READ

Surah Al-An'aam

اَلْاَ نْعَام
165 Ayaat    مکیۃ


6:81
وَ كَیْفَ اَخَافُ مَاۤ اَشْرَكْتُمْ وَ لَا تَخَافُوْنَ اَنَّكُمْ اَشْرَكْتُمْ بِاللّٰهِ مَا لَمْ یُنَزِّلْ بِهٖ عَلَیْكُمْ سُلْطٰنًاؕ-فَاَیُّ الْفَرِیْقَیْنِ اَحَقُّ بِالْاَمْنِۚ-اِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُوْنَۘ(۸۱)
اور میں تمہارے شریکوں سے کیونکر ڈروں (ف۱۷۲) اور تم نہیں ڈرتے کہ تم نے اللہ کا شریک اس کو ٹھہرایا جس کی تم پر اس نے کوئی سند نہ اتاری، تو دونوں گروہوں میں امان کا زیادہ سزا وار کون ہے (ف۱۷۳) اگر تم جانتے ہو،

وقوله : ( وكيف أخاف ما أشركتم ) أي : كيف أخاف من هذه الأصنام التي تعبدون من دون الله ( ولا تخافون أنكم أشركتم بالله ما لم ينزل به عليكم سلطانا ) ؟ قال ابن عباس وغير واحد من السلف : أي حجة وهذا كما قال تعالى : ( أم لهم شركاء شرعوا لهم من الدين ما لم يأذن به الله ) [ الشورى : 21 ] وقال ( إن هي إلا أسماء سميتموها أنتم وآباؤكم ما أنزل الله بها من سلطان ) [ النجم : 23 ] .وقوله : ( فأي الفريقين أحق بالأمن إن كنتم تعلمون ) أي : فأي الطائفتين أصوب؟ الذي عبد من بيده الضر والنفع ، أو الذي عبد من لا يضر ولا ينفع بلا دليل ، أيهما أحق بالأمن من عذاب الله يوم القيامة؟
6:82
اَلَّذِیْنَ اٰمَنُوْا وَ لَمْ یَلْبِسُوْۤا اِیْمَانَهُمْ بِظُلْمٍ اُولٰٓىٕكَ لَهُمُ الْاَمْنُ وَ هُمْ مُّهْتَدُوْنَ۠(۸۲)
وہ جو ایمان لائے اور اپنے ایمان میں کسی ناحق کی آمیزش نہ کی انہیں کے لیے امان ہے اور وہی راہ پر ہیں،

قال الله تعالى : ( الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم أولئك لهم الأمن وهم مهتدون ) أي : هؤلاء الذين أخلصوا العبادة لله وحده لا شريك ، له ، ولم يشركوا به شيئا هم الآمنون يوم القيامة ، المهتدون في الدنيا والآخرة .قال البخاري : حدثنا محمد بن بشار ، حدثنا ابن أبي عدي ، عن شعبة ، عن سليمان ، عن إبراهيم ، عن علقمة ، عن عبد الله قال : لما نزلت ( ولم يلبسوا إيمانهم بظلم ) قال أصحابه : وأينا لم يظلم نفسه؟ فنزلت : ( إن الشرك لظلم عظيم ) [ لقمان : 13 ]وقال الإمام أحمد : حدثنا أبو معاوية ، حدثنا الأعمش ، عن إبراهيم ، عن علقمة ، عن عبد الله قال : لما نزلت هذه الآية : ( الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم ) شق ذلك على الناس وقالوا : يا رسول الله ، فأينا لا يظلم نفسه؟ قال : " إنه ليس الذي تعنون! ألم تسمعوا ما قال العبد الصالح : ( يا بني لا تشرك بالله إن الشرك لظلم عظيم ) إنما هو الشرك "وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبو سعيد الأشج ، حدثنا وكيع وابن إدريس ، عن الأعمش ، عن إبراهيم ، عن علقمة ، عن عبد الله قال : لما نزلت : ( ولم يلبسوا إيمانهم بظلم ) شق ذلك على أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، قالوا : وأينا لم يظلم نفسه؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " ليس كما تظنون ، إنما قال [ لقمان ] لابنه : ( يا بني لا تشرك بالله إن الشرك لظلم عظيم )وحدثنا عمر بن شبة النمري ، حدثنا أبو أحمد ، حدثنا سفيان ، عن الأعمش ، عن إبراهيم ، عن علقمة ، عن عبد الله عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في قوله : ( ولم يلبسوا إيمانهم بظلم ) قال : " بشرك " .قال : وروي عن أبي بكر الصديق وعمر وأبي بن كعب وسلمان وحذيفة وابن عباس وابن عمر وعمرو بن شرحبيل وأبي عبد الرحمن السلمي ومجاهد وعكرمة والنخعي والضحاك وقتادة والسدي نحو ذلك .وقال ابن مردويه : حدثنا الشافعي ، حدثنا محمد بن شداد المسمعي ، حدثنا أبو عاصم ، حدثنا سفيان الثوري ، عن الأعمش ، عن إبراهيم ، عن علقمة ، عن عبد الله قال : لما نزلت : ( الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم ) قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " قيل لي : أنت منهم "وقال الإمام أحمد : حدثنا إسحاق بن يوسف ، حدثنا أبو جناب ، عن زاذان عن جرير بن عبد الله قال : خرجنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : فلما برزنا من المدينة ، إذا راكب يوضع نحونا ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " كأن هذا الراكب إياكم يريد " . فانتهى إلينا الرجل ، فسلم فرددنا عليه فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم - : " من أين أقبلت؟ " قال : من أهلي وولدي وعشيرتي . قال : " فأين تريد؟ " ، قال : أريد رسول الله . قال : " فقد أصبته " . قال : يا رسول الله ، علمني ما الإيمان؟ قال : " تشهد أن لا إله إلا الله ، وأن محمدا رسول الله ، وتقيم الصلاة ، وتؤتي الزكاة ، وتصوم رمضان ، وتحج البيت " . قال : قد أقررت . قال : ثم إن بعيره دخلت يده في شبكة جرذان ، فهوى بعيره وهوى الرجل ، فوقع على هامته فمات ، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : " علي بالرجل " . فوثب إليه عمار بن ياسر وحذيفة بن اليمان فأقعداه ، فقالا يا رسول الله ، قبض الرجل! قال : فأعرض عنهما رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، ثم قال لهما رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : أما رأيتما إعراضي عن الرجل ، فإني رأيت ملكين يدسان في فيه من ثمار الجنة ، فعلمت أنه مات جائعا " ، ثم قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " هذا من الذين قال الله ، عز وجل : ( الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم ) ثم قال : " دونكم أخاكم " . قال : فاحتملناه إلى الماء فغسلناه وحنطناه وكفناه ، وحملناه إلى القبر ، فجاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى جلس على شفير القبر فقال : " الحدوا ولا تشقوا ، فإن اللحد لنا والشق لغيرناثم رواه أحمد ، عن أسود بن عامر ، عن عبد الحميد بن جعفر الفراء ، عن ثابت ، عن زاذان ، عن جرير بن عبد الله ، فذكر نحوه ، وقال فيه : " هذا ممن عمل قليلا وأجر كثيرا "وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبي ، حدثنا يوسف بن موسى القطان ، حدثنا مهران بن أبي عمر حدثنا علي بن عبد الأعلى عن أبيه ، عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال : كنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في مسير ساره ، إذ عرض له أعرابي فقال : يا رسول الله ، والذي بعثك بالحق ، لقد خرجت من بلادي وتلادي ومالي لأهتدي بهداك ، وآخذ من قولك ، وما بلغتك حتى ما لي طعام إلا من خضر الأرض ، فاعرض علي . فعرض عليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، فقبل فازدحمنا حوله ، فدخل خف بكره في بيت جرذان ، فتردى الأعرابي ، فانكسرت عنقه ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : صدق والذي بعثني بالحق ، لقد خرج من بلاده وتلاده وماله ليهتدي بهداي ويأخذ من قولي ، وما بلغني حتى ما له طعام إلا من خضر الأرض ، أسمعتم بالذي عمل قليلا وأجر كثيرا هذا منهم! أسمعتم بالذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم أولئك لهم الأمن وهم مهتدون؟ فإن هذا منهم " [ وروى ابن مردويه من حديث محمد بن معلى - وكان نزل الري - حدثنا زياد بن خيثمة ، عن أبي داود ، عن عبد الله بن عمر قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " من أعطي فشكر ومنع فصبر وظلم فاستغفر وظلم فغفر " وسكت ، قالوا : يا رسول الله ما له؟ قال " : ( أولئك لهم الأمن وهم مهتدون ) ]وقوله : ( وتلك حجتنا آتيناها إبراهيم على قومه ) أي : وجهنا حجته على قومه .قال مجاهد وغيره : يعني بذلك قوله : ( وكيف أخاف ما أشركتم ولا تخافون أنكم أشركتم بالله ما لم ينزل به عليكم سلطانا فأي الفريقين أحق بالأمن [ إن كنتم تعلمون ] ) وقد صدقه الله ، وحكم له بالأمن والهداية فقال : ( الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم أولئك لهم الأمن وهم مهتدون )
6:83
وَ تِلْكَ حُجَّتُنَاۤ اٰتَیْنٰهَاۤ اِبْرٰهِیْمَ عَلٰى قَوْمِهٖؕ-نَرْفَعُ دَرَجٰتٍ مَّنْ نَّشَآءُؕ-اِنَّ رَبَّكَ حَكِیْمٌ عَلِیْمٌ(۸۳)
اور یہ ہماری دلیل ہے کہ ہم نے ابراہیم کو اس کی قوم پر عطا فرمائی، ہم جسے چاہیں درجوں بلند کریں (ف۱۷۴) بیشک تمہارا رب علم و حکمت والا ہے

ثم قال بعد ذلك كله : ( وتلك حجتنا آتيناها إبراهيم على قومه نرفع درجات من نشاء )قرئ بالإضافة وبلا إضافة ، كما في سورة يوسف ، وكلاهما قريب في المعنى .وقوله : ( إن ربك حكيم عليم ) أي : حكيم في أفعاله وأقواله ) عليم ) أي : بمن يهديه ومن يضله ، وإن قامت عليه الحجج والبراهين ، كما قال : ( إن الذين حقت عليهم كلمة ربك لا يؤمنون ولو جاءتهم كل آية حتى يروا العذاب الأليم ) [ يونس : 96 ، 97 ] ; ; ولهذا قال هاهنا :( إن ربك حكيم عليم )
6:84
وَ وَهَبْنَا لَهٗۤ اِسْحٰقَ وَ یَعْقُوْبَؕ-كُلًّا هَدَیْنَاۚ-وَ نُوْحًا هَدَیْنَا مِنْ قَبْلُ وَ مِنْ ذُرِّیَّتِهٖ دَاوٗدَ وَ سُلَیْمٰنَ وَ اَیُّوْبَ وَ یُوْسُفَ وَ مُوْسٰى وَ هٰرُوْنَؕ-وَ كَذٰلِكَ نَجْزِی الْمُحْسِنِیْنَۙ(۸۴)
اور ہم نے انہیں اسحاق اور یعقوب عطا کیے، ان سب کو ہم نے راہ دکھائی اور ان سے پہلے نوح کو راہ دکھائی اور میں اس کی اولاد میں سے داؤد اور سلیمان اور ایوب اور یوسف اور موسیٰ اور ہارون کو، اور ہم ایسا ہی بدلہ دیتے ہیں نیکوکاروں کو،

خبر تعالى أنه وهب لإبراهيم إسحاق ، بعد أن طعن في السن ، وأيس هو وامرأته " سارة " من الولد ، فجاءته الملائكة وهم ذاهبون إلى قوم لوط ، فبشروهما بإسحاق ، فتعجبت المرأة من ذلك ، وقالت : ( قالت يا ويلتى أألد وأنا عجوز وهذا بعلي شيخا إن هذا لشيء عجيب قالوا أتعجبين من أمر الله رحمة الله وبركاته عليكم أهل البيت إنه حميد مجيد ) [ هود : 72 ، 73 ] ، وبشروه مع وجوده بنبوته ، وبأن له نسلا وعقبا ، كما قال : ( وبشرناه بإسحاق نبيا من الصالحين ) [ الصافات : 112 ] ، وهذا أكمل في البشارة ، وأعظم في النعمة ، وقال : ( فبشرناها بإسحاق ومن وراء إسحاق يعقوب ) [ هود : 71 ] أي : ويولد لهذا المولود ولد في حياتكما ، فتقر أعينكما به كما قرت بوالده ، فإن الفرح بولد الولد شديد لبقاء النسل والعقب ، ولما كان ولد الشيخ والشيخة قد يتوهم أنه لا يعقب لضعفه ، وقعت البشارة به وبولده باسم " يعقوب " ، الذي فيه اشتقاق العقب والذرية ، وكان هذا مجازاة لإبراهيم ، - عليه السلام - ، حين اعتزل قومه وتركهم ، ونزح عنهم وهاجر من بلادهم ذاهبا إلى عبادة الله في الأرض ، فعوضه الله ، عز وجل ، عن قومه وعشيرته بأولاد صالحين من صلبه على دينه ، لتقر بهم عينه ، كما قال [ تعالى ] ( فلما اعتزلهم وما يعبدون من دون الله وهبنا له إسحاق ويعقوب وكلا جعلنا نبيا ) [ مريم : 49 ] ، وقال هاهنا : ( ووهبنا له إسحاق ويعقوب كلا هدينا )وقوله : ( ونوحا هدينا من قبل ) أي : من قبله ، هديناه كما هديناه ، ووهبنا له ذرية صالحة ، وكل منهما له خصوصية عظيمة ، أما نوح ، - عليه السلام - ، فإن الله تعالى لما أغرق أهل الأرض إلا من آمن به - وهم الذين صحبوه في السفينة - جعل الله ذريته هم الباقين ، فالناس كلهم من ذرية نوح ، وكذلك الخليل إبراهيم ، - عليه السلام - ، لم يبعث الله ، عز وجل ، بعده نبيا إلا من ذريته ، كما قال تعالى : ( وجعلنا في ذريته النبوة والكتاب ) الآية [ العنكبوت : 27 ] ، وقال تعالى : ( ولقد أرسلنا نوحا وإبراهيم وجعلنا في ذريتهما النبوة والكتاب ) [ الحديد : 26 ] ، وقال تعالى : ( أولئك الذين أنعم الله عليهم من النبيين من ذرية آدم وممن حملنا مع نوح ومن ذرية إبراهيم وإسرائيل وممن هدينا واجتبينا إذا تتلى عليهم آيات الرحمن خروا سجدا وبكيا ) [ مريم : 58 ] .وقوله في هذه الآية الكريمة : ( ومن ذريته ) أي : وهدينا من ذريته ( داود وسليمان ) الآية ، وعود الضمير إلى " نوح " ; لأنه أقرب المذكورين ، ظاهر . وهو اختيار ابن جرير ، ولا إشكال عليه . وعوده إلى " إبراهيم " ; لأنه الذي سبق الكلام من أجله حسن ، لكن يشكل على ذلك " لوط " ، فإنه ليس من ذرية " إبراهيم " ، بل هو ابن أخيه مادان بن آزر ; اللهم إلا أن يقال : إنه دخل في الذرية تغليبا ، كما في قوله تعالى : ( أم كنتم شهداء إذ حضر يعقوب الموت إذ قال لبنيه ما تعبدون من بعدي قالوا نعبد إلهك وإله آبائك إبراهيم وإسماعيل وإسحاق إلها واحدا ونحن له مسلمون ) [ البقرة : 133 ] فإسماعيل عمه ، ودخل في آبائه تغليبا .[ وكما قال في قوله : ( فسجد الملائكة كلهم أجمعون إلا إبليس ) [ الحجر : 30 ، 31 ] فدخل إبليس في أمر الملائكة بالسجود ، وذم على المخالفة ; لأنه كان قد تشبه بهم ، فعومل معاملتهم ، ودخل معهم تغليبا ، وكان من الجن وطبيعتهم النار والملائكة من النور ]وفي ذكر " عيسى " ، - عليه السلام - ، في ذرية " إبراهيم " أو " نوح " ، على القول الآخر دلالة على دخول ولد البنات في ذرية الرجال ; لأن " عيسى " ، - عليه السلام - ، إنما ينسب إلى " إبراهيم " ، - عليه السلام - ، بأمه " مريم " - عليها السلام - ، فإنه لا أب له .قال ابن أبي حاتم : حدثنا سهل بن يحيى العسكري ، حدثنا عبد الرحمن بن صالح ، حدثنا علي بن عابس ، عن عبد الله بن عطاء المكي ، عن أبي حرب بن أبي الأسود قال : أرسل الحجاج إلى يحيى بن يعمر فقال : بلغني أنك تزعم أن الحسن والحسين من ذرية النبي - صلى الله عليه وسلم - ، تجده في كتاب الله ، وقد قرأته من أوله إلى آخره فلم أجده؟ قال : أليس تقرأ سورة الأنعام : ( ومن ذريته داود وسليمان ) حتى بلغ ( ويحيى وعيسى ) ؟ قال : بلى ، قال : أليس عيسى من ذرية إبراهيم ، وليس له أب؟ قال : صدقت .فلهذا إذا أوصى الرجل لذريته ، أو وقف على ذريته أو وهبهم ، دخل أولاد البنات فيهم ، فأما إذا أعطى الرجل بنيه أو وقف عليهم ، فإنه يختص بذلك بنوه لصلبه وبنو بنيه ، واحتجوا بقول الشاعر العربي :بنونا بنو أبنائنا وبناتنا بنوهن أبناء الرجال الأجانبوقال آخرون : ويدخل بنو البنات فيه أيضا ، لما ثبت في صحيح البخاري أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال للحسن بن علي : " إن ابني هذا سيد ، ولعل الله أن يصلح به بين فئتين عظيمتين من المسلمين " فسماه ابنا ، فدل على دخوله في الأبناء .وقال آخرون : هذا تجوز .
6:85
وَ زَكَرِیَّا وَ یَحْیٰى وَ عِیْسٰى وَ اِلْیَاسَؕ-كُلٌّ مِّنَ الصّٰلِحِیْنَۙ(۸۵)
اور زکریا اور یحییٰ اور عیسیٰ اور الیاس کو یہ سب ہمارے قرب کے لائق ہیں

