READ
Surah al-Haqqah
اَلْحَآ قَّة
52 Ayaat مکیۃ
69:0
بِسْمِ اللّٰهِ الرَّحْمٰنِ الرَّحِیْمِ
اللہ کے نام سے شروع جو بہت مہربان رحمت والا
القول في تأويل الاستعاذةتأويل قوله : ( أعوذ ) .قال أبو جعفر : والاستعاذة : الاستجارة . وتأويل قول القائل : ( أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ) أستجير بالله - دون غيره من سائر خلقه - من الشيطان أن يضرني في ديني ، أو يصدني عن حق يلزمني لربي .تأويل قوله : ( من الشيطان )قال أبو جعفر : والشيطان ، في كلام العرب : كل متمرد من الجن والإنس والدواب وكل شيء . وكذلك قال ربنا جل ثناؤه : ( وكذلك جعلنا لكل نبي عدوا شياطين الإنس والجن ) [ سورة الأنعام : 112 ] ، فجعل من الإنس شياطين ، مثل الذي جعل من الجن .وقال عمر بن الخطاب رحمة الله عليه ، وركب برذونا فجعل يتبختر به ، فجعل يضربه فلا يزداد إلا تبخترا ، فنزل عنه ، وقال : ما حملتموني إلا على شيطان! ما نزلت عنه حتى أنكرت نفسي .136 - حدثنا بذلك يونس بن عبد الأعلى ، قال : أنبأنا ابن وهب ، قال : أخبرني هشام بن سعد ، عن زيد بن أسلم ، عن أبيه ، عن عمر .قال أبو جعفر : وإنما سمي المتمرد من كل شيء شيطانا ، لمفارقة أخلاقه وأفعاله أخلاق سائر جنسه وأفعاله ، وبعده من الخير . وقد قيل : إنه أخذ من [ ص: 112 ] قول القائل : شطنت داري من دارك - يريد بذلك : بعدت . ومن ذلك قول نابغة بني ذبيان :نأت بسعاد عنك نوى شطون فبانت والفؤاد بها رهينوالنوى : الوجه الذي نوته وقصدته . والشطون : البعيد . فكأن الشيطان - على هذا التأويل - فيعال من شطن . ومما يدل على أن ذلك كذلك ، قول أمية بن أبي الصلت :أيما شاطن عصاه عكاه ثم يلقى في السجن والأكبالولو كان فعلان ، من شاط يشيط ، لقال : أيما شائط ، ولكنه قال : أيما شاطن ، لأنه من "شطن يشطن ، فهو شاطن" .تأويل قوله : ( الرجيم ) .وأما الرجيم فهو : فعيل بمعنى مفعول ، كقول القائل : كف خضيب ، ولحية دهين ، ورجل لعين ، يريد بذلك : مخضوبة ومدهونة وملعون . وتأويل الرجيم : الملعون المشتوم . وكل مشتوم بقول رديء أو سب فهو مرجوم . وأصل الرجم الرمي ، بقول كان أو بفعل . ومن الرجم بالقول قول أبي إبراهيم لإبراهيم صلوات الله عليه : ( لئن لم تنته لأرجمنك ) [ سورة مريم : 46 ] .وقد يجوز أن يكون قيل للشيطان رجيم ، لأن الله جل ثناؤه طرده من سماواته ، ورجمه بالشهب الثواقب [ ص: 113 ]وقد روي عن ابن عباس ، أن أول ما نزل جبريل على النبي صلى الله عليه وسلم علمه الاستعاذة .137 - حدثنا أبو كريب ، قال : حدثنا عثمان بن سعيد ، قال : حدثنا بشر بن عمارة ، قال : حدثنا أبو روق ، عن الضحاك ، عن عبد الله بن عباس ، قال : أول ما نزل جبريل على محمد قال : "يا محمد استعذ ، قل : أستعيذ بالسميع العليم من الشيطان الرجيم " ، ثم قال : قل : "بسم الله الرحمن الرحيم " ، ثم قال : ( اقرأ باسم ربك الذي خلق ) [ العلق : 1 ] . قال عبد الله : وهي أول سورة أنزلها الله على محمد بلسان جبريل .فأمره أن يتعوذ بالله دون خلقه .القول في تأويل بسم الله الرحمن الرحيمالقول في تأويل قوله : ( بسم )قال أبو جعفر : إن الله تعالى ذكره وتقدست أسماؤه أدب نبيه محمدا صلى الله عليه وسلم بتعليمه تقديم ذكر أسمائه الحسنى أمام جميع أفعاله ، ، وتقدم إليه في وصفه بها قبل جميع مهماته ، وجعل ما أدبه به من ذلك وعلمه إياه ، منه لجميع خلقه سنة يستنون بها ، وسبيلا يتبعونه عليها ، فبه افتتاح أوائل منطقهم ، وصدور رسائلهم وكتبهم وحاجاتهم ، حتى أغنت دلالة ما ظهر من قول القائل : "بسم الله " ، على ما بطن من مراده الذي هو محذوف .وذلك أن الباء من "بسم الله " مقتضية فعلا يكون لها جالبا ، ولا فعل معها ظاهر ، فأغنت سامع القائل "بسم الله " معرفته بمراد قائله ، عن إظهار قائل ذلك مراده قولا إذ كان كل ناطق به عند افتتاحه أمرا ، قد أحضر منطقه به - إما معه ، وإما قبله بلا فصل - ما قد أغنى سامعه عن دلالة شاهدة على الذي من أجله افتتح قيله به . فصار استغناء سامع ذلك منه عن إظهار ما حذف منه ، نظير استغنائه - إذا سمع قائلا قيل له : ما أكلت اليوم ؟ فقال : "طعاما " - عن أن يكرر المسئول مع قوله "طعاما " ، أكلت ، لما قد ظهر لديه من الدلالة على أن ذلك معناه ، بتقدم مسألة السائل إياه عما أكل . فمعقول إذا أن قول [ ص: 115 ] القائل إذا قال : "بسم الله الرحمن الرحيم " ثم افتتح تاليا سورة ، أن إتباعه "بسم الله الرحمن الرحيم " تلاوة السورة ، ينبئ عن معنى قوله : "بسم الله الرحمن الرحيم " ومفهوم به أنه مريد بذلك : أقرأ بسم الله الرحمن الرحيم . وكذلك قوله : "بسم الله " عند نهوضه للقيام أو عند قعوده وسائر أفعاله ، ينبئ عن معنى مراده بقوله "بسم الله " ، وأنه أراد بقيله "بسم الله " ، أقوم باسم الله ، وأقعد باسم الله . وكذلك سائر الأفعال .وهذا الذي قلنا في تأويل ذلك ، هو معنى قول ابن عباس الذي : -138 - حدثنا به أبو كريب ، قال : حدثنا عثمان بن سعيد ، قال : حدثنا بشر بن عمارة ، قال : حدثنا أبو روق ، عن الضحاك ، عن عبد الله بن عباس ، قال : إن أول ما نزل به جبريل على محمد ، قال : "يا محمد ، قل : أستعيذ بالسميع العليم من الشيطان الرجيم " ثم قال : "قل بسم الله الرحمن الرحيم " . قال : قال له جبريل : قل بسم الله يا محمد ، يقول : اقرأ بذكر الله ربك ، وقم واقعد بذكر الله .قال أبو جعفر : فإن قال لنا قائل : فإن كان تأويل قوله "بسم الله " ما وصفت ، والجالب الباء في "بسم الله " ما ذكرت ، فكيف قيل "بسم الله " ، بمعنى أقرأ باسم الله " ، أو أقوم أو أقعد باسم الله ؟ وقد علمت أن كل قارئ كتاب الله ، فبعون الله وتوفيقه قراءته ، وأن كل قائم أو قاعد أو فاعل فعلا فبالله قيامه وقعوده وفعله . وهلا - إذ كان ذلك كذلك - قيل " بالله الرحمن الرحيم " ولم يقل "بسم الله " ؟ فإن قول القائل : أقوم وأقعد بالله الرحمن الرحيم ، أو أقرأ بالله - أوضح معنى لسامعه من قوله "بسم الله " ، إذ كان قوله أقوم "أقوم أو أقعد باسم الله " ، يوهم سامعه أن قيامه وقعوده بمعنى غير الله .قيل له ، وبالله التوفيق : إن المقصود إليه من معنى ذلك غير ما توهمته في نفسك . وإنما معنى قوله "باسم الله " : أبدأ بتسمية الله وذكره قبل كل شيء ، [ ص: 116 ] أو أقرأ بتسميتي الله ، أو أقوم وأقعد بتسميتي الله وذكره - لا أنه يعني بقيله "بسم الله " : أقوم بالله ، أو أقرأ بالله ، فيكون قول القائل : أقرأ بالله ، أو أقوم أو أقعد بالله - أولى بوجه الصواب في ذلك من قوله "بسم الله " .فإن قال : فإن كان الأمر في ذلك على ما وصفت ، فكيف قيل : "بسم الله " وقد علمت أن الاسم اسم ، وأن التسمية مصدر من قولك سميت ؟قيل : إن العرب قد تخرج المصادر مبهمة على أسماء مختلفة ، كقولهم : أكرمت فلانا كرامة ، وإنما بناء مصدر "أفعلت " - إذا أخرج على فعله - "الإفعال " . وكقولهم : أهنت فلانا هوانا ، وكلمته كلاما . وبناء مصدر : "فعلت " التفعيل . ومن ذلك قول الشاعر :أكفرا بعد رد الموت عني وبعد عطائك المائة الرتاعايريد : إعطائك . ومنه قول الآخر :وإن كان هذا البخل منك سجية لقد كنت في طولي رجاءك أشعبايريد : في إطالتي رجاءك . ومنه قول الآخر :أظليم إن مصابكم رجلا أهدى السلام تحية ظلميريد : إصابتكم . والشواهد في هذا المعنى تكثر ، وفيما ذكرنا كفاية ، لمن وفق لفهمه . [ ص: 117 ]فإذ كان الأمر - على ما وصفنا ، من إخراج العرب مصادر الأفعال على غير بناء أفعالها - كثيرا ، وكان تصديرها إياها على مخارج الأسماء موجودا فاشيا ، فبين بذلك صواب ما قلنا من التأويل في قول القائل "بسم الله " ، أن معناه في ذلك عند ابتدائه في فعل أو قول : أبدأ بتسمية الله ، قبل فعلي ، أو قبل قولي .وكذلك معنى قول القائل عند ابتدائه بتلاوة القرآن : "بسم الله الرحمن الرحيم " ، إنما معناه : أقرأ مبتدئا بتسمية الله ، أو أبتدئ قراءتي بتسمية الله . فجعل "الاسم " مكان التسمية ، كما جعل الكلام مكان التكليم ، والعطاء مكان الإعطاء .وبمثل الذي قلنا من التأويل في ذلك ، روي الخبر عن عبد الله بن عباس .139 - حدثنا أبو كريب ، قال : حدثنا عثمان بن سعيد ، قال : حدثنا بشر بن عمارة ، قال : حدثنا أبو روق ، عن الضحاك ، عن عبد الله بن عباس ، قال : أول ما نزل جبريل على محمد صلى الله عليه وسلم قال : "يا محمد ، قل : أستعيذ بالسميع العليم من الشيطان الرجيم " ، ثم قال : "قل : بسم الله الرحمن الرحيم " .قال ابن عباس : "بسم الله " ، يقول له جبريل : يا محمد ، اقرأ بذكر الله ربك ، وقم واقعد بذكر الله .وهذا التأويل من ابن عباس ينبئ عن صحة ما قلنا - من أنه يراد بقول القائل مفتتحا قراءته : "بسم الله الرحمن الرحيم " : أقرأ بتسمية الله وذكره ، وأفتتح القراءة بتسمية الله ، بأسمائه الحسنى وصفاته العلى - ويوضح فساد قول من زعم أن معنى ذلك من قائله : بالله الرحمن الرحيم أول كل شيء ، مع أن العباد [ ص: 118 ] إنما أمروا أن يبتدئوا عند فواتح أمورهم بتسمية الله ، لا بالخبر عن عظمته وصفاته ، كالذي أمروا به من التسمية على الذبائح والصيد ، وعند المطعم والمشرب ، وسائر أفعالهم . وكذلك الذي أمروا به من تسميته عند افتتاح تلاوة تنزيل الله ، وصدور رسائلهم وكتبهم .ولا خلاف بين الجميع من علماء الأمة ، أن قائلا لو قال عند تذكيته بعض بهائم الأنعام "بالله " ، ولم يقل "بسم الله " ، أنه مخالف - بتركه قيل : "بسم الله " ما سن له عند التذكية من القول . وقد علم بذلك أنه لم يرد بقوله "بسم الله " "بالله " ، كما قال الزاعم أن اسم الله في قول الله : "بسم الله الرحمن الرحيم " هو الله . لأن ذلك لو كان كما زعم ، لوجب أن يكون القائل عند تذكيته ذبيحته "بالله " ، قائلا ما سن له من القول على الذبيحة . وفي إجماع الجميع على أن قائل ذلك تارك ما سن له من القول على ذبيحته - إذ لم يقل "بسم الله " - دليل واضح على فساد ما ادعى من التأويل في قول القائل : "بسم الله " ، أنه مراد به "بالله " ، وأن اسم الله هو الله .وليس هذا الموضع من مواضع الإكثار في الإبانة عن الاسم : أهو المسمى ، أم غيره ، أم هو صفة له ؟ فنطيل الكتاب به ، وإنما هذا موضع من مواضع الإبانة عن الاسم المضاف إلى الله : أهو اسم ، أم مصدر بمعنى التسمية ؟ [ ص: 119 ] فإن قال قائل : فما أنت قائل في بيت لبيد بن ربيعة :إلى الحول ، ثم اسم السلام عليكما ، ومن يبك حولا كاملا فقد اعتذرفقد تأوله مقدم في العلم بلغة العرب ، أنه معني به : ثم السلام عليكما ، وأن اسم السلام هو السلام ؟قيل له : لو جاز ذلك وصح تأويله فيه على ما تأول ، لجاز أن يقال : رأيت اسم زيد ، وأكلت اسم الطعام ، وشربت اسم الشراب; وفي إجماع جميع العرب على إحالة ذلك ما ينبئ عن فساد تأويل من تأول قول لبيد : "ثم اسم السلام [ ص: 120 ] عليكما " ، أنه أراد : ثم السلام عليكما ، وادعائه أن إدخال الاسم في ذلك وإضافته إلى السلام إنما جاز ، إذ كان اسم المسمى هو المسمى بعينه .