READ
Surah Al-Maa'idah
اَلْمَـآئِدَة
120 Ayaat مدنیۃ
وَ لَوْ كَانُوْا یُؤْمِنُوْنَ بِاللّٰهِ وَ النَّبِیِّ وَ مَاۤ اُنْزِلَ اِلَیْهِ مَا اتَّخَذُوْهُمْ اَوْلِیَآءَ وَ لٰكِنَّ كَثِیْرًا مِّنْهُمْ فٰسِقُوْنَ(۸۱)
اور اگر وہ ایمان لاتے (ف۲۰۱) اللہ اور ان نبی پر اور اس پر جو ان کی طرف اترا تو کافروں سے دوستی نہ کرتے (ف۲۰۲) مگر ان میں تو بہتیرے فاسق ہیں،
ثم قال تعالى : ( ولو كانوا يؤمنون بالله والنبي وما أنزل إليه ما اتخذوهم أولياء ) أي : لو آمنوا حق الإيمان بالله والرسل والفرقان لما ارتكبوا ما ارتكبوه من موالاة الكافرين في الباطن ومعاداة المؤمنين بالله والنبي وما أنزل إليه ( ولكن كثيرا منهم فاسقون ) أي : خارجون عن طاعة الله ورسوله مخالفون لآيات وحيه وتنزيله .
لَتَجِدَنَّ اَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِّلَّذِیْنَ اٰمَنُوا الْیَهُوْدَ وَ الَّذِیْنَ اَشْرَكُوْاۚ-وَ لَتَجِدَنَّ اَقْرَبَهُمْ مَّوَدَّةً لِّلَّذِیْنَ اٰمَنُوا الَّذِیْنَ قَالُوْۤا اِنَّا نَصٰرٰىؕ-ذٰلِكَ بِاَنَّ مِنْهُمْ قِسِّیْسِیْنَ وَ رُهْبَانًا وَّ اَنَّهُمْ لَا یَسْتَكْبِرُوْنَ(۸۲)
ضرور تم مسلمانوں کا سب سے بڑھ کر دشمن یہودیوں اور مشرکوں کو پاؤ گے اور ضرور تم مسلمانوں کی دوستی میں سب سے زیادہ قریب ان کو پاؤ گے جو کہتے تھے ہم نصاریٰ ہیں (ف۲۰۳) یہ اس لئے کہ ان میں عالم اور درویش ہیں اور یہ غرور نہیں کرتے -(ف۲۰۴)
قال علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس : نزلت هذه الآيات في النجاشي وأصحابه ، الذين حين تلا عليهم جعفر بن أبي طالب بالحبشة القرآن بكوا حتى أخضلوا لحاهم . وهذا القول فيه نظر ; لأن هذه الآية مدنية ، وقصة جعفر مع النجاشي قبل الهجرة .وقال سعيد بن جبير والسدي وغيرهما : نزلت في وفد بعثهم النجاشي إلى النبي صلى الله عليه وسلم ليسمعوا كلامه ، ويروا صفاته ، فلما قرأ عليهم النبي صلى الله عليه وسلم القرآن أسلموا وبكوا وخشعوا ، ثم رجعوا إلى النجاشي فأخبروه .قال السدي : فهاجر النجاشي فمات في الطريق .وهذا من إفراد السدي فإن النجاشي مات وهو ملك الحبشة وصلى عليه النبي صلى الله عليه وسلم يوم مات ، وأخبر به أصحابه ، وأخبر أنه مات بأرض الحبشة .ثم اختلف في عدة هذا الوفد ، فقيل : اثنا عشر ، سبعة قساوسة وخمسة رهابين . وقيل بالعكس . وقيل : خمسون . وقيل : بضع وستون . وقيل : سبعون رجلا . فالله أعلم .وقال عطاء بن أبي رباح : هم قوم من أهل الحبشة أسلموا حين قدم عليهم مهاجرة الحبشة من المسلمين ، وقال قتادة : هم قوم كانوا على دين عيسى ابن مريم فلما رأوا المسلمين وسمعوا القرآن أسلموا ولم يتلعثموا . واختار ابن جرير أن هذه [ الآية ] نزلت في صفة أقوام بهذه المثابة ، سواء أكانوا من الحبشة أو غيرها .فقوله [ تعالى ] ( لتجدن أشد الناس عداوة للذين آمنوا اليهود والذين أشركوا ) ما ذاك إلا لأن كفر اليهود عناد وجحود ومباهتة للحق وغمط للناس وتنقص بحملة العلم . ولهذا قتلوا كثيرا من الأنبياء حتى هموا بقتل رسول الله صلى الله عليه وسلم غير مرة وسحروه ، وألبوا عليه أشباههم من المشركين - عليهم لعائن الله المتتابعة إلى يوم القيامة .وقال الحافظ أبو بكر بن مردويه عند تفسير هذه الآية : حدثنا أحمد بن محمد بن السري : حدثنا محمد بن علي بن حبيب الرقي ، حدثنا سعيد العلاف بن العلاف ، حدثنا أبو النضر ، عن الأشجعي ، عن سفيان ، عن يحيى بن عبد الله عن أبيه ، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ما خلا يهودي قط بمسلم إلا هم بقتله " .ثم رواه عن محمد بن أحمد بن إسحاق اليشكري ، حدثنا أحمد بن سهل بن أيوب الأهوازي ، حدثنا فرج بن عبيد ، حدثنا عباد بن العوام ، عن يحيى بن عبيد الله عن أبيه عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ما خلا يهودي بمسلم إلا حدثت نفسه بقتله " . وهذا حديث غريب جدا .وقوله : ( ولتجدن أقربهم مودة للذين آمنوا الذين قالوا إنا نصارى ) أي : الذين زعموا أنهم نصارى من أتباع المسيح وعلى منهاج إنجيله ، فيهم مودة للإسلام وأهله في الجملة ، وما ذاك إلا لما في قلوبهم ، إذ كانوا على دين المسيح من الرقة والرأفة ، كما قال تعالى : ( وجعلنا في قلوب الذين اتبعوه رأفة ورحمة ) [ الحديد : 27 ] وفي كتابهم : من ضربك على خدك الأيمن فأدر له خدك الأيسر . وليس القتال مشروعا في ملتهم ; ولهذا قال تعالى : ( ذلك بأن منهم قسيسين ورهبانا وأنهم لا يستكبرون ) أي : يوجد فيهم القسيسون - وهم خطباؤهم وعلماؤهم ، واحدهم : قسيس وقس أيضا ، وقد يجمع على قسوس - والرهبان : جمع راهب ، وهو : العابد . مشتق من الرهبة ، وهي الخوف ؛ كراكب وركبان ، وفارس وفرسان .وقال ابن جرير : وقد يكون الرهبان واحدا وجمعه رهابين ، مثل قربان وقرابين ، وجردان وجرادين وقد يجمع على رهابنة . ومن الدليل على أنه يكون عند العرب واحدا قول الشاعر :لو عاينت رهبان دير في القلل لانحدر الرهبان يمشي ونزلوقال الحافظ أبو بكر البزار : حدثنا بشر بن آدم ، حدثنا نصير بن أبي الأشعث حدثني الصلت الدهان عن حامية بن رئاب قال : سألت سلمان عن قول الله [ عز وجل ] : ( ذلك بأن منهم قسيسين ورهبانا ) فقال : دع " القسيسين " في البيع والخرب ، أقرأني رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ذلك بأن منهم صديقين ورهبانا " .وكذا رواه ابن مردويه من طريق يحيى بن عبد الحميد الحماني ، عن نصير بن زياد الطائي ، عن صلت الدهان ، عن حامية بن رئاب ، عن سلمان به .وقال ابن أبي حاتم : ذكره أبي ، حدثنا يحيى بن عبد الحميد الحماني ، حدثنا نصير بن زياد الطائي ، حدثنا صلت الدهان عن حامية بن رئاب قال : سمعت سلمان وسئل عن قوله : ( ذلك بأن منهم قسيسين ورهبانا ) قال : هم الرهبان الذين هم في الصوامع والخرب ، فدعوهم فيها ، قال سلمان : وقرأت على النبي صلى الله عليه وسلم ( ذلك بأن منهم قسيسين [ ورهبانا ] ) فأقرأني : " ذلك بأن منهم صديقين ورهبانا " .فقوله : ( ذلك بأن منهم قسيسين ورهبانا وأنهم لا يستكبرون ) تضمن وصفهم بأن فيهم العلم والعبادة والتواضع
وَ اِذَا سَمِعُوْا مَاۤ اُنْزِلَ اِلَى الرَّسُوْلِ تَرٰۤى اَعْیُنَهُمْ تَفِیْضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُوْا مِنَ الْحَقِّۚ-یَقُوْلُوْنَ رَبَّنَاۤ اٰمَنَّا فَاكْتُبْنَا مَعَ الشّٰهِدِیْنَ(۸۳)
اور جب سنتے ہیں وہ جو رسول کی طرف اترا (ف۲۰۵) تو ان کی آنکھیں دیکھو کہ آنسوؤں سے ابل رہی ہیں (ف۲۰۶) اس لیے کہ وہ حق کو پہچان گئے، کہتے ہیں اے رب ہمارے! ہم ایمان لائے (ف۲۰۷) تو ہمیں حق کے گواہوں میں لکھ لے (ف۲۰۸)
ثم وصفهم بالانقياد للحق واتباعه والإنصاف ، فقال : ( وإذا سمعوا ما أنزل إلى الرسول ترى أعينهم تفيض من الدمع مما عرفوا من الحق ) أي : مما عندهم من البشارة ببعثة محمد صلى الله عليه وسلم ( يقولون ربنا آمنا فاكتبنا مع الشاهدين ) أي : مع من يشهد بصحة هذا ويؤمن به .وقد روى النسائي ، عن عمرو بن علي الفلاس ، عن عمر بن علي بن مقدم ، عن هشام بن عروة عن أبيه ، عن عبد الله بن الزبير [ رضي الله عنهما ] قال : نزلت هذه الآية في النجاشي وفي أصحابه : ( وإذا سمعوا ما أنزل إلى الرسول ترى أعينهم تفيض من الدمع مما عرفوا من الحق يقولون ربنا آمنا فاكتبنا مع الشاهدين )وقال الطبراني : حدثنا أبو شبيل عبيد الله بن عبد الرحمن بن واقد ، حدثنا أبي ، حدثنا العباس بن الفضل ، عن عبد الجبار بن نافع الضبي ، عن قتادة وجعفر بن إياس ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس في قول الله : ( وإذا سمعوا ما أنزل إلى الرسول ترى أعينهم تفيض من الدمع ) قال : إنهم كانوا كرابين - يعني : فلاحين - قدموا مع جعفر بن أبي طالب من الحبشة فلما قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم عليهم القرآن آمنوا وفاضت أعينهم ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ولعلكم إذا رجعتم إلى أرضكم انتقلتم إلى دينكم " . فقالوا : لن ننتقل عن ديننا . فأنزل الله ذلك من قولهم .وروى ابن أبي حاتم : وابن مردويه والحاكم في مستدركه ، من طريق سماك ، عن عكرمة ، عن ابن عباس في قوله : ( فاكتبنا مع الشاهدين ) أي : مع محمد صلى الله عليه وسلم ، وأمته هم الشاهدون ، يشهدون لنبيهم أنه قد بلغ ، وللرسل أنهم قد بلغوا . ثم قال الحاكم : صحيح الإسناد ولم يخرجاه .
وَ مَا لَنَا لَا نُؤْمِنُ بِاللّٰهِ وَ مَا جَآءَنَا مِنَ الْحَقِّۙ-وَ نَطْمَعُ اَنْ یُّدْخِلَنَا رَبُّنَا مَعَ الْقَوْمِ الصّٰلِحِیْنَ(۸۴)
اور ہمیں کیا ہوا کہ ہم ایمان نہ لائیں اللہ پر اور اس حق پر کہ ہمارے پاس آیا اور ہم طمع کرتے ہیں کہ ہمیں ہمارا رب نیک لوگوں کے ساتھ داخل کرے(ف۲۰۹)
يقول تعالى " وما لنا لا نؤمن بالله وما جاءنا من الحق ونطمع أن يدخلنا ربنا مع القوم الصالحين " وهذا الصنف من النصارى هم المذكورون في قوله [ عز وجل ] ( وإن من أهل الكتاب لمن يؤمن بالله وما أنزل إليكم وما أنزل إليهم خاشعين لله [ لا يشترون بآيات الله ثمنا قليلا أولئك لهم أجرهم عند ربهم إن الله سريع الحساب ] ) الآية [ آل عمران : 199 ] ، وهم الذين قال الله فيهم : ( الذين آتيناهم الكتاب من قبله هم به يؤمنون وإذا يتلى عليهم قالوا آمنا به إنه الحق من ربنا إنا كنا من قبله مسلمين أولئك يؤتون أجرهم مرتين بما صبروا ويدرءون بالحسنة السيئة ومما رزقناهم ينفقون وإذا سمعوا اللغو أعرضوا عنه وقالوا لنا أعمالنا ولكم أعمالكم سلام عليكم ] ) إلى قوله ( لا نبتغي الجاهلين ) [ القصص : 52 - 55 ]
فَاَثَابَهُمُ اللّٰهُ بِمَا قَالُوْا جَنّٰتٍ تَجْرِیْ مِنْ تَحْتِهَا الْاَنْهٰرُ خٰلِدِیْنَ فِیْهَاؕ-وَ ذٰلِكَ جَزَآءُ الْمُحْسِنِیْنَ(۸۵)
تو اللہ نے ان کے اس کہنے کے بدلے انہیں باغ دیے جن کے نیچے نہریں رواں ہمیشہ ان میں رہیں گے، یہ بدلہ ہے نیکوں کا (ف ۲۱۰)
ولهذا قال تعالى ههنا : ( فأثابهم الله بما قالوا جنات تجري من تحتها الأنهار ) أي : فجازاهم على إيمانهم وتصديقهم واعترافهم بالحق ( جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها ) أي : ساكنين فيها أبدا ، لا يحولون ولا يزولون ( وذلك جزاء المحسنين ) أي : في اتباعهم الحق وانقيادهم له حيث كان ، وأين كان ، ومع من كان .
وَ الَّذِیْنَ كَفَرُوْا وَ كَذَّبُوْا بِاٰیٰتِنَاۤ اُولٰٓىٕكَ اَصْحٰبُ الْجَحِیْمِ۠(۸۶)
اور وہ جنہوں کفر کیا اور ہماری آیتیں جھٹلائیں وہ ہیں دوزخ والے،
ثم أخبر عن حال الأشقياء فقال : ( والذين كفروا وكذبوا بآياتنا ) أي : جحدوا بها وخالفوها ( أولئك أصحاب الجحيم ) أي : هم أهلها والداخلون إليها .
یٰۤاَیُّهَا الَّذِیْنَ اٰمَنُوْا لَا تُحَرِّمُوْا طَیِّبٰتِ مَاۤ اَحَلَّ اللّٰهُ لَكُمْ وَ لَا تَعْتَدُوْاؕ-اِنَّ اللّٰهَ لَا یُحِبُّ الْمُعْتَدِیْنَ(۸۷)
اے ایمان والو! (ف۲۱۱) حرام نہ ٹھہراؤ وہ ستھری چیزیں کہ اللہ نے تمہارے لیے حلال کیں (ف۲۱۲) اور حد سے نہ بڑھو، بیشک حد سے بڑھنے والے اللہ کو ناپسند ہیں،
قال علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس : نزلت هذه الآية في رهط من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ، قالوا : نقطع مذاكيرنا ، ونترك شهوات الدنيا ، ونسيح في الأرض كما يفعل الرهبان . فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم ، فأرسل إليهم ، فذكر لهم ذلك : فقالوا : نعم . فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " لكني أصوم وأفطر ، وأصلي وأنام ، وأنكح النساء ، فمن أخذ بسنتي فهو مني ، ومن لم يأخذ بسنتي فليس مني " . رواه ابن أبي حاتم .وروى ابن مردويه من طريق العوفي ، عن ابن عباس نحو ذلك .وفي الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها ; أن ناسا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم سألوا أزواج النبي صلى الله عليه وسلم عن عمله في السر ، فقال بعضهم : لا آكل اللحم . وقال بعضهم : لا أتزوج النساء . وقال بعضهم : لا أنام على فراش . فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فقال : " ما بال أقوام يقول أحدهم كذا وكذا ، لكني أصوم وأفطر ، وأنام وأقوم ، وآكل اللحم ، وأتزوج النساء ، فمن رغب عن سنتي فليس مني " .وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أحمد بن عصام الأنصاري ، حدثنا أبو عاصم الضحاك بن مخلد ، عن عثمان - يعني ابن سعد - ، أخبرني عكرمة عن ابن عباس أن رجلا أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله ، إني إذا أكلت اللحم انتشرت للنساء ، وإني حرمت علي اللحم ، فنزلت ( يا أيها الذين آمنوا لا تحرموا طيبات ما أحل الله لكم )وكذا رواه الترمذي وابن جرير جميعا ، عن عمرو بن علي الفلاس ، عن أبي عاصم النبيل به . وقال : حسن غريب ، وقد روي من وجه آخر مرسلا وروي موقوفا على ابن عباس فالله أعلم .وقال سفيان الثوري ووكيع ، عن إسماعيل بن أبي خالد ، عن قيس بن أبي حازم عن عبد الله بن مسعود قال : كنا نغزو مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وليس معنا نساء ، فقلنا : ألا نستخصي؟ فنهانا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك ، ورخص لنا أن ننكح المرأة بالثوب إلى أجل ، ثم قرأ عبد الله : ( يا أيها الذين آمنوا لا تحرموا طيبات ما أحل الله لكم [ ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين ] ) .أخرجاه من حديث إسماعيل . وهذا كان قبل تحريم نكاح المتعة والله أعلم .وقال الأعمش ، عن إبراهيم ، عن همام بن الحارث عن عمرو بن شرحبيل قال : جاء معقل بن مقرن إلى عبد الله بن مسعود فقال : إني حرمت فراشي . فتلا هذه الآية : ( يا أيها الذين آمنوا لا تحرموا طيبات ما أحل الله لكم [ ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين ] ) .وقال الثوري ، عن منصور ، عن أبي الضحى عن مسروق قال : كنا عند عبد الله بن مسعود فجيء بضرع ، فتنحى رجل ، فقال [ له ] عبد الله : ادن . فقال : إني حرمت أن آكله . فقال عبد الله : ادن فاطعم ، وكفر عن يمينك وتلا هذه الآية : ( يا أيها الذين آمنوا لا تحرموا طيبات ما أحل الله لكم ) الآية .رواهن ابن أبي حاتم . وروى الحاكم هذا الأثر الأخير في مستدركه ، من طريق إسحاق ابن راهويه ، عن جرير ، عن منصور به . ثم قال : على شرط الشيخين ولم يخرجاه .ثم قال ابن أبي حاتم : حدثنا يونس بن عبد الأعلى ، حدثنا ابن وهب ، أخبرني هشام بن سعد أن زيد بن أسلم حدثه : أن عبد الله بن رواحة ضافه ضيف من أهله ، وهو عند النبي صلى الله عليه وسلم ، ثم رجع إلى أهله فوجدهم لم يطعموا ضيفهم انتظارا له ، فقال لامرأته : حبست ضيفي من أجلي ، هو علي حرام . فقالت امرأته : هو علي حرام . وقال الضيف : هو علي حرام . فلما رأى ذلك وضع يده وقال : كلوا باسم الله . ثم ذهب إلى النبي صلى الله عليه وسلم فذكر الذي كان منهم ، ثم أنزل الله : ( يا أيها الذين آمنوا لا تحرموا طيبات ما أحل الله لكم ) وهذا أثر منقطع .وفي صحيح البخاري في قصة الصديق [ رضي الله عنه ] مع أضيافه شبيه بهذا وفيه وفي هذه القصة دلالة لمن ذهب من العلماء كالشافعي وغيره إلى أن من حرم مأكلا أو ملبسا أو شيئا ما عدا النساء أنه لا يحرم عليه ، ولا كفارة عليه أيضا ; ولقوله تعالى : ( يا أيها الذين آمنوا لا تحرموا طيبات ما أحل الله لكم ) ; ولأن الذي حرم اللحم على نفسه - كما في الحديث المتقدم - لم يأمره النبي صلى الله عليه وسلم بكفارة . وذهب آخرون منهم الإمام أحمد بن حنبل إلى أن من حرم مأكلا أو مشربا أو شيئا من الأشياء فإنه يجب عليه بذلك كفارة يمين ، كما إذا التزم تركه باليمين فكذلك يؤاخذ بمجرد تحريمه على نفسه إلزاما له بما التزمه ، كما أفتى بذلك ابن عباس وكما في قوله تعالى : ( يا أيها النبي لم تحرم ما أحل الله لك تبتغي مرضاة أزواجك والله غفور رحيم ) [ التحريم : 1 ] . ثم قال ( قد فرض الله لكم تحلة أيمانكم ) الآية [ التحريم : 2 ] . وكذلك هاهنا لما ذكر هذا الحكم عقبه بالآية المبينة لتكفير اليمين ، فدل على أن هذا منزل منزلة اليمين في اقتضاء التكفير ، والله أعلم .وقال ابن جرير : حدثنا القاسم ، حدثنا الحسين ، حدثنا حجاج ، عن ابن جريج ، عن مجاهد قال : أراد رجال ، منهم عثمان بن مظعون وعبد الله بن عمرو أن يتبتلوا ويخصوا أنفسهم ويلبسوا المسوح ، فنزلت هذه الآية إلى قوله : ( واتقوا الله الذي أنتم به مؤمنون ) قال ابن جريج ، عن عكرمة : أن عثمان بن مظعون وعلي بن أبي طالب وابن مسعود والمقداد بن الأسود وسالما مولى أبي حذيفة في أصحاب تبتلوا ، فجلسوا في البيوت ، واعتزلوا النساء ، ولبسوا المسوح ، وحرموا طيبات الطعام واللباس إلا ما يأكل ويلبس أهل السياحة من بني إسرائيل وهموا بالإخصاء وأجمعوا لقيام الليل وصيام النهار ، فنزلت : ( ياأيها الذين آمنوا لا تحرموا طيبات ما أحل الله لكم ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين ) يقول : لا تسيروا بغير سنة المسلمين يريد : ما حرموا من النساء والطعام واللباس ، وما أجمعوا عليه من قيام الليل وصيام النهار ، وما هموا به من الإخصاء ، فلما نزلت فيهم بعث إليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : " إن لأنفسكم حقا ، وإن لأعينكم حقا ، صوموا وأفطروا ، وصلوا وناموا ، فليس منا من ترك سنتنا " . فقالوا : اللهم سلمنا واتبعنا ما أنزلت .وقد ذكر هذه القصة غير واحد من التابعين مرسلة ، ولها شاهد في الصحيحين من رواية عائشة أم المؤمنين ، كما تقدم ذلك ، ولله الحمد والمنة .وقال أسباط ، عن السدي في قوله : ( يا أيها الذين آمنوا لا تحرموا طيبات ما أحل الله لكم ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين ) وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم جلس يوما فذكر الناس ، ثم قام ولم يزدهم على التخويف ، فقال ناس من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ، كانوا عشرة منهم علي بن أبي طالب وعثمان بن مظعون : ما خفنا إن لم نحدث عملا فإن النصارى قد حرموا على أنفسهم ، فنحن نحرم . فحرم بعضهم أن يأكل اللحم والودك ، وأن يأكل بنهار ، وحرم بعضهم النوم ، وحرم بعضهم النساء ، فكان عثمان بن مظعون ممن حرم النساء وكان لا يدنو من أهله ولا تدنو منه . فأتت امرأته عائشة رضي الله عنها ، وكان يقال لها : الحولاء فقالت لها عائشة ومن عندها من أزواج النبي صلى الله عليه وسلم : ما بالك يا حولاء متغيرة اللون ، لا تمتشطين ، لا تتطيبين؟ قالت : وكيف أمتشط وأتطيب وما وقع علي زوجي وما رفع عني ثوبا ، منذ كذا وكذا . قال : فجعلن يضحكن من كلامها ، فدخل رسول الله صلى الله عليه وسلم وهن يضحكن ، فقال : " ما يضحككن؟ " قالت : يا رسول الله ، إن الحولاء سألتها عن أمرها ، فقالت : ما رفع عني زوجي ثوبا منذ كذا وكذا . فأرسل إليه فدعاه ، فقال : " ما لك يا عثمان ؟ " قال : إني تركته لله ، لكي أتخلى للعبادة ، وقص عليه أمره ، وكان عثمان قد أراد أن يجب نفسه ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أقسمت عليك إلا رجعت فواقعت أهلك " . فقال : يا رسول الله ، إني صائم . فقال : " أفطر " . فأفطر ، وأتى أهله ، فرجعت الحولاء إلى عائشة [ زوج رسول الله صلى الله عليه وسلم ] وقد امتشطت واكتحلت وتطيبت ، فضحكت عائشة وقالت : ما لك يا حولاء؟ فقالت : إنه أتاها أمس ، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ما بال أقوام حرموا النساء والطعام والنوم؟ ألا إني أنام وأقوم ، وأفطر وأصوم ، وأنكح النساء ، فمن رغب عني فليس مني " . فنزلت : ( ياأيها الذين آمنوا لا تحرموا طيبات ما أحل الله لكم ولا تعتدوا ) يقول لعثمان " لا تجب نفسك ، فإن هذا هو الاعتداء " . وأمرهم أن يكفروا عن أيمانهم ، فقال : ( لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم ولكن يؤاخذكم بما عقدتم الأيمان ) رواه ابن جرير .وقوله : ( ولا تعتدوا ) يحتمل أن يكون المراد منه : ولا تبالغوا في التضييق على أنفسكم في تحريم المباحات عليكم ، كما قاله من قاله من السلف . ويحتمل أن يكون المراد : كما لا تحرموا الحلال فلا تعتدوا في تناول الحلال ، بل خذوا منه بقدر كفايتكم وحاجتكم ، ولا تجاوزوا الحد فيه ، كما قال تعالى : ( وكلوا واشربوا ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين ) [ الأعراف : 31 ] ) وقال : ( والذين إذا أنفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا وكان بين ذلك قواما ) [ الفرقان : 67 ] فشرع الله عدل بين الغالي فيه والجافي عنه ، لا إفراط ولا تفريط ; ولهذا قال : ( لا تحرموا طيبات ما أحل الله لكم ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين )
وَ كُلُوْا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللّٰهُ حَلٰلًا طَیِّبًا۪-وَّ اتَّقُوا اللّٰهَ الَّذِیْۤ اَنْتُمْ بِهٖ مُؤْمِنُوْنَ(۸۸)
اور کھاؤ جو کچھ تمہیں اللہ نے روزی دی حلال پاکیزہ او ر ڈرو اللہ سے جس پر تمہیں ایمان ہے،
ثم قال : ( وكلوا مما رزقكم الله حلالا ) أي : في حال كونه حلالا طيبا ( واتقوا الله ) أي : في جميع أموركم ، واتبعوا طاعته ورضوانه ، واتركوا مخالفته وعصيانه ( الذي أنتم به مؤمنون )
لَا یُؤَاخِذُكُمُ اللّٰهُ بِاللَّغْوِ فِیْۤ اَیْمَانِكُمْ وَ لٰكِنْ یُّؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُّمُ الْاَیْمَانَۚ-فَكَفَّارَتُهٗۤ اِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسٰكِیْنَ مِنْ اَوْسَطِ مَا تُطْعِمُوْنَ اَهْلِیْكُمْ اَوْ كِسْوَتُهُمْ اَوْ تَحْرِیْرُ رَقَبَةٍؕ-فَمَنْ لَّمْ یَجِدْ فَصِیَامُ ثَلٰثَةِ اَیَّامٍؕ-ذٰلِكَ كَفَّارَةُ اَیْمَانِكُمْ اِذَا حَلَفْتُمْؕ-وَ احْفَظُوْۤا اَیْمَانَكُمْؕ-كَذٰلِكَ یُبَیِّنُ اللّٰهُ لَكُمْ اٰیٰتِهٖ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُوْنَ(۸۹)
اللہ تمہیں نہیں پکڑتا تمہاری غلط فہمی کی قسموں پر (ف۲۱۳) ہاں ان قسموں پر گرفت فرماتے ہے جنہیں تم نے مضبوط کیا (ف۲۱۴) تو ایسی قسم کا بدلہ دس مسکینوں کو کھانا دینا (ف۲۱۵) اپنے گھر والوں کو جو کھلاتے ہو اس کے اوسط میں سے (ف۲۱۶) یا انہیں کپڑے دینا (ف۲۱۷) یا ایک بردہ آزاد کرنا تو جو ان میں سے کچھ نہ پائے تو تین دن کے روزے (ف۲۱۸) یہ بدلہ ہے تمہاری قسموں کا، جب قسم کھاؤ (ف۲۱۹) اور اپنی قسموں کی حفاظت کرو (ف۲۲۰) اسی طرح اللہ تم سے اپنی آیتیں بیان فرماتا ہے کہ کہیں تم احسان مانو،
قد تقدم في سورة البقرة الكلام على لغو اليمين وإنه قول الرجل في الكلام من غير قصد : لا والله ، بلى والله ، وهذا مذهب الشافعي وقيل : هو في الهزل . وقيل : في المعصية . وقيل : على غلبة الظن وهو قول أبي حنيفة وأحمد . وقيل : اليمين في الغضب . وقيل : في النسيان . وقيل : هو الحلف على ترك المأكل والمشرب والملبس ونحو ذلك ، واستدلوا بقوله : ( لا تحرموا طيبات ما أحل الله لكم )والصحيح أنه اليمين من غير قصد ; بدليل قوله : ( ولكن يؤاخذكم بما عقدتم الأيمان ) أي : بما صممتم عليه من الأيمان وقصدتموها ، فكفارته إطعام عشرة مساكين ؛ يعني : محاويج من الفقراء ، ومن لا يجد ما يكفيه .وقوله : ( من أوسط ما تطعمون أهليكم ) قال ابن عباس وسعيد بن جبير وعكرمة : أي من أعدل ما تطعمون أهليكم .وقال عطاء الخراساني : من أمثل ما تطعمون أهليكم . قال ابن أبي حاتم : حدثنا أبو سعيد الأشج ، حدثنا أبو خالد الأحمر ، عن حجاج ، عن أبي إسحاق السبيعي ، عن الحارث ، عن علي قال : خبز ولبن ، خبز وسمن .وقال ابن أبي حاتم : أنبأنا يونس بن عبد الأعلى قراءة ، حدثنا سفيان بن عيينة ، عن سليمان - يعني ابن أبي المغيرة - ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس قال : كان الرجل يقوت بعض أهله قوت دون ، وبعضهم قوتا فيه سعة ، فقال الله تعالى : ( من أوسط ما تطعمون أهليكم ) أي : من الخبز والزيت .وحدثنا أبو سعيد الأشج ، حدثنا وكيع ، عن إسرائيل ، عن جابر ، عن عامر ، عن ابن عباس : ( من أوسط ما تطعمون أهليكم ) قال : من عسرهم ويسرهم .وحدثنا عبد الرحمن بن خلف الحمصي ، حدثنا محمد بن شعيب - يعني ابن شابور - ، حدثنا شيبان بن عبد الرحمن التميمي ، عن ليث بن أبي سليم ، عن عاصم الأحول عن رجل يقال له : عبد الرحمن ، عن ابن عمر أنه قال : ( من أوسط ما تطعمون أهليكم ) قال : الخبز واللحم ، والخبز والسمن ، والخبز واللبن ، والخبز والزيت ، والخبز والخل .وحدثنا علي بن حرب الموصلي ، حدثنا أبو معاوية ، عن عاصم ، عن ابن سيرين ، عن ابن عمر في قوله : ( من أوسط ما تطعمون أهليكم ) قال : الخبز والسمن ، والخبز والزيت ، والخبز والتمر ، ومن أفضل ما تطعمون أهليكم : الخبز واللحم .ورواه ابن جرير ، عن هناد وابن وكيع كلاهما عن أبي معاوية . ثم روى ابن جرير ، عن عبيدة والأسود وشريح القاضي ومحمد بن سيرين والحسن والضحاك وأبي رزين : أنهم قالوا نحو ذلك ، وحكاه ابن أبي حاتم ، عن مكحول أيضا .واختار ابن جرير أن المراد بقوله : ( من أوسط ما تطعمون أهليكم ) أي : في القلة والكثرة .ثم اختلف العلماء في مقدار ما يطعمهم ، فقال ابن أبي حاتم :حدثنا أبو سعيد ، حدثنا أبو خالد الأحمر ، عن حجاج ، عن حصين الحارثي ، عن الشعبي ، عن الحارث ، عن علي [ رضي الله عنه ] في قوله : ( من أوسط ما تطعمون أهليكم ) قال : يغذيهم ويعشيهم .وقال الحسن ومحمد بن سيرين : يكفيه أن يطعم عشرة مساكين أكلة واحدة خبزا ولحما ، زاد الحسن : فإن لم يجد فخبزا وسمنا ولبنا ، فإن لم يجد فخبزا وزيتا وخلا حتى يشبعوا .وقال آخرون : يطعم كل واحد من العشرة نصف صاع من بر أو تمر ، ونحوهما . هذا قول عمر وعلي وعائشة ومجاهد والشعبي وسعيد بن جبير وإبراهيم النخعي وميمون بن مهران وأبي مالك والضحاك والحاكم ومكحول وأبي قلابة ومقاتل بن حيان .وقال أبو حنيفة : نصف صاع [ من ] بر ، وصاع مما عداه .وقد قال أبو بكر بن مردويه : حدثنا محمد بن أحمد بن الحسن الثقفي ، حدثنا عبيد بن الحسن بن يوسف ، حدثنا محمد بن معاوية ، حدثنا زياد بن عبد الله بن الطفيل بن سخبرة ابن أخي عائشة لأمه ، حدثنا عمر بن يعلى ، عن المنهال بن عمرو ، عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال : كفر رسول الله صلى الله عليه وسلم بصاع من تمر ، وأمر الناس به ، ومن لم يجد فنصف صاع من بر .ورواه ابن ماجه ، عن العباس بن يزيد ، عن زياد بن عبد الله البكائي ، عن عمر بن عبد الله بن يعلى الثقفي ، عن المنهال بن عمرو به .لا يصح هذا الحديث لحال عمر بن عبد الله هذا ، فإنه مجمع على ضعفه ، وذكروا أنه كان يشرب الخمر . وقال الدارقطني : متروك .وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبو سعيد الأشج ، حدثنا ابن إدريس ، عن داود - يعني ابن أبي هند - عن عكرمة ، عن ابن عباس : مد من بر - يعني لكل مسكين - ومعه إدامه .ثم قال : وروي عن ابن عمر وزيد بن ثابت وسعيد بن المسيب ومجاهد وعطاء وعكرمة وأبي الشعثاء والقاسم وسالم وأبي سلمة بن عبد الرحمن وسليمان بن يسار والحسن ومحمد بن سيرين والزهري نحو ذلك .وقال الشافعي : الواجب في كفارة اليمين مد بمد النبي صلى الله عليه وسلم لكل مسكين . ولم يتعرض للأدم - واحتج بأمر النبي صلى الله عليه وسلم للذي جامع في رمضان بأن يطعم ستين مسكينا من مكيل يسع خمسة عشر صاعا لكل واحد منهم مد .وقد ورد حديث آخر صريح في ذلك ، فقال أبو بكر بن مردويه : حدثنا أحمد بن علي بن الحسن المقري ، حدثنا محمد بن إسحاق السراج ، حدثنا قتيبة بن سعيد ، حدثنا النضر بن زرارة الكوفي ، عن عبد الله بن عمر العمري ، عن نافع عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقيم كفارة اليمين مدا من حنطة بالمد الأول .إسناده ضعيف ، لحال النضر بن زرارة بن عبد الأكرم الذهلي الكوفي نزيل بلخ قال فيه أبو حاتم الرازي : هو مجهول مع أنه قد روى عنه غير واحد . وذكره ابن حبان في الثقات وقال : روى عنه قتيبة بن سعيد أشياء مستقيمة ، فالله أعلم . ثم إن شيخه العمري ضعيف أيضا .وقال أحمد بن حنبل : الواجب مد من بر ، أو مدان من غيره . والله أعلم .وقوله : ( أو كسوتهم ) قال الشافعي رحمه الله : لو دفع إلى كل واحد من العشرة ما يصدق عليه اسم الكسوة من قميص أو سراويل أو إزار أو عمامة أو مقنعة أجزأه ذلك . واختلف أصحابه في القلنسوة : هل تجزئ أم لا ؟ على وجهين ، فمنهم من ذهب إلى الجواز ، احتجاجا بما رواه ابن أبي حاتم :حدثنا أبو سعيد الأشج وعمار بن خالد الواسطي ، قالا : حدثنا القاسم بن مالك عن محمد بن الزبير عن أبيه قال : سألت عمران بن حصين عن قوله : ( أو كسوتهم ) قال : لو أن وفدا قدموا على أميركم وكساهم قلنسوة قلنسوة ، قلتم : قد كسوا .ولكن هذا إسناد ضعيف ; لحال محمد بن الزبير هذا ، والله أعلم . وهكذا حكى الشيخ أبو حامد الاسفرايني في الخف وجهين أيضا ، والصحيح عدم الإجزاء .وقال مالك وأحمد بن حنبل : لا بد أن يدفع إلى كل واحد منهم من الكسوة ما يصح أن يصلي فيه ، إن كان رجلا أو امرأة ، كل بحسبه . والله أعلم .وقال العوفي ، عن ابن عباس : عباءة لكل مسكين ، أو ثملة .وقال مجاهد : أدناه ثوب ، وأعلاه ما شئت .وقال ليث عن مجاهد : يجزئ في كفارة اليمين كل شيء إلا التبان .وقال الحسن وأبو جعفر الباقر وعطاء وطاوس وإبراهيم النخعي وحماد بن أبى سليمان وأبو مالك : ثوب ثوب .وعن إبراهيم النخعي أيضا : ثوب جامع كالملحفة والرداء ، ولا يرى الدرع والقميص والخمار ونحوه جامعا .وقال الأنصاري ، عن أشعث ، عن ابن سيرين والحسن : ثوبان .وقال الثوري ، عن داود بن أبي هند ، عن سعيد بن المسيب : عمامة يلف بها رأسه ، وعباءة يلتحف بها .وقال ابن جرير : حدثنا هناد ، حدثنا ابن المبارك ، عن عاصم الأحول ، عن ابن سيرين ، عن أبي موسى أنه حلف على يمين ، فكسا ثوبين من معقدة البحرين .وقال ابن مردويه : حدثنا سليمان بن أحمد ، حدثنا أحمد بن المعلى ، حدثنا هشام بن عمار ، حدثنا إسماعيل بن عياش ، عن مقاتل بن سليمان ، عن أبي عثمان ، عن أبي عياض عن عائشة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في قوله : ( أو كسوتهم ) قال : " عباءة لكل مسكين " . حديث غريب .وقوله : ( أو تحرير رقبة ) أخذ أبو حنيفة بإطلاقها ، فقال : تجزئ الكافرة كما تجزئ المؤمنة . وقال الشافعي وآخرون : لا بد أن تكون مؤمنة . وأخذ تقييدها بالإيمان من كفارة القتل ; لاتحاد الموجب وإن اختلف السبب ولحديث معاوية بن الحكم السلمي الذي هو في موطأ مالك ومسند الشافعي وصحيح مسلم : أنه ذكر أن عليه عتق رقبة ، وجاء معه بجارية سوداء ، فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أين الله؟ " قالت : في السماء . قال : " من أنا؟ " قالت : رسول الله . قال : " أعتقها فإنها مؤمنة " . الحديث بطوله .فهذه خصال ثلاث في كفارة اليمين أيها فعل الحانث أجزأ عنه بالإجماع . وقد بدأ بالأسهل فالأسهل ، فالإطعام أيسر من الكسوة ، كما أن الكسوة أيسر من العتق ، فرقي فيها من الأدنى إلى الأعلى . فإن لم يقدر المكلف على واحدة من هذه الخصال الثلاث كفر بصيام ثلاثة أيام ، كما قال تعالى : ( فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام )وروى ابن جرير ، عن سعيد بن جبير والحسن البصري أنهما قالا من وجد ثلاثة دراهم لزمه الإطعام وإلا صام .وقال ابن جرير حاكيا عن بعض متأخري متفقهة زمانه أنه قال : جائز لمن لم يكن له فضل عن رأس مال يتصرف به لمعاشه ما يكفر به بالإطعام ، أن يصوم إلا أن يكون له كفاية ، ومن المال ما يتصرف به لمعاشه ، ومن الفضل عن ذلك ما يكفر به عن يمينه .ثم اختار ابن جرير : أنه الذي لا يفضل عن قوته وقوت عياله في يومه ذلك ما يخرج به كفارة اليمين .واختلف العلماء : هل يجب فيها التتابع أو يستحب ولا يجب ويجزئ التفريق؟ على قولين : أحدهما أنه لا يجب التتابع ، هذا منصوص الشافعي في كتاب " الأيمان " ، وهو قول مالك لإطلاق قوله : ( فصيام ثلاثة أيام ) وهو صادق على المجموعة والمفرقة ، كما في قضاء رمضان ; لقوله : ( فعدة من أيام أخر ) [ البقرة : 184 ] .ونص الشافعي في موضع آخر في " الأم " على وجوب التتابع ، كما هو قول الحنفية والحنابلة ; لأنه قد روي عن أبي بن كعب وغيرهم أنهم كانوا يقرءونها : " فصيام ثلاثة أيام متتابعات " .قال أبو جعفر الرازي ، عن الربيع ، عن أبي العالية ، عن أبي بن كعب أنه كان يقرؤها : " فصيام ثلاثة أيام متتابعات " .وحكاها مجاهد والشعبي وأبو إسحاق ، عن عبد الله بن مسعود .وقال إبراهيم : في قراءة عبد الله بن مسعود : " فصيام ثلاثة أيام متتابعات " .وقال الأعمش : كان أصحاب ابن مسعود يقرءونها كذلك .وهذه إذا لم يثبت كونها قرآنا متواترا ، فلا أقل أن يكون خبرا واحدا ، أو تفسيرا من الصحابي ، وهو في حكم المرفوع .وقال أبو بكر بن مردويه : حدثنا محمد بن علي ، حدثنا محمد بن جعفر الأشعري ، حدثنا الهيثم بن خالد القرشي ، حدثنا يزيد بن قيس ، عن إسماعيل بن يحيى عن ابن عباس قال : لما نزلت آية الكفارات قال حذيفة : يا رسول الله ، نحن بالخيار؟ قال : " أنت بالخيار ، إن شئت أعتقت ، وإن شئت كسوت ، وإن شئت أطعمت ، فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام متتابعات " .وهذا حديث غريب جدا .وقوله : ( ذلك كفارة أيمانكم إذا حلفتم واحفظوا أيمانكم ) قال ابن جرير : معناه لا تتركوها بغير تكفير . ( كذلك يبين الله لكم آياته ) أي : يوضحها وينشرها ( لعلكم تشكرون )
