READ
Surah Al-An'aam
اَلْاَ نْعَام
165 Ayaat مکیۃ
وَ لَا تَاْكُلُوْا مِمَّا لَمْ یُذْكَرِ اسْمُ اللّٰهِ عَلَیْهِ وَ اِنَّهٗ لَفِسْقٌؕ-وَ اِنَّ الشَّیٰطِیْنَ لَیُوْحُوْنَ اِلٰۤى اَوْلِیٰٓـٕهِمْ لِیُجَادِلُوْكُمْۚ-وَ اِنْ اَطَعْتُمُوْهُمْ اِنَّكُمْ لَمُشْرِكُوْنَ۠(۱۲۱)
اور اُسے نہ کھاؤ جس پر اللہ کا نام نہ لیا گیا (ف۲۴۰) اور وہ بیشک حکم عدولی ہے، اور بیشک شیطان اپنے دوستوں کے دلوں میں ڈالتے ہیں کہ تم سے جھگڑیں اور اگر تم ان کا کہنا مانو (ف۲۴۱) تو اس وقت تم مشرک ہو (ف۲۴۲)
استدل بهذه الآية الكريمة من ذهب إلى أنه لا تحل الذبيحة التي لم يذكر اسم الله عليها ، ولو كان الذابح مسلما ، وقد اختلف الأئمة ، رحمهم الله ، في هذه المسألة على ثلاثة أقوال :فمنهم من قال : لا تحل هذه الذبيحة بهذه الصفة ، وسواء متروك التسمية عمدا أو سهوا . وهو مروي عن ابن عمر ، ونافع مولاه ، وعامر الشعبي ، ومحمد بن سيرين . وهو رواية عن الإمام مالك ، ورواية عن أحمد بن حنبل نصرها طائفة من أصحابه المتقدمين والمتأخرين ، وهو اختيار أبي ثور ، وداود الظاهري ، واختار ذلك أبو الفتوح محمد بن محمد بن علي الطائي من متأخري الشافعية في كتابه " الأربعين " ، واحتجوا لمذهبهم هذا بهذه الآية ، وبقوله في آية الصيد : ( فكلوا مما أمسكن عليكم واذكروا اسم الله عليه ) [ المائدة : 4 ] . ثم قد أكد في هذه الآية بقوله : ( وإنه لفسق ) والضمير قيل : عائد على الأكل ، وقيل : عائد على الذبح لغير الله - وبالأحاديث الواردة في الأمر بالتسمية عند الذبيحة والصيد ، كحديثي عدي بن حاتم وأبي ثعلبة : " إذا أرسلت كلبك المعلم وذكرت اسم الله عليه فكل ما أمسك عليك " وهما في الصحيحين - وحديث رافع بن خديج . " ما أنهر الدم وذكر اسم الله عليه فكلوه " وهو في الصحيحين أيضا ، وحديث ابن مسعود أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال للجن : " لكم كل عظم ذكر اسم الله عليه " رواه مسلم . وحديث جندب بن سفيان البجلي قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " من ذبح قبل أن يصلي فليذبح مكانها أخرى ، ومن لم يكن ذبح حتى صلينا فليذبح باسم الله " أخرجاه وعن عائشة ، رضي الله عنها ، أن ناسا قالوا : يا رسول الله ، إن قوما يأتوننا باللحم لا ندري : أذكر اسم الله عليه أم لا؟ قال : " سموا عليه أنتم وكلوا " قالت : وكانوا حديثي عهد بالكفر . رواه البخاري . ووجه الدلالة أنهم فهموا أن التسمية لا بد منها ، وأنهم خشوا ألا تكون وجدت من أولئك ، لحداثة إسلامهم ، فأمرهم بالاحتياط بالتسمية عند الأكل ، لتكون كالعوض عن المتروكة عند الذبح إن لم تكن وجدت ، وأمرهم بإجراء أحكام المسلمين على السداد ، والله تعالى أعلم .والمذهب الثاني في المسألة : أنه لا يشترط التسمية ، بل هي مستحبة ، فإن تركت عمدا أو نسيانا لم تضر وهذا مذهب الإمام الشافعي ، رحمه الله ، وجميع أصحابه ، ورواية عن الإمام أحمد . نقلها عنه حنبل . وهو رواية عن الإمام مالك ، ونص على ذلك أشهب بن عبد العزيز من أصحابه ، وحكي عن ابن عباس ، وأبي هريرة ، وعطاء بن أبي رباح ، والله أعلم .وحمل الشافعي الآية الكريمة : ( ولا تأكلوا مما لم يذكر اسم الله عليه وإنه لفسق ) على ما ذبح لغير الله ، كقوله تعالى ( أو فسقا أهل لغير الله به ) [ الأنعام : 145 ] .وقال ابن جريج ، عن عطاء : ( ولا تأكلوا مما لم يذكر اسم الله عليه ) قال : ينهى عن ذبائح كانت تذبحها قريش عن الأوثان ، وينهى عن ذبائح المجوس ، وهذا المسلك الذي طرقه الإمام الشافعي رحمه الله قوي ، وقد حاول بعض المتأخرين أن يقويه بأن جعل " الواو " في قوله : ( وإنه لفسق ) حالية ، أي : لا تأكلوا مما لم يذكر اسم الله عليه في حال كونه فسقا ، ولا يكون فسقا حتى يكون قد أهل به لغير الله . ثم ادعى أن هذا متعين ، ولا يجوز أن تكون " الواو " عاطفة . لأنه يلزم منه عطف جملة إسمية خبرية على جملة فعلية طلبية . وهذا ينتقض عليه بقوله : ( وإن الشياطين ليوحون إلى أوليائهم ) فإنها عاطفة لا محالة ، فإن كانت " الواو " التي ادعى أنها حالية صحيحة على ما قال; امتنع عطف هذه عليها ، فإن عطفت على الطلبية ورد عليه ما أورد على غيره ، وإن لم تكن " الواو " حالية ، بطل ما قال من أصله ، والله أعلم .وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبي ، حدثنا يحيى بن المغيرة ، أنبأنا جرير ، عن عطاء ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس قوله : ( ولا تأكلوا مما لم يذكر اسم الله عليه ) قال : هي الميتة .ثم رواه ، عن أبي زرعة ، عن يحيى بن أبي كثير عن ابن لهيعة ، عن عطاء - وهو ابن السائب - به .وقد استدل لهذا المذهب بما رواه أبو داود في المراسيل ، من حديث ثور بن يزيد ، عن الصلت السدوسي - مولى سويد بن منجوف أحد التابعين الذين ذكرهم أبو حاتم بن حبان في كتاب الثقات - قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " ذبيحة المسلم حلال ذكر اسم الله أو لم يذكر ، إنه إن ذكر لم يذكر إلا اسم الله "وهذا مرسل يعضد بما رواه الدارقطني عن ابن عباس أنه قال : إذا ذبح المسلم - ولم يذكر اسم الله فليأكل ، فإن المسلم فيه اسم من أسماء الله "واحتج البيهقي أيضا بحديث عائشة ، رضي الله عنها ، المتقدم أن ناسا قالوا : يا رسول الله ، إن قوما حديثي عهد بجاهلية يأتونا بلحم لا ندري أذكروا اسم الله عليه أم لا؟ فقال : " سموا أنتم وكلوا " قال : فلو كان وجود التسمية شرطا لم يرخص لهم إلا مع تحققها ، والله أعلم .المذهب الثالث في المسألة : أنه إن ترك البسملة على الذبيحة نسيانا لم يضر وإن تركها عمدا لم تحل .هذا هو المشهور من مذهب الإمام مالك ، وأحمد بن حنبل ، وبه يقول أبو حنيفة وأصحابه ، وإسحاق بن راهويه : وهو محكي عن علي ، وابن عباس ، وسعيد بن المسيب ، وعطاء ، وطاوس ، والحسن البصري ، وأبي مالك ، وعبد الرحمن بن أبي ليلى ، وجعفر بن محمد ، وربيعة بن أبي عبد الرحمن .ونقل الإمام أبو الحسن المرغيناني في كتابه " الهداية " الإجماع - قبل الشافعي على تحريم متروك التسمية عمدا ، فلهذا قال أبو يوسف والمشايخ : لو حكم حاكم بجواز بيعه لم ينفذ لمخالفة الإجماع .وهذا الذي قاله غريب جدا ، وقد تقدم نقل الخلاف عمن قبل الشافعي ، والله أعلم .وقال الإمام أبو جعفر بن جرير : من حرم ذبيحة الناسي ، فقد خرج من قول جميع الحجة ، وخالف الخبر الثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك .يعني ما رواه الحافظ أبو بكر البيهقي : أنبأنا أبو عبد الله الحافظ ، حدثنا أبو العباس الأصم ، حدثنا أبو أمية الطرسوسي ، حدثنا محمد بن يزيد ، حدثنا معقل بن عبيد الله ، عن عمرو بن دينار ، عن عكرمة ، عن ابن عباس ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " المسلم يكفيه اسمه ، إن نسي أن يسمي حين يذبح ، فليذكر اسم الله وليأكله "وهذا الحديث رفعه خطأ ، أخطأ فيه معقل بن عبيد الله الجزيري فإنه وإن كان من رجال مسلم إلا أن سعيد بن منصور ، وعبد الله بن الزبير الحميدي روياه عن سفيان بن عيينة ، عن عمرو ، عن أبي الشعثاء ، عن عكرمة ، عن ابن عباس ، من قوله . فزادا في إسناده " أبا الشعثاء " ، ووقفا والله تعالى أعلم . وهذا أصح ، نص عليه البيهقي وغيره من الحفاظ .وقد نقل ابن جرير وغيره . عن الشعبي ، ومحمد بن سيرين ، أنهما كرها متروك التسمية نسيانا ، والسلف يطلقون الكراهية على التحريم كثيرا ، والله أعلم . إلا أن من قاعدة ابن جرير أنه لا يعتبر قول الواحد ولا الاثنين مخالفا لقول الجمهور ، فيعده إجماعا ، فليعلم هذا ، والله الموفق .قال ابن جرير : حدثنا ابن وكيع ، حدثنا أبو أسامة ، عن جهير بن يزيد قال : سئل الحسن ، سأله رجل : أتيت بطير كرى فمنه ما قد ذبح فذكر اسم الله عليه ، ومنه ما نسي أن يذكر اسم الله عليه ، واختلط الطير ، فقال الحسن : كله ، كله . قال : وسألت محمد بن سيرين فقال : قال الله تعالى ( ولا تأكلوا مما لم يذكر اسم الله عليه ) .واحتج لهذا المذهب بالحديث المروي من طرق عند ابن ماجه ، عن ابن عباس ، وأبي هريرة ، وأبي ذر وعقبة بن عامر ، وعبد الله بن عمرو ، عن النبي صلى الله عليه وسلم : " إن الله وضع عن أمتي الخطأ والنسيان ، وما استكرهوا عليه " وفيه نظر ، والله أعلم .وقد روى الحافظ أبو أحمد بن عدي ، من حديث مروان بن سالم القرقساني ، عن الأوزاعي ، عن يحيى بن أبي كثير ، عن أبي سلمة ، عن أبي هريرة قال : جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله ، أرأيت الرجل منا يذبح وينسى أن يسمي؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " اسم الله على كل مسلم "ولكن هذا إسناده ضعيف ، فإن مروان بن سالم القرقساني أبا عبد الله الشامي ، ضعيف ، تكلم فيه غير واحد من الأئمة ، والله أعلم .وقد أفردت هذه المسألة على حدة ، وذكرت مذاهب الأئمة ومآخذهم وأدلتهم ، ووجه الدلالات والمناقضات والمعارضات ، والله أعلم .قال ابن جرير : وقد اختلف أهل العلم في هذه الآية : هل نسخ من حكمها شيء أم لا؟ فقال بعضهم : لم ينسخ منها شيء وهي محكمة فيما عنيت به . وعلى هذا قول عامة أهل العلم .وروي عن الحسن البصري وعكرمة . ما حدثنا به ابن حميد ، حدثنا يحيى بن واضح ، عن الحسين بن واقد ، عن عكرمة والحسن البصري قالا قال الله : ( فكلوا مما ذكر اسم الله عليه إن كنتم بآياته مؤمنين ) وقال ( ولا تأكلوا مما لم يذكر اسم الله عليه وإنه لفسق ) فنسخ واستثنى من ذلك فقال : ( وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم وطعامكم حل لهم ) [ المائدة : 5 ] .وقال ابن أبي حاتم : قرئ على العباس بن الوليد بن مزيد ، حدثنا محمد بن شعيب ، أخبرني النعمان - يعني ابن المنذر - عن مكحول قال : أنزل الله في القرآن : ( ولا تأكلوا مما لم يذكر اسم الله عليه ) ثم نسخها الرب ورحم المسلمين فقال : ( اليوم أحل لكم الطيبات وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم ) فنسخها بذلك وأحل طعام أهل الكتاب .ثم قال ابن جرير : والصواب أنه لا تعارض بين حل طعام أهل الكتاب ، وبين تحريم ما لم يذكر اسم الله عليه .وهذا الذي قاله صحيح ، ومن أطلق من السلف النسخ هاهنا فإنما أراد التخصيص ، والله سبحانه وتعالى أعلم .وقوله تعالى : ( وإن الشياطين ليوحون إلى أوليائهم ) قال ابن أبي حاتم : حدثنا أبو سعيد الأشج ، حدثنا أبو بكر بن عياش ، عن أبي إسحاق قال : قال رجل لابن عمر : إن المختار يزعم أنه يوحى إليه؟ قال : صدق ، وتلا هذه الآية : ( وإن الشياطين ليوحون إلى أوليائهم ) .وحدثنا أبي ، حدثنا أبو حذيفة ، حدثنا عكرمة بن عمار ، عن أبي زميل قال : كنت قاعدا عند ابن عباس ، وحج المختار بن أبي عبيد ، فجاءه رجل فقال : يا ابن عباس ، وزعم أبو إسحاق أنه أوحي إليه الليلة؟ فقال ابن عباس : صدق ، فنفرت وقلت : يقول ابن عباس صدق . فقال ابن عباس : هما وحيان ، وحي الله ، ووحي الشيطان ، فوحي الله عز وجل إلى محمد صلى الله عليه وسلم ، ووحي الشيطان إلى أوليائه ، ثم قرأ : ( وإن الشياطين ليوحون إلى أوليائهم ) .وقد تقدم عن عكرمة في قوله : ( يوحي بعضهم إلى بعض زخرف القول غرورا ) نحو هذا .وقوله تعالى : ( ليجادلوكم ) قال ابن أبي حاتم : : حدثنا أبو سعيد الأشج ، حدثنا عمران بن عيينة ، عن عطاء بن السائب ، عن سعيد بن جبير قال : خاصمت اليهود النبي صلى الله عليه وسلم ، فقالوا : نأكل مما قتلنا ، ولا نأكل مما قتل الله؟ فأنزل الله : ( ولا تأكلوا مما لم يذكر اسم الله عليه وإنه لفسق ) .هكذا رواه مرسلا ورواه أبو داود متصلا فقال : حدثنا عثمان بن أبي شيبة ، حدثنا عمران بن عيينة ، عن عطاء بن السائب ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس قال : جاءت اليهود إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا : نأكل مما قتلنا ولا نأكل مما قتل الله؟ فأنزل الله : ( ولا تأكلوا مما لم يذكر اسم الله عليه وإنه لفسق ) .وكذا رواه ابن جرير ، عن محمد بن عبد الأعلى - وسفيان بن وكيع ، كلاهما عن عمران بن عيينة ، به .ورواه البزار ، عن محمد بن موسى الحرشي ، عن عمران بن عيينة ، به . وهذا فيه نظر من وجوه ثلاثة : أحدها :أن اليهود لا يرون إباحة الميتة حتى يجادلوا .الثاني : أن الآية من الأنعام ، وهي مكية .الثالث : أن هذا الحديث رواه الترمذي ، عن محمد بن موسى الحرشي ، عن زياد بن عبد الله البكائي ، عن عطاء بن السائب ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس . ورواه الترمذي بلفظ : أتى ناس النبي صلى الله عليه وسلم فذكره وقال : حسن غريب ، روي عن سعيد بن جبير مرسلا .وقال الطبراني : حدثنا علي بن المبارك ، حدثنا زيد بن المبارك ، حدثنا موسى بن عبد العزيز ، حدثنا الحكم بن أبان ، عن عكرمة ، عن ابن عباس قال : لما نزلت ( ولا تأكلوا مما لم يذكر اسم الله عليه ) أرسلت فارس إلى قريش : أن خاصموا محمدا وقولوا له : كما تذبح أنت بيدك بسكين فهو حلال ، وما ذبح الله ، عز وجل ، بشمشير من ذهب - يعني الميتة - فهو حرام . فنزلت هذه الآية : ( وإن الشياطين ليوحون إلى أوليائهم ليجادلوكم ) قال : " الشياطين " من فارس ، و " أوليائهم " من قريش .وقال أبو داود : حدثنا محمد بن كثير ، أخبرنا إسرائيل ، حدثنا سماك ، عن عكرمة ، عن ابن عباس في قوله : ( وإن الشياطين ليوحون إلى أوليائهم ) يقولون : ما ذبح الله فلا تأكلوه . وما ذبحتم أنتم فكلوه ، فأنزل الله : ( ولا تأكلوا مما لم يذكر اسم الله عليه ) .ورواه ابن ماجه وابن أبي حاتم ، عن عمرو بن عبد الله عن وكيع ، عن إسرائيل ، به . وهذا إسناد صحيح .ورواه ابن جرير من طرق متعددة ، عن ابن عباس ، وليس فيه ذكر اليهود ، فهذا هو المحفوظ ، والله أعلم .وقال ابن جريج : قال عمرو بن دينار ، عن عكرمة : إن مشركي قريش كاتبوا فارس على الروم ، وكاتبتهم فارس ، وكتبت فارس إلى مشركي قريش : أن محمدا وأصحابه يزعمون أنهم يتبعون أمر الله ، فما ذبح الله بسكين من ذهب فلا يأكله محمد وأصحابه - للميتة - وما ذبحوه هم يأكلون . فكتب بذلك المشركون إلى أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم ، فوقع في أنفس ناس من المسلمين من ذلك شيء ، فأنزل الله : ( وإنه لفسق وإن الشياطين ليوحون إلى أوليائهم ليجادلوكم وإن أطعتموهم إنكم لمشركون ) ونزلت : ( يوحي بعضهم إلى بعض زخرف القول غرورا ) .وقال السدي في تفسير هذه الآية : إن المشركين قالوا للمؤمنين : كيف تزعمون أنكم تتبعون مرضاة الله ، وما ذبح الله فلا تأكلونه ، وما ذبحتم أنتم أكلتموه؟ فقال الله : ( وإن أطعتموهم ) فأكلتم الميتة ( إنكم لمشركون ) .وهكذا قاله مجاهد ، والضحاك ، وغير واحد من علماء السلف ، رحمهم الله .وقوله تعالى : ( وإن أطعتموهم إنكم لمشركون ) أي : حيث عدلتم عن أمر الله لكم وشرعه إلى قول غيره ، فقدمتم عليه غيره فهذا هو الشرك ، كما قال تعالى : ( اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله والمسيح ابن مريم وما أمروا إلا ليعبدوا إلها واحدا لا إله إلا هو سبحانه عما يشركون ) [ التوبة : 31 ] . وقد روى الترمذي في تفسيرها ، عن عدي بن حاتم أنه قال : يا رسول الله ، ما عبدوهم ، فقال : " بل إنهم أحلوا لهم الحرام وحرموا عليهم الحلال ، فاتبعوهم ، فذلك عبادتهم إياهم "
اَوَ مَنْ كَانَ مَیْتًا فَاَحْیَیْنٰهُ وَ جَعَلْنَا لَهٗ نُوْرًا یَّمْشِیْ بِهٖ فِی النَّاسِ كَمَنْ مَّثَلُهٗ فِی الظُّلُمٰتِ لَیْسَ بِخَارِجٍ مِّنْهَاؕ-كَذٰلِكَ زُیِّنَ لِلْكٰفِرِیْنَ مَا كَانُوْا یَعْمَلُوْنَ(۱۲۲)
اور کیا وہ کہ مردہ تھا تو ہم نے اسے زندہ کیا (ف۲۴۳) اور اس کے لیے ایک نور کردیا (ف۲۴۴) جس سے لوگوں میں چلتا ہے (ف۲۴۵) وہ اس جیسا ہوجائے گا جو اندھیریوں میں ہے (ف۲۴۶) ان سے نکلنے والا نہیں، یونہی کافروں کی آنکھ میں ان کے اعمال بھلے کردیے گئے ہیں،
هذا مثل ضربه الله تعالى للمؤمن الذي كان ميتا ، أي : في الضلالة ، هالكا حائرا ، فأحياه الله ، أي : أحيا قلبه بالإيمان ، وهداه له ووفقه لاتباع رسله . ( وجعلنا له نورا يمشي به في الناس ) أي : يهتدي به كيف يسلك ، وكيف يتصرف به . والنور هو : القرآن ، كما رواه العوفي وابن أبي طلحة ، عن ابن عباس . وقال السدي : الإسلام . والكل صحيح .( كمن مثله في الظلمات ) أي : الجهالات والأهواء والضلالات المتفرقة ، ( ليس بخارج منها ) أي : لا يهتدي إلى منفذ ، ولا مخلص مما هو فيه ، وفي مسند الإمام أحمد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : " إن الله خلق خلقه في ظلمة ثم رش عليهم من نوره فمن أصابه ذلك النور اهتدى ومن أخطأه ضل " كما قال تعالى : ( الله ولي الذين آمنوا يخرجهم من الظلمات إلى النور والذين كفروا أولياؤهم الطاغوت يخرجونهم من النور إلى الظلمات أولئك أصحاب النار هم فيها خالدون ) [ البقرة : 257 ] . وكما قال تعالى : ( أفمن يمشي مكبا على وجهه أهدى أمن يمشي سويا على صراط مستقيم ) [ الملك : 22 ] ، وقال تعالى : ( مثل الفريقين كالأعمى والأصم والبصير والسميع هل يستويان مثلا أفلا تذكرون ) [ هود : 24 ] ، وقال تعالى : ( وما يستوي الأعمى والبصير ولا الظلمات ولا النور ولا الظل ولا الحرور وما يستوي الأحياء ولا الأموات إن الله يسمع من يشاء وما أنت بمسمع من في القبور إن أنت إلا نذير ) [ فاطر : 19 - 23 ] . والآيات في هذا كثيرة ، ووجه المناسبة في ضرب المثلين هاهنا بالنور والظلمات - ما تقدم في أول السورة : ( وجعل الظلمات والنور ) [ الأنعام : 1 ] .وزعم بعضهم أن المراد بهذا المثل رجلان معينان ، فقيل : عمر بن الخطاب هو الذي كان ميتا فأحياه الله ، وجعل له نورا يمشي به في الناس . وقيل : عمار بن ياسر . وأما الذي في الظلمات ليس بخارج منها : أبو جهل عمرو بن هشام ، لعنه الله . والصحيح أن الآية عامة ، يدخل فيها كل مؤمن وكافر .وقوله تعالى : ( كذلك زين للكافرين ما كانوا يعملون ) أي : حسنا لهم ما هم فيه من الجهالة والضلالة ، قدرا من الله وحكمة بالغة ، لا إله إلا هو ولا رب سواه .وقوله تعالى "كذلك زين للكافرين ما كانوا يعملون" أي حسنا لهم ما كانوا فيه من الجهالة والضلالة قدرا من الله وحكمة بالغة لا إله إلا هو وحده لا شريك له.