ويسأل القائلون قول من حكينا قوله هذا ، فيقال لهم : أتستجيزون في العربية أن يقال : "أكلت اسم العسل " ، يعني بذلك : أكلت العسل ، كما جاز عندكم : اسم السلام عليك ، وأنتم تريدون : السلام عليك ؟فإن قالوا : نعم ! خرجوا من لسان العرب ، وأجازوا في لغتها ما تخطئه جميع العرب في لغتها . وإن قالوا : لا ؛ سئلوا الفرق بينهما . فلن يقولوا في أحدهما قولا إلا ألزموا في الآخر مثله .فإن قال لنا قائل : فما معنى قول لبيد هذا عندك ؟قيل له : يحتمل ذلك وجهين ، كلاهما غير الذي قاله من حكينا قوله .أحدهما : أن "السلام " اسم من أسماء الله ، فجائز أن يكون لبيد عنى بقوله : "ثم اسم السلام عليكما " ، ثم الزما اسم الله وذكره بعد ذلك ، ودعا ذكري والبكاء علي; على وجه الإغراء . فرفع الاسم ، إذ أخر الحرف الذي يأتي بمعنى الإغراء . وقد تفعل العرب ذلك ، إذا أخرت الإغراء وقدمت المغرى به ، وإن كانت قد تنصب به وهو مؤخر . ومن ذلك قول الشاعر :يا أيها المائح دلوي دونكا! إني رأيت الناس يحمدونكا!فأغرى ب "دونك " ، وهي مؤخرة ، وإنما معناه : دونك دلوي . فذلك قول لبيد :إلى الحول ثم اسم السلام عليكمايعني : عليكما اسم السلام ، أي : الزما ذكر الله ودعا ذكري والوجد بي ، لأن من بكى حولا على امرئ ميت فقد اعتذر . فهذا أحد وجهيه . [ ص: 121 ]والوجه الآخر منهما : ثم تسميتي الله عليكما ، كما يقول القائل للشيء يراه فيعجبه : "اسم الله عليك " يعوذه بذلك من السوء ، فكأنه قال : ثم اسم الله عليكما من السوء ، وكأن الوجه الأول أشبه المعنيين بقول لبيد .ويقال لمن وجه بيت لبيد هذا إلى أن معناه : ثم السلام عليكما ، أترى ما قلنا - من هذين الوجهين - جائزا ، أو أحدهما ، أو غير ما قلت فيه ؟فإن قال : لا ! أبان مقداره من العلم بتصاريف وجوه كلام العرب ، وأغنى خصمه عن مناظرته .وإن قال : بلى !قيل له : فما برهانك على صحة ما ادعيت من التأويل أنه الصواب ، دون الذي ذكرت أنه محتمله - من الوجه الذي يلزمنا تسليمه لك ؟ ولا سبيل إلى ذلك .وأما الخبر الذي : -140 - حدثنا به إسماعيل بن الفضل ، قال : حدثنا إبراهيم بن العلاء بن الضحاك وهو يلقب بزبريق قال : حدثنا إسماعيل بن عياش ، عن إسماعيل بن يحيى ، عن ابن أبي مليكة ، عمن حدثه ، عن ابن مسعود - ومسعر بن كدام ، عن عطية ، عن أبي سعيد - قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن عيسى ابن مريم أسلمته أمه إلى الكتاب ليعلمه ، فقال له المعلم : اكتب "بسم " فقال له عيسى : وما "بسم " ؟ فقال له المعلم : ما أدري ! فقال عيسى : الباء بهاء الله ، والسين : سناؤه ، والميم : مملكته . [ ص: 122 ]فأخشى أن يكون غلطا من المحدث ، وأن يكون أراد ب س م ، على سبيل ما يعلم المبتدئ من الصبيان في الكتاب حروف أبي جاد ، فغلط بذلك ، فوصله ، فقال : "بسم " ، لأنه لا معنى لهذا التأويل إذا تلي "بسم الله الرحمن الرحيم " ، على ما يتلوه القارئ في كتاب الله ، لاستحالة معناه على المفهوم به عند جميع العرب وأهل لسانها ، إذا حمل تأويله على ذلك .القول في تأويل قوله جل ثناؤه : ( الله ) .قال أبو جعفر : وأما تأويل قول الله تعالى ذكره "الله " ، فإنه على معنى ما روي لنا عن عبد الله بن عباس - : هو الذي يألهه كل شيء ، ويعبده كل خلق . [ ص: 123 ]141 - وذلك أن أبا كريب حدثنا ، قال : حدثنا عثمان بن سعيد ، قال : حدثنا بشر بن عمارة ، قال : حدثنا أبو روق ، عن الضحاك ، عن عبد الله بن عباس ، قال : "الله " ذو الألوهية والمعبودية على خلقه أجمعين .فإن قال لنا قائل : فهل لذلك في "فعل ويفعل " أصل كان منه بناء هذا الاسم ؟قيل : أما سماعا من العرب فلا ولكن استدلالا .فإن قال : وما دل على أن الألوهية هي العبادة ، وأن الإله هو المعبود ، وأن له أصلا في "فعل ويفعل " .قيل : لا تمانع بين العرب في الحكم لقول القائل - يصف رجلا بعبادة ، وبطلب ما عند الله جل ذكره : "تأله فلان " - بالصحة ولا خلاف . ومن ذلك قول رؤبة بن العجاج :لله در الغانيات المده سبحن واسترجعن من تألهييعني : من تعبدي وطلبي الله بعملي .ولا شك أن "التأله " ، التفعل من : "أله يأله " ، وأن معنى "أله " - إذا نطق به : - عبد الله . وقد جاء منه مصدر يدل على أن العرب قد نطقت منه ب "فعل يفعل " بغير زيادة .142 - وذلك ما حدثنا به سفيان بن وكيع ، قال حدثنا أبي ، عن نافع بن عمر ، عن عمرو بن دينار ، عن ابن عباس : أنه قرأ " ويذرك وآلهتك " سورة الأعراف : 127 قال : عبادتك ، ويقال : إنه كان يعبد ولا يعبد . [ ص: 124 ]143 - حدثنا سفيان ، قال : حدثنا ابن عيينة ، عن عمرو بن دينار ، عن محمد بن عمرو بن الحسن ، عن ابن عباس : ( ويذرك وآلهتك ) ، قال : إنما كان فرعون يعبد ولا يعبدوكذلك كان عبد الله يقرؤها ومجاهد .144 - حدثنا القاسم قال : حدثنا الحسين بن داود ، قال : أخبرني حجاج ، عن ابن جريج ، عن مجاهد : قوله " ويذرك وآلهتك " قال : وعبادتك ولا شك أن الإلاهة - على ما فسره ابن عباس ومجاهد - مصدر من قول القائل : أله الله فلان إلاهة ، كما يقال : عبد الله فلان عبادة ، وعبر الرؤيا عبارة . فقد بين قول ابن عباس ومجاهد هذا : أن "أله " عبد ، وأن "الإلاهة " مصدره .فإن قال : فإن كان جائزا أن يقال لمن عبد الله : ألهه - على تأويل قول ابن عباس ومجاهد - فكيف الواجب في ذلك أن يقال ، إذا أراد المخبر الخبر عن استيجاب الله ذلك على عبده ؟ [ ص: 125 ]قيل : أما الرواية فلا رواية فيه عندنا ، ولكن الواجب - على قياس ما جاء به الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي : -145 - حدثنا به إسماعيل بن الفضل ، حدثنا إبراهيم بن العلاء ، قال : حدثنا إسماعيل بن عياش ، عن إسماعيل بن يحيى ، عن ابن أبي مليكة ، عمن حدثه عن ابن مسعود - ومسعر بن كدام ، عن عطية العوفي ، عن أبي سعيد - قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن عيسى أسلمته أمه إلى الكتاب ليعلمه فقال له المعلم اكتب "الله " فقال له عيسى : "أتدري ما الله ؟ الله إله الآلهة " .- أن يقال ، الله جل جلاله أله العبد ، والعبد ألهه . وأن يكون قول القائل "الله " - من كلام العرب أصله "الإله " .فإن قال : وكيف يجوز أن يكون ذلك كذلك ، مع اختلاف لفظيهما ؟قيل : كما جاز أن يكون قوله : ( لكنا هو الله ربي ) [ سورة الكهف : 38 ] أصله : لكن أنا ، هو الله ربي ، كما قال الشاعر :وترمينني بالطرف ، أي أنت مذنب وتقلينني ، لكن إياك لا أقلييريد : لكن أنا إياك لا أقلي ، فحذف الهمزة من "أنا " فالتقت نون "أنا " "ونون "لكن " وهي ساكنة ، فأدغمت في نون "أنا " فصارتا نونا مشددة . فكذلك "الله " أصله "الإله " ، أسقطت الهمزة التي هي فاء الاسم ، فالتقت اللام التي هي عين الاسم ، واللام الزائدة التي دخلت مع الألف الزائدة وهي ساكنة ، فأدغمت في [ ص: 126 ] الأخرى التي هي عين الاسم ، فصارتا في اللفظ لاما واحدة مشددة ، كما وصفنا من قول الله ( لكنا هو الله ربي ) .القول في تأويل قوله جل ثناؤه : ( الرحمن الرحيم ) .قال أبو جعفر : وأما " الرحمن " ، فهو فعلان ، من رحم ، و "الرحيم " فعيل منه . والعرب كثيرا ما تبني الأسماء من "فعل يفعل " على "فعلان " ، كقولهم من غضب : غضبان ، ومن سكر : سكران ، ومن عطش : عطشان . فكذلك قولهم "رحمن " من رحم ، لأن "فعل " منه : رحم يرحم . وقيل "رحيم " ، وإن كانت عين "فعل " منها مكسورة ، لأنه مدح . ومن شأن العرب أن يحملوا أبنية الأسماء - إذا كان فيها مدح أو ذم - على "فعيل " ، وإن كانت عين "فعل " منها مكسورة أو مفتوحة ، كما قالوا من "علم " عالم وعليم ، ومن "قدر " قادر وقدير . وليس ذلك منها بناء على أفعالها ، لأن البناء من "فعل يفعل " و "فعل يفعل " فاعل . فلو كان "الرحمن والرحيم " خارجين على بناء أفعالهما لكانت صورتهما "الراحم " .فإن قال قائل : فإذا كان الرحمن والرحيم اسمين مشتقين من الرحمة ، فما وجه تكرير ذلك ، وأحدهما مؤد عن معنى الآخر ؟قيل له : ليس الأمر في ذلك على ما ظننت ، بل لكل كلمة منهما معنى لا تؤدي الأخرى منهما عنها .فإن قال : وما المعنى الذي انفردت به كل واحدة منهما ، فصارت إحداهما غير مؤدية المعنى عن الأخرى ؟قيل : أما من جهة العربية ، فلا تمانع بين أهل المعرفة بلغات العرب ، أن قول القائل : "الرحمن " - عن أبنية الأسماء [ ص: 127 ] من "فعل يفعل " - أشد عدولا من قوله "الرحيم " . ولا خلاف مع ذلك بينهم ، أن كل اسم كان له أصل في "فعل يفعل " - ثم كان عن أصله من "فعل يفعل " أشد عدولا - أن الموصوف به مفضل على الموصوف بالاسم المبني على أصله من "فعل يفعل " ، إذا كانت التسمية به مدحا أو ذما . فهذا ما في قول القائل "الرحمن " ، من زيادة المعنى على قوله "الرحيم " في اللغة .وأما من جهة الأثر والخبر ، ففيه بين أهل التأويل اختلاف : -146 - فحدثني السري بن يحيى التميمي ، قال : حدثنا عثمان بن زفر ، قال : سمعت العرزمي يقول : "الرحمن الرحيم " ، قال : الرحمن بجميع الخلق ، "الرحيم" قال : بالمؤمنين .147 - حدثنا إسماعيل بن الفضل ، قال : حدثنا إبراهيم بن العلاء ، قال : حدثنا إسماعيل بن عياش ، عن إسماعيل بن يحيى ، عن ابن أبي مليكة ، عمن حدثه ، عن ابن مسعود - ومسعر بن كدام ، عن عطية العوفي ، عن أبي سعيد - يعني الخدري - قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن عيسى ابن مريم قال : الرحمن رحمن الآخرة والدنيا ، والرحيم رحيم الآخرة " .فهذان الخبران قد أنبآ عن فرق ما بين تسمية الله جل ثناؤه باسمه الذي هو "رحمن " ، وتسميته باسمه الذي هو "رحيم " ، واختلاف معنى الكلمتين - وإن اختلفا في معنى ذلك الفرق ، فدل أحدهما على أن ذلك في الدنيا ، ودل الآخر على أنه في الآخرة .فإن قال : فأي هذين التأويلين أولى عندك بالصحة ؟ [ ص: 128 ]قيل : لجميعهما عندنا في الصحة مخرج ، فلا وجه لقول قائل : أيهما أولى بالصحة ؟ وذلك أن المعنى الذي في تسمية الله بالرحمن ، دون الذي في تسميته بالرحيم : هو أنه بالتسمية بالرحمن موصوف بعموم الرحمة جميع خلقه ، وأنه بالتسمية بالرحيم موصوف بخصوص الرحمة بعض خلقه ، إما في كل الأحوال ، وإما في بعض الأحوال . فلا شك - إذا كان ذلك كذلك - أن ذلك الخصوص الذي في وصفه بالرحيم لا يستحيل عن معناه ، في الدنيا كان ذلك أو في الآخرة ، أو فيهما جميعا .