وفي ذكر عيسى عليه السلام في ذرية إبراهيم أو نوح على القول الآخر دلالة على دخول ولد البنات في ذرية الرجل لأن عيسى عليه السلام إنما ينسب إلى إبراهيم عليه السلام بأمه مريم عليها السلام فإنه لا أب له.قال ابن أبي حاتم حدثنا سهل بن يحيى العسكري حدثنا عبد الرحمن بن صالح حدثنا علي بن عابس عن عبد الله بن عطاء المكي عن أبي حرب بن أبي الأسود قال أرسل الحجاج إلى يحيى بن يعمر فقال بلغني أنك تزعم أن الحسن والحسين من ذرية النبي صلى الله عليه وآله وسلم تجده في كتاب الله - وقد فرأته من أوله إلى آخره فلم أجده؟ قال أليس تقرأ سورة الأنعام "ومن ذريته داود وسليمان" حتى بلغ "ويحيى وعيسى" قال بلى.قال أليس عيسى من ذرية إبراهيم وليس له أب؟ قال صدقت.فلهذا إذا أوصى الرجل لذريته أو وقف على ذريته أو وهبهم دخل أولاد البنات فيهم فأما إذا أعطى الرجل بنيه أو وقف عليهم فإنه يختص بذلك بنوه لصلبه وبنو بنيه واحتجوا بقول الشاعر العربي: بنونا بنو أبنائنا وبناتنا بنوهن أبناء الرجال الأجانب وقال آخرون: ويدخل بنو البنات فيه أيضا لما ثبت في صحيح البخاري أن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال للحسن بن علي إن ابني هذا سيد ولعل الله أن يصلح به بين فئتين عظيمتين من المسلمين فسماه ابنا فدل على دخوله في الأبناء.وقال آخرون: هذا تجوز.
6:86
وَ اِسْمٰعِیْلَ وَ الْیَسَعَ وَ یُوْنُسَ وَ لُوْطًاؕ-وَ كُلًّا فَضَّلْنَا عَلَى الْعٰلَمِیْنَۙ(۸۶)
اور اسماعیل اور یسع اور یونس اور لوط کو، اور ہم نے ہر ایک کو اس کے وقت میں سب پر فضیلت دی (ف۱۷۵)

وعود الضمير إلى نوح لأنه أقرب المذكورين ظاهر لا إشكال فيه وهو اختيار ابن جرير.وعوده إلى إبراهيم لأنه الذي سيق الكلام من أجله حسن لكن يشكل عليه لوط فإنه ليس من ذرية إبراهيم بل هو ابن أخيه هاران بن آزر اللهم إلا أن يقال إنه دخل في الذرية تغليبا كما في قوله "أم كنتم شهداء إذ حضر يعقوب الموت إذ قال لبنيه ما تعبدون من بعدي قالوا: نعبد إلهك وإله آبائك إبراهيم وإسماعيل وإسحاق إلها واحدا ونحن له مسلمون" فإسماعيل عمه دخل في آبائه تغليبا وكما قال في قوله "فسجد الملائكة كلهم أجمعون إلا إبليس" فدخل إبليس في أمر الملائكة بالسجود وذم على المخالفة لأنه كان في تشبه بهم فعومل معاملتهم ودخل معهم تغليبا وإلا فهو كان من الجن وطبيعته من النار والملائكة من النور.
6:87
وَ مِنْ اٰبَآىٕهِمْ وَ ذُرِّیّٰتِهِمْ وَ اِخْوَانِهِمْۚ-وَ اجْتَبَیْنٰهُمْ وَ هَدَیْنٰهُمْ اِلٰى صِرَاطٍ مُّسْتَقِیْمٍ(۸۷)
اور کچھ ان کے باپ دادا اور اولاد اور بھائیوں میں سے بعض کو (ف۱۷۶) اور ہم نے انہیں چن لیا اور سیدھی راہ دکھائی،

وقوله : ( ومن آبائهم وذرياتهم وإخوانهم ) ذكر أصولهم وفروعهم . وذوي طبقتهم ، وأن الهداية والاجتباء شملهم كلهم ; ولهذا قال : ( واجتبيناهم وهديناهم إلى صراط مستقيم )
6:88
ذٰلِكَ هُدَى اللّٰهِ یَهْدِیْ بِهٖ مَنْ یَّشَآءُ مِنْ عِبَادِهٖؕ-وَ لَوْ اَشْرَكُوْا لَحَبِطَ عَنْهُمْ مَّا كَانُوْا یَعْمَلُوْنَ(۸۸)
یہ اللہ کی ہدایت ہے کہ اپنے بندوں میں جسے چاہے دے، اور اگر وہ شرک کرتے تو ضرور ان کا کیا اکارت جاتا،

ثم قال : ( ذلك هدى الله يهدي به من يشاء من عباده ) أي : إنما حصل لهم ذلك بتوفيق الله وهدايته إياهم ( ولو أشركوا لحبط عنهم ما كانوا يعملون ) تشديد لأمر الشرك ، وتغليظ لشأنه ، وتعظيم لملابسته ، كما قال [ تعالى ] ( ولقد أوحي إليك وإلى الذين من قبلك لئن أشركت ليحبطن عملك ) الآية [ الزمر : 65 ] ، وهذا شرط ، والشرط لا يقتضي جواز الوقوع ، كقوله [ تعالى ] ( قل إن كان للرحمن ولد فأنا أول العابدين ) [ الزخرف : 81 ] ، وكقوله ( لو أردنا أن نتخذ لهوا لاتخذناه من لدنا إن كنا فاعلين ) [ الأنبياء : 17 ] وكقوله ( لو أراد الله أن يتخذ ولدا لاصطفى مما يخلق ما يشاء سبحانه هو الله الواحد القهار ) [ الزمر : 4 ] .
6:89
اُولٰٓىٕكَ الَّذِیْنَ اٰتَیْنٰهُمُ الْكِتٰبَ وَ الْحُكْمَ وَ النُّبُوَّةَۚ-فَاِنْ یَّكْفُرْ بِهَا هٰۤؤُلَآءِ فَقَدْ وَ كَّلْنَا بِهَا قَوْمًا لَّیْسُوْا بِهَا بِكٰفِرِیْنَ(۸۹)
یہ ہیں جن کو ہم نے کتاب اور حکم اور نبوت عطا کی تو اگر یہ لوگ (ف۱۷۷) اس سے منکر ہوں تو ہم نے اس کیلئے ایک ایسی قوم لگا رکھی ہے جو انکار والی نہیں(ف۱۷۸)

وقوله : ( أولئك الذين آتيناهم الكتاب والحكم والنبوة ) أي : أنعمنا عليهم بذلك رحمة للعباد بهم ، ولطفا منا بالخليقة ( فإن يكفر بها ) أي : بالنبوة . ويحتمل أن يكون الضمير عائدا على هذه الأشياء الثلاثة : الكتاب ، والحكم ، والنبوة .وقوله : ( هؤلاء ) يعني : أهل مكة . قاله ابن عباس وسعيد بن المسيب والضحاك وقتادة والسدي . ) فقد وكلنا بها قوما ليسوا بها بكافرين ) أي : إن يكفر بهذه النعم من كفر بها من قريش وغيرهم من سائر أهل الأرض ، من عرب وعجم ، ومليين وكتابيين ، فقد وكلنا بها قوما ) آخرين ) يعني : المهاجرين والأنصار وأتباعهم إلى يوم القيامة ( ليسوا بها بكافرين ) أي : لا يجحدون شيئا منها ، ولا يردون منها حرفا واحدا ، بل يؤمنون بجميعها محكمها ومتشابهها ، جعلنا الله منهم بمنه وكرمه وإحسانه .
6:90
اُولٰٓىٕكَ الَّذِیْنَ هَدَى اللّٰهُ فَبِهُدٰىهُمُ اقْتَدِهْؕ-قُلْ لَّاۤ اَسْــٴَـلُكُمْ عَلَیْهِ اَجْرًاؕ-اِنْ هُوَ اِلَّا ذِكْرٰى لِلْعٰلَمِیْنَ۠(۹۰)
یہ ہیں جن کو اللہ نے ہدایت کی تو تم انہیں کی راہ چلو (ف۱۷۹) تم فرماؤ میں قرآن پر تم سے کوئی اجرت نہیں مانگتا وہ تو نہیں مگر نصیحت سارے جہان کو(ف۱۸۰)

ثم قال تعالى مخاطبا عبده ورسوله محمدا - صلى الله عليه وسلم - : ( أولئك ) يعني : الأنبياء المذكورين مع من أضيف إليهم من الآباء والذرية والإخوان وهم الأشباه ( الذين هدى الله ) أي : هم أهل الهداية لا غيرهم ( فبهداهم اقتده ) أي : اقتد واتبع . وإذا كان هذا أمرا للرسول - صلى الله عليه وسلم - ، فأمته تبع له فيما يشرعه [ لهم ] ويأمرهم به .قال البخاري عند هذه الآية : حدثنا إبراهيم بن موسى ، أخبرنا هشام ، أن ابن جريج أخبرهم قال : أخبرني سليمان الأحول أن مجاهدا أخبره ، أنه سأل ابن عباس : أفي ( ص ) سجدة؟ فقال : نعم ، ثم تلا ( ووهبنا له إسحاق ) إلى قوله : ( فبهداهم اقتده ) ثم قال : هو منهم - زاد يزيد بن هارون ومحمد بن عبيد وسهل بن يوسف ، عن العوام ، عن مجاهد قال : قلت لابن عباس ، فقال : نبيكم - صلى الله عليه وسلم - ممن أمر أن يقتدي بهموقوله : ( قل لا أسألكم عليه أجرا ) أي : لا أطلب منكم على إبلاغي إياكم هذا القرآن ) أجرا ) أي : أجرة ، ولا أريد منكم شيئا ( إن هو إلا ذكرى للعالمين ) أي : يتذكرون به فيرشدوا من العمى إلى الهدى ، ومن الغي إلى الرشاد ، ومن الكفر إلى الإيمان .
6:91
وَ مَا قَدَرُوا اللّٰهَ حَقَّ قَدْرِهٖۤ اِذْ قَالُوْا مَاۤ اَنْزَلَ اللّٰهُ عَلٰى بَشَرٍ مِّنْ شَیْءٍؕ-قُلْ مَنْ اَنْزَلَ الْكِتٰبَ الَّذِیْ جَآءَ بِهٖ مُوْسٰى نُوْرًا وَّ هُدًى لِّلنَّاسِ تَجْعَلُوْنَهٗ قَرَاطِیْسَ تُبْدُوْنَهَا وَ تُخْفُوْنَ كَثِیْرًاۚ-وَ عُلِّمْتُمْ مَّا لَمْ تَعْلَمُوْۤا اَنْتُمْ وَ لَاۤ اٰبَآؤُكُمْؕ-قُلِ اللّٰهُۙ-ثُمَّ ذَرْهُمْ فِیْ خَوْضِهِمْ یَلْعَبُوْنَ(۹۱)
اور یہود نے اللہ کی قدر نہ جانی جیسی چاہیے تھی (ف۱۸۱) جب بولے ا لله نے کسی آدمی پر کچھ نہیں اتارا، تم فرماؤ کس نے اُتاری وہ کتاب جو موسیٰ لائے تھے روشنی اور لوگوں کے لیے ہدایت جس کے تم نے الگ الگ کاغذ بنالیے ظاہر کرتے ہو (ف۱۸۲) اور بہت سے چھپالیتے ہو (ف۱۸۳) اور تمہیں وہ سکھایا جاتا ہے (ف۱۸۴) جو نہ تم کو معلوم تھا نہ تمہارے باپ دادا کو، اللہ کہو (ف۱۸۵) پھر انہیں چھوڑ دو ان کی بیہودگی میں انہیں کھیلتا(ف۱۸۶)

