمْ راجِعُونَ.قرأ القراء السبعة يُؤْتُونَ ما آتَوْا بالمد، على أنه من الإتيان بمعنى الإعطاء، والوجل: استشعار الخوف. يقال: وجل فلان وجلا فهو واجل، إذا خاف، أى: يعطون ما يعطون من الصدقات وغيرها من ألوان البر، ومع ذلك فإن قلوبهم خائفة أن لا يقبل منهم هذا العطاء، لأى سبب من الأسباب فهم كما قال بعض الصالحين: لقد أدركنا أقواما كانوا من حسناتهم أن ترد عليهم، أشفق منكم على سيئاتكم أن تعذبوا عليها.قال الإمام ابن كثير ما ملخصه: أى: يعطون العطاء وهم خائفون أن لا يتقبل منهم، لخوفهم أن يكونوا قد قصروا في القيام بشروط الإعطاء، وهذا من باب الإشفاق والاحتياط.كما روى الإمام أحمد عن عائشة أنها قالت: «يا رسول الله الَّذِينَ يُؤْتُونَ ما آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ هو الذي يسرق ويزنى ويشرب الخمر، وهو يخاف الله- عز وجل-؟قال: «لا يا بنت الصديق، ولكنه الذي يصلى ويصوم ويتصدق وهو يخاف الله- تعالى-» .ثم قال- رحمه الله- وقد قرأ آخرون: والذين يأتون ما أتوا.. من الإتيان.أى: يفعلون ما فعلوا وهم خائفون ...
23:61
اُولٰٓىٕكَ یُسٰرِعُوْنَ فِی الْخَیْرٰتِ وَ هُمْ لَهَا سٰبِقُوْنَ(۶۱)
یہ لوگ بھلائیوں میں جلدی کرتے ہیں اور یہی سب سے پہلے انہیں پہنچے (ف۹۶)

والمعنى على القراءة الأولى- وهي قراءة الجمهور: السبعة وغيرهم- أظهر لأنه قال- بعد ذلك-: أُولئِكَ يُسارِعُونَ فِي الْخَيْراتِ وَهُمْ لَها سابِقُونَ فجعلهم من السابقين، ولو كان المعنى على القراءة الأخرى، لأوشك أن لا يكونوا من السابقين، بل من المقتصدين أو المقتصرين .وجملة وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ حال من الفاعل في قوله- تعالى- يُؤْتُونَ.وجملة أَنَّهُمْ إِلى رَبِّهِمْ راجِعُونَ تعليلية بتقدير اللام، وهي متعلقة بقوله: وَجِلَةٌ.أى: وقلوبهم خائفة من عدم القبول لأنهم إلى ربهم راجعون، فيحاسبهم على بواعث أقوالهم وأعمالهم، وهم- لقوة إيمانهم- يخشون التقصير في أى جانب من جوانب طاعتهم له- عز وجل-.وقد جاءت هذه الصفات الكريمة- كما يقول الإمام الرازي- في نهاية الحسن، لأن الصفة الأولى دلت على حصول الخوف الشديد الموجب للاحتراز عما لا ينبغي، والثانية: دلت على قوة إيمانهم بآيات ربهم، والثالثة دلت على شدة إخلاصهم، والرابعة: دلت على أن المستجمع لتلك الصفات يأتى بالطاعات مع الوجل والخوف من التقصير، وذلك هو نهاية مقامات الصديقين، رزقنا الله- سبحانه- الوصول إليها .واسم الإشارة في قوله- تعالى-: أُولئِكَ يُسارِعُونَ فِي الْخَيْراتِ يعود إلى هؤلاء المؤمنين الموصوفين بتلك الصفات الجليلة.وهذه الجملة خبر عن قوله- تعالى-: إِنَّ الَّذِينَ هُمْ مِنْ خَشْيَةِ رَبِّهِمْ مُشْفِقُونَ وما عطف عليه، فاسم «إن» : أربع موصولات، وخبرها جملة أُولئِكَ يُسارِعُونَ فِي الْخَيْراتِ ...أى: أولئك الموصوفون بتلك الصفات، يبادرون برغبة وسرعة إلى فعل الخيرات، وإلى الوصول إلى ما يرضى الله- تعالى- وَهُمْ لَها أى: لهذه الخيرات وما يترتب عليها من فوز وفلاح سابِقُونَ لغيرهم.
23:62
وَ لَا نُكَلِّفُ نَفْسًا اِلَّا وُسْعَهَا وَ لَدَیْنَا كِتٰبٌ یَّنْطِقُ بِالْحَقِّ وَ هُمْ لَا یُظْلَمُوْنَ(۶۲)
اور ہم کسی جان پر بوجھ نہیں رکھتے مگر اس کی طاقت بھر اور ہمارے پاس ایک کتاب ہے کہ حق بولتی ہے (ف۹۷) اور ان پر ظلم نہ ہوگا، ف۹۸)