فإذا كان صحيحا ما قلنا من ذلك - وكان الله جل ثناؤه قد خص عباده المؤمنين في عاجل الدنيا بما لطف بهم من توفيقه إياهم لطاعته ، والإيمان به وبرسله ، واتباع أمره واجتناب معاصيه ، مما خذل عنه من أشرك به ، وكفر وخالف ما أمره به ، وركب معاصيه; وكان مع ذلك قد جعل ، جل ثناؤه ، ما أعد في آجل الآخرة في جناته من النعيم المقيم والفوز المبين ، لمن آمن به ، وصدق رسله ، وعمل بطاعته ، خالصا ، دون من أشرك وكفر به - كان بينا أن الله قد خص المؤمنين من رحمته في الدنيا والآخرة ، مع ما قد عمهم به والكفار في الدنيا من الإفضال والإحسان إلى جميعهم ، في البسط في الرزق ، وتسخير السحاب بالغيث ، وإخراج النبات من الأرض ، وصحة الأجسام والعقول ، وسائر النعم التي لا تحصى ، التي يشترك فيها المؤمنون والكافرون .فربنا جل ثناؤه رحمن جميع خلقه في الدنيا والآخرة ، ورحيم المؤمنين خاصة في الدنيا والآخرة . فأما الذي عم جميعهم به في الدنيا من رحمته فكان رحمانا لهم به ، فما ذكرنا مع نظائره التي لا سبيل إلى إحصائها لأحد من خلقه ، كما قال جل ثناؤه : ( وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها ) [ سورة إبراهيم : 34 ، وسورة النحل : 18 ] .وأما في الآخرة ، فالذي عم جميعهم به فيها من رحمته ، فكان لهم رحمانا ، تسويته [ ص: 129 ] بين جميعهم جل ذكره في عدله وقضائه ، فلا يظلم أحدا منهم مثقال ذرة ، وإن تك حسنة يضاعفها ويؤت من لدنه أجرا عظيما ، وتوفى كل نفس ما كسبت . فذلك معنى عمومه في الآخرة جميعهم برحمته ، الذي كان به رحمانا في الآخرة .وأما ما خص به المؤمنين في عاجل الدنيا من رحمته ، الذي كان به رحيما لهم فيها ، كما قال جل ذكره : ( وكان بالمؤمنين رحيما ) [ سورة الأحزاب : 43 ] فما وصفنا من اللطف لهم في دينهم ، فخصهم به ، دون من خذله من أهل الكفر به .وأما ما خصهم به في الآخرة ، فكان به رحيما لهم دون الكافرين ، فما وصفنا آنفا مما أعد لهم دون غيرهم من النعيم ، والكرامة التي تقصر عنها الأماني .وأما القول الآخر في تأويله فهو ما : -148 - حدثنا به أبو كريب ، قال : حدثنا عثمان بن سعيد ، قال : حدثنا بشر بن عمارة ، قال : حدثنا أبو روق ، عن الضحاك ، عن عبد الله بن عباس ، قال : الرحمن ، الفعلان من الرحمة ، وهو من كلام العرب . قال : الرحمن الرحيم : الرقيق الرفيق بمن أحب أن يرحمه ، والبعيد الشديد على من أحب أن يعنف عليه . وكذلك أسماؤه كلها .وهذا التأويل من ابن عباس ، يدل على أن الذي به ربنا رحمن ، هو الذي به رحيم ، وإن كان لقوله "الرحمن " من المعنى ، ما ليس لقوله "الرحيم " . لأنه جعل معنى "الرحمن " بمعنى الرقيق على من رق عليه ، ومعنى "الرحيم " بمعنى الرفيق بمن رفق به .والقول الذي رويناه في تأويل ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم وذكرناه عن العرزمي ، أشبه بتأويله من هذا القول الذي رويناه عن ابن عباس . وإن [ ص: 130 ] كان هذا القول موافقا معناه معنى ذلك ، في أن للرحمن من المعنى ما ليس للرحيم ، وأن للرحيم تأويلا غير تأويل الرحمن .والقول الثالث في تأويل ذلك ما : -149 - حدثني به عمران بن بكار الكلاعي ، قال : حدثنا يحيى بن صالح ، قال : حدثنا أبو الأزهر نصر بن عمرو اللخمي من أهل فلسطين ، قال : سمعت عطاء الخراساني يقول : كان الرحمن ، فلما اختزل الرحمن من اسمه كان الرحمن الرحيم .والذي أراد ، إن شاء الله ، عطاء بقوله هذا : أن الرحمن كان من أسماء الله التي لا يتسمى بها أحد من خلقه ، فلما تسمى به الكذاب مسيلمة - وهو اختزاله إياه ، يعني اقتطاعه من أسمائه لنفسه - أخبر الله جل ثناؤه أن اسمه "الرحمن الرحيم " ليفصل بذلك لعباده اسمه من اسم من قد تسمى بأسمائه ، إذ كان لا يسمى أحد "الرحمن الرحيم " ، فيجمع له هذان الاسمان ، غيره جل ذكره . وإنما يتسمى بعض خلقه إما رحيما ، أو يتسمى رحمن . فأما "رحمن رحيم " ، فلم يجتمعا قط لأحد سواه ، ولا يجمعان لأحد غيره . فكأن معنى قول عطاء هذا : أن الله جل ثناؤه إنما فصل بتكرير الرحيم على الرحمن ، بين اسمه واسم غيره من خلقه ، اختلف معناهما أو اتفقا .والذي قال عطاء من ذلك غير فاسد المعنى ، بل جائز أن يكون جل ثناؤه خص نفسه بالتسمية بهما معا مجتمعين ، إبانة لها من خلقه ، ليعرف عباده بذكرهما مجموعين أنه المقصود بذكرهما دون من سواه من خلقه ، مع ما في تأويل كل واحد منهما من المعنى الذي ليس في الآخر منهما . [ ص: 131 ]وقد زعم بعض أهل الغباء أن العرب كانت لا تعرف "الرحمن " ، ولم يكن ذلك في لغتها ولذلك قال المشركون للنبي صلى الله عليه وسلم : ( وما الرحمن أنسجد لما تأمرنا ) [ سورة الفرقان : 60 ] ، إنكارا منهم لهذا الاسم ، كأنه كان محالا عنده أن ينكر أهل الشرك ما كانوا عالمين بصحته ، أو : لا ، وكأنه لم يتل من كتاب الله قول الله ( الذين آتيناهم الكتاب يعرفونه ) - يعني محمدا - ( كما يعرفون أبناءهم ) [ سورة البقرة : 146 ] وهم مع ذلك به مكذبون ، ولنبوته جاحدون! فيعلم بذلك أنهم قد كانوا يدافعون حقيقة ما قد ثبت عندهم صحته ، واستحكمت لديهم معرفته . وقد أنشد لبعض الجاهلية الجهلاء :ألا ضربت تلك الفتاة هجينها ألا قضب الرحمن ربي يمينهاوقال سلامة بن جندل السعدي :عجلتم علينا عجلتينا عليكم وما يشأ الرحمن يعقد ويطلق[ ص: 132 ]وقد زعم أيضا بعض من ضعفت معرفته بتأويل أهل التأويل ، وقلت روايته لأقوال السلف من أهل التفسير ، أن "الرحمن " مجازه : ذو الرحمة ، و "الرحيم " مجازه : الراحم ، ثم قال : قد يقدرون اللفظين من لفظ والمعنى واحد ، وذلك لاتساع الكلام عندهم . قال : وقد فعلوا مثل ذلك فقالوا : ندمان ونديم ، ثم استشهد ببيت برج بن مسهر الطائي :وندمان يزيد الكأس طيبا ، سقيت وقد تغورت النجومواستشهد بأبيات نظائره في النديم والندمان ، ففرق بين معنى الرحمن والرحيم في التأويل لقوله : الرحمن ذو الرحمة ، والرحيم الراحم ، وإن كان قد ترك بيان تأويل معنييهما على صحته . ثم مثل ذلك باللفظين يأتيان بمعنى واحد ، فعاد إلى ما قد جعله بمعنيين ، فجعله مثال ما هو بمعنى واحد مع اختلاف الألفاظ .ولا شك أن ذا الرحمة هو الذي ثبت أن له الرحمة ، وصح أنها له صفة; وأن الراحم هو الموصوف بأنه سيرحم ، أو قد رحم فانقضى ذلك منه ، أو هو فيه .ولا دلالة له فيه حينئذ أن الرحمة له صفة ، كالدلالة على أنها له صفة ، إذا وصف بأنه ذو الرحمة . فأين معنى "الرحمن الرحيم " على تأويله ، من معنى الكلمتين تأتيان مقدرتين من لفظ واحد باختلاف الألفاظ واتفاق المعاني ؟ ولكن القول إذا كان غير أصل معتمد عليه ، كان واضحا عواره .وإن قال لنا قائل : ولم قدم اسم الله الذي هو "الله " ، على اسمه الذي هو "الرحمن " ، واسمه الذي هو "الرحمن " ، على اسمه الذي هو "الرحيم " ؟قيل : لأن من شأن العرب ، إذا أرادوا الخبر عن مخبر عنه ، أن يقدموا اسمه ، ثم يتبعوه صفاته ونعوته . وهذا هو الواجب في الحكم : أن يكون الاسم مقدما قبل نعته وصفته ، ليعلم السامع الخبر ، عمن الخبر . فإذا كان ذلك كذلك - [ ص: 133 ] وكان لله جل ذكره أسماء قد حرم على خلقه أن يتسموا بها ، خص بها نفسه دونهم ، وذلك مثل "الله " و "الرحمن " و "الخالق "; وأسماء أباح لهم أن يسمي بعضهم بعضا بها ، وذلك : كالرحيم والسميع والبصير والكريم ، وما أشبه ذلك من الأسماء - كان الواجب أن تقدم أسماؤه التي هي له خاصة دون جميع خلقه ، ليعرف السامع ذلك من توجه إليه الحمد والتمجيد ، ثم يتبع ذلك بأسمائه التي قد تسمى بها غيره ، بعد علم المخاطب أو السامع من توجه إليه ما يتلو ذلك من المعاني . فبدأ الله جل ذكره باسمه لأن الألوهية ليست لغيره جل ثناؤه من وجه من الوجوه ، لا من جهة التسمي به ، ولا من جهة المعنى . وذلك أنا قد بينا أن معنى "الله " تعالى ذكره المعبود ، ولا معبود غيره جل جلاله ، وأن التسمي به قد حرمه الله جل ثناؤه ، وإن قصد المتسمي به ما يقصد المتسمي بسعيد وهو شقي ، وبحسن وهو قبيح .أولا ترى أن الله جل جلاله قال في غير آية من كتابه : ( أإله مع الله ) فاستكبر ذلك من المقر به ، وقال تعالى في خصوصه نفسه بالله وبالرحمن : ( قل ادعوا الله أو ادعوا الرحمن أيا ما تدعوا فله الأسماء الحسنى ) [ سورة الإسراء : 110 ] . ثم ثنى باسمه ، الذي هو الرحمن ، إذ كان قد منع أيضا خلقه التسمي به ، وإن كان من خلقه من قد يستحق تسميته ببعض معانيه . وذلك أنه قد يجوز وصف كثير ممن هو دون الله من خلقه ، ببعض صفات الرحمة . وغير جائز أن يستحق بعض الألوهية أحد دونه . فلذلك جاء الرحمن ثانيا لاسمه الذي هو "الله " .وأما اسمه الذي هو "الرحيم " فقد ذكرنا أنه مما هو جائز وصف غيره به . والرحمة من صفاته جل ذكره ، فكان - إذ كان الأمر على ما وصفنا - واقعا مواقع نعوت الأسماء اللواتي هن توابعها ، بعد تقدم الأسماء عليها . فهذا وجه تقديم اسم الله [ ص: 133 ] الذي هو "الله " ، على اسمه الذي هو "الرحمن " ، واسمه الذي هو "الرحمن " على اسمه الذي هو "الرحيم " .وقد كان الحسن البصري يقول في "الرحمن " مثل ما قلنا ، أنه من أسماء الله التي منع التسمي بها العباد .150 - حدثنا محمد بن بشار ، قال : حدثنا حماد بن مسعدة ، عن عوف ، عن الحسن ، قال : "الرحمن " اسم ممنوع .مع أن في إجماع الأمة من منع التسمي به جميع الناس ، ما يغني عن الاستشهاد على صحة ما قلنا في ذلك بقول الحسن وغيره
القول في تأويل قوله تعالى : الْحَاقَّةُ (1)يقول تعالى ذكره: الساعة ( الْحَاقَّةُ ) التي تحقّ فيها الأمور، ويجب فيها الجزاء على الأعمال ( مَا الْحَاقَّةُ ) يقول: أيّ الساعة الحاقة.وذُكر عن العرب أنها تقول: لما عرف الحاقة متى والحقة متى، وبالكسر بمعنى واحد في اللغات الثلاث، وتقول: وقد حقّ عليه الشيء إذا وجب، فهو يحقّ حقوقا.والحاقة الأولى مرفوعة بالثانية، لأن الثانية بمنزلة الكناية عنها، كأنه عجب منها، فقال: ( الحاقة ): ما هي، كما يقال: زيد ما زيد.والحاقة الثانية مرفوعة بما، وما بمعنى أي، وما رفع بالحاقة الثانية، ومثله في القرآن وَأَصْحَابُ الْيَمِينِ مَا أَصْحَابُ الْيَمِينِ و الْقَارِعَةُ * مَا الْقَارِعَةُ ، فما في موضع رفع بالقارعة الثانية والأولى بجملة الكلام بعدها.وبنحو الذي قلنا في قوله: ( الْحَاقَّةُ ) قال أهل التأويل* ذكر من قال ذلك:حدثني عليّ، قال: ثنا أبو صالح، قال: ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس، في قوله: ( الْحَاقَّةُ ) قال: من أسماء يوم القيامة، عظمه الله، وحذّره عباده.حدثنا أبو كُرَيب، قال: ثنا ابن يمان، عن شريك، عن جابر، عن عكرِمة قال: ( الْحَاقَّةُ ) القيامة.حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: ( الْحَاقَّةُ ) يعني: الساعة أحقت لكل عامل عمله.حدثني ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة ( الْحَاقَّةُ ) قال: أحقت لكلّ قوم أعمالهم.حُدثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذ يقول: ثنا عبيد، قال: سمعت الضحاك يقول في قوله: ( الْحَاقَّةُ ) يعني القيامة.
حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال، قال ابن زيد، في قوله: ( الْحَاقَّةُ مَا الْحَاقة ) و الْقَارِعَةُ * مَا الْقَارِعَةُ والواقِعةُ، والطَّامَّة، والصَّاخَّة قال: هذا كله يوم القيامة الساعة، وقرأ قول الله: لَيْسَ لِوَقْعَتِهَا كَاذِبَةٌ * خَافِضَةٌ رَافِعَةٌ والخافضة من هؤلاء أيضا خفضت أهل النار، ولا نعلم أحدا أخفض من أهل النار، ولا أذل ولا أخزى؛ ورفعت أهل الجنة، ولا نعلم أحدا أشرف من أهل الجنة ولا أكرم.
وقوله: ( وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْحَاقَّةُ ) يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم : وأيّ شيء أدراك وعرّفك أيّ شيء الحاقة.كما حدثنا ابن حميد، قال: ثنا مهران، عن سفيان قال: ما في القرآن: وما يدريك فلم يخبره، وما كان وما أدراك، فقد أخبره.حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: ( وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْحَاقَّةُ ) تعظيما ليوم القيامة كما تسمعون.
كَذَّبَتْ ثَمُوْدُ وَ عَادٌۢ بِالْقَارِعَةِ(۴)
ثمود اور عاد نے اس سخت صدمہ دینے والی کو جھٹلایا،
وقوله: ( كَذَّبَتْ ثَمُودُ وَعَادٌ بِالْقَارِعَةِ ) يقول تعالى ذكره: كذّبت ثمود قوم صالح، وعاد قوم هود بالساعة، التي تقرع قلوب العباد فيها بهجومها عليهم. والقارعة أيضا: اسم من أسماء القيامة.وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.* ذكر من قال ذلك:حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: ( كَذَّبَتْ ثَمُودُ وَعَادٌ بِالْقَارِعَةِ )، أي بالساعة.حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله: ( كَذَّبَتْ ثَمُودُ وَعَادٌ بِالْقَارِعَةِ ) قال: القارعة: يوم القيامة.
فَاَمَّا ثَمُوْدُ فَاُهْلِكُوْا بِالطَّاغِیَةِ(۵)
تو ثمود تو ہلاک کیے گئے حد سے گزری ہوئی چنگھاڑ سے (ف۵)
القول في تأويل قوله تعالى : فَأَمَّا ثَمُودُ فَأُهْلِكُوا بِالطَّاغِيَةِ (5)يقول تعالى ذكره: ( فَأَمَّا ثَمُودُ ) قوم صالح، فأهلكهم الله بالطاغية.واختلف -في معنى الطاغية التي أهلك الله بها ثمود- أهلُ التأويل، فقال بعضهم: هي طغيانهم وكفرهم بالله.* ذكر من قال ذلك:حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى؛ وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء جميعا، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، في قول الله عزّ وجلّ: ( فَأُهْلِكُوا بِالطَّاغِيَةِ ) قال: بالذنوب.حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال، قال ابن زيد، في قوله: ( فَأَمَّا ثَمُودُ فَأُهْلِكُوا بِالطَّاغِيَةِ ) فقرأ قول الله: كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِطَغْوَاهَا وقال: هذه الطاغية طغيانهم وكفرهم بآيات الله. الطاغيَّة طغيانهم الذي طغوا في معاصي الله وخلاف كتاب الله.وقال آخرون: بل معنى ذلك: فأهلكوا بالصيحة التي قد جاوزت مقادير الصياح وطغت عليها.* ذكر من قال ذلك:حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: ( فَأَمَّا ثَمُودُ فَأُهْلِكُوا بِالطَّاغِيَةِ ) بعث الله عليهم صيحة فأهمدتهم.حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة ( بِالطَّاغِيَةِ ) قال: أرسل الله عليهم صيحة واحدة فأهمدتهم.وأولى القولين في ذلك بالصواب قول من قال: معنى ذلك: فأُهلكوا بالصيحة الطاغية.وإنما قلنا ذلك أولى بالصواب، لأن الله إنما أخبر عن ثمود بالمعنى الذي أهلكها به، كما أخبر عن عاد بالذي أهلكها به.
وَ اَمَّا عَادٌ فَاُهْلِكُوْا بِرِیْحٍ صَرْصَرٍ عَاتِیَةٍۙ(۶)
اور رہے عاد وہ ہلاک کیے گئے نہایت سخت گرجتی آندھی سے،
قال: ( وَأَمَّا عَادٌ فَأُهْلِكُوا بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عَاتِيَةٍ ) ولو كان الخبر عن ثمود بالسبب الذي أهلكها من أجله، كان الخبر أيضا عن عاد كذلك، إذ كان ذلك في سياق واحد، وفي إتباعه ذلك بخبره عن عاد بأن هلاكها كان بالريح الدليل الواضح على أن إخباره عن ثمود إنما هو ما بينت.وقوله: ( وَأَمَّا عَادٌ فَأُهْلِكُوا بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عَاتِيَةٍ ) يقول تعالى ذكره: وأما عاد قوم هود فأهلكهم الله بريح صرصر، وهي الشديدة العصوف، مع شدة بردها، ( عَاتِيَةٍ ) يقول: عتت على خزانها في الهبوب، فتجاوزت في الشدّة والعصوف مقدارها المعروف في الهبوب والبرد.وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.* ذكر من قال ذلك:حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله: ( وَأَمَّا عَادٌ فَأُهْلِكُوا بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عَاتِيَةٍ ) يقول: بريح مهلكة باردة، عتت عليهم بغير رحمة ولا بركة، دائمة لا تَفْتُر.حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة ( وَأَمَّا عَادٌ فَأُهْلِكُوا بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عَاتِيَةٍ )، والصرصر: الباردة عتت عليهم حتى نقبت عن أفئدتهم.حدثنا ابن حميد، قال: ثنا مهران، عن سفيان، عن موسى بن المسيب، عن شهر بن حوشب، عن ابن عباس، قال: " ما أرسل الله من ريح قطّ إلا بمكيال ولا أنزل قطرة قطّ إلا بمثقال، إلا يوم نوح ويوم عاد، فإن الماء يوم نوح طغى على خزانه، فلم يكن لهم عليه سبيل، ثم قرأ: إِنَّا لَمَّا طَغَى الْمَاءُ حَمَلْنَاكُمْ فِي الْجَارِيَةِ ، وإن الريح عتت على خزّانها فلم يكن لهم عليها سبيل، ثم قرأ: ( بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عَاتِيَةٍ ).حدثنا ابن حميد، قال: ثنا مهران، قال: ثنا أبو سنان، عن غير واحد، عن عليّ بن أبي طالب كرّم الله وجهه، قال: " لم تنزل قطرة من ماء إلا بكيل على يدي مَلك؛ فلما كان يوم نوح أذن للماء دون الخُزَّان، فطغى الماء على الجبال فخرج، فذلك قول الله: إِنَّا لَمَّا طَغَى الْمَاءُ حَمَلْنَاكُمْ فِي الْجَارِيَةِ ولم ينزل من الريح شيء إلا بكيل على يدي مَلك إلا يوم عاد، فإنه أذن لها دون الخزّان، فخرجت، وذلك قول الله: ( بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عَاتِيَةٍ ): عتت على الخزّان.حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال، قال ابن زيد، في قوله: ( بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عَاتِيَةٍ ) قال: الصرصر: الشديدة، والعاتية: القاهرة التي عتت عليهم فقهرتهم.حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى؛ وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء جميعا، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قوله: ( صَرْصَرٍ ) قال: شديدة.حُدثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذ يقول: ثنا عبيد، قال: سمعت الضحاك يقول في قوله: ( بِرِيحٍ صَرْصَرٍ ) يعني: باردة عاتية، عتت عليهم بلا رحمة ولا بركة.