يقول تعالى : وما عظموا الله حق تعظيمه ، إذ كذبوا رسله إليهم ، قال ابن عباس ومجاهد وعبد الله بن كثير : نزلت في قريش . واختاره ابن جرير ، وقيل : نزلت في طائفة من اليهود ; وقيل : في فنحاص رجل منهم ، وقيل : في مالك بن الصيف .( قالوا ما أنزل الله على بشر من شيء ) والأول هو الأظهر ; لأن الآية مكية ، واليهود لا ينكرون إنزال الكتب من السماء وقريش - والعرب قاطبة - كانوا يبعدون إرسال رسول من البشر ، كما قال [ تعالى ] ( أكان للناس عجبا أن أوحينا إلى رجل منهم أن أنذر الناس [ وبشر الذين آمنوا أن لهم قدم صدق عند ربهم ] ) [ يونس : 2 ] ، وقال تعالى : ( وما منع الناس أن يؤمنوا إذ جاءهم الهدى إلا أن قالوا أبعث الله بشرا رسولا قل لو كان في الأرض ملائكة يمشون مطمئنين لنزلنا عليهم من السماء ملكا رسولا ) [ الإسراء : 94 ، 95 ] ، وقال هاهنا : ( وما قدروا الله حق قدره إذ قالوا ما أنزل الله على بشر من شيء ) قال الله تعالى : ( قل من أنزل الكتاب الذي جاء به موسى نورا وهدى للناس ) ؟ أي : قل يا محمد لهؤلاء المنكرين لإنزال شيء من الكتب من عند الله ، في جواب سلبهم العام بإثبات قضية جزئية موجبة : ( من أنزل الكتاب الذي جاء به موسى ) يعني : التوراة التي قد علمتم - وكل أحد - أن الله قد أنزلها على موسى بن عمران نورا وهدى للناس ، أي : ليستضاء بها في كشف المشكلات ، ويهتدى بها من ظلم الشبهات .وقوله : ( تجعلونه قراطيس تبدونها وتخفون كثيرا ) أي : يجعلها حملتها قراطيس ، أي : قطعا يكتبونها من الكتاب الأصلي الذي بأيديهم ويحرفون فيها ما يحرفون ويبدلون ويتأولون ، ويقولون : ( هذا من عند الله ) [ البقرة : 79 ] ، أي : في كتابه المنزل ، وما هو من عند الله ; ولهذا قال : ( تجعلونه قراطيس تبدونها وتخفون كثيرا )وقوله : ( وعلمتم ما لم تعلموا أنتم ولا آباؤكم ) أي : ومن أنزل القرآن الذي علمكم الله فيه من خبر ما سبق ، ونبأ ما يأتي ما لم تكونوا تعلمون ذلك أنتم ولا آباؤكم .قال قتادة : هؤلاء مشركو العرب . وقال مجاهد : هذه للمسلمين .وقوله : ( قل الله ) قال علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس : أي : قل : الله أنزله . وهذا الذي قاله ابن عباس هو المتعين في تفسير هذه الكلمة ، لا ما قاله بعض المتأخرين ، من أن معنى ) قل الله ) أي : لا يكون خطاب لهم إلا هذه الكلمة ، كلمة : " الله "وهذا الذي قاله هذا القائل يكون أمرا بكلمة مفردة من غير تركيب ، والإتيان بكلمة مفردة لا يفيد في لغة العرب فائدة يحسن السكوت عليها .وقوله : ( ثم ذرهم في خوضهم يلعبون ) أي : ثم دعهم في جهلهم وضلالهم يلعبون ، حتى يأتيهم من الله اليقين فسوف يعلمون ألهم العاقبة ، أم لعباد الله المتقين؟
6:92
وَ هٰذَا كِتٰبٌ اَنْزَلْنٰهُ مُبٰرَكٌ مُّصَدِّقُ الَّذِیْ بَیْنَ یَدَیْهِ وَ لِتُنْذِرَ اُمَّ الْقُرٰى وَ مَنْ حَوْلَهَاؕ-وَ الَّذِیْنَ یُؤْمِنُوْنَ بِالْاٰخِرَةِ یُؤْمِنُوْنَ بِهٖ وَ هُمْ عَلٰى صَلَاتِهِمْ یُحَافِظُوْنَ(۹۲)
اور یہ ہے برکت والی کتاب کہ ہم نے اُتاری (ف۱۸۷) تصدیق فرماتی ان کتابوں کی جو آگے تھیں اور اس لیے کہ تم ڈر سناؤ سب بستیوں کے سردار کو (ف۱۸۸) اور جو کوئی سارے جہاں میں اس کے گرد ہیں اور جو آخرت پر ایمان لاتے ہیں (ف۱۸۹) اس کتاب پر ایمان لاتے ہیں اور اپنی نماز کی حفاظت کرتے ہیں،

وقوله : ( وهذا كتاب ) يعني : القرآن ( أنزلناه مبارك مصدق الذي بين يديه ولتنذر أم القرى ) يعني : مكة ( ومن حولها ) من أحياء العرب ، ومن سائر طوائف بني آدم من عرب وعجم ، كما قال في الآية الأخرى : ( قل يا أيها الناس إني رسول الله إليكم جميعا ) [ الأعراف : 158 ] ، وقال ( لأنذركم به ومن بلغ ) [ الأنعام : 19 ] ، وقال ( ومن يكفر به من الأحزاب فالنار موعده ) [ هود : 17 ] ، وقال ( تبارك الذي نزل الفرقان على عبده ليكون للعالمين نذيرا ) [ الفرقان : 1 ] ، وقال ( وقل للذين أوتوا الكتاب والأميين أأسلمتم فإن أسلموا فقد اهتدوا وإن تولوا فإنما عليك البلاغ والله بصير بالعباد ) [ آل عمران : 20 ] ، وثبت في الصحيحين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " أعطيت خمسا لم يعطهن أحد من الأنبياء قبلي " وذكر منهن : " وكان النبي يبعث إلى قومه ، وبعثت إلى الناس عامة " ; ولهذا قال : ( والذين يؤمنون بالآخرة يؤمنون به ) أي : كل من آمن بالله واليوم الآخر آمن بهذا الكتاب المبارك الذي أنزلناه إليك يا محمد ، وهو القرآن ، ( وهم على صلاتهم يحافظون ) أي : يقومون بما افترض عليهم ، من أداء الصلوات في أوقاتها .
6:93
وَ مَنْ اَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرٰى عَلَى اللّٰهِ كَذِبًا اَوْ قَالَ اُوْحِیَ اِلَیَّ وَ لَمْ یُوْحَ اِلَیْهِ شَیْءٌ وَّ مَنْ قَالَ سَاُنْزِلُ مِثْلَ مَاۤ اَنْزَلَ اللّٰهُؕ-وَ لَوْ تَرٰۤى اِذِ الظّٰلِمُوْنَ فِیْ غَمَرٰتِ الْمَوْتِ وَ الْمَلٰٓىٕكَةُ بَاسِطُوْۤا اَیْدِیْهِمْۚ-اَخْرِجُوْۤا اَنْفُسَكُمْؕ-اَلْیَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُوْنِ بِمَا كُنْتُمْ تَقُوْلُوْنَ عَلَى اللّٰهِ غَیْرَ الْحَقِّ وَ كُنْتُمْ عَنْ اٰیٰتِهٖ تَسْتَكْبِرُوْنَ(۹۳)
اور اس سے بڑھ کر ظالم کون جو اللہ پر جھوٹ باندھے (ف۱۹۰) یا کہے مجھے وحی ہوئی اور اسے کچھ وحی نہ ہوئی (ف۱۹۱) اور جو کہے ابھی میں اُتارتا ہوں ایسا جیسا اللہ نے اُتارا (ف۱۹۲) اور کبھی تم دیکھوں جس وقت ظالم موت کی سختیوں میں ہیں اور فرشتے ہاتھ پھیلاتے ہوئے ہیں (ف۱۹۳) کہ نکالو اپنی جانیں، آج تمہیں خواری کا عذاب دیا جائے گا بدلہ اس کا کہ اللہ پر جھوٹ لگاتے تھے (ف۱۹۴) اور اس کی آیتوں سے تکبر کرتے،

يقول تعالى : ( ومن أظلم ممن افترى على الله كذبا ) أي : لا أحد أظلم ممن كذب على الله ، فجعل له شريكا أو ولدا ، أو ادعى أن الله أرسله إلى الناس ولم يكن أرسله; ولهذا قال تعالى : ( أو قال أوحي إلي ولم يوح إليه شيء )قال عكرمة وقتادة : نزلت في مسيلمة الكذاب لعنه الله .( ومن قال سأنزل مثل ما أنزل الله ) يعني : ومن ادعى أنه يعارض ما جاء من عند الله من الوحي مما يفتريه من القول ، كما قال تعالى : ( وإذا تتلى عليهم آياتنا قالوا قد سمعنا لو نشاء لقلنا مثل هذا إن هذا إلا أساطير الأولين ) [ الأنفال : 31 ] ، قال الله : ( ولو ترى إذ الظالمون في غمرات الموت ) أي : في سكراته وغمراته وكرباته ، ( والملائكة باسطو أيديهم ) أي : بالضرب كما قال : ( لئن بسطت إلي يدك لتقتلني ما أنا بباسط يدي إليك لأقتلك ) الآية [ المائدة : 28 ] ، وقال : ( ويبسطوا إليكم أيديهم وألسنتهم بالسوء ) الآية [ الممتحنة : 2 ] .وقال الضحاك ، وأبو صالح : ( باسطو أيديهم ) أي : بالعذاب . وكما قال تعالى ( ولو ترى إذ يتوفى الذين كفروا الملائكة يضربون وجوههم وأدبارهم ) [ الأنفال : 50 ] ; ولهذا قال : ( والملائكة باسطو أيديهم ) أي : بالضرب لهم حتى تخرج أنفسهم من أجسادهم; ولهذا يقولون لهم : ( أخرجوا أنفسكم ) وذلك أن الكافر إذا احتضر بشرته الملائكة بالعذاب والنكال ، والأغلال والسلاسل ، والجحيم والحميم ، وغضب الرحمن الرحيم ، فتتفرق روحه في جسده ، وتعصى وتأبى الخروج ، فتضربهم الملائكة حتى تخرج أرواحهم من أجسادهم ، قائلين لهم : ( أخرجوا أنفسكم اليوم تجزون عذاب الهون بما كنتم تقولون على الله غير الحق وكنتم عن آياته تستكبرون ) أي : اليوم تهانون غاية الإهانة ، كما كنتم تكذبون على الله ، وتستكبرون عن اتباع آياته ، والانقياد لرسله .وقد وردت أحاديث متواترة في كيفية احتضار المؤمن والكافر ، وهي مقررة عند قوله تعالى : ( يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة ) [ إبراهيم : 27 ] .وقد ذكر ابن مردويه هاهنا حديثا مطولا جدا من طريق غريبة ، عن الضحاك ، عن ابن عباس مرفوعا ، فالله أعلم .
6:94
وَ لَقَدْ جِئْتُمُوْنَا فُرَادٰى كَمَا خَلَقْنٰكُمْ اَوَّلَ مَرَّةٍ وَّ تَرَكْتُمْ مَّا خَوَّلْنٰكُمْ وَرَآءَ ظُهُوْرِكُمْۚ-وَ مَا نَرٰى مَعَكُمْ شُفَعَآءَكُمُ الَّذِیْنَ زَعَمْتُمْ اَنَّهُمْ فِیْكُمْ شُرَكٰٓؤُاؕ-لَقَدْ تَّقَطَّعَ بَیْنَكُمْ وَ ضَلَّ عَنْكُمْ مَّا كُنْتُمْ تَزْعُمُوْنَ۠(۹۴)
اور بیشک تم ہمارے پاس اکیلے آئے جیسا ہم نے تمہیں پہلی بار پیدا کیا تھا (ف۱۹۵) اور پیٹھ پیچھے چھوڑ آئے جو مال و متاع ہم نے تمہیں دیا تھا اور ہم تمہارے ساتھ تمہارے ان سفارشیوں کو نہیں دیکھتے جن کا تم اپنے میں ساجھا بتاتے تھے (ف۱۹۶) بیشک تمہارے آپس کی ڈور کٹ گئی (ف۱۹۷) اور تم سے گئے جو دعوے کرتے تھے (ف۱۹۸)

وقوله : ( ولقد جئتمونا فرادى كما خلقناكم أول مرة ) أي : يقال لهم يوم معادهم هذا ، كما قال ( وعرضوا على ربك صفا لقد جئتمونا كما خلقناكم أول مرة ) [ الكهف : 48 ] ، أي : كما بدأناكم أعدناكم ، وقد كنتم تنكرون ذلك وتستبعدونه ، فهذا يوم البعث .وقوله : ( وتركتم ما خولناكم ) أي : من النعم والأموال التي اقتنيتموها في الدار الدنيا ( وراء ظهوركم ) وثبت في الصحيح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " يقول ابن آدم : مالي مالي ، وهل لك من مالك إلا ما أكلت فأفنيت ، أو لبست فأبليت ، أو تصدقت فأمضيت ، وما سوى ذلك فذاهب وتاركه للناس "وقال الحسن البصري : يؤتى بابن آدم يوم القيامة كأنه بذج فيقول الله - عز وجل - له أين ما جمعت؟ فيقول يا رب ، جمعته وتركته أوفر ما كان ، فيقول : فأين ما قدمت لنفسك؟ فلا يراه قدم شيئا ، وتلا هذه الآية : ( ولقد جئتمونا فرادى كما خلقناكم أول مرة وتركتم ما خولناكم وراء ظهوركم ) رواه ابن أبي حاتم .وقوله : ( وما نرى معكم شفعاءكم الذين زعمتم أنهم فيكم شركاء ) تقريع لهم وتوبيخ على ما كانوا اتخذوا في الدار الدنيا من الأنداد والأصنام والأوثان ، ظانين أن تلك تنفعهم في معاشهم ومعادهم إن كان ثم معاد ، فإذا كان يوم القيامة تقطعت الأسباب ، وانزاح الضلال ، وضل عنهم ما كانوا يفترون ، ويناديهم الرب ، عز وجل ، على رءوس الخلائق : ( أين شركاؤكم الذين كنتم تزعمون ) [ الأنعام : 22 ] وقيل لهم ( أين ما كنتم تعبدون من دون الله هل ينصرونكم أو ينتصرون ) [ الشعراء : 92 ، 93 ] ; ولهذا قال هاهنا : ( وما نرى معكم شفعاءكم الذين زعمتم أنهم فيكم شركاء ) أي : في العبادة ، لهم فيكم قسط في استحقاق العبادة لهم .ثم قال تعالى : ( لقد تقطع بينكم ) قرئ بالرفع ، أي شملكم ، وقرئ بالنصب ، أي : لقد انقطع ما بينكم من الوصلات والأسباب والوسائل ( وضل عنكم ) أي : وذهب عنكم ( ما كنتم تزعمون ) من رجاء الأصنام ، كما قال : ( إذ تبرأ الذين اتبعوا من الذين اتبعوا ورأوا العذاب وتقطعت بهم الأسباب وقال الذين اتبعوا لو أن لنا كرة فنتبرأ منهم كما تبرءوا منا كذلك يريهم الله أعمالهم حسرات عليهم وما هم بخارجين من النار ) [ البقرة : 166 ، 167 ] ، وقال تعالى : ( فإذا نفخ في الصور فلا أنساب بينهم يومئذ ولا يتساءلون ) [ المؤمنون : 101 ] ، وقال ( إنما اتخذتم من دون الله أوثانا مودة بينكم في الحياة الدنيا ثم يوم القيامة يكفر بعضكم ببعض ويلعن بعضكم بعضا ومأواكم النار وما لكم من ناصرين ) [ العنكبوت : 25 ] ، وقال ( وقيل ادعوا شركاءكم فدعوهم فلم يستجيبوا لهم ) الآية [ القصص : 64 ] ، وقال تعالى : ( ويوم نحشرهم جميعا ثم نقول للذين أشركوا ) إلى قوله : ( وضل عنهم ما كانوا يفترون ) [ الأنعام : 22 - 24 ] ، والآيات في هذا كثيرة جدا .
6:95
اِنَّ اللّٰهَ فَالِقُ الْحَبِّ وَ النَّوٰىؕ-یُخْرِ جُ الْحَیَّ مِنَ الْمَیِّتِ وَ مُخْرِ جُ الْمَیِّتِ مِنَ الْحَیِّؕ-ذٰلِكُمُ اللّٰهُ فَاَنّٰى تُؤْفَكُوْنَ(۹۵)
بیشک اللہ دانے اور گٹھلی کو چیر نے والا ہے (ف۱۹۹) زندہ کو مردہ سے نکالنے (ف۲۰۰) اور مردہ کو زندہ سے نکالنے والا (ف۲۰۱) یہ ہے اللہ تم کہاں اوندھے جاتے ہو (ف۲۰۲)