وَ كَذٰلِكَ جَعَلْنَا فِیْ كُلِّ قَرْیَةٍ اَكٰبِرَ مُجْرِمِیْهَا لِیَمْكُرُوْا فِیْهَاؕ-وَ مَا یَمْكُرُوْنَ اِلَّا بِاَنْفُسِهِمْ وَ مَا یَشْعُرُوْنَ(۱۲۳)
اور اسی طرح ہم نے ہر بستی میں اس کے مجرموں کے سرغنہ کیے کہ اس میں داؤ کھیلیں (ف۲۴۷) اور داؤں نہیں کھیلتے مگر اپنی جانوں پر اور انہیں شعورنہیں(ف۲۴۸)
يقول تعالى : وكما جعلنا في قريتك - يا محمد - أكابر من المجرمين ، ورؤساء ودعاة إلى الكفر والصد عن سبيل الله ، وإلى مخالفتك وعداوتك ، كذلك كانت الرسل من قبلك يبتلون بذلك ، ثم تكون لهم العاقبة ، كما قال تعالى : ( وكذلك جعلنا لكل نبي عدوا من المجرمين وكفى بربك هاديا ونصيرا ) [ الفرقان : 31 ] ، وقال تعالى : ( وإذا أردنا أن نهلك قرية أمرنا مترفيها ففسقوا فيها فحق عليها القول فدمرناها تدميرا ) [ الإسراء : 16 ] ، قيل : معناه : أمرناهم بالطاعات ، فخالفوا ، فدمرناهم . وقيل : أمرناهم أمرا قدريا ، كما قال هاهنا : ( ليمكروا فيها ) .وقال ابن أبي طلحة عن ابن عباس : ( أكابر مجرميها ) قال : سلطنا شرارها فعصوا فيها ، فإذا فعلوا ذلك أهلكناهم بالعذاب .وقال مجاهد وقتادة : ( أكابر مجرميها ) قال عظماؤها .قلت : وهذا كقوله تعالى : ( وما أرسلنا في قرية من نذير إلا قال مترفوها إنا بما أرسلتم به كافرون وقالوا نحن أكثر أموالا وأولادا وما نحن بمعذبين ) [ سبأ : 34 ، 35 ] ، وقال تعالى : ( وكذلك ما أرسلنا من قبلك في قرية من نذير إلا قال مترفوها إنا وجدنا آباءنا على أمة وإنا على آثارهم مقتدون ) [ الزخرف : 23 ] .والمراد بالمكر هاهنا دعاؤهم إلى الضلالة بزخرف من المقال والفعال ، كما قال تعالى إخبارا عن قوم نوح : ( ومكروا مكرا كبارا ) [ نوح : 22 ] ، وقال تعالى : ( ولو ترى إذ الظالمون موقوفون عند ربهم يرجع بعضهم إلى بعض القول يقول الذين استضعفوا للذين استكبروا لولا أنتم لكنا مؤمنين قال الذين استكبروا للذين استضعفوا أنحن صددناكم عن الهدى بعد إذ جاءكم بل كنتم مجرمين وقال الذين استضعفوا للذين استكبروا بل مكر الليل والنهار إذ تأمروننا أن نكفر بالله ونجعل له أندادا وأسروا الندامة لما رأوا العذاب وجعلنا الأغلال في أعناق الذين كفروا هل يجزون إلا ما كانوا يعملون ) [ سبأ : 31 - 33 ] .وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبي ، حدثنا ابن أبي عمر ، حدثنا سفيان قال : كل مكر في القرآن فهو عمل .وقوله : ( وما يمكرون إلا بأنفسهم وما يشعرون ) أي : وما يعود وبال مكرهم ذلك وإضلالهم من أضلوه إلا على أنفسهم ، كم قال تعالى : ( وليحملن أثقالهم وأثقالا مع أثقالهم ) [ العنكبوت : 13 ] ، وقال ( ومن أوزار الذين يضلونهم بغير علم ألا ساء ما يزرون ) [ النحل : 25 ] .
وَ اِذَا جَآءَتْهُمْ اٰیَةٌ قَالُوْا لَنْ نُّؤْمِنَ حَتّٰى نُؤْتٰى مِثْلَ مَاۤ اُوْتِیَ رُسُلُ اللّٰهِ ﲪ اَللّٰهُ اَعْلَمُ حَیْثُ یَجْعَلُ رِسَالَتَهٗؕ-سَیُصِیْبُ الَّذِیْنَ اَجْرَمُوْا صَغَارٌ عِنْدَ اللّٰهِ وَ عَذَابٌ شَدِیْدٌۢ بِمَا كَانُوْا یَمْكُرُوْنَ(۱۲۴)
اور جب ان کے پاس کوئی نشانی آئے تو کہتے ہی ہم ہر گز ایمان نہ لائیں گے جب تک ہمیں بھی ویسا ہی نہ ملے جیسا اللہ کے رسولوں کو ملا (ف۲۴۹) اللہ خوب جانتا ہے جہاں اپنی رسالت رکھے (ف۲۵۰) عنقریب مجرموں کو اللہ کے یہاں ذلت پہنچے گی اور سخت عذاب بدلہ ان کے مکر کا،
وقوله : ( وإذا جاءتهم آية قالوا لن نؤمن حتى نؤتى مثل ما أوتي رسل الله ) أي : إذا جاءتهم آية وبرهان وحجة قاطعة ، قالوا : ( لن نؤمن حتى نؤتى مثل ما أوتي رسل الله ) أي : حتى تأتينا الملائكة من الله بالرسالة ، كما تأتي إلى الرسل ، كقوله ، جل وعلا ( وقال الذين لا يرجون لقاءنا لولا أنزل علينا الملائكة أو نرى ربنا لقد استكبروا في أنفسهم وعتوا عتوا كبيرا ) [ الفرقان : 21 ] .وقوله : ( الله أعلم حيث يجعل رسالته ) أي : هو أعلم حيث يضع رسالته ومن يصلح لها من خلقه ، كما قال تعالى : ( وقالوا لولا نزل هذا القرآن على رجل من القريتين عظيم أهم يقسمون رحمة ربك ) الآية [ الزخرف : 31 ، 32 ] يعنون : لولا نزل هذا القرآن على رجل عظيم كبير مبجل في أعينهم ( من القريتين ) أي : مكة والطائف . وذلك لأنهم - قبحهم الله - كانوا يزدرون بالرسول ، صلوات الله وسلامه عليه ، بغيا وحسدا ، وعنادا واستكبارا ، كما قال تعالى مخبرا عنهم : ( وإذا رآك الذين كفروا إن يتخذونك إلا هزوا أهذا الذي يذكر آلهتكم وهم بذكر الرحمن هم كافرون ) [ الأنبياء : 36 ] ، وقال تعالى : ( وإذا رأوك إن يتخذونك إلا هزوا أهذا الذي بعث الله رسولا ) [ الفرقان : 41 ] ، وقال تعالى : ( ولقد استهزئ برسل من قبلك فحاق بالذين سخروا منهم ما كانوا به يستهزئون ) [ الأنعام : 10 ] . هذا وهم يعترفون بفضله وشرفه ونسبه . وطهارة بيته ومرباه ومنشئه ، حتى أنهم كانوا يسمونه بينهم قبل أن يوحى إليه : " الأمين " ، وقد اعترف بذلك رئيس الكفار " أبو سفيان " حين سأله " هرقل " ملك الروم : كيف نسبه فيكم؟ قال : هو فينا ذو نسب . قال : هل كنتم تتهمونه بالكذب قبل أن يقول ما قال؟ قال : لا . الحديث بطوله الذي استدل به ملك الروم بطهارة صفاته ، عليه السلام ، على صدقه ونبوته وصحة ما جاء به .وقال الإمام أحمد : حدثنا محمد بن مصعب ، حدثنا الأوزاعي ، عن شداد أبي عمار ، عن واثلة بن الأسقع ، رضي الله عنه ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : إن الله اصطفى من ولد إبراهيم إسماعيل ، واصطفى من بني إسماعيل بني كنانة ، واصطفى من بني كنانة قريشا ، واصطفى من قريش بني هاشم ، واصطفاني من بني هاشم "انفرد بإخراجه مسلم من حديث الأوزاعي - وهو عبد الرحمن بن عمرو إمام أهل الشام - به نحوه .وفي صحيح البخاري ، عن أبي هريرة ، رضي الله عنه ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " بعثت من خير قرون بني آدم قرنا فقرنا ، حتى بعثت من القرن الذي كنت فيه "وقال الإمام أحمد : حدثنا أبو نعيم ، عن سفيان ، عن يزيد بن أبي زياد ، عن عبد الله بن الحارث بن نوفل ، عن المطلب بن أبي وداعة قال : قال العباس : بلغه صلى الله عليه وسلم بعض ما يقول الناس ، فصعد المنبر فقال : " من أنا؟ " قالوا : أنت رسول الله . قال : " أنا محمد بن عبد الله بن عبد المطلب ، إن الله خلق الخلق فجعلني في خير خلقه ، وجعلهم فرقتين فجعلني في خير فرقة ، وخلق القبائل فجعلني في خير قبيلة . وجعلهم بيوتا فجعلني في خيرهم بيتا ، فأنا خيركم بيتا وخيركم نفسا " صدق صلوات الله وسلامه عليه .وفي الحديث أيضا المروي عن عائشة ، رضي الله عنها ، قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " قال لي جبريل : قلبت الأرض مشارقها ومغاربها فلم أجد رجلا أفضل من محمد ، وقلبت الأرض مشارقها ومغاربها فلم أجد بني أب أفضل من بني هاشم " رواه الحاكم والبيهقي . وقال الإمام أحمد : حدثنا أبو بكر ، حدثنا عاصم ، عن زر بن حبيش ، عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال : إن الله نظر في قلوب العباد ، فوجد قلب محمد صلى الله عليه وسلم خير قلوب العباد ، فاصطفاه لنفسه فابتعثه برسالته . ثم نظر في قلوب العباد بعد قلب محمد صلى الله عليه وسلم ، فوجد قلوب أصحابه خير قلوب العباد ، فجعلهم وزراء نبيه ، يقاتلون على دينه ، فما رأى المسلمون حسنا فهو عند الله حسن ، وما رأوا سيئا فهو عند الله سيئ .وقال أحمد : حدثنا شجاع بن الوليد قال : ذكر قابوس بن أبي ظبيان ، عن أبيه ، عن سلمان قال : قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم " يا سلمان ، لا تبغضني فتفارق دينك " قلت : يا رسول الله ، كيف أبغضك وبك هدانا الله؟ قال : " تبغض العرب فتبغضني "وذكر ابن أبي حاتم في تفسير هذه الآية : ذكر عن محمد بن منصور الجواز ، حدثنا سفيان ، عن ابن أبي حسين قال : أبصر رجل ابن عباس وهو يدخل من باب المسجد فلما نظر إليه راعه ، فقال : من هذا؟ قالوا : ابن عباس ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم . قال : ( الله أعلم حيث يجعل رسالته ) .وقوله تعالى : ( سيصيب الذين أجرموا صغار عند الله وعذاب شديد بما كانوا يمكرون ) هذا وعيد شديد من الله وتهديد أكيد ، لمن تكبر عن اتباع رسله والانقياد لهم فيما جاءوا به ، فإنه سيصيبه يوم القيامة بين يدي الله ) صغار ) وهو الذلة الدائمة ، لما أنهم استكبروا أعقبهم ذلك ذلا كما قال تعالى : ( إن الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين ) [ غافر : 60 ] أي : صاغرين ذليلين حقيرين .وقوله : ( وعذاب شديد بما كانوا يمكرون ) لما كان المكر غالبا إنما يكون خفيا ، وهو التلطف في التحيل والخديعة ، قوبلوا بالعذاب الشديد جزاء وفاقا ، ( ولا يظلم ربك أحدا ) [ الكهف : 49 ] ، كما قال تعالى : ( يوم تبلى السرائر ) [ الطارق : 9 ] أي : تظهر المستترات والمكنونات والضمائر . وجاء في الصحيحين ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : " ينصب لكل غادر لواء عند استه يوم القيامة ، فيقال : هذه غدرة فلان ابن فلان "والحكمة في هذا أنه لما كان الغدر خفيا لا يطلع عليه الناس ، فيوم القيامة يصير علما منشورا على صاحبه بما فعل .
فَمَنْ یُّرِدِ اللّٰهُ اَنْ یَّهْدِیَهٗ یَشْرَحْ صَدْرَهٗ لِلْاِسْلَامِۚ-وَ مَنْ یُّرِدْ اَنْ یُّضِلَّهٗ یَجْعَلْ صَدْرَهٗ ضَیِّقًا حَرَجًا كَاَنَّمَا یَصَّعَّدُ فِی السَّمَآءِؕ-كَذٰلِكَ یَجْعَلُ اللّٰهُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِیْنَ لَا یُؤْمِنُوْنَ(۱۲۵)
اور جسے اللہ راہ دکھانا چاہے اس کا سینہ اسلام کے لیے کھول دیتا ہے (ف۲۵۱) اور جسے گمراہ کرنا چاہے اس کا سینہ تنگ خوب رکا ہوا کر دیتا ہے (ف۲۵۲) گویا کسی کی زبردستی سے آسمان پر چڑھ رہا ہے، اللہ یونہی عذاب ڈالتا ہے ایمان نہ لانے والوں کو،
يقول تعالى : ( فمن يرد الله أن يهديه يشرح صدره للإسلام ) أي : ييسره له وينشطه ويسهله لذلك ، فهذه علامة على الخير ، كقوله تعالى : ( أفمن شرح الله صدره للإسلام فهو على نور من ربه فويل للقاسية قلوبهم من ذكر الله أولئك في ضلال مبين ) [ الزمر : 22 ] ، وقال تعالى : ( ولكن الله حبب إليكم الإيمان وزينه في قلوبكم وكره إليكم الكفر والفسوق والعصيان أولئك هم الراشدون ) [ الحجرات : 7 ] .قال ابن عباس : ( فمن يرد الله أن يهديه يشرح صدره للإسلام ) يقول : يوسع قلبه للتوحيد والإيمان به وكذا قال أبو مالك ، وغير واحد . وهو ظاهر .وقال عبد الرزاق : أخبرنا الثوري ، عن عمرو بن قيس ، عن عمرو بن مرة ، عن أبي جعفر قال : سئل النبي صلى الله عليه وسلم : أي المؤمنين أكيس؟ قال : " أكثرهم ذكرا للموت ، وأكثرهم لما بعده استعدادا " قال : وسئل النبي صلى الله عليه وسلم عن هذه الآية : ( فمن يرد الله أن يهديه يشرح صدره للإسلام ) وقالوا : كيف يشرح صدره يا رسول الله؟ قال : " نور يقذف فيه ، فينشرح له وينفسح " قالوا : فهل لذلك من أمارة يعرف بها؟ قال : " الإنابة إلى دار الخلود ، والتجافي عن دار الغرور ، والاستعداد للموت قبل لقاء الموتوقال ابن جرير : حدثنا هناد ، حدثنا قبيصة ، عن سفيان - يعني الثوري - عن عمرو بن مرة ، عن رجل يكنى أبا جعفر كان يسكن المدائن ، قال : سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن قوله : ( فمن يرد الله أن يهديه يشرح صدره للإسلام ) فذكر نحو ما تقدم .قال ابن أبي حاتم : حدثنا أبو سعيد الأشج ، حدثنا ابن إدريس ، عن الحسن بن الفرات القزاز ، عن عمرو بن مرة ، عن أبي جعفر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( فمن يرد الله أن يهديه يشرح صدره للإسلام ) قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إذا دخل الإيمان القلب انفسح له القلب وانشرح قالوا : يا رسول الله ، هل لذلك من أمارة؟ قال : " نعم ، الإنابة إلى دار الخلود ، والتجافي عن دار الغرور ، والاستعداد للموت قبل الموت "وقد رواه ابن جرير عن سوار بن عبد الله العنبري ، حدثنا المعتمر بن سليمان ، سمعت أبي يحدث عن عبد الله بن مرة ، عن أبي جعفر فذكره .قال ابن أبي حاتم : حدثنا أبو سعيد الأشج ، حدثنا أبو خالد الأحمر ، عن عمرو بن قيس ، عن عمرو بن مرة ، عن عبد الله بن المسور قال : تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الآية : ( فمن يرد الله أن يهديه يشرح صدره للإسلام ) قالوا : يا رسول الله ، ما هذا الشرح؟ قال : " نور يقذف به في القلب " قالوا : يا رسول الله ، فهل لذلك من أمارة ؟ قال " نعم " قالوا : وما هي؟ قال : " الإنابة إلى دار الخلود ، والتجافي عن دار الغرور ، والاستعداد للموت قبل الموتوقال ابن جرير أيضا : حدثني هلال بن العلاء ، حدثنا سعيد بن عبد الملك بن واقد ، حدثنا محمد بن سلمة ، عن أبي عبد الرحيم عن زيد بن أبي أنيسة ، عن عمرو بن مرة ، عن أبي عبيدة بن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إذا دخل النور القلب انفسح وانشرح " قالوا : فهل لذلك من علامة يعرف بها؟ قال : " الإنابة إلى دار الخلود ، والتنحي عن دار الغرور ، والاستعداد للموت قبل لقي الموت "وقد رواه ابن جرير من وجه آخر ، عن ابن مسعود متصلا مرفوعا فقال : حدثني ابن سنان القزاز ، حدثنا محبوب بن الحسن الهاشمي ، عن يونس ، عن عبد الرحمن بن عبيد الله بن عتبة ، عن عبد الله بن مسعود ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( فمن يرد الله أن يهديه يشرح صدره للإسلام ) قالوا : يا رسول الله ، وكيف يشرح صدره؟ قال : " يدخل الجنة فينفسح " قالوا : وهل لذلك علامة يا رسول الله؟ قال : " التجافي عن دار الغرور ، والإنابة إلى دار الخلود ، والاستعداد للموت قبل أن ينزل الموتفهذه طرق لهذا الحديث مرسلة ومتصلة ، يشد بعضها بعضا ، والله أعلم .وقوله تعالى : ( ومن يرد أن يضله يجعل صدره ضيقا حرجا كأنما يصعد في السماء ) قرئ بفتح الضاد وتسكين الياء ، والأكثرون : ( ضيقا ) بتشديد الياء وكسرها ، وهما لغتان : كهين وهين . وقرأ بعضهم : " حرجا " بفتح الحاء وكسر الراء ، قيل : بمعنى آثم . وقال السدي . وقيل : بمعنى القراءة الأخرى ) حرجا ) بفتح الحاء والراء ، وهو الذي لا يتسع لشيء من الهدى ، ولا يخلص إليه شيء ما ينفعه من الإيمان ولا ينفذ فيه .وقد سأل عمر بن الخطاب ، رضي الله عنه ، رجلا من الأعراب من أهل البادية من مدلج : ما الحرجة؟ قال هي الشجرة تكون بين الأشجار لا تصل إليها راعية ، ولا وحشية ، ولا شيء . فقال عمر ، رضي الله عنه : كذلك قلب المنافق لا يصل إليه شيء من الخير .وقال العوفي عن ابن عباس : يجعل الله عليه الإسلام ضيقا ، والإسلام واسع . وذلك حين يقول : ( وما جعل عليكم في الدين من حرج ) [ الحج : 78 ] ، يقول : ما جعل عليكم في الإسلام من ضيق .وقال مجاهد والسدي : ( ضيقا حرجا ) شاكا . وقال عطاء الخراساني : ( ضيقا حرجا ) ليس للخير فيه منفذ . وقال ابن المبارك ، عن ابن جريج ( ضيقا حرجا ) بلا إله إلا الله ، حتى لا تستطيع أن تدخله ، كأنما يصعد في السماء من شدة ذلك عليه .وقال سعيد بن جبير : يجعل صدره ( ضيقا حرجا ) قال : لا يجد فيه مسلكا إلا صعدا .وقال السدي : ( كأنما يصعد في السماء ) من ضيق صدره .وقال عطاء الخراساني : ( كأنما يصعد في السماء ) يقول : مثله كمثل الذي لا يستطيع أن يصعد في السماء . وقال الحكم بن أبان عن عكرمة ، عن ابن عباس : ( كأنما يصعد في السماء ) يقول : فكما لا يستطيع ابن آدم أن يبلغ السماء ، فكذلك لا يستطيع أن يدخل التوحيد والإيمان قلبه ، حتى يدخله الله في قلبه .وقال الأوزاعي : ( كأنما يصعد في السماء ) كيف يستطيع من جعل الله صدره ضيقا أن يكون مسلما .وقال الإمام أبو جعفر بن جرير : وهذا مثل ضربه الله لقلب هذا الكافر في شدة تضييقه إياه عن وصول الإيمان إليه . يقول : فمثله في امتناعه من قبول الإيمان وضيقه عن وصوله إليه ، مثل امتناعه من الصعود إلى السماء وعجزه عنه; لأنه ليس في وسعه وطاقته .وقال في قوله : ( كذلك يجعل الله الرجس على الذين لا يؤمنون ) يقول : كما يجعل الله صدر من أراد إضلاله ضيقا حرجا ، كذلك يسلط الله الشيطان عليه وعلى أمثاله ممن أبى الإيمان بالله ورسوله ، فيغويه ويصده عن سبيل الله .قال ابن أبي طلحة عن ابن عباس : الرجس : الشيطان . وقال مجاهد : الرجس : كل ما لا خير فيه . وقال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم : الرجس : العذاب .
وَ هٰذَا صِرَاطُ رَبِّكَ مُسْتَقِیْمًاؕ-قَدْ فَصَّلْنَا الْاٰیٰتِ لِقَوْمٍ یَّذَّكَّرُوْنَ(۱۲۶)
اور یہ (ف۲۵۳) تمہارے رب کی سیدھی راہ ہے ہم نے آیتیں مفصل بیان کردیں نصیحت ماننے والوں کے لیے،
لما ذكر تعالى طريقة الضالين عن سبيله ، الصادين عنها ، نبه على أشرف ما أرسل به رسوله من الهدى ودين الحق فقال : ( وهذا صراط ربك مستقيما ) منصوب على الحال ، أي : هذا الدين الذي شرعناه لك يا محمد بما أوحينا إليك هذا القرآن ، وهو صراط الله المستقيم ، كما تقدم في حديث الحارث ، عن علي رضي الله عنه في نعت القرآن : " هو صراط الله المستقيم ، وحبل الله المتين ، وهو الذكر الحكيم " رواه أحمد والترمذي بطوله .( قد فصلنا الآيات ) أي : قد وضحناها وبيناها وفسرناها ، ( لقوم يذكرون ) أي : لمن له فهم ووعي يعقل عن الله ورسوله .
لَهُمْ دَارُ السَّلٰمِ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَ هُوَ وَلِیُّهُمْ بِمَا كَانُوْا یَعْمَلُوْنَ(۱۲۷)
ان کے لیے سلامتی کا گھر ہے اپنے رب کے یہاں اور وہ ان کا مولیٰ ہے یہ ان کے کاموں کا پھل ہے،
( لهم دار السلام ) وهي : الجنة ، ( عند ربهم ) أي : يوم القيامة . وإنما وصف الله الجنة هاهنا بدار السلام لسلامتهم فيما سلكوه من الصراط المستقيم ، المقتفي أثر الأنبياء وطرائقهم ، فكما سلموا من آفات الاعوجاج أفضوا إلى دار السلام .( وهو وليهم ) أي : والسلام - وهو الله - وليهم ، أي : حافظهم وناصرهم ومؤيدهم ، ( بما كانوا يعملون ) أي : جزاء على أعمالهم الصالحة تولاهم وأثابهم الجنة ، بمنه وكرمه .
وَ یَوْمَ یَحْشُرُهُمْ جَمِیْعًاۚ-یٰمَعْشَرَ الْجِنِّ قَدِ اسْتَكْثَرْتُمْ مِّنَ الْاِنْسِۚ-وَ قَالَ اَوْلِیٰٓؤُهُمْ مِّنَ الْاِنْسِ رَبَّنَا اسْتَمْتَعَ بَعْضُنَا بِبَعْضٍ وَّ بَلَغْنَاۤ اَجَلَنَا الَّذِیْۤ اَجَّلْتَ لَنَاؕ-قَالَ النَّارُ مَثْوٰىكُمْ خٰلِدِیْنَ فِیْهَاۤ اِلَّا مَا شَآءَ اللّٰهُؕ-اِنَّ رَبَّكَ حَكِیْمٌ عَلِیْمٌ(۱۲۸)
اور جس دن اُن سب کو اٹھانے گا اور فرمائے گا، اے جن کے گروہ! تم نے بہت آدمی گھیرلیے (ف۲۵۴) اور ان کے دوست آدمی عرض کریں گے اے ہمارے رب! ہم میں ایک نے دوسرے سے فائدہ اٹھایا (ف۲۵۵) اور ہم اپنی اس میعاد کو پہنچ گئے جو تو نے ہمارے لیے مقرر فرمائی تھی (ف۲۵۶) فرمائے گا آگ تمہارا ٹھکانا ہے ہمیشہ اس میں رہو مگر جسے خدا چاہے (ف۲۵۷) اے محبوب! بیشک تمہارا رب حکمت والا علم والا ہے،
يقول تعالى : واذكر يا محمد فيما تقصه عليهم وتذكرهم به ( ويوم يحشرهم جميعا ) يعني : الجن وأولياءهم ( من الإنس ) الذين كانوا يعبدونهم في الدنيا ، ويعوذون بهم ويطيعونهم ، ويوحي بعضهم إلى بعض زخرف القول غرورا . ( يا معشر الجن قد استكثرتم من الإنس ) أي : ثم يقول : يا معشر الجن . وسياق الكلام يدل على المحذوف .ومعنى قوله : ( قد استكثرتم من الإنس ) أي : من إضلالهم وإغوائهم ، كما قال تعالى ( ألم أعهد إليكم يا بني آدم أن لا تعبدوا الشيطان إنه لكم عدو مبين وأن اعبدوني هذا صراط مستقيم ولقد أضل منكم جبلا كثيرا أفلم تكونوا تعقلون ) [ يس : 60 - 62 ] .وقال علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس : ( يا معشر الجن قد استكثرتم من الإنس ) يعني : أضللتم منهم كثيرا . وكذلك قال مجاهد ، والحسن ، وقتادة .( وقال أولياؤهم من الإنس ربنا استمتع بعضنا ببعض ) يعني : أن أولياء الجن من الإنس قالوا مجيبين لله تعالى عن ذلك بهذا .قال ابن أبي حاتم : حدثنا أبي ، حدثنا أبو الأشهب هوذة بن خليفة ، حدثنا عوف ، عن الحسن في هذه الآية قال : استكثر ربكم أهل النار يوم القيامة ، فقال أولياؤهم من الإنس : ربنا استمتع بعضنا ببعض . قال الحسن : وما كان استمتاع بعضهم ببعض إلا أن الجن أمرت ، وعملت الإنس .وقال محمد بن كعب في قوله : ( ربنا استمتع بعضنا ببعض ) قال : الصحابة في الدنيا .وقال ابن جريج : كان الرجل في الجاهلية ينزل الأرض ، فيقول : " أعوذ بكبير هذا الوادي " : فذلك استمتاعهم ، فاعتذروا يوم القيامة .وأما استمتاع الجن بالإنس فإنه كان - فيما ذكر - ما ينال الجن من الإنس من تعظيمهم إياهم في استعانتهم بهم ، فيقولون : قد سدنا الإنس والجن .( وبلغنا أجلنا الذي أجلت لنا ) قال السدي ، أي الموت .قال : ( النار مثواكم ) أي : مأواكم ومنزلكم ، أنتم وأولياؤكم . ( خالدين فيها ) أي : ماكثين مكثا مخلدا إلا ما شاء الله .قال بعضهم : يرجع معنى هذا الاستثناء إلى البرزخ . وقال بعضهم : هذا رد إلى مدة الدنيا . وقيل غير ذلك من الأقوال التي سيأتي تقريرها إن شاء الله عند قوله تعالى في سورة هود : ( خالدين فيها ما دامت السماوات والأرض إلا ما شاء ربك إن ربك فعال لما يريد ) [ الآية : 107 ] .وقد روى ابن جرير وابن أبي حاتم في تفسير هذه الآية من طريق عبد الله بن صالح - كاتب الليث - : حدثني معاوية بن صالح ، عن علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس قال : ( النار مثواكم خالدين فيها إلا ما شاء الله إن ربك حكيم عليم ) قال : إن هذه الآية آية لا ينبغي لأحد أن يحكم على الله في خلقه ، ولا ينزلهم جنة ولا نارا .
