READ

Surah Al-Furqan

اَلْفُرْقَان
77 Ayaat    مکیۃ


25:41
وَ اِذَا رَاَوْكَ اِنْ یَّتَّخِذُوْنَكَ اِلَّا هُزُوًاؕ-اَهٰذَا الَّذِیْ بَعَثَ اللّٰهُ رَسُوْلًا(۴۱)
اور جب تمہیں دیکھتے ہیں تو تمہیں نہیں ٹھہراتے مگر ٹھٹھا (ف۷۵) کیا یہ ہیں جن کو اللہ نے رسول بناکر بھیجا،

يخبر تعالى عن استهزاء المشركين بالرسول ، صلوات الله وسلامه عليه ، إذا رأوه ، كما قال : ( وإذا رآك الذين كفروا إن يتخذونك إلا هزوا أهذا الذي يذكر آلهتكم ) [ الأنبياء : 36 ] يعنونه بالعيب والنقص ، وقال هاهنا : ( وإذا رأوك إن يتخذونك إلا هزوا أهذا الذي بعث الله رسولا ) ؟ أي : على سبيل التنقص والازدراء - قبحهم الله - كما قال : ( ولقد استهزئ برسل من قبلك فأمليت للذين كفروا ثم أخذتهم فكيف كان عقاب ) [ الرعد : 32 ] .
25:42
اِنْ كَادَ لَیُضِلُّنَا عَنْ اٰلِهَتِنَا لَوْ لَاۤ اَنْ صَبَرْنَا عَلَیْهَاؕ-وَ سَوْفَ یَعْلَمُوْنَ حِیْنَ یَرَوْنَ الْعَذَابَ مَنْ اَضَلُّ سَبِیْلًا(۴۲)
قریب تھا کہ یہ ہمیں ہمارے خداؤں سے بہکادیں اگر ہم ان پر صبر نہ کرتے (ف۷۶) اور اب جانا چاہتے ہیں جس دن عذاب دیکھیں گے (ف۷۷) کہ کون گمراہ تھا (ف۷۸)

وقولهم : ( إن كاد ليضلنا عن آلهتنا لولا أن صبرنا عليها ) يعنون : أنه كاد يثنيهم عن عبادة أصنامهم ، لولا أن صبروا وتجلدوا واستمروا على عبادتها . قال الله تعالى متوعدا لهم ومتهددا : ( وسوف يعلمون حين يرون العذاب من أضل سبيلا ) .ثم قال تعالى لنبيه ، منبها له أن من كتب الله عليه الشقاوة والضلال ، فإنه لا يهديه أحد إلا الله .
25:43
اَرَءَیْتَ مَنِ اتَّخَذَ اِلٰهَهٗ هَوٰىهُؕ-اَفَاَنْتَ تَكُوْنُ عَلَیْهِ وَكِیْلًاۙ(۴۳)
کیا تم نے اسے دیکھا جس نے اپنی جی کی خواہش کو اپنا خدا بنالیا (ف۷۹) تو کیا تم اس کی نگہبانی کا ذمہ لو گے (ف۸۰)

( أرأيت من اتخذ إلهه هواه ) أي : مهما استحسن من شيء ورآه حسنا في هوى نفسه ، كان دينه ومذهبه ، كما قال تعالى : ( أفمن زين له سوء عمله فرآه حسنا فإن الله يضل من يشاء ويهدي من يشاء فلا تذهب نفسك عليهم حسرات ) [ فاطر : 8 ] ; ولهذا قال هاهنا : ( أفأنت تكون عليه وكيلا ) . قال ابن عباس : كان الرجل في الجاهلية يعبد الحجر الأبيض زمانا ، فإذا رأى غيره أحسن منه عبد الثاني وترك الأول .
25:44
اَمْ تَحْسَبُ اَنَّ اَكْثَرَهُمْ یَسْمَعُوْنَ اَوْ یَعْقِلُوْنَؕ-اِنْ هُمْ اِلَّا كَالْاَنْعَامِ بَلْ هُمْ اَضَلُّ سَبِیْلًا۠(۴۴)
یا یہ سمجھتے ہو کہ ان میں بہت کچھ سنتے یا سمجھتے ہیں (ف۸۱) وہ تو نہیں مگر جیسے چوپائے بلکہ ان سے بھی بدتر گمراہ (ف۸۲)

ثم قال : ( أم تحسب أن أكثرهم يسمعون أو يعقلون إن هم إلا كالأنعام بل هم أضل سبيلا ) أي : أسوأ حالا من الأنعام السارحة ، فإن تلك تعقل ما خلقت له ، وهؤلاء خلقوا لعبادة الله وحده لا شريك له ، وهم يعبدون غيره ويشركون به ، مع قيام الحجة عليهم ، وإرسال الرسل إليهم .
25:45
اَلَمْ تَرَ اِلٰى رَبِّكَ كَیْفَ مَدَّ الظِّلَّۚ-وَ لَوْ شَآءَ لَجَعَلَهٗ سَاكِنًاۚ-ثُمَّ جَعَلْنَا الشَّمْسَ عَلَیْهِ دَلِیْلًاۙ(۴۵)
اے محبوب! کیا تم نے اپنے رب کو نہ دیکھا (ف۸۳) کہ کیسا پھیلا سایہ (ف۸۴) اور اگر چاہتا تو اسے ٹھہرایا ہوا کردیتا (ف۸۵) پھر ہم نے سورج کو اس پر دلیل کیا،

من هاهنا شرع تعالى في بيان الأدلة الدالة على وجوده ، وقدرته التامة على خلق الأشياء المختلفة والمتضادة ، فقال : ( ألم تر إلى ربك كيف مد الظل ) ؟ قال ابن عباس ، وابن عمر ، وأبو العالية ، وأبو مالك ، ومسروق ، ومجاهد ، وسعيد بن جبير ، وإبراهيم النخعي ، والضحاك ، والحسن البصري ، وقتادة ، والسدي ، وغيرهم : هو ما بين طلوع الفجر إلى طلوع الشمس . ( ولو شاء لجعله ساكنا ) أي : دائما لا يزول ، كما قال تعالى : ( قل أرأيتم إن جعل الله عليكم الليل سرمدا إلى يوم القيامة ) ، ( قل أرأيتم إن جعل الله عليكم النهار سرمدا إلى يوم القيامة ) [ القصص : 71 - 72 ] .وقوله : ( ثم جعلنا الشمس عليه دليلا ) أي : لولا أن الشمس تطلع عليه ، لما عرف ، فإن الضد لا يعرف إلا بضده .وقال قتادة ، والسدي : دليلا يتلوه ويتبعه حتى يأتي عليه كله .
25:46
ثُمَّ قَبَضْنٰهُ اِلَیْنَا قَبْضًا یَّسِیْرًا(۴۶)
پھر ہم نے آہستہ آہستہ اسے اپنی طرف سمیٹا (ف۸۶)

وقوله : ( ثم قبضناه إلينا قبضا يسيرا ) أي : الظل ، وقيل : الشمس . ) يسيرا ) أي : سهلا . قال ابن عباس : سريعا . وقال مجاهد : خفيا . وقال السدي; قبضا خفيا ، حتى لا يبقى في الأرض ظل إلا تحت سقف أو تحت شجرة ، وقد أظلت الشمس ما فوقه .وقال أيوب بن موسى : ( ثم قبضناه إلينا قبضا يسيرا ) أي : قليلا قليلا .
25:47
وَ هُوَ الَّذِیْ جَعَلَ لَكُمُ الَّیْلَ لِبَاسًا وَّ النَّوْمَ سُبَاتًا وَّ جَعَلَ النَّهَارَ نُشُوْرًا(۴۷)
اور وہی ہے جس نے رات کو تمہارے لیے پردہ کیا اور نیند کو آرام اور دن بنایا اٹھنے کے لیے (ف۸۷)

وقوله : ( وهو الذي جعل لكم الليل لباسا ) أي : يلبس الوجود ويغشيه ، كما قال : [ ( والليل إذا يغشى ) [ الليل : 1 ] وقال ] ( والليل إذا يغشاها ) [ الشمس : 4 ] .( والنوم سباتا ) أي : قطعا للحركة لراحة الأبدان ، فإن الأعضاء والجوارح تكل من كثرة الحركة في الانتشار بالنهار في المعايش ، فإذا جاء الليل وسكن سكنت الحركات ، فاستراحت فحصل النوم الذي فيه راحة البدن والروح معا .( وجعل النهار نشورا ) أي : ينتشر الناس فيه لمعايشهم ومكاسبهم وأسبابهم ، كما قال تعالى : ( ومن رحمته جعل لكم الليل والنهار لتسكنوا فيه ولتبتغوا من فضله ولعلكم تشكرون ) [ القصص : 73 ] .
25:48
وَ هُوَ الَّذِیْۤ اَرْسَلَ الرِّیٰحَ بُشْرًۢا بَیْنَ یَدَیْ رَحْمَتِهٖۚ-وَ اَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَآءِ مَآءً طَهُوْرًاۙ(۴۸)
اور وہی ہے جس نے ہوائیں بھیجیں اپنی رحمت کے آگے مژدہ سنائی ہوئی (ف۸۸) اور ہم نے آسمان سے پانی اتارا پاک کرنے والا،