يخبر تعالى أنه فالق الحب والنوى ، أي : يشقه في الثرى فتنبت الزروع على اختلاف أصنافها من الحبوب ، والثمار على اختلاف أشكالها وألوانها وطعومها من النوى; ولهذا فسر قوله ( فالق الحب والنوى ) بقوله ( يخرج الحي من الميت ) أي : يخرج النبات الحي من الحب والنوى ، الذي هو كالجماد الميت ، كما قال : ( وآية لهم الأرض الميتة أحييناها وأخرجنا منها حبا فمنه يأكلون وجعلنا فيها جنات من نخيل وأعناب وفجرنا فيها من العيون ليأكلوا من ثمره وما عملته أيديهم أفلا يشكرون سبحان الذي خلق الأزواج كلها مما تنبت الأرض ومن أنفسهم ومما لا يعلمون ) [ يس : 33 - 36 ] .وقوله : ( ومخرج الميت من الحي ) معطوف على ( فالق الحب والنوى ) ثم فسره ثم عطف عليه قوله : ( ومخرج الميت من الحي ) .وقد عبروا عن هذا وهذا بعبارات ، كلها متقاربة مؤدية للمعنى ، فمن قائل : يخرج الدجاجة من البيضة ، والبيضة من الدجاجة ، ومن قائل : يخرج الولد الصالح من الكافر ، والكافر من الصالح ، وغير ذلك من العبارات التي تنتظمها الآية وتشملها .ثم قال : ( ذلكم الله ) أي : فاعل هذه الأشياء هو الله وحده لا شريك له ( فأنى تؤفكون ) أي : فكيف تصرفون من الحق وتعدلون عنه إلى الباطل فتعبدون مع الله غيره .
6:96
فَالِقُ الْاِصْبَاحِۚ-وَ جَعَلَ الَّیْلَ سَكَنًا وَّ الشَّمْسَ وَ الْقَمَرَ حُسْبَانًاؕ-ذٰلِكَ تَقْدِیْرُ الْعَزِیْزِ الْعَلِیْمِ(۹۶)
تاریکی چاک کرکے صبح نکالنے والا اور اس نے رات کو چین بنایا (ف۲۰۳) اور سورج اور چاند کو حساب (ف۲۰۴) یہ سادھا (سدھایا ہوا) ہے زبردست جاننے والے کا،

وقوله : ( فالق الإصباح وجاعل الليل سكنا ) أي : خالق الضياء والظلام ، كما قال في أول السورة : ( وجعل الظلمات والنور ) فهو سبحانه يفلق ظلام الليل عن غرة الصباح فيضيء الوجود ، ويستنير الأفق ، ويضمحل الظلام ، ويذهب الليل بدآدئه وظلام رواقه ، ويجيء النهار بضيائه وإشراقه ، كما قال تعالى ( يغشي الليل النهار يطلبه حثيثا ) [ الأعراف : 54 ] ، فبين تعالى قدرته على خلق الأشياء المتضادة المختلفة الدالة على كمال عظمته وعظيم سلطانه ، فذكر أنه فالق الإصباح وقابل ذلك بقوله : ( وجاعل الليل سكنا ) أي : ساجيا مظلما تسكن فيه الأشياء ، كما قال : ( والضحى والليل إذا سجى ) [ الضحى : 1 ، 2 ] ، وقال ( والليل إذا يغشى والنهار إذا تجلى ) [ الليل : 1 ، 2 ] ، وقال ( والنهار إذا جلاها والليل إذا يغشاها ) [ الشمس : 3 ، 4 ] .وقال صهيب الرومي رضي الله عنه لامرأته وقد عاتبته في كثرة سهره : إن الله جعل الليل سكنا إلا لصهيب ، إن صهيبا إذا ذكر الجنة طال شوقه ، وإذا ذكر النار طار نومه ، رواه ابن أبي حاتم .وقوله : ( والشمس والقمر حسبانا ) أي : يجريان بحساب مقنن مقدر ، لا يتغير ولا يضطرب ، بل كل منهما له منازل يسلكها في الصيف والشتاء ، فيترتب على ذلك اختلاف الليل والنهار طولا وقصرا ، كما قال تعالى ( هو الذي جعل الشمس ضياء والقمر نورا وقدره منازل لتعلموا عدد السنين والحساب ) الآية [ يونس : 5 ] ، وكما قال : ( لا الشمس ينبغي لها أن تدرك القمر ولا الليل سابق النهار وكل في فلك يسبحون ) [ يس : 40 ] ، وقال ( والشمس والقمر والنجوم مسخرات بأمره ) [ الأعراف : 54 ] .وقوله : ( ذلك تقدير العزيز العليم ) أي : الجميع جار بتقدير العزيز الذي لا يمانع ولا يخالف ، العليم بكل شيء ، فلا يعزب عن علمه مثقال ذرة في الأرض ولا في السماء ، وكثيرا ما إذا ذكر الله تعالى خلق الليل والنهار والشمس والقمر ، يختم الكلام بالعزة والعلم ، كما ذكر في هذه الآية ، وكما في قوله : ( وآية لهم الليل نسلخ منه النهار فإذا هم مظلمون والشمس تجري لمستقر لها ذلك تقدير العزيز العليم ) [ يس : 37 ، 38 ] .ولما ذكر خلق السماوات والأرض وما فيهن في أول سورة ( حم ) السجدة ، قال : ( وزينا السماء الدنيا بمصابيح وحفظا ذلك تقدير العزيز العليم ) [ فصلت : 12 ] .
6:97
وَ هُوَ الَّذِیْ جَعَلَ لَكُمُ النُّجُوْمَ لِتَهْتَدُوْا بِهَا فِیْ ظُلُمٰتِ الْبَرِّ وَ الْبَحْرِؕ-قَدْ فَصَّلْنَا الْاٰیٰتِ لِقَوْمٍ یَّعْلَمُوْنَ(۹۷)
اور وہی ہے جس نے تمہارے لیے تارے بنائے کہ ان سے راہ پاؤ خشکی اور تری کے اندھیروں میں، ہم نے نشانیاں مفصل بیان کردیں علم والوں کے لیے،

وقوله : ( وهو الذي جعل لكم النجوم لتهتدوا بها في ظلمات البر والبحر ) قال بعض السلف : من اعتقد في هذه النجوم غير ثلاث فقد أخطأ وكذب على الله : أن الله جعلها زينة للسماء ، ورجوما للشياطين ، ويهتدى بها في ظلمات البر والبحر .وقوله : ( قد فصلنا الآيات ) أي : قد بيناها ووضحناها ( لقوم يعلمون ) أي : يعقلون ويعرفون الحق ويجتنبون الباطل .
6:98
وَ هُوَ الَّذِیْۤ اَنْشَاَكُمْ مِّنْ نَّفْسٍ وَّاحِدَةٍ فَمُسْتَقَرٌّ وَّ مُسْتَوْدَعٌؕ-قَدْ فَصَّلْنَا الْاٰیٰتِ لِقَوْمٍ یَّفْقَهُوْنَ(۹۸)
اور وہی ہے جس نے تم کو ایک جان سے پیدا کیا (ف۲۰۵) پھر کہیں تمہیں ٹھہرنا ہے (ف۲۰۶) اور کہیں امانت رہنا (ف۲۰۷) بیشک ہم نے مفصل آیتیں بیان کردیں سمجھ والوں کے لیے،

قول تعالى : ( وهو الذي أنشأكم من نفس واحدة ) يعني : آدم عليه السلام ، كما قال : ( يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساء ) [ النساء : 1 ] .وقوله : ( فمستقر ) اختلفوا في معنى ذلك ، فعن ابن مسعود ، وابن عباس ، وأبي عبد الرحمن السلمي ، وقيس بن أبي حازم ومجاهد ، وعطاء ، وإبراهيم النخعي ، والضحاك وقتادة والسدي ، وعطاء الخراساني : ( فمستقر ) أي : في الأرحام قالوا - أو : أكثرهم - : ( ومستودع ) أي : في الأصلاب .وعن ابن مسعود وطائفة عكس ذلك . وعن ابن مسعود أيضا وطائفة : فمستقر في الدنيا ، ومستودع حيث يموت . وقال سعيد بن جبير : ( فمستقر ) في الأرحام وعلى ظهر الأرض ، وحيث يموت . وقال الحسن البصري : المستقر الذي قد مات فاستقر به عمله . وعن ابن مسعود : ومستودع في الدار الآخرة .والقول الأول هو الأظهر ، والله أعلم .وقوله : ( قد فصلنا الآيات لقوم يفقهون ) أي : يفهمون ويعون كلام الله ومعناه .
6:99
وَ هُوَ الَّذِیْۤ اَنْزَلَ مِنَ السَّمَآءِ مَآءًۚ-فَاَخْرَجْنَا بِهٖ نَبَاتَ كُلِّ شَیْءٍ فَاَخْرَجْنَا مِنْهُ خَضِرًا نُّخْرِ جُ مِنْهُ حَبًّا مُّتَرَاكِبًاۚ-وَ مِنَ النَّخْلِ مِنْ طَلْعِهَا قِنْوَانٌ دَانِیَةٌ وَّ جَنّٰتٍ مِّنْ اَعْنَابٍ وَّ الزَّیْتُوْنَ وَ الرُّمَّانَ مُشْتَبِهًا وَّ غَیْرَ مُتَشَابِهٍؕ-اُنْظُرُوْۤا اِلٰى ثَمَرِهٖۤ اِذَاۤ اَثْمَرَ وَ یَنْعِهٖؕ-اِنَّ فِیْ ذٰلِكُمْ لَاٰیٰتٍ لِّقَوْمٍ یُّؤْمِنُوْنَ(۹۹)
اور وہی ہے جس نے آسمان سے پانی اُتارا، تو ہم نے اس سے ہر اُگنے والی چیز نکالی (ف۲۰۸) تو ہم نے اس سے نکالی سبزی جس میں سے دانے نکالتے ہیں ایک دوسرے پر چڑھے ہوئے اور کھجور کے گابھے سے پاس پاس گچھے اور انگور کے باغ اور زیتون اور انار کسی بات میں ملتے اور کسی بات میں الگ، اس کا پھل دیکھو جب پھلے اور اس کا پکنا بیشک اس میں نشانیاں ہیں ایمان والوں کے لیے،

وقوله : ( وهو الذي أنزل من السماء ماء ) أي بقدر مباركا ، رزقا للعباد وغياثا للخلائق ، رحمة من الله لخلقه ( فأخرجنا به نبات كل شيء ) كما قال ( وجعلنا من الماء كل شيء حي ) [ الأنبياء : 30 ] ( فأخرجنا منه خضرا ) أي : زرعا وشجرا أخضر ، ثم بعد ذلك يخلق فيه الحب والثمر; ولهذا قال : ( نخرج منه حبا متراكبا ) أي : يركب بعضه بعضا ، كالسنابل ونحوها ( ومن النخل من طلعها قنوان ) أي : جمع قنو وهي عذوق الرطب ) دانية ) أي : قريبة من المتناول ، كما قال علي بن أبي طلحة الوالبي ، عن ابن عباس : ( قنوان دانية ) يعني بالقنوان الدانية : قصار النخل اللاصقة عذوقها بالأرض . رواه ابن جرير .قال ابن جرير : وأهل الحجاز يقولون : قنوان ، وقيس يقولون : قنوان ، وقال امرؤ القيس :فأثت أعاليه وآدت أصوله ومال بقنوان من البسر أحمراقال : وتميم يقولون قنيان بالياء - قال : وهي جمع قنو ، كما أن ( صنوان ) جمع صنو .وقوله : ( وجنات من أعناب ) أي : ونخرج منه جنات من أعناب ، وهذان النوعان هما أشرف عند أهل الحجاز ، وربما كانا خيار الثمار في الدنيا ، كما امتن تعالى بهما على عباده ، في قوله : ( ومن ثمرات النخيل والأعناب تتخذون منه سكرا ورزقا حسنا ) [ النحل : 67 ] ، وكان ذلك قبل تحريم الخمر .وقال : ( وجعلنا فيها جنات من نخيل وأعناب ) [ يس : 34 ] .وقوله : ( والزيتون والرمان مشتبها وغير متشابه ) قال قتادة وغيره : يتشابه في الورق ، قريب الشكل بعضه من بعض ، ويتخالف في الثمار شكلا وطعما وطبعا .وقوله : ( انظروا إلى ثمره إذا أثمر وينعه ) أي : نضجه ، قاله البراء بن عازب ، وابن عباس ، والضحاك ، وعطاء الخراساني ، والسدي ، وقتادة ، وغيرهم . أي : فكروا في قدرة خالقه من العدم إلى الوجود ، بعد أن كان حطبا صار عنبا ورطبا وغير ذلك ، مما خلق تعالى من الألوان والأشكال والطعوم والروائح ، كما قال تعالى : ( وفي الأرض قطع متجاورات وجنات من أعناب وزرع ونخيل صنوان وغير صنوان يسقى بماء واحد ونفضل بعضها على بعض في الأكل إن في ذلك لآيات لقوم يعقلون ) [ الرعد : 4 ] ولهذا قال هاهنا ( إن في ذلكم لآيات ) أي : دلالات على كمال قدرة خالق هذه الأشياء وحكمته ورحمته ( لقوم يؤمنون ) أي : يصدقون به ، ويتبعون رسله .
6:100
وَ جَعَلُوْا لِلّٰهِ شُرَكَآءَ الْجِنَّ وَ خَلَقَهُمْ وَ خَرَقُوْا لَهٗ بَنِیْنَ وَ بَنٰتٍۭ بِغَیْرِ عِلْمٍؕ-سُبْحٰنَهٗ وَ تَعٰلٰى عَمَّا یَصِفُوْنَ۠(۱۰۰)
اور (ف۲۰۹) اللہ کا شریک ٹھہرایا جنوں کو (ف۲۱۰) حالانکہ اسی نے ان کو بنایا اور اس کے لیے بیٹے اور بیٹیاں گڑھ لیں جہالت سے، پاکی اور برتری ہے اس کو ان کی باتوں سے،

