READ

Surah Al-Hajj

اَلْحَجّ
78 Ayaat    مدنیۃ


22:0
بِسْمِ اللّٰهِ الرَّحْمٰنِ الرَّحِیْمِ
اللہ کے نام سے شروع جو بہت مہربان رحمت والا

القول في تأويل الاستعاذةتأويل قوله : ( أعوذ ) .قال أبو جعفر : والاستعاذة : الاستجارة . وتأويل قول القائل : ( أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ) أستجير بالله - دون غيره من سائر خلقه - من الشيطان أن يضرني في ديني ، أو يصدني عن حق يلزمني لربي .تأويل قوله : ( من الشيطان )قال أبو جعفر : والشيطان ، في كلام العرب : كل متمرد من الجن والإنس والدواب وكل شيء . وكذلك قال ربنا جل ثناؤه : ( وكذلك جعلنا لكل نبي عدوا شياطين الإنس والجن ) [ سورة الأنعام : 112 ] ، فجعل من الإنس شياطين ، مثل الذي جعل من الجن .وقال عمر بن الخطاب رحمة الله عليه ، وركب برذونا فجعل يتبختر به ، فجعل يضربه فلا يزداد إلا تبخترا ، فنزل عنه ، وقال : ما حملتموني إلا على شيطان! ما نزلت عنه حتى أنكرت نفسي .136 - حدثنا بذلك يونس بن عبد الأعلى ، قال : أنبأنا ابن وهب ، قال : أخبرني هشام بن سعد ، عن زيد بن أسلم ، عن أبيه ، عن عمر .قال أبو جعفر : وإنما سمي المتمرد من كل شيء شيطانا ، لمفارقة أخلاقه وأفعاله أخلاق سائر جنسه وأفعاله ، وبعده من الخير . وقد قيل : إنه أخذ من [ ص: 112 ] قول القائل : شطنت داري من دارك - يريد بذلك : بعدت . ومن ذلك قول نابغة بني ذبيان :نأت بسعاد عنك نوى شطون فبانت والفؤاد بها رهينوالنوى : الوجه الذي نوته وقصدته . والشطون : البعيد . فكأن الشيطان - على هذا التأويل - فيعال من شطن . ومما يدل على أن ذلك كذلك ، قول أمية بن أبي الصلت :أيما شاطن عصاه عكاه ثم يلقى في السجن والأكبالولو كان فعلان ، من شاط يشيط ، لقال : أيما شائط ، ولكنه قال : أيما شاطن ، لأنه من "شطن يشطن ، فهو شاطن" .تأويل قوله : ( الرجيم ) .وأما الرجيم فهو : فعيل بمعنى مفعول ، كقول القائل : كف خضيب ، ولحية دهين ، ورجل لعين ، يريد بذلك : مخضوبة ومدهونة وملعون . وتأويل الرجيم : الملعون المشتوم . وكل مشتوم بقول رديء أو سب فهو مرجوم . وأصل الرجم الرمي ، بقول كان أو بفعل . ومن الرجم بالقول قول أبي إبراهيم لإبراهيم صلوات الله عليه : ( لئن لم تنته لأرجمنك ) [ سورة مريم : 46 ] .وقد يجوز أن يكون قيل للشيطان رجيم ، لأن الله جل ثناؤه طرده من سماواته ، ورجمه بالشهب الثواقب [ ص: 113 ]وقد روي عن ابن عباس ، أن أول ما نزل جبريل على النبي صلى الله عليه وسلم علمه الاستعاذة .137 - حدثنا أبو كريب ، قال : حدثنا عثمان بن سعيد ، قال : حدثنا بشر بن عمارة ، قال : حدثنا أبو روق ، عن الضحاك ، عن عبد الله بن عباس ، قال : أول ما نزل جبريل على محمد قال : "يا محمد استعذ ، قل : أستعيذ بالسميع العليم من الشيطان الرجيم " ، ثم قال : قل : "بسم الله الرحمن الرحيم " ، ثم قال : ( اقرأ باسم ربك الذي خلق ) [ العلق : 1 ] . قال عبد الله : وهي أول سورة أنزلها الله على محمد بلسان جبريل .فأمره أن يتعوذ بالله دون خلقه .القول في تأويل بسم الله الرحمن الرحيمالقول في تأويل قوله : ( بسم )قال أبو جعفر : إن الله تعالى ذكره وتقدست أسماؤه أدب نبيه محمدا صلى الله عليه وسلم بتعليمه تقديم ذكر أسمائه الحسنى أمام جميع أفعاله ، ، وتقدم إليه في وصفه بها قبل جميع مهماته ، وجعل ما أدبه به من ذلك وعلمه إياه ، منه لجميع خلقه سنة يستنون بها ، وسبيلا يتبعونه عليها ، فبه افتتاح أوائل منطقهم ، وصدور رسائلهم وكتبهم وحاجاتهم ، حتى أغنت دلالة ما ظهر من قول القائل : "بسم الله " ، على ما بطن من مراده الذي هو محذوف .وذلك أن الباء من "بسم الله " مقتضية فعلا يكون لها جالبا ، ولا فعل معها ظاهر ، فأغنت سامع القائل "بسم الله " معرفته بمراد قائله ، عن إظهار قائل ذلك مراده قولا إذ كان كل ناطق به عند افتتاحه أمرا ، قد أحضر منطقه به - إما معه ، وإما قبله بلا فصل - ما قد أغنى سامعه عن دلالة شاهدة على الذي من أجله افتتح قيله به . فصار استغناء سامع ذلك منه عن إظهار ما حذف منه ، نظير استغنائه - إذا سمع قائلا قيل له : ما أكلت اليوم ؟ فقال : "طعاما " - عن أن يكرر المسئول مع قوله "طعاما " ، أكلت ، لما قد ظهر لديه من الدلالة على أن ذلك معناه ، بتقدم مسألة السائل إياه عما أكل . فمعقول إذا أن قول [ ص: 115 ] القائل إذا قال : "بسم الله الرحمن الرحيم " ثم افتتح تاليا سورة ، أن إتباعه "بسم الله الرحمن الرحيم " تلاوة السورة ، ينبئ عن معنى قوله : "بسم الله الرحمن الرحيم " ومفهوم به أنه مريد بذلك : أقرأ بسم الله الرحمن الرحيم . وكذلك قوله : "بسم الله " عند نهوضه للقيام أو عند قعوده وسائر أفعاله ، ينبئ عن معنى مراده بقوله "بسم الله " ، وأنه أراد بقيله "بسم الله " ، أقوم باسم الله ، وأقعد باسم الله . وكذلك سائر الأفعال .وهذا الذي قلنا في تأويل ذلك ، هو معنى قول ابن عباس الذي : -138 - حدثنا به أبو كريب ، قال : حدثنا عثمان بن سعيد ، قال : حدثنا بشر بن عمارة ، قال : حدثنا أبو روق ، عن الضحاك ، عن عبد الله بن عباس ، قال : إن أول ما نزل به جبريل على محمد ، قال : "يا محمد ، قل : أستعيذ بالسميع العليم من الشيطان الرجيم " ثم قال : "قل بسم الله الرحمن الرحيم " . قال : قال له جبريل : قل بسم الله يا محمد ، يقول : اقرأ بذكر الله ربك ، وقم واقعد بذكر الله .قال أبو جعفر : فإن قال لنا قائل : فإن كان تأويل قوله "بسم الله " ما وصفت ، والجالب الباء في "بسم الله " ما ذكرت ، فكيف قيل "بسم الله " ، بمعنى أقرأ باسم الله " ، أو أقوم أو أقعد باسم الله ؟ وقد علمت أن كل قارئ كتاب الله ، فبعون الله وتوفيقه قراءته ، وأن كل قائم أو قاعد أو فاعل فعلا فبالله قيامه وقعوده وفعله . وهلا - إذ كان ذلك كذلك - قيل " بالله الرحمن الرحيم " ولم يقل "بسم الله " ؟ فإن قول القائل : أقوم وأقعد بالله الرحمن الرحيم ، أو أقرأ بالله - أوضح معنى لسامعه من قوله "بسم الله " ، إذ كان قوله أقوم "أقوم أو أقعد باسم الله " ، يوهم سامعه أن قيامه وقعوده بمعنى غير الله .قيل له ، وبالله التوفيق : إن المقصود إليه من معنى ذلك غير ما توهمته في نفسك . وإنما معنى قوله "باسم الله " : أبدأ بتسمية الله وذكره قبل كل شيء ، [ ص: 116 ] أو أقرأ بتسميتي الله ، أو أقوم وأقعد بتسميتي الله وذكره - لا أنه يعني بقيله "بسم الله " : أقوم بالله ، أو أقرأ بالله ، فيكون قول القائل : أقرأ بالله ، أو أقوم أو أقعد بالله - أولى بوجه الصواب في ذلك من قوله "بسم الله " .فإن قال : فإن كان الأمر في ذلك على ما وصفت ، فكيف قيل : "بسم الله " وقد علمت أن الاسم اسم ، وأن التسمية مصدر من قولك سميت ؟قيل : إن العرب قد تخرج المصادر مبهمة على أسماء مختلفة ، كقولهم : أكرمت فلانا كرامة ، وإنما بناء مصدر "أفعلت " - إذا أخرج على فعله - "الإفعال " . وكقولهم : أهنت فلانا هوانا ، وكلمته كلاما . وبناء مصدر : "فعلت " التفعيل . ومن ذلك قول الشاعر :أكفرا بعد رد الموت عني وبعد عطائك المائة الرتاعايريد : إعطائك . ومنه قول الآخر :وإن كان هذا البخل منك سجية لقد كنت في طولي رجاءك أشعبايريد : في إطالتي رجاءك . ومنه قول الآخر :أظليم إن مصابكم رجلا أهدى السلام تحية ظلميريد : إصابتكم . والشواهد في هذا المعنى تكثر ، وفيما ذكرنا كفاية ، لمن وفق لفهمه . [ ص: 117 ]فإذ كان الأمر - على ما وصفنا ، من إخراج العرب مصادر الأفعال على غير بناء أفعالها - كثيرا ، وكان تصديرها إياها على مخارج الأسماء موجودا فاشيا ، فبين بذلك صواب ما قلنا من التأويل في قول القائل "بسم الله " ، أن معناه في ذلك عند ابتدائه في فعل أو قول : أبدأ بتسمية الله ، قبل فعلي ، أو قبل قولي .وكذلك معنى قول القائل عند ابتدائه بتلاوة القرآن : "بسم الله الرحمن الرحيم " ، إنما معناه : أقرأ مبتدئا بتسمية الله ، أو أبتدئ قراءتي بتسمية الله . فجعل "الاسم " مكان التسمية ، كما جعل الكلام مكان التكليم ، والعطاء مكان الإعطاء .وبمثل الذي قلنا من التأويل في ذلك ، روي الخبر عن عبد الله بن عباس .139 - حدثنا أبو كريب ، قال : حدثنا عثمان بن سعيد ، قال : حدثنا بشر بن عمارة ، قال : حدثنا أبو روق ، عن الضحاك ، عن عبد الله بن عباس ، قال : أول ما نزل جبريل على محمد صلى الله عليه وسلم قال : "يا محمد ، قل : أستعيذ بالسميع العليم من الشيطان الرجيم " ، ثم قال : "قل : بسم الله الرحمن الرحيم " .قال ابن عباس : "بسم الله " ، يقول له جبريل : يا محمد ، اقرأ بذكر الله ربك ، وقم واقعد بذكر الله .وهذا التأويل من ابن عباس ينبئ عن صحة ما قلنا - من أنه يراد بقول القائل مفتتحا قراءته : "بسم الله الرحمن الرحيم " : أقرأ بتسمية الله وذكره ، وأفتتح القراءة بتسمية الله ، بأسمائه الحسنى وصفاته العلى - ويوضح فساد قول من زعم أن معنى ذلك من قائله : بالله الرحمن الرحيم أول كل شيء ، مع أن العباد [ ص: 118 ] إنما أمروا أن يبتدئوا عند فواتح أمورهم بتسمية الله ، لا بالخبر عن عظمته وصفاته ، كالذي أمروا به من التسمية على الذبائح والصيد ، وعند المطعم والمشرب ، وسائر أفعالهم . وكذلك الذي أمروا به من تسميته عند افتتاح تلاوة تنزيل الله ، وصدور رسائلهم وكتبهم .ولا خلاف بين الجميع من علماء الأمة ، أن قائلا لو قال عند تذكيته بعض بهائم الأنعام "بالله " ، ولم يقل "بسم الله " ، أنه مخالف - بتركه قيل : "بسم الله " ما سن له عند التذكية من القول . وقد علم بذلك أنه لم يرد بقوله "بسم الله " "بالله " ، كما قال الزاعم أن اسم الله في قول الله : "بسم الله الرحمن الرحيم " هو الله . لأن ذلك لو كان كما زعم ، لوجب أن يكون القائل عند تذكيته ذبيحته "بالله " ، قائلا ما سن له من القول على الذبيحة . وفي إجماع الجميع على أن قائل ذلك تارك ما سن له من القول على ذبيحته - إذ لم يقل "بسم الله " - دليل واضح على فساد ما ادعى من التأويل في قول القائل : "بسم الله " ، أنه مراد به "بالله " ، وأن اسم الله هو الله .وليس هذا الموضع من مواضع الإكثار في الإبانة عن الاسم : أهو المسمى ، أم غيره ، أم هو صفة له ؟ فنطيل الكتاب به ، وإنما هذا موضع من مواضع الإبانة عن الاسم المضاف إلى الله : أهو اسم ، أم مصدر بمعنى التسمية ؟ [ ص: 119 ] فإن قال قائل : فما أنت قائل في بيت لبيد بن ربيعة :إلى الحول ، ثم اسم السلام عليكما ، ومن يبك حولا كاملا فقد اعتذرفقد تأوله مقدم في العلم بلغة العرب ، أنه معني به : ثم السلام عليكما ، وأن اسم السلام هو السلام ؟قيل له : لو جاز ذلك وصح تأويله فيه على ما تأول ، لجاز أن يقال : رأيت اسم زيد ، وأكلت اسم الطعام ، وشربت اسم الشراب; وفي إجماع جميع العرب على إحالة ذلك ما ينبئ عن فساد تأويل من تأول قول لبيد : "ثم اسم السلام [ ص: 120 ] عليكما " ، أنه أراد : ثم السلام عليكما ، وادعائه أن إدخال الاسم في ذلك وإضافته إلى السلام إنما جاز ، إذ كان اسم المسمى هو المسمى بعينه .ويسأل القائلون قول من حكينا قوله هذا ، فيقال لهم : أتستجيزون في العربية أن يقال : "أكلت اسم العسل " ، يعني بذلك : أكلت العسل ، كما جاز عندكم : اسم السلام عليك ، وأنتم تريدون : السلام عليك ؟فإن قالوا : نعم ! خرجوا من لسان العرب ، وأجازوا في لغتها ما تخطئه جميع العرب في لغتها . وإن قالوا : لا ؛ سئلوا الفرق بينهما . فلن يقولوا في أحدهما قولا إلا ألزموا في الآخر مثله .فإن قال لنا قائل : فما معنى قول لبيد هذا عندك ؟قيل له : يحتمل ذلك وجهين ، كلاهما غير الذي قاله من حكينا قوله .أحدهما : أن "السلام " اسم من أسماء الله ، فجائز أن يكون لبيد عنى بقوله : "ثم اسم السلام عليكما " ، ثم الزما اسم الله وذكره بعد ذلك ، ودعا ذكري والبكاء علي; على وجه الإغراء . فرفع الاسم ، إذ أخر الحرف الذي يأتي بمعنى الإغراء . وقد تفعل العرب ذلك ، إذا أخرت الإغراء وقدمت المغرى به ، وإن كانت قد تنصب به وهو مؤخر . ومن ذلك قول الشاعر :يا أيها المائح دلوي دونكا! إني رأيت الناس يحمدونكا!فأغرى ب "دونك " ، وهي مؤخرة ، وإنما معناه : دونك دلوي . فذلك قول لبيد :إلى الحول ثم اسم السلام عليكمايعني : عليكما اسم السلام ، أي : الزما ذكر الله ودعا ذكري والوجد بي ، لأن من بكى حولا على امرئ ميت فقد اعتذر . فهذا أحد وجهيه . [ ص: 121 ]والوجه الآخر منهما : ثم تسميتي الله عليكما ، كما يقول القائل للشيء يراه فيعجبه : "اسم الله عليك " يعوذه بذلك من السوء ، فكأنه قال : ثم اسم الله عليكما من السوء ، وكأن الوجه الأول أشبه المعنيين بقول لبيد .ويقال لمن وجه بيت لبيد هذا إلى أن معناه : ثم السلام عليكما ، أترى ما قلنا - من هذين الوجهين - جائزا ، أو أحدهما ، أو غير ما قلت فيه ؟فإن قال : لا ! أبان مقداره من العلم بتصاريف وجوه كلام العرب ، وأغنى خصمه عن مناظرته .وإن قال : بلى !قيل له : فما برهانك على صحة ما ادعيت من التأويل أنه الصواب ، دون الذي ذكرت أنه محتمله - من الوجه الذي يلزمنا تسليمه لك ؟ ولا سبيل إلى ذلك .وأما الخبر الذي : -140 - حدثنا به إسماعيل بن الفضل ، قال : حدثنا إبراهيم بن العلاء بن الضحاك وهو يلقب بزبريق قال : حدثنا إسماعيل بن عياش ، عن إسماعيل بن يحيى ، عن ابن أبي مليكة ، عمن حدثه ، عن ابن مسعود - ومسعر بن كدام ، عن عطية ، عن أبي سعيد - قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن عيسى ابن مريم أسلمته أمه إلى الكتاب ليعلمه ، فقال له المعلم : اكتب "بسم " فقال له عيسى : وما "بسم " ؟ فقال له المعلم : ما أدري ! فقال عيسى : الباء بهاء الله ، والسين : سناؤه ، والميم : مملكته . [ ص: 122 ]فأخشى أن يكون غلطا من المحدث ، وأن يكون أراد ب س م ، على سبيل ما يعلم المبتدئ من الصبيان في الكتاب حروف أبي جاد ، فغلط بذلك ، فوصله ، فقال : "بسم " ، لأنه لا معنى لهذا التأويل إذا تلي "بسم الله الرحمن الرحيم " ، على ما يتلوه القارئ في كتاب الله ، لاستحالة معناه على المفهوم به عند جميع العرب وأهل لسانها ، إذا حمل تأويله على ذلك .القول في تأويل قوله جل ثناؤه : ( الله ) .قال أبو جعفر : وأما تأويل قول الله تعالى ذكره "الله " ، فإنه على معنى ما روي لنا عن عبد الله بن عباس - : هو الذي يألهه كل شيء ، ويعبده كل خلق . [ ص: 123 ]141 - وذلك أن أبا كريب حدثنا ، قال : حدثنا عثمان بن سعيد ، قال : حدثنا بشر بن عمارة ، قال : حدثنا أبو روق ، عن الضحاك ، عن عبد الله بن عباس ، قال : "الله " ذو الألوهية والمعبودية على خلقه أجمعين .فإن قال لنا قائل : فهل لذلك في "فعل ويفعل " أصل كان منه بناء هذا الاسم ؟قيل : أما سماعا من العرب فلا ولكن استدلالا .فإن قال : وما دل على أن الألوهية هي العبادة ، وأن الإله هو المعبود ، وأن له أصلا في "فعل ويفعل " .قيل : لا تمانع بين العرب في الحكم لقول القائل - يصف رجلا بعبادة ، وبطلب ما عند الله جل ذكره : "تأله فلان " - بالصحة ولا خلاف . ومن ذلك قول رؤبة بن العجاج :لله در الغانيات المده سبحن واسترجعن من تألهييعني : من تعبدي وطلبي الله بعملي .ولا شك أن "التأله " ، التفعل من : "أله يأله " ، وأن معنى "أله " - إذا نطق به : - عبد الله . وقد جاء منه مصدر يدل على أن العرب قد نطقت منه ب "فعل يفعل " بغير زيادة .142 - وذلك ما حدثنا به سفيان بن وكيع ، قال حدثنا أبي ، عن نافع بن عمر ، عن عمرو بن دينار ، عن ابن عباس : أنه قرأ " ويذرك وآلهتك " سورة الأعراف : 127 قال : عبادتك ، ويقال : إنه كان يعبد ولا يعبد . [ ص: 124 ]143 - حدثنا سفيان ، قال : حدثنا ابن عيينة ، عن عمرو بن دينار ، عن محمد بن عمرو بن الحسن ، عن ابن عباس : ( ويذرك وآلهتك ) ، قال : إنما كان فرعون يعبد ولا يعبدوكذلك كان عبد الله يقرؤها ومجاهد .144 - حدثنا القاسم قال : حدثنا الحسين بن داود ، قال : أخبرني حجاج ، عن ابن جريج ، عن مجاهد : قوله " ويذرك وآلهتك " قال : وعبادتك ولا شك أن الإلاهة - على ما فسره ابن عباس ومجاهد - مصدر من قول القائل : أله الله فلان إلاهة ، كما يقال : عبد الله فلان عبادة ، وعبر الرؤيا عبارة . فقد بين قول ابن عباس ومجاهد هذا : أن "أله " عبد ، وأن "الإلاهة " مصدره .فإن قال : فإن كان جائزا أن يقال لمن عبد الله : ألهه - على تأويل قول ابن عباس ومجاهد - فكيف الواجب في ذلك أن يقال ، إذا أراد المخبر الخبر عن استيجاب الله ذلك على عبده ؟ [ ص: 125 ]قيل : أما الرواية فلا رواية فيه عندنا ، ولكن الواجب - على قياس ما جاء به الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي : -145 - حدثنا به إسماعيل بن الفضل ، حدثنا إبراهيم بن العلاء ، قال : حدثنا إسماعيل بن عياش ، عن إسماعيل بن يحيى ، عن ابن أبي مليكة ، عمن حدثه عن ابن مسعود - ومسعر بن كدام ، عن عطية العوفي ، عن أبي سعيد - قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن عيسى أسلمته أمه إلى الكتاب ليعلمه فقال له المعلم اكتب "الله " فقال له عيسى : "أتدري ما الله ؟ الله إله الآلهة " .- أن يقال ، الله جل جلاله أله العبد ، والعبد ألهه . وأن يكون قول القائل "الله " - من كلام العرب أصله "الإله " .فإن قال : وكيف يجوز أن يكون ذلك كذلك ، مع اختلاف لفظيهما ؟قيل : كما جاز أن يكون قوله : ( لكنا هو الله ربي ) [ سورة الكهف : 38 ] أصله : لكن أنا ، هو الله ربي ، كما قال الشاعر :وترمينني بالطرف ، أي أنت مذنب وتقلينني ، لكن إياك لا أقلييريد : لكن أنا إياك لا أقلي ، فحذف الهمزة من "أنا " فالتقت نون "أنا " "ونون "لكن " وهي ساكنة ، فأدغمت في نون "أنا " فصارتا نونا مشددة . فكذلك "الله " أصله "الإله " ، أسقطت الهمزة التي هي فاء الاسم ، فالتقت اللام التي هي عين الاسم ، واللام الزائدة التي دخلت مع الألف الزائدة وهي ساكنة ، فأدغمت في [ ص: 126 ] الأخرى التي هي عين الاسم ، فصارتا في اللفظ لاما واحدة مشددة ، كما وصفنا من قول الله ( لكنا هو الله ربي ) .القول في تأويل قوله جل ثناؤه : ( الرحمن الرحيم ) .قال أبو جعفر : وأما " الرحمن " ، فهو فعلان ، من رحم ، و "الرحيم " فعيل منه . والعرب كثيرا ما تبني الأسماء من "فعل يفعل " على "فعلان " ، كقولهم من غضب : غضبان ، ومن سكر : سكران ، ومن عطش : عطشان . فكذلك قولهم "رحمن " من رحم ، لأن "فعل " منه : رحم يرحم . وقيل "رحيم " ، وإن كانت عين "فعل " منها مكسورة ، لأنه مدح . ومن شأن العرب أن يحملوا أبنية الأسماء - إذا كان فيها مدح أو ذم - على "فعيل " ، وإن كانت عين "فعل " منها مكسورة أو مفتوحة ، كما قالوا من "علم " عالم وعليم ، ومن "قدر " قادر وقدير . وليس ذلك منها بناء على أفعالها ، لأن البناء من "فعل يفعل " و "فعل يفعل " فاعل . فلو كان "الرحمن والرحيم " خارجين على بناء أفعالهما لكانت صورتهما "الراحم " .فإن قال قائل : فإذا كان الرحمن والرحيم اسمين مشتقين من الرحمة ، فما وجه تكرير ذلك ، وأحدهما مؤد عن معنى الآخر ؟قيل له : ليس الأمر في ذلك على ما ظننت ، بل لكل كلمة منهما معنى لا تؤدي الأخرى منهما عنها .فإن قال : وما المعنى الذي انفردت به كل واحدة منهما ، فصارت إحداهما غير مؤدية المعنى عن الأخرى ؟قيل : أما من جهة العربية ، فلا تمانع بين أهل المعرفة بلغات العرب ، أن قول القائل : "الرحمن " - عن أبنية الأسماء [ ص: 127 ] من "فعل يفعل " - أشد عدولا من قوله "الرحيم " . ولا خلاف مع ذلك بينهم ، أن كل اسم كان له أصل في "فعل يفعل " - ثم كان عن أصله من "فعل يفعل " أشد عدولا - أن الموصوف به مفضل على الموصوف بالاسم المبني على أصله من "فعل يفعل " ، إذا كانت التسمية به مدحا أو ذما . فهذا ما في قول القائل "الرحمن " ، من زيادة المعنى على قوله "الرحيم " في اللغة .وأما من جهة الأثر والخبر ، ففيه بين أهل التأويل اختلاف : -146 - فحدثني السري بن يحيى التميمي ، قال : حدثنا عثمان بن زفر ، قال : سمعت العرزمي يقول : "الرحمن الرحيم " ، قال : الرحمن بجميع الخلق ، "الرحيم" قال : بالمؤمنين .147 - حدثنا إسماعيل بن الفضل ، قال : حدثنا إبراهيم بن العلاء ، قال : حدثنا إسماعيل بن عياش ، عن إسماعيل بن يحيى ، عن ابن أبي مليكة ، عمن حدثه ، عن ابن مسعود - ومسعر بن كدام ، عن عطية العوفي ، عن أبي سعيد - يعني الخدري - قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن عيسى ابن مريم قال : الرحمن رحمن الآخرة والدنيا ، والرحيم رحيم الآخرة " .فهذان الخبران قد أنبآ عن فرق ما بين تسمية الله جل ثناؤه باسمه الذي هو "رحمن " ، وتسميته باسمه الذي هو "رحيم " ، واختلاف معنى الكلمتين - وإن اختلفا في معنى ذلك الفرق ، فدل أحدهما على أن ذلك في الدنيا ، ودل الآخر على أنه في الآخرة .فإن قال : فأي هذين التأويلين أولى عندك بالصحة ؟ [ ص: 128 ]قيل : لجميعهما عندنا في الصحة مخرج ، فلا وجه لقول قائل : أيهما أولى بالصحة ؟ وذلك أن المعنى الذي في تسمية الله بالرحمن ، دون الذي في تسميته بالرحيم : هو أنه بالتسمية بالرحمن موصوف بعموم الرحمة جميع خلقه ، وأنه بالتسمية بالرحيم موصوف بخصوص الرحمة بعض خلقه ، إما في كل الأحوال ، وإما في بعض الأحوال . فلا شك - إذا كان ذلك كذلك - أن ذلك الخصوص الذي في وصفه بالرحيم لا يستحيل عن معناه ، في الدنيا كان ذلك أو في الآخرة ، أو فيهما جميعا .فإذا كان صحيحا ما قلنا من ذلك - وكان الله جل ثناؤه قد خص عباده المؤمنين في عاجل الدنيا بما لطف بهم من توفيقه إياهم لطاعته ، والإيمان به وبرسله ، واتباع أمره واجتناب معاصيه ، مما خذل عنه من أشرك به ، وكفر وخالف ما أمره به ، وركب معاصيه; وكان مع ذلك قد جعل ، جل ثناؤه ، ما أعد في آجل الآخرة في جناته من النعيم المقيم والفوز المبين ، لمن آمن به ، وصدق رسله ، وعمل بطاعته ، خالصا ، دون من أشرك وكفر به - كان بينا أن الله قد خص المؤمنين من رحمته في الدنيا والآخرة ، مع ما قد عمهم به والكفار في الدنيا من الإفضال والإحسان إلى جميعهم ، في البسط في الرزق ، وتسخير السحاب بالغيث ، وإخراج النبات من الأرض ، وصحة الأجسام والعقول ، وسائر النعم التي لا تحصى ، التي يشترك فيها المؤمنون والكافرون .فربنا جل ثناؤه رحمن جميع خلقه في الدنيا والآخرة ، ورحيم المؤمنين خاصة في الدنيا والآخرة . فأما الذي عم جميعهم به في الدنيا من رحمته فكان رحمانا لهم به ، فما ذكرنا مع نظائره التي لا سبيل إلى إحصائها لأحد من خلقه ، كما قال جل ثناؤه : ( وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها ) [ سورة إبراهيم : 34 ، وسورة النحل : 18 ] .وأما في الآخرة ، فالذي عم جميعهم به فيها من رحمته ، فكان لهم رحمانا ، تسويته [ ص: 129 ] بين جميعهم جل ذكره في عدله وقضائه ، فلا يظلم أحدا منهم مثقال ذرة ، وإن تك حسنة يضاعفها ويؤت من لدنه أجرا عظيما ، وتوفى كل نفس ما كسبت . فذلك معنى عمومه في الآخرة جميعهم برحمته ، الذي كان به رحمانا في الآخرة .وأما ما خص به المؤمنين في عاجل الدنيا من رحمته ، الذي كان به رحيما لهم فيها ، كما قال جل ذكره : ( وكان بالمؤمنين رحيما ) [ سورة الأحزاب : 43 ] فما وصفنا من اللطف لهم في دينهم ، فخصهم به ، دون من خذله من أهل الكفر به .وأما ما خصهم به في الآخرة ، فكان به رحيما لهم دون الكافرين ، فما وصفنا آنفا مما أعد لهم دون غيرهم من النعيم ، والكرامة التي تقصر عنها الأماني .وأما القول الآخر في تأويله فهو ما : -148 - حدثنا به أبو كريب ، قال : حدثنا عثمان بن سعيد ، قال : حدثنا بشر بن عمارة ، قال : حدثنا أبو روق ، عن الضحاك ، عن عبد الله بن عباس ، قال : الرحمن ، الفعلان من الرحمة ، وهو من كلام العرب . قال : الرحمن الرحيم : الرقيق الرفيق بمن أحب أن يرحمه ، والبعيد الشديد على من أحب أن يعنف عليه . وكذلك أسماؤه كلها .وهذا التأويل من ابن عباس ، يدل على أن الذي به ربنا رحمن ، هو الذي به رحيم ، وإن كان لقوله "الرحمن " من المعنى ، ما ليس لقوله "الرحيم " . لأنه جعل معنى "الرحمن " بمعنى الرقيق على من رق عليه ، ومعنى "الرحيم " بمعنى الرفيق بمن رفق به .والقول الذي رويناه في تأويل ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم وذكرناه عن العرزمي ، أشبه بتأويله من هذا القول الذي رويناه عن ابن عباس . وإن [ ص: 130 ] كان هذا القول موافقا معناه معنى ذلك ، في أن للرحمن من المعنى ما ليس للرحيم ، وأن للرحيم تأويلا غير تأويل الرحمن .والقول الثالث في تأويل ذلك ما : -149 - حدثني به عمران بن بكار الكلاعي ، قال : حدثنا يحيى بن صالح ، قال : حدثنا أبو الأزهر نصر بن عمرو اللخمي من أهل فلسطين ، قال : سمعت عطاء الخراساني يقول : كان الرحمن ، فلما اختزل الرحمن من اسمه كان الرحمن الرحيم .والذي أراد ، إن شاء الله ، عطاء بقوله هذا : أن الرحمن كان من أسماء الله التي لا يتسمى بها أحد من خلقه ، فلما تسمى به الكذاب مسيلمة - وهو اختزاله إياه ، يعني اقتطاعه من أسمائه لنفسه - أخبر الله جل ثناؤه أن اسمه "الرحمن الرحيم " ليفصل بذلك لعباده اسمه من اسم من قد تسمى بأسمائه ، إذ كان لا يسمى أحد "الرحمن الرحيم " ، فيجمع له هذان الاسمان ، غيره جل ذكره . وإنما يتسمى بعض خلقه إما رحيما ، أو يتسمى رحمن . فأما "رحمن رحيم " ، فلم يجتمعا قط لأحد سواه ، ولا يجمعان لأحد غيره . فكأن معنى قول عطاء هذا : أن الله جل ثناؤه إنما فصل بتكرير الرحيم على الرحمن ، بين اسمه واسم غيره من خلقه ، اختلف معناهما أو اتفقا .والذي قال عطاء من ذلك غير فاسد المعنى ، بل جائز أن يكون جل ثناؤه خص نفسه بالتسمية بهما معا مجتمعين ، إبانة لها من خلقه ، ليعرف عباده بذكرهما مجموعين أنه المقصود بذكرهما دون من سواه من خلقه ، مع ما في تأويل كل واحد منهما من المعنى الذي ليس في الآخر منهما . [ ص: 131 ]وقد زعم بعض أهل الغباء أن العرب كانت لا تعرف "الرحمن " ، ولم يكن ذلك في لغتها ولذلك قال المشركون للنبي صلى الله عليه وسلم : ( وما الرحمن أنسجد لما تأمرنا ) [ سورة الفرقان : 60 ] ، إنكارا منهم لهذا الاسم ، كأنه كان محالا عنده أن ينكر أهل الشرك ما كانوا عالمين بصحته ، أو : لا ، وكأنه لم يتل من كتاب الله قول الله ( الذين آتيناهم الكتاب يعرفونه ) - يعني محمدا - ( كما يعرفون أبناءهم ) [ سورة البقرة : 146 ] وهم مع ذلك به مكذبون ، ولنبوته جاحدون! فيعلم بذلك أنهم قد كانوا يدافعون حقيقة ما قد ثبت عندهم صحته ، واستحكمت لديهم معرفته . وقد أنشد لبعض الجاهلية الجهلاء :ألا ضربت تلك الفتاة هجينها ألا قضب الرحمن ربي يمينهاوقال سلامة بن جندل السعدي :عجلتم علينا عجلتينا عليكم وما يشأ الرحمن يعقد ويطلق[ ص: 132 ]وقد زعم أيضا بعض من ضعفت معرفته بتأويل أهل التأويل ، وقلت روايته لأقوال السلف من أهل التفسير ، أن "الرحمن " مجازه : ذو الرحمة ، و "الرحيم " مجازه : الراحم ، ثم قال : قد يقدرون اللفظين من لفظ والمعنى واحد ، وذلك لاتساع الكلام عندهم . قال : وقد فعلوا مثل ذلك فقالوا : ندمان ونديم ، ثم استشهد ببيت برج بن مسهر الطائي :وندمان يزيد الكأس طيبا ، سقيت وقد تغورت النجومواستشهد بأبيات نظائره في النديم والندمان ، ففرق بين معنى الرحمن والرحيم في التأويل لقوله : الرحمن ذو الرحمة ، والرحيم الراحم ، وإن كان قد ترك بيان تأويل معنييهما على صحته . ثم مثل ذلك باللفظين يأتيان بمعنى واحد ، فعاد إلى ما قد جعله بمعنيين ، فجعله مثال ما هو بمعنى واحد مع اختلاف الألفاظ .ولا شك أن ذا الرحمة هو الذي ثبت أن له الرحمة ، وصح أنها له صفة; وأن الراحم هو الموصوف بأنه سيرحم ، أو قد رحم فانقضى ذلك منه ، أو هو فيه .ولا دلالة له فيه حينئذ أن الرحمة له صفة ، كالدلالة على أنها له صفة ، إذا وصف بأنه ذو الرحمة . فأين معنى "الرحمن الرحيم " على تأويله ، من معنى الكلمتين تأتيان مقدرتين من لفظ واحد باختلاف الألفاظ واتفاق المعاني ؟ ولكن القول إذا كان غير أصل معتمد عليه ، كان واضحا عواره .وإن قال لنا قائل : ولم قدم اسم الله الذي هو "الله " ، على اسمه الذي هو "الرحمن " ، واسمه الذي هو "الرحمن " ، على اسمه الذي هو "الرحيم " ؟قيل : لأن من شأن العرب ، إذا أرادوا الخبر عن مخبر عنه ، أن يقدموا اسمه ، ثم يتبعوه صفاته ونعوته . وهذا هو الواجب في الحكم : أن يكون الاسم مقدما قبل نعته وصفته ، ليعلم السامع الخبر ، عمن الخبر . فإذا كان ذلك كذلك - [ ص: 133 ] وكان لله جل ذكره أسماء قد حرم على خلقه أن يتسموا بها ، خص بها نفسه دونهم ، وذلك مثل "الله " و "الرحمن " و "الخالق "; وأسماء أباح لهم أن يسمي بعضهم بعضا بها ، وذلك : كالرحيم والسميع والبصير والكريم ، وما أشبه ذلك من الأسماء - كان الواجب أن تقدم أسماؤه التي هي له خاصة دون جميع خلقه ، ليعرف السامع ذلك من توجه إليه الحمد والتمجيد ، ثم يتبع ذلك بأسمائه التي قد تسمى بها غيره ، بعد علم المخاطب أو السامع من توجه إليه ما يتلو ذلك من المعاني . فبدأ الله جل ذكره باسمه لأن الألوهية ليست لغيره جل ثناؤه من وجه من الوجوه ، لا من جهة التسمي به ، ولا من جهة المعنى . وذلك أنا قد بينا أن معنى "الله " تعالى ذكره المعبود ، ولا معبود غيره جل جلاله ، وأن التسمي به قد حرمه الله جل ثناؤه ، وإن قصد المتسمي به ما يقصد المتسمي بسعيد وهو شقي ، وبحسن وهو قبيح .أولا ترى أن الله جل جلاله قال في غير آية من كتابه : ( أإله مع الله ) فاستكبر ذلك من المقر به ، وقال تعالى في خصوصه نفسه بالله وبالرحمن : ( قل ادعوا الله أو ادعوا الرحمن أيا ما تدعوا فله الأسماء الحسنى ) [ سورة الإسراء : 110 ] . ثم ثنى باسمه ، الذي هو الرحمن ، إذ كان قد منع أيضا خلقه التسمي به ، وإن كان من خلقه من قد يستحق تسميته ببعض معانيه . وذلك أنه قد يجوز وصف كثير ممن هو دون الله من خلقه ، ببعض صفات الرحمة . وغير جائز أن يستحق بعض الألوهية أحد دونه . فلذلك جاء الرحمن ثانيا لاسمه الذي هو "الله " .وأما اسمه الذي هو "الرحيم " فقد ذكرنا أنه مما هو جائز وصف غيره به . والرحمة من صفاته جل ذكره ، فكان - إذ كان الأمر على ما وصفنا - واقعا مواقع نعوت الأسماء اللواتي هن توابعها ، بعد تقدم الأسماء عليها . فهذا وجه تقديم اسم الله [ ص: 133 ] الذي هو "الله " ، على اسمه الذي هو "الرحمن " ، واسمه الذي هو "الرحمن " على اسمه الذي هو "الرحيم " .وقد كان الحسن البصري يقول في "الرحمن " مثل ما قلنا ، أنه من أسماء الله التي منع التسمي بها العباد .150 - حدثنا محمد بن بشار ، قال : حدثنا حماد بن مسعدة ، عن عوف ، عن الحسن ، قال : "الرحمن " اسم ممنوع .مع أن في إجماع الأمة من منع التسمي به جميع الناس ، ما يغني عن الاستشهاد على صحة ما قلنا في ذلك بقول الحسن وغيره
22:1
یٰۤاَیُّهَا النَّاسُ اتَّقُوْا رَبَّكُمْۚ-اِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَیْءٌ عَظِیْمٌ(۱)
اے لوگو! اپنے رب سے ڈرو (ف۲) بیشک قیامت کا زلزلہ (ف۳) بڑی سخت چیز ہے،

قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: يا أيها الناس احذروا عقاب ربكم بطاعته فأطيعوه ولا تعصوه، فإن عقابه لمن عاقبه يوم القيامة شديد.ثم وصف جلّ ثناؤه هول أشراط ذلك اليوم وبدوه، فقال: ( إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ ).واختلف أهل العلم في وقت كون الزلزلة التي وصفها جلّ ثناؤه بالشدة، فقال بعضهم: هي كائنة في الدنيا قبل يوم القيامة.*ذكر من قال ذلك:حدثنا ابن بشار، قال: ثنا يحيى، قال: ثنا سفيان، عن الأعمش، عن إبراهيم، عن علقمة، في قوله ( إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ ) قال: قبل الساعة.حدثني سليمان بن عبد الجبار، قال: ثنا محمد بن الصلت، قال: ثنا أبو كدينة، عن عطاء، عن عامر ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ ) قال: هذا في الدنيا قبل يوم القيامة.حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثنا حجاج، عن ابن جُرَيج في قوله ( إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ ) فقال: زلزلتها: أشراطها. الآيات ( يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُمْ بِسُكَارَى ) .حدثنا ابن حميد: ثنا جرير، عن عطاء، عن عامر ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ ) قال: هذا في الدنيا من آيات الساعة.وقد رُوي عن النبي صلى الله عليه وسلم بنحو ما قال هؤلاء خبر في إسناده نظر (1) ، وذلك ما: حدثنا أبو كريب، قال: ثنا عبد الرحمن بن محمد المحاربي، عن إسماعيل بن رافع المدني، عن يزيد بن أبي زياد، عن رجل من الأنصار، عن محمد بن كعب القرظي، عن رجل من الأنصار، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لَمَّا فَرَغَ اللهُ مِنَ خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ، خَلَقَ الصُّورَ فَأَعْطَاهُ إِسْرَافِيلَ، فَهُوَ وَاضِعُهُ عَلَى فِيهِ، شَاخِصٌ بِبَصَرِهِ إِلَى العَرْشِ، يَنْتَظِرُ مَتَى يُؤْمَرُ. قال أبو هريرة: يا رسول الله، وما الصور؟ قال: قَرْنٌ. قال: وكيف هو؟ قال: قَرْنٌ عَظِيمٌ يُنْفَخُ فِيهِ ثَلاثُ نَفْخاتٍ: الأولى: نَفْخَةُ الفَزَعِ، والثَّانِيَةُ: نَفْخَةُ الصَّعْقِ، وَالثَّالِثَةُ: نَفْخَةُ القِيامِ لِرَبّ العَالَمِينَ. يَأْمُرُ اللهُ عَزّ وَجَلَّ إِسْرَافِيلَ بِالنَّفْخَةِ الأُولَى، فَيَقُولُ: انْفُخْ نَفْخَةَ الفَزَعِ ، فَيَفْزَعُ أَهْلُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ إِلا مَنْ شَاءَ اللهُ، وَيَأْمُرُه اللهُ فَيُدِيمُها ويُطوِّلُها، فَلا يَفْتَر، وَهِيَ الَّتِي يَقُولُ اللُه وَمَا يَنْظُرُ هَؤُلاءِ إِلا صَيْحَةً وَاحِدَةً مَا لَهَا مِنْ فَوَاقٍ فَيُسَيِّرُ اللهُ الجِبَالَ فَتَكُونُ سَرَابًا، وَتُرَجُّ الأَرْضُ بِأَهْلِهَا رَجًّا، وَهِيَ الَّتِي يَقُولُ اللهُ يَوْمَ تَرْجُفُ الرَّاجِفَةُ * تَتْبَعُهَا الرَّادِفَةُ * قُلُوبٌ يَوْمَئِذٍ وَاجِفَةٌ فَتَكُونُ الأَرْضُ كَالسَّفِينَةِ المُوبِقَةِ فِي البَحْرِ تَضْرِبُهَا الأَمْوَاجُ تُكْفَأُ بِأَهْلِهَا، أَوْ كَالْقَنْدِيلِ المُعَلَّقِ بِالعَرْشِ تَرُجِّحُهُ الأَرْوَاحُ فَتَمِيُد النَّاسُ عَلى ظُهُرِها، فَتَذْهَلُ المَرَاضِعُ، وتَضَعُ الحَوَامِلُ، وَتَشِيبُ الوِلْدَان، وَتَطِيرُ الشَّيَاطِينُ هَارِبَةً حتى تَأْتي الأقْطار، فَتَلَقَّاهَا المَلائِكَةُ فَتَضْرِبُ وُجُوهَهَا، فَتَرْجِعُ وَيُوَلّي النَّاسُ مُدْبِرِينَ يُنَادِي بَعْضُهُمْ بَعْضًا، وَهُوَ الَّذِي يَقُولُ اللهُ يَوْمَ التَّنَادِ * يَوْمَ تُوَلُّونَ مُدْبِرِينَ مَا لَكُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ عَاصِمٍ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ ، فَبَيْنَمَا هُمْ عَلى ذلكَ، إِذْ تَصَدَّعَت الأَرْضُ مِنْ قُطْرٍ إلى قُطْرٍ، فَرَأوْا أمْرًا عظيمًا، وَأَخَذَهُم لِذَلِكَ مِنَ الكَرْبِ ما اللهُ أَعْلَمُ بِهِ، ثُمَّ نَظَرُوا إلى السَّمَاءِ فَإِذَا هِيَ كَالمُهْلِ، ثُمَّ خُسِفَ شَمْسُهَا وَخُسِفَ قَمَرُها وَانْتَثَرَتْ نُجُومُها، ثُمَّ كُشِطَتْ عَنْهُمْ. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: والأَمْوَاتُ لا يَعْلَمُونَ بِشَيْءٍ مِنْ ذلكَ ، فقال أبو هريرة: فمن استثنى الله حين يقول فَفَزِعَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الأَرْضِ إِلا مَنْ شَاءَ اللَّهُ قال: أُولَئِكَ الشُّهَداءُ، وَإِنَّمَا يَصِلُ الفَزَعُ إلى الأَحْيَاءِ ، أُولَئِكَ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ، وَقَاهُمُ اللهُ فَزَعَ ذلكَ اليَوْمِ وَآمَنَهُمْ، وَهُوَ عَذَابُ اللهِ يَبْعَثُهُ عَلَى شِرَارِ خَلْقِهِ، وَهُوَ الَّذِي يَقُولُ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ ) ... إلى قوله ( وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ ) ".وهذا القول الذي ذكرناه عن علقمة والشعبيّ ومن ذكرنا ذلك عنه، قولٌ لولا مجيء الصحاح من الأخبار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بخلافه، ورسول الله صلى الله عليه وسلم أعلم بمعاني وحي الله وتنزيله.والصواب من القول في ذلك ما صح به الخبر عنه.*ذكر الرواية عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بما ذكرنا: حدثني أحمد بن المقدام، قال: ثنا المعتمر بن سليمان، قال: سمعت أبي يحدّث عن قتادة، عن صاحب له حدثه، عن عمران بن حُصين، قال: بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعض مغازيه وقد فاوت السَّير بأصحابه، إذ نادى رسول الله صلى الله عليه وسلم بهذه الآية ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ ) ". قال: فحثُّوا المطيّ، حتى كانوا حول رسول الله صلى الله عليه وسلم قال " هَلْ تَدْرُونَ أَيَّ يَوْمٍ ذَلك؟ قالوا: الله ورسوله أعلم. قال: ذلكَ يَوْمَ يُنَادَى آدَمُ، يُنَادِيهِ رَبُّهُ: ابْعَثْ بَعْثَ النَّارِ، مِنْ كُلِّ أَلْفٍ تِسْعَ مِائَةٍ وَتِسْعَةً وَتِسْعِينَ إلى النَّارِ ، قال: فأبلس القوم، فما وضح منهم ضاحك، فقال النبيّ صلى الله عليه وسلم: ألا اعْمَلُوا وَأبْشِرُوا، فَإِنّ مَعَكُمْ خَلِيقَتَيْنِ ما كَانَتَا فِي قَوْمٍ إلا كَثَّرتاهُ، فَمَنْ هَلَكَ مِنْ بَنِي آدَمَ، وَمَنْ هَلَكَ مِنْ بَنِي إِبْلِيسَ وَيَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ. قال: أَبْشِرُوا، مَا أَنْتُمْ فِي النَّاسِ إِلا كَالشَّامَةِ فِي جَنْبِ البَعِيرِ، أو كالرّقمة في جَناحِ الدَّابَّةِ".حدثنا محمد بن بشار، قال: ثنا يحيى بن سعيد، قال: ثنا هشام بن أبي &; 18-560 &; عبد الله، عن قَتادة، عن الحسن، عن عمران بن حصين، عن النبيّ صلى الله عليه وسلم. وحدثنا ابن بشار، قال: ثنا معاذ بن هشام، قال: ثنا أبي، وحدثنا ابن أبي عدي، عن هشام جميعا، عن قتادة، عن الحسن، عن عمران بن حصين، عن النبيّ صلى الله عليه وسلم بمثله.حدثنا أبو كريب، قال: ثنا محمد بن بشر، عن سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة، عن العلاء بن زياد عن عمران، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، بنحوه.حدثنا ابن بشار، قال: ثنا محمد بن جعفر، قال: ثنا عوف، عن الحسن، قال: " بلغني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما قفل من غزوة العُسْرة، ومعه أصحابه، بعد ما شارف المدينة، قرأ ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ يَوْمَ تَرَوْنَهَا ... الآية، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أَتَدْرُونَ أَيّ يَوْمٍ ذَاكُمْ ؟ قيل: الله ورسوله أعلم. فذكر نحوه، إلا أنه زاد: وَإنَّهُ لَمْ يَكُنْ رَسُولانِ إلا كَانَ بَيْنَهُمَا فَتْرَةٌ مِنَ الجَاهِلِيّةِ، فَهُمْ أَهْلُ النَّارِ وَإِنَّكُمْ بَيْنَ ظَهْرَانيْ خَلِيقَتَينِ لا يعادّهما أحدٌ مِنْ أَهْلِ الأَرْضِ إِلا كَثَّرُوهْم، وَهُمْ يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ ، وَهُمْ أَهْلُ النَّارِ، وَتَكْمُلُ العِدَّةُ مِنَ المُنَافِقِينَ".حدثني يحيى بن إبراهيم المسعوديّ، قال: ثنا أبي، عن أبيه، عن جده، عن الأعمش، عن أبي صالح عن أبي سعيد، عن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال: يُقَالُ لآدَمَ: أَخْرِجْ بَعْثَ النَّارِ، قالَ: فَيَقُولُ: وَمَا بَعْثُ النَّارِ؟ فَيَقُولُ: مِنْ كُلِّ أَلْفٍ تِسْعَ مِائَةٍ وَتِسْعَةً وَتِسْعِينَ. فَعِنْدَ ذلكَ يَشِيبُ الصَّغِيرُ، وَتَضَعُ الحَامِلُ حَمْلَهَا ، وَتَرى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُمْ بِسُكَارَى، وَلَكِنَّ عَذَابَ اللهِ شَدِيدٌ . قال: قُلْنَا فَأين الناجي يا رسول الله؟ قال: أَبْشِرُوا، فَإِنَّ وَاحِدًا مِنْكُمْ وَأَلْفا مِنْ يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ . ثُمَّ قالَ: إِنِّي لأَطْمَعُ أَنْ تَكُونُوا رُبْعَ أَهْلِ الجَنةِ، فَكَبَّرْنَا وَحَمَدْنَا اللهَ. ثم قال: " إنِّي لأَطْمَعُ أَنْ تَكُونُوا ثُلُثَ أَهْلِ الجَنةِ ، فَكَبَّرْنَا وَحَمِدْنَا اللهَ. ثم قال: إنّي لأَطْمَعُ أَنْ تَكُونُوا نِصْفَ أَهْلِ الجَنّة، إنَّمَا مَثَلُكُمْ فِي النَّاسِ كَمَثَلِ الشَّعْرَةِ البَيْضَاءِ فِي الثَّوْرِ الأَسْوَدِ، أَوْ كَمَثَلِ الشَّعْرَةِ السَّوْدَاءِ فِي الثَّوْرِ الأَبْيَضِ".حدثنا أبو السائب، قال: ثنا أبو معاوية، عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي سعيد الخُدْريّ، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " يَقُول اللهُ لآدَمَ يَوْمَ القِيامَةِ " ثم ذكر نحوه.حدثني عيسى بن عثمان بن عيسى الرملي، قال: ثنا يحيى بن عيسى، عن الأعمش، عن أبي صالح عن أبي سعيد، قال: " ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم الحشر، قال: يقولُ اللهُ يومَ القِيامَةِ يا آدَمُ، فَيَقُولُ: لَبَّيكَ وَسَعْدَيْكَ وَالخَيْرُ بِيَدَيْكَ فَيَقُولُ: ابْعَثْ بَعْثا إلى النَّارِ ". ثم ذكر نحوه.حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن قَتادة، عن أنس قال: " نزلت ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ ) ... حتى إلى ( عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ ) ... الآية على النبيّ صلى الله عليه وسلم وهو في مسير، فرجَّع بها صوته، حتى ثاب إليه أصحابه، فقال: " أتَدْرُونَ أَيَّ يَوْمٍ هَذَا؟ هَذَا يَوْمَ يَقُولُ اللهُ لآدَمَ: يا آدَمُ قُمْ فَابْعَثْ بَعْثَ النَّارِ مِنْ كُلِّ أَلْفٍ تِسْعَ مِائَةٍ وَتِسْعَةً وَتِسْعِينَ! " فكبر ذلك على المسلمين، فقال النبيّ صلى الله عليه وسلم: " سَدّدُوا وَقَارِبُوا وَأبْشِرُوا، فَوالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ ما أنْتُمْ فِي النَّاسِ إِلا كَالشَّامَةِ فِي جَنْبِ البَعِيرِ، أو كالرَّقْمَةِ فِي ذِرَاعِ الدَّابَّةِ، وِإنَّ مَعَكُمْ لَخَلِيقَتَيْنِ ما كَانَتَا فِي شِيْءٍ قَطْ إِلا كَثَّرَتَاهُ: يَأجُوجُ وَمَأْجُوجُ، وَمَنْ هَلَكَ مِنْ كَفَرَةِ الجِنِّ وَالإنْسِ".حدثنا ابن عبد الأعلى، قال ابن ثور، عن معمر، عن إسحاق، عن عمرو بن ميمون، قال: دخلت على ابن مسعود بيت المال، فقال: سمعت النبيّ صلى الله عليه وسلم يقول: " أَتَرْضَوْنَ أَنْ تَكُونُوا رُبْعَ أَهْلِ الجَنَّةِ؟ قلنا نعم، قال: أَتَرْضَوْنَ أَنْ تَكُونُوا ثُلُثَ أَهْلِ الجَنَّةِ؟ قلنا: نعم قال: فَوالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، إِنِّي لأَرْجُو أَنْ تَكُونوا شَطْرَ أَهْلِ الجَنَّةِ، وَسَأُخْبِرُكُمْ عَنْ ذلكَ، إنَّه لا يَدْخُلُ الجَنَّةَ إلا نَفْسٌ مُسْلِمَةٌ، وإنَّ قِلَّةَ المُسْلِمِينَ فِي الكُفَّارِ يَوْمَ القِيَامَةِ كَالشَّعْرَةِ السَّوْدَاءِ فِي الثَّوْرِ الأَبْيَضِ، أو كالشَّعْرَةِ البَيْضَاءِ فِي الثَّوْرِ الأَسْوَدِ ".حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله ( إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ ) قال: هذا يوم القيامة.والزلزلة مصدر من قول القائل: زلزلتُ بفلان الأرض أزلزلها زلزلة وزِلزالا بكسر الزاي من الزلزال، كما قال الله إِذَا زُلْزِلَتِ الأَرْضُ زِلْزَالَهَا وكذلك المصدر من كل سليم من الأفعال إذا جاءت على فِعلان فبكسر أوّله، مثل وسوس وسوسة ووِسواسا، فإذا كان اسما كان بفتح أوّله الزَّلزال والوَسواس، وهو ما وسوس إلى الإنسان، كما قال الشاعر:يَعْرِف الجاهِلُ المُضَلَّلُ أَنَّ الدَّهْرَ فِيهِ النَّكْرَاءُ والزَّلْزَالُ (2)وقوله تعالى ( يَوْمَ تَرَوْنَهَا ) يقول جلّ ثناؤه: يوم ترون أيها الناس زلزلة الساعة تذهل من عظمها كل مرضعة مولود عما أرضعت، ويعني بقوله ، (تَذْهَلُ) تنسى وتترك من شدّة كربها، يقال: ذَهَلْت عن كذا أذْهَلُ عنه ذُهُولا وذَهِلْت أيضا، وهي قليلة، والفصيح: الفتح في الهاء، فأما في المستقبل فالهاء مفتوحة في اللغتين، لم يسمع غير ذلك، ومنه قول الشاعر:صَحَا قَلْبُهُ يا عَزَّ أوْ كادَ يَذْهَل (3)فأما إذا أريد أن الهول أنساه وسلاه، قلت: أذهله هذا الأمر عن كذا يُذهله إذهالا. وفي إثبات الهاء في قوله ( كُلُّ مُرْضِعَةٍ ) اختلاف بين أهل العربية وكان بعض نحويي الكوفيين يقول: إذا أثبتت الهاء في المرضعة فإنما يراد أم الصبي المرضع، وإذا أسقطت فإنه يراد المرأة التي معها صبيّ ترضعه، لأنه أريد الفعل بها. قالوا: ولو أريد بها الصفة فيما يرى لقال مُرْضع. قال: وكذلك كل مُفْعِل أو فاعل يكون للأنثى ولا يكون للذكر، فهو بغير هاء، نحو: مُقْرب، ومُوقِر، ومُشْدن، وحامل، وحائض. (4)قال أبو جعفر: وهذا القول عندي أولى بالصواب في ذلك، لأن العرب من شأنها إسقاط هاء التأنيث من كل فاعل ومفعل إذا وصفوا المؤنث به، ولو لم يكن للمذكر فيه حظ، فإذا أرادوا الخبر عنها أنها ستفعله ولم تفعله، أثبتوا هاء التأنيث ليفرقوا بين الصفة والفعل. منه قول الأعشى فيما هو واقع ولم يكن وقع قبل:أيا جارَتا بِينِي فإنَّك طالِقهْكَذَاكَ أُمُورُ الناسِ غادٍ وطارِقَهْ (5)وأما فيما هو صفة، نحو قول امرئ القيس:فمثْلُكِ حُبْلَى قَدْ طَرَقْتُ وَمُرْضِعٌفَأَلْهَيْتُهَا عَنْ ذِي تَمائِمَ مُحْوِل (6)وربما أثبتوا الهاء في الحالتين وربما أسقطوهما فيهما، غير أن الفصيح من كلامهم ما وصفت.فتأويل الكلام إذن: يوم ترون أيها الناس زلزلة الساعة، تنسى وتترك كل والدة مولود ترضع ولدها عما أرضعت.----------------------الهوامش :(1) لعل المراد بأن في إسناده نظرا : أن فيه رجلين مجهولين من الأنصار .(2) البيت شاهد على أن المصدر الرباعي المضعف إذا جاء على " فعلا " فهو بكسر الفاء ، فإذا فتحت الفاء فهو اسم للمصدر ، وليس بمصدر ، كما في البيت . قال في ( اللسان : زلل ) : والزلزلة والزلزال ( بالفتح ) : تحريك الشيء ، وقد زلزله زلزلة وزلزالا ( بكسر الزاي في الثاني ) وقد قالوا : إن الفعلال ( بالفتح ) والزلزال ( بالكسر ) مطرد في جميع مصادر المضاعف . والاسم الزلزال ( بالفتح ) . وليس في الكلام فعلال ، بفتح الفاء إلا في المضعف نحو الصلصال والزلزال . وقال أبو إسحاق والزلزال بالكسر : المصدر ، والزلزال ، بالفتح : الاسم ، وكذلك الوسواس : المصدر ، والوسواس الاسم . أه .(3) هذا مطلع قصيدة لكثير بن عبد الرحمن الخزاعي المشهور ( بكثير عزة ) في مدح عبد الملك بن مروان ، ومصراعه الثاني * وأضحى يريد الصرم أو يتبدل *( ديوانه طبع الجزائر 2 : 28 ) قال شارحه : قوله " صحا قلبه " : قال في الاقتضاب : قال ابن قتيبة : وأصحت السماء العاذلة وصحا من السكر . أما السماء فلا يقال فيها إلا أصحت بالألف وأما السكر فلا يقال فيه إلا صحا بغير ألف وأما الإفاقة من الحب فلم أسمع فيه إلا صحا بغير الألف ، كالسكر . وهو شاهد على الفعل تذهل في ماضيه لغتان فتح الهاء وكسرها ، والأولى أفصح اللغتين . وقال في ( اللسان : ذهل ) : وفي التنزيل العزيز : " يوم تذهل كل مرضعة " أي تسلو عن ولدها . ابن سيدة : ذهل الشيء وذهل عنه وذهله وذهل الكسر يذهل فيهما ذهلا وذهولا : تركه على عمد أو غفل عنه أو نسيه لشغل . وقيل : الذهل : السلو والطيب النفس عن الإلف . وقد أذهله الأمر ، وذهله عنه . أه .(4) يتأمل في هذا المقام ويراجع اللسان فإنه أبسط .(5) البيت لأعشى بن قيس بن ثعلبة ، من قصيدة له قالها لامرأته الهزانية ( ديوانه طبع القاهرة بشرح الدكتور محمد حسين ، ص 263 ) والرواية فيه : يا جارتي . قال شارحه : الجارة هنا : زوجته . بيني : أي فارقي . غاد وطارقة : ذكر ( غاد ) على إرادة الجمع ، وأنث ( طارقة ) على إرادة الجماعة . والغادي : الذي يأتي عدوه في الصباح . والطارق الذي يطرق ، أي يأتي ليلا . وأنشده صاحب ( اللسان : طلق ) قال ابن الأعرابي : طلقت ( بضم اللام ) من الطلاق : أجود ، وطلقت بفتح اللام - جائز . وكلهم يقول : امرأة طالق ، بغير هاء . وأما قول الأعشى * أيا جارتا بيينى فإنك طالقه *فإن الليث قال : أراد : طالقة غدا . قال غيره قال طالقة على الفعل ، لأنها يقال ها قد طلقت ، فبنى النعت على الفعل ، وطلاق المرأة : بينونتها عن زوجها . وامرأة طالق من نسوة طلق ، وطالقة من نسوة طوالق وأنشد قول الأعشى : * أجارتنا بيني فإنك طالقه *. . . البيت .(6) البيت من معلقة امرئ القيس بن حجر الكندي ( مختار الشعر الجاهلي ، بشرح مصطفى السقا ، طبعة مصطفى البابي الحلبي وأولاده ، ص 25 ) قال شارحه : طرقت : أتيت . والتمائم : عوذ تعلق على الطفل . ومحول : أي تم له حول ، يقال : أحول الصبي فهو محول ، ويروى : مغيل . وهو الذي ترضعه أمه وهي حلبي ؛ يقال : أغالت المرأة ولدها ، فهي مغيل ( بكسر الغين ) ، وأغليته فهي مغيل ، ( بسكون الغين وكسر الياء ) ؛ سقته الغيل ، وهو لبن الحبلى ، والولد : مغال ومغيل . والشاهد في البيت أن " مرضع " بدون هاء . هو من الأوصاف الخاصة بالنساء دون الرجال ، وهو لذلك مستعين عن الهاء التي تدخل في الصفات للتفرقة بين الذكر والمؤنث فأما قوله تعالى : " يوم تذهل كل مرضعة عما أرضعت" بالهاء في مرضعة ، فإنما يراد به المرأة التي معها صبي ترضعه ، فهي متلبسة بالفعل ، فالفعل مراد هنا ، والصفة حينئذ تجري على الفعل في التذكير والتأنيث ، يقال أرضعت أو ترضع الأم وليدها ، فهي مرضعة له . فأما الأنثى التي من شأنها أن تكون مرضعا ولم تتلبس بالفعل ، فإنما يقال لها مرضع بلا هاء تأنيث ، لأن هذا وصف خاص بالإناث فلا حاجة فيه إلى الهاء للفرق .
22:2
یَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّاۤ اَرْضَعَتْ وَ تَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَ تَرَى النَّاسَ سُكٰرٰى وَ مَا هُمْ بِسُكٰرٰى وَ لٰكِنَّ عَذَابَ اللّٰهِ شَدِیْدٌ(۲)
جس دن تم اسے دیکھو گے ہر دودھ پلانے والی (ف۴) اپنے دودھ پیتے کو بھول جائے گی اور ہر گابھ (ف۵) اپنا گابھ ڈال دے گی (ف۶) اور تو لوگوں کو دیکھے گا جیسے نشہ میں ہیں اور نشہ میں نہ ہوں گے (ف۷) مگر ہے یہ کہ اللہ کی مار کڑی ہے،

كما حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله ( يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ ) قال: تترك ولدها للكرب الذي نزل بها.حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن أبي بكر، عن الحسن ( تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ ) قال: ذهلت عن أولادها بغير فطام ( وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا ) قال: ألقت الحوامل ما في بطونها لغير تمام، ( وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا ) يقول: وتسقط كل حامل من شدة كرب ذلك حملها.وقوله ( وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى ) قرأت قرّاء الأمصار ( وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى) على وجه الخطاب للواحد، كأنه قال: وترى يا محمد الناس حينئذ سُكارى وما هم بسُكارى. وقد رُوي عن أبي زُرْعة بن عمرو بن جرير (وَتُرَى النَّاسَ) بضم التاء ونصب الناس، من قول القائل: أرِيْت تُرى، التي تطلب الاسم والفعل (7) ، كظنّ وأخواتها.والصواب من القراءة في ذلك عندنا ما عليه قرّاء الأمصار، لإجماع الحجة من القرّاء.واختلف القرّاء في قراءة قوله ( سُكارَى ) فقرأ ذلك عامة قرّاء المدينة والبصرة وبعض أهل الكوفة ( سُكَارَى وَمَا هُمْ بِسُكَارَى ) . وقرأته عامة قرّاء أهل الكوفة ( وَتَرَى النَّاسَ سَكْرَى ومَا هُمْ بِسَكْرَى) .والصواب من القول في ذلك عندنا، أنهما قراءتان مستفيضتان في قَرأة الأمصار، متقاربتا المعنى، فبأيتهما قرأ القارئ فمصيب الصواب، ومعنى الكلام: وترى الناس يا محمد من عظيم ما نزل بهم من الكرب وشدّته سُكارى من الفزع وما هم بسكارى من شرب الخمر.وبنحو الذي قلنا في ذلك : قال أهل التأويل.ذكر من قال ذلك: حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن أبي بكر، عن الحسن ( وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى ) من الخوف ( وَمَا هُمْ بِسُكَارَى ) من الشراب.قال ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج، قوله ( وَمَا هُمْ بِسُكَارَى ) قال: ما هُم بسكارى من الشراب، ( وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ ) .حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله ( وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُمْ بِسُكَارَى ) قال: ما شربوا خمرا يقول تعالى ذكره: ( وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ ) يقول تعالى ذكره : ولكنهم صاروا سكارى من خوف عذاب الله عند معاينتهم ما عاينوا من كرب ذلك وعظيم هوله، مع علمهم بشدة عذاب الله.----------------------------------الهوامش :(7) لعل الصواب : الاسم والخبر . لأن ظن ورأى وأعلم تدخل على الجملة الاسمية من المبتدأ والخبر .
22:3
وَ مِنَ النَّاسِ مَنْ یُّجَادِلُ فِی اللّٰهِ بِغَیْرِ عِلْمٍ وَّ یَتَّبِـعُ كُلَّ شَیْطٰنٍ مَّرِیْدٍۙ(۳)
اور کچھ لوگ وہ ہیں کہ اللہ کے معاملہ میں جھگڑتے ہیں بے جانے بوجھے، اور ہر سرکش شیطان کے پیچھے ہو لیتے ہیں (ف۸)

ذكر أن هذه الآية نزلت في النضر بن الحارث.حدثنا القاسم، فال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جُرَيج ( وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ ) قال: النضر بن الحارث (8) . ويعني بقوله ( مَنْ يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ ) من يخاصم في الله، فيزعم أن الله غير قادر على إحياء من قد بلي وصار ترابا، بغير علم يعلمه، بل بجهل منه بما يقول.(وَيَتَّبِعُ ) في قيله ذلك وجداله في الله بغير علم ( كُلَّ شَيْطَانٍ مَرِيدٍ ) .----------------------الهوامش :(8) كان النضر بن الحارث بن كلدة قد أخذ الطب والفلسفة مع أبيه في الحيرة .
22:4
كُتِبَ عَلَیْهِ اَنَّهٗ مَنْ تَوَلَّاهُ فَاَنَّهٗ یُضِلُّهٗ وَ یَهْدِیْهِ اِلٰى عَذَابِ السَّعِیْرِ(۴)
جس پر لکھ دیا گیا ہے کہ جو اس کی دوستی کرے گا تو یہ ضرور اسے گمراہ کردے گا اور اسے عذاب دوزخ کی راہ بتائے گا (ف۹)

يقول تعالى ذكره: قضي على الشيطان، فمعنى (كُتِبَ) ههنا قُضِي، والهاء التي في قوله عليه من ذكر الشيطان.كما حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا محمد بن ثور، عن معمر عن قتادة ( كُتِبَ عَلَيْهِ أَنَّهُ مَنْ تَوَلاهُ ) قال: كُتب على الشيطان، أنه من اتبع الشيطان من خلق الله.حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى، وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء جميعا، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، في قول الله ( كُتِبَ عَلَيْهِ أَنَّهُ مَنْ تَوَلاهُ ) قال: الشيطان اتبعه.حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جُرَيج، عن مجاهد ( أَنَّهُ مَنْ تَوَلاهُ ) ، قال: اتبعه.وقوله ( فَأَنَّهُ يُضِلُّهُ ) يقول: فإن الشيطان يضله، يعني: يضل من تولاه. والهاء التي في " يضله عائدة على " من " التي في قوله ( مَنْ تَوَلاهُ ) وتأويل الكلام: قُضي على الشيطان أنه يضلّ أتباعه ولا يهديهم إلى الحق.وقوله ( وَيَهْدِيهِ إِلَى عَذَابِ السَّعِيرِ ) يقول: ويَسُوقُ مَنِ اتَّبَعَهُ إلى عذاب جهنم الموقدة، وسياقه إياه إليه بدعائه إلى طاعته ومعصية الرحمن، فذلك هدايته من تبعه إلى عذاب جهنم.
22:5
یٰۤاَیُّهَا النَّاسُ اِنْ كُنْتُمْ فِیْ رَیْبٍ مِّنَ الْبَعْثِ فَاِنَّا خَلَقْنٰكُمْ مِّنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُّطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ مِنْ مُّضْغَةٍ مُّخَلَّقَةٍ وَّ غَیْرِ مُخَلَّقَةٍ لِّنُبَیِّنَ لَكُمْؕ-وَ نُقِرُّ فِی الْاَرْحَامِ مَا نَشَآءُ اِلٰۤى اَجَلٍ مُّسَمًّى ثُمَّ نُخْرِجُكُمْ طِفْلًا ثُمَّ لِتَبْلُغُوْۤا اَشُدَّكُمْۚ-وَ مِنْكُمْ مَّنْ یُّتَوَفّٰى وَ مِنْكُمْ مَّنْ یُّرَدُّ اِلٰۤى اَرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَیْلَا یَعْلَمَ مِنْۢ بَعْدِ عِلْمٍ شَیْــٴًـاؕ-وَ تَرَى الْاَرْضَ هَامِدَةً فَاِذَاۤ اَنْزَلْنَا عَلَیْهَا الْمَآءَ اهْتَزَّتْ وَ رَبَتْ وَ اَنْۢبَتَتْ مِنْ كُلِّ زَوْجٍۭ بَهِیْجٍ(۵)
اے لوگو! اگر تمہیں قیامت کے دن جینے میں کچھ شک ہو تو یہ غور کرو کہ ہم نے تمہیں پیدا کیا مٹی سے (ف۱۰) پھر پانی کی بوند سے (ف۱۱) پھر خون کی پھٹک سے (ف۹۱۲ پھر گوشت کی بوٹی سے نقشہ بنی اور بے بنی (ف۱۳) تاکہ ہم تمہارے لیے اپنی نشانیاں ظاہر فرمائیں (ف۱۴) اور ہم ٹھہرائے رکھتے ہیں ماؤں کے پیٹ میں جسے چاہیں ایک مقرر میعاد تک (ف۱۵) پھر تمہیں نکالتے ہیں بچہ پھر (ف۱۶) اس لیے کہ تم اپنی جوانی کو پہنچو (ف ۱۷) اور تم میں کوئی پہلے ہی مرجاتا ہے اور کوئی سب میں نکمی عمر تک ڈالا جاتا ہے (ف۱۸) کہ جاننے کے بعد کچھ نہ جانے (ف۱۹) اور تو زمین کو دیکھے مرجھائی ہوئی (ف۲۰) پھر جب ہم نے اس پر پانی اتارا تر و تازہ ہوئی اور ابھر آئی اور ہر رونق دار جوڑا (ف۲۱) اُگا لائی (ف۲۲)