سَخَّرَهَا عَلَیْهِمْ سَبْعَ لَیَالٍ وَّ ثَمٰنِیَةَ اَیَّامٍۙ-حُسُوْمًاۙ-فَتَرَى الْقَوْمَ فِیْهَا صَرْعٰىۙ-كَاَنَّهُمْ اَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِیَةٍۚ(۷)
وہ ان پر قوت سے لگادی سات راتیں اور آٹھ دن (ف۶) لگاتار تو ان لوگوں کو ان میں (ف۷) دیکھو بچھڑے ہوئے (ف۸) گویا وہ کھجور کے ڈھنڈ (سوکھے تنے) ہیں گرے ہوئے،
وقوله: ( سَخَّرَهَا عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُومًا ) يقول تعالى ذكره: سخر تلك الرياح على عاد سبع ليال وثمانية أيام حسوما؛ فقال بعضهم: عُني بذلك تباعا.* ذكر من قال ذلك:حدثني عليّ، قال: ثنا أبو صالح، قال: ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس، قوله: ( وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُومًا ) يقو ل: تباعا.حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى؛ وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء جميعا، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قوله: ( حُسُومًا ) قال: متتابعة.حدثنا ابن حميد، قال حكام، عن عمرو، عن منصور، عن مجاهد، عن أبي معمر، عن ابن مسعود ( وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُومًا ) قال: متتابعة.حدثنا ابن حميد، قال: ثنا جرير، عن منصور، عن مجاهد، عن أبي معمر، عن عبد الله بن مسعود مثل حديث محمد بن عمرو.حدثنا ابن بشار، قال: ثنا عبد الرحمن، قال: ثنا سفيان، عن منصور، عن مجاهد، عن أبي معمر، عن عبد الله ( حُسُومًا ) قال: تباعا.قال: ثنا يحيي بن سعيد القطان، قال: ثنا سفيان، عن سماك بن حرب، عن عكرمة، في قوله: ( حُسُومًا ) قال: تباعا.حدثنا ابن المثنى، قال: ثنا محمد بن جعفر، قال: ثنا شعبة، عن سماك بن حرب، عن عكرمة أنه قال في هذه الآية ( وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُومًا ) قال: متتابعة.حدثنا نصر بن عليّ، قال: ثني أبي، قال: ثنا خالد بن قيس، عن قتادة ( وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُومًا ) قال: متتابعة ليس لها فترة.حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: ( وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُومًا ) قال: متتابعة ليس فيها تفتير.حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة، في قوله: ( حُسُومًا ) قال: دائمات.حدثنا ابن حميد، قال: ثنا مهران، عن منصور، عن مجاهد، عن أبي معمر عبد الله بن سَخْبَرَةَ، عن ابن مسعود ( أَيَّامٍ حُسُومًا ) قال: متتابعة.حدثنا ابن حميد، قال: ثنا مهران، عن سفيان قال، قال مجاهد: ( أَيَّامٍ حُسُومًا ) قال: تباعا.حدثنا ابن حميد، قال: ثنا مهران، عن سفيان ( أَيَّامٍ حُسُومًا ) قال: متتابعة، و أَيَّامٍ نَحِسَاتٍ قال: مشائيم.وقال آخرون: عني بقوله: ( حُسُومًا ): الريح، وأنها تحسم كلّ شيء، فلا تبقي من عاد أحدا، وجعل هذه الحسوم من صفة الريح.* ذكر من قال ذلك:حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال، قال ابن زيد في قوله: ( وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُومًا ) قال: حسمتهم لم تبق منهم أحدا، قال: ذلك الحسوم مثل الذي يقول: احسم هذا الأمر؛ قال: وكان فيهم ثمانية لهم خلق يذهب بهم في كل مذهب؛ قال، قال موسي بن عقبة: فلما جاءهم العذاب قالوا: قوموا بنا نردّ هذا العذاب عن قومنا؛ قال: فقاموا وصفوا في الوادي، فأوحى الله إلى ملك الريح أن يقلع منهم كل يوم واحدًا، وقرأ قول الله: ( سَخَّرَهَا عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُومًا ) حتى بلغ: ( نَخْلٍ خَاوِيَةٍ )، قال: فإن كانت الريح لتمرّ بالظعينة فتستدبرها وحمولتها، ثم تذهب بهم في السماء، ثم تكبهم على الرءوس، وقرأ قول الله: فَلَمَّا رَأَوْهُ عَارِضًا مُسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ قَالُوا هَذَا عَارِضٌ مُمْطِرُنَا قال: وكان أمسك عنهم المطر، فقرأ حتى بلغ: تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ بِأَمْرِ رَبِّهَا ، قال: وما كانت الريح تقلع من أولئك الثمانية كلّ يوم إلا واحدًا؛ قال: فلما عذّب الله قوم عاد، أبقى الله واحدًا ينذر الناس، قال: فكانت امرأة قد رأت قومها، فقالوا لها: أنت أيضا، قالت: تنحيت على الجبل؛ قال: وقد قيل لها بعد: أنت قد سلمت وقد رأيت، فكيف لا رأيت عذاب الله ؟ قالت: ما أدري غير أن أسلم ليلة: ليلة لا ريح.وأولى القولين في ذلك عندي بالصواب قول من قال: عُنِي بقوله: ( حُسُومًا ): متتابعة، لإجماع الحجة من أهل التأويل على ذلك. وكان بعض أهل العربية يقول: الحسوم: التباع، إذا تتابع الشيء فلم ينقطع أوّله عن آخره قيل فيه حسوم؛ قال: وإنما أخذوا والله أعلم من حسم الداء: إذا كوى صاحبه، لأنه لحم يكوى بالمكواة، ثم يتابع عليه.وقوله: ( فَتَرَى الْقَوْمَ فِيهَا صَرْعَى ) يقول: فترى يا محمد قوم عاد في تلك السبع الليالي والثمانية الأيام الحسوم صرعى، قد هلكوا، ( كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَةٍ ) يقول: كأنهم أصول نخل قد خوت.كما حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة ( كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَةٍ ) : وهي أصول النخل.
وقوله: ( فَهَلْ تَرَى لَهُمْ مِنْ بَاقِيَةٍ ) يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم : فهل ترى يا محمد لعاد قوم هود من بقاء. وقيل: عُنِي بذلك: فهل ترى منهم باقيا. وكان بعض أهل المعرفة بكلام العرب من البصريين يقول: معنى ذلك: فهل ترى لهم من بقية، ويقول: مجازها مجاز الطاغية مصدر.
وَ جَآءَ فِرْعَوْنُ وَ مَنْ قَبْلَهٗ وَ الْمُؤْتَفِكٰتُ بِالْخَاطِئَةِۚ(۹)
اور فرعون اور اس سے اگلے (ف۱۰) اور الٹنے والی بستیاں (ف۱۱) خطا لائے (ف۱۲)
القول في تأويل قوله تعالى : وَجَاءَ فِرْعَوْنُ وَمَنْ قَبْلَهُ وَالْمُؤْتَفِكَاتُ بِالْخَاطِئَةِ (9)يقول تعالى ذكره: ( وَجَاءَ فِرْعَوْنُ ) مصر. واختلفت القرّاء في قراءة قوله: ( وَمِنْ قَبْلِهِ )، فقرأته عامة قرّاء المدينة والكوفة ومكة خلا الكسائي ( وَمِنْ قَبْلِهِ ) بفتح القاف وسكون الباء، بمعنى: وجاء من قبل فرعون من الأمم المكذّبة بآيات الله، كقوم نوح وعاد وثمود وقوم لوط بالخطيئة. وقرأ ذلك عامة قرّاء البصرة والكسائي ( وَمَنْ قِبَلِهِ ) بكسر القاف وفتح الباء، بمعنى: وجاء مع فرعون من أهل بلده مصر من القبط.والصواب من القول في ذلك عندي أنهما قراءتان معروفتان صحيحتا المعنى، فبأيتهما قرأ القارئ فمصيب.وقوله: ( وَالْمُؤْتَفِكَاتُ بِالْخَاطِئَةِ ) يقول: والقرى التي أتفكت بأهلها فصار &; 23-576 &; عاليها سافلها( بِالْخَاطِئَةِ ) يعني بالخطيئة. وكانت خطيئتها: إتيانها الذكران في أدبارهم.وبنحو الذي قلنا في معنى قوله: ( وَالْمُؤْتَفِكَاتُ ) قال أهل التأويل.* ذكر من قال ذلك:حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: ( وَجَاءَ فِرْعَوْنُ وَمَنْ قَبْلَهُ وَالْمُؤْتَفِكَاتُ )، قرية لوط. وفي بعض القراءات ( وَجاءَ فِرْعَوْنُ وَمَنْ مَعَهُ ).حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال، قال ابن زيد، في قوله: ( وَجَاءَ فِرْعَوْنُ وَمَنْ قَبْلَهُ وَالْمُؤْتَفِكَاتُ بِالْخَاطِئَةِ ) قال: المؤتفكات: قوم لوط، ومدينتهم وزرعهم، وفي قوله: وَالْمُؤْتَفِكَةَ أَهْوَى قال: أهواها من السماء: رمى بها من السماء؛ أوحى الله إلى جبريل عليه السلام، فاقتلعها من الأرض، ربضها ومدينتها، ثم هوى بها إلى السماء؛ ثم قلبهم إلى الأرض، ثم أتبعهم الصخر حجارة، وقرأ قول الله: حِجَارَةً مِنْ سِجِّيلٍ مَنْضُودٍ * مُسَوَّمَةً قال: المسوّمة: المُعَدَّة للعذاب.حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله: ( وَجَاءَ فِرْعَوْنُ وَمَنْ قَبْلَهُ وَالْمُؤْتَفِكَاتُ بِالْخَاطِئَةِ ): يعني المكذّبين.حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة ( وَالْمُؤْتَفِكَاتُ ) هم قوم لوط، ائتفكت بهم أرضُهم.وبما قلنا في قوله: ( بِالْخَاطِئَةِ ) قال أهل التأويل.* ذكر من قال ذلك:حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى؛ وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء جميعا، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد ( بِالْخَاطِئَةِ ) قال: الخطايا.
فَعَصَوْا رَسُوْلَ رَبِّهِمْ فَاَخَذَهُمْ اَخْذَةً رَّابِیَةً(۱۰)
تو انہوں نے اپنے رب کے رسولوں کا حکم نہ مانا (ف۱۳) تو اس نے انہیں بڑھی چڑھی گرفت سے پکڑا،
وقوله: ( فَعَصَوْا رَسُولَ رَبِّهِمْ ) يقول جلّ ثناؤه: فعصى هؤلاء الذين ذكرهم الله، وهم فرعون ومن قبله والمؤتفكات رسول ربهم.وقوله: ( فَأَخَذَهُمْ أَخْذَةً رَابِيَةً ) يقول: فأخذهم ربهم بتكذيبهم رسله أخذة، يعني أخذة زائدة شديدة نامية، من قولهم: أربيت: إذا أخذ أكثر مما أعطى من الربا؛ يقال: أربيتَ فرَبا رِباك، والفضة والذهب قد رَبَوا.وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.* ذكر من قال ذلك:حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى، وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء جميعا، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد ( أَخْذَةً رَابِيَةً ) قال: شديدة.حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثنى عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله: ( فَأَخَذَهُمْ أَخْذَةً رَابِيَةً ): يعني أخذة شديدة.حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال، قال ابن زيد في قول الله: ( فَأَخَذَهُمْ أَخْذَةً رَابِيَةً ) قال: كما يكون في الخير رابية، كذلك يكون في الشرّ رابية، قال: ربا عليهم: زاد عليهم، وقرأ قول الله عزّ وجلّ: إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ زِدْنَاهُمْ عَذَابًا فَوْقَ الْعَذَابِ وقرأ قول الله عزّ وجلّ: وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى وَآتَاهُمْ تَقْوَاهُمْ يقول: ربا لهؤلاء الخير ولهؤلاء الشرّ.