( وجعلوا لله شركاء الجن وخلقهم وخرقوا له بنين وبنات بغير علم سبحانه وتعالى عما يصفون ( 100 ) ) .هذا رد على المشركين الذين عبدوا مع الله غيره ، وأشركوا في عبادة الله أن عبدوا الجن ، فجعلوهم شركاء الله في العبادة ، تعالى الله عن شركهم وكفرهم .فإن قيل : فكيف عبدت الجن وإنما كانوا يعبدون الأصنام؟ فالجواب : أنهم إنما عبدوا الأصنام عن طاعة الجن وأمرهم إياهم بذلك ، كما قال تعالى : ( إن يدعون من دونه إلا إناثا وإن يدعون إلا شيطانا مريدا لعنه الله وقال لأتخذن من عبادك نصيبا مفروضا ولأضلنهم ولأمنينهم ولآمرنهم فليبتكن آذان الأنعام ولآمرنهم فليغيرن خلق الله ومن يتخذ الشيطان وليا من دون الله فقد خسر خسرانا مبينا يعدهم ويمنيهم وما يعدهم الشيطان إلا غرورا ) [ النساء : 117 - 120 ] ، وقال تعالى : ( أفتتخذونه وذريته أولياء من دوني وهم لكم عدو بئس للظالمين بدلا ) [ الكهف : 50 ] ، وقال إبراهيم لأبيه : ( يا أبت لا تعبد الشيطان إن الشيطان كان للرحمن عصيا ) [ مريم : 44 ] ، وقال تعالى : ( ألم أعهد إليكم يا بني آدم أن لا تعبدوا الشيطان إنه لكم عدو مبين وأن اعبدوني هذا صراط مستقيم ) [ يس : 60 ، 61 ] ، وتقول الملائكة يوم القيامة : ( سبحانك أنت ولينا من دونهم بل كانوا يعبدون الجن أكثرهم بهم مؤمنون ) [ سبأ : 41 ] ، ولهذا قال تعالى : ( وجعلوا لله شركاء الجن وخلقهم ) أي : وقد خلقهم ، فهو الخالق وحده لا شريك له ، فكيف يعبد معه غيره ، كما قال إبراهيم عليه السلام ( أتعبدون ما تنحتون والله خلقكم وما تعملون ) [ الصافات : 95 ، 96 ] .ومعنى الآية : أنه سبحانه وتعالى هو المستقل بالخلق وحده; فلهذا يجب أن يفرد بالعبادة وحده لا شريك له .وقوله تعالى : ( وخرقوا له بنين وبنات بغير علم ) ينبه به تعالى على ضلال من ضل في وصفه تعالى بأن له ولدا ، كما يزعم من قاله من اليهود في العزير ، ومن قال من النصارى في المسيح وكما قال المشركون من العرب في الملائكة : إنها بنات الله ، تعالى الله عما يقولون علوا كبيرا .ومعنى قوله تعالى ( وخرقوا ) أي : واختلقوا وائتفكوا ، وتخرصوا وكذبوا ، كما قاله علماء السلف . قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس : ( وخرقوا ) يعني : أنهم تخرصوا .وقال العوفي عنه : ( وخرقوا له بنين وبنات بغير علم ) قال : جعلوا له بنين وبنات . وقال مجاهد : ( وخرقوا له بنين وبنات ) قال : كذبوا . وكذا قال الحسن . وقال الضحاك : وضعوا ، وقال السدي : قطعوا .قال ابن جرير : فتأويل الكلام إذا : وجعلوا لله الجن شركاء في عبادتهم إياه ، وهو المنفرد بخلقهم بغير شريك ولا ظهير ( وخرقوا له بنين وبنات ) يقول : وتخرصوا لله كذبا ، فافتعلوا له بنين وبنات بغير علم بحقيقة ما يقولون ، ولكن جهلا بالله وبعظمته ، وأنه لا ينبغي إن كان إلها أن يكون له بنون وبنات ولا صاحبة ، ولا أن يشركه في خلقه شريك .ولهذا قال تعالى : ( سبحانه وتعالى عما يصفون ) أي : تقدس وتنزه وتعاظم عما يصفه هؤلاء الجهلة الضالون من الأولاد والأنداد ، والنظراء والشركاء .
6:101
بَدِیْعُ السَّمٰوٰتِ وَ الْاَرْضِؕ-اَنّٰى یَكُوْنُ لَهٗ وَلَدٌ وَّ لَمْ تَكُنْ لَّهٗ صَاحِبَةٌؕ-وَ خَلَقَ كُلَّ شَیْءٍۚ-وَ هُوَ بِكُلِّ شَیْءٍ عَلِیْمٌ(۱۰۱)
بے کسی نمو نہ کے آسمانوں اور زمین کا بنانے والا، اسکے بچہ کہاں سے ہو حالانکہ اس کی عورت نہیں (ف۲۱۱) اور اس نے ہر چیز پیدا کی (ف۲۱۲) اور وہ سب کچھ جانتا ہے،

( بديع السماوات والأرض ) أي : مبدع السماوات والآرض وخالقهما ومنشئهما ومحدثها على غير مثال سبق ، كما قال مجاهد والسدي . ومنه سميت البدعة بدعة; لأنه لا نظير لها فيما سلف .( أنى يكون له ولد ) أي : كيف يكون له ولد ، ولم تكن له صاحبة؟ أي : والولد إنما يكون متولدا عن شيئين متناسبين ، والله لا يناسبه ولا يشابهه شيء من خلقه; لأنه خالق كل شيء ، فلا صاحبة له ولا ولد ، كما قال تعالى : ( وقالوا اتخذ الرحمن ولدا لقد جئتم شيئا إدا تكاد السماوات يتفطرن منه وتنشق الأرض وتخر الجبال هدا أن دعوا للرحمن ولدا وما ينبغي للرحمن أن يتخذ ولدا إن كل من في السماوات والأرض إلا آتي الرحمن عبدا لقد أحصاهم وعدهم عدا وكلهم آتيه يوم القيامة فردا ) [ مريم : 88 - 95 ] .( وخلق كل شيء وهو بكل شيء عليم ) فبين تعالى أنه الذي خلق كل شيء ، وأنه بكل شيء عليم ، فكيف يكون له صاحبة من خلقه تناسبه؟ وهو الذي لا نظير له فأنى يكون له ولد؟ تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا .
6:102
ذٰلِكُمُ اللّٰهُ رَبُّكُمْۚ-لَاۤ اِلٰهَ اِلَّا هُوَۚ-خَالِقُ كُلِّ شَیْءٍ فَاعْبُدُوْهُۚ-وَ هُوَ عَلٰى كُلِّ شَیْءٍ وَّكِیْلٌ(۱۰۲)
یہ ہے اللہ تمہارا رب (ف۲۱۳) اور اس کے سوا کسی کی بندگی نہیں ہر چیز کا بنانے والا تو اسے پوجو وہ ہر چیز پر نگہبان ہے(ف۲۱۴)

يقول تعالى : ( ذلكم الله ربكم ) أي : الذي خلق كل شيء ولا ولد له ولا صاحبة ، ( لا إله إلا هو خالق كل شيء فاعبدوه ) فاعبدوه وحده لا شريك له ، وأقروا له بالوحدانية ، وأنه لا إله إلا هو ، وأنه لا ولد له ولا والد ، ولا صاحبة له ولا نظير ولا عديل ( وهو على كل شيء وكيل ) أي : حفيظ ورقيب يدبر كل ما سواه ، ويرزقهم ويكلؤهم بالليل والنهار .
6:103
لَا تُدْرِكُهُ الْاَبْصَارُ٘-وَ هُوَ یُدْرِكُ الْاَبْصَارَۚ-وَ هُوَ اللَّطِیْفُ الْخَبِیْرُ(۱۰۳)
آنکھیں اسے احاطہ نہیں کرتیں (ف۲۱۵) اور سب آنکھیں اس کے احاطہ میں ہیں اور وہی ہے پورا باطن پورا خبردار،

وقوله تعالى : ( لا تدركه الأبصار ) فيه أقوال للأئمة من السلف :أحدها : لا تدركه في الدنيا ، وإن كانت تراه في الآخرة كما تواترت به الأخبار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من غير ما طريق ثابت في الصحاح والمسانيد والسنن ، كما قال مسروق عن عائشة أنها قالت : من زعم أن محمدا أبصر ربه فقد كذب . وفي رواية : على الله فإن الله يقول : ( لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار ) .رواه ابن أبي حاتم من حديث أبي بكر بن عياش ، عن عاصم بن أبي النجود ، عن أبي الضحى ، عن مسروق . ورواه غير واحد عن مسروق ، وثبت في الصحيح وغيره عن عائشة من غير وجه .وقد خالفها ابن عباس ، فعنه إطلاق الرؤية ، وعنه أنه رآه بفؤاده مرتين . والمسألة تذكر في أول " سورة النجم " إن شاء الله تعالى .وقال ابن أبي حاتم : ذكر محمد بن مسلم ، حدثنا أحمد بن إبراهيم الدورقي ، حدثنا يحيى بن معين قال : سمعت إسماعيل بن علية يقول في قول الله تعالى : ( لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار ) قال : هذا في الدنيا . قال : وذكر أبي ، عن هشام بن عبيد الله أنه قال نحو ذلك .وقال آخرون : ( لا تدركه الأبصار ) أي : جميعها ، وهذا مخصص بما ثبت من رؤية المؤمنين له في الدار الآخرة .وقال آخرون ، من المعتزلة بمقتضى ما فهموه من الآية : إنه لا يرى في الدنيا ولا في الآخرة . فخالفوا أهل السنة والجماعة في ذلك ، مع ما ارتكبوه من الجهل بما دل عليه كتاب الله وسنة رسوله . أما الكتاب ، فقوله تعالى : ( وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة ) [ القيامة : 22 ، 23 ] ، وقال تعالى عن الكافرين : ( كلا إنهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون ) [ المطففين : 15 ] .قال الإمام الشافعي : فدل هذا على أن المؤمنين لا يحجبون عنه تبارك وتعالى .وأما السنة ، فقد تواترت الأخبار عن أبي سعيد ، وأبي هريرة ، وأنس ، وجرير ، وصهيب ، وبلال ، وغير واحد من الصحابة عن النبي صلى الله عليه وسلم : أن المؤمنين يرون الله في الدار الآخرة في العرصات ، وفي روضات الجنات ، جعلنا الله تعالى منهم بمنه وكرمه آمين .وقيل : المراد بقوله : ( لا تدركه الأبصار ) أي : العقول . رواه ابن أبي حاتم عن علي بن الحسين ، عن الفلاس ، عن ابن مهدي ، عن أبي الحصين يحيى بن الحصين قارئ أهل مكة أنه قال ذلك . وهذا غريب جدا ، وخلاف ظاهر الآية ، وكأنه اعتقد أن الإدراك في معنى الرؤية ، والله سبحانه وتعالى أعلم .وقال آخرون : لا منافاة بين إثبات الرؤية لله تعالى في الآخرة ونفي الإدراك ، فإن الإدراك أخص من الرؤية ، ولا يلزم من نفي الأخص انتفاء الأعم . ثم اختلف هؤلاء في الإدراك المنفي ، ما هو؟ فقيل : معرفة الحقيقة ، فإن هذا لا يعلمه إلا هو وإن رآه المؤمنون ، كما أن من رأى القمر فإنه لا يدرك حقيقته وكنهه وماهيته ، فالعظيم أولى بذلك وله المثل الأعلى .وقال آخرون : المراد بالإدراك الإحاطة . قالوا : ولا يلزم من عدم الإحاطة عدم الرؤية كما لا يلزم من عدم إحاطة العلم عدم العلم ، قال الله تعالى : ( ولا يحيطون به علما ) [ طه : 110 ] ، وفي صحيح مسلم : " لا أحصي ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك " ولا يلزم من هذا عدم الثناء ، فكذلك هذا .قال العوفي ، عن ابن عباس في قوله تعالى : ( لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار ) قال : لا يحيط بصر أحد بالملك .وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبو زرعة ، حدثنا عمرو بن حماد بن طلحة القناد ، حدثنا أسباط عن سماك ، عن عكرمة ، أنه قيل له : ( لا تدركه الأبصار ) ؟ قال : ألست ترى السماء؟ قال : بلى . قال : فكلها ترى؟وقال سعيد بن أبي عروبة ، عن قتادة : ( لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار ) هو أعظم من أن تدركه الأبصار .وقال ابن جرير : حدثنا سعد بن عبد الله بن عبد الحكم ، حدثنا خالد بن عبد الرحمن ، حدثنا أبو عرفجة ، عن عطية العوفي في قوله تعالى : ( وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة ) [ القيامة : 22 ، 23 ] ، قال : هم ينظرون إلى الله ، لا تحيط أبصارهم به من عظمته ، وبصره محيط بهم . فذلك قوله : ( لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار ) .وقد ورد في تفسير هذه الآية حديث رواه ابن أبي حاتم هاهنا ، فقال :حدثنا أبو زرعة ، حدثنا منجاب بن الحارث السهمي حدثنا بشر بن عمارة ، عن أبي روق ، عن عطية العوفي ، عن أبي سعيد الخدري ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في قوله : ( لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار ) قال : " لو أن الجن والإنس والشياطين والملائكة منذ خلقوا إلى أن فنوا صفوا صفا واحدا ، ما أحاطوا بالله أبدا "غريب لا يعرف إلا من هذا الوجه ، ولم يروه أحد من أصحاب الكتب الستة والله أعلم .وقال آخرون في قوله تعالى ( لا تدركه الأبصار ) بما رواه الترمذي في جامعه ، وابن أبي عاصم في كتاب " السنة " له ، وابن أبي حاتم في تفسيره ، وابن مردويه أيضا ، والحاكم في مستدركه ، من حديث الحكم بن أبان قال : سمعت عكرمة يقول : سمعت ابن عباس يقول : رأى محمد ربه تبارك وتعالى . فقلت : أليس الله يقول : ( لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار ) الآية؟ فقال لي : " لا أم لك ذلك نوره ، الذي هو نوره ، إذا تجلى بنوره لا يدركه شيء " وفي رواية : " لا يقوم له شيء "قال الحاكم : صحيح على شرط الشيخين ، ولم يخرجاه .وفي معنى هذا الأثر ما ثبت في الصحيحين ، عن أبي موسى الأشعري ، رضي الله عنه ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن الله لا ينام ، ولا ينبغي له أن ينام يخفض القسط ويرفعه ، يرفع إليه عمل الليل قبل عمل النهار ، وعمل النهار قبل عمل الليل ، حجابه النور - أو : النار - لو كشفه لأحرقت سبحات وجهه ما انتهى إليه بصره من خلقه "وفي الكتب المتقدمة : إن الله تعالى قال لموسى لما سأل الرؤية : يا موسى ، إنه لا يراني حي إلا مات ، ولا يابس إلا تدهده . أي : تدعثر . وقال تعالى : ( فلما تجلى ربه للجبل جعله دكا وخر موسى صعقا فلما أفاق قال سبحانك تبت إليك وأنا أول المؤمنين ) [ الأعراف : 143 ] ونفي هذا الأثر الإدراك الخاص لا ينفي الرؤية يوم القيامة . يتجلى لعباده المؤمنين كما يشاء . فأما جلاله وعظمته على ما هو عليه - تعالى وتقدس وتنزه - فلا تدركه الأبصار; ولهذا كانت أم المؤمنين عائشة ، رضي الله عنها ، تثبت الرؤية في الدار الآخرة وتنفيها في الدنيا ، وتحتج بهذه الآية : ( لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار ) فالذي نفته الإدراك الذي هو بمعنى رؤية العظمة والجلال على ما هو عليه ، فإن ذلك غير ممكن للبشر ، ولا للملائكة ولا لشيء .وقوله : ( وهو يدرك الأبصار ) أي : يحيط بها ويعلمها على ما هي عليه; لأنه خلقها كما قال تعالى : ( ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير ) [ الملك : 14 ] .وقد يكون عبر بالأبصار عن المبصرين ، كما قال السدي في قوله : ( لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار ) لا يراه شيء وهو يرى الخلائق .وقال أبو العالية في قوله تعالى ( وهو اللطيف الخبير ) اللطيف باستخراجها ، الخبير بمكانها . والله أعلم .وهذا كما قال تعالى إخبارا عن لقمان فيما وعظ به ابنه : ( يا بني إنها إن تك مثقال حبة من خردل فتكن في صخرة أو في السماوات أو في الأرض يأت بها الله إن الله لطيف خبير ) [ لقمان : 16 ] .
6:104
قَدْ جَآءَكُمْ بَصَآىٕرُ مِنْ رَّبِّكُمْۚ-فَمَنْ اَبْصَرَ فَلِنَفْسِهٖۚ-وَ مَنْ عَمِیَ فَعَلَیْهَاؕ-وَ مَاۤ اَنَا عَلَیْكُمْ بِحَفِیْظٍ(۱۰۴)
تمہارے پاس آنکھیں کھولنے والی دلیلیں آئیں تمہارے رب کی طرف سے تو جس نے دیکھا تو اپنے بھلے کو اور جو اندھا ہوا اپنے برُے کو، اور میں تم پر نگہبان نہیں،

