READ

Surah al-Fajr

اَلْفَجْر
30 Ayaat    مکیۃ


89:0
بِسْمِ اللّٰهِ الرَّحْمٰنِ الرَّحِیْمِ
اللہ کے نام سے شروع جو بہت مہربان رحمت والا

القول في تأويل الاستعاذةتأويل قوله : ( أعوذ ) .قال أبو جعفر : والاستعاذة : الاستجارة . وتأويل قول القائل : ( أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ) أستجير بالله - دون غيره من سائر خلقه - من الشيطان أن يضرني في ديني ، أو يصدني عن حق يلزمني لربي .تأويل قوله : ( من الشيطان )قال أبو جعفر : والشيطان ، في كلام العرب : كل متمرد من الجن والإنس والدواب وكل شيء . وكذلك قال ربنا جل ثناؤه : ( وكذلك جعلنا لكل نبي عدوا شياطين الإنس والجن ) [ سورة الأنعام : 112 ] ، فجعل من الإنس شياطين ، مثل الذي جعل من الجن .وقال عمر بن الخطاب رحمة الله عليه ، وركب برذونا فجعل يتبختر به ، فجعل يضربه فلا يزداد إلا تبخترا ، فنزل عنه ، وقال : ما حملتموني إلا على شيطان! ما نزلت عنه حتى أنكرت نفسي .136 - حدثنا بذلك يونس بن عبد الأعلى ، قال : أنبأنا ابن وهب ، قال : أخبرني هشام بن سعد ، عن زيد بن أسلم ، عن أبيه ، عن عمر .قال أبو جعفر : وإنما سمي المتمرد من كل شيء شيطانا ، لمفارقة أخلاقه وأفعاله أخلاق سائر جنسه وأفعاله ، وبعده من الخير . وقد قيل : إنه أخذ من [ ص: 112 ] قول القائل : شطنت داري من دارك - يريد بذلك : بعدت . ومن ذلك قول نابغة بني ذبيان :نأت بسعاد عنك نوى شطون فبانت والفؤاد بها رهينوالنوى : الوجه الذي نوته وقصدته . والشطون : البعيد . فكأن الشيطان - على هذا التأويل - فيعال من شطن . ومما يدل على أن ذلك كذلك ، قول أمية بن أبي الصلت :أيما شاطن عصاه عكاه ثم يلقى في السجن والأكبالولو كان فعلان ، من شاط يشيط ، لقال : أيما شائط ، ولكنه قال : أيما شاطن ، لأنه من "شطن يشطن ، فهو شاطن" .تأويل قوله : ( الرجيم ) .وأما الرجيم فهو : فعيل بمعنى مفعول ، كقول القائل : كف خضيب ، ولحية دهين ، ورجل لعين ، يريد بذلك : مخضوبة ومدهونة وملعون . وتأويل الرجيم : الملعون المشتوم . وكل مشتوم بقول رديء أو سب فهو مرجوم . وأصل الرجم الرمي ، بقول كان أو بفعل . ومن الرجم بالقول قول أبي إبراهيم لإبراهيم صلوات الله عليه : ( لئن لم تنته لأرجمنك ) [ سورة مريم : 46 ] .وقد يجوز أن يكون قيل للشيطان رجيم ، لأن الله جل ثناؤه طرده من سماواته ، ورجمه بالشهب الثواقب [ ص: 113 ]وقد روي عن ابن عباس ، أن أول ما نزل جبريل على النبي صلى الله عليه وسلم علمه الاستعاذة .137 - حدثنا أبو كريب ، قال : حدثنا عثمان بن سعيد ، قال : حدثنا بشر بن عمارة ، قال : حدثنا أبو روق ، عن الضحاك ، عن عبد الله بن عباس ، قال : أول ما نزل جبريل على محمد قال : "يا محمد استعذ ، قل : أستعيذ بالسميع العليم من الشيطان الرجيم " ، ثم قال : قل : "بسم الله الرحمن الرحيم " ، ثم قال : ( اقرأ باسم ربك الذي خلق ) [ العلق : 1 ] . قال عبد الله : وهي أول سورة أنزلها الله على محمد بلسان جبريل .فأمره أن يتعوذ بالله دون خلقه .القول في تأويل بسم الله الرحمن الرحيمالقول في تأويل قوله : ( بسم )قال أبو جعفر : إن الله تعالى ذكره وتقدست أسماؤه أدب نبيه محمدا صلى الله عليه وسلم بتعليمه تقديم ذكر أسمائه الحسنى أمام جميع أفعاله ، ، وتقدم إليه في وصفه بها قبل جميع مهماته ، وجعل ما أدبه به من ذلك وعلمه إياه ، منه لجميع خلقه سنة يستنون بها ، وسبيلا يتبعونه عليها ، فبه افتتاح أوائل منطقهم ، وصدور رسائلهم وكتبهم وحاجاتهم ، حتى أغنت دلالة ما ظهر من قول القائل : "بسم الله " ، على ما بطن من مراده الذي هو محذوف .وذلك أن الباء من "بسم الله " مقتضية فعلا يكون لها جالبا ، ولا فعل معها ظاهر ، فأغنت سامع القائل "بسم الله " معرفته بمراد قائله ، عن إظهار قائل ذلك مراده قولا إذ كان كل ناطق به عند افتتاحه أمرا ، قد أحضر منطقه به - إما معه ، وإما قبله بلا فصل - ما قد أغنى سامعه عن دلالة شاهدة على الذي من أجله افتتح قيله به . فصار استغناء سامع ذلك منه عن إظهار ما حذف منه ، نظير استغنائه - إذا سمع قائلا قيل له : ما أكلت اليوم ؟ فقال : "طعاما " - عن أن يكرر المسئول مع قوله "طعاما " ، أكلت ، لما قد ظهر لديه من الدلالة على أن ذلك معناه ، بتقدم مسألة السائل إياه عما أكل . فمعقول إذا أن قول [ ص: 115 ] القائل إذا قال : "بسم الله الرحمن الرحيم " ثم افتتح تاليا سورة ، أن إتباعه "بسم الله الرحمن الرحيم " تلاوة السورة ، ينبئ عن معنى قوله : "بسم الله الرحمن الرحيم " ومفهوم به أنه مريد بذلك : أقرأ بسم الله الرحمن الرحيم . وكذلك قوله : "بسم الله " عند نهوضه للقيام أو عند قعوده وسائر أفعاله ، ينبئ عن معنى مراده بقوله "بسم الله " ، وأنه أراد بقيله "بسم الله " ، أقوم باسم الله ، وأقعد باسم الله . وكذلك سائر الأفعال .وهذا الذي قلنا في تأويل ذلك ، هو معنى قول ابن عباس الذي : -138 - حدثنا به أبو كريب ، قال : حدثنا عثمان بن سعيد ، قال : حدثنا بشر بن عمارة ، قال : حدثنا أبو روق ، عن الضحاك ، عن عبد الله بن عباس ، قال : إن أول ما نزل به جبريل على محمد ، قال : "يا محمد ، قل : أستعيذ بالسميع العليم من الشيطان الرجيم " ثم قال : "قل بسم الله الرحمن الرحيم " . قال : قال له جبريل : قل بسم الله يا محمد ، يقول : اقرأ بذكر الله ربك ، وقم واقعد بذكر الله .قال أبو جعفر : فإن قال لنا قائل : فإن كان تأويل قوله "بسم الله " ما وصفت ، والجالب الباء في "بسم الله " ما ذكرت ، فكيف قيل "بسم الله " ، بمعنى أقرأ باسم الله " ، أو أقوم أو أقعد باسم الله ؟ وقد علمت أن كل قارئ كتاب الله ، فبعون الله وتوفيقه قراءته ، وأن كل قائم أو قاعد أو فاعل فعلا فبالله قيامه وقعوده وفعله . وهلا - إذ كان ذلك كذلك - قيل " بالله الرحمن الرحيم " ولم يقل "بسم الله " ؟ فإن قول القائل : أقوم وأقعد بالله الرحمن الرحيم ، أو أقرأ بالله - أوضح معنى لسامعه من قوله "بسم الله " ، إذ كان قوله أقوم "أقوم أو أقعد باسم الله " ، يوهم سامعه أن قيامه وقعوده بمعنى غير الله .قيل له ، وبالله التوفيق : إن المقصود إليه من معنى ذلك غير ما توهمته في نفسك . وإنما معنى قوله "باسم الله " : أبدأ بتسمية الله وذكره قبل كل شيء ، [ ص: 116 ] أو أقرأ بتسميتي الله ، أو أقوم وأقعد بتسميتي الله وذكره - لا أنه يعني بقيله "بسم الله " : أقوم بالله ، أو أقرأ بالله ، فيكون قول القائل : أقرأ بالله ، أو أقوم أو أقعد بالله - أولى بوجه الصواب في ذلك من قوله "بسم الله " .فإن قال : فإن كان الأمر في ذلك على ما وصفت ، فكيف قيل : "بسم الله " وقد علمت أن الاسم اسم ، وأن التسمية مصدر من قولك سميت ؟قيل : إن العرب قد تخرج المصادر مبهمة على أسماء مختلفة ، كقولهم : أكرمت فلانا كرامة ، وإنما بناء مصدر "أفعلت " - إذا أخرج على فعله - "الإفعال " . وكقولهم : أهنت فلانا هوانا ، وكلمته كلاما . وبناء مصدر : "فعلت " التفعيل . ومن ذلك قول الشاعر :أكفرا بعد رد الموت عني وبعد عطائك المائة الرتاعايريد : إعطائك . ومنه قول الآخر :وإن كان هذا البخل منك سجية لقد كنت في طولي رجاءك أشعبايريد : في إطالتي رجاءك . ومنه قول الآخر :أظليم إن مصابكم رجلا أهدى السلام تحية ظلميريد : إصابتكم . والشواهد في هذا المعنى تكثر ، وفيما ذكرنا كفاية ، لمن وفق لفهمه . [ ص: 117 ]فإذ كان الأمر - على ما وصفنا ، من إخراج العرب مصادر الأفعال على غير بناء أفعالها - كثيرا ، وكان تصديرها إياها على مخارج الأسماء موجودا فاشيا ، فبين بذلك صواب ما قلنا من التأويل في قول القائل "بسم الله " ، أن معناه في ذلك عند ابتدائه في فعل أو قول : أبدأ بتسمية الله ، قبل فعلي ، أو قبل قولي .وكذلك معنى قول القائل عند ابتدائه بتلاوة القرآن : "بسم الله الرحمن الرحيم " ، إنما معناه : أقرأ مبتدئا بتسمية الله ، أو أبتدئ قراءتي بتسمية الله . فجعل "الاسم " مكان التسمية ، كما جعل الكلام مكان التكليم ، والعطاء مكان الإعطاء .وبمثل الذي قلنا من التأويل في ذلك ، روي الخبر عن عبد الله بن عباس .139 - حدثنا أبو كريب ، قال : حدثنا عثمان بن سعيد ، قال : حدثنا بشر بن عمارة ، قال : حدثنا أبو روق ، عن الضحاك ، عن عبد الله بن عباس ، قال : أول ما نزل جبريل على محمد صلى الله عليه وسلم قال : "يا محمد ، قل : أستعيذ بالسميع العليم من الشيطان الرجيم " ، ثم قال : "قل : بسم الله الرحمن الرحيم " .قال ابن عباس : "بسم الله " ، يقول له جبريل : يا محمد ، اقرأ بذكر الله ربك ، وقم واقعد بذكر الله .وهذا التأويل من ابن عباس ينبئ عن صحة ما قلنا - من أنه يراد بقول القائل مفتتحا قراءته : "بسم الله الرحمن الرحيم " : أقرأ بتسمية الله وذكره ، وأفتتح القراءة بتسمية الله ، بأسمائه الحسنى وصفاته العلى - ويوضح فساد قول من زعم أن معنى ذلك من قائله : بالله الرحمن الرحيم أول كل شيء ، مع أن العباد [ ص: 118 ] إنما أمروا أن يبتدئوا عند فواتح أمورهم بتسمية الله ، لا بالخبر عن عظمته وصفاته ، كالذي أمروا به من التسمية على الذبائح والصيد ، وعند المطعم والمشرب ، وسائر أفعالهم . وكذلك الذي أمروا به من تسميته عند افتتاح تلاوة تنزيل الله ، وصدور رسائلهم وكتبهم .ولا خلاف بين الجميع من علماء الأمة ، أن قائلا لو قال عند تذكيته بعض بهائم الأنعام "بالله " ، ولم يقل "بسم الله " ، أنه مخالف - بتركه قيل : "بسم الله " ما سن له عند التذكية من القول . وقد علم بذلك أنه لم يرد بقوله "بسم الله " "بالله " ، كما قال الزاعم أن اسم الله في قول الله : "بسم الله الرحمن الرحيم " هو الله . لأن ذلك لو كان كما زعم ، لوجب أن يكون القائل عند تذكيته ذبيحته "بالله " ، قائلا ما سن له من القول على الذبيحة . وفي إجماع الجميع على أن قائل ذلك تارك ما سن له من القول على ذبيحته - إذ لم يقل "بسم الله " - دليل واضح على فساد ما ادعى من التأويل في قول القائل : "بسم الله " ، أنه مراد به "بالله " ، وأن اسم الله هو الله .وليس هذا الموضع من مواضع الإكثار في الإبانة عن الاسم : أهو المسمى ، أم غيره ، أم هو صفة له ؟ فنطيل الكتاب به ، وإنما هذا موضع من مواضع الإبانة عن الاسم المضاف إلى الله : أهو اسم ، أم مصدر بمعنى التسمية ؟ [ ص: 119 ] فإن قال قائل : فما أنت قائل في بيت لبيد بن ربيعة :إلى الحول ، ثم اسم السلام عليكما ، ومن يبك حولا كاملا فقد اعتذرفقد تأوله مقدم في العلم بلغة العرب ، أنه معني به : ثم السلام عليكما ، وأن اسم السلام هو السلام ؟قيل له : لو جاز ذلك وصح تأويله فيه على ما تأول ، لجاز أن يقال : رأيت اسم زيد ، وأكلت اسم الطعام ، وشربت اسم الشراب; وفي إجماع جميع العرب على إحالة ذلك ما ينبئ عن فساد تأويل من تأول قول لبيد : "ثم اسم السلام [ ص: 120 ] عليكما " ، أنه أراد : ثم السلام عليكما ، وادعائه أن إدخال الاسم في ذلك وإضافته إلى السلام إنما جاز ، إذ كان اسم المسمى هو المسمى بعينه .ويسأل القائلون قول من حكينا قوله هذا ، فيقال لهم : أتستجيزون في العربية أن يقال : "أكلت اسم العسل " ، يعني بذلك : أكلت العسل ، كما جاز عندكم : اسم السلام عليك ، وأنتم تريدون : السلام عليك ؟فإن قالوا : نعم ! خرجوا من لسان العرب ، وأجازوا في لغتها ما تخطئه جميع العرب في لغتها . وإن قالوا : لا ؛ سئلوا الفرق بينهما . فلن يقولوا في أحدهما قولا إلا ألزموا في الآخر مثله .فإن قال لنا قائل : فما معنى قول لبيد هذا عندك ؟قيل له : يحتمل ذلك وجهين ، كلاهما غير الذي قاله من حكينا قوله .أحدهما : أن "السلام " اسم من أسماء الله ، فجائز أن يكون لبيد عنى بقوله : "ثم اسم السلام عليكما " ، ثم الزما اسم الله وذكره بعد ذلك ، ودعا ذكري والبكاء علي; على وجه الإغراء . فرفع الاسم ، إذ أخر الحرف الذي يأتي بمعنى الإغراء . وقد تفعل العرب ذلك ، إذا أخرت الإغراء وقدمت المغرى به ، وإن كانت قد تنصب به وهو مؤخر . ومن ذلك قول الشاعر :يا أيها المائح دلوي دونكا! إني رأيت الناس يحمدونكا!فأغرى ب "دونك " ، وهي مؤخرة ، وإنما معناه : دونك دلوي . فذلك قول لبيد :إلى الحول ثم اسم السلام عليكمايعني : عليكما اسم السلام ، أي : الزما ذكر الله ودعا ذكري والوجد بي ، لأن من بكى حولا على امرئ ميت فقد اعتذر . فهذا أحد وجهيه . [ ص: 121 ]والوجه الآخر منهما : ثم تسميتي الله عليكما ، كما يقول القائل للشيء يراه فيعجبه : "اسم الله عليك " يعوذه بذلك من السوء ، فكأنه قال : ثم اسم الله عليكما من السوء ، وكأن الوجه الأول أشبه المعنيين بقول لبيد .ويقال لمن وجه بيت لبيد هذا إلى أن معناه : ثم السلام عليكما ، أترى ما قلنا - من هذين الوجهين - جائزا ، أو أحدهما ، أو غير ما قلت فيه ؟فإن قال : لا ! أبان مقداره من العلم بتصاريف وجوه كلام العرب ، وأغنى خصمه عن مناظرته .وإن قال : بلى !قيل له : فما برهانك على صحة ما ادعيت من التأويل أنه الصواب ، دون الذي ذكرت أنه محتمله - من الوجه الذي يلزمنا تسليمه لك ؟ ولا سبيل إلى ذلك .وأما الخبر الذي : -140 - حدثنا به إسماعيل بن الفضل ، قال : حدثنا إبراهيم بن العلاء بن الضحاك وهو يلقب بزبريق قال : حدثنا إسماعيل بن عياش ، عن إسماعيل بن يحيى ، عن ابن أبي مليكة ، عمن حدثه ، عن ابن مسعود - ومسعر بن كدام ، عن عطية ، عن أبي سعيد - قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن عيسى ابن مريم أسلمته أمه إلى الكتاب ليعلمه ، فقال له المعلم : اكتب "بسم " فقال له عيسى : وما "بسم " ؟ فقال له المعلم : ما أدري ! فقال عيسى : الباء بهاء الله ، والسين : سناؤه ، والميم : مملكته . [ ص: 122 ]فأخشى أن يكون غلطا من المحدث ، وأن يكون أراد ب س م ، على سبيل ما يعلم المبتدئ من الصبيان في الكتاب حروف أبي جاد ، فغلط بذلك ، فوصله ، فقال : "بسم " ، لأنه لا معنى لهذا التأويل إذا تلي "بسم الله الرحمن الرحيم " ، على ما يتلوه القارئ في كتاب الله ، لاستحالة معناه على المفهوم به عند جميع العرب وأهل لسانها ، إذا حمل تأويله على ذلك .القول في تأويل قوله جل ثناؤه : ( الله ) .قال أبو جعفر : وأما تأويل قول الله تعالى ذكره "الله " ، فإنه على معنى ما روي لنا عن عبد الله بن عباس - : هو الذي يألهه كل شيء ، ويعبده كل خلق . [ ص: 123 ]141 - وذلك أن أبا كريب حدثنا ، قال : حدثنا عثمان بن سعيد ، قال : حدثنا بشر بن عمارة ، قال : حدثنا أبو روق ، عن الضحاك ، عن عبد الله بن عباس ، قال : "الله " ذو الألوهية والمعبودية على خلقه أجمعين .فإن قال لنا قائل : فهل لذلك في "فعل ويفعل " أصل كان منه بناء هذا الاسم ؟قيل : أما سماعا من العرب فلا ولكن استدلالا .فإن قال : وما دل على أن الألوهية هي العبادة ، وأن الإله هو المعبود ، وأن له أصلا في "فعل ويفعل " .قيل : لا تمانع بين العرب في الحكم لقول القائل - يصف رجلا بعبادة ، وبطلب ما عند الله جل ذكره : "تأله فلان " - بالصحة ولا خلاف . ومن ذلك قول رؤبة بن العجاج :لله در الغانيات المده سبحن واسترجعن من تألهييعني : من تعبدي وطلبي الله بعملي .