وهذا أيضا من قدرته التامة وسلطانه العظيم ، وهو أنه تعالى يرسل الرياح مبشرات ، أي : بمجيء السحاب بعدها ، والرياح أنواع ، في صفات كثيرة من التسخير ، فمنها ما يثير السحاب ، ومنها ما يحمله ، ومنها ما يسوقه ، ومنها ما يكون بين يدي السحاب مبشرا ، ومنها ما يكون قبل ذلك يقم الأرض ، ومنها ما يلقح السحاب ليمطر; ولهذا قال : ( وأنزلنا من السماء ماء طهورا ) أي : آلة يتطهر بها ، كالسحور والوقود وما جرى مجراه . فهذا أصح ما يقال في ذلك . وأما من قال : إنه فعول بمعنى فاعل ، أو : إنه مبني للمبالغة أو التعدي ، فعلى كل منهما إشكالات من حيث اللغة والحكم ، ليس هذا موضع بسطها ، والله أعلم .وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبي ، حدثنا عمر بن حفص بن غياث ، حدثنا أبي ، عن أبي جعفر الرازي ، حدثني حميد الطويل ، عن ثابت البناني قال : دخلت مع أبي العالية في يوم مطير ، وطرق البصرة قذرة ، فصلى ، فقلت له ، فقال : ( وأنزلنا من السماء ماء طهورا ) قال : طهره ماء السماء .وقال أيضا : حدثنا أبي ، حدثنا أبو سلمة ، حدثنا وهيب عن داود ، عن سعيد بن المسيب في هذه الآية : ( وأنزلنا من السماء ماء طهورا ) [ قال : أنزله الله ماء طاهرا ] لا ينجسه شيء .وعن أبي سعيد قال : قيل : يا رسول الله ، أنتوضأ من بئر بضاعة؟ - وهي بئر يلقى فيها النتن ، ولحوم الكلاب - فقال : " إن الماء طهور لا ينجسه شيء " رواه الشافعي ، وأحمد وصححه ، وأبو داود ، والترمذي وحسنه ، والنسائي .وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبي ، حدثنا أبو الأشعث ، حدثنا معتمر ، سمعت أبي يحدث عن سيار ، عن خالد بن يزيد ، قال : كان عند عبد الملك بن مروان ، فذكروا الماء ، فقال خالد بن يزيد : منه من السماء ، ومنه ما يسقيه الغيم من البحر فيعذبه الرعد والبرق . فأما ما كان من البحر ، فلا يكون له نبات ، فأما النبات فمما كان من السماء .وروي عن عكرمة قال : ما أنزل الله من السماء قطرة إلا أنبت بها في الأرض عشبة أو في البحر لؤلؤة . وقال غيره : في البر بر ، وفي البحر در .
25:49
لِّنُحْیِﰯ بِهٖ بَلْدَةً مَّیْتًا وَّ نُسْقِیَهٗ مِمَّا خَلَقْنَاۤ اَنْعَامًا وَّ اَنَاسِیَّ كَثِیْرًا(۴۹)
تاکہ ہم ا سسے زندہ کریں کسی مردہ شہر کو (ف۸۹) اور اسے پلائیں اپنے بنائے ہوئے بہت سے چوپائے اور آدمیوں کو،

وقوله : ( لنحيي به بلدة ميتا ) أي : أرضا قد طال انتظارها للغيث ، فهي هامدة لا نبات فيها ولا شيء . فلما جاءها الحيا عاشت واكتست رباها أنواع الأزاهير والألوان ، كما قال تعالى : ( فإذا أنزلنا عليها الماء اهتزت وربت وأنبتت من كل زوج بهيج ) [ الحج : 5 ] .( ونسقيه مما خلقنا أنعاما وأناسي كثيرا ) أي : وليشرب منه الحيوان من أنعام وأناسي محتاجين إليه غاية الحاجة ، لشربهم وزروعهم وثمارهم ، كما قال تعالى : ( وهو الذي ينزل الغيث من بعد ما قنطوا وينشر رحمته وهو الولي الحميد ) [ الشورى : 28 ] وقال تعالى : ( فانظر إلى آثار رحمة الله كيف يحيي الأرض بعد موتها إن ذلك لمحيي الموتى وهو على كل شيء قدير ) [ الروم : 50 ] .
25:50
وَ لَقَدْ صَرَّفْنٰهُ بَیْنَهُمْ لِیَذَّكَّرُوْا ﳲ فَاَبٰۤى اَكْثَرُ النَّاسِ اِلَّا كُفُوْرًا(۵۰)
اور بیشک ہم نے ان میں پانی کے پھیرے رکھے (ف۹۰) کہ وہ دھیان کریں (ف۹۱) تو بہت لوگوں نے نہ مانا مگر ناشکری کرنا،

وقوله : ( ولقد صرفناه بينهم ليذكروا ) أي : أمطرنا هذه الأرض دون هذه ، وسقنا السحاب فمر على الأرض وتعداها وجاوزها إلى الأرض الأخرى ، [ فأمطرتها وكفتها فجعلتها غدقا ، والتي وراءها ] لم ينزل فيها قطرة من ماء ، وله في ذلك الحجة البالغة والحكمة القاطعة .قال ابن مسعود وابن عباس : ليس عام بأكثر مطرا من عام ، ولكن الله يصرفه كيف يشاء ، ثم قرأ هذه الآية : ( ولقد صرفناه بينهم ليذكروا فأبى أكثر الناس إلا كفورا ) .أي : ليذكروا بإحياء الله الأرض الميتة أنه قادر على إحياء الأموات . والعظام الرفات . أو : ليذكر من منع القطر أنما أصابه ذلك بذنب أصابه ، فيقلع عما هو فيه .وقال عمر مولى غفرة : كان جبريل ، عليه السلام ، في موضع الجنائز ، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم : " يا جبريل ، إني أحب أن أعلم أمر السحاب؟ " قال : فقال جبريل : يا نبي الله ، هذا ملك السحاب فسله . فقال : تأتينا صكاك مختمة : اسق بلاد كذا وكذا ، كذا وكذا قطرة . رواه ابن حاتم ، وهو حديث مرسل .وقوله : ( فأبى أكثر الناس إلا كفورا ) : قال عكرمة : يعني : الذين يقولون : مطرنا بنوء كذا وكذا .وهذا الذي قاله عكرمة كما صح في الحديث المخرج في صحيح مسلم ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال لأصحابه يوما ، على أثر سماء أصابتهم من الليل : " أتدرون ماذا قال ربكم " قالوا : الله ورسوله أعلم . قال : " قال : أصبح من عبادي مؤمن بي وكافر ، فأما من قال : مطرنا بفضل الله ورحمته فذاك مؤمن بي كافر بالكوكب . وأما من قال : مطرنا بنوء كذا وكذا ، فذاك كافر بي ، مؤمن بالكوكب " .
25:51
وَ لَوْ شِئْنَا لَبَعَثْنَا فِیْ كُلِّ قَرْیَةٍ نَّذِیْرًا٘ۖ(۵۱)
اور ہم چاہتے تو ہر بستی میں ایک ڈر سنانے والا بھیجتے (ف۹۲)

يقول تعالى : ( ولو شئنا لبعثنا في كل قرية نذيرا ) يدعوهم إلى الله عز وجل ، ولكنا خصصناك - يا محمد - بالبعثة إلى جميع أهل الأرض ، وأمرناك أن تبلغ الناس هذا القرآن ، ( لأنذركم به ومن بلغ ) [ الأنعام : 19 ] ، ( ومن يكفر به من الأحزاب فالنار موعده ) [ هود : 17 ] ( ولتنذر أم القرى ومن حولها ) [ الأنعام : 92 ] ، ( قل يا أيها الناس إني رسول الله إليكم جميعا ) [ الأعراف : 158 ] . وفي الصحيحين : " بعثت إلى الأحمر والأسود " وفيهما : " وكان النبي يبعث إلى قومه خاصة وبعثت إلى الناس عامة " ; ولهذا قال :
25:52
فَلَا تُطِعِ الْكٰفِرِیْنَ وَ جَاهِدْهُمْ بِهٖ جِهَادًا كَبِیْرًا(۵۲)
تو کافروں کا کہا نہ مان اور اس قرآن سے ان پر جہاد کر بڑا جہاد،

( فلا تطع الكافرين وجاهدهم به ) يعني : بالقرآن ، قاله ابن عباس ( جهادا كبيرا ) ، كما قال تعالى : ( يا أيها النبي جاهد الكفار والمنافقين واغلظ عليهم ) [ التوبة : 73 ، التحريم : 9 ] .
25:53
وَ هُوَ الَّذِیْ مَرَجَ الْبَحْرَیْنِ هٰذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ وَّ هٰذَا مِلْحٌ اُجَاجٌۚ-وَ جَعَلَ بَیْنَهُمَا بَرْزَخًا وَّ حِجْرًا مَّحْجُوْرًا(۵۳)
اور وہی ہے جس نے ملے ہوئے رواں کیے دو سمندر یہ میٹھا ہے نہایت شیریں اور یہ کھاری ہے نہایت تلخ اور ان کے بیچ میں پردہ رکھا اور روکی ہوئی آڑ (ف۹۳)

وقوله : ( وهو الذي مرج البحرين هذا عذب فرات وهذا ملح أجاج ) أي : خلق الماءين : الحلو والملح ، فالحلو كالأنهار والعيون والآبار ، وهذا هو البحر الحلو الفرات العذب الزلال . قاله ابن جريج ، واختاره ابن جرير ، وهذا الذي لا شك فيه ، فإنه ليس في الوجود بحر ساكن وهو عذب فرات . والله سبحانه إنما أخبر بالواقع لينبه العباد على نعمه عليهم ليشكروه ، فالبحر العذب هو هذا السارح بين الناس ، فرقه تعالى بين خلقه لاحتياجهم إليه أنهارا وعيونا في كل أرض بحسب حاجتهم وكفايتهم لأنفسهم وأراضيهم .وقوله : ( وهذا ملح أجاج ) أي : مالح مر زعاق لا يستساغ ، وذلك كالبحار المعروفة في المشارق والمغارب : البحر المحيط وما يتصل به من الزقاق وبحر القلزم ، وبحر اليمن ، وبحر البصرة ، وبحر فارس وبحر الصين والهند وبحر الروم وبحر الخزر ، وما شاكلها وشابهها من البحار الساكنة التي لا تجري ، ولكن تتموج وتضطرب وتغتلم في زمن الشتاء وشدة الرياح ، ومنها ما فيه مد وجزر ، ففي أول كل شهر يحصل منها مد وفيض ، فإذا شرع الشهر في النقصان جزرت ، حتى ترجع إلى غايتها الأولى ، فإذا استهل الهلال من الشهر الآخر شرعت في المد إلى الليلة الرابعة عشرة ثم تشرع في النقص ، فأجرى الله سبحانه وتعالى - وله القدرة التامة - العادة بذلك . فكل هذه البحار الساكنة خلقها الله سبحانه وتعالى مالحة الماء ، لئلا يحصل بسببها نتن الهواء ، فيفسد الوجود بذلك ، ولئلا تجوى الأرض بما يموت فيها من الحيوان . ولما كان ماؤها ملحا كان هواؤها صحيحا وميتتها طيبة; ولهذا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد سئل عن ماء البحر : أنتوضأ به؟ فقال : " هو الطهور ماؤه ، الحل ميتته " . رواه الأئمة : مالك ، والشافعي ، وأحمد ، وأهل السنن بإسناد جيد .وقوله : ( وجعل بينهما برزخا وحجرا ) أي : بين العذب والمالح ) برزخا ) أي : حاجزا ، وهو اليبس من الأرض ، ( وحجرا محجورا ) أي : مانعا أن يصل أحدهما إلى الآخر ، كما قال : ( مرج البحرين يلتقيان بينهما برزخ لا يبغيان فبأي آلاء ربكما تكذبان ) [ الرحمن : 19 - 21 ] ، وقال تعالى : ( أمن جعل الأرض قرارا وجعل خلالها أنهارا وجعل لها رواسي وجعل بين البحرين حاجزا أإله مع الله بل أكثرهم لا يعلمون ) [ النمل : 61 ] .
25:54
وَ هُوَ الَّذِیْ خَلَقَ مِنَ الْمَآءِ بَشَرًا فَجَعَلَهٗ نَسَبًا وَّ صِهْرًاؕ-وَ كَانَ رَبُّكَ قَدِیْرًا(۵۴)
اور وہی ہے جس نے پانی سے (ف۹۴) بنایا آدمی پھر اس کے رشتے اور سسرال مقرر کی (ف۹۵) اور تمہارا رب قدرت والا ہے (ف۹۶)