البصائر : هي البينات والحجج التي اشتمل عليها القرآن ، وما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم ( فمن أبصر فلنفسه ) مثل قوله : ( من اهتدى فإنما يهتدي لنفسه ومن ضل فإنما يضل عليها ) [ الإسراء : 15 ] ; ولهذا قال : ( ومن عمي فعليها ) لما ذكر البصائر قال :( ومن عمي فعليها ) أي : فإنما يعود وبال ذلك عليه ، كقوله : ( فإنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور ) [ الحج : 46 ] .( وما أنا عليكم بحفيظ ) أي : بحافظ ولا رقيب ، بل أنا مبلغ والله يهدي من يشاء ويضل من يشاء .
6:105
وَ كَذٰلِكَ نُصَرِّفُ الْاٰیٰتِ وَ لِیَقُوْلُوْا دَرَسْتَ وَ لِنُبَیِّنَهٗ لِقَوْمٍ یَّعْلَمُوْنَ(۱۰۵)
اور ہم اسی طرح آیتیں طرح طرح سے بیان کرتے (ف۲۱۶) اور اس لیے کہ کافر بول اٹھیں کہ تم تو پڑھے ہو اور اس لیے کہ اسے علم والوں پر واضح کردیں،

وقوله : ( وكذلك نصرف الآيات ) أي : وكما فصلنا الآيات في هذه السورة ، من بيان التوحيد وأنه لا إله إلا هو ، هكذا نوضح الآيات ونفسرها ونبينها في كل موطن لجهالة الجاهلين ، وليقول المشركون والكافرون المكذبون : دارست يا محمد من قبلك من أهل الكتاب وقارأتهم وتعلمت منهم .هكذا قال ابن عباس ، ومجاهد ، وسعيد بن جبير ، والضحاك ، وغيرهم .وقد قال الطبراني : حدثنا عبد الله بن أحمد ، حدثنا أبي ، حدثنا سفيان بن عيينة ، عن عمرو بن دينار ، عن عمرو بن كيسان ، سمعت ابن عباس يقرأ : ( دارست ) تلوت ، خاصمت ، جادلت .وهذا كما قال تعالى إخبارا عن كذبهم وعنادهم : ( وقال الذين كفروا إن هذا إلا إفك افتراه وأعانه عليه قوم آخرون فقد جاءوا ظلما وزورا وقالوا أساطير الأولين اكتتبها فهي تملى عليه بكرة وأصيلا ) [ الفرقان : 4 ، 5 ] ، وقال تعالى إخبارا عن زعيمهم وكاذبهم : ( إنه فكر وقدر فقتل كيف قدر ثم قتل كيف قدر ثم نظر ثم عبس وبسر ثم أدبر واستكبر فقال إن هذا إلا سحر يؤثر إن هذا إلا قول البشر ) [ المدثر : 18 - 25 ] .وقوله : ( ولنبينه لقوم يعلمون ) أي : ولنوضحه لقوم يعلمون - الحق فيتبعونه ، والباطل فيجتنبونه . فلله تعالى الحكمة البالغة في إضلال أولئك ، وبيان الحق لهؤلاء . كما قال تعالى : ( يضل به كثيرا ويهدي به كثيرا وما يضل به إلا الفاسقين ) [ البقرة : 26 ] ، وقال تعالى : ( ليجعل ما يلقي الشيطان فتنة للذين في قلوبهم مرض والقاسية قلوبهم وإن الظالمين لفي شقاق بعيد ) [ الحج : 53 ] وقال تعالى : ( وما جعلنا أصحاب النار إلا ملائكة وما جعلنا عدتهم إلا فتنة للذين كفروا ليستيقن الذين أوتوا الكتاب ويزداد الذين آمنوا إيمانا ولا يرتاب الذين أوتوا الكتاب والمؤمنون وليقول الذين في قلوبهم مرض والكافرون ماذا أراد الله بهذا مثلا كذلك يضل الله من يشاء ويهدي من يشاء وما يعلم جنود ربك إلا هو ) [ المدثر : 31 ] .وقال تعالى ( وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين ولا يزيد الظالمين إلا خسارا ) [ الإسراء : 82 ] وقال تعالى : ( قل هو للذين آمنوا هدى وشفاء والذين لا يؤمنون في آذانهم وقر وهو عليهم عمى أولئك ينادون من مكان بعيد ) [ فصلت : 44 ] ، إلى غير ذلك من الآيات الدالة على أنه تعالى أنزل القرآن هدى للمتقين ، وأنه يضل به من يشاء ويهدي به من يشاء ، ولهذا قال هاهنا : ( وكذلك نصرف الآيات وليقولوا درست ولنبينه لقوم يعلمون ) وقرأ بعضهم : ( وليقولوا درست ) .قال التميمي ، عن ابن عباس : " درست " أي : قرأت وتعلمت . وكذا قال مجاهد ، والسدي والضحاك ، وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم .وقال عبد الرزاق ، عن معمر ، قال الحسن : " وليقولوا درست " ، يقول : تقادمت وانمحت . وقال عبد الرزاق أيضا : أنبأنا ابن عيينة ، عن عمرو بن دينار ، سمعت ابن الزبير يقول : إن صبيانا يقرءون هاهنا : " درست " ، وإنما هي : " درست "وقال شعبة : حدثنا أبو إسحاق الهمداني قال في قراءة ابن مسعود : " درست " بغير ألف ، بنصب السين ووقف على التاء .وقال ابن جرير : ومعناه انمحت وتقادمت ، أي : إن هذا الذي تتلوه علينا قد مر بنا قديما ، وتطاولت مدته .وقال سعيد بن أبي عروبة ، عن قتادة أنه قرأها : " درست " أي : قرئت وتعلمت .وقال معمر ، عن قتادة : " درست " : قرئت . وفي حرف ابن مسعود " درس "وقال أبو عبيد القاسم بن سلام : حدثنا حجاج ، عن هارون قال : هي في حرف أبي بن كعب وابن مسعود : " وليقولوا درس " قال : يعنون النبي صلى الله عليه وسلم أنه قرأ .وهذا غريب ، فقد روي عن أبي بن كعب خلاف هذا ، قال أبو بكر بن مردويه : حدثنا محمد بن أحمد بن إبراهيم ، حدثنا الحسن بن الليث ، حدثنا أبو سلمة ، حدثنا أحمد بن أبي بزة المكي ، حدثنا وهب بن زمعة ، عن أبيه ، عن حميد الأعرج ، عن مجاهد ، عن ابن عباس ، عن أبي بن كعب قال : أقرأني رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( وليقولوا درست ) .ورواه الحاكم في مستدركه ، من حديث وهب بن زمعة ، وقال : يعني بجزم السين ، ونصب التاء ، ثم قال : صحيح الإسناد ولم يخرجاه .
6:106
اِتَّبِـعْ مَاۤ اُوْحِیَ اِلَیْكَ مِنْ رَّبِّكَۚ-لَاۤ اِلٰهَ اِلَّا هُوَۚ-وَ اَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِیْنَ(۱۰۶)
اس پر چلو جو تمہیں تمہارے رب کی طرف سے وحی ہوتی ہے (ف۲۱۷) اس کے سوا کوئی معبود نہیں اور مشرکوں سے منہ پھیر لو

يقول تعالى آمرا لرسوله صلى الله عليه وسلم ولمن اتبع طريقته : ( اتبع ما أوحي إليك من ربك ) أي : اقتد به ، واقتف أثره ، واعمل به; فإن ما أوحي إليك من ربك هو الحق الذي لا مرية فيه; لأنه لا إله إلا هو .( وأعرض عن المشركين ) أي : اعف عنهم واصفح ، واحتمل أذاهم ، حتى يفتح الله لك وينصرك ويظفرك عليهم .واعلم أن لله حكمة في إضلالهم ، فإنه لو شاء لهدى الناس كلهم جميعا ولو شاء الله لجمعهم على الهدى .
6:107
وَ لَوْ شَآءَ اللّٰهُ مَاۤ اَشْرَكُوْاؕ-وَ مَا جَعَلْنٰكَ عَلَیْهِمْ حَفِیْظًاۚ-وَ مَاۤ اَنْتَ عَلَیْهِمْ بِوَكِیْلٍ(۱۰۷)
اور اللہ چاہتا تو وہ شرک نہیں کرتے، اور ہم نے تمہیں ان پر نگہبان نہیں کیا اور تم ان پر کڑوڑے (حاکمِ اعلیٰ) نہیں،

( ولو شاء الله ما أشركوا ) أي : بل له المشيئة والحكمة فيما يشاؤه ويختاره ، لا يسأل عما يفعل وهم يسألون .وقوله : ( وما جعلناك عليهم حفيظا ) أي : حافظا تحفظ أعمالهم وأقوالهم ( وما أنت عليهم بوكيل ) أي : موكل على أرزاقهم وأمورهم ( إن عليك إلا البلاغ ) كما قال تعالى : ( فذكر إنما أنت مذكر لست عليهم بمسيطر ) [ الغاشية : 21 ، 22 ] ، وقال ( فإنما عليك البلاغ وعلينا الحساب ) [ الرعد : 40 ] .
6:108
وَ لَا تَسُبُّوا الَّذِیْنَ یَدْعُوْنَ مِنْ دُوْنِ اللّٰهِ فَیَسُبُّوا اللّٰهَ عَدْوًۢا بِغَیْرِ عِلْمٍؕ-كَذٰلِكَ زَیَّنَّا لِكُلِّ اُمَّةٍ عَمَلَهُمْ۪-ثُمَّ اِلٰى رَبِّهِمْ مَّرْجِعُهُمْ فَیُنَبِّئُهُمْ بِمَا كَانُوْا یَعْمَلُوْنَ(۱۰۸)
اور انہیں گالی نہ دو وہ جن کو وہ اللہ کے سوا پوجتے ہیں کہ وہ اللہ کی شان میں بے ادبی کریں گے زیادتی اور جہالت سے (ف۲۱۸) یونہی ہم نے ہر اُمت کی نگاہ میں اس کے عمل بھلے کردیے ہیں پھر انہیں اپنے رب کی طرف پھرنا ہے اور وہ انہیں بتادے گا جو کرتے تھے،

يقول تعالى ناهيا لرسوله صلى الله عليه وسلم والمؤمنين عن سب آلهة المشركين ، وإن كان فيه مصلحة ، إلا أنه يترتب عليه مفسدة أعظم منها ، وهي مقابلة المشركين بسب إله المؤمنين ، وهو الله لا إله إلا هو .كما قال علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس في هذه الآية : قالوا : يا محمد ، لتنتهين عن سبك آلهتنا ، أو لنهجون ربك ، فنهاهم الله أن يسبوا أوثانهم ، ( فيسبوا الله عدوا بغير علم ) .وقال عبد الرزاق ، عن معمر ، عن قتادة : كان المسلمون يسبون أصنام الكفار ، فيسب الكفار الله عدوا بغير علم ، فأنزل الله : ( ولا تسبوا الذين يدعون من دون الله ) .وروى ابن جرير وابن أبي حاتم ، عن السدي أنه قال في تفسير هذه الآية : لما حضر أبا طالب الموت قالت قريش : انطلقوا فلندخل على هذا الرجل ، فلنأمره أن ينهى عنا ابن أخيه ، فإنا نستحيي أن نقتله بعد موته ، فتقول العرب : كان يمنعهم فلما مات قتلوه . فانطلق أبو سفيان ، وأبو جهل ، والنضر بن الحارث ، وأمية ، وأبي ابنا خلف ، وعقبة بن أبي معيط ، وعمرو بن العاص ، والأسود بن البختري وبعثوا رجلا منهم يقال له : " المطلب " ، قالوا : استأذن لنا على أبي طالب ، فأتى أبا طالب فقال : هؤلاء مشيخة قومك يريدون الدخول عليك ، فأذن لهم عليه ، فدخلوا عليه فقالوا : يا أبا طالب ، أنت كبيرنا وسيدنا ، وإن محمدا قد آذانا وآذى آلهتنا ، فنحب أن تدعوه فتنهاه عن ذكر آلهتنا ، ولندعه وإلهه . فدعاه ، فجاء النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال له أبو طالب : هؤلاء قومك وبنو عمك . قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ما تريدون؟ " قالوا : نريد أن تدعنا وآلهتنا ، ولندعك وإلهك . قال له أبو طالب : قد أنصفك قومك ، فاقبل منهم ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم " أرأيتم إن أعطيتكم هذا ، هل أنتم معطي كلمة إن تكلمتم بها ملكتم بها العرب ، ودانت لكم بها العجم ، وأدت لكم الخراج ؟ " قال أبو جهل : وأبيك لنعطينكها وعشرة أمثالها قال : فما هي؟ قال : " قولوا لا إله إلا الله " فأبوا واشمأزوا . قال أبو طالب : يا ابن أخي ، قل غيرها ، فإن قومك قد فزعوا منها . قال : " يا عم ، ما أنا بالذي أقول غيرها ، حتى يأتوا بالشمس فيضعوها في يدي ، ولو أتوا بالشمس فوضعوها في يدي ما قلت غيرها " إرادة أن يؤيسهم ، فغضبوا وقالوا : لتكفن عن شتم آلهتنا ، أو لنشتمنك ونشتم من يأمرك ، فذلك قوله : ( فيسبوا الله عدوا بغير علم ) .ومن هذا القبيل - وهو ترك المصلحة لمفسدة أرجح منها - ما جاء في الصحيح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " ملعون من سب والديه " قالوا : يا رسول الله ، وكيف يسب الرجل والديه؟ قال : " يسب أبا الرجل فيسب أباه ، ويسب أمه فيسب أمه " أو كما قال عليه السلام .وقوله تعالى : ( كذلك زينا لكل أمة عملهم ) أي : وكما زينا لهؤلاء القوم حب أصنامهم والمحاماة لها والانتصار ، كذلك زينا لكل أمة من الأمم الخالية على الضلال - عملهم الذي كانوا فيه ، ولله الحجة البالغة ، والحكمة التامة فيما يشاؤه ويختاره . ( ثم إلى ربهم مرجعهم ) أي : معادهم ومصيرهم ، ( فينبئهم بما كانوا يعملون ) أي : يجازيهم بأعمالهم ، إن خيرا فخير ، وإن شرا فشر .
6:109
وَ اَقْسَمُوْا بِاللّٰهِ جَهْدَ اَیْمَانِهِمْ لَىٕنْ جَآءَتْهُمْ اٰیَةٌ لَّیُؤْمِنُنَّ بِهَاؕ-قُلْ اِنَّمَا الْاٰیٰتُ عِنْدَ اللّٰهِ وَ مَا یُشْعِرُكُمْۙ-اَنَّهَاۤ اِذَا جَآءَتْ لَا یُؤْمِنُوْنَ(۱۰۹)
اور انہوں نے اللہ کی قسم کھائی اپنے حلف میں پوری کوشش سے کہ اگر ان کے پاس کوئی نشانی آئی تو ضرور اس پر ایمان لائیں گے، م فرما دو کہ نشانیاں تو اللہ کے پاس ہیں (ف۲۱۹) اور تمہیں (ف۲۲۰) کیا خبر کہ جب وہ آئیں تو یہ ایمان نہ لائینگے