ولا شك أن "التأله " ، التفعل من : "أله يأله " ، وأن معنى "أله " - إذا نطق به : - عبد الله . وقد جاء منه مصدر يدل على أن العرب قد نطقت منه ب "فعل يفعل " بغير زيادة .142 - وذلك ما حدثنا به سفيان بن وكيع ، قال حدثنا أبي ، عن نافع بن عمر ، عن عمرو بن دينار ، عن ابن عباس : أنه قرأ " ويذرك وآلهتك " سورة الأعراف : 127 قال : عبادتك ، ويقال : إنه كان يعبد ولا يعبد . [ ص: 124 ]143 - حدثنا سفيان ، قال : حدثنا ابن عيينة ، عن عمرو بن دينار ، عن محمد بن عمرو بن الحسن ، عن ابن عباس : ( ويذرك وآلهتك ) ، قال : إنما كان فرعون يعبد ولا يعبدوكذلك كان عبد الله يقرؤها ومجاهد .144 - حدثنا القاسم قال : حدثنا الحسين بن داود ، قال : أخبرني حجاج ، عن ابن جريج ، عن مجاهد : قوله " ويذرك وآلهتك " قال : وعبادتك ولا شك أن الإلاهة - على ما فسره ابن عباس ومجاهد - مصدر من قول القائل : أله الله فلان إلاهة ، كما يقال : عبد الله فلان عبادة ، وعبر الرؤيا عبارة . فقد بين قول ابن عباس ومجاهد هذا : أن "أله " عبد ، وأن "الإلاهة " مصدره .فإن قال : فإن كان جائزا أن يقال لمن عبد الله : ألهه - على تأويل قول ابن عباس ومجاهد - فكيف الواجب في ذلك أن يقال ، إذا أراد المخبر الخبر عن استيجاب الله ذلك على عبده ؟ [ ص: 125 ]قيل : أما الرواية فلا رواية فيه عندنا ، ولكن الواجب - على قياس ما جاء به الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي : -145 - حدثنا به إسماعيل بن الفضل ، حدثنا إبراهيم بن العلاء ، قال : حدثنا إسماعيل بن عياش ، عن إسماعيل بن يحيى ، عن ابن أبي مليكة ، عمن حدثه عن ابن مسعود - ومسعر بن كدام ، عن عطية العوفي ، عن أبي سعيد - قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن عيسى أسلمته أمه إلى الكتاب ليعلمه فقال له المعلم اكتب "الله " فقال له عيسى : "أتدري ما الله ؟ الله إله الآلهة " .- أن يقال ، الله جل جلاله أله العبد ، والعبد ألهه . وأن يكون قول القائل "الله " - من كلام العرب أصله "الإله " .فإن قال : وكيف يجوز أن يكون ذلك كذلك ، مع اختلاف لفظيهما ؟قيل : كما جاز أن يكون قوله : ( لكنا هو الله ربي ) [ سورة الكهف : 38 ] أصله : لكن أنا ، هو الله ربي ، كما قال الشاعر :وترمينني بالطرف ، أي أنت مذنب وتقلينني ، لكن إياك لا أقلييريد : لكن أنا إياك لا أقلي ، فحذف الهمزة من "أنا " فالتقت نون "أنا " "ونون "لكن " وهي ساكنة ، فأدغمت في نون "أنا " فصارتا نونا مشددة . فكذلك "الله " أصله "الإله " ، أسقطت الهمزة التي هي فاء الاسم ، فالتقت اللام التي هي عين الاسم ، واللام الزائدة التي دخلت مع الألف الزائدة وهي ساكنة ، فأدغمت في [ ص: 126 ] الأخرى التي هي عين الاسم ، فصارتا في اللفظ لاما واحدة مشددة ، كما وصفنا من قول الله ( لكنا هو الله ربي ) .القول في تأويل قوله جل ثناؤه : ( الرحمن الرحيم ) .قال أبو جعفر : وأما " الرحمن " ، فهو فعلان ، من رحم ، و "الرحيم " فعيل منه . والعرب كثيرا ما تبني الأسماء من "فعل يفعل " على "فعلان " ، كقولهم من غضب : غضبان ، ومن سكر : سكران ، ومن عطش : عطشان . فكذلك قولهم "رحمن " من رحم ، لأن "فعل " منه : رحم يرحم . وقيل "رحيم " ، وإن كانت عين "فعل " منها مكسورة ، لأنه مدح . ومن شأن العرب أن يحملوا أبنية الأسماء - إذا كان فيها مدح أو ذم - على "فعيل " ، وإن كانت عين "فعل " منها مكسورة أو مفتوحة ، كما قالوا من "علم " عالم وعليم ، ومن "قدر " قادر وقدير . وليس ذلك منها بناء على أفعالها ، لأن البناء من "فعل يفعل " و "فعل يفعل " فاعل . فلو كان "الرحمن والرحيم " خارجين على بناء أفعالهما لكانت صورتهما "الراحم " .فإن قال قائل : فإذا كان الرحمن والرحيم اسمين مشتقين من الرحمة ، فما وجه تكرير ذلك ، وأحدهما مؤد عن معنى الآخر ؟قيل له : ليس الأمر في ذلك على ما ظننت ، بل لكل كلمة منهما معنى لا تؤدي الأخرى منهما عنها .فإن قال : وما المعنى الذي انفردت به كل واحدة منهما ، فصارت إحداهما غير مؤدية المعنى عن الأخرى ؟قيل : أما من جهة العربية ، فلا تمانع بين أهل المعرفة بلغات العرب ، أن قول القائل : "الرحمن " - عن أبنية الأسماء [ ص: 127 ] من "فعل يفعل " - أشد عدولا من قوله "الرحيم " . ولا خلاف مع ذلك بينهم ، أن كل اسم كان له أصل في "فعل يفعل " - ثم كان عن أصله من "فعل يفعل " أشد عدولا - أن الموصوف به مفضل على الموصوف بالاسم المبني على أصله من "فعل يفعل " ، إذا كانت التسمية به مدحا أو ذما . فهذا ما في قول القائل "الرحمن " ، من زيادة المعنى على قوله "الرحيم " في اللغة .وأما من جهة الأثر والخبر ، ففيه بين أهل التأويل اختلاف : -146 - فحدثني السري بن يحيى التميمي ، قال : حدثنا عثمان بن زفر ، قال : سمعت العرزمي يقول : "الرحمن الرحيم " ، قال : الرحمن بجميع الخلق ، "الرحيم" قال : بالمؤمنين .147 - حدثنا إسماعيل بن الفضل ، قال : حدثنا إبراهيم بن العلاء ، قال : حدثنا إسماعيل بن عياش ، عن إسماعيل بن يحيى ، عن ابن أبي مليكة ، عمن حدثه ، عن ابن مسعود - ومسعر بن كدام ، عن عطية العوفي ، عن أبي سعيد - يعني الخدري - قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن عيسى ابن مريم قال : الرحمن رحمن الآخرة والدنيا ، والرحيم رحيم الآخرة " .فهذان الخبران قد أنبآ عن فرق ما بين تسمية الله جل ثناؤه باسمه الذي هو "رحمن " ، وتسميته باسمه الذي هو "رحيم " ، واختلاف معنى الكلمتين - وإن اختلفا في معنى ذلك الفرق ، فدل أحدهما على أن ذلك في الدنيا ، ودل الآخر على أنه في الآخرة .فإن قال : فأي هذين التأويلين أولى عندك بالصحة ؟ [ ص: 128 ]قيل : لجميعهما عندنا في الصحة مخرج ، فلا وجه لقول قائل : أيهما أولى بالصحة ؟ وذلك أن المعنى الذي في تسمية الله بالرحمن ، دون الذي في تسميته بالرحيم : هو أنه بالتسمية بالرحمن موصوف بعموم الرحمة جميع خلقه ، وأنه بالتسمية بالرحيم موصوف بخصوص الرحمة بعض خلقه ، إما في كل الأحوال ، وإما في بعض الأحوال . فلا شك - إذا كان ذلك كذلك - أن ذلك الخصوص الذي في وصفه بالرحيم لا يستحيل عن معناه ، في الدنيا كان ذلك أو في الآخرة ، أو فيهما جميعا .فإذا كان صحيحا ما قلنا من ذلك - وكان الله جل ثناؤه قد خص عباده المؤمنين في عاجل الدنيا بما لطف بهم من توفيقه إياهم لطاعته ، والإيمان به وبرسله ، واتباع أمره واجتناب معاصيه ، مما خذل عنه من أشرك به ، وكفر وخالف ما أمره به ، وركب معاصيه; وكان مع ذلك قد جعل ، جل ثناؤه ، ما أعد في آجل الآخرة في جناته من النعيم المقيم والفوز المبين ، لمن آمن به ، وصدق رسله ، وعمل بطاعته ، خالصا ، دون من أشرك وكفر به - كان بينا أن الله قد خص المؤمنين من رحمته في الدنيا والآخرة ، مع ما قد عمهم به والكفار في الدنيا من الإفضال والإحسان إلى جميعهم ، في البسط في الرزق ، وتسخير السحاب بالغيث ، وإخراج النبات من الأرض ، وصحة الأجسام والعقول ، وسائر النعم التي لا تحصى ، التي يشترك فيها المؤمنون والكافرون .فربنا جل ثناؤه رحمن جميع خلقه في الدنيا والآخرة ، ورحيم المؤمنين خاصة في الدنيا والآخرة . فأما الذي عم جميعهم به في الدنيا من رحمته فكان رحمانا لهم به ، فما ذكرنا مع نظائره التي لا سبيل إلى إحصائها لأحد من خلقه ، كما قال جل ثناؤه : ( وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها ) [ سورة إبراهيم : 34 ، وسورة النحل : 18 ] .وأما في الآخرة ، فالذي عم جميعهم به فيها من رحمته ، فكان لهم رحمانا ، تسويته [ ص: 129 ] بين جميعهم جل ذكره في عدله وقضائه ، فلا يظلم أحدا منهم مثقال ذرة ، وإن تك حسنة يضاعفها ويؤت من لدنه أجرا عظيما ، وتوفى كل نفس ما كسبت . فذلك معنى عمومه في الآخرة جميعهم برحمته ، الذي كان به رحمانا في الآخرة .وأما ما خص به المؤمنين في عاجل الدنيا من رحمته ، الذي كان به رحيما لهم فيها ، كما قال جل ذكره : ( وكان بالمؤمنين رحيما ) [ سورة الأحزاب : 43 ] فما وصفنا من اللطف لهم في دينهم ، فخصهم به ، دون من خذله من أهل الكفر به .وأما ما خصهم به في الآخرة ، فكان به رحيما لهم دون الكافرين ، فما وصفنا آنفا مما أعد لهم دون غيرهم من النعيم ، والكرامة التي تقصر عنها الأماني .وأما القول الآخر في تأويله فهو ما : -148 - حدثنا به أبو كريب ، قال : حدثنا عثمان بن سعيد ، قال : حدثنا بشر بن عمارة ، قال : حدثنا أبو روق ، عن الضحاك ، عن عبد الله بن عباس ، قال : الرحمن ، الفعلان من الرحمة ، وهو من كلام العرب . قال : الرحمن الرحيم : الرقيق الرفيق بمن أحب أن يرحمه ، والبعيد الشديد على من أحب أن يعنف عليه . وكذلك أسماؤه كلها .وهذا التأويل من ابن عباس ، يدل على أن الذي به ربنا رحمن ، هو الذي به رحيم ، وإن كان لقوله "الرحمن " من المعنى ، ما ليس لقوله "الرحيم " . لأنه جعل معنى "الرحمن " بمعنى الرقيق على من رق عليه ، ومعنى "الرحيم " بمعنى الرفيق بمن رفق به .والقول الذي رويناه في تأويل ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم وذكرناه عن العرزمي ، أشبه بتأويله من هذا القول الذي رويناه عن ابن عباس . وإن [ ص: 130 ] كان هذا القول موافقا معناه معنى ذلك ، في أن للرحمن من المعنى ما ليس للرحيم ، وأن للرحيم تأويلا غير تأويل الرحمن .والقول الثالث في تأويل ذلك ما : -149 - حدثني به عمران بن بكار الكلاعي ، قال : حدثنا يحيى بن صالح ، قال : حدثنا أبو الأزهر نصر بن عمرو اللخمي من أهل فلسطين ، قال : سمعت عطاء الخراساني يقول : كان الرحمن ، فلما اختزل الرحمن من اسمه كان الرحمن الرحيم .والذي أراد ، إن شاء الله ، عطاء بقوله هذا : أن الرحمن كان من أسماء الله التي لا يتسمى بها أحد من خلقه ، فلما تسمى به الكذاب مسيلمة - وهو اختزاله إياه ، يعني اقتطاعه من أسمائه لنفسه - أخبر الله جل ثناؤه أن اسمه "الرحمن الرحيم " ليفصل بذلك لعباده اسمه من اسم من قد تسمى بأسمائه ، إذ كان لا يسمى أحد "الرحمن الرحيم " ، فيجمع له هذان الاسمان ، غيره جل ذكره . وإنما يتسمى بعض خلقه إما رحيما ، أو يتسمى رحمن . فأما "رحمن رحيم " ، فلم يجتمعا قط لأحد سواه ، ولا يجمعان لأحد غيره . فكأن معنى قول عطاء هذا : أن الله جل ثناؤه إنما فصل بتكرير الرحيم على الرحمن ، بين اسمه واسم غيره من خلقه ، اختلف معناهما أو اتفقا .والذي قال عطاء من ذلك غير فاسد المعنى ، بل جائز أن يكون جل ثناؤه خص نفسه بالتسمية بهما معا مجتمعين ، إبانة لها من خلقه ، ليعرف عباده بذكرهما مجموعين أنه المقصود بذكرهما دون من سواه من خلقه ، مع ما في تأويل كل واحد منهما من المعنى الذي ليس في الآخر منهما . [ ص: 131 ]وقد زعم بعض أهل الغباء أن العرب كانت لا تعرف "الرحمن " ، ولم يكن ذلك في لغتها ولذلك قال المشركون للنبي صلى الله عليه وسلم : ( وما الرحمن أنسجد لما تأمرنا ) [ سورة الفرقان : 60 ] ، إنكارا منهم لهذا الاسم ، كأنه كان محالا عنده أن ينكر أهل الشرك ما كانوا عالمين بصحته ، أو : لا ، وكأنه لم يتل من كتاب الله قول الله ( الذين آتيناهم الكتاب يعرفونه ) - يعني محمدا - ( كما يعرفون أبناءهم ) [ سورة البقرة : 146 ] وهم مع ذلك به مكذبون ، ولنبوته جاحدون! فيعلم بذلك أنهم قد كانوا يدافعون حقيقة ما قد ثبت عندهم صحته ، واستحكمت لديهم معرفته . وقد أنشد لبعض الجاهلية الجهلاء :ألا ضربت تلك الفتاة هجينها ألا قضب الرحمن ربي يمينهاوقال سلامة بن جندل السعدي :عجلتم علينا عجلتينا عليكم وما يشأ الرحمن يعقد ويطلق[ ص: 132 ]وقد زعم أيضا بعض من ضعفت معرفته بتأويل أهل التأويل ، وقلت روايته لأقوال السلف من أهل التفسير ، أن "الرحمن " مجازه : ذو الرحمة ، و "الرحيم " مجازه : الراحم ، ثم قال : قد يقدرون اللفظين من لفظ والمعنى واحد ، وذلك لاتساع الكلام عندهم . قال : وقد فعلوا مثل ذلك فقالوا : ندمان ونديم ، ثم استشهد ببيت برج بن مسهر الطائي :وندمان يزيد الكأس طيبا ، سقيت وقد تغورت النجومواستشهد بأبيات نظائره في النديم والندمان ، ففرق بين معنى الرحمن والرحيم في التأويل لقوله : الرحمن ذو الرحمة ، والرحيم الراحم ، وإن كان قد ترك بيان تأويل معنييهما على صحته . ثم مثل ذلك باللفظين يأتيان بمعنى واحد ، فعاد إلى ما قد جعله بمعنيين ، فجعله مثال ما هو بمعنى واحد مع اختلاف الألفاظ .ولا شك أن ذا الرحمة هو الذي ثبت أن له الرحمة ، وصح أنها له صفة; وأن الراحم هو الموصوف بأنه سيرحم ، أو قد رحم فانقضى ذلك منه ، أو هو فيه .ولا دلالة له فيه حينئذ أن الرحمة له صفة ، كالدلالة على أنها له صفة ، إذا وصف بأنه ذو الرحمة . فأين معنى "الرحمن الرحيم " على تأويله ، من معنى الكلمتين تأتيان مقدرتين من لفظ واحد باختلاف الألفاظ واتفاق المعاني ؟ ولكن القول إذا كان غير أصل معتمد عليه ، كان واضحا عواره .وإن قال لنا قائل : ولم قدم اسم الله الذي هو "الله " ، على اسمه الذي هو "الرحمن " ، واسمه الذي هو "الرحمن " ، على اسمه الذي هو "الرحيم " ؟قيل : لأن من شأن العرب ، إذا أرادوا الخبر عن مخبر عنه ، أن يقدموا اسمه ، ثم يتبعوه صفاته ونعوته . وهذا هو الواجب في الحكم : أن يكون الاسم مقدما قبل نعته وصفته ، ليعلم السامع الخبر ، عمن الخبر . فإذا كان ذلك كذلك - [ ص: 133 ] وكان لله جل ذكره أسماء قد حرم على خلقه أن يتسموا بها ، خص بها نفسه دونهم ، وذلك مثل "الله " و "الرحمن " و "الخالق "; وأسماء أباح لهم أن يسمي بعضهم بعضا بها ، وذلك : كالرحيم والسميع والبصير والكريم ، وما أشبه ذلك من الأسماء - كان الواجب أن تقدم أسماؤه التي هي له خاصة دون جميع خلقه ، ليعرف السامع ذلك من توجه إليه الحمد والتمجيد ، ثم يتبع ذلك بأسمائه التي قد تسمى بها غيره ، بعد علم المخاطب أو السامع من توجه إليه ما يتلو ذلك من المعاني . فبدأ الله جل ذكره باسمه لأن الألوهية ليست لغيره جل ثناؤه من وجه من الوجوه ، لا من جهة التسمي به ، ولا من جهة المعنى . وذلك أنا قد بينا أن معنى "الله " تعالى ذكره المعبود ، ولا معبود غيره جل جلاله ، وأن التسمي به قد حرمه الله جل ثناؤه ، وإن قصد المتسمي به ما يقصد المتسمي بسعيد وهو شقي ، وبحسن وهو قبيح .أولا ترى أن الله جل جلاله قال في غير آية من كتابه : ( أإله مع الله ) فاستكبر ذلك من المقر به ، وقال تعالى في خصوصه نفسه بالله وبالرحمن : ( قل ادعوا الله أو ادعوا الرحمن أيا ما تدعوا فله الأسماء الحسنى ) [ سورة الإسراء : 110 ] . ثم ثنى باسمه ، الذي هو الرحمن ، إذ كان قد منع أيضا خلقه التسمي به ، وإن كان من خلقه من قد يستحق تسميته ببعض معانيه . وذلك أنه قد يجوز وصف كثير ممن هو دون الله من خلقه ، ببعض صفات الرحمة . وغير جائز أن يستحق بعض الألوهية أحد دونه . فلذلك جاء الرحمن ثانيا لاسمه الذي هو "الله " .وأما اسمه الذي هو "الرحيم " فقد ذكرنا أنه مما هو جائز وصف غيره به . والرحمة من صفاته جل ذكره ، فكان - إذ كان الأمر على ما وصفنا - واقعا مواقع نعوت الأسماء اللواتي هن توابعها ، بعد تقدم الأسماء عليها . فهذا وجه تقديم اسم الله [ ص: 133 ] الذي هو "الله " ، على اسمه الذي هو "الرحمن " ، واسمه الذي هو "الرحمن " على اسمه الذي هو "الرحيم " .وقد كان الحسن البصري يقول في "الرحمن " مثل ما قلنا ، أنه من أسماء الله التي منع التسمي بها العباد .150 - حدثنا محمد بن بشار ، قال : حدثنا حماد بن مسعدة ، عن عوف ، عن الحسن ، قال : "الرحمن " اسم ممنوع .مع أن في إجماع الأمة من منع التسمي به جميع الناس ، ما يغني عن الاستشهاد على صحة ما قلنا في ذلك بقول الحسن وغيره
89:1
وَ الْفَجْرِۙ(۱)
اس صبح کی قسم (ف۲)