ثم ختم- سبحانه- هذه الآيات الكريمة المشتملة على صفات المؤمنين الصادقين، ببيان أن هذه الصفات الجليلة لم تكلف أصحابها فوق طاقتهم، لأن الإيمان الحق إذا خالطت بشاشته القلوب يجعلها لا تحس بالمشقة عند فعل الطاعات، وإنما يجعلها تحس بالرضا والسعادة والإقدام على فعل الخير بدون تردد، فقال- تعالى- وَلا نُكَلِّفُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَها ...أى: وقد جرت سنتنا فيما شرعناه لعبادنا من تشريعات، أننا لا نكلف نفسا من النفوس إلا في حدود طاقتها وقدرتها. كما قال- تعالى-: لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَها .والمراد بالكتاب في قوله- تعالى-: وَلَدَيْنا كِتابٌ يَنْطِقُ بِالْحَقِّ.. كتاب الأعمال الذي يحصيها الله- تعالى- فيه ويشهد لذلك قوله- سبحانه-: هذا كِتابُنا يَنْطِقُ عَلَيْكُمْ بِالْحَقِّ. إِنَّا كُنَّا نَسْتَنْسِخُ ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ وقوله- تعالى- وَوُضِعَ الْكِتابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ.. .والمراد بنطق الكتاب بالحق: أن كل ما فيه حق وصدق. أى: ولدينا صحائف أعمالكم، التي سجلها عليكم الكرام الكاتبون، وفيها جميع أقوالكم وأفعالكم في الدنيا، بدون زيادة أو نقصان، بل هي مشتملة على كل حق وصدق فقد اقتضت حكمتنا وعدالتنا أننا لا نظلم أحدا وإنما نعطى كل إنسان ما يستحقه من خير، ونعفو عن كثير من الهفوات.وبذلك نرى الآيات الكريمة، قد مدحت المؤمنين الصادقين، ووصفتهم بما هم أهله من صفات كريمة.ثم تعود السورة مرة أخرى إلى الحديث عن أحوال الكافرين، فتوبخهم على استمرارهم في غفلتهم، وتصور جزعهم وجؤارهم عند ما ينزل بهم العذاب فتقول:
23:63
بَلْ قُلُوْبُهُمْ فِیْ غَمْرَةٍ مِّنْ هٰذَا وَ لَهُمْ اَعْمَالٌ مِّنْ دُوْنِ ذٰلِكَ هُمْ لَهَا عٰمِلُوْنَ(۶۳)
بلکہ ان کے دل اس سے (ف۹۹) غفلت میں ہیں اور ان کے کام ان کاموں سے جدا ہیں (ف۱۰۰) جنہیں وہ کررہے ہیں،

قال الجمل: قوله- تعالى-: بَلْ قُلُوبُهُمْ ... هذا رجوع لأحوال الكفار المحكية فيما سبق بقوله: أَيَحْسَبُونَ أَنَّما نُمِدُّهُمْ ... والجمل التي بينهما وهي قوله: إِنَّ الَّذِينَ هُمْ مِنْ خَشْيَةِ رَبِّهِمْ إلى قوله وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ اعتراض في خلال الكلام المتعلق بالكفار .أى: هذه هي أوصاف المؤمنين الصادقين، أما الكافرون فقلوبهم في غَمْرَةٍ مِنْ هذا أى: في جهالة وغفلة مما عليه هؤلاء المؤمنون من صفات حميدة، ومن إيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر.وهؤلاء الكافرون لَهُمْ أَعْمالٌ سيئة كثيرة مِنْ دُونِ ذلِكَ أى من غير ما ذكرناه عنهم من كون قلوبهم في غمرة وجهالة عن الحق هُمْ لَها عامِلُونَ أى: هم مستمرون عليها، ومعتادون لفعلها مندفعون في ارتكابها بدون وعى أو تدبر.
23:64
حَتّٰۤى اِذَاۤ اَخَذْنَا مُتْرَفِیْهِمْ بِالْعَذَابِ اِذَا هُمْ یَجْــٴَـرُوْنَؕ(۶۴)
یہاں تک کہ جب ہم نے ان کے امیروں کو عذاب میں پکڑا (ف۱۰۱) تو جبھی وہ فریاد کرنے لگے، (ف۱۰۲)

ثم بين- سبحانه- عند ما ينزل بهم العذاب فقال: حَتَّى إِذا أَخَذْنا مُتْرَفِيهِمْ بِالْعَذابِ إِذا هُمْ يَجْأَرُونَ.وحتى هنا: ابتدائية، أى: حرف تبتدئ بعده الجمل، وجملة إِذا أَخَذْنا شرطية.وجوابها إِذا هُمْ يَجْأَرُونَ.والجؤار: الصراخ مطلقا، أو باستغاثة. يقال: جأر الثور يجأر إذا صاح.وجأر الداعي إلى الله، إذا ضج ورفع صوته بالتضرع إلى الله عز وجل.أى: حتى إذا عاقبنا هؤلاء المترفين الذين أبطرتهم النعمة. بالعذاب الذي يردعهم ويخزيهم ويذلهم، إذا هم يجأرون إلينا بالصراخ وبالاستغاثة.وعبر عن عقابهم، بالأخذ، للإشعار بسرعة هذا العقاب وشدته، كما في قوله- تعالى- ... أَخَذْناهُمْ بَغْتَةً فَإِذا هُمْ مُبْلِسُونَ .وخص المترفين بالذكر، للإشارة إلى أن ما كانوا فيه من التنعم والتمتع والتطاول في الدنيا، لن ينفعهم شيئا عند نزول هذا العذاب بهم.
23:65
لَا تَجْــٴَـرُوا الْیَوْمَ۫-اِنَّكُمْ مِّنَّا لَا تُنْصَرُوْنَ(۶۵)
آج فریاد نہ کرو، ہماری طرف سے تمہاری مدد نہ ہوگی،

وقوله- سبحانه- لا تَجْأَرُوا الْيَوْمَ إِنَّكُمْ مِنَّا لا تُنْصَرُونَ تأنيب وزجر لهم على جؤارهم وصراخهم. والمراد باليوم. الوقت الذي فيه نزل العذاب بهم.أى: عند ما أخذناهم بالعذاب المباغت المفاجئ، وضجوا بالاستغاثة والجؤار، قلنا لهم على سبيل التقريع والزجر: لا تجأروا ولا تصرخوا في هذا الوقت الذي أصابكم ما أصابكم فيه من عذاب. فإنكم لن تجدوا من ينجيكم من عذابنا، أو من يدفع عنكم هذا العذاب..
23:66
قَدْ كَانَتْ اٰیٰتِیْ تُتْلٰى عَلَیْكُمْ فَكُنْتُمْ عَلٰۤى اَعْقَابِكُمْ تَنْكِصُوْنَۙ(۶۶)
بیشک میری آیتیں (ف۱۰۳) تم پر پڑھی جاتی تھیں تو تم اپنی ایڑیوں کے بل الٹے پلٹتے تھے (ف۱۰۴)