وهذا احتجاج من الله على الذي أخبر عنه من الناس أنه يجادل في الله بغير علم، اتباعا منه للشيطان المريد ، وتنبيه له على موضع خطأ قيله، وإنكاره ما أنكر من قدرة ربه. قال: يا أيها الناس إن كنتم في شكّ من قدرتنا على بعثكم من قبوركم بعد مماتكم وبلاكم استعظاما منكم لذلك، فإن في ابتدائنا خلق أبيكم آدم صلى الله عليه وسلم من تراب ثم إنشائناكم من نطفة آدم ، ثم تصريفناكم أحوالا حالا بعد حال، من نطفة إلى علقة، ثم من علقة إلى مضغة، لكم معتبرا ومتعظا تعتبرون به، فتعلمون أن من قدر على ذلك فغير متعذّر عليه إعادتكم بعد فنائكم كما كنتم أحياء قبل الفناء.واختلف أهل التأويل في تأويل قوله مخلقة وغير مخلّقة، فقال بعضهم: هي من صفة النطفة. قال: ومعنى ذلك: فإنا خلقناكم من تراب، ثم من نطفة مخلَّقة وغير مخلقة قالوا: فأما المخلقة فما كان خلقا سَوِيّا وأما غير مخلقة، فما دفعته الأرحام ، من النطف ، وألقته قبل أن يكون خلقا.ذكر من قال ذلك: حدثنا أبو كريب، قال: ثنا أبو معاوية، عن داود بن أبي هند، عن عامر، عن علقمة، عن عبد الله، قال: إذا وقعت النطفة في الرحم، بعث الله ملَكا فقال: يا ربّ مخلقة ، أو غير مخلقة؟ فإن قال: غير مخلَّقة، مجّتها الأرحام دما، وإن قال: مخلقة، قال: يا ربّ فما صفة هذه النطفة ، أذكر أم أنثى؟ ما رزقها ما أجلها؟ أشقيّ أو سعيد؟ قال: فيقال له: انطلق إلى أمّ الكتاب فاستنسخ منه صفة هذه النطفة! قال: فينطلق الملك فينسخها فلا تزال معه حتى يأتي على آخر صفتها.وقال آخرون: معنى ذلك: تامة وغير تامة.ذكر من قال ذلك: حدثنا ابن بشار، قال: ثنا سليمان، قال: ثنا أبو هلال، عن قتادة في قول الله ( مُخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ ) قال: تامة وغير تامة.حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا محمد بن ثور، عن قتادة ( مُخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ ) فذكر مثله.وقال آخرون: معنى ذلك المضغة مصوّرة إنسانا وغير مصوّرة، فإذا صورت فهي مخلقة وإذا لم تصوّر فهي غير مخلقة.ذكر من قال ذلك: ابن حميد، قال: ثنا حكام، عن عنبسة، عن محمد بن عبد الرحمن، عن القاسم بن أبي بزة، عن مجاهد في قوله ( مُخَلَّقَةٍ ) قال: السِّقط، ( مُخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ ).حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى، وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء جميعا، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد في قول الله ( مُخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ ) قال: السقط، مخلوق وغير مخلوق.حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد، بنحوه.حدثنا ابن المثنى، قال: ثنا عبد الأعلى، قال: ثنا داود، عن عامر أنه قال في النطفة والمضغة إذا نكست في الخلق الرابع، كانت نسمة مخلقة، وإذا قذفتها قبل ذلك فهي غير مخلقة.قال: ثنا عبد الرحمن بن مهدي، عن حماد بن أبي سلمة، عن داود بن أبي هند، عن أبي العالية ( مُخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ ) قال: السقط.وأولى الأقوال في ذلك بالصواب قول من قال: المخلقة المصورة خلقا تاما، وغير مخلقة: السِّقط قبل تمام خلقه، لأن المخلقة وغير المخلقة من نعت المضغة والنطفة بعد مصيرها مضغة، لم يبق لها حتى تصير خلقا سويا إلا التصوير، وذلك هو المراد بقوله ( مُخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ ) خلقا سويا، وغير مخلقة بأن تلقيه الأم مضغة ولا تصوّر ولا ينفخ فيها الروح.وقوله ( لِنُبَيِّنَ لَكُمْ ) يقول تعالى ذكره: جعلنا المضغة منها المخلقة التامة ومنها السقط غير التام، لنبين لكم قدرتنا على ما نشاء ونعرفكم ابتداءنا خلقكم.وقوله ( وَنُقِرُّ فِي الأَرْحَامِ مَا نَشَاءُ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى ) يقول تعالى ذكره: من كنا كتبنا له بقاء وحياة إلى أمد وغاية، فإنا نقرّه في رحم أمه إلى وقته الذي جعلنا له أن يمكث في رحمها، فلا تسقطه ، ولا يخرج منها حتى يبلغ أجله، فإذا بلغ وقت خروجه من رحمها أذنا له بالخروج منها، فيخرج.وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.ذكر من قال ذلك: حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى، وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء جميعا، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قوله ( وَنُقِرُّ فِي الأَرْحَامِ مَا نَشَاءُ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى ) قال: التمام.حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جُرَيج، عن مجاهد، مثله.حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله ( وَنُقِرُّ فِي الأَرْحَامِ مَا نَشَاءُ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى ) قال: الأجل المسمى: إقامته في الرحم حتى يخرج.وقوله ( ثُمَّ نُخْرِجُكُمْ طِفْلا ) يقول تعالى ذكره: ثم نخرجكم من أرحام أمهاتكم إذا بلغتم الأجل الذي قدرته لخروجكم منها طفلا صغارا ووحد الطفل ، وهو صفة للجميع، لأنه مصدر مثل عدل وزور.وقوله ( ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ ) يقول: ثم لتبلغوا كمال عقولكم ونهاية قواكم بعمركم.وقد ذكرت اختلاف المختلفين في الأشد، والصواب من القول فيه عندنا بشواهده فيما مضى بما أغنى عن إعادته في هذا الموضع."5"القول في تأويل قوله تعالى : وَمِنْكُمْ مَنْ يُتَوَفَّى وَمِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَيْلا يَعْلَمَ مِنْ بَعْدِ عِلْمٍ شَيْئًا وَتَرَى الأَرْضَ هَامِدَةً فَإِذَا أَنْزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ وَأَنْبَتَتْ مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍيقول تعالى ذكره: ومنكم أيها الناس من يتوفى قبل أن يبلغ أشدّه فيموت، ومنكم من يُنْسَأ في أجله فيعمر حتى يهرم ، فيردّ من بعد انتهاء شبابه وبلوغه غاية أشده ، إلى أرذل عمره، وذلك الهرم، حتى يعود كهيئته في حال صباه لا يعقل من بعد عقله الأوّل شيئا.ومعنى الكلام: ومنكم من يرد إلى أرذل العمر بعد بلوغه أشده ( لِكَيْلا يَعْلَمَ مِنْ بَعْدِ عِلْمٍ ) كان يعلمه (شَيْئًا ) .وقوله ( وَتَرَى الأَرْضَ هَامِدَةً ) يقول تعالى ذكره: وترى الأرض يا محمد يابسة دارسة الآثار من النبات والزرع، وأصل الهمود: الدروس والدثور، ويقال منه: همدت الأرض تهمد هُمودا ؛ ومنه قول الأعشى ميمون بن قيس:قالَتْ قُتَيْلَةُ ما لِجِسِمَك شاحِباوأرَى ثِيابكَ بالِياتٍ هُمَّدَا (9)والهُمَّد: جمع هامد، كما الركع جمع راكع.وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.ذكر من قال ذلك: حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جُرَيج، في قوله ( وَتَرَى الأَرْضَ هَامِدَةً ) قال: لا نبات فيها.وقوله ( فَإِذَا أَنزلْنَا عَلَيْهَا الْمَاءَ اهْتَزَّتْ ) يقول تعالى ذكره: فإذا نحن أنزلنا على هذه الأرض الهامدة التي لا نبات فيها ، المطر من السماء اهتزّت يقول: تحركت بالنبات، (وَرَبَتْ) يقول: وأضعفت النبات بمجيء الغيث.وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.ذكر من قال ذلك: حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن قَتادة ( اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ ) قال: عُرِف الغيث في ربوها.حدثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر، عن قَتادة ( اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ ) قال: حسنت، وعرف الغيث في ربوها.وكان بعضهم يقول: معنى ذلك: فإذا أنزلنا عليها الماء اهتزت، ويوجه المعنى إلى الزرع، وإن كان الكلام مخرجه على الخبر عن الأرض، وقرأت قراء الأمصار ( وَرَبَتْ ) بمعنى: الربو، الذي هو النماء والزيادة.وكان أبو جعفر القارئ يقرأ ذلك (وَرَبَأَتْ) بالهمز.حُدثت عن الفراء، عن أبي عبد الله التميمي عنه، وذلك غلط، لأنه لا وجه للرب ههنا، وإنما يقال: ربأ بالهمز بمعنى حرس من الربيئة، ولا معنى للحراسة في هذا الموضع، والصحيح من القراءة ما عليه قراء الأمصار.وقوله ( وَأَنْبَتَتْ مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ ) يقول جلّ ثناؤه: وأنبتت هذه الأرض الهامدة بذلك الغيث من كل نوع بهيج، يعني بالبهيج ، البهج، وهو الحسن.وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.ذكر من قال ذلك: حدثنا محمد بن عبد الأعلى، قال: ثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن قَتادة ( وَأَنْبَتَتْ مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ ) قال: حسن.حدثنا الحسن، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر، عن قَتادة، مثله.--------------------------الهوامش :(9) البيت لأعشى بن قيس بن ثعلبة ( ديوانه طبع القاهرة بشرح الدكتور محمد حسين ، ص 227 ) . وهو من قصيدة قالها لكسرى حين أراد منهم رهائن ، لما أغار الحارث بن وعلة على بعض السواد . والرواية فيه " سايئا " في موضع " شاحبا " . قال في تفسيره : سايئ : يسوء من رآه . وهمد الثوب تقطع من طول الطي ينظر إليه الناظر فيحسبه صحيحا ، فإذا مسه تناثر من البلى ، ومثله في ( اللسان : همد ) : ( وترى الأرض هامدة ) : أي جافة ذات تراب . وأرض هامدة : مقشعرة ، لا نبات فيها إلا اليابس المتحطم ، وقد أهمدها القحط . أه .
22:6
ذٰلِكَ بِاَنَّ اللّٰهَ هُوَ الْحَقُّ وَ اَنَّهٗ یُحْیِ الْمَوْتٰى وَ اَنَّهٗ عَلٰى كُلِّ شَیْءٍ قَدِیْرٌۙ(۶)
یہ اس لیے ہے کہ اللہ ہی حق ہے (ف۲۳) اور یہ کہ وہ مردے جِلائے گا اور یہ کہ وہ سب کچھ کرسکتا ہے،

يعني تعالى ذكره بقوله: ذلك هذا الذي ذكرت لكم أيها الناس من بدئنا خلقكم في بطون أمهاتكم، ووصفنا أحوالكم قبل الميلاد وبعده، طفلا وكهلا وشيخا هرما وتنبيهنا لكم على فعلنا بالأرض الهامدة بما ننزل عليها من الغيث، لتؤمنوا وتصدّقوا بأن ذلك الذي فعل ذلك الله الذي هو الحقّ لا شك فيه، وأن من سواه مما تعبدون من الأوثان والأصنام باطل لأنها لا تقدر على فعل شيء من ذلك، وتعلموا أن القدرة التي جعل بها هذه الأشياء العجيبة لا يتعذّر عليها أن يحيي بها الموتى بعد فنائها ودروسها في التراب، وأن فاعل ذلك على كلّ ما أراد وشاء من شيء قادر لا يمتنع عليه شيء أراده.
22:7
وَّ اَنَّ السَّاعَةَ اٰتِیَةٌ لَّا رَیْبَ فِیْهَاۙ-وَ اَنَّ اللّٰهَ یَبْعَثُ مَنْ فِی الْقُبُوْرِ(۷)
اور اس لیے کہ قیامت آنے والی اس میں کچھ شک نہیں، اور یہ کہ اللہ اٹھائے گا انہیں جو قبروں میں ہیں،

ولتوقنوا بذلك أن الساعة التي وعدتكم أن أبعث فيها الموتى من قبورهم جاثية لا محالة ( لا رَيْبَ فِيهَا ) يقول: لا شك في مجيئها وحدوثها، ( وَأَنَّ اللَّهَ يَبْعَثُ مَنْ فِي الْقُبُورِ ) حينئذ من فيها من الأموات أحياء إلى موقف الحساب، فلا تشكوا في ذلك ، ولا تمترُوا فيه.
22:8
وَ مِنَ النَّاسِ مَنْ یُّجَادِلُ فِی اللّٰهِ بِغَیْرِ عِلْمٍ وَّ لَا هُدًى وَّ لَا كِتٰبٍ مُّنِیْرٍۙ(۸)
اور کوئی آدمی وہ ہے کہ اللہ کے بارے میں یوں جھگڑتا ہے کہ نہ تو علم نہ کوئی دلیل اور نہ کوئی روشن نوشتہ (تحریر) (ف۲۴)

يقول تعالى ذكره: ومن الناس من يخاصم في توحيد الله وإفراده بالألوهة بغير علم منه بما يخاصم به ( وَلا هُدًى ) يقول: وبغير بيان معه لما يقول ولا برهان.( وَلا كِتَابٍ مُنِيرٍ ) يقول: وبغير كتاب من الله أتاه لصحة ما يقول.(منير ) يقول ينير عن حجته. وإنما يقول ما يقول من الجهل ظنا منه وحسبانا، وذكر أن عني بهذه الآية والتي بعدها النضر بن الحارث من بني عبد الدار.
22:9
ثَانِیَ عِطْفِهٖ لِیُضِلَّ عَنْ سَبِیْلِ اللّٰهِؕ-لَهٗ فِی الدُّنْیَا خِزْیٌ وَّ نُذِیْقُهٗ یَوْمَ الْقِیٰمَةِ عَذَابَ الْحَرِیْقِ(۹)
حق سے اپنی گردن موڑے ہوئے تاکہ اللہ کی راہ سے بہکادے (ف۲۵) اس کے لیے دنیا میں رسوائی ہے (ف۲۶) اور قیامت کے دن ہم اسے آگ کا عذاب چکھائیں گے (ف۲۷)

يقول تعالى ذكره: يجادل هذا الذي يجادل في الله بغير علم ( ثَانِيَ عِطْفِهِ ) .واختلف أهل التأويل في المعنى الذي من أجله وصف بأنه يثني عطفه ، وما المراد من وصفه إياه بذلك، فقال بعضهم: وصفه بذلك لتكبره وتبختره، وذكر عن العرب أنها تقول: جاءني فلان ثاني عطفه: إذا جاء متبخترا من الكبر.ذكر من قال ذلك: حدثني عليّ، قال: ثنا عبد الله، قال: ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس، في قوله ( ثَانِيَ عِطْفِهِ ) يقول: مستكبرا في نفسه.وقال آخرون: بل معنى ذلك: لاوٍ رقبته.ذكر من قال ذلك: حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال ثنا عيسى، وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن قال: ثنا ورقاء جميعا، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قوله ( ثَانِيَ عِطْفِهِ ) قال: رقبته.حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد، مثله.حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قَتادة ( ثَانِيَ عِطْفِهِ ) قال: لاوٍ عنقه.حدثنا الحسن، قال: أخبرنا عبد الرزاق، عن معمر، عن قَتادة، مثله.وقال آخرون: معنى ذلك أنه يعرض عما يدعى إليه فلا يسمع له.ذكر من قال ذلك: حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله ( ثَانِيَ عِطْفِهِ ) يقول: يعرض عن ذكري.حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد ( ثَانِيَ عِطْفِهِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ ) قال: لاويا رأسه، معرضا موليا، لا يريد أن يسمع ما قيل له، وقرأ وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا يَسْتَغْفِرْ لَكُمْ رَسُولُ اللَّهِ لَوَّوْا رُءُوسَهُمْ وَرَأَيْتَهُمْ يَصُدُّونَ وَهُمْ مُسْتَكْبِرُونَ - وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِ آيَاتُنَا وَلَّى مُسْتَكْبِرًا . حدثنا القاسم - قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جُرَيج، عن مجاهد، قوله ( ثَانِيَ عِطْفِهِ ) قال: يعرض عن الحق.قال أبو جعفر: وهذه الأقوال الثلاثة متقاربات المعنى، وذلك أن من كان ذا استكبار فمن شأنه الإعراض عما هو مستكبر عنه ولّي عنقه عنه والإعراض.والصواب من القول في ذلك أن يقال: إن الله وصف هذا المخاصم في الله بغير علم أنه من كبره إذا دُعي إلى الله ، أعرض عن داعيه ، لوى عنقه عنه ولم يسمع ما يقال له استكبارا.وقوله ( لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ ) يقول تعالى ذكره: يجادل هذا المشرك في الله بغير علم معرضا عن الحق استكبارا، ليصدّ المؤمنين بالله عن دينهم الذي هداهم له ويستزلهم عنه، ( لَهُ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ ) يقول جلّ ثناؤه: لهذا المجادل في الله بغير علم في الدنيا خزي ، وهو القتل والذل والمهانة بأيدي المؤمنين، فقتله الله بأيديهم يوم بدر.كما حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جُرَيج، قوله ( فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ ) قال: قتل يوم بدر.وقوله ( وَنُذِيقُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَذَابَ الْحَرِيقِ ) يقول تعالى ذكره: ونحرقه يوم القيامة بالنار.
22:10
ذٰلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ یَدٰكَ وَ اَنَّ اللّٰهَ لَیْسَ بِظَلَّامٍ لِّلْعَبِیْدِ۠(۱۰)
یہ اس کا بدلہ ہے جو تیرے ہاتھوں نے آگے بھیجا (ف۲۸) اور اللہ بندوں پر ظلم نہیں کرتا (ف۲۹)

وقوله ( ذلك بما قدمت يداك ) يقول جلّ ثناؤه: ويقال له إذا أذيق عذاب النار يوم القيامة: هذا العذاب الذي نذيقكه اليوم بما قدمت يداك في الدنيا من الذنوب والآثام ، واكتسبته فيها من الإجرام ( وأن الله ليس بظلام للعبيد ) يقول: وفعلنا ذلك لأن الله ليس بظلام للعبيد ، فيعاقب بعض عبيده على جُرْم ، وهو يغفر (1) مثله من آخر غيره، أو يحمل ذنب مذنب على غير مذنب ، فيعاقبه به ويعفو عن صاحب الذنب ، ولكنه لا يعاقب أحدا إلا على جرمه ، ولا يعذب أحدا على ذنب يغفر مثله لآخر إلا بسبب استحق به منه مغفرته.------------------------الهوامش:(1) في الأصل يعفو : وفي العبارة ارتباك ، توضيحه في آخر كلامه .
22:11
وَ مِنَ النَّاسِ مَنْ یَّعْبُدُ اللّٰهَ عَلٰى حَرْفٍۚ- فَاِنْ اَصَابَهٗ خَیْرُ ﰳاطْمَاَنَّ بِهٖۚ- وَ اِنْ اَصَابَتْهُ فِتْنَةُ-ﰳانْقَلَبَ عَلٰى وَجْهِهٖ۫ۚ -خَسِرَ الدُّنْیَا وَ الْاٰخِرَةَؕ- ذٰلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِیْنُ(۱۱)
اور کچھ آدمی اللہ کی بندگی ایک کنارہ پر کرتے ہیں (ف۳۰) پھر اگر انہیں کوئی بھلائی پہنچ گئی جب تو چین سے ہیں اور جب کوئی جانچ آکر پڑی (ف۳۱) منہ کے بل پلٹ گئے، ف۳۲) دنیا اور آخرت دونوں کا گھاٹا (ف۳۳) یہی ہے صر یح نقصان (ف۳۴)

يعني جلّ ذكره بقوله ( ومن الناس من يعبد الله على حرف ) أعرابا كانوا يقدمون على رسول الله صلى الله عليه وسلم، مهاجرين من باديتهم، فإن نالوا رخاء من عيش بعد الهجرة والدخول في الإسلام أقاموا على الإسلام، وإلا ارتدّوا على أعقابهم، فقال الله ( ومن الناس من يعبد الله ) على شك، ( فإن أصابه خير اطمأن به ) وهو السعة من العيش وما يشبهه من أسباب الدنيا اطمأنّ به يقول: استقرّ بالإسلام وثبت عليه ( وإن أصابته فتنة ) وهو الضيق بالعيش وما يشبهه من أسباب الدنيا( انقلب على وجهه ) يقول: ارتدّ فانقلب على وجهه الذي كان عليه من الكفر بالله.وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.*ذكر من قال ذلك: حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله ( ومن الناس من يعبد الله على حرف ) ... إلى قوله ( انْقَلَبَ عَلَى وَجْهِهِ ) قال: الفتنة البلاء، كان أحدهم إذا قدم المدينة وهي أرض وبيئة، فإن صحّ بها جسمه ، ونُتِجت فرسه مُهرا حسنا، وولدت امرأته غلاما رضي به واطمأنّ إليه وقال: ما أصبت منذ كنت على ديني هذا إلا خيرا ، وإن أصابه وجع المدينة ، وولدت امرأته &; 18-576 &; جارية وتأخرت عنه الصدقة، أتاه الشيطان فقال: والله ما أصبت منذ كنت على دينك هذا إلا شرّا، وذلك الفتنة.حدثنا ابن حميد، قال: ثنا حكام، قال: ثنا عنبسة، عن أبي بكر، عن محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن القاسم بن أبي بَزَّة، عن مجاهد في قول الله ( وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَى حَرْفٍ ) قال: على شكّ.حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى، وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن قال: ثنا ورقاء جميعا، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قوله ( عَلَى حَرْفٍ ) قال: على شك (فإن أصابه خير ) رخاء وعافية ( اطمأن به) اسْتَقَرَّ (وإن أصابته فتنة ) عذاب ومصيبة (انْقَلَبَ ) ارتد ( على وجهه ) كافرا.حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد، بنحوه.قال ابن جُرَيج: كان ناس من قبائل العرب ومن حولهم من أهل القرى يقولون: نأتي محمدا صلى الله عليه وسلم، فإن صادفنا خيرا من معيشة الرزق ثبتنا معه، وإلا لحقنا بأهلنا.حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن قَتادة ( من يعبد الله على حرف ) قال: شك.( فإن أصابه خير ) يقول: أكثر ماله وكثرت ماشيته اطمأنّ وقال: لم يصبني في ديني هذا منذ دخلته إلا خير ( وإن أصابته فتنة ) يقول: وإن ذهب ماله، وذهبت ماشيته ( انقلب على وجهه خسر الدنيا والآخرة ) .حدثنا الحسن، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر، عن قَتادة، نحوه.حُدثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذ يقول: ثنا عبيد، قال: سمعت الضحاك يقول في قوله ( ومن الناس من يعبد الله على حرف ) الآية، كان ناس من قبائل العرب ومن حول المدينة من القرى كانوا يقولون: نأتي محمدا صلى الله عليه وسلم فننظر في شأنه، فإن صادفنا خيرا ثبتنا معه، وإلا لحقنا بمنازلنا وأهلينا. وكانوا يأتونه فيقولون: نحن على دينك! فإن أصابوا معيشة ونَتَجُوا خيلهم وولدت نساؤهم الغلمان، اطمأنوا وقالوا: هذا دين صدق ، وإن تأخر عنهم الرزق، وأزلقت خيولهم ، وولدت نساؤهم البنات، قالوا: هذا دين سَوْء، فانقلبوا على وجوههم.حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله ( ومن الناس من يعبد الله على حرف فإن أصابه خير اطمأن به وإن أصابته فتنة انقلب على وجهه خسر الدنيا والآخرة ) قال: هذا المنافق، إن صلحت له دنياه أقام على العبادة، وإن فسدت عليه دنياه وتغيرت انقلب، ولا يقيم على العبادة إلا لما صَلَح من دنياه. وإذا أصابته شدّة أو فتنة أو اختبار أو ضيق، ترك دينه ورجع إلى الكفر.وقوله ( خَسِرَ الدُّنْيَا وَالآخِرَةَ ) يقوله: غَبِن هذا الذي وصف جلّ ثناؤه صفته دنياه، لأنه لم يظفر بحاجته منها بما كان من عبادته الله على الشك، ووضع في تجارته فلم يربح والآخرة : يقول: وخسر الآخرة، فإنه معذّب فيها بنار الله الموقدة. وقوله ( ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ ) يقول : وخسارته الدنيا والآخرة هي الخسران : يعني الهلاك المبين : يقول : يبين لمن فكّر فيه وتدبره أنه قد خسر الدنيا والآخرة .واختلفت القرّاء في قراءة ذلك، فقرأته قراء الأمصار جميعا غير حميد الأعرج ( خَسِرَ الدُّنْيَا وَالآخِرَةَ ) على وجه المضيّ. وقرأه حميد الأعرج ( خاسِرًا) نصبا على الحال على مثال فاعل.
22:12
یَدْعُوْا مِنْ دُوْنِ اللّٰهِ مَا لَا یَضُرُّهٗ وَ مَا لَا یَنْفَعُهٗؕ-ذٰلِكَ هُوَ الضَّلٰلُ الْبَعِیْدُۚ(۱۲)
اللہ کے سوا ایسے کو پوجتے ہیں جو ان کا برا بھلا کچھ نہ کرے (ف۳۵) یہی ہے دور کی گمراہی،

يقول تعالى ذكره: وإن أصابت هذا الذي يعبد الله على حرف فتنة، ارتدّ عن دين الله، يدعو من دون الله آلهة لا تضرّه إن لم يعبدها في الدنيا ولا تنفعه في الآخرة إن عبدها( ذَلِكَ هُوَ الضَّلالُ الْبَعِيدُ ) يقول: ارتداده ذلك داعيا من دون الله هذه الآلهة هو الأخذ على غير استقامة ، والذهاب عن دين الله ذهابا بعيدا.حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله ( يَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لا يَضُرُّهُ وَمَا لا يَنْفَعُهُ ) يكفر بعد إيمانه ( ذَلِكَ هُوَ الضَّلالُ الْبَعِيدُ ) .
22:13
یَدْعُوْا لَمَنْ ضَرُّهٗۤ اَقْرَبُ مِنْ نَّفْعِهٖؕ-لَبِئْسَ الْمَوْلٰى وَ لَبِئْسَ الْعَشِیْرُ(۱۳)
ایسے کو پوجتے نہیں جس کے نفع سے (ف۳۶) نقصان کی توقع زیادہ ہے (ف۳۷) بیشک (ف۳۸) کیا ہی برا مولیٰ اور بیشک کیا ہی برا رفیق،

يقول تعالى ذكره: يدعو هذا المنقلب على وجهه من أن أصابته فتنة آلهة لضرّها في الآخرة له أقرب وأسرع إليه من نفعها. وذكر أن ابن مسعود كان يقرؤه يدعو مَنْ ضَرّه أقرب من نفعه.واختلف أهل العربية في موضع " من "، فكان بعض نحويِّي البصرة يقول: موضعه نصب بيدعو، ويقول: معناه: يدعو لآلهة ضرّها أقرب من نفعها، ويقول: هو شاذٌّ لأنه لم يوجد في الكلام: يدعو لزيدا. وكان بعض نحويِّي الكوفة يقول: اللام من صلة " ما " بعد " مَنْ"، كأن معنى الكلام عنده: يدعو من لَضَرّه أقرب من نفعه. وحُكي عن العرب سماعا منها عندي لَمَا غيرُه خير منه، بمعنى: عندي ما لغيره خير منه، وأعطيتك لما غيره خير منه، بمعنى: ما لغيره خير منه. وقال: جائز في كلّ ما لم يتبين فيه الإعراب الاعتراض باللام دون الاسم.وقال آخرون منهم: جائز أن يكون معنى ذلك: هو الضلال البعيد يدعو، فيكون يدعو صلة الضلال البعيد، وتضمر في يدعو الهاء ثم تستأنف الكلام باللام، فتقول لمن ضرّه أقرب من نفعه: لبئس المولى، كقولك في الكلام في مذهب الجزاء: لَمَا فَعَلْتَ لَهُو خَيْر لك. فعلى هذا القول " من " في موضع رفع بالهاء في قوله ، ضَرّه، ، لأن مَنْ إذا كانت جزاء فإنما يعربها ما بعدها، واللام الثانية في لبئس المولى جواب اللام الأولى، وهذا القول الآخر على مذهب العربية أصحّ، والأوّل إلى مذهب أهل التأويل أقرب.وقوله ( لَبِئْسَ الْمَوْلَى ) ، يقول: لبئس ابن العم هذا الذي يعبد الله على حرف.( وَلَبِئْسَ الْعَشِيرُ ) يقول: ولبئس الخليط المعاشر والصاحب: هو كما حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، فال: قال ابن زيد، في قوله ( وَلَبِئْسَ الْعَشِيرُ ) قال: العشير: هو المعاشر الصاحب.وقد قيل: عني بالمولى في هذا الموضع: الولي الناصر.وكان مجاهد يقول: عني بقوله ( لَبِئْسَ الْمَوْلَى وَلَبِئْسَ الْعَشِيرُ ) الوثن.حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى، وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء جميعا، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، في قول الله ( وَلَبِئْسَ الْعَشِيرُ ) قال: الوثن.
22:14
اِنَّ اللّٰهَ یُدْخِلُ الَّذِیْنَ اٰمَنُوْا وَ عَمِلُوا الصّٰلِحٰتِ جَنّٰتٍ تَجْرِیْ مِنْ تَحْتِهَا الْاَنْهٰرُؕ-اِنَّ اللّٰهَ یَفْعَلُ مَا یُرِیْدُ(۱۴)
بیشک اللہ داخل کرے گا انہیں جو ایمان لائے اور بھلے کام کیے باغوں میں جن کے نیچے نہریں رواں، بیشک اللہ کرتا ہے جو چاہے (ف۳۹)

يقول تعالى ذكره: إن الله يدخل الذين صدقوا الله ورسوله، وعملوا بما أمرهم الله في الدنيا، وانتهوا عما نهاهم عنه فيها جنات يعني بساتين ( تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأنْهَارُ ) يقول: تجري الأنهار من تحت أشجارها( إِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يُرِيدُ ) فيعطي ما شاء من كرامته أهل طاعته، وما شاء من الهوان أهل معصيته.
22:15
مَنْ كَانَ یَظُنُّ اَنْ لَّنْ یَّنْصُرَهُ اللّٰهُ فِی الدُّنْیَا وَ الْاٰخِرَةِ فَلْیَمْدُدْ بِسَبَبٍ اِلَى السَّمَآءِ ثُمَّ لْیَقْطَعْ فَلْیَنْظُرْ هَلْ یُذْهِبَنَّ كَیْدُهٗ مَا یَغِیْظُ(۱۵)
جو یہ خیال کرتا ہو کہ اللہ اپنے نبی (ف۴۰) کی مدد نہ فرمائے گا دنیا (ف۴۱) اور آخرت میں (ف۴۲) تو اسے چاہیے کہ اوپر کو ایک رسی تانے پھر اپنے آپ کو پھانسی دے لے پھر دیکھے کہ اس کا یہ داؤں کچھ لے گیا اس بات کو جس کی اسے جلن ہے (ف۴۳)

اختلف أهل التأويل في المعنيّ بالهاء التي في قوله: ( أَنْ لَنْ يَنْصُرَهُ اللَّهُ ) .فقال بعضهم: عُنِي بها نبيّ الله صلى الله عليه وسلم، فتأويله على قول بعض قائلي ذلك: من كان من الناس يحسب أن لن ينصر الله محمدا في الدنيا والآخرة، فليمدد بحبل، وهو السبب إلى السماء: يعني سماء البيت، وهو سقفه، ثم ليقطع السبب بعد الاختناق به، فلينظر هل يذهبن اختناقه ذلك، وقطعه السبب بعد الاختناق ما يغيظ، يقول: هل يذهبن ذلك ما يجد في صدره من الغيظ.* ذكر من قال ذلك:حدثنا نصر بن عليّ، قال: ثني أبي، قال: ثني خالد بن قيس، عن قَتادة: من كان يظن أن لن ينصر الله نبيه ولا دينه ولا كتابه، ( فَلْيَمْدُدْ بِسَبَبٍ ) يقول: بحبل إلى سماء البيت فليختنق به ( فَلْيَنْظُرْ هَلْ يُذْهِبَنَّ كَيْدُهُ مَا يَغِيظُ ) .حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن قتادة: ( مَنْ كَانَ يَظُنُّ أَنْ لَنْ يَنْصُرَهُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ ) قال: من كان يظن أن لن ينصر الله نبيه صلى الله عليه وسلم، ( فَلْيَمْدُدْ بِسَبَبٍ ) يقول: بحبل إلى سماء البيت، ( ثُمَّ لِيَقْطَعْ ) يقول: ثم ليختنق ثم لينظر هل يذهبنّ كيده ما يغيظ.حدثنا الحسن، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال أخبرنا معمر، عن قَتادة، بنحوه.وقال آخرون ممن قال: الهاء في ينصره من ذكر اسم رسول الله صلى الله عليه وسلم السماء التي ذكرت في هذا الموضع، هي السماء المعروفة.قالوا: معنى الكلام ما حدثني به يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله: ( مَنْ كَانَ يَظُنُّ أَنْ لَنْ يَنْصُرَهُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ ) فقرأ حتى بلغ ( هَلْ يُذْهِبَنَّ كَيْدُهُ مَا يَغِيظُ ) قال: من كان يظن أن لن ينصر الله نبيه صلى الله عليه وسلم، ويكابد هذا الأمر ليقطعه عنه ومنه: فليقطع ذلك من أصله من حيث يأتيه، فإن أصله في السماء، فليمدد بسبب إلى السماء، ثم ليقطع عن النبيّ صلى الله عليه وسلم الوحي الذي يأتيه من الله، فإنه لا يكايده حتى يقطع أصله عنه، فكايد ذلك حتى قطع أصله عنه.( فَلْيَنْظُرْ هَلْ يُذْهِبَنَّ كَيْدُهُ مَا يَغِيظُ ) ما دخلهم من ذلك، وغاظهم الله به من نصرة النبي صلى الله عليه وسلم، وما ينزل عليه. وقال آخرون ممن قال " الهاء " التي في قوله: ( يَنْصُرَهُ) من ذكر محمد صلى الله عليه وسلم; معنى النصر هاهنا الرزق، فعلى قول هؤلاء تأويل الكلام: من كان يظنّ أن لن يرزق الله محمدا في الدنيا، ولن يعطيه. وذكروا سماعا من العرب: من ينصرني نصره الله، بمعنى: من يعطيني أعطاه الله، وحكوا أيضا سماعا منهم: نصر المطر أرض كذا: إذا جادها وأحياها.واستشهد لذلك ببيت الفقعسيّ:وإنَّكَ لا تُعْطِي امْرأً فَوْقَ حَظِّهِولا تَمْلِكُ الشَّقَّ الَّذِي الغَيْثُ ناصِرُهُ (2)* ذكر من قال ذلك:حدثني أبو كريب، قال: ثنا ابن عطية، قال: ثنا إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن التميمي، قال: قلت لابن عباس: أرأيت قوله ( مَنْ كَانَ يَظُنُّ أَنْ لَنْ يَنْصُرَهُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ فَلْيَمْدُدْ بِسَبَبٍ إِلَى السَّمَاءِ ثُمَّ لِيَقْطَعْ فَلْيَنْظُرْ هَلْ يُذْهِبَنَّ كَيْدُهُ مَا يَغِيظُ ) قال: من كان يظن أن لن ينصر الله محمدا، فليربط حبلا في سقف ثم ليختنق به حتى يموت.حدثنا ابن حميد، قال: ثنا حكام عن عنبسة، عن أبي إسحاق الهمدانيّ، عن التميمي، قال: سألت ابن عباس، عن قوله: ( مَنْ كَانَ يَظُنُّ أَنْ لَنْ يَنْصُرَهُ اللَّهُ ) قال: أن لن يرزقه الله في الدنيا والآخرة، ( فَلْيَمْدُدْ بِسَبَبٍ إِلَى السَّمَاءِ ) والسبب: الحَبْل، والسماء: سقف البيت، فليعلق حبلا في سماء البيت ثم ليختنق ( فَلْيَنْظُرْ هَلْ يُذْهِبَنَّ كَيْدُهُ ) هذا الذي صنع ما يجد من الغيظ.حدثنا ابن حميد، قال: ثنا حكام، عن عمرو بن مطرف، عن أبي إسحاق، عن رجل من بني تميم، عن ابن عباس، مثله.حدثنا محمد بن بشار، قال: ثنا عبد الرحمن، قال: ثنا سفيان، عن أبي إسحاق، عن التميميّ، عن ابن عباس: ( مَنْ كَانَ يَظُنُّ أَنْ لَنْ يَنْصُرَهُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ فَلْيَمْدُدْ بِسَبَبٍ إِلَى السَّمَاءِ ) قال: سماء البيت.حدثنا محمد بن المثنى، قال: ثنا أبو داود، قال: ثنا شعبة، عن أبي إسحاق، قال: سمعت التميميّ، يقول: سألت ابن عباس، فذكر مثله.حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبى، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله: ( مَنْ كَانَ يَظُنُّ أَنْ لَنْ يَنْصُرَهُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ ) ... إلى قوله: ( مَا يَغِيظُ ) قال: السماء التي أمر الله أن يمد إليها بسبب سقف البيت أمر أن يمد إليه بحبل فيختنق به، قال: فلينظر هل يذهبن كيده ما يغيظ إذا اختنق إن خشي أن لا ينصره الله!وقال آخرون: الهاء في ينصره من ذكر " مَنْ". وقالوا: معنى الكلام: من كان يظنّ أن لن يرزقه الله في الدنيا والآخرة، فليمدد بسبب إلى سماء البيت ثم ليختنق، فلينظر هل يذهبن فعله ذلك ما يغيظ، أنه لا يرزق!* ذكر من قال ذلك:حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى; وحدثني الحارث (3) ، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، في قول الله ( أَنْ لَنْ يَنْصُرَهُ اللَّهُ ) قال: يرزقه الله.( فَلْيَمْدُدْ بِسَبَبٍ ) قال: بحبل ( إِلَى السَّمَاءِ ) سماء ما فوقك ( ثُمَّ لِيَقْطَعْ ) ليختنق، هل يذهبن كيده ذلك خنقه أن لا يرزق.حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جُرَيج، عن مجاهد، في قوله ( مَنْ كَانَ يَظُنُّ أَنْ لَنْ يَنْصُرَهُ اللَّهُ ) يرزقه الله ( فَلْيَمْدُدْ بِسَبَبٍ إِلَى السَّمَاءِ ) قال: بحبل إلى السماء.قال ابن جُرَيج، عن عطاء الخراسانيّ، عن ابن عباس، قال: ( إِلَى السَّمَاءِ ) إلى سماء البيت. قال ابن جُرَيج: وقال مجاهد: ( ثُمَّ لِيَقْطَعْ ) قال: ليختنق، وذلك كيده ( مَا يَغِيظُ ) قال: ذلك خنقه أن لا يرزقه الله.حُدثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذ يقول: ثنا عبيد بن سليمان، قال: سمعت الضحاك يقول في قوله ( فَلْيَمْدُدْ بِسَبَبٍ ) يعني: بحبل ( إِلَى السَّمَاءِ ) يعني: سماء البيت.حدثني يعقوب، قال: ثنا ابن عطية، قال: أخبرنا أبو رجاء، قال: سُئل عكرِمة عن قوله: ( فَلْيَمْدُدْ بِسَبَبٍ إِلَى السَّمَاءِ ) قال: سماء البيت.( ثُمَّ لِيَقْطَعْ ) قال: يختنق.وأولى ذلك بالصواب عندي في تأويل ذلك قول من قال: الهاء من ذكر نبيّ الله صلى الله عليه وسلم ودينه وذلك أن الله تعالى ذكره، ذكر قومًا يعبدونه على حرف وأنهم يطمئنون بالدين إن أصابوا خيرا في عبادتهم إياه، وأنهم يرتدّون عن دينهم لشدّة تصيبهم فيها، ثم أتبع ذلك هذه الآية، فمعلوم أنه إنما أتبعه إياها توبيخا لهم على ارتدادهم عن الدين، أو على شكهم فيه نفاقهم، استبطاء منهم السعة في العيش، أو السبوغ في الرزق. وإذا كان الواجب أن يكون ذلك عقيب الخبر عن نفاقهم، فمعنى الكلام إذن، إذ كان كذلك: من كان يحسب أن لن يرزق الله محمدا صلى الله عليه وسلم وأمته في الدنيا، فيوسع عليهم من فضله فيها، ويرزقهم في الآخرة من سَني عطاياه وكرامته، استبطاء منه فعل الله ذلك به وبهم، فليمدد بحبل إلى سماء فوقه: إما سقف بيت، أو غيره مما يعلق به السبب من فوقه، ثم يختنق إذا اغتاظ من بعض ما قضى الله، فاستعجل انكشاف ذلك عنه، فلينظر هل يذهبنّ كيده اختناقه كذلك ما يغيظ، فإن لم يذهب ذلك غيظه؛ حتى يأتي الله بالفرج من عنده فيذهبه، فكذلك استعجاله نصر الله محمدا ودينه لن يُؤَخِّر ما قضى الله له من ذلك عن ميقاته، ولا يعجَّل قبل حينه، وقد ذكر أن هذه الآية نزلت في أسد وغطفان، تباطئوا عن الإسلام، وقالوا: نخاف أن لا ينصر محمد صلى الله عليه وسلم، فينقطع الذي بيننا وبين حلفائنا من اليهود فلا يميروننا ولا يُرَوُّوننا، فقال الله تبارك وتعالى لهم: من استعجل من الله نصر محمد، فليمدد بسبب إلى السماء فليختنق فلينظر استعجاله بذلك في نفسه، هل هو مُذْهِبٌ غيظه؟ فكذلك استعجاله من الله نصر محمد غير مقدّم نصره قبل حينه.واختلف أهل العربية في " ما " التي في قوله: ( مَا يَغِيظُ ) فقال بعض نحوييِّ البصرة هي بمعنى الذي، وقال: معنى الكلام: هل يذهبنّ كيده الذي يغيظه، قال: وحذفت الهاء لأنها صلة الذي، لأنه إذا صارا جميعا اسما واحدا كان الحذف أخفّ. وقال غيره: بل هو مصدر لا حاجة به إلى الهاء، هل يذهبنّ كيده غيظه.------------------------الهوامش:(2) البيت للفقعسي ، كما قال المؤلف . والشاهد فيه قوله " الغيث ناصره " . قال في ( اللسان : نصر ) قال أبو حنيفة الدينوري الناصر والناصرة : ما جاء من مكان بعيد إلى الوادي ، فنصر السيول . ونصر البلاد ينصرها أتاها . عن ابن الأعرابي ، ونصرت أرض بني فلان أي أتيتها ، ونصر الغيث الأرض نصرا : أغاثها وسقاها وأنبتها . قال :من كان أخطأه الربيع فإنمانصر الحجاز بغيث عبد الواحدونصر الغيث البلد : إذا أعانه على الخصب والنبات . وقال أبو عبيدة : نصرت البلاد : إذا مطرت فهي منصورة : أي ممطورة . ونصر القوم : إذا أغيثوا . وفي الحديث . " إن هذه السحابة تنصر أرض بني كعب " أي تمطرهم .(3) في السند اختصار لعله من الناسخ .
22:16
وَ كَذٰلِكَ اَنْزَلْنٰهُ اٰیٰتٍۭ بَیِّنٰتٍۙ-وَّ اَنَّ اللّٰهَ یَهْدِیْ مَنْ یُّرِیْدُ(۱۶)
اور بات یہی ہے کہ ہم نے یہ قرآن اتارا روشن آیتیں اور یہ کہ اللہ راہ دیتا ہے جسے چاہے،