القول في تأويل قوله تعالى : وَالْفَجْرِ (1)هذا قسم، أقسم ربنا جلّ ثناؤه بالفجر، وهو فجر الصبح.واختلف أهل التأويل في الذي عُنِي بذلك، فقال بعضهم: عُنِي به النهار.* ذكر من قال ذلك:حدثنا ابن حميد، قال: ثنا مهران، عن سفيان، عن الأغرّ المِنقريّ، عن خليفة بن الحصين، عن أبي نصر، عن ابن عباس، قوله: ( وَالْفَجْرِ ) قال: النهار.وقال آخرون: عُنِيَ به صلاة الصبح.* ذكر من قال ذلك:حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله: ( وَالْفَجْرِ ) يعني: صلاة الفجر.وقال آخرون: هو فجر الصبح.* ذكر من قال ذلك:حدثني يعقوب، قال: ثنا ابن عُلَية، قال: أخبرنا عاصم الأحول، عن عكرِمة، في قوله: ( وَالْفَجْرِ ) قول: الفجر: فجر الصبح.حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: أخبرني عمر بن قيس، عن محمد بن المرتفع، عن عبد الله بن الزبير أنه قال: ( وَالْفَجْرِ ) قال: الفجر: قسم أقسم الله به.
89:2
وَ لَیَالٍ عَشْرٍۙ(۲)
اور دس راتوں کی (ف۳)

وقوله: ( وَلَيَالٍ عَشْرٍ ) اختلف أهل التأويل في هذه الليالي العشر أيّ ليال هي، فقال بعضهم: هي ليالي عشر ذي الحجة.حدثنا ابن بشار، قال: ثنا ابن أبي عديّ، وعبد الوهاب ومحمد بن جعفر، عن عوف، عن زرارة، عن ابن عباس، قال: إن الليالي العشر التي أقسم الله بها، هي ليالي العشر الأول من ذي الحجة.حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس: ( وَلَيَالٍ عَشْرٍ ) : عشر الأضحى؛ قال: ويقال: العشر: أولَ السنة من المحرم.حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وَهب، قال: أخبرني عمر بن قيس، عن محمد بن المرتفع، عن عبد الله بن الزبير ( وَلَيَالٍ عَشْرٍ ) أوّل ذي الحجة إلى يوم النحر.حدثني يعقوب، قال: ثنا ابن عُلَية، قال: أخبرنا عوف، قال: ثنا زرارة بن أوفى، قال: قال ابن عباس: إن الليالي العشر اللاتي أقسم الله بهنّ: هن الليالي الأوَل من ذي الحجة.حدثنا ابن بشار، قال: ثنا عبد الرحمن، قال: ثنا إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن مسروق ( وَلَيَالٍ عَشْرٍ ) قال: عشر ذي الحجة، وهي التي وعد الله موسى صلى الله عليه وسلم.حدثني يعقوب، قال: ثنا ابن عُلَية، قال: أخبرنا عاصم الأحول، عن عكرِمة ( وَلَيَالٍ عَشْرٍ ) قال: عشر ذي الحجة.حدثنا ابن حميد، قال: ثنا مهران، عن سفيان، عن الأغرّ المنقريّ، عن خليفة بن حصين، عن أبي نصر، عن ابن عباس ( وَلَيَالٍ عَشْرٍ ) قال: عشر الأضحى.حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى؛ وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، في قول الله: ( وَلَيَالٍ عَشْرٍ ) قال: عشر ذي الحجة.حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة ( وَلَيَالٍ عَشْرٍ ) قال: كنا نحدَّث أنها عشر الأضحى.حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثَور، عن معمر، عن يزيد بن أبي زياد، عن مجاهد، قال: ليس عمل في ليال من ليالي السنة أفضل منه في ليالي العشر، وهي عشر موسى التي أتمَّها الله له.حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن أبى إسحاق، عن مسروق، قال: ليال العشر، قال: هي أفضل أيام السنة.حُدثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذ، يقول: ثنا عبيد، قال: سمعت الضحاك يقول في قوله: ( وَلَيَالٍ عَشْرٍ ) يعني: عشر الأضحى.حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله: ( وَلَيَالٍ عَشْرٍ ) قال: أوّل ذي الحجة؛ وقال: هي عشر المحرّم من أوّله.والصواب من القول في ذلك عندنا: أنها عشر الأضحى لإجماع الحجة من أهل التأويل عليه، وأن عبد الله بن أبي زياد القَطْوانيّ، حدثني قال: ثني زيد بن حباب، قال: أخبرني عياش بن عقبة، قال: ثني جُبير بن نعيم، عن أبي الزبير، عن جابر، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "(وَالْفَجْرِ * وَلَيَالٍ عَشْرٍ) قال: عَشْرُ الأضْحَى ".
89:3
وَّ الشَّفْعِ وَ الْوَتْرِۙ(۳)
اور جفت اور طاق کی (ف۴)