یٰۤاَیُّهَا الَّذِیْنَ اٰمَنُوْۤا اِنَّمَا الْخَمْرُ وَ الْمَیْسِرُ وَ الْاَنْصَابُ وَ الْاَزْلَامُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّیْطٰنِ فَاجْتَنِبُوْهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُوْنَ(۹۰)
اے ایمان والو! شراب اور جوا اور بت اور پانسے ناپاک ہی ہیں شیطانی کام تو ان سے بچتے رہنا کہ تم فلاح پاؤ،
يقول تعالى ناهيا عباده المؤمنين عن تعاطي الخمر والميسر ، وهو القمار .وقد ورد عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب أنه قال : الشطرنج من الميسر . رواه ابن أبي حاتم ، عن أبيه ، عن عبيس بن مرحوم ، عن حاتم ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن علي ، به .وقال ابن أبي حاتم : حدثنا محمد بن إسماعيل الأحمسي ، حدثنا وكيع ، عن سفيان ، عن ليث عن عطاء ومجاهد وطاوس - قال سفيان : أو اثنين منهم - قالوا : كل شيء من القمار فهو من الميسر ، حتى لعب الصبيان بالجوز .وروي عن راشد بن سعد وحمزة بن حبيب وقالا حتى الكعاب ، والجوز ، والبيض التي تلعب بها الصبيان ، وقال موسى بن عقبة ، عن نافع عن ابن عمر قال : الميسر هو القمار .وقال الضحاك عن ابن عباس قال : الميسر هو القمار ، كانوا يتقامرون في الجاهلية إلى مجيء الإسلام ، فنهاهم الله عن هذه الأخلاق القبيحة .وقال مالك عن داود بن الحصين : أنه سمع سعيد بن المسيب يقول : كان ميسر أهل الجاهلية بيع اللحم بالشاة والشاتين .وقال الزهري عن الأعرج قال : الميسر والضرب بالقداح على الأموال والثمار .وقال القاسم بن محمد : كل ما ألهى عن ذكر الله وعن الصلاة ، فهو من الميسر .رواهن ابن أبي حاتم .وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أحمد بن منصور الرمادي ، حدثنا هشام بن عمار ، حدثنا صدقة ، حدثنا عثمان بن أبي العاتكة ، عن علي بن يزيد ، عن القاسم ، عن أبي أمامة ، عن أبي موسى الأشعري ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " اجتنبوا هذه الكعاب الموسومة التي يزجر بها زجرا فإنها من الميسر " . حديث غريب .وكأن المراد بهذا هو النرد ، الذي ورد في الحديث به في صحيح مسلم ، عن بريدة بن الحصيب الأسلمي قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من لعب بالنردشير فكأنما صبغ يده في لحم خنزير ودمه " . وفي موطأ مالك ومسند أحمد ، وسنن أبي داود وابن ماجه ، عن أبي موسى الأشعري قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من لعب بالنرد فقد عصى الله ورسوله " . وروي موقوفا عن أبي موسى من قوله ، فالله أعلم .وقال الإمام أحمد : حدثنا مكي بن إبراهيم ، حدثنا الجعيد ، عن موسى بن عبد الرحمن الخطمي ، أنه سمع محمد بن كعب وهو يسأل عبد الرحمن يقول : أخبرني ، ما سمعت أباك يقول عن رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقال عبد الرحمن : سمعت أبي يقول : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " مثل الذي يلعب بالنرد ، ثم يقوم فيصلي ، مثل الذي يتوضأ بالقيح ودم الخنزير ثم يقوم فيصلي " .وأما الشطرنج فقد قال عبد الله بن عمر : إنه شر من النرد . وتقدم عن علي أنه قال : هو من الميسر ، ونص على تحريمه مالك وأبو حنيفة وأحمد ، وكرهه الشافعي ، رحمهم الله تعالى .وأما الأنصاب ، فقال ابن عباس ومجاهد وعطاء وسعيد بن جبير والحسن ، وغير واحد : هي حجارة كانوا يذبحون قرابينهم عندها .وأما الأزلام فقالوا أيضا : هي قداح كانوا يستقسمون بها .وقوله : ( رجس من عمل الشيطان ) قال علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس : أي سخط من عمل الشيطان . وقال سعيد بن جبير : إثم . وقال زيد بن أسلم : أي شر من عمل الشيطان .( فاجتنبوه ) الضمير عائد على الرجس ، أي اتركوه ( لعلكم تفلحون ) وهذا ترغيب .
اِنَّمَا یُرِیْدُ الشَّیْطٰنُ اَنْ یُّوْقِعَ بَیْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَ الْبَغْضَآءَ فِی الْخَمْرِ وَ الْمَیْسِرِ وَ یَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللّٰهِ وَ عَنِ الصَّلٰوةِۚ-فَهَلْ اَنْتُمْ مُّنْتَهُوْنَ(۹۱)
شیطان یہی چاہتا ہے کہ تم میں بَیر اور دشمنی ڈلوا دے شراب اور جوئے میں اور تمہیں اللہ کی یاد اور نماز سے روکے (ف۲۲۱) تو کیا تم باز آئے،
ثم قال تعالى : ( إنما يريد الشيطان أن يوقع بينكم العداوة والبغضاء في الخمر والميسر ويصدكم عن ذكر الله وعن الصلاة فهل أنتم منتهون ) وهذا تهديد وترهيب .ذكر الأحاديث الواردة في [ بيان ] تحريم الخمر :قال الإمام أحمد : حدثنا سريج ، حدثنا أبو معشر ، عن أبي وهب مولى أبي هريرة ، عن أبي هريرة قال : حرمت الخمر ثلاث مرات ، قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة ، وهم يشربون الخمر ويأكلون الميسر ، فسألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم عنهما ، فأنزل الله : ( يسألونك عن الخمر والميسر قل فيهما إثم كبير ومنافع للناس ) إلى آخر الآية [ البقرة : 219 ] . فقال الناس : ما حرم علينا ، إنما قال : ( فيهما إثم كبير ) وكانوا يشربون الخمر ، حتى كان يوما من الأيام صلى رجل من المهاجرين ، أم أصحابه في المغرب ، خلط في قراءته ، فأنزل الله [ عز وجل ] آية أغلظ منها : ( يا أيها الذين آمنوا لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى حتى تعلموا ما تقولون ) [ النساء : 43 ] وكان الناس يشربون ، حتى يأتي أحدهم الصلاة وهو مفيق . ثم أنزلت آية أغلظ من ذلك : ( يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون ) قالوا : انتهينا ربنا . وقال الناس : يا رسول الله ، ناس قتلوا في سبيل الله ، [ وناس ] ماتوا على سرفهم كانوا يشربون الخمر ويأكلون الميسر ، وقد جعله الله رجسا من عمل الشيطان؟ فأنزل الله تعالى : ( ليس على الذين آمنوا وعملوا الصالحات جناح فيما طعموا ) إلى آخر الآية ، وقال النبي صلى الله عليه وسلم : " لو حرم عليهم لتركوه كما تركتم " . انفرد به أحمد .وقال الإمام أحمد : حدثنا خلف بن الوليد ، حدثنا إسرائيل ، عن أبي إسحاق ، عن أبي ميسرة عن عمر بن الخطاب [ رضي الله عنه ] أنه قال : لما نزل تحريم الخمر قال : اللهم بين لنا في الخمر بيانا شافيا . فنزلت هذه الآية التي في البقرة : ( يسألونك عن الخمر والميسر قل فيهما إثم كبير ) فدعي عمر فقرئت عليه ، فقال : اللهم بين لنا في الخمر بيانا شافيا . فنزلت الآية التي في سورة النساء : ( يا أيها الذين آمنوا لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى ) فكان منادي رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أقام الصلاة نادى : ألا يقربن الصلاة سكران . فدعي عمر فقرئت عليه ، فقال : اللهم بين لنا في الخمر بيانا شافيا . فنزلت الآية التي في المائدة ، فدعي عمر فقرئت عليه فلما بلغ : ( فهل أنتم منتهون ) قال عمر : انتهينا .وهكذا رواه أبو داود والترمذي والنسائي من طرق ، عن إسرائيل ، عن أبي إسحاق عمرو بن عبد الله السبيعي وعن أبي ميسرة - واسمه عمرو بن شرحبيل الهمداني - عن عمر ، به . وليس له عنه سواه ، قال أبو زرعة : ولم يسمع منه . وصحح هذا الحديث علي بن المديني والترمذي .وقد ثبت في الصحيحين عن عمر بن الخطاب أنه قال في خطبته على منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم : أيها الناس ، إنه نزل تحريم الخمر وهي من خمسة : من العنب ، والتمر ، والعسل ، والحنطة ، والشعير ، والخمر ما خامر العقل .وقال البخاري : حدثنا إسحاق بن إبراهيم ، حدثنا محمد بن بشر ، حدثنا عبد العزيز بن عمر بن عبد العزيز ، حدثني نافع عن ابن عمر قال : نزل تحريم الخمر وإن بالمدينة يومئذ لخمسة أشربة ما فيها شراب العنب .حديث آخر : قال أبو داود الطيالسي : حدثنا محمد بن أبي حميد ، عن المصري - يعني أبا طعمة قارئ مصر - قال : سمعت ابن عمر يقول : نزلت في الخمر ثلاث آيات ، فأول شيء نزل : ( يسألونك عن الخمر والميسر ) الآية [ البقرة : 219 ] فقيل : حرمت الخمر . فقالوا : يا رسول الله ، ننتفع بها كما قال الله تعالى . قال : فسكت عنهم ثم نزلت هذه الآية : ( لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى ) [ النساء : 43 ] . فقيل : حرمت الخمر ، فقالوا : يا رسول الله ، إنا لا نشربها قرب الصلاة ، فسكت عنهم ثم نزلت : ( يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون ) فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " حرمت الخمر " .حديث آخر : قال الإمام أحمد : ، حدثنا يعلى ، حدثنا محمد بن إسحاق ، عن القعقاع بن حكيم ; أن عبد الرحمن بن وعلة قال : سألت ابن عباس عن بيع الخمر ، فقال : كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم صديق من ثقيف - أو : من دوس - فلقيه يوم الفتح براوية خمر يهديها إليه ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " يا فلان ، أما علمت أن الله حرمها؟ " فأقبل الرجل على غلامه فقال : اذهب فبعها . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " يا فلان ، بماذا أمرته؟ " فقال : أمرته أن يبيعها . قال : " إن الذي حرم شربها حرم بيعها " . فأمر بها فأفرغت في البطحاء .رواه مسلم من طريق ابن وهب ، عن مالك ، عن زيد بن أسلم . ومن طريق ابن وهب أيضا ، عن سليمان بن بلال ، عن يحيى بن سعيد كلاهما - عن عبد الرحمن بن وعلة ، عن ابن عباس ، به . ورواه النسائي ، عن قتيبة ، عن مالك ، به .حديث آخر : قال الحافظ أبو يعلى الموصلي : حدثنا محمد بن أبي بكر المقدمي ، حدثنا أبو بكر الحنفي ، حدثنا عبد الحميد بن جعفر ، عن شهر بن حوشب عن تميم الداري أنه كان يهدي لرسول الله صلى الله عليه وسلم راوية من خمر ، فلما أنزل الله تحريم الخمر جاء بها ، فلما رآها رسول الله صلى الله عليه وسلم ضحك وقال : " إنها قد حرمت بعدك " . قال : يا رسول الله ، فأبيعها وأنتفع بثمنها؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لعن الله اليهود ، حرم عليهم شحوم البقر والغنم ، فأذابوه ، وباعوه ، والله حرم الخمر وثمنها " .وقد رواه أيضا الإمام أحمد فقال : حدثنا روح ، حدثنا عبد الحميد بن بهرام قال : سمعت شهر بن حوشب قال : حدثني عبد الرحمن بن غنم : أن الداري كان يهدي لرسول الله صلى الله عليه وسلم كل عام راوية من خمر ، فلما كان عام حرمت جاء براوية ، فلما نظر إليه ضحك ، فقال : أشعرت أنها حرمت بعدك؟ " فقال : يا رسول الله ، ألا أبيعها وأنتفع بثمنها؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لعن الله اليهود ، انطلقوا إلى ما حرم عليهم من شحم البقر والغنم فأذابوه ، فباعوا به ما يأكلون ، وإن الخمر حرام وثمنها حرام ، وإن الخمر حرام وثمنها حرام ، وإن الخمر حرام وثمنها حرام " .حديث آخر : قال الإمام أحمد : حدثنا قتيبة بن سعيد ، حدثنا ابن لهيعة ، عن سليمان بن عبد الرحمن عن نافع بن كيسان أن أباه أخبره أنه كان يتجر في الخمر في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأنه أقبل من الشام ومعه خمر في الزقاق ، يريد بها التجارة ، فأتى بها رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله ، إني جئتك بشراب طيب فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " يا كيسان ، إنها قد حرمت بعدك " . قال : فأبيعها يا رسول الله؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إنها قد حرمت وحرم ثمنها " . فانطلق كيسان إلى الزقاق ، فأخذ بأرجلها ثم هراقها .حديث آخر : قال الإمام أحمد : حدثنا يحيي بن سعيد ، عن حميد عن أنس قال : كنت أسقي أبا عبيدة بن الجراح وأبي بن كعب وسهيل بن بيضاء ، ونفرا من أصحابه عند أبي طلحة وأنا أسقيهم ، حتى كاد الشراب يأخذ منهم ، فأتى آت من المسلمين فقال : أما شعرتم أن الخمر قد حرمت؟ فما قالوا : حتى ننظر ونسأل ، فقالوا : يا أنس ، اكف ما بقي في إنائك ، فوالله ما عادوا فيها ، وما هي إلا التمر والبسر ، وهي خمرهم يومئذ .أخرجاه في الصحيحين - من غير وجه - عن أنس وفي رواية حماد بن زيد ، عن ثابت عن أنس قال : كنت ساقي القوم يوم حرمت الخمر في بيت أبي طلحة ، وما شرابهم إلا الفضيخ البسر والتمر ، فإذا مناد ينادي ، قال : اخرج فانظر . فإذا مناد ينادي : ألا إن الخمر قد حرمت ، فجرت في سكك المدينة ، قال : فقال لي أبو طلحة : اخرج فأهرقها . فهرقتها ، فقالوا - أو : قال بعضهم : قتل فلان وفلان وهي في بطونهم . قال : فأنزل الله : ( ليس على الذين آمنوا وعملوا الصالحات جناح فيما طعموا ) الآية .وقال ابن جرير : حدثنا محمد بن بشار ، حدثني عبد الكبير بن عبد المجيد ، حدثنا عباد بن راشد ، عن قتادة عن أنس بن مالك قال : بينما أنا أدير الكأس على أبي طلحة وأبي عبيدة بن الجراح ومعاذ بن جبل وسهيل بن بيضاء وأبي دجانة ، حتى مالت رؤوسهم من خليط بسر وتمر . فسمعت مناديا ينادي : ألا إن الخمر قد حرمت! قال : فما دخل علينا داخل ولا خرج منا خارج ، حتى أهرقنا الشراب ، وكسرنا القلال ، وتوضأ بعضنا واغتسل بعضنا ، وأصبنا من طيب أم سليم ، ثم خرجنا إلى المسجد ، فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ : ( يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون ) إلى قوله : ( فهل أنتم منتهون ) فقال رجل : يا رسول الله ، فما منزلة من مات وهو يشربها؟ فأنزل الله : ( ليس على الذين آمنوا وعملوا الصالحات جناح فيما طعموا [ إذا ما اتقوا وآمنوا وعملوا الصالحات ] ) الآية ، فقال رجل لقتادة : أنت سمعته من أنس بن مالك ؟ قال : نعم . وقال رجل لأنس بن مالك : أنت سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال : نعم - أو : حدثني من لم يكذب ، ما كنا نكذب ، ولا ندري ما الكذب .حديث آخر : قال الإمام أحمد : حدثنا يحيى بن إسحاق ، أخبرني يحيى بن أيوب ، عن عبيد الله بن زحر ، عن بكر بن سوادة ، عن قيس بن سعد بن عبادة ; أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " إن ربي تبارك وتعالى حرم علي الخمر ، والكوبة ، والقنين . وإياكم والغبيراء ، فإنها ثلث خمر العالم " .حديث آخر : قال الإمام أحمد : حدثنا يزيد ، حدثنا فرج بن فضالة ، عن إبراهيم بن عبد الرحمن بن رافع عن أبيه ، عن عبد الله بن عمرو قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن الله حرم على أمتي الخمر والميسر والمزر ، والكوبة والقنين . وزادني صلاة الوتر " . قال يزيد : القنين : البرابط . تفرد به أحمد .وقال أحمد أيضا : حدثنا أبو عاصم - وهو النبيل - أخبرنا عبد الحميد بن جعفر ، حدثنا يزيد بن أبي حبيب ، عن عمرو بن الوليد ، عن عبد الله بن عمرو ; أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " من قال علي ما لم أقل فليتبوأ مقعده من جهنم " . قال : وسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " إن الله حرم الخمر والميسر والكوبة والغبيراء ، وكل مسكر حرام " . تفرد به أحمد أيضا .حديث آخر : قال الإمام أحمد : حدثنا وكيع ، حدثنا عبد العزيز بن عمر بن عبد العزيز ، عن أبي طعمة - مولاهم - وعن عبد الرحمن بن عبد الله الغافقي أنهما سمعا ابن عمر يقول : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لعنت الخمر على عشرة وجوه : لعنت الخمر بعينها وشاربها ، وساقيها ، وبائعها ، ومبتاعها ، وعاصرها ، ومعتصرها ، وحاملها ، والمحمولة إليه ، وآكل ثمنها " .ورواه أبو داود وابن ماجه ، من حديث وكيع ، به .وقال أحمد : حدثنا حسن ، حدثنا ابن لهيعة ، حدثنا أبو طعمة ، سمعت ابن عمر يقول : خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المربد ، فخرجت معه فكنت عن يمينه ، وأقبل أبو بكر فتأخرت عنه ، فكان عن يمينه وكنت عن يساره . ثم أقبل عمر فتنحيت له ، فكان عن يساره . فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم المربد ، فإذا بزقاق على المربد فيها خمر - قال ابن عمر - : فدعاني رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدية - قال ابن عمر : وما عرفت المدية إلا يومئذ - فأمر بالزقاق فشقت ، ثم قال : " لعنت الخمر وشاربها ، وساقيها ، وبائعها ، ومبتاعها وحاملها ، والمحمولة إليه ، وعاصرها ، ومعتصرها ، وآكل ثمنها " .وقال أحمد : حدثنا الحكم بن نافع ، حدثنا أبو بكر بن أبي مريم ، عن ضمرة بن حبيب قال : قال عبد الله بن عمر : أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن آتيه بمدية وهي الشفرة ، فأتيته بها فأرسل بها فأرهفت ثم أعطانيها ، وقال : " اغد علي بها " . ففعلت فخرج بأصحابه إلى أسواق المدينة ، وفيها زقاق الخمر قد جلبت من الشام ، فأخذ المدية مني فشق ما كان من تلك الزقاق بحضرته ، ثم أعطانيها وأمر أصحابه الذين كانوا معه أن يمضوا معي وأن يعاونوني ، وأمرني أن آتي الأسواق كلها فلا أجد فيها زق خمر إلا شققته ، ففعلت ، فلم أترك في أسواقها زقا إلا شققته .حديث آخر : قال عبد الله بن وهب : أخبرني عبد الرحمن بن شريح وابن لهيعة والليث بن سعد عن خالد بن يزيد ، عن ثابت بن يزيد الخولاني أخبره : أنه كان له عم يبيع الخمر ، وكان يتصدق ، فنهيته عنها فلم ينته ، فقدمت المدينة فتلقيت ابن عباس ، فسألته عن الخمر وثمنها ، فقال : هي حرام وثمنها حرام . ثم قال ابن عباس ، رضي الله عنه : يا معشر أمة محمد ، إنه لو كان كتاب بعد كتابكم ، ونبي بعد نبيكم ، لأنزل فيكم كما أنزل فيمن قبلكم ، ولكن أخر ذلك من أمركم إلى يوم القيامة ، ولعمري لهو أشد عليكم ، قال ثابت : فلقيت عبد الله بن عمر فسألته عن ثمن الخمر ، فقال : سأخبرك عن الخمر ، إني كنت عند رسول الله صلى الله عليه وسلم في المسجد ، فبينما هو محتب حل حبوته ثم قال : " من كان عنده من هذه الخمر فليأتنا بها " . فجعلوا يأتونه ، فيقول أحدهم : عندي راوية . ويقول الآخر : عندي زق أو : ما شاء الله أن يكون عنده ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " اجمعوه ببقيع كذا وكذا ثم آذنوني " . ففعلوا ، ثم آذنوه فقام وقمت معه ، فمشيت عن يمينه وهو متكئ علي ، فألحقنا أبو بكر ، رضي الله عنه ، فأخرني رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فجعلني عن شماله ، وجعل أبا بكر في مكاني . ثم لحقنا عمر بن الخطاب ، رضي الله عنه فأخرني ، وجعله عن يساره ، فمشى بينهما . حتى إذا وقف على الخمر قال للناس : " أتعرفون هذه ؟ قالوا : نعم يا رسول الله ، هذه الخمر . قال : " صدقتم " . قال : " فإن الله لعن الخمر وعاصرها ومعتصرها ، وشاربها وساقيها ، وحاملها والمحمولة إليه ، وبائعها ومشتريها وآكل ثمنها " . ثم دعا بسكين ، فقال : " اشحذوها " . ففعلوا ، ثم أخذها رسول الله صلى الله عليه وسلم يخرق بها الزقاق ، قال : فقال الناس : في هذه الزقاق منفعة ، قال : " أجل ، ولكني إنما أفعل ذلك غضبا لله ، عز وجل ، لما فيها من سخطه " . فقال عمر : أنا أكفيك يا رسول الله؟ قال : " لا " .قال ابن وهب : وبعضهم يزيد على بعض في قصة الحديث . رواه البيهقي .حديث آخر : قال الحافظ أبو بكر البيهقي : أنبأنا أبو الحسين بن بشران ، أنبأنا إسماعيل بن محمد الصفار ، حدثنا محمد بن عبيد الله المنادي ، حدثنا وهب بن جرير ، حدثنا شعبة ، عن سماك ، عن مصعب بن سعد ، عن سعد ، قال : أنزلت في الخمر أربع آيات ، فذكر الحديث . قال : وضع رجل من الأنصار طعاما ، فدعانا فشربنا الخمر قبل أن تحرم حتى انتشينا ، فتفاخرنا ، فقالت الأنصار : نحن أفضل . وقالت قريش : نحن أفضل . فأخذ رجل من الأنصار لحي جزور ، فضرب به أنف سعد ففزره ، وكان أنف سعد مفزورا . فنزلت آية الخمر : ( إنما الخمر والميسر [ والأنصاب والأزلام ] ) إلى قوله تعالى : ( فهل أنتم منتهون ) أخرجه مسلم من حديث شعبة .حديث آخر : قال البيهقي : وأخبرنا أبو نصر بن قتادة ، أنبأنا أبو علي الرفاء ، حدثنا علي بن عبد العزيز ، حدثنا حجاج بن منهال ، حدثنا ربيعة بن كلثوم ، حدثني أبي ، عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال : إنما نزل تحريم الخمر في قبيلتين من قبائل الأنصار ، شربوا فلما أن ثمل القوم عبث بعضهم ببعض ، فلما أن صحوا جعل الرجل يرى الأثر بوجهه ورأسه ولحيته ، فيقول : صنع هذا بي ، أخي فلان - وكانوا إخوة ليس في قلوبهم ضغائن - والله لو كان بي رؤوفا رحيما ما صنع هذا بي ، حتى وقعت الضغائن في قلوبهم فأنزل الله هذه الآية : ( يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان [ فاجتنبوه لعلكم تفلحون إنما يريد الشيطان أن يوقع بينكم العداوة والبغضاء في الخمر والميسر ويصدكم عن ذكر الله وعن الصلاة ] فهل أنتم منتهون ) فقال ناس من المتكلفين : هي رجس ، وهي في بطن فلان ، وقد قتل يوم أحد ، فأنزل الله : ( ليس على الذين آمنوا وعملوا الصالحات جناح فيما طعموا [ إذا ما اتقوا وآمنوا وعملوا الصالحات ثم اتقوا وآمنوا ثم اتقوا وأحسنوا والله يحب المحسنين ] )ورواه النسائي في التفسير عن محمد بن عبد الرحيم صاعقة ، عن حجاج بن منهال .حديث آخر : قال ابن جرير : حدثني محمد بن خلف ، حدثنا سعيد بن محمد الجرمي ، عن أبي تميلة ، عن سلام مولى حفص أبي القاسم ، عن أبي بريدة ، عن أبيه قال : بينا نحن قعود على شراب لنا ، ونحن رملة ، ونحن ثلاثة أو أربعة ، وعندنا باطية لنا ، ونحن نشرب الخمر حلا إذ قمت حتى آتي رسول الله صلى الله عليه وسلم فأسلم عليه ، إذ نزل تحريم الخمر : ( يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر ) إلى آخر الآيتين ( فهل أنتم منتهون ) ؟ فجئت إلى أصحابي فقرأتها إلى قوله : ( فهل أنتم منتهون ) ؟ قال : وبعض القوم شربته في يده ، قد شرب بعضها وبقي بعض في الإناء ، فقال بالإناء تحت شفته العليا ، كما يفعل الحجام ، ثم صبوا ما في باطيتهم ، فقالوا : انتهينا ربنا .حديث آخر : قال البخاري : حدثنا صدقة بن الفضل أخبرنا ابن عيينة ، عن عمرو عن جابر قال : صبح ناس غداة أحد الخمر ، فقتلوا من يومهم جميعا شهداء ، وذلك قبل تحريمها .هكذا رواه البخاري في تفسيره من صحيحه وقد رواه الحافظ أبو بكر البزار في مسنده : حدثنا أحمد بن عبدة ، حدثنا سفيان عن عمرو بن دينار سمع جابر بن عبد الله يقول : اصطبح ناس الخمر من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ثم قتلوا شهداء يوم أحد ، فقالت اليهود : فقد مات بعض الذين قتلوا وهي في بطونهم .فأنزل الله : ( ليس على الذين آمنوا وعملوا الصالحات جناح فيما طعموا ) ثم قال : وهذا إسناد صحيح . وهو كما قال ، ولكن في سياقته غرابة .حديث آخر : قال أبو داود الطيالسي : حدثنا شعبة ، عن أبي إسحاق عن البراء بن عازب قال : لما نزل تحريم الخمر قالوا : كيف بمن كان يشربها قبل أن تحرم؟ فنزلت : ( ليس على الذين آمنوا وعملوا الصالحات جناح فيما طعموا ) الآية .ورواه الترمذي ، عن بندار غندر ، عن شعبة ، به نحو . وقال : حسن صحيح .حديث آخر : قال الحافظ أبو يعلى الموصلي : حدثنا جعفر بن حميد الكوفي ، حدثنا يعقوب القمي ، عن عيسى بن جارية ، عن جابر بن عبد الله قال : كان رجل يحمل الخمر من خيبر إلى المدينة فيبيعها من المسلمين ، فحمل منها بمال ، فقدم بها المدينة ، فلقيه رجل من المسلمين فقال : يا فلان ، إن الخمر قد حرمت فوضعها حيث انتهى على تل ، وسجى عليها بأكسية ، ثم أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله ، بلغني أن الخمر قد حرمت؟ قال : " أجل " قال : لي أن أردها على من ابتعتها منه؟ قال : " لا يصلح ردها " . قال : لي أن أهديها إلى من يكافئني منها؟ قال : " لا " . قال : فإن فيها مالا ليتامى في حجري؟ قال : " إذا أتانا مال البحرين فأتنا نعوض أيتامك من مالهم " . ثم نادى بالمدينة ، فقال رجل : يا رسول الله ، الأوعية ننتفع بها؟ . قال : " فحلوا أوكيتها " . فانصبت حتى استقرت في بطن الوادي هذا حديث غريب .حديث آخر : قال الإمام أحمد : حدثنا وكيع ، حدثنا سفيان ، عن السدي ، عن أبي هبيرة - وهو يحيى بن عباد الأنصاري - عن أنس بن مالك أن أبا طلحة سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن أيتام في حجره ورثوا خمرا فقال : " أهرقها " . قال : أفلا نجعلها خلا؟ قال : " لا " .ورواه مسلم وأبو داود والترمذي ، من حديث الثوري ، به نحوه .حديث آخر : قال ابن أبي حاتم : حدثنا أبي ، حدثنا عبد الله بن رجاء ، حدثنا عبد العزيز بن أبي سلمة ، حدثنا هلال بن أبي هلال ، عن عطاء بن يسار عن عبد الله بن عمرو قال : إن هذه الآية التي في القرآن : ( يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون ) قال : هي في التوراة : " إن الله أنزل الحق ليذهب به الباطل ، ويبطل به اللعب ، والمزامير ، والزفن ، والكبارات - يعني البرابط - والزمارات - يعني به الدف - والطنابير ، والشعر ، والخمر مرة لمن طعمها . أقسم الله بيمينه وعزة حيله من شربها بعد ما حرمتها لأعطشنه يوم القيامة ، ومن تركها بعد ما حرمتها لأسقينه إياها في حظيرة القدس " .وهذا إسناد صحيح .حديث آخر : قال عبد الله بن وهب : أخبرني عمرو بن الحارث ; أن عمرو بن شعيب حدثهم ، عن أبيه ، عن عبد الله بن عمرو بن العاص ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " من ترك الصلاة سكرا مرة واحدة ، فكأنما كانت له الدنيا وما عليها فسلبها ، ومن ترك الصلاة سكرا أربع مرات ، كان حقا على الله أن يسقيه من طينة الخبال " . قيل : وما طينة الخبال؟ قال : " عصارة أهل جهنم " .ورواه أحمد ، من طريق عمرو بن شعيب .حديث آخر : قال أبو داود : حدثنا محمد بن رافع ، حدثنا إبراهيم بن عمر الصنعاني ، قال : سمعت النعمان - هو ابن أبي شيبة الجندي - يقول عن طاوس ، عن ابن عباس ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " كل مخمر خمر ، وكل مسكر حرام ، ومن شرب مسكرا بخست صلاته أربعين صباحا ، فإن تاب تاب الله عليه ، فإن عاد الرابعة كان حقا على الله أن يسقيه من طينة الخبال " . قيل : وما طينة الخبال يا رسول الله ؟ قال : " صديد أهل النار ، ومن سقاه صغيرا لا يعرف حلاله من حرامه ، كان حقا على الله أن يسقيه من طينة الخبال "تفرد به أبو داود .حديث آخر : قال الشافعي ، رحمه الله : أنبأنا مالك ، عن نافع ، عن ابن عمر ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " من شرب الخمر في الدنيا ، ثم لم يتب منها حرمها في الآخرة " .أخرجه البخاري ومسلم ، من حديث مالك ، به .وروى مسلم ، عن أبي الربيع ، عن حماد بن زيد ، عن أيوب ، عن نافع ، عن ابن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " كل مسكر خمر ، وكل مسكر حرام ، ومن شرب الخمر فمات وهو يدمنها ولم يتب منها لم يشربها في الآخرة " .حديث آخر : قال ابن وهب : أخبرني عمر بن محمد ، عن عبد الله بن يسار ; أنه سمع سالم بن عبد الله يقول : قال عبد الله بن عمر : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ثلاثة لا ينظر الله إليهم يوم القيامة العاق لوالديه ، والمدمن الخمر ، والمنان بما أعطى " .ورواه النسائي ، عن عمر بن علي ، عن يزيد بن زريع ، عن عمر بن محمد العمري ، به .وروى أحمد ، عن غندر ، عن شعبة ، عن يزيد بن أبي زياد ، عن مجاهد ، عن أبي سعيد ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " لا يدخل الجنة منان ولا عاق ، ولا مدمن خمر " .ورواه أحمد أيضا ، عن عبد الصمد ، عن عبد العزيز بن مسلم ، عن يزيد بن أبي زياد ، عن مجاهد ، به . وعن مروان بن شجاع ، عن خصيف ، عن مجاهد ، به ورواه النسائي ، عن القاسم بن زكريا ، عن الحسين الجعفي ، عن زائدة ، عن ابن أبي زياد ، عن سالم بن أبي الجعد ومجاهد ، كلاهما عن أبي سعيد ، به .حديث آخر : قال أحمد : حدثنا عبد الرزاق ، حدثنا سفيان ، عن منصور ، عن سالم بن أبي الجعد ، عن جابان ، عن عبد الله بن عمرو ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " لا يدخل الجنة عاق ، ولا مدمن خمر ، ولا منان ، ولا ولد زنية " .وكذا رواه عن يزيد ، عن همام ، عن منصور ، عن سالم ، عن جابان ، عن عبد الله بن عمرو به ، وقد رواه أيضا عن غندر وغيره ، عن شعبة ، عن منصور ، عن سالم ، عن نبيط بن شريط ، عن جابان ، عن عبد الله بن عمرو ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " لا يدخل الجنة منان ، ولا عاق والديه ، ولا مدمن خمر " .ورواه النسائي ، من حديث شعبة كذلك ، ثم قال : ولا نعلم أحدا تابع شعبة ، عن نبيط بن شريط .وقال البخاري : لا يعرف لجابان سماع من عبد الله ولا لسالم من جابان ولا نبيط .وقد روي هذا الحديث من طريق مجاهد ، عن ابن عباس - ومن طريقه أيضا ، عن أبي هريرة ، فالله أعلم .وقال الزهري : حدثني أبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام ، أن أباه قال : سمعت عثمان بن عفان يقول : اجتنبوا الخمر ، فإنها أم الخبائث ، إنه كان رجل فيمن خلا قبلكم يتعبد ويعتزل الناس ، فعلقته امرأة غوية ، فأرسلت إليه جاريتها فقالت : إنا ندعوك لشهادة . فدخل معها ، فطفقت كلما دخل بابا أغلقته دونه ، حتى أفضى إلى امرأة وضيئة عندها غلام وباطية خمر ، فقالت : إني والله ما دعوتك لشهادة ولكن دعوتك لتقع علي أو تقتل هذا الغلام ، أو تشرب هذا الخمر . فسقته كأسا ، فقال : زيدوني ، فلم يرم حتى وقع عليها ، وقتل النفس ، فاجتنبوا الخمر فإنها لا تجتمع هي والإيمان أبدا إلا أوشك أحدهما أن يخرج صاحبه .رواه البيهقي وهذا إسناد صحيح . وقد رواه أبو بكر بن أبي الدنيا في كتابه " ذم المسكر " عن محمد بن عبد الله بن بزيع ، عن الفضيل بن سليمان النميري ، عن عمر بن سعيد ، عن الزهري ، به مرفوعا والموقوف أصح ، والله أعلم .وله شاهد في الصحيحين ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : " لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن ، ولا يسرق سرقة حين يسرقها وهو مؤمن ، ولا يشرب الخمر حين يشربها وهو مؤمن " .وقال أحمد بن حنبل : حدثنا أسود بن عامر ، أخبرنا إسرائيل ، عن سماك ، عن عكرمة ، عن ابن عباس قال : لما حرمت الخمر قال أناس : يا رسول الله ، أصحابنا الذين ماتوا وهم يشربونها؟ فأنزل الله : ( ليس على الذين آمنوا وعملوا الصالحات جناح فيما طعموا ) الآية . قال : ولما حولت القبلة قال أناس : يا رسول الله ، أصحابنا الذين ماتوا وهم يصلون إلى بيت المقدس؟ فأنزل الله : ( وما كان الله ليضيع إيمانكم ) [ البقرة : 143 ] .وقال الإمام أحمد : حدثنا داود بن مهران الدباغ ، حدثنا داود - يعني العطار - ، عن ابن خثيم ، عن شهر بن حوشب ، عن أسماء بنت يزيد ، أنها سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول : " من شرب الخمر لم يرض الله عنه أربعين ليلة ، إن مات مات كافرا ، وإن تاب تاب الله عليه . وإن عاد كان حقا على الله أن يسقيه من طينة الخبال " . قالت : قلت : يا رسول الله ، وما طينة الخبال؟ قال : " صديد أهل النار " .وقال الأعمش ، عن إبراهيم ، عن علقمة عن عبد الله بن مسعود أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لما نزلت : ( ليس على الذين آمنوا وعملوا الصالحات جناح فيما طعموا إذا ما اتقوا وآمنوا ) فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " قيل لي : أنت منهم " .وهكذا رواه مسلم والترمذي والنسائي ، من طريقه .وقال عبد الله بن الإمام أحمد : قرأت على أبي ، حدثنا علي بن عاصم ، حدثنا إبراهيم الهجري ، عن أبي الأحوص ، عن عبد الله بن مسعود قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إياكم وهاتان الكعبتان الموسمتان اللتان تزجران زجرا ، فإنهما ميسر العجم " .