ثم بين- سبحانه- الأسباب التي أفضت بهم إلى هذا العذاب المهين، فقال- تعالى-:قَدْ كانَتْ آياتِي تُتْلى عَلَيْكُمْ فَكُنْتُمْ عَلى أَعْقابِكُمْ تَنْكِصُونَ....والأعقاب: جمع عقب، وهو مؤخر القدم وتَنْكِصُونَ من النكوص، وهو الرجوع إلى الخلف. يقال: فلان نكص على عقبيه، إذا رجع إلى الوراء، وهو هنا كناية عن الإعراض عن الآيات.أى: لا تجأروا ولا تصرخوا، فإن ذلك لن يفيدكم شيئا، بسبب إصراركم على كفركم في حياتكم الدنيا، فقد كانت آياتي الدالة على وحدانيتي تتلى على مسامعكم من نبينا صلّى الله عليه وسلّم ومن المؤمنين به، فكنتم تعرضون عن سماعها أشد الإعراض، وكنتم تستهزءون بها، وتكادون تسطون بالذين يتلونها عليكم.
23:67
مُسْتَكْبِرِیْنَ ﳓ بِهٖ سٰمِرًا تَهْجُرُوْنَ(۶۷)
خدمت حرم پر بڑائی مارتے ہو (ف۱۰۵) رات کو وہاں بیہودہ کہانیاں بکتے (ف۱۰۶)

وقوله- تعالى- مُسْتَكْبِرِينَ بِهِ سامِراً تَهْجُرُونَ مقرر لمضمون ما قبله، من إعراضهم عن آيات الله. ونكوصهم على أعقابهم عند سماعها.والضمير في بِهِ يرى جمهور المفسرين أنه يعود إلى البيت الحرام، والباء للسببية.وقوله: «سامرا» اسم جمع كحاج وحاضر وراكب، مأخوذ من السمر وأصله ظل القمر وسمى بذلك لسمرته، ثم أطلق على الحديث بالليل. يقال: سمر فلان يسمر- ككرم يكرم- إذا تحدث ليلا مع غيره بقصد المسامرة والتسلية.وقوله: تَهْجُرُونَ قرأه الجمهور- بفتح التاء وضم الجيم- مأخوذ من الهجر- بإسكان الجيم- بمعنى الصد والقطيعة، أو من الهجر- بفتح الجيم- بمعنى الهذيان والنطق بالكلام الساقط، بسبب المرض أو الجنون.وقرأ نافع تَهْجُرُونَ بضم التاء وكسر الجيم- مأخوذ من هجر هجارا إذا نطق بالكلام القبيح.والمعنى: قد كانت آياتي تتلى عليكم- أيها المستغيثون من العذاب- فكنتم تعرضون عنها، ولم تكتفوا بهذا الإعراض، بل كنتم متكبرين على المسلمين بالبيت الحرام، وكنتم تتسامرون بالليل حوله، فتستهزئون بالقرآن، وبالرسول صلّى الله عليه وسلّم وبتعاليم الإسلام وتنطقون خلال سمركم بالقول الباطل، الذي يدل على مرض قلوبكم، وفساد عقولكم، وسوء أدبكم.وقوله: مُسْتَكْبِرِينَ وسامِراً وتَهْجُرُونَ أحوال ثلاثة مترادفة على واو الفاعل في تَنْكِصُونَ أو متداخلة، بمعنى أن كل كلمة منها حال مما قبلها.قال القرطبي: مُسْتَكْبِرِينَ حال، والضمير في بِهِ قال الجمهور: هو عائد على الحرم، أو المسجد، أو البلد الذي هو مكة. وإن لم يتقدم له ذكر لشهرته في الأمر.أى: يقولون نحن أهل الحرم فلا نخاف. وقيل: المعنى أنهم يعتقدون في نفوسهم أن لهم بالمسجد والحرم أعظم الحقوق على الناس والمنازل فيستكبرون لذلك.وقالت فرقة: الضمير عائد على القرآن، من حيث ذكرت الآيات.والمعنى: يحدث لكم سماع آياتي كبرا وطغيانا فلا تؤمنوا بي ... » .والمتأمل في هذه الآيات الكريمة، يراها تصور حسرة المشركين وجؤارهم يوم ينزل بهم العذاب تصويرا بديعا، كما تبين ما كانوا عليه من غرور وسوء أدب، مما جعلهم أهلا لهذا المصير الأليم.ثم تنتقل السورة الكريمة من تأنيبهم وتيئيسهم من الاستجابة لجؤارهم، إلى سؤالهم بأسلوب توبيخي عن الأسباب التي أدت بهم إلى الإعراض عما جاءهم به رسولهم صلّى الله عليه وسلّم فتقول:
23:68
اَفَلَمْ یَدَّبَّرُوا الْقَوْلَ اَمْ جَآءَهُمْ مَّا لَمْ یَاْتِ اٰبَآءَهُمُ الْاَوَّلِیْنَ٘(۶۸)
حق کو چھوڑے ہوئے (ف۱۰۷) کیا انہوں نے بات کو سوچا نہیں (ف۱۰۸) یا ان کے پاس وہ آیا جو ان کے باپ دادا کے پاس نہ آیا تھا (ف۱۰۹)