وقوله: ( وَالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ * وَاللَّيْلِ إِذَا يَسْرِ * هَلْ فِي ذَلِكَ قَسَمٌ) اختلف أهل التأويل في الذي عُنِيَ به من الوتر بقوله: ( والْوَتْرِ ) فقال بعضهم: الشفع: يوم النحر، والوتر: يوم عرفة.* ذكر من قال ذلك:حدثنا ابن بشار، قال: ثنا ابن أبي عديّ وعبد الوهاب ومحمد بن جعفر، عن عوف، عن زرارة بن أوفى، عن ابن عباس، قال: الوتر: يوم عرفة، والشفع: يوم الذبح.حدثني يعقوب، قال: ثنا ابن عُلَية، قال: أخبرنا عوف، قال: ثنا زرارة بن أوفى، قال: قال ابن عباس: الشفع: يوم النحر، والوَتر: يوم عرفة.حدثنا ابن بشار، قال: ثنا عفان بن مسلم، قال: ثنا همام، عن قتادة، قال: قال عكرِمة، عن ابن عباس: الشفع: يوم النحر، والوَتر: يوم عرفة.حدثنا ابن حميد، قال: ثنا يحيى بن واضح، قال: ثنا عبيد الله، عن عكرِمة ( وَالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ ) قال: الشفع: يوم النحر، والوتر: يوم عرفة.وحدثنا به مرّة أخرى، فقال: الشفع: أيام النحر، وسائر الحديث مثله.حدثني يعقوب: قال: ثنا ابن عُلَية، قال: أخبرنا عاصم الأحول، عن عكرِمة في قوله: ( والشَّفْعِ ) قال: يوم النحر ( والْوَتْرِ ) قال: يوم عرفة.حدثنا ابن حُمَيد، قال: ثنا مهران، عن سفيان، عن أبيه، عن عكرِمة، قال: الشفع: يوم النحر، والوتر: يوم عرفة.قال: ثنا مهران، عن أبي سنان، عن الضحاك ( وَلَيَالٍ عَشْرٍ * وَالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ) قال: أقسم الله بهنّ لما يعلم من فضلهنّ على سائر الأيام، وخير هذين اليومين لما يُعلَم من فضلهما على سائر هذه الليالي ( وَالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ ) قال: الشفع: يوم النحر، والوَتر: يوم عرفة.حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قال: كان عكرِمة يقول: الشفع: يوم الأضحى، والوتر: يوم عرفة.حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة، قال: قال عكرِمة: عرفة وَتْر، والنحر شفع، عرفة يوم التاسع، والنحر يوم العاشر.حُدثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذ يقول: ثنا عبيد، قال: سمعت الضحاك يقول في قوله: ( والشَّفْعِ ) يوم النحر ( والْوَتْرِ ) يوم عرفة.وقال آخرون: الشفع: اليومان بعد يوم النحر، والوَتر: اليوم الثالث.* ذكر من قال ذلك:حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد: في قوله: ( وَالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ ) قال: الشفع: يومان بعد يوم النحر، والوتر: يوم النَّفْر الآخرِ، يقول الله: فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ .وقال آخرون: الشفع: الخلق كله، والوتر: الله.* ذكر من قال ذلك:حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس ( وَالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ ) قال: الله وتر، وأنتم شفع، ويقال: الشفع: صلاة الغداة، والوتر صلاة المغرب.حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى؛ وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد ( وَالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ ) قال: كلّ خلق الله شفع، السماء والأرض والبرّ والبحر والجنّ والإنس والشمس والقمر، والله الوَتر وحده.حدثني يعقوب، قال: ثنا ابن عُلَية، قال: أخبرنا ابن جُريج، قال: قال مجاهد، في قوله: وَمِنْ كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ قال: الكفر والإيمان، والسعادة والشقاوة، والهدى والضلالة، والليل والنهار، والسماء والأرض، والجنّ والإنس، والوَتْر: الله؛ قال: وقال في الشفع والوتر مثل ذلك.حدثني عبد الأعلى بن واصل، قال: ثنا محمد بن عبيد، قال: ثنا إسماعيل بن أبي خالد، عن أبي صالح، في قوله: ( وَالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ ) قال: خلق الله من كل شيء زوجين، والله وَتْر واحد صَمَد.حدثني محمد بن عمارة، قال: ثنا عبيد الله بن موسى، قال: أخبرنا إسرائيل، عن أبي يحيى، عن مجاهد ( وَالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ ) قال: الشفع: الزوج، والوتر: الله.حدثنا ابن حميد، قال: ثنا مهران، عن سفيان، عن جابر، عن مجاهد ( وَالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ ) قال: الوتر: الله، وما خلق الله من شيء فهو شفع.وقال آخرون: عُنِيَ بذلك الخلق، وذلك أن الخلق كله شفع ووتر.قال: ثنا ابن ثور، عن مَعْمر، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، في قوله: ( وَالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ ) قال: الخلق كله شفع ووتر، وأقسم بالخلق.قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، قال: قال الحسن في ذلك: الخلق كله شفع ( وَالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ ) قال: كان أبي يقول: كلّ شيء خلق الله شفع ووتر، فأقسم بما خلق، وأقسم بما تبصرون وبما لا تبصرون.وقال آخرون: بل ذلك: الصلاة المكتوبة، منها الشفع كصلاة الفجر والظهر، ومنها الوتر كصلاة المغرب.* ذكر من قال ذلك:حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة قال: كان عمران بن حصين يقول: ( الشَّفْعِ والْوَتْرِ ) : الصلاة.حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة، في قوله: ( وَالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ ) قال عمران: هي الصلاة المكتوبة فيها الشفع والوتر.حدثنا ابن حميد، قال: ثنا مهران، عن أبي جعفر، عن الربيع بن أنس ( وَالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ ) قال: ذلك صلاة المغرب، الشفع: الركعتان، والوتر: الركعة الثالثة، وقد رفع حديث عمران بن حصين بعضهم.* ذكر من قال ذلك:حدثنا نصر بن عليّ، قال: ثني أبي، قال: ثني خالد بن قيس، عن قتادة، عن عمران بن عصام، عن عمران بن حصين، عن النبيّ صلى الله عليه وسلم - في الشفع والوتر - قال: " هيَ الصَّلاةُ مِنْها شَفْعٌ، وَمِنْها وَتْرٌ".حدثنا ابن بشار، قال: ثنا عفان بن مسلم قال: ثنا همام، عن قتادة، أنه سُئل عن الشفع والوتر، فقال: أخبرني عمران بن عصام الضُّبعي، عن شيخ من أهل البصرة، عن عمران بن حصين، عن النبيّ صلى الله عليه وسلم، قال: " هيَ الصَّلاةُ مِنْها شَفْعٌ، وَمنها وَتْرٌ".حدثنا أبو كُرَيب، قال: ثنا عبيد الله بن موسى، قال: أخبرنا همام بن يحيى، عن عمران بن عصام، عن شيخ من أهل البصرة، عن عمران بن حصين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في هذه الآية ( وَالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ ) قال: " هيَ الصَّلاةُ مِنْها شَفْعٌ، وَمِنْها وَتْرٌ".حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: ( وَالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ ) إن من الصلاة شفعا، وإن منها وترا.حدثنا ابن بشار، قال: ثنا عفان بن مسلم، قال: ثنا همام، عن قتادة، أنه سُئل عن الشفع والوتر، فقال: قال الحسن: هو العدد. ورُوي عن النبيّ صلى الله عليه وسلم خبر يؤيد القول الذي ذكرنا عن أبي الزُّبير.* ذكر من قال ذلك:حدثنا عبد الله بن أبي زياد القَطْوَانيّ، قال: ثنا زيد بن حُباب، قال: أخبرني عَياش بن عقبة، قال: ثني جبير بن نعيم، عن أبي الزبير، عن جابر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " الشَّفْع: الْيَوْمَانِ وَالْوَتْرُ: الْيَوْمُ الْوَاحِدُ".والصواب من القول في ذلك أن يقال: إن الله تعالى ذكره أقسم بالشفع والوتر، ولم يخصص نوعا من الشفع ولا من الوتر دون نوع بخبر ولا عقل، وكلّ شفع ووتر فهو مما أقسم به مما قال أهل التأويل إنه داخل في قسمه هذا لعموم قسَمه بذلك.واختلفت القرّاء في قراءة قوله: ( وَالْوَتْرِ ) فقرأته عامة قرّاء المدينة ومكة والبصرة وبعض قرّاء الكوفة بكسر الواو.والصواب من القول في ذلك أنهما قراءتان مستفيضتان معروفتان في قَرَأةِ الأمصار، ولغتان مشهورتان في العرب، فبأيتهما قرأ القارئ فمصيب.
89:4
وَ الَّیْلِ اِذَا یَسْرِۚ(۴)
اور رات کی جب چل دے (ف۵)

وقوله: ( وَاللَّيْلِ إِذَا يَسْرِ ) يقول: والليل إذا سار فذهب، يقال منه: سرى فلان ليلا يَسْرِي: إذا سار.وقال بعضهم: عُنِيَ بقوله: ( وَاللَّيْلِ إِذَا يَسْرِ ) ليلة جَمْع، وهي ليلة المزدلفة.وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.* ذكر من قال ذلك:حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: أخبرني عمر بن قيس، عن محمد بن المرتفع، عن عبد الله بن الزبير ( وَاللَّيْلِ إِذَا يَسْرِ ) حتى يُذهِب بعضه بعضا.حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس: ( وَاللَّيْلِ إِذَا يَسْر ) يقول: إذا ذهب.حدثني محمد بن عُمارة، قال: ثنا عبيد الله بن موسى، قال: أخبرنا إسرائيل، عن أبى يحيى، عن مجاهد: ( وَاللَّيْلِ إِذَا يَسْر ) قال: إذا سار.حدثنا ابن حميد، قال: ثنا مهران، عن أبي جعفر، عن الربيع، عن أبي العاليه ( وَاللَّيْلِ إِذَا يَسْر ) قال: والليل إذا سار.حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة ( وَاللَّيْلِ إِذَا يَسْر ) يقول: إذا سار.حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة، في قوله: ( وَاللَّيْلِ إِذَا يَسْر ) قال: إذا سار.حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله: ( وَاللَّيْلِ إِذَا يَسْر ) قال: الليل إذا يسير.حدثنا ابن حميد، قال: ثنا مهران، عن سفيان، عن جابر، عن عكرِمة ( وَاللَّيْلِ إِذَا يَسْر ) قال: ليلة جمع.واختلفت القرّاء في قراءة ذلك، فقرأته عامة قرّاء الشام والعراق ( يَسْرِ ) بغير ياء. وقرأ ذلك جماعة من القرّاء بإثبات الياء، وحذف الياء في ذلك أعجب إلينا، ليوفق بين رءوس الآي إذ كانت بالراء. والعرب ربما أسقطت الياء في موضع الرفع مثل هذا، اكتفاء بكسرة ما قبلها منها، من ذلك قول الشاعر:لَيْسَ تخْفى يَسارَتِي قَدْرَ يَوْمٍوَلَقَدْ تُخْفِ شِيمَتِي إعْسَارِي (1)------------------------الهوامش:(1) البيت من شواهد الفراء في معاني القرآن ( 365 ) قال : وقوله : والليل إذا يسر ذكروا أنها ليلة المزدلفة . وقد قرأ القراء " يسري " بإثبات الياء ، و " يسر " بحذفها . وحذفها أحب إلي ، لمشاكلتها رءوس الآيات ؛ ولأن العرب قد تحذف الياء وتكتفي بكسر ما قبلها ، أنشدني بعضهم :كَفَّاك : كف ما تُلِيقُ دِرهمًاجُودًا , وأُخرَى تُعْطِ بالسَّيْفِ الدَّماوأنشدني آخر : " ليس تخفي يسارتي ... " البيت .
89:5
هَلْ فِیْ ذٰلِكَ قَسَمٌ لِّذِیْ حِجْرٍؕ(۵)
کیوں اس میں عقلمند کے لیے قسم ہوئی (ف۶)

وقوله: ( هَلْ فِي ذَلِكَ قَسَمٌ لِذِي حِجْرٍ ) يقول تعالى ذكره: هل فيما أقسمت به من هذه الأمور مقنع لذي حجر، وإنما عُنِيَ بذلك: إن في هذا القسم مكتفى لمن عقل عن ربه مما هو أغلظ منه في الإقسام. فأما معنى قوله: ( لِذِي حِجْرٍ ) : فإنه لِذِي حِجًي وذِي عقل؛ يقال للرجل إذا كان مالكا نفسه قاهرًا لها ضابطا: إنه لذو حِجْر، ومنه قولهم: حَجَر الحاكم على فلان.وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.* ذكر من قال ذلك:حدثنا أبو كُرَيب وأبو السائب، قالا ثنا ابن إدريس، قال: أخبرنا قابوس بن أبي ظبيان، عن أبيه، عن ابن عباس، في قوله: ( لِذِي حِجْرٍ ) قال: لذي النُّهَى والعقل.حدثني عليّ، قال: ثنا أبو صالح، قال: ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس، في قوله: ( لِذِي حِجْرٍ ) قال: لأولي النُّهى.حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس: ( هَلْ فِي ذَلِكَ قَسَمٌ لِذِي حِجْرٍ ) قال: ذو الحِجْر والنُّهى والعقل.حدثنا ابن حميد، قال: ثنا مهران، عن سفيان، عن قابوس بن أبي ظبيان، عن أبيه، عن ابن عباس: ( قَسَمٌ لِذِي حِجْرٍ ) قال: لذي عقل، لذي نُهَى.قال: ثنا مهران، عن سفيان، عن الأغرّ المِنقريّ، عن خليفة بن الحصين، عن أبي نصر، عن ابن عباس ( قَسَمٌ لِذِي حِجْرٍ ) قال: لذي لُبّ، لذي حِجًى.حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد قوله: ( هَلْ فِي ذَلِكَ قَسَمٌ لِذِي حِجْرٍ ) قال: لذي عقل.حدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: لذي عقل، لذي رأي.حدثني محمد بن عمارة، قال: ثنا عبيد الله بن موسى، قال: أخبرنا إسرائيل، عن أبي يحيى، عن مجاهد ( هَلْ فِي ذَلِكَ قَسَمٌ لِذِي حِجْرٍ ) قال: لذي لبّ، أو نُهى.حدثنا الحسن بن عرفة، قال: ثنا خلف بن خليفة، عن هلال بن خباب، عن مجاهد، في قوله: ( قَسَمٌ لِذِي حِجْرٍ ) قال: لذي عقل.حدثني يعقوب، قال: ثنا ابن عُلَية، عن أبي رجاء، عن الحسن ( هَلْ فِي ذَلِكَ قَسَمٌ لِذِي حِجْرٍ ) قال: لذي حلم.حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة، في قوله: ( لِذِي حِجْرٍ ) قال: لذي حجى؛ وقال الحسن: لذي لُبّ.حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، في قوله: ( هَلْ فِي ذَلِكَ قَسَمٌ لِذِي حِجْرٍ ) لذي حِجى، لذي عقل ولُبّ.حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله: ( هَلْ فِي ذَلِكَ قَسَمٌ لِذِي حِجْرٍ ) قال: لذي عقل، وقرأ: لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ و لأُولِي الأَلْبَابِ وهم الذين عاتبهم الله وقال: العقل واللُّبّ واحد، إلا أنه يفترق في كلام العرب.
89:6
اَلَمْ تَرَ كَیْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍﭪ(۶)
کیا تم نے نہ دیکھا (ف۷) تمہارے رب نے عاد کے ساتھ کیسا کیا،

القول في تأويل قوله تعالى : أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ (6).وقوله: (أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ * إِرَمَ) يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: ألم تنظر يا محمد بعين قلبك، فترى كيف فعل ربك بعاد؟
89:7
اِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِﭪ(۷)
وہ اِرم حد سے زیادہ طول والے (ف۸)

واختلف أهل التأويل في تأويل قوله: ( إرَمَ ) فقال بعضهم: هي اسم بلدة، ثم اختلف الذين قالوا ذلك في البلدة التي عُنِيت بذلك، فقال بعضهم: عُنِيت به الإسكندرية.* ذكر من قال ذلك:حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: ثني يعقوب بن عبد الرحمن الزهريّ، عن أبي صخر، عن القُرَظي، أنه سمعه يقول: ( إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ ) الإسكندرية.قال أبو جعفر، وقال آخرون: هي دِمَشق.* ذكر من قال ذلك:حدثني محمد بن عبد الله الهلالي من أهل البصرة، قال: ثنا عبيد الله بن عبد المجيد، قال: ثنا ابن أبي ذئب، عن المقْبري ( بِعَادٍ * إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ) قال: دمشق.وقال آخرون: عُنِي بقوله: ( إرَمَ ) : أمة.* ذكر من قال ذلك:حدثني محمد بن عمارة، قال: ثنا عبيد الله بن موسى، قال: أخبرنا إسرائيل، عن أبي يحيى، عن مجاهد قوله: ( إرَمَ ) قال: أمة.وقال آخرون: معنى ذلك: القديمة.* ذكر من قال ذلك:حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى؛ وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قوله: ( إرَمَ ) قال: القديمة.وقال آخرون: تلك قبيلة من عاد.* ذكر من قال ذلك:حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: (أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ * إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ) قال: كنا نحدّث أن إرم قبيلة من عاد، بيت مملكة عاد.حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة، في قوله: ( إرَمَ ) قال: قبيلة من عاد كان يقال لهم: إرم، جدّ عاد.* ذكر من قال ذلك:حدثنا ابن حميد، قال: ثنا سلمة، عن ابن إسحاق (أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ * إِرَمَ) يقول الله: بعاد إرم، إن عاد بن إرم بن عوص بن سام بن نوح.وقال آخرون: ( إرَمَ ): الهالك.* ذكر من قال ذلك:حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس: (أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ * إِرَمَ) يعني بالإرم: الهالك؛ ألا ترى أنك تقول: أرم بنو فلان؟حُدثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذ يقول: ثنا عبيد، قال: سمعت الضحاك يقول في قوله: ( بِعَادٍ إِرَمَ ) الهلاك؛ ألا ترى أنك تقول أُرِمَ (2) بنو فلان: أي هَلَكوا.والصواب من القول في ذلك أن يُقال: إن إرم إما بلدة كانت عاد تسكنها، فلذلك ردّت على عاد للإتباع لها، ولم يجر من أجل ذلك، وإما اسم قبيلة فلم يُجر أيضا، كما لا يُجْرى أسماء القبائل، كتميم وبكر، وما أشبه ذلك إذا أرادوا به القبيلة، وأما اسم عاد فلم يجر، إذ كان اسما أعجميا.فأما ما ذُكر عن مجاهد أنه قال: عُنِيَ بذلك القديمة، فقول لا معنى له، لأن ذلك لو كان معناه لكان محفوظا بالتنوين، وفي ترك الإجراء الدليل على أنه ليس بنعت ولا صفة.وأشبه الأقوال فيه بالصواب عندي أنها اسم قبيلة من عاد، ولذلك جاءت القراءة بترك إضافة عاد إليها، وترك إجرائها، كما يقال: ألم تر ما فعل ربك بتميم نهشل؟ فيترك إجراء نهشل، وهي قبيلة، فترك إجراؤها لذلك، وهي في موضع خفض بالردّ على تميم، ولو كانت إرم اسم بلدة، أو اسم جدّ لعاد لجاءت القراءة بإضافة عاد إليها، كما يقال: هذا عمروُ زبيدٍ وحاتمُ طيئ، وأعشى هَمْدانَ، ولكنها اسم قبيلة منها فيما أرى، كما قال قتادة، والله أعلم، فلذلك أجمعت القرّاء فيها على ترك الإضافة وترك الإجراء.وقوله: ( ذَاتِ الْعِمَادِ ) اختلف أهل التأويل في معنى قوله: ( ذَاتِ الْعِمَادِ ) في هذا الموضع، فقال بعضهم: معناه: ذات الطول، وذهبوا في ذلك إلى قول العرب للرجل الطويل: رجل مُعَمَّد، وقالوا: كانوا طوال الأجسام.* ذكر من قال ذلك:حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس ( ذَاتِ الْعِمَادِ ) يعني: طولهم مثل العماد.حدثني محمد بن عمارة، قال: ثنا عبيد الله بن موسى، قال: أخبرنا إسرائيل، عن أبي يحيى، عن مجاهد قوله: ( ذَاتِ الْعِمَادِ ) قال: كان لهم جسم في السماء.وقال بعضهم: بل قيل لهم: ( ذَاتِ الْعِمَادِ ) لأنهم كانوا أهل عَمَد، ينتجِعون الغيوث، وينتقلون إلى الكلأ حيث كان، ثم يرجعون إلى منازلهم.* ذكر من قال ذلك:حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى؛ وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قوله: ( الْعِمَادِ ) قال: أهل عَمُود لا يقيمون.حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة ( ذَاتِ الْعِمَادِ ) قال: ذُكر لنا أنهم كانوا أهل عَمُود لا يقيمون، سيارة.حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة ( ذَاتِ الْعِمَادِ ) قال: كانوا أهلَ عمود.وقال آخرون: بل قيل ذلك لهم لبناء بناه بعضهم، فشيَّد عَمَده، ورفع بناءه.* ذكر من قال ذلك:حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله: ( إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ ) قال: عاد قوم هود بنَوها وعملوها حين كانوا في الأحقاف، قال: ( لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُهَا ) مثل تلك الأعمال في البلاد، قال: وكذلك في الأحقاف في حضرموت، ثم كانت عاد، قال: وثم أحقاف الرمل، كما قال الله: بالأحقاف من الرمل، رمال أمثال الجبال تكون مظلة مجوّفة.وقال آخرون: قيل ذلك لهم لشدّة أبدانهم وقواهم.* ذكر من قال ذلك:حُدثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذ يقول: ثنا عبيد، قال: سمعت الضحاك يقول في قوله: ( ذَاتِ الْعِمَادِ ) يعني: الشدّة والقوّة.وأشبه الأقوال في ذلك بما دلّ عليه ظاهر التنزيل قول من قال: عُنِيَ بذلك أنهم كانوا أهل عمود، سيارة لأن المعروف في كلام العرب من العماد، ما عمل به الخيام من الخشب والسواري التي يحمل عليها البناء، ولا يعلم بناء كان لهم بالعماد بخبر صحيح، بل وجه أهل التأويل قوله: ( ذَاتِ الْعِمَادِ ) إلى أنه عُنِيَ به طول أجسامهم، وبعضهم إلى أنه عُنِيَ به عماد خيامهم، فأما عماد البنيان، فلا يعلم كثير أحد من أهل التأويل وجهه إليه، وتأويل القرآن إنما يوجه إلى الأغلب الأشهر من معانيه ما وجد إلى ذلك سبيلا دون الأنكر.------------------------الهوامش:(2) في ( اللسان : أرم ) الأرم : القطع ، وأرمتهم السنة أرما : قطعتهم ، وبناء عليه يكون الفعل الذي عبر به المؤلف هنا مبنيا للمجهول ، أي : أبادهم الدهر .
89:8
الَّتِیْ لَمْ یُخْلَقْ مِثْلُهَا فِی الْبِلَادِﭪ(۸)
کہ اس جیسا شہروں میں پیدا نہ ہوا (ف۹)