وَ اَطِیْعُوا اللّٰهَ وَ اَطِیْعُوا الرَّسُوْلَ وَ احْذَرُوْاۚ-فَاِنْ تَوَلَّیْتُمْ فَاعْلَمُوْۤا اَنَّمَا عَلٰى رَسُوْلِنَا الْبَلٰغُ الْمُبِیْنُ(۹۲)
اور حکم مانو اللہ کا اور حکم مانو رسول کا اور ہوشیار رہو، پھر اگر تم پھر جاؤ (ف۲۲۲) تو جان لو کہ ہمارے رسول کا ذمہ صرف واضح طور پر حکم پہنچادینا ہے (ف۲۲۳)
يقول تعالى ناهيا عباده المؤمنين عن تعاطي الخمر والميسر وهو القمار وقد ورد عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضى الله عنه أنه قال الشطرنج من الميسر رواه ابن أبي حاتم عن أبيه عن عيسى بن مرحوم عن حاتم عن جعفر بن محمد عن أبيه عن علي به وقال ابن أبي حاتم حدثنا محمد بن إسماعيل الأحمسي حدثنا وكيع عن سفيان عن ليث عن عطاء ومجاهد وطاوس قال سفيان أو اثنين منهم قالوا: كل شيء من القمار فهو من الميسر حتى لعب الصبيان بالجوز وروى عن راشد بن سعد وضمرة بن حبيب مثله وقالا حتى الكعاب والجوز والبيض التي تلعب بها الصبيان وقال موسى بن عقبة عن نافع عن ابن عمر قال الميسر هو القمار وقال الضحاك عن ابن عباس قال الميسر هو القمار كانوا يتقامرون في الجاهلية إلى مجيءالإ سلام فنهاهم الله عن هذه الأخلاق القبيحة وقال مالك عن داود بن الحصين أنه سمع سعيد بن المسيب يقول كان ميسر أهل الجاهلية يبيع اللحم بالشاة والشاتين وقال الزهري عن الأعرج قال الميسر الضرب بالقداح على الأموال والثمار وقال القاسم بن محمد ما ألهى عن ذكر الله وعن الصلاة فهو من الميسر رواهن ابن أبي حاتم وقال ابن أبي حاتم حدثا أحمد بن منصور الزيادي حدثنا هشام بن عمار حدثنا صدقة حدثنا عثمان بن أبي العاتكة عن على بن يزيد عن القاسم عن أبي أمامة عن أبي موسى الأشعري عن النبي صلى الله عليه وسلم قال اجتنبوا هذه الكعاب الموسومة التي يزجر بها زجرا فإنها من الميسر حديث غريب وكأن المراد بهذا هو النرد الذي ورد الحديث به صحيح مسلم عن بريدة عن الحصيب الأسلمي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من لعب بالنردشير فكأنما صبغ يده في لحم خنزير ودمه وفي موطأ مالك ومسند أحمد وسنني أبي داود وابن ماجه عن أبي موسى الأثمري قال: قال رسول الله من لعب بالنرد فقد عصى الله ورسوله وروى موقوفا على أبي موسى من قوله فالله أعلم وقاله الإمام أحمد حدثنا علي بن إبراهيم حدثنا الجعفر عن موسى بن عبد الرحمن الخطمي أنه سمع محمد بن كعب وهو يسأل عبد الرحمن يقول أخبرني ماسمعت أباك يقول عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال عبد الرحمن سمعت أبي يقول سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول مثل الذي يلعب بالنرد ثم يقوم فيصلي مثل الذي يتوضأ بالقيح ودم الخنزير ثم يقوم فيصلي وأما الشطرنج لقد قال عبد الله بن عمر أنه شر من النرد وتقدم عن علي أنه قال هو من الميسر ونعى على تحريمه مالك وأبو حنيفة وأحمد وكرهه الشافعي رحمهم الله تعالى وأما الأنصاب فقال ابن عباس ومجاهد وعطاء وسعيد بن جبير والحسن وغير واحد هي حجارة كانوا يذبحون قرابينهم عندها وأما الأزلام فقالوا أيضا هي قداح كانوا يستقسمون بها رواه ابن أبي حاتم وقوله تعالى رجس من عمل الشيطان قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس أي سخط من عمل الشيطان وقال سعيد بن جبير إثم وقال زيد بن أسلم أي سر من عمل الشيطان فاجتنبوه الضمير عائد على الرجس أي اتركوه لعلكم تفلحون وهذا أثر غريب ثم قال تعالى إنما يريد الشيطان أن يرفع بينكم العداوة والبغضاء في الخمر والميسر ومصدكم عن ذكر الله وعن الصلاة فهل أنتم منتهون وهذا تهديد وترهيب "ذكر الأحاديث الواردة في بيان تحريم الخمر" قال الإمام أحمد حدثنا شريح حدثنا أبو معشر عن أبي وهب مولى أبي هريرة عن أبي هريرة قال حرمت الخمر ثلاث مرات قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة وهم يشربون الخمر ويأكلون الميسر فسألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم عنهما فأنزل الله يسألونك عن الخمر والميسر قل فيهما إثم كبير ومنافع للناس إلى آخر الآية فقال الناس ما حرما علينا إنما قال فيهما إثم كبير ومنافع للناس وكانوا يشربون الخمر حتى كان يوما من الأيام صلى رجل من المهاجرين أمام الصحابة في المغرب فخلط في قراءته فأنزل الله آية أغلظ منها يا أيها الذين آمنوا لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى حتى تعلموا ما تقولون فكان الناس يشربون حتى يأتي أحدهم الصلاة وهو مغبق ثم أنزلت آية أغلظ من ذلك يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون قالوا انتهينا ربنا وقال الناس يا رسول الله ناس قتلوا في سبيل الله وماتوا على فرسهم كانوا يشربون الخمر ويأكلون الميسر وقد جعله الله رجسا من عمل الشيطان فأنزل الله تعالى ليس على الذين امنوا وعملوا الصالحات جناح فيما طعموا إلى آخر الآية فقال النبي صلى الله عليه وسلم لو حرم عليهم لتركوه كما تركتم انفرد به أحمد وقال الإمام أحمد حدثنا خلف بن الوليد حدثنا إسرائيل عن أبي إسحاق عن أبي ميسرة عن عمر بن الخطاب أنه قال لما نزل تحريم الخمر قال اللهم بين لنا في الأمر بيانا شافيا فنزلت الآية التي في سورة البقرة يسألونك عن الخمر والميسر قل فيها إثم كبير فدعي عمر فقرئت عليه فقال اللهم بين لنا في الخمر بيانا شافيا فنزلت الآية التي في سورة النساء يا أيها الذين آمنوا لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى فكان منادي رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قال حي على الصلاة نادى: لا يقربن الصلاة سكران فدعى عمر فقرئت عليه فقال: اللهم بين لنا في الخمر بيانا شافيا فنزلت الآية التي في المائدة فدعي عمر فقرئت عليه فلما بلغ قول الله تعالى فهل أنتم منتهون قال عمر انتهينا وهكذا رواه أبو داود والترمذي والنسائي من طرق عن إسرائيل عن أبي إسحاق عمرو بن عبد الله السبيعي وعن أبي ميسرة واسمه عمرو بن شرحبيل الهمداني عن عمر به وليس له عنه سواه قال أبو زرعة ولم يسمع منه وصحح هذا الحديث علي بن المديني والترمذي وقد ثبت في الصحيحين عن عمر بن الخطاب أنه قال في خطبته على منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم أيها الناس إنه نزل تحريم الخمر وهي من خمسة العنب والتمر والعسل الحنطة والشعير والخمر ما خامر العقل وقال البخاري حدثنا إسحاق بن إبراهيم حدثنا محمد بن بشر حدثنا عبد العزيز بن عمر بن عبد العزيز حدثني نافع عن ابن عمر قال نزل تحريم الخمر وإن بالمدينة يومئذ لخمسة أشربة ما فيها شراب العنب " حديث آخر "قال أبو داود الطيالسي حدثنا محمد بن أبي حميد عن المصري يعني أبا طعمة قارىء مصر قال سمعت ابن عمر يقول نزلت في الخمر ثلاث آيات فأول شئ نزل يسألونك عن الخمر والميسر الآية فقيل حرمت الخمر فقالوا يا رسول الله دعنا ننتفع بها كما قال الله تعالى قال فسكت عنهم ثم نزلت هذه الآية لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى فقيل حرمت الخمر فقالوا يا رسول الله إنا لا نشربها قرب الصلاة فسكت عنهم ثم نزلت يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه الآيتين فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم حرمت الخمر " حديث آخر "قال الإمام أحمد حدثنا يعلى حدثنا محمد بن إسحاق عن القعقاع بن حكيم أن عبد الرحمن بن وعلة قال سألت ابن عباس عن بيع الخمر فقال كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم صديق من ثقيف أو من دوس فلقيه يوم الفتح براوية خمر يهديها إليه فقال رسول الله يا فلان أما علمت أن الله حرمها فأقبل الرجل على غلامه فقال اذهب فبعها فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم يا فلان بماذا أمرته فقال أمرته أن يبيعها قال إن الذي حرم شربها حرم بيعها فأمر بها فأفرغت في البطحاء رواه مسلم من طريق ابن وهب عن مالك عن زيد بن أسلم ومن طريق ابن وهب أيضا عن سليمان بن بلال عن يحيى بن سعيد كلاهما عن عبد الرحمن بن وعله عن ابن عباس به ورواه النسائي عن قتيبة عن مالك به "حديث آخر" قال الحافظ أبو يعلى الموصلي حدثنا محمد بن أبي بكر المقدمي حدثنا أبو بكر الحنفي حدثنا عبد الحميد بن جعفر عن شهر بن حوشب عن تميم الداري أنه كان يهدي لرسول الله صلى الله عليه وسلم كل عام رواية من خمر فلما أنزل الله تحريم الخمر جاء بها فلما رآها رسول الله صلى الله عليه وسلم ضحك وقال إنها قد حرمت بعدك قال يا رسول الله فأبيعها وأنتفع بثمنها فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعن الله اليهود حرمت عليهم شحوم البقر والغنم فأذابوه وباعوه والله حرم الخمر وثمنها وقد رواه أيضا الإمام أحمد فقال حدثنا روح حدثنا عبد الحميد بن بهرام قال سمعت شهر بن حوشب قال حدثني عبد الرحمن بن غنم أن الداري كان يهدي لرسول الله صلى الله عليه وسلم كل عام راوية من خمر فلما كان عام حرمت جاء براوية فلما نظر إليه ضحك فقال أشعرت أنها حرمت بعدك فقال يا رسول الله ألا أبيعها وأنتفع بثمنها ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لعن الله اليهود انطلقوا إلى ما حرم عليهم من شحم البقر والغنم فأذابوه فباعوه إنه ما يأكلون وإن الخمر حرام وثمنها حرام وإن الخمر حرام وثمنها حرام وإن الخمر حرام وثمنها حرام "حديث آخر" قال الإمام أحمد حدثنا قتيبة بن سعيد حدثنا ابن لهيعة عن سليمان بن عبد الرحمن عن نافع بن كيسان أن أباه أخبره أنه كان يتجر فى الخمر في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنه أقبل من الشام ومعه خمر في الزقاق يريد بها التجارة فأتى بها رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله إني جئتك بشراب طيب فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم يا كيسان إنها قد حرمت بعدك قال فأبيعها يا رسول الله؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إنها قد حرمت وحرم ثمنها فانطلق كيسان إلى الزقاق فأخذ بأرجلها ثم هراقها "حديث آخر" قال الامام أحمد حدثنا محيى بن سعيد عن حميد عن أنه قال كنت أسقي أبا عبيدة بن الجراح وأبي بن كعب وسهيل بن بيضاء ونقرأ من أصحابه عند أبي طلحة حتى كاد الشراب يأخذ منهم فأتى آت من المسلمين فقال أما شعرتم أن الخمر قد حرمت ؟ فقالوا حتى فنظر ونسأل فقالوا يا أنس اسكب ما بقى في إنائك فوالله ما عادوا فيها وما هي إلا التمر والبسر وهي خمرهم يومئذ أخرجاه في الصحيحين من غير وجه عن أنس وفي رواية حماد بن زيد عن ثابت عن أنس قال كنت ساقي القوم يوم حرمت الخمر في بيت أبي طلحة وما شرابهم إلا الفضيخ البسر والتمر فإذا مناد ينادي قال اخرج فانظر فإذا مناد ينادي ألا إن الخمر قد حرمت فجرت في سكك المدينة قال: فقال لي أبو طلحة اخرح فأهرقها فهرقتها فقالوا أو قال بعضهم قل فلان وفلان وهي في بطونهم قال فأنزل الله ليس على الذين آمنوا وعملوا الصالحات جناح فيما طعموا الآية وقال ابن جرير حدثنا محمد بن بشار حدثني عبد الكبير بن عبد المجيد حدثنا عباد بن راشد عن قتادة عن أنس بن مالك قال بينما أنا أدير الكأس على أبي طلحة وأبي عبيدة بن الجراج وأبي دجانة ومعاذ بن جبل وسهيل بن بيضاء حتى مالت رءوسهم من خليط بسر وتمر فسمعت مناديا ينادي ألا إن الخمر قد حرمت قال فما دخل علينا داخل ولا خرج منا خارج حتى أهرقنا الشراب وكسرنا القلال وتوضأ به بعضنا واغتسل بعضنا وأصبنا من طيب أم سليم ثم خرجنا إلى المسجد فإذا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقرأ يا أيها الذين أمنوا إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه إلى قوله فهل أنتم منتهون فقال رجل يا رسول الله فما ترى فيمن مات وهو يشربها فأنزل الله تعالى ليس على الذين آمنوا وعملوا الصالحات جناح فيما طعموا الآية فقال رجل لقتادة أنت سمعته من أنس بن مالك ؟ قال نعم وقال رجل لأنس بن مالك أنت سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ قال نعم أو حدثني من لم يكذب ما كنا نكذب ولا ندري ما الكذب."حديث آخر" قال الإمام أحمد حدثنا يحيى بن إسحق أخبرني يحى بن أيوب عن عبيد الله بن زحر عن بكر بن سوادة عن قيس بن سعد بن عبادة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إن ربي تبارك وتعالى حرم الخمر والكوبة والقنين وإياكم والغبيراء فإنها ثلث خمر العالم " حديث آخر "قال الإمام أحمد حدثنا يزيد حدثنا فرج بن فضالة عن إبراهيم بن عبد الرحمن بن رافع عن أبيه عن عبد الله بن عمرو قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الله حرم على أمتي الخمر والميسر والمزر والكوبة والقنين وزادني صلاة الوتر قال يزيد القنين البرابط تفرد به أحمد وقال أحمد أيضا حدثنا أبو عاصم وهو النبيل أخبرنا عبد الحميد بن جعفر حدثنا يزيد بن أبي حبيب عن عمرو بن الوليد عن عبد الله بن عمرو أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من قال علي ما لم أقل فليتبوأ مقعده من جهنم قال وسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إن الله حرم الخمر والميسر والكوبة والغبيراء وكل مسكر حرام تفرد به أحمد أيضا " حديث آخر "قال الإمام أحمد حدثنا وكيع حدثنا عبد العزيز بن عمر بن عبد العزيز عن أبي طعمة مولاهم وعن عبد الرحمن بن عبد الله الغافقي أنهما سمعا ابن عمر يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعنت الخمر على عشرة وجوه لعنت الخمر بعينها وشاربها وساقيها وبائعها ومبتاعها وعاصرها ومعتصرها وحاملها والمحمولة إليه وآكل ثمنها ورواه أبو داود وابن ماجه من حديث وكيع به وقال أحمد حدثنا حسن حدثنا ابن لهيعة حدثنا أبو طعمة سمعت ابن عمر يقول خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المربد فخرج معه فكنت عن يمينه وأقبل أبو بكر فتأخرت عنه فكان عن يمينه وكنت عن يساره ثم أقبل عمر فتنحيت له فكان عن يساره فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم المربد فإذا بزقاق على المربد فيها خمر قال ابن عمر فدعاني رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدية قال ابن عمر وما عرفت المدية إلا يومئذ فأمر بالزقاق فشقت ثم قال لعنت الخمر وشاربها وساقيها وبائعها ومبتاعها وحاملها والمحمولة إليه وعاصرها ومعتصرها واكل ثمنها وقال أحمد حدثنا الحكم بن نافع حدثنا أبو بكر بن أبي مريم عن ضمرة بن حبيب قال: قال عبد الله بن عمر أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن آتيه بمدية وهي الشفرة فأتيته بها فأرسل بها فأرهفت ثم أعطانيها وقال اغد علي بها ففعلت فخرج بأصحابه إلى أسواق المدينة وفيها زقاق الخمر قد جلبت من الشام فأخذ المدية مني فشق ما كان من تلك الزقاق بحضرته ثم أعطانيها وأمر أصحابه الذين كانوا معه أن يمضوا معي وأن يعاونوني وأمرني أن آتي الأسواق كلها فلا أجد فيها زق خمر إلا شققته ففعلت فلم أترك في أسواقها زقا إلا شققته "حديث آخر" قال عبد الله بن وهب أخبرني عبد الرحمن بن شريح وابن لهيعة والليث بن سعد عن خالد بن زيد عن ثابت أن يزيد الخولاني أخبره أنه كان له عم يبيع الخمر وكان يتصدق قال فنهيته عنها فلم ينته فقدمت المدينة فلقيت ابن عباس فسألته عن الخمر وثمنها فقال هي حرام وثمنها حرام ثم قال ابن عباس رضي الله عنه يا معشر أمة محمد إنه لو كان كتاب بعد كتابكم ونبي بعد نبيكم لأنزل فيكم كما أنزل فيمن قبلكم ولكن أخر ذلك من أمركم إلى يوم القيامة ولعمري لهو أشد عليكم قال ثابت فلقيت عبد الله بن عمر فسألته عن ثمن الخمر فقال سأخبرك عن الخمر إني كنت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في المسجد فبينما هو محتب على حبوته ثم قال من كان عنده من هذه الخمر فليأتنا بها فجعلوا يأتونه فيقول أحدهم عندي راوية ويقول الآخر عندي زق أو ما شاء الله أن يكون عنده فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم اجمعوه ببقيع كذا وكذا ثم آذنوني ففعلوا ثم آذنوه فقام وقمت معه ومشيت عن يمينه وهو متكىء علي فلحقنا أبو بكر رضي الله عنه فأخبرني رسول الله صلى الله عليه وسلم فجعلني عن شماله وجعل أبا بكر في مكاني ثم لحقنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه فأخبرني وجعله عن يساره فمشى بينهما حتى إذا وقف على الخمر قال للناس أتعرفون هذه؟ قالوا نعم يا رسول الله هذه الخمر قال صدقتم ثم قال فإن الله لعن الخمر وعاصرها ومعتصرها وشاربها وساقيها وحاملها والمحمولة إليه وبائعها ومشتريها وآكل ثمنها ثم دعا بسكين فقال اشحذوها ففعلوا ثم أخذها رسول الله صلى الله عليه وسلم يخرق بها الزقاق قال: فقال الناس في هذه الزقاق منفعة فقال أجل ولكني إنما أفعل ذلك غضبا لله عز وجل لما فيها من سخطه فقال عمر أنا أكفيك يا رسول الله قال لا قال ابن وهب وبعضهم يزيد على بعض في قصة الحديث رواه البيهقي "حديث آخر" قال الحافظ أبو بكر البيهقي أنبأنا أبو الحصين بن بشر أنبأنا إسماعيل بن محمد الصفار حدثنا محمد بن عبيد الله المنادي حدثنا وهب بن جرير حدثنا شعبة عن سماك عن مصعب بن سعد عن سعد قال أنزلت في الخمر أربع آيات فذكر الحديث قال وضع رجل من الأنصار طعاما فدعانا فشربنا الخمر قبل أن تحرم حتى انتشينا فتفاخرنا فقالت الأنصار نحن أفضل وقالت فريش نحن أفضل فأخذ رجل من الأنصار لحى جزور فضرب به أنف سعد ففزره وكانت أنف سعد مفزورة فنزلت إنما الخمر والميسر إلى قوله تعالى فهل أنتم منتهون أخرجه مسلم من حديث شعبة "حديث آخر" قال البيهقي وأخبرنا أبو نصر بن قتادة أنبأنا أبو علي الرفا حدثنا علي بن عبد العزيز حدثنا حجاج بن منهال حدثنا ربيعة بن كلثوم حدثني أبي عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال إنما نزل تحريم الخمر في قبيلتين من قبائل الأنصار شربوا فلما أن حل عبد بعضهم ببعض فلما أن صحوا جعل الرجل يرى الأثر بوجهه ورأسه ولحيته فيقول صنع بي هذا أخي فلان وكانوا إخوة ليس في قلوبهم ضغائن فيقول والله لو كان بوجهه رءوفا رحيما ما صنع بي هذا حتى وقعت الضغائن في قلوبهم فأنزل الله تعالى هذه الآية يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان إلى قوله تعالى فهل أنتم منتهون فقال أناس من المتكلفين هي رجس وهي في بطن فلان وقد قتل يوم أحد فأنزل الله تعالى ليس على الذين آمنوا وعملوا الصالحات جناح فيما طعموا إلى آخر الآية ورواه النسائي في التفسير عن محمد بن عبد الرحيم صاعقة عن حجاج بن منهال "حديث آخر" قال ابن جرير حدثني محمد بن خلف حدثنا سعيد بن محمد الحرمي عن أبي نميلة عن سلام مولى حفص أبي القاسم عن أبي بريدة عن أبيه قال بينا نحن قعود على شراب لنا ونحن على رملة ونحن ثلاثه أو أربعة وعندنا باطية لنا ونحن نشرب الخمر حلا إذ قمت حتى آتي رسول الله صلى الله عليه وسلم فأسلم عليه إذ نزل تحريم الخمر يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر إلى آخر الآيتين فهل أنتم منتهون فجئت إلى أصحابي فقرأتها عليهم إلى قوله فهل أنتم منتهون قال وبعض القوم شربته في يده قد ضرب بعضها وبقي بعض في الإناء فقال بالإناء تحت شفته العليا كما يفعل الحجام ثم صبوا ما في باطيتهم فقالوا انتهينا ربنا "حديث آخر" قال البخاري حدثا صدقة بن الفضل أخبرنا ابن عيينة عن عمرو عن جابر قال صبح أناس غداة أحد الخمر فقتلوا من يومهم جميعا شهداء وذلك قبل تحريمها هكذا رواه البخاري في تفسيره من صحيحه وقد رواه الحافظ أبو بكر البزار في مسنده حدثنا أحمد بن عبدة حدثنا سفيان عن عمرو بن دينار سمع جابر بن عبد الله يقول اصطبح ناس الخمر من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ثم قتلوا شهداء يوم أحد فقالت اليهود فقد مات بعض الذين قتلوا وهي في بطونهم فأنزل الله ليس على الذين آمنوا وعملوا الصالحات جناح فيما طعموا ثم قال هذا إسناد صحيح وهو كما قال ولكن في سياقه غرابة "حديث آخر" قال أبو داود الطيالسي حدثنا شعبة عن أبي إسحق عن البراء بن عازب قال لما نزل تحريم الخمر قالوا كيف بمن كان يشربها قبل أن تحرم؟ فنزلت ليس على الذين آمنوا وعملوا الصالحات جناح فيما طعموا الآية ورواه الترمذي عن بندار عن غندر عن شعبة به نحوه وقال حسن صحيح "حديث آخر قال الحافظ أبو يعلي الموصلي حدثنا جعفر بن حميد الكوفي حدثنا يعقوب القمي عن عيسى بن جارية عن جابر بن عبد الله قال كان رجل يحمل الخمر خيبر إلى المدينة فيبيعها من المسلمين فحمل منها بمال فقدم بها المدينة فلقيه رجل من المسلمين فقال يا فلان إن الخمر قد حرمت فوضعها حيث انتهى على تل وسجى عليها بأكسية ثم أتي النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله بلغني أن الخمر قد حرمت قال أجل قال لي أن أردها على من ابتعتها منه قال لا يصح ردها فقال لي أن أهديها إلى من يكافئني منها؟ قال لا قال فإن فيها مالا ليتامى في حجري قال إذ أتانا مال البحرين فأتنا نعوض أيتامك من مالهم ثم نادى بالمدينة فقال رجل يا رسول الله الأوعية تنتفع بها قال فحلوا أوكيتها فانصبت حتى استقرت في بطن الوادي هذا حديث غريب " حديث آخر "قال الإمام أحمد حدثنا وكيع حدثنا سفيان عن السدي عن أبي هبيرة وهو يحيى بن عباد الأنصاري عن أنس بن مالك أن أبا طلحة سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أيتام في حجره ورثوا خمرا فقال أهرقها قال أفلا نجعلها خلا ؟ قال لا ورواه مسلم وأبو داود والترمذي من حديث الثوري به نحوه " حديث آخر "قال ابن أبي حاتم حدثنا أبي حدثنا عبد الله بن رجاء حدثنا عبد العزيز بن سلمة حدثنا هلال بن أبي هلال عن عطاء بن يسار عن عبد الله بن عمرو قال إن هذه الآية التي في القرآن" يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون" قال هي في التوراة: إن الله أنزل الحق ليذهب به الباطل ويبطل به اللعب والمزامير والزفن والكبارات يعني البرابط والزمارات يعني به الدف والطنابير والشعر والخمر مرة لمن طعمها أقسم الله بيمينه وعزمه من شربها بعدما حرمتها لأعطشه يوم القيامة ومن تركها بعد ما حرمتها لأسقينه إياها في حظيرة القدس وهذا إسناد صحيح." حديث آخر "قال عبد الله بن وهب أخبرني عمرو بن الحرث أن عمرو بن شعيب حدثهم عن أبيه عن عبد الله بن عمرو بن العاص عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:" من ترك الصلاة سكرا مرة واحدة فكأنما كانت له الدنيا وما عليها فسلبها ومن ترك الصلاة سكرا أربع مرات كان حقا على الله أن يسقيه من طينة الخبال" قيل وما طينة الخبال؟ قال عصارة جهنم ورواه أحمد من طريق عمرو بن شعيب." حديث آخر "قال أبو داود حدثنا محمد بن رافع حدثنا إبراهيم بن عمر الصنعاني قال سمعت النعمان هو ابن أبي شيبة الجندي يقول عن طاوس عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال كل مخمر خمر وكل مسكر حرام ومن شرب مسكرا بخست صلاته أربعين صباحا فإن تاب تاب الله عليه فإن عاد الرابعة كان حقا على الله أن يسقيه من طينة الخبال" قيل وما طينة الخبال يا رسول الله؟ قال:" صديد أهل النار ومن سقاه صغيرا لا يعرف حلاله من حرامه كان حقا على الله أن يسقيه من طينة الخبال" تفرد أبو داود " حديث آخر "قال الشافعي- رحمه الله- أنبأنا مالك عن نافع عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:" من شرب الخمر فى الدنيا ثم لم يتب منها حرمها في الآخرة" أخرجه البخاري ومسلم من حديث مالك به وروى مسلم عن أبي الربيع عن حماد بن زيد عن أيوب عن نافع عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" كل مسكر خمر وكل مسكر حرام ومن شرب الخمر فمات وهو يدمنها ولم يتب منها لم يشربها في الآخرة." حديث آخر "قال ابن وهب اخبرني عمر بن محمد عن عبد الله بن يسار أنه سمع سالم بن عبد الله يقول قال عبد الله بن عمر قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" ثلاثة لا ينظر الله إليهم يوم القيامة: العاق لوالديه والمدمن الخمر والمنان بما أعطى" ورواه النسائي عن عمر بن علي عن يزيد بن زريع عن عمر بن محمد العمري به وروى أحمد عن غندر عن شعبة عن يزيد بن أبي زياد عن مجاهد عن أبي سعيد عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:" لا يدخل الجنة منان ولا عاق ولا مدمن خمر" ورواه أحمد أيضا عن عبد الصمد عن عبد العزيز بن أسلم عن يزيد بن أبي زياد عن مجاهد به وعن مروان بن شجاع عن خصيف عن مجاهد به ورواه النسائي عن القاسم بن زكريا عن حصين الجعفي عن زائدة عن يزيد بن أبي زياد عن سالم بن أبي الجعد ومجاهد كلاهما عن أبي سعيد به " حديث آخر "قال الإمام أحمد حدثنا عبد الرزاق حدثنا سفيان عن منصور عن سالم بن أبي الجعد عن جابان عن عبد الله بن عمرو عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:" لا يدخل الجنة عاق ولا مدمن خمر ولا منان ولا ولد زانية" وكذا رواه عن يزيد عن همام عن منصور عن سالم عن جابان عن عبد الله بن عمرو به وقد رواه أيضا عن غندر وغيره عن شعبة عن منصور عن سالم عن نبيط بن شريط عن جابان عن عبد الله بن عمرو عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:" لا يدخل الجنة منان ولا عاق والدية ولا مدمن خمر" ورواه النسائي من حديث شعبة كذلك ثم قال: ولا نعلم أحدا تابع شعبة عن نبيط بن شريط وقال البخاري لا يعرف لجابان سماع من عبد الله ولا لسالم من جابان ولا نبيط وقد روى هذا الحديث من طريق مجاهد عن ابن عباس وعن طريقه أيضا عن أبي هريرة فالله أعلم.وقال الزهري حدثني أبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام أن أباه قال سمعت عثمان بن عفان يقول اجتنبوا الخمر فإنها أم الخبائث إنه كان رجل فيمن خلا قبلكم يتعبد ويعتزل الناس فعلقته امرأة غوية فأرسلت إليه جاريتها أن تدعوه لشهادة فدخل معها فطفقت كلما دخل بابا أغلقته دونه حتى أفضى إلى امرأة وضيئة عندها غلام وباطية خمر فقالت إني والله ما دعوتك لشهادة ولكن دعوتك لتقع علي أو تقتل هذا الغلام أو تشرب هذا الخمر فسقته كأسا فقال زيدوني فلم يرم حتى وقع عليها وقتل النفس فاجتنبوا الخمر فإنها لا تجتمع هي والإيمان أبدا إلا أوشك أحدهما أن يخرج صاحبه" رواه البيهقي وهذا إسناد صحيح وقد رواه أبو بكر بن أبي الدنيا في كتابه ذم المسكر عن محمد بن عبد الله بن بزيع عن الفضيل ابن سليمان النميري عن عمر بن سعيد عن الزهري به مرفوعا والموقوف أصح والله أعلم.وله شاهد في الصحيحين عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال:" لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن ولا يسرق سرقة حين يسرقها وهو مؤمن ولا يشرب الخمر حين يشربها وهو مؤمن".