وقوله : ( وهو الذي خلق من الماء بشرا فجعله نسبا وصهرا وكان ربك قديرا ) أي : خلق الإنسان من نطفة ضعيفة ، فسواه وعدله ، وجعله كامل الخلقة ، ذكرا أو أنثى ، كما يشاء ، ( فجعله نسبا وصهرا ) ، فهو في ابتداء أمره ولد نسيب ، ثم يتزوج فيصير صهرا ، ثم يصير له أصهار وأختان وقرابات . وكل ذلك من ماء مهين; ولهذا قال : ( وكان ربك قديرا ) .
25:55
وَ یَعْبُدُوْنَ مِنْ دُوْنِ اللّٰهِ مَا لَا یَنْفَعُهُمْ وَ لَا یَضُرُّهُمْؕ-وَ كَانَ الْكَافِرُ عَلٰى رَبِّهٖ ظَهِیْرًا(۵۵)
اور اللہ کے سوا ایسوں کو پوجتے ہیں (ف۹۷) جو ان کا بھلا برا کچھ نہ کریں اور کافر اپنے رب کے مقابل شیطان کو مدد دیتا ہے (ف۹۸)

يخبر تعالى عن جهل المشركين في عبادتهم غير الله من الأصنام ، التي لا تملك لهم نفعا ولا ضرا ، بلا دليل قادهم إلى ذلك ، ولا حجة أدتهم إليه ، بل بمجرد الآراء ، والتشهي والأهواء ، فهم يوالونهم ويقاتلون في سبيلهم ، ويعادون الله ورسوله [ والمؤمنين ] فيهم; ولهذا قال : ( وكان الكافر على ربه ظهيرا ) أي : عونا في سبيل الشيطان على حزب الله ، وحزب الله هم الغالبون ، كما قال تعالى : ( واتخذوا من دون الله آلهة لعلهم ينصرون لا يستطيعون نصرهم وهم لهم جند محضرون ) [ يس : 74 - 75 ] أي : آلهتهم التي اتخذوها من دون الله لا تملك لهم نصرا ، وهؤلاء الجهلة للأصنام جند محضرون يقاتلون عنهم ، ويذبون عن حوزتهم ، ولكن العاقبة والنصرة لله ولرسوله في الدنيا والآخرة .قال مجاهد : ( وكان الكافر على ربه ظهيرا ) قال : يظاهر الشيطان على معصية الله ، يعينه .وقال سعيد بن جبير : ( وكان الكافر على ربه ظهيرا ) يقول : عونا للشيطان على ربه بالعداوة والشرك .وقال زيد بن أسلم : ( وكان الكافر على ربه ظهيرا ) قال : مواليا .
25:56
وَ مَاۤ اَرْسَلْنٰكَ اِلَّا مُبَشِّرًا وَّ نَذِیْرًا(۵۶)
اور ہم نے تمہیں نہ بھیجا مگر (ف۹۹) خوشی اور (ف۱۰۰) ڈر سناتا،

ثم قال تعالى لرسوله ، صلوات الله وسلامه عليه : ( وما أرسلناك إلا مبشرا ونذيرا ) أي : بشيرا للمؤمنين ونذيرا للكافرين ، مبشرا بالجنة لمن أطاع الله ، ونذيرا بين يدي عذاب شديد لمن خالف أمر الله .
25:57
قُلْ مَاۤ اَسْــٴَـلُكُمْ عَلَیْهِ مِنْ اَجْرٍ اِلَّا مَنْ شَآءَ اَنْ یَّتَّخِذَ اِلٰى رَبِّهٖ سَبِیْلًا(۵۷)
تم فرماؤ میں اس (ف۱۰۱) پر تم سے کچھ اجرت نہیں مانگتا مگر جو چاہے کہ اپنے رب کی طرف راہ لے، (ف۱۰۲)

( قل ما أسألكم عليه من أجر ) أي : على هذا البلاغ وهذا الإنذار من أجرة أطلبها من أموالكم ، وإنما أفعل ذلك ابتغاء وجه الله ، ( لمن شاء منكم أن يستقيم ) [ التكوير : 28 ] ( إلا من شاء أن يتخذ إلى ربه سبيلا ) أي : طريقا ومسلكا ومنهجا يقتدي فيها بما جئت به .
25:58
وَ تَوَكَّلْ عَلَى الْحَیِّ الَّذِیْ لَا یَمُوْتُ وَ سَبِّحْ بِحَمْدِهٖؕ-وَ كَفٰى بِهٖ بِذُنُوْبِ عِبَادِهٖ خَبِیْرَاﰳ (۵۸)ﮊ
اور بھروسہ کرو اس زندہ پر جو کبھی نہ مرے گا (ف۱۰۳) اور اسے سراہتے ہوئے اس کی پاکی بولو (ف۱۰۴) اور وہی کافی ہے اپنے بندوں کے گناہوں پر خبردار (ف۱۰۵)

ثم قال : ( وتوكل على الحي الذي لا يموت ) أي : في أمورك كلها كن متوكلا على الله الحي الذي لا يموت أبدا ، الذي هو ( الأول والآخر والظاهر والباطن وهو بكل شيء عليم ) [ الحديد : 3 ] الدائم الباقي السرمدي الأبدي ، الحي القيوم رب كل شيء ومليكه ، اجعله ذخرك وملجأك ، وهو الذي يتوكل عليه ويفزع إليه ، فإنه كافيك وناصرك ومؤيدك ومظفرك ، كما قال تعالى : ( يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس ) [ المائدة : 67 ] .وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبو زرعة ، حدثنا عبد الله بن محمد بن علي بن نفيل قال : قرأت على معقل - يعني ابن عبيد الله - عن عبد الله بن أبي حسين ، عن شهر بن حوشب قال : لقي سلمان رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعض فجاج المدينة ، فسجد له ، فقال : " لا تسجد لي يا سلمان ، واسجد للحي الذي لا يموت " وهذا مرسل حسن .[ وقوله تعالى : ( وسبح بحمده ) ، أي : اقرن بين حمده وتسبيحه ] ; ولهذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " سبحانك اللهم ربنا وبحمدك " أي : أخلص له العبادة والتوكل ، كما قال تعالى : ( رب المشرق والمغرب لا إله إلا هو فاتخذه وكيلا ) [ المزمل : 9 ] .وقال : ( فاعبده وتوكل عليه ) [ هود : 123 ] ( قل هو الرحمن آمنا به وعليه توكلنا ) [ الملك : 29 ] .وقوله : ( وكفى به بذنوب عباده خبيرا ) أي : لعلمه التام الذي لا يخفى عليه خافية ، ولا يعزب عنه مثقال ذرة .
25:59
الَّذِیْ خَلَقَ السَّمٰوٰتِ وَ الْاَرْضَ وَ مَا بَیْنَهُمَا فِیْ سِتَّةِ اَیَّامٍ ثُمَّ اسْتَوٰى عَلَى الْعَرْشِۚۛ-اَلرَّحْمٰنُ فَسْــٴَـلْ بِهٖ خَبِیْرًا(۵۹)
جس نے آسمان اور زمین اور جو کچھ ان کے درمیان ہے چھ دن میں بنائے (ف۱۰۶) پھر عرش پر استواء فرمایا جیسا کہ اس کی شان کے لائق ہے (ف۱۰۷) وہ بڑی مہر والا تو کسی جاننے والے سے اس کی تعریف پوچھ (ف۱۰۸)

وقوله : ( الذي خلق السماوات والأرض وما بينهما في ستة أيام ) أي : هو الحي الذي لا يموت ، وهو خالق كل شيء وربه ومليكه ، الذي خلق بقدرته وسلطانه السماوات السبع في ارتفاعها واتساعها ، والأرضين السبع في سفولها وكثافتها ، ( في ستة أيام ثم استوى على العرش [ الرحمن ] ) ، أي : يدبر الأمر ، ويقضي الحق ، وهو خير الفاصلين .وقوله : ( ثم استوى على العرش الرحمن فاسأل به خبيرا ) أي : استعلم عنه من هو خبير به عالم به فاتبعه واقتد به ، وقد علم أنه لا أحد أعلم بالله ولا أخبر به من عبده ورسوله محمد ، صلوات الله وسلامه عليه سيد ولد آدم على الإطلاق ، في الدنيا والآخرة ، الذي لا ينطق عن الهوى ، إن هو إلا وحي يوحى - فما قاله فهو حق ، وما أخبر به فهو صدق ، وهو الإمام المحكم الذي إذا تنازع الناس في شيء ، وجب رد نزاعهم إليه ، فما يوافق أقواله ، وأفعاله فهو الحق ، وما يخالفها فهو مردود على قائله وفاعله ، كائنا من كان ، قال الله تعالى : ( فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول ) [ النساء : 59 ] .وقال : ( وما اختلفتم فيه من شيء فحكمه إلى الله ) [ الشورى : 10 ] ، وقال تعالى : ( وتمت كلمة ربك صدقا وعدلا ) [ الأنعام : 115 ] أي : صدقا في الإخبار وعدلا في الأوامر والنواهي; ولهذا قال : ( فاسأل به خبيرا ) قال مجاهد في قوله : ( فاسأل به خبيرا ) قال : ما أخبرتك من شيء فهو كما أخبرتك . وكذا قال ابن جريج .وقال شمر بن عطية في قوله : ( فاسأل به خبيرا ) قال : هذا القرآن خبير به .
25:60
وَ اِذَا قِیْلَ لَهُمُ اسْجُدُوْا لِلرَّحْمٰنِ قَالُوْا وَ مَا الرَّحْمٰنُۗ-اَنَسْجُدُ لِمَا تَاْمُرُنَا وَ زَادَهُمْ نُفُوْرًا۠۩(۶۰)
اور جب ان سے کہا جائے (ف۱۰۹) رحمن کو سجدہ کرو کہتے ہیں رحمن کیا ہے، کیا ہم سجدہ کرلیں جسے تم کہو (ف۱۱۰) اور اس حکم نے انہیں اور بدکنا بڑھایا (ف۱۱۱) السجدة ۔۷