وقوله: ( الَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُهَا فِي الْبِلادِ ) يقول جلّ ثناؤه: ألم تر كيف فعل ربك بعاد، إرم التي لم يخلق مثلها في البلاد، يعني: مثل عاد، والهاء عائدة على عاد. وجائز أن تكون عائدة على إرم لما قد بينا قبل أنها قبيلة. وإنما عُنِيَ بقوله: لم يُخْلق مثلها في العِظَم والبطش والأيد.وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.* ذكر من قال ذلك:حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: ( الَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُهَا فِي الْبِلادِ ) ذكر أنهم كانوا اثني عشر ذراعا طولا في السماء.وقال آخرون: بل معنى ذلك: ذات العماد التي لم يُخلق مثلها في البلاد، لم يخلق مثل الأعمدة في البلاد، وقالوا: التي لم يخلق مثلها من صفة ذات العماد، والهاء التي في مثلها إنما هي من ذكر ذات العماد.* ذكر من قال ذلك:حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد في قوله: فذكر نحوه. وهذا قول لا وجه له، لأن العماد واحد مذكر، والتي للأنثى، ولا يوصف المذكر بالتي، ولو كان ذلك من صفة العماد لقيل: الذي لم يخلق مثله في البلاد، وإن جعلت التي لإرم، وجعلت الهاء عائدة في قوله: ( مِثْلُهَا ) عليها، وقيل: هي دمشق أو إسكندرية، فإن بلاد عاد هي التي وصفها الله في كتابه فقال: وَاذْكُرْ أَخَا عَادٍ إِذْ أَنْذَرَ قَوْمَهُ بِالأَحْقَافِ والأحقاف: هي جمع حِقْف، وهو ما انعطف من الرمل وانحنى، وليست الإسكندرية ولا دمشق من بلاد الرمال، بل ذلك الشِّحْرَ من بلاد حضرموت، وما والاها.
89:9
وَ ثَمُوْدَ الَّذِیْنَ جَابُوا الصَّخْرَ بِالْوَادِﭪ(۹)
اور ثمود جنہوں نے وادی میں (ف۱۰) پتھر کی چٹانیں کاٹیں (ف۱۱)

وقوله: ( وَثَمُودَ الَّذِينَ جَابُوا الصَّخْرَ بِالْوَادِ ) يقول: وبثمود الذين خرقوا الصخر ودخلوه فاتخذوه بيوتا، كما قال جلّ ثناؤه: وَكَانُوا يَنْحِتُونَ مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا آمِنِينَ والعرب تقول: جاب فلان الفلاة يجوبها جوبا: إذا دخلها وقطعها، ومنه قول نابغة:أتاكَ أبُو لَيْلَى يَجُوبُ بِهِ الدُّجَىدُجَى اللَّيلِ جَوّابُ الفَلاةِ عَمِيمُ (3)يعني بقوله: يجوب يدخل ويقطع.وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.* ذكر من قال ذلك:حدثني عليّ، قال: ثنا أبو صالح، قال: ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس، في قوله: ( وَثَمُودَ الَّذِينَ جَابُوا الصَّخْرَ بِالْوَادِ ) يقول: فخرقوها.حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس: ( وَثَمُودَ الَّذِينَ جَابُوا الصَّخْرَ بِالْوَادِ ) يعني: ثمود قوم صالح، كانوا ينحتون من الجبال بيوتا.حدثني محمد بن عمارة، قال: ثنا عبيد الله بن موسى، قال: أخبرنا إسرائيل، عن أبي يحيى، عن مجاهد في قوله: ( الَّذِينَ جَابُوا الصَّخْرَ بِالْوَادِ ) قال: جابوا الجبال، فجعلوها بيوتا.حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة قوله: ( وَثَمُودَ الَّذِينَ جَابُوا الصَّخْرَ بِالْوَادِ ) : جابوها ونحتوها بيوتا.حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة، قال: ( جَابُوا الصَّخْرَ ) قال: نَقبوا الصخر.حُدثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذ يقول: ثنا عبيد، قال: سمعت الضحاك يقول في قوله: ( جَابُوا الصَّخْرَ بِالْوَادِ ) يقول: قَدُّوا الحجارة.حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد في قوله: ( الَّذِينَ جَابُوا الصَّخْرَ بِالْوَادِ ) : ضربوا البيوت والمساكن في الصخر في الجبال، حتى جعلوا فيها مساكن. جابوا: جوّبوها تجوّبوا البيوت في الجبال، قال قائل:ألا كُلُّ شَيْءٍ ما خَلا اللهَ بائِدٌكمَا بادَ حَيٌّ مِنْ شَنِيقٍ وَمارِدِهُمُ ضَرَبُوا فِي كُلّ صَلاءَ صَعْدَةٍبأيْدٍ شِدَادٍ أيِّدَاتِ السَّوَاعِدِ (4)------------------------الهوامش:(3) البيت لأبي ليلى النابغة الجعدي . وفي ( اللسان : جوب ) وجاب الشيء جوبا واجتابه : خرقه ، وجاب الصخرة جوبا : نقبها وفي التنزيل العزيز : وثمود الذين جابوا الصخرة بالواد قال الفراء : جابوا : خرقوا الصخر فاتخذوه بيوتا . ونحو ذلك قال الزجاج : واعتبره بقوله : وتنحتون من الجبال بيوتا فارهين . وجاب يجوب جوبا : قطع وخرق . ا ه .(4) هذان البيتان لا أعرف قائلهما ، ولست على ثقة من بعض ألفاظهما ، ولعل قوله : " صلاء صعدة " محرف عن " صعداء صلة " والصعداء : الأكمة يصعب ارتقاؤها . والصلة : الأرض اليابسة ، جمعها : صلال .
89:10
وَ فِرْعَوْنَ ذِی الْاَوْتَادِﭪ(۱۰)
اور فرعون کہ چومیخا کرتا (سخت سزائیں دیتا) (ف۱۲)

وقوله: ( وَفِرْعَوْنَ ذِي الأوْتَادِ ) يقول جلّ ثناؤه: ألم تر كيف فعل ربك أيضا بفرعون صاحب الأوتاد.واختلف أهل التأويل في معنى قوله: ( ذِي الأوْتَادِ ) ولم قيل له ذلك، فقال بعضهم: معنى ذلك: ذي الجنود الذي يقوّون له أمره، وقالوا: الأوتاد في هذا الموضع: الجنود.* ذكر من قال ذلك:حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس ( وَفِرْعَوْنَ ذِي الأوْتَادِ ) قال: الأوتاد: الجنود الذين يشدّون له أمره، ويقال: كان فرعون يُوتِد في أيديهم وأرجلهم أوتادًا من حديد، يعلقهم بها.وقال آخرون: بل قيل له ذلك لأنه كان يُوتِد الناس بالأوتاد.* ذكر من قال ذلك:حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى؛ وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قوله: ( ذِي الأوْتَادِ ) قال: كان يوتد الناس بالأوتاد.وقال آخرون: كانت مظالّ وملاعب يلعب له تحتها.* ذكر من قال ذلك:حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة ( وَفِرْعَوْنَ ذِي الأوْتَادِ ) ذُكر لنا أنها كانت مظال وملاعب يلعب له تحتها من أوتاد وحبال.حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة ( ذِي الأوْتَادِ ) قال: ذي البناء كانت مظال يلعب له تحتها، وأوتادا تضرب له.قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن ثابت البناني، عن أبي رافع، قال: أوتد فرعون لامرأته أربعة أوتاد، ثم جعل على ظهرها رحا عظيمة حتى ماتت.وقال آخرون: بل ذلك لأنه كان يعذّب الناس بالأوتاد.* ذكر من قال ذلك:حدثنا ابن حميد، قال: ثنا مهران، عن سفيان، عن إسماعيل، عن محمود، عن سعيد بن جُبير ( وَفِرْعَوْنَ ذِي الأوْتَادِ ) قال: كان يجعل رجلا هاهنا ورجلا هاهنا، ويدا هاهنا ويدا هاهنا بالأوتاد.حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى؛ وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قوله: ( ذِي الأوْتَادِ ) قال: كان يوتد الناس بالأوتاد.وقال آخرون: إنما قيل ذلك لأنه كان له بنيان يعذّب الناس عليه.* ذكر من قال ذلك:حدثنا ابن حميد، قال: ثنا مهران، عن سفيان، عن إسماعيل، عن رجل، عن سعيد بن جُبير ( وَفِرْعَوْنَ ذِي الأوْتَادِ ) قال: كان له منَارات يعذّبهم عليها.وأولى هذه الأقوال عندي بالصواب قول من قال: عُنِيَ بذلك: الأوتاد التي تُوتَد، من خشب كانت أو حديد، لأن ذلك هو المعروف من معاني الأوتاد، ووصف بذلك لأنه إما أن يكون كان يعذّب الناس بها، كما قال أبو رافع وسعيد بن جُبير، وإما أن يكون كان يُلعب له بها.
89:11
الَّذِیْنَ طَغَوْا فِی الْبِلَادِﭪ(۱۱)
جنہوں نے شہروں میں سرکشی کی (ف۱۳)

وقوله: ( الَّذِينَ طَغَوْا فِي الْبِلادِ ) يعني بقوله جلّ ثناؤه ( الذين ) : عادًا وثمود وفرعون وجنده، ويعني بقوله ( طَغَوْا ) : تجاوزوا ما أباحه لهم ربهم، وعتوا على ربهم إلى ما حظره عليهم من الكفر به. وقوله: ( فِي الْبِلادِ ) : التي كانوا فيها.
89:12
فَاَكْثَرُوْا فِیْهَا الْفَسَادَﭪ(۱۲)
پھر ان میں بہت فساد پھیلایا (ف۱۴)

القول في تأويل قوله تعالى : فَأَكْثَرُوا فِيهَا الْفَسَادَ (12)يقول تعالى ذكره: فأكثروا في البلاد المعاصي، وركوب ما حرّم الله عليهم .
89:13
فَصَبَّ عَلَیْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ عَذَابٍۚۙ(۱۳)
تو ان پر تمہارے رب نے عذاب کا کوڑا بقوت مارا،

( فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ عَذَابٍ ) يقول تعالى ذكره: فأنزل بهم يا محمد ربك عذابه، وأحلّ بهم نقمته، بما أفسدوا في البلاد، وطغَوْا على الله فيها. وقيل: فصبّ عليهم ربك سَوط عذاب. وإنما كانت نِقَما تنزل بهم، إما ريحا تُدَمرهم، وإما رَجفا يُدَمدم عليهم، وإما غَرَقا يُهلكهم من غير ضرب بسوط ولا عصا؛ لأنه كان من أليم عذاب القوم الذين خوطبوا بهذا القرآن، الجلد بالسياط، فكثر استعمال القوم الخبر عن شدّة العذاب الذي يعذّب به الرجل منهم أن يقولوا: ضُرب فلان حتى بالسياط، إلى أن صار ذلك مثلا فاستعملوه في كلّ معذَّب بنوع من العذاب شديد، وقالوا: صَبّ عليه سَوْط عذاب.وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.* ذكر من قال ذلك:حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى، وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قوله: ( سَوْطَ عَذَابٍ ) قال: ما عذّبوا به.حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد في قوله: ( فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ عَذَابٍ ) قال: العذاب الذي عذّبهم به سماه: سوط عذاب.
89:14
اِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِؕ(۱۴)
بیشک تمہارے رب کی نظر سے کچھ غائب نہیں،

وقوله: ( إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ ) يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: إن ربك يا محمد لهؤلاء الذين قصصت عليك قَصَصَهم، ولِضُرَبائهم من أهل الكفر، لبالمِرصاد يرصدهم بأعمالهم في الدنيا وفي الآخرة، على قناطر جهنم، ليكردسهم فيها إذا وردوها يوم القيامة.واختلف أهل التأويل في تأويله، فقال بعضهم: معنى قوله: ( لَبِالْمِرْصَادِ ) بحيث يرى ويسمع.* ذكر من قال ذلك:حدثني عليّ، قال: ثنا أبو صالح، قال: ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس، قوله: ( إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ ) يقول: يَرى ويسمع.وقال آخرون: يعني بذلك أنه بمَرصد لأهل الظلم.* ذكر من قال ذلك:حدثنا ابن حميد، قال: ثنا مهران، عن المبارك بن مجاهد، عن جُويْبِر، عن الضحاك في هذه الآية، قال: إذا كان يوم القيامة، يأمر الربّ بكرسيه، فيوضع على &; 24-412 &; النار، فيستوي عليه، ثم يقول: وعزّتي وجلالي، لا يتجاوزني اليوم ذو مَظلِمة، فذلك قوله: ( لَبِالْمِرْصَادِ ) .قال: ثنا الحكم بن بشير، قال: ثنا عمرو بن قيس، قال: بلغني أن على جهنم ثلاث قناطر: قنطرة عليها الأمانة، إذا مرّوا بها تقول: يا ربّ هذا أمين، يا ربّ هذا خائن، وقنطرة عليها الرحِم، إذا مرّوا بها تقول: يا ربّ هذا واصل، يا ربّ هذا قاطع؛ وقنطرة عليها الربّ( إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ ) .قال: حدثنا مهران، عن سفيان ( إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ ) يعني: جهنم عليها ثلاث قناطر: قنطرة فيها الرحمة، وقنطرة فيها الأمانة، وقنطرة فيها الربّ تبارك وتعالى.حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن الحسن ( إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ ) قال: مِرْصاد عمل بني آدم.
89:15
فَاَمَّا الْاِنْسَانُ اِذَا مَا ابْتَلٰىهُ رَبُّهٗ فَاَكْرَمَهٗ وَ نَعَّمَهٗ ﳔ فَیَقُوْلُ رَبِّیْۤ اَكْرَمَنِؕ(۱۵)
لیکن آدمی تو جب اسے اس کا رب آزمائے کہ اس کو جاہ اور نعمت دے، جب تو کہتا ہے میرے رب نے مجھے عزت دی،