قال الجمل: قوله- تعالى-: أَفَلَمْ يَدَّبَّرُوا الْقَوْلَ ... شروع في بيان أسباب حاملة لهم على ما سبق من قوله- تعالى-: فَكُنْتُمْ عَلى أَعْقابِكُمْ تَنْكِصُونَ ... إلخ .والهمزة لإنكار ما هم فيه من عدم التدبر واستقباحه، والفاء للعطف على مقدر يستدعيه المقام: والمراد بالقول: القرآن الكريم وما اشتمل عليه من هدايات.والمعنى: أفعلوا ما فعلوا من النكوص على الأعقاب، ومن الغرور ومن الهذيان بالباطل من القول، فلم يتدبروا هذا القرآن، ولم يتفكروا فيما اشتمل عليه من توجيهات حكيمة..إنهم لو تدبروه لوجدوا فيه من العظات والآداب والأحكام، والقصص، والعقائد، والتشريعات.. ما يسعدهم ويهد بهم إلى الصراط المستقيم.فالجملة الكريمة تحضهم على تدبر هذا القرآن، لأنهم إن تدبروه تدبرا صادقا. لعلموا أنه الحق الذي لا يحوم حوله باطل.وشبيه بهذه الجملة قوله- تعالى- أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ، وَلَوْ كانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافاً كَثِيراً .وقوله- سبحانه-: أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلى قُلُوبٍ أَقْفالُها .وبعد أن وبخهم- سبحانه- على تركهم الانتفاع بالقرآن. أتبع ذلك بتقريعهم على أن ما جاءهم به الرسول صلّى الله عليه وسلّم يتفق في أصوله مع ما جاء به الرسل السابقون لآبائهم الأولين.أى: أكذبوا رسولهم لأنه جاءهم بما لم يأت به الرسل لآبائهم؟ كلا، فإن ما جاءهم به الرسول صلّى الله عليه وسلّم يطابق- في جوهره- ما جاء به إبراهيم وإسماعيل وغيرهما، من آبائهم الأولين.قال- تعالى- شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ ما وَصَّى بِهِ نُوحاً، وَالَّذِي أَوْحَيْنا إِلَيْكَ وَما وَصَّيْنا بِهِ إِبْراهِيمَ وَمُوسى وَعِيسى، أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ. .وقال- سبحانه-: قُلْ ما كُنْتُ بِدْعاً مِنَ الرُّسُلِ، وَما أَدْرِي ما يُفْعَلُ بِي وَلا بِكُمْ ... .ويجوز أن يكون المعنى: أكذب هؤلاء الجاهلون رسولهم صلّى الله عليه وسلّم لأنهم في أمان من العذاب، وهذا الأمان لم يكن فيه آباؤهم الأولون؟كلا، وإن من شأن العقلاء أنهم لا يأمنون مكر الله فإنه لا يأمن مكر الله إلا القوم الخاسرون.قال الآلوسى: وأم في قوله- تعالى- أَمْ جاءَهُمْ ما لَمْ يَأْتِ آباءَهُمُ الْأَوَّلِينَ منقطعة، وما فيها من معنى بل، للإضراب والانتقال من التوبيخ بما ذكر إلى التوبيخ بآخر. والهمزة لإنكار الوقوع لا لإنكار الواقع. أى: بل أجاءهم من الكتاب ما لم يأت آباءهم الأولين، حتى استبعدوه فوقعوا فيما وقعوا فيه من الكفر والضلال، بمعنى أن مجيء الكتب من جهته- تعالى- إلى الرسل سنة قديمة له- تعالى- وأن مجيء القرآن جار على هذه السنة فلماذا ينكرونه؟وقيل المعنى: أفلم يدبروا القرآن ليخافوا عند تدبر آياته، ما نزل بمن قبلهم من المكذبين،أم جاءهم من الأمن ما لم يأت آباءهم الأولين، حين خافوا الله- تعالى- فآمنوا به ويكتبه ورسله، فالمراد بآبائهم: «المؤمنون» منهم كإسماعيل- عليه السلام ... .
23:69
اَمْ لَمْ یَعْرِفُوْا رَسُوْلَهُمْ فَهُمْ لَهٗ مُنْكِرُوْنَ٘(۶۹)
یا انہوں نے اپنے رسول کو نہ پہچانا (ف۱۱۰) تو وہ اسے بیگانہ سمجھ رہے ہیں (ف۱۱۱)

ثم انتقلت السورة إلى توبيخهم- ثالثا- على كفرهم مع علمهم بصدق الرسول وأمانته، فقال- تعالى- أَمْ لَمْ يَعْرِفُوا رَسُولَهُمْ فَهُمْ لَهُ مُنْكِرُونَ.أى: أيكون سبب كفرهم أنهم لم يعرفوا رسولهم محمدا صلّى الله عليه وسلّم؟ كلا فإن هذا لا يصلح سببا، إذ هم يعرفون حسبه ونسبه، وأمانته، وصدقه، وكانوا يلقبونه بالصادق الأمين قبل بعثته، وأبو سفيان- قبل أن يدخل في الإسلام- شهد أمام هرقل ملك الروم، بأن الرسول صلى الله عليه وسلّم كان معروفا بصدقه وأمانته قبل البعثة.
23:70
اَمْ یَقُوْلُوْنَ بِهٖ جِنَّةٌؕ-بَلْ جَآءَهُمْ بِالْحَقِّ وَ اَكْثَرُهُمْ لِلْحَقِّ كٰرِهُوْنَ(۷۰)
یا کہتے ہیں اسے سودا ہے (ف۱۱۲) بلکہ وہ تو ان کے پاس حق لائے (ف۱۱۳) اور ان میں اکثر حق برا لگتا ہے (ف۱۱۴)