اِنَّا لَمَّا طَغَا الْمَآءُ حَمَلْنٰكُمْ فِی الْجَارِیَةِۙ(۱۱)
بیشک جب پانی نے سر اٹھایا تھا (ف۱۴) ہم نے تمہیں (ف۱۵) کشتی میں سوار کیا (ف۱۶)
وقوله: ( إِنَّا لَمَّا طَغَى الْمَاءُ حَمَلْنَاكُمْ فِي الْجَارِيَةِ ) يقول تعالى ذكره: إنا لما كثر الماء فتجاوز حدّه المعروف، كان له، وذلك زمن الطوفان.وقيل: إنه زاد فعلا فوق كلّ شيء بقدر خمس عشرة ذراعا.* ذكر من قال ذلك، ومن قال في قوله: ( طَغَى ) مثل قولنا:حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة ( إِنَّا لَمَّا طَغَى الْمَاءُ ) قال: بلغنا أنه طغى فوق كلّ شيء خمس عشرة ذراعا.حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: ( إِنَّا لَمَّا طَغَى الْمَاءُ حَمَلْنَاكُمْ فِي الْجَارِيَةِ ): ذاكم زمن نوح، طغى الماء على كلّ شيء خمس عشرة ذراعا بقدر كل شيء.حدثنا ابن حميد، قال: ثنا يعقوب القُمّي، عن جعفر بن أبي المغيرة، عن سعيد بن جُبير، في قوله: ( إِنَّا لَمَّا طَغَى الْمَاءُ حَمَلْنَاكُمْ فِي الْجَارِيَةِ ) قال: لم تنزل من السماء قطرة إلا بعلم الخزَّان، إلا حيث طغى الماء، فإنه قد غضب لغضب الله، فطغى على الخزان، فخرج ما لا يعلمون ما هو.حدثني عليّ، قال: ثنا أبو صالح، قال: ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس، قوله: ( إِنَّا لَمَّا طَغَى الْمَاءُ حَمَلْنَاكُمْ فِي الْجَارِيَةِ ) إنما يقول: لما كثر.حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله: ( إِنَّا لَمَّا طَغَى الْمَاءُ ): يعني كثر الماء ليالي غرّق الله قوم نوح.حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى؛ وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء جميعا، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قوله: ( إِنَّا لَمَّا طَغَى الْمَاءُ حَمَلْنَاكُمْ ) قال محمد بن عمرو في حديثه: طما، وقال الحارث: ظهر.حُدثت عن الحسين بن الفرج، قال: سمعت أبا معاذ يقول: ثنا عبيد، عن الضحاك، في قوله: ( لَمَّا طَغَى الْمَاءُ ) : كثر وارتفع.وقوله: ( حَمَلْنَاكُمْ فِي الْجَارِيَةِ ) يقول: حملناكم في السفينة التي تجري في الماء.وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.* ذكر من قال ذلك:حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله: ( حَمَلْنَاكُمْ فِي الْجَارِيَةِ ) الجارية: السفينة.حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال، قال ابن زيد، في قوله: ( حَمَلْنَاكُمْ فِي الْجَارِيَةِ ) والجارية: سفينة نوح التي حملتم فيها؛ وقيل: حملناكم، فخاطب الذين نزل فيهم القرآن، وإنما حمل أجدادهم نوحا وولده، لأن الذين خوطبوا بذلك ولد الذين حملوا في الجارية، فكان حمل الذين حملوا فيها من الأجداد حملا لذريتهم، على ما قد بيَّنا من نظائر ذلك في أماكن كثيرة من كتابنا هذا.وقوله: ( لِنَجْعَلَهَا لَكُمْ تَذْكِرَةً ) يقول: لنجعل السفينة الجارية التي حملناكم فيها لكم تذكرة، يعني عبرة وموعظة تتعظون بها.وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.* ذكر من قال ذلك:
لِنَجْعَلَهَا لَكُمْ تَذْكِرَةً وَّ تَعِیَهَاۤ اُذُنٌ وَّاعِیَةٌ(۱۲)
کہ اسے (ف۱۷) تمہارے لیے یادگار کریں (ف۱۸) اور اسے محفوظ رکھے وہ کان کہ سن کر محفوظ رکھتا ہو (ف۱۹)
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: ( لِنَجْعَلَهَا لَكُمْ تَذْكِرَةً ) فأبقاها الله تذكرة وعبرة وآية، حتى نظر إليها أوائل هذه الأمة، وكم من سفينة قد كانت بعد سفينة نوح قد صارت رمادا.وقوله: ( وَتَعِيَهَا أُذُنٌ وَاعِيَةٌ ) يعني: حافظة عقلت عن الله ما سمعت.وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.* ذكر من قال ذلك:حدثني عليّ، قال: ثنا أبو صالح، قال: ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس ( وَتَعِيَهَا أُذُنٌ وَاعِيَةٌ ) يقول: حافظة.حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس ( وَتَعِيَهَا أُذُنٌ وَاعِيَةٌ ) يقول: سامعة، وذلك الإعلان.* ذكر من قال ذلك:حدثنا نصر بن عليّ، قال: ثنا أبي، قال: ثنا خالد بن قيس، عن قتادة ( وَتَعِيَهَا أُذُنٌ وَاعِيَةٌ ) قال: أذن عقلت عن الله.حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: ( وَتَعِيَهَا أُذُنٌ وَاعِيَةٌ ): أذن عقلت عن الله، فانتفعت بما سمعت من كتاب الله.حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة ( أُذُنٌ وَاعِيَةٌ ) قال: أذن سمعت، وعقلت ما سمعت.حُدثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذ يقول: ثنا عبيد، قال: الضحاك يقول في قوله: ( وَتَعِيَهَا أُذُنٌ وَاعِيَةٌ ): سمعتها أذن ووعت.حدثنا عليّ بن سهل، قال: ثنا الوليد بن مسلم، عن عليّ بن حوشب، قال: سمعت مكحولا يقول: قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( وَتَعِيَهَا أُذُنٌ وَاعِيَةٌ ) ثم التفت إلى عليّ، فقال: " سأَلْتُ الله أنْ يَجْعَلَها أُذُنَكَ"، قال عليّ رضي الله عنه : فما سمعت شيئا من رسول الله صلى الله عليه وسلم فنسيته.حدثني محمد بن خلف، قال: ثني بشر بن آدم، قال: ثنا عبد الله بن الزبير، قال: ثني عبد الله بن رستم، قال: سمعت بُرَيدة يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لعليّ: " يا عَليُّ؛ إنَّ اللهَ أمَرَنِي أنْ أُدْنِيَكَ وَلا أُقْصِيَكَ، وأنْ أُعَلِّمَكَ وأنْ تَعي، وحَقٌّ على اللهِ أنْ تَعِي"، قال: فنزلت ( وَتَعِيَهَا أُذُنٌ وَاعِيَةٌ ).حدثني محمد بن خلف، قال: ثنا الحسن بن حماد، قال: ثنا إسماعيل بن إبراهيم أبو يحيى التيميّ، عن فضيل بن عبد الله، عن أبي داود، عن بُرَيدة الأسلميّ، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لعليّ: " إنَّ اللهَ أمَرَنِي أنْ أُعَلِّمَكَ، وأنْ أُدْنِيَكَ، وَلا أجْفُوَكَ وَلا أُقْصِيَكَ "، ثم ذكر مثله.حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال، قال ابن زيد، في قوله: ( وَتَعِيَهَا أُذُنٌ وَاعِيَةٌ ) قال: واعية يحذرون معاصي الله أن يعذّبهم الله عليها، كما عذّب من كان قبلهم تسمعها فتعيها، إنما تعي القلوب ما تسمع الآذان من الخير والشرّ من باب الوعي.
القول في تأويل قوله تعالى : فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ نَفْخَةٌ وَاحِدَةٌ (13)يقول تعالى ذكره: ( فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ ) إسرافيل ( نَفْخَةٌ وَاحِدَةٌ ) وهي النفخة الأولى، ( وَحُمِلَتِ الأرْضُ وَالْجِبَالُ فَدُكَّتَا دَكَّةً وَاحِدَةً ) يقول: فزلزلتا زلزلة واحدة.
وَّ حُمِلَتِ الْاَرْضُ وَ الْجِبَالُ فَدُكَّتَا دَكَّةً وَّاحِدَةًۙ(۱۴)
اور زمین اور پہاڑ اٹھا کر دفعتا ً چُورا کردیے جائیں،
وكان ابن زيد يقول في ذلك ما حدثني به يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال، قال ابن زيد، في قوله: ( وَحُمِلَتِ الأرْضُ وَالْجِبَالُ فَدُكَّتَا دَكَّةً وَاحِدَةً ) قال: صارت غبارا. وقيل: ( فَدُكَّتَا ) وقد ذكر قبل الجبال والأرض، وهي جماع، ولم يقل: فدككن، لأنه جعل الجبال كالشيء الواحد، كما قال الشاعر:هُمَا سَيِّدَانِ يَزْعُمانِ وإنَّمَايَسُودانِنا إنْ يَسَّرَتْ غَنماهُمَا (1)وكما قيل: أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ كَانَتَا رَتْقًا .------------------------الهوامش:(1) نسب البيت صاحب اللسان (يسر) والعيني في شرح شواهد الألفية إلى أبي أسيدة الدبيري . وأنشد في اللسان قبله بيتا آخر، وهو:إنَّ لَنَا شَيْخَيْنِ لا يَنفَعَانِنَاغَنِيَّيْنِ لا يجْدِى عَلَيْنَا غِنَاهُمَاأي: ليس فيهما من السيادة إلا كونهما قد يسرت غنماهما، أي: كثرت وكثرت ألبانها ونسلها، والسؤدد يوجب البذل والعطاء والحراسة والحماية وحسن التدبير والحلم، وليس عندهما من ذلك شيء . واستشهد المؤلف بالبيت على أن الشاعر قال: غنماها بلفظ التثنية للغنم، مع أن الغنم اسم للجمع، وليس بمفرد، ولكنه عامله معاملة المفرد، كما اعتبرت الجبال في قوله تعالى: ( وحملت الأرض والجبال فدكتا دكة واحدة ) في حكم المفرد كالأرض، ولذلك قال: فدكتا، ولم يقل فدككن. ا ه . وفي البيت شاهد آخر عند النحويين في باب إلغاء عمل ظن وأفعال القلوب إذا تأخرت عن معموليها، ولو تقدمت عليهما لعملت فيهما النصب
( فَيَوْمَئِذٍ وَقَعَتِ الْوَاقِعَةُ ) يقول جلّ ثناؤه: فيومئذ وقعت الصيحة الساعة، وقامت القيامة.القول في تأويل قوله تعالى : وَانْشَقَّتِ السَّمَاءُ فَهِيَ يَوْمَئِذٍ وَاهِيَةٌ (16)يقول تعالى ذكره: وانصدعت السماء ( فَهِيَ يَوْمَئِذٍ وَاهِيَةٌ ) يقول: منشقة متصدّعة.وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.* ذكر من قال ذلك:حدثني موسى بن عبد الرحمن المسروقيّ، قال: ثنا أبو أسامة، عن الأجلح، قال: سمعت الضحاك بن مزاحم، قال: " إذا كان يوم القيامة أمر الله السماء الدنيا بأهلها، ونزل من فيها من الملائكة، فأحاطوا بالأرض ومن عليها، ثم الثانية، ثم الثالثة، ثم الرابعة، ثم الخامسة، ثم السادسة، ثم السابعة، فصفوا صفا دون صفّ، ثم نزل الملك الأعلى على مجنبته اليسرى جهنم، فإذا رآها أهل الأرض ندّوا، فلا يأتون قطرا من أقطار الأرض إلا وجدوا سبعة صفوف من الملائكة، فيرجعون إلى المكان الذي كانوا فيه، فذلك قوله الله: إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ يَوْمَ التَّنَادِ * يَوْمَ تُوَلُّونَ مُدْبِرِينَ مَا لَكُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ عَاصِمٍ ، وذلك قوله: وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا * وَجِيءَ يَوْمَئِذٍ بِجَهَنَّمَ ، وقوله: يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالإِنْسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ تَنْفُذُوا مِنْ أَقْطَارِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ فَانْفُذُوا لا تَنْفُذُونَ إِلا بِسُلْطَانٍ ، وذلك قوله: ( وَانْشَقَّتِ السَّمَاءُ فَهِيَ يَوْمَئِذٍ وَاهِيَةٌ * وَالْمَلَكُ عَلَى أَرْجَائِهَا ) .
وَ انْشَقَّتِ السَّمَآءُ فَهِیَ یَوْمَىٕذٍ وَّاهِیَةٌۙ(۱۶)
اور آسمان پھٹ جائے گا تو اس دن اس کا پتلا حال ہوگا (ف۲۱)
حدثني محمد بن سعد، قال: ثنى أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله: (وَانْشَقَّتِ السَّمَاءُ فَهِيَ يَوْمَئِذٍ وَاهِيَةٌ ) " يعني: متمزّقة ضعيفة ."( وَالْمَلَكُ عَلَى أَرْجَائِهَا ) يقول تعالى ذكره: والملك على أطراف السماء حين تشقق وحافاتها.وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.* ذكر من قال ذلك:حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله: ( وَالْمَلَكُ عَلَى أَرْجَائِهَا ) يقول: والملك على حافات السماء حين تشقَّق؛ ويقال: على شقة، كل شيء تشقَّق عنه.