وَ كَذٰلِكَ نُوَلِّیْ بَعْضَ الظّٰلِمِیْنَ بَعْضًۢا بِمَا كَانُوْا یَكْسِبُوْنَ۠(۱۲۹)
اور یونہی ہم ظالموں میں ایک کو دوسرے پر مسلط کرتے ہیں بدلہ ان کے کیے کا(ف۲۵۸)
قال سعيد ، عن قتادة في تفسيرها : وإنما يولي الله الناس بأعمالهم ، فالمؤمن ولي المؤمن أين كان وحيث كان ، والكافر ولي الكافر أينما كان وحيثما كان ، ليس الإيمان بالتمني ولا بالتحلي . واختاره ابن جرير .وقال معمر ، عن قتادة في تفسيرها : ( نولي بعض الظالمين بعضا ) في النار ، يتبع بعضهم بعضا .وقال مالك بن دينار : قرأت في الزبور : إني أنتقم من المنافقين بالمنافقين ، ثم أنتقم من المنافقين جميعا ، وذلك في كتاب الله قوله تعالى ( وكذلك نولي بعض الظالمين بعضا ) .وقال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم في قوله : ( وكذلك نولي بعض الظالمين بعضا ) قال : ظالمي الجن وظالمي الإنس ، وقرأ : ( ومن يعش عن ذكر الرحمن نقيض له شيطانا فهو له قرين ) [ الزخرف : 36 ] ، قال : ونسلط ظلمة الجن على ظلمة الإنس .وقد روى الحافظ ابن عساكر في ترجمة عبد الباقي بن أحمد ، من طريق سعيد بن عبد الجبار الكرابيسي ، عن حماد بن سلمة ، عن عاصم ، عن زر ، عن ابن مسعود مرفوعا : " من أعان ظالما سلطه الله عليه "وهذا حديث غريب ، وقال بعض الشعراء :وما من يد إلا يد الله فوقها ولا ظالم إلا سيبلى بظالمومعنى الآية الكريمة : كما ولينا هؤلاء الخاسرين من الإنس تلك الطائفة التي أغوتهم من الجن ، كذلك نفعل بالظالمين ، نسلط بعضهم على بعض ، ونهلك بعضهم ببعض ، وننتقم من بعضهم ببعض ، جزاء على ظلمهم وبغيهم .
یٰمَعْشَرَ الْجِنِّ وَ الْاِنْسِ اَلَمْ یَاْتِكُمْ رُسُلٌ مِّنْكُمْ یَقُصُّوْنَ عَلَیْكُمْ اٰیٰتِیْ وَ یُنْذِرُوْنَكُمْ لِقَآءَ یَوْمِكُمْ هٰذَاؕ-قَالُوْا شَهِدْنَا عَلٰۤى اَنْفُسِنَا وَ غَرَّتْهُمُ الْحَیٰوةُ الدُّنْیَا وَ شَهِدُوْا عَلٰۤى اَنْفُسِهِمْ اَنَّهُمْ كَانُوْا كٰفِرِیْنَ(۱۳۰)
اے جنوں اور آدمیوں کے گروہ! کیا تمہارے پاس تم میں کے رسول نہ آئے تھے تم پر میری آیتیں پڑھتے اور تمہیں یہ دن (ف۲۵۹) دیکھنے سے ڈراتے (ف۲۶۰) کہیں گے ہم نے اپنی جانوں پر گواہی دی (ف۲۶۱) اور انہیں دنیا کی زندگی نے فریب دیا اور خود اپنی جانوں پر گواہی دیں گے کہ وہ کافر تھے(ف۲۶۲)
وهذا أيضا مما يقرع الله به سبحانه وتعالى كافري الجن والإنس يوم القيامة ، حيث يسألهم - وهو أعلم - : هل بلغتهم الرسل رسالاته؟ وهذا استفهام تقرير : ( يا معشر الجن والإنس ألم يأتكم رسل منكم ) أي : من جملتكم . والرسل من الإنس فقط ، وليس من الجن رسل ، كما قد نص على ذلك مجاهد ، وابن جريج ، وغير واحد من الأئمة ، من السلف والخلف .وقال ابن عباس : الرسل من بني آدم ، ومن الجن نذر .وحكى ابن جرير ، عن الضحاك بن مزاحم : أنه زعم أن في الجن رسلا واحتج بهذه الآية الكريمة وفي الاستدلال بها على ذلك نظر; لأنها محتملة وليست بصريحة ، وهي - والله أعلم - كقوله تعالى ( مرج البحرين يلتقيان بينهما برزخ لا يبغيان ) إلى أن قال : ( يخرج منهما اللؤلؤ والمرجان ) [ الرحمن : 19 - 22 ] ، ومعلوم أن اللؤلؤ والمرجان إنما يستخرج من الملح لا من الحلو . وهذا واضح ، ولله الحمد . وقد نص على هذا الجواب بعينه ابن جرير .والدليل على أن الرسل إنما هم من الإنس قوله تعالى : ( إنا أوحينا إليك كما أوحينا إلى نوح والنبيين من بعده وأوحينا ) إلى أن قال : ( رسلا مبشرين ومنذرين لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل ) [ النساء : 163 - 165 ] ، وقال تعالى عن إبراهيم : ( وجعلنا في ذريته النبوة والكتاب ) [ العنكبوت : 27 ] ، فحصر النبوة والكتاب بعد إبراهيم في ذريته ، ولم يقل أحد من الناس : إن النبوة كانت في الجن قبل إبراهيم الخليل عليه السلام ثم انقطعت عنهم ببعثته . وقال تعالى : ( وما أرسلنا قبلك من المرسلين إلا إنهم ليأكلون الطعام ويمشون في الأسواق ) [ الفرقان : 20 ] ، وقال تعالى : ( وما أرسلنا من قبلك إلا رجالا نوحي إليهم من أهل القرى ) [ يوسف : 109 ] ، ومعلوم أن الجن تبع للإنس في هذا الباب; ولهذا قال تعالى إخبارا عنهم : ( وإذ صرفنا إليك نفرا من الجن يستمعون القرآن فلما حضروه قالوا أنصتوا فلما قضي ولوا إلى قومهم منذرين قالوا يا قومنا إنا سمعنا كتابا أنزل من بعد موسى مصدقا لما بين يديه يهدي إلى الحق وإلى طريق مستقيم يا قومنا أجيبوا داعي الله وآمنوا به يغفر لكم من ذنوبكم ويجركم من عذاب أليم ومن لا يجب داعي الله فليس بمعجز في الأرض وليس له من دونه أولياء أولئك في ضلال مبين ) [ الأحقاف : 29 - 32 ] .وقد جاء في الحديث - الذي رواه الترمذي وغيره - أن رسول الله صلى الله عليه وسلم تلا عليهم سورة الرحمن وفيها قوله تعالى : ( سنفرغ لكم أيها الثقلان فبأي آلاء ربكما تكذبان ) [ الآيتان : 31 ، 32 ] .وقال تعالى في هذه الآية الكريمة : ( يا معشر الجن والإنس ألم يأتكم رسل منكم يقصون عليكم آياتي وينذرونكم لقاء يومكم هذا قالوا شهدنا على أنفسنا ) أي : أقررنا أن الرسل قد بلغونا رسالاتك ، وأنذرونا لقاءك ، وأن هذا اليوم كائن لا محالة .قال تعالى : ( وغرتهم الحياة الدنيا ) أي : وقد فرطوا في حياتهم الدنيا ، وهلكوا بتكذيبهم الرسل ، ومخالفتهم للمعجزات ، لما اغتروا به من زخرف الحياة الدنيا وزينتها وشهواتها ، ( وشهدوا على أنفسهم ) أي : يوم القيامة ( أنهم كانوا كافرين ) أي : في الدنيا ، بما جاءتهم به الرسل ، صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين .
ذٰلِكَ اَنْ لَّمْ یَكُنْ رَّبُّكَ مُهْلِكَ الْقُرٰى بِظُلْمٍ وَّ اَهْلُهَا غٰفِلُوْنَ(۱۳۱)
یہ (ف۲۶۳) اس لیے کہ تیرا رب بستیوں کو (ف۲۶۴) ظلم سے تباہ نہیں کرتا کہ ان کے لوگ بے خبر ہوں(ف۲۶۵)
يقول تعالى : ( ذلك أن لم يكن ربك مهلك القرى بظلم وأهلها غافلون ) أي : إنما أعذرنا إلى الثقلين بإرسال الرسل وإنزال الكتب ، لئلا يعاقب أحد بظلمه ، وهو لم تبلغه دعوة ، ولكن أعذرنا إلى الأمم ، وما عذبنا أحدا إلا بعد إرسال الرسل إليهم ، كما قال تعالى : ( وإن من أمة إلا خلا فيها نذير ) [ فاطر : 24 ] ، وقال تعالى : ( ولقد بعثنا في كل أمة رسولا أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت ) [ النحل : 36 ] ، وقال تعالى : ( وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا ) [ الإسراء : 15 ] ، وقال تعالى : ( كلما ألقي فيها فوج سألهم خزنتها ألم يأتكم نذير قالوا بلى قد جاءنا نذير فكذبنا ) [ الملك : 8 ، 9 ] والآيات في هذا كثيرة .وقال الإمام أبو جعفر بن جرير : ويحتمل قوله تعالى : ( بظلم ) وجهين :أحدهما : ذلك من أجل أن ربك مهلك القرى بظلم أهلها بالشرك ونحوه ، وهم غافلون ، يقول : لم يكن يعاجلهم بالعقوبة حتى يبعث إليهم من ينبههم على حجج الله عليهم ، وينذرهم عذاب الله يوم معادهم ، ولم يكن بالذي يؤاخذهم غفلة فيقولوا : ( ما جاءنا من بشير ولا نذير ) [ المائدة : 19 ] .والوجه الثاني : أن ( ذلك أن لم يكن ربك مهلك القرى بظلم ) يقول : لم يكن ربك ليهلكهم دون التنبيه والتذكير بالرسل والآيات والعبر ، فيظلمهم بذلك ، والله غير ظلام لعبيده .ثم شرع يرجح الوجه الأول ، ولا شك أنه أقوى ، والله أعلم .
وَ لِكُلٍّ دَرَجٰتٌ مِّمَّا عَمِلُوْاؕ-وَ مَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا یَعْمَلُوْنَ(۱۳۲)
اور ہر ایک کے لیے (ف۲۶۶) ان کے کاموں سے درجے ہیں اور تیرا رب ان کے اعمال سے بے خبر نہیں،
وقال : وقوله : ( ولكل درجات مما عملوا ) أي : ولكل عامل من طاعة الله أو معصيته منازل ومراتب من عمله يبلغه الله إياها ، ويثيبه بها ، إن خيرا فخير ، وإن شرا فشر .قلت : ويحتمل أن يعود قوله : ( ولكل درجات مما عملوا ) أي من كافري الجن والإنس ، أي : ولكل درجة في النار بحسبه ، كقوله تعالى ( قال لكل ضعف ولكن لا تعلمون ) [ الأعراف : 38 ] ، وقوله : ( الذين كفروا وصدوا عن سبيل الله زدناهم عذابا فوق العذاب بما كانوا يفسدون ) [ النحل : 88 ] .( وما ربك بغافل عما يعملون ) قال ابن جرير : أي وكل ذلك من عملهم ، يا محمد ، بعلم من ربك ، يحصيها ويثبتها لهم عنده ، ليجازيهم عليها عند لقائهم إياه ومعادهم إليه .
وَ رَبُّكَ الْغَنِیُّ ذُو الرَّحْمَةِؕ-اِنْ یَّشَاْ یُذْهِبْكُمْ وَ یَسْتَخْلِفْ مِنْۢ بَعْدِكُمْ مَّا یَشَآءُ كَمَاۤ اَنْشَاَكُمْ مِّنْ ذُرِّیَّةِ قَوْمٍ اٰخَرِیْنَؕ(۱۳۳)
اور اے محبوب! تمہارا رب بے پروا ہے رحمت والا، اے لوگو! وہ چاہے تو تمہیں لے جائے (ف۲۶۷) اور جسے چاہے تمہاری جگہ لادے جیسے تمہیں اوروں کی اولاد سے پیدا کیا(ف۲۶۸)
يقول تعالى ) وربك ) يا محمد ) الغني ) أي : عن جميع خلقه من جميع الوجوه ، وهم الفقراء إليه في جميع أحوالهم ، ( ذو الرحمة ) أي : وهو مع ذلك رحيم بهم رءوف ، كما قال تعالى : ( إن الله بالناس لرءوف رحيم ) [ البقرة : 143 ] .( إن يشأ يذهبكم ) أي : إذا خالفتم أمره ( ويستخلف من بعدكم ما يشاء ) أي : قوما آخرين ، أي : يعملون بطاعته ، ( كما أنشأكم من ذرية قوم آخرين ) أي : هو قادر على ذلك ، سهل عليه ، يسير لديه ، كما أذهب القرون الأول وأتى بالذي بعدها كذلك هو قادر على إذهاب هؤلاء والإتيان بآخرين ، كما قال تعالى : ( إن يشأ يذهبكم أيها الناس ويأت بآخرين وكان الله على ذلك قديرا ) [ النساء : 133 ] ، وقال تعالى : ( يا أيها الناس أنتم الفقراء إلى الله والله هو الغني الحميد إن يشأ يذهبكم ويأت بخلق جديد وما ذلك على الله بعزيز ) [ فاطر : 15 - 17 ] ، وقال تعالى : ( والله الغني وأنتم الفقراء وإن تتولوا يستبدل قوما غيركم ثم لا يكونوا أمثالكم ) [ محمد : 38 ] .وقال محمد بن إسحاق ، عن يعقوب بن عتبة قال : سمعت أبان بن عثمان يقول في هذه الآية : ( كما أنشأكم من ذرية قوم آخرين ) الذرية : الأصل ، والذرية : النسل .
اِنَّ مَا تُوْعَدُوْنَ لَاٰتٍۙ-وَّ مَاۤ اَنْتُمْ بِمُعْجِزِیْنَ(۱۳۴)
بیشک جس کا تمہیں وعدہ دیا جاتا ہے (ف۲۶۹) ضرور آنے والی ہے اور تم تھکا نہیں سکتے،
وقوله تعالى : ( إن ما توعدون لآت وما أنتم بمعجزين ) أي : أخبرهم يا محمد أن الذي يوعدون به من أمر المعاد كائن لا محالة ، ( وما أنتم بمعجزين ) أي : ولا تعجزون الله ، بل هو قادر على إعادتكم ، وإن صرتم ترابا رفاتا وعظاما هو قادر لا يعجزه شيء .وقال ابن أبي حاتم في تفسيرها : حدثنا أبي ، حدثنا محمد بن المصفى ، حدثنا محمد بن حمير ، عن أبي بكر بن أبي مريم ، عن عطاء بن أبي رباح ، عن أبي سعيد الخدري ، رضي الله عنه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " يا بني آدم ، إن كنتم تعقلون فعدوا أنفسكم من الموتى . والذي نفسي بيده إنما توعدون لآت وما أنتم بمعجزين "
قُلْ یٰقَوْمِ اعْمَلُوْا عَلٰى مَكَانَتِكُمْ اِنِّیْ عَامِلٌۚ-فَسَوْفَ تَعْلَمُوْنَۙ-مَنْ تَكُوْنُ لَهٗ عَاقِبَةُ الدَّارِؕ-اِنَّهٗ لَا یُفْلِحُ الظّٰلِمُوْنَ(۱۳۵)
تم فرماؤ اے میری قوم! تم اپنی جگہ پر کام کیے جاؤ میں اپنا کام کرتا ہوں تو اب جاننا چاہتے ہو کس کا رہتا ہے آحرت کا گھر، بیشک ظالم فلاح نہیں پاتے،
وقوله تعالى : ( قل يا قوم اعملوا على مكانتكم إني عامل فسوف تعلمون ) هذا تهديد شديد ، ووعيد أكيد ، أي : استمروا على طريقكم وناحيتكم إن كنتم تظنون أنكم على هدى ، فأنا مستمر على طريقتي ومنهجي ، كما قال تعالى : ( وقل للذين لا يؤمنون اعملوا على مكانتكم إنا عاملون وانتظروا إنا منتظرون ) [ هود : 121 ، 122 ] .قال علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس : ( على مكانتكم ) أي : ناحيتكم .( فسوف تعلمون من تكون له عاقبة الدار إنه لا يفلح الظالمون ) أي : أتكون لي أو لكم وقد أنجز موعده له ، صلوات الله عليه ، فإنه تعالى مكن له في البلاد ، وحكمه في نواصي مخالفيه من العباد ، وفتح له مكة ، وأظهره على من كذبه من قومه وعاداه وناوأه ، واستقر أمره على سائر جزيرة العرب ، وكذلك اليمن والبحرين ، وكل ذلك في حياته . ثم فتحت الأمصار والأقاليم والرساتيق بعد وفاته في أيام خلفائه ، رضي الله عنهم أجمعين ، كما قال الله تعالى : ( كتب الله لأغلبن أنا ورسلي ) [ المجادلة : 20 ] ، وقال ( إنا لننصر رسلنا والذين آمنوا في الحياة الدنيا ويوم يقوم الأشهاد يوم لا ينفع الظالمين معذرتهم ولهم اللعنة ولهم سوء الدار ) [ غافر : 51 ، 52 ] ، وقال تعالى : ( ولقد كتبنا في الزبور من بعد الذكر أن الأرض يرثها عبادي الصالحون ) [ الأنبياء : 105 ] ، وقال تعالى إخبارا عن رسله : ( فأوحى إليهم ربهم لنهلكن الظالمين ولنسكننكم الأرض من بعدهم ذلك لمن خاف مقامي وخاف وعيد ) [ إبراهيم : 13 ، 14 ] ، وقال تعالى : ( وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم وليبدلنهم من بعد خوفهم أمنا يعبدونني لا يشركون بي شيئا ) الآية [ النور : 55 ] ، وقد فعل الله تعالى ذلك بهذه الأمة ، وله الحمد والمنة أولا وآخرا ، باطنا وظاهرا .
وَ جَعَلُوْا لِلّٰهِ مِمَّا ذَرَاَ مِنَ الْحَرْثِ وَ الْاَنْعَامِ نَصِیْبًا فَقَالُوْا هٰذَا لِلّٰهِ بِزَعْمِهِمْ وَ هٰذَا لِشُرَكَآىٕنَاۚ-فَمَا كَانَ لِشُرَكَآىٕهِمْ فَلَا یَصِلُ اِلَى اللّٰهِۚ-وَ مَا كَانَ لِلّٰهِ فَهُوَ یَصِلُ اِلٰى شُرَكَآىٕهِمْؕ-سَآءَ مَا یَحْكُمُوْنَ(۱۳۶)
اور (ف۲۷۰) اللہ نے جو کھیتی اور مویشی پیدا کیے ان میں اسے ایک حصہ دار ٹھہرایا تو بولے یہ اللہ کا ہے ان کے خیال میں اور یہ ہمارے شریکوں کا (ف۲۷۱) تو وہ جو ان کے شریکوں کا ہے وہ تو خدا کو نہیں پہنچتا، اور جو خدا کا ہے وہ ان کے شریکوں کو پہنچتا ہے، کیا ہی برا حکم لگاتے ہیں (ف۲۷۲)
هذا ذم وتوبيخ من الله للمشركين الذين ابتدعوا بدعا وكفرا وشركا ، وجعلوا لله جزءا من خلقه ، وهو خالق كل شيء سبحانه وتعالى عما يشركون; ولهذا قال تعالى : ( وجعلوا لله مما ذرأ ) أي : مما خلق وبرأ ( من الحرث ) أي : من الزروع والثمار ( والأنعام نصيبا ) أي : جزءا وقسما ، ( فقالوا هذا لله بزعمهم وهذا لشركائنا ) .وقوله : ( فما كان لشركائهم فلا يصل إلى الله وما كان لله فهو يصل إلى شركائهم ) قال علي بن أبي طلحة ، والعوفي ، عن ابن عباس ; أنه قال في تفسير هذه الآية : إن أعداء الله كانوا إذا حرثوا حرثا ، أو كانت لهم ثمرة ، جعلوا لله منه جزءا وللوثن جزءا ، فما كان من حرث أو ثمرة أو شيء من نصيب الأوثان حفظوه وأحصوه . وإن سقط منه شيء فيما سمي للصمد ردوه إلى ما جعلوه للوثن . وإن سبقهم الماء الذي جعلوه للوثن . فسقى شيئا جعلوه لله ؛ جعلوا ذلك للوثن . وإن سقط شيء من الحرث والثمرة الذي جعلوه لله ، فاختلط بالذي جعلوه للوثن ، قالوا : هذا فقير . ولم يردوه إلى ما جعلوه لله . وإن سبقهم الماء الذي جعلوه لله . فسقى ما سمي للوثن تركوه للوثن ، وكانوا يحرمون من أموالهم البحيرة والسائبة والوصيلة والحام ، فيجعلونه للأوثان ، ويزعمون أنهم يحرمونه لله ، فقال الله عز وجل ( وجعلوا لله مما ذرأ من الحرث والأنعام نصيبا ) الآية .وهكذا قال مجاهد ، وقتادة ، والسدي ، وغير واحد .وقال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم في تفسيره : كل شيء جعلوه لله من ذبح يذبحونه ، لا يأكلونه أبدا حتى يذكروا معه أسماء الآلهة . وما كان للآلهة لم يذكروا اسم الله معه ، وقرأ الآية حتى بلغ : ( ساء ما يحكمون ) أي : ساء ما يقسمون ، فإنهم أخطئوا أولا في القسمة ، فإن الله تعالى هو رب كل شيء ومليكه وخالقه ، وله الملك ، وكل شيء له وفي تصرفه وتحت قدرته ومشيئته ، لا إله غيره ، ولا رب سواه . ثم لما قسموا فيما زعموا لم يحفظوا القسمة التي هي فاسدة ، بل جاروا فيها ، كما قال تعالى : ( ويجعلون لله البنات سبحانه ولهم ما يشتهون ) [ النحل : 57 ] ، وقال تعالى : ( وجعلوا له من عباده جزءا إن الإنسان لكفور مبين ) [ الزخرف : 15 ] ، وقال تعالى : ( ألكم الذكر وله الأنثى تلك إذا قسمة ضيزى ) [ النجم : 21 ، 22 ] .