ثم قال تعالى منكرا على المشركين الذين يسجدون لغير الله من الأصنام والأنداد : ( وإذا قيل لهم اسجدوا للرحمن قالوا وما الرحمن ) ؟ أي : لا نعرف الرحمن . وكانوا ينكرون أن يسمى الله باسمه الرحمن ، كما أنكروا ذلك يوم الحديبية حين قال النبي صلى الله عليه وسلم للكاتب : " اكتب بسم الله الرحمن الرحيم " فقالوا : لا نعرف الرحمن ولا الرحيم ، ولكن اكتب كما كنت تكتب : باسمك اللهم; ولهذا أنزل الله : ( قل ادعوا الله أو ادعوا الرحمن أيا ما تدعوا فله الأسماء الحسنى ) [ الإسراء : 110 ] أي : هو الله وهو الرحمن . وقال في هذه الآية : ( وإذا قيل لهم اسجدوا للرحمن قالوا وما الرحمن ) ؟ أي : لا نعرفه ولا نقر به؟ ( أنسجد لما تأمرنا ) أي : لمجرد قولك؟ ( وزادهم نفورا ) ، أما المؤمنون فإنهم يعبدون الله الذي هو الرحمن الرحيم ، ويفردونه بالإلهية ويسجدون له . وقد اتفق العلماء - رحمهم الله - على أن هذه السجدة التي في الفرقان مشروع السجود عندها لقارئها ومستمعها ، كما هو مقرر في موضعه ، والله أعلم .
25:61
تَبٰرَكَ الَّذِیْ جَعَلَ فِی السَّمَآءِ بُرُوْجًا وَّ جَعَلَ فِیْهَا سِرٰجًا وَّ قَمَرًا مُّنِیْرًا(۶۱)
بڑی برکت والا ہے وہ جس نے آسمان میں برج بنائے (ف۱۱۲) اور ان میں چراغ رکھا (ف۱۱۳) اور چمکتا چاند،

يقول تعالى ممجدا نفسه ، ومعظما على جميل ما خلق في السماء من البروج - وهي الكواكب العظام - في قول مجاهد ، وسعيد بن جبير ، وأبي صالح ، والحسن ، وقتادة .وقيل : هي قصور في السماء للحرس ، يروى هذا عن علي ، وابن عباس ، ومحمد بن كعب ، وإبراهيم النخعي ، وسليمان بن مهران الأعمش . وهو رواية عن أبي صالح أيضا ، والقول الأول أظهر . اللهم إلا أن يكون الكواكب العظام هي قصور للحرس ، فيجتمع القولان ، كما قال تعالى : ( ولقد زينا السماء الدنيا بمصابيح وجعلناها رجوما للشياطين ) [ الملك : 5 ] ; ولهذا قال : ( تبارك الذي جعل في السماء بروجا وجعل فيها سراجا ) وهي الشمس المنيرة ، التي هي كالسراج في الوجود ، كما قال : ( وجعلنا سراجا وهاجا ) [ النبأ : 13 ] .( وقمرا منيرا ) أي : مضيئا مشرقا بنور آخر ونوع وفن آخر ، غير نور الشمس ، كما قال : ( هو الذي جعل الشمس ضياء والقمر نورا ) [ يونس : 5 ] ، وقال مخبرا عن نوح ، عليه السلام ، أنه قال لقومه : ( ألم تروا كيف خلق الله سبع سماوات طباقا وجعل القمر فيهن نورا وجعل الشمس سراجا ) [ نوح : 15 - 16 ] .
25:62
وَ هُوَ الَّذِیْ جَعَلَ الَّیْلَ وَ النَّهَارَ خِلْفَةً لِّمَنْ اَرَادَ اَنْ یَّذَّكَّرَ اَوْ اَرَادَ شُكُوْرًا(۶۲)
اور وہی ہے جس نے رات اور دن کی بدلی رکھی (ف۱۱۴) اس کے لیے جو دھیان کرنا چاہے یا شکر کا ارادہ کرے،

ثم قال : ( وهو الذي جعل الليل والنهار خلفة ) أي : يخلف كل واحد منهما الآخر ، يتعاقبان لا يفتران . إذا ذهب هذا جاء هذا ، وإذا جاء هذا ذهب ذاك ، كما قال : ( وسخر لكم الشمس والقمر دائبين وسخر لكم الليل والنهار ) [ إبراهيم : 33 ] ، وقال ( يغشي الليل النهار يطلبه حثيثا والشمس والقمر والنجوم مسخرات بأمره ) [ الأعراف : 54 ] وقال : ( لا الشمس ينبغي لها أن تدرك القمر ولا الليل سابق النهار وكل في فلك يسبحون ) [ يس : 40 ] .وقوله : ( لمن أراد أن يذكر أو أراد شكورا ) أي : جعلهما يتعاقبان ، توقيتا لعبادة عباده له ، فمن فاته عمل في الليل استدركه في النهار ، ومن فاته عمل في النهار استدركه في الليل . وقد جاء في الحديث الصحيح : " إن الله تعالى يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار ، ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل " .قال أبو داود الطيالسي : حدثنا أبو حرة عن الحسن : أن عمر بن الخطاب أطال صلاة الضحى ، فقيل له : صنعت اليوم شيئا لم تكن تصنعه؟ فقال : إنه بقي علي من وردي شيء ، فأحببت أن أتمه - أو قال : أقضيه - وتلا هذه الآية : ( وهو الذي جعل الليل والنهار خلفة لمن أراد أن يذكر أو أراد شكورا ] ) .وقال علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس [ قوله : ( وهو الذي جعل الليل والنهار خلفة ) ] يقول : من فاته شيء من الليل أن يعمله ، أدركه بالنهار ، أو من النهار أدركه بالليل . وكذا قال عكرمة ، وسعيد بن جبير . والحسن .وقال مجاهد ، وقتادة : ( خلفة ) أي : مختلفين ، هذا بسواده ، وهذا بضيائه .
25:63
وَ عِبَادُ الرَّحْمٰنِ الَّذِیْنَ یَمْشُوْنَ عَلَى الْاَرْضِ هَوْنًا وَّ اِذَا خَاطَبَهُمُ الْجٰهِلُوْنَ قَالُوْا سَلٰمًا(۶۳)
اور رحمن کے وہ بندے کہ زمین پر آہستہ چلتے ہیں (ف۱۱۵) اور جب جاہل ان سے بات کرتے ہیں (ف۱۱۶) تو کہتے ہیں بس سلام (ف۱۱۷)

هذه صفات عباد الله المؤمنين ( الذين يمشون على الأرض هونا ) أي : بسكينة ووقار من غير جبرية ولا استكبار ، كما قال : ( ولا تمش في الأرض مرحا إنك لن تخرق الأرض ولن تبلغ الجبال طولا ) [ الإسراء : 37 ] . فأما هؤلاء فإنهم يمشون من غير استكبار ولا مرح ، ولا أشر ولا بطر ، وليس المراد أنهم يمشون كالمرضى من التصانع تصنعا ورياء ، فقد كان سيد ولد آدم صلى الله عليه وسلم إذا مشى كأنما ينحط من صبب ، وكأنما الأرض تطوى له . وقد كره بعض السلف المشي بتضعف وتصنع ، حتى روي عن عمر أنه رأى شابا يمشي رويدا ، فقال : ما بالك؟ أأنت مريض؟ قال : لا يا أمير المؤمنين . فعلاه بالدرة ، وأمره أن يمشي بقوة . وإنما المراد بالهون هاهنا السكينة والوقار ، كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إذا أتيتم الصلاة فلا تأتوها وأنتم تسعون ، وأتوها وعليكم السكينة ، فما أدركتم فصلوا ، وما فاتكم فأتموا " .وقال عبد الله بن المبارك ، عن معمر ، عن يحيى بن المختار ، عن الحسن البصري في قوله : ( وعباد الرحمن الذين يمشون على الأرض هونا ) قال : إن المؤمنين قوم ذلل ، ذلت منهم - والله - الأسماع والأبصار والجوارح ، حتى تحسبهم مرضى وما بالقوم من مرض ، وإنهم لأصحاء ، ولكنهم دخلهم من الخوف ما لم يدخل غيرهم ، ومنعهم من الدنيا علمهم بالآخرة ، فقالوا : الحمد لله الذي أذهب عنا الحزن . أما والله ما أحزنهم حزن الناس ، ولا تعاظم في نفوسهم شيء طلبوا به الجنة ، أبكاهم الخوف من النار ، وإنه من لم يتعز بعزاء الله تقطع نفسه على الدنيا حسرات ، ومن لم ير لله نعمة إلا في مطعم أو في مشرب ، فقد قل علمه وحضر عذابه .وقوله : ( وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما ) أي : إذا سفه عليهم الجهال بالسيئ ، لم يقابلوهم عليه بمثله ، بل يعفون ويصفحون ، ولا يقولون إلا خيرا ، كما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تزيده شدة الجهل عليه إلا حلما ، وكما قال تعالى : ( وإذا سمعوا اللغو أعرضوا عنه وقالوا لنا أعمالنا ولكم أعمالكم سلام عليكم لا نبتغي الجاهلين ) [ القصص : 55 ] .وقال الإمام أحمد : حدثنا أسود بن عامر ، حدثنا أبو بكر ، عن الأعمش ، عن أبي خالد الوالبي ، عن النعمان بن مقرن المزني قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم [ وسب رجل رجلا عنده ، قال : فجعل الرجل المسبوب يقول : عليك السلام . قال : فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أما ] إن ملكا بينكما يذب عنك ، كلما شتمك هذا قال له : بل أنت وأنت أحق به . وإذا قال له : عليك السلام ، قال : لا بل عليك ، وأنت أحق به . " إسناده حسن ، ولم يخرجوه .وقال مجاهد : ( قالوا سلاما ) يعني : قالوا : سدادا .وقال سعيد بن جبير : ردوا معروفا من القول .وقال الحسن البصري : ( قالوا [ سلاما ) ، قال : حلماء لا يجهلون ] ، وإن جهل عليهم حلموا . يصاحبون عباد الله نهارهم بما تسمعون ، ثم ذكر أن ليلهم خير ليل .
25:64
وَ الَّذِیْنَ یَبِیْتُوْنَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وَّ قِیَامًا(۶۴)
اور وہ جو رات کاٹتے ہیں اپنے رب کے لیے سجدے اور قیام میں (ف۱۱۸)