ثم انتقلت السورة- للمرة الرابعة- إلى توبيخهم على أمر آخر، فقال- تعالى-: أَمْ يَقُولُونَ بِهِ جِنَّةٌ....أى: أيكون سبب إصرارهم على كفرهم اتهامهم للرسول صلّى الله عليه وسلّم بالجنون؟ كلا، فإنهم يعلمون حق العلم أن الرسول صلّى الله عليه وسلّم هو أكمل الناس عقلا، وأرجحهم فكرا، وأثقبهم رأيا، وأوفرهم رزانة.وقوله- تعالى- بَلْ جاءَهُمْ بِالْحَقِّ وَأَكْثَرُهُمْ لِلْحَقِّ كارِهُونَ إضراب عما يدل عليه ما سبق من اتهامات باطلة دارت على ألسنة المشركين.أى: ليس الأمر كما زعموا من أنه صلّى الله عليه وسلّم به جنة أو أنه أتاهم بما لم يأت آباءهم الأولين، بل الأمر الصدق، أن الرسول صلّى الله عليه وسلّم جاءهم بالحق الثابت الذي لا يحوم حوله باطل ولكن هؤلاء القوم أكثرهم كارهون للحق، لأنه يتعارض مع أنانيتهم وشهواتهم، وأهوائهم..وقال- سبحانه-: وَأَكْثَرُهُمْ لِلْحَقِّ كارِهُونَ لأن قلة من هؤلاء المشركين كانت تعرف أن الرسول صلّى الله عليه وسلّم قد جاءهم بالحق، وتحب أن تدخل في الإسلام، ولكن حال بينهم وبين ذلك، الخوف من تعيير أقوامهم لهم بأنهم فارقوا دين آبائهم وأجدادهم، كأبى طالب- مثلا- فإنه مع دفاعه عن الرسول صلّى الله عليه وسلّم بقي على كفره.قال صاحب الكشاف: فإن قلت: قوله وَأَكْثَرُهُمْ فيه أن أقلهم كانوا لا يكرهون الحق؟ قلت: كان فيهم من يترك الإيمان به أنفة واستنكافا من توبيخ قومه، وأن يقولوا صبأ وترك دين آبائه، لا كراهة للحق، كما يحكى عن أبى طالب.فإن قلت: يزعم بعض الناس أن أبا طالب صح إسلامه؟ قلت: يا سبحان الله. كأن أبا طالب كان أخمل أعمام رسول الله صلّى الله عليه وسلّم حتى يشتهر إسلام حمزة والعباس- رضى الله عنهما- ويخفى إسلام أبى طالب» .
23:71
وَ لَوِ اتَّبَعَ الْحَقُّ اَهْوَآءَهُمْ لَفَسَدَتِ السَّمٰوٰتُ وَ الْاَرْضُ وَ مَنْ فِیْهِنَّؕ-بَلْ اَتَیْنٰهُمْ بِذِكْرِهِمْ فَهُمْ عَنْ ذِكْرِهِمْ مُّعْرِضُوْنَؕ(۷۱)
اور اگر حق (ف۱۱۵) ان کی خواہشوں کی پیروی کرتا (ف۱۱۶) تو ضرور آسمان اور زمین اور جو کوئی ان میں ہیں سب تباہ ہوجاتے (ف۱۱۷) بلکہ ہم تو ان کے پاس وہ چیز لائے (ف۱۱۸) جس میں ان کی ناموری تھی تو وہ اپنی عزت سے ہی منہ پھیرے ہوئے ہیں،

ثم بين- سبحانه- بعد ذلك ما كان سينزل بالعالم من فساد. فيما لو اتبع الحق- على سبيل الفرض- أهواء هؤلاء المشركين، فقال- تعالى-: وَلَوِ اتَّبَعَ الْحَقُّ أَهْواءَهُمْ لَفَسَدَتِ السَّماواتُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ....والمراد بالحق هنا- عند كثير من المفسرين- هو الله- عز وجل- إذ أن هذا اللفظ من أسمائه- تعالى-.والمعنى: ولو أجاب الله- تعالى- هؤلاء المشركين إلى ما يهوونه ويشتهونه من باطل وقبيح. لفسدت السموات والأرض ومن فيهن لأن أهواءهم الفاسدة من شرك. وظلم، وحقد، وعناد ... ، لا يمكن أن يقوم عليها نظام هذا الكون البديع، الذي أقمناه على الحق والعدل ...ويرى بعض المفسرين أن المراد بالحق هنا ما يقابل الباطل ويدل على ذلك قوله- تعالى-: بَلْ جاءَهُمْ بِالْحَقِّ وَأَكْثَرُهُمْ لِلْحَقِّ كارِهُونَ.فيكون المعنى: ولو اتبع الحق الذي جاءهم به الرسول صلّى الله عليه وسلّم أهواء المشركين، لفسدت السموات والأرض ومن فيهن، وذلك لأن الرسول صلّى الله عليه وسلّم جاءهم بالتوحيد وهم يريدون الشرك، وجاءهم بمكارم الأخلاق، وهم يريدون ما ألفوه من شهوات، وجاءهم بالتشريعات العادلة الحكيمة، وهم يريدون التشريعات التي ترضى غرورهم وأوضاعهم الفاسدة، والتي منها تفضيل الناس بحسب أحسابهم وغناهم، لا بحسب إيمانهم وتقواهم ...ومع وجاهة الرأيين، إلا أننا نميل إلى الرأى الثاني، لأنه أقرب إلى سياق الآيات، كما يشير إلى ذلك قوله- تعالى-: بَلْ جاءَهُمْ بِالْحَقِّ وَأَكْثَرُهُمْ لِلْحَقِّ كارِهُونَ.وقوله- سبحانه-: بَلْ أَتَيْناهُمْ بِذِكْرِهِمْ فَهُمْ عَنْ ذِكْرِهِمْ مُعْرِضُونَ انتقال من توبيخهم على كراهيتهم للحق، إلى توبيخهم على نفورهم مما فيه عزهم وفخرهم.والمراد بذكرهم: القرآن الذي هو شرف لهم، كما قال- تعالى-: وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ .أى: كيف يكرهون الحق الذي جاءهم به رسولهم صلّى الله عليه وسلّم مع أنه قد أتاهم بالقرآن الكريم الذي فيه شرفهم ومجدهم؟ إن إعراضهم عن هذا القرآن ليدل دلالة قاطعة، على غبائهم، وجهلهم، لأن العاقل لا يعرض عن شيء يرفع منزلته، ويكرم ذاته.
23:72
اَمْ تَسْــٴَـلُهُمْ خَرْجًا فَخَرَاجُ رَبِّكَ خَیْرٌ ﳓ وَّ هُوَ خَیْرُ الرّٰزِقِیْنَ(۷۲)
کیا تم ان سے کچھ اجرت مانگتے ہو (ف۱۱۹) تو تمہارے رب کا اجر سب سے بھلا اور وہ سب سے بہتر روزی دینے والا (ف۱۲۰)