وَ كَذٰلِكَ زَیَّنَ لِكَثِیْرٍ مِّنَ الْمُشْرِكِیْنَ قَتْلَ اَوْلَادِهِمْ شُرَكَآؤُهُمْ لِیُرْدُوْهُمْ وَ لِیَلْبِسُوْا عَلَیْهِمْ دِیْنَهُمْؕ-وَ لَوْ شَآءَ اللّٰهُ مَا فَعَلُوْهُ فَذَرْهُمْ وَ مَا یَفْتَرُوْنَ(۱۳۷)
اور یوں ہی بہت مشرکوں کی نگاہ میں ان کے شریکوں نے اولاد کا قتل بھلا کر دکھایا ہے (ف۲۷۳) کہ انہیں ہلاک کریں اور ان کا دین اُن پر مشتبہ کردیں (ف۲۷۴) اور اللہ چاہتا تو ایسا نہ کرتے تو تم انہیں چھوڑ دو وہ ہیں اور ان کے افتراء،
يقول تعالى : وكما زينت الشياطين لهؤلاء المشركين أن يجعلوا لله مما ذرأ من الحرث والأنعام نصيبا ، كذلك زينوا لهم قتل أولادهم خشية الإملاق ، ووأد البنات خشية العار .وقال علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس : وكذلك زين لكثير من المشركين قتل أولادهم شركاؤهم : زينوا لهم قتل أولادهم .وقال مجاهد : ( شركاؤهم ) شياطينهم ، يأمرونهم أن يئدوا أولادهم خشية العيلة . وقال السدي : أمرتهم الشياطين أن يقتلوا البنات . وإما ( ليردوهم ) فيهلكوهم ، وإما ( ليلبسوا عليهم دينهم ) أي : فيخلطون عليهم دينهم .ونحو ذلك قال قتادة ، وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم .وهذا كقوله تعالى : ( وإذا بشر أحدهم بالأنثى ظل وجهه مسودا وهو كظيم يتوارى من القوم من سوء ما بشر به أيمسكه على هون أم يدسه في التراب ألا ساء ما يحكمون ) [ النحل : 58 ، 59 ] ، وقال تعالى : ( وإذا الموءودة سئلت بأي ذنب قتلت ) [ التكوير : 8 ، 9 ] . وقد كانوا أيضا يقتلون الأولاد من الإملاق ، وهو الفقر ، أو خشية الإملاق أن يحصل لهم في تانئ المال وقد نهاهم الله عن قتل أولادهم لذلك وإنما كان هذا كله من شرع الشيطان تزيينه لهم ذلك .قال تعالى : ( ولو شاء الله ما فعلوه ) أي : كل هذا واقع بمشيئته تعالى وإرادته واختياره لذلك كونا ، وله الحكمة التامة في ذلك ، فلا يسأل عما يفعل وهم يسألون . ( فذرهم وما يفترون ) أي : فدعهم واجتنبهم وما هم فيه ، فسيحكم الله بينك وبينهم .
وَ قَالُوْا هٰذِهٖۤ اَنْعَامٌ وَّ حَرْثٌ حِجْرٌ ﳓ لَّا یَطْعَمُهَاۤ اِلَّا مَنْ نَّشَآءُ بِزَعْمِهِمْ وَ اَنْعَامٌ حُرِّمَتْ ظُهُوْرُهَا وَ اَنْعَامٌ لَّا یَذْكُرُوْنَ اسْمَ اللّٰهِ عَلَیْهَا افْتِرَآءً عَلَیْهِؕ-سَیَجْزِیْهِمْ بِمَا كَانُوْا یَفْتَرُوْنَ(۱۳۸)
اور بولے (ف۲۷۵) یہ مویشی اور کھیتی روکی ہوئی (ف۲۷۶) ہے اسے وہی کھائے جسے ہم چاہیں اپنے جھوٹے خیال سے (ف۲۷۷) اور کچھ مویشی ہیں جن پر چڑھنا حرام ٹھہرایا (ف۲۷۸) اور کچھ مویشی کے ذبح پر اللہ کا نام نہیں لیتے (ف۲۷۹) یہ سب اللہ پر جھوٹ باندھنا ہے، عنقریب وہ انہیں بدلے دے گا ان کے افتراؤں کا،
قال علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس : " الحجر " : الحرام ، مما حرموا الوصيلة ، وتحريم ما حرموا .وكذلك قال مجاهد ، والضحاك ، والسدي ، وقتادة ، وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم .وقال قتادة : ( وقالوا هذه أنعام وحرث حجر ) الآية : تحريم كان عليهم من الشياطين في أموالهم ، وتغليظ وتشديد ، وكان ذلك من الشياطين ، ولم يكن من الله تعالى .وقال ابن زيد بن أسلم : ( حجر ) إنما احتجزوها لآلهتهم .وقال السدي : ( لا يطعمها إلا من نشاء بزعمهم ) يقولون : حرام أن نطعم إلا من شئنا .وهذه الآية الكريمة كقوله تعالى : ( قل أرأيتم ما أنزل الله لكم من رزق فجعلتم منه حراما وحلالا قل آلله أذن لكم أم على الله تفترون ) [ يونس : 59 ] ، وكقوله تعالى : ( ما جعل الله من بحيرة ولا سائبة ولا وصيلة ولا حام ولكن الذين كفروا يفترون على الله الكذب وأكثرهم لا يعقلون ) [ المائدة : 103 ] .وقال السدي : أما ( وأنعام حرمت ظهورها ) فهي البحيرة والسائبة والحام ، وأما الأنعام التي لا يذكرون اسم الله عليها قال : إذا أولدوها ، ولا إن نحروها .وقال أبو بكر بن عياش ، عن عاصم بن أبي النجود قال لي أبو وائل : تدري ما في قوله : ( وأنعام حرمت ظهورها وأنعام لا يذكرون اسم الله عليها ) ؟ قلت : لا . قال : هي البحيرة ، كانوا لا يحجون عليها .وقال مجاهد : كان من إبلهم طائفة لا يذكرون اسم الله عليها ولا في شيء من شأنها ، لا إن ركبوا ، ولا إن حلبوا ، ولا إن حملوا ، ولا إن سحبوا ولا إن عملوا شيئا .( افتراء عليه ) أي : على الله ، وكذبا منهم في إسنادهم ذلك إلى دين الله وشرعه; فإنه لم يأذن لهم في ذلك ولا رضيه منهم ( سيجزيهم بما كانوا يفترون ) أي : عليه ، ويسندون إليه .
وَ قَالُوْا مَا فِیْ بُطُوْنِ هٰذِهِ الْاَنْعَامِ خَالِصَةٌ لِّذُكُوْرِنَا وَ مُحَرَّمٌ عَلٰۤى اَزْوَاجِنَاۚ-وَ اِنْ یَّكُنْ مَّیْتَةً فَهُمْ فِیْهِ شُرَكَآءُؕ-سَیَجْزِیْهِمْ وَصْفَهُمْؕ-اِنَّهٗ حَكِیْمٌ عَلِیْمٌ(۱۳۹)
اور بولے جو ان مویشیوں کے پیٹ میں ہے وہ نرا (خالص) ہمارے مردوں کا ہے (ف۲۸۰) اور ہماری عورتوں پر حرام ہے، اور مرا ہوا نکلے تو وہ سب (ف۲۸۱) اس میں شریک ہیں، قریب ہے کہ اللہ انہیں اِن کی اُن باتوں کا بدلہ دے گا، بیشک وہ حکمت و علم والا ہے،
قال أبو إسحاق السبيعي ، عن عبد الله بن أبي الهذيل ، عن ابن عباس : ( وقالوا ما في بطون هذه الأنعام خالصة لذكورنا ) الآية ، قال : اللبن .وقال العوفي ، عن ابن عباس : ( وقالوا ما في بطون هذه الأنعام خالصة لذكورنا ) الآية : فهو اللبن ، كانوا يحرمونه على إناثهم ، ويشربه ذكرانهم . وكانت الشاة إذا ولدت ذكرا ذبحوه ، وكان للرجال دون النساء . وإن كانت أنثى تركت فلم تذبح ، وإن كانت ميتة فهم فيه شركاء . فنهى الله عن ذلك . وكذا قال السدي .وقال الشعبي : " البحيرة " لا يأكل من لبنها إلا الرجال ، وإن مات منها شيء أكله الرجال والنساء ، وكذا قال عكرمة ، وقتادة ، وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم .وقال مجاهد في قوله : ( وقالوا ما في بطون هذه الأنعام خالصة لذكورنا ومحرم على أزواجنا ) قال : هي السائبة والبحيرة .وقال أبو العالية ، ومجاهد ، وقتادة في قول ( سيجزيهم وصفهم ) أي : قولهم الكذب في ذلك ، يعني قوله تعالى : ( ولا تقولوا لما تصف ألسنتكم الكذب هذا حلال وهذا حرام لتفتروا على الله الكذب إن الذين يفترون على الله الكذب لا يفلحون متاع ) الآية [ النحل : 116 ، 117 ] .( إنه حكيم ) أي : في أفعاله وأقواله وشرعه وقدره ، ( عليم ) بأعمال عباده من خير وشر ، وسيجزيهم على ذلك أتم الجزاء .
قَدْ خَسِرَ الَّذِیْنَ قَتَلُـوْۤااَوْلَادَهُمْ سَفَهًۢا بِغَیْرِ عِلْمٍ وَّ حَرَّمُوْا مَا رَزَقَهُمُ اللّٰهُ افْتِرَآءً عَلَى اللّٰهِؕ-قَدْ ضَلُّوْا وَ مَا كَانُوْا مُهْتَدِیْنَ۠(۱۴۰)
بیشک تباہ ہوئے وہ جو اپنی اولاد کو قتل کرتے ہیں احمقانہ جہالت سے (ف۲۸۲) اور حرام ٹھہراتے ہیں وہ جو اللہ نے انہیں روزی دی (ف۲۸۳) اللہ پر جھوٹ باندھنے کو (ف۲۸۴) بیشک وہ بہکے اور راہ نہ پائی (ف۲۸۵)
يقول تعالى : قد خسر الذين فعلوا هذه الأفعال في الدنيا والآخرة ، أما في الدنيا فخسروا أولادهم بقتلهم ، وضيقوا عليهم في أموالهم ، فحرموا أشياء ابتدعوها من تلقاء أنفسهم ، وأما في الآخرة فيصيرون إلى شر المنازل بكذبهم على الله وافترائهم ، كما قال تعالى : ( إن الذين يفترون على الله الكذب لا يفلحون متاع في الدنيا ثم إلينا مرجعهم ثم نذيقهم العذاب الشديد بما كانوا يكفرون ) [ يونس : 69 ، 70 ] .وقال الحافظ أبو بكر بن مردويه في تفسير هذه الآية : حدثنا محمد بن أحمد بن إبراهيم ، حدثنا محمد بن أيوب ، حدثنا عبد الرحمن بن المبارك ، حدثنا أبو عوانة ، عن أبي بشر ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس ، رضي الله عنهما قال : إذا سرك أن تعلم جهل العرب فاقرأ ما فوق الثلاثين والمائة من سورة الأنعام ، ( قد خسر الذين قتلوا أولادهم سفها بغير علم وحرموا ما رزقهم الله افتراء على الله قد ضلوا وما كانوا مهتدين ) .وهكذا رواه البخاري منفردا في كتاب " مناقب قريش " من صحيحه ، عن أبي النعمان محمد بن الفضل عارم ، عن أبي عوانة - واسمه الوضاح بن عبد الله اليشكري - عن أبي بشر - واسمه جعفر بن أبي وحشية بن إياس ، به .
وَ هُوَ الَّذِیْۤ اَنْشَاَ جَنّٰتٍ مَّعْرُوْشٰتٍ وَّ غَیْرَ مَعْرُوْشٰتٍ وَّ النَّخْلَ وَ الزَّرْعَ مُخْتَلِفًا اُكُلُهٗ وَ الزَّیْتُوْنَ وَ الرُّمَّانَ مُتَشَابِهًا وَّ غَیْرَ مُتَشَابِهٍؕ-كُلُوْا مِنْ ثَمَرِهٖۤ اِذَاۤ اَثْمَرَ وَ اٰتُوْا حَقَّهٗ یَوْمَ حَصَادِهٖ ﳲ وَ لَا تُسْرِفُوْاؕ-اِنَّهٗ لَا یُحِبُّ الْمُسْرِفِیْنَۙ(۱۴۱)
اور وہی ہے جس نے پیدا کیے باغ کچھ زمین پر چھئے (چھائے) ہوئے (ف۲۸۶) اور کچھ بے چھئے (پھیلے) اور کھجور اور کھیتی جس میں رنگ رنگ کے کھانے (ف۲۸۷) اور زیتون اور انار کسی بات میں ملتے (ف۲۸۸) اور کسی میں الگ (ف۲۸۹) کھاؤ اس کا پھل جب پھل لائے اور اس کا حق دو جس دن کٹے (ف۲۹۰) اور بے جا نہ خرچو (ف۲۹۱) بیشک بے جا خرچنے والے اسے پسند نہیں،
يقول تعالى بيانا لأنه الخالق لكل شيء من الزروع والثمار والأنعام التي تصرف فيها المشركون بآرائهم الفاسدة وقسموها وجزءوها ، فجعلوا منها حراما وحلالا فقال : ( وهو الذي أنشأ جنات معروشات وغير معروشات ) .قال علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس : ( معروشات ) مسموكات . وفي رواية : " المعروشات " : معروشات ما عرش الناس ، ( وغير معروشات ) ما خرج في البر والجبال من الثمرات .وقال عطاء الخراساني ، عن ابن عباس : ( معروشات ) ما عرش من الكرم ( وغير معروشات ) ما لم يعرش من الكرم . وكذا قال السدي .وقال ابن جريج : ( متشابها وغير متشابه ) قال : متشابها في المنظر ، وغير متشابه في الطعم .وقال محمد بن كعب : ( كلوا من ثمره إذا أثمر ) قال : من رطبه وعنبه .وقوله تعالى : ( وآتوا حقه يوم حصاده ) قال ابن جرير : قال بعضهم : هي الزكاة المفروضة .حدثنا عمرو ، حدثنا عبد الصمد ، حدثنا يزيد بن درهم قال : سمعت أنس بن مالك يقول : ( وآتوا حقه يوم حصاده ) قال : الزكاة المفروضة .وقال علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس : ( وآتوا حقه يوم حصاده ) يعني : الزكاة المفروضة ، يوم يكال ويعلم كيله . وكذا قال سعيد بن المسيب .وقال العوفي ، عن ابن عباس : ( وآتوا حقه يوم حصاده ) وذلك أن الرجل كان إذا زرع فكان يوم حصاده ، لم يخرج مما حصد شيئا فقال الله : ( وآتوا حقه يوم حصاده ) وذلك أن يعلم ما كيله وحقه ، من كل عشرة واحدا ، ما يلقط الناس من سنبله .وقد روى الإمام أحمد وأبو داود في سننه من حديث محمد بن إسحاق : حدثني محمد بن يحيى بن حبان ، عن عمه واسع بن حبان ، عن جابر بن عبد الله ; أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر من كل جاد عشرة أوسق من التمر ، بقنو يعلق في المسجد للمساكينوهذا إسناده جيد قوي .وقال طاوس ، وأبو الشعثاء ، وقتادة ، والحسن ، والضحاك ، وابن جريج : هي الزكاة .وقال الحسن البصري : هي الصدقة من الحب والثمار ، وكذا قال زيد بن أسلم .وقال آخرون : هو حق آخر سوى الزكاة .وقال أشعث ، عن محمد بن سيرين - ونافع ، عن ابن عمر في قوله : ( وآتوا حقه يوم حصاده ) قال : كانوا يعطون شيئا سوى الزكاة . رواه ابن مردويه . وروى عبد الله بن المبارك وغيره . عن عبد الملك بن أبي سليمان ، عن عطاء بن أبي رباح في قوله : ( وآتوا حقه يوم حصاده ) قال : يعطي من حضره يومئذ ما تيسر ، وليس بالزكاة .وقال مجاهد : إذا حضرك المساكين ، طرحت لهم منه .وقال عبد الرزاق ، عن ابن عيينة عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ( وآتوا حقه يوم حصاده ) قال : عند الزرع يعطي القبض ، وعند الصرام يعطي القبض ، ويتركهم فيتبعون آثار الصرام .وقال الثوري ، عن حماد ، عن إبراهيم النخعي قال : يعطي مثل الضغث .وقال ابن المبارك ، عن شريك ، عن سالم ، عن سعيد بن جبير ( وآتوا حقه يوم حصاده ) قال : كان هذا قبل الزكاة : للمساكين ، القبضة الضغث لعلف دابته .وفي حديث ابن لهيعة ، عن دراج ، عن أبي الهيثم ، عن سعيد مرفوعا : ( وآتوا حقه يوم حصاده ) قال : ما سقط من السنبل . رواه ابن مردويه .وقال آخرون : هذا كله شيء كان واجبا ، ثم نسخه الله بالعشر ونصف العشر . حكاه ابن جرير عن ابن عباس ، ومحمد ابن الحنفية ، وإبراهيم النخعي ، والحسن ، والسدي ، وعطية العوفي . واختاره ابن جرير ، رحمه الله .قلت : وفي تسمية هذا نسخا نظر; لأنه قد كان شيئا واجبا في الأصل ، ثم إنه فصل بيانه وبين مقدار المخرج وكميته . قالوا : وكان هذا في السنة الثانية من الهجرة ، فالله أعلم .وقد ذم الله سبحانه الذين يصومون ولا يتصدقون ، كما ذكر عن أصحاب الجنة في سورة " ن " : ( إذ أقسموا ليصرمنها مصبحين ولا يستثنون فطاف عليها طائف من ربك وهم نائمون فأصبحت كالصريم ) أي : كالليل المدلهم سوداء محترقة ( فتنادوا مصبحين أن اغدوا على حرثكم إن كنتم صارمين فانطلقوا وهم يتخافتون أن لا يدخلنها اليوم عليكم مسكين وغدوا على حرد ) أي : قوة وجلد وهمة ( قادرين فلما رأوها قالوا إنا لضالون بل نحن محرومون قال أوسطهم ألم أقل لكم لولا تسبحون قالوا سبحان ربنا إنا كنا ظالمين فأقبل بعضهم على بعض يتلاومون قالوا يا ويلنا إنا كنا طاغين عسى ربنا أن يبدلنا خيرا منها إنا إلى ربنا راغبون كذلك العذاب ولعذاب الآخرة أكبر لو كانوا يعلمون ) [ القلم : 17 - 33 ] .وقوله : ( ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين ) قيل : معناه : ولا تسرفوا في الإعطاء ، فتعطوا فوق المعروف .وقال أبو العالية : كانوا يعطون يوم الحصاد شيئا ، ثم تباروا فيه وأسرفوا ، فأنزل الله : ( ولا تسرفوا ) .وقال ابن جريج نزلت في ثابت بن قيس بن شماس ، جذ نخلا . فقال : لا يأتيني اليوم أحد إلا أطعمته . فأطعم حتى أمسى وليست له ثمرة ، فأنزل الله : ( ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين ) رواه ابن جرير ، عنه .وقال ابن جريج ، عن عطاء : ينهى عن السرف في كل شيء .وقال إياس بن معاوية : ما جاوزت به أمر الله فهو سرف .وقال السدي في قوله : ( ولا تسرفوا ) قال : لا تعطوا أموالكم ، فتقعدوا فقراء .وقال سعيد بن المسيب ومحمد بن كعب ، في قوله : ( ولا تسرفوا ) قال : لا تمنعوا الصدقة فتعصوا .ثم اختار ابن جرير قول عطاء : إنه نهي عن الإسراف في كل شيء . ولا شك أنه صحيح ، لكن الظاهر - والله أعلم - من سياق الآية حيث قال تعالى : ( كلوا من ثمره إذا أثمر وآتوا حقه يوم حصاده ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين ) أن يكون عائدا على الأكل ، أي : ولا تسرفوا في الأكل لما فيه من مضرة العقل والبدن ، كما قال تعالى : ( وكلوا واشربوا ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين ) [ الأعراف : 31 ] ، وفي صحيح البخاري تعليقا : " كلوا واشربوا ، والبسوا وتصدقوا ، في غير إسراف ولا مخيلة " وهذا من هذا ، والله أعلم .
وَ مِنَ الْاَنْعَامِ حَمُوْلَةً وَّ فَرْشًاؕ-كُلُوْا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللّٰهُ وَ لَا تَتَّبِعُوْا خُطُوٰتِ الشَّیْطٰنِؕ-اِنَّهٗ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِیْنٌۙ(۱۴۲)
اور مویشی میں سے کچھ بوجھ اٹھانے والے اور کچھ زمین پر بچھے (ف۲۹۲) کھاؤ اس میں سے جو اللہ نے تمہیں روزی دی اور شیطان کے قدموں پر نہ چلو، بیشک وہ تمہارا صریح دشمن ہے،
وقوله : ( ومن الأنعام حمولة وفرشا ) أي : وأنشأ لكم من الأنعام ما هو حمولة وما هو فرش ، قيل : المراد بالحمولة ما يحمل عليه من الإبل ، والفرش الصغار منها . كما قال الثوري ، عن أبي إسحاق ، عن أبي الأحوص ، عن عبد الله في قوله : ( حمولة ) ما حمل عليه من الإبل ، ( وفرشا ) وقال : الصغار من الإبل .رواه الحاكم ، وقال : صحيح الإسناد ولم يخرجاه .وقال ابن عباس : الحمولة : الكبار ، والفرش هي الصغار من الإبل . وكذا قال مجاهد .وقال علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس : ( ومن الأنعام حمولة وفرشا ) فأما الحمولة فالإبل والخيل والبغال والحمير وكل شيء يحمل عليه ، وأما الفرش فالغنم .واختاره ابن جرير ، قال : وأحسبه إنما سمي فرشا لدنوه من الأرض .وقال الربيع بن أنس ، والحسن ، والضحاك ، وقتادة : الحمولة : الإبل والبقر ، والفرش : الغنم .وقال السدي : أما الحمولة فالإبل ، وأما الفرش فالفصلان والعجاجيل والغنم ، وما حمل عليه فهو حمولة .قال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم : الحمولة ما تركبون ، والفرش ما تأكلون وتحلبون ، شاة لا تحمل ، تأكلون لحمها وتتخذون من صوفها لحافا وفرشا .وهذا الذي قاله عبد الرحمن في تفسير هذه الآية الكريمة حسن يشهد له قوله تعالى : ( أولم يروا أنا خلقنا لهم مما عملت أيدينا أنعاما فهم لها مالكون وذللناها لهم فمنها ركوبهم ومنها يأكلون ) [ يس : 71 ، 72 ] ، وقال تعالى : ( وإن لكم في الأنعام لعبرة نسقيكم مما في بطونه من بين فرث ودم لبنا خالصا سائغا للشاربين ومن ثمرات النخيل والأعناب ) إلى أن قال : ( ومن أصوافها وأوبارها وأشعارها أثاثا ومتاعا إلى حين ) [ النحل : 69 - 80 ] ، وقال تعالى : ( الله الذي جعل لكم الأنعام لتركبوا منها ومنها تأكلون ولكم فيها منافع ولتبلغوا عليها حاجة في صدوركم وعليها وعلى الفلك تحملون ويريكم آياته فأي آيات الله تنكرون ) [ غافر : 79 - 81 ] .وقوله تعالى : ( كلوا مما رزقكم الله ) أي : من الثمار والزروع والأنعام ، فكلها خلقها الله تعالى وجعلها رزقا لكم ، ( ولا تتبعوا خطوات الشيطان ) أي : طرائقه وأوامره ، كما اتبعها المشركون الذين حرموا ما رزقهم الله ، أي : من الثمار والزروع افتراء على الله ، ( إنه لكم ) أي : إن الشيطان - أيها الناس - لكم ( عدو مبين ) أي : بين ظاهر العداوة ، كما قال تعالى : ( إن الشيطان لكم عدو فاتخذوه عدوا إنما يدعو حزبه ليكونوا من أصحاب السعير ) [ فاطر : 6 ] ، وقال تعالى : ( يا بني آدم لا يفتننكم الشيطان كما أخرج أبويكم من الجنة ينزع عنهما لباسهما ليريهما سوآتهما ) الآية ، [ الأعراف : 27 ] ، وقال تعالى : ( أفتتخذونه وذريته أولياء من دوني وهم لكم عدو بئس للظالمين بدلا ) [ الكهف : 50 ] . والآيات في هذا كثيرة في القرآن .