وقوله : ( والذين يبيتون لربهم سجدا وقياما ) أي : في عبادته وطاعته ، كما قال تعالى : ( كانوا قليلا من الليل ما يهجعون وبالأسحار هم يستغفرون ) [ الذاريات : 17 - 18 ] ، وقال ( تتجافى جنوبهم عن المضاجع يدعون ربهم خوفا وطمعا ومما رزقناهم ينفقون ) [ السجدة : 16 ] وقال ( أمن هو قانت آناء الليل ساجدا وقائما يحذر الآخرة ويرجو رحمة ربه ) الآية [ الزمر : 9 ]
25:65
وَ الَّذِیْنَ یَقُوْلُوْنَ رَبَّنَا اصْرِفْ عَنَّا عَذَابَ جَهَنَّمَ ﳓ اِنَّ عَذَابَهَا كَانَ غَرَامًاۗۖ(۶۵)
اور وہ جو عرض کرتے ہیں اے ہمارے رب! ہم سے پھیر دے جہنم کا عذاب، بیشک اس کا عذاب گلے کا غل (پھندا) ہے (ف۱۱۹)

ولهذا قال : ( والذين يقولون ربنا اصرف عنا عذاب جهنم إن عذابها كان غراما ) أي : ملازما دائما ، كما قال الشاعر :إن يعذب يكن غراما ، وإن يع ط جزيلا فإنه لا يباليولهذا قال الحسن في قوله : ( إن عذابها كان غراما ) : كل شيء يصيب ابن آدم ويزول عنه فليس بغرام ، وإنما الغرام اللازم ما دامت السماوات والأرض . وكذا قال سليمان التيمي .وقال محمد بن كعب [ القرظي ] : ( إن عذابها كان غراما ) يعني : ما نعموا في الدنيا; إن الله سأل الكفار عن النعمة فلم يردوها إليه ، فأغرمهم فأدخلهم النار .
25:66
اِنَّهَا سَآءَتْ مُسْتَقَرًّا وَّ مُقَامًا(۶۶)
بیشک وہ بہت ہی بری ٹھہرنے کی جگہ ہے،

( إنها ساءت مستقرا ومقاما ) أي : بئس المنزل منظرا ، وبئس المقيل مقاما .[ و ] قال ابن أبي حاتم عند قوله : ( إنها ساءت مستقرا ومقاما ) : حدثنا أبي ، حدثنا الحسن بن الربيع ، حدثنا أبو الأحوص عن الأعمش ، عن مالك بن الحارث قال : إذا طرح الرجل في النار هوى فيها ، فإذا انتهى إلى بعض أبوابها قيل له : مكانك حتى تتحف ، قال : فيسقى كأسا من سم الأساود والعقارب ، قال : فيميز الجلد على حدة ، والشعر على حدة ، والعصب على حدة ، والعروق على حدة .وقال أيضا : حدثنا أبي ، حدثنا الحسن بن الربيع ، حدثنا أبو الأحوص ، عن الأعمش ، عن مجاهد ، عن عبيد بن عمير قال : إن في النار لجبابا فيها حيات أمثال البخت ، وعقارب أمثال البغال الدلم ، فإذا قذف بهم في النار خرجت إليهم من أوطانها فأخذت بشفاههم وأبشارهم وأشعارهم ، فكشطت لحومهم إلى أقدامهم ، فإذا وجدت حر النار رجعت .وقال الإمام أحمد : حدثنا الحسن بن موسى ، حدثنا سلام - يعني ابن مسكين - عن أبي ظلال ، عن أنس بن مالك - رضي الله عنه - عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " إن عبدا في جهنم لينادي ألف سنة : يا حنان ، يا منان . فيقول الله لجبريل : اذهب فآتني بعبدي هذا . فينطلق جبريل فيجد أهل النار منكبين يبكون ، فيرجع إلى ربه عز وجل فيخبره ، فيقول الله عز وجل : آتني به فإنه في مكان كذا وكذا . فيجيء به فيوقفه على ربه عز وجل ، فيقول له : يا عبدي ، كيف وجدت مكانك ومقيلك؟ فيقول : يا رب شر مكان ، شر مقيل . فيقول : ردوا عبدي . فيقول : يا رب ، ما كنت أرجو إذ أخرجتني منها أن تردني فيها! فيقول : دعوا عبدي .
25:67
وَ الَّذِیْنَ اِذَاۤ اَنْفَقُوْا لَمْ یُسْرِفُوْا وَ لَمْ یَقْتُرُوْا وَ كَانَ بَیْنَ ذٰلِكَ قَوَامًا(۶۷)
اور وہ کہ جب خرچ کرتے ہیں نہ حد سے بڑھیں اور نہ تنگی کریں (ف۱۲۰) اور ان دونوں کے بیچ اعتدال پر رہیں (ف۱۲۱)

وقوله : ( والذين إذا أنفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا وكان بين ذلك قواما ) أي : ليسوا بمبذرين في إنفاقهم فيصرفون فوق الحاجة ، ولا بخلاء على أهليهم فيقصرون في حقهم فلا يكفونهم ، بل عدلا خيارا ، وخير الأمور أوسطها ، لا هذا ولا هذا ، ( وكان بين ذلك قواما ) ، كما قال : ( ولا تجعل يدك مغلولة إلى عنقك ولا تبسطها كل البسط فتقعد ملوما محسورا ) [ الإسراء : 29 ] .وقال الإمام أحمد : حدثنا عصام بن خالد ، حدثني أبو بكر بن عبد الله بن أبي مريم الغساني ، عن ضمرة ، عن أبي الدرداء ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " من فقه الرجل رفقه في معيشته " . ولم يخرجوه .وقال [ الإمام ] أحمد أيضا : حدثنا أبو عبيدة الحداد ، حدثنا سكين بن عبد العزيز العبدي ، حدثنا إبراهيم الهجري عن أبي الأحوص ، عن عبد الله بن مسعود قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ما عال من اقتصد " . ولم يخرجوه .وقال الحافظ أبو بكر البزار : حدثنا أحمد بن يحيى ، حدثنا إبراهيم بن محمد بن ميمون حدثنا سعيد بن حكيم ، عن مسلم بن حبيب ، عن بلال - يعني العبسي - عن حذيفة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " ما أحسن القصد في الغنى ، وأحسن القصد في الفقر ، وأحسن القصد في العبادة " ثم قال : لا نعرفه يروى إلا من حديث حذيفة رضي الله عنه .وقال إياس بن معاوية : ما جاوزت به أمر الله فهو سرف .وقال غيره : السرف النفقة في معصية الله .وقال الحسن البصري : ليس النفقة في سبيل الله سرفا [ والله أعلم ] .
25:68
وَ الَّذِیْنَ لَا یَدْعُوْنَ مَعَ اللّٰهِ اِلٰهًا اٰخَرَ وَ لَا یَقْتُلُوْنَ النَّفْسَ الَّتِیْ حَرَّمَ اللّٰهُ اِلَّا بِالْحَقِّ وَ لَا یَزْنُوْنَۚ-وَ مَنْ یَّفْعَلْ ذٰلِكَ یَلْقَ اَثَامًاۙ(۶۸)
اور وہ جو اللہ کے ساتھ کسی دوسرے معبود کو نہیں پوجتے (ف۱۲۲) اور اس جان کو جس کی اللہ نے حرمت رکھی (ف۱۲۳) ناحق نہیں مارتے اور بدکاری نہیں کرتے (ف۱۲۴) اور جو یہ کام کرے وہ سزا پائے گا،