وقوله: ( وَكَذَلِكَ أَنزلْنَاهُ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ ) يقول تعالى ذكره: وكما بيَّنت لكم حُججي على من جحد قدرتي على إحياء من مات من الخلق بعد فنائه، فأوضحتها أيها الناس، كذلك أنزلنا إلى نبينا محمد صلى الله عليه وسلم هذا القرآن آيات بيِّنات، يعني دلالات واضحات، يهدين من أراد الله هدايته إلى الحقّ( وَأَنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يُرِيدُ ) يقول جلّ ثناؤه: ولأن الله يوفق للصواب ولسبيل الحقّ من أراد، أنزل هذا القرآن آيات بيِّنات، فأن في موضع نصب.
22:17
اِنَّ الَّذِیْنَ اٰمَنُوْا وَ الَّذِیْنَ هَادُوْا وَ الصّٰبِـٕیْنَ وَ النَّصٰرٰى وَ الْمَجُوْسَ وَ الَّذِیْنَ اَشْرَكُوْۤا ﳓ اِنَّ اللّٰهَ یَفْصِلُ بَیْنَهُمْ یَوْمَ الْقِیٰمَةِؕ-اِنَّ اللّٰهَ عَلٰى كُلِّ شَیْءٍ شَهِیْدٌ(۱۷)
بیشک مسلمان اور یہودی اور ستارہ پرست اور نصرانی اور آتش پرست اور مشرک، بیشک اللہ ان سب میں قیامت کے دن فیصلہ کردے گا (ف۴۴) بیشک ہر چیز اللہ کے سامنے ہے،

يقول تعالى ذكره: إن الفصل بين هؤلاء المنافقين الذين يعبدون الله على حرف، والذين أشركوا بالله فعبدوا الأوثان والأصنام، والذين هادوا، وهم اليهود والصابئين والنصارى والمجوس الذي عظموا النيران وخدموها، وبين الذين آمنوا بالله ورسله إلى الله، وسيفصل بينهم يوم القيامة بعدل من القضاء وفصله بينهم إدخاله النار الأحزاب كلهم والجنة المؤمنين به وبرسله، فذلك هو الفصل من الله بينهم.وكان قَتادة يقول في ذلك ما حدثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر، عن قَتادة، في قوله: ( إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئِينَ وَالنَّصَارَى وَالْمَجُوسَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا ) قال: الصابئون: قوم يعبدون الملائكة، ويصلون للقبلة، ويقرءون الزبور. والمجوس: يعبدون الشمس والقمر والنيران. والذين أشركوا: يعبدون الأوثان. والأديان ستة: خمسة للشيطان، وواحد للرحمن. وأدخلت " إن " في خبر " إن " الأولى لما ذكرت من المعنى، وأن الكلام بمعنى الجزاء، كأنه قيل: من كان على دين من هذه الأديان، ففصل ما بينه وبين من خالفه على الله والعرب تدخل أحيانا في خبر " إن " إذا كان خبر الاسم الأوّل في اسم مضاف إلى ذكره، فتقول: إن عبد الله إن الخير عنده لكثير، كما قال الشاعر.إنَّ الخَلِيفَةَ إن اللهَ سَرْبَلَهُسِرْبالَ مُلْكٍ بِهِ تُرْجَى الخَوَاتِيمُ (1)وكان الفرّاء يقول: من قال هذا لم يقل: إنك إنك قائم، ولا إن إياك إنه قائم، لأن الاسمين قد اختلفا، فحسن رفض الأوّل، وجعل الثاني كأنه هو المبتدأ، فحسن للاختلاف وقبح للاتفاق.وقوله: ( إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ ) يقول: إن الله على كل شيء من أعمال هؤلاء الأصناف الذين ذكرهم الله جلّ ثناؤه، وغير ذلك من الأشياء كلها شهيد لا يخفى عنه شيء من ذلك.القول في تأويل قوله تعالى : أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الأَرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبَالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ وَكَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ الْعَذَابُيقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم:ألم تر يا محمد بقلبك، فتعلم أن الله يسجد له من في السماوات من الملائكة، ومن في الأرض من الخلق من الجنّ وغيرهم، والشمس والقمر والنجوم في السماء، والجبال، والشجر، والدوابّ في الأرض، وسجود ذلك ظلاله حين تطلع عليه الشمس، وحين تزول، إذا تحولّ ظلّ كل شيء فهو سجوده.كما حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جُرَيج، عن مجاهد، قوله: ( أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الأرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبَالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ ) قال: ظلال هذا كله.وأما سجود الشمس والقمر والنجوم، فإنه كما حدثنا به ابن بشار، قال: ثنا ابن أبي عديّ ومحمد بن جعفر، قالا ثنا عوف، قال: سمعت أبا العالية الرياحي يقول: ما في السماء نجم ولا شمس ولا قمر، إلا يقع لله ساجدا حين يغيب، ثم لا ينصرف حتى يؤذن له، فيأخذ ذات اليمين، وزاد محمد: حتى يرجع إلى مطلعه.وقوله: ( وَكَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ ) يقول: ويسجد كثير من بني آدم، وهم المؤمنون بالله.كما حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جُرَيج، عن مجاهد: ( وَكَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ ) قال: المؤمنون. وقوله: ( وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ الْعَذَابُ ) يقول تعالى ذكره: وكثير من بني آدم حقّ عليه عذاب الله، فوجب عليه بكفره به، وهو مع ذلك يسجد لله ظله.كما حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جُرَيج، عن مجاهد ( وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ الْعَذَابُ ) وهو يسجد مع ظله ، فعلى هذا التأويل الذي ذكرناه عن مجاهد، وقع قوله ( وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ الْعَذَابُ ) بالعطف على قوله ( وَكَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ ) ويكون داخلا في عداد من وصفه الله بالسجود له، ويكون قوله ( حَقَّ عَلَيْهِ الْعَذَابُ ) من صلة كثير، ولو كان " الكثير الثاني " من لم يدخل في عداد من وصف بالسجود كان مرفوعا بالعائد من ذكره في قوله: ( حَقَّ عَلَيْهِ الْعَذَابُ ) وكان معنى الكلام حينئذ: وكثير أبى السجود، لأن قوله ( حَقَّ عَلَيْهِ الْعَذَابُ ) يدلّ على معصية الله وإبائه السجود، فاستحقّ بذلك العذاب.------------------------الهوامش:(1) البيت لجرير ( ديوانه طبعة الصاوي ، ص 527 ) وهو من قصيدة يمدح بها بعض بني مروان وفي روايته : " يكفي " في موضع " إن " الأولى . وتزجى ، في موضع ترجى . قال شارح شواهد الكشاف : خاتم الشيء : عاقبته . وتزجى أي تساق خواتيم الإمارة ، والخاتم بفتح التاء وكسرها ، يقال أزجيت الإبل أي سقتها . والبيت شاهد عند قوله تعالى : ( إن الذين آمنوا والذين هادوا والصابئين . . . . . إِنَّ اللَّهَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ ) أدخلت إن على كل واحد من جزأي الجملة ، لزيادة التأكيد . وحسن دخول إن الثانية على الجملة الواقعة خبرا ، طول الفصل بينهما بالمعاطيف . والمؤلف ساق البيت شاهدا على أنه نظير ما في الآية من دخول إن الثانية على جملة الخبر إذا كان فيه ضمير . ويجوز في البيت وجه آخر ، وهو أن تكون جملة إن الله سربله سربال ملك ، جملة معترضة بين اسم إن وخبرها ، ولا يجوز ذلك في الآية ، قاله أبو حيان ، ونقله عن شارح شواهد الكشاف . أه . والسربال : القميص والدرع . والمراد هنا الأول .
22:18
اَلَمْ تَرَ اَنَّ اللّٰهَ یَسْجُدُ لَهٗ مَنْ فِی السَّمٰوٰتِ وَ مَنْ فِی الْاَرْضِ وَ الشَّمْسُ وَ الْقَمَرُ وَ النُّجُوْمُ وَ الْجِبَالُ وَ الشَّجَرُ وَ الدَّوَآبُّ وَ كَثِیْرٌ مِّنَ النَّاسِؕ-وَ كَثِیْرٌ حَقَّ عَلَیْهِ الْعَذَابُؕ-وَ مَنْ یُّهِنِ اللّٰهُ فَمَا لَهٗ مِنْ مُّكْرِمٍؕ-اِنَّ اللّٰهَ یَفْعَلُ مَا یَشَآءُؕ۩(۱۸)
کیا تم نے نہ دیکھا (ف۴۵) کہ اللہ کے لیے سجدہ کرتے ہیں وہ جو آسمانوں اور زمین میں ہیں اور سورج اور چاند اور تارے اور پہاڑ اور درخت اور چوپائے (ف۴۶) اور بہت آدمی (ف۴۷) اور بہت وہ ہیں جن پر عذاب مقرر ہوچکا (ف۴۸) اور جسے اللہ ذلیل کرے (ف۴۹) اسے کوئی عزت دینے والا نہیں، بیشک اللہ جو چاہے کرے، (السجدة)۶

يقول تعالى ذكره: ومن يهنه الله من خلقه فَيُشْقِه، ( فَمَا لَهُ مِنْ مُكْرِمٍ ) بالسعادة يسعده بها، لأن الأمور كلها بيد الله، يوفِّق من يشاء لطاعته، ويخذل من يشاء، ويُشقي من أراد، ويسعد من أحبّ.وقوله: ( إِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ ) يقول تعالى ذكره: إن الله يفعل في خلقه ما يشاء من إهانة من أراد إهانته، وإكرام من أراد كرامته، لأن الخلق خلقه والأمر أمره، لا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ . وقد ذُكر عن بعضهم أنه قرأه ( فَمَا لَهُ مِنْ مُكْرَمٍ ) بمعنى: فما له من إكرام، وذلك قراءة لا أستجيز القراءة بها لإجماع الحجة من القرّاء على خلافه.
22:19
هٰذٰنِ خَصْمٰنِ اخْتَصَمُوْا فِیْ رَبِّهِمْ٘-فَالَّذِیْنَ كَفَرُوْا قُطِّعَتْ لَهُمْ ثِیَابٌ مِّنْ نَّارٍؕ-یُصَبُّ مِنْ فَوْقِ رُءُوْسِهِمُ الْحَمِیْمُۚ(۱۹)
یہ دو فریق ہیں (ف۵۰) کہ اپنے رب میں جھگڑے (ف۵۱) تو جو کافر ہوئے ان کے لیے آگ کے کپڑے بیونتے (کاٹے) گئے ہیں (ف۵۲) اور ان کے سروں پر کھولتا پانی ڈالا جائے گا (ف۵۳)

اختلف أهل التأويل في المعنيّ بهذين الخصمين اللذين ذكرهما الله، فقال بعضهم: أحد الفريقين: أهل الإيمان، والفريق الآخر: عبدة الأوثان من مشركي قريش الذين تبارزوا يوم بدر.* ذكر من قال ذلك:حدثني يعقوب، قال: ثنا هشيم، قال: أخبرنا أبو هاشم عن أبي مجلز، عن قيس بن عبادة قال: سمعت أبا ذر يُقْسم قَسَما أن هذه الآية ( هَذَانِ خَصْمَانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ ) نزلت في الذين بارزوا يوم بدر: حمزة وعليّ وعبيدة بن الحارث وعتبة وشيبة ابني ربيعة والوليد بن عتبة، قال: وقال علىّ: إني لأوّل، أو من أوّل من يجثو للخصومة يوم القيامة بين يدي الله تبارك وتعالى.حدثنا عليّ بن سهل، قال: ثنا مؤمل، قال: ثنا سفيان، عن أبي هاشم، عن أبي مجلز، عن قيس بن عباد، قال: سمعت أبا ذرّ يقسم بالله قسما: لنزلت هذه الآية في ستة من قريش حمزة بن عبد المطلب وعليّ بن أبي طالب، وعبيدة بن الحارث رضي الله عنهم، وعتبة بن ربيعة، وشيبة بن ربيعة، والوليد بن عتبة ( هَذَانِ خَصْمَانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ ) . .. إلى آخر الآية إِنَّ اللَّهَ يُدْخِلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ ... إلى آخر الآية.حدثنا ابن بشار، قال: ثنا عبد الرحمن، قال: ثنا سفيان، عن أبي هاشم، عن أبي مجلز، عن قيس بن عباد، قال: سمعت أبا ذرّ يقسم، ثم ذكر نحوه.حدثنا ابن بشار، قال: ثنا محمد بن محبب، قال: ثنا سفيان، عن منصور بن المعتمر، عن هلال بن يساف، قال: نزلت هذه الآية في الذين تبارزوا يوم بدر ( هَذَانِ خَصْمَانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ ) .حدثنا ابن حميد، قال: ثنا سلمة بن الفضل، قال: ثني محمد بن إسحاق، عن بعض أصحابه، عن عطاء بن يسار، قال: نزلت هؤلاء الآيات: ( هَذَانِ خَصْمَانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ ) في الذين تبارزوا يوم بدر: حمزة، وعلي، وعبيدة بن الحارث، وعتبة بن ربيعة، وشيبة بن ربيعة، والوليد بن عتبة. إلى قوله وَهُدُوا إِلَى صِرَاطِ الْحَمِيدِ .قال: ثنا جرير، عن منصور، عن أبي هاشم، عن أبي مُجَلِّز، عن قيس بن عباد، قال: والله لأنزلت هذه الآية: ( هَذَانِ خَصْمَانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ ) في الذين خرج بعضهم إلى بعض يوم بدر: حمزة، وعليّ ، وعبيدة رحمة الله عليهم، وشيبة، وعتبة، والوليد بن عتبة.وقال آخرون: ممن قال أحد الفرقين فريق الإيمان، بل الفريق الآخر أهل الكتاب.* ذكر من قال ذلك:حدثنا محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله: ( هَذَانِ خَصْمَانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ ) قال: هم أهل الكتاب، قالوا للمؤمنين: نحن أولى بالله، وأقدم منكم كتابا، ونبينا قبل نبيكم، وقال المؤمنون: نحن أحقّ بالله، آمنا بمحمد صلى الله عليه وسلم، وآمنا بنبيكم، وبما أنزل الله من كتاب، فأنتم تعرفون كتابنا ونبينا، ثم تركتموه وكفرتم به حسدا. وكان ذلك خصومتهم في ربهم.وقال آخرون منهم: بل الفريق الآخر الكفار كلهم من أيّ ملة كانوا.* ذكر من قال ذلك:حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، قال: ثنا أبو تُمَيلة، عن أبي حمزة، عن جابر، عن مجاهد وعطاء بن أبي رَباح، وأبي قزعة، عن الحسين، قال: هم الكافرون والمؤمنون اختصموا في ربهم.قال ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جُرَيج، عن مجاهد: مثل الكافر والمؤمن. قال ابن جُرَيج: خصومتهم التي اختصموا في ربهم، خصومتهم في الدنيا من أهل كل دين، يرون أنهم أولى بالله من غيرهم.حدثنا أبو كريب، قال: ثنا أبو بكر بن عياش، قال: كان عاصم والكلبي يقولان جميعا في ( هَذَانِ خَصْمَانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ ) قال: أهل الشرك والإسلام حين اختصموا أيهم أفضل، قال: جعل الشرك ملة.حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى، وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء جميعا، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، في قوله: ( هَذَانِ خَصْمَانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ ) قال: مثل المؤمن والكافر اختصامهما في البعث.وقال آخرون: الخصمان اللذان ذكرهما الله في هذه الآية: الجنة والنار.* ذكر من قال ذلك:حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثنا أبو تميلة، عن أبي حمزة، عن جابر، عن عكرمة في ( هَذَانِ خَصْمَانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ ) قال: هما الجنة والنار اختصمتا، فقالت النار: خلقني الله لعقوبته وقالت الجنة: خلقني الله لرحمته، فقد قصّ الله عليك من خبرهما ما تسمع.وأولى هذه الأقوال عندي بالصواب، وأشبهها بتأويل الآية، قول من قال: عني بالخصمين جميع الكفار من أيّ أصناف الكفر كانوا وجميع المؤمنين، وإنما قلت ذلك أولى بالصواب، لأنه تعالى ذكره ذكر قبل ذلك صنفين من خلقه: أحدهما أهل طاعة له بالسجود له، والآخر: أهل معصية له، قد حقّ عليه العذاب، فقال: أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الأَرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ ثم قال: وَكَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ الْعَذَابُ ، ثم أتبع ذلك صفة الصنفين كليهما وما هو فاعل بهما، فقال: ( فَالَّذِينَ كَفَرُوا قُطِّعَتْ لَهُمْ ثِيَابٌ مِنْ نَارٍ ) وقال الله إِنَّ اللَّهَ يُدْخِلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ ; فكان بيِّنا بذلك أن ما بين ذلك خبر عنهما.فإن قال قائل: فما أنت قائل فيما رُوي عن أبي ذرّ إنَّ ذَلكَ نزل في الذين بارزوا يوم بدر؟ قيل: ذلك إن شاء الله كما روي عنه، ولكن الآية قد تنزل بسبب من الأسباب، ثم تكون عامة في كل ما كان نظير ذلك السبب، وهذه من تلك، وذلك أن الذين تبارزوا إنما كان أحد الفريقين أهل شرك وكفر بالله، والآخر أهل إيمان بالله وطاعة له، فكل كافر في حكم فريق الشرك منهما في أنه لأهل الإيمان خصم، وكذلك كل مؤمن في حكم فريق الإيمان منهما في أنه لأهل الشرك خصم.فتأويل الكلام: هذان خصمان اختصموا في دين ربهم، واختصامهم في ذلك معاداة كل فريق منهما الفريق الآخر ومحاربته إياه على دينه.وقوله: ( فَالَّذِينَ كَفَرُوا قُطِّعَتْ لَهُمْ ثِيَابٌ مِنْ نَارٍ ) يقول تعالى ذكره: فأما الكافر بالله منهما فانه يقطع له قميص من نحاس من نار.كما حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جُرَيج، عن مجاهد: ( فَالَّذِينَ كَفَرُوا قُطِّعَتْ لَهُمْ ثِيَابٌ مِنْ نَارٍ ) قال: الكافر قطعت له ثياب من نار، والمؤمن يدخله الله جنات تجري من تحتها الأنهار.حدثنا ابن حميد، قال: ثنا يعقوب، عن جعفر، عن سعيد، في قوله: ( فَالَّذِينَ كَفَرُوا قُطِّعَتْ لَهُمْ ثِيَابٌ مِنْ نَارٍ ) قال: ثياب من نحاس، وليس شيء من الآنية أحمى وأشد حرّا منه.حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى؛ وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء جميعا، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قال: الكفار قطعت لهم ثياب من نار، والمؤمن يدخل جنات تجري من تحتها الأنهار. وقوله: ( يُصَبُّ مِنْ فَوْقِ رُءُوسِهِمُ الْحَمِيمُ ) يقول: يصبّ على رءوسهم ماء مُغْلًى.كما حدثنا محمد بن المثنى، قال: ثنا إبراهيم بن إسحاق الطَّالقانيّ، قال: ثنا ابن المبارك، عن سعيد بن زيد، عن أبي السَّمْح، عن ابن جُحيرة، عن أبي هريرة، عن النبيّ صلى الله عليه وسلم، قال: " إنَّ الحَمِيمَ لَيُصَبُّ على رُءوسِهمْ، فَيَنْفُذُ الجُمْجمَةَ حتى يَخْلُص إلى جَوْفِهِ، فَيَسْلُت ما في جَوْفِهِ حتى يَبْلُغَ قَدَمَيْهِ، وَهِيَ الصَّهْرُ، ثُمَّ يُعادُ كَما كان ".حدثني محمد بن المثنى، قال: ثنا يعمر بن بشر، قال: ثنا ابن المبارك، قال: أخبرنا سعيد بن زيد، عن أبي السمح، عن ابن جحيرة، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم بمثله، إلا أنه قال: " فَيَنْفُذُ الجُمْجُمَةَ حتى يَخْلُص إلى جَوفِهِ فَيَسْلت (2) مَا في جَوْفِهِ".وكان بعضهم يزعم أن قوله ( وَلَهُمْ مَقَامِعُ مِنْ حَدِيدٍ ) من المؤخَّر الذي معناه التقديم، ويقول: وجه الكلام: فالذين كفروا قطعت لهم ثياب من نار، ولهم مقامع من حديد يصبّ من فوق رءوسهم الحميم ويقول: إنما وجب أن يكون ذلك كذلك، لأن الملك يضربه بالمقمع من الحديد حتى يثقب رأسه، ثم يصبّ فيه الحميم الذي انتهى حرّه فيقطع بطنه. والخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي ذكرنا، يدلّ على خلاف ما قال هذا القائل، وذلك أنه صلى الله عليه وسلم أخبر أن الحميم إذا صبّ على رءوسهم نفذ الجمجمة حتى يخلص إلى أجوافهم، وبذلك جاء تأويل أهل التأويل، ولو كانت المقامع قد تثقب رءوسهم قبل صبّ الحميم عليها، لم يكن لقوله صلى الله عليه وسلم: " إنَّ الحَمِيمَ يَنْفُذُ الجُمْجُمَة " معنى: ولكن الأمر في ذلك بخلاف ما قال هذا القائل.------------------------الهوامش:(2) يسلت في جوفه من باب نصر : أي يقطعه ويستأصله .
22:20
یُصْهَرُ بِهٖ مَا فِیْ بُطُوْنِهِمْ وَ الْجُلُوْدُؕ(۲۰)
جس سے گل جائے گا جو کچھ ان کے پیٹوں میں ہے اور ان کی کھالیں (ف۵۴)

وقوله: ( يُصْهَرُ بِهِ مَا فِي بُطُونِهِمْ وَالْجُلُودُ ) يقول: يذاب بالحميم الذي يصبّ من فوق رءوسهم ما في بطونهم من الشحوم، وتشوى جلودهم منه فتتساقط، والصهر: هو الإذابة، يقال منه: صهرت الألية بالنار: إذا أذبتها أصهرها صهرا؛ ومنه قول الشاعر.تَرْوِي لَقًى أُلْقِي في صَفْصَفٍتَصْهَرُهُ الشَّمْسُ وَلا يَنْصَهِر (3)ومنه قول الراجز:شَكَّ السَّفافِيدِ الشَّوَاءَ المُصْطَهَرْ (4)وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.* ذكر من قال ذلك:حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى؛ وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء جميعا، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، في قوله: ( يُصْهَرُ بِهِ ) قال: يُذاب إذابة.حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جُرَيج، عن مجاهد، مثله. قال ابن جُرَيج ( يُصْهَرُ بِهِ ) قال: ما قطع لهم من العذاب.حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قَتادة: ( يُصْهَرُ بِهِ مَا فِي بُطُونِهِمْ ) قال: يُذاب به ما في بطونهم.حدثنا الحسن، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر، عن قتادة، مثله.حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله: ( فَالَّذِينَ كَفَرُوا قُطِّعَتْ لَهُمْ ثِيَابٌ مِنْ نَارٍ ) . .. إلى قوله: ( يُصْهَرُ بِهِ مَا فِي بُطُونِهِمْ وَالْجُلُودُ ) يقول: يسقون ما إذا دخل بطونهم أذابها والجلود مع البطون.حدثنا ابن حميد، قال: ثنا يعقوب، عن جعفر وهارون بن عنترة، عن سعيد بن جبير، قال: قال هارون: إذا عام أهل النار، وقال جعفر : إذا جاع أهل النار استغاثوا بشجرة الزقوم، فيأكلون منها، فاختلست جلود وجوههم، فلو أن مارّا مرّ بهم يعرفهم، يعرف جلود وجوههم فيها، ثم يصبّ عليهم العطش، فيستغيثوا، فيُغاثوا بماء كالمُهل، وهو الذي قد انتهى حرّه، فإذا أدنوه من أفواههم انشوى من حرّه لحوم وجوههم التي قد سقطت عنها الجلود و ( يُصْهَرُ بِهِ مَا فِي بُطُونِهِمْ ) يعني أمعاءهم، وتساقط جلودهم، ثم يضربون بمقامع من حديد، فيسقط كل عضو على حاله، يدعون بالويل والثبور.------------------------الهوامش:(3) البيت لابن أحمر يصف فرخ قطاة ( اللسان : صهر ) قال : وصهرته الشمس تصهره صهرا ، وصهرته : اشتد وقعها عليه وحرها حتى آلم دماغه ، وانصهر هو ، قال ابن أحمر يصف فرخ قطاة . . . البيت ؛ أي تذيبه الشمس ، فيصبر على ذلك . وتروى تسوق إليه الماء ، أي تصير له كالرواية ؛ يقال : رويت أهلي وعليهم ريا : أتيتهم بالماء . والصهر : إذابة الشحم ، صهر الشحم يصهره صهرا : أذابه . وفي التنزيل : يُصْهَرُ بِهِ مَا فِي بُطُونِهِمْ وَالْجُلُودُ أي يذاب . واصطهره : أذابه وأكله . أه . واللقي : كل شيء مطروح متروك كاللقطة . والصفصف : أرض ملساء مستوية ، كما في اللسان . أه .(4) البيت للعجاج بن رؤبة الراجز المشهور ( اللسان : صهر ) قال الأزهري : الصهر إذابة الشحم ، والصهارة : ما ذاب منه وكذلك الاصطهار في إذابة ، أو أكل صهارته . وقال العجاج : ( شك السفافيد . . . . البيت ) . والبيت شاهد مثل الذي قبله على أن الصهر معناه الإذابة .
22:21
وَ لَهُمْ مَّقَامِعُ مِنْ حَدِیْدٍ(۲۱)
اور ان کے لیے لوہے کے گرز ہیں (ف۵۵)

وقوله: ( وَلَهُمْ مَقَامِعُ مِنْ حَدِيدٍ ) تضرب رءوسهم بها الخزنة إذا أرادوا الخروج من النار حتى ترجعهم إليها.
22:22
كُلَّمَاۤ اَرَادُوْۤا اَنْ یَّخْرُجُوْا مِنْهَا مِنْ غَمٍّ اُعِیْدُوْا فِیْهَاۗ-وَ ذُوْقُوْا عَذَابَ الْحَرِیْقِ۠(۲۲)
جب گھٹن کے سبب اس میں سے نکلنا چاہیں گے (ف۵۶) اور پھر اسی میں لوٹا دیے جائیں گے، اور حکم ہوگا کہ چکھو آگ کا عذاب،

وقوله: ( كُلَّمَا أَرَادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْهَا مِنْ غَمٍّ أُعِيدُوا فِيهَا ) يقول: كلما أراد هؤلاء الكفار الذين وصف الله صفتهم الخروج من النار مما نالهم من الغم والكرب، ردّوا إليها.كما حدثنا مجاهد بن موسى، قال: ثنا جعفر بن عون، قال: أخبرنا الأعمش، عن أبي ظبيان، قال: النار سوداء مظلمة، لا يضيء لهبها ولا جمرها، ثم قرأ: ( كُلَّمَا أَرَادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْهَا مِنْ غَمٍّ أُعِيدُوا فِيهَا ) وقد ذكر أنهم يحاولون الخروج من النار حين تجيش جهنم فتلقي من فيها إلى أعلى أبوابها، فيريدون الخروج فتعيدهم الخزان فيها بالمقامع، ويقولون لهم إذا ضربوهم بالمقامع: ( ذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ ) . وعني بقوله: ( وَذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ ) ويقال لهم ذوقوا عذاب النار، وقيل عذاب الحريق والمعنى: المحرق، كما قيل: العذاب الأليم، بمعنى: المؤلم.
22:23
اِنَّ اللّٰهَ یُدْخِلُ الَّذِیْنَ اٰمَنُوْا وَ عَمِلُوا الصّٰلِحٰتِ جَنّٰتٍ تَجْرِیْ مِنْ تَحْتِهَا الْاَنْهٰرُ یُحَلَّوْنَ فِیْهَا مِنْ اَسَاوِرَ مِنْ ذَهَبٍ وَّ لُؤْلُؤًاؕ-وَ لِبَاسُهُمْ فِیْهَا حَرِیْرٌ(۲۳)
بیشک اللہ داخل کرے گا انہیں جو ایمان لائے اور اچھے کام کیے بہشتوں میں جن کے نیچے نہریں بہیں اس میں پہنائے جائیں گے سونے کے کنگن اور موتی (ف۵۷) اور وہاں ان کی پوشاک ریشم ہے (ف۵۸)

يقول تعالى ذكره: وأما الذين آمنوا بالله ورسوله فأطاعوهما بما أمرهم الله به من صالح الأعمال، فإن الله يُدخلهم جنات عدن تجري من تحتها الأنهار، فيحليهم فيها من أساور من ذهب ولؤلؤا.واختلفت القرّاء في قراءة قوله: ( وَلُؤْلُؤًا ) فقرأته عامة قرّاء أهل المدينة وبعض أهل الكوفة نصبا مع التي في الملائكة، بمعنى: يحلون فيها أساور من ذهب ولؤلؤا، عطفا باللؤلؤ على موضع الأساور، لأن الأساور وإن كانت مخفوضة من أجل دخول من فيها، فإنها بمعنى النصب، قالوا: وهي تعدّ في خط المصحف بالألف، فذلك دليل على صحة القراءة بالنصب فيه. وقرأت ذلك عامة قرّاء العراق والمصرين: ( وَلُؤْلُؤٍ ) خفضا عطفا على إعراب الأساور الظاهر.واختلف الذي قرءوا ذلك في وجه إثبات الألف فيه، فكان أبو عمرو بن العلاء فيما ذكر لي عنه يقول: أثبتت فيه كما أثبتت في قالوا: و كالوا. وكان الكسائي يقول: أثبتوها فيه للهمزة، لأن الهمزة حرف من الحروف.والقول في ذلك عندي أنهما قراءتان مشهورتان، قد قرأ بكل واحدة منهما علماء من القرّاء، متفقتا المعنى، صحيحتا المخرج في العربية، فبأيتهما قرأ القارئ فمصيب.وقوله: ( وَلِبَاسُهُمْ فِيهَا حَرِيرٌ ) يقول: ولبوسهم التي تلي أبشارهم فيها ثياب حرير.
22:24
وَ هُدُوْۤا اِلَى الطَّیِّبِ مِنَ الْقَوْلِۚۖ-وَ هُدُوْۤا اِلٰى صِرَاطِ الْحَمِیْدِ(۲۴)
اور انہیں پاکیزہ بات کی ہدایت کی گئی (ف۵۹) اور سب خوبیوں سراہے کی راہ بتائی گئی (ف۶۰)