* وقوله: ( فَأَمَّا الإنْسَانُ إِذَا مَا ابْتَلاهُ رَبُّهُ ) يقول تعالى ذكره: فأما الإنسان إذا ما امتحنه ربه بالنعم والغنى ( فأكْرَمَهُ ) بالمال، وأفضل عليه، ( وَنَعَّمَهُ ) بما أوسع عليه من فضله ( فَيَقُولُ رَبِّي أَكْرَمَنِ ) فيفرح بذلك ويسرّ به ويقول: ربي أكرمني بهذه الكرامة.كما حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: ( فَأَمَّا الإنْسَانُ إِذَا مَا ابْتَلاهُ رَبُّهُ فَأَكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَكْرَمَنِ ) وحقّ له.
89:16
وَ اَمَّاۤ اِذَا مَا ابْتَلٰىهُ فَقَدَرَ عَلَیْهِ رِزْقَهٗ ﳔ فَیَقُوْلُ رَبِّیْۤ اَهَانَنِۚ(۱۶)
اور اگر آزمائے اور اس کا رزق اس پر تنگ کرے، تو کہتا ہے میرے رب نے مجھے خوار کیا،

القول في تأويل قوله تعالى : وَأَمَّا إِذَا مَا ابْتَلاهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَهَانَنِ (16).وقوله: ( وَأَمَّا إِذَا مَا ابْتَلاهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ ) يقول: وأما إذا ما امتحنه ربه بالفقر ( فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ ) يقول: فضيَّق عليه رزقه وقَتَّره، فلم يكثر ماله، ولم يوسع عليه ( فَيَقُولُ رَبِّي أَهَانَنِ ) يقول: فيقول ذلك الإنسان: ربي أهانني، يقول: أذلني بالفقر، ولم يشكر الله على ما وهب له من سلامة جوارحه، ورزقه من العافية في جسمه.حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة ( وَأَمَّا إِذَا مَا ابْتَلاهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَهَانَنِ ) ما أسرع كفر ابن آدم.حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، قوله: ( فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ ) قال: ضَيَّقه.واختلفت القرّاء في قراءة قوله: ( فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ ) فقرأت عامة قرّاء الأمصار ذلك بالتخفيف، فقَدَر: بمعنى فقتر، خلا أبي جعفر القارئ، فإنه قرأ ذلك بالتشديد ( فَقَدَّرَ ) . وذُكر عن أبي عمرو بن العلاء أنه كان يقول: قدّر، بمعنى يعطيه ما يكفيه، ويقول: لو فعل ذلك به ما قال ربي أهانني.والصواب من قراءة ذلك عندنا بالتخفيف، لإجماع الحجة من القرّاء عليه.
89:17
كَلَّا بَلْ لَّا تُكْرِمُوْنَ الْیَتِیْمَۙ(۱۷)
یوں نہیں (ف۱۵) بلکہ تم یتیم کی عزت نہیں کرتے (ف۱۶)

وقوله: ( كَلا بَل لا تُكْرِمُونَ الْيَتِيمَ )اختلف أهل التأويل في المعنيّ بقوله: ( كَلا ) في هذا الموضع، وما الذي أنكر بذلك، فقال بعضهم: أنكر جلّ ثناؤه أن يكون سبب كرامته من أكرم كثرة ماله، وسبب إهانته من أهان قلة ماله.* ذكر من قال ذلك:حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: ( وَأَمَّا إِذَا مَا ابْتَلاهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَهَانَنِ ) ما أسرع ما كفر ابن آدم، يقول الله جلّ ثناؤه: كلا إني لا أكرم من أكرمت بكثرة الدنيا، ولا أهين من أهنت بقلتها، ولكن إنما أكرم من أكرمت بطاعتي، وأُهينُ من أهنت بمعصيتي.وقال آخرون: بل أنكر جلّ ثناؤه حمد الإنسان ربه على نِعمه دون فقره، وشكواه الفاقة، وقالوا: معنى الكلام، كلا أي: لم يكن ينبغي أن يكون هكذا، ولكن كان ينبغي أن يحمده على الأمرين جميعا، على الغنى والفقر.وأولى القولين في ذلك بالصواب القول الذي ذكرناه عن قتادة لدلالة قوله: ( بَل لا تُكْرِمُونَ الْيَتِيمَ ) والآيات التي بعدها، على أنه إنما أهان من أهان بأنه لا يكرم اليتيم، ولا يَحُضّ على طعام المسكين، وسائر المعاني التي عدّد، وفي إبانته عن السبب الذي من أجله أهان من أهان، الدلالة الواضحة على سبب تكريمه من أكرم، وفي تبيينه ذلك عَقيب قوله: فَأَمَّا الإِنْسَانُ إِذَا مَا ابْتَلاهُ رَبُّهُ فَأَكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَكْرَمَنِ * وَأَمَّا إِذَا مَا ابْتَلاهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَهَانَنِ بيان واضح عن الذي أنكر من قوله ما وصفنا.وقوله: ( بَل لا تُكْرِمُونَ الْيَتِيمَ ) يقول تعالى ذكره: بل إنما أهنت من أهَنت من أجل أنه لا يكرم اليتيم، فأخرج الكلام على الخطاب، فقال: بل لستم تكرمون اليتيم، فلذلك أهنتكم .
89:18
وَ لَا تَحٰٓضُّوْنَ عَلٰى طَعَامِ الْمِسْكِیْنِۙ(۱۸)
اور آپس میں ایک دوسرے کو مسکین کے کھلانے کی رغبت نہیں دیتے،

( وَلا تَحَاضُّونَ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ ) .واختلفت القرّاء في قراءة ذلك، فقرأه من أهل المدينة أبو جعفر وعامة قرّاء الكوفة ( بَل لا تُكْرِمُونَ الْيَتِيمَ وَلا تَحَاضُّونَ ) بالتاء أيضا وفتحها وإثبات الألف فيها، بمعنى: ولا يحضّ بعضكم بعضًا على طعام المسكين. وقرأ ذلك بعض قرّاء مكة وعامة قرّاء المدينة بالتاء وفتحها وحذف الألف ( وَلا تَحُضُّون ) بمعنى: ولا تأمرون بإطعام المسكين. وقرأ ذلك عامة قرّاء البصرة ( يَحُضُّون ) بالياء وحذف الألف بمعنى: ولا يكرم القائلون إذا ما ابتلاه ربه فأكرمه ونعمه ربي أكرمني، وإذا قدر عليه رزقه ربي أهانني - اليتيم -( ولا يحضون على طعام المسكين ) وكذلك يقرأ الذين ذكرنا من أهل البصرة ( يُكْرِمُونَ ) وسائر الحروف معها بالياء على وجه الخبر عن الذين ذكرت. وقد ذُكر عن بعضهم أنه قرأ ( تُحاضُّونَ ) بالتاء وضمها وإثبات الألف، بمعنى: ولا تحافظون.والصواب من القول في ذلك عندي أن هذه قراءات معروفات في قَرَأة الأمصار، أعني: القراءات الثلاث صحيحات المعاني، فبأيّ ذلك قرأ القارئ فمصيب.
89:19
وَ تَاْكُلُوْنَ التُّرَاثَ اَكْلًا لَّمًّاۙ(۱۹)
اور میراث کا مال ہپ ہپ کھاتے ہو (ف۱۷)

وقوله: ( وَتَأْكُلُونَ التُّرَاثَ أَكْلا لَمًّا ) يقول تعالى ذكره: وتأكلون أيها الناس الميراث أكلا لمًّا، يعني: أكلا شديدًا لا تتركون منه شيئا، وهو من قولهم: لممت ما على الخِوان أجمع، فأنا ألمه لمًّا: إذا أكلت ما عليه فأتيت على جميعه.وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.* ذكر من قال ذلك:حدثني عمرو بن سعيد بن يسار القرشي، قال: ثنا الأنصاري، عن أشعث، عن الحسن ( وَتَأْكُلُونَ التُّرَاثَ أَكْلا لَمًّا ) قال: الميراث.حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة ( وَتَأْكُلُونَ التُّرَاثَ ) أي الميراث، وكذلك في قوله: ( أَكْلا لَمًّا ).* ذكر من قال ذلك:حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، ( وَتَأْكُلُونَ التُّرَاثَ أَكْلا لَمًّا ) يقول: تأكلون أكلا شديدا.حدثني يعقوب، قال: ثنا ابن عُلية، عن يونس، عن الحسن، في قوله: ( وَتَأْكُلُونَ التُّرَاثَ أَكْلا لَمًّا ) قال: نصيبه ونصيب صاحبه.حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى، وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد قوله: ( أَكْلا لَمًّا ) قال: اللمّ السفّ، لفّ كل شيء.حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة ( أَكْلا لَمًّا ) أي: شديدا.حُدثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذ يقول: ثنا عبيد، قال: سمعت الضحاك يقول في قوله: ( أَكْلا لَمًّا ) يقول: أكلا شديدا.حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد في قول الله: ( وَتَأْكُلُونَ التُّرَاثَ أَكْلا لَمًّا ) قال: الأكل اللمّ: الذي يأكل كلّ شيء يجده ولا يسأل، فأكل الذي له والذي لصاحبه، كانوا لا يُوَرِّثون النساء، ولا يورّثون الصغار، وقرأ: وَيَسْتَفْتُونَكَ فِي النِّسَاءِ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِيهِنَّ وَمَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ فِي يَتَامَى النِّسَاءِ اللاتِي لا تُؤْتُونَهُنَّ مَا كُتِبَ لَهُنَّ وَتَرْغَبُونَ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الْوِلْدَانِ أي: لا تورِّثونهنّ أيضا( أَكْلا لَمًّا ) يأكل ميراثه، وكلّ شيء لا يسأل عنه، ولا يدري أحلال أو حرام.حدثني عليّ، قال: ثنا أبو صالح، قال: ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس ( وَتَأْكُلُونَ التُّرَاثَ أَكْلا لَمًّا ). يقول: سَفًّا.حدثني ابن عبد الرحيم البرقيّ، قال: ثنا عمرو بن أبي سلمة البستيّ، عن زُهير، عن سالم، قال: قد سمعتُ بكر بن عبد الله يقول في هذه الآية: ( وَتَأْكُلُونَ التُّرَاثَ أَكْلا لَمًّا ) قال اللمّ: الاعتداء في المِيراث، يأكل ميراثه وميراث غيره.
89:20
وَّ تُحِبُّوْنَ الْمَالَ حُبًّا جَمًّاؕ(۲۰)
اور مال کی نہایت محبت رکھتے ہو (ف۱۸)

القول في تأويل قوله تعالى : وَتُحِبُّونَ الْمَالَ حُبًّا جَمًّا (20) .يعني تعالى ذكره بقوله: ( وَتُحِبُّونَ الْمَالَ حُبًّا جَمًّا ) وتحبون جمع المال أيها الناس واقتناءه حبا كثيرا شديدا، من قولهم: قد جمّ الماء في الحوض: إذا اجتمع، ومنه قول زُهير بن أبي سلمى:فَلَمَّا ورَدْنَ المَاءَ زُرْقًا جِمامُهُوَضَعْنَ عِصِيَّ الْحاضِرِ المُتَخَيَّمِ (5)وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.* ذكر من قال ذلك:حدثني عليّ، قال: ثنا أبو صالح، قال: ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس، في قوله: ( وَتُحِبُّونَ الْمَالَ حُبًّا جَمًّا ) يقول: شديدا.حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس ( وَتُحِبُّونَ الْمَالَ حُبًّا جَمًّا ) فيحبون كثرة المال.حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قوله: ( حُبًّا جَمًّا ) قال: الجمّ: الكثير.حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة ( وَتُحِبُّونَ الْمَالَ حُبًّا جَمًّا ) : أي حبا شديدا.حُدثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذ يقول: ثنا عبيد، قال: سمعت الضحاك يقول في قوله: ( حُبًّا جَمًّا ) : يحبون كثرة المال.حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد في قوله: ( وَتُحِبُّونَ الْمَالَ حُبًّا جَمًّا ) قال: الجمّ: الشديد.------------------------الهوامش:(5) البيت من معلقة زهير ( مختار الشعر الجاهلي 229 ) قال شارحه : وردن الماء : أتينه وحللن عليه . وجمامة : جمع جم ، وهو ما تجمع وكثر . وزرقة الماء : من شدة صفاء لونه ؛ لأنه لم يورد قبلهن ولم يحرك . ووضع العصى : كناية عن النزول بالمكان ، والإقامة فيه . ا ه وفي ( اللسان : جم ) الجم والجمم ( محركا ) : الكثير من كل شيء . ومال جم :كثيرا . وفي التنزيل العزيز : وتحبون المال حبا جما أي : كثيرا . وكذلك فسره أبو عبيدة . وقيل الجم : الكثير المجتمع ؛ جم يجم كيجلس ويقعد والضم أعلى ، جموما . ا ه .
89:21
كَلَّاۤ اِذَا دُكَّتِ الْاَرْضُ دَكًّا دَكًّاۙ(۲۱)
ہاں ہاں جب زمین ٹکرا کر پاش پاش کردی جائے (ف۱۹)

ويعني جلّ ثناؤه بقوله: ( كَلا ) : ما هكذا ينبغي أن يكون الأمر. ثم أخبر جلّ ثناؤه عن ندمهم على أفعالهم السِّيئة في الدنيا، وتلهُّفهم على ما سلف منهم حين لا ينفعهم الندم، فقالّ جل ثناؤه: ( إِذَا دُكَّتِ الأرْضُ دَكًّا دَكًّا ) يعني: إذا رجت وزُلزلت زلزلة، وحرّكت تحريكا بعد تحريك.وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.* ذكر من قال ذلك:حدثني عليّ، قال: ثنا أبو صالح، قال: ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس، قوله: ( إِذَا دُكَّتِ الأرْضُ دَكًّا دَكًّا ) يقول: تحريكها.حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: ثني حرملة بن عمران، أنه سمع عمر مولى غُفْرة يقول: إذا سمعت الله يقول: كلا فإنما يقول: كذبت.
89:22
وَّ جَآءَ رَبُّكَ وَ الْمَلَكُ صَفًّا صَفًّاۚ(۲۲)
اور تمہارے رب کا حکم آئے اور فرشتے قطار قطار،