يقول تعالى إخبارا عن المشركين : إنهم أقسموا بالله جهد أيمانهم ، أي : حلفوا أيمانا مؤكدة ( لئن جاءتهم آية ) أي : معجزة وخارق ، ( ليؤمنن بها ) أي : ليصدقنها ، ( قل إنما الآيات عند الله ) أي : قل يا محمد لهؤلاء الذين يسألونك الآيات تعنتا وكفرا وعنادا ، لا على سبيل الهدى والاسترشاد : إنما مرجع هذه الآيات إلى الله ، إن شاء أجابكم ، وإن شاء ترككم ، كما قال ، قال ابن جرير :حدثنا هناد حدثنا يونس بن بكير ، حدثنا أبو معشر ، عن محمد بن كعب القرظي قال : كلم رسول الله صلى الله عليه وسلم قريشا ، فقالوا : يا محمد ، تخبرنا أن موسى كان معه عصا يضرب بها الحجر فانفجرت منه اثنتا عشرة عينا ، وتخبرنا أن عيسى كان يحيي الموتى ، وتخبرنا أن ثمود كانت لهم ناقة ، فأتنا من الآيات حتى نصدقك . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أي شيء تحبون أن آتيكم به؟ " قالوا : تجعل لنا الصفا ذهبا . فقال لهم : " فإن فعلت تصدقوني؟ " قالوا : نعم ، والله لئن فعلت لنتبعك أجمعين . فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعو ، فجاءه جبريل ، عليه السلام ، فقال له : لك ما شئت ، إن شئت أصبح الصفا ذهبا ، ولئن أرسل آية فلم يصدقوا عند ذلك ليعذبنهم ، وإن شئت فاتركهم حتى يتوب تائبهم . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم بل يتوب تائبهم " فأنزل الله : ( وأقسموا بالله ) إلى قوله تعالى ( يجهلون ) .وهذا مرسل وله شواهد من وجوه أخر . وقال الله تعالى : ( وما منعنا أن نرسل بالآيات إلا أن كذب بها الأولون وآتينا ثمود الناقة مبصرة فظلموا بها وما نرسل بالآيات إلا تخويفا ) [ الإسراء : 59 ] .وقوله تعالى : ( وما يشعركم أنها إذا جاءت لا يؤمنون ) قيل : المخاطب ب ( وما يشعركم ) المشركون ، وإليه ذهب مجاهد كأنه يقول لهم : وما يدريكم بصدقكم في هذه الأيمان التي تقسمون بها . وعلى هذا فالقراءة : " إنها إذا جاءت لا يؤمنون " بكسر " إنها " على استئناف الخبر عنهم بنفي الإيمان عند مجيء الآيات التي طلبوها ، وقراءة بعضهم : " أنها إذا جاءت لا تؤمنون " بالتاء المثناة من فوق .وقيل : المخاطب بقوله : ( وما يشعركم ) - المؤمنون ، أي : وما يدريكم أيها المؤمنون ، وعلى هذا فيجوز في ) إنها ) الكسر كالأول والفتح على أنه معمول ( يشعركم ) . وعلى هذا فتكون " لا " في قوله : ( أنها إذا جاءت لا يؤمنون ) صلة كما في قوله : ( ما منعك ألا تسجد إذ أمرتك ) [ الأعراف : 12 ] ، وقوله ( وحرام على قرية أهلكناها أنهم لا يرجعون ) [ الأنبياء : 95 ] . أي : ما منعك أن تسجد إذ أمرتك ، وحرام أنهم يرجعون . وتقديره في هذه الآية : وما يدريكم - أيها المؤمنون الذين تودون لهم ذلك حرصا على إيمانهم - أنها إذا جاءتهم الآيات يؤمنون .وقال بعضهم : " أنها " بمعنى لعلها .قال ابن جرير : وذكروا أن ذلك كذلك في قراءة أبي بن كعب . قال : وقد ذكر عن العرب سماعا : " اذهب إلى السوق أنك تشتري لي شيئا " بمعنى : لعلك تشتري .قال : وقد قيل : إن قول عدي بن زيد العبادي من هذا :أعاذل ما يدريك أن منيتي إلى ساعة في اليوم أو في ضحى الغدوقد اختار هذا القول ابن جرير وذكر عليه شواهد من أشعار العرب والله تعالى أعلم .
6:110
وَ نُقَلِّبُ اَفْـٕدَتَهُمْ وَ اَبْصَارَهُمْ كَمَا لَمْ یُؤْمِنُوْا بِهٖۤ اَوَّلَ مَرَّةٍ وَّ نَذَرُهُمْ فِیْ طُغْیَانِهِمْ یَعْمَهُوْنَ۠(۱۱۰)
اور ہم پھیردیتے ہیں ان کے دلوں اور آنکھوں کو (ف۲۲۱) جیسا وہ پہلی بار ایمان نہ لائے تھے (ف۲۲۲) اور انہیں چھوڑ دیتے ہیں کہ اپنی سرکشی میں بھٹکا کریں،

وقوله تعالى : ( ونقلب أفئدتهم وأبصارهم كما لم يؤمنوا به أول مرة ) قال العوفي عن ابن عباس في هذه الآية : لما جحد المشركون ما أنزل الله لم تثبت قلوبهم على شيء وردت عن كل أمر .وقال مجاهد : ( ونقلب أفئدتهم وأبصارهم كما لم يؤمنوا به أول مرة ) ونحول بينهم وبين الإيمان ولو جاءتهم كل آية ، فلا يؤمنون ، كما حلنا بينهم وبين الإيمان أول مرة .وكذا قال عكرمة وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم .وقال ابن أبي طلحة ، عن ابن عباس أنه قال : أخبر الله ما العباد قائلون قبل أن يقولوه وعملهم قبل أن يعملوه . قال : ( ولا ينبئك مثل خبير ) [ فاطر : 14 ] ، وقال :( أن تقول نفس يا حسرتا على ما فرطت في جنب الله وإن كنت لمن الساخرين أو تقول لو أن الله هداني لكنت من المتقين أو تقول حين ترى العذاب لو أن لي كرة فأكون من المحسنين ) [ الزمر : 56 - 58 ] فأخبر سبحانه أنهم لو ردوا لم يقدروا على الهدى ، وقال : ( ولو ردوا لعادوا لما نهوا عنه وإنهم لكاذبون ) [ الأنعام : 28 ] ، وقال ( ونقلب أفئدتهم وأبصارهم كما لم يؤمنوا به أول مرة ) قال : لو ردوا إلى الدنيا لحيل بينهم وبين الهدى ، كما حلنا بينهم وبينه أول مرة وهم في الدنيا .وقوله : ( ونذرهم ) أي : نتركهم ( في طغيانهم ) قال ابن عباس والسدي : في كفرهم . وقال أبو العالية والربيع بن أنس وقتادة : في ضلالهم .( يعمهون ) قال الأعمش : يلعبون . وقال ابن عباس ، ومجاهد ، وأبو العالية ، والربيع ، وأبو مالك ، وغيره : في كفرهم يترددون .
6:111
وَ لَوْ اَنَّنَا نَزَّلْنَاۤ اِلَیْهِمُ الْمَلٰٓىٕكَةَ وَ كَلَّمَهُمُ الْمَوْتٰى وَ حَشَرْنَا عَلَیْهِمْ كُلَّ شَیْءٍ قُبُلًا مَّا كَانُوْا لِیُؤْمِنُوْۤا اِلَّاۤ اَنْ یَّشَآءَ اللّٰهُ وَ لٰـكِنَّ اَكْثَرَهُمْ یَجْهَلُوْنَ(۱۱۱)
اور اگر ہم ان کی طرف فرشتے اُتارتے (ف۲۲۳) اور ان سے مردے باتیں کرتے اور ہم ہر چیز ان کے سامنے اٹھا لاتے جب بھی وہ ایمان لانے والے نہ تھے (ف۲۲۴) مگر یہ کہ خدا چاہتا (ف۲۲۵) و لیکن ان میں بہت نرے جاہل ہیں (ف۲۲۶)

يقول تعالى : ولو أننا أجبنا سؤال هؤلاء الذين أقسموا بالله جهد أيمانهم ( لئن جاءتهم آية ليؤمنن بها ) فنزلنا عليهم الملائكة ، أي : تخبرهم بالرسالة من الله بتصديق الرسل ، كما سألوا فقالوا : ( أو تأتي بالله والملائكة قبيلا ) [ الإسراء : 92 ] ( قالوا لن نؤمن حتى نؤتى مثل ما أوتي رسل الله ) [ الأنعام : 124 ] ، ( وقال الذين لا يرجون لقاءنا لولا أنزل علينا الملائكة أو نرى ربنا لقد استكبروا في أنفسهم وعتوا عتوا كبيرا ) [ الفرقان : 21 ] .( وكلمهم الموتى ) أي : فأخبروهم بصدق ما جاءتهم به الرسل ، ( وحشرنا عليهم كل شيء قبلا ) - قرأ بعضهم : " قبلا " بكسر القاف وفتح الباء ، من المقابلة ، والمعاينة . وقرأ آخرون وقبلا بضمهما قيل : معناه من المقابلة والمعاينة أيضا ، كما رواه علي بن أبي طلحة ، والعوفي ، عن ابن عباس . وبه قال قتادة ، وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم .وقال مجاهد : ( قبلا ) أفواجا ، قبيلا قبيلا أي : تعرض عليهم كل أمة بعد أمة فتخبرهم بصدق الرسل فيما جاءوهم به ( ما كانوا ليؤمنوا إلا أن يشاء الله ) أي : إن الهداية إليه ، لا إليهم . بل يهدي من يشاء ويضل من يشاء ، وهو الفعال لما يريد ، ولا يسأل عما يفعل وهم يسألون ، لعلمه وحكمته ، وسلطانه وقهره وغلبته . وهذه الآية كقوله تعالى : ( إن الذين حقت عليهم كلمة ربك لا يؤمنون ولو جاءتهم كل آية حتى يروا العذاب الأليم ) [ يونس : 96 ، 97 ] .
6:112
وَ كَذٰلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِیٍّ عَدُوًّا شَیٰطِیْنَ الْاِنْسِ وَ الْجِنِّ یُوْحِیْ بَعْضُهُمْ اِلٰى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُوْرًاؕ-وَ لَوْ شَآءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوْهُ فَذَرْهُمْ وَ مَا یَفْتَرُوْنَ(۱۱۲)
اور اسی طرح ہم نے ہر نبی کے دشمن کیے ہیں آدمیوں اور جنوں میں کے شیطان کہ ان میں ایک دوسرے پر خفیہ ڈالتا ہے بناوٹ کی بات (ف۲۲۷) دھوکے کو، اور تمہارا رب چاہتا تو وہ ایسا نہ کرتے (ف۲۲۸) تو انہیں ان کی بناوٹوں پر چھوڑ دو (ف۲۲۹)

يقول تعالى : وكما جعلنا لك - يا محمد - أعداء يخالفونك ، ويعادونك جعلنا لكل نبي من قبلك أيضا أعداء فلا يهيدنك ذلك ، كما قال تعالى : ( فإن كذبوك فقد كذب رسل من قبلك ) [ آل عمران : 184 ] ، وقال تعالى : ( ولقد كذبت رسل من قبلك فصبروا على ما كذبوا وأوذوا حتى أتاهم نصرنا ) [ الأنعام : 34 ] ، وقال تعالى : ( ما يقال لك إلا ما قد قيل للرسل من قبلك إن ربك لذو مغفرة وذو عقاب أليم ) [ فصلت : 43 ] ، وقال تعالى : ( وكذلك جعلنا لكل نبي عدوا من المجرمين وكفى بربك هاديا ونصيرا ) [ الفرقان : 43 ] . وقال ورقة بن نوفل لرسول الله صلى الله عليه وسلم : إنه لم يأت أحد بمثل ما جئت به إلا عودي .وقوله : ( شياطين الإنس والجن ) بدل من ) عدوا ) أي : لهم أعداء من شياطين الإنس والجن ، ومن هؤلاء وهؤلاء ، قبحهم الله ولعنهم .قال عبد الرزاق : أخبرنا معمر ، عن قتادة في قوله تعالى ( شياطين الإنس والجن ) قال : من الجن شياطين ، ومن الإنس شياطين ، يوحي بعضهم إلى بعض ، قال قتادة : وبلغني أن أبا ذر كان يوما يصلي ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " تعوذ يا أبا ذر من شياطين الإنس والجن " فقال : أو إن من الإنس شياطين ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " نعم " .وهذا منقطع بين قتادة وأبي ذر وقد روي من وجه آخر عن أبي ذر ، رضي الله عنه ، قال ابن جرير :حدثنا المثنى ، حدثنا أبو صالح ، حدثني معاوية بن صالح ، عن أبي عبد الله محمد بن أيوب وغيره من المشيخة ، عن ابن عائذ ، عن أبي ذر قال : أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في مجلس قد أطال فيه الجلوس ، قال ، فقال : " يا أبا ذر ، هل صليت؟ " قال : لا يا رسول الله . قال : " قم فاركع ركعتين " قال : ثم جئت فجلست إليه ، فقال : " يا أبا ذر ، هل تعوذت بالله من شياطين الجن والإنس؟ " قال : قلت : لا يا رسول الله ، وهل للإنس من شياطين؟ قال : " نعم ، هم شر من شياطين الجن "وهذا أيضا فيه انقطاع وروي متصلا كما قال الإمام أحمد :حدثنا وكيع ، حدثنا المسعودي ، أنبأني أبو عمر الدمشقي ، عن عبيد بن الخشخاش ، عن أبي ذر قال : أتيت النبي صلى الله عليه وسلم وهو في المسجد ، فجلست فقال : " يا أبا ذر هل صليت؟ " قلت : لا . قال : " قم فصل " قال : فقمت فصليت ، ثم جلست فقال : " يا أبا ذر ، تعوذ بالله من شر شياطين الإنس والجن " قال : قلت يا رسول الله ، وللإنس شياطين؟ قال : " نعم " . وذكر تمام الحديث بطوله .وكذا رواه الحافظ أبو بكر بن مردويه في تفسيره ، من حديث جعفر بن عون ، ويعلى بن عبيد ، وعبيد الله بن موسى ، ثلاثتهم عن المسعودي ، به .طريق أخرى عن أبي ذر : قال ابن جرير : حدثني المثنى ، حدثنا الحجاج ، حدثنا حماد ، عن حميد بن هلال ، حدثني رجل من أهل دمشق ، عن عوف بن مالك ، عن أبي ذر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " يا أبا ذر ، هل تعوذت بالله من شر شياطين الإنس والجن؟ " قال : قلت يا رسول الله ، هل للإنس من شياطين؟ قال : " نعم " .طريق أخرى للحديث : قال ابن أبي حاتم : حدثنا محمد بن عوف الحمصي ، حدثنا أبو المغيرة ، حدثنا معان بن رفاعة ، عن علي بن يزيد ، عن القاسم ، عن أبي أمامة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " يا أبا ذر تعوذت من شياطين الجن والإنس؟ " قال : يا رسول الله ، وهل للإنس من شياطين؟ قال : " نعم ، شياطين الإنس والجن يوحي بعضهم إلى بعض زخرف القول غرورا "فهذه طرق لهذا الحديث ، ومجموعها يفيد قوته وصحته ، والله أعلم .وقد روى ابن جرير : حدثنا ابن وكيع ، حدثنا أبو نعيم ، عن شريك ، عن سعيد بن مسروق ، عن عكرمة : ( شياطين الإنس والجن ) قال : ليس من الإنس شياطين ، ولكن شياطين الجن يوحون إلى شياطين الإنس ، وشياطين الإنس يوحون إلى شياطين الجن .قال : وحدثنا الحارث ، حدثنا عبد العزيز ، حدثنا إسرائيل ، عن السدي ، عن عكرمة في قوله : ( يوحي بعضهم إلى بعض زخرف القول غرورا ) قال : للإنسي شيطان ، وللجني شيطان فيلقى شيطان الإنس شيطان الجن ، فيوحي بعضهم إلى بعض زخرف القول غرورا .وقال أسباط ، عن السدي ، عن عكرمة في قوله : ( يوحي بعضهم إلى بعض ) في تفسير هذه الآية : أما شياطين الإنس ، فالشياطين التي تضل الإنس ، وشياطين الجن الذين يضلون الجن ، يلتقيان ، فيقول كل واحد منهما لصاحبه : إني أضللت صاحبي بكذا وكذا ، فأضلل أنت صاحبك بكذا وكذا ، فيعلم بعضهم بعضا .ففهم ابن جرير من هذا; أن المراد بشياطين الإنس عند عكرمة والسدي : الشياطين من الجن الذين يضلون الناس ، لا أن المراد منه شياطين الإنس منهم . ولا شك أن هذا ظاهر من كلام عكرمة ، وأما كلام السدي فليس مثله في هذا المعنى ، وهو محتمل ، وقد روى ابن أبي حاتم نحو هذا ، عن ابن عباس من رواية الضحاك ، عنه ، قال : إن للجن شياطين يضلونهم - مثل شياطين الإنس يضلونهم ، قال : فيلتقي شياطين الإنس وشياطين الجن ، فيقول هذا لهذا : أضلله بكذا ، أضلله بكذا . فهو قوله : ( يوحي بعضهم إلى بعض زخرف القول غرورا ) .وعلى كل حال فالصحيح ما تقدم من حديث أبي ذر : إن للإنس شياطين منهم ، وشيطان كل شيء مارده ، ولهذا جاء في صحيح مسلم ، عن أبي ذر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " الكلب الأسود شيطان " ومعناه - والله أعلم - : شيطان في الكلاب .وقال ابن جريج : قال مجاهد في تفسير هذه الآية : كفار الجن شياطين ، يوحون إلى شياطين الإنس ، كفار الإنس ، زخرف القول غرورا .وروى ابن أبي حاتم ، عن عكرمة قال : قدمت على المختار فأكرمني وأنزلني حتى كاد يتعاهد مبيتي بالليل ، قال : فقال لي : اخرج إلى الناس فحدث الناس . قال : فخرجت ، فجاء رجل فقال : ما تقول في الوحي؟ فقلت : الوحي وحيان ، قال الله تعالى : ( بما أوحينا إليك هذا القرآن ) [ يوسف : 3 ] ، وقال الله تعالى : ( شياطين الإنس والجن يوحي بعضهم إلى بعض زخرف القول غرورا ) قال : فهموا بي أن يأخذوني ، فقلت : ما لكم ذاك ، إني مفتيكم وضيفكم . فتركوني .وإنما عرض عكرمة بالمختار - وهو ابن أبي عبيد - قبحه الله ، وكان يزعم أنه يأتيه الوحي ، وقد كانت أخته صفية تحت عبد الله بن عمر وكانت من الصالحات ، ولما أخبر عبد الله بن عمر أن المختار يزعم أنه يوحى إليه قال : صدق ، قال الله تعالى : ( وإن الشياطين ليوحون إلى أوليائهم ) [ الأنعام : 121 ] ، وقوله تعالى : ( يوحي بعضهم إلى بعض زخرف القول غرورا ) أي : يلقي بعضهم إلى بعض القول المزين المزخرف ، وهو المزوق الذي يغتر سامعه من الجهلة بأمره .( ولو شاء ربك ما فعلوه ) أي : وذلك كله بقدر الله وقضائه وإرادته ومشيئته أن يكون لكل نبي عدو من هؤلاء .( فذرهم ) أي : فدعهم ، ( وما يفترون ) أي : يكذبون ، أي : دع أذاهم وتوكل على الله في عداوتهم ، فإن الله كافيك وناصرك عليهم .
6:113
وَ لِتَصْغٰۤى اِلَیْهِ اَفْـٕدَةُ الَّذِیْنَ لَا یُؤْمِنُوْنَ بِالْاٰخِرَةِ وَ لِیَرْضَوْهُ وَ لِیَقْتَرِفُوْا مَا هُمْ مُّقْتَرِفُوْنَ(۱۱۳)
اور اس لیے کہ اس (ف۲۳۰) کی طرف ان کے دل جھکیں جنہیں آخرت پر ایمان نہیں اور اسے پسند کریں اور گناہ کمائیں جو انہیں کمانا ہے،