لَیْسَ عَلَى الَّذِیْنَ اٰمَنُوْا وَ عَمِلُوا الصّٰلِحٰتِ جُنَاحٌ فِیْمَا طَعِمُوْۤا اِذَا مَا اتَّقَوْا وَّ اٰمَنُوْا وَ عَمِلُوا الصّٰلِحٰتِ ثُمَّ اتَّقَوْا وَّ اٰمَنُوْا ثُمَّ اتَّقَوْا وَّ اَحْسَنُوْاؕ-وَ اللّٰهُ یُحِبُّ الْمُحْسِنِیْنَ۠(۹۳)
جو ایمان لائے اور نیک کام کیے ان پر کچھ گناہ نہیں (ف۲۲۴) جو کچھ انہوں نے چکھا جب کہ ڈریں اور ایمان رکھیں اور نیکیاں کریں پھر ڈریں اور ایمان رکھیں پھر ڈریں اور نیک رہیں، اور اللہ نیکوں کو دوست رکھتا ہے (ف۲۲۵)
قال أحمد بن حنبل حدثنا أسود بن عامر حدثنا إسرائيل عن سماك عن عكرمة عن ابن عياش قال لما حرمت الخمر قال ناس يا رسول الله أصحابنا الذين ماتوا وهم يشربونها فأنزل الله" ليس على الذين آمنوا وعملوا الصالحات جناح فيما طعموا" إلى آخر الآية ولما حولت القبلة قال ناس: يا رسول الله إخواننا الذين ما توا وهم يصلون إلى بيت المقدس فأنزل الله" وما كان الله ليضيع إيمانكم" وقال الإمام أحمد حدثنا داود بن مهران الدباغ حدثنا داود يعني العطار عن أبي خيثم عن شهر بن حوشب عن أسماء بنت يزيد أنها سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول:" من شرب الخمر لم يرض الله عنه أربعين ليلة إن مات مات كافرا وإن تاب تاب الله عليه وإن عاد كان حقا على الله أن يسقيه من طينة الخبال" قالت: قلت يا رسول الله وما طينة الخبال ؟ قال:" صديد أهل النار " وقال الأعمش عن إبراهيم عن علقمة عن عبد الله بن مسعود أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لما نزلت" ليس على الذين آمنوا وعملوا الصالحات جناح فيما طعموا إذا ما اتقوا وآمنوا" فقال النبي صلى الله عليه وسلم قيل لي أنت منهم وهكذا رواه مسلم والترمذي والنسائي من طريقه وقال عبد الله ابن الإمام أحمد قرأت على أبي حدثنا علي بن عاصم حدثنا إبراهيم الهجري عن أبي الأحوص عن عبد الله بن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" إياكم وهاتان الكعبتان الموسومتان اللتان تزجران زجرا فإنهما ميسر العجم.
یٰۤاَیُّهَا الَّذِیْنَ اٰمَنُوْا لَیَبْلُوَنَّكُمُ اللّٰهُ بِشَیْءٍ مِّنَ الصَّیْدِ تَنَالُهٗۤ اَیْدِیْكُمْ وَ رِمَاحُكُمْ لِیَعْلَمَ اللّٰهُ مَنْ یَّخَافُهٗ بِالْغَیْبِۚ-فَمَنِ اعْتَدٰى بَعْدَ ذٰلِكَ فَلَهٗ عَذَابٌ اَلِیْمٌ(۹۴)
اے ایمان والوں ضرور اللہ تمہیں آزمائے گا ایسے بعض شکار سے جس تک تمہارا ہاتھ اور نیزے پہنچیں (ف۲۲۶) کہ اللہ پہچان کرادے ان کی جو اس سے بن دیکھے ڈرتے ہیں، پھر اس کے بعد جو حد سے بڑھے (ف۲۲۷) اس کے لئے دردناک عذاب ہے،
قال الوالبي ، عن ابن عباس قوله : ( ليبلونكم الله بشيء من الصيد تناله أيديكم ورماحكم ) قال : هو الضعيف من الصيد وصغيره ، يبتلي الله به عباده في إحرامهم ، حتى لو شاءوا يتناولونه بأيديهم . فنهاهم الله أن يقربوه .وقال مجاهد : ( تناله أيديكم ) يعني : صغار الصيد وفراخه ) ورماحكم ) يعني : كباره .وقال مقاتل بن حيان : أنزلت هذه الآية في عمرة الحديبية ، فكانت الوحش والطير والصيد تغشاهم في رحالهم ، لم يروا مثله قط فيما خلا فنهاهم الله عن قتله وهم محرمون .( ليعلم الله من يخافه بالغيب ) يعني : أنه تعالى يبتليهم بالصيد يغشاهم في رحالهم ، يتمكنون من أخذه بالأيدي والرماح سرا وجهرا ليظهر طاعة من يطيع منهم في سره وجهره ، كما قال تعالى : ( إن الذين يخشون ربهم بالغيب لهم مغفرة وأجر كبير ) [ الملك : 12 ] .وقوله هاهنا : ( فمن اعتدى بعد ذلك ) قال السدي وغيره : يعني بعد هذا الإعلام والإنذار والتقدم ( فله عذاب أليم ) أي : لمخالفته أمر الله وشرعه .
یٰۤاَیُّهَا الَّذِیْنَ اٰمَنُوْا لَا تَقْتُلُوا الصَّیْدَ وَ اَنْتُمْ حُرُمٌؕ-وَ مَنْ قَتَلَهٗ مِنْكُمْ مُّتَعَمِّدًا فَجَزَآءٌ مِّثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ یَحْكُمُ بِهٖ ذَوَا عَدْلٍ مِّنْكُمْ هَدْیًۢا بٰلِغَ الْكَعْبَةِ اَوْ كَفَّارَةٌ طَعَامُ مَسٰكِیْنَ اَوْ عَدْلُ ذٰلِكَ صِیَامًا لِّیَذُوْقَ وَ بَالَ اَمْرِهٖؕ-عَفَا اللّٰهُ عَمَّا سَلَفَؕ-وَ مَنْ عَادَ فَیَنْتَقِمُ اللّٰهُ مِنْهُؕ-وَ اللّٰهُ عَزِیْزٌ ذُو انْتِقَامٍ(۹۵)
اے ایمان والو! شکار نہ مارو جب تم احرام میں ہو (ف۲۲۸) اور تم میں جو اسے قصداً قتل کرے (ف۲۲۹) تو اس کا بدلہ یہ ہے کہ ویسا ہی جانور مویشی سے دے (ف۲۳۰) تم میں کہ دو ثقہ آدمی اس کا حکم کریں (ف۲۳۱) یہ قربانی ہو کہ کعبہ کو پہنچتی (ف۲۳۲) یا کفار ہ دے چند مسکینوں کا کھانا (ف۲۳۳) یا اس کے برابر روزے کہ اپنے کام کا وبال چکھے اللہ نے معاف کیا جو ہو گزرا (ف۲۳۴) اور جو اب کرے گا اس سے بدلہ لے گا، اور اللہ غالب ہے بدلہ لینے والا،
ثم قال تعالى : ( يا أيها الذين آمنوا لا تقتلوا الصيد وأنتم حرم ) وهذا تحريم منه تعالى لقتل الصيد في حال الإحرام ، ونهي عن تعاطيه فيه . وهذا إنما يتناول من حيث المعنى المأكول وما يتولد منه ومن غيره ، فأما غير المأكول من حيوانات البر ، فعند الشافعي يجوز للمحرم قتلها . والجمهور على تحريم قتلها أيضا ، ولا يستثنى من ذلك إلا ما ثبت في الصحيحين من طريق الزهري ، عن عروة ، عن عائشة أم المؤمنين ; أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " خمس فواسق يقتلن في الحل والحرم : الغراب ، والحدأة ، والعقرب ، والفأرة ، والكلب العقور " .وقال مالك ، عن نافع ، عن ابن عمر ; أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " خمس من الدواب ليس على المحرم في قتلهن جناح : الغراب ، والحدأة ، والعقرب ، والفأرة ، والكلب العقور " . أخرجاه .ورواه أيوب ، عن نافع ، عن ابن عمر ، مثله . قال أيوب ، قلت لنافع : فالحية؟ قال : الحية لا شك فيها ، ولا يختلف في قتلها .ومن العلماء - كمالك وأحمد - من ألحق بالكلب العقور الذئب ، والسبع ، والنمر ، والفهد ; لأنها أشد ضررا منه ، فالله أعلم . وقال سفيان بن عيينة وزيد بن أسلم : الكلب العقور يشمل هذه السباع العادية كلها . واستأنس من قال بهذا بما روي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما دعا على عتبة بن أبي لهب قال : " اللهم سلط عليه كلبك بالشام " فأكله السبع بالزرقاء ، قالوا : فإن قتل ما عداهن فداها كالضبع والثعلب وهر البر ونحو ذلك .قال مالك : وكذا يستثنى من ذلك صغار هذه الخمس المنصوص عليها ، وصغار الملحق بها من السباع العوادي .وقال الشافعي [ رحمه الله ] يجوز للمحرم قتل كل ما لا يؤكل لحمه ، ولا فرق بين صغاره وكباره . وجعل العلة الجامعة كونها لا تؤكل .وقال أبو حنيفة : يقتل المحرم الكلب العقور والذئب ; لأنه كلب بري ، فإن قتل غيرهما فداه ، إلا أن يصول عليه سبع غيرهما فيقتله فلا فداء عليه . وهذا قول الأوزاعي والحسن بن صالح بن حيي .وقال زفر بن الهذيل : يفدي ما سوى ذلك وإن صال عليه .وقال بعض الناس : المراد بالغراب هاهنا الأبقع وهو الذي في بطنه وظهره بياض ، دون الأدرع وهو الأسود ، والأعصم وهو الأبيض ; لما رواه النسائي ، عن عمرو بن علي الفلاس ، عن يحيى القطان ، عن شعبة ، عن قتادة ، عن سعيد بن المسيب ، عن عائشة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " خمس يقتلهن المحرم : الحية ، والفأرة ، والحدأة ، والغراب الأبقع ، والكلب العقور " .والجمهور على أن المراد به أعم من ذلك ; لما ثبت في الصحيحين من إطلاق لفظه .وقال مالك ، رحمه الله : لا يقتل المحرم الغراب إلا إذا صال عليه وآذاه .وقال مجاهد بن جبر وطائفة : لا يقتله بل يرميه . ويروى مثله عن علي .وقد روى هشيم : حدثنا يزيد بن أبي زياد ، عن عبد الرحمن بن أبي نعم ، عن أبي سعيد عن النبي صلى الله عليه وسلم ; أنه سئل عما يقتل المحرم ، فقال : " الحية ، والعقرب ، والفويسقة ، ويرمي الغراب ولا يقتله ، والكلب العقور ، والحدأة ، والسبع العادي " .رواه أبو داود ، عن أحمد بن حنبل والترمذي ، عن أحمد بن منيع ، كلاهما عن هشيم . وابن ماجه ، عن أبي كريب ، عن محمد بن فضيل ، كلاهما عن يزيد بن أبي زياد ، وهو ضعيف ، به . وقال الترمذي : هذا حديث حسن .وقوله تعالى : ( ومن قتله منكم متعمدا فجزاء مثل ما قتل من النعم ) قال ابن أبي حاتم : حدثنا أبو سعيد الأشج ، حدثنا ابن علية ، عن أيوب قال : نبئت عن طاوس قال : لا يحكم على من أصاب صيدا خطأ ، إنما يحكم على من أصابه متعمدا .وهذا مذهب غريب عن طاوس ، وهو متمسك بظاهر الآية .وقال مجاهد بن جبير : المراد بالمتعمد هنا القاصد إلى قتل الصيد ، الناسي لإحرامه . فأما المتعمد لقتل الصيد مع ذكره لإحرامه ، فذاك أمره أعظم من أن يكفر ، وقد بطل إحرامه .رواه ابن جرير عنه من طريق ابن أبي نجيح وليث بن أبي سليم وغيرهما ، عنه . وهو قول غريب أيضا . والذي عليه الجمهور أن العامد والناسي سواء في وجوب الجزاء عليه . قال الزهري : دل الكتاب على العامد ، وجرت السنة على الناسي ، ومعنى هذا أن القرآن دل على وجوب الجزاء على المتعمد وعلى تأثيمه بقوله : ( ليذوق وبال أمره عفا الله عما سلف ومن عاد فينتقم الله منه ) وجاءت السنة من أحكام النبي صلى الله عليه وسلم وأحكام أصحابه بوجوب الجزاء في الخطأ ، كما دل الكتاب عليه في العمد ، وأيضا فإن قتل الصيد إتلاف ، والإتلاف مضمون في العمد وفي النسيان ، لكن المتعمد مأثوم والمخطئ غير ملوم .وقوله : ( فجزاء مثل ما قتل من النعم ) وحكى ابن جرير أن ابن مسعود قرأها : " فجزاؤه مثل ما قتل من النعم " .وفي قوله : ( فجزاء مثل ما قتل من النعم ) على كل من القراءتين دليل لما ذهب إليه مالك والشافعي وأحمد ، والجمهور من وجوب الجزاء من مثل ما قتله المحرم ، إذا كان له مثل من الحيوان الإنسي ، خلافا لأبي حنيفة - رحمه الله - حيث أوجب القيمة سواء كان الصيد المقتول مثليا أو غير مثلي ، قال : وهو مخير إن شاء تصدق بثمنه ، وإن شاء اشترى به هديا . والذي حكم به الصحابة في المثل أولى بالاتباع ، فإنهم حكموا في النعامة ببدنة ، وفي بقرة الوحش ببقرة ، وفي الغزال بعنز ، وذكر قضايا الصحابة ، وأسانيدها مقرر في كتاب " الأحكام " ، وأما إذا لم يكن الصيد مثليا فقد حكم ابن عباس فيه بثمنه ، يحمل إلى مكة . رواه البيهقي . وقوله : ( يحكم به ذوا عدل منكم ) يعني أنه يحكم بالجزاء في المثل ، أو بالقيمة في غير المثل ، عدلان من المسلمين ، واختلف العلماء في القاتل : هل يجوز أن يكون أحد الحكمين ؟ على قولين : أحدهما : " لا ; لأنه قد يتهم في حكمه على نفسه ، وهذا مذهب مالك .والثاني : نعم ; لعموم الآية . وهو مذهب الشافعي وأحمد .واحتج الأولون بأن الحاكم لا يكون محكوما عليه في صورة واحدة .قال ابن أبي حاتم : حدثنا أبي ، حدثنا أبو نعيم الفضل بن دكين ، حدثنا جعفر - هو ابن برقان - عن ميمون بن مهران أن أعرابيا أتى أبا بكر قال : قتلت صيدا وأنا محرم ، فما ترى علي من الجزاء؟ فقال أبو بكر ، رضي الله عنه ، لأبي بن كعب وهو جالس عنده : ما ترى فيما قال؟ فقال الأعرابي : أتيتك وأنت خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم أسألك ، فإذا أنت تسأل غيرك؟ فقال أبو بكر : وما تنكر؟ يقول الله تعالى : ( فجزاء مثل ما قتل من النعم يحكم به ذوا عدل منكم ) فشاورت صاحبي حتى إذا اتفقنا على أمر أمرناك به .وهذا إسناد جيد ، لكنه منقطع بين ميمون وبين الصديق ، ومثله يحتمل هاهنا . فبين له الصديق الحكم برفق وتؤدة ، لما رآه أعرابيا جاهلا وإنما دواء الجهل التعليم ، فأما إذا كان المعترض منسوبا إلى العلم ، فقد قال ابن جرير :حدثنا هناد وأبو هشام الرفاعي قالا حدثنا وكيع بن الجراح ، عن المسعودي ، عن عبد الملك بن عمير عن قبيصة بن جابر قال : خرجنا حجاجا ، فكنا إذا صلينا الغداة اقتدنا رواحلنا نتماشى نتحدث ، قال : فبينما نحن ذات غداة إذ سنح لنا ظبي - أو : برح - فرماه رجل كان معنا بحجر فما أخطأ خشاءه فركب ردعه ميتا ، قال : فعظمنا عليه ، فلما قدمنا مكة خرجت معه حتى أتينا عمر رضي الله عنه ، قال : فقص عليه القصة قال : وإلى جنبه رجل كأن وجهه قلب فضة - يعني عبد الرحمن بن عوف - فالتفت عمر إلى صاحبه فكلمه قال : ثم أقبل على الرجل فقال : أعمدا قتلته أم خطأ؟ قال الرجل : لقد تعمدت رميه ، وما أردت قتله . فقال عمر : ما أراك إلا قد أشركت بين العمد والخطأ ، اعمد إلى شاة فاذبحها وتصدق بلحمها واستبق إهابها . قال : فقمنا من عنده ، فقلت لصاحبي : أيها الرجل ، عظم شعائر الله ، فما درى أمير المؤمنين ما يفتيك حتى سأل صاحبه : اعمد إلى ناقتك فانحرها ، ففعل ذاك . قال قبيصة : ولا أذكر الآية من سورة المائدة : ( يحكم به ذوا عدل منكم ) قال : فبلغ عمر مقالتي ، فلم يفجأنا منه إلا ومعه الدرة . قال : فعلا صاحبي ضربا بالدرة ، وجعل يقول : أقتلت في الحرم وسفهت الحكم؟ قال : ثم أقبل علي فقلت : يا أمير المؤمنين ، لا أحل لك اليوم شيئا يحرم عليك مني ، قال : يا قبيصة بن جابر ، إني أراك شاب السن ، فسيح الصدر ، بين اللسان ، وإن الشاب يكون فيه تسعة أخلاق حسنة وخلق سيئ ، فيفسد الخلق السيئ الأخلاق الحسنة ، فإياك وعثرات الشباب .وقد روى هشيم هذه القصة ، عن عبد الملك بن عمير ، عن قبيصة ، بنحوه . ورواها أيضا عن حصين ، عن الشعبي ، عن قبيصة ، بنحوه . وذكرها مرسلة عن عمر : بكر بن عبد الله المزني ومحمد بن سيرين .وقال ابن جرير : حدثنا ابن بشار ، حدثنا عبد الرحمن ، حدثنا شعبة ، عن منصور ، عن أبي وائل ، أخبرني أبو جرير البجلي قال : أصبت ظبيا وأنا محرم ، فذكرت ذلك لعمر ، فقال : ائت رجلين من إخوانك فليحكما عليك . فأتيت عبد الرحمن وسعدا ، فحكما علي بتيس أعفر .وقال ابن جرير : حدثنا ابن وكيع ، حدثنا ابن عيينة ، عن مخارق عن طارق قال : أوطأ أربد ظبيا فقتلته وهو محرم فأتى عمر ; ليحكم عليه ، فقال له عمر : احكم معي ، فحكما فيه جديا ، قد جمع الماء والشجر . ثم قال عمر : ( يحكم به ذوا عدل منكم )وفي هذا دلالة على جواز كون القاتل أحد الحكمين ، كما قاله الشافعي وأحمد ، رحمهما الله .واختلفوا : هل تستأنف الحكومة في كل ما يصيبه المحرم ، فيجب أن يحكم فيه ذوا عدل ، وإن كان قد حكم من قبله الصحابة ، أو يكتفي بأحكام الصحابة المتقدمة؟ على قولين ، فقال الشافعي وأحمد : يتبع في ذلك ما حكمت به الصحابة وجعلاه شرعا مقررا لا يعدل عنه ، وما لم يحكم فيه الصحابة يرجع فيه إلى عدلين . وقال مالك وأبو حنيفة : بل يجب الحكم في كل فرد فرد ، سواء وجد للصحابة في مثله حكم أم لا ; لقوله تعالى : ( يحكم به ذوا عدل منكم )وقوله تعالى : ( هديا بالغ الكعبة ) أي : واصلا إلى الكعبة ، والمراد وصوله إلى الحرم ، بأن يذبح هناك ، ويفرق لحمه على مساكين الحرم . وهذا أمر متفق عليه في هذه الصورة .وقوله : ( أو كفارة طعام مساكين أو عدل ذلك صياما ) أي : إذا لم يجد المحرم مثل ما قتل من النعم أو لم يكن الصيد المقتول من ذوات الأمثال ، أو قلنا بالتخيير في هذا المقام من الجزاء والإطعام والصيام ، كما هو قول مالك وأبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد بن الحسن ، وأحد قولي الشافعي ، والمشهور عن أحمد رحمهم الله ، لظاهر الآية " أو " فإنها للتخيير . والقول الآخر : أنها على الترتيب .فصورة ذلك أن يعدل إلى القيمة ، فيقوم الصيد المقتول عند مالك وأبي حنيفة وأصحابه وحماد وإبراهيم . وقال الشافعي : يقوم مثله من النعم لو كان موجودا ، ثم يشترى به طعام ويتصدق به ، فيصرف لكل مسكين مد منه عند الشافعي ومالك وفقهاء الحجاز ، واختاره ابن جرير .وقال أبو حنيفة وأصحابه : يطعم كل مسكين مدين ، وهو قول مجاهد .وقال أحمد : مد من حنطة ، أو مدان من غيره . فإن لم يجد ، أو قلنا بالتخيير صام عن إطعام كل مسكين يوما .وقال ابن جرير : وقال آخرون : يصوم مكان كل صاع يوما . كما في جزاء المترفه بالحلق ونحوه ، فإن الشارع أمر كعب بن عجرة أن يطعم فرقا بين ستة ، أو يصوم ثلاثة أيام ، والفرق ثلاثة آصع .واختلفوا في مكان هذا الإطعام ، فقال الشافعي : محله الحرم ، وهو قول عطاء . وقال مالك : يطعم في المكان الذي أصاب فيه الصيد ، أو أقرب الأماكن إليه . وقال أبو حنيفة : إن شاء أطعم في الحرم ، وإن شاء أطعم في غيره .ذكر أقوال السلف في هذا المقام :قال ابن أبي حاتم : حدثنا أبي ، حدثنا يحيى بن المغيرة ، حدثنا جرير ، عن منصور ، عن الحكم ، عن مقسم ، عن ابن عباس في قوله : ( فجزاء مثل ما قتل من النعم يحكم به ذوا عدل منكم هديا بالغ الكعبة أو كفارة طعام مساكين أو عدل ذلك صياما ) قال : إذا أصاب المحرم الصيد حكم عليه جزاؤه من النعم ، فإن وجد جزاءه ذبحه فتصدق به . وإن لم يجد نظر كم ثمنه ، ثم قوم ثمنه طعاما ، فصام مكان كل نصف صاع يوما ، قال : ( أو كفارة طعام مساكين أو عدل ذلك صياما ) قال : إنما أريد بالطعام الصيام ، أنه إذ وجد الطعام وجد جزاؤه .ورواه ابن جرير ، من طريق جرير .وقال علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس : ( هديا بالغ الكعبة أو كفارة طعام مساكين أو عدل ذلك صياما ) إذا قتل المحرم شيئا من الصيد ، حكم عليه فيه . فإن قتل ظبيا أو نحوه ، فعليه شاة تذبح بمكة . فإن لم يجد فإطعام ستة مساكين فإن لم يجد فصيام ثلاثة أيام . فإن قتل إبلا أو نحوه ، فعليه بقرة . فإن لم يجد أطعم عشرين مسكينا . فإن لم يجد صام عشرين يوما . وإن قتل نعامة أو حمار وحش أو نحوه ، فعليه بدنة من الإبل . فإن لم يجد أطعم ثلاثين مسكينا . فإن لم يجد صام ثلاثين يوما .رواه ابن أبي حاتم وابن جرير ، وزاد : والطعام مد ؛ مد تشبعهم .وقال جابر الجعفي ، عن عامر الشعبي وعطاء ومجاهد : ( أو عدل ذلك صياما ) قالوا : إنما الطعام لمن لا يبلغ الهدي . رواه ابن جرير .وكذا روى ابن جريج ، عن مجاهد وأسباط ، عن السدي أنها على الترتيب .وقال عطاء وعكرمة ومجاهد - في رواية الضحاك - وإبراهيم النخعي : هي على الخيار . وهو رواية الليث ، عن مجاهد ، عن ابن عباس . واختار ذلك ابن جرير ، رحمه الله تعالى .وقوله : ( ليذوق وبال أمره ) أي : أوجبنا عليه الكفارة ليذوق عقوبة فعله الذي ارتكب فيه المخالفة ( عفا الله عما سلف ) أي : في زمان الجاهلية ، لمن أحسن في الإسلام واتبع شرع الله ، ولم يرتكب المعصية .ثم قال : ( ومن عاد فينتقم الله منه ) أي : ومن فعل ذلك بعد تحريمه في الإسلام وبلوغ الحكم الشرعي إليه فينتقم الله منه والله عزيز ذو انتقامقال ابن جريج ، قلت لعطاء : ما ( عفا الله عما سلف ) قال : عما كان في الجاهلية . قال : قلت : وما ( ومن عاد فينتقم الله منه ) ؟ قال : ومن عاد في الإسلام ، فينتقم الله منه ، وعليه مع ذلك الكفارة قال : قلت : فهل في العود حد تعلمه؟ قال : لا . قال : قلت : فترى حقا على الإمام أن يعاقبه؟ قال : لا هو ذنب أذنبه فيما بينه وبين الله ، عز وجل ، ولكن يفتدي . رواه ابن جرير .وقيل معناه : فينتقم الله منه بالكفارة . قاله سعيد بن جبير وعطاء .ثم الجمهور من السلف والخلف ، على أنه متى قتل المحرم الصيد وجب الجزاء ، ولا فرق بين الأولى والثانية وإن تكرر ما تكرر ، سواء الخطأ في ذلك والعمد .وقال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قال : من قتل شيئا من الصيد خطأ ، وهو محرم ، يحكم عليه فيه كلما قتله ، وإن قتله عمدا يحكم عليه فيه مرة واحدة ، فإن عاد يقال له : ينتقم الله منك كما قال الله عز وجل .وقال ابن جرير : حدثنا عمرو بن علي ، حدثنا يحيى بن سعيد وابن أبي عدي جميعا ، عن هشام - هو ابن حسان - عن عكرمة عن ابن عباس فيمن أصاب صيدا فحكم عليه ثم عاد ، قال : لا يحكم عليه ، ينتقم الله منه .وهكذا قال شريح ومجاهد وسعيد بن جبير والحسن البصري وإبراهيم النخعي . رواهن ابن جرير ، ثم اختار القول الأول .وقال ابن أبي حاتم : حدثنا العباس بن يزيد العبدي ، حدثنا المعتمر بن سليمان ، عن زيد أبي المعلى ، عن الحسن البصري ; أن رجلا أصاب صيدا ، فتجوز عنه ، ثم عاد فأصاب صيدا آخر ، فنزلت نار من السماء فأحرقته فهو قوله : ( ومن عاد فينتقم الله منه )وقال ابن جرير في قوله : ( والله عزيز ذو انتقام ) يقول عز ذكره : والله منيع في سلطانه لا يقهره قاهر ، ولا يمنعه من الانتقام ممن انتقم منه ، ولا من عقوبة من أراد عقوبته مانع ; لأن الخلق خلقه ، والأمر أمره ، له العزة والمنعة .وقوله : ( ذو انتقام ) يعني : أنه ذو معاقبة لمن عصاه على معصيته إياه .