ثَمٰنِیَةَ اَزْوَاجٍۚ-مِنَ الضَّاْنِ اثْنَیْنِ وَ مِنَ الْمَعْزِ اثْنَیْنِؕ-قُلْ ءٰٓالذَّكَرَیْنِ حَرَّمَ اَمِ الْاُنْثَیَیْنِ اَمَّا اشْتَمَلَتْ عَلَیْهِ اَرْحَامُ الْاُنْثَیَیْنِؕ- نَبِّـٴُـوْنِیْ بِعِلْمٍ اِنْ كُنْتُمْ صٰدِقِیْنَۙ(۱۴۳)
آٹھ نر و مادہ ایک جوڑا بھیڑ کا اور ایک جوڑا بکری کا، تم فرماؤ کیا اس نے دونوں نر حرام کیے یا دونوں مادہ یا وہ جسے دنوں مادہ پیٹ میں لیے ہیں (ف۲۹۳) کسی علم سے بتاؤ اگر تم سچے ہو
وهذا بيان لجهل العرب قبل الإسلام فيما كانوا حرموا من الأنعام ، وجعلوها أجزاء وأنواعا : بحيرة ، وسائبة ، ووصيلة وحاما ، وغير ذلك من الأنواع التي ابتدعوها في الأنعام والزروع والثمار ، فبين أنه تعالى أنشأ جنات معروشات وغير معروشات ، وأنه أنشأ من الأنعام حمولة وفرشا . ثم بين أصناف الأنعام إلى غنم وهو بياض وهو الضأن ، وسواد وهو المعز ، ذكره وأنثاه ، وإلى إبل ذكورها وإناثها ، وبقر كذلك . وأنه تعالى لم يحرم شيئا من ذلك ولا شيئا من أولاده . بل كلها مخلوقة لبني آدم ، أكلا وركوبا ، وحمولة ، وحلبا ، وغير ذلك من وجوه المنافع ، كما قال تعالى ( وأنزل لكم من الأنعام ثمانية أزواج ) الآية [ الزمر : 6 ] .وقوله : ( أما اشتملت عليه أرحام الأنثيين ) رد عليهم في قولهم : ( ما في بطون هذه الأنعام خالصة لذكورنا ومحرم على أزواجنا ) .وقوله : ( نبئوني بعلم إن كنتم صادقين ) أي : أخبروني عن يقين : كيف حرم الله عليكم ما زعمتم تحريمه من البحيرة والسائبة والوصيلة والحام ونحو ذلك؟وقال العوفي عن ابن عباس قوله : ( ثمانية أزواج من الضأن اثنين ومن المعز اثنين ) فهذه أربعة أزواج ، ( ومن الإبل اثنين ومن البقر اثنين قل آلذكرين حرم أم الأنثيين ) يقول : لم أحرم شيئا من ذلك ( أما اشتملت عليه أرحام الأنثيين ) يعني : هل يشمل الرحم إلا على ذكر أو أنثى فلم تحرمون بعضا وتحلون بعضا؟ ( نبئوني بعلم إن كنتم صادقين ) يقول : كله حلال .وأول من دخل في هذه الآية : عمرو بن لحي بن قمعة ، فإنه أول من غير دين الأنبياء ، وأول من سيب السوائب ، ووصل الوصيلة ، وحمى الحامي ، كما ثبت ذلك في الصحيح .
وَ مِنَ الْاِبِلِ اثْنَیْنِ وَ مِنَ الْبَقَرِ اثْنَیْنِؕ-قُلْ ءٰٓالذَّكَرَیْنِ حَرَّمَ اَمِ الْاُنْثَیَیْنِ اَمَّا اشْتَمَلَتْ عَلَیْهِ اَرْحَامُ الْاُنْثَیَیْنِؕ-اَمْ كُنْتُمْ شُهَدَآءَ اِذْ وَصّٰىكُمُ اللّٰهُ بِهٰذَاۚ-فَمَنْ اَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرٰى عَلَى اللّٰهِ كَذِبًا لِّیُضِلَّ النَّاسَ بِغَیْرِ عِلْمٍؕ-اِنَّ اللّٰهَ لَا یَهْدِی الْقَوْمَ الظّٰلِمِیْنَ۠(۱۴۴)
اور ایک جوڑا اونٹ کا اور ایک جوڑا گائے کا، تم فرماؤ کیا اس نے دونوں نر حرام کیے یا دونوں مادہ یا وہ جسے دونوں مادہ پیٹ میں لیے ہیں (ف۲۹۴) کیا تم موجود تھے جب اللہ نے تمہیں یہ حکم دیا (ف۲۹۵) تو اس سے بڑھ کر ظالم کون جو اللہ پر جھوٹ باندھے کہ لوگوں کو اپنی جہالت سے گمراہ کرے، بیشک اللہ ظالموں کو راہ نہیں دکھاتا،
وقوله : ( أم كنتم شهداء إذ وصاكم الله بهذا ) تهكم بهم فيما ابتدعوه وافتروه على الله ، من تحريم ما حرموه من ذلك ، ( فمن أظلم ممن افترى على الله كذبا ليضل الناس بغير علم ) أي : لا أحد أظلم منه ، ( إن الله لا يهدي القوم الظالمين ) .وأول من دخل في هذه الآية : عمرو بن لحي بن قمعة ، فإنه أول من غير دين الأنبياء ، وأول من سيب السوائب ، ووصل الوصيلة ، وحمى الحامي ، كما ثبت ذلك في الصحيح .
قُلْ لَّاۤ اَجِدُ فِیْ مَاۤ اُوْحِیَ اِلَیَّ مُحَرَّمًا عَلٰى طَاعِمٍ یَّطْعَمُهٗۤ اِلَّاۤ اَنْ یَّكُوْنَ مَیْتَةً اَوْ دَمًا مَّسْفُوْحًا اَوْ لَحْمَ خِنْزِیْرٍ فَاِنَّهٗ رِجْسٌ اَوْ فِسْقًا اُهِلَّ لِغَیْرِ اللّٰهِ بِهٖۚ-فَمَنِ اضْطُرَّ غَیْرَ بَاغٍ وَّ لَا عَادٍ فَاِنَّ رَبَّكَ غَفُوْرٌ رَّحِیْمٌ(۱۴۵)
تم فرماؤ (ف۲۹۶) میں نہیں پاتا اس میں جو میری طرف وحی ہوئی کسی کھانے والے پر کوئی کھانا حرام (ف۲۹۷) مگر یہ کہ مردار ہو یا رگوں کا بہتا خون (ف۲۹۸) یا بد جانور کا گوشت وہ نجاست ہے یا وہ بے حکمی کا جانور جس کے ذبح میں غیر خدا کا نام پکارا گیا تو جو ناچار ہوا (ف۲۹۹) نہ یوں کہ آپ خواہش کرے اور نہ یوں کہ ضرورت سے بڑھے تو بے شیک اللہ بخشنے والا مہربان ہے (ف۳۰۰)
يقول تعالى آمرا عبده ورسوله محمدا ، صلوات الله وسلامه عليه : قل لهؤلاء الذين حرموا ما رزقهم الله افتراء على الله : ( لا أجد في ما أوحي إلي محرما على طاعم يطعمه ) أي : آكل يأكله . قيل : معناه : لا أجد شيئا مما حرمتم حراما سوى هذه . وقيل : معناه : لا أجد من الحيوانات شيئا حراما سوى هذه . فعلى هذا يكون ما ورد من التحريمات بعد هذا في سورة " المائدة " ، وفي الأحاديث الواردة ، رافعا لمفهوم هذه الآية .ومن الناس من يسمي ذلك نسخا ، والأكثرون من المتأخرين لا يسمونه نسخا; لأنه من باب رفع مباح الأصل ، والله أعلم .قال العوفي ، عن ابن عباس : ( أو دما مسفوحا ) يعني : المهراق .قال عكرمة في قوله : ( أو دما مسفوحا ) لولا هذه الآية لتتبع الناس ما في العروق ، كما تتبعه اليهود .وقال حماد ، عن عمران بن حدير قال : سألت أبا مجلز عن الدم ، وما يتلطخ من الذبح من الرأس ، وعن القدر يرى فيها الحمرة ، فقال : إنما نهى الله عن الدم المسفوح .وقال قتادة : حرم من الدماء ما كان مسفوحا ، فأما لحم خالطه دم فلا بأس به .وقال ابن جرير : حدثنا المثنى ، حدثنا حجاج بن منهال ، حدثنا حماد ، عن يحيى بن سعيد ، عن القاسم ، عن عائشة : أنها كانت لا ترى بلحوم السباع بأسا ، والحمرة والدم يكونان على القدر بأسا ، وقرأت هذه الآية . صحيح غريب .وقال الحميدي : حدثنا سفيان ، حدثنا عمرو بن دينار قال : قلت لجابر بن عبد الله : إنهم يزعمون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن لحوم الحمر الأهلية زمن خيبر ، فقال : قد كان يقول ذلك " الحكم بن عمرو " عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولكن أبى ذلك الحبر - يعني ابن عباس - وقرأ : ( قل لا أجد في ما أوحي إلي محرما ) الآية .وهكذا رواه البخاري عن علي بن المديني ، عن سفيان ، به . وأخرجه أبو داود من حديث ابن جريج ، عن عمرو بن دينار . ورواه الحاكم في مستدركه مع أنه في صحيح البخاري ، كما رأيت .وقال أبو بكر بن مردويه والحاكم في مستدركه : حدثنا محمد بن علي بن دحيم ، حدثنا أحمد بن حازم ، حدثنا أبو نعيم الفضل بن دكين ، حدثنا محمد بن شريك ، عن عمرو بن دينار ، عن أبي الشعثاء ، عن ابن عباس قال : كان أهل الجاهلية يأكلون أشياء ويتركون أشياء تقذرا ، فبعث الله نبيه وأنزل كتابه ، وأحل حلاله وحرم حرامه ، فما أحل فهو حلال ، وما حرم فهو حرام ، وما سكت عنه فهو عفو ، وتلا هذه الآية : ( قل لا أجد في ما أوحي إلي محرما على طاعم يطعمه إلا أن يكون ميتة أو دما مسفوحا ) إلى آخر الآية .وهذا لفظ ابن مردويه . ورواه أبو داود منفردا به ، عن محمد بن داود بن صبيح ، عن أبي نعيم به . وقال الحاكم : هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه .وقال الإمام أحمد : حدثنا عفان ، حدثنا أبو عوانة ، عن سماك بن حرب ، عن عكرمة ، عن ابن عباس قال : ماتت شاة لسودة بنت زمعة ، فقالت : يا رسول الله ، ماتت فلانة - تعني الشاة - قال : " فلم لا أخذتم مسكها؟ " قالت : نأخذ مسك شاة قد ماتت؟ ! فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إنما قال الله : ( قل لا أجد في ما أوحي إلي محرما على طاعم يطعمه إلا أن يكون ميتة أو دما مسفوحا أو لحم خنزير ) وإنكم لا تطعمونه ، أن تدبغوه فتنتفعوا به " فأرسلت فسلخت مسكها فدبغته ، فاتخذت منه قربة ، حتى تخرقت عندها .ورواه البخاري والنسائي ، من حديث الشعبي ، عن عكرمة ، عن ابن عباس ، عن سودة بنت زمعة ، بذلك أو نحوه .وقال سعيد بن منصور : حدثنا عبد العزيز بن محمد ، عن عيسى بن نميلة الفزاري ، عن أبيه قال : كنت عند ابن عمر ، فسأله رجل عن أكل القنفذ ، فقرأ عليه : ( قل لا أجد في ما أوحي إلي محرما على طاعم يطعمه إلا أن يكون ميتة أو دما مسفوحا أو لحم خنزير ) الآية ، فقال شيخ عنده : سمعت أبا هريرة يقول : ذكر عند النبي صلى الله عليه وسلم فقال : " خبيث من الخبائث " فقال ابن عمر : إن كان النبي صلى الله عليه وسلم قاله فهو كما قال .ورواه أبو داود ، عن أبي ثور ، عن سعيد بن منصور ، به .وقوله تعالى : ( فمن اضطر غير باغ ولا عاد ) أي : فمن اضطر إلى أكل شيء مما حرم في هذه الآية الكريمة ، وهو غير متلبس ببغي ولا عدوان ، ( فإن ربك غفور رحيم ) أي : غفور له ، رحيم به .وقد تقدم تفسير هذه الآية في سورة البقرة بما فيه كفاية .والمقصود من سياق هذه الآية الكريمة الرد على المشركين الذين ابتدعوا ما ابتدعوه ، من تحريم المحرمات على أنفسهم بآرائهم الفاسدة من البحيرة والسائبة والوصيلة والحام ونحو ذلك ، فأمر الله رسوله أن يخبرهم أنه لا يجد فيما أوحاه الله إليه أن ذلك محرم ، وإنما حرم ما ذكر في هذه الآية ، من الميتة ، والدم المسفوح ، ولحم الخنزير ، وما أهل لغير الله به . وما عدا ذلك فلم يحرم ، وإنما هو عفو مسكوت عنه ، فكيف تزعمون أنتم أنه حرام ، ومن أين حرمتموه ولم يحرمه الله ؟ وعلى هذا فلا يبقى تحريم أشياء أخر فيما بعد هذا ، كما جاء النهي عن لحوم الحمر ولحوم السباع ، وكل ذي مخلب من الطير ، على المشهور من مذاهب العلماء .
وَ عَلَى الَّذِیْنَ هَادُوْا حَرَّمْنَا كُلَّ ذِیْ ظُفُرٍۚ-وَ مِنَ الْبَقَرِ وَ الْغَنَمِ حَرَّمْنَا عَلَیْهِمْ شُحُوْمَهُمَاۤ اِلَّا مَا حَمَلَتْ ظُهُوْرُهُمَاۤ اَوِ الْحَوَایَاۤ اَوْ مَا اخْتَلَطَ بِعَظْمٍؕ-ذٰلِكَ جَزَیْنٰهُمْ بِبَغْیِهِمْ ﳲ وَ اِنَّا لَصٰدِقُوْنَ(۱۴۶)
اور یہودیوں پر ہم نے حرام کیا ہر ناخن والا جانور (ف۳۰۱) اور گائے اور بکری کی چربی ان پر حرام کی مگر جو ان کی پیٹھ میں لگی ہو یا آنت یا ہڈی سے ملی ہو، ہم نے یہ ان کی سرکشی کا بدلہ دیا (ف۳۰۲) اور بیشک ہم ضرور سچے ہیں،
قال ابن جرير : يقول تعالى : وحرمنا على اليهود ( كل ذي ظفر ) وهو البهائم والطير ما لم يكن مشقوق الأصابع ، كالإبل والنعام والأوز والبط . قال علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس : ( وعلى الذين هادوا حرمنا كل ذي ظفر ) وهو البعير والنعامة . وكذا قال مجاهد ، والسدي في رواية .وقال سعيد بن جبير : هو الذي ليس بمنفرج الأصابع ، وفي رواية عنه : كل شيء متفرق الأصابع ، ومنه الديك .وقال قتادة في قوله : ( وعلى الذين هادوا حرمنا كل ذي ظفر ) وكان يقال : البعير والنعامة وأشياء من الطير والحيتان . وفي رواية : البعير والنعامة ، وحرم عليهم من الطير : البط وشبهه ، وكل شيء ليس بمشقوق الأصابع .وقال ابن جريج : عن مجاهد : ( كل ذي ظفر ) قال : النعامة والبعير ، شقا شقا . قلت للقاسم بن أبي بزة وحدثنيه : ما " شقا شقا " ؟ قال : كل ما لا يفرج من قول البهائم . قال : وما انفرج أكلته اليهود قال : انفرجت قوائم البهائم والعصافير ، قال : فيهود تأكلها . قال : ولم تنفرج قائمة البعير ، خفه ، ولا خف النعامة ولا قائمة الوز ، فلا تأكل اليهود الإبل ولا النعام ولا الوز ، ولا كل شيء لم تنفرج قائمته ، ولا تأكل حمار وحش .وقوله : ( ومن البقر والغنم حرمنا عليهم شحومهما ) قال السدي : يعني الثرب وشحم الكليتين . وكانت اليهود تقول : إنه حرمه إسرائيل فنحن نحرمه . وكذا قال ابن زيد .وقال قتادة : الثرب وكل شحم كان كذلك ليس في عظم .وقال علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس : ( إلا ما حملت ظهورهما ) يعني : ما علق بالظهر من الشحوم .وقال السدي وأبو صالح : الألية ، مما حملت ظهورهما .وقوله : ( أو الحوايا ) قال الإمام أبو جعفر بن جرير : ( الحوايا ) جمع ، واحدها حاوياء ، وحاوية وحوية وهو ما تحوى من البطن فاجتمع واستدار ، وهي بنات اللبن ، وهي " المباعر " ، وتسمى " المرابض " ، وفيها الأمعاء .قال : ومعنى الكلام : ومن البقر والغنم حرمنا عليهم شحومهما ، إلا ما حملت ظهورهما ، أو ما حملت الحوايا .وقال علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس : ( أو الحوايا ) وهي المبعر .وقال مجاهد : ( الحوايا ) المبعر ، والمربض . وكذا قال سعيد بن جبير ، والضحاك ، وقتادة ، وأبو مالك ، والسدي .وقال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم : ( الحوايا ) المرابض التي تكون فيها الأمعاء ، تكون وسطها ، وهي بنات اللبن ، وهي في كلام العرب تدعى المرابض .وقوله تعالى : ( أو ما اختلط بعظم ) أي : وإلا ما اختلط من الشحوم بالعظام فقد أحللناه لهم .وقال ابن جريج : شحم الألية اختلط بالعصعص ، فهو حلال . وكل شيء في القوائم والجنب والرأس والعين وما اختلط بعظم ، فهو حلال ، ونحوه قال السدي .وقوله تعالى : ( ذلك جزيناهم ببغيهم ) أي : هذا التضييق إنما فعلناه بهم وألزمناهم به ، مجازاة لهم على بغيهم ومخالفتهم أوامرنا ، كما قال تعالى : ( فبظلم من الذين هادوا حرمنا عليهم طيبات أحلت لهم وبصدهم عن سبيل الله كثيرا ) [ النساء : 160 ] .وقوله : ( وإنا لصادقون ) أي : وإنا لعادلون فيما جزيناهم به .وقال ابن جرير : وإنا لصادقون فيما أخبرناك به يا محمد من تحريمنا ذلك عليهم ، لا كما زعموا من أن إسرائيل هو الذي حرمه على نفسه ، والله أعلم .وقال عبد الله بن عباس : بلغ عمر بن الخطاب ، رضي الله عنه ، أن سمرة باع خمرا ، فقال : قاتل الله سمرة ! ألم يعلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " لعن الله اليهود ، حرمت عليهم الشحوم فجملوها فباعوها "أخرجاه من حديث سفيان بن عيينة ، عن عمرو بن دينار ، عن طاوس ، عن ابن عباس ، عن عمر ، به .وقال الليث : حدثني يزيد بن أبي حبيب قال : قال عطاء بن أبي رباح : سمعت جابر بن عبد الله يقول : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول عام الفتح : " إن الله ورسوله حرم بيع الخمر والميتة والخنزير والأصنام " فقيل : يا رسول الله ، أرأيت شحوم الميتة ، فإنه يدهن بها الجلود ويطلى بها السفن ، ويستصبح بها الناس . فقال : " لا هو حرام " ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم عند ذلك : " قاتل الله اليهود ، إن الله لما حرم عليهم شحومها جملوه ، ثم باعوه وأكلوا ثمنه "رواه الجماعة من طرق ، عن يزيد بن أبي حبيب ، به .وقال الزهري ، عن سعيد بن المسيب ، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " قاتل الله اليهود ! حرمت عليهم الشحوم ، فباعوها وأكلوا ثمنه "ورواه البخاري ومسلم جميعا ، عن عبدان ، عن ابن المبارك ، عن يونس ، عن الزهري ، به .وقال ابن مردويه : حدثنا محمد بن عبد الله بن إبراهيم ، حدثنا إسماعيل بن إسحاق ، حدثنا سليمان بن حرب ، حدثنا وهيب ، حدثنا خالد الحذاء ، عن بركة أبي الوليد ، عن ابن عباس ; أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان قاعدا خلف المقام ، فرفع بصره إلى السماء فقال : " لعن الله اليهود - ثلاثا - إن الله حرم عليهم الشحوم ، فباعوها وأكلوا ثمنها ، إن الله لم يحرم على قوم أكل شيء إلا حرم عليهم ثمنه "وقال الإمام أحمد : حدثنا علي بن عاصم ، أنبأنا خالد الحذاء ، عن بركة أبي الوليد ، أنبأنا ابن عباس قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم قاعدا في المسجد مستقبلا الحجر ، فنظر إلى السماء فضحك ، ثم قال : " لعن الله اليهود ، حرمت عليهم الشحوم فباعوها وأكلوا أثمانها ، وإن الله إذا حرم على قوم أكل شيء حرم عليهم ثمنه "ورواه أبو داود ، من حديث خالد الحذاء .وقال الأعمش ، عن جامع بن شداد ، عن كلثوم ، عن أسامة بن زيد قال : دخلنا على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو مريض نعوده ، فوجدناه نائما قد غطى وجهه ببرد عدني ، فكشف عن وجهه وقال : لعن الله اليهود يحرمون شحوم الغنم ويأكلون أثمانها " ، وفي رواية : " حرمت عليهم الشحوم فباعوها وأكلوا أثمانها "
فَاِنْ كَذَّبُوْكَ فَقُلْ رَّبُّكُمْ ذُوْ رَحْمَةٍ وَّاسِعَةٍۚ-وَ لَا یُرَدُّ بَاْسُهٗ عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِیْنَ(۱۴۷)
پھر اگر وہ تمہیں جھٹلائیں تو تم فرماؤ کہ تمہارا رب وسیع رحمت والا ہے (ف۳۰۳) اور اس کا عذاب مجرموں پر سے نہیں ٹالا جاتا (ف۳۰۴)
يقول تعالى : فإن كذبك - يا محمد - مخالفوك من المشركين واليهود ومن شابههم ، فقل : ( ربكم ذو رحمة واسعة ) وهذا ترغيب لهم في ابتغاء رحمة الله الواسعة ، واتباع رسوله ، ( ولا يرد بأسه عن القوم المجرمين ) ترهيب لهم من مخالفتهم الرسول خاتم النبيين . وكثيرا ما يقرن الله تعالى بين الترغيب والترهيب في القرآن ، كما قال تعالى في آخر هذه السورة : ( إن ربك سريع العقاب وإنه لغفور رحيم ) [ الآية : 165 ] ، وقال ( وإن ربك لذو مغفرة للناس على ظلمهم وإن ربك لشديد العقاب ) [ الرعد : 6 ] ، وقال تعالى : ( نبئ عبادي أني أنا الغفور الرحيم وأن عذابي هو العذاب الأليم ) [ الحجر : 49 ، 50 ] ، وقال تعالى : ( غافر الذنب وقابل التوب شديد العقاب ) [ غافر : 3 ] ، وقال تعالى : ( إن بطش ربك لشديد إنه هو يبدئ ويعيد وهو الغفور الودود ) [ البروج : 12 - 14 ] ، والآيات في هذا كثيرة جدا .
سَیَقُوْلُ الَّذِیْنَ اَشْرَكُوْا لَوْ شَآءَ اللّٰهُ مَاۤ اَشْرَكْنَا وَ لَاۤ اٰبَآؤُنَا وَ لَا حَرَّمْنَا مِنْ شَیْءٍؕ-كَذٰلِكَ كَذَّبَ الَّذِیْنَ مِنْ قَبْلِهِمْ حَتّٰى ذَاقُوْا بَاْسَنَاؕ-قُلْ هَلْ عِنْدَكُمْ مِّنْ عِلْمٍ فَتُخْرِجُوْهُ لَنَاؕ-اِنْ تَتَّبِعُوْنَ اِلَّا الظَّنَّ وَ اِنْ اَنْتُمْ اِلَّا تَخْرُصُوْنَ(۱۴۸)
اب کہیں گے مشرک کہ (ف۳۰۵) اللہ چاہتا تو نہ ہم شرک کرتے نہ ہمارے باپ دادا نہ ہم کچھ حرام ٹھہراتے (ف۳۰۶) ایسا ہی ان کے اگلوں نے جھٹلایا تھا یہاں تک کہ ہمارا عذاب چکھا (ف۳۰۷) تم فرماؤ کیا تمہارے پاس کوئی علم ہے کہ اسے ہمارے لیے نکالو، تم تو نرے گمان (خام خیال)کے پیچھے ہو اور تم یونہی تخمینے کرتے ہو (ف۳۰۸)
هذه مناظرة ذكرها الله تعالى وشبهة تشبثت بها المشركون في شركهم وتحريم ما حرموا; فإن الله مطلع على ما هم فيه من الشرك والتحريم لما حرموه ، وهو قادر على تغييره بأن يلهمنا الإيمان ، أو يحول بيننا وبين الكفر ، فلم يغيره ، فدل على أنه بمشيئته وإرادته ورضاه منا ذلك; ولهذا قال : ( لو شاء الله ما أشركنا ولا آباؤنا ولا حرمنا من شيء ) كما في قوله تعالى : ( وقالوا لو شاء الرحمن ما عبدناهم ما لهم بذلك من علم ) [ الزخرف : 20 ] ، وكذلك التي في " النحل " مثل هذه سواء ، قال الله تعالى : ( كذلك كذب الذين من قبلهم ) أي : بهذه الشبهة ضل من ضل قبل هؤلاء . وهي حجة داحضة باطلة; لأنها لو كانت صحيحة لما أذاقهم الله بأسه ، ودمر عليهم ، وأدال عليهم رسله الكرام ، وأذاق المشركين من أليم الانتقام .( قل هل عندكم من علم ) أي : بأن الله تعالى راض عنكم فيما أنتم فيه ( فتخرجوه لنا ) أي : فتظهروه لنا وتبينوه وتبرزوه ، ( إن تتبعون إلا الظن ) أي : الوهم والخيال . والمراد بالظن هاهنا : الاعتقاد الفاسد . ( وإن أنتم إلا تخرصون ) أي : تكذبون على الله فيما ادعيتموه .قال علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس رضي الله عنهما : ( لو شاء الله ما أشركنا ) وقال ( كذلك كذب الذين من قبلهم ) ثم قال ( ولو شاء الله ما أشركوا ) [ الأنعام : 107 ] ، فإنهم قالوا : عبادتنا الآلهة تقربنا إلى الله زلفى فأخبرهم الله أنها لا تقربهم ، وقوله : ( ولو شاء الله ما أشركوا ) ، يقول تعالى : لو شئت لجمعتهم على الهدى أجمعين .