قوله: ( وَهُدُوا إِلَى الطَّيِّبِ مِنَ الْقَوْلِ ) يقول تعالى ذكره: وهداهم ربهم في الدنيا إلى شهادة أن لا إله إلا الله.كما حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: ابن زيد، في قوله: ( وَهُدُوا إِلَى الطَّيِّبِ مِنَ الْقَوْلِ ) قال: هدوا إلى الكلام الطيب: لا إله إلا الله، والله أكبر، والحمد لله ؛ قال الله: إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ .حدثنا عليّ، قال: ثنا عبد الله، قال: ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس: ( وَهُدُوا إِلَى الطَّيِّبِ مِنَ الْقَوْلِ ) قال: ألهموا.وقوله: ( وَهُدُوا إِلَى صِرَاطِ الْحَمِيدِ ) يقول جلّ ثناؤه: وهداهم ربهم في الدنيا إلى طريق الربّ الحميد، وطريقه: دينه دين الإسلام الذي شرعه لخلقه وأمرهم أن يسلكوه؛ والحميد: فعيل، صرّف من مفعول إليه، ومعناه: أنه محمود عند أوليائه من خلقه، ثم صرّف من محمود إلى حميد.
22:25
اِنَّ الَّذِیْنَ كَفَرُوْا وَ یَصُدُّوْنَ عَنْ سَبِیْلِ اللّٰهِ وَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ الَّذِیْ جَعَلْنٰهُ لِلنَّاسِ سَوَآءَ ﰳالْعَاكِفُ فِیْهِ وَ الْبَادِؕ-وَ مَنْ یُّرِدْ فِیْهِ بِاِلْحَادٍۭ بِظُلْمٍ نُّذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ اَلِیْمٍ۠(۲۵)
بیشک وہ جنہوں نے کفر کیا اور روکتے ہیں اللہ کی راہ (ف۶۱) اور اس ادب والی مسجد سے (ف۶۲) جسے ہم نے سب لوگوں کے لیے مقرر کیا کہ اس میں ایک سا حق ہے وہاں کے رہنے والے اور پردیسی کا، اور جو اس میں کسی زیادتی کا ناحق ارادہ کرے ہم اسے دردناک عذاب چکھائیں گے (ف۶۳)

يقول تعالى ذكره: إن الذين جحدوا توحيد الله، وكذّبوا رسله وأنكروا ما جاءهم به من عند ربهم ( وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ ) يقول: ويمنعون الناس عن دين الله أن يدخلوا فيه، وعن المسجد الحرام الذي جعله الله للناس الذين آمنوا به كافة لم يخصص منها بعضا دون بعض;( سَوَاءً الْعَاكِفُ فِيهِ وَالْبَادِ ) يقول: معتدل في الواجب عليه من تعظيم حرمة المسجد الحرام، وقضاء نسكه به، والنزول فيه حيث شاء العاكف فيه، وهو المقيم به; والباد: وهو المنتاب إليه من غيره.واختلف أهل التأويل في تأويل ذلك، فقال بعضهم: معناه: سواء العاكف فيه وهو المقيم فيه؛ والباد، في أنه ليس أحدهما بأحقّ بالمنزل فيه من الآخر.* ذكر من قال ذلك:حدثنا ابن حميد، قال: ثنا حكام، عن عمرو، عن يزيد بن أبي زياد، عن ابن سابط، قال: كان الحجاج إذا قدموا مكة لم يكن أحد من أهل مكة بأحق بمنزله منهم، وكان الرجل إذا وجد سعة نزل. ففشا فيهم السرق، وكل إنسان يسرق من ناحيته، فاصطنع رجل بابا، فأرسل إليه عمر: أتخذت بابا من حجاج بيت الله؟ فقال: لا إنما جعلته ليحرز متاعهم، وهو قوله: ( سَوَاءً الْعَاكِفُ فِيهِ وَالْبَادِ ) قال: الباد فيه كالمقيم، ليس أحد أحقّ بمنزله من أحد إلا أن يكون أحد سبق إلى منزل.حدثنا محمد بن بشار، قال: ثنا عبد الرحمن، قال: ثنا سفيان، عن أبي حصين، قال: قلت لسعيد بن جُبير: أعتكف بمكة، قال: أنت عاكف. وقرأ: ( سَوَاءً الْعَاكِفُ فِيهِ وَالْبَادِ ) .حدثنا ابن حميد، قال: ثنا حكام عن عنبسة، عمن ذكره، عن أبي صالح: ( سَوَاءً الْعَاكِفُ فِيهِ وَالْبَادِ ) العاكف: أهله، والباد: المنتاب في المنزل سواء.حدثني عليّ، قال: ثنا أبو صالح، قال: ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس، قوله: ( سَوَاءً الْعَاكِفُ فِيهِ وَالْبَادِ ) يقول: ينزل أهل مكة وغيرهم في المسجد الحرام.حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله: ( سَوَاءً الْعَاكِفُ فِيهِ وَالْبَادِ ) قال: العاكف فيه: المقيم بمكة؛ والباد: الذي يأتيه هم فيه سواء في البيوت.حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قَتادة: ( سَوَاءً الْعَاكِفُ فِيهِ وَالْبَادِ ) سواء فيه أهله وغير أهله.حدثنا الحسن، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر، عن قتادة، مثله.حدثنا ابن حميد، قال ثنا جرير، عن منصور، عن مجاهد، في قوله: ( سَوَاءً الْعَاكِفُ فِيهِ وَالْبَادِ ) قال: أهل مكة وغيرهم في المنازل سواء.وقال آخرون في ذلك نحو الذي قلنا فيه.* ذكر من قال ذلك:حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى؛ وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء جميعا، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قوله: ( سَوَاءً الْعَاكِفُ فِيهِ ) قال: الساكن، ( والباد ) الجانب سواء حقّ الله عليهما فيه.* حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد في قوله: ( سَوَاءً الْعَاكِفُ فِيهِ ) قال: الساكن ( والباد) الجانب.قال: ثنا الحسين، قال: ثنا أبو تميلة، عن أبي حمزة، عن جابر، عن مجاهد وعطاء: ( سَوَاءً الْعَاكِفُ فِيهِ ) قالا من أهله، ( والباد ) الذي يأتونه من غير أهله هما في حرمته سواء.وإنما اخترنا القول الذي اخترنا في ذلك، لأن الله تعالى ذكره، ذكر في أول الآية صدّ من كفر به من أراد من المؤمنين قضاء نسكه في الحرم عن المسجد الحرام، فقال: ( إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ ) ثم ذكر جلّ ثناؤه صفة المسجد الحرام، فقال: ( الَّذِي جَعَلْنَاهُ لِلنَّاسِ ) فأخبر جلّ ثناؤه أنه جعله للناس كلهم، فالكافرون به يمنعون من أراده من المؤمنين به عنه، ثم قال: ( سَوَاءً الْعَاكِفُ فِيهِ وَالْبَادِ ) فكان معلوما أن خبره عن استواء العاكف فيه والباد، إنما هو في المعنى الذي ابتدأ الله الخبر عن الكفار أنهم صدّوا عنه المؤمنين به، وذلك لا شك طوافهم وقضاء مناسكهم به والمقام، لا الخبر عن ملكهم إياه وغير ملكهم. وقيل: ( إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ ) فعطف بيصدون وهو مستقبل على كفروا، وهو ماض، لأن الصدّ بمعنى الصفة لهم والدوام. وإذا كان ذلك معنى الكلام، لم يكن إلا بلفظ الاسم أو الاستقبال، ولا يكون بلفظ الماضي. وإذا كان ذلك كذلك، فمعنى الكلام: إن الذين كفروا من صفتهم الصدّ عن سبيل الله، وذلك نظير قول الله: الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ . وأما قوله: ( سَوَاءً الْعَاكِفُ فِيهِ ) فإن قرّاء الأمصار على رفع " سواءٌ " بالعاكف، والعاكف به، وإعمال جعلناه في الهاء المتصلة به، واللام التي في قوله للناس، ثم استأنف الكلام بسواء، وكذلك تفعل العرب بسواء إذا جاءت بعد حرف قد تمّ الكلام به، فتقول: مررت برجل سواء عنده الخير والشر، وقد يجوز في ذلك الخفض، وإنما يختار الرفع في ذلك لأن سواء في مذهب واحد عندهم، فكأنهم قالوا: مررت برجل واحد عنده الخير والشرّ. وأما من خفضه فإنه يوجهه إلى معتدلٍ عنده الخير والشرّ، ومن قال ذلك في &; 18-598 &; سواء فاستأنف به، ورفع لم يقله في معتدل، لأن معتدل فعل مصرّح، وسواء مصدر فإخراجهم إياه إلى الفعل كإخراجهم حسب في قولهم: مررت برجل حسبك من رجل إلى الفعل. وقد ذُكر عن بعض القرّاء أنه قرأه نصبا على إعمال جعلناه فيه، وذلك وإن كان له وجه في العربية، فقراءة لا أستجيز القراءة بها لإجماع الحجة من القرّاء على خلافه.وقوله: ( وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ ) يقول تعالى ذكره: ومن يرد فيه إلحادا بظلم نذقه من عذاب أليم، وهو أن يميل في البيت الحرام بظلم، وأدخلت الباء في قوله بإلحاد، والمعنى فيه ما قلت، كما أدخلت في قوله: تَنْبُتُ بِالدُّهْنِ والمعنى: تنبت الدهن، كما قال الشاعر:بِوَادِ يَمَانٍ ينبت الشَّثَّ صَدْرُهُوأسْفَلُهُ بالمَرْخِ والشَّبَهانِ (1)والمعنى: وأسفله ينبت المرخ والشبهان؛ وكما قال أعشى بني ثعلبة:ضَمِنَتْ بِرزْقِ عِيالِنا أرْماحُنابينَ المَرَاجِلِ والصَّرِيحِ الأجْرَدِ (2)بمعنى: ضمنت رزق عيالنا أرماحنا في قول بعض نحويي البصريين. وأما بعض نحويي الكوفيين فإنه كان يقول: أدخلت الياء فيه، لأن تأويله: ومن يرد بأن يلحد فيه بظلم. وكان يقول: دخول الباء في أن أسهل منه في " إلحاد " وما أشبهه، لأن أن تضمر الخوافض معها كثيرا، وتكون كالشرط، فاحتملت دخول الخافض وخروجه، لأن الإعراب لا يتبين فيها، وقال في المصادر: يتبين الرفع والخفض فيها، قال: وأنشدني أبو الجَرَّاح:فَلَمَّا رَجَتْ بالشُّرْبِ هَزَّ لَها العَصَاشَحَيحٌ لهُ عِنْدَ الأدَاءِ نَهِيمُ (3)وقال امرؤ القيس:ألا هَلْ أتاها والحَوَادِثُ جَمَّةٌبأنَّ أمرأ القَيْسِ بنَ تَمْلِكَ بَيْقَرَا (4)قال: فأدخل الباء على أن وهي في موضع رفع كما أدخلها على إلحاد، وهو في موضع نصب، قال: وقد أدخلوا الباء على ما إذا أرادوا بها المصدر، كما قال الشاعر:ألَمْ يَأْتِيكَ والأنْباءُ تَنْميبِمَا لاقَتْ لَبُونُ بَنِي زِيادِ (5)وقال: وهو في " ما " أقل منه في " أن "، لأن " أن " أقلّ شبها بالأسماء من " ما ". قال: وسمعت أعرابيا من ربيعه، وسألته عن شيء، فقال: أرجو بذاك: يريد أرجو ذاك.واختلف أهل التأويل في معنى الظلم الذي من أراد الإلحاد به في المسجد الحرام، أذاقه الله من العذاب الأليم، فقال بعضهم: ذلك هو الشرك بالله وعبادة غيره به: أي بالبيت.* ذكر من قال ذلك:حدثني عليّ، قال: ثنا أبو صالح، قال: ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس، قوله: ( وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ ) يقول: بشرك.حدثنا عليّ، قال: ثنا حكام، عن عنبسة، عن محمد بن عبد الرحمن، عن القاسم بن أبي بَزَّة، عن مجاهد، قي قوله: ( وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ ) هو أن يعبد فيه غير الله.حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا المعتمر بن سليمان، عن أبيه، قال: ( وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ ) قال: هو الشرك، من أشرك في بيت الله عذّبه الله.حدثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر عن قتادة، مثله.وقال آخرون: هو استحلال الحرام فيه أو ركوبه.* ذكر من قال ذلك:حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي ، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله: ( وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ ) يعني أن تستحلّ من الحرام ما حرّم الله عليك من لسان أو قتل، فتظلم من لا يظلمك، وتقتل من لا يقتلك، فإذا فعل ذلك فقد وجب له عذاب أليم.حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا عيسى؛ وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء جميعا، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: ( وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ ) قال: يعمل فيه عملا سيئا.حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جُرَيج، عن مجاهد مثله.حدثنا أبو كريب ونصر بن عبد الرحمن الأوْدِيّ قالا ثنا المحاربيّ، عن سفيان عن السُّديّ، عن مرّة عن عن عبد الله، قال: ما من رجل يهمّ بسيئة فتكتب عليه، ولو أن رجلا بعد أن بين همّ أن يقتل رجلا بهذا البيت، لأذاقه الله من العذاب الأليم.حدثنا مجاهد بن موسى، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا شعبة، عن السديّ، عن مرّة، عن عبد الله، قال مجاهد، قال يزيد، قال لنا شعبة، رفعه، وأنا لا أرفعه لك في قول الله: ( وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ ) قال: لو أن رجلا همّ فيه بسيئة وهو بعد أن أبين، لأذاقه الله عذابا أليما.حدثنا الفضل بن الصباح، قال: ثنا محمد بن فضيل، عن أبيه، عن الضحاك بن مزاحم، في قوله: ( وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ ) قال: إن الرجل ليهم بالخطيئة بمكة وهو في بلد آخر ولم يعملها، فتكتب عليه.حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد في قول الله: ( وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ ) قال: الإلحاد: الظلم في الحرم.وقال آخرون: بل معنى ذلك الظلم: استحلال الحرم متعمدا.* ذكر من قال ذلك:حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جُرَيج، قال: قال ابن عباس: ( بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ ) قال: الذي يريد استحلاله متعمدا، ويقال الشرك.وقال آخرون: بل ذلك احتكار الطعام بمكة.* ذكر من قال ذلك:حدثني هارون بن إدريس الأصمّ، قال: ثنا عبد الرحمن بن محمد المحاربي، عن أشعث، عن حبيب بن أبي ثابت في قوله: ( وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ ) قال: هم المحتكرون الطعام بمكة.وقال آخرون: بل ذلك كل ما كان منهيا عنه من الفعل، حتى قول القائل: لا والله، وبلى والله.* ذكر من قال ذلك:حدثنا ابن المثنى، قال: ثنا محمد بن جعفر، قال: ثنا شعبة، عن منصور، عن مجاهد، عن عبد الله بن عمرو، قال: كان له فسطاطان: أحدهما في الحلّ، والآخر في الحرم، فإذا أراد أن يعاتب أهله عاتبهم في الحلّ، فسئل عن ذلك، فقال: كنا نحدّث أن من الإلحاد فيه أن يقول الرجل: كلا والله، وبلى والله.حدثنا ابن حميد، قال: ثنا يعقوب، عن أبي ربعي، عن الأعمش، قال: كان عبد الله بن عمرو يقول: لا والله وبلى والله من الإلحاد فيه.قال أبو جعفر: وأولى الأقوال التي ذكرناها في تأويل ذلك بالصواب القول الذي ذكرناه عن ابن مسعود وابن عباس، من أنه معنيّ بالظلم في هذا الموضع كلّ معصية لله، وذلك أن الله عم بقوله ( وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ ) ولم يخصص به ظلم دون ظلم في خبر ولا عقل، فهو على عمومه. فإذا كان ذلك كذلك، فتأويل الكلام: ومن يرد في المسجد الحرام بأن يميل بظلم، فيعصي الله فيه، نذقه يوم القيامة من عذاب موجع له. وقد ذُكر عن بعض القرّاء أنه كان يقرأ ذلك (وَمَنْ يَرِدْ فِيه ) بفتح الياء بمعنى: ومن يرده بإلحاد من وَرَدْت المكان أرِدْه. وذلك قراءة لا تجوز القراءة عندي بها لخلافها ما عليه الحجة من القرّاء مجمعة مع بعدها من فصيح كلام العرب، وذلك أنَّ يَرِدْ فعل واقع، يقال منه: وهو يَرِد مكان كذا أو بلدة كذا، ولا يقال: يَرِد في مكان كذا. وقد زعم بعض أهل المعرفة بكلام العرب، أن طَيِّئا تقول: رغبت فيك، تريد: رغبت بك، وذكر أن بعضهم أنشده بيتا:وأرْغَبُ فِيها عَنْ لَقِيطٍ وَرَهْطِهِوَلَكِنَّنِي عَنْ سِنْبِس لَسْتُ أرْغَبُ (6)بمعنى: وأرغب بها. فإن كان ذلك صحيحا كما ذكرنا، فإنه يجوز في الكلام، فأما القراءة به فغير جائزة لما وصفت.------------------------الهوامش:(1) البيت للأحول اليشكري ، واسمه يعلى قاله في ( اللسان : شبه ) نقله عن أبي عبيدة . وقد مر هذا الشاهد على مثل ما استشهد به المؤلف هنا ، عند قوله تعالى : " وهزي إليك بجذع النخلة " ( 16 : 72 ) ووفينا الكلام في رواياته وتخريجه ، فراجعه ثمة .(2) هذا البيت ينسب لأعشى بني قيس بن ثعلبة ، ولم أجد في ديوانه قصيدة دالية مكسورة من بحر الكامل ، ووجدت البيت في دالية منصوبة باختلاف في رواية وهذا هو البيت مع البيتين قبله :جَعَلَ الإلَهُ طَعامَنا في مالِنارِزْقا تَضَمَّنَهُ لَنا لَنْ يَنْفَدامِثْلَ الهِضَابِ جَزَارَةً لسُيُوفنافإذَا تُراعُ فِإنَّهَا لَنْ تُطْرَدَاضَمنَتْ لَنا أعْجَازُهُنَّ قُدُورَناوَضُرُوعُهُنَّ لَنا الصَّرِيحَ الأجْرَدَاومعنى الأبيات : جعل الله طعامنا في الإبل ، نرحلها حيث نشاء رزقا لا ينفد . وهي ضخمة كالهضاب نعقرها بسيوفنا للضيفان ، لا يطردها مروع أو مغير ، وقد ضمنت أعجازها لنا قدورنا أن تفرغ ، لسمنها وكثرة لحمها ، وضمنت ضروعها لنا اللبن خالصا صافيا . ( انظر الديوان ، طبع القاهرة ، ص 230 بشرح الدكتور محمد حسين ) . وفي اللسان رواية أخرى للبيت ، مع نسبته للأعشى ( في : جرد ) قال : ألبن وجرد لا رغوة قال الأعشى :ضَمِنَتْ لَنا أعْجَازَهُ أرْماحُنامِلْءَ المَرَاجِلِ والصَّرِيحَ الأجْرَدَاوعلى هاتين الروايتين لا شاهد في البيت ؛ لأن المؤلف إنما ساقه شاهدا على زيادة الباء في قوله " برزق " ولا باء زائدة في هاتين الروايتين . وقد جعل الباء في قوله ( برزق ) نظير الباء التي في الآية : وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ أي على تقدير ومن يرد فيه إلحادا بظلم .(3) هذا البيت من شواهد الفراء تلميذ الكسائي وهما زعيما نحاة أهل الكوفة وهو مما أنشده إباه أبو الجراح أحد الأعراب الذين كان يأخذ عنهم اللغة ( انظره في معاني القرآن للفراء ، الورقة 10 من مصورة الجامعة ) . والنهيم كما في ( اللسان : نهم ) : صوت كأنه زحير . وقيل صوت فوق الزئير . والنهيم صوت وتوعد وزجر . والضمير في لها : لعله راجع إلى الإبل التي أرادت الشرب ، حتى إذا كادت تبلغ الماء ، هز لها العصا ، وردها عنه ، رجل له صوت شديد منكر . والشاهد في البيت أن الباء الزائدة في قوله ( بالشرب ) داخلة على مصدر صريح ، وأن الفراء يرى أن دخولها على المصدر المؤول بأن أو بما والفعل ، أحسن من دخولها على المصدر الصريح . وقال الفراء : قوله " ومن يرد فيه بإلحاد بظم " دخلت الباء في الإلحاد ، لأن تأويله : ومن يرد بأن يلحد فيه بظلم ، ودخول الباء في " أن " أسهل منه في الإلحاد ، وما أشبه ، لأن " أن " تضمر الخفوض معها كثيرا ( يريد حروف الخفض ) فاحتملت دخول الخافض وخروجه ، لأن الإعراب لا يتبين فيها ، وقل في المصادر ( أي الصريحة ) لتبين الخفض والرفع فيها ؛ أنشدني أبو الجراح : " فلما رجت بالشرب هز لها العصا " . . . . البيت .(4) البيت لامرئ القيس بن حجر ( العقد الثمين لألولاد ص 130 ) وليس في رواية الأعلم الشنتمري لديوان امرئ القيس . والبيت شاهد كالذي قبله على أن الباء في قوله ( بأن ) زائدة في المصدر المؤول المرفوع وهي أحسن منها في المصدر الصريح لخفاء الإعراب معها . وهو من شواهد الفراء في معاني القرآن ، ساقه مع الشاهد الذي قبله ( انظر معاني القرآن للفراء ، الورقة 310 ) قال : أدخل الباء على ( أن ) وهي في موضع رفع كما أدخلها على الإلحاد بظلم ، وهو في موضع نصب .(5) البيت لقيس بن زهير العبسي كما في ( النوادر لأبي زيد الأنصاري ، ص 203 ) ولم تحذف الياء في قوله ( يأتيك ) للجازم ، للضرورة . والبيت من شواهد الفراء في ( معاني القرآن ، ص 310 ) على أنهم قد يدخلون الحرف الزائد على المصدر المؤول بما وما بعدها . قال : وقد أدخلوها على ( ما ) إذا أرادوا ( أن ) أقل شبها بالأسماء من ( ما ) . وسمعت أعرابيا من ربيعة وسألته عن شيء ، فقال : أرجو بذلك ، يريد : أرجو ذاك .(6) البيت سبق الاستشهاد به على مثل ما استشهد به المؤلف هنا ، في ( 13 : 189 ) وهو من شواهد الفراء في معاني القرآن ، الورقة 161 ، والورقة 310 من مصورة الجامعة ( على أن من العرب من يجعل ) ( في ) في موضع الباء ، فيقول أدخلك الله بالجنة ، يريد : في الجنة . قال الفراء في ( ص 310 ) : وقد يجوز في لغة الطائيين : لأنهم يقولون : رغبت فيك ، يريدون : رغبت بك . أنشدني بعضهم : " وأرغب فيها عن لقيط " . . . . البيت . يعني بنته . أه .
22:26
وَ اِذْ بَوَّاْنَا لِاِبْرٰهِیْمَ مَكَانَ الْبَیْتِ اَنْ لَّا تُشْرِكْ بِیْ شَیْــٴًـا وَّ طَهِّرْ بَیْتِیَ لِلطَّآىٕفِیْنَ وَ الْقَآىٕمِیْنَ وَ الرُّكَّعِ السُّجُوْدِ(۲۶)
اور جب کہ ہم نے ابراہیم کو اس گھر کا ٹھکانا ٹھیک بتادیا (ف۶۴) اور حکم دیا کہ میرا کوئی شریک نہ کر اور میرا گھر ستھرا رکھ (ف۶۵) طواف والوں اور اعتکاف والوں اور رکوع سجدے والوں کے لیے (ف۶۶)

يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم، مُعْلِمَه عظيم ما ركب من قومه قريش خاصة دون غيرهم من سائر خلقه بعبادتهم في حرمه، والبيت الذي أمر إبراهيم خليله صلى الله عليه وسلم ببنائه وتطهيره من الآفات والرِّيَب والشرك: واذكر يا محمد كيف ابتدأنا هذا البيت الذي يعبد قومك فيه غيري، إذ بوأنا لخليلنا إبراهيم، يعني بقوله: بوأنا: وطأنا له مكان البيت.كما حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا محمد بن ثور عن معمر، عن قتادة، قوله: ( وَإِذْ بَوَّأْنَا لإبْرَاهِيمَ مَكَانَ الْبَيْتِ ) قال: وضع الله البيت مع آدم صلى الله عليه وسلم حين أهبط آدم إلى الأرض وكان مهبطه بأرض الهند، وكان رأسه في السماء ورجلاه في الأرض، فكانت الملائكة تهابه فنقص إلى ستين ذراعا، وإن آدم لمَّا فَقَد أصوات الملائكة وتسبيحهم، شكا ذلك إلى الله، فقال الله: يا آدم إني قد أهبطت لك بيتا يُطاف به كما يطاف حول عرشي، ويُصلَّى عنده كما يصلى حول عرشي، فانطلق إليه! فخرج إليه، ومدّ له في خطوه، فكان بين كل خطوتين مفازة، فلم تزل تلك المفاوز على ذلك حتى أتى آدم البيت، فطاف به ومن بعده من الأنبياء.حدثني موسى، قال: ثنا عمرو، قال: ثنا أسباط، عن السديّ، قال: لما عهد الله إلى إبراهيم وإسماعيل أن طهرا بيتي للطائفين، انطلق إبراهيم حتى أتى مكة، فقام هو وإسماعيل، وأخذا المعاول، لا يدريان أين البيت، فبعث الله ريحا يقال لها ريح الخَجُوج، لها جناحان ورأس في صورة حية، فكنست لها ما حول الكعبة عن أساس البيت الأوّل، واتبعاها بالمعاول يحفران، حتى وضعا الأساس، فذلك حين يقول: ( وَإِذْ بَوَّأْنَا لإبْرَاهِيمَ مَكَانَ الْبَيْتِ ) .ويعني بالبيت: الكعبة، ( أَنْ لا تُشْرِكْ بِي شَيْئًا ) في عبادتك إياي ( وَطَهِّرْ بَيْتِيَ ) الذي بنيته من عبادة الأوثان.كما حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا أبي عن سفيان عن ليث، عن مجاهد، في قوله: ( وَطَهِّرْ بَيْتِيَ ) قال: من الشرك.حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جُرَيج، عن عطاء، عن عبيد بن عمير، قال: من الآفات والريب.حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قَتادة: طَهِّرَا بَيْتِيَ قال: من الشرك وعبادة الأوثان.وقوله: ( لِلطَّائِفِينَ ) يعني للطائفين ، والقائمين بمعنى المصلين الذين هم قيام في صلاتهم.كما حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثنا أبو تُمَيلة، عن أبي حمزة، عن جابر، عن عطاء في قوله ( وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْقَائِمِينَ ) قال: القائمون في الصلاة.حدثنا الحسن، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر، عن قَتادة: ( وَالْقَائِمِينَ ) قال: القائمون المصلون.حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قَتادة، مثله.حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله: ( وَالْقَائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ ) قال: القائم والراكع والساجد هو المصلي، والطائف هو الذي يطوف به. وقوله: ( وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ ) يقول: والركع السجود في صلاتهم حول البيت.
22:27
وَ اَذِّنْ فِی النَّاسِ بِالْحَجِّ یَاْتُوْكَ رِجَالًا وَّ عَلٰى كُلِّ ضَامِرٍ یَّاْتِیْنَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِیْقٍۙ(۲۷)
اور لوگوں میں حج کی عام ندا کردے (ف۶۷) وہ تیرے پاس حاضر ہوں گے پیادہ اور ہر دبلی اونٹنی پر کہ ہر دور کی راہ سے آتی ہیں (ف۶۸)

قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: عهدنا إليه أيضا أن أذّن في الناس بالحجّ: يعني بقوله: (وأذّنْ) أعلم وناد في الناس أن حجوا أيها الناس بيت الله الحرام ( يَأْتُوكَ رِجالا ) يقول: فإن الناس يأتون البيت الذي تأمرهم بحجه مشاة على أرجلهم ( وَعَلى كُلّ ضَامِر ) يقول: وركباناً على كلّ ضامر ، وهي الإبل المهازيل ( يَأْتِينَ مِنْ كُلّ فَجّ عَمِيق ) يقول: تأتي هذه الضوامر من كل فجّ عميق: يقول: من كلّ طريق ومكان ومسلك بعيد. وقيل: يأتين. فجمع لأنه أريد بكل ضامر: النوق. ومعنى الكلّ: الجمع، فلذلك قيل: يأتين. وقد زعم الفراء أنه قليل في كلام العرب: مررت على كلّ رجل قائمين. قال: وهو صواب، وقول الله " وَعَلى ضَامِرٍ يَأْتينَ" ينبىء على صحة جوازه. وذُكر أن إبراهيم صلوات الله عليه لما أمره الله بالتأذين بالحجّ, قام على مقامه فنادى: يا أيها الناس إن الله كتب عليكم الحج فحجوا بيته العتيق.وقد اختُلف في صفة تأذين إبراهيم بذلك. فقال بعضهم: نادى بذلك كما حدثنا ابن حميد, قال: ثنا جرير, عن قابوس, عن أبيه, عن ابن عباس, قال: لما فرغ إبراهيم من بناء البيت قيل له: ( أذّنْ فِي النَّاسِ بالحَجّ ) قال: ربّ ومَا يبلغ صوتي؟ قال: أذّن وعليّ البلاغ فنادى إبراهيم: أيها الناس كُتب عليكم الحجّ إلى البيت العتيق فحجوا- قال: فسمعه ما بين السماء والأرض, أفلا ترى الناس يجيئون من أقصى الأرض يلبون.حدثنا الحسن بن عرفة, قال: ثنا محمد بن فضيل بن غزوان الضمي, عن عطاء بن السائب, عن سعيد بن جُبير, عن ابن عباس, قال: لما بنى إبراهيم البيت أوحى الله إليه, أن أذّن في الناس بالحجّ، قال: فقال إبراهيم: ألا إن ربكم قد اتخذ بيتا, وأمركم أن تحجوه, فاستجاب له ما سمعه من شيء من حجر وشجر وأكمة أو تراب أو شيء: لبَّيك اللهم لبَّيك.حدثنا ابن حميد قال: ثنا يحيى بن واضح, قال: ثنا ابن واقد, عن أبي الزبير, عن مجاهد, عن ابن عباس: قوله: ( وأذّنْ فِي النَّاسِ بالحَجّ )قال: قام إبراهيم خليل الله على الحجر, فنادى: يا أيها الناس كُتب عليكم الحجّ, فأسمع من في أصلاب الرجال وأرحام النساء, فأجابه من آمن من سبق في علم الله أن يحج إلى يوم القيامة: لبَّيك اللهمّ لبَّيك.حدثنا محمد بن بشار, قال: ثنا عبد الرحمن, قال: ثنا سفيان, عن عطاء بن السائب, عن سعيد بن جُبير: ( وأذّنْ فِي النَّاسِ بالحَجّ يَأْتُوكَ رِجالا ) قال: وقرت في قلب كلّ ذكر وأنثى.حدثني ابن حميد, قال: ثنا حكام عن عمرو, عن عطاء, عن سعيد بن جبير, قال: لما فرغ إبراهيم من بناء البيت, أوحى الله إليه, أن أذّن في الناس بالحجّ، قال: فخرج فنادى في الناس: يا أيها الناس أن ربكم قد اتخذ بيتا فحجوه، فلم يسمعه يومئذ من إنس, ولا جنّ, ولا شجر, ولا أكمة, ولا تراب, ولا جبل, ولا ماء, ولا شيء إلا قال: لبَّيك اللهم لبَّيك.قال: ثنا حكام, عن عنبسة, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد, قال: قام إبراهيم على المقام حين أمر أن يؤذّن في الناس بالحجّ.حدثني القاسم, قال: ثنا الحسين, قال: ثني حجاج, عن ابن جُرَيج, عن مجاهد, في قوله: ( وأذّنْ في النَّاسِ بالحَجّ ) قال: قام إبراهيم على مقامه, فقال: يا أيها الناس أجيبوا ربكم، فقالوا: لبَّيك اللهمّ لبَّيك، فمن حَجّ اليوم فهو ممن أجاب إبراهيم يومئذ.حدثنا ابن المثنى, قال: ثنا ابن أبي عديّ, عن داود, عن عكرمة بن خالد المخزومي, قال: لما فرغ إبراهيم عليه السلام من بناء البيت, قام على المقام, فنادى نداء سمعه أهل الأرض: إن ربكم قد بنى لكم بيتا فحجوه، قال داود: فأرجو من حجّ اليوم من إجابة إبراهيم عليه السلام. (7)حدثني محمد بن سنان القزاز, قال: ثنا حجاج, قال: ثنا حماد, عن أبي عاصم الغَنَويّ, عن أبي الطفيل, قال: قال ابن عباس: هل تدري كيف كانت التلبية؟ قلت: وكيف كانت التلبية؟ قال: إن إبراهيم لما أمر أن يؤذّن في الناس بالحجّ, خفضت له الجبال رءوسها, ورُفِعَت القرى, فأذّن في الناس.حدثنا ابن حميد, قال: ثنا جرير, عن منصور, عن مجاهد, قوله: ( وأذّنْ في النَّاسِ بالحَجّ ) قال إبراهيم: كيف أقول يا ربّ؟ قال: قل: يا أيها الناس استجيبوا لربكم، قال: وقَرَّت في قلب كلّ مؤمن.وقال آخرون فى ذلك, ما حدثنا ابن بشار, قال: ثنا عبد الرحمن, قال: ثنا سفيان, عن سلمة, عن مجاهد, قال: قيل لإبراهيم: أذّن في الناس بالحجّ، قال: يا ربّ كيف أقول؟ قال: قل لبَّيك اللهمّ لبَّيك. قال: فكانت أوّل التلبية.وكان ابن عباس يقول: عني بالناس في هذا الموضع: أهل القبلة.*ذكر الرواية بذلك: حدثني محمد بن سعد, قال: ثني أبي, قال: ثني عمي, قال: ثني أبي, عن أبيه, عن ابن عباس, قوله: ( وأذّنْ في النَّاسِ بالحَجّ ) يعني بالناس: أهل القبلة, ألم تسمع أنه قال: إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا ... [إلى قوله: وَمَنْ دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا [يقول: ومن دخله من الناس الذين أمر أن يؤذن فيهم, وكتب عليهم الحجّ, فإنه آمن, فعظَّموا حرمات الله تعالى, فإنها من تقوى القلوب.وأما قوله: ( يَأْتُوكَ رِجالا وَعَلى كُلّ ضَامِرٍ ) فإن أهل التأويل قالوا فيه نحو قولنا.*حدثنا القاسم, قال: ثني حجاج, عن ابن جُرَيج, قال: قال ابن عباس: ( يَأْتُوكَ رِجالا ) قال: مشاة.قال: ثنا الحسين, قال: ثنا أبو معاوية عن الحجاج بن أرطأة, قال: قال ابن عباس: ما آسى على شيء فاتني إلا أن لا أكون حججت ماشيا, سمعت الله يقول: ( يَأْتُوكَ رِجالا ).قال: ثنا الحسين, قال: ثنا سفيان, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد, قال: حجّ إبراهيم وإسماعيل ماشيين.حدثنا ابن عبد الأعلى, قال: ثنا ابن ثور, عن معمر, عن قتادة, عن ابن عباس: ( يَأْتُوكَ رِجالا ) قال: على أرجلهم.حدثني محمد بن سعد, قال: ثني أبي, قال: ثني عمي, قال: ثني أبي, عن أبيه, عن ابن عباس, قوله: ( وَعَلى كُلّ ضَامِرٍ ) قال: الإبل.حدثنا القاسم, قال: ثنا الحسين, قال ثني حجاج, عن ابن جريج, قال: قال ابن عباس: ( وَعَلى كُلّ ضَامِرٍ ) قال: الإبل.حدثني نصر بن عبد الرحمن الأودي, قال: ثنا المحاربي, عن عمر بن ذرّ, قال: قال مجاهد: كانوا لا يركبون, فأنزل الله: ( يَأْتُوكَ رِجالا وَعَلى كُلّ ضَامِرٍ ) قال: فأمرهم بالزاد, ورخص لهم في الركوب والمتجر.وقوله ( مِنْ كُلّ فَجّ عَمِيق ) حدثني محمد بن سعد, قال: ثني أبي, قال: ثني عمي, قال: ثني أبي, عن أبيه, عن ابن عباس: ( مِنْ كُلّ فَجّ عَمِيق ) يعني: من مكان بعيد.حدثنا القاسم, قال: ثنا الحسين, قال: ثني حجاج, عن ابن جريج, قال: قال ابن عباس: ( مِنْ كُلّ فَجّ عَمِيق ) قال: بعيد.حدثنا ابن عبد الأعلى, قال: ثنا ابن ثور, عن معمر, عن قتادة: ( فَجّ عَمِيق ) قال: مكان بعيد.حدثنا الحسن, قال: أخبرنا عبد الرزاق, قال: أخبرنا معمر, عن قَتادة مثله.------------------------الهوامش:(7) كذا وردت هذه العبارة الأخيرة في الأصل ، ولعل أصلها : فأرجو أن كل من حج اليوم ، فحجه من إجابة إبراهيم .
22:28
لِّیَشْهَدُوْا مَنَافِعَ لَهُمْ وَ یَذْكُرُوا اسْمَ اللّٰهِ فِیْۤ اَیَّامٍ مَّعْلُوْمٰتٍ عَلٰى مَا رَزَقَهُمْ مِّنْۢ بَهِیْمَةِ الْاَنْعَامِۚ-فَكُلُوْا مِنْهَا وَ اَطْعِمُوا الْبَآىٕسَ الْفَقِیْرَ٘(۲۸)
تاکہ وہ اپنا فائدہ پائیں (ف۶۹) اور اللہ کا نام لیں (ف۷۰) جانے ہوئے دنوں میں (ف۷۱) اس پر کہ انہیں روزی دی بے زبان چوپائے (ف۷۲) تو ان میں سے خود کھاؤ اور مصیبت زدہ محتاج کو کھلاؤ (ف۷۳)