ثم انتقلت السورة الكريمة- للمرة الخامسة- إلى توبيخهم على كفرهم، مع أن الرسول صلّى الله عليه وسلّم لم يسألهم أجرا على ما ينقذهم من ظلمات هذا الكفر إلى نور الإيمان. فقال- تعالى-: أَمْ تَسْأَلُهُمْ خَرْجاً.. أى: أجرا وجعلا وجزاء ...أى: أيكون السبب في عدم إيمانهم بك- أيها الرسول الكريم- أنك تسألهم أجرا على دعوتك لهم إلى إخلاص العبادة لنا؟.لا: ليس الأمر كما يتوهمون، فإنك لم تسألهم أجرا على دعوتك إياهم إلى الدخول في الإسلام.والجملة الكريمة معطوفة على قوله- تعالى- قبل ذلك أَمْ يَقُولُونَ بِهِ جِنَّةٌ..وما بينهما اعتراض وقوله- سبحانه-: فَخَراجُ رَبِّكَ خَيْرٌ، وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ تعليل لنفى سؤاله إياهم الأجر على دعوتهم إلى الحق.أى: أنت- أيها الرسول الكريم- ما طالبتهم بأجر على دعوتك إياهم إلى الإيمان بالله- تعالى- وحده، لأن ما أعطاك الله- تعالى- من خير وفضل أكبر وأعظم من عطاء هؤلاء الضعفاء الذين لا يستغنون أبدا عن عطائنا. والله- تعالى- هو خير الرازقين، لأن رزقه دائم ورزق غيره مقطوع، ولأنه هو المالك لجميع الأرزاق، وغيره لا يملك معه شيئا.قال بعض العلماء: المراد بالخرج والخراج هنا. الأجر والجزاء والمعنى: أنك لا تسألهم على ما بلغتهم من الرسالة المتضمنة لخيرى الدنيا والآخرة أجرا وأصل الخرج والخراج: هو ما تخرجه إلى كل عامل في مقابلة أجرة أو جعل.وقرأ ابن عامر: أم تسألهم خراجا فخراج ربك خير- بإسكان الراء فيهما معا وحذف الألف-.وقرأ حمزة والكسائي: أَمْ تَسْأَلُهُمْ خَرْجاً فَخَراجُ رَبِّكَ خَيْرٌ- بفتح الراء بعدها ألف فيهما معا وقرأ الباقون: أَمْ تَسْأَلُهُمْ خَرْجاً فَخَراجُ رَبِّكَ خَيْرٌ بإسكان الراء وحذف الألف في الأول وفتح الراء وإثبات الألف في الثاني.والتحقيق: أن معنى اللفظين واحد، وأنهما لغتان فصيحتان، وقراءتان سبعيتان، خلافا لمن زعم أن بين معناهما فرقا زاعما أن الخرج ما تبرعت به، وأن الخراج ما لزمك أداؤه» .
23:73
وَ اِنَّكَ لَتَدْعُوْهُمْ اِلٰى صِرَاطٍ مُّسْتَقِیْمٍ(۷۳)
اور بیشک تم انہیں سیدھی راہ کی طرف بلاتے ہو (ف۱۲۱)

ثم ختم- سبحانه- هذه الآيات الكريمة، ببيان أن الرسول صلّى الله عليه وسلّم لا يدعو إلا إلى الحق، وأن المعرضين عن دعوته عن طريق الحق خارجون، فقال- تعالى- وَإِنَّكَ لَتَدْعُوهُمْ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ....أى: وإنك- أيها الرسول الكريم- لتدعو هؤلاء المشركين إلى طريق واضح قويم، تشهد العقول باستقامته وسلامته من أى عوج.
23:74
وَ اِنَّ الَّذِیْنَ لَا یُؤْمِنُوْنَ بِالْاٰخِرَةِ عَنِ الصِّرَاطِ لَنٰكِبُوْنَ(۷۴)
اور بیشک جو آخرت پر ایما ن نہیں لاتے ضرور سیدھی راہ سے (ف۱۲۲) کترائے ہوئے ہیں،