وقوله: ( وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا ) يقول تعالى ذكره: وإذا جاء ربك يا محمد وأملاكه صفوفا صفا بعد صفّ.كما حدثنا ابن بشار، قال: ثنا محمد بن جعفر وعبد الوهاب، قالا ثنا عوف، عن أبي المنهال، عن شهر بن حوشب، عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: إذا كان يوم القيامة مدّت الأرض مدّ الأديم، وزيد في سعتها كذا وكذا، وجمع الخلائق بصعيد واحد، جنهم وإنسهم، فإذا كان ذلك اليوم قيضت (6) هذه السماء الدنيا عن أهلها على وجه الأرض، وَلأهل السماء وحدهم أكثر من أهل الأرض جنهم وإنسهم بضعف فإذا نثروا على وجه الأرض فزِعوا منهم، فيقولون: أفيكم ربنا: فيفزعون من قولهم ويقولون: سبحان ربنا ليس فينا، وهو آت، ثم تقاض السماء الثانية، وَلأهل السماء الثانية وحدهم أكثر من أهل السماء الدنيا ومن جميع أهل الأرض بضعف جنهم وإنسهم، فإذا نثروا على وجه الأرض فزع إليهم أهل الأرض، فيقولون: أفيكم ربنا؟ فيفزعون من قولهم ويقولون: سبحان ربنا، ليس فينا، وهو آت، ثم تقاضُ السموات سماء سماء، كلما قيضت سماء عن أهلها كانت أكثر من أهل السموات التي تحتها ومن جميع أهل الأرض بضعف، فإذا نثروا على وجه الأرض، فزِع إليهم أهل الأرض، فيقولون لهم مثل ذلك، ويرجعون إليهم مثل ذلك، حتى تقاض السماء السابعة، فلأهل السماء السابعة أكثر من أهل ستِّ سموات، ومن جميع أهل الأرض بضعف، فيجيء الله فيهم والأمم جِثيّ صفوف، وينادي مناد: ستعلمون اليوم من أصحاب الكرم، ليقم الحمادون لله على كل حال؛ قال: فيقومون فيسرحون إلى الجنة، ثم ينادي الثانية: ستعلمون اليوم من أصحاب الكرم، أين الذين كانت تتجافى جنوبهم عن المضاجع، يدعون ربهم خوفا وطمعًا، ومما رزقناهم ينفقون؟ فيسرحون إلى الجنة؛ ثم ينادي الثانية: ستعلمون اليوم من أصحاب الكرم: أين الذين لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله، وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة، يخافون يوما تتقلَّب فيه القلوب والأبصار فيقومون فيسرحون إلى الجنة؛ فإذا أخذ من هؤلاء ثلاثة خرج عُنُق من النار، فأشرف على الخلائق، له عينان تبصران، ولسان فصيح، فيقول: إني وكلت منكم بثلاثة: بكلّ جبار عنيد، فيلقُطهم من الصفوف لقط الطير حبّ السمسم، فيحبس بهم في جهنم، ثم يخرج ثانية فيقول: إني وكلت منكم بمن آذى الله ورسوله فيلقطهم لقط الطير حبّ السمسم، فيحبس بهم في جهنم، ثم يخرج ثالثة، قال عوف: قال أبو المنهال: حسبت أنه يقول: وكلت بأصحاب التصاوير، فيلتقطهم من الصفوف لقط الطير حبّ السمسم، فيحبس بهم في جهنم، فإذا أخذ من هؤلاء ثلاثة، ومن هؤلاء ثلاثة، نُشرت الصحف، ووُضعت الموازين، ودُعي الخلائق للحساب.حدثني موسى بن عبد الرحمن قال: ثنا أبو أُسامة، عن الأجلح، قال: سمعت الضحاك بن مزاحم يقول: إذا كان يوم القيامة، أمر الله السماء الدنيا بأهلها، ونزل من فيها من الملائكة، وأحاطوا بالأرض ومن عليها، ثم الثانية، ثم الثالثة، ثم الرابعة، ثم الخامسة، ثم السادسة، ثم السابعة، فصَفُّوا صفًا دون صفّ، ثم ينزل الملك الأعلى على مجنبته اليسرى جهنم، فإذا رآها أهل الأرض ندّوا، فلا يأتون قطرا من أقطار الأرض إلا وجدوا سبعة صفوف من الملائكة، فيرجعون إلى المكان الذي كانوا فيه فذلك قول الله: إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ يَوْمَ التَّنَادِ * يَوْمَ تُوَلُّونَ مُدْبِرِينَ مَا لَكُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ عَاصِمٍ ، وذلك قوله: ( وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا * وَجِيءَ يَوْمَئِذٍ بِجَهَنَّمَ) وقوله: يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالإِنْسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ تَنْفُذُوا مِنْ أَقْطَارِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ فَانْفُذُوا لا تَنْفُذُونَ إِلا بِسُلْطَانٍ وذلك قول الله: وَانْشَقَّتِ السَّمَاءُ فَهِيَ يَوْمَئِذٍ وَاهِيَةٌ * وَالْمَلَكُ عَلَى أَرْجَائِهَا .حدثنا أبو كُرَيب، قال: ثنا عبد الرحمن بن محمد المحاربيّ، عن إسماعيل بن رافع المدني، عن يزيد بن أبي زياد، عن محمد بن كعب القُرَظيّ، عن رجل من الأنصار، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " تُوقفُونَ مَوْقِفا وَاحِدًا يَوْمَ الْقِيامَةِ مِقْدَارَ سَبْعِينَ عاما، لا يُنْظُر إلَيْكُمْ وَلا يُقْضَى بَيْنَكُمْ، قَدْ حُصِرَ عَلَيْكُمْ، فَتَبْكُونَ حتى يَنْقطِعَ الدَّمْعُ، ثُمَّ تَدْمعُون دما وَتَبْكُون حتى يَبْلُغَ ذلكَ مِنْكُمْ الأذْقَانَ، أوْ يُلْجِمَكُمْ فَتَضُجُّونَ، ثُمَّ تَقُولُونَ مَنْ يَشْفَعُ لَنا إلى رَبِّنا، فَيَقْضِي بَيْنَنا، فَيَقُولُونَ مَنْ أحَقُّ بِذلكَ مِنْ أبِيكُمْ، جَعَلَ اللهُ تُرْبَتَهُ وَخَلْقَهُ بِيَدِهِ، وَنَفَخَ فِيهِ مِنْ رُوحِهِ، وكَلَّمَهُ قُبُلا فَيُؤْتَى آدَمُ صَلى اللهُ عليهِ وسلَّمَ فَيُطْلَبُ ذلكَ إلَيْهِ فَيأْبَى، ثُمَّ يَسْتَقْرُونَ الأنبِياءَ نَبِيًّا نَبِيًّا، كُلَّما جاءُوا نَبِيًّا أبى " قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: " حتى يَأْتونِي، فإذَا جاءُونِي خَرَجْتُ حتى آتِي الفَحْص " ، قال أبو هريرة: يا رسول الله، ما الفحصُ؟ قال: " قُدَّامَ العَرْشِ، فأخِرُّ ساجِدًا، فَلا أزَالُ ساجِدًا حتى يَبْعَثَ اللهُ إليَّ مَلَكًا، فَيأخُذَ بعَضُدِي، فَيرْفَعَنِي ثُمَّ يَقُولُ اللهُ لِي: مُحَمَّدٌ، وَهُوَ أعْلَمُ، فأقُولُ: نَعْم، فَيَقُولُ: ما شأنُكَ؟ فأقول: يا رَبِّ وَعَدْتَنِي الشَّفاعَةَ، شَفِّعْنِي فِي خَلْقِكَ فاقْضِ بَيْنَهُمْ، فَيَقُولُ: قَدْ شَفَّعْتُكَ، أنا آتِيكُمْ فأقْضِي بَيْنَكُمْ". قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: " فأنصَرِفُ حتى أقِفَ مَعَ النَّاسِ، فَبَيْنا نَحْنُ وَقُوفٌ، سَمِعْنا حِسًّا مِنَ السَّماءِ شَدِيدًا، فَهالَنا، فَنزلَ أهْلُ السَّماءِ الدُّنْيا بِمِثْلَيْ مَنْ فِي الأرْضِ مِنَ الجِنّ والإنسِ، حتى إذَا دنوْا مِنَ الأرْضِ، أشْرَقَتِ الأرْضُ، بِنُورِهِمْ، وأخَذُوا مَصَافَّهُمْ، وَقُلْنَا لَهُمْ: أفِيكُمْ رَبُّنا؟ قالوا: لا وَهُوَ آتٍ، ثُمَّ يَنزلُ أهْلُ السَّماءِ الثَّانِيَةِ بِمِثْلَيْ مَنْ نزلَ مِنَ المَلائِكَةِ، وَبِمِثْلَيْ مَنْ فِيها مِنَ الجِنّ وَالإنْسِ، حتى إذَا دَنَوْا مِنَ الأرْضِ أشْرَقَتِ الأرضُ بِنُورِهِمْ، وأخَذُوا مَصَافَّهُمْ، وَقُلْنَا لَهُمْ: أفِيكُمْ رَبُّنا؟ قالوا: لا وَهُوَ آتٍ. ثُمَّ نزلَ أهْلُ السَّمَاوَاتِ عَلى قَدْرِ ذلكَ مِنَ الضِّعْفِ حتى نزلَ الجَبَّارُ فِي ظُلَلٍ مِنَ الغَمامِ وَالمَلائِكَةِ، وَلَهُمْ زَجَلٌ مِنْ تَسْبِيحِهِمْ، يَقُولُونَ: سُبْحانَ ذِي المُلْكِ وَالمَلَكُوتِ، سُبْحانَ رَبِّ العَرْشِ ذِي الجَبَرُوتِ، سُبْحَانَ الْحَيِّ الَّذِي لا يَمُوتُ سُبْحانَ الَّذِي يميت الخلائق ولا يَمُوتُ، سُبُّوحٌ قُدُّوسٌ رَبُّ المَلائِكَةِ والرُّوحِ، قُدُّوسٌ قُدُّوسٌ، سُبْحانَ رَبِّنا الأعْلَى سُبْحان ذِي الجَبرُوتِ وَالْمَلَكُوتِ وَالْكِبْرِياءِ والسُّلْطانِ والعَظَمَةِ سُبْحانَهُ أبَدًا أبَدًا، يَحْمِلُ عَرْشَهُ يَوْمَئِذٍ ثمَانِيَةٌ، وَهمُ اليَوْمَ أرْبَعَةٌ، أقْدَامُهُم على تُخُومِ الأرْضِ السُّفْلَى، والسَّمَاوَاتُ إلى حُجَزِهِمْ، وَالعَرْشُ عَلى مَناكِبِهمْ، فَوَضَعَ الله عَرْشَهُ حَيْثُ شَاء مِنَ الأرْض، ثُمَّ يُنادِي بِنِدَاءٍ يُسْمِعُ الخَلائِقَ فَيَقُولُ يا مَعْشَرَ الجِنِّ والإنْسِ، إنِّي قَدْ أنْصَتُّ مُنْذُ يَوْمِ خَلَقْتُكُمْ إلى يَوْمِكُمْ هَذَا، أسمَعُ كَلامَكُمْ، وأُبْصِرُ أعمالَكمْ، فَأنْصِتُوا إليَّ، فإنَّمَا هِيَ صُحُفُكُمْ وأعمالكُمْ &; 24-420 &; تُقْرأُ علَيْكُمْ فَمَنْ وَجَدَ خَيْرًا فَلْيَحْمَدِ اللهَ، وَمَنْ وَجَدَ غَيرَ ذلكَ فَلا يَلُومَنَّ إلا نَفْسَهُ، ثُمَّ يأْمُرُ اللهُ جَهَنَّمَ فَتُخْرِجُ مِنْها عُنُقا ساطِعا مُظْلِما، ثُمَّ يَقُولُ اللهُ: أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِي آدَمَ أَنْ لا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ إلى قوله: هَذِهِ جَهَنَّمُ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ ، وَامْتَازُوا الْيَوْمَ أَيُّهَا الْمُجْرِمُونَ فيتميز الناس ويَجْثُونَ، وَهِيَ التي يَقُولُ اللهُ: وَتَرَى كُلَّ أُمَّةٍ جَاثِيَةً كُلُّ أُمَّةٍ تُدْعَى إِلَى كِتَابِهَا الْيَوْمَ ... الآية، فَيَقْضِي اللهُ بَينَ خَلْقِهِ الجِنِّ والإنْسِ وَالْبَهائمِ، فإنَّهُ لَيَقِيدُ يَوْمَئِذٍ لِلْجَمَّاءِ مِنْ ذَاتِ القُرُونِ، حتى إذَا لَمْ يَبْقَ تَبِعَةٌ عِنْدَ وَاحِدةٍ لأخْرَى قال اللهُ: كُونُوا تُرَابًا، فَعِنْدَ ذلكَ يَقُولُ الكافِرُ يا لَيْتَني كُنْتُ تُرَابًا، ثُمَّ يَقْضِي اللهُ سُبْحانَهُ بَينَ الجِنِّ والإنْسِ".حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: ( وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا ) صفوف الملائكة.------------------------الهوامش:(6) في ( اللسان : قيض ) وذكر طرفا من حديث ابن عباس هذا ، قال : قيضت : أي نقضت . يقال : قضت البناء فانقاض ، وقيل : معناه : شقت ، من قاض الفرخ البيض ، فانقاضت .
89:23
وَ جِایْٓءَ یَوْمَىٕذٍۭ بِجَهَنَّمَ ﳔ یَوْمَىٕذٍ یَّتَذَكَّرُ الْاِنْسَانُ وَ اَنّٰى لَهُ الذِّكْرٰىؕ(۲۳)
اور اس دن جہنم لائے جائے (ف۲۰) اس دن آدمی سوچے گا (ف۲۱) اور اب اسے سوچنے کا وقت کہاں (ف۲۲)

وقوله: ( وَجِيءَ يَوْمَئِذٍ بِجَهَنَّمَ ) يقول تعالى ذكره: وجاء الله يومئذ بجهنم.كما حدثنا الحسن بن عرفة قال: ثنا مروان الفزاريّ، عن العلاء بن خالد الأسديّ، عن شقيق بن سلمة، قال: قال عبد الله بن مسعود، في قوله: ( وَجِيءَ يَوْمَئِذٍ بِجَهَنَّمَ ) قال: جيء بها تُقاد بسبعين ألف زمام، مع كلّ زمام سبعون ألف ملك يقودونها.حدثنا ابن حميد، قال: ثنا يحيى بن واضح، قال: ثنا الحسين، عن عاصم بن بهدلة، عن أبي وائل ( وَجِيءَ يَوْمَئِذٍ بِجَهَنَّمَ ) قال: يُجاء بها يوم القيامة تُقاد بسبعين ألف زمام، مع كلّ زمام سبعون ألف ملك.حدثنا ابن حميد، قال: ثنا الحكم بن بشير، قال: ثنا عمرو بن قيس، عن قتادة، قال: جَنْبتيه: الجنة والنار؛ قال: هذا حين ينزل من عرشه إلى كرسيه لحساب خلقه، وقرأ: ( وَجِيءَ يَوْمَئِذٍ بِجَهَنَّمَ ) .حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة ( وَجِيءَ يَوْمَئِذٍ بِجَهَنَّمَ ) قال: جيء بها مزمومة.وقوله: ( يَوْمَئِذٍ يَتَذَكَّرُ الإنْسَانُ ) يقول تعالى ذكره: يومئذ يتذكر الإنسان تفريطه في الدنيا في طاعة الله، وفيما يقرّب إليه من صالح الأعمال ( وَأَنَّى لَهُ الذِّكْرَى ) يقول: من أيّ وجه له التذكير.وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.* ذكر من قال ذلك:حدثني عليّ، قال: ثنا أبو صالح قال: ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس، قوله: ( وَأَنَّى لَهُ الذِّكْرَى ) يقول: وكيف له
89:24
یَقُوْلُ یٰلَیْتَنِیْ قَدَّمْتُ لِحَیَاتِیْۚ(۲۴)
کہے گا ہائے کسی طرح میں نے جیتے جی نیکی آگے بھیجی ہوتی،

القول في تأويل قوله تعالى : يَقُولُ يَا لَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَيَاتِي (24)وقوله: ( يَا لَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَيَاتِي ) يقول تعالى ذكره مخبرا عن تلهُّف ابن آدم يوم القيامة، وتندّمه على تفريطه في الصَّالِحات من الأعمال في الدنيا التي تورثه بقاء الأبد في نعيم لا انقطاع له، يا ليتني قدمت لحياتي في الدنيا من صالح الأعمال لحياتي هذه، التي لا موت بعدها، ما ينجيني من غضب الله، ويوجب لي رضوانه.وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.* ذكر من قال ذلك:حدثنا ابن بشار، قال: ثنا هَوذة، قال: ثنا عوف، عن الحسن، في قوله: يَوْمَئِذٍ يَتَذَكَّرُ الإِنْسَانُ وَأَنَّى لَهُ الذِّكْرَى * يَقُولُ يَا لَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَيَاتِي قال: علم الله أنه صادق، هناك حياة طويلة لا موت فيها آخر ما عليه.حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: ( يَا لَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَيَاتِي ) هُناكُم والله الحياة الطويلة.حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى؛ وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قوله: ( يَا لَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَيَاتِي ) قال: الآخرة.
89:25
فَیَوْمَىٕذٍ لَّا یُعَذِّبُ عَذَابَهٗۤ اَحَدٌۙ(۲۵)
تو اس دن اس کا سا عذاب (ف۲۳) کوئی نہیں کرتا،