وقوله: ( لِيَشْهُدوا مَنافِعَ لَهُمْ ) اختلف أهل التأويل في معنى المنافع التي ذكرها الله في هذا الموضع فقال بعضهم:هي التجارة ومنافع الدنيا.*ذكر من قال ذلك: حدثنا ابن حميد, قال: ثنا حكام, قال: ثنا عمرو بن عاصم, عن أبي رزين, عن ابن عباس: ( لِيَشْهَدُوا مَنافِعَ لَهُمْ ) قال: هي الأسواق.حدثنا القاسم, قال: ثنا الحسين, قال: ثنا أبو تُمَيلة, عن أبي حمزة, عن جابر بن الحكم, عن مجاهد عن ابن عباس, قال: تجارة.حدثنا ابن بشار, قال: ثنا أبو أحمد, قال: ثنا سفيان, عن عاصم بن بهدلة, عن أبي رزين, في قوله: ( لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لهُمْ ) قال: أسواقهم.قال: ثنا عبد الرحمن, قال: ثنا سفيان, عن واقد, عن سعيد بن جُبير: ( لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ ) قال: التجارة.حدثنا عبد الحميد بن بيان, قال: أخبرنا إسحاق عن سفيان, عن واقد, عن سعيد بن جبير, مثله.حدثنا أبو كريب, قال: ثنا ابن يمان, عن سفيان, عن واقد, عن سعيد, مثله.حدثني الحارث, قال: ثنا الحسن, قال: ثنا سنان, عن عاصم بن أبي النجود, عن أبي رزين: ( لِيَشْهَدُوا مَنافِعُ لَهُمْ ) قال: الأسواق.وقال آخرون: هي الأجْر في الآخرة, والتجارة في الدنيا.*ذكر من قال ذلك:- حدثنا ابن بشار, وسوار بن عبد الله, قالا ثنا يحيى بن سعيد, قال: ثنا سفيان, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد: ( لِيَشْهَدُوا مَنافِعَ لَهُمْ ) قال: التجارة, وما يرضي الله من أمر الدنيا والآخرة.حدثنا عبد الحميد بن بيان, قال: ثنا إسحاق, عن سفيان, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد, مثله.حدثنا أبو كريب, قال: ثنا ابن يمان, عن سفيان, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد, مثله.حدثنا عبد الحميد بن بيان, قال: ثنا سفيان, قال: أخبرنا إسحاق, عن أبي بشر, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد, في قوله: ( لِيَشْهَدُوا مَنافِعَ لَهُمْ ) قال: الأجر في الآخرة, والتجارة في الدنيا.حدثني محمد بن عمرو, قال: ثنا أبو عاصم, قال: ثنا عيسى وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء جميعا، عن ابن أبي نجيح عن مجاهد، مثله.وقال آخرون: بل هي العفو والمغفرة.*ذكر من قال ذلك:حدثنا أبو كريب, قال: ثنا ابن يمان, عن سفيان, عن جابر, عن أبي جعفر: ( لِيَشْهَدُوا مَنافِعَ لَهُمْ ) قال: العفو.حدثنا القاسم, قال: ثنا الحسين, قال: ثني أبو تُمَيلة, عن أبي حمزة, عن جابر, قال: قال محمد بن عليّ: مغفرة.وأولى الأقوال بالصواب قول من قال: عنى بذلك: ليشهدوا منافع لهم من العمل الذي يرضي الله والتجارة، وذلك أن الله عمّ لهم منافع جميع ما يَشْهَد له الموسم، ويأتي له مكة أيام الموسم من منافع الدنيا والآخرة, ولم يخصص من ذلك شيئا من منافعهم بخبر ولا عقل, فذلك على العموم في المنافع التي وصفت.وقوله: ( وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُوماتٍ عَلى ما رَزَقَهُمْ مِنَ بَهِيمَةِ الأنْعامِ ) يقول تعالى ذكره: وكي يذكروا اسم الله على ما رزقهم من الهدايا والبُدْن التي أهدوها من الإبل والبقر والغنم، في أيام معلومات، وهنّ أيام التشريق في قول بعض أهل التأويل. وفي قول بعضهم أيام العَشْر. وفي قول بعضهم: يوم النحر وأيام التشريق.وقد ذكرنا اختلاف أهل التأويل في ذلك بالروايات, وبيِّنا الأولى بالصواب منها في سورة البقرة, فأغنى ذلك عن إعادته في هذا الموضع، غير أني أذكر بعض ذلك أيضا في هذا الموضع.حدثني محمد بن سعد, قال: ثني أبي, قال: ثني عمي, قال: ثني أبي, عن أبيه, عن ابن عباس, في قوله: ( وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُوماتٍ ) يعني أيام التشريق.حُدثت عن الحسين, قال: سمعت أبا معاذ يقول: ثنا عبيد بن سليمان, قال: سمعت الضحاك في قوله: ( أَيَّامٍ مَعْلُوماتٍ ) يعني أيام التشريق، ( عَلى ما رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الأنْعام) يعني البدن.حدثنا ابن عبد الأعلى, قال: ثنا ابن ثور, عن معمر, عن قَتادة: ( فِي أيَّامٍ مَعْلُوماتٍ ) قال: أيام العشر, والمعدودات: أيام التشريق.وقوله: ( فَكُلُوا مِنْها ) يقول: كلوا من بهائم الأنعام التي ذكرتم اسم الله عليها أيها الناس هنالك. وهذا الأمر من الله جلّ ثناؤه أمر إباحة لا أمر إيجاب، وذلك أنه لا خلاف بين جميع الحُجة أن ذابح هديه أو بدنته هنالك, إن لم يأكل من هديه أو بدنته, أنه لم يضيع له فرضا كان واحبا عليه, فكان معلوما بذلك أنه غير واجب.*ذكر الرواية عن بعض من قال ذلك من أهل العلم:- حدثنا سوار بن عبد الله, قال: ثنا يحيى بن سعيد, عن ابن جُرَيج, عن عطاء, قوله: ( فَكُلُوا مِنْها وأطْعِمُوا البائِسَ الفَقيرَ ) قال: كان لا يرى الأكلّ منها واجبا.حدثنا يعقوب بن إبراهيم, قال: ثنا هشيم, قال: أخبرنا حصين, عن مجاهد, أنه قال: هي رخصة: إن شاء أكل, وإن شاء لم يأكل, وهي كقوله: وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُوا فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الأَرْضِ يعني قوله: فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ .قال: ثنا هشيم, قال: أخبرنا مغيرة, عن إبراهيم, في قوله: ( فَكُلُوا مِنْها ) قال: هي رخصة, فإن شاء أكل وإن شاء لم يأكل.قال: ثنا هشيم, قال: أخبرنا حجاج, عن عطاء في قوله: ( فَكُلُوا مِنْها ) قال: هي رخصة, فإن شاء لم وإن شاء لم يأكل.حدثني عليّ بن سهل, قال: ثنا زيد, قال: ثنا سفيان, عن حصين, عن مجاهد, في قوله: ( فَكُلُوا مِنْها ) قال: إنما هي رخصة.وقوله: ( وأطْعِمُوا البائِسَ الفَقِيرَ ) يقول:وأطعموا مما تذبحون أو تنحرون هنالك من بهيمة الأنعام من هديكم وبُدنكم البائس, وهو الذي به ضرّ الجوع والزمانة والحاجة, والفقير: الذي لا شيء له.وبنحو الذي قلنا في تأويل ذلك قال أهل التأويل.*ذكر من قال ذلك:حدثني محمد بن سعد, قال: ثني أبي, قال: ثني عمي, قال: ثني أبي, عن أبيه, عن ابن عباس, قوله: ( فَكُلُوا مِنْها وأطْعِمُوا البائِسَ الفَقِيرَ ) يعني: الزَّمِن الفقير.حدثنا ابن عبد الأعلى, قال: ثنا محمد بن ثور, عن معمر, عن رجل, عن مجاهد: ( البائِسَ الفَقِيرَ ) الذي يمد إليك يديه.حدثني يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد في قوله: ( البائِسَ الفَقِيرَ ) قال: هو القانع.حدثنا القاسم, قال: ثنا الحسين, قال: ثني حجاج, عن ابن جُرَيج, قال: أخبرني عمر بن عطاء, عن عكرمة, قال: البائس: المضطر الذي عليه البؤس- والفقير: المتعفِّف.قال: ثنا الحسين, قال: ثني حجاج, عن ابن جُرَيج, عن مجاهد, قوله: (البائِسَ) الذي يبسط يديه.
22:29
ثُمَّ لْیَقْضُوْا تَفَثَهُمْ وَ لْیُوْفُوْا نُذُوْرَهُمْ وَ لْیَطَّوَّفُوْا بِالْبَیْتِ الْعَتِیْقِ(۲۹)
پھر اپنا میل کچیل اتاریں (ف۷۴) اور اپنی منتیں پوری کریں (ف۷۵) اور اس آزاد گھر کا طواف کریں (ف۷۶)

وقوله: ( ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ ) يقول: تعالى ذكره: ثم ليقضوا ما عليهم من مناسك حجهم: من حلق شعر, وأخذ شارب, ورمي جمرة, وطواف بالبيت.وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.*ذكر من قال ذلك: حدثنا ابن أبي الشوارب, قال: ثني يزيد, قال: أخبرنا الأشعث بن سوار, عن نافع, عن ابن عمر, أنه قال: ( ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ ) قال: ما هم عليه في الحجّ.حدثنا حميد بن مسعدة, قال: ثنا يزيد, قال: ثني الأشعث, عن نافع, عن ابن عمر, قال: التفث: المناسك كلها.قال: ثنا هشيم, قال: أخبرنا عبد الملك, عن عطاء, عن ابن عباس, أنه قال, في قوله: ( ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ ) قال: التفث: حلق الرأس, وأخذ من الشاربين, ونتف الإبط, وحلق العانة, وقصّ الأظفار, والأخذ من العارضين, ورمي الجمار, والموقف بعرفة والمزدلفة.حدثنا حميد, قال: ثنا بشر بن المفضل, قال: ثنا خالد, عن عكرمة, قال: التفث: الشعر والظفر.حدثني يعقوب, قال: ثنا ابن علية, عن خالد, عن عكرمة, مثله.حدثني يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: أخبرني أبو صخر, عن محمد بن كعب القرظي, أنه كان يقول في هذه الآية: ( ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ ) رمي الجمار, وذبح الذبيحة, وأخذ من الشاربين واللحية والأظفار, والطواف بالبيت وبالصفا والمروة.حدثنا محمد بن المثنى, قال: ثنا محمد بن جعفر, قال: ثنا شعبة, عن الحكم, عن مجاهد أنه قال في هذه الآية: ( ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ ) قال: هو حلق الرأس، وذكر أشياء من الحجّ قال شعبة: لا أحفظها.قال: ثنا ابن أبي عديّ, عن شعبة, عن الحكم, عن مجاهد, مثله.حدثني محمد بن عمرو؛ قال: ثنا أبو عاصم, قال: ثنا عيسى، وحدثني الحارث, قال: ثنا الحسن, قال: ثنا ورقاء جميعا, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد: ( ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ ) قال: حلق الرأس, وحلق العانة, وقصر الأظفار, وقصّ الشارب, ورمي الجمار, وقص اللحية.حدثنا القاسم, قال: ثنا الحسين, قال: ثني حجاج, عن ابن جُرَيج, عن مجاهد, مثله. إلا أنه لم يقل في حديثه: وقصّ اللحية.حدثني نصر بن عبد الرحمن الأودي, قال: ثنا المحاربي, قال: سمعت رجلا يسأل ابن جُرَيج, عن قوله: ( ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ ) قال: الأخذ من اللحية, ومن الشارب, وتقليم الأظفار, ونتف الإبط, وحلق العانة, ورمي الجمار.حدثنا القاسم, قال: ثنا الحسين, قال: ثنا هشيم, قال: أخبرنا منصور, عن الحسن, وأخبرنا جويبر, عن الضحاك أنهما قالا حلق الرأس.حُدثت عن الحسين, قال: سمعت أبا معاذ يقول: أخبرنا عبيد, قال: سمعت الضحاك يقول في قوله: ( ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ ) يعني: حلق الرأس.حدثنا ابن عبد الأعلى, قال: ثنا محمد بن ثور, عن معمر, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد, قال: التفث: حلق الرأس, وتقليم الظفر.حدثني محمد بن سعد, قال: ثني أبي, قال: ثني عمي, قال: ثني أبي, عن أبيه, عن ابن عباس, قوله: ( ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ ) يقول: نسكهم.حدثني يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد, في قوله: ( ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ ) قال: التفث: حرمهم.حدثني عليّ, قال: ثنا عبد الله, قال: ثني معاوية, عن عليّ, عن ابن عباس, قوله: ( ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ ) قال: يعني بالتفث: وضع إحرامهم من حلق الرأس, ولبس الثياب, وقصّ الأظفار ونحو ذلك.حدثنا ابن حميد, قال: ثنا جرير, عن عطاء بن السائب, قال: التفث: حلق الشعر, وقصّ الأظفار والأخذ من الشارب, وحلق العانة, وأمر الحجّ كله.وقوله: ( وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ ) يقول: وليوفوا الله بما نذروا من هَدي وبدنة وغير ذلك.وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.حدثني علي, قال: ثنا عبد الله, قال: ثني معاوية, عن عليّ, عن ابن عباس, قوله: ( وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ ) نحر ما نذروا من البدن.حدثني محمد بن عمرو, قال: ثنا أبو عاصم, قال: ثنا عيسى- وحدثني الحارث, قال: ثنا الحسن, قال: ثنا ورقاء جميعا, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد: ( وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ ) نذر الحجّ والهَدي, وما نذر الإنسان من شيء يكون في الحجّ.حدثنا القاسم, قال: ثنا الحسين, قال: ثني حجاج, عن ابن جُرَيج, عن مجاهد: ( وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ ) قال: نذر الحجّ والهدي, وما نذر الإنسان على نفسه من شيء يكون في الحجّ.وقوله: (وَلْيَطَّوَّفُوا بالبَيْتِ العَتيقِ) يقول: وليطوّفوا ببيت الله الحرام.واختلف أهل التأويل في معنى قوله: (العَتِيق) في هذا الموضع, فقال بعضهم: قيل ذلك لبيت الله الحرام, لأن الله أعتقه من الجبابرة أن يصلوا إلى تخريبه وهدمه.*ذكر من قال ذلك:- حدثنا ابن عبد الأعلى, قال: ثنا ابن ثور, عن معمر, عن الزهري, أن ابن الزبير, قال: إنما سمي البيت العتيق, لأن الله أعتقه من الجبابرة.حدثنا الحسن, قال: أخبرنا عبد الرزاق, قال: أخبرنا معمر, عن الزهري, عن ابن الزبير, مثله.حدثنا ابن بشار, قال: ثنا مؤمل, قال: ثنا سفيان, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد, قال: إنما سمي العتيق, لأنه أعتق من الجبابرة.قال: ثنا سفيان, قال: ثنا أبو هلال, عن قتادة: ( وَلْيَطَّوفوا بالْبَيتِ العَتِيق ) قال: أُعْتِق من الجبابرة.حدثني محمد بن عمرو, قال: ثنا أبو عاصم, قال: ثنا عيسى؛ وحدثني الحارث, قال: ثنا الحسن, قال: ثنا ورقاء جميعا, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد, قوله: ( البَيْتِ العَتِيق ) قال: أعتقه الله من الجبابرة, يعني الكعبة.وقال آخرون: قيل له عتيق، لأنه لم يملكه أحد من الناس.*ذكر من قال ذلك:حدثنا ابن بشار, قال: ثنا مؤمل, قال: ثنا سفيان, عن عبيد, عن مجاهد, قال: إنما سمي البيت العتيق لأنه ليس لأحد فيه شيء.وقال آخرون: سمي بذلك لقِدمه.*ذكر من قال ذلك: حدثني يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد, في قوله: ( البَيْتِ العَتِيق )قال: العتيق: القديم, لأنه قديم, كما يقال: السيف العتيق, لأنه أوّل بيت وُضع للناس بناه آدم, وهو أوّل من بناه, ثم بوّأ الله موضعه لإبراهيم بعد الغرق, فبناه إبراهيم وإسماعيل.قال أبو جعفر: ولكل هذه الأقوال التي ذكرناها عمن ذكرناها عنه في قوله: ( البَيْتِ العَتِيق ) وجه صحيح, غير أن الذي قاله ابن زيد أغلب معانيه عليه في الظاهر. غير أن الذي رُوي عن ابن الزبير أولى بالصحة, إن كان ما:حدثني به محمد بن سهل البخاري, قال: ثنا عبد الله بن صالح, قال: أخبرني الليث, عن عبد الرحمن بن خالد بن مسافر, عن الزهريّ, عن محمد بن عروة, عن عبد الله بن الزبير, قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إنَّمَا سُمّيَ البَيْتُ العَتِيقُ لأنَّ اللهُ أعْتَقَهُ مِنَ الجَبابِرَةِ فَلَمْ يَظْهَرْ عَلَيْهِ قَطٌّ صَحِيحا ".حدثنا القاسم, قال: ثنا الحسين, قال: ثني حجاج, عن ابن جُرَيج, قال الزهريّ: بلغنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " إنَّمَا سُمّيَ البَيْتُ العَتِقُ لأنَّ الله أعْتَقَهُ" ثم ذكر مثله.وعني بالطواف الذي أمر جلّ ثناؤه حاجٌ بيته العتيق به في هذه الآية طواف الإفاضة الذي يُطاف به بعد التعريف, إما يوم النحر وإما بعده, لا خلاف بين أهل التأويل في ذلك.*ذكر الرواية عن بعض من قال ذلك: حدثنا عمرو بن سعيد القرشي, قال: ثنا الأنصاري, عن أشعث, عن الحسن: ( وَلْيَطَّوَّفُوا بالبَيْتِ العتِيقِ ) قال: طواف الزيارة.حدثنا ابن عبد الأعلى, قال: ثنا خالد, قال: ثنا الأشعث, أن الحسن قال في قوله: ( وَلْيَطَّوَّفُوا بالبَيْتِ العتِيقِ ) قال: الطواف الواجب.حدثني عليّ, قال: ثنا عبد الله, قال: ثني معاوية عن عليّ, عن ابن عباس, قوله: ( وَلْيَطَّوَّفُوا بالبَيْتِ العتِيقِ ) يعني: زيارة البيت.حدثني يعقوب, قال: ثنا هشيم, عن حجاج وعبد الملك, عن عطاء, في قوله: ( وَلْيَطَّوَّفُوا بالبَيْتِ العتِيقِ ) قال: طواف يوم النحر.حدثني أبو عبد الرحمن البرقي, قال: ثنا عمرو بن أبي سلمة, قال: سألت زُهَيرا عن قول الله: ( وَلْيَطَّوَّفُوا بالبَيْتِ العتِيقِ ) قال: طواف الوداع.واختلف القرّاء في قراءة هذه الحروف, فقرأ ذلك عامة قراء الكوفة " ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُوا " بتسكين اللام في كل ذلك طلب التخفيف, كما فعلوا في هو إذا كانت قبله واو, فقالوا " وَهْوَ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ" فسكَّنوا الهاء, وكذلك يفعلون في لام الأمر إذا كان قبلها حرف من حروف النسق كالواو والفاء وثم. وكذلك قرأت عامة قرّاء أهل البصرة, غير أن أبا عمرو بن العلاء كان يكسر اللام من قوله: ( ثُمَّ لْيَقْضُوا) خاصة من أجل أن الوقوف على ثم دون ليقضوا حسن, وغير جائز الوقوف على الواو والفاء، وهذا الذي اعتلّ به أبو عمرو لقراءته علة حسنة من جهة القياس, غير أن أكثر القرّاء على تسكينها.وأولى الأقوال بالصواب في ذلك عندي, أن التسكين في لام " ليقضوا " والكسر قراءتان مشهورتان، ولغتان سائرتان, فبأيتهما قرأ القارئ فمصيب الصواب. غير أن الكسر فيها خاصة أقيس, لما ذكرنا لأبي عمرو من العلة, لأن من قرأ " وَهْوَ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ" فهو بتسكين الهاء مع الواو والفاء, ويحركها في قوله: ثُمَّ هُوَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنَ الْمُحْضَرِينَ فذلك الواجب عليه أن يفعل في قوله: " ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ" فيحرّك اللام إلى الكسر مع " ثم " وإن سكَّنها في قوله: ( وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ ). وقد ذكر عن أبي عبد الرحمن السُّلميّ والحسن البصري تحريكها مع " ثم " والواو, وهي لغة مشهورة, غير أن أكثر القرّاء مع الواو والفاء على تسكينها, وهي أشهر اللغتين في العرب وأفصحها, فالقراءة بها أعجب إليّ من كسرها.
22:30
ذٰلِكَۗ-وَ مَنْ یُّعَظِّمْ حُرُمٰتِ اللّٰهِ فَهُوَ خَیْرٌ لَّهٗ عِنْدَ رَبِّهٖؕ-وَ اُحِلَّتْ لَكُمُ الْاَنْعَامُ اِلَّا مَا یُتْلٰى عَلَیْكُمْ فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْاَوْثَانِ وَ اجْتَنِبُوْا قَوْلَ الزُّوْرِۙ(۳۰)
بات یہ ہے اور جو اللہ کی حرمتوں کی تعظیم کرے (ف۷۷) تو وہ اس کے لیے اس کے رب کے یہاں بھلا ہے، اور تمہارے لیے حلال کیے گئے بے زبان چوپائے (ف۷۸) سوا ان کے جن کی ممانعت تم پر پڑھی جاتی ہے (ف۷۹) تو دور ہو بتوں کی گندگی سے (ف۸۰) اور بچو جھوٹی بات سے،

يقول تعالى ذكره بقوله (ذلِكَ) هذا الذي أمر به من قضاء التفث والوفاء بالنذور، والطواف بالبيت العتيق, هو الفرض الواجب عليكم يا أيها الناس في حجكم ( وَمَنْ يُعَظَّمْ حُرُماتِ اللهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ عِنْدَ رَبِّهِ ) يقول:ومن يجتنب ما أمره الله باجتنابه في حال إحرامه تعظيما منه لحدود الله أن يواقعها وحُرمَه أن يستحلها, فهو خير له عند ربه في الآخرة.كما حدثنا القاسم, قال: ثنا الحسين, قال: ثني حجاج, عن ابن جريج, قال: قال مجاهد, في قوله: ( ذلكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ حُرُماتِ اللهِ ) قال: الحُرْمة: مكة والحجّ والعُمرة, وما نهى الله عنه من معاصيه كلها.حدثني محمد بن عمرو, قال: ثنا أبو عاصم, قال: ثنا عيسى؛ وحدثني الحارث, قال: ثنا الحسن قال: ثنا ورقاء جميعا, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد, مثله.حدثني يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد, في قوله: ( وَمَنْ يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللهِ ) قال: الحرمات: المَشْعَر الحرام, والبيت الحرام, والمسجد الحرام, والبلد الحرام، هؤلاء الحرمات.وقوله: ( وأُحِلَّتْ لَكُمْ الأنْعامُ ) يقول جل ثناؤه:وأحلّ الله لكم أيها الناس الأنعام أن تأكلوها إذا ذكَّيتموها, فلم يحرّم عليكم منها بحيرة, ولا سائبة, ولا وَصِيلة, ولا حاما, ولا ما جعلتموه منها لآلهتكم ( إلا ما يُتْلَى عَلَيْكُمْ ) يقول: إلا ما يتلى عليكم في كتاب الله, وذلك: الميتة, والدم, ولحم الخنزير, وما أهلّ لغير الله به, والمنخنقة, والموقوذة, والمتردّية, والنطيحة, وما أكل السبع, وما ذُبح على النُّصب، فإن ذلك كله رجس.كما: حدثنا ابن عبد الأعلى, قال: ثنا ابن ثور, عن معمر, عن قتادة: ( إلا ما يُتْلَى عَلَيْكُمْ ) قال: إلا الميتة, وما لم يذكر اسم الله عليه.حدثنا الحسن, قال: ثنا عبد الرزاق, قال: أخبرنا معمر, عن قَتادة, مثله.وقوله: ( فاجْتَنِبُوا الرّجْسَ مِنَ الأوْثانِ ) يقول: فاتقوا عبادة الأوثان, وطاعة الشيطان في عبادتها فإنها رجس.وبنحو الذي قلنا فى تأويل ذلك قال أهل التأويل.*ذكر من قال ذلك: حدثني محمد بن سعد, قال: ثني أبي, قال: ثني عمي, قال: ثني أبي, عن أبيه, عن ابن عباس, قوله: ( فاجْتَنِبُوا الرّجْسَ مِنَ الأوْثانِ ) يقول تعالى ذكره: فاجتنبوا طاعة الشيطان في عبادة الأوثان.حدثنا القاسم, قال: ثنا الحسين, قال: ثني حجاج, عن ابن جُرَيج في قوله: ( الرّجْسَ مِنَ الأوْثانِ ) قال: عبادة الأوثان.وقوله: ( وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ ) يقول تعالى ذكره: واتقوا قول الكذب والفرية على الله بقولكم في الآلهة: مَا نَعْبُدُهُمْ إِلا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى وقولكم للملائكة: هي بنات الله, ونحو ذلك من القول, فإن ذلك كذب وزور وشرك بالله.وبنحو الذي قلنا في ذلك قال: أهل التأويل.*ذكر من قال ذلك: حدثنا محمد بن عمرو, قال: ثنا أبو عاصم, قال: ثنا عيسى؛ وحدثني الحارث, قال: ثنا الحسن, قال: ثنا ورقاء جميعا, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد, قوله: قول الزور قال: الكذب.حدثنا القاسم, قال: ثنا الحسين, قال: ثني حجاج عن ابن جُرَيج, عن مجاهد مثله.حدثني محمد بن سعد, قال: ثني أبي, قال: ثني عمي, قال: ثني أبي, عن أبيه, عن ابن عباس: وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ * حُنَفَاءَ لِلَّهِ غَيْرَ مُشْرِكِينَ بِهِ يعني: الافتراء على الله والتكذيب.حدثنا محمد بن بشار, قال: ثنا عبد الرحمن, قال: ثنا سفيان, عن عاصم, عن وائل بن ربيعة, عن عبد الله, قال: تعدل شهادة الزور بالشرك. وقرأ: ( فاجْتَنِبُوا الرّجْسَ مِنَ الأوْثَانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ ).حدثنا أبو كريب, قال: ثنا أبو بكر, عن عاصم, عن وائل بن ربيعة, قال: عُدِلت شهادة الزور الشرك. ثم قرأ هذه الآية: ( فاجْتَنِبُوا الرّجْسَ مِنَ الأوْثَانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ ).حدثني أبو السائب, قال: ثنا أبو أسامة, قال: ثنا سفيان العصفري, عن أبيه, عن خُرَيم بن فاتك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " عُدِلَتْ شَهادَةُ الزُّورِ بالشِّرِك باللهِ" ثم قرأ: ( فاجْتَنِبُوا الرّجْسَ مِنَ الأوْثَانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ ).حدثنا أبو كريب, قال: ثنا مروان بن معاوية, عن سفيان العُصفريّ, عن فاتك بن فضالة, عن أيمن بن خريم, أن النبيّ صلى الله عليه وسلم قام خطيبا فقال: " أيُّها النَّاسُ عُدِلَتْ شَهادَةُ الزُّورِ بالشِّركِ باللهِ" مرّتين. ثم قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( فاجْتَنِبُوا الرّجْسَ مِنَ الأوْثَانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ ).ويجوز أن يكون مرادا به: اجتنبوا أن ترجسوا أنتم أيها الناس من الأوثان بعبادتكم إياها.فإن قائل قائل: وهل من الأوثان ما ليس برجس حتى قيل: فاجتنبوا الرجس منها؟ قيل: كلها رجس. وليس المعنى ما ذهبت إليه في ذلك, وإنما معنى الكلام: فاجتنبوا الرجس الذي يكون من الأوثان أي عبادتها, فالذي أمر جل ثناؤه بقوله: ( فاجْتَنِبُوا الرّجْسَ ) منها اتقاء عبادتها, وتلك العبادة هي الرجس, على ما قاله ابن عباس ومن ذكرنا قوله قبل.
22:31
حُنَفَآءَ لِلّٰهِ غَیْرَ مُشْرِكِیْنَ بِهٖؕ-وَ مَنْ یُّشْرِكْ بِاللّٰهِ فَكَاَنَّمَا خَرَّ مِنَ السَّمَآءِ فَتَخْطَفُهُ الطَّیْرُ اَوْ تَهْوِیْ بِهِ الرِّیْحُ فِیْ مَكَانٍ سَحِیْقٍ(۳۱)
ایک اللہ کے ہوکر کہ اس کا ساجھی کسی کو نہ کرو، اور جو اللہ کا شریک کرے وہ گویا گرا آسمان سے کہ پرندے اسے اچک لے جاتے ہیں (ف۸۱) یا ہوا اسے کسی دور جگہ پھینکتی ہے (ف۸۲)

يقول تعالى ذكره: اجتنبوا أيها الناس عبادة الأوثان, وقول الشرك, مستقيمين لله على إخلاص التوحيد له, وإفراد الطاعة والعبادة له خالصا دون الأوثان والأصنام, غير مشركين به شيئا من دونه، فإنه من يُشرك بالله شيئا من دونه، فمثله في بعده من الهدى وإصابة الحقّ وهلاكه وذهابه عن ربه, مَثل من خرّ من السماء فتخطفه الطير فهلك, أو هوت به الريح في مكان سحيق, يعني من بعيد, من قولهم: أبعده الله وأسحقه, وفيه لغتان: أسحقته الريح وسحقته, ومنه قيل للنخلة الطويلة: نخلة سحوق; ومنه قول الشاعر:كانَتْ لنَا جارَةٌ فَأزْعَجَهاقاذْورَةٌ تَسْحَقُ النَّوَى قُدُمَا (1)ويُروى: تسحق: يقول: فهكذا مثَل المشرك بالله في بُعده من ربه ومن إصابه الحقّ, كبُعد هذا الواقع من السماء إلى الأرض, أو كهلاك من اختطفته الطير منهم في الهواء.وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.*ذكر من قال ذلك:حدثنا محمد بن عبد الأعلى, قال: ثنا محمد بن ثور, عن معمر, عن قَتادة: ( فَكأنَّما خَرَّ منَ السَّماءِ ) قال: هذا مثَل ضربه الله لمن أشرك بالله في بعده من الهُدى وهلاكه ( فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ أَوْ تَهْوِى بِهِ الرّيحُ فِي مَكانٍ سَحِيق ).حدثنا الحسن, قال: أخبرنا عبد الرزاق, قال: أخبرنا معمر, عن قَتادة, مثله.حدثني محمد بن عمرو, قال: ثنا أبو عاصم, قال: ثنا عيسى؛ وحدثني الحارث, قال: ثنا الحسن, قال: ثنا ورقاء جميعا, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد, في قول الله: ( فِي مَكانٍ سَحِيق ) قال: بعيد.حدثنا القاسم, قال: ثنا الحسين, قال: ثني حجاج, عن ابن جُرَيج, عن مجاهد, مثله.وقيل: ( فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ ) وقد قيل قبله: ( فكأنَّمَا خَرَّ مِنَ السَّماءِ ) وخرّ فعل ماض, وتخطفه مستقبل, فعطف بالمستقبل على الماضي, كما فعل ذلك في قوله: إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وقد بيَّنت ذلك هناك.------------------------الهوامش :(1) البيت مما أنشده الأزهري في تهذيبه ، ونقله عن صاحبه ( اللسان : سحق ) قال : السحق في العدو فوق المشي ودون الحضر ، وأنشده الأزهري : " كانت لنا جارة . . . البيت " . والقاذورة من الإبل : التي تبرك ناحية منها وتستبعد وتنافرها عند الحلب . وتسحق : تجد في سيرها . والنوى : التحول من مكان إلى مكان ، أو الوجه الذي ينوبه المسافر من قرب أو من بعد . وقدما : لا تعرج ولا تنثني . يريد أن جارته نأت عنه بناقة تجد في سيرها ، ولا تعرج على شيء . والبيت شاهد على أن السحق معناه السير الجاد فوق المشي ودون العدو .
22:32
ذٰلِكَۗ-وَ مَنْ یُّعَظِّمْ شَعَآىٕرَ اللّٰهِ فَاِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوْبِ(۳۲)
بات یہ ہے، اور جو اللہ کے نشانوں کی تعظیم کرے تو یہ دلوں کی پرہیزگاری سے ہے (ف۸۳)

يقول تعالى ذكره: هذا الذي ذكرت لكم أيها الناس وأمرتكم به من اجتناب الرجس من الأوثان واجتناب قول الزور, حنفاء لله, وتعظيم شعائر الله, وهو استحسان البُدن واستسمانها وأداء مناسك الحجّ على ما أمر الله جلّ ثناؤه, من تقوى قلوبكم.وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.*ذكر من قال ذلك:حدثنا أبو كريب, قال: ثنا إسماعيل بن إبراهيم, قال: ثنا محمد بن زياد, عن محمد بن أبي ليلى, عن الحكم, عن مِقْسم, عن ابن عباس, في قوله: ( وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعائِرَ اللهِ فإنَّها مِنْ تَقْوَى القُلوبِ ) قال: استعظامها, واستحسانها, واستسمانها.حدثنا ابن حميد, قال: ثنا حكام, عن عنبسة, عن محمد بن عبد الرحمن, عن القاسم بن أبي بَزَّة عن مجاهد, في قوله: ( وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعائِرَ اللهِ) قال: الاستسمان والاستعظام.وبه عن عنبسة, عن ليث, عن مجاهد, مثله, إلا أنه قال: والاستحسان.حدثنا عبد الحميد بن بيان الواسطي, قال: أخبرنا إسحاق, عن أبي بشر, وحدثني محمد بن عمرو, قال: ثنا أبو عاصم, قال: ثنا عيسى; وحدثني الحارث, قال: ثنا الحسن, قال: ثنا ورقاء جميعا عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد, قوله: ( وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعائِرَ اللهِ ) قال: استعظام البدن, واستسمانها, واستحسانها.حدثنا القاسم, قال: ثنا الحسين, قال: ثني حجاج, عن ابن جُرَيج, عن مجاهد, مثله.حدثنا محمد بن المثنى, قال: ثنا يزيد بن هارون, قال: أخبرنا داود بن أبي هند, عن محمد بن أبي موسى, قال: الوقوف بعرفة من شعائر الله, وبجمع (2) من شعائر الله, ورمي الجمار من شعائر الله, والبُدْن من شعائر الله, ومن يعظمها فإنها من شعائر الله في قوله: ( وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعائِرَ اللهِ ) فمن يعظمها فإنها من تقوى القلوب.حدثني يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد, في قوله: ( وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعائِرَ اللهِ ) قال: الشعائر: الجمار, والصفا والمروة من شعائر الله, والمَشْعَر الحرام والمزدلفة, قال: والشعائر تدخل في الحرم, هي شعائر, وهي حرم.وأولى الأقوال في ذلك بالصواب: أن يقال: إن الله تعالى ذكره أخبر أن تعظيم شعائره, وهي ما حمله أعلاما لخلقه فيما تعبدهم به من مناسك حجهم, من الأماكن التي أمرهم بأداء ما افترض عليهم منها عندها والأعمال التي ألزمهم عملها في حجهم: من تقوى قلوبهم; لم يخصص من ذلك شيئا, فتعظيم كلّ ذلك من تقوى القلوب, كما قال جلّ ثناؤه; وحق على عباده المؤمنين به تعظيم جميع ذلك. وقال: ( فإِنَّها مِنْ تَقْوَى القُلُوب ) وأنَّث ولم يقل: فإنه, لأنه أريد بذلك: فإن تلك التعظيمة مع اجتناب الرجس من الأوثان من تقوى القلوب, كما قال جلّ ثناؤه: إِنَّ رَبَّكَ مِنْ بَعْدِهَا لَغَفُورٌ رَحِيمٌ . وعنى بقوله: ( فإِنَّها مِنْ تَقْوَى القُلُوب ) فإنها من وجل القلوب من خشية الله, وحقيقة معرفتها بعظمته وإخلاص توحيده.------------------------الهوامش :(2) جمع : هي المزدلفة .
22:33
لَكُمْ فِیْهَا مَنَافِعُ اِلٰۤى اَجَلٍ مُّسَمًّى ثُمَّ مَحِلُّهَاۤ اِلَى الْبَیْتِ الْعَتِیْقِ۠(۳۳)
تمہارے لیے چوپایوں میں فائدے ہیں (ف۸۴) ایک مقررہ میعاد تک (ف۸۵) پھر ان کا پہنچنا ہے اس آزاد گھر تک (ف۸۶)