قال الإمام أحمد : حدثنا أبو معاوية ، حدثنا الأعمش ، عن شقيق ، عن عبد الله - هو ابن مسعود - قال : سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم أي الذنب أكبر؟ قال : " أن تجعل لله ندا وهو خلقك " . قال : ثم أي؟ قال : " أن تقتل ولدك خشية أن يطعم معك " . قال : ثم أي؟ قال : " أن تزاني حليلة جارك " . قال عبد الله : وأنزل الله تصديق ذلك : ( والذين لا يدعون مع الله إلها آخر ولا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق ولا يزنون ومن يفعل ذلك يلق أثاما ) .وهكذا رواه النسائي عن هناد بن السري ، عن أبي معاوية ، به .وقد أخرجه البخاري ومسلم ، من حديث الأعمش ومنصور - زاد البخاري : وواصل - ثلاثتهم عن أبي وائل ، شقيق بن سلمة ، عن أبي ميسرة عمرو بن شرحبيل ، عن ابن مسعود ، به ، فالله أعلم ، ولفظهما عن ابن مسعود قال : قلت : يا رسول الله ، أي الذنب أعظم؟ الحديث .طريق غريب : وقال ابن جرير : حدثنا أحمد بن إسحاق الأهوازي ، حدثنا عامر بن مدرك ، حدثنا السري - يعني ابن إسماعيل - حدثنا الشعبي ، عن مسروق قال : قال عبد الله : خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم فاتبعته ، فجلس على نشز من الأرض ، وقعدت أسفل منه ، ووجهي حيال ركبتيه ، واغتنمت خلوته وقلت : بأبي أنت وأمي يا رسول الله ، أي الذنوب أكبر؟ قال : " أن تدعو لله ندا وهو خلقك " . قلت : ثم مه؟ قال : " أن تقتل ولدك كراهية أن يطعم معك " . قلت : ثم مه؟ قال : " أن تزاني حليلة جارك " . ثم قرأ : ( والذين لا يدعون مع الله إلها آخر ) . [ إلى آخر ] الآية .وقال النسائي : حدثنا قتيبة بن سعيد ، حدثنا جرير ، عن منصور ، عن هلال بن يساف ، عن سلمة بن قيس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع : " ألا إنما هي أربع - فما أنا بأشح عليهن مني منذ سمعتهن من رسول الله صلى الله عليه وسلم - : لا تشركوا بالله شيئا ، ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق ، ولا تزنوا ، ولا تسرقوا " .وقال الإمام أحمد : حدثنا علي بن المديني ، رحمه الله ، حدثنا محمد بن فضيل بن غزوان ، حدثنا محمد بن سعد الأنصاري ، سمعت أبا طبية الكلاعي ، سمعت المقداد بن الأسود ، رضي الله عنه ، يقول : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه : " ما تقولون في الزنى " ؟ قالوا : حرمه الله ورسوله ، فهو حرام إلى يوم القيامة ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه : " لأن يزني الرجل بعشر نسوة أيسر عليه من أن يزني بامرأة جاره " . قال : " ما تقولون في السرقة " ؟ قالوا : حرمها الله ورسوله ، فهي حرام . قال : " لأن يسرق الرجل من عشرة أبيات أيسر عليه من أن يسرق من جاره " .وقال أبو بكر بن أبي الدنيا : حدثنا عمار بن نصر ، حدثنا بقية ، عن أبي بكر بن أبي مريم ، عن الهيثم بن مالك الطائي عن النبي صلى الله عليه وسلم : قال : " ما من ذنب بعد الشرك أعظم عند الله من نطفة وضعها رجل في رحم لا يحل له " .وقال ابن جريج : أخبرني يعلى ، عن سعيد بن جبير أنه سمعه يحدث عن ابن عباس : أن ناسا من أهل الشرك قتلوا فأكثروا ، وزنوا فأكثروا ، ثم أتوا محمدا صلى الله عليه وسلم فقالوا : إن الذي تقول وتدعو إليه لحسن ، لو تخبرنا أن لما عملنا كفارة ، فنزلت : ( والذين لا يدعون مع الله إلها آخر ولا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق ولا يزنون ) ، ونزلت : ( قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا [ إنه هو الغفور الرحيم ] ) [ الزمر : 53 ] .وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبي ، حدثنا ابن أبي عمر ، حدثنا سفيان ، عن عمرو ، عن أبي فاختة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لرجل : " إن الله ينهاك أن تعبد المخلوق وتدع الخالق ، وينهاك أن تقتل ولدك وتغذو كلبك ، وينهاك أن تزني بحليلة جارك " . قال سفيان : وهو قوله : ( والذين لا يدعون مع الله إلها آخر ولا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق ولا يزنون ) .وقوله : ( ومن يفعل ذلك يلق أثاما ) . روي عن عبد الله بن عمرو أنه قال : ( أثاما ) واد في جهنم .وقال عكرمة : ( يلق أثاما ) أودية في جهنم يعذب فيها الزناة . وكذا روي عن سعيد بن جبير ، ومجاهد .وقال قتادة : ( يلق أثاما ) نكالا كنا نحدث أنه واد في جهنم .وقد ذكر لنا أن لقمان كان يقول : يا بني ، إياك والزنى ، فإن أوله مخافة ، وآخره ندامة .وقد ورد في الحديث الذي رواه ابن جرير وغيره ، عن أبي أمامة الباهلي - موقوفا ومرفوعا - أن " غيا " و " أثاما " بئران في قعر جهنم أجارنا الله منها بمنه وكرمه .وقال السدي : ( يلق أثاما ) : جزاء .وهذا أشبه بظاهر الآية; ولهذا فسره بما بعده مبدلا منه ، وهو قوله :
25:69
یُّضٰعَفْ لَهُ الْعَذَابُ یَوْمَ الْقِیٰمَةِ وَ یَخْلُدْ فِیْهٖ مُهَانًاۗۖ(۶۹)
بڑھایا جائے گا اس پر عذابِ قیامت کے دن (ف۱۲۵) اور ہمیشہ اس میں ذلت سے رہے گا،

( يضاعف له العذاب يوم القيامة ) أي : يكرر عليه ويغلظ ، ( ويخلد فيه مهانا ) أي : حقيرا ذليلا .
25:70
اِلَّا مَنْ تَابَ وَ اٰمَنَ وَ عَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَاُولٰٓىٕكَ یُبَدِّلُ اللّٰهُ سَیِّاٰتِهِمْ حَسَنٰتٍؕ-وَ كَانَ اللّٰهُ غَفُوْرًا رَّحِیْمًا(۷۰)
مگر جو توبہ کرے (ف۱۲۶) اور ایمان لائے (ف۱۲۷) اور اچھا کام کرے (ف۱۲۷) اور اچھا کام کرے (ف۱۲۸) تو ایسوں کی برائیوں کو اللہ بھلائیوں سے بدل دے گا (ف۱۲۹) اور اللہ بخشنے والا مہربان ہے،

وقوله : ( إلا من تاب وآمن وعمل [ عملا ] صالحا ) أي : جزاؤه على ما فعل من هذه الصفات القبيحة ما ذكر ( إلا من تاب ) في الدنيا إلى الله من جميع ذلك ، فإن الله يتوب عليه .وفي ذلك دلالة على صحة توبة القاتل ، ولا تعارض بين هذه وبين آية النساء : ( ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم خالدا فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعد له عذابا عظيما ) [ النساء : 93 ] فإن هذه وإن كانت مدنية إلا أنها مطلقة ، فتحمل على من لم يتب ، لأن هذه مقيدة بالتوبة ، ثم قد قال [ الله ] تعالى : ( إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء ) [ النساء : 48 ، 116 ] .وقد ثبتت السنة الصحيحة ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بصحة توبة القاتل ، كما ذكر مقررا من قصة الذي قتل مائة رجل ثم تاب ، وقبل منه ، وغير ذلك من الأحاديث .وقوله : ( فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات وكان الله غفورا رحيما ) : في معنى قوله : ( يبدل الله سيئاتهم حسنات ) قولان :أحدهما : أنهم بدلوا مكان عمل السيئات بعمل الحسنات . قال علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس في قوله : ( فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات ) قال : هم المؤمنون ، كانوا من قبل إيمانهم على السيئات ، فرغب الله بهم عن ذلك فحولهم إلى الحسنات ، فأبدلهم مكان السيئات الحسنات .وروى مجاهد ، عن ابن عباس أنه كان ينشد عند هذه الآية :بدلن بعد حره خريفا وبعد طول النفس الوجيفايعني : تغيرت تلك الأحوال إلى غيرها .وقال عطاء بن أبي رباح : هذا في الدنيا ، يكون الرجل على هيئة قبيحة ، ثم يبدله الله بها خيرا .وقال سعيد بن جبير : أبدلهم بعبادة الأوثان عبادة الله ، وأبدلهم بقتال المسلمين قتالا مع المسلمين للمشركين ، وأبدلهم بنكاح المشركات نكاح المؤمنات .وقال الحسن البصري : أبدلهم الله بالعمل السيئ العمل الصالح ، وأبدلهم بالشرك إخلاصا ، وأبدلهم بالفجور إحصانا وبالكفر إسلاما .وهذا قول أبي العالية ، وقتادة ، وجماعة آخرين .والقول الثاني : أن تلك السيئات الماضية تنقلب بنفس التوبة النصوح حسنات ، وما ذاك إلا أنه كلما تذكر ما مضى ندم واسترجع واستغفر ، فينقلب الذنب طاعة بهذا الاعتبار . فيوم القيامة وإن وجده مكتوبا عليه لكنه لا يضره وينقلب حسنة في صحيفته ، كما ثبتت السنة بذلك ، وصحت به الآثار المروية عن السلف ، رحمهم الله تعالى - وهذا سياق الحديث - قال الإمام أحمد :حدثنا أبو معاوية ، حدثنا الأعمش ، عن المعرور بن سويد ، عن أبي ذر ، رضي الله عنه ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إني لأعرف آخر أهل النار خروجا من النار ، وآخر أهل الجنة دخولا إلى الجنة : يؤتى برجل فيقول : نحوا كبار ذنوبه وسلوه عن صغارها ، قال : فيقال له : عملت يوم كذا وكذا كذا ، وعملت يوم كذا وكذا كذا؟ فيقول : نعم - لا يستطيع أن ينكر من ذلك شيئا - فيقال : فإن لك بكل سيئة حسنة . فيقول : يا رب ، عملت أشياء لا أراها هاهنا " . قال : فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى بدت نواجذه . وانفرد به مسلم .وقال الحافظ أبو القاسم الطبراني : حدثنا هاشم بن يزيد ، حدثنا محمد بن إسماعيل ، حدثني أبي ، حدثني ضمضم بن زرعة ، عن شريح بن عبيد عن أبي مالك الأشعري قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إذا نام ابن آدم قال الملك للشيطان : أعطني صحيفتك . فيعطيه إياها ، فما وجد في صحيفته من حسنة محا بها عشر سيئات من صحيفة الشيطان ، وكتبهن حسنات ، فإذا أراد أن ينام أحدكم فليكبر ثلاثا وثلاثين تكبيرة ، ويحمد أربعا وثلاثين تحميدة ، ويسبح ثلاثا وثلاثين تسبيحة ، فتلك مائة " .وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبي ، حدثنا أبو سلمة وعارم قالا حدثنا ثابت - يعني : ابن يزيد أبو زيد - حدثنا عاصم ، عن أبي عثمان ، عن سلمان قال : يعطى رجل يوم القيامة صحيفته فيقرأ أعلاها ، فإذا سيئاته ، فإذا كاد يسوء ظنه نظر في أسفلها فإذا حسناته ، ثم ينظر في أعلاها فإذا هي قد بدلت حسنات .وقال أيضا : حدثنا أبي ، حدثنا هشام بن عمار ، حدثنا سليمان بن موسى الزهري أبو داود ، حدثنا أبو العنبس ، عن أبيه ، عن أبي هريرة قال : ليأتين الله عز وجل بأناس يوم القيامة رأوا أنهم قد استكثروا من السيئات ، قيل : من هم يا أبا هريرة؟ قال : الذين يبدل الله سيئاتهم حسنات .وقال أيضا : حدثنا أبي ، حدثنا عبد الله بن أبي زياد ، حدثنا سيار ، حدثنا جعفر ، حدثنا أبو حمزة ، عن أبي الضيف - وكان من أصحاب معاذ بن جبل - قال : يدخل أهل الجنة الجنة على أربعة أصناف : المتقين ، ثم الشاكرين ، ثم الخائفين ، ثم أصحاب اليمين . قلت : لم سموا أصحاب اليمين؟ قال : لأنهم عملوا الحسنات والسيئات ، فأعطوا كتبهم بأيمانهم ، فقرؤوا سيئاتهم حرفا حرفا - قالوا : يا ربنا ، هذه سيئاتنا ، فأين حسناتنا؟ . فعند ذلك محا الله السيئات وجعلها حسنات ، فعند ذلك قالوا : ( هاؤم اقرؤوا كتابيه ) ، فهم أكثر أهل الجنة .وقال علي بن الحسين زين العابدين : ( يبدل الله سيئاتهم حسنات ) قال : في الآخرة .وقال مكحول : يغفرها لهم فيجعلها حسنات : [ رواهما ابن أبي حاتم ، وروى ابن جرير ، عن سعيد بن المسيب مثله ] .قال ابن أبي حاتم : حدثنا أبي ، حدثنا محمد بن الوزير الدمشقي ، حدثنا الوليد بن مسلم ، حدثنا أبو جابر ، أنه سمع مكحولا يحدث قال : جاء شيخ كبير هرم قد سقط حاجباه على عينيه ، فقال : يا رسول الله ، رجل غدر وفجر ، ولم يدع حاجة ولا داجة إلا اقتطعها بيمينه ، لو قسمت خطيئته بين أهل الأرض لأوبقتهم ، فهل له من توبة؟ فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أسلمت؟ " قال : أما أنا فأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأن محمدا عبده ورسوله . فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " فإن الله غافر لك ما كنت كذلك ، ومبدل سيئاتك حسنات " . فقال : يا رسول الله ، وغدراتي وفجراتي؟ فقال : " وغدراتك وفجراتك " . فولى الرجل يهلل ويكبر .وروى الطبراني من حديث أبي المغيرة ، عن صفوان بن عمرو ، عن عبد الرحمن بن جبير ، عن أبي فروة - شطب - أنه أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : أرأيت رجلا عمل الذنوب كلها ، ولم يترك حاجة ولا داجة ، فهل له من توبة؟ فقال : " أسلمت؟ " فقال : نعم ، قال : " فافعل الخيرات ، واترك السيئات ، فيجعلها الله لك خيرات كلها " . قال : وغدراتي وفجراتي؟ قال : " نعم " . قال فما زال يكبر حتى توارى .ورواه الطبراني من طريق أبي فروة الرهاوي ، عن ياسين الزيات ، عن أبي سلمة الحمصي ، عن يحيى بن جابر ، عن سلمة بن نفيل مرفوعا .وقال أيضا : حدثنا أبو زرعة ، حدثنا إبراهيم بن المنذر ، حدثنا عيسى بن شعيب بن ثوبان ، عن فليح الشماس ، عن عبيد بن أبي عبيد عن أبي هريرة ، رضي الله عنه ، قال : جاءتني امرأة فقالت : هل لي من توبة؟ إني زنيت وولدت وقتلته . فقلت لا ولا نعمت العين ولا كرامة . فقامت وهي تدعو بالحسرة . ثم صليت مع النبي صلى الله عليه وسلم الصبح ، فقصصت عليه ما قالت المرأة وما قلت لها ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " بئسما قلت! أما كنت تقرأ هذه الآية : ( والذين لا يدعون مع الله إلها آخر ) إلى قوله : ( إلا من تاب وآمن وعمل عملا صالحا فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات وكان الله غفورا رحيما ) فقرأتها عليها . فخرت ساجدة وقالت : الحمد لله الذي جعل لي مخرجا .هذا حديث غريب من هذا الوجه ، وفي رجاله من لا يعرف والله أعلم . وقد رواه ابن جرير من حديث إبراهيم بن المنذر الحزامي بسنده بنحوه ، وعنده : فخرجت تدعو بالحسرة وتقول : يا حسرتا! أخلق هذا الحسن للنار؟ وعنده أنه لما رجع من عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ، تطلبها في جميع دور المدينة فلم يجدها ، فلما كان من الليلة المقبلة جاءته ، فأخبرها بما قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فخرت ساجدة ، وقالت : الحمد لله الذي جعل لي مخرجا وتوبة مما عملت . وأعتقت جارية كانت معها وابنتها ، وتابت إلى الله عز وجل
25:71
وَ مَنْ تَابَ وَ عَمِلَ صَالِحًا فَاِنَّهٗ یَتُوْبُ اِلَى اللّٰهِ مَتَابًا(۷۱)
اور جو توبہ کرے اور اچھا کام کرے تو وہ اللہ کی طرف رجوع لایا جیسی چاہیے تھی،