وَإِنَّ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ ككفار قريش ومن لف لفهم عَنِ الصِّراطِ المستقيم لَناكِبُونَ أى: لمائلون وخارجون.يقال: نكب فلان عن الطريق ينكب نكوبا- من باب دخل-، إذا عدل عنه. ومال إلى غيره.وبذلك نرى أن هذه الآيات الكريمة. قد شهدت للرسول صلّى الله عليه وسلّم بالبراءة من كل تهمة تفوه بها المشركون، وقطعت معاذيرهم، وردت عليهم بما يخرس ألسنتهم، حيث حكت شبهاتهم بأمانة ثم كرت عليها بالإبطال، وأثبتت أن الرسول صلّى الله عليه وسلّم إنما جاءهم ليدعوهم إلى الصراط المستقيم.ثم بين- سبحانه- بعد ذلك، أن هؤلاء المشركين، قد قست قلوبهم، وفسدت نفوسهم، وماتت ضمائرهم، وصاروا لا يؤثر فيهم الابتلاء بالخير أو الشر، فقال- تعالى-:
23:75
وَ لَوْ رَحِمْنٰهُمْ وَ كَشَفْنَا مَا بِهِمْ مِّنْ ضُرٍّ لَّلَجُّوْا فِیْ طُغْیَانِهِمْ یَعْمَهُوْنَ(۷۵)
اور اگر ہم ان پر رحم کریں اور جو مصیبت (ف۱۲۳) ان پر پڑی ہے ٹال دیں تو ضرور بھٹ پنا (احسان فراموشی) کریں گے اپنی سرکشی میں بہکتے ہوئے (ف۱۲۴)

أى: ولو رحمنا هؤلاء المشركين الذين تنكبوا الصراط المستقيم وكشفنا ما بهم من ضر.أى: من سوء حال بسبب ما نزل بهم من قحط وجدب وفقر لَلَجُّوا فِي طُغْيانِهِمْ يَعْمَهُونَ أى: لتمادوا في طغيانهم، وتجاوزوا الحدود في كفرهم وضلالهم، وفي تحيرهم وترددهم بدون تمييز بين الحق والباطل.والتعبير بقوله- تعالى- لَلَجُّوا يشعر بأنهم لقسوة قلوبهم، صاروا لا تؤثر فيهم المصائب بل يزدادون بسببها طغيانا وكفرا، إذ الفعل «لجوا» مأخوذ من اللجاج. هو التمادي والعناد في ارتكاب المنهي عن ارتكابه.يقال: لج فلان في الأمر يلج لججا ولجاجة. إذا لازمه وواظب عليه. ومنه «اللّجة» - بفتح اللام- لكثرة الأصوات. ولجة البحر- بضم اللام- لتردد أمواجه..وقوله: يَعْمَهُونَ من العمه، بمعنى التردد والتحير، وهو للقلوب بمنزلة العمى للعيون.وهو مأخوذ من قولهم: أرض عمهاء، إذا لم يكن فيها علامات ترشد إلى الخروج منها.
23:76
وَ لَقَدْ اَخَذْنٰهُمْ بِالْعَذَابِ فَمَا اسْتَكَانُوْا لِرَبِّهِمْ وَ مَا یَتَضَرَّعُوْنَ(۷۶)
اور بیشک ہم نے انہیں عذاب میں پکڑا (ف۱۲۵) تو نہ وہ اپنے رب کے حضور میں جھکے اور نہ گڑگڑاتے ہیں (ف۱۲۶)

وقوله- سبحانه-: وَلَقَدْ أَخَذْناهُمْ بِالْعَذابِ فَمَا اسْتَكانُوا لِرَبِّهِمْ وَما يَتَضَرَّعُونَ مؤكد لما قبله من وصف هؤلاء المشركين بالجحود والعناد.والمراد بالعذاب هنا: العذاب الدنيوي كالجوع والقحط والمصائب.والاستكانة: الانتقال من كون إلى كون ومن حال إلى حال. ثم غلب استعمال هذه الكلمة في الانتقال من حال التكبر والغرور إلى حال التذلل والخضوع.أى: ولقد أخذنا هؤلاء الطغاة، بالعذاب الشديد، كالفقر، والمصائب والأمراض فما خضعوا لربهم- عز وجل- وما انقادوا له وأطاعوه، وما تضرعوا إليه- سبحانه- بالدعاء الخالص لوجهه الكريم، لكي يكشف عنهم- عز وجل- ما نزل بهم من ضر.
23:77
حَتّٰۤى اِذَا فَتَحْنَا عَلَیْهِمْ بَابًا ذَا عَذَابٍ شَدِیْدٍ اِذَا هُمْ فِیْهِ مُبْلِسُوْنَ۠(۷۷)
یہاں تک کہ جب ہم نے ان پر کھولا کسی سخت عذاب کا دروازہ (ف۱۲۷) تو وہ اب اس میں ناامید پڑے ہیں،

ولفظ «حتى» في قوله- تعالى- حَتَّى إِذا فَتَحْنا عَلَيْهِمْ باباً ذا عَذابٍ شَدِيدٍ ...يقصد به ابتداء الكلام، وإذا الأولى شرطية، والثانية وهي قوله إِذا هُمْ فِيهِ مُبْلِسُونَ رابطة للجواب.أى: هم مستمرون على جحودهم وعنادهم، حتى إذا فتحنا عليهم بابا ذا عذاب شديد، من أبواب عذاب الآخرة المعد لهم إذا هم فيه مبلسون، أى: ساكتون من شدة الحيرة، وآيسون من كل نجاء. يقال: أبلس فلان إبلاسا، إذا سكت في حيرة ويأس من الخلاص مما هو فيه من عذاب وبلاء.وقريب من هذه الآيات في المعنى قوله- تعالى-: إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللَّهِ الصُّمُّ الْبُكْمُ الَّذِينَ لا يَعْقِلُونَ وَلَوْ عَلِمَ اللَّهُ فِيهِمْ خَيْراً لَأَسْمَعَهُمْ، وَلَوْ أَسْمَعَهُمْ لَتَوَلَّوْا وَهُمْ مُعْرِضُونَ.وقوله- عز وجل-: بَلْ بَدا لَهُمْ ما كانُوا يُخْفُونَ مِنْ قَبْلُ وَلَوْ رُدُّوا لَعادُوا لِما نُهُوا عَنْهُ وَإِنَّهُمْ لَكاذِبُونَ .وقوله- سبحانه-: وَلَقَدْ أَرْسَلْنا إِلى أُمَمٍ مِنْ قَبْلِكَ، فَأَخَذْناهُمْ بِالْبَأْساءِ وَالضَّرَّاءِ لَعَلَّهُمْ يَتَضَرَّعُونَ، فَلَوْلا إِذْ جاءَهُمْ بَأْسُنا تَضَرَّعُوا، وَلكِنْ قَسَتْ قُلُوبُهُمْ، وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطانُ ما كانُوا يَعْمَلُونَ .ثم تأخذ السورة الكريمة بعد ذلك في تذكيرهم بنعم الله عليهم، لعلهم يتوبون أو يتذكرون، فتقول:
23:78
وَ هُوَ الَّذِیْۤ اَنْشَاَ لَكُمُ السَّمْعَ وَ الْاَبْصَارَ وَ الْاَفْـٕدَةَؕ-قَلِیْلًا مَّا تَشْكُرُوْنَ(۷۸)
اور وہی ہے جس نے بنائے تمہارے لیے کان اور آنکھیں اور دل (ف۱۲۸) تم بہت ہی کم حق مانتے ہو (ف۱۲۹)