اختلف أهل التأويل في معنى المنافع التي ذكر الله في هذه الآية وأخبر عباده أنها إلى أجل مسمى, على نحو اختلافهم في معنى الشعائر التي ذكرها جل ثناؤه في قوله: وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ فقال الذين قالوا عنى بالشعائر البدن. معنى ذلك: لكم أيها الناس في البدن منافع. ثم اختلف أيضا الذين قالوا هذه المقالة في الحال التي لهم فيها منافع, وفي الأجل الذي قال عزّ ذكره: ( إلى أجَل مُسَمَّى ) فقال بعضهم: الحال التي أخبر الله جلّ ثناؤه أن لهم فيها منافع, هي الحال التي لم يوجبها صاحبها ولم يسمها بدنة ولم يقلدها. قالوا: ومنافعها فى هذه الحال: شرب ألبانها, وركوب طهورها, وما يرزقهم الله من نتاجها وأولادها. قالوا: والأجل المسمى الذي أخبر جلّ ثناؤه أن ذلك لعباده المؤمنين منها إليه, هو إلى إيجابهم إياها, فإذا أوجبوها بطل ذلك ولم يكن لهم من ذلك شيء.* ذكر من قال ذلك:حدثنا أبو كريب, قال: ثنا يحيى بن عيسى, عن ابن أبي ليلى, عن الحكم, عن مقسم, عن ابن عباس في: ( لَكُمْ فِيها مَنافِعُ إلى أجَلٍ مُسَمَّى ) قال: ما لم يسمّ بدنا.حدثنا عبد الحميد بن بيان, قال: أخبرنا إسحاق بن يوسف, عن سفيان, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد في قوله: ( لَكُمْ فِيها مَنافِعُ إلى أجَلٍ مُسَمَّى ) قال: الركوب واللبن والولد, فإذا سميت بدنة أو هديا ذهب كله.حدثنا محمد بن المثنى, قال: ثنا محمد بن جعفر, قال: ثنا شعبة, عن الحكم, عن مجاهد, في هذه الآية: ( لَكُمْ فِيها مَنافِعُ إلى أجَلٍ مُسَمَّى ) قال: لكم في ظهورها وألبانها وأوبارها, حتى تصير بُدْنا.قال: ثنا ابن عديّ, قال: ثنا شعبة, عن الحكم, عن مجاهد, بمثله.حدثنا ابن حميد, قال: ثنا حكام, عن عنبسة, عن ابن أبي نجيح, وليث عن مجاهد: ( لَكُمْ فِيها مَنافِعُ إلى أجَلٍ مُسَمَّى ) قال: في أشعارها وأوبارها وألبانها قبل أن تسميها بدنة.قال: ثنا هارون بن المغيرة, عن عنبسة, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد, مثله.حدثني محمد بن عمرو, قال: ثنا أبو عاصم, قال: ثنا عيسى; وحدثني الحارث, قال: ثنا الحسن, قال: ثنا ورقاء جميعا, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد, قوله: ( لَكُمْ فِيها مَنافِعُ إلى أجَلٍ مُسَمَّى ) قال: في البدن لحومها وألبانها وأشعارها وأوبارها وأصوافها قبل أن تسمى هديا.حدثنا القاسم, قال: ثنا الحسين, قال: ثني حجاج, عن ابن جُرَيج, عن مجاهد, مثله, وزاد فيه: وهي الأجل المسمى.حدثني يعقوب, قال: ثنا هشيم, قال: أخبرنا حجاج, عن عطاء أنه قال في قوله: ( لَكُمْ فِيها مَنافِعُ إلى أجَلٍ مُسَمَّى ثُمَّ مَحِلُّها إلى البَيْت العَتِيق ) قال: منافع في ألبانها وظهورها وأوبارها(إلى أجَلٍ مُسَمَّى) إلى أن تقلد.حدثني يعقوب, قال: ثنا هشيم, قال: أخبرنا جويبر, عن الضحاك, مثل ذلك.حدثني يعقوب, قال: قال ابن علية: سمعت ابن أبي نجيح يقول في قوله: ( لَكُمْ فِيها مَنافِعُ إلى أجَلٍ مُسَمَّى ) قال: إلى أن تُوجِبها بَدنَة.قال: ثنا ابن علية, عن ابن أبي نجيح, عن قتادة: ( لَكُمْ فِيها مَنافعُ إلى أجَلٍ مُسَمَّى ) يقول: في ظهورها وألبانها, فإذا قلدت فمحلها إلى البيت العتيق.وقال آخرون ممن قال الشعائر البدن في قوله: وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ والهاء في قوله: ( لَكْمْ فِيها ) من ذكر الشعائر, ومعنى قوله: ( لَكُمْ فِيها مَنافُع ) لكم في الشعائر التي تعظمونها لله منافع بعد اتخاذكموها لله بدنا أو هدايا, بأن تركبوا ظهورها إذا احتجتم إلى ذلك, وتشربوا ألبانها إن اضطررتم إليها.قالوا: والأجل المسمى الذي قال جلّ ثناؤه: ( إلى أجَل مُسَمَّى ) إلى أن تنحر.*ذكر من قال ذلك:- حدثنا ابن حميد, قال: ثنا حكام, عن عنبسة, عن ابن أبي نجيح, عن عطاء: ( لَكُمْ فِيها مَنافعُ إلى أجَلٍ مُسَمَّى ) قال: هو ركوب البدن, وشرب لبنها إن احتاج.حدثنا القاسم, قال: ثنا الحسين, قال: ثني حجاج, عن ابن جريج, قال: قال عطاء بن أبي رباح في قوله: ( لَكُمْ فِيها مَنافعُ إلى أجَلٍ مُسَمَّى ) قال: إلى أن تنحر, قال: له أن يحملها عليها المعني والمنقطع به من الضرورة, كان النبي صلى الله عليه وسلم يأمر بالبدنة إذا احتاج إليها سيدها أن يحمل عليها ويركب عند منهوكه. قلت لعطاء: ما؟ قال: الرجل الراجل, والمنقطع به, والمتبع وأن نتجت, أن يحمل عليها ولدها, ولا يشرب من لبنها إلا فضلا عن ولدها, فإن كان في لبنها فضل فليشرب من أهداها ومن لم يهدها.وأما الذين قالوا: معنى الشعائر في قوله: وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ . شعائر الحجّ, وهي الأماكن التي يُنْسك عندها لله, فإنهم اختلفوا أيضا في معنى المنافع التي قال الله: ( لكُمْ فِيها مَنافِعُ ) فقال بعضهم: معنى ذلك: لكم في هذه الشعائر التي تعظمونها منافع بتجارتكم عندها وبيعكم وشرائكم بحضرتها وتسوقكم. والأجل المسمى: الخروج من الشعائر إلى غيرها ومن المواضع التي ينسك عندها إلى ما سواها في قول بعضهم.حدثني الحسن بن عليّ الصُّدائِي, قال: ثنا أبو أسامة عن سليمان الضبي, عن عاصم بن أبي النَّجود, عن أبي رزين, عن ابن عباس, في قوله: ( لَكُمْ فِيها مَنافِعُ ) قال: أسواقهم, فإنه لم يذكر منافع إلا للدنيا.حدثني محمد بن المثنى, قال: ثنا يزيد بن هارون, قال: أخبرنا داود بن أبي هند, عن محمد بن أبي موسى, قوله: ( لَكُمْ فِيها مَنافعُ إلى أجَلٍ مُسَمَّى ) قال: والأجل المسمى: الخروج منه إلى غيره.وقال آخرون منهم: المنافع التي ذكرها الله في هذا الموضع: العمل لله بما أمر من مناسك الحجّ. قالوا: والأجل المسمَّى: هو انقضاء أيام الحجّ التي يُنْسَك لله فيهنّ.*ذكر من قال ذلك:- حدثني يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد, في قوله: ( لَكُمْ فِيها مَنافِعُ إلى أجَلٍ مُسَمَّى ثُمَّ مَحِلُّها إلى البَيْت العَتِيق ) فقرأ قول الله: وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ لكم في تلك الشعائر منافع إلى أجل مسمى, إذا ذهبت تلك الأيام لم تر أحدا يأتي عرفة يقف فيها يبتغي الأجر, ولا المزدلفة, ولا رمي الجمار, وقد ضربوا من البلدان لهذه الأيام التي فيها المنافع, وإنما منافعها إلى تلك الأيام, وهي الأجل المسمى, ثم محلها حين تنقضي تلك الأيام إلى البيت العتيق.قال أبو جعفر: وقد دللنا قبل على أن قول الله تعالى ذكره: وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ معنيّ به: كلّ ما كان من عمل أو مكان جعله الله علما لمناسك حج خلقه, إذ لم يخصص من ذلك جلّ ثناؤه شيئا في خبر ولا عقل.وإذ كان ذلك كذلك فمعلوم أن معنى قوله: ( لَكُمْ فِيها مَنافِعُ إلى أجَلٍ مُسَمَّى ) في هذه الشعائر منافع إلى أجل مسمى, فما كان من هذه الشعائر بدنا وهديا, فمنافعها لكم من حين تملكون إلى أن أوجبتموها هدايا وبدنا, وما كان منها أماكن ينسك لله عندها, فمنافعها التجارة لله عندها والعمل بما أمر به إلى الشخوص عنها, وما كان منها أوقاتا بأن يُطاع الله فيها بعمل أعمال الحجّ وبطلب المعاش فيها بالتجارة, إلى أن يطاف بالبيت في بعض, أو يوافي الحرم في بعض ويخرج عن الحرم في بعض.وقال اختلف الذين ذكرنا اختلافهم في تأويل قوله: ( لَكُمْ فِيها مَنافِعُ إلى أجَلٍ مُسَمَّى ) في تأويل قوله: ( ثُمَّ مَحِلُّها إلى البَيْتِ العَتِيق ) فقال الذين قالوا عني بالشعائر في هذا الموضع: البُدْن معنى ذلك ثم محل البدن إلى أن تبلغ مكة, وهي التي بها البيت العتيق.*ذكر من قال ذلك: حدثني يعقوب بن إبراهيم, قال: أخبرنا هشيم, قال: أخبرنا حجاج, عن عطاء: ( ثُمَّ مَحِلُّها إلى البَيْتِ العَتِيق ) إلى مكة.حدثني محمد بن عمرو, قال: ثنا أبو عاصم, قال: ثنا عيسى; وحدثني الحارث, قال: ثنا الحسن قال: ثنا ورقاء جميعا, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد: ( ثُمَّ مَحِلُّها إلى البَيْتِ العَتِيق ) يعني محل البدن حين تسمى إلى البيت العتيق.حدثنا القاسم, قال: ثنا الحسين, قال: ثني حجاج, عن ابن جريج, عن مجاهد, قال: ( ثُمَّ مَحِلُّها ) حين تسمى هديا( إلى البيْتِ العتِيق ), قال: الكعبة أعتقها من الجبابرة.فوجه هؤلاء تأويل ذلك إلى سمي منحر البدن والهدايا التي أوجبتموها إلى أرض الحرم، وقالوا: عنى بالبيت العتيق أرض الحرم كلها. وقالوا: وذلك قوله: فَلا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ والمراد: الحرم كله.وقال آخرون: معنى ذلك: ثم محلكم أيها الناس من مناسك حجكم إلى البيت العتيق أن تطوفوا به يوم النحر بعد قضائكم ما أوجبه الله عليكم في حجكم.*ذكر من قال ذلك: حدثنا محمد بن المثنى, قال: ثنا يزيد بن هارون, قال: أخبرنا داود بن أبي هند, عن محمد بن أبي موسى: ( ثُمَّ مَحِلُّها إلى البَيْتِ العَتِيق ) قال: محلّ هذه الشعائر كلها الطواف بالبيت.وقال آخرون: معنى ذلك: ثم محلّ منافع أيام الحجّ إلى البيت العتيق بانقضائها.*ذكر من قال ذلك:- حدثني يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد, في قوله: ( ثُمَّ مَحِلُّها إلى البَيْتِ العَتِيق ) حين تنقضي تلك الأيام, أيام الحجّ إلى البيت العتيق.وأولى هذه الأقوال عندي بالصواب قول من قال: معنى ذلك: ثم محلّ الشعائر التي لكم فيها منافع إلى أجل مسمى إلى البيت العتيق, فما كان من ذلك هديا أو بدنا فبموافاته الحرم في الحرم, وما كان من نسك فالطواف بالبيت.وقد بيَّنا الصواب في ذلك من القول عندنا في معنى الشعائر.
22:34
وَ لِكُلِّ اُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنْسَكًا لِّیَذْكُرُوا اسْمَ اللّٰهِ عَلٰى مَا رَزَقَهُمْ مِّنْۢ بَهِیْمَةِ الْاَنْعَامِؕ-فَاِلٰهُكُمْ اِلٰهٌ وَّاحِدٌ فَلَهٗۤ اَسْلِمُوْاؕ-وَ بَشِّرِ الْمُخْبِتِیْنَۙ(۳۴)
اور ہر امت کے لیے (ف۸۷) ہم نے ایک قربانی مقرر فرمائی کہ اللہ کا نام لیں اس کے دیے ہوئے بے زبان چوپایوں پر (ف۸۸) تو تمہارا معبود ایک معبود ہے (ف۸۹) تو اسی کے حضور گردن رکھو (ف۹۰) اور اے محبوب خوشی سنادو ان تواضع والوں کو،

يقول تعالى ذكره: ( وَلِكُلّ أُمَّةٍ ) ولكلّ جماعة سلف فيكم من أهل الإيمان بالله أيها الناس, جعلنا ذبحا يُهَرِيقون دمه ( لِيَذْكُرُوا اسْمَ اللهِ عَلى ما رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الأنْعام ) بذلك لأن من البهائم ما ليس من الأنعام, كالخيل والبغال والحمير. وقيل: إنما قيل للبهائم بهائم لأنها لا تتكلم.وبنحو الذي قلنا في تأويل قوله: ( جَعَلْنا مَنْسَكا ) قال أهل التأويل.*ذكر من قال ذلك:حدثني محمد بن عمرو, قال: ثنا أبو عاصم, قال: ثنا عيسى; وحدثني الحارث, قال: ثنا الحسن, قال. حدثنا ورقاء جميعا, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد: ( وَلِكُلّ أُمَّةٍ جَعَلْنا مَنْسَكا ) قال: إهراق الدماء ( لِيَذْكُرُوا اسْمَ اللهِ عَلَيْها ).حدثنا القاسم, قال: ثنا الحسين, قال. ثني حجاج, عن ابن جُرَيج, عن مجاهد, مثله.وقوله: ( فَإِلَهُكُمْ إلَهُ وَاحِدٌ ) يقول تعالى ذكره: فاجتنبوا الرجس من الأوثان, واجتنبوا قول الزور, فإلهكم إله واحد لا شريك له, فإياه فاعبدوا وله أخلصوا الألوهة.وقوله: ( فَلَهُ أسْلِمُوا ) يقول: فلإلهكم فاخضعوا بالطاعة, وله فذلوا بالإقرار بالعبودية.وقوله: ( وَبَشِّرِ المُخْبِتِينَ ) يقول تعالى ذكره: وبشر يا محمد الخاضعين لله بالطاعة, المذعنين له بالعبودية, المنيبين إليه بالتوبة. وقد بيَّنا معنى الإخبات بشواهده فيما مضى من كتابنا هذا.وقد اختلف أهل التأويل في المراد به في هذا الموضع, فقال بعضهم: أريد به: وبشِّر المطمئنين إلى الله.*ذكر من قال ذلك:حدثنا ابن بشار, قال: ثنا عبد الرحمن, قال: ثنا سفيان, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد: ( وَبَشِّرِ المُخْبِتِينَ ) قال: المطمئنين.حدثني أبو كريب, قال: ثنا ابن يمان, عن ابن جُرَيج, عن مجاهد, قوله: ( وَبَشِّرِ المُخْبِتِينَ ) المطمئنين إلى الله.حدثني محمد بن عمرو, قال: ثنا أبو عاصم, قال: ثنا عيسى. وحدثني الحارث, قال: ثنا الحسن, قال: ثنا ورقاء جميعا, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد, قوله: ( وَبَشِّرِ المُخْبِتِينَ ) قال: المطمئنين.حدثنا الحسن, قال: ثنا عبد الرزاق, قال: أخبرنا معمر, عن قَتادة, في قوله: ( وَبَشِّرِ المُخْبِتِينَ ) قال: المتواضعين.وقال آخرون في ذلك بما:حدثنا ابن بشار, قال: ثنا عبد الرحمن, قال: ثنا محمد بن مسلم, عن عثمان بن عبد الله بن أوس, عن عمرو بن أوس, قال: المخبتون: الذين لا يظلمون, وإذا ظلموا لم ينتصروا.حدثني محمد بن عثمان الواسطي, قال: ثنا حفص, بن عمر, قال: ثنا محمد بن مسلم الطائفي, قال: ثني عثمان بن عبد الله بن أوس, عن عمرو بن أوس مثله.
22:35
الَّذِیْنَ اِذَا ذُكِرَ اللّٰهُ وَ جِلَتْ قُلُوْبُهُمْ وَ الصّٰبِرِیْنَ عَلٰى مَاۤ اَصَابَهُمْ وَ الْمُقِیْمِی الصَّلٰوةِۙ-وَ مِمَّا رَزَقْنٰهُمْ یُنْفِقُوْنَ(۳۵)
کہ جب اللہ کا ذکر ہوتا ہے ان کے دل ڈرنے لگتے ہیں (ف۹۱) اور جو افتاد پڑے اس کے سنے والے اور نماز برپا رکھنے والے اور ہمارے دیے سے خرچ کرتے ہیں (ف۹۲)

فهذا من نعت المخبتين; يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: وبشّر يا محمد المخبتين الذين تخشع قلوبهم لذكر الله وتخضع من خشيته وجلا من عقابه وخوفا من سخطه.كما:حدثني يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد في قوله: ( الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ ) قال: لا تقسو قلوبهم.( والصَّابِرينَ عَلى ما أصَابَهُمْ ) من شدّة في أمر الله, ونالهم من مكروه في جنبه ( والمُقِيمي الصَّلاةِ ) المفروضة ( وَمِمَّا رَزَقْناهُمْ ) من الأموال (يُنْفِقُونَ) في الواجب عليهم إنفاقها فيه, في زكاة ونفقة عيال ومن وجبت عليه نفقته وفي سبيل الله.
22:36
وَ الْبُدْنَ جَعَلْنٰهَا لَكُمْ مِّنْ شَعَآىٕرِ اللّٰهِ لَكُمْ فِیْهَا خَیْرٌ ﳓ فَاذْكُرُوا اسْمَ اللّٰهِ عَلَیْهَا صَوَآفَّۚ-فَاِذَا وَجَبَتْ جُنُوْبُهَا فَكُلُوْا مِنْهَا وَ اَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَ الْمُعْتَرَّؕ-كَذٰلِكَ سَخَّرْنٰهَا لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُوْنَ(۳۶)
اور قربانی کے ڈیل دار جانور اور اونٹ اور گائے ہم نے تمہارے لیے اللہ کی نشانیوں سے کیے (ف۹۳) تمہارے لیے ان میں بھلائی ہے (ف۹۴) تو ان پر اللہ کا نام لو (ف۹۵) ایک پاؤں بندھے تین پاؤں سے کھڑے (ف۹۶) پھر جب ان کی کروٹیں گرجائیں (ف۹۷) تو ان میں سے خود کھاؤ (ف۹۸) اور صبر سے بیٹھنے والے اور بھیک مانگنے والے کو کھلاؤ، ہم نے یونہی ان کو تمہارے بس میں دے دیا کہ تم احسان مانو،

يقول تعالى ذكره: والبُدن وهي جمع بدنة, وقد يقال لواحدها: بدن, وإذا قيل بدن احتمل أن يكون جمعا وواحدا, يدلّ على أنه قد يقال ذلك للواحد قول الراجز:عَليَّ حِينَ نَمْلِكُ الأمُورَاصَوْمَ شُهُورٍ وَجَبَتْ نُذُوراوَحَلْقَ راسِي وَافِيا مَضْفُورَاوَبَدَنا مُدَرَّعا مُوْفُورَا (3)والبدن: هو الضخم من كلّ شيء, ولذلك قيل لامرئ القيس بن النعمان صاحب الخورنق، والسدير البَدَن: لضخمه واسترخاء لحمه, فإنه يقال: قد بَدَّن تبدينا. فمعنى الكلام. والإبل العظام الأجسام الضخام, جعلناها لكم أيها الناس من شعائر الله: يقول: من أعلام أمر الله الذي أمركم به في مناسك حجكم إذا قلدتموها وجللتموها وأشعرتموها, علم بذلك وشعر أنكم فعلتم ذلك من الإبل والبقر.كما: حدثنا ابن بشار, قال: ثنا يحيى, عن ابن جُرَيج, قال: قال عطاء: ( والبُدْنَ جَعَلنْاها لَكُمْ مِن شَعائِرِ اللهِ ) قال: البقرة والبعير.وقوله: ( لَكُمْ فِيها خَيْرٌ ) يقول: لكم في البدن خير، وذلك الخير هو الأجر في الآخرة بنحرها والصدقة بها, وفي الدنيا: الركوب إذا احتاج إلى ركوبها.وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.*ذكر من قال ذلك:حدثني محمد بن عمرو, قال: ثنا أبو عاصم, قال: ثنا عيسى - وحدثني الحارث, قال: ثنا الحسن, قال: ثنا ورقاء جميعا, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد, في قول الله: ( لَكُمْ فِيها خَيْرٌ ) قال: أجر ومنافع في البدن.حدثنا القاسم, قال: ثنا الحسين, قال: ثني حجاج, عن ابن جريج, عن مجاهد, مثله.حدثنا ابن بشار, قال: ثنا عبد الرحمن, قال. حدثنا سفيان, عن منصور, عن إبراهيم: ( لَكُمْ فِيها خَيْرٌ ) قال: اللبن والركوب إذا احتاج.حدثنا عبد الحميد بن بيان, قال: أخبرنا إسحاق, عن شريك, عن منصور, عن إبراهيم: ( لَكُمْ فِيها خَيْرٌ ) قال: إذا اضطررت إلى بدنتك ركبتها وشربت لبنها.حدثنا ابن حميد, قال: ثنا جرير, عن منصور, عن إبراهيم: ( لَكُمْ فِيها خَيْرٌ ) من احتاج إلى ظهر البدنة ركب, ومن احتاج إلى لبنها شرب.وقوله: ( فاذْكُرُوا اسْمَ اللهِ عَلَيْها صَوَافَّ ) يقول تعالى ذكره: فاذكروا اسم الله على البدن عند نحركم إياها صوافّ.واختلفت القرّاء في قراءة ذلك, فقرأته عامة قرّاء الأمصار ( فاذْكُرُوا اسْمَ اللهِ عَلَيْها صَوَافَّ ) بمعنى مصطفة, واحدها: صافة, وقد صفت بين أيديها. ورُوي عن الحسن ومجاهد وزيد بن أسلم وجماعة أُخر معهم, أنهم قرءوا ذلك. " صَوَافِيَ" بالياء منصوبة, بمعنى: خالصة لله لا شريك له فيها صافية له.وقرأ بعضهم ذلك: " صَوَاف " بإسقاط الياء وتنوين الحرف, على مثال: عوار وعواد. وروي عن ابن مسعود أنه قرأه: " صَوَافِنٌ" بمعنى: معقلة.والصواب من القراءة في ذلك عندي قراءة من قرأه بتشديد الفاء ونصبها, لإجماع الحجة من القرّاء عليه بالمعنى الذي ذكرناه لمن قرأه كذلك.*ذكر من تأوّله بتأويل من قرأه بتشديد الفاء ونصبها:- حدثنا أبو كريب, قال: ثنا جابر بن نوح, عن الأعمش, عن أبي ظبيان, عن ابن عباس, في قوله: ( فاذْكُرُوا اسْمَ اللهِ عَلَيْها صَوَافَّ ) قال: الله أكبر الله أكبر, اللهمّ منك ولك. صوافّ: قياما على ثلاث أرجل. فقيل لابن عباس: ما نصنع بجلودها؟ قال: تصدّقوا بها, واستمتعوا بها.حدثني محمد بن عبد الله بن عبد الحكم, قال: ثنا أيوب بن سويد, قال: ثنا سفيان, عن الأعمش, عن أبي ظبيان, عن ابن عباس, في قوله: (صَوَافَّ) قال: قائمة, قال: يقول: الله أكبر, لا إله إلا الله, اللهمّ منك ولك.حدثني محمد بن المثنى, قال: ثنا ابن أبي عديّ, عن شعبة, عن سليمان, عن أبي ظبيان, عن ابن عباس: ( فاذْكُرُوا اسْمَ اللهِ عَلَيْها صَوَافَّ ) قال: قياما على ثلاث قوائم معقولة باسم الله, اللهم أكبر, اللهمّ منك ولك.حدثني يعقوب, قال: ثنا هشيم, قال: أخبرنا حصين, عن مجاهد, عن ابن عباس, في قوله: (صَوَافَّ) قال: معقولة إحدى يديها, قال: قائمة على ثلاث قوائم.حدثني عليّ, قال: ثنا عبد الله, قال: ثني معاوية, عن عليّ, عن ابن عباس, في قوله: ( فاذْكُرُوا اسْمَ اللهِ عَلَيْها صَوَافَّ ) يقول: قياما.حدثني محمد بن سعد, قال: ثني أبي, قال: ثني عمي, قال: ثني أبي, عن أبيه, عن ابن عباس, قوله: ( فَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا صَوَافَّ ) والصواف: أن تعقل قائمة واحدة, وتصفها على ثلاث فتنحرها كذلك.حدثنا يعقوب, قال: ثنا هشيم, قال: أخبرنا يعلى بن عطاء, قال: أخبرنا بجير بن سالم, قال: رأيت ابن عمر وهو ينحر بدنته, قال: فقال: (صَوَافَّ) كما قال الله, قال: فنحرها وهي قائمة معقولة إحدى يديها.حدثنا أبو كريب, قال: ثنا ابن إدريس, قال: أخبرنا ليث, عن مجاهد, قال: الصَّوافّ: إذا عقلت رجلها وقامت على ثلاث.قال: ثنا ليث, عن مجاهد, في قوْله: ( فَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا صَوَافَّ ) قال: صوافّ بين أوظافها.حدثني محمد بن عمرو, قال: ثنا أبو عاصم, قال: ثنا عيسى - وحدثني الحارث, قال: ثنا الحسن, قال: ثنا ورقاء جميعا, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد: (صَوَافّ) قال: قيام صواف على ثلاث قوائم.- حدثنا القاسم, قال: ثنا الحسين, قال: ثني حجاج, عن ابن جريج, عن مجاهد: ( فَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا صَوَافَّ ) قال: بين وظائفها قياما.حدثنا ابن البرقي, قال: ثنا ابن أبي مريم, قال: أخبرنا يحيى بن أيوب, عن خالد بن يزيد, عن ابن أبي هلال, عن نافع, عن عبد الله: أنه كان ينحر البُدن وهي قائمة مستقبلة البيت تصفّ أيديها بالقيود, قال: هي التي ذكر الله: ( فَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا صَوَافَّ ).حدثنا ابن حميد, قال: ثني جرير, عن منصور, عن رجل, عن أبي ظبيان, عن ابن عباس, قال: قلت له: قول الله ( فَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا صَوَافَّ ) قال: إذا أردت أن تنحر البدنة فانحرها, وقل: الله أكبر, لا إله إلا الله, اللهم منك ولك, ثم سم ثم انحرها. قلت: فأقول ذلك للأضحية، قال: وللأضحية.*ذكر من تأوّله بتأويل من قرأه: " صَوَافِيَ" بالياء: حدثنا ابن عبد الأعلى, قال: ثنا المعتمر, عن أبيه, عن الحسن أنه قال: " فاذْكُرُوا اسْمَ اللهِ عَلَيْها صَوَافِيَ" قال: مخلصين.قال: ثنا ابن ثور, عن معمر, قال: قال الحسن: " صَوَافِيَ": خالصة.حدثنا الحسن, قال: أخبرنا عبد الرزاق, قال: أخبرنا معمر, قال: قال الحسن: " صَوَافِيَ": خالصة لله.حدثنا ابن بشار, قال: ثنا عبد الرحمن, قال: ثنا سفيان, عن قيس بن مسلم, عن شقيق الضبي: " فاذْكُرُوا اسْمَ اللهِ عَلَيْها صَوَافِيَ" قال: خالصة.قال: ثنا عبد الرحمن, قال: ثنا أيمن بن نابل, قال: سألت طاوسا عن قوله: " فاذْكُرُوا اسْمَ اللهِ عَلَيْها صَوَافِيَ" قال: خالصا.حدثني يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد, في قوله: " فاذْكُرُوا اسْمَ اللهِ عَلَيْها صَوَافِيَ" قال: خالصة ليس فيها شريك كما كان المشركون يفعلون, يجعلون لله ولآلهتهم صوافي صافية لله تعالى.*ذكر من تأوّله بتأويل من قرأه " صَوَافِنَ": حدثنا ابن عبد الأعلى, قال: ثنا ابن ثور, عن معمر, عن قَتادة: في حرف ابن مسعود: " فاذْكُرُوا اسْمَ اللهِ عَلَيْها صَوَافِنَ": أي معقلة قياما.حدثنا الحسن, قال: أخبرنا عبد الرزاق, قال: أخبرنا معمر, عن قتادة: في حرف ابن مسعود: " فاذْكُرُوا اسْمَ اللهِ عَلَيْها صَوَافِنَ" قال: أي معقلة قياما.حدثنا ابن بشار, قال: ثنا عبد الرحمن, قال: ثنا سفيان, عن منصور, عن مجاهد, قال: من قرأها " صَوَافِنَ" قال: معقولة. قال: ومن قرأها: (صَوَافَّ) قال: تصفُّ بين يديها.حُدثت عن الحسين, قال: سمعت أبا معاذ يقول: أخبرنا عبيد, قال: سمعت الضحاك يقول في قوله: " فاذْكُرُوا اسْمَ اللهِ عَلَيْها صَوَافَّ" يعني صوافن, والبدنة إذا نحرت عقلت يد واحدة, فكانت على ثلاث, وكذلك تنحر.قال أبو جعفر: وقد تقدم بيان أولى هذه الأقوال بتأويل قوله: (صَوَافَّ) وهي المصطفة بين أيديها المعقولة إحدى قوائمها.وقوله: ( فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا ) يقول: فإذا سقطت فوقعت جنوبها إلى الأرض بعد النحر,( فَكُلُوا مِنْهَا ) وهو من قولهم: قد وجبت الشمس: إذا غابت فسقطت للتغيب, ومنه قول أوس بن حجر:ألَمْ تُكْسَفِ الشَّمْسُ والبَدْرُوالْكَواكِبُ للْجَبَلِ الوِّاجِبِ (4)يعني بالواجب: الواقع.وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.*ذكر من قال ذلك:- حدثني محمد بن عمرو, قال: ثنا أبو عاصم, قال: ثني عيسى; وحدثني الحارث, قال: ثنا الحسن, قال: ثنا ورقاء جميعا, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد: ( فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا ) سقطت إلى الأرض.حدثنا القاسم, قال: ثنا الحسين, قال: ثني حجاج, عن ابن جُرَيج, عن مجاهد, مثله.حدثنا ابن حميد, قال: ثنا سلمة, عن ابن إسحاق, في قوله: ( فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا ) قال: إذا فرغت ونُحِرت.حدثني محمد بن عمارة, قال: ثنا عبيد الله بن موسى, قال: أخبرنا إسرائيل, عن أبي يحيى, عن مجاهد: ( فَإِذَا وَجَبَتْ ) نحرت.حدثني محمد بن سعد, قال: ثني أبي, قال: ثني عمي, قال: ثني أبي, عن أبيه, عن ابن عباس, قوله: ( فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا ) قال: إذا نحرت.حدثني يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد, في قوله: ( فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا ) قال: فإذا ماتت.وقوله: ( فَكُلُوا مِنْهَا ) وهذا مخرجه مخرج الأمر ومعناه الإباحة والإطلاق; يقول الله: فإذا نحرت فسقطت ميتة بعد النحر فقد حل لكم أكلها, وليس بأمر إيجاب.وكان إبراهيم النخعي يقول في ذلك ما:- حدثنا محمد بن بشار, قال: ثنا عبد الرحمن, قالا ثنا سفيان, عن منصور, عن إبراهيم, قال: المشركون كانوا لا يأكلون من ذبائحهم, فرخص للمسلمين, فأكلوا منها, فمن شاء أكل ومن شاء لم يأكل.حدثنا ابن بشار, قال: ثنا مؤمل, قال: ثنا سفيان, عن حصين, عن مجاهد, قال: إن شاء أكل وإن شاء لم يأكل, فهي بمنزلة: وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُوا .حدثني محمد بن سعد, قال: ثني أبي, قال: ثني عمي, قال: ثني أبي, عن أبيه, عن ابن عباس: ( فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ ) يقول: يأكل منها ويطعم.حدثنا القاسم, قال: ثنا الحسين, قال: ثنا هشيم, قال: أخبرنا يونس, عن الحسن. وأخبرنا مغيرة, عن إبراهيم, وأخبرنا حجاج, عن عطاء. وأخبرنا حصين, عن مجاهد, في قوله: ( فَكُلُوا مِنْهَا ) قال: إن شاء أكل وإن شاء لم يأكل, قال مجاهد: هي رخصة, هي كقوله: فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الأَرْضِ ومثل قوله: وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُوا ، وقوله: ( وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ ) يقول: فأطعموا منها القانع.واختلف أهل التأويل في المعنيّ بالقانع والمعترّ, فقال بعضهم: القانع الذي يقنع بما أعطي أو بما عنده ولا يسأل, والمعترّ: الذي يتعرّض لك أن تطعمه من اللحم ولا يسأل.ذكر من قال ذلك:- حدثني محمد بن سعد, قال: ثني أبي, قال: ثني عمي, قال: ثني أبي, عن أبيه, عن ابن عباس, في قوله: ( وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ ) قال: القانع: المستغني بما أعطيته وهو في بيته, والمعترّ: الذي يتعرّض لك ويلمّ بك أن تطعمه من اللحم ولا يسأل. وهؤلاء الذين أمر أن يطعموا من البُدن.حدثني يعقوب, قال: ثنا ابن علية, عن ليث, عن مجاهد, قال: القانع: جارك الذي يقنع بما أعطيته, والمعترّ: الذي يتعرض لك ولا يسألك.حدثني يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: أخبرني أبو صخر, عن القرظي أنه كان يقول في هذه الآية: ( وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ ) القانع: الذي يقنع بالشيء اليسير يرضى به, والمعترّ: الذي يمرّ بجانبك لا يسأل شيئا; فذلك المعترّ.وقال آخرون: القانع: الذي يقنع بما عنده ولا يسأل; والمعترّ: الذي يعتريك فيسألك.ذكر من قال ذلك: حدثني عليّ, قال: ثنا أبو صالح, قال: ثني معاوية, عن عليّ بن أبي طلحة, عن ابن عباس, قوله: ( الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ ) يقول: القانع المتعفف;(والمعترّ) يقول: السائل.حدثنا ابن أبي الشوارب, قال: ثنا عبد الواحد, قال: ثنا خصيف, قال: سمعت مجاهدا يقول: القانع: أهل مكة; والمعترّ: الذي يعتريك فيسألك.حدثني أبو السائب, قال: ثنا عطاء, عن خصيف, عن مجاهد مثله.حدثنا ابن بشار, قال: ثنا مسلم بن إبراهيم, قال: ثني كعب بن فروخ, قال: سمعت قَتادة يحدث, عن عكرمة, في قوله: ( الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ ) قال: القانع: الذي يقعد في بيته, والمعترّ: الذي يسأل.حدثنا ابن بشار, قال: ثنا عبد الأعلى, قال: ثنا سعيد, عن قَتادة, قال: القانع: المتعفف الجالس في بيته; والمعترّ: الذي يعتريك فيسألك.حدثنا ابن عبد الأعلى, قال: ثنا ابن ثور, عن معمر, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد, قال: القانع: والمعترّ، قال: القانع: الطامع بما قِبلك ولا يسألك; والمعترّ: الذي يعتريك ويسألك.حدثني نصر بن عبد الرحمن, قال: ثنا المحاربي, عن سفيان, عن منصور, عن مجاهد وإبراهيم قالا القانع: الجالس في بيته; والمعترّ: الذي يسألك.حدثنا ابن بشار, قال: ثنا عبد الأعلى, قال: ثنا سعيد, عن قَتادة في القانع والمعترّ, قال: القانع: الذي يقنع بما في يديه; والمعترّ: الذي يعتريك, ولكليهما عليك حقّ يا ابن آدم.حدثنا ابن حميد, قال: ثنا جرير, عن منصور, عن مجاهد: ( فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ ) قال: القانع الذي يجلس في بيته. والمعترّ: الذي يعتريك.وقال آخرون: القانع: هو السائل, والمعترّ: هو الذي يعتريك ولا يسأل.*ذكر من قال ذلك: حدثنا ابن بشار, قال: ثنا عبد الأعلى, قال: ثنا يونس, عن الحسن, قال: القانع: الذي يقنع إليك ويسألك; والمعترّ: الذي يتعرّض لك ولا يسألك.حدثنا ابن المثنى, قال: ثنا محمد بن جعفر, قال: ثنا شعبة, عن منصور بن زاذان, عن الحسن, في هذه الآية: ( وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ ) قال: القانع: الذي يقنع, والمعترّ: الذي يعتريك. قال: وقال الكلبي: القانع: الذي يسألك; والمعترّ: الذي يعتريك, يتعرّض ولا يسألك.حدثني نصر عبد الرحمن الأودي, قال: ثنا المحاربي, عن سفيان, عن يونس, عن الحسن, في قوله: ( وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ ) قال: القانع: الذي يسألك, والمعترّ: الذي يتعرّض لك.حدثنا أبو كريب, قال: ثنا ابن إدريس, عن أبيه, قال: قال سعيد بن جُبير: القانع: السائل.حدثني محمد بن إسماعيل الأحمسي, قال: ثني غالب, قال: ثني شريك, عن فرات القزاز, عن سعيد بن جُبير, في قوله: (القانِعَ) قال هو السائل, ثم قال. أما سمعت قول الشماخ.لَمَالُ المَرْءِ يُصْلِحُهُ فيُغْنيمَفاقرَهُ أعَفُّ مِنَ القُنُوع (5)قال: من السؤال.حدثني يعقوب, قال: ثنا ابن علية, قال: أخبرنا يونس, عن الحسن, أنه قال في قوله: ( وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ ) قال: القانع: الذي يقنع إليك يسألك, والمعترّ: الذي يريك نفسه ويتعرّض لك ولا يسألك.حدثنا القاسم, قال: ثنا الحسين, قال: ثنا هشام, قال: أخبرنا منصور ويونس, عن الحسن. قال: القانع: السائل, والمعترّ: الذي يتعرض ولا يسأل.حدثنا يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: أخبرني عبد الله بن عياش, قال: قال زيد بن أسلم: القانع: الذي يسأل الناس.وقال آخرون: القانع: الجار, والمعترّ: الذي يعتريك من الناس.*ذكر من قال ذلك:- حدثنا أبو كريب, قال: ثنا ابن إدريس, قال: سمعت ليثا, عن مجاهد, قال: القانع: جارك وإن كان غنيا, والمعترّ: الذي يعتريك.حدثنا ابن حميد, قال: ثنا حكام, عن عنبسة, عن ابن أبي نجيح, قال: قال مجاهد, في قوله: ( وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ ) قال: القانع: جارك الغنيّ, والمعترّ: من اعتراك من الناس.حدثني يعقوب, قال: ثنا هشيم, قال: أخبرنا مغيرة, عن إبراهيم, في قوله: ( وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ ) أنه قال: أحدهما السائل, والآخر الجار.وقال آخرون: القانع: الطوّاف, والمعترّ: الصديق الزائر.*ذكر من قال ذلك:- حدثني محمد بن عبد الله بن عبد الحكم, قال: ثني أبي وشعيب بن الليث, عن الليث, عن خالد بن يزيد, عن ابن أبي هلال, قال: قال زيد بن أسلم, في قول الله تعالى: ( الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ ) فالقانع: المسكين الذي يطوف, والمعترّ: الصديق والضعيف الذي يزور.وقال آخرون: القانع: الطامع, والمعترّ: الذي يعترّ بالبدن.*ذكر من قال ذلك:- حدثني محمد بن عمرو, قال: ثنا أبو عاصم, قال: ثنا عيسى- وحدثني الحارث, قال: ثنا الحسن, قال: ثنا ورقاء جميعا, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد, قوله: (القانِعَ) قال: الطامع; والمعترّ: من يعترّ بالبدن من غنيّ أو فقير.حدثنا القاسم, قال: ثنا الحسين, قال: ثني حجاج, عن ابن جُرَيج, قال: أخبرني عمر بن عطاء, عن عكرمة, قال: القانع: الطامع.وقال آخرون: القانع: هو المسكين, والمعتر: الذي يتعرّض للحم.*ذكر من قال ذلك:- حدثني يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد, في قوله: ( وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ ) قال: القانع: المسكين, والمعترّ: الذي يعتر القوم للحمهم وليس بمسكين, ولا تكون له ذبيحة, يجيء إلى القوم من أجل لحمهم, والبائس الفقير: هو القانع.وقال آخرون بما:- حدثنا به ابن بشار, قال: ثنا عبد الرحمن, قال: ثنا سفيان, عن فرات, عن سعيد بن جُبير, قال: القانع: الذي يقنع, والمعترّ: الذي يعتريك.حدثنا ابن بشار, قال: ثنا عبد الرحمن, قال: ثنا سفيان, عن يونس, عن الحسن بمثله.قال: ثنا سفيان, عن منصور, عن إبراهيم ومجاهد: ( الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ ) القانع: الجالس في بيته, والمعترّ: الذي يتعرّض لك.وأولى هذه الأقوال بالصواب قول من قال: عني بالقانع: السائل; لأنه لو كان المعنيّ بالقانع في هذا الموضع ، المكتفي بما عنده والمستغني به لقيل: وأطعموا القانع والسائل, ولم يقل: وأطعموا القانع والمعترّ. وفي إتباع ذلك قوله: والمعترّ، الدليل الواضح على أن القانع معنيّ به السائل, من قولهم: قنع فلان إلى فلان, بمعنى سأله وخضع إليه, فهو يقنع قنوعا; ومنه قول لبيد:وأعْطانِي المَوْلى عَلى حِينَ فَقْرِهِإذَا قالَ أبْصِرْ خَلَّتِي وَقُنُوعي (6)وأما القانع الذي هو بمعنى المكتفي, فإنه من قنِعت بكسر النون أقنع قناعة وقنعا وقنعانا. وأما المعترّ: فإنه الذي يأتيك معترّا بك لتعطيه وتطعمه.وقوله: ( كَذَلِكَ سَخَّرْنَاهَا لَكُمْ ) يقول هكذا سخرنا البدن لكم أيها الناس. يقول: لتشكروني على تسخيرها لكم.---------------------------الهوامش :(3) هذه أربعة أبيات من مشطور الرجز رواها المؤلف عن الفراء في معاني القرآن في هذا الوضع من التفسير ، وأنشدها قبل ذلك ثلاثة منها في ( 7 : 120 ) عند تفسير قوله تعالى : ( فآخران يقومان مقامهما من الذين استحق عليهم الأوليان ) في سورة المائدة . مع اختلاف في بعض الألفاظ عن روايته لها هنا ، وهي :عَلَيَّ حينَ تمْلِكُ الأمُورَاصَوْمَ شُهُورٍ وَجَبَتْ نُدُورَاوَبادِنا مُقَلَّدًا مَنْحُوراولفظة ( بادنا ) على هذه الرواية ، قد تكون صحيحة ، يريد جملا سمينا جسيما . كما في ( اللسان : بدن ) ، يقال : رجل بادن ، والأنثى بادن وبادنة والجمع : بدن ( بضم فسكون ) ، وبدن ( بالضم وتشديد الدال المفتوحة ) . وقد تكون ( بادنا ) محرفة عن بدن ( بالتحريك ) ، بدليل تخريج المؤلف له بقوله " والبدن " ( بضم فسكون ) جمع بدنة ( بالتحريك ) ، وقد يقال لواحدها : بدن ( بالتحريك ) ، يدل عليه قول الراجز . " وبدنا مدرعا موفورا " . أه .ويؤيده أيضًا قول أبي البقاء العكبري في إعراب القرآن : البدن ( بضم فسكون ) : وجمع بدن ، ( بالتحريك ) وواحدته : بدنة مثل خشب ( بضم فسكون ) وخشب ( بالتحريك ) ويقال هو جمع بدنة ، مثل ثمرة وثمر ( الأخير بضم فسكون ) ، ويقرأ بضم الدال . والبدنة كما في ( اللسان : بدن ) بالهاء : لعظمها وسمنها . أه . يقول الراجز : أوجبت على نفسي إذا ملكت الأمور بتاء المخاطب أن أصوم شهورا ، وأن أحلق رأسي ، وأن أنحر بدنا أي جملا ضخما .(4) البيت لأوس بن حجر كما قال المؤلف . والجبل هنا : يريد به رجلا عظيما ، والواجب الذي مات . قال في ( اللسان / وجب ) ووجب الرجل وجبا : مات ، قال قيس بن الخطيم يصف حربا وقعت بين الأوس والخزرج في يوم بعاث وأن مقدم بني عوف وأميرهم لج في المحاربة ، ونهى بني عوف عن السلم حتى كان أول قتيل :أطاعت بنو عوف أميرا نهاهمعن السلم حتى كان أول واجبوبيت أوس بن حجر شاهد على أن قوله تعالى : ( فإذا وجبت جنوبها ) معناه : فإذا سقطت فوقعت جنوبها على الأرض بعد النحر ، فكلوا منها . أه .(5) البيت للشماخ بن ضرار ( لسان العرب : قنع ) قال : وفي التنزيل : وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ ، فالقانع الذي يسأل والمعتر : الذي يتعرض ولا يسأل . قال الشماخ : " لمال المرء . . . . البيت " يعني من مسألة الناس . وقال ابن السكيت ومن العرب : من يجيز القنوع : بمعنى القناعة ، وكلام العرب الجيد : هو الأول . ويروى : " من الكنوع " والكنوع : التقبض والتصاغر . وقيل القانع : السائل ، وقيل : المتعفف وكل يصلح ، والرجل : قانع وقنيع . وقال الفراء : هو الذي يسألك فما أعطيته قبله . وقيل : القنوع : الطمع . والفعل : قنع بالفتح يقنع قنوعا : ذل السؤال . وقيل : سأل . ومفاقرة : وجوه فقره ، وقيل : جمع فقر على غير قياس كالمشابه والملامح . ويجوز أن تكون جمع مفقرة مصدر أفقره ، أو جمع مفقر ( اسم فاعل ) .(6) البيت للبيد كما قال المؤلف ، ولم أجده في ديوانه طبعة ليدن سنة 1891 . والخلة بالفتح : الحاجة والفقر . وقال اللحياني : خلة به شديدة : أي خصاصة . والقنوع : السؤال ، وقد شرحناه وبيناه في الشاهد الذي قبله .
22:37
لَنْ یَّنَالَ اللّٰهَ لُحُوْمُهَا وَ لَا دِمَآؤُهَا وَ لٰكِنْ یَّنَالُهُ التَّقْوٰى مِنْكُمْؕ-كَذٰلِكَ سَخَّرَهَا لَكُمْ لِتُكَبِّرُوا اللّٰهَ عَلٰى مَا هَدٰىكُمْؕ-وَ بَشِّرِ الْمُحْسِنِیْنَ(۳۷)
اللہ کو ہرگز نہ ان کے گوشت پہنچتے ہیں نہ ان کے خون ہاں تمہاری پرہیزگاری اس تک باریاب ہوتی ہے (ف۹۹) یونہی ان کو تمہارے پس میں کردیا کہ تم اللہ کی بڑائی بولو اس پر کہ تم کو ہدایت فرمائی، اور اے محبوب! خوشخبری سناؤ نیکی والوں کو (ف۱۰۰)