ثم قال تعالى مخبرا عن عموم رحمته بعباده وأنه من تاب إليه منهم تاب عليه من أي ذنب كان ، جليل أو حقير ، كبير أو صغير : فقال ( ومن تاب وعمل صالحا فإنه يتوب إلى الله متابا ) أي : فإن الله يقبل توبته ، كما قال تعالى : ( ومن يعمل سوءا أو يظلم نفسه ثم يستغفر الله يجد الله غفورا رحيما ) [ النساء : 110 ] ، وقال ( ألم يعلموا أن الله هو يقبل التوبة عن عباده ويأخذ الصدقات وأن الله هو التواب الرحيم ) [ التوبة : 104 ] ، وقال ( قل ياعبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا إنه هو الغفور الرحيم ) [ الزمر : 53 ] ، أي : لمن تاب إليه .
25:72
وَ الَّذِیْنَ لَا یَشْهَدُوْنَ الزُّوْرَۙ-وَ اِذَا مَرُّوْا بِاللَّغْوِ مَرُّوْا كِرَامًا(۷۲)
اور جو جھوٹی گواہی نہیں دیتے (ف۱۳۰) اور جب بیہودہ پر گذرتے ہیں اپنی عزت سنبھالے گزر جاتے ہیں، (ف۱۳۱)

وهذه أيضا من صفات عباد الرحمن ، أنهم : ( لا يشهدون الزور ) قيل : هو الشرك وعبادة الأصنام . وقيل : الكذب ، والفسق ، واللغو ، والباطل .وقال محمد بن الحنفية : [ هو ] اللهو والغناء .وقال أبو العالية ، وطاوس ، ومحمد بن سيرين ، والضحاك ، والربيع بن أنس ، وغيرهم : هي أعياد المشركين .وقال عمرو بن قيس : هي مجالس السوء والخنا .وقال مالك ، عن الزهري : [ شرب الخمر ] لا يحضرونه ولا يرغبون فيه ، كما جاء في الحديث : " من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يجلس على مائدة يدار عليها الخمر " .وقيل : المراد بقوله تعالى : ( لا يشهدون الزور ) أي : شهادة الزور ، وهي الكذب متعمدا على غيره ، كما [ ثبت ] في الصحيحين عن أبي بكرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ألا أنبئكم بأكبر الكبائر " ثلاثا ، قلنا : بلى ، يا رسول الله ، قال : " الشرك بالله ، وعقوق الوالدين " . وكان متكئا فجلس ، فقال : " ألا وقول الزور ، ألا وشهادة الزور [ ألا وقول الزور وشهادة الزور ] . فما زال يكررها ، حتى قلنا : ليته سكت .والأظهر من السياق أن المراد : لا يشهدون الزور ، أي : لا يحضرونه; ولهذا قال : ( وإذا مروا باللغو مروا كراما ) أي : لا يحضرون الزور ، وإذا اتفق مرورهم به مروا ، ولم يتدنسوا منه بشيء ; ولهذا قال : ( مروا كراما ) .وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبو سعيد الأشج ، حدثنا أبو الحسين العجلي ، عن محمد بن مسلم ، أخبرني إبراهيم بن ميسرة ، أن ابن مسعود مر بلهو معرضا فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " لقد أصبح ابن مسعود ، وأمسى كريما " .وحدثنا الحسن بن محمد بن سلمة النحوي ، حدثنا حبان ، أنا عبد الله ، أنا محمد بن مسلم ، أخبرني ابن ميسرة قال : بلغني أن ابن مسعود مر بلهو معرضا فلم يقف ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لقد أصبح ابن مسعود وأمسى كريما " . ثم تلا إبراهيم بن ميسرة : ( وإذا مروا باللغو مروا كراما ) .
25:73
وَ الَّذِیْنَ اِذَا ذُكِّرُوْا بِاٰیٰتِ رَبِّهِمْ لَمْ یَخِرُّوْا عَلَیْهَا صُمًّا وَّ عُمْیَانًا(۷۳)
اور وہ کہ جب کہ انہیں ان کے رب کی آیتیں یاد د لائی جائیں تو ان پر (ف۱۳۲) بہرے اندھے ہوکر نہیں گرتے (ف۱۳۳)

وقوله : ( والذين إذا ذكروا بآيات ربهم لم يخروا عليها صما وعميانا ) [ و ] هذه من صفات المؤمنين ( الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم وإذا تليت عليهم آياته زادتهم إيمانا وعلى ربهم يتوكلون ) [ الأنفال : 2 ] ، بخلاف الكافر ، فإنه إذا سمع كلام الله لا يؤثر فيه ولا يقصر عما كان عليه ، بل يبقى مستمرا على كفره وطغيانه وجهله وضلاله ، كما قال تعالى : ( وإذا ما أنزلت سورة فمنهم من يقول أيكم زادته هذه إيمانا فأما الذين آمنوا فزادتهم إيمانا وهم يستبشرون . وأما الذين في قلوبهم مرض فزادتهم رجسا إلى رجسهم ) [ التوبة : 124 - 125 ] .فقوله : ( لم يخروا عليها صما وعميانا ) أي : بخلاف الكافر الذي ذكر بآيات ربه ، فاستمر على حاله ، كأن لم يسمعها أصم أعمى .قال مجاهد : قوله : ( لم يخروا عليها صما وعميانا ) لم يسمعوا : ولم يبصروا ، ولم يفقهوا شيئا .وقال الحسن البصري : كم من رجل يقرؤها ويخر عليها أصم أعمى .وقال قتادة : قوله تعالى : ( والذين إذا ذكروا بآيات ربهم لم يخروا عليها صما وعميانا ) يقول : لم يصموا عن الحق ولم يعموا فيه ، فهم - والله - قوم عقلوا عن الله وانتفعوا بما سمعوا من كتابه .وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أسيد بن عاصم ، حدثنا عبد الله بن حمران ، حدثنا ابن عون قال : سألت الشعبي قلت : الرجل يرى القوم سجودا ولم يسمع ما سجدوا ، أيسجد معهم؟ قال : فتلا هذه الآية : ( والذين إذا ذكروا بآيات ربهم لم يخروا عليها صما وعميانا ) يعني : أنه لا يسجد معهم لأنه لم يتدبر آية السجدة فلا ينبغي للمؤمن أن يكون إمعة ، بل يكون على بصيرة من أمره ، ويقين واضح بين .
25:74
وَ الَّذِیْنَ یَقُوْلُوْنَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ اَزْوَاجِنَا وَ ذُرِّیّٰتِنَا قُرَّةَ اَعْیُنٍ وَّ اجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِیْنَ اِمَامًا(۷۴)
اور وہ جو عرض کرتے ہیں، اے ہمارے رب! ہمیں دے ہماری بیبیوں اور اولاد سے آنکھوں کی ٹھنڈک (ف۱۳۴) اور ہمیں پرہیزگاروں کا پیشوا بنا (ف۱۳۵)