اُحِلَّ لَكُمْ صَیْدُ الْبَحْرِ وَ طَعَامُهٗ مَتَاعًا لَّكُمْ وَ لِلسَّیَّارَةِۚ-وَ حُرِّمَ عَلَیْكُمْ صَیْدُ الْبَرِّ مَا دُمْتُمْ حُرُمًاؕ-وَ اتَّقُوا اللّٰهَ الَّذِیْۤ اِلَیْهِ تُحْشَرُوْنَ(۹۶)
حلال ہے تمہارے لیے دریا کا شکار اور اس کا کھانا تمہارے اور مسافروں کے فائدے کو اور تم پرحرام ہے خشکی کا شکار (ف۲۳۵) جب تک تم احرام میں ہو اور اللہ سے ڈرو جس کی طرف تمہیں اٹھنا ہے،
قال ابن أبي طلحة ، عن ابن عباس - في رواية عنه - وسعيد بن المسيب وسعيد بن جبير ، وغيرهم في قوله : يعني : ما يصطاد منه طريا ) وطعامه ) ما يتزود منه مليحا يابسا .وقال ابن عباس في الرواية المشهورة عنه : صيده ما أخذ منه حيا ) وطعامه ) ما لفظه ميتا .وهكذا روي عن أبي بكر الصديق وزيد بن ثابت وعبد الله بن عمرو وأبي أيوب الأنصاري ، رضي الله عنهم . وعكرمة وأبي سلمة بن عبد الرحمن وإبراهيم النخعي والحسن البصري .قال سفيان بن عيينة ، عن عمرو بن دينار ، عن عكرمة ، عن أبي بكر الصديق أنه قال : ( وطعامه ) كل ما فيه . رواه ابن جرير وابن أبي حاتم .وقال ابن جرير : حدثنا ابن حميد ، حدثنا جرير ، عن مغيرة ، عن سماك قال : حدثت عن ابن عباس قال : خطب أبو بكر الناس فقال : ( أحل لكم صيد البحر وطعامه متاعا لكم ) وطعامه ما قذف .قال : وحدثنا يعقوب ، حدثنا ابن علية ، عن سليمان التيمي ، عن أبي مجلز ، عن ابن عباس في قوله : ( أحل لكم صيد البحر وطعامه ) قال ) وطعامه ) ما قذف .وقال عكرمة ، عن ابن عباس قال : ( وطعامه ) ما لفظ من ميتة . ورواه ابن جرير أيضا .وقال سعيد بن المسيب : طعامه ما لفظه حيا ، أو حسر عنه فمات . رواه ابن أبي حاتم .وقال ابن جرير : حدثنا ابن بشار ، حدثنا عبد الوهاب ، حدثنا أيوب ، عن نافع أن عبد الرحمن بن أبي هريرة سأل ابن عمر فقال : إن البحر قد قذف حيتانا كثيرا ميتا أفنأكله؟ فقال : لا تأكلوه . فلما رجع عبد الله إلى أهله أخذ المصحف فقرأ سورة المائدة ، فأتى هذه الآية ( وطعامه متاعا لكم وللسيارة ) فقال : اذهب فقل له فليأكله ، فإنه طعامه .وهكذا اختار ابن جرير أن المراد بطعامه ما مات فيه ، قال : وقد روي في ذلك خبر ، وإن بعضهم يرويه موقوفا .حدثنا هناد بن السري قال : حدثنا عبدة بن سليمان ، عن محمد بن عمرو ، حدثنا أبو سلمة ، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( أحل لكم صيد البحر وطعامه متاعا لكم ) قال : طعامه ما لفظه ميتا " .ثم قال : وقد وقف بعضهم هذا الحديث على أبي هريرة :حدثنا هناد ، حدثنا ابن أبي زائدة ، عن محمد بن عمرو ، عن أبي سلمة ، عن أبي هريرة في قوله : ( أحل لكم صيد البحر وطعامه ) قال : طعامه : ما لفظه ميتا .وقوله : ( متاعا لكم وللسيارة ) أي : منفعة وقوتا لكم أيها المخاطبون ) وللسيارة ) وهو جمع سيار . قال عكرمة : لمن كان بحضرة البحر ، وللسيارة : السفر .وقال غيره : الطري منه لمن يصطاده من حاضرة البحر ، و ) طعامه ) ما مات فيه أو اصطيد منه وملح وقدد زادا للمسافرين والنائين عن البحر .وقد روي نحوه عن ابن عباس ومجاهد والسدي وغيرهم . وقد استدل جمهور العلماء على حل ميتة البحر بهذه الآية الكريمة ، وبما رواه الإمام مالك بن أنس ، عن وهب بن كيسان ، عن جابر بن عبد الله قال : بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم بعثا قبل الساحل ، فأمر عليهم أبا عبيدة بن الجراح ، وهم ثلاثمائة ، قال : وأنا فيهم . قال : فخرجنا ، حتى إذا كنا ببعض الطريق فني الزاد ، فأمر أبو عبيدة بأزواد ذلك الجيش ، فجمع ذلك كله ، فكان مزودي تمر ، قال : فكان يقوتنا كل يوم قليلا قليلا حتى فني ، فلم يكن يصيبنا إلا تمرة تمرة . فقلت : وما تغني تمرة؟ فقال : فقد وجدنا فقدها حين فنيت ، قال : ثم انتهينا إلى البحر ، فإذا حوت مثل الظرب ، فأكل منه ذلك الجيش ثماني عشرة ليلة . ثم أمر أبو عبيدة بضلعين من أضلاعه فنصبا ، ثم أمر براحلة فرحلت ، ومرت تحتهما فلم تصبهما .وهذا الحديث مخرج في الصحيحين وله طرق عن جابر .وفي صحيح مسلم من رواية أبي الزبير ، عن جابر : فإذا على ساحل البحر مثل الكثيب الضخم ، فأتيناه فإذا بدابة يقال لها : العنبر قال : قال أبو عبيدة : ميتة ، ثم قال : لا نحن رسل رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي سبيل الله ، وقد اضطررتم فكلوا قال : فأقمنا عليه شهرا ونحن ثلاثمائة حتى سمنا . ولقد رأيتنا نغترف من وقب عينه بالقلال الدهن ، ونقتطع منه الفدر كالثور ، أو : كقدر الثور ، قال : ولقد أخذ منا أبو عبيدة ثلاثة عشر رجلا فأقعدهم في وقب عينه ، وأخذ ضلعا من أضلاعه فأقامها ، ثم رحل أعظم بعير معنا فمر من تحتها ، وتزودنا من لحمه وشائق . فلما قدمنا المدينة أتينا رسول الله صلى الله عليه وسلم . فذكرنا ذلك له ، فقال : " هو رزق أخرجه الله لكم ، هل معكم من لحمه شيء فتطعمونا؟ " قال : فأرسلنا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم منه فأكله . وفي بعض روايات مسلم : أنهم كانوا مع النبي صلى الله عليه وسلم حين وجدوا هذه السمكة . فقال بعضهم : هي واقعة أخرى ، وقال بعضهم : بل هي قضية واحدة ، ولكن كانوا أولا مع النبي صلى الله عليه وسلم ، ثم بعثهم سرية مع أبي عبيدة ، فوجدوا هذه في سريتهم تلك مع أبي عبيدة ، والله أعلم .وقال مالك ، عن صفوان بن سليم ، عن سعيد بن سلمة - من آل ابن الأزرق : أن المغيرة بن أبي بردة - وهو من بني عبد الدار - أخبره ، أنه سمع أبا هريرة يقول : سأل رجل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله ، إنا نركب البحر ، ونحمل معنا القليل من الماء ، فإن توضأنا به عطشنا ، أفنتوضأ بماء البحر؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " هو الطهور ماؤه الحل ميتته " .وقد روى هذا الحديث الإمامان الشافعي وأحمد بن حنبل ، وأهل السنن الأربعة ، وصححه البخاري والترمذي وابن خزيمة وابن حبان ، وغيرهم . وقد روي عن جماعة من الصحابة عن النبي صلى الله عليه وسلم بنحوه .وقد روى الإمام أحمد وأبو داود والترمذي وابن ماجه ، من طرق ، عن حماد بن سلمة : حدثنا أبو المهزم - هو يزيد بن سفيان - سمعت أبا هريرة يقول : كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في حج - أو عمرة - فاستقبلنا رجل جراد ، فجعلنا نضربهن بعصينا وسياطنا فنقتلهن ، فأسقط في أيدينا ، فقلنا : ما نصنع ونحن محرمون؟ فسألنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : " لا بأس بصيد البحر "أبو المهزم ضعيف ، والله أعلم .وقال ابن ماجه : حدثنا هارون بن عبد الله الحمال ، حدثنا هاشم بن القاسم ، حدثنا زياد بن عبد الله عن علاثة ، عن موسى بن محمد بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن جابر وأنس بن مالك أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا دعا على الجراد قال : " اللهم أهلك كباره ، واقتل صغاره ، وأفسد بيضه ، واقطع دابره ، وخذ بأفواهه عن معايشنا وأرزاقنا ، إنك سميع الدعاء " . فقال خالد : يا رسول الله ، كيف تدعو على جند من أجناد الله بقطع دابره؟ فقال : " إن الجراد نثرة الحوت في البحر " . قال هاشم : قال زياد : فحدثني من رأى الحوت ينثره . تفرد به ابن ماجه .وقد روى الشافعي ، عن سعيد ، عن ابن جريج ، عن عطاء ، عن ابن عباس : أنه أنكر على من يصيد الجراد في الحرم .وقد احتج بهذه الآية الكريمة من ذهب من الفقهاء إلى أنه تؤكل دواب البحر ، ولم يستثن من ذلك شيئا . وقد تقدم عن الصديق أنه قال : ( طعامه ) كل ما فيه .وقد استثنى بعضهم الضفادع وأباح ما سواها ; لما رواه الإمام أحمد وأبو داود والنسائي من رواية ابن أبي ذئب ، عن سعيد بن خالد ، عن سعيد بن المسيب ، عن عبد الرحمن بن عثمان التيمي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم " نهى عن قتل الضفدع " .وللنسائي ، عن عبد الله بن عمرو قال : نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قتل الضفدع ، وقال : نقيقها تسبيح .وقال آخرون : يؤكل من صيد البحر السمك ، ولا يؤكل الضفدع . واختلفوا فيما سواهما ، فقيل : يؤكل سائر ذلك ، وقيل : لا يؤكل . وقيل : ما أكل شبهه من البر أكل مثله في البحر ، وما لا يؤكل شبهه لا يؤكل . وهذه كلها وجوه في مذهب الشافعي ، رحمه الله .قال أبو حنيفة ، رحمه الله : لا يؤكل ما مات في البحر ، كما لا يؤكل ما مات في البر ; لعموم قوله : ( حرمت عليكم الميتة ) [ المائدة : 3 ] .وقد ورد حديث بنحو ذلك ، فقال ابن مردويه :حدثنا عبد الباقي - هو ابن قانع - حدثنا الحسين بن إسحاق التستري وعبد الله بن موسى بن أبي عثمان قالا : حدثنا الحسين بن زيد الطحان ، حدثنا حفص بن غياث ، عن ابن أبي ذئب ، عن أبي الزبير ، عن جابر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ما صدتموه وهو حي فمات فكلوه ، وما ألقى البحر ميتا طافيا فلا تأكلوه " .ثم رواه من طريق إسماعيل بن أمية ويحيى بن أبي أنيسة ، عن أبي الزبير ، عن جابر به . وهو منكر .وقد احتج الجمهور من أصحاب مالك والشافعي وأحمد بن حنبل ، بحديث " العنبر " المتقدم ذكره ، وبحديث : " هو الطهور ماؤه الحل ميتته " ، وقد تقدم أيضا .وروى الإمام أبو عبد الله الشافعي ، عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم ، عن أبيه ، عن ابن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أحلت لنا ميتتان ودمان ، فأما الميتتان فالحوت والجراد ، وأما الدمان فالكبد والطحال " .ورواه أحمد وابن ماجه والدارقطني والبيهقي . وله شواهد ، وروي موقوفا ، والله أعلم .وقوله : ( وحرم عليكم صيد البر ما دمتم حرما ) أي : في حال إحرامكم يحرم عليكم الاصطياد . ففيه دلالة على تحريم ذلك فإذا اصطاد المحرم الصيد متعمدا أثم وغرم ، أو مخطئا غرم وحرم عليه أكله ; لأنه في حقه كالميتة ، وكذا في حق غيره من المحرمين والمحلين عند مالك والشافعي - في أحد قوليه - وبه يقول عطاء والقاسم وسالم وأبو يوسف ومحمد بن الحسن ، وغيرهم . فإن أكله أو شيئا منه ، فهل يلزمه جزاء؟ فيه قولان للعلماء :أحدهما : نعم ، قال عبد الرزاق ، عن ابن جريج ، عن عطاء ، قال : إن ذبحه ثم أكله فكفارتان ، وإليه ذهب طائفة .والثاني : لا جزاء عليه بأكله . نص عليه مالك بن أنس .قال أبو عمر بن عبد البر : وعلى هذا مذاهب فقهاء الأمصار ، وجمهور العلماء . ثم وجهه أبو عمر بما لو وطئ ثم وطئ ثم وطئ قبل أن يحد ، فإنما عليه حد واحد .وقال أبو حنيفة : عليه قيمة ما أكل .وقال أبو ثور : إذا قتل المحرم الصيد فعليه جزاؤه ، وحلال أكل ذلك الصيد ، إلا أنني أكرهه للذي قتله ، للخبر عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " صيد البر لكم حلال ، ما لم تصيدوهأو يصد لكم " .وهذا الحديث سيأتي بيانه . وقوله بإباحته للقاتل غريب ، وأما لغيره ففيه خلاف . قد ذكرنا المنع عمن تقدم . وقال آخرون . بإباحته لغير القاتل ، سواء المحرمون والمحلون ; لهذا الحديث . والله أعلم .وأما إذا صاد حلال صيدا فأهداه إلى محرم ، فقد ذهب ذاهبون إلى إباحته مطلقا ، ولم يستفصلوا بين أن يكون قد صاده لأجله أم لا . حكى هذا القول أبو عمر بن عبد البر ، عن عمر بن الخطاب وأبي هريرة والزبير بن العوام وكعب الأحبار ومجاهد وعطاء - في رواية - وسعيد بن جبير . قال : وبه قال الكوفيون .قال ابن جرير : حدثنا محمد بن عبد الله بن بزيع ، حدثنا بشر بن المفضل ، حدثنا سعيد ، عن قتادة ، أن سعيد بن المسيب حدثه ، عن أبي هريرة ; أنه سئل عن لحم صيد صاده حلال ، أيأكله المحرم؟ قال : فأفتاهم بأكله . ثم لقي عمر بن الخطاب فأخبره بما كان من أمره ، فقال : لو أفتيتهم بغير هذا لأوجعت لك رأسك .وقال آخرون : لا يجوز أكل الصيد للمحرم بالكلية ، ومنعوا من ذلك مطلقا ; لعموم هذه الآية الكريمة .وقال عبد الرزاق ، عن معمر ، عن ابن طاوس وعبد الكريم بن أبي أمية ، عن طاوس ، عن ابن عباس ; أنه كره أكل لحم الصيد للمحرم . وقال : هي مبهمة . يعني قوله : ( وحرم عليكم صيد البر ما دمتم حرما ) .قال : وأخبرني معمر ، عن الزهري ، عن ابن عمر ; أنه كان يكره للمحرم أن يأكل من لحم الصيد على كل حال .قال معمر : وأخبرني أيوب ، عن نافع ، عن ابن عمر ، مثله .قال ابن عبد البر : وبه قال طاوس وجابر بن زيد ، وإليه ذهب الثوري وإسحاق ابن راهويه - في رواية - وقد روي نحوه عن علي بن أبي طالب ، رواه ابن جرير من طريق سعيد بن أبي عروبة ، عن قتادة ، عن سعيد بن المسيب : أن عليا كره لحم الصيد للمحرم على كل حال .وقال مالك والشافعي وأحمد بن حنبل وإسحاق ابن راهويه - في رواية - والجمهور : إن كان الحلال قد قصد المحرم بذلك الصيد ، لم يجز للمحرم أكله ; لحديث الصعب بن جثامة : أنه أهدى للنبي - صلى الله عليه وسلم - حمارا وحشيا ، وهو بالأبواء - أو : بودان - فرده عليه ، فلما رأى ما في وجهه قال : " إنا لم نرده عليك إلا أنا حرم " .وهذا الحديث مخرج في الصحيحين ، وله ألفاظ كثيرة قالوا : فوجهه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - ظن أن هذا إنما صاده من أجله ، فرده لذلك . فأما إذا لم يقصده بالاصطياد فإنه يجوز له الأكل منه ; لحديث أبي قتادة حين صاد حمار وحش ، كان حلالا لم يحرم ، وكان أصحابه محرمين ، فتوقفوا في أكله . ثم سألوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال : " هل كان منكم أحد أشار إليها ، أو أعان في قتلها؟ " قالوا : لا . قال : " فكلوا " . وأكل منها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - .وهذه القصة ثابتة أيضا في الصحيحين بألفاظ كثيرة .وقال الإمام أحمد : حدثنا سعيد بن منصور وقتيبة بن سعيد قالا حدثنا يعقوب بن عبد الرحمن ، عن عمرو بن أبي عمرو ، عن المطلب بن عبد الله بن حنطب ، عن جابر بن عبد الله قال : قال رسول الله - - صلى الله عليه وسلم - - وقال قتيبة في حديثه : سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - - يقول : " صيد البر لكم حلال - قال سعيد : وأنتم حرم - ما لم تصيدوه أو يصد لكم " .وكذا رواه أبو داود والترمذي والنسائي جميعا ، عن قتيبة . وقال الترمذي : لا نعرف للمطلب سماعا من جابر .ورواه الإمام محمد بن إدريس الشافعي ، من طريق عمرو بن أبي عمرو ، عن مولاه المطلب ، عن جابر ثم قال : وهذا أحسن حديث روي في هذا الباب وأقيس .وقال مالك ، عن عبد الله بن أبي بكر عن عبد الله بن عامر بن ربيعة قال : رأيت عثمان بن عفان بالعرج ، وهو محرم في يوم صائف ، قد غطى وجهه بقطيفة أرجوان ، ثم أتي بلحم صيد فقال لأصحابه : كلوا ، فقالوا : أولا تأكل أنت؟ فقال : إني لست كهيئتكم ، إنما صيد من أجلي .
جَعَلَ اللّٰهُ الْكَعْبَةَ الْبَیْتَ الْحَرَامَ قِیٰمًا لِّلنَّاسِ وَ الشَّهْرَ الْحَرَامَ وَ الْهَدْیَ وَ الْقَلَآىٕدَؕ-ذٰلِكَ لِتَعْلَمُوْۤا اَنَّ اللّٰهَ یَعْلَمُ مَا فِی السَّمٰوٰتِ وَ مَا فِی الْاَرْضِ وَ اَنَّ اللّٰهَ بِكُلِّ شَیْءٍ عَلِیْمٌ(۹۷)
اللہ نے ادب والے گھر کعبہ کو لوگوں کے قیام کا باعث کیا (ف۲۳۶) اور حرمت والے مہینہ (ف۲۳۷) اور حرم کی قربانی اور گلے میں علامت آویزاں جانوروں کو (ف۲۳۸) یہ اس لیے کہ تم یقین کرو کہ اللہ جانتا ہے جو کچھ آسمانوں میں ہے اور جو کچھ زمین میں اور یہ کہ اللہ سب کچھ جانتا ہے،
اِعْلَمُوْۤا اَنَّ اللّٰهَ شَدِیْدُ الْعِقَابِ وَ اَنَّ اللّٰهَ غَفُوْرٌ رَّحِیْمٌؕ(۹۸)
جان رکھو کہ اللہ کا عذاب سخت ہے (ف۲۳۹) اور اللہ بخشنے والا مہربان،
اعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ وَأَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ
مَا عَلَى الرَّسُوْلِ اِلَّا الْبَلٰغُؕ-وَ اللّٰهُ یَعْلَمُ مَا تُبْدُوْنَ وَ مَا تَكْتُمُوْنَ(۹۹)
رسول پر نہیں مگر حکم پہنچانا (ف۲۴۰) اور اللہ جانتا ہے جو تم ظاہر کرتے اور جو تم چھپاتے ہو(ف۲۴۱)
مَّا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ ۗ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا تَكْتُمُونَ
قُلْ لَّا یَسْتَوِی الْخَبِیْثُ وَ الطَّیِّبُ وَ لَوْ اَعْجَبَكَ كَثْرَةُ الْخَبِیْثِۚ-فَاتَّقُوا اللّٰهَ یٰۤاُولِی الْاَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُوْنَ۠(۱۰۰)
تم فرمادو کہ گندہ اور ستھرا برابر نہیں (ف۲۴۲) اگرچہ تجھے گندے کی کثرت بھائے، تو اللہ سے ڈرتے رہو اے عقل والو! کہ تم فلاح پاؤ،
قول تعالى لرسوله - صلى الله عليه وسلم - : ( قل ) يا محمد : ( لا يستوي الخبيث والطيب ولو أعجبك ) أي : يا أيها الإنسان ( كثرة الخبيث ) يعني : أن القليل الحلال النافع خير من الكثير الحرام الضار ، كما جاء في الحديث : " ما قل وكفى ، خير مما كثر وألهى " .وقال أبو القاسم البغوي في معجمه : حدثنا أحمد بن زهير ، حدثنا الحوطي ، حدثنا محمد بن شعيب ، حدثنا معان بن رفاعة ، عن أبي عبد الملك علي بن يزيد ، عن القاسم ، عن أبي أمامة أنه أخبره عن ثعلبة بن حاطب الأنصاري أنه قال : يا رسول الله ، ادع الله أن يرزقني مالا . فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : " قليل تؤدي شكره خير من كثير لا تطيقه " .( فاتقوا الله يا أولي الألباب ) أي : يا ذوي العقول الصحيحة المستقيمة ، وتجنبوا الحرام ودعوه ، واقنعوا بالحلال واكتفوا به ( لعلكم تفلحون ) أي : في الدنيا والآخرة .
یٰۤاَیُّهَا الَّذِیْنَ اٰمَنُوْا لَا تَسْــٴَـلُوْا عَنْ اَشْیَآءَ اِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْۚ-وَ اِنْ تَسْــٴَـلُوْا عَنْهَا حِیْنَ یُنَزَّلُ الْقُرْاٰنُ تُبْدَ لَكُمْؕ-عَفَا اللّٰهُ عَنْهَاؕ-وَ اللّٰهُ غَفُوْرٌ حَلِیْمٌ(۱۰۱)
اے ایمان والو! ایسی باتیں نہ پوچھو جو تم پر ظاہر کی جائیں تو تمہیں بری لگیں (ف۲۴۳) اور اگر انہیں اس وقت پوچھو گے کہ قرآن اتر رہا ہے تو تم پر ظاہر کردی جائیں گی، اللہ انہیں معاف کرچکا ہے (ف۲۴۴) اور اللہ بخشنے والا حلم والا ہے،
ثم قال تعالى : ( يا أيها الذين آمنوا لا تسألوا عن أشياء إن تبد لكم تسؤكم ) هذا تأديب من الله [ تعالى ] لعباده المؤمنين ، ونهي لهم عن أن يسألوا ) عن أشياء ) مما لا فائدة لهم في السؤال والتنقيب عنها ; لأنها إن أظهرت لهم تلك الأمور ربما ساءتهم وشق عليهم سماعها ، كما جاء في الحديث : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : " لا يبلغني أحد عن أحد شيئا ، إني أحب أن أخرج إليكم وأنا سليم الصدر " .وقال البخاري : حدثنا منذر بن الوليد بن عبد الرحمن الجارودي ، حدثنا أبي ، حدثنا شعبة ، عن موسى بن أنس ، عن أنس بن مالك قال : خطب النبي - صلى الله عليه وسلم - خطبة ما سمعت مثلها قط ، قال " لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلا ولبكيتم كثيرا " قال : فغطى أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وجوههم لهم حنين . فقال رجل : من أبي؟ قال : " فلان " ، فنزلت هذه الآية : ( لا تسألوا عن أشياء )رواه النضر وروح بن عبادة ، عن شعبة وقد رواه البخاري في غير هذا الموضع ومسلم وأحمد والترمذي والنسائي من طرق عن شعبة بن الحجاج ، به .وقال ابن جرير : حدثنا بشر ، حدثنا يزيد ، حدثنا سعيد ، عن قتادة في قوله : ( يا أيها الذين آمنوا لا تسألوا عن أشياء إن تبد لكم تسؤكم ) الآية ، قال : فحدثنا أن أنس بن مالك حدثه : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سألوه حتى أحفوه بالمسألة ، فخرج عليهم ذات يوم فصعد المنبر ، فقال : " لا تسألوا اليوم عن شيء إلا بينته لكم " . فأشفق أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يكون بين يدي أمر قد حضر ، فجعلت لا ألتفت يمينا ولا شمالا إلا وجدت كلا لافا رأسه في ثوبه يبكي ، فأنشأ رجل كان يلاحى فيدعى إلى غير أبيه ، فقال : يا نبي الله ، من أبي؟ قال : " أبوك حذافة " . قال : ثم قام عمر - أو قال : فأنشأ عمر - فقال : رضينا بالله ربا ، وبالإسلام دينا ، وبمحمد رسولا عائذا بالله - أو قال : أعوذ بالله - من شر الفتن قال : وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " لم أر في الخير والشر كاليوم قط ، صورت لي الجنة والنار حتى رأيتهما دون الحائط " . أخرجاه من طريق سعيد .ورواه معمر ، عن الزهري ، عن أنس بنحو ذلك - أو قريبا منه - قال الزهري : فقالت أم عبد الله بن حذافة : ما رأيت ولدا أعق منك قط ، أكنت تأمن أن تكون أمك قد قارفت ما قارف أهل الجاهلية فتفضحها على رؤوس الناس ، فقال : والله لو ألحقني بعبد أسود للحقته .وقال ابن جرير أيضا : حدثنا الحارث ، حدثنا عبد العزيز ، حدثنا قيس ، عن أبي حصين ، عن أبي صالح ، عن أبي هريرة قال : خرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو غضبان محمار وجهه حتى جلس على المنبر ، فقام إليه رجل فقال : أين أبي ؟ فقال : " في النار " فقام آخر فقال : من أبي؟ فقال : " أبوك حذافة " ، فقام عمر بن الخطاب فقال : رضينا بالله ربا ، وبالإسلام دينا ، وبمحمد نبيا ، وبالقرآن إماما ، إنا يا رسول الله حديثو عهد بجاهلية وشرك ، والله أعلم من آباؤنا . قال : فسكن غضبه ، ونزلت هذه الآية : ( يا أيها الذين آمنوا لا تسألوا عن أشياء إن تبد لكم تسؤكم ) إسناده جيد .وقد ذكر هذه القصة مرسلة غير واحد من السلف ، منهم أسباط ، عن السدي أنه قال في قوله : ( يا أيها الذين آمنوا لا تسألوا عن أشياء إن تبد لكم تسؤكم ) قال : غضب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوما من الأيام ، فقام خطيبا فقال : " سلوني ، فإنكم لا تسألوني عن شيء إلا أنبأتكم به " . فقام إليه رجل من قريش ، من بني سهم ، يقال له : عبد الله بن حذافة ، وكان يطعن فيه ، فقال : يا رسول الله ، من أبي؟ فقال : " أبوك فلان " ، فدعاه لأبيه ، فقام إليه عمر بن الخطاب فقبل رجله ، وقال : يا رسول الله ، رضينا بالله ربا ، وبك نبيا ، وبالإسلام دينا ، وبالقرآن إماما ، فاعف عنا عفا الله عنك ، فلم يزل به حتى رضي ، فيومئذ قال : " الولد للفراش وللعاهر الحجر " .ثم قال البخاري : حدثنا الفضل بن سهل ، حدثنا أبو النضر ، حدثنا أبو خيثمة ، حدثنا أبو الجويرية ، عن ابن عباس قال : كان قوم يسألون رسول الله - صلى الله عليه وسلم - استهزاء ، فيقول الرجل : من أبي؟ ويقول الرجل تضل ناقته : أين ناقتي؟ فأنزل الله فيهم هذه الآية : ( يا أيها الذين آمنوا لا تسألوا عن أشياء إن تبد لكم تسؤكم ) حتى فرغ من الآية كلها . تفرد به البخاري .وقال الإمام أحمد : حدثنا منصور بن وردان الأسدي ، حدثنا علي بن عبد الأعلى ، عن أبيه ، عن أبي البختري - وهو سعيد بن فيروز - عن علي قال : لما نزلت هذه الآية : ( ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا ) [ آل عمران : 97 ] قالوا : يا رسول الله ، كل عام؟ فسكت . فقالوا : أفي كل عام؟ فسكت ، قال : ثم قالوا : أفي كل عام؟ فقال : " لا ولو قلت : نعم لوجبت " ، فأنزل الله : ( يا أيها الذين آمنوا لا تسألوا عن أشياء إن تبد لكم تسؤكم ) إلى آخر الآية .وكذا رواه الترمذي وابن ماجه ، من طريق منصور بن وردان ، به وقال الترمذي : غريب من هذا الوجه ، وسمعت البخاري يقول : أبو البختري لم يدرك عليا .وقال ابن جرير : حدثنا أبو كريب ، حدثنا عبد الرحيم بن سليمان ، عن إبراهيم بن مسلم الهجري ، عن أبي عياض ، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " إن الله كتب عليكم الحج " فقال رجل : أفي كل عام يا رسول الله؟ فأعرض عنه ، حتى عاد مرتين أو ثلاثا ، فقال : " من السائل؟ " فقال : فلان . فقال : " والذي نفسي بيده ، لو قلت : نعم لوجبت ، ولو وجبت عليكم ما أطقتموه ، ولو تركتموه لكفرتم " ، فأنزل الله ، عز وجل : ( يا أيها الذين آمنوا لا تسألوا عن أشياء إن تبد لكم تسؤكم ) حتى ختم الآية .ثم رواه ابن جرير من طريق الحسين بن واقد ، عن محمد بن زياد ، عن أبي هريرة - وقال : فقام محصن الأسدي - وفي رواية من هذه الطريق : عكاشة بن محصن - وهو أشبه .وإبراهيم بن مسلم الهجري ضعيف .وقال ابن جرير أيضا : حدثني زكريا بن يحيى بن أبان المصري قال : حدثنا أبو زيد عبد الرحمن بن أبي الغمر ، حدثنا أبو مطيع معاوية بن يحيى ، عن صفوان بن عمرو ، حدثني سليم بن عامر قال : سمعت أبا أمامة الباهلي يقول : قام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الناس فقال : " كتب عليكم الحج " . فقام رجل من الأعراب فقال : أفي كل عام؟ قال : فغلق كلام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، وأسكت واستغضب ، ومكث طويلا ثم تكلم فقال : " من السائل؟ " فقال الأعرابي : أنا ذا ، فقال : " ويحك ، ماذا يؤمنك أن أقول : نعم ، والله لو قلت : نعم لوجبت ، ولو وجبت لكفرتم ، ألا إنه إنما أهلك الذين من قبلكم أئمة الحرج ، والله لو أني أحللت لكم جميع ما في الأرض ، وحرمت عليكم منها موضع خف ، لوقعتم فيه " قال : فأنزل الله عند ذلك : ( يا أيها الذين آمنوا لا تسألوا عن أشياء إن تبد لكم تسؤكم ) إلى آخر الآية . في إسناده ضعف .وظاهر الآية النهي عن السؤال عن الأشياء التي إذا علم بها الشخص ساءته ، فالأولى الإعراض عنها وتركها . وما أحسن الحديث الذي رواه الإمام أحمد حيث قال :حدثنا حجاج قال : سمعت إسرائيل بن يونس ، عن الوليد بن أبي هشام مولى الهمداني ، عن زيد بن زائد ، عن عبد الله بن مسعود قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لأصحابه : " لا يبلغني أحد عن أحد شيئا ; فإني أحب أن أخرج إليكم وأنا سليم الصدر " الحديث .وقد رواه أبو داود والترمذي ، من حديث إسرائيل - قال أبو داود : عن الوليد - وقال الترمذي : عن إسرائيل - عن السدي ، عن الوليد بن أبي هاشم ، به . ثم قال الترمذي : غريب من هذا الوجه .وقوله : ( وإن تسألوا عنها حين ينزل القرآن تبد لكم ) أي : وإن تسألوا عن هذه الأشياء التي نهيتم عن السؤال عنها حين ينزل الوحي على الرسول تبين لكم ، وذلك [ على الله ] يسير .ثم قال ( عفا الله عنها ) أي : عما كان منكم قبل ذلك ( والله غفور حليم )وقيل : ) وإن تسألوا عنها حين ينزل القرآن تبد لكم ) أي : لا تسألوا عن أشياء تستأنفون السؤال عنها ، فلعله قد ينزل بسبب سؤالكم تشديد أو تضييق وقد ورد في الحديث : " أعظم المسلمين جرما من سأل عن شيء لم يحرم فحرم من أجل مسألته " ولكن إذا نزل القرآن بها مجملة فسألتم عن بيانها حينئذ ، تبينت لكم لاحتياجكم إليها .( عفا الله عنها ) أي : ما لم يذكره في كتابه فهو مما عفا عنه ، فاسكتوا أنتم عنها كما سكت عنها . وفي الصحيح ، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : " ذروني ما تركتم ; فإنما أهلك من كان قبلكم كثرة سؤالهم واختلافهم على أنبيائهم " .وفي الحديث الصحيح أيضا : " إن الله فرض فرائض فلا تضيعوها ، وحد حدودا فلا تعتدوها ، وحرم أشياء فلا تنتهكوها ، وسكت عن أشياء رحمة بكم غير نسيان فلا تسألوا عنها " .
قَدْ سَاَلَهَا قَوْمٌ مِّنْ قَبْلِكُمْ ثُمَّ اَصْبَحُوْا بِهَا كٰفِرِیْنَ(۱۰۲)
تم سے اگلی ایک قوم نے انہیں پوچھا (ف ۲۴۵) پھر ان سے منکر ہو بیٹھے،
ثم قال : ( قد سألها قوم من قبلكم ثم أصبحوا بها كافرين ) أي : قد سأل هذه المسائل المنهي عنها قوم من قبلكم ، فأجيبوا عنها ثم لم يؤمنوا بها ، فأصبحوا بها كافرين ، أي : بسببها ، أي : بينت لهم ولم ينتفعوا بها لأنهم لم يسألوا على وجه الاسترشاد ، وإنما سألوا على وجه التعنت والعناد .قال العوفي ، عن ابن عباس قوله : ( يا أيها الذين آمنوا لا تسألوا عن أشياء إن تبد لكم تسؤكم ) وذلك أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أذن في الناس فقال : " يا قوم كتب عليكم الحج " . فقام رجل من بني أسد فقال : يا رسول الله ، أفي كل عام؟ فأغضب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - غضبا شديدا فقال : " والذي نفسي بيده لو قلت : نعم لوجبت ، ولو وجبت ما استطعتم ، وإذا لكفرتم ، فاتركوني ما تركتكم ، وإذا أمرتكم بشيء فافعلوا ، وإذا نهيتكم عن شيء فانتهوا عنه " . فأنزل الله : ( يا أيها الذين آمنوا لا تسألوا عن أشياء إن تبد لكم تسؤكم ) نهاهم أن يسألوا عن مثل الذي سألت النصارى من المائدة ، فأصبحوا بها كافرين . فنهى الله عن ذلك وقال : لا تسألوا عن أشياء إن نزل القرآن فيها بتغليظ ساءكم ذلك ، ولكن انتظروا ، فإذا نزل القرآن فإنكم لا تسألون عن شيء إلا وجدتم تبيانه رواه ابن جرير .وقال علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس : ( يا أيها الذين آمنوا لا تسألوا عن أشياء إن تبد لكم تسؤكم وإن تسألوا عنها حين ينزل القرآن تبد لكم ) قال : لما نزلت آية الحج ، نادى النبي - صلى الله عليه وسلم - في الناس فقال : " يا أيها الناس ، إن الله قد كتب عليكم الحج فحجوا " . فقالوا : يا رسول الله ، أعاما واحدا أم كل عام؟ فقال : " لا بل عاما واحدا ، ولو قلت : كل عام لوجبت ، ولو وجبت لكفرتم " . ثم قال الله تعالى : ( يا أيها الذين آمنوا لا تسألوا عن أشياء ) إلى قوله : ( ثم أصبحوا بها كافرين ) رواه ابن جرير .وقال خصيف ، عن مجاهد عن ابن عباس : ( لا تسألوا عن أشياء ) قال : هي البحيرة والوصيلة والسائبة والحام ، ألا ترى أنه يقول بعد ذلك " ما جعل الله من بحيرة ولا كذا ولا كذا " ، قال : وأما عكرمة فقال : إنهم كانوا يسألونه عن الآيات ، فنهوا عن ذلك . ثم قال : ( قد سألها قوم من قبلكم ثم أصبحوا بها كافرين ) رواه ابن جرير .يعني عكرمة رحمه الله : أن المراد بهذا النهي عن سؤال وقوع الآيات ، كما سألت قريش أن يجري لهم أنهارا ، وأن يجعل لهم الصفا ذهبا وغير ذلك ، وكما سألت اليهود أن ينزل عليهم كتابا من السماء ، وقد قال الله تعالى : ( وما منعنا أن نرسل بالآيات إلا أن كذب بها الأولون وآتينا ثمود الناقة مبصرة فظلموا بها وما نرسل بالآيات إلا تخويفا ) [ الإسراء : 59 ] وقال تعالى : ( وأقسموا بالله جهد أيمانهم لئن جاءتهم آية ليؤمنن بها قل إنما الآيات عند الله وما يشعركم أنها إذا جاءت لا يؤمنون . ونقلب أفئدتهم وأبصارهم كما لم يؤمنوا به أول مرة ونذرهم في طغيانهم يعمهون . ولو أننا نزلنا إليهم الملائكة وكلمهم الموتى وحشرنا عليهم كل شيء قبلا ما كانوا ليؤمنوا إلا أن يشاء الله ولكن أكثرهم يجهلون ) [ الأنعام : 109 - 111 ] .