وَّ الْمَلَكُ عَلٰۤى اَرْجَآىٕهَاؕ-وَ یَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ یَوْمَىٕذٍ ثَمٰنِیَةٌؕ(۱۷)
اور فرشتے اس کے کناروں پر کھڑے ہوں گے (ف۲۲) اور اس دن تمہارے رب کا عرش اپنے اوپر آٹھ فرشتے اٹھائیں گے (ف۲۳)
حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى؛ وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قوله: ( وَالْمَلَكُ عَلَى أَرْجَائِهَا ) قال: أطرافها.حدثنا ابن حميد، قال: ثنا يعقوب، عن جعفر، عن سعيد، في قوله: ( وَالْمَلَكُ عَلَى أَرْجَائِهَا ) قال: على حافات السماء.حدثني موسى بن عبد الرحمن المسروقي، قال: ثنا أبو أُسامة، عن الأجلح، قال، قلت للضحاك: ما أرجاؤها، قال: حافاتها.حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال ثني سعيد: عن قتادة ( وَالْمَلَكُ عَلَى أَرْجَائِهَا ): على حافاتها.حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر ( وَالْمَلَكُ عَلَى أَرْجَائِهَا ) قال: بلغني أنها أقطارها، قال قتادة: على نواحيها.حدثنا ابن حميد، قال: ثنا مهران، عن سفيان ( وَالْمَلَكُ عَلَى أَرْجَائِهَا ) قال: نواحيها.حدثني الحارث، قال: ثنا الأشيب، قال: ثنا ورقاء، عن عطاء بن السائب، عن سعيد بن المسيب: الأرجاء حافات السماء.قال: ثنا الأشيب، قال: ثنا أبو عوانة، عن عطاء بن السائب، عن سعيد بن جُبير ( وَالْمَلَكُ عَلَى أَرْجَائِهَا ) قال: على ما لم يَهِ منها.حدثنا محمد بن سنان القزاز، قال: ثنا حسين الأشقر، قال: ثنا أبو كدينة، عن عطاء، عن سعيد بن جُبير، عن ابن عباس، في قوله: ( وَالْمَلَكُ عَلَى أَرْجَائِهَا ) قال: على ما لم يَهِ منها.وقوله: ( وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمَانِيَةٌ )، اختلف أهل التأويل في الذي عني بقوله: ( ثَمَانِيَةَ )، فقال بعضهم: عني به ثمانية صفوف من الملائكة، لا يعلم عدّتهن إلا الله.* ذكر من قال ذلك:حدثنا أبو كُريب، قال: ثنا طلق عن ظهير، عن السدّي، عن أبي مالك عن ابن عباس: ( وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمَانِيَةٌ ) قال: ثمانية صفوف من الملائكة لا يعلم عدتهم إلا الله.حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، في قوله: ( وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمَانِيَةٌ ) قال: هي الصفوف من وراء الصفوف.حدثنا ابن حميد، قال: ثنا يحيى بن واضح، قال: ثنا الحسين، عن يزيد، عن عكرِمة، عن ابن عباس، في قوله: ( وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمَانِيَةٌ ) قال: ثمانية صفوف من الملائكة.حُدثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذ يقول: ثنا عبيد، قال: سمعت الضحاك يقول في قوله: ( وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمَانِيَةٌ ) قال بعضهم: ثمانية صفوف لا يعلم عدتهنّ إلا الله. وقال بعضهم: ثمانية أملاك على خلق الوعلة.وقال آخرون: بل عني به ثمانية أملاك.* ذكر من قال ذلك:حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال، قال ابن زيد في قوله: ( وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمَانِيَةٌ ) قال: ثمانية أملاك، وقال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " يَحْمِلُهُ اليَوْمَ أرْبَعَةٌ، وَيَوْم القِيامَةِ ثَمَانِيَةٌ"، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إنَّ أقْدامَهُمْ لَفِي الأرْضِ السَّابِعَةِ، وَإنَّ مَناكِبَهُمْ لخَارِجَةٌ مِنَ السَّمَاوَاتِ عَلَيْها الْعَرْشُ". قال ابن زيد: الأربعة، قال: بلغنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " لَمَّا خَلَقَهُمُ اللهُ قالَ: تَدْرُون لِمَ خَلَقْتُكُمْ ؟ قالُوا: خَلَقْتَنا رَبَّنا لِمَا تَشاءُ، قالَ لَهُمْ: تَحْمِلُونَ عَرْشِي، ثُمَّ قالَ: سَلُوني مِنَ القُوَّةِ ما شئْتُمْ أجْعَلْها فِيكُمْ، فَقالَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ: قَدْ كانَ عَرْشُ رَبِّنا على المَاءِ، فاجْعل فيَّ قُوَّةَ المَاءِ، قالَ: قَدْ جَعَلْتُ فِيكَ قُوَّةَ المَاءِ؛ وقال آخرُ: اجْعَل فيَّ قُوَّةَ السَّمَاوَاتِ، قالَ: قَدْ جَعَلْتُ فيك قُوَّةَ السَّمَاوَاتِ؛ وقالَ آخَرُ: اجْعَل فيَّ قُوَّةَ الأرْضِ، قالَ: قَدْ جَعَلْتُ فِيكَ قُوَّةَ الأرْضِ والجِبالِ؛ وقالَ آخَرُ: اجْعَلْ فِيَّ قُوَّةَ الرِّياحِ، قالَ: قَدْ جَعَلْتُ فِيكَ قُوَّةَ الرِّياح؛ ثُمَّ قال: احْمِلُوا، فَوَضَعُوا العَرْش على كَوَاهِلِهِمْ، فَلَمْ يَزُولُوا؛ قالَ: فَجاءَ عِلْمٌ آخَرُ، وإنَّمَا كانَ عِلْمُهُمُ الَّذِي سأَلُوهُ القُوَّةَ، فَقالَ لَهُمْ: قُولُوا: لا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إلا بالله، فقالوا: لا حَوْلَ وَلا قوَّةَ إلا بالله، فَجَعَلَ اللهُ فِيهِمْ مِنْ الْحَوْلِ والقُوَّةِ ما لَمْ يَبْلُغْهُ عِلْمُهُمْ، فَحَمَلُوا ".حدثنا ابن حميد، قال: ثنا سلمة، عن ابن إسحاق، قال: بلغنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " هُمُ اليَوْمَ أرْبَعَةٌ"، يعني: حملة العرش " وَإذَا كانَ يَوْمُ القِيامَةِ أيَّدَهُمُ اللهُ بأرْبَعَةٍ آخَرِينَ فكانُوا ثَمانِيَةً وَقَدْ قالَ اللهُ: ( وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمَانِيَةٌ ) ".حدثنا ابن حميد، قال: ثنا جرير، عن عطاء، عن ميسرة، قوله: ( وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمَانِيَةٌ ) قال: أرجلهم في التخوم لا يستطيعون أن يرفعوا أبصارهم من شعاع النور.
یَوْمَىٕذٍ تُعْرَضُوْنَ لَا تَخْفٰى مِنْكُمْ خَافِیَةٌ(۱۸)
اس دن تم سب پیش ہو گے (ف۲۴) کہ تم میں کوئی چھپنے والی جان چھپ نہ سکے گی،
وقوله : ( يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ لا تَخْفَى مِنْكُمْ خَافِيَةٌ ) يقول تعالى ذكره: يومئذ أيها الناس تعرضون على ربكم، وقيل: تعرضون ثلاث عرضات.* ذكر من قال ذلك:حدثنا الحسن بن قزعة الباهليّ، قال: ثنا وكيع بن الجراح، قال: ثنا عليّ بن عليّ الرفاعي، عن الحسن، عن أبي موسي الأشعري، قال: " تُعرض الناس ثلاث عرضات، فأما عرضتان فجدال ومعاذير. وأما الثالثة، فعند ذلك تطير الصحف في الأيدي، فآخذ بيمينه، وآخذ بشماله ".حدثنا مجاهد بن موسى، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سليمان بن حيان، عن مروان الأصغر، عن أبي وائل، عن عبد الله، قال: " يعرض الناس يوم القيامة ثلاث عرضات: عرضتان معاذير وخصومات، والعرضة الثالثة تطيرّ الصحف في الأيدي".حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: ( يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ لا تَخْفَى مِنْكُمْ خَافِيَةٌ ) ذُكر لنا أن نبيّ الله صلى الله عليه وسلم كان يقول: " يُعرضُ الناس ثلاث عرضات يوم القيامة، فأما عرضتان ففيهما خصومات ومعاذير وجدال، وأما العرضة الثالثة فتطيرّ الصحف في الأيدي".حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة، بنحوه.وقوله: ( لا تَخْفَى مِنْكُمْ خَافِيَةٌ ) يقول جلّ ثناؤه: لا تخفى على الله منكم خافية، لأنه عالم بجميعكم، محيط بكلكم.
فَاَمَّا مَنْ اُوْتِیَ كِتٰبَهٗ بِیَمِیْنِهٖۙ-فَیَقُوْلُ هَآؤُمُ اقْرَءُوْا كِتٰبِیَهْۚ(۱۹)
تو وہ جو اپنا نامہٴ اعمال دہنے ہاتھ میں دیا جائے گا (ف۲۵) کہے گا لو میرے نامہٴ اعمال پڑھو،
القول في تأويل قوله تعالى : فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَيَقُولُ هَاؤُمُ اقْرَءُوا كِتَابِيَهْ (19)يقول تعالى ذكره: فأما من أعطي كتاب أعماله بيمينه، فيقول تعالى ( اقْرَءُوا كِتَابِيَهْ ) .كما حدثني يونس بن عبد الأعلى، قال: أخبرنا ابن وهب، قال، قال ابن زيد، في قول الله: ( هَاؤُمُ اقْرَءُوا كِتَابِيَهْ ) قال: تعالوا.حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قال: كان بعض أهل العلم يقول: وجدت أكيس الناس من قال: ( هَاؤُمُ اقْرَءُوا كِتَابِيَهْ ).
اِنِّیْ ظَنَنْتُ اَنِّیْ مُلٰقٍ حِسَابِیَهْۚ(۲۰)
مجھے یقین تھا کہ میں اپنے حساب کو پہنچوں گا (ف۲۶)
وقوله: ( إِنِّي ظَنَنْتُ أَنِّي مُلاقٍ حِسَابِيَهْ ) يقول: إني علمت أني ملاق حسابيه إذا وردت يوم القيامة على ربي.وبنحو الذي قلنا في تأويل قوله: ( إِنِّي ظَنَنْتُ ) قال أهل التأويل.* ذكر من قال ذلك:حدثني عليّ، ثنا أبو صالح، قال: ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس، قوله: ( إِنِّي ظَنَنْتُ أَنِّي مُلاقٍ حِسَابِيَهْ ) يقول: أيقنت.حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة ( إِنِّي ظَنَنْتُ أَنِّي مُلاقٍ حِسَابِيَهْ ) : ظنّ ظنا يقينا، فنفعه الله بظنه.حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال، قال ابن زيد، في قوله: ( إِنِّي ظَنَنْتُ أَنِّي مُلاقٍ حِسَابِيَهْ ) قال: إن الظنّ من المؤمن يقين، وإن " عسى " من الله واجب فَعَسَى أُولَئِكَ أَنْ يَكُونُوا مِنَ الْمُهْتَدِينَ فَعَسَى أَنْ يَكُونَ مِنَ الْمُفْلِحِينَ .حدثنا ابن عبد الأعلى، قال؛ ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة ( إِنِّي ظَنَنْتُ أَنِّي مُلاقٍ حِسَابِيَهْ ) قال: ما كان من ظنّ الآخرة فهو علم.حدثنا ابن حميد، قال: ثنا مهران، عن سفيان، عن جابر، عن مجاهد، قال: كلّ ظنّ في القرآن ( إِنِّي ظَنَنْتُ ) يقول: أي علمت.
القول في تأويل قوله تعالى : فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ (21)يقول تعالى ذكره: فالذي وصفت أمره، وهو الذي أوتي كتابه بيمينه، في عيشة مرضية، أو عيشة فيها الرضا، فوصفت العيشة بالرضا وهي مرضية، لأن ذلك مدح للعيشة، والعرب تفعل ذلك في المدح والذّم فتقول: هذا ليل نائم، وسرّ كاتم، وماء دافق، فيوجهون الفعل إليه، وهو في الأصل مقول لما يراد من المدح أو الذّم، ومن قال ذلك لم يجز له أن يقول للضارب مضروب، ولا للمضروب ضارب، لأنه لا مدح فيه ولا ذمّ.
وقوله: (فِي جَنَّةٍ عَالِيَةٍ ) يقول: في بستان عال رفيع، و " في" من قوله: (فِي جَنَّةٍ ) من صلة عيشة.وقوله: (قُطُوفُهَا دَانِيَةٌ ) يقول: ما يقطف من الجنة من ثمارها دانٍ قريب من قاطفه.وذُكر أن الذي يريد ثمرها يتناوله كيف شاء قائما وقاعدا، لا يمنعه منه بُعد، ولا يحول بينه وبينه شوك.وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.* ذكر من قال ذلك:
حدثنا ابن المثنى، قال: ثنا محمد بن جعفر، قال: ثنا شعبة، عن أبي إسحاق، قال: سمعت البراء يقول في هذه الآية (قُطُوفُهَا دَانِيَةٌ ) قال: يتناول الرجل من فواكهها وهو نائم.حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: (قُطُوفُهَا دَانِيَةٌ ) : دنت فلا يردّ أيديهم عنها بعد ولا شوك.
كُلُوْا وَ اشْرَبُوْا هَنِیْٓــٴًـۢا بِمَاۤ اَسْلَفْتُمْ فِی الْاَیَّامِ الْخَالِیَةِ(۲۴)
کھاؤ اور پیو رچتا ہوا صلہ اس کا جو تم نے گزرے دنوں میں آگے بھیجا (ف۲۸)
وقوله: (كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا أَسْلَفْتُمْ فِي الأيَّامِ الْخَالِيَةِ ) يقول لهم ربهم جل ثناؤه: كلوا معشر من رضيت عنه، فأدخلته جنتي من ثمارها، وطيب ما فيها من الأطعمة، واشربوا من أشْرِبتها، هَنِيئا لَكُمْ لا تتأذون بما تأكلون، ولا بما تشربون، ولا تحتاجون من أكل ذلك إلى غائط ولا بول، (بِمَا أَسْلَفْتُمْ فِي الأيَّامِ الْخَالِيَةِ ) يقول: كلوا واشربوا هنيئا: جزاء من الله لكم، وثوابا بما أسلفتم، أو على ما أسلفتم: أي على ما قدّتم في دنياكم لآخرتكم من العمل بطاعة الله، ( في الأيام الخالية ) يقول: في أيام الدنيا التي خلت فمضت.وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.* ذكر من قال ذلك:حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قال الله: (كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا أَسْلَفْتُمْ فِي الأيَّامِ الْخَالِيَةِ ) إن أيامكم هذه أيام خالية: هي أيام فانية، تؤدي إلى أيام باقية، فاعملوا في هذه الأيام، وقدّموا فيها خيرًا إن استطعتم، ولا قوّة إلا بالله.حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال، قال ابن زيد، في قوله: (بِمَا أَسْلَفْتُمْ فِي الأيَّامِ الْخَالِيَةِ ) قال: أيام الدنيا بما عملوا فيها.
وَ اَمَّا مَنْ اُوْتِیَ كِتٰبَهٗ بِشِمَالِهٖ ﳔ فَیَقُوْلُ یٰلَیْتَنِیْ لَمْ اُوْتَ كِتٰبِیَهْۚ(۲۵)
اور وہ جو اپنا نامہٴ اعمال بائیں ہاتھ میں دیا جائے گا (ف۲۹) کہے گا ہائے کسی طرح مجھے اپنا نوشتہ نہ دیا جاتا،
القول في تأويل قوله تعالى : وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِشِمَالِهِ فَيَقُولُ يَا لَيْتَنِي لَمْ أُوتَ كِتَابِيَهْ (25)يقول تعالى ذكره: وأما من أعطي يومئذ كتاب أعماله بشماله، فيقول: يا ليتني لم أعط كتابيه،
(وَلَمْ أَدْرِ مَا حِسَابِيَهْ ) يقول: ولم أدر أيّ شيء حسابيه.