وقوله تعالى : ( ولتصغى إليه ) أي : ولتميل إليه - قاله ابن عباس - ( أفئدة الذين لا يؤمنون بالآخرة ) أي : قلوبهم وعقولهم وأسماعهم .وقال السدي : قلوب الكافرين ، ( وليرضوه ) أي : يحبوه ويريدوه . وإنما يستجيب لذلك من لا يؤمن بالآخرة ، كما قال تعالى : ( فإنكم وما تعبدون ما أنتم عليه بفاتنين إلا من هو صال الجحيم ) [ الصافات : 161 - 163 ] ، وقال تعالى : ( إنكم لفي قول مختلف يؤفك عنه من أفك ) [ الذاريات : 8 ، 9 ] . وليقترفوا ما هم مقترفون قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس : ( وليكتسبوا ما هم مكتسبون وقال السدي ، وابن زيد : وليعملوا ما هم عاملون .
6:114
اَفَغَیْرَ اللّٰهِ اَبْتَغِیْ حَكَمًا وَّ هُوَ الَّذِیْۤ اَنْزَلَ اِلَیْكُمُ الْكِتٰبَ مُفَصَّلًاؕ-وَ الَّذِیْنَ اٰتَیْنٰهُمُ الْكِتٰبَ یَعْلَمُوْنَ اَنَّهٗ مُنَزَّلٌ مِّنْ رَّبِّكَ بِالْحَقِّ فَلَا تَكُوْنَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِیْنَ(۱۱۴)
تو کیا اللہ کے سوا میں کسی اور کا فیصلہ چاہوں اور وہی ہے جس نے تمہاری طرف مفصل کتاب اُتاری (ف۲۳۱) اور جنکو ہم نے کتاب دی وہ جانتے ہیں کہ یہ تیرے رب کی طرف سے سچ اترا ہے (ف۲۳۲) تو اے سننے والے تو ہر گز شک والوں میں نہ ہو،

يقول الله تعالى لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم : قل لهؤلاء المشركين بالله الذين يعبدون غيره : ( أفغير الله أبتغي حكما ) أي : بيني وبينكم ، ( وهو الذي أنزل إليكم الكتاب مفصلا ) أي : مبينا ، ( والذين آتيناهم الكتاب ) أي : من اليهود والنصارى ، ( يعلمون أنه منزل من ربك بالحق ) ، أي : بما عندهم من البشارات بك من الأنبياء المتقدمين ، ( فلا تكونن من الممترين ) كقوله ( فإن كنت في شك مما أنزلنا إليك فاسأل الذين يقرءون الكتاب من قبلك لقد جاءك الحق من ربك فلا تكونن من الممترين ) [ يونس : 94 ] ، وهذا شرط ، والشرط لا يقتضي وقوعه; ولهذا جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : " لا أشك ولا أسأل "
6:115
وَ تَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ صِدْقًا وَّ عَدْلًاؕ-لَا مُبَدِّلَ لِكَلِمٰتِهٖۚ-وَ هُوَ السَّمِیْعُ الْعَلِیْمُ(۱۱۵)
اور پوری ہے تیرے رب کی بات سچ اور انصاف میں اس کی باتوں کا کوئی بدلنے والا نہیں (ف۲۳۳) اور وہی ہے سنتا جانتا،

وقوله : ( وتمت كلمة ربك صدقا وعدلا ) قال قتادة : صدقا فيما قال ، وعدلا فيما حكم .يقول : صدقا في الأخبار وعدلا في الطلب ، فكل ما أخبر به فحق لا مرية فيه ولا شك ، وكل ما أمر به فهو العدل الذي لا عدل سواه ، وكل ما نهى عنه فباطل ، فإنه لا ينهى إلا عن مفسدة ، كما قال : ( يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث ) إلى آخر الآية [ الأعراف : 157 ] .( لا مبدل لكلماته ) أي : ليس أحد يعقب حكمه تعالى لا في الدنيا ولا في الآخرة ، ( وهو السميع ) لأقوال عباده ، ( العليم ) بحركاتهم وسكناتهم ، الذي يجازي كل عامل بعمله .
6:116
وَ اِنْ تُطِعْ اَكْثَرَ مَنْ فِی الْاَرْضِ یُضِلُّوْكَ عَنْ سَبِیْلِ اللّٰهِؕ-اِنْ یَّتَّبِعُوْنَ اِلَّا الظَّنَّ وَ اِنْ هُمْ اِلَّا یَخْرُصُوْنَ(۱۱۶)
اور اے سننے والے زمین میں اکثر وہ ہیں کہ تو ان کے کہے پر چلے تو تجھے اللہ کی راہ سے بہکا دیں، وہ صرف گمان کے پیچھے ہیں (ف۲۳۴) اور نری اٹکلیں (فضول اندازے) دوڑاتے ہیں (ف۲۳۵)

يخبر تعالى عن حال أكثر أهل الأرض من بني آدم أنه الضلال ، كما قال تعالى : ( ولقد ضل قبلهم أكثر الأولين ) [ الصافات : 71 ] ، وقال تعالى : ( وما أكثر الناس ولو حرصت بمؤمنين ) [ يوسف : 103 ] ، وهم في ضلالهم ليسوا على يقين من أمرهم ، وإنما هم في ظنون كاذبة وحسبان باطل "إن يتبعون إلا الظن وإن هم إلا يخرصون" فإن الخرص هو الحزر ومنه خرص النخل وهو حزر ما عليها من التمر وذلك كله عن قدر الله ومشيئته.
6:117
اِنَّ رَبَّكَ هُوَ اَعْلَمُ مَنْ یَّضِلُّ عَنْ سَبِیْلِهٖۚ-وَ هُوَ اَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِیْنَ(۱۱۷)
تیرا رب خوب جانتا ہے کہ کون بہکا اس کی راہ سے اور وہ خوب جانتا ہے ہدایت والوں کو،

( هو أعلم من يضل عن سبيله ) فييسره لذلك ( وهو أعلم بالمهتدين ) فييسرهم لذلك ، وكل ميسر لما خلق له .
6:118
فَكُلُوْا مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللّٰهِ عَلَیْهِ اِنْ كُنْتُمْ بِاٰیٰتِهٖ مُؤْمِنِیْنَ(۱۱۸)
تو کھاؤ اسمیں سے جس پر اللہ کا نام لیا گیا (ف۲۳۶) اگر تم اسکی آیتیں مانتے ہو،

هذا إباحة من الله تعالى لعباده المؤمنين أن يأكلوا من الذبائح ما ذكر عليه اسمه ، ومفهومه : أنه لا يباح ما لم يذكر اسم الله عليه ، كما كان يستبيحه كفار المشركين من أكل الميتات ، وأكل ما ذبح على النصب وغيرها . ثم ندب إلى الأكل مما ذكر اسم الله عليه
6:119
وَ مَا لَكُمْ اَلَّا تَاْكُلُوْا مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللّٰهِ عَلَیْهِ وَ قَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَّا حَرَّمَ عَلَیْكُمْ اِلَّا مَا اضْطُرِرْتُمْ اِلَیْهِؕ-وَ اِنَّ كَثِیْرًا لَّیُضِلُّوْنَ بِاَهْوَآىٕهِمْ بِغَیْرِ عِلْمٍؕ-اِنَّ رَبَّكَ هُوَ اَعْلَمُ بِالْمُعْتَدِیْنَ(۱۱۹)
اور تمہیں کیا ہوا کہ اس میں سے نہ کھاؤ جس (ف۲۳۷) پر اللہ کا نام لیا گیا وہ تم سے مفصل بیان کرچکا جو کچھ تم پر حرام ہوا (ف۲۳۸) مگر جب تمہیں اس سے مجبوری ہو (ف۲۳۹) اور بیشک بہتیرے اپنی خواہشوں سے گمراہ کرتے ہیں بے جانے بیشک تیرا رب حد سے بڑھنے والوں کو خوب جانتا ہے،

فقال : ( وما لكم ألا تأكلوا مما ذكر اسم الله عليه وقد فصل لكم ما حرم عليكم ) أي : قد بين لكم ما حرم عليكم ووضحه .وقرأ بعضهم : ( فصل ) بالتشديد ، وقرأ آخرون بالتخفيف ، والكل بمعنى البيان والوضوح .( إلا ما اضطررتم إليه ) أي : إلا في حال الاضطرار ، فإنه يباح لكم ما وجدتم .ثم بين تعالى جهالة المشركين في آرائهم الفاسدة ، من استحلالهم الميتات ، وما ذكر عليه غير اسم الله تعالى : فقال ( وإن كثيرا ليضلون بأهوائهم بغير علم إن ربك هو أعلم بالمعتدين ) أي : هو أعلم باعتدائهم وكذبهم وافترائهم .
6:120
وَ ذَرُوْا ظَاهِرَ الْاِثْمِ وَ بَاطِنَهٗؕ-اِنَّ الَّذِیْنَ یَكْسِبُوْنَ الْاِثْمَ سَیُجْزَوْنَ بِمَا كَانُوْا یَقْتَرِفُوْنَ(۱۲۰)
اور چھوڑ دو کھلا اور چھپا گناہ، وہ جو گناہ کماتے ہیں عنقریب اپنی کمائی کی سزا پائیں گے،

قال مجاهد : ( وذروا ظاهر الإثم وباطنه ) معصيته في السر والعلانية - وفي رواية عنه قال هو ما ينوي مما هو عامل .وقال : قتادة : ( وذروا ظاهر الإثم وباطنه ) أي : قليله وكثيره ، سره وعلانيته .وقال السدي : ظاهره : الزنا مع البغايا ذوات الرايات ، وباطنه : الزنا مع الخليلة والصدائق والأخدان .وقال عكرمة : ظاهره : نكاح ذوات المحارم .والصحيح أن الآية عامة في ذلك كله ، وهي كقوله تعالى : ( قل إنما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن والإثم والبغي بغير الحق وأن تشركوا بالله ما لم ينزل به سلطانا ) الآية [ الأعراف : 33 ] ; ولهذا قال تعالى : ( إن الذين يكسبون الإثم سيجزون بما كانوا يقترفون ) أي : سواء كان ظاهرا أو خفيا ، فإن الله سيجزيهم عليه .قال ابن أبي حاتم : حدثنا الحسن بن عرفة ، حدثنا عبد الرحمن بن مهدي ، عن معاوية بن صالح ، عن عبد الرحمن بن جبير بن نفير ، عن أبيه ، عن النواس بن سمعان قال : سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الإثم فقال : " الإثم ما حاك في صدرك ، وكرهت أن يطلع الناس عليه "
  FONT
  THEME
  TRANSLATION
  • English | Ahmed Ali
  • Urdu | Ahmed Raza Khan
  • Turkish | Ali-Bulaç
  • German | Bubenheim Elyas
  • Chinese | Chineese
  • Spanish | Cortes
  • Dutch | Dutch
  • Portuguese | El-Hayek
  • English | English
  • Urdu | Fateh Muhammad Jalandhry
  • French | French
  • Hausa | Hausa
  • Indonesian | Indonesian-Bahasa
  • Italian | Italian
  • Korean | Korean
  • Malay | Malay
  • Russian | Russian
  • Tamil | Tamil
  • Thai | Thai
  • Farsi | مکارم شیرازی
  TAFSEER
  • العربية | التفسير الميسر
  • العربية | تفسير الجلالين
  • العربية | تفسير السعدي
  • العربية | تفسير ابن كثير
  • العربية | تفسير الوسيط لطنطاوي
  • العربية | تفسير البغوي
  • العربية | تفسير القرطبي
  • العربية | تفسير الطبري
  • English | Arberry
  • English | Yusuf Ali
  • Dutch | Keyzer
  • Dutch | Leemhuis
  • Dutch | Siregar
  • Urdu | Sirat ul Jinan
  HELP

اَلْاَ نْعَام
اَلْاَ نْعَام
  00:00



Download

اَلْاَ نْعَام
اَلْاَ نْعَام
  00:00



Download