أى: «وهو» الله- تعالى- وحده، «الذي أنشأ لكم» أيها الناس بفضله ورحمته «السمع» الذي تسمعون به «والأبصار» التي تبصرون بها «والأفئدة» التي بواسطتها تفهمون وتدركون ...ولو تدبر الإنسان هذه النعم حق التدبر: لاهتدى إلى الحق. ولآمن بأن الخالق لهذه الحواس وغيرها. هو الله الواحد القهار.ولكن الإنسان- إلا من عصم الله- قليل الشكر لله- تعالى- ولذا قال- سبحانه-: قَلِيلًا ما تَشْكُرُونَ أى: شكرا قليلا ما تشكرون هذه النعم الجليلة، بدليل أن أكثر الناس في هذه الحياة، كافرون بوحدانية الله- تعالى-.فلفظ «قليلا» صفة لموصوف محذوف، و «ما» لتأكيد هذه القلة وتقريرها.
23:79
وَ هُوَ الَّذِیْ ذَرَاَكُمْ فِی الْاَرْضِ وَ اِلَیْهِ تُحْشَرُوْنَ(۷۹)
اور وہی ہے جس نے تمہیں زمین میں پھیلایا اور اسی کی طرف اٹھنا ہے (ف۱۳۰)

وقوله- سبحانه-: وَهُوَ الَّذِي ذَرَأَكُمْ فِي الْأَرْضِ وَإِلَيْهِ تُحْشَرُونَ بيان لنعمة أخرى من نعمه التي لا تحصى.أى: وهو- سبحانه- الذي أوجدكم من الأرض، ونشركم فيها عن طريق التناسل، وإليه وحده تجمعون يوم القيامة للحساب.
23:80
وَ هُوَ الَّذِیْ یُحْیٖ وَ یُمِیْتُ وَ لَهُ اخْتِلَافُ الَّیْلِ وَ النَّهَارِؕ-اَفَلَا تَعْقِلُوْنَ(۸۰)
اور وہی جٕلائے اور مارے اور اسی کے لیے ہیں رات اور دن کی تبدیلیاں (ف۱۳۱) تو کیا تمہیں سمجھ نہیں (ف۱۳۲)

ثم ذكر ما يدل على كمال قدرته فقال: وَهُوَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ بدون أن يشاركه في ذلك مشارك، وَلَهُ وحده التأثير في اختلاف الليل والنهار وتعاقبهما، وزيادة أحدهما ونقص الآخر، أَفَلا تَعْقِلُونَ وتدركون ما في هذا كله من دلائل واضحة على وحدانية الله- تعالى- وقدرته؟ثم حكى- سبحانه- بعد ذلك أن هؤلاء المشركين، لم يقابلوا نعم الله- تعالى- عليهم بالشكر، وإنما قابلوها بالجحود وبإنكار البعث والحساب، وأمر- سبحانه- رسوله صلى الله عليه وسلّم أن يرد عليهم فقال- تعالى-:
  FONT
  THEME
  TRANSLATION
  • English | Ahmed Ali
  • Urdu | Ahmed Raza Khan
  • Turkish | Ali-Bulaç
  • German | Bubenheim Elyas
  • Chinese | Chineese
  • Spanish | Cortes
  • Dutch | Dutch
  • Portuguese | El-Hayek
  • English | English
  • Urdu | Fateh Muhammad Jalandhry
  • French | French
  • Hausa | Hausa
  • Indonesian | Indonesian-Bahasa
  • Italian | Italian
  • Korean | Korean
  • Malay | Malay
  • Russian | Russian
  • Tamil | Tamil
  • Thai | Thai
  • Farsi | مکارم شیرازی
  TAFSEER
  • العربية | التفسير الميسر
  • العربية | تفسير الجلالين
  • العربية | تفسير السعدي
  • العربية | تفسير ابن كثير
  • العربية | تفسير الوسيط لطنطاوي
  • العربية | تفسير البغوي
  • العربية | تفسير القرطبي
  • العربية | تفسير الطبري
  • English | Arberry
  • English | Yusuf Ali
  • Dutch | Keyzer
  • Dutch | Leemhuis
  • Dutch | Siregar
  • Urdu | Sirat ul Jinan
  HELP

اَلْمُؤْمِنُوْن
اَلْمُؤْمِنُوْن
  00:00



Download

اَلْمُؤْمِنُوْن
اَلْمُؤْمِنُوْن
  00:00



Download