مَا جَعَلَ اللّٰهُ مِنْۢ بَحِیْرَةٍ وَّ لَا سَآىٕبَةٍ وَّ لَا وَصِیْلَةٍ وَّ لَا حَامٍۙ-وَّ لٰكِنَّ الَّذِیْنَ كَفَرُوْا یَفْتَرُوْنَ عَلَى اللّٰهِ الْكَذِبَؕ-وَ اَكْثَرُهُمْ لَا یَعْقِلُوْنَ(۱۰۳)
اللہ نے مقرر نہیں کیا ہے کان چِرا ہوا اور نہ بجار اور نہ وصیلہ اور نہ حامی (ف۲۴۶) ہاں کافر لوگ اللہ پر جھوٹا افترا باندھتے ہیں (ف۲۴۷) اور ان میں اکثر نرے بے عقل ہیں(ف۲۴۸)
قال البخاري : حدثنا موسى بن إسماعيل ، حدثنا إبراهيم بن سعد ، عن صالح بن كيسان ، عن ابن شهاب عن سعيد بن المسيب قال : " البحيرة " : التي يمنع درها للطواغيت ، فلا يحلبها أحد من الناس . و " السائبة " : كانوا يسيبونها لآلهتهم ، لا يحمل عليها شيء - قال : وقال أبو هريرة : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " رأيت عمرو بن عامر الخزاعي يجر قصبه في النار ، كان أول من سيب السوائب " - و " الوصيلة " : الناقة البكر ، تبكر في أول نتاج الإبل ، ثم تثني بعد بأنثى ، وكانوا يسيبونها لطواغيتهم ، إن وصلت إحداهما بالأخرى ليس بينهما ذكر . و " الحام " : فحل الإبل يضرب الضراب المعدود ، فإذا قضى ضرابه ودعوه للطواغيت ، وأعفوه عن الحمل ، فلم يحمل عليه شيء ، وسموه الحامي .وكذا رواه مسلم والنسائي ، من حديث إبراهيم بن سعد ، به .ثم قال البخاري : وقال لي أبو اليمان : أخبرنا شعيب ، عن الزهري قال : سمعت سعيدا يخبر بهذا . وقال أبو هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - نحوه . ورواه ابن الهاد ، عن ابن شهاب ، عن سعيد ، عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - .قال الحاكم : أراد البخاري أن يزيد بن عبد الله بن الهاد رواه عن عبد الوهاب بن بخت ، عن الزهري . كذا حكاه شيخنا أبو الحجاج المزني في " الأطراف " وسكت ولم ينبه عليه . وفيما قاله الحاكم نظر ، فإن الإمام أحمد وأبا جعفر بن جرير روياه من حديث الليث بن سعد ، عن ابن الهاد ، عن الزهري نفسه . والله أعلم .ثم قال البخاري : حدثنا محمد بن أبي يعقوب أبو عبد الله الكرماني ، حدثنا حسان بن إبراهيم ، حدثنا يونس ، عن الزهري ، عن عروة ; أن عائشة قالت : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " رأيت جهنم يحطم بعضها بعضا ، ورأيت عمرا يجر قصبه ، وهو أول من سيب السوائب " . تفرد به البخاري .وقال ابن جرير : حدثنا هناد ، حدثنا يونس بن بكير ، حدثنا محمد بن إسحاق ، حدثني محمد بن إبراهيم بن الحارث ، عن أبي صالح ، عن أبي هريرة قال : سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول لأكثم بن الجون : " يا أكثم ، رأيت عمرو بن لحي بن قمعة بن خندف يجر قصبه في النار ، فما رأيت رجلا أشبه برجل منك به ، ولا به منك " . فقال أكثم : تخشى أن يضرني شبهه يا رسول الله؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " لا إنك مؤمن وهو كافر ، إنه أول من غير دين إبراهيم ، وبحر البحيرة ، وسيب السائبة ، وحمى الحامي " . ثم رواه عن هناد ، عن عبدة ، عن محمد بن عمرو ، عن أبي سلمة ، عن أبي هريرة ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ، بنحوه أو مثله .ليس هذان الطريقان في الكتب .وقال الإمام أحمد : حدثنا عمرو بن مجمع ، حدثنا إبراهيم الهجري ، عن أبي الأحوص ، عن عبد الله بن مسعود عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " إن أول من سيب السوائب ، وعبد الأصنام ، أبو خزاعة عمرو بن عامر ، وإني رأيته يجر أمعاءه في النار " . تفرد به أحمد من هذا الوجه .وقال عبد الرزاق : أنبأنا معمر ، عن زيد بن أسلم قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " إني لأعرف أول من سيب السوائب ، وأول من غير دين إبراهيم - عليه السلام - " . قالوا : من هو يا رسول الله؟ قال : " عمرو بن لحي أخو بني كعب ، لقد رأيته يجر قصبه في النار ، يؤذي ريحه أهل النار . وإني لأعرف أول من بحر البحائر " . قالوا : من هو يا رسول الله؟ قال : " رجل من بني مدلج ، كانت له ناقتان ، فجدع آذانهما ، وحرم ألبانهما ، ثم شرب ألبانهما بعد ذلك ، فلقد رأيته في النار وهما يعضانه بأفواههما ويخبطانه بأخفافهما " .فعمرو هذا هو ابن لحي بن قمعة ، أحد رؤساء خزاعة ، الذين ولوا البيت بعد جرهم . وكان أول من غير دين إبراهيم الخليل ، فأدخل الأصنام إلى الحجاز ، ودعا الرعاع من الناس إلى عبادتها والتقرب بها ، وشرع لهم هذه الشرائع الجاهلية في الأنعام وغيرها ، كما ذكره الله تعالى في سورة الأنعام ، عند قوله تعالى : ( وجعلوا لله مما ذرأ من الحرث والأنعام نصيبا ) [ الأنعام : 136 ] إلى آخر الآيات في ذلك .فأما البحيرة ، فقال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس : هي الناقة إذا نتجت خمسة أبطن نظروا إلى الخامس ، فإن كان ذكرا ذبحوه ، فأكله الرجال دون النساء . وإن كان أنثى جدعوا آذانها ، فقالوا : هذه بحيرة .وذكر السدي وغيره قريبا من هذا .وأما السائبة ، فقال مجاهد : هي من الغنم نحو ما فسر من البحيرة ، إلا أنها ما ولدت من ولد كان بينها وبين ستة أولاد كان على هيئتها ، فإذا ولدت السابع ذكرا أو ذكرين ، ذبحوه ، فأكله رجالهم دون نسائهم .وقال محمد بن إسحاق : السائبة : هي الناقة إذا ولدت عشر إناث من الولد ليس بينهن ذكر ، سيبت فلم تركب ، ولم يجز وبرها ، ولم يحلب لبنها إلا الضيف .وقال أبو روق : السائبة : كان الرجل إذا خرج فقضيت حاجته ، سيب من ماله ناقة أو غيرها ، فجعلها للطواغيت . فما ولدت من شيء كان لها .وقال السدي : كان الرجل منهم إذا قضيت حاجته أو عوفي من مرض أو كثر ماله سيب شيئا من ماله للأوثان ، فمن عرض له من الناس عوقب بعقوبة في الدنيا .وأما الوصيلة ، فقال علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس : هي الشاة إذا نتجت سبعة أبطن نظروا إلى السابع ، فإن كان ذكرا أو أنثى وهو ميت اشترك فيه الرجال دون النساء ، وإن كان أنثى استحيوها ، وإن كان ذكرا وأنثى في بطن استحيوهما وقالوا : وصلته أخته فحرمته علينا . رواه ابن أبي حاتم .وقال عبد الرزاق : أنبأنا معمر ، عن الزهري ، عن سعيد بن المسيب : ( ولا وصيلة ) قال : فالوصيلة من الإبل ، كانت الناقة تبتكر بأنثى ، ثم تثنى بأنثى ، فسموها الوصيلة ، ويقولون : وصلت أنثيين ليس بينهما ذكر ، فكانوا يجدعونها لطواغيتهم .وكذا روي عن الإمام مالك بن أنس ، رحمه الله .وقال محمد بن إسحاق : الوصيلة من الغنم : إذا ولدت عشر إناث في خمسة أبطن ، توأمين توأمين في كل بطن ، سميت الوصيلة وتركت ، فما ولدت بعد ذلك من ذكر أو أنثى ، جعلت للذكور دون الإناث . وإن كانت ميتة اشتركوا فيها .وأما الحام ، فقال العوفي عن ابن عباس قال : كان الرجل إذا لقح فحله عشرا ، قيل حام ، فاتركوه .وكذا قال أبو روق وقتادة . وقال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس : وأما الحام فالفحل من الإبل ، إذا ولد لولده قالوا : حمى هذا ظهره ، فلا يحملون عليه شيئا ، ولا يجزون له وبرا ، ولا يمنعونه من حمى رعي ، ومن حوض يشرب منه ، وإن كان الحوض لغير صاحبه .وقال ابن وهب : سمعت مالكا يقول : أما الحام فمن الإبل كان يضرب في الإبل ، فإذا انقضى ضرابه جعلوا عليه ريش الطواويس وسيبوه .وقد قيل غير ذلك في تفسير هذه الآية . وقد ورد في ذلك حديث رواه ابن أبي حاتم ، من طريق أبي إسحاق السبيعي عن أبي الأحوص الجشمي ، عن أبيه مالك بن نضلة قال : أتيت النبي - صلى الله عليه وسلم - في خلقان من الثياب ، فقال لي : " هل لك من مال؟ " قلت نعم . قال : " من أي المال؟ " قال : فقلت : من كل المال ، من الإبل والغنم والخيل والرقيق . قال : " فإذا آتاك الله مالا فلير عليك " . ثم قال : " تنتج إبلك وافية آذانها؟ " قال : قلت : نعم . قال : " وهل تنتج الإبل إلا كذلك؟ " قال : " فلعلك تأخذ الموسى فتقطع آذان طائفة منها وتقول : هذه بحير ، وتشق آذان طائفة منها ، وتقول : هذه حرم؟ " قلت : نعم . قال : " فلا تفعل ، إن كل ما آتاك الله لك حل " ، ثم قال : ( ما جعل الله من بحيرة ولا سائبة ولا وصيلة ولا حام ) أما البحيرة : فهي التي يجدعون آذانها ، فلا تنتفع امرأته ولا بناته ولا أحد من أهل بيته بصوفها ولا أوبارها ولا أشعارها ولا ألبانها ، فإذا ماتت اشتركوا فيها . وأما السائبة : فهي التي يسيبون لآلهتهم ، ويذهبون إلى آلهتهم فيسيبونها ، وأما الوصيلة : فالشاة تلد ستة أبطن ، فإذا ولدت السابع جدعت وقطع قرنها ، فيقولون : قد وصلت ، فلا يذبحونها ولا تضرب ولا تمنع مهما وردت على حوض . هكذا يذكر تفسير ذلك مدرجا في الحديث . وقد روي من وجه آخر عن أبي إسحاق ، عن أبي الأحوص عوف بن مالك ، من قوله ، وهو أشبه .وقد روى هذا الحديث الإمام أحمد ، عن سفيان بن عيينة ، عن أبي الزعراء عمرو بن عمرو ، عن عمه أبي الأحوص عوف بن مالك بن نضلة ، عن أبيه ، به . وليس فيه تفسير هذه والله أعلم .وقوله : ( أي : ما شرع الله هذه الأشياء ولا هي عنده قربة ، ولكن المشركين افتروا ذلك وجعلوه شرعا لهم وقربة يتقربون بها إليه . وليس ذلك بحاصل لهم ، بل هو وبال عليهم .
وَ اِذَا قِیْلَ لَهُمْ تَعَالَوْا اِلٰى مَاۤ اَنْزَلَ اللّٰهُ وَ اِلَى الرَّسُوْلِ قَالُوْا حَسْبُنَا مَا وَجَدْنَا عَلَیْهِ اٰبَآءَنَاؕ-اَوَ لَوْ كَانَ اٰبَآؤُهُمْ لَا یَعْلَمُوْنَ شَیْــٴًـا وَّ لَا یَهْتَدُوْنَ(۱۰۴)
اور جب ان سے کہا جائے آؤ اس طرف جو اللہ نے اُتارا اور رسول کی طرف (ف۲۴۹) کہیں ہمیں وہ بہت ہے جس پر ہم نے اپنے باپ دادا کو پایا، کیا اگرچہ ان کے باپ دادا نہ کچھ جانیں نہ راہ پر ہوں (ف۲۵۰)
( وإذا قيل لهم تعالوا إلى ما أنزل الله وإلى الرسول قالوا حسبنا ما وجدنا عليه آباءنا ) أي : إذا دعوا إلى دين الله وشرعه وما أوجبه وترك ما حرمه ، قالوا : يكفينا ما وجدنا عليه الآباء والأجداد من الطرائق والمسالك ، قال الله تعالى ( أولو كان آباؤهم لا يعلمون شيئا ) أي : لا يفهمون حقا ، ولا يعرفونه ، ولا يهتدون إليه ، فكيف يتبعونهم والحالة هذه؟ لا يتبعهم إلا من هو أجهل منهم ، وأضل سبيلا .
یٰۤاَیُّهَا الَّذِیْنَ اٰمَنُوْا عَلَیْكُمْ اَنْفُسَكُمْۚ-لَا یَضُرُّكُمْ مَّنْ ضَلَّ اِذَا اهْتَدَیْتُمْؕ-اِلَى اللّٰهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِیْعًا فَیُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُوْنَ(۱۰۵)
اے ایمان والو! تم اپنی فکر رکھو تمہارا کچھ نہ بگاڑے گا جو گمراہ ہوا جب کہ تم راہ پر ہو (ف۲۵۱) تم سب کی رجوع اللہ ہی کی طرف ہے پھر وہ تمہیں بتا دے گا جو تم کرتے تھے،
يقول تعالى آمرا عباده المؤمنين أن يصلحوا أنفسهم ويفعلوا الخير بجهدهم وطاقتهم ، ومخبرا لهم أنه من أصلح أمره لا يضره فساد من فسد من الناس ، سواء كان قريبا منه أو بعيدا .قال العوفي ، عن ابن عباس عند تفسير هذه الآية : يقول تعالى : إذا ما العبد أطاعني فيما أمرته به من الحلال والحرام فلا يضره من ضل بعده ، إذا عمل بما أمرته به .وكذا روى الوالبي عنه . وهكذا قال مقاتل بن حيان . فقوله : ( يا أيها الذين آمنوا عليكم أنفسكم ) نصب على الإغراء ( لا يضركم من ضل إذا اهتديتم إلى الله مرجعكم جميعا فينبئكم بما كنتم تعملون ) أي : فيجازي كل عامل بعمله ، إن خيرا فخير ، وإن شرا فشر .وليس في الآية مستدل على ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، إذا كان فعل ذلك ممكنا ، وقد قال الإمام أحمد رحمه الله :حدثنا هاشم بن القاسم ، حدثنا زهير - يعني ابن معاوية - حدثنا إسماعيل بن أبي خالد ، حدثنا قيس قال : قام أبو بكر ، - رضي الله عنه - ، فحمد الله وأثنى عليه ، وقال : أيها الناس ، إنكم تقرؤون هذه الآية : ( يا أيها الذين آمنوا عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل إذا اهتديتم ) إلى آخر الآية ، وإنكم تضعونها على غير موضعها ، وإني سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : " إن الناس إذا رأوا المنكر ولا يغيرونه أوشك الله ، عز وجل ، أن يعمهم بعقابه " . قال : وسمعت أبا بكر يقول : يا أيها الناس ، إياكم والكذب ، فإن الكذب مجانب الإيمان .وقد روى هذا الحديث أصحاب السنن الأربعة وابن حبان في صحيحه ، وغيرهم من طرق كثيرة عن جماعة كثيرة ، عن إسماعيل بن أبي خالد ، به متصلا مرفوعا ، ومنهم من رواه عنه به موقوفا على الصديق وقد رجح رفعه الدارقطني وغيره وذكرنا طرقه والكلام عليه مطولا في مسند الصديق ، - رضي الله عنه - .وقال أبو عيسى الترمذي : حدثنا سعيد بن يعقوب الطالقاني ، وحدثنا عبد الله بن المبارك ، حدثنا عتبة بن أبي حكيم ، حدثنا عمرو بن جارية اللخمي ، عن أبي أمية الشعباني قال : أتيت أبا ثعلبة الخشني فقلت له : كيف تصنع في هذه الآية؟ فقال : أية آية؟ قلت : قوله [ تعالى ] ( يا أيها الذين آمنوا عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل إذا اهتديتم ) فقال : أما والله لقد سألت عنها خبيرا ، سألت عنها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال : " بل ائتمروا بالمعروف ، وتناهوا عن المنكر ، حتى إذا رأيت شحا مطاعا ، وهوى متبعا ، ودنيا مؤثرة ، وإعجاب كل ذي رأي برأيه ، فعليك بخاصة نفسك ، ودع العوام ، فإن من ورائكم أياما الصبر فيهن مثل القبض على الجمر ، للعامل فيهن مثل أجر خمسين رجلا يعملون كعملكم " - قال عبد الله بن المبارك : وزاد غير عتبة : قيل يا رسول الله ، أجر خمسين رجلا منهم أو منا؟ قال : " بل أجر خمسين منكم " .ثم قال الترمذي : هذا حديث حسن غريب صحيح . وكذا رواه أبو داود من طريق ابن المبارك ورواه ابن ماجه وابن جرير وابن أبي حاتم ، عن عتبة بن أبي حكيم .وقال عبد الرزاق : أنبأنا معمر ، عن الحسن أن ابن مسعود سأله رجل عن قوله ( يا أيها الذين آمنوا عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل إذا اهتديتم ) فقال : إن هذا ليس بزمانها ، إنها اليوم مقبولة . ولكنه قد أوشك أن يأتي زمانها ، تأمرون فيصنع بكم كذا وكذا - أو قال : فلا يقبل منكم - فحينئذ ( عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل )ورواه أبو جعفر الرازي ، عن الربيع ، عن أبي العالية عن ابن مسعود في قوله : ( يا أيها الذين آمنوا عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل إذا اهتديتم ) الآية ، قال : كانوا عند عبد الله بن مسعود جلوسا ، فكان بين رجلين بعض ما يكون بين الناس ، حتى قام كل واحد منهما إلى صاحبه ، فقال رجل من جلساء عبد الله : ألا أقوم فآمرهما بالمعروف وأنهاهما عن المنكر؟ فقال آخر إلى جنبه : عليك بنفسك ، فإن الله يقول : ( [ يا أيها الذين آمنوا ] عليكم أنفسكم ) الآية . قال : فسمعها ابن مسعود فقال : مه ، لم يجئ تأويل هذه بعد ، إن القرآن أنزل حيث أنزل ومنه آي قد مضى تأويلهن قبل أن ينزلن ، ومنه آي قد وقع تأويلهن على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، ومنه آي قد وقع تأويلهن بعد النبي - صلى الله عليه وسلم - بيسير ، ومنه آي يقع تأويلهن بعد اليوم ، ومنه آي تأويلهن عند الساعة على ما ذكر من الساعة ، ومنه آي يقع تأويلهن يوم الحساب على ما ذكر من الحساب والجنة والنار . فما دامت قلوبكم واحدة ، وأهواؤكم واحدة ولم تلبسوا شيعا ، ولم يذق بعضكم بأس بعض فأمروا وانهوا . فإذا اختلفت القلوب والأهواء ، وألبستم شيعا ، وذاق بعضكم بأس بعض فامرؤ ونفسه ، عند ذلك جاءنا تأويل هذه الآية . رواه ابن جرير .وقال ابن جرير : حدثنا الحسن بن عرفة ، حدثنا شبابة بن سوار ، حدثنا الربيع بن صبيح ، عن سفيان بن عقال قال : قيل لابن عمر : لو جلست في هذه الأيام فلم تأمر ولم تنه ، فإن الله قال : ( عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل إذا اهتديتم ) ؟ فقال ابن عمر : إنها ليست لي ولا لأصحابي إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : " ألا فليبلغ الشاهد الغائب " . فكنا نحن الشهود وأنتم الغيب ، ولكن هذه الآية لأقوام يجيئون من بعدنا ، إن قالوا لم يقبل منهم .وقال أيضا : حدثنا محمد بن بشار ، حدثنا محمد بن جعفر وأبو عاصم قالا حدثنا عوف عن سوار بن شبيب قال : كنت عند ابن عمر ، إذ أتاه رجل جليد في العين ، شديد اللسان ، فقال : يا أبا عبد الرحمن ، نفر ستة كلهم قد قرأ القرآن فأسرع فيه ، وكلهم مجتهد لا يألو وكلهم بغيض إليه أن يأتي دناءة ، وهم في ذلك يشهد بعضهم على بعض بالشرك . فقال رجل من القوم : وأي دناءة تريد أكثر من أن يشهد بعضهم على بعض بالشرك؟فقال الرجل : إني لست إياك أسأل ، إنما أسأل الشيخ . فأعاد على عبد الله الحديث ، فقال عبد الله : لعلك ترى ، لا أبا لك ، أني سآمرك أن تذهب فتقتلهم! عظهم وانههم ، فإن عصوك فعليك نفسك فإن الله ، عز وجل يقول : ( يا أيها الذين آمنوا عليكم أنفسكم ) الآية .وقال أيضا : حدثني أحمد بن المقدام ، حدثنا المعتمر بن سليمان ، سمعت أبي ، حدثنا قتادة ، عن أبي مازن قال : انطلقت على عهد عثمان إلى المدينة ، فإذا قوم من المسلمين جلوس ، فقرأ أحدهم هذه الآية : ( يا أيها الذين آمنوا عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل ) فقال أكبرهم لم يجئ تأويل هذه الآية اليوم .وقال : حدثنا القاسم ، حدثنا الحسين ، حدثنا ابن فضالة ، عن معاوية بن صالح عن جبير بن نفير قال : كنت في حلقة فيها أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، وإني لأصغر القوم ، فتذاكروا بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، فقلت أنا : أليس الله يقول في كتابه : ( يا أيها الذين آمنوا عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل إذا اهتديتم ) ؟ فأقبلوا علي بلسان واحد وقالوا : تنزع آية من القرآن ولا تعرفها ، ولا تدري ما تأويلها!! حتى تمنيت أني لم أكن تكلمت ، وأقبلوا يتحدثون ، فلما حضر قيامهم قالوا : إنك غلام حدث السن ، وإنك نزعت بآية ولا تدري ما هي؟ وعسى أن تدرك ذلك الزمان ، إذا رأيت شحا مطاعا ، وهوى متبعا ، وإعجاب كل ذي رأي برأيه ، فعليك بنفسك ، لا يضرك من ضل إذا اهتديت .وقال ابن جرير : حدثنا علي بن سهل ، حدثنا ضمرة بن ربيعة قال : تلا الحسن هذه الآية : ( يا أيها الذين آمنوا عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل إذا اهتديتم ) فقال الحسن : الحمد لله بها ، والحمد لله عليها ، ما كان مؤمن فيما مضى ، ولا مؤمن فيما بقي ، إلا وإلى جانبه منافق يكره عمله .وقال سعيد بن المسيب : إذا أمرت بالمعروف ونهيت عن المنكر ، فلا يضرك من ضل إذا اهتديت .رواه ابن جرير ، وكذا روي من طريق سفيان الثوري ، عن أبي العميس ، عن أبي البختري ، عن حذيفة مثله ، وكذا قال غير واحد من السلف .وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبي ، حدثنا هشام بن خالد الدمشقي ، حدثنا الوليد ، حدثنا ابن لهيعة ، عن يزيد بن أبي حبيب ، عن كعب في قوله : ( عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل إذا اهتديتم ) قال : إذا هدمت كنيسة دمشق ، فجعلت مسجدا ، وظهر لبس العصب ، فحينئذ تأويل هذه الآية .
یٰۤاَیُّهَا الَّذِیْنَ اٰمَنُوْا شَهَادَةُ بَیْنِكُمْ اِذَا حَضَرَ اَحَدَكُمُ الْمَوْتُ حِیْنَ الْوَصِیَّةِ اثْنٰنِ ذَوَا عَدْلٍ مِّنْكُمْ اَوْ اٰخَرٰنِ مِنْ غَیْرِكُمْ اِنْ اَنْتُمْ ضَرَبْتُمْ فِی الْاَرْضِ فَاَصَابَتْكُمْ مُّصِیْبَةُ الْمَوْتِؕ-تَحْبِسُوْنَهُمَا مِنْۢ بَعْدِ الصَّلٰوةِ فَیُقْسِمٰنِ بِاللّٰهِ اِنِ ارْتَبْتُمْ لَا نَشْتَرِیْ بِهٖ ثَمَنًا وَّ لَوْ كَانَ ذَا قُرْبٰىۙ-وَ لَا نَكْتُمُ شَهَادَةَۙ-اللّٰهِ اِنَّاۤ اِذًا لَّمِنَ الْاٰثِمِیْنَ(۱۰۶)
اے ایمان والوں (ف۲۵۲) تمہاری آپس کی گواہی جب تم میں کسی کو موت آئے (ف۲۵۳) وصیت کرتے وقت تم میں کے دو معتبر شخص ہیں یا غیروں میں کے دو جب تم ملک میں سفر کو جاؤ پھر تمہیں موت کا حادثہ پہنچے، ان دونوں کو نماز کے بعد روکو (ف۲۵۴) وہ اللہ کی قسم کھائیں اگر تمہیں کچھ شک پڑے (ف۲۵۵) ہم حلف کے بدلے کچھ مال نہ خریدیں گے (ف۲۵۶) اگرچہ قریب کا رشتہ دار ہو اور اللہ کی گواہی نہ چھپائیں گے ایسا کریں تو ہم ضرور گنہگاروں میں ہیں،
اشتملت هذه الآية الكريمة على حكم عزيز ، قيل : إنه منسوخ رواه العوفي من ابن عباس . وقال حماد بن أبي سليمان ، عن إبراهيم : إنها منسوخة . وقال آخرون - وهم الأكثرون ، فيما قاله ابن جرير - : بل هو محكم ; ومن ادعى النسخ فعليه البيان .فقوله تعالى : ( يا أيها الذين آمنوا شهادة بينكم إذا حضر أحدكم الموت حين الوصية اثنان ) هذا هو الخبر ; لقوله : ( شهادة بينكم ) فقيل تقديره : " شهادة اثنين " ، حذف المضاف ، وأقيم المضاف إليه مقامه . وقيل : دل الكلام على تقدير أن يشهد اثنان .وقوله : ( ذوا عدل ) وصف الاثنين ، بأن يكونا عدلين .وقوله : منكم أي : من المسلمين . قاله الجمهور . قال علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس في قوله : ( ذوا عدل منكم ) قال : من المسلمين . رواه ابن أبي حاتم ، ثم قال : روي عن عبيدة وسعيد بن المسيب والحسن ومجاهد ويحيى بن يعمر والسدي وقتادة ومقاتل بن حيان وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم ، نحو ذلك .قال ابن جرير : وقال آخرون : عنى : ذلك ( ذوا عدل منكم ) أي : من حي الموصي . وذلك قول روي عن عكرمة وعبيدة وعدة غيرهما .وقوله : ( أو آخران من غيركم ) قال ابن أبي حاتم : حدثنا أبي ، حدثنا سعيد بن عون ، حدثنا عبد الواحد بن زياد ، حدثنا حبيب بن أبي عمرة ، عن سعيد بن جبير قال : قال ابن عباس في قوله : ( أو آخران من غيركم ) قال : من غير المسلمين ، يعني : أهل الكتاب .ثم قال : وروي عن عبيدة وشريح وسعيد بن المسيب ومحمد بن سيرين ويحيى بن يعمر وعكرمة ومجاهد وسعيد بن جبير والشعبي وإبراهيم النخعي وقتادة وأبي مجلز والسدي ومقاتل بن حيان وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم ، نحو ذلك .وعلى ما حكاه ابن جرير ، عن عكرمة وعبيدة في قوله : ( منكم ) أي : المراد من قبيلة الموصي ، يكون المراد هاهنا : ( أو آخران من غيركم ) أي : من غير قبيلة الموصي . وقد روي عن ابن أبي حاتم مثله عن الحسن البصري والزهري ، رحمهما الله .وقوله : ( إن أنتم ضربتم في الأرض ) أي : سافرتم ( فأصابتكم مصيبة الموت ) وهذان شرطان لجواز استشهاد الذميين عند فقد المؤمنين ، أن يكون ذلك في سفر ، وأن يكون في وصية ، كما صرح بذلك شريح القاضي .قال ابن جرير : حدثنا عمرو بن علي ، حدثنا أبو معاوية ووكيع قالا حدثنا الأعمش ، عن إبراهيم ، عن شريح قال : لا تجوز إلا في سفر ، ولا تجوز في سفر إلا في وصية .ثم رواه عن أبي كريب ، عن أبي بكر بن عياش ، عن أبي إسحاق السبيعي قال : قال شريح ، فذكر مثله .وقد روي مثله عن الإمام أحمد بن حنبل ، رحمه الله تعالى . وهذه المسألة من إفراده ، وخالفه الثلاثة فقالوا : لا تجوز . وأجازها أبو حنيفة فيما بين بعضهم بعضا .وقال ابن جرير : حدثنا عمرو بن علي ، حدثنا أبو داود ، حدثنا صالح بن أبي الأخضر ، عن الزهري قال : مضت السنة أنه لا تجوز شهادة كافر في حضر ولا سفر ، إنما هي في المسلمين .وقال ابن زيد : نزلت هذه الآية في رجل توفي وليس عنده أحد من أهل الإسلام ، وذلك في أول الإسلام ، والأرض حرب ، والناس كفار ، وكان الناس يتوارثون بالوصية ، ثم نسخت الوصية وفرضت الفرائض ، وعمل الناس بها .رواه ابن جرير ، وفي هذا نظر ، والله أعلم .وقال ابن جرير : اختلف في قوله : ( شهادة بينكم إذا حضر أحدكم الموت حين الوصية اثنان ذوا عدل منكم أو آخران من غيركم ) هل المراد به أن يوصي إليهما ، أو يشهدهما؟ على قولين :أحدهما : أن يوصي إليهما ، كما قال محمد بن إسحاق ، عن يزيد بن عبد الله بن قسيط قال : سئل ابن مسعود ، - رضي الله عنه - ، عن هذه الآية قال هذا رجل سافر ومعه مال ، فأدركه قدره ، فإن وجد رجلين من المسلمين دفع إليهما تركته ، وأشهد عليهما عدلين من المسلمين .رواه ابن أبي حاتم وفيه انقطاع .والقول الثاني : أنهما يكونان شاهدين . وهو ظاهر سياق الآية الكريمة ، فإن لم يكن وصي ثالث معهما اجتمع فيهما الوصفان : الوصاية والشهادة ، كما في قصة تميم الداري وعدي بن بداء ، كما سيأتي ذكرها آنفا ، إن شاء الله وبه التوفيق .وقد استشكل ابن جرير كونهما شاهدين ، قال : لأنا لا نعلم حكما يحلف فيه الشاهد . وهذا لا يمنع الحكم الذي تضمنته هذه الآية الكريمة ، وهو حكم مستقل بنفسه ، لا يلزم أن يكون جاريا على قياس جميع الأحكام ، على أن هذا حكم خاص بشهادة خاصة في محل خاص ، وقد اغتفر فيه من الأمور ما لم يغتفر في غيره ، فإذا قامت قرائن الريبة حلف هذا الشاهد بمقتضى ما دلت عليه هذه الآية الكريمة .وقوله تعالى : ( تحبسونهما من بعد الصلاة ) قال [ العوفي ، عن ] ابن عباس : يعني صلاة العصر . وكذا قال سعيد بن جبير وإبراهيم النخعي وقتادة وعكرمة ومحمد بن سيرين . وقال الزهري : يعني صلاة المسلمين ، وقال السدي ، عن ابن عباس : يعني صلاة أهل دينهما .والمقصود : أن يقام هذان الشاهدان بعد صلاة اجتمع الناس فيها بحضرتهم ( فيقسمان بالله ) أي : فيحلفان بالله ( إن ارتبتم ) أي : إن ظهرت لكم منهما ريبة ، أنهما قد خانا أو غلا فيحلفان حينئذ بالله ( لا نشتري به ) أي : بأيماننا . قاله مقاتل بن حيان ) ثمنا ) أي : لا نعتاض عنه بعوض قليل من الدنيا الفانية الزائلة ( ولو كان ذا قربى ) أي : ولو كان المشهود عليه قريبا إلينا لا نحابيه ( ولا نكتم شهادة الله ) أضافها إلى الله تشريفا لها ، وتعظيما لأمرها .وقرأ بعضهم : " ولا نكتم شهادة آلله " مجرورا على القسم . رواها ابن جرير ، عن عامر الشعبي . وحكي عن بعضهم أنه قرأ : " ولا نكتم شهادة الله " ، والقراءة الأولى هي المشهورة .( إنا إذا لمن الآثمين ) أي : إن فعلنا شيئا من ذلك ، من تحريف الشهادة ، أو تبديلها ، أو تغييرها أو كتمها بالكلية .