وقوله: (فَيَوْمَئِذٍ لا يُعَذِّبُ عَذَابَهُ أَحَدٌ * وَلا يُوثِقُ وَثَاقَهُ أَحَدٌ) أجمعت القرّاء قرّاء الأمصار في قراءة ذلك على كسر الذال من يعذّب، والثاء من يوثق، خلا الكسائي، &; 24-422 &; فإنه قرأ ذلك بفتح الذال والثاء اعتلالا منه بخبر - رُوي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قرأه كذلك - واهي الإسناد.حدثنا ابن حميد، قال: ثنا مهران، عن خارجة، عن خالد الحذّاء، عن أبي قِلابة، قال: ثني من أقرأه النبيّ صلى الله عليه وسلم ( فَيَوْمَئِذٍ لا يُعَذِّبُ عَذَابَهُ أَحَدٌ ) .والصواب من القول في ذلك عندنا ما عليه قرّاء الأمصار، وذلك كسر الذال والثاء لإجماع الحجة من القرّاء عليه. فإذَا كان ذلك كذلك، فتأويل الكلام: فيومئذ لا يعذَّب بعذاب الله أحد في الدنيا، ولا يوثق كوثاقه يومئذ أحد في الدنيا. وكذلك تأوّله قارئو ذلك كذلك من أهل التأويل.* ذكر من قال ذلك:حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: ( فَيَوْمَئِذٍ لا يُعَذِّبُ عَذَابَهُ أَحَدٌ ) ولا يوثِق كوثاق الله أحد.حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن الحسن (فَيَوْمَئِذٍ لا يُعَذِّبُ عَذَابَهُ أَحَدٌ * وَلا يُوثِقُ وَثَاقَهُ أَحَدٌ) قال: قد علم الله أن في الدنيا عذابا وَوَثاقا، فقال: فيومئذ لا يعذّب عذابه أحد في الدنيا، ولا يُوثِق وثاقه أحد في الدنيا.وأما الذي قرأ ذلك بالفتح، فإنه وجَّه تأويله إلى: فيومئذ لا يعذَّب أحد في الدنيا كعذاب الله يومئذ ولا يوثق أحد في الدنيا كوثاقه يومئذ. وقد تأوّل ذلك بعض من قرأ ذلك كذلك بالفتح من المتأخرين، فيومئذ لا يعذَّب عذاب الكافر أحَد ولا يُوثَق وثاق الكافر أحد. وقال: كيف يجوز الكسر، ولا معذّب يومئذ سوى الله وهذا من التأويل غلط؛ لأن أهل التأويل تأوّلوه بخلاف ذلك، مع إجماع الحجة من القرّاء على قراءته بالمعنى الذي جاء به تأويل أهل التأويل، وما أحسبه دعاه إلى قراءة ذلك كذلك، إلا ذهابه عن وجه صحته في التأويل.
89:26
وَّ لَا یُوْثِقُ وَ ثَاقَهٗۤ اَحَدٌؕ(۲۶)
اور اس کا سا باندھنا کوئی نہیں باندھتا،

وقوله: (فَيَوْمَئِذٍ لا يُعَذِّبُ عَذَابَهُ أَحَدٌ * وَلا يُوثِقُ وَثَاقَهُ أَحَدٌ) أجمعت القرّاء قرّاء الأمصار في قراءة ذلك على كسر الذال من يعذّب، والثاء من يوثق، خلا الكسائي، فإنه قرأ ذلك بفتح الذال والثاء اعتلالا منه بخبر - رُوي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قرأه كذلك - واهي الإسناد.حدثنا ابن حميد، قال: ثنا مهران، عن خارجة، عن خالد الحذّاء، عن أبي قِلابة، قال: ثني من أقرأه النبيّ صلى الله عليه وسلم ( فَيَوْمَئِذٍ لا يُعَذِّبُ عَذَابَهُ أَحَدٌ ) .والصواب من القول في ذلك عندنا ما عليه قرّاء الأمصار، وذلك كسر الذال والثاء لإجماع الحجة من القرّاء عليه. فإذَا كان ذلك كذلك، فتأويل الكلام: فيومئذ لا يعذَّب بعذاب الله أحد في الدنيا، ولا يوثق كوثاقه يومئذ أحد في الدنيا. وكذلك تأوّله قارئو ذلك كذلك من أهل التأويل.* ذكر من قال ذلك:حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: ( فَيَوْمَئِذٍ لا يُعَذِّبُ عَذَابَهُ أَحَدٌ ) ولا يوثِق كوثاق الله أحد.حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن الحسن (فَيَوْمَئِذٍ لا يُعَذِّبُ عَذَابَهُ أَحَدٌ * وَلا يُوثِقُ وَثَاقَهُ أَحَدٌ) قال: قد علم الله أن في الدنيا عذابا وَوَثاقا، فقال: فيومئذ لا يعذّب عذابه أحد في الدنيا، ولا يُوثِق وثاقه أحد في الدنيا.وأما الذي قرأ ذلك بالفتح، فإنه وجَّه تأويله إلى: فيومئذ لا يعذَّب أحد في الدنيا كعذاب الله يومئذ ولا يوثق أحد في الدنيا كوثاقه يومئذ. وقد تأوّل ذلك بعض من قرأ ذلك كذلك بالفتح من المتأخرين، فيومئذ لا يعذَّب عذاب الكافر أحَد ولا يُوثَق وثاق الكافر أحد. وقال: كيف يجوز الكسر، ولا معذّب يومئذ سوى الله وهذا من التأويل غلط؛ لأن أهل التأويل تأوّلوه بخلاف ذلك، مع إجماع الحجة من القرّاء على قراءته بالمعنى الذي جاء به تأويل أهل التأويل، وما أحسبه دعاه إلى قراءة ذلك كذلك، إلا ذهابه عن وجه صحته في التأويل.
89:27
یٰۤاَیَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَىٕنَّةُۗۖ(۲۷)
اے اطمینان والی جان (ف۲۴)

وقوله: (يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةَ * ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً) يقول تعالى ذكره مخبرا عن قيل الملائكة لأوليائه يوم القيامة: يا أيتها النفس المطمئنة، يعني بالمطمئنة: التي اطمأنت إلى وعد الله الذي وعد أهل الإيمان به في الدنيا من الكرامة في الآخرة، فصدّقت بذلك.وقد اختلف أهل التأويل في تأويل ذلك فقال بعضهم نحو الذي قلنا فيه.* ذكر من قال ذلك:حدثني عليّ، قال: ثنا أبو صالح، قال: ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس ( يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ ) يقول: المصدّقة.حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: ( يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ ) هو المؤمن اطمأنت نفسه إلى ما وعد الله.حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة والحسن، في قوله: ( يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ ) قال: المطمئنة إلى ما قال الله، والمصدّقة بما قال.وقال آخرون: بل معنى ذلك: المصدّقة الموقِنة بأن الله ربها، المسلمة لأمره فيما هو فاعل بها.* ذكر من قال ذلك:حدثنا ابن حميد، قال: ثنا جرير، عن منصور، عن مجاهد، في قوله: ( يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ ) قال: النفس التي أيقنت أن الله ربها، وضربت جأشا لأمره وطاعته.حدثنا ابن بشار، قال: ثنا عبد الرحمن، قال: ثنا سفيان، عن منصور، عن مجاهد ( يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ ) قال: أيقنت بأن الله ربها، وضربت لأمره جأشا.حدثنا أبو كُرَيب، قال: ثنا ابن يمان، عن سفيان، عن منصور، عن مجاهد ( يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ ) قال: المنيبة المخبتة التي قد أيقنت أن الله ربها، وضربت لأمره جأشا.حدثنا ابن حميد، قال: ثنا مهران، عن سفيان، عن منصور، عن مجاهد ( يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ ) قال: أيقنت بأن الله ربها، وضربت لأمره جأشا.حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى؛ وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قوله: ( المُطْمَئِنَّةُ ) قال: المُخبِتة والمطمئنة إلى الله.حدثنا أبو كُرَيب، قال: ثنا وكيع، عن سفيان، عن منصور، عن مجاهد ( يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ ) قال: التي قد أيقنت بأن الله ربها، وضربت لأمره جأشا.حدثني يعقوب، قال: ثنا ابن عُليَّة، قال: ثنا ابن أبي نجيح، عن مجاهد، في قوله: ( يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ ) قال: المخبِتة.حدثني سعيد بن الرييع الرازيّ، قال: ثنا سفيان، عن منصور، عن مجاهد &; 24-424 &; ( يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ ) قال: التي أيقنت بلقاء الله، وضربت له جأشا.وُذكر أن ذلك في قراءة أُبيّ( يا أيَّتُها النَّفْسُ الآمِنَةُ ) .* ذكر الرواية بذلك:حدثنا خلاد بن أسلم قال: أخبرنا النضر، عن هارون القاري قال: ثني هلال، عن أبي شيخ الهنائي في قراءة أُبيّ( يا أيَّتُها النَّفْسُ الآمِنَةُ المُطْمَئِنَّةُ ) وقال الكلبي: إن الآمنة في هذا الموضع، يعني به: المؤمنة.وقيل: إن ذلك قول الملك للعبد عند خروج نفسه مبشرة برضا ربه عنه، وإعداده ما أعدّ له من الكرامة عنده.* ذكر من قال ذلك:حدثنا أبو كُرَيب، قال: ثنا ابن يمان، عن جعفر، عن سعيد، قال: قُرئت: ( يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ *ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً) عند النبيّ صلى الله عليه وسلم فقال أبو بكر: إن هذا لحسن، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أما إنَّ المَلَكَ سَيَقُولُهَا لَكَ عِنْدَ المَوتِ".حدثنا ابن حميد، قال: ثنا مهران، عن سفيان، عن إسماعيل بن أبي خالد، عن أبي صالح ( ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً ) قال هذا عند الموت ( فَادْخُلِي فِي عِبَادِي ) قال هذا يوم القيامة.وقال آخرون في ذلك بما حدثنا به أبو كريب، قال: ثنا ابن يمان، عن أُسامة بن زيد، عن أبيه في قوله: ( يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ ) قال: بُشِّرت بالجنة عند الموت، ويوم الجمع، وعند البعث.
89:28
ارْجِعِیْۤ اِلٰى رَبِّكِ رَاضِیَةً مَّرْضِیَّةًۚ(۲۸)
اپنے رب کی طرف واپس ہو یوں کہ تو اس سے راضی وہ تجھ سے راضی،

وقوله: ( ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ ) اختلف أهل التأويل في تأويله، فقال بعضهم: هذا خبر من الله جلّ ثناؤه عن قيل الملائكة لنفس المؤمن عند البعث، تأمرها أن ترجع في جسد صاحبها؛ قالوا: وعُنِيَ بالردّ هاهنا صاحبها.* ذكر من قال ذلك:حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله: (يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ * ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً) قال: تردّ الأرواح المطمئنة يوم القيامة في الأجساد.حُدثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذ يقول: ثنا عبيد، قال: سمعت الضحاك يقول في قوله: (فَادْخُلِي فِي عِبَادِي * وَادْخُلِي جَنَّتِي) يأمر الله الأرواح يوم القيامة أن ترجع إلى الأجساد، فيأتون الله كما خلقهم أول مرّة.حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا المعتمر، عن أبيه، عن عكرِمة في هذه الآية ( ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً ) إلى الجسد.وقال آخرون: بل يقال ذلك لها عند الموت.* ذكر من قال ذلك:
89:29
فَادْخُلِیْ فِیْ عِبٰدِیْۙ(۲۹)
پھر میرے خاص بندوں میں داخل ہو،

حدثنا ابن حميد، قال: ثنا مهران، عن سفيان، عن إسماعيل بن أبي خالد، عن أبي صالح ( ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً ) قال: هذا عند الموت ( فَادْخُلِي فِي عِبَادِي ) قال: هذا يوم القيامة.وأولى القولين في ذلك بالصواب القول الذي ذكرناه عن ابن عباس والضحاك، أن ذلك إنما يقال لهم عند ردّ الأرواح في الأجساد يوم البعث لدلالة قوله: (فَادْخُلِي فِي عِبَادِي * وَادْخُلِي جَنَّتِي).اختلف أهل التأويل في معنى ذلك، فقال بعضهم: معنى ذلك: فادخلي في عبادي الصالحين، وادخلي جنتي.* ذكر من قال ذلك:
89:30
وَ ادْخُلِیْ جَنَّتِیْ۠(۳۰)
اور میری جنت میں آ،

حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: ( فَادْخُلِي فِي عِبَادِي ) قال: ادخلي في عبادي الصالحين ( وَادْخُلِي جَنَّتِي ) .وقال آخرون: معنى ذلك: فادْخُلِي فِي طاعَتِي وادْخُلِي جَنَّتِي .* ذكر من قال ذلك:حدثنا أبو كُرَيب، قال: ثنا وكيع، عن نعيم بن ضمضم، عن محمد بن مزاحم أخي الضحاك بن مُزاحم ( فَادْخُلِي فِي عِبَادِي ) قال: في طاعتي ( وَادْخُلِي جَنَّتِي ) قال: في رحمتي.وكان بعض أهل العربية من أهل البصرة يوجِّه معنى قوله: ( فَادْخُلِي فِي عِبَادِي ) إلى: فادخلي في حزبي.وكان بعض أهل العربية من أهل الكوفة يتأوّل ذلك ( يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ ) بالإيمان والمصدقة بالثواب والبعث ارجعي، تقول لهم الملائكة: إذا أُعطوا كتبهم بأيمانهم ( ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ ) إلى ما أعدّ الله لك من الثواب؛ قال: وقد يكون أن تقول لهم: شِبْه هذا القول ينوون ارجعوا من الدنيا إلى هذا المرجع؛ قال: وأنت تقول للرجل ممن أنت؟ فيقول: مُضَريّ، فتقول: كن تميميا أو قيسيا، أي: أنت من أحد هذين، فتكون كن صلة، كذلك الرجوع يكون صلة، لأنه قد صار إلى يوم القيامة، فكان الأمر بمعنى الخبر، كأنه قال: أيتها النفس أنت راضية مرضية.وقد رُوي عن بعض السلف أنه كان يقرأ ذلك: ( فادْخُلِي فِي عبدِي وَادْخُلِي جَنَّتِي ) .* ذكر من قال ذلك:حدثني أحمد بن يوسف، قال: ثنا القاسم بن سلام، قال: ثنا حجاج، عن هارون، عن أبان بن أبي عياش، عن سليمان بن قَتَّةَ عن ابن عباس، أنه قرأها( فادْخُلِي فِي عَبْدي ) على التوحيد.حدثني خلاد بن أسلم، قال: أخبرنا النضر بن شميل، عن هارون القاري، قال: ثني هلال، عن أبي الشيخ الهنائي ( فادْخُلِي فِي عَبْدِي ) . وفي قول الكلبي ( فادْخُلِي فِي عَبْدِي وَادْخُلِي فِي جَنَّتِي ) يعني: الروح ترجع في الجسد.والصواب من القراءة في ذلك ( فَادْخُلِي فِي عِبَادِي ) بمعنى: فادخلي في عبادي الصالحين. لإجماع الحجة من القرّاء عليه.آخر تفسير سورة والفجر
  FONT
  THEME
  TRANSLATION
  • English | Ahmed Ali
  • Urdu | Ahmed Raza Khan
  • Turkish | Ali-Bulaç
  • German | Bubenheim Elyas
  • Chinese | Chineese
  • Spanish | Cortes
  • Dutch | Dutch
  • Portuguese | El-Hayek
  • English | English
  • Urdu | Fateh Muhammad Jalandhry
  • French | French
  • Hausa | Hausa
  • Indonesian | Indonesian-Bahasa
  • Italian | Italian
  • Korean | Korean
  • Malay | Malay
  • Russian | Russian
  • Tamil | Tamil
  • Thai | Thai
  • Farsi | مکارم شیرازی
  TAFSEER
  • العربية | التفسير الميسر
  • العربية | تفسير الجلالين
  • العربية | تفسير السعدي
  • العربية | تفسير ابن كثير
  • العربية | تفسير الوسيط لطنطاوي
  • العربية | تفسير البغوي
  • العربية | تفسير القرطبي
  • العربية | تفسير الطبري
  • English | Arberry
  • English | Yusuf Ali
  • Dutch | Keyzer
  • Dutch | Leemhuis
  • Dutch | Siregar
  • Urdu | Sirat ul Jinan
  HELP

اَلْفَجْر
اَلْفَجْر
  00:00



Download

اَلْفَجْر
اَلْفَجْر
  00:00



Download