وقوله : ( والذين يقولون ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين ) يعني : الذين يسألون الله أن يخرج من أصلابهم وذرياتهم من يطيعه ويعبده وحده لا شريك له .قال ابن عباس : يعنون من يعمل بالطاعة ، فتقر به أعينهم في الدنيا والآخرة .وقال عكرمة : لم يريدوا بذلك صباحة ولا جمالا ولكن أرادوا أن يكونوا مطيعين .وقال الحسن البصري - وسئل عن هذه الآية - فقال : أن يري الله العبد المسلم من زوجته ، ومن أخيه ، ومن حميمه طاعة الله . لا والله ما شيء أقر لعين المسلم من أن يرى ولدا ، أو ولد ولد ، أو أخا ، أو حميما مطيعا لله عز وجل .وقال ابن جريج في قوله : ( هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين ) قال : يعبدونك ويحسنون عبادتك ، ولا يجرون علينا الجرائر .وقال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم : يعني : يسألون الله لأزواجهم وذرياتهم أن يهديهم للإسلام .وقال الإمام أحمد : حدثنا يعمر بن بشر حدثنا عبد الله بن المبارك ، أخبرنا صفوان بن عمرو ، حدثني عبد الرحمن بن جبير بن نفير ، عن أبيه قال : جلسنا إلى المقداد بن الأسود يوما ، فمر به رجل فقال : طوبى لهاتين العينين اللتين رأتا رسول الله صلى الله عليه وسلم! لوددنا أنا رأينا ما رأيت ، وشهدنا ما شهدت . فاستغضب ، فجعلت أعجب ، ما قال إلا خيرا! ثم أقبل إليه فقال : ما يحمل الرجل على أن يتمنى محضرا غيبه الله عنه ، لا يدري لو شهده كيف كان يكون فيه؟ والله لقد حضر رسول الله صلى الله عليه وسلم أقوام أكبهم الله على مناخرهم في جهنم ، لم يجيبوه ولم يصدقوه ، أو لا تحمدون الله إذ أخرجكم لا تعرفون إلا ربكم مصدقين لما جاء به نبيكم ، قد كفيتم البلاء بغيركم؟ لقد بعث الله النبي صلى الله عليه وسلم على أشد حال بعث عليها نبيا من الأنبياء في فترة من جاهلية ، ما يرون أن دينا أفضل من عبادة الأوثان . فجاء بفرقان فرق به بين الحق والباطل ، وفرق بين الوالد وولده ، حتى إن كان الرجل ليرى والده وولده ، أو أخاه كافرا ، وقد فتح الله قفل قلبه للإيمان ، يعلم أنه إن هلك دخل النار ، فلا تقر عينه وهو يعلم أن حبيبه في النار ، وإنها التي قال الله تعالى : ( والذين يقولون ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين ) . وهذا إسناد صحيح ، ولم يخرجوه .وقوله : ( واجعلنا للمتقين إماما ) قال ابن عباس ، والحسن ، وقتادة ، والسدي ، والربيع بن أنس : أئمة يقتدى بنا في الخير .وقال غيرهم : هداة مهتدين [ ودعاة ] إلى الخير ، فأحبوا أن تكون عبادتهم متصلة بعبادة أولادهم وذرياتهم وأن يكون هداهم متعديا إلى غيرهم بالنفع ، وذلك أكثر ثوابا ، وأحسن مآبا; ولهذا ورد في صحيح مسلم ، عن أبي هريرة رضي الله عنه ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث : ولد صالح يدعو له ، أو علم ينتفع به من بعده ، أو صدقة جارية " .
25:75
اُولٰٓىٕكَ یُجْزَوْنَ الْغُرْفَةَ بِمَا صَبَرُوْا وَ یُلَقَّوْنَ فِیْهَا تَحِیَّةً وَّ سَلٰمًاۙ(۷۵)
ان کو جنت کا سب سے اونچا بالا خانہ انعام ملے گا بدلہ ان کے صبر کا اور وہاں مجرے اور سلام کے ساتھ ان کی پیشوائی ہوگی (ف۱۳۶)

لما ذكر تعالى من أوصاف عباده المؤمنين ما ذكر من [ هذه ] الصفات الجميلة ، والأفعال والأقوال الجليلة - قال بعد ذلك كله : ( أولئك ) أي : المتصفون بهذه ) يجزون ) أي : يوم القيامة ( الغرفة ) وهي الجنة .قال أبو جعفر الباقر ، وسعيد بن جبير ، والضحاك ، والسدي : سميت بذلك لارتفاعها .( بما صبروا ) أي : على القيام بذلك ( ويلقون فيها ) أي : في الجنة ( تحية وسلاما ) أي : يبتدرون فيها بالتحية والإكرام ، ويلقون [ فيها ] التوقير والاحترام ، فلهم السلام وعليهم السلام ، فإن الملائكة يدخلون عليهم من كل باب ، سلام عليكم بما صبرتم ، فنعم عقبى الدار .
25:76
خٰلِدِیْنَ فِیْهَاؕ-حَسُنَتْ مُسْتَقَرًّا وَّ مُقَامًا(۷۶)
ہمیشہ اس میں رہیں گے، کیا ہی اچھی ٹھہرنے اور بسنے کی جگہ،

وقوله : ( خالدين فيها ) أي : مقيمين ، لا يظعنون ولا يحولون ولا يموتون ، ولا يزولون عنها ولا يبغون عنها حولا كما قال تعالى : ( وأما الذين سعدوا ففي الجنة خالدين فيها ما دامت السماوات والأرض إلا ما شاء ربك عطاء غير مجذوذ ) [ هود : 108 ] .وقوله ( حسنت مستقرا ومقاما ) أي : حسنت منظرا وطابت مقيلا ومنزلا .
25:77
قُلْ مَا یَعْبَؤُا بِكُمْ رَبِّیْ لَوْ لَا دُعَآؤُكُمْۚ-فَقَدْ كَذَّبْتُمْ فَسَوْفَ یَكُوْنُ لِزَامًا۠(۷۷)
تم فرماؤ (ف۱۳۷) تمہاری کچھ قدر نہیں میرے رب کے یہاں اگر تم اسے نہ پوجو تو تم نے تو جھٹلایا (ف۱۳۸) تو اب ہوگا وہ عذاب کہ لپٹ رہے گا (ف۱۳۹)

ثم قال تعالى : ( قل ما يعبأ بكم ربي ) أي : لا يبالي ولا يكترث بكم إذا لم تعبدوه; فإنه إنما خلق الخلق ليعبدوه ويوحدوه ويسبحوه بكرة وأصيلا .وقال مجاهد ، وعمرو بن شعيب : ( ما يعبأ بكم ربي ) يقول : ما يفعل بكم ربي .وقال علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس في قوله : ( قل ما يعبأ بكم ربي لولا دعاؤكم ) يقول : لولا إيمانكم ، وأخبر الله الكفار أنه لا حاجة له بهم إذ لم يخلقهم مؤمنين ، ولو كان له بهم حاجة لحبب إليهم الإيمان كما حببه إلى المؤمنين .وقوله : ( فقد كذبتم ) أي : أيها الكافرون ( فسوف يكون لزاما ) أي : فسوف يكون تكذيبكم لزاما لكم ، يعني : مقتضيا لهلاككم وعذابكم ودماركم في الدنيا والآخرة ، ويدخل في ذلك يوم بدر ، كما فسره بذلك عبد الله بن مسعود ، وأبي بن كعب ، ومحمد بن كعب القرظي ، ومجاهد ، والضحاك ، وقتادة ، والسدي ، وغيرهم .وقال الحسن البصري : ( فسوف يكون لزاما ) يعني : يوم القيامة . ولا منافاة بينهما . والله أعلم .آخر تفسير سورة الفرقان ولله الحمد والمنة.
  FONT
  THEME
  TRANSLATION
  • English | Ahmed Ali
  • Urdu | Ahmed Raza Khan
  • Turkish | Ali-Bulaç
  • German | Bubenheim Elyas
  • Chinese | Chineese
  • Spanish | Cortes
  • Dutch | Dutch
  • Portuguese | El-Hayek
  • English | English
  • Urdu | Fateh Muhammad Jalandhry
  • French | French
  • Hausa | Hausa
  • Indonesian | Indonesian-Bahasa
  • Italian | Italian
  • Korean | Korean
  • Malay | Malay
  • Russian | Russian
  • Tamil | Tamil
  • Thai | Thai
  • Farsi | مکارم شیرازی
  TAFSEER
  • العربية | التفسير الميسر
  • العربية | تفسير الجلالين
  • العربية | تفسير السعدي
  • العربية | تفسير ابن كثير
  • العربية | تفسير الوسيط لطنطاوي
  • العربية | تفسير البغوي
  • العربية | تفسير القرطبي
  • العربية | تفسير الطبري
  • English | Arberry
  • English | Yusuf Ali
  • Dutch | Keyzer
  • Dutch | Leemhuis
  • Dutch | Siregar
  • Urdu | Sirat ul Jinan
  HELP

اَلْفُرْقَان
اَلْفُرْقَان
  00:00



Download

اَلْفُرْقَان
اَلْفُرْقَان
  00:00



Download