وقوله: ( يَا لَيْتَهَا كَانَتِ الْقَاضِيَةَ ) يقول: يا ليت الموتة التي متها في الدنيا كانت هي الفراغ من كلّ ما بعدها، ولم يكن بعدها حياة ولا بعث؛ والقضاء: وهو الفراغ.وقيل: إنه تمنَّى الموت الذي يقضي عليه، فتخرج منه نفسهوبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.* ذكر من قال ذلك:حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: ( يَا لَيْتَهَا كَانَتِ الْقَاضِيَةَ ): تمنى الموت، ولم يكن في الدنيا شيء أكره عنده من الموت.حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال، قال ابن زيد، في قوله: ( يَا لَيْتَهَا كَانَتِ الْقَاضِيَةَ ): الموت.
يقول تعالى ذكره مخبرا عن قيل الذي أوتي كتابه بشماله: (مَا أَغْنَى عَنِّي مَالِيَهْ ) يعني أنه لم يدفع عنه ماله الذي كان يملكه في الدنيا من عذاب الله شيئا.
(هَلَكَ عَنِّي سُلْطَانِيَهْ ) يقول: ذهبت عني حججي، وضلت، فلا حجة لي أحتجّ بها.وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.* ذكر من قال ذلك:حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس (هَلَكَ عَنِّي سُلْطَانِيَهْ ) يقول: ضلت عني كلّ بينة فلم تغن عني شيئا.حدثني عبد الرحمن بن الأسود الطُّفاويّ، قال: ثنا محمد بن ربيعة، عن النضر بن عربيّ، قال: سمعت عكرِمة يقول: (هَلَكَ عَنِّي سُلْطَانِيَهْ ) قال: حُجتي.حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى؛ وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قوله: (هلك عني سلطانيه ) قال: حُجتي.حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: (هَلَكَ عَنِّي سُلْطَانِيَهْ ): أما والله ما كلّ من دخل النار كان أمير قرية يجبيها، ولكن الله خلقهم، وسلطهم على أقرانهم، وأمرهم بطاعة الله، ونهاهم عن معصية الله.حُدثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذ يقول: أخبرنا عبيد، قال: سمعت الضحاك يقول في قوله: (هَلَكَ عَنِّي سُلْطَانِيَهْ ) يقول: بينتي ضلَّت عني.وقال آخرون: عني بالسلطان في هذا الموضع: الملك.* ذكر من قال ذلك:حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال، قال ابن زيد، في قوله: (هَلَكَ عَنِّي سُلْطَانِيَهْ ) قال: سلطان الدنيا.
وقوله: (خُذُوهُ فَغُلُّوهُ ) يقول تعالى ذكره لملائكته من خزّان جهن.
(ثُمَّ الْجَحِيمَ صَلُّوهُ ) يقول: ثم في نار جهنم أوردوه ليصلى فيها.
ثُمَّ فِیْ سِلْسِلَةٍ ذَرْعُهَا سَبْعُوْنَ ذِرَاعًا فَاسْلُكُوْهُؕ(۳۲)
پھر ایسی زنجیر میں جس کا ناپ ستر ہاتھ ہے (ف۳۴) اسے پُرو دو (ف۳۵)
(فِي سِلْسِلَةٍ ذَرْعُهَا سَبْعُونَ ذِرَاعًا فَاسْلُكُوهُ ) يقول: ثم اسلكوه في سلسلة ذرعها سبعون ذراعا، بذراع الله أعلم بقدر طولها وقيل: إنها تدخل في دُبُره، ثم تخرج من منخريه.وقال بعضهم: تدخل في فيه، وتخرج من دبره.* ذكر من قال ذلك:حدثنا محمد بن بشار، قال: ثنا عبد الرحمن، قال: ثنا سفيان، عن نسير بن ذعلوق، قال: سمعت نوفا يقول: (فِي سِلْسِلَةٍ ذَرْعُهَا سَبْعُونَ ذِرَاعًا ) قال: كلّ ذراع سبعون باعا، الباع: أبعد ما بينك وبين مكة.حدثنا ابن بشار، قال: ثنا يحيى، قال: ثنا سفيان، قال: ثني نسير، قال: سمعت نوفا يقول في رحبة الكوفة، في إمارة مصعب بن الزبير، في قوله: (فِي سِلْسِلَةٍ ذَرْعُهَا سَبْعُونَ ذِرَاعًا ) قال: الذراع: سبعون باعا، الباع: أبعد ما بينك وبين مكة.حدثنا ابن حميد، قال: ثنا مهران، عن سفيان، عن نسير بن ذعلوق أبي طعمة، عن نوف البكالي (فِي سِلْسِلَةٍ ذَرْعُهَا سَبْعُونَ ذِرَاعًا ) قال: كلّ ذراع سبعون باعا، كلّ باع أبعد مما بينك وبين مكة، وهو يومئذ في مسجد الكوفة.حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله: (فِي سِلْسِلَةٍ ذَرْعُهَا سَبْعُونَ ذِرَاعًا فَاسْلُكُوهُ ) قال: بذراع الملك فاسلكوه، قال: تسلك في دُبره حتى تخرج من منخريه، حتى لا يقوم على رجليه.حدثنا ابن المثنى، قال: ثنا يعمر بن بشير المنقري، قال: ثنا ابن المبارك، قال: أخبرنا سعيد بن يزيد، عن أبي السمح، عن عيسى بن هلال الصدفي، عن عبد الله بن عمرو بن العاص، قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لَوْ أنَّ رُصَاصَةً مِثْلَ هَذِهِ، وأشار إلى جمجمة، أُرْسِلَتْ مِنْ السَّماء إلى الأرْض، وَهَي مَسِيَرةُ خَمْسِ مِئَةِ سَنَةٍ، لَبَلَغَتِ الأرْضَ قَبْلَ اللَّيْل، وَلَوْ أنَّها أُرْسِلَتْ مِنْ رأس السّلْسِلَةِ لَسَارَتْ أرْبَعِينَ خَرِيفا اللَّيْلَ والنَّهارَ قَبْلَ أنْ تَبْلُغَ قَعْرَها أوْ أصْلَها ".حدثنا ابن حميد، قال: ثنا مهران، عن ابن المبارك، عن مجاهد، عن جُويبر، عن الضحاك، (فَاسْلُكُوهُ ) قال: السلك: أن تدخل السلسلة في فيه، وتخرج من دبره. وقيل: (ثُمَّ فِي سِلْسِلَةٍ ذَرْعُهَا سَبْعُونَ ذِرَاعًا فَاسْلُكُوهُ ) وإنما تسلك السلسلة في فيه، كما قالت العرب: أدخلت رأسي في القلنسوة، وإنما تدخل القلنسوة في الرأس، وكما قال الأعشى:إذَا ما السَّرَابُ ارْتَدَى بالأكَمْ (2)وإنما يرتدي الأكم بالسراب وما أشبه ذلك، وإنما قيل ذلك كذلك لمعرفة السامعين معناه، وإنه لا يشكل على سامعه ما أراد قائله.------------------------الهوامش:(2) هذا عجز بيت لأعشى بني قيس ثعلبة ، من قصيدة له، يمدح بها قيس بن معد يكرب (35) وما بعدها، ورواية البيت كله كما في الديوان:غَضُوبٌ مِنَ السَّيْفِ زَيَّافَة .....إذا ما ارْتَدَى بالسَّرابِ الأكَمْعلى رواية المؤلف يكون في البيت قلب؛ لأن المعنى: إذا ارتدى الأكم بالسراب، كما في رواية الديوان. وأما على رواية الديوان فلا قلب. وقد جعل المؤلف على روايته القلب في البيت نظير ما في قوله تعالى: ( ثم في سلسلة ذرعها سبعون ذراعا فاسلكوه ) قال: تسلك السلسلة في فيه، كما قالت العرب: أدخلت رأسي في القلنسوة، وإنما تدخل القلنسوة في الرأس. وإنما قيل ذلك كذلك؛ لمعرفة السامعين معناه، وأنه لا يشكل على سامعه ما أراد قائله . ا ه .
اِنَّهٗ كَانَ لَا یُؤْمِنُ بِاللّٰهِ الْعَظِیْمِۙ(۳۳)
بیشک وہ عظمت والے اللہ پر ایمان نہ لاتا تھا (ف۳۶)
وقوله: (إِنَّهُ كَانَ لا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ الْعَظِيمِ ) يقول: افعلوا ذلك به جزاء له على كفره بالله في الدنيا، إنه كان لا يصدّق بوحدانية الله العظيم.
القول في تأويل قوله تعالى : وَلا يَحُضُّ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ (34)يقول تعالى ذكره مخبرا عن هذا الشقيّ الذي أوتي كتابه بشماله: إنه كان في الدنيا لا يحضُّ الناس على إطعام أهل المسكنة والحاجة.
القول في تأويل قوله تعالى : فَلَيْسَ لَهُ الْيَوْمَ هَاهُنَا حَمِيمٌ (35)وقوله: ( فَلَيْسَ لَهُ الْيَوْمَ هَاهُنَا حَمِيمٌ ) يقول جلّ ثناؤه: (فَلَيْسَ لَهُ الْيَوْمَ ) وذلك يوم القيامة، ( هَاهُنَا ) يعني في الدار الآخرة، ( حَمِيم )، يعني قريب يدفع عنه، ويغيثه مما هو فيه من البلاء.كما حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال، قال ابن زيد، في قوله: (فَلَيْسَ لَهُ الْيَوْمَ هَاهُنَا حَمِيمٌ ) القريب في كلام العرب .
(وَلا طَعَامٌ إِلا مِنْ غِسْلِينٍ ) يقول جلّ ثناؤه: ولا له طعام كما كان لا يحضّ في الدنيا على طعام المسكين، إلا طعام من غسلين، وذلك ما يسيل من صديد أهل النار.وكان بعض أهل العربية من أهل البصرة يقول: كلّ جرح غسلته فخرج منه شيء فهو غسلين، فعلين من الغسل من الجراح والدَّبر، وزيد فيه الياء والنون بمنزلة عفرين.وبنحو الذي قلنا في تأويل ذلك قال أهل التأويل.* ذكر من قال ذلك:حدثني عليّ، قال: ثنا أبو صالح، قال: ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس، قوله: (وَلا طَعَامٌ إِلا مِنْ غِسْلِينٍ ): صديد أهل النار.حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله: (وَلا طَعَامٌ إِلا مِنْ غِسْلِينٍ ) قال: ما يخرج من لحومهم.حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: (وَلا طَعَامٌ إِلا مِنْ غِسْلِينٍ ): شرّ الطعام وأخبثه وأبشعه.وكان ابن زيد يقول في ذلك ما حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال، قال ابن زيد، في قوله: (وَلا طَعَامٌ إِلا مِنْ غِسْلِينٍ ) قال: الغسلين والزقوم لا يعلم أحد ما هو.
وقوله: (لا يَأْكُلُهُ إِلا الْخَاطِئُونَ ) يقول: لا يأكل الطعام الذي من غسلين إلا الخاطئون، وهم المذنبون الذين ذنوبهم كفر بالله.
القول في تأويل قوله تعالى : فَلا أُقْسِمُ بِمَا تُبْصِرُونَيقول تعالى ذكره: فلا ما الأمر كما تقولون معشر أهل التكذيب بكتاب الله ورسله، أقسم بالأشياء كلها التي تبصرون منها، والتي لا تبصرون.وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.* ذكر من قال ذلك:
حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال، قال ابن زيد في قوله: (فَلا أُقْسِمُ بِمَا تُبْصِرُونَ * وَمَا لا تُبْصِرُونَ ) قال: أقسم بالأشياء، حتى أقسم بما تبصرون وما لا تبصرون.حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، في قوله: (فَلا أُقْسِمُ بِمَا تُبْصِرُونَ * وَمَا لا تُبْصِرُونَ ) يقول: بما ترون وبما لا ترون.
- English | Ahmed Ali
- Urdu | Ahmed Raza Khan
- Turkish | Ali-Bulaç
- German | Bubenheim Elyas
- Chinese | Chineese
- Spanish | Cortes
- Dutch | Dutch
- Portuguese | El-Hayek
- English | English
- Urdu | Fateh Muhammad Jalandhry
- French | French
- Hausa | Hausa
- Indonesian | Indonesian-Bahasa
- Italian | Italian
- Korean | Korean
- Malay | Malay
- Russian | Russian
- Tamil | Tamil
- Thai | Thai
- Farsi | مکارم شیرازی
- العربية | التفسير الميسر
- العربية | تفسير الجلالين
- العربية | تفسير السعدي
- العربية | تفسير ابن كثير
- العربية | تفسير الوسيط لطنطاوي
- العربية | تفسير البغوي
- العربية | تفسير القرطبي
- العربية | تفسير الطبري
- English | Arberry
- English | Yusuf Ali
- Dutch | Keyzer
- Dutch | Leemhuis
- Dutch | Siregar
- Urdu | Sirat ul Jinan