قُلْ فَلِلّٰهِ الْحُجَّةُ الْبَالِغَةُۚ-فَلَوْ شَآءَ لَهَدٰىكُمْ اَجْمَعِیْنَ(۱۴۹)
تم فرماؤ تو اللہ ہی کی حجت پوری ہے (ف۳۰۹) تو وہ چاہتا تو سب کی ہدایت فرماتا،
وقوله تعالى : ( قل فلله الحجة البالغة فلو شاء لهداكم أجمعين ) يقول تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم : ( قل ) لهم - يا محمد : ( فلله الحجة البالغة ) أي : له الحكمة التامة ، والحجة البالغة في هداية من هدى ، وإضلال من أضل ، ( فلو شاء لهداكم أجمعين ) وكل ذلك بقدرته ومشيئته واختياره ، وهو مع ذلك يرضى عن المؤمنين ويبغض الكافرين ، كما قال تعالى : ( ولو شاء الله لجمعهم على الهدى ) [ الأنعام : 35 ] ، وقال تعالى : ( ولو شاء ربك لآمن من في الأرض كلهم جميعا ) [ يونس : 99 ] ، وقوله ( ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة ولا يزالون مختلفين إلا من رحم ربك ولذلك خلقهم وتمت كلمة ربك لأملأن جهنم من الجنة والناس أجمعين ) [ هود : 118 ، 119 ] .قال الضحاك : لا حجة لأحد عصى الله ، ولكن لله الحجة البالغة على عباده .
قُلْ هَلُمَّ شُهَدَآءَكُمُ الَّذِیْنَ یَشْهَدُوْنَ اَنَّ اللّٰهَ حَرَّمَ هٰذَاۚ-فَاِنْ شَهِدُوْا فَلَا تَشْهَدْ مَعَهُمْۚ-وَ لَا تَتَّبِـعْ اَهْوَآءَ الَّذِیْنَ كَذَّبُوْا بِاٰیٰتِنَا وَ الَّذِیْنَ لَا یُؤْمِنُوْنَ بِالْاٰخِرَةِ وَ هُمْ بِرَبِّهِمْ یَعْدِلُوْنَ۠(۱۵۰)
تم فرماؤ لاؤ اپنے وہ گواہ جو گواہی دیں کہ اللہ نے اسے حرام کیا (ف۳۱۰) پھر اگر وہ گواہی دے بیٹھیں (ف۳۱۱) تو تُو اے سننے والے! ان کے ساتھ گواہی نہ دینا اور ان کی خواہشوں کے پیچھے نہ چلنا جو ہماری آیتیں جھٹلاتے ہیں اور جو آخرت پر ایمان نہیں لاتے اور اپنے رب کا برابر والا ٹھہراتے ہیں(ف۳۱۲)
وقوله تعالى : ( قل هلم شهداءكم ) أي : أحضروا شهداءكم ( الذين يشهدون أن الله حرم هذا ) أي : هذا الذي حرمتموه وكذبتم وافتريتم على الله فيه ، ( فإن شهدوا فلا تشهد معهم ) أي : لأنهم إنما يشهدون والحالة هذه كذبا وزورا ، ( ولا تتبع أهواء الذين كذبوا بآياتنا والذين لا يؤمنون بالآخرة وهم بربهم يعدلون ) أي : يشركون به ، ويجعلون له عديلا .
قُلْ تَعَالَوْا اَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَیْكُمْ اَلَّا تُشْرِكُوْا بِهٖ شَیْــٴًـا وَّ بِالْوَالِدَیْنِ اِحْسَانًاۚ-وَ لَا تَقْتُلُوْۤا اَوْلَادَكُمْ مِّنْ اِمْلَاقٍؕ-نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَ اِیَّاهُمْۚ-وَ لَا تَقْرَبُوا الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَ مَا بَطَنَۚ-وَ لَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِیْ حَرَّمَ اللّٰهُ اِلَّا بِالْحَقِّؕ-ذٰلِكُمْ وَصّٰىكُمْ بِهٖ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُوْنَ(۱۵۱)
تم فرماؤ آؤ میں تمہیں پڑھ کر سناؤں جو تم پر تمہارے رب نے حرام کیا (ف۳۱۳) یہ کہ اس کا کوئی شریک نہ کرو اور ماں باپ کے ساتھ بھلائی کرو (ف۳۱۴) اور اپنی اولاد قتل نہ کرو مفلسی کے باعث، ہم تمہیں اور انہیں سب کو رزق دیں گے (ف۲۱۵) اور بے حیائیوں کے پاس نہ جاؤ جو ان میں کھلی ہیں اور جو چھپی (ف۳۱۶) اور جس جان کی اللہ نے حرمت رکھی اسے ناحق نہ مارو (ف۳۱۷) یہ تمہیں حکم فرمایا ہے کہ تمہیں عقل ہو
قال داود الأودي ، عن الشعبي ، عن علقمة ، عن ابن مسعود ، رضي الله عنه ، قال : من أراد أن يقرأ صحيفة رسول الله صلى الله عليه وسلم التي عليها خاتمه ، فليقرأ هؤلاء الآيات : ( قل تعالوا أتل ما حرم ربكم عليكم ألا تشركوا به شيئا ) إلى قوله : ( لعلكم تتقون ) .وقال الحاكم في مستدركه : حدثنا بكر بن محمد الصيرفي بمرو ، حدثنا عبد الصمد بن الفضل ، حدثنا مالك بن إسماعيل النهدي ، حدثنا إسرائيل ، عن أبي إسحاق ، عن عبد الله بن خليفة قال : سمعت ابن عباس يقول : في الأنعام آيات محكمات هن أم الكتاب ، ثم قرأ : ( قل تعالوا أتل ما حرم ربكم عليكم ألا تشركوا به شيئا ) .ثم قال : صحيح الإسناد ، ولم يخرجاه .قلت : ورواه زهير وقيس بن الربيع كلاهما عن أبي إسحاق ، عن عبد الله بن قيس ، عن ابن عباس ، به . والله أعلم .وروى الحاكم أيضا في مستدركه من حديث يزيد بن هارون ، عن سفيان بن حسين ، عن الزهري ، عن أبي إدريس ، عن عبادة بن الصامت قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أيكم يبايعني على ثلاث؟ " - ثم تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( قل تعالوا أتل ما حرم ربكم عليكم ) حتى فرغ من الآيات - فمن وفى فأجره على الله ، ومن انتقص منهن شيئا فأدركه الله به في الدنيا كانت عقوبته ومن أخر إلى الآخرة فأمره إلى الله ، إن شاء عذبه وإن شاء عفا عنه "ثم قال : صحيح الإسناد ، ولم يخرجاه . وإنما اتفقا على حديث الزهري ، عن أبي إدريس ، عن عبادة : " بايعوني على ألا تشركوا بالله شيئا " الحديث . وقد روى سفيان بن حسين كلا الحديثين ، فلا ينبغي أن ينسب إلى الوهم في أحد الحديثين إذا جمع بينهما ، والله أعلم .وأما تفسيرها فيقول تعالى لنبيه ورسوله محمد صلى الله عليه وسلم : قل يا محمد - لهؤلاء المشركين الذين أشركوا وعبدوا غير الله ، وحرموا ما رزقهم الله ، وقتلوا أولادهم وكل ذلك فعلوه بآرائهم وتسويل الشياطين لهم ، ( قل ) لهم ( تعالوا ) أي : هلموا وأقبلوا : ( أتل ما حرم ربكم عليكم ) أي : أقص عليكم وأخبركم بما حرم ربكم عليكم حقا لا تخرصا ، ولا ظنا ، بل وحيا منه وأمرا من عنده : ( ألا تشركوا به شيئا ) وكأن في الكلام محذوفا دل عليه السياق ، وتقديره : وأوصاكم ( ألا تشركوا به شيئا ) ; ولهذا قال في آخر الآية : ( ذلكم وصاكم به لعلكم تعقلون ) وكما قال الشاعر :حج وأوصى بسليمى الأعبدا أن لا ترى ولا تكلم أحدا ولا يزل شرابها مبرداوتقول العرب : أمرتك ألا تقوم .وفي الصحيحين من حديث أبي ذر ، رضي الله عنه ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أتاني جبريل فبشرني أنه من مات لا يشرك بالله شيئا من أمتك ، دخل الجنة . قلت : وإن زنا وإن سرق؟ قال : وإن زنا وإن سرق . قلت : وإن زنا وإن سرق؟ قال : وإن زنا وإن سرق . قلت : وإن زنا وإن سرق؟ قال : وإن زنا وإن سرق ، وإن شرب الخمر " : وفي بعض الروايات أن القائل ذلك إنما هو أبو ذر لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأنه عليه السلام قال في الثالثة : " وإن رغم أنف أبي ذر " فكان أبو ذر يقول بعد تمام الحديث : وإن رغم أنف أبي ذر .وفي بعض المسانيد والسنن عن أبي ذر رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " يقول الله تعالى : يا ابن آدم ، إنك ما دعوتني ورجوتني فإني أغفر لك على ما كان منك ولا أبالي ، ولو أتيتني بقراب الأرض خطيئة أتيتك بقرابها مغفرة ما لم تشرك بي شيئا ، وإن أخطأت حتى تبلغ خطاياك عنان السماء ثم استغفرتني ، غفرت لك "ولهذا شاهد في القرآن ، قال الله تعالى : ( إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء ) [ النساء : 48 ، 116 ] .وفي صحيح مسلم عن ابن مسعود : " من مات لا يشرك بالله شيئا ، دخل الجنة " والآيات والأحاديث في هذا كثيرة جدا .وروى ابن مردويه من حديث عبادة وأبي الدرداء : " لا تشركوا بالله شيئا ، وإن قطعتم أو صلبتم أو حرقتم "وقال ابن أبي حاتم : حدثنا محمد بن عوف الحمصي ، حدثنا ابن أبي مريم ، حدثنا نافع بن يزيد حدثني سيار بن عبد الرحمن ، عن يزيد بن قوذر ، عن سلمة بن شريح ، عن عبادة بن الصامت قال : أوصانا رسول الله صلى الله عليه وسلم بسبع خصال : " ألا تشركوا بالله شيئا ، وإن حرقتم وقطعتم وصلبتم "وقوله تعالى : ( وبالوالدين إحسانا ) أي : وأوصاكم وأمركم بالوالدين إحسانا ، أي : أن تحسنوا إليهم ، كما قال تعالى : ( وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا ) [ الإسراء : 23 ] .وقرأ بعضهم : " ووصى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا "والله تعالى كثيرا ما يقرن بين طاعته وبر الوالدين ، كما قال : ( أن اشكر لي ولوالديك إلي المصير وإن جاهداك على أن تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما وصاحبهما في الدنيا معروفا واتبع سبيل من أناب إلي ثم إلي مرجعكم فأنبئكم بما كنتم تعملون ) [ لقمان : 14 ، 15 ] . فأمر بالإحسان إليهما ، وإن كانا مشركين بحسبهما ، وقال تعالى : ( وإذ أخذنا ميثاق بني إسرائيل لا تعبدون إلا الله وبالوالدين إحسانا ) الآية . [ البقرة : 83 ] . والآيات في هذا كثيرة . وفي الصحيحين عن ابن مسعود ، رضي الله عنه ، قال : سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم : أي العمل أحب إلى الله؟ قال : " الصلاة على وقتها " قلت : ثم أي ؟ قال : " بر الوالدين " قلت : ثم أي ؟ قال : " الجهاد في سبيل الله " قال ابن مسعود : حدثني بهن رسول الله صلى الله عليه وسلم ولو استزدته لزادني .وروى الحافظ أبو بكر بن مردويه بسنده عن أبي الدرداء ، وعن عبادة بن الصامت ، كل منهما يقول : أوصاني خليلي صلى الله عليه وسلم : " أطع والديك ، وإن أمراك أن تخرج لهما من الدنيا ، فافعل "ولكن في إسناديهما ضعف ، والله أعلم .وقوله تعالى : ( ولا تقتلوا أولادكم من إملاق نحن نرزقكم وإياهم ) لما أوصى تعالى ببر الآباء والأجداد ، عطف على ذلك الإحسان إلى الأبناء والأحفاد ، فقال تعالى : ( ولا تقتلوا أولادكم من إملاق ) وذلك أنهم كانوا يقتلون أولادهم كما سولت لهم الشياطين ذلك ، فكانوا يئدون البنات خشية العار ، وربما قتلوا بعض الذكور خيفة الافتقار; ولهذا جاء في الصحيحين ، من حديث عبد الله بن مسعود ، رضي الله عنه ، قلت : يا رسول الله ، أي الذنب أعظم؟ قال : " أن تجعل لله ندا وهو خلقك " قلت : ثم أي ؟ قال : " أن تقتل ولدك خشية أن يطعم معك " قلت : ثم أي؟ قال : " أن تزاني حليلة جارك " ثم تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( والذين لا يدعون مع الله إلها آخر ولا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق ولا يزنون ومن يفعل ذلك يلق أثاما ) [ الفرقان : 68 ] .وقوله : ( من إملاق ) قال ابن عباس ، وقتادة ، والسدي : هو الفقر ، أي : ولا تقتلوهم من فقركم الحاصل ، وقال في سورة " سبحان " : ( ولا تقتلوا أولادكم خشية إملاق ) [ الإسراء : 31 ] ، أي : خشية حصول فقر ، في الآجل; ولهذا قال هناك : ( نحن نرزقهم وإياكم ) فبدأ برزقهم للاهتمام بهم ، أي : لا تخافوا من فقركم بسببهم ، فرزقهم على الله . وأما في هذه الآية فلما كان الفقر حاصلا قال : ( نحن نرزقكم وإياهم ) ; لأنه الأهم هاهنا ، والله أعلم .وقوله تعالى : ( ولا تقربوا الفواحش ما ظهر منها وما بطن ) كقوله تعالى : ( قل إنما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن والإثم والبغي بغير الحق وأن تشركوا بالله ما لم ينزل به سلطانا وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون ) [ الأعراف : 33 ] . وقد تقدم تفسيرها في قوله : ( وذروا ظاهر الإثم وباطنه ) [ الأنعام : 12 ] .وفي الصحيحين ، عن ابن مسعود ، رضي الله عنه ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لا أحد أغير من الله ، من أجل ذلك حرم الفواحش ما ظهر منها وما بطن "وقال عبد الملك بن عمير ، عن وراد ، عن مولاه المغيرة قال : قال سعد بن عبادة : لو رأيت مع امرأتي رجلا لضربته بالسيف غير مصفح . فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : " أتعجبون من غيرة سعد ! فوالله لأنا أغير من سعد ، والله أغير مني ، من أجل ذلك حرم الفواحش ما ظهر منها وما بطن " أخرجاه .وقال كامل أبو العلاء ، عن أبي صالح ، عن أبي هريرة قال : قيل : يا رسول الله ، إنا نغار . قال : " والله إني لأغار ، والله أغير مني ، ومن غيرته نهى عن الفواحش "رواه ابن مردويه ، ولم يخرجه أحد من أصحاب الكتب الستة ، وهو على شرط الترمذي ، فقد روي بهذا السند : " أعمار أمتي ما بين الستين إلى السبعين "وقوله تعالى : ( ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق ) وهذا مما نص تبارك وتعالى على النهي عنه تأكيدا ، وإلا فهو داخل في النهي عن الفواحش ما ظهر منها وما بطن ، فقد جاء في الصحيحين ، عن ابن مسعود ، رضي الله عنه ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لا يحل دم امرئ مسلم يشهد أن لا إله إلا الله ، وأني رسول الله إلا بإحدى ثلاث : الثيب الزاني ، والنفس بالنفس ، والتارك لدينه المفارق للجماعة "وفي لفظ لمسلم والذي لا إله غيره لا يحل دم رجل مسلم . . " وذكره ، قال الأعمش : فحدثت به إبراهيم ، فحدثني عن الأسود ، عن عائشة رضي الله عنها ، بمثله .وروى أبو داود ، والنسائي ، عن عائشة ، رضي الله عنها; أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " لا يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث خصال : زان محصن يرجم ، ورجل قتل رجلا متعمدا فيقتل ، ورجل يخرج من الإسلام حارب الله ورسوله ، فيقتل أو يصلب أو ينفى من الأرض " وهذا لفظ النسائي .وعن أمير المؤمنين عثمان بن عفان ، رضي الله عنه ، أنه قال وهو محصور : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " لا يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث : رجل كفر بعد إسلامه ، أو زنا بعد إحصانه ، أو قتل نفسا بغير نفس " فوالله ما زنيت في جاهلية ولا إسلام ، ولا تمنيت أن لي بديني بدلا منه بعد إذ هداني الله ، ولا قتلت نفسا ، فبم تقتلونني . رواه الإمام أحمد ، والترمذي ، والنسائي ، وابن ماجه . وقال الترمذي : هذا حديث حسن .وقد جاء النهي والزجر والوعيد في قتل المعاهد - وهو المستأمن من أهل الحرب - كما رواه البخاري ، عن عبد الله بن عمرو ، رضي الله عنهما ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " من قتل معاهدا لم يرح رائحة الجنة ، وإن ريحها توجد من مسيرة أربعين عاما "وعن أبي هريرة ، رضي الله عنه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " من قتل معاهدا له ذمة الله وذمة رسوله ، فقد أخفر بذمة الله ، فلا يرح رائحة الجنة ، وإن ريحها ليوجد من مسيرة سبعين خريفا "رواه ابن ماجه ، والترمذي وقال : حسن صحيح .وقوله : ( ذلكم وصاكم به لعلكم تعقلون ) أي : هذا ما وصاكم به لعلكم تعقلون عنه أمره ونهيه .
وَ لَا تَقْرَبُوْا مَالَ الْیَتِیْمِ اِلَّا بِالَّتِیْ هِیَ اَحْسَنُ حَتّٰى یَبْلُغَ اَشُدَّهٗۚ-وَ اَوْفُوا الْكَیْلَ وَ الْمِیْزَانَ بِالْقِسْطِۚ-لَا نُكَلِّفُ نَفْسًا اِلَّا وُسْعَهَاۚ-وَ اِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوْا وَ لَوْ كَانَ ذَا قُرْبٰىۚ-وَ بِعَهْدِ اللّٰهِ اَوْفُوْاؕ-ذٰلِكُمْ وَصّٰىكُمْ بِهٖ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُوْنَۙ(۱۵۲)
اور یتیموں کے مال کے پاس نہ جاؤ مگر بہت اچھے طریقہ سے (ف۳۱۸) جب تک وہ اپنی جوانی کو پہنچے (ف۳۱۹) اور ناپ اور تول انصاف کے ساتھ پوری کرو، ہم کسی جان پر بوجھ نہیں ڈالتے مگر اس کے مقدور بھر، اور جب بات کہو تو انصاف کی کہو اگرچہ تمہارے رشتہ دار کا معاملہ ہو اور اللہ ہی کا عہد پورا کرو، یہ تمہیں تاکید فرمائی کہ کہیں تم نصیحت مانو،
قال عطاء بن السائب ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس قال : لما أنزل الله : ( ولا تقربوا مال اليتيم إلا بالتي هي أحسن ) و إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما ) الآية [ النساء : 10 ] ، فانطلق من كان عنده يتيم فعزل طعامه من طعامه وشرابه من شرابه ، فجعل يفضل الشيء فيحبس له حتى يأكله ويفسد . فاشتد ذلك عليهم ، فذكروا ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأنزل الله عز وجل : ( ويسألونك عن اليتامى قل إصلاح لهم خير وإن تخالطوهم فإخوانكم ) [ البقرة : 220 ] ، قال : فخلطوا طعامهم بطعامهم ، وشرابهم بشرابهم . رواه أبو داود .وقوله : ( حتى يبلغ أشده ) قال الشعبي ، ومالك ، وغير واحد من السلف : يعني : حتى يحتلم .وقال السدي : حتى يبلغ ثلاثين سنة ، وقيل : أربعون سنة ، وقيل : ستون سنة . قال : وهذا كله بعيد هاهنا ، والله أعلم .وقوله : ( وأوفوا الكيل والميزان بالقسط ) يأمر تعالى بإقامة العدل في الأخذ والإعطاء ، كما توعد على تركه في قوله تعالى : ( ويل للمطففين الذين إذا اكتالوا على الناس يستوفون وإذا كالوهم أو وزنوهم يخسرون ألا يظن أولئك أنهم مبعوثون ليوم عظيم يوم يقوم الناس لرب العالمين ) [ المطففين : 1 - 6 ] . وقد أهلك الله أمة من الأمم كانوا يبخسون المكيال والميزان .وفي كتاب الجامع لأبي عيسى الترمذي ، من حديث الحسين بن قيس أبي علي الرحبي ، عن عكرمة ، عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحاب الكيل والميزان : " إنكم وليتم أمرا هلكت فيه الأمم السالفة قبلكم . ثم قال : لا نعرفه مرفوعا إلا من حديث الحسين ، وهو ضعيف في الحديث ، وقد روي بإسناد صحيح عن ابن عباس موقوفا .قلت : وقد رواه ابن مردويه في تفسيره ، من حديث شريك ، عن الأعمش ، عن سالم بن أبي الجعد ، عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إنكم معشر الموالي قد بشركم الله بخصلتين بها هلكت القرون المتقدمة : المكيال والميزان .وقوله تعالى : ( لا نكلف نفسا إلا وسعها ) أي : من اجتهد في أداء الحق وأخذه ، فإن أخطأ بعد استفراغ وسعه وبذل جهده فلا حرج عليه .وقد روى ابن مردويه من حديث بقية ، عن مبشر بن عبيد ، عن عمرو بن ميمون بن مهران ، عن أبيه ، عن سعيد بن المسيب قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( وأوفوا الكيل والميزان بالقسط لا نكلف نفسا إلا وسعها ) فقال : " من أوفى على يده في الكيل والميزان ، والله يعلم صحة نيته بالوفاء فيهما ، لم يؤاخذ " وذلك تأويل ( وسعها ) هذا مرسل غريب .وقوله : ( وإذا قلتم فاعدلوا ولو كان ذا قربى ) كما قال تعالى : ( ياأيها الذين آمنوا كونوا قوامين بالقسط شهداء لله ولو على أنفسكم ) [ المائدة : 8 ] ، وكذا التي تشبهها في سورة النساء [ الآية : 135 ] ، يأمر تعالى بالعدل في الفعال والمقال ، على القريب والبعيد ، والله تعالى يأمر بالعدل لكل أحد ، في كل وقت ، وفي كل حال .وقوله : ( وبعهد الله أوفوا ) قال ابن جرير : يقول وبوصية الله التي أوصاكم بها فأوفوا . وإيفاء ذلك : أن تطيعوه فيما أمركم ونهاكم ، وتعملوا بكتابه وسنة رسوله ، وذلك هو الوفاء بعهد الله .ذلكم وصاكم به لعلكم تذكرون ) يقول تعالى : هذا وصاكم به ، وأمركم به ، وأكد عليكم فيه ( لعلكم تذكرون ) أي : تتعظون وتنتهون عما كنتم فيه قبل هذا ، وقرأ بعضهم بتشديد " الذال " ، وآخرون بتخفيفها .
