READ
Surah Al-Ahzaab
اَلْاَحْزَاب
73 Ayaat مدنیۃ
یٰۤاَیُّهَا الَّذِیْنَ اٰمَنُوا اذْكُرُوا اللّٰهَ ذِكْرًا كَثِیْرًاۙ(۴۱)
اے ایمان والو اللہ کو بہت زیادہ یاد کرو،
قوله تعالى : يا أيها الذين آمنوا اذكروا الله ذكرا .أمر الله تعالى عباده بأن يذكروه ويشكروه ، ويكثروا من ذلك على ما أنعم به عليهم . وجعل تعالى ذلك دون حد لسهولته على العبد . ولعظم الأجر فيه قال ابن عباس : لم يعذر أحد في ترك ذكر الله إلا من غلب على عقله . وروى أبو سعيد عن النبي صلى الله عليه وسلم : ( أكثروا ذكر الله حتى يقولوا مجنون ) . وقيل : الذكر الكثير ما جرى على الإخلاص من القلب ، والقليل ما يقع على حكم النفاق كالذكر باللسان .
قوله تعالى : وسبحوه بكرة وأصيلا .أي اشغلوا ألسنتكم في معظم أحوالكم بالتسبيح والتهليل والتحميد والتكبير . قال مجاهد : وهذه كلمات يقولهن الطاهر والمحدث والجنب . وقيل : ادعوه . قال جرير :فلا تنس تسبيح الضحى إن يوسفا دعا ربه فاختاره حين سبحاوقيل : المراد صلوا لله بكرة وأصيلا ، والصلاة تسمى تسبيحا . وخص الفجر والمغرب والعشاء بالذكر لأنها أحق بالتحريض عليها ، لاتصالها بأطراف الليل . وقال قتادة والطبري : الإشارة إلى صلاة الغداة وصلاة العصر . والأصيل : العشي وجمعه أصائل . والأصل بمعنى الأصيل ، وجمعه آصال ، قاله المبرد . وقال غيره : أصل جمع أصيل ، كرغيف ورغف . وقد تقدم .مسألة : هذه الآية مدنية ، فلا تعلق بها لمن زعم أن الصلاة إنما فرضت أولا صلاتين في طرفي النهار . والرواية بذلك ضعيفة فلا التفات إليها ولا معول عليها . وقال مضى الكلام في كيفية فرض الصلاة وما للعلماء في ذلك في ( سبحان ) والحمد لله .
هُوَ الَّذِیْ یُصَلِّیْ عَلَیْكُمْ وَ مَلٰٓىٕكَتُهٗ لِیُخْرِجَكُمْ مِّنَ الظُّلُمٰتِ اِلَى النُّوْرِؕ-وَ كَانَ بِالْمُؤْمِنِیْنَ رَحِیْمًا(۴۳)
وہی ہے کہ درود بھیجتا ہے تم پر وہ اور اس کے فرشتے (ف۱۰۷) کہ تمہیں اندھیریوں سے اجالے کی طرف نکالے (ف۱۰۸) اور وہ مسلمانوں پر مہربان ہے،
قوله تعالى : هو الذي يصلي عليكم وملائكته ليخرجكم من الظلمات إلى النور وكان بالمؤمنين رحيما .قوله تعالى : هو الذي يصلي عليكم قال ابن عباس : لما نزل إن الله وملائكته يصلون على النبي قال المهاجرون والأنصار : هذا لك يا رسول الله خاصة ، وليس لنا فيه شيء ، فأنزل الله تعالى هذه الآية .قلت : وهذه نعمة من الله تعالى على هذه الأمة من أكبر النعم ، ودليل على فضلها على سائر الأمم . وقد قال : كنتم خير أمة أخرجت للناس . والصلاة من الله على العبد هي رحمته له وبركته لديه . وصلاة الملائكة : دعاؤهم للمؤمنين واستغفارهم لهم ، كما قال : ويستغفرون للذين آمنوا وسيأتي . وفي الحديث : أن بني إسرائيل سألوا موسى عليه السلام : أيصلي ربك جل وعز ؟ فأعظم ذلك ، فأوحى الله جل وعز : ( إن صلاتي بأن رحمتي سبقت غضبي ) ذكره النحاس . وقال ابن عطية : وروت فرقة أن النبي صلى الله عليه وسلم قيل له : يا رسول الله ، كيف صلاة الله على عباده . قال : ( سبوح قدوس - رحمتي سبقت غضبي ) . واختلف في تأويل هذا القول ، فقيل : إنه كلمة من كلام الله تعالى وهي صلاته على عباده . وقيل سبوح قدوس من كلام محمد صلى الله عليه وسلم وقدمه بين يدي نطقه باللفظ الذي هو صلاة الله وهو ( رحمتي سبقت غضبي ) من حيث فهم من السائل أنه توهم في صلاة الله على عباده وجها لا يليق بالله عز وجل ، فقدم التنزيه والتعظيم بين يدي إخباره .قوله تعالى : ليخرجكم من الظلمات إلى النور أي من الضلالة إلى الهدى . ومعنى هذا التثبيت على الهداية ، لأنهم كانوا في وقت الخطاب على الهداية . وكان بالمؤمنين رحيما .