يقول تعالى ذكره: [لم يصل إلى الله لحوم بدنكم ولا دماؤها, ولكن يناله اتقاؤكم إياه أن اتقيتموه فيها فأردتم بها وجهه، وعملتم فيها بما ندبكم إليه وأمركم به في أمرها وعظمتم بها حرماته.وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.*ذكر من قال ذلك:- حدثنا ابن بشار, قال: ثنا يحيى, عن سفيان, عن منصور, عن إبراهيم, في قول الله: ( لَنْ يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلا دِمَاؤُهَا وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ ) قال: ما أريد به وجه الله.حدثني يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد, في قوله: ( لَنْ يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلا دِمَاؤُهَا وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ ) قال: إن اتقيت الله في هذه البُدن, وعملت فيها لله, وطلبت ما قال الله تعظيما لشعائر الله ولحرمات الله, فإنه قال: وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ قال وَمَنْ يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ عِنْدَ رَبِّهِ قال: وجعلته طيبا, فذلك الذي يتقبل الله. فأما اللحوم والدماء, فمن أين تنال الله؟ وقوله: ( كَذَلِكَ سَخَّرَهَا لَكُمْ ) يقول: هكذا سخر لكم البُدن.يقول: ( لِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ ) يقول: كي تعظموا الله على ما هداكم، يعني على توفيقه إياكم لدينه وللنسك في حجكم.كما:- حدثني يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد: ( لِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ ) قال: على ذبحها في تلك الأيام ( وَبَشِّرِ الْمُحْسِنِينَ ): يقول: وبشِّر يا محمد الذين أطاعوا الله فأحسنوا في طاعتهم إياه في الدنيا بالجنة في الآخرة.
22:38
اِنَّ اللّٰهَ یُدٰفِعُ عَنِ الَّذِیْنَ اٰمَنُوْاؕ-اِنَّ اللّٰهَ لَا یُحِبُّ كُلَّ خَوَّانٍ كَفُوْرٍ۠(۳۸)
بیشک اللہ بلائیں ٹالتا ہے، مسلمانوں کی (ف۱۰۱) بیشک اللہ دوست نہیں رکھتا ہر بڑے دغا باز ناشکرے کو (ف۱۰۲)

يقول تعالى ذكره: إن الله يدفع غائلة المشركين عن الذين آمنوا بالله وبرسوله, إن الله لا يحبّ كل خوّان يخون الله فيخالف أمره ونهيه ويعصيه ويطيع الشيطان (كَفُورٍ) يقول: جَحود لنعمه عنده, لا يعرف لمنعمها حقه فيشكره عليها. وقيل: إنه عنى بذلك دفع الله كفار قريش عمن كان بين أظهرهم من المؤمنين قبل هجرتهم.
22:39
اُذِنَ لِلَّذِیْنَ یُقٰتَلُوْنَ بِاَنَّهُمْ ظُلِمُوْاؕ-وَ اِنَّ اللّٰهَ عَلٰى نَصْرِهِمْ لَقَدِیْرُۙﰳ (۳۹)
پروانگی (اجازت) عطا ہوئی انہیں جن سے کافر لڑتے ہیں (ف۱۰۳) اس بناء پر کہ ان پر ظلم ہوا (ف۱۰۴) اور بیشک اللہ ان کی مدد کرنے پر ضرور قادر ہے،

يقول تعالى ذكره: أذن الله للمؤمنين الذين يقاتلون المشركين في سبيله بأن المشركين ظلموهم بقتالهم.واختلفت القرّاء في قراءة ذلك, فقرأته عامة قرّاء المدينة: (أُذِنَ) بضم الألف,(يُقاتَلُونَ) بفتح التاء بترك تسمية الفاعل في أُذِنَ ويُقاتَلُون جميعًا. وقرأ ذلك بعض الكوفيين وعامة قرّاء البصرة: (أُذِنَ) بترك تسمية الفاعل, و " يُقاتِلُونَ" بكسر التاء, بمعنى يقاتل المأذون لهم في القتال المشركين. وقرأ ذلك عامة قراء الكوفيين وبعض المكيين: " أَذِنَ" بفتح الألف, بمعنى: أذن الله, و " يُقاتِلُونَ" بكسر التاء, بمعنى: إن الذين أذن الله لهم بالقتال يقاتلون المشركين. وهذه القراءات الثلاث متقاربات المعنى; لأن الذين قرءوا أُذِنَ على وجه ما لم يسمّ فاعله يرجع معناه في التأويل إلى معنى قراءة من قرأه على وجه ما سمي فاعله- وإن من قرأ يُقاتِلونَ، ويُقاتَلُون بالكسر أو الفتح, فقريب معنى أحدهما من معنى الآخر- وذلك أن من قاتل إنسانا فالذي قاتله له مقاتل, وكل واحد منهما مقاتل. فإذ كان ذلك كذلك فبأية هذه القراءات قرأ القارئ فمصيب الصواب.غير أن أحبّ ذلك إليّ أن أقرأ به: أَذِنَ بفتح الألف, بمعنى: أذن الله, لقرب ذلك من قوله: ( إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ كُلَّ خَوَّانٍ كَفُورٍ ) أذن الله في الذين لا يحبهم للذين يقاتلونهم بقتالهم, فيردُ أذنَ على قوله: ( إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ ) وكذلك أحب القراءات إليّ في يُقاتِلُون كسر التاء, بمعنى: الذين يقاتلون من قد أخبر الله عنهم أنه لا يحبهم, فيكون الكلام متصلا معنى بعضه ببعض.وقد اختُلف في الذين عُنوا بالإذن لهم بهذه الآية في القتال, فقال بعضهم: عني به: نبيّ الله وأصحابه.*ذكر من قال ذلك:- حدثني محمد بن سعد, قال: ثني أبي, قال: ثني عمي, قال: ثني أبي, عن أبيه, عن ابن عباس, قوله: ( أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ ) يعني محمدا وأصحابه إذا أخرجوا من مكة إلى المدينة; يقول الله: ( وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ ) وقد فعل.حدثنا ابن بشار, قال: ثنا أبو أحمد, قال: ثنا سفيان, عن الأعمش, عن مسلم البطين, عن سعيد بن جُبير, قال: لما خرج النبيّ صلى الله عليه وسلم من مكة, قال رجل: أخرجوا نبيهم، فنزلت: ( أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا ) الآية الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ النبيّ صلى الله عليه وسلم وأصحابه.حدثنا يحيى بن داود الواسطي, قال: ثنا إسحاق بن يوسف, عن سفيان, عن الأعمش, عن مسلم, عن سعيد بن جُبير, عن ابن عباس, قال: لما خرج النبيّ صلى الله عليه وسلم من مكة قال أبو بكر: أخرجوا نبيهم, إنا لله وإنا إليه راجعون, ليهلكنّ- قال ابن عباس: فأنزل الله: ( أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ ) قال أبو بكر: فعرفت أنه سيكون قتال. وهي أوّل آية نزلت.قال ابن داود: قال ابن إسحاق: كانوا يقرءون: (أُذِنَ) ونحن نقرأ: " أَذِنَ".حدثنا ابن وكيع, قال: ثنا إسحاق, عن سفيان, عن الأعمش, عن مسلم, عن سعيد بن جُبير, عن ابن عباس, قال: لما خرج النبي صلى الله عليه وسلم, ثم ذكر نحوه, إلا أنه قال: فقال أبو بكر: قد علمت أنه يكون قتال. وإلى هذا الموضع انتهى حديثه, ولم يزد عليه.حدثني محمد بن خلف العسقلاني, قال: ثنا محمد بن يوسف, قال: ثنا قيس بن الربيع, عن الأعمش, عن مسلم, عن سعيد بن جُبير, عن ابن عباس, قال: لما خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من مكة, قال أبو بكر: إنا لله وإنا إليه راجعون, أخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم, والله ليهلكنّ جميعا! فلما نزلت: ( أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا )إلى قوله: الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ عرف أبو بكر أنه سيكون قتال.حدثني يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد, في قوله: ( أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا ) قال: أذن لهم في قتالهم بعد ما عفا عنهم عشر سنين. وقرأ: الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ وقال: هؤلاء المؤمنون.حُدثت عن الحسين, قال: سمعت أبا معاذ يقول: أخبرنا عبيد, قال: سمعت الضحاك يقول, في قوله: الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ . (1)وقال آخرون: بل عني بهذه الآية قوم بأعيانهم كانوا خرجوا من دار الحرب يريدون الهجرة, فمنعوا من ذلك.*ذكر من قال ذلك:- حدثني محمد بن عمرو, قال: ثنا أبو عاصم, قال: ثنا عيسى- وحدثني الحارث, قال: ثنا الحسن, قال: ثنا ورقاء جميعا, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد, في قول الله: ( أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا ) قال: أناس مؤمنون خرجوا مهاجرين من مكة إلى المدينة, فكانوا يمنعون, فأذن الله للمؤمنين بقتال الكفار, فقاتلوهم.حدثنا القاسم, قال: ثنا الحسين, قال: ثني حجاج, عن ابن جُرَيج, عن مجاهد, في قوله: ( أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا ) قال: ناس من المؤمنين خرجوا مهاجرين من مكة إلى المدينة, وكانوا يمنعون, فأدركهم الكفار, فأذن للمؤمنين بقتال الكفار فقاتلوهم. قال ابن جُرَيج: يقول: أوّل قتال أذن الله به للمؤمنين.حدثنا ابن عبد الأعلى, قال: ثنا ابن ثور, عن معمر, عن قَتادة: في حرف ابن مسعود: " أُذِنَ للَّذِينَ يُقاتَلُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ" قال قَتادة: وهي أوّل آية نزلت في القتال, فأذن لهم أن يقاتلوا.حدثنا الحسن, قال: أخبرنا عبد الرزاق, عن معمر, عن قتادة, في قوله: ( أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا ) قال: هي أوّل آية أنزلت في القتال, فأذن لهم أن يقاتلوا. وقد كان بعضهم يزعم أن الله إنما قال: أذن للذين يقاتلون بالقتال من أجل أن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم, كانوا استأذنوا رسول الله صلى الله عليه وسلم في قتل الكفار إذا آذوهم واشتدّوا عليهم بمكة قبل الهجرة غيلة سرّا; فأنزل الله في ذلك: (إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ كُلَّ خَوَّانٍ كَفُورٍ ) فَلَمَّا هاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه إلى المدينة, أطلق لهم قتلهم وقتالهم, فقال: ( أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا ). وهذا قول ذُكر عن الضحاك بن مزاحم من وجه غير ثبت.وقوله: ( وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ ) يقول جل ثناؤه: وإن الله على نصر المؤمنين الذين يقاتلون في سبيل الله لقادر, وقد نصرهم فأعزّهم ورفعهم وأهلك عدوّهم وأذلهم بأيديهم.------------------------الهوامش:(1) لعله اختصره إن لم يكن سقط منه شيء من الناسخ ، والأصل : هم والنبي وأصحابه ، أو نحو ذلك .
22:40
الَّذِیْنَ اُخْرِجُوْا مِنْ دِیَارِهِمْ بِغَیْرِ حَقٍّ اِلَّاۤ اَنْ یَّقُوْلُوْا رَبُّنَا اللّٰهُؕ-وَ لَوْ لَا دَفْعُ اللّٰهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَّهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَ بِیَعٌ وَّ صَلَوٰتٌ وَّ مَسٰجِدُ یُذْكَرُ فِیْهَا اسْمُ اللّٰهِ كَثِیْرًاؕ-وَ لَیَنْصُرَنَّ اللّٰهُ مَنْ یَّنْصُرُهٗؕ-اِنَّ اللّٰهَ لَقَوِیٌّ عَزِیْزٌ(۴۰)
وہ جو اپنے گھروں سے ناحق نکالے گئے (ف۱۰۵) صرف اتنی بات پر کہ انہوں نے کہا ہمارا رب اللہ ہے (ف۱۰۶) اور اللہ اگر آدمیوں میں ایک کو دوسرے سے دفع نہ فرماتا (ف۱۰۷) تو ضرور ڈھادی جاتیں خانقاہیں (ف۱۰۸) اور گرجا (ف۱۰۹) اور کلیسے (ف۱۱۰) اور مسجدیں (ف۱۱۱) جن میں اللہ کا بکثرت نام لیا جاتا ہے، اور بیشک اللہ ضرور مدد فرمائے گا اس کی جو اس کے دین کی مدد کرے گا بیشک ضرور اللہ قدرت والا غالب ہے (ف۱۰۹)،

يقول تعالى ذكره: أذن للذين يقاتلون ( الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ ) فالذين الثانية ردّ على الذين الأولى. وعنى بالمخرجين من دورهم: المؤمنين الذين أخرجهم كفار قريش من مكة. وكان إخراجهم إياهم من دورهم وتعذيبهم بعضهم على الإيمان بالله ورسوله, وسبهم بعضهم بألسنتهم ووعيدهم إياهم, حتى اضطرّوهم إلى الخروج عنهم. وكان فعلهم ذلك بهم بغير حقّ، لأنهم كانوا على باطل والمؤمنون على الحقّ, فلذلك قال جل ثناؤه: ( الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ ).وقوله: ( إِلا أَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ ) يقول تعالى ذكره: لم يخرجوا من ديارهم إلا بقولهم: ربنا الله وحده لا شريك له! فأن في موضع خفض ردّا على الباء في قوله: ( بِغَيْرِ حَقٍّ ) , وقد يجوز أن تكون في موضع نصب على وجه الاستثناء.وقوله: ( وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ ) اختلف أهل التأويل في معنى ذلك, فقال بعضهم: معنى ذلك: ولولا دفع الله المشركين بالمسلمين.*ذكر من قال ذلك: حدثنا القاسم, قال: ثنا الحسين, قال: ثني حجاج, عن ابن جريج, قوله: ( وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ ) دفع المشركين بالمسلمين.وقال آخرون: معنى ذلك: ولولا القتال والجهاد في سبيل الله.*ذكر من قال ذلك:حدثني يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد, في قوله: ( وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ ) قال لولا القتال والجهاد.وقال آخرون: بل معنى ذلك: ولولا دفع الله بأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم عمن بعدهم من التابعين.*ذكر من قال ذلك: حدثنا إبراهيم بن سعيد, قال: ثنا يعقوب بن إبراهيم, عن سيف بن عمرو, عن أبي روق, عن ثابت بن عوسجة الحضرميّ, قال: حدثني سبعة وعشرون من أصحاب عليّ وعبد الله منهم لاحق بن الأقمر, والعيزار بن جرول, وعطية القرظي, أن عليا رضي الله عنه قال: إنما أنزلت هذه الآية في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ ) لولا دفاع الله بأصحاب محمد عن التابعين ( لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ ).وقال آخرون: بل معنى ذلك: لولا أن الله يدفع بمن أوجب قبول شهادته في الحقوق تكون لبعض الناس على بعض عمن لا يجوز شهادته وغيره, فأحيا بذلك مال هذا ويوقي بسبب هذا إراقة دم هذا, وتركوا المظالم من أجله, لتظالم الناس فهدمت صوامع.*ذكر من قال ذلك:حدثني محمد بن عمرو, قال: ثنا أبو عاصم, قال: ثنا عيسى; وحدثني الحارث, قال: ثنا الحسن, قال: ثنا ورقاء جميعا, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد: ( وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ ) يقول: دفع بعضهم بعضا في الشهادة, وفي الحقّ, وفيما يكون من قبل هذا. يقول: لولاهم لأهلكت هذه الصوامع وما ذكر معها.وأولى الأقوال في ذلك بالصواب أن يقال: إن الله تعالى ذكره أخبر أنه لولا دفاعه الناس بعضهم ببعض, لهُدم ما ذكر, من دفعه تعالى ذكره بعضهم ببعض, وكفِّه المشركين بالمسلمين عن ذلك; ومنه كفه ببعضهم التظالم, كالسلطان الذي كفّ به رعيته عن التظالم بينهم; ومنه كفُّه لمن أجاز شهادته بينهم ببعضهم عن الذهاب بحق من له قبله حق, ونحو ذلك. وكلّ ذلك دفع منه الناس بعضهم عن بعض, لولا ذلك لتظالموا, فهدم القاهرون صوامع المقهورين وبيَعهم وما سمّى جل ثناؤه. ولم يضع الله تعالى دلالة في عقل على أنه عنى من ذلك بعضا دون بعض, ولا جاء بأن ذلك كذلك خبر يجب التسليم له, فذلك على الظاهر والعموم على ما قد بيَّنته قبل لعموم ظاهر ذلك جميع ما ذكرنا.وقوله: ( لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ ) اختلف أهل التأويل في المعنيّ بالصوامع, فقال بعضهم: عني بها صوامع الرهبان.*ذكر من قال ذلك:حدثنا محمد بن المثنى, قال: ثنا عبد الوهاب, قال: ثنا داود, عن رفيع في هذه الآية: ( لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ ) قال: صوامع الرهبان.حدثني محمد بن عمرو, قال: ثنا أبو عاصم, قال: ثنا عيسى; وحدثني الحارث, قال: ثنا الحسن, قال: ثنا ورقاء جميعا, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد, قوله: ( لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ ) قال: صوامع الرهبان.- حدثنا القاسم, قال: ثنا الحسين, قال: ثني حجاج, عن ابن جُرَيج, عن مجاهد: ( لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ ) قال: صوامع الرهبان.حدثني يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد, في قوله: ( لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ ) قال: صوامع الرهبان.حُدثت عن الحسين, قال: سمعت أبا معاذ, يقول: أخبرنا عبيد, قال: سمعت الضحاك يقول: في قوله: ( لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ ) وهي صوامع الصغار يبنونها (2) وقال آخرون: بل هي صوامع الصابئين.*ذكر من قال ذلك:حدثنا محمد بن عبد الأعلى, قال: ثنا ابن ثور, عن معمر, عن قتادة: (صَوَامِعُ) قال: هي للصابئين.حدثنا الحسن, قال: أخبرنا عبد الرزاق, قال: أخبرنا معمر, عن قَتادة, مثله.واختلفت القرّاء في قراءة قوله: (لَهُدّمَتْ). فقرأ ذلك عامة قرّاء المدينة: " لَهُدِمَتْ". خفيفة. وقرأته عامة قرّاء أهل الكوفة والبصرة: (لَهُدّمَتْ) بالتشديد بمعنى تكرير الهدم فيها مرّة بعد مرّة. والتشديد في ذلك أعجب القراءتين إليّ. لأن ذلك من أفعال أهل الكفر بذلك.وأما قوله (وَبِيَعٌ) فإنه يعني بها: بيع النصارى.وقد اختلف أهل التأويل في ذلك, فقال بعضهم مثل الذي قلنا في ذلك.*ذكر من قال ذلك:- حدثني محمد بن المثنى, قال: ثنا عبد الأعلى, قال: ثنا داود, عن رفيع: (وَبِيَعٌ) قال: بيع النصارى.حدثنا ابن عبد الأعلى, قال: ثنا محمد بن ثور, عن معمر, عن قَتادة: (وَبِيَعٌ) للنصارى.حدثنا الحسن, قال: أخبرنا عبد الرزاق, قال: أخبرنا معمر, عن قتادة, مثله.حُدثت عن الحسين, قال: سمعت أبا معاذ يقول: أخبرنا عبيد, قال: سمعت الضحاك يقول: البِيَع: بيع النصارى.وقال آخرون: عني بالبيع في هذا الموضع: كنائس اليهود.*ذكر من قال ذلك:حدثنا محمد بن عمرو, قال: ثنا أبو عاصم, قال: ثنا عيسى; وحدثني الحارث. قال: ثنا الحسن, قال: ثنا ورقاء جميعا, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد, قال: (وَبِيَعٌ) قال: وكنائس.حدثنا القاسم, قال: ثنا الحسين, قال: ثني حجاج, عن ابن جُرَيج, عن مجاهد, مثله.حدثني يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد, في قوله: (وَبِيَعٌ) قال: البيع للكنائس.قوله: (وَصَلَوَاتٌ) اختلف أهل التأويل في معناه, فقال بعضهم: عني بالصلوات الكنائس.*ذكر من قال ذلك:- حدثنا محمد سعد, قال: ثني أبي, قال: ثني عمي, قال: ثني أبي, عن أبيه, عن ابن عباس, في قوله: (وَصَلَوَاتٌ) قال: يعني بالصلوات الكنائس.حُدثت عن الحسن, قال: سمعت أبا معاذ يقول: أخبرنا عبيد, قال: سمعت الضحاك يقول في قوله: (وَصَلَوَاتٌ) كنائس اليهود, ويسمون الكنيسة صلوتا.حدثنا ابن عبد الأعلى, قال: ثنا ابن ثور, عن معمر, عن قَتادة: (وَصَلَوَاتٌ) كنائس اليهود.حدثنا الحسن, قال: أخبرنا عبد الرزاق, قال: أخبرنا معمر, عن قَتادة, مثله.وقال آخرون: عنى بالصلوات مساجد الصابئين.*ذكر من قال ذلك:حدثنا ابن المثنى, قال: ثنا عبد الأعلى, قال: ثنا داود, قال: سألت أبا العالية عن الصلوات. قال: هي مساجد الصابئين.قال: ثنا عبد الوهاب, قال: ثنا داود, عن رفيع, نحوه.وقال آخرون: هي مساجد للمسلمين ولأهل الكتاب بالطرق.*ذكر من قال ذلك:حدثني محمد بن عمرو, قال: ثنا أبو عاصم, قال: ثنا عيسى; وحدثني الحارث, قال: ثنا الحسن, قال: ثنا ورقاء جميعا, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد, قوله: ( وَصَلَوَاتٌ ) قال: مساجد لأهل الكتاب ولأهل الإسلام بالطرق.حدثنا القاسم, قال: ثنا الحسين, قال: ثني حجاج, عن ابن جريج, عن مجاهد, نحوه.حدثني يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد, في قوله: (وَصَلَوَاتٌ) قال: الصلوات صلوات أهل الإسلام, تنقطع إذا دخل العدو عليهم, انقطعت العبادة, والمساجد تهدم, كما صنع بختنصر.وقوله: ( وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا ) اختلف في المساجد التي أريدت بهذا القول, فقال بعضهم: أريد بذلك مساجد المسلمين.*ذكر من قال ذلك:- حدثنا ابن المثنى, قال: ثنا عبد الوهاب, قال: ثنا داود, عن رفيع, قوله: (وَمَساجِدُ) قال: مساجد المسلمين.حدثنا ابن عبد الأعلى, قال: ثنا ابن ثور, قال: ثنا معمر, عن قتادة: ( وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا ) قال: المساجد: مساجد المسلمين يذكر فيها اسم الله كثيرا.حدثنا الحسن, قال: أخبرنا عبد الرزاق, عن معمر, عن قَتاده, نحوه.وقال آخرون: عني بقوله: (وَمَساجِدُ) الصوامع والبيع والصلوات.* ذكر من قال ذلك:- حُدثت عن الحسين, قال: سمعت أبا معاذ يقول: أخبرنا عبيد, قال: سمعت الضحاك يقول, في قوله: (وَمَساجِدُ) يقول في كل هذا يذكر اسم الله كثيرا, ولم يخصّ المساجد.وكان بعض أهل العربية من أهل البصرة يقول: الصلوات لا تهدم, ولكن حمله على فعل آخر, كأنه قال: وتركت صلوات. وقال بعضهم: إنما يعني: مواضع الصلوات. وقال بعضهم: إنما هي صلوات, وهي كنائس اليهود, تدعى بالعِبرانية: صلوتا.وأولى هذه الأقوال في ذلك بالصواب قول من قال: معنى ذلك: لهدِّمت صوامع الرهبان وبِيَع النصارى, وصلوات اليهود, وهي كنائسهم, ومساجد المسلمين التي يذكر فيها اسم الله كثيرا.وإنما قلنا هذا القول أولى بتأويل ذلك; لأن ذلك هو المعروف في كلام العرب المستفيض فيهم, وما خالفه من القول وإن كان له وجه فغير مستعمل فيما وجهه إليه من وجهه إليه.وقوله: ( وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ ) يقول تعالى ذكره: وليعيننّ الله من يقاتل في سبيله, لتكون كلمته العليا على عدوّه; فنصْر الله عبده: معونته إياه, ونصر العبد ربه: جهاده في سبيله, لتكون كلمته العليا.وقوله: ( إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ ) يقول تعالى ذكره: إن الله لقويّ على نصر من جاهد في سبيله من أهل ولايته وطاعته, عزيز في مُلكه, يقول: منيع في سلطانه, لا يقهره قاهر, ولا يغلبه غالب.------------------------الهوامش:(2) لعله وهي الصوامع الصغار : أي المعابد الصغار . . الخ .
  FONT
  THEME
  TRANSLATION
  • English | Ahmed Ali
  • Urdu | Ahmed Raza Khan
  • Turkish | Ali-Bulaç
  • German | Bubenheim Elyas
  • Chinese | Chineese
  • Spanish | Cortes
  • Dutch | Dutch
  • Portuguese | El-Hayek
  • English | English
  • Urdu | Fateh Muhammad Jalandhry
  • French | French
  • Hausa | Hausa
  • Indonesian | Indonesian-Bahasa
  • Italian | Italian
  • Korean | Korean
  • Malay | Malay
  • Russian | Russian
  • Tamil | Tamil
  • Thai | Thai
  • Farsi | مکارم شیرازی
  TAFSEER
  • العربية | التفسير الميسر
  • العربية | تفسير الجلالين
  • العربية | تفسير السعدي
  • العربية | تفسير ابن كثير
  • العربية | تفسير الوسيط لطنطاوي
  • العربية | تفسير البغوي
  • العربية | تفسير القرطبي
  • العربية | تفسير الطبري
  • English | Arberry
  • English | Yusuf Ali
  • Dutch | Keyzer
  • Dutch | Leemhuis
  • Dutch | Siregar
  • Urdu | Sirat ul Jinan
  HELP

اَلْحَجّ
اَلْحَجّ
  00:00



Download

اَلْحَجّ
اَلْحَجّ
  00:00



Download