وَ اَنَّ هٰذَا صِرَاطِیْ مُسْتَقِیْمًا فَاتَّبِعُوْهُۚ-وَ لَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِیْلِهٖؕ-ذٰلِكُمْ وَصّٰىكُمْ بِهٖ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُوْنَ(۱۵۳)
اور یہ کہ (ف۳۲۰) یہ ہے میرا سیدھا راستہ تو اس پر چلو اور اور راہیں نہ چلو (ف۳۲۱) کہ تمہیں اس کی راہ سے جدا کردیں گی، یہ تمہیں حکم فرمایا کہ کہیں تمہیں پرہیزگاری ملے،
قال علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس قوله : ( فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله ) وقوله ( أقيموا الدين ولا تتفرقوا فيه ) [ الشورى : 13 ] ، ونحو هذا في القرآن ، قال : أمر الله المؤمنين بالجماعة ، ونهاهم عن الاختلاف والفرقة ، وأخبرهم أنه إنما هلك من كان قبلهم بالمراء والخصومات في دين الله ونحو هذا . قاله مجاهد ، وغير واحد .وقال الإمام أحمد بن حنبل : حدثنا الأسود بن عامر : شاذان ، حدثنا أبو بكر - هو ابن عياش - عن عاصم - هو ابن أبي النجود - عن أبي وائل ، عن عبد الله - هو ابن مسعود ، رضي الله عنه - قال : خط رسول الله صلى الله عليه وسلم خطا بيده ، ثم قال : " هذا سبيل الله مستقيما " وخط على يمينه وشماله ، ثم قال : " هذه السبل ليس منها سبيل إلا عليه شيطان يدعو إليه " ثم قرأ : ( وأن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله ) .وكذا رواه الحاكم ، عن الأصم ، عن أحمد بن عبد الجبار ، عن أبي بكر بن عياش ، به . وقال : صحيح الإسناد ولم يخرجاه .وهكذا رواه أبو جعفر الرازي ، وورقاء وعمرو بن أبي قيس ، عن عاصم ، عن أبي وائل شقيق بن سلمة ، عن ابن مسعود به مرفوعا نحوه .وكذا رواه يزيد بن هارون ومسدد والنسائي ، عن يحيى بن حبيب بن عربي - وابن حبان ، من حديث ابن وهب - أربعتهم عن حماد بن زيد ، عن عاصم ، عن أبي وائل ، عن ابن مسعود ، به .وكذا رواه ابن جرير ، عن المثنى ، عن الحماني ، عن حماد بن زيد ، به .ورواه الحاكم عن أبي بكر بن إسحاق ، عن إسماعيل بن إسحاق القاضي ، عن سليمان بن حرب ، عن حماد بن زيد ، به كذلك . وقال : صحيح ولم يخرجاه .وقد روى هذا الحديث النسائي والحاكم ، من حديث أحمد بن عبد الله بن يونس ، عن أبي بكر بن عياش ، عن عاصم ، عن زر ، عن عبد الله بن مسعود . به مرفوعا .وكذا رواه الحافظ أبو بكر بن مردويه من حديث يحيى الحماني ، عن أبي بكر بن عياش ، عن عاصم ، عن زر ، به .فقد صححه الحاكم كما رأيت من الطريقين ، ولعل هذا الحديث عند عاصم بن أبي النجود ، عن زر ، وعن أبي وائل شقيق بن سلمة كلاهما عن ابن مسعود ، به ، والله أعلم .قال الحاكم : وشاهد هذا الحديث حديث الشعبي عن جابر ، من وجه غير معتمد .يشير إلى الحديث الذي قال الإمام أحمد ، وعبد بن حميد جميعا - واللفظ لأحمد - حدثنا عبد الله بن محمد - وهو أبو بكر بن أبي شيبة - أنبأنا أبو خالد الأحمر ، عن مجالد ، عن الشعبي ، عن جابر قال : كنا جلوسا عند النبي صلى الله عليه وسلم ، فخط خطا هكذا أمامه ، فقال : " هذا سبيل الله " وخطين عن يمينه ، وخطين عن شماله ، وقال : " هذه سبيل الشيطان " ثم وضع يده في الخط الأوسط ، ثم تلا هذه الآية : ( وأن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله ذلكم وصاكم به لعلكم تتقون ) .ورواه ابن ماجه في كتاب السنة من سننه ، والبزار عن أبي سعيد بن عبد الله بن سعيد ، عن أبي خالد الأحمر ، به .قلت : ورواه الحافظ ابن مردويه من طريقين ، عن أبي سعيد الكندي ، حدثنا أبو خالد ، عن مجالد ، عن الشعبي ، عن جابر قال : خط رسول الله صلى الله عليه وسلم خطا ، وخط عن يمينه خطا ، وخط عن يساره خطا ، ووضع يده على الخط الأوسط وتلا هذه الآية : ( وأن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ) .ولكن العمدة على حديث ابن مسعود ، مع ما فيه من الاختلاف إن كان مؤثرا ، وقد روي موقوفا عليه .وقال ابن جرير : حدثنا محمد بن عبد الأعلى ، حدثنا محمد بن ثور ، عن معمر ، عن أبان; أن رجلا قال لابن مسعود : ما الصراط المستقيم؟ قال : تركنا محمد صلى الله عليه وسلم في أدناه ، وطرفه في الجنة ، وعن يمينه جواد ، وعن يساره جواد ، وثم رجال يدعون من مر بهم . فمن أخذ في تلك الجواد انتهت به إلى النار ، ومن أخذ على الصراط انتهى به إلى الجنة . ثم قرأ ابن مسعود : ( وأن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله ) الآية .وقال ابن مردويه : حدثنا أبو عمرو ، حدثنا محمد بن عبد الوهاب ، حدثنا آدم ، حدثنا إسماعيل بن عياش ، حدثنا أبان بن عياش ، عن مسلم بن أبي عمران ، عن عبد الله بن عمر : سأل عبد الله عن الصراط المستقيم ، فقال له ابن مسعود : تركنا محمد صلى الله عليه وسلم في أدناه ، وطرفه في الجنة ، وذكر تمام الحديث كما تقدم ، والله أعلم .وقد روي من حديث النواس بن سمعان نحوه ، قال الإمام أحمد : حدثنا الحسن بن سوار أبو العلاء ، حدثنا ليث - يعني ابن سعد - عن معاوية بن صالح ; أن عبد الرحمن بن جبير بن نفير حدثه ، عن أبيه ، عن النواس بن سمعان ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " ضرب الله مثلا صراطا مستقيما ، وعن جنبتي الصراط سوران ، فيهما أبواب مفتحة ، وعلى الأبواب ستور مرخاة ، وعلى باب الصراط داع يقول : أيها الناس ، ادخلوا الصراط المستقيم جميعا ، ولا تتفرجوا ، وداع يدعو من جوف الصراط ، فإذا أراد الإنسان أن يفتح شيئا من تلك الأبواب قال : ويحك . لا تفتحه ، فإنك إن تفتحه تلجه ، فالصراط الإسلام ، والسوران حدود الله ، والأبواب المفتحة محارم الله ، وذلك الداعي على رأس الصراط كتاب الله ، والداعي من فوق الصراط واعظ الله في قلب كل مسلم " .ورواه الترمذي والنسائي ، عن علي بن حجر - زاد النسائي - وعمرو بن عثمان ، كلاهما عن بقية بن الوليد ، عن بحير بن سعد ، عن خالد بن معدان ، عن جبير بن نفير ، عن النواس بن سمعان ، به . وقال الترمذي : حسن غريب .وقوله : ( فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله ) إنما وحد سبحانه سبيله لأن الحق واحد; ولهذا جمع لتفرقها وتشعبها ، كما قال تعالى : ( الله ولي الذين آمنوا يخرجهم من الظلمات إلى النور والذين كفروا أولياؤهم الطاغوت يخرجونهم من النور إلى الظلمات أولئك أصحاب النار هم فيها خالدون ) [ البقرة : 257 ] .قال ابن أبي حاتم : حدثنا أحمد بن سنان الواسطي ، حدثنا يزيد بن هارون ، حدثنا سفيان بن حسين ، عن الزهري ، عن أبي إدريس الخولاني ، عن عبادة بن الصامت قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أيكم يبايعني على هذه الآيات الثلاث؟ " ثم تلا ( قل تعالوا أتل ما حرم ربكم عليكم ) حتى فرغ من ثلاث الآيات ، ثم قال : " ومن وفى بهن ، أجره على الله ، ومن انتقص منهن شيئا أدركه الله في الدنيا كانت عقوبته ، ومن أخره إلى الآخرة كان أمره إلى الله إن شاء أخذه ، وإن شاء عفا عنه "
ثُمَّ اٰتَیْنَا مُوْسَى الْكِتٰبَ تَمَامًا عَلَى الَّذِیْۤ اَحْسَنَ وَ تَفْصِیْلًا لِّكُلِّ شَیْءٍ وَّ هُدًى وَّ رَحْمَةً لَّعَلَّهُمْ بِلِقَآءِ رَبِّهِمْ یُؤْمِنُوْنَ۠(۱۵۴)
پھر ہم نے موسیٰ کو کتاب عطا فرمائی (ف۳۲۲) پورا احسان کرنے کو اس پر جو نیکوکار ہے اور ہر چیز کی تفصیل اور ہدایت اور رحمت کہ کہیں وہ (ف۳۲۳) اپنے رب سے ملنے پر ایمان لائیں(ف۳۲۴)
قال ابن جرير : ( ثم آتينا موسى الكتاب ) تقديره : ثم قل - يا محمد - مخبرا عنا بأنا آتينا موسى الكتاب ، بدلالة قوله : ( قل تعالوا أتل ما حرم ربكم عليكم ) .قلت : وفي هذا نظر ، و " ثم " هاهنا إنما هي لعطف الخبر بعد الخبر ، لا للترتيب هاهنا ، كما قال الشاعر :قل لمن ساد ثم ساد أبوه ثم قد ساد قبل ذلك جدهوهاهنا لما أخبر الله تعالى عن القرآن بقوله : ( وأن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ) عطف بمدح التوراة ورسولها ، فقال : ( ثم آتينا موسى الكتاب ) وكثيرا ما يقرن سبحانه بين ذكر القرآن والتوراة ، كقوله تعالى : ( ومن قبله كتاب موسى إماما ورحمة وهذا كتاب مصدق لسانا عربيا ) [ الأحقاف : 12 ] ، وقوله في أول هذه السورة : ( قل من أنزل الكتاب الذي جاء به موسى نورا وهدى للناس تجعلونه قراطيس تبدونها وتخفون كثيرا ) [ الآية : 91 ] ، وبعدها ( وهذا كتاب أنزلناه مبارك ) الآية [ الأنعام : 92 ] ، وقال تعالى مخبرا عن المشركين : ( فلما جاءهم الحق من عندنا قالوا لولا أوتي مثل ما أوتي موسى ) قال تعالى : ( أولم يكفروا بما أوتي موسى من قبل قالوا سحران تظاهرا وقالوا إنا بكل كافرون ) [ القصص : 48 ] ، وقال تعالى مخبرا عن الجن أنهم قالوا : ( قالوا يا قومنا إنا سمعنا كتابا أنزل من بعد موسى مصدقا لما بين يديه يهدي إلى الحق وإلى طريق مستقيم ) [ الأحقاف : 30 ] .وقوله تعالى : ( تماما على الذي أحسن وتفصيلا ) أي : آتيناه الكتاب الذي أنزلناه إليه تماما كاملا جامعا لجميع ما يحتاج إليه في شريعته ، كما قال : ( وكتبنا له في الألواح من كل شيء ) الآية [ الأعراف : 145 ] .وقوله : ( على الذي أحسن ) أي : جزاء على إحسانه في العمل ، وقيامه بأوامرنا وطاعتنا ، كقوله : ( هل جزاء الإحسان إلا الإحسان ) [ الرحمن : 60 ] ، وكقوله ( وإذ ابتلى إبراهيم ربه بكلمات فأتمهن قال إني جاعلك للناس إماما قال ومن ذريتي قال لا ينال عهدي الظالمين ) [ البقرة : 124 ] ، وقوله : ( وجعلنا منهم أئمة يهدون بأمرنا لما صبروا وكانوا بآياتنا يوقنون ) [ السجدة : 24 ] .وقال أبو جعفر الرازي ، عن الربيع بن أنس : ( ثم آتينا موسى الكتاب تماما على الذي أحسن ) يقول : أحسن فيما أعطاه الله .وقال قتادة : من أحسن في الدنيا تمم له ذلك في الآخرة .واختار ابن جرير أن تقدير الكلام : ( ثم آتينا موسى الكتاب تماما ) على إحسانه . فكأنه جعل " الذي " مصدرية ، كما قيل في قوله تعالى : ( وخضتم كالذي خاضوا ) [ التوبة : 69 ] أي : كخوضهم وقال ابن رواحة :فثبت الله ما آتاك من حسن في المرسلين ونصرا كالذي نصرواوقال آخرون : " الذي " هاهنا بمعنى " الذين "قال ابن جرير : وقد ذكر عن عبد الله بن مسعود : أنه كان يقرؤها : " تماما على الذين أحسنوا "وقال ابن أبي نجيح ، عن مجاهد : ( تماما على الذي أحسن ) قال : على المؤمنين والمحسنين ، وكذا قال أبو عبيدة . قال البغوي : والمحسنون : الأنبياء والمؤمنون ، يعني : أظهرنا فضله عليهم .قلت : كما قال تعالى : ( قال يا موسى إني اصطفيتك على الناس برسالاتي وبكلامي ) [ الأعراف : 144 ] ، ولا يلزم اصطفاؤه على محمد صلى الله عليه وسلم خاتم الأنبياء والخليل ، عليهما السلام لأدلة أخر .قال ابن جرير : وروى أبو عمرو بن العلاء عن يحيى بن يعمر أنه كان يقرؤها " تماما على الذي أحسن " رفعا ، بتأويل : " على الذي هو أحسن " ، ثم قال : وهذه قراءة لا أستجيز القراءة بها ، وإن كان لها في العربية وجه صحيح .وقيل : معناه : تماما على إحسان الله إليه زيادة على ما أحسن الله إليه ، حكاه ابن جرير ، والبغوي .ولا منافاة بينه وبين القول الأول ، وبه جمع ابن جرير كما بيناه ، ولله الحمد .وقوله : ( وتفصيلا لكل شيء وهدى ورحمة ) فيه مدح لكتابه الذي أنزله الله عليه ، ( لعلهم بلقاء ربهم يؤمنون)
وَ هٰذَا كِتٰبٌ اَنْزَلْنٰهُ مُبٰرَكٌ فَاتَّبِعُوْهُ وَ اتَّقُوْا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُوْنَۙ(۱۵۵)
اور یہ برکت والی کتاب (ف۳۲۵) ہم نے اُتاری تو اس کی پیروی کرو اور پرہیزگاری کرو کہ تم پر رحم ہو،
فيه الدعوة إلى اتباع القرآن ووصفه بالبركة لمن اتبعه وعمل به في الدنيا والآخرة .
اَنْ تَقُوْلُوْۤا اِنَّمَاۤ اُنْزِلَ الْكِتٰبُ عَلٰى طَآىٕفَتَیْنِ مِنْ قَبْلِنَا۪-وَ اِنْ كُنَّا عَنْ دِرَاسَتِهِمْ لَغٰفِلِیْنَۙ(۱۵۶)
کبھی کہو کہ کتاب تو ہم سے پہلے دو گروہوں پر اُتری تھی (ف۳۲۶) اور ہمیں ان کے پڑھنے پڑھانے کی کچھ خبر نہ تھی(ف۳۲۷)
قال ابن جرير : معناه : وهذا كتاب أنزلناه لئلا يقولوا : ( إنما أنزل الكتاب على طائفتين من قبلنا ) .يعني : لينقطع عذرهم ، كما قال تعالى : ( ولولا أن تصيبهم مصيبة بما قدمت أيديهم فيقولوا ربنا لولا أرسلت إلينا رسولا فنتبع آياتك ونكون من المؤمنين ) [ القصص : 47 ] .وقوله : ( على طائفتين من قبلنا ) قال علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس : هم اليهود والنصارى وكذا قال مجاهد ، والسدي ، وقتادة ، وغير واحد .وقوله : ( وإن كنا عن دراستهم لغافلين ) أي : وما كنا نفهم ما يقولون; لأنهم ليسوا بلساننا ، ونحن مع ذلك في شغل وغفلة عما هم فيه .
اَوْ تَقُوْلُوْا لَوْ اَنَّاۤ اُنْزِلَ عَلَیْنَا الْكِتٰبُ لَكُنَّاۤ اَهْدٰى مِنْهُمْۚ-فَقَدْ جَآءَكُمْ بَیِّنَةٌ مِّنْ رَّبِّكُمْ وَ هُدًى وَّ رَحْمَةٌۚ-فَمَنْ اَظْلَمُ مِمَّنْ كَذَّبَ بِاٰیٰتِ اللّٰهِ وَ صَدَفَ عَنْهَاؕ-سَنَجْزِی الَّذِیْنَ یَصْدِفُوْنَ عَنْ اٰیٰتِنَا سُوْٓءَ الْعَذَابِ بِمَا كَانُوْا یَصْدِفُوْنَ(۱۵۷)
یا کہو کہ اگر ہم پر کتاب اُترتی تو ہم ان سے زیادہ ٹھیک راہ پر ہوتے (ف۳۲۸) تو تمہارے پاس تمہارے رب کی روشن دلیل اور ہدایت او ر رحمت آئی (ف۳۲۹) تو اس سے زیادہ ظالم کون جو اللہ کی آیتوں کو جھٹلائے اور ان سے منہ پھیرے عنقریب وہ جو ہماری آیتوں سے منہ پھیرتے ہیں ہم انہیں بڑے عذاب کی سزا دیں گے بدلہ ان کے منہ پھیرنے کا،
وقوله : ( أو تقولوا لو أنا أنزل علينا الكتاب لكنا أهدى منهم ) أي : وقطعنا تعللكم أن تقولوا : لو أنا أنزل علينا ما أنزل عليهم لكنا أهدى منهم فيما أوتوه ، كقوله : (وأقسموا بالله جهد أيمانهم لئن جاءهم نذير ليكونن أهدى من إحدى الأمم فلما جاءهم نذير ما زادهم إلا نفورا ) [ فاطر : 42 ] ، وهكذا قال هاهنا : ( فقد جاءكم بينة من ربكم وهدى ورحمة ) يقول : فقد جاءكم من الله على لسان محمد صلى الله عليه وسلم النبي العربي - قرآن عظيم ، فيه بيان للحلال والحرام ، وهدى لما في القلوب ، ورحمة من الله بعباده الذين يتبعونه ويقتفون ما فيه .وقوله : ( فمن أظلم ممن كذب بآيات الله وصدف عنها ) أي : لم ينتفع بما جاء به الرسول ، ولا اتبع ما أرسل به ، ولا ترك غيره ، بل صدف عن اتباع آيات الله ، أي : صرف الناس وصدهم عن ذلك قاله السدي .وعن ابن عباس ، ومجاهد ، وقتادة : ( وصدف عنها ) أعرض عنها .وقول السدي هاهنا فيه قوة; لأنه قال : ( فمن أظلم ممن كذب بآيات الله وصدف عنها ) كما تقدم في أول السورة : ( وهم ينهون عنه وينأون عنه وإن يهلكون إلا أنفسهم ) [ الآية : 26 ] ، وقال تعالى : ( الذين كفروا وصدوا عن سبيل الله زدناهم عذابا فوق العذاب ) [ النحل : 88 ] ، وقال في هذه الآية الكريمة : ( سنجزي الذين يصدفون عن آياتنا سوء العذاب بما كانوا يصدفون ) .وقد يكون المراد فيما قال ابن عباس ، ومجاهد ، وقتادة : ( فمن أظلم ممن كذب بآيات الله وصدف عنها ) أي : لا آمن بها ولا عمل بها ، كقوله تعالى : ( فلا صدق ولا صلى ولكن كذب وتولى ) [ القيامة : 32 ، 31 ] ، ونحو ذلك من الآيات الدالة على اشتمال الكافر على التكذيب بقلبه ، وترك العمل بجوارحه ، ولكن المعنى الأول أقوى وأظهر ، والله تعالى أعلم .