فَاِنْ عُثِرَ عَلٰۤى اَنَّهُمَا اسْتَحَقَّاۤ اِثْمًا فَاٰخَرٰنِ یَقُوْمٰنِ مَقَامَهُمَا مِنَ الَّذِیْنَ اسْتَحَقَّ عَلَیْهِمُ الْاَوْلَیٰنِ فَیُقْسِمٰنِ بِاللّٰهِ لَشَهَادَتُنَاۤ اَحَقُّ مِنْ شَهَادَتِهِمَا وَ مَا اعْتَدَیْنَاۤ ﳲ اِنَّاۤ اِذًا لَّمِنَ الظّٰلِمِیْنَ(۱۰۷)
پھر اگر پتہ چلے کہ وہ کسی گناہ کے سزاوار ہوئے (ف۲۵۷) تو ان کی جگہ دو اور کھڑے ہوں ان میں سے کہ اس گناہ یعنی جھوٹی گواہی نے ان کا حق لے کر ان کو نقصان پہنچایا (ف۲۵۸) جو میت سے زیادہ قریب ہوں تو اللہ کی قسم کھائیں کہ ہماری گواہی زیادہ ٹھیک ہے ان دو کی گواہی سے اور ہم حد سے نہ بڑھے (ف۲۵۹) ایسا ہو تو ہم ظالموں میں ہوں،
ثم قال تعالى : ( فإن عثر على أنهما استحقا إثما ) أي : فإن اشتهر وظهر وتحقق من الشاهدين الوصيين ، أنهما خانا أو غلا شيئا من المال الموصى به إليهما ، وظهر عليهما بذلك ( فآخران يقومان مقامهما من الذين استحق عليهم الأوليان ) هذه قراءة الجمهور : " استحق عليهم الأوليان " . وروي عن علي وأبي والحسن البصري أنهم قرؤوها : ( استحق عليهم الأوليان ) .وقد روى الحاكم في المستدرك من طريق إسحاق بن محمد الفروي ، عن سليمان بن بلال ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن عبيد الله بن أبي رافع ، عن علي بن أبي طالب ; أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قرأ : ( من الذين استحق عليهم الأوليان ) ثم قال : صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه .وقرأ بعضهم ، ومنهم ابن عباس : " من الذين استحق عليهم الأولين " . وقرأ الحسن : " من الذين استحق عليهم الأولان " ، حكاه ابن جرير .فعلى قراءة الجمهور يكون المعنى بذلك : أي متى تحقق ذلك بالخبر الصحيح على خيانتهما ، فليقم اثنان من الورثة المستحقين للتركة وليكونا من أولى من يرث ذلك المال ( فيقسمان بالله لشهادتنا أحق من شهادتهما ) أي : لقولنا : إنهما خانا أحق وأصح وأثبت من شهادتهما المتقدمة ) وما اعتدينا ) أي : فيما قلنا من الخيانة ( إنا إذا لمن الظالمين ) أي : إن كنا قد كذبنا عليهما .وهذا التحليف للورثة ، والرجوع إلى قولهما والحالة هذه ، كما يحلف أولياء المقتول إذا ظهر لوث في جانب القاتل ، فيقسم المستحقون على القاتل فيدفع برمته إليهم ، كما هو مقرر في باب " القسامة " من الأحكام .وقد وردت السنة بمثل ما دلت عليه هذه الآية الكريمة ، فقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبي ، حدثنا الحسين بن زياد ، حدثنا محمد بن سلمة ، عن محمد بن إسحاق ، عن أبي النضر ، عن باذان - يعني : أبا صالح مولى أم هانئ بنت أبي طالب - عن ابن عباس ، عن تميم الداري في هذه الآية : ( يا أيها الذين آمنوا شهادة بينكم إذا حضر أحدكم الموت ) قال : برئ الناس منها غيري وغير عدي بن بداء . وكانا نصرانيين ، يختلفان إلى الشام قبل الإسلام ، فأتيا الشام لتجارتهما وقدم عليهما مولى لبني سهم ، يقال له : بديل بن أبي مريم ، بتجارة ومعه جام من فضة يريد به الملك ، وهو عظم تجارته . فمرض فأوصى إليهما ، وأمرهما أن يبلغا ما ترك أهله - قال تميم : فلما مات أخذنا ذلك الجام ، فبعناه بألف درهم ، ثم اقتسمناه أنا وعدي بن بداء . فلما قدمنا إلى أهله دفعنا إليهم ما كان معنا . وفقدوا الجام فسألونا عنه ، فقلنا : ما ترك غير هذا ، وما دفع إلينا غيره - قال تميم : فلما أسلمت بعد قدوم النبي - صلى الله عليه وسلم - المدينة تأثمت من ذلك ، فأتيت أهله فأخبرتهم الخبر ، ودفعت إليهم خمسمائة درهم ، وأخبرتهم أن عند صاحبي مثلها ، فوثبوا إليه أن يستحلفوه بما يعظم به على أهل دينه ، فحلف فأنزل الله ( يا أيها الذين آمنوا شهادة بينكم ) إلى قوله : ( فيقسمان بالله لشهادتنا أحق من شهادتهما ) فقام عمرو بن العاص ورجل آخر منهم فحلفا ، فنزعت الخمسمائة من عدي بن بداء .وهكذا رواه أبو عيسى الترمذي وابن جرير كلاهما عن الحسن بن أحمد بن أبي شعيب الحراني ، عن محمد بن سلمة ، عن محمد بن إسحاق ، به فذكره - وعنده : فأتوا به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فسألهم البينة فلم يجدوا ، فأمرهم أن يستحلفوه بما يعظم به على أهل دينه ، فحلف فأنزل الله : ( يا أيها الذين آمنوا شهادة بينكم إذا حضر أحدكم الموت ) إلى قوله : ( أو يخافوا أن ترد أيمان بعد أيمانهم ) فقام عمرو بن العاص ورجل آخر ، فحلفا . فنزعت الخمسمائة من عدي بن بداء .ثم قال : هذا حديث غريب ، وليس إسناده بصحيح وأبو النضر الذي روى عنه محمد بن إسحاق هذا الحديث هو عندي محمد بن السائب الكلبي ، يكنى أبا النضر ، وقد تركه أهل العلم بالحديث ، وهو صاحب التفسير ، سمعت محمد بن إسماعيل يقول : محمد بن السائب الكلبي ، يكنى أبا النضر ، ثم قال : ولا نعرف لسالم أبي النضر رواية عن أبي صالح مولى أم هانئ ، وقد روي عن ابن عباس شيء من هذا على الاختصار من غير هذا الوجه .حدثنا سفيان بن وكيع ، حدثنا يحيى بن آدم ، عن ابن أبي زائدة ، عن محمد بن أبي القاسم ، عن عبد الملك بن سعيد بن جبير ، عن أبيه ، عن ابن عباس قال : خرج رجل من بني سهم مع تميم الداري وعدي بن بداء ، فمات السهمي بأرض ليس فيها مسلم ، فلما قدما بتركته فقدوا جاما من فضة مخوصا بالذهب ، فأحلفهما رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، ووجدوا الجام بمكة ، فقيل : اشتريناه من تميم وعدي . فقام رجلان من أولياء السهمي فحلفا بالله لشهادتنا أحق من شهادتهما ، وأن الجام لصاحبهم . وفيهم نزلت : ( يا أيها الذين آمنوا شهادة بينكم )وكذا رواه أبو داود ، عن الحسن بن علي ، عن يحيى بن آدم ، به . ثم قال الترمذي : هذا حديث حسن غريب ، وهو حديث ابن أبي زائدة .ومحمد بن أبي القاسم ، كوفي ، قيل : إنه صالح الحديث ، وقد ذكر هذه القصة مرسلة غير واحد من التابعين منهم : عكرمة ومحمد بن سيرين وقتادة . وذكروا أن التحليف كان بعد صلاة العصر رواه ابن جرير . وكذا ذكرها مرسلة : مجاهد والحسن والضحاك . وهذا يدل على اشتهارها في السلف وصحتها .ومن الشواهد لصحة هذه القصة أيضا ما رواه أبو جعفر بن جرير :حدثني يعقوب ، حدثنا هشيم ، أخبرنا زكريا ، عن الشعبي أن رجلا من المسلمين حضرته الوفاة بدقوقا ، قال : فحضرته الوفاة ولم يجد أحدا من المسلمين يشهده على وصيته ، فأشهد رجلين من أهل الكتاب . قال : فقدما الكوفة ، فأتيا الأشعري - يعني : أبا موسى الأشعري ، رضي الله عنه - فأخبراه وقدما بتركته ووصيته ، فقال الأشعري : هذا أمر لم يكن بعد الذي كان في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : فأحلفهما بعد العصر : بالله ما خانا ولا كذبا ولا بدلا ولا كتما ولا غيرا ، وإنها لوصية الرجل وتركته . قال : فأمضى شهادتهما .ثم رواه عن عمرو بن علي الفلاس ، عن أبي داود الطيالسي ، عن شعبة ، عن مغيرة الأزرق ، عن الشعبي ; أن أبا موسى قضى بدقوقا .وهذان إسنادان صحيحان إلى الشعبي ، عن أبي موسى الأشعري .فقوله : " هذا أمر لم يكن بعد الذي كان في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم " الظاهر - والله أعلم - أنه إنما أراد بذلك قصة تميم وعدي بن بداء ، قد ذكروا أن إسلام تميم بن أوس الداري ، - رضي الله عنه - ، كان في سنة تسع من الهجرة فعلى هذا يكون هذا الحكم متأخرا ، يحتاج مدعي نسخه إلى دليل فاصل في هذا المقام ، والله أعلم .وقال أسباط ، عن السدي : ( يا أيها الذين آمنوا شهادة بينكم إذا حضر أحدكم الموت حين الوصية اثنان ذوا عدل منكم ) قال : هذا في الوصية عند الموت ، يوصي ويشهد رجلين من المسلمين على ما له وما عليه ، قال : هذا في الحضر ( أو آخران من غيركم ) في السفر ( إن أنتم ضربتم في الأرض فأصابتكم مصيبة الموت ) هذا الرجل يدركه الموت في سفره ، وليس بحضرته أحد من المسلمين ، فيدعو رجلين من اليهود والنصارى والمجوس ، فيوصي إليهما ، ويدفع إليهما ميراثه فيقبلان به ، فإن رضي أهل الميت الوصية وعرفوا [ مال صاحبهم ] تركوا الرجلين ، وإن ارتابوا رفعوهما إلى السلطان . فذلك قوله تعالى : ( تحبسونهما من بعد الصلاة فيقسمان بالله إن ارتبتم ) قال عبد الله بن عباس : كأني أنظر إلى العلجين حين انتهي بهما إلى أبي موسى الأشعري في داره ، ففتح الصحيفة ، فأنكر أهل الميت وخونوهما فأراد أبو موسى أن يستحلفهما بعد العصر ، فقلت له : إنهما لا يباليان صلاة العصر ، ولكن استحلفهما بعد صلاتهما في دينهما ، فيوقف الرجلان بعد صلاتهما في دينهما ، فيحلفان : بالله لا نشتري به ثمنا قليلا ولو كان ذا قربى ، ولا نكتم شهادة الله إنا إذا لمن الآثمين : أن صاحبهم لبهذا أوصى ، وأن هذه لتركته . فيقول لهما الإمام قبل أن يحلفا : إنكما إن كتمتما أو خنتما فضحتكما في قومكما ، ولم تجز لكما شهادة ، وعاقبتكما . فإذا قال لهما ذلك ، فإن ذلك أدنى أن يأتوا بالشهادة على وجهها . رواه ابن جرير .وقال ابن جرير : حدثنا الحسين ، حدثنا هشيم ، أخبرنا مغيرة ، عن إبراهيم وسعيد بن جبير ، أنهما قالا في هذه الآية : ( يا أيها الذين آمنوا شهادة بينكم ) الآية ، قالا إذا حضر الرجل الوفاة في سفر ، فليشهد رجلين من المسلمين ، فإن لم يجد رجلين من المسلمين فرجلين من أهل الكتاب فإذا قدما بتركته ، فإن صدقهما الورثة قبل قولهما ، وإن اتهموهما أحلفا بعد صلاة العصر : بالله ما كتمنا ولا كذبنا ولا خنا ولا غيرنا .وقال علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس ، في تفسير هذه الآية : فإن ارتيب في شهادتهما استحلفا بعد الصلاة بالله : ما اشترينا بشهادتنا ثمنا قليلا . فإن اطلع الأولياء على أن الكافرين كذبا في شهادتهما ، قام رجلان من الأولياء فحلفا بالله : أن شهادة الكافرين باطلة ، وإنا لم نعتد ، فذلك قوله : ( فإن عثر على أنهما استحقا إثما ) يقول : إن اطلع على أن الكافرين كذبا ( فآخران يقومان مقامهما ) يقول : من الأولياء ، فحلفا بالله : أن شهادة الكافرين باطلة ، وإنا لم نعتد ، فنرد شهادة الكافرين ، وتجوز شهادة الأولياء .وهكذا روى العوفي ، عن ابن عباس . رواهما ابن جرير .وهكذا قرر هذا الحكم على مقتضى هذه الآية غير واحد من أئمة التابعين والسلف ، رضي الله عنهم ، وهو مذهب الإمام أحمد ، رحمه الله .
ذٰلِكَ اَدْنٰۤى اَنْ یَّاْتُوْا بِالشَّهَادَةِ عَلٰى وَجْهِهَاۤ اَوْ یَخَافُوْۤا اَنْ تُرَدَّ اَیْمَانٌۢ بَعْدَ اَیْمَانِهِمْؕ-وَ اتَّقُوا اللّٰهَ وَ اسْمَعُوْاؕ-وَ اللّٰهُ لَا یَهْدِی الْقَوْمَ الْفٰسِقِیْنَ۠(۱۰۸)
یہ قریب تر ہے اس سے کہ گواہی جیسی چاہیے ادا کریں یا ڈریں کہ کچھ قسمیں رد کردی جائیں ان کی قسموں کے بعد (ف۲۶۰) اور اللہ سے ڈرو اور حکم سنو، اور اللہ بے حکموں کو راہ نہیں دیتا،
وقوله : ( ذلك أدنى أن يأتوا بالشهادة على وجهها ) أي : شرعية هذا الحكم على هذا الوجه المرضي من تحليف الشاهدين الذميين وقد استريب بهما ، أقرب إلى إقامتهما الشهادة على الوجه المرضي .وقوله : ( أو يخافوا أن ترد أيمان بعد أيمانهم ) أي : يكون الحامل لهم على الإتيان بالشهادة على وجهها ، هو تعظيم الحلف بالله ومراعاة جانبه وإجلاله ، والخوف من الفضيحة بين الناس إذا ردت اليمين على الورثة ، فيحلفون ويستحقون ما يدعون ، ولهذا قال : ( أو يخافوا أن ترد أيمان بعد أيمانهم )ثم قال : ( واتقوا الله ) أي : في جميع أموركم ) واسمعوا ) أي : وأطيعوا ( والله لا يهدي القوم الفاسقين ) يعني : الخارجين عن طاعته ومتابعة شريعته .
یَوْمَ یَجْمَعُ اللّٰهُ الرُّسُلَ فَیَقُوْلُ مَا ذَاۤ اُجِبْتُمْؕ-قَالُوْا لَا عِلْمَ لَنَاؕ-اِنَّكَ اَنْتَ عَلَّامُ الْغُیُوْبِ(۱۰۹)
جس دن اللہ جمع فرمائے گا رسولوں کو (ف۲۶۱) پھر فرمائے گا تمہیں کیا جواب ملا (ف۲۶۲) عرض کریں گے ہمیں کچھ علم نہیں، بیشک تو ہی ہے سب غیبوں کا جاننے والا(ف۲۶۳)
وهذا إخبار عما يخاطب الله به المرسلين يوم القيامة ، عما أجيبوا به من أممهم الذين أرسلهم إليهم ، كما قال تعالى : ( فلنسألن الذين أرسل إليهم ولنسألن المرسلين ) [ الأعراف : 6 ] وقال تعالى : ( فوربك لنسألنهم أجمعين عما كانوا يعملون ) [ الحجر : 92 ، 93 ] .وقول الرسل : ( لا علم لنا ) قال مجاهد والحسن البصري والسدي : إنما قالوا ذلك من هول ذلك اليوم .قال عبد الرزاق ، عن الثوري ، عن الأعمش ، عن مجاهد : ( يوم يجمع الله الرسل فيقول ماذا أجبتم ) فيفزعون فيقولون : ( لا علم لنا ) رواه ابن جرير وابن أبي حاتم .وقال ابن جرير : حدثنا ابن حميد ، حدثنا حكام ، حدثنا عنبسة قال : سمعت شيخا يقول : سمعت الحسن يقول في قوله : ( يوم يجمع الله الرسل ) الآية ، قال : من هول ذلك اليوم .وقال أسباط ، عن السدي : ( يوم يجمع الله الرسل فيقول ماذا أجبتم قالوا لا علم لنا ) ذلك : أنهم نزلوا منزلا ذهلت فيه العقول ، فلما سئلوا قالوا : ( لا علم لنا ) ثم نزلوا منزلا آخر ، فشهدوا على قومهم . رواه ابن جرير .ثم قال ابن جرير : حدثنا القاسم ، حدثنا الحسين ، حدثنا الحجاج ، عن ابن جريج قوله : ( يوم يجمع الله الرسل فيقول ماذا أجبتم ) ماذا عملوا بعدكم؟ وماذا أحدثوا بعدكم؟ قالوا : ( لا علم لنا إنك أنت علام الغيوب )وقال علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس : ( يوم يجمع الله الرسل فيقول ماذا أجبتم قالوا لا علم لنا إنك أنت علام الغيوب ) يقولون للرب ، عز وجل : لا علم لنا ، إلا علم أنت أعلم به منا .رواه ابن جرير . ثم اختاره على هذه الأقوال الثلاثة ولا شك أنه قول حسن ، وهو من باب التأدب مع الرب ، عز وجل ، أي : لا علم لنا بالنسبة إلى علمك المحيط بكل شيء ، فنحن وإن كنا قد أجبنا وعرفنا من أجابنا ، ولكن منهم من كنا إنما نطلع على ظاهره ، لا علم لنا بباطنه ، وأنت العليم بكل شيء ، المطلع على كل شيء . فعلمنا بالنسبة إلى علمك كلا علم ، فإنك ( أنت علام الغيوب )
اِذْ قَالَ اللّٰهُ یٰعِیْسَى ابْنَ مَرْیَمَ اذْكُرْ نِعْمَتِیْ عَلَیْكَ وَ عَلٰى وَ الِدَتِكَۘ-اِذْ اَیَّدْتُّكَ بِرُوْحِ الْقُدُسِ- تُكَلِّمُ النَّاسَ فِی الْمَهْدِ وَ كَهْلًاۚ-وَ اِذْ عَلَّمْتُكَ الْكِتٰبَ وَ الْحِكْمَةَ وَ التَّوْرٰىةَ وَ الْاِنْجِیْلَۚ-وَ اِذْ تَخْلُقُ مِنَ الطِّیْنِ كَهَیْــٴَـةِ الطَّیْرِ بِاِذْنِیْ فَتَنْفُخُ فِیْهَا فَتَكُوْنُ طَیْرًۢا بِاِذْنِیْ وَ تُبْرِئُ الْاَكْمَهَ وَ الْاَبْرَصَ بِاِذْنِیْۚ-وَ اِذْ تُخْرِ جُ الْمَوْتٰى بِاِذْنِیْۚ-وَ اِذْ كَفَفْتُ بَنِیْۤ اِسْرَآءِیْلَ عَنْكَ اِذْ جِئْتَهُمْ بِالْبَیِّنٰتِ فَقَالَ الَّذِیْنَ كَفَرُوْا مِنْهُمْ اِنْ هٰذَاۤ اِلَّا سِحْرٌ مُّبِیْنٌ(۱۱۰)
جب اللہ فرمائے گا اے مریم کے بیٹے عیسیٰ! یاد کر میرا احسان اپنے اوپر اور اپنی ماں پر (ف۲۶۴) جب میں نے پاک روح سے تیری مدد کی (ف۲۶۵) تو لوگوں سے باتیں کرتا پالنے میں (ف۲۶۶) اور پکی عمر ہوکر (ف۲۶۷) اور جب میں نے تجھے سکھائی کتاب اور حکمت (ف۲۶۸) اور توریت اور انجیل اور جب تو مٹی سے پرند کی سی مورت میرے حکم سے بناتا پھر اس میں پھونک مارتا تو وہ میرے حکم سے اڑنے لگتی (ف۲۶۹) اور تو مادر زاد اندھے اور سفید داغ والے کو میرے حکم سے شفا دیتا اور جب تو مُردوں کو میرے حکم سے زندہ نکالتا (ف۲۷۰) اور جب میں نے بنی اسرائیل کو تجھ سے روکا (ف۲۷۱) جب تو ان کے پاس روشن نشانیاں لے کر آیا تو ان میں کے کافر بولے کہ یہ (ف۲۷۲) تو نہیں مگر کھلا جادو،
يذكر تعالى ما امتن به على عبده ورسوله عيسى ابن مريم - عليه السلام - مما أجراه على يديه من المعجزات وخوارق العادات ، فقال تعالى : ( إذ قال الله يا عيسى ابن مريم اذكر نعمتي عليك ) أي : في خلقي إياك من أم بلا ذكر ، وجعلي إياك آية ودلالة قاطعة على كمال قدرتي على الأشياء ( وعلى والدتك ) حيث جعلتك لها برهانا على براءتها مما نسبه الظالمون الجاهلون إليها من الفاحشة ( إذ أيدتك بروح القدس ) وهو جبريل ، - عليه السلام - ، وجعلتك نبيا داعيا إلى الله في صغرك وكبرك ، فأنطقتك في المهد صغيرا ، فشهدت ببراءة أمك من كل عيب ، واعترفت لي بالعبودية ، وأخبرت عن رسالتي إياك ودعوتك إلى عبادتي ; ولهذا قال تعالى : ( تكلم الناس في المهد وكهلا ) أي : تدعو إلى الله الناس في صغرك وكبرك . وضمن " تكلم " تدعو ; لأن كلامه الناس في كهولته ليس بأمر عجيب .وقوله : ( وإذ علمتك الكتاب والحكمة ) أي : الخط والفهم ) والتوراة ) وهي المنزلة على موسى بن عمران الكليم ، وقد يرد لفظ التوراة في الحديث ويراد به ما هو أعم من ذلك .وقوله : ( وإذ تخلق من الطين كهيئة الطير بإذني ) أي : تصوره وتشكله على هيئة الطائر بإذني لك في ذلك فيكون طائرا بإذني ، أي : فتنفخ في تلك الصورة التي شكلتها بإذني لك في ذلك ، فتكون طيرا ذا روح بإذن الله وخلقه .وقوله : ( وتبرئ الأكمه والأبرص بإذني ) قد تقدم الكلام على ذلك في سورة آل عمران بما أغنى عن إعادته .وقوله : ( وإذ تخرج الموتى بإذني ) أي : تدعوهم فيقومون من قبورهم بإذن الله وقدرته ، وإرادته ومشيئته .وقد قال ابن أبي حاتم : حدثنا أبي ، حدثنا مالك بن إسماعيل ، حدثنا محمد بن طلحة - يعني ابن مصرف - عن أبي بشر ، عن أبي الهذيل قال : كان عيسى ابن مريم ، - عليه السلام - ، إذا أراد أن يحيي الموتى صلى ركعتين ، يقرأ في الأولى : ( تبارك الذي بيده الملك ) [ سورة الملك ] ، وفي الثانية : ( الم . تنزيل الكتاب ) [ سورة السجدة ] . فإذا فرغ منهما مدح الله وأثنى عليه ، ثم دعا بسبعة أسماء : يا قديم ، يا خفي ، يا دائم ، يا فرد ، يا وتر ، يا أحد ، يا صمد - وكان إذا أصابته شدة دعا بسبعة أخر : يا حي ، يا قيوم ، يا الله ، يا رحمن ، يا ذا الجلال والإكرام ، يا نور السموات والأرض ، وما بينهما ورب العرش العظيم ، يا رب .وهذا أثر عجيب جدا .وقوله : ( وإذ كففت بني إسرائيل عنك إذ جئتهم بالبينات فقال الذين كفروا منهم إن هذا إلا سحر مبين ) أي : واذكر نعمتي عليك في كفي إياهم عنك حين جئتهم بالبراهين والحجج القاطعة على نبوتك ورسالتك من الله إليهم ، فكذبوك واتهموك بأنك ساحر ، وسعوا في قتلك وصلبك ، فنجيتك منهم ، ورفعتك إلي ، وطهرتك من دنسهم ، وكفيتك شرهم . وهذا يدل على أن هذا الامتنان كان من الله إليه بعد رفعه إلى السماء الدنيا ، أو يكون هذا الامتنان واقعا يوم القيامة ، وعبر عنه بصيغة الماضي دلالة على وقوعه لا محالة . وهذا من أسرار الغيوب التي أطلع الله عليها رسوله محمدا - صلى الله عليه وسلم - .
وَ اِذْ اَوْحَیْتُ اِلَى الْحَوَارِیّٖنَ اَنْ اٰمِنُوْا بِیْ وَ بِرَسُوْلِیْۚ-قَالُوْۤا اٰمَنَّا وَ اشْهَدْ بِاَنَّنَا مُسْلِمُوْنَ(۱۱۱)
اور جب میں نے حواریوں (ف۲۷۳) کے دل میں ڈالا کہ مجھ پر اور میرے رسول پر (ف۲۷۴) ایمان لاؤ بولے ہم ایمان لائے اور گواہ رہ کہ ہم مسلمان ہیں(ف۲۷۵)
وقوله : ( وإذ أوحيت إلى الحواريين أن آمنوا بي وبرسولي ) وهذا أيضا من الامتنان عليه - - عليه السلام - - بأن جعل له أصحابا وأنصارا . ثم قيل : المراد بهذا الوحي وحي إلهام ، كما قال : ( وأوحينا إلى أم موسى أن أرضعيه ) الآية [ القصص : 7 ] ، وهذا وحي إلهام بلا خوف ، وكما قال تعالى : ( وأوحى ربك إلى النحل أن اتخذي من الجبال بيوتا ومن الشجر ومما يعرشون . ثم كلي من كل الثمرات فاسلكي سبل ربك ذللا ) الآية [ النحل : 68 ، 69 ] . وهكذا قال بعض السلف في هذه الآية : ( وإذ أوحيت إلى الحواريين أن آمنوا بي وبرسولي قالوا آمنا ) [ أي : بالله وبرسول الله ] ( واشهد بأننا مسلمون ) أي : ألهموا ذلك فامتثلوا ما ألهموا .قال الحسن البصري : ألهمهم الله . عز وجل ذلك ، وقال السدي : قذف في قلوبهم ذلك .ويحتمل أن يكون المراد : وإذ أوحيت إليهم بواسطتك ، فدعوتهم إلى الإيمان بالله وبرسوله ، واستجابوا لك وانقادوا وتابعوك ، فقالوا : ( آمنا واشهد بأننا مسلمون )
اِذْ قَالَ الْحَوَارِیُّوْنَ یٰعِیْسَى ابْنَ مَرْیَمَ هَلْ یَسْتَطِیْعُ رَبُّكَ اَنْ یُّنَزِّلَ عَلَیْنَا مَآىٕدَةً مِّنَ السَّمَآءِؕ-قَالَ اتَّقُوا اللّٰهَ اِنْ كُنْتُمْ مُّؤْمِنِیْنَ(۱۱۲)
جب حواریوں نے کہا اے عیسیٰ بن مریم! کیا آپ کا رب ایسا کرے گا کہ ہم پر آسمان سے ایک خوان اُتارے (ف۲۷۶) کہا اللہ سے ڈرو ! اگر ایمان رکھتے ہو(ف۲۷۷)
هذه قصة المائدة ، وإليها تنسب السورة فيقال : " سورة المائدة " . وهي مما امتن الله به على عبده ورسوله عيسى ، - عليه السلام - ، لما أجاب دعاءه بنزولها ، فأنزلها الله آية ودلالة معجزة باهرة وحجة قاطعة .وقد ذكر بعض الأئمة أن قصة المائدة ليست مذكورة في الإنجيل ، ولا يعرفها النصارى إلا من المسلمين ، فالله أعلم .فقوله تعالى : ( إذ قال الحواريون ) وهم أتباع عيسى - عليه السلام - : ( يا عيسى ابن مريم هل يستطيع ربك ) هذه قراءة كثيرين ، وقرأ آخرون : " هل تستطيع ربك " أي : هل تستطيع أن تسأل ربك ( أن ينزل علينا مائدة من السماء ) .والمائدة هي : الخوان عليه طعام . وذكر بعضهم أنهم إنما سألوا ذلك لحاجتهم وفقرهم فسألوا أن ينزل عليهم مائدة كل يوم يقتاتون منها ، ويتقوون بها على العبادة .قال : ( اتقوا الله إن كنتم مؤمنين ) أي : فأجابهم المسيح ، - عليه السلام - ، قائلا لهم : اتقوا الله ، ولا تسألوا هذا ، فعساه أن يكون فتنة لكم ، وتوكلوا على الله في طلب الرزق إن كنتم مؤمنين .
قَالُوْا نُرِیْدُ اَنْ نَّاْكُلَ مِنْهَا وَ تَطْمَىٕنَّ قُلُوْبُنَا وَ نَعْلَمَ اَنْ قَدْ صَدَقْتَنَا وَ نَكُوْنَ عَلَیْهَا مِنَ الشّٰهِدِیْنَ(۱۱۳)
بولے ہم چاہتے ہیں (ف۲۷۸) کہ اس میں سے کھائیں اور ہمارے دل ٹھہریں (ف۲۷۹) اور ہم آنکھوں دیکھ لیں کہ آپ نے ہم سے سچ فرمایا (ف۲۸۰) اور ہم اس پر گواہ ہوجائیں(ف۲۸۱)
( قالوا نريد أن نأكل منها ) أي : نحن محتاجون إلى الأكل منها ( وتطمئن قلوبنا ) إذا شاهدنا نزولها رزقا لنا من السماء ( ونعلم أن قد صدقتنا ) أي : ونزداد إيمانا بك وعلما برسالتك ( ونكون عليها من الشاهدين ) أي : ونشهد أنها آية من عند الله ، ودلالة وحجة على نبوتك وصدق ما جئت به .