هَلْ یَنْظُرُوْنَ اِلَّاۤ اَنْ تَاْتِیَهُمُ الْمَلٰٓىٕكَةُ اَوْ یَاْتِیَ رَبُّكَ اَوْ یَاْتِیَ بَعْضُ اٰیٰتِ رَبِّكَؕ-یَوْمَ یَاْتِیْ بَعْضُ اٰیٰتِ رَبِّكَ لَا یَنْفَعُ نَفْسًا اِیْمَانُهَا لَمْ تَكُنْ اٰمَنَتْ مِنْ قَبْلُ اَوْ كَسَبَتْ فِیْۤ اِیْمَانِهَا خَیْرًاؕ-قُلِ انْتَظِرُوْۤا اِنَّا مُنْتَظِرُوْنَ(۱۵۸)
کاہے کے انتظار میں ہیں (ف۳۳۰) مگر یہ کہ آئیں ان کے پاس فرشتے (ف۳۳۱) یا تمہارے رب کا عذاب یا تمہارے رب کی ایک نشانی آئے (ف۳۳۲) جس دن تمہارے رب کی وہ ایک نشانی آئے گی کسی جان کو ایمان لانا کام نہ دے گا جو پہلے ایمان نہ لائی تھی یا اپنے ایمان میں کوئی بھلائی نہ کمائی تھی (ف۳۳۳) تم فرماؤ رستہ دیکھو (ف۳۳۴) ہم بھی دیکھتے ہیں،
يقول تعالى متوعدا للكافرين به ، والمخالفين رسله والمكذبين بآياته ، والصادين عن سبيله : ( هل ينظرون إلا أن تأتيهم الملائكة أو يأتي ربك ) وذلك كائن يوم القيامة . ( أو يأتي بعض آيات ربك يوم يأتي بعض آيات ربك ) الآية ، وذلك قبل يوم القيامة كائن من أمارات الساعة وأشراطها كما قال البخاري في تفسير هذه الآية :حدثنا موسى بن إسماعيل ، حدثنا عبد الواحد ، حدثنا عمارة ، حدثنا أبو زرعة ، حدثنا أبو هريرة ، رضي الله عنه ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لا تقوم الساعة حتى تطلع الشمس من مغربها ، فإذا رآها الناس آمن من عليها . فذلك حين ( لا ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل ) .حدثنا إسحاق ، حدثنا عبد الرزاق ، حدثنا معمر ، عن همام بن منبه ، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لا تقوم الساعة حتى تطلع الشمس من مغربها ، فإذا طلعت ورآها الناس آمنوا أجمعون ، وذلك حين لا ينفع نفسا إيمانها " ثم قرأ هذه الآية .هكذا روي هذا الحديث من هذين الوجهين . ومن الوجه الأول أخرجه بقية الجماعة في كتبهم إلا الترمذي ، من طرق ، عن عمارة بن القعقاع بن شبرمة ، عن أبي زرعة بن عمرو بن جرير ، عن أبي هريرة ، به .وأما الطريق الثاني : فرواه عن إسحاق غير منسوب ، فقيل : هو ابن منصور الكوسج ، وقيل : إسحاق بن نصر والله أعلم .وقد رواه مسلم عن محمد بن رافع النيسابوري ، كلاهما عن عبد الرزاق ، به .وقد ورد هذا الحديث من طرق أخر عن أبي هريرة ، كما انفرد مسلم بروايته من حديث العلاء بن عبد الرحمن بن يعقوب مولى الحرقة ، عن أبيه ، عن أبي هريرة ، به .وقال ابن جرير : حدثنا أبو كريب ، حدثنا ابن فضيل ، عن أبيه ، عن أبي حازم ، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ثلاث إذا خرجن ( لا ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيرا ) طلوع الشمس من مغربها ، والدجال ، ودابة الأرض "ورواه أحمد ، عن وكيع ، عن فضيل بن غزوان ، عن أبي حازم سلمان ، عن أبي هريرة به ، وعنده : " والدخان "ورواه مسلم ، عن أبي بكر بن أبي شيبة ، وزهير بن حرب ، عن وكيع .ورواه هو أيضا والترمذي ، من غير وجه ، عن فضيل بن غزوان ، به .ورواه إسحاق بن عبد الله الفروي ، عن مالك ، عن أبي الزناد ، عن الأعرج ، عن أبي هريرة . ولكن لم يخرجه أحد من أصحاب الكتب من هذا الوجه ، لضعف الفروي ، والله أعلم .وقال ابن جرير : حدثنا الربيع بن سليمان ، حدثنا شعيب بن الليث ، عن أبيه ، عن جعفر بن ربيعة ، عن عبد الرحمن بن هرمز الأعرج ، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لا تقوم الساعة حتى تطلع الشمس من مغربها ، فإذا طلعت آمن الناس كلهم ، وذلك حين ( لا ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل ) الآية .ورواه ابن لهيعة ، عن الأعرج ، عن أبي هريرة ، به . ورواه وكيع ، عن فضيل بن غزوان ، عن أبي حازم ، عن أبي هريرة ، به .أخرج هذه الطرق كلها الحافظ أبو بكر بن مردويه في تفسيره .وقال ابن جرير : حدثنا الحسن بن يحيى ، أخبرنا عبد الرزاق ، أخبرنا معمر ، عن أيوب ، عن ابن سيرين ، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من تاب قبل أن تطلع الشمس من مغربها ، قبل منه "لم يخرجه أحد من أصحاب الكتب الستة .حديث آخر عن أبي ذر الغفاري : في الصحيحين وغيرهما ، من طرق ، عن إبراهيم بن يزيد بن شريك التيمي ، عن أبيه ، عن أبي ذر جندب بن جنادة ، رضي الله عنه ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " تدري أين تذهب الشمس إذا غربت؟ " قلت : لا أدري ، قال : " إنها تنتهي دون العرش ، ثم تخر ساجدة ، ثم تقوم حتى يقال لها : ارجعي فيوشك يا أبا ذر أن يقال لها : ارجعي من حيث جئت ، وذلك حين : ( لا ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل ) .حديث آخر عن حذيفة بن أسيد أبي سريحة الغفاري ، رضي الله عنه :قال الإمام أحمد بن حنبل : حدثنا سفيان ، عن فرات ، عن أبي الطفيل ، عن حذيفة بن أسيد الغفاري قال : أشرف علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم من غرفة ، ونحن نتذاكر الساعة ، فقال : " لا تقوم الساعة حتى تروا عشر آيات : طلوع الشمس من مغربها ، والدخان ، والدابة ، وخروج يأجوج ومأجوج ، وخروج عيسى ابن مريم ، والدجال ، وثلاثة خسوف : خسف بالمغرب ، وخسف بالمشرق ، وخسف بجزيرة العرب ، ونار تخرج من قعر عدن تسوق - أو : تحشر - الناس ، تبيت معهم حيث باتوا ، وتقيل معهم حيث قالوا "وهكذا رواه مسلم وأهل السنن الأربعة من حديث فرات القزاز ، عن أبي الطفيل عامر بن واثلة ، عن حذيفة بن أسيد ، به . وقال الترمذي : حسن صحيح .حديث آخر عن حذيفة بن اليمان ، رضي الله عنه :قال الثوري ، عن منصور ، عن ربعي ، عن حذيفة قال : سألت النبي صلى الله عليه وسلم فقلت : يا رسول الله ، ما آية طلوع الشمس من مغربها؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " تطول تلك الليلة حتى تكون قدر ليلتين ، فبينما الذين كانوا يصلون فيها ، يعملون كما كانوا يعملون قبلها والنجوم لا تسري ، قد قامت مكانها ، ثم يرقدون ، ثم يقومون فيصلون ، ثم يرقدون ، ثم يقومون فيطل عليهم جنوبهم حتى يتطاول عليهم الليل ، فيفزع الناس ولا يصبحون ، فبينما هم ينتظرون طلوع الشمس من مشرقها إذ طلعت من مغربها ، فإذا رآها الناس آمنوا ، ولا ينفعهم إيمانهم " .رواه ابن مردويه ، وليس في الكتب الستة من هذا الوجه والله أعلم .حديث آخر عن أبي سعيد الخدري - واسمه : سعد بن مالك بن سنان - رضي الله عنه وأرضاه :قال الإمام أحمد : حدثنا وكيع ، حدثنا ابن أبي ليلى ، عن عطية العوفي ، عن أبي سعيد الخدري ، عن النبي صلى الله عليه وسلم : ( يوم يأتي بعض آيات ربك لا ينفع نفسا إيمانها ) قال : " طلوع الشمس من مغربها " .ورواه الترمذي ، عن سفيان بن وكيع ، عن أبيه ، به . وقال : غريب ، ورواه بعضهم ولم يرفعه .وفي حديث طالوت بن عباد ، عن فضال بن جبير ، عن أبي أمامة صدي بن عجلان قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن أول الآيات طلوع الشمس من مغربها "وفي حديث عاصم بن أبي النجود ، عن زر بن حبيش ، عن صفوان بن عسال قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " إن الله فتح بابا قبل المغرب عرضه سبعون عاما للتوبة " ، قال : " لا يغلق حتى تطلع الشمس منه " رواه الترمذي وصححه النسائي ، وابن ماجه في حديث طويل .حديث آخر عن عبد الله بن أبي أوفى :قال ابن مردويه : حدثنا محمد بن علي بن دحيم ، حدثنا أحمد بن حازم ، حدثنا ضرار بن صرد ، حدثنا ابن فضيل ، عن سليمان بن زيد ، عن عبد الله بن أبي أوفى قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " ليأتين على الناس ليلة تعدل ثلاث ليال من لياليكم هذه ، فإذا كان ذلك يعرفها المتنفلون ، يقوم أحدهم فيقرأ حزبه ، ثم ينام ، ثم يقوم فيقرأ حزبه ، ثم ينام . فبينما هم كذلك إذ صاح الناس بعضهم في بعض فقالوا : ما هذا؟ فيفزعون إلى المساجد ، فإذا هم بالشمس قد طلعت من مغربها ، فضج الناس ضجة واحدة ، حتى إذا صارت في وسط السماء رجعت وطلعت من مطلعها " قال : " حينئذ لا ينفع نفسا إيمانها "هذا حديث غريب من هذا الوجه وليس هو في شيء من الكتب الستة .حديث آخر عن عبد الله بن عمرو .قال الإمام أحمد : حدثنا إسماعيل بن إبراهيم ، حدثنا أبو حيان ، عن أبي زرعة بن عمرو بن جرير قال : جلس ثلاثة نفر من المسلمين إلى مروان بالمدينة فسمعوه يقول - وهو يحدث في الآيات - : إن أولها خروج الدجال . قال : فانصرف النفر إلى عبد الله بن عمرو ، فحدثوه بالذي سمعوه من مروان في الآيات ، فقال لم يقل مروان شيئا قد حفظت من رسول الله صلى الله عليه وسلم في مثل ذلك حديثا لم أنسه بعد ، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " إن أول الآيات خروجا طلوع الشمس من مغربها وخروج الدابة ضحى ، فأيتهما كانت قبل صاحبتها فالأخرى على أثرها " ثم قال عبد الله - وكان يقرأ الكتب - : وأظن أولها خروجا طلوع الشمس من مغربها ، وذلك أنها كلما غربت أتت تحت العرش فسجدت واستأذنت في الرجوع فأذن لها في الرجوع ، حتى إذا بدا الله أن تطلع من مغربها فعلت كما كانت تفعل : أتت تحت العرش فسجدت واستأذنت في الرجوع ، فلم يرد عليها شيء ، ثم تستأذن في الرجوع فلا يرد عليها شيء ، ثم تستأذن فلا يرد عليها شيء ، حتى إذا ذهب من الليل ما شاء الله أن يذهب ، وعرفت أنه إذا أذن لها في الرجوع لم تدرك المشرق ، قالت : ربي ، ما أبعد المشرق . من لي بالناس . حتى إذا صار الأفق كأنه طوق استأذنت في الرجوع ، فيقال لها : من مكانك فاطلعي . فطلعت على الناس من مغربها " ، ثم تلا عبد الله هذه الآية : ( لا ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيرا ) الآية .وأخرجه مسلم في صحيحه ، وأبو داود وابن ماجه ، في سننيهما ، من حديث أبي حيان التيمي - واسمه يحيى بن سعيد بن حيان - عن أبي زرعة بن عمرو بن جرير ، به .حديث آخر عنه :قال الطبراني : حدثنا أحمد بن يحيى بن خالد بن حبان الرقي ، حدثنا إسحاق بن إبراهيم - بن زبريق الحمصي - حدثنا عثمان بن سعيد بن كثير بن دينار ، حدثنا ابن لهيعة ، عن حيي بن عبد الله ، عن أبي عبد الرحمن الحبلي عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم : " إذا طلعت الشمس من مغربها خر إبليس ساجدا ينادي ويجهر : إلهي ، مرني أن أسجد لمن شئت " قال : " فيجتمع إليه زبانيته فيقولون : يا سيدهم ، ما هذا التضرع؟ فيقول : إنما سألت ربي أن ينظر إلى الوقت المعلوم ، وهذا الوقت المعلوم " قال " ثم تخرج دابة الأرض من صدع في الصفا " قال : " فأول خطوة تضعها بأنطاكية فتأتي إبليس فتخطمه .هذا حديث غريب جدا وسنده ضعيف ولعله من الزاملتين اللتين أصابهما عبد الله بن عمرو يوم اليرموك ، فأما رفعه فمنكر ، والله أعلم .حديث آخر عن عبد الله بن عمرو ، وعبد الرحمن بن عوف ، ومعاوية بن أبي سفيان ، رضي الله عنهم أجمعين :قال الإمام أحمد : حدثنا الحكم بن نافع ، حدثنا إسماعيل بن عياش ، عن ضمضم بن زرعة ، عن شريح بن عبيد يرده إلى مالك بن يخامر ، عن ابن السعدي ; أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " لا تنقطع الهجرة ما دام العدو يقاتل " فقال معاوية ، وعبد الرحمن بن عوف ، وعبد الله بن عمرو بن العاص : إن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " إن الهجرة خصلتان : إحداهما تهجر السيئات ، والأخرى تهاجر إلى الله ورسوله ، ولا تنقطع ما تقبلت التوبة ، ولا تزال التوبة مقبولة حتى تطلع الشمس من المغرب فإذا طلعت طبع على كل قلب بما فيه ، وكفي الناس العمل " هذا الحديث حسن الإسناد ولم يخرجه أحد من أصحاب الكتب الستة ، والله أعلم .حديث آخر عن ابن مسعود ، رضي الله عنه :قال عوف الأعرابي ، عن محمد بن سيرين ، حدثني أبو عبيدة ، عن ابن مسعود ; أنه كان يقول : ما ذكر من الآيات فقد مضى غير أربع : طلوع الشمس من مغربها ، والدجال ، ودابة الأرض ، وخروج يأجوج ومأجوج . قال : وكان يقول : الآية التي تختم بها الأعمال طلوع الشمس من مغربها ، ألم تر أن الله يقول : ( يوم يأتي بعض آيات ربك لا ينفع نفسا إيمانها ) الآية كلها ، يعني طلوع الشمس من مغربها .حديث ابن عباس ، رضي الله عنهما :رواه الحافظ أبو بكر بن مردويه في تفسيره من حديث عبد المنعم بن إدريس ، عن أبيه ، عن وهب بن منبه ، عن ابن عباس رضي الله عنه مرفوعا - فذكر حديثا طويلا غريبا منكرا رفعه ، وفيه : " أن الشمس والقمر يطلعان يومئذ مقرونين وإذا نصفا السماء رجعا ثم عادا إلى ما كانا عليه " وهو حديث غريب جدا بل منكر ، بل موضوع ، والله أعلم إن ادعى أنه مرفوع ، فأما وقفه على ابن عباس أو وهب بن منبه - وهو الأشبه - فغير مدفوع والله أعلم .وقال سفيان ، عن منصور ، عن عامر ، عن عائشة رضي الله عنها قالت : إذا خرج أول الآيات ، طرحت الأقلام ، وحبست الحفظة ، وشهدت الأجساد على الأعمال . رواه ابن جرير .فقوله عز وجل ( لا ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل ) أي : إذا أنشأ الكافر إيمانا يومئذ لا يقبل منه ، فأما من كان مؤمنا قبل ذلك ، فإن كان مصلحا في عمله فهو بخير عظيم ، وإن كان مخلطا فأحدث توبة حينئذ لم تقبل منه توبته ، كما دلت عليه الأحاديث المتقدمة ، وعليه يحمل قوله تعالى : ( أو كسبت في إيمانها خيرا ) أي : ولا يقبل منها كسب عمل صالح إذا لم يكن عاملا به قبل ذلك .وقوله : ( قل انتظروا إنا منتظرون ) تهديد شديد للكافرين ، ووعيد أكيد لمن سوف بإيمانه وتوبته إلى وقت لا ينفعه ذلك . وإنما كان الحكم هذا عند طلوع الشمس من مغربها ، لاقتراب وقت القيامة ، وظهور أشراطها كما قال : ( فهل ينظرون إلا الساعة أن تأتيهم بغتة فقد جاء أشراطها فأنى لهم إذا جاءتهم ذكراهم ) [ محمد : 18 ] ، وقال تعالى : ( فلما رأوا بأسنا قالوا آمنا بالله وحده وكفرنا بما كنا به مشركين فلم يك ينفعهم إيمانهم لما رأوا بأسنا سنة الله التي قد خلت في عباده وخسر هنالك الكافرون ) [ غافر : 84 ، 85 ] .
اِنَّ الَّذِیْنَ فَرَّقُوْا دِیْنَهُمْ وَ كَانُوْا شِیَعًا لَّسْتَ مِنْهُمْ فِیْ شَیْءٍؕ-اِنَّمَاۤ اَمْرُهُمْ اِلَى اللّٰهِ ثُمَّ یُنَبِّئُهُمْ بِمَا كَانُوْا یَفْعَلُوْنَ(۱۵۹)
وہ جنہوں نے اپنے دین میں جُدا جُدا راہیں نکالیں او رکئی گروہ ہوگئے (ف۳۳۵) اے محبوب ! تمہیں ان سے کچھ علا قہ نہیں ان کا معاملہ اللہ ہی کے حوالے ہے پھر وہ انہیں بتادے گا جو کچھ وہ کرتے تھے(ف۳۳۶)
قال مجاهد ، وقتادة ، والضحاك ، والسدي : نزلت هذه الآية في اليهود والنصارى .وقال العوفي ، عن ابن عباس في قوله : ( إن الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا ) وذلك أن اليهود والنصارى اختلفوا قبل أن يبعث محمد صلى الله عليه وسلم ، فتفرقوا . فلما بعث الله محمدا صلى الله عليه وسلم أنزل : ( إن الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا لست منهم في شيء ) الآية .وقال ابن جرير : حدثني سعد بن عمرو السكوني ، حدثنا بقية بن الوليد : كتب إلي عباد بن كثير ، حدثني ليث ، عن طاوس ، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن في هذه الأمة ( الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا لست منهم في شيء ) وليسوا منك ، هم أهل البدع ، وأهل الشبهات ، وأهل الضلالة ، من هذه الأمة "لكن هذا الإسناد لا يصح ، فإن عباد بن كثير متروك الحديث ، ولم يختلق هذا الحديث ، ولكنه وهم في رفعه . فإنه رواه سفيان الثوري ، عن ليث - وهو ابن أبي سليم - عن طاوس ، عن أبي هريرة ، في قوله : ( إن الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا ) قال : نزلت في هذه الأمة .وقال أبو غالب ، عن أبي أمامة ، في قوله : ( إن الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا ) قال : هم الخوارج . وروي عنه مرفوعا ، ولا يصح .وقال شعبة ، عن مجالد ، عن الشعبي ، عن شريح ، عن عمر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لعائشة : ( إن الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا ) قال : " هم أصحاب البدع " .وهذا رواه ابن مردويه ، وهو غريب أيضا ولا يصح رفعه .والظاهر أن الآية عامة في كل من فارق دين الله وكان مخالفا له ، فإن الله بعث رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ، وشرعه واحد لا اختلاف فيه ولا افتراق ، فمن اختلف فيه ( وكانوا شيعا ) أي : فرقا كأهل الملل والنحل - وهي الأهواء والضلالات - فالله قد برأ رسوله مما هم فيه . وهذه الآية كقوله تعالى : ( شرع لكم من الدين ما وصى به نوحا والذي أوحينا إليك وما وصينا به إبراهيم وموسى وعيسى أن أقيموا الدين ولا تتفرقوا فيه ) الآية [ الشورى : 13 ] ، وفي الحديث : " نحن معاشر الأنبياء أولاد علات ، ديننا واحد "فهذا هو الصراط المستقيم ، وهو ما جاءت به الرسل ، من عبادة الله وحده لا شريك له ، والتمسك بشريعة الرسول المتأخر ، وما خالف ذلك فضلالات وجهالات وآراء وأهواء ، الرسل برآء منها ، كما قال : ( لست منهم في شيء ) .وقوله : ( إنما أمرهم إلى الله ثم ينبئهم بما كانوا يفعلون ) كقوله ( إن الذين آمنوا والذين هادوا والصابئين والنصارى والمجوس والذين أشركوا إن الله يفصل بينهم يوم القيامة إن الله على كل شيء شهيد ) [ الحج : 17 ] ، ثم بين فضله يوم القيامة في حكمه وعدله فقال :
مَنْ جَآءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهٗ عَشْرُ اَمْثَالِهَاۚ-وَ مَنْ جَآءَ بِالسَّیِّئَةِ فَلَا یُجْزٰۤى اِلَّا مِثْلَهَا وَ هُمْ لَا یُظْلَمُوْنَ(۱۶۰)
جو ایک نیکی لائے تو اس کے لیے اس جیسی دس ہیں (ف۳۳۷) اور جو برائی لائے تو اسے بدلہ نہ ملے گا مگر اس کے برابر اور ان پر ظلم نہ ہوگا،
وهذه الآية الكريمة مفصلة لما أجمل في الآية الأخرى ، وهي قوله : ( من جاء بالحسنة فله خير منها ) [ النمل : 89 ] ، وقد وردت الأحاديث مطابقة لهذه الآية ، كما قال الإمام أحمد بن حنبل ، رحمه الله :حدثنا عفان ، حدثنا جعفر بن سليمان ، حدثنا الجعد أبو عثمان ، عن أبي رجاء العطاردي ، عن ابن عباس ، رضي الله عنهما ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فيما يروي عن ربه ، عز وجل قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن ربكم عز وجل رحيم ، من هم بحسنة فلم يعملها كتبت له حسنة ، فإن عملها كتبت له عشرا إلى سبعمائة ، إلى أضعاف كثيرة . ومن هم بسيئة فلم يعملها كتبت له حسنة ، فإن عملها كتبت له واحدة ، أو يمحوها الله ، عز وجل ، ولا يهلك على الله إلا هالك "ورواه البخاري ، ومسلم ، والنسائي ، من حديث الجعد بن أبي عثمان ، به .وقال الإمام أحمد أيضا : حدثنا معاوية ، حدثنا الأعمش ، عن المعرور بن سويد ، عن أبي ذر ، رضي الله عنه ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " يقول الله ، عز وجل : من عمل حسنة فله عشر أمثالها وأزيد . ومن عمل سيئة فجزاؤها مثلها أو أغفر . ومن عمل قراب الأرض خطيئة ثم لقيني لا يشرك بي شيئا جعلت له مثلها مغفرة . ومن اقترب إلي شبرا اقتربت إليه ذراعا ، ومن اقترب إلي ذراعا اقتربت إليه باعا ، ومن أتاني يمشي أتيته هرولة "ورواه مسلم عن أبي كريب ، عن أبي معاوية ، به . وعن أبي بكر بن أبي شيبة ، عن وكيع ، عن الأعمش ، به . ورواه ابن ماجه ، عن علي بن محمد الطنافسي ، عن وكيع ، به .وقال الحافظ أبو يعلى الموصلي : حدثنا شيبان ، حدثنا حماد ، حدثنا ثابت ، عن أنس بن مالك ، رضي الله عنه ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " من هم بحسنة فلم يعملها كتبت له حسنة ، فإن عملها كتبت له عشرا . ومن هم بسيئة فلم يعملها لم يكتب عليه شيء ، فإن عملها كتبت عليه سيئة واحدة "واعلم أن تارك السيئة الذي لا يعملها على ثلاثة أقسام : تارة يتركها لله عز وجل فهذا تكتب له حسنة على كفه عنها لله تعالى ، وهذا عمل ونية; ولهذا جاء أنه يكتب له حسنة ، كما جاء في بعض ألفاظ الصحيح : " فإنما تركها من جرائي " أي : من أجلي . وتارة يتركها نسيانا وذهولا عنها ، فهذا لا له ولا عليه; لأنه لم ينو خيرا ولا فعل شرا . وتارة يتركها عجزا وكسلا بعد السعي في أسبابها والتلبس بما يقرب منها ، فهذا يتنزل منزلة فاعلها ، كما جاء في الحديث ، في الصحيحين : " إذا تواجه المسلمان بسيفيهما فالقاتل والمقتول في النار " قالوا : يا رسول الله ، هذا القاتل ، فما بال المقتول؟ قال : " إنه كان حريصا على قتل صاحبه "قال الإمام أبو يعلى الموصلي : حدثنا مجاهد بن موسى ، حدثنا علي - وحدثنا الحسن بن الصباح وأبو خيثمة - قالا حدثنا إسحاق بن سليمان ، كلاهما عن موسى بن عبيدة ، عن أبي بكر بن عبيد الله بن أنس ، عن جده أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من هم بحسنة كتب الله له حسنة ، فإن عملها كتبت له عشرا . ومن هم بسيئة لم تكتب عليه حتى يعملها ، فإن عملها كتبت عليه سيئة ، فإن تركها كتبت له حسنة . يقول الله تعالى : إنما تركها من مخافتي "هذا لفظ حديث مجاهد - يعني ابن موسى .وقال الإمام أحمد : حدثنا عبد الرحمن بن مهدي ، حدثنا شيبان بن عبد الرحمن ، عن الركين بن الربيع ، عن أبيه ، عن عمه فلان بن عميلة ، عن خريم بن فاتك الأسدي ; أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " الناس أربعة ، والأعمال ستة . فالناس موسع له في الدنيا والآخرة ، وموسع له في الدنيا مقتور عليه في الآخرة ، ومقتور عليه في الدنيا موسع له في الآخرة ، وشقي في الدنيا والآخرة . والأعمال موجبتان ، ومثل بمثل ، وعشرة أضعاف ، وسبعمائة ضعف; فالموجبتان من مات مسلما مؤمنا لا يشرك بالله شيئا وجبت له الجنة ، ومن مات كافرا وجبت له النار . ومن هم بحسنة فلم يعملها ، فعلم الله أنه قد أشعرها قلبه وحرص عليها ، كتبت له حسنة . ومن هم بسيئة لم تكتب عليه ، ومن عملها كتبت واحدة ولم تضاعف عليه . ومن عمل حسنة كانت عليه بعشرة أمثالها . ومن أنفق نفقة في سبيل الله ، عز وجل ، كانت له بسبعمائة ضعف "ورواه الترمذي والنسائي ، من حديث الركين بن الربيع ، عن أبيه ، عن بشير بن عميلة ، عن خريم بن فاتك ، به ببعضه . والله أعلم .وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبو زرعة ، حدثنا عبيد الله بن عمر القواريري ، حدثنا يزيد بن زريع ، حدثنا حبيب المعلم ، عن عمرو بن شعيب ، عن أبيه ، عن جده ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " يحضر الجمعة ثلاثة نفر : رجل حضرها بلغو فهو حظه منها ، ورجل حضرها بدعاء ، فهو رجل دعا الله ، فإن شاء أعطاه ، وإن شاء منعه ، ورجل حضرها بإنصات وسكوت ولم يتخط رقبة مسلم ولم يؤذ أحدا ، فهي كفارة له إلى الجمعة التي تليها وزيادة ثلاثة أيام; وذلك لأن الله يقول : ( من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها ) .وقال الحافظ أبو القاسم الطبراني : حدثنا هاشم بن مرثد ، حدثنا محمد بن إسماعيل ، حدثني أبي ، حدثني ضمضم بن زرعة ، عن شريح بن عبيد ، عن أبي مالك الأشعري قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " الجمعة كفارة لما بينها وبين الجمعة التي تليها وزيادة ثلاثة أيام; وذلك لأن الله تعالى قال : ( من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها ) .وعن أبي ذر ، رضي الله عنه ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من صام ثلاثة أيام من كل شهر فقد صام الدهر كله "رواه الإمام أحمد - وهذا لفظه - والنسائي ، وابن ماجه ، والترمذي وزاد : " فأنزل الله تصديق ذلك في كتابه : ( من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها ) اليوم بعشرة أيام " ، ثم قال : هذا حديث حسن .وقال ابن مسعود : ( من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها ) من جاء ب " لا إله إلا الله " ، ( ومن جاء بالسيئة ) يقول : بالشرك .وهكذا ورد عن جماعة من السلف .وقد ورد فيه حديث مرفوع - الله أعلم بصحته ، لكني لم أره من وجه يثبت - والأحاديث والآثار في هذا كثيرة جدا ، وفيما ذكر كفاية ، إن شاء الله ، وبه الثقة .
- English | Ahmed Ali
- Urdu | Ahmed Raza Khan
- Turkish | Ali-Bulaç
- German | Bubenheim Elyas
- Chinese | Chineese
- Spanish | Cortes
- Dutch | Dutch
- Portuguese | El-Hayek
- English | English
- Urdu | Fateh Muhammad Jalandhry
- French | French
- Hausa | Hausa
- Indonesian | Indonesian-Bahasa
- Italian | Italian
- Korean | Korean
- Malay | Malay
- Russian | Russian
- Tamil | Tamil
- Thai | Thai
- Farsi | مکارم شیرازی
- العربية | التفسير الميسر
- العربية | تفسير الجلالين
- العربية | تفسير السعدي
- العربية | تفسير ابن كثير
- العربية | تفسير الوسيط لطنطاوي
- العربية | تفسير البغوي
- العربية | تفسير القرطبي
- العربية | تفسير الطبري
- English | Arberry
- English | Yusuf Ali
- Dutch | Keyzer
- Dutch | Leemhuis
- Dutch | Siregar
- Urdu | Sirat ul Jinan