قَالَ عِیْسَى ابْنُ مَرْیَمَ اللّٰهُمَّ رَبَّنَاۤ اَنْزِلْ عَلَیْنَا مَآىٕدَةً مِّنَ السَّمَآءِ تَكُوْنُ لَنَا عِیْدًا لِّاَوَّلِنَا وَ اٰخِرِنَا وَ اٰیَةً مِّنْكَۚ-وَ ارْزُقْنَا وَ اَنْتَ خَیْرُ الرّٰزِقِیْنَ(۱۱۴)
عیسیٰ بن مریم نے عرض کی، اے اللہ! اے رب ہمارے! ہم پر آسمان سے ایک خوان اُتار کہ وہ ہمارے لیے عید ہو (ف۲۸۲) ہمارے اگلے پچھلوں کی (ف۲۸۳) اور تیری طرف سے نشانی (ف۲۸۴) اور ہمیں رزق دے اور تو سب سے بہتر روزی دینے والا ہے،
( قال عيسى ابن مريم اللهم ربنا أنزل علينا مائدة من السماء تكون لنا عيدا لأولنا وآخرنا ) قال السدي : أي نتخذ ذلك اليوم الذي نزلت فيه عيدا نعظمه نحن ومن بعدنا ، وقال سفيان الثوري : يعني يوما نصلي فيه ، وقال قتادة : أرادوا أن يكون لعقبهم من بعدهم ، وعن سلمان الفارسي : عظة لنا ولمن بعدنا . وقيل : كافية لأولنا وآخرنا .( وآية منك ) أي : دليلا تنصبه على قدرتك على الأشياء ، وعلى إجابتك دعوتي ، فيصدقوني فيما أبلغه عنك ) وارزقنا ) أي : من عندك رزقا هنيئا بلا كلفة ولا تعب ( وأنت خير الرازقين )
قَالَ اللّٰهُ اِنِّیْ مُنَزِّلُهَا عَلَیْكُمْۚ-فَمَنْ یَّكْفُرْ بَعْدُ مِنْكُمْ فَاِنِّیْۤ اُعَذِّبُهٗ عَذَابًا لَّاۤ اُعَذِّبُهٗۤ اَحَدًا مِّنَ الْعٰلَمِیْنَ۠(۱۱۵)
اللہ نے فرمایا کہ میں اسے تم پر اُتارتا ہوں، پھر اب جو تم میں کفر کرے گا (ف۲۸۵) تو بیشک میں اسے وہ عذاب دوں گا کہ سارے جہان میں کسی پر نہ کروں گا(ف۲۸۶)
أي : فمن كذب بها من أمتك يا عيسى وعاندها ( فإني أعذبه عذابا لا أعذبه أحدا من العالمين ) أي : من عالمي زمانكم ، كقوله : ( ويوم تقوم الساعة أدخلوا آل فرعون أشد العذاب ) [ غافر : 46 ] ، وكقوله : ( إن المنافقين في الدرك الأسفل من النار ) [ النساء : 145 ] .وقد روى ابن جرير ، من طريق عوف الأعرابي ، عن أبي المغيرة القواس ، عن عبد الله بن عمرو قال : إن أشد الناس عذابا يوم القيامة ثلاثة : المنافقون ، ومن كفر من أصحاب المائدة ، وآل فرعون .ذكر أخبار رويت عن السلف في نزول المائدة على الحواريين :قال أبو جعفر بن جرير ، حدثنا القاسم ، حدثنا الحسين ، حدثني حجاج ، عن ليث ، عن عقيل عن ابن عباس : أنه كان يحدث عن عيسى ابن مريم أنه قال لبني إسرائيل : هل لكم أن تصوموا لله ثلاثين يوما ، ثم تسألوه فيعطيكم ما سألتم؟ فإن أجر العامل على من عمل له . ففعلوا ، ثم قالوا : يا معلم الخير ، قلت لنا : إن أجر العامل على من عمل له وأمرتنا أن نصوم ثلاثين يوما ، ففعلنا ، ولم نكن نعمل لأحد ثلاثين يوما إلا أطعمنا حين نفرغ طعاما ، فهل يستطيع ربك أن ينزل علينا مائدة من السماء؟ قال عيسى : ( اتقوا الله إن كنتم مؤمنين . قالوا نريد أن نأكل منها وتطمئن قلوبنا ونعلم أن قد صدقتنا ونكون عليها من الشاهدين . قال عيسى ابن مريم اللهم ربنا أنزل علينا مائدة من السماء تكون لنا عيدا لأولنا وآخرنا وآية منك وارزقنا وأنت خير الرازقين . قال الله إني منزلها عليكم فمن يكفر بعد منكم فإني أعذبه عذابا لا أعذبه أحدا من العالمين ) قال : فأقبلت الملائكة تطير بمائدة من السماء ، عليها سبعة أحوات وسبعة أرغفة ، حتى وضعتها بين أيديهم ، فأكل منها آخر الناس كما أكل منها أولهم .كذا رواه ابن جرير ورواه ابن أبي حاتم ، عن يونس بن عبد الأعلى ، عن ابن وهب ، عن الليث ، عن عقيل ، عن ابن شهاب ، قال : كان ابن عباس يحدث ، فذكر نحوه .وقال ابن أبي حاتم أيضا : حدثنا سعد بن عبد الله بن عبد الحكم ، حدثنا أبو زرعة وهب الله بن راشد ، حدثنا عقيل بن خالد ، أن ابن شهاب أخبره عن ابن عباس ; أن عيسى ابن مريم قالوا له : ادع الله أن ينزل علينا مائدة من السماء ، قال : فنزلت الملائكة بمائدة يحملونها ، عليها سبعة أحوات ، وسبعة أرغفة ، فأكل منها آخر الناس كما أكل منها أولهم .وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبي ، حدثنا الحسن بن قزعة الباهلي ، حدثنا سفيان بن حبيب ، حدثنا سعيد بن أبي عروبة ، عن قتادة ، عن خلاس ، عن عمار بن ياسر ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " نزلت المائدة من السماء ، عليها خبز ولحم ، وأمروا أن لا يخونوا ولا يرفعوا لغد ، فخانوا وادخروا ورفعوا ، فمسخوا قردة وخنازير "وكذا رواه ابن جرير ، عن الحسن بن قزعة ثم رواه ابن جرير ، عن ابن بشار ، عن ابن أبي عدي ، عن سعيد ، عن قتادة ، عن خلاس ، عن عمار ، قال : نزلت المائدة وعليها ثمر من ثمار الجنة ، فأمروا ألا يخونوا ولا يخبئوا ولا يدخروا . قال : فخان القوم وخبئوا وادخروا ، فمسخهم الله قردة وخنازير .وقال ابن جرير : حدثنا ابن المثنى ، حدثنا عبد الأعلى ، حدثنا داود ، عن سماك بن حرب ، عن رجل من بني عجل ، قال : صليت إلى جنب عمار بن ياسر ، فلما فرغ قال : هل تدري كيف كان شأن مائدة بني إسرائيل؟ قال : قلت : لا قال : إنهم سألوا عيسى ابن مريم مائدة يكون عليها طعام يأكلون منه لا ينفد ، قال : فقيل لهم : فإنها مقيمة لكم ما لم تخبؤوا ، أو تخونوا ، أو ترفعوا ، فإن فعلتم فإني معذبكم عذابا لا أعذبه أحدا من العالمين ، قال : فما مضى يومهم حتى خبؤوا ورفعوا وخانوا ، فعذبوا عذابا لم يعذبه أحد من العالمين . وإنكم - معشر العرب - كنتم تتبعون أذناب الإبل والشاء ، فبعث الله فيكم رسولا من أنفسكم ، تعرفون حسبه ونسبه ، وأخبركم أنكم ستظهرون على العجم ، ونهاكم أن تكتنزوا الذهب والفضة . وأيم الله ، لا يذهب الليل والنهار حتى تكنزوهما ويعذبكم الله عذابا أليما .وقال : حدثنا القاسم ، حدثنا حسين ، حدثني حجاج ، عن أبي معشر ، عن إسحاق بن عبد الله ، أن المائدة نزلت على عيسى ابن مريم ، عليها سبعة أرغفة وسبعة أحوات ، يأكلون منها ما شاؤوا . قال : فسرق بعضهم منها وقال : " لعلها لا تنزل غدا " . فرفعت .وقال العوفي ، عن ابن عباس : نزلت على عيسى ابن مريم والحواريين ، خوان عليه خبز وسمك ، يأكلون منه أينما نزلوا إذا شاؤوا . وقال خصيف ، عن عكرمة ومقسم ، عن ابن عباس : كانت المائدة سمكة وأرغفة . وقال مجاهد : هو طعام كان ينزل عليهم حيث نزلوا . وقال أبو عبد الرحمن السلمي : نزلت المائدة خبزا وسمكا . وقال عطية العوفي : المائدة سمك فيه طعم كل شيء .وقال وهب بن منبه : أنزلها من السماء على بني إسرائيل ، فكان ينزل عليهم في كل يوم في تلك المائدة من ثمار الجنة ، فأكلوا ما شاؤوا من ضروب شتى ، فكان يقعد عليها أربعة آلاف ، فإذا أكلوا أبدل الله مكان ذلك لمثلهم . فلبثوا على ذلك ما شاء الله عز وجل .وقال وهب بن منبه : نزل عليهم قرصة من شعير وأحوات ، وحشا الله بين أضعافهن البركة ، فكان قوم يأكلون ثم يخرجون ، ثم يجيء آخرون فيأكلون ثم يخرجون ، حتى أكل جميعهم وأفضلوا .وقال الأعمش ، عن مسلم ، عن سعيد بن جبير : أنزل عليها كل شيء إلا اللحم .وقال سفيان الثوري ، عن عطاء بن السائب ، عن زاذان وميسرة وجرير ، عن عطاء ، عن ميسرة قال : كانت المائدة إذا وضعت لبني إسرائيل اختلفت عليهم الأيدي بكل طعام إلا اللحم .وعن عكرمة : كان خبز المائدة من الأرز . رواه ابن أبي حاتم .وقال ابن أبي حاتم : أخبرنا جعفر بن علي فيما كتب إلي ، حدثنا إسماعيل بن أبي أويس ، حدثني أبو عبد الله عبد القدوس بن إبراهيم بن عبيد الله بن مرداس العبدري - مولى بني عبد الدار - عن إبراهيم بن عمر ، عن وهب بن منبه ، عن أبي عثمان النهدي ، عن سلمان الخير ; أنه قال : لما سأل الحواريون عيسى ابن مريم المائدة ، كره ذلك جدا وقال : اقنعوا بما رزقكم الله في الأرض ، ولا تسألوا المائدة من السماء ، فإنها إن نزلت عليكم كانت آية من ربكم ، وإنما هلكت ثمود حين سألوا نبيهم آية ، فابتلوا بها حتى كان بوارهم فيها . فأبوا إلا أن يأتيهم بها ، فلذلك قالوا : ( نريد أن نأكل منها وتطمئن قلوبنا ) الآية .فلما رأى عيسى أن قد أبوا إلا أن يدعو لهم بها ، قام فألقى عنه الصوف ، ولبس الشعر الأسود ، وجبة من شعر ، وعباءة من شعر ، ثم توضأ واغتسل ، ودخل مصلاه فصلى ما شاء الله ، فلما قضى صلاته قام قائما مستقبل القبلة وصف قدميه حتى استويا ، فألصق الكعب بالكعب وحاذى الأصابع ، ووضع يده اليمنى على اليسرى فوق صدره ، وغض بصره ، وطأطأ رأسه خشوعا ، ثم أرسل عينيه بالبكاء ، فما زالت دموعه تسيل على خديه وتقطر من أطراف لحيته حتى ابتلت الأرض حيال وجهه من خشوعه ، فلما رأى ذلك دعا الله فقال : ( اللهم ربنا أنزل علينا مائدة من السماء ) فأنزل الله عليهم سفرة حمراء بين غمامتين : غمامة فوقها وغمامة تحتها ، وهم ينظرون إليها في الهواء منقضة من فلك السماء تهوي إليهم وعيسى يبكي خوفا للشروط التي اتخذها الله عليهم - فيها : أنه يعذب من يكفر بها منهم بعد نزولها عذابا لم يعذبه أحدا من العالمين - وهو يدعو الله من مكانه ويقول : اللهم اجعلها رحمة ، إلهي لا تجعلها عذابا ، إلهي كم من عجيبة سألتك فأعطيتني ، إلهي اجعلنا لك شكارين ، إلهي أعوذ بك أن تكون أنزلتها غضبا وجزاء ، إلهي اجعلها سلامة وعافية ، ولا تجعلها فتنة ومثلة .فما زال يدعو حتى استقرت السفرة بين يدي عيسى والحواريين وأصحابه حوله ، يجدون رائحة طيبة لم يجدوا فيما مضى رائحة مثلها قط ، وخر عيسى والحواريون لله سجدا شكرا بما رزقهم من حيث لم يحتسبوا وأراهم فيه آية عظيمة ذات عجب وعبرة ، وأقبلت اليهود ينظرون فرأوا أمرا عجيبا أورثهم كمدا وغما ، ثم انصرفوا بغيظ شديد وأقبل عيسى . والحواريون وأصحابه حتى جلسوا حول السفرة ، فإذا عليها منديل مغطي . قال عيسى : من أجرؤنا على كشف المنديل عن هذه السفرة ، وأوثقنا بنفسه ، وأحسننا بلاء عند ربه؟ فليكشف عن هذه الآية حتى نراها ، ونحمد ربنا ، ونذكر باسمه ، ونأكل من رزقه الذي رزقنا . فقال الحواريون : يا روح الله وكلمته ، أنت أولانا بذلك ، وأحقنا بالكشف عنها . فقام عيسى ، - عليه السلام - ، واستأنف وضوءا جديدا ، ثم دخل مصلاه فصلى كذلك ركعات ، ثم بكى بكاء طويلا ودعا الله أن يأذن له في الكشف عنها ، ويجعل له ولقومه فيها بركة ورزقا . ثم انصرف فجلس إلى السفرة وتناول المنديل ، وقال : " باسم الله خير الرازقين " ، وكشف عن السفرة ، فإذا هو عليها سمكة ضخمة مشوية ، ليس عليها بواسير ، وليس في جوفها شوك ، يسيل السمن منها سيلا قد نضد حولها بقول من كل صنف غير الكراث ، وعند رأسها خل ، وعند ذنبها ملح ، وحول البقول خمسة أرغفة ، على واحد منها زيتون ، وعلى الآخر ثمرات ، وعلى الآخر خمس رمانات .فقال شمعون رأس الحواريين لعيسى : يا روح الله وكلمته ، أمن طعام الدنيا هذا أم من طعام الجنة؟ فقال : أما آن لكم أن تعتبروا بما ترون من الآيات ، وتنتهوا عن تنقير المسائل؟ ما أخوفني عليكم أن تعاقبوا في سبب نزول هذه الآية! فقال شمعون : وإله إسرائيل ما أردت بها سؤالا يا ابن الصديقة . فقال عيسى ، - عليه السلام - : ليس شيء مما ترون من طعام الجنة ولا من طعام الدنيا ، إنما هو شيء ابتدعه الله في الهواء بالقدرة العالية القاهرة ، فقال له : كن . فكان أسرع من طرفة عين ، فكلوا مما سألتم باسم الله واحمدوا عليه ربكم يمدكم منه ويزدكم ، فإنه بديع قادر شاكر .فقالوا : يا روح الله وكلمته ، إنا نحب أن ترينا آية في هذه الآية . فقال عيسى : سبحان الله! أما اكتفيتم بما رأيتم في هذه الآية حتى تسألوا فيها آية أخرى؟ ثم أقبل عيسى ، - عليه السلام - ، على السمكة ، فقال : يا سمكة ، عودي بإذن الله حية كما كنت . فأحياها الله بقدرته ، فاضطربت وعادت بإذن الله حية طرية ، تلمظ كما يتلمظ الأسد ، تدور عيناها لها بصيص ، وعادت عليها بواسيرها . ففزع القوم منها وانحازوا . فلما رأى عيسى ذلك منهم قال : ما لكم تسألون الآية ، فإذا أراكموها ربكم كرهتموها؟ ما أخوفني عليكم أن تعاقبوا بما تصنعون! يا سمكة ، عودي بإذن الله كما كنت . فعادت بإذن الله مشوية كما كانت في خلقها الأول .فقالوا لعيسى : كن أنت يا روح الله الذي تبدأ بالأكل منها ، ثم نحن بعد فقال عيسى : معاذ الله من ذلك! يبدأ بالأكل من طلبها . فلما رأى الحواريون وأصحابهم امتناع نبيهم منها ، خافوا أن يكون نزولها سخطة وفي أكلها مثلة ، فتحاموها . فلما رأى ذلك عيسى دعا لها الفقراء والزمنى ، وقال : كلوا من رزق ربكم ، ودعوة نبيكم ، واحمدوا الله الذي أنزلها لكم ، فيكون مهنؤها لكم ، وعقوبتها على غيركم ، وافتتحوا أكلكم باسم الله ، واختموه بحمد الله ، ففعلوا ، فأكل منها ألف وثلاثمائة إنسان بين رجل وامرأة ، يصدرون عنها كل واحد منهم شبعان يتجشأ ، ونظر عيسى والحواريون فإذا ما عليها كهيئته إذ أنزلت من السماء ، لم ينتقص منها شيء ، ثم إنها رفعت إلى السماء وهم ينظرون فاستغنى كل فقير أكل منها ، وبرئ كل زمن أكل منها ، فلم يزالوا أغنياء صحاحا حتى خرجوا من الدنيا .وندم الحواريون وأصحابهم الذين أبوا أن يأكلوا منها ندامة ، سالت منها أشفارهم ، وبقيت حسرتها في قلوبهم إلى يوم الممات ، قال : فكانت المائدة إذا نزلت بعد ذلك أقبلت بنو إسرائيل إليها من كل مكان يسعون يزاحم بعضهم بعضا : الأغنياء والفقراء ، والصغار والكبار ، والأصحاء والمرضى ، يركب بعضهم بعضا . فلما رأى ذلك جعلها نوائب ، تنزل يوما ولا تنزل يوما . فلبثوا في ذلك أربعين يوما ، تنزل عليهم غبا عند ارتفاع الضحى فلا تزال موضوعة يؤكل منها ، حتى إذا قاموا ارتفعت عنهم . بإذن الله إلى جو السماء ، وهم ينظرون إلى ظلها في الأرض حتى توارى عنهم .قال : فأوحى الله إلى نبيه عيسى ، - عليه السلام - ، أن اجعل رزقي المائدة ، لليتامى والفقراء والزمنى دون الأغنياء من الناس ، فلما فعل ذلك ارتاب بها الأغنياء من الناس ، وغمطوا ذلك ، حتى شكوا فيها في أنفسهم وشككوا فيها الناس ، وأذاعوا في أمرها القبيح والمنكر ، وأدرك الشيطان منهم حاجته ، وقذف وسواسه في قلوب المرتابين حتى قالوا لعيسى : أخبرنا عن المائدة ، ونزولها من السماء أحق ، فإنه قد ارتاب بها بشر منا كثير؟ فقال عيسى ، - عليه السلام - : هلكتم وإله المسيح! طلبتم المائدة إلى نبيكم أن يطلبها لكم إلى ربكم ، فلما أن فعل وأنزلها عليكم رحمة ورزقا ، وأراكم فيها الآيات والعبر كذبتم بها ، وشككتم فيها ، فأبشروا بالعذاب ، فإنه نازل بكم إلا أن يرحمكم الله .وأوحى الله إلى عيسى : إني آخذ المكذبين بشرطي ، فإني معذب منهم من كفر بالمائدة بعد نزولها عذابا لا أعذبه أحدا من العالمين . قال فلما أمسى المرتابون بها وأخذوا مضاجعهم في أحسن صورة مع نسائهم آمنين ، فلما كان في آخر الليل مسخهم الله خنازير ، فأصبحوا يتبعون الأقذار في الكناسات .هذا أثر غريب جدا . قطعه ابن أبي حاتم في مواضع من هذه القصة ، وقد جمعته أنا له ليكون سياقه أتم وأكمل ، والله سبحانه وتعالى أعلم .وكل هذه الآثار دالة على أن المائدة نزلت على بني إسرائيل ، أيام عيسى ابن مريم ، إجابة من الله لدعوته ، وكما دل على ذلك ظاهر هذا السياق من القرآن العظيم : ( قال الله إني منزلها عليكم ) الآية .وقد قال قائلون : إنها لم تنزل . فروى ليث بن أبي سليم ، عن مجاهد في قوله : ( أنزل علينا مائدة من السماء ) قال : هو مثل ضرب ، ولم ينزل شيء .رواه ابن أبي حاتم وابن جرير . ثم قال ابن جرير : حدثني الحارث ، حدثنا القاسم - هو ابن سلام - حدثنا حجاج ، عن ابن جريج ، عن مجاهد قال : مائدة عليها طعام ، أبوها حين عرض عليهم العذاب إن كفروا ، فأبوا أن تنزل عليهم .وقال أيضا : حدثنا ابن المثنى ، حدثنا محمد بن جعفر ، حدثنا شعبة ، عن منصور بن زاذان ، عن الحسن ; أنه قال في المائدة : لم تنزل .وحدثنا بشر ، حدثنا يزيد ، حدثنا سعيد ، عن قتادة قال : كان الحسن يقول : لما قيل لهم : ( فمن يكفر بعد منكم فإني أعذبه عذابا لا أعذبه أحدا من العالمين ) قالوا : لا حاجة لنا فيها ، فلم تنزل .وهذه أسانيد صحيحة إلى مجاهد والحسن ، وقد يتقوى ذلك بأن خبر المائدة لا تعرفه النصارى وليس هو في كتابهم ، ولو كانت قد نزلت لكان ذلك مما يتوفر الدواعي على نقله ، وكان يكون موجودا في كتابهم متواترا ، ولا أقل من الآحاد ، والله أعلم . ولكن الذي عليه الجمهور أنها نزلت ، وهو الذي اختاره ابن جرير ، قال : لأنه تعالى أخبر بنزولها بقوله تعالى : ( إني منزلها عليكم فمن يكفر بعد منكم فإني أعذبه عذابا لا أعذبه أحدا من العالمين ) قال : ووعد الله ووعيده حق وصدق .وهذا القول هو - والله أعلم - الصواب ، كما دلت عليه الأخبار والآثار عن السلف وغيرهم . وقد ذكر أهل التاريخ أن موسى بن نصير نائب بني أمية في فتوح بلاد المغرب ، وجد المائدة هنالك مرصعة باللآلئ وأنواع الجواهر ، فبعث بها إلى أمير المؤمنين الوليد بن عبد الملك ، باني جامع دمشق ، فمات وهي في الطريق ، فحملت إلى أخيه سليمان بن عبد الملك الخليفة بعده ، فرآها الناس وتعجبوا منها كثيرا لما فيها من اليواقيت النفيسة والجواهر اليتيمة . ويقال إن هذه المائدة كانت لسليمان بن داود ، عليهما السلام ، فالله أعلم .وقد قال الإمام أحمد : حدثنا عبد الرحمن ، حدثنا سفيان ، عن سلمة بن كهيل ، عن عمران بن الحكم ، عن ابن عباس قال : قالت قريش للنبي - صلى الله عليه وسلم - : ادع لنا ربك أن يجعل لنا الصفا ذهبا ونؤمن بك قال : " وتفعلون؟ " قالوا : نعم . قال : فدعا ، فأتاه جبريل فقال : إن ربك يقرأ عليك السلام ، ويقول لك : إن شئت أصبح لهم الصفا ذهبا ، فمن كفر منهم بعد ذلك عذبته عذابا لا أعذبه أحدا من العالمين ، وإن شئت فتحت لهم باب التوبة والرحمة . قال : " بل باب التوبة والرحمة " .ثم رواه أحمد وابن مردويه والحاكم في مستدركه ، من حديث سفيان الثوري ، به .
وَ اِذْ قَالَ اللّٰهُ یٰعِیْسَى ابْنَ مَرْیَمَ ءَاَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُوْنِیْ وَ اُمِّیَ اِلٰهَیْنِ مِنْ دُوْنِ اللّٰهِؕ-قَالَ سُبْحٰنَكَ مَا یَكُوْنُ لِیْۤ اَنْ اَقُوْلَ مَا لَیْسَ لِیْۗ-بِحَقٍّ ﳳ-اِنْ كُنْتُ قُلْتُهٗ فَقَدْ عَلِمْتَهٗؕ-تَعْلَمُ مَا فِیْ نَفْسِیْ وَ لَاۤ اَعْلَمُ مَا فِیْ نَفْسِكَؕ-اِنَّكَ اَنْتَ عَلَّامُ الْغُیُوْبِ(۱۱۶)
اور جب اللہ فرمائے گا (ف۲۸۷) اے مریم کے بیٹے عیسیٰ! کیا تو نے لوگوں سے کہہ دیا تھا کہ مجھے اور میری ماں کو دو خدا بنالو اللہ کے سوا (ف۲۸۸) عرض کرے گا، پاکی ہے تجھے (ف۲۸۹) مجھے روا نہیں کہ وہ بات کہوں جو مجھے نہیں پہنچتی (ف۲۹۰) اگر میں نے ایسا کہا ہو تو ضرور تجھے معلوم ہوگا تو جانتا ہے جو میرے جی میں ہے اور میں نہیں جانتا جو تیرے علم میں ہے، بیشک تو ہی ہے سب غیبوں کا خوب جاننے والا (ف۲۹۱)
هذا أيضا مما يخاطب الله تعالى به عبده ورسوله عيسى ابن مريم ، - عليه السلام - ، قائلا له يوم القيامة بحضرة من اتخذه وأمه إلهين من دون الله : ( وإذ قال الله يا عيسى ابن مريم أأنت قلت للناس اتخذوني وأمي إلهين من دون الله ) ؟ وهذا تهديد للنصارى وتوبيخ وتقريع على رؤوس الأشهاد . هكذا قاله قتادة وغيره ، واستدل قتادة على ذلك بقوله تعالى : ( هذا يوم ينفع الصادقين صدقهم )وقال السدي : هذا الخطاب والجواب في الدنيا .قال ابن جرير : هذا هو الصواب ، وكان ذلك حين رفعه الله إلى سماء الدنيا . واحتج ابن جرير على ذلك بمعنيين :أحدهما : أن الكلام لفظ المضي .والثاني : قوله : ( إن تعذبهم ) و ( إن تغفر لهم )وهذان الدليلان فيهما نظر ; لأن كثيرا من أمور يوم القيامة ذكر بلفظ المضي ، ليدل على الوقوع والثبوت . ومعنى قوله : ( إن تعذبهم فإنهم عبادك ) الآية : التبري منهم ورد المشيئة فيهم إلى الله ، وتعليق ذلك على الشرط لا يقتضي وقوعه ، كما في نظائر ذلك من الآيات .والذي قاله قتادة وغيره هو الأظهر ، والله أعلم : أن ذلك كائن يوم القيامة ، ليدل على تهديد النصارى وتقريعهم وتوبيخهم على رؤوس الأشهاد يوم القيامة . وقد روي بذلك حديث مرفوع ، رواه الحافظ ابن عساكر في ترجمة أبي عبد الله ، مولى عمر بن عبد العزيز ، وكان ثقة ، قال : سمعت أبا بردة يحدث عمر بن عبد العزيز عن أبيه أبي موسى الأشعري قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " إذا كان يوم القيامة دعي بالأنبياء وأممهم ، ثم يدعى بعيسى ؛ فيذكره الله نعمته عليه ، فيقر بها ، فيقول : ( يا عيسى ابن مريم اذكر نعمتي عليك وعلى والدتك ) الآية [ المائدة : 110 ] ثم يقول : ( أأنت قلت للناس اتخذوني وأمي إلهين من دون الله ) ؟ فينكر أن يكون قال ذلك ، فيؤتى بالنصارى فيسألون ، فيقولون : نعم ، هو أمرنا بذلك ، قال : فيطول شعر عيسى ، - عليه السلام - ، فيأخذ كل ملك من الملائكة بشعرة من شعر رأسه وجسده . فيجاثيهم بين يدي الله ، عز وجل ، مقدار ألف عام ، حتى ترفع عليهم الحجة ، ويرفع لهم الصليب ، وينطلق بهم إلى النار " ، وهذا حديث غريب عزيز .وقوله : ( سبحانك ما يكون لي أن أقول ما ليس لي بحق ) هذا توفيق للتأدب في الجواب الكامل ، كما قال ابن أبي حاتم : حدثنا أبي ، حدثنا ابن أبي عمر ، حدثنا سفيان ، عن عمرو ، عن طاوس ، عن أبي هريرة قال : يلقى عيسى حجته ، ولقاه الله في قوله : ( وإذ قال الله يا عيسى ابن مريم أأنت قلت للناس اتخذوني وأمي إلهين من دون الله ) ؟ قال أبو هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - فلقاه الله : ( سبحانك ما يكون لي أن أقول ما ليس لي بحق ) إلى آخر الآية .وقد رواه الثوري ، عن معمر ، عن ابن طاوس ، عن طاوس ، بنحوه .وقوله : ( إن كنت قلته فقد علمته ) أي : إن كان صدر مني هذا فقد علمته يا رب ، فإنه لا يخفى عليك شيء مما قلته ولا أردته في نفسي ولا أضمرته ; ولهذا قال : ( تعلم ما في نفسي ولا أعلم ما في نفسك إنك أنت علام الغيوب)
مَا قُلْتُ لَهُمْ اِلَّا مَاۤ اَمَرْتَنِیْ بِهٖۤ اَنِ اعْبُدُوا اللّٰهَ رَبِّیْ وَ رَبَّكُمْۚ-وَ كُنْتُ عَلَیْهِمْ شَهِیْدًا مَّا دُمْتُ فِیْهِمْۚ-فَلَمَّا تَوَفَّیْتَنِیْ كُنْتَ اَنْتَ الرَّقِیْبَ عَلَیْهِمْؕ-وَ اَنْتَ عَلٰى كُلِّ شَیْءٍ شَهِیْدٌ(۱۱۷)
میں نے تو ان سے نہ کہا مگر وہی جو تو نے مجھے حکم دیا تھا کہ ا لله کو پوجو جو میرا بھی رب اور تمھا ر ا بھی رب اور میں ان پر مطلع تھا جب تک ان میں رہا، پھر جب تو نے مجھے اٹھالیا (ف۲۹۲) تو تُو ہی ان پر نگاہ رکھتا تھا، اور ہر چیز تیرے سامنے حاضر ہے(ف۲۹۳)
( ما قلت لهم إلا ما أمرتني به )بإبلاغه ( أن اعبدوا الله ربي وربكم ) أي : ما دعوتهم إلا إلى الذي أرسلتني به وأمرتني بإبلاغه : ( أن اعبدوا الله ربي وربكم ) أي : هذا هو الذي قلت لهم ( وكنت عليهم شهيدا ما دمت فيهم ) أي : كنت أشهد على أعمالهم حين كنت بين أظهرهم ( فلما توفيتني كنت أنت الرقيب عليهم وأنت على كل شيء شهيد )قال أبو داود الطيالسي : حدثنا شعبة قال : انطلقت أنا وسفيان الثوري إلى المغيرة بن النعمان فأملاه على سفيان وأنا معه ، فلما قام انتسخت من سفيان ، فحدثنا قال : سمعت سعيد بن جبير يحدث عن ابن عباس قال : قام فينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بموعظة ، فقال : " يا أيها الناس ، إنكم محشورون إلى الله ، عز وجل ، حفاة عراة غرلا كما بدأنا أول خلق نعيده ، وإن أول الخلائق يكسى إبراهيم ، ألا وإنه يجاء برجال من أمتي فيؤخذ بهم ذات الشمال فأقول : أصحابي . فيقال : إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك . فأقول كما قال العبد الصالح : ( وكنت عليهم شهيدا ما دمت فيهم فلما توفيتني كنت أنت الرقيب عليهم وأنت على كل شيء شهيد إن تعذبهم فإنهم عبادك وإن تغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم ) فيقال : إن هؤلاء لم يزالوا مرتدين على أعقابهم منذ فارقتهم " .ورواه البخاري عند هذه الآية عن الوليد ، عن أبي شعبة - وعن محمد بن كثير ، عن سفيان الثوري ، كلاهما عن المغيرة بن النعمان ، به .
اِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَاِنَّهُمْ عِبَادُكَۚ-وَ اِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَاِنَّكَ اَنْتَ الْعَزِیْزُ الْحَكِیْمُ(۱۱۸)
اگر تو انہیں عذاب کرے تو وہ تیرے بندے ہیں، اور اگر تو انہیں بخش دے تو بیشک تو ہی ہے غالب حکمت والا (ف۲۹۴)
وقوله : ( إن تعذبهم فإنهم عبادك وإن تغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم ) هذا الكلام يتضمن رد المشيئة إلى الله ، عز وجل ، فإنه الفعال لما يشاء ، الذي لا يسأل عما يفعل وهم يسألون . ويتضمن التبري من النصارى الذين كذبوا على الله ، وعلى رسوله ، وجعلوا لله ندا وصاحبة وولدا ، تعالى الله عما يقولون علوا كبيرا ، وهذه الآية لها شأن عظيم ونبأ عجيب ، وقد ورد في الحديث : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قام بها ليلة حتى الصباح يرددها .قال الإمام أحمد : حدثنا محمد بن فضيل ، حدثني فليت العامري ، عن جسرة العامرية ، عن أبي ذر ، - رضي الله عنه - ، قال : صلى رسول الله - - صلى الله عليه وسلم - - ليلة فقرأ بآية حتى أصبح ، يركع بها ويسجد بها : ( إن تعذبهم فإنهم عبادك وإن تغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم ) فلما أصبح قلت : يا رسول الله ، ما زلت تقرأ هذه الآية حتى أصبحت تركع بها وتسجد بها؟ قال : " إني سألت ربي ، عز وجل ، الشفاعة لأمتي ، فأعطانيها ، وهي نائلة إن شاء الله لمن لا يشرك بالله شيئا " .طريق أخرى وسياق آخر : قال أحمد : حدثنا يحيى ، حدثنا قدامة بن عبد الله ، حدثتني جسرة بنت دجاجة : أنها انطلقت معتمرة ، فانتهت إلى الربذة ، فسمعت أبا ذر يقول : قام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليلة من الليالي في صلاة العشاء ، فصلى بالقوم ، ثم تخلف أصحاب له يصلون ، فلما رأى قيامهم وتخلفهم انصرف إلى رحله ، فلما رأى القوم قد أخلوا المكان رجع إلى مكانه فصلى ، فجئت فقمت خلفه ، فأومأ إلي بيمينه ، فقمت عن يمينه . ثم جاء ابن مسعود فقام خلفي وخلفه ، فأومأ إليه بشماله ، فقام عن شماله ، فقمنا ثلاثتنا يصلي كل واحد منا بنفسه ، ويتلو من القرآن ما شاء الله أن يتلو . وقام بآية من القرآن يرددها حتى صلى الغداة . فلما أصبحنا أومأت إلى عبد الله بن مسعود : أن سله ما أراد إلى ما صنع البارحة؟ فقال ابن مسعود بيده : لا أسأله عن شيء حتى يحدث إلي ، فقلت : بأبي أنت وأمي ، قمت بآية من القرآن ومعك القرآن ، لو فعل هذا بعضنا لوجدنا عليه ، قال : " دعوت لأمتي " . قلت : فماذا أجبت؟ - أو ماذا رد عليك؟ - قال : " أجبت بالذي لو اطلع عليه كثير منهم طلعة تركوا الصلاة " . قلت : أفلا أبشر الناس؟ قال : " بلى " . فانطلقت معنقا قريبا من قذفة بحجر . فقال عمر : يا رسول الله ، إنك إن تبعث إلى الناس بهذا نكلوا عن العبادة . فناداه أن ارجع فرجع ، وتلك الآية : ( إن تعذبهم فإنهم عبادك وإن تغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم )وقال ابن أبي حاتم : حدثنا يونس بن عبد الأعلى ، حدثنا ابن وهب ، أخبرني عمرو بن الحارث ، أن بكر بن سوادة حدثه ، عن عبد الرحمن بن جبير ، عن عبد الله بن عمرو بن العاص أن النبي - صلى الله عليه وسلم - تلا قول عيسى : ( إن تعذبهم فإنهم عبادك وإن تغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم ) فرفع يديه فقال : " اللهم أمتي " . وبكى ، فقال الله : يا جبريل ، اذهب إلى محمد - وربك أعلم - فاسأله : ما يبكيه؟ فأتاه جبريل ، فسأله ، فأخبره رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بما قال ، فقال الله : يا جبريل ، اذهب إلى محمد فقل : إنا سنرضيك في أمتك ولا نسوؤك .وقال الإمام أحمد : حدثنا حسن ، حدثنا ابن لهيعة ، حدثنا ابن هبيرة أنه سمع أبا تميم الجيشاني يقول : حدثني سعيد بن المسيب ، سمعت حذيفة بن اليمان يقول : غاب عنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوما فلم يخرج ، حتى ظننا أن لن يخرج ، فلما خرج سجد سجدة ظننا أن نفسه قد قبضت فيها ، فلما رفع رأسه قال : " إن ربي ، عز وجل ، استشارني في أمتي : ماذا أفعل بهم؟ فقلت : ما شئت أي رب هم خلقك وعبادك . فاستشارني الثانية ، فقلت له كذلك ، فقال : لا أخزيك في أمتك يا محمد ، وبشرني أن أول من يدخل الجنة من أمتي معي سبعون ألفا ، مع كل ألف سبعون ألفا ، ليس عليهم حساب ، ثم أرسل إلي فقال : ادع تجب ، وسل تعط " . فقلت لرسوله : أومعطي ربي سؤلي؟ قال : ما أرسلني إليك إلا ليعطيك ، ولقد أعطاني ربي ولا فخر ، وغفر لي ما تقدم من ذنبي وما تأخر ، وأنا أمشي حيا صحيحا ، وأعطاني ألا تجوع أمتي ولا تغلب ، وأعطاني الكوثر ، وهو نهر في الجنة يسيل في حوضي ، وأعطاني العز والنصر والرعب يسعى بين يدي أمتي شهرا ، وأعطاني أني أول الأنبياء يدخل الجنة ، وطيب لي ولأمتي الغنيمة ، وأحل لنا كثيرا مما شدد على من قبلنا ، ولم يجعل علينا في الدين من حرج " .
قَالَ اللّٰهُ هٰذَا یَوْمُ یَنْفَعُ الصّٰدِقِیْنَ صِدْقُهُمْؕ-لَهُمْ جَنّٰتٌ تَجْرِیْ مِنْ تَحْتِهَا الْاَنْهٰرُ خٰلِدِیْنَ فِیْهَاۤ اَبَدًاؕ-رَضِیَ اللّٰهُ عَنْهُمْ وَ رَضُوْا عَنْهُؕ-ذٰلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِیْمُ(۱۱۹)
اللہ نے فرمایا کہ یہ (ف۲۹۵) ہے وہ دن جس میں سچوں کو (ف۲۹۶) ان کا سچ کام آئے گا، ان کے لئے باغ ہیں جن کے نیچے نہریں رواں ہمیشہ ہمیشہ رہیں گے، اللہ ان سے راضی اور وہ اللہ سے راضی، یہ ہے بڑی کامیابی،
يقول تعالى مجيبا لعبده ورسوله عيسى ابن مريم فيما أنهاه إليه من التبري من النصارى الملحدين ، الكاذبين على الله وعلى رسوله ، ومن رد المشيئة فيهم إلى ربه ، عز وجل ، فعند ذلك يقول تعالى : ( هذا يوم ينفع الصادقين صدقهم )قال الضحاك ، عن ابن عباس يقول : يوم ينفع الموحدين توحيدهم .( لهم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا ) أي : ماكثين فيها لا يحولون ولا يزولون ، رضي الله عنهم ورضوا عنه ، كما قال تعالى : ( ورضوان من الله أكبر ) [ التوبة : 72 ] .وسيأتي ما يتعلق بتلك الآية من الحديث .وقد روى ابن أبي حاتم هاهنا حديثا فقال : حدثنا أبو سعيد الأشج ، حدثنا المحاربي ، عن ليث ، عن عثمان - يعني ابن عمير أبو اليقظان - عن أنس قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " ثم يتجلى لهم الرب تعالى فيقول : سلوني سلوني أعطكم " . قال : " فيسألونه الرضا ، فيقول : رضاي أحلكم داري ، وأنالكم كرامتي ، فسلوني أعطكم . فيسألونه الرضا " ، قال : " فيشهدهم أنه قد رضي عنهم " .وقوله : ( ذلك الفوز العظيم ) أي : هذا هو الفوز الكبير الذي لا أعظم منه ، كما قال تعالى : ( لمثل هذا فليعمل العاملون ) [ الصافات : 61 ] ، وكما قال : ( وفي ذلك فليتنافس المتنافسون ) [ المطففين : 26 ] .
لِلّٰهِ مُلْكُ السَّمٰوٰتِ وَ الْاَرْضِ وَ مَا فِیْهِنَّؕ-وَ هُوَ عَلٰى كُلِّ شَیْءٍ قَدِیْرٌ۠(۱۲۰)
اللہ ہی کے لئے ہے آسمانوں اور زمین اور جو کچھ ان میں ہے سب کی سلطنت، اور وہ ہر چیز پر قادر ہے(ف۲۹۷)
وقوله : ( لله ملك السماوات والأرض وما فيهن وهو على كل شيء قدير ) أي : هو الخالق للأشياء ، المالك لها ، المتصرف فيها القادر عليها ، فالجميع ملكه وتحت قهره وقدرته وفي مشيئته ، فلا نظير له ولا وزير ، ولا عديل ، ولا والد ولا ولد ولا صاحبة ، فلا إله غيره ولا رب سواه .قال ابن وهب : سمعت حيي بن عبد الله يحدث ، عن أبي عبد الرحمن الحبلي ، عن عبد الله بن عمرو قال : آخر سورة أنزلت سورة المائدة ."تم تفسير سورة المائدة ولله الحمد والمنة".
- English | Ahmed Ali
- Urdu | Ahmed Raza Khan
- Turkish | Ali-Bulaç
- German | Bubenheim Elyas
- Chinese | Chineese
- Spanish | Cortes
- Dutch | Dutch
- Portuguese | El-Hayek
- English | English
- Urdu | Fateh Muhammad Jalandhry
- French | French
- Hausa | Hausa
- Indonesian | Indonesian-Bahasa
- Italian | Italian
- Korean | Korean
- Malay | Malay
- Russian | Russian
- Tamil | Tamil
- Thai | Thai
- Farsi | مکارم شیرازی
- العربية | التفسير الميسر
- العربية | تفسير الجلالين
- العربية | تفسير السعدي
- العربية | تفسير ابن كثير
- العربية | تفسير الوسيط لطنطاوي
- العربية | تفسير البغوي
- العربية | تفسير القرطبي
- العربية | تفسير الطبري
- English | Arberry
- English | Yusuf Ali
- Dutch | Keyzer
- Dutch | Leemhuis
- Dutch | Siregar
- Urdu | Sirat ul Jinan