تَحِیَّتُهُمْ یَوْمَ یَلْقَوْنَهٗ سَلٰمٌۖۚ-وَ اَعَدَّ لَهُمْ اَجْرًا كَرِیْمًا(۴۴)
ان کے لیے ملتے وقت کی دعا سلام ہے (ف۱۰۹) اور ان کے لیے عزت کا ثواب تیار کر رکھا ہے،
قوله تعالى : تحيتهم يوم يلقونه سلام وأعد لهم أجرا كريما .اختلف في الضمير الذي في يلقونه على من يعود ، فقيل على الله تعالى ، أي كان بالمؤمنين رحيما ، فهو يؤمنهم من عذاب الله يوم القيامة . وفي ذلك اليوم يلقونه . و ( تحيتهم ) أي تحية بعضهم لبعض . ( سلام ) أي سلامة لنا ولكم من عذاب الله . وقيل : هذه التحية من الله تعالى ، المعنى : فيسلمهم من الآفات ، أو يبشرهم بالأمن من المخافات . ( يوم يلقونه ) أي يوم القيامة بعد دخول الجنة . قال معناه الزجاج ، واستشهد بقوله جل وعز : وتحيتهم فيها سلام . وقيل : يوم يلقونه أي يوم يلقون ملك الموت ، وقد ورد أنه لا يقبض روح مؤمن إلا سلم عليه . روي عن البراء بن عازب قال : تحيتهم يوم يلقونه سلام فيسلم ملك الموت على المؤمن عند قبض روحه ، لا يقبض روحه حتى يسلم عليه .
یٰۤاَیُّهَا النَّبِیُّ اِنَّاۤ اَرْسَلْنٰكَ شَاهِدًا وَّ مُبَشِّرًا وَّ نَذِیْرًاۙ(۴۵)
(اے غیب کی خبریں بتانے والے (نبی) بیشک ہم نے تمہیں بھیجا حاضر ناظر (ف۱۱۰) اور خوشخبری دیتا اور ڈر سناتا (ف۱۱۱)
قوله تعالى : يا أيها النبي إنا أرسلناك شاهدا ومبشرا ونذيراهذه الآية فيها تأنيس للنبي صلى الله عليه وسلم وللمؤمنين ، وتكريم لجميعهم . وهذه الآية تضمنت من أسمائه صلى الله عليه وسلم ست أسماء ولنبينا صلى الله عليه وسلم أسماء كثيرة وسمات جليلة ، ورد ذكرها في الكتاب والسنة والكتب المتقدمة . وقد سماه الله في كتابه محمدا وأحمد . وقال صلى الله عليه وسلم فيما روى عنه الثقات العدول : لي خمسة أسماء أنا محمد وأنا أحمد وأنا الماحي الذي يمحو الله بي الكفر وأنا الحاشر الذي يحشر الناس على قدمي وأنا العاقب . وفي صحيح مسلم حديث جبير بن مطعم : وقد سماه الله ( رءوفا رحيما ) . وفيه أيضا عن أبي موسى الأشعري قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يسمي لنا نفسه أسماء ، فيقول : أنا محمد وأحمد والمقفي والحاشر ونبي التوبة ونبي الرحمة . وقد تتبع القاضي أبو الفضل عياض في كتابه المسمى ( بالشفا ) ما جاء في كتاب الله وفي سنة رسوله صلى الله عليه وسلم ، ومما نقل في الكتب المتقدمة وإطلاق الأمة أسماء كثيرة وصفات عديدة ، قد صدقت عليه صلى الله عليه وسلم مسمياتها ، ووجدت فيه معانيها . وقد ذكر القاضي أبو بكر ابن العربي في أحكامه في هذه الآية من أسماء النبي صلى الله عليه وسلم سبعة وستين اسما وذكر صاحب ( وسيلة المتعبدين إلى متابعة سيد المرسلين ) عن ابن عباس أن لمحمد صلى الله عليه وسلم مائة وثمانين اسما ، من أرادها وجدها هناك . وقال ابن عباس : لما نزلت هذه الآية دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم عليا ومعاذا ، فبعثهما إلى اليمن ، وقال : اذهبا فبشرا ولا تنفرا ، ويسرا ولا تعسرا فإنه قد أنزل علي . . وقرأ هذه الآية .قوله تعالى : ( شاهدا ) قال سعيد عن قتادة : ( شاهدا ) على أمته بالتبليغ إليهم ، وعلى سائر الأمم بتبليغ أنبيائهم ، ونحو ذلك ( ومبشرا ) معناه للمؤمنين برحمة الله وبالجنة ( ونذيرا ) معناه للعصاة والمكذبين من النار وعذاب الخلد .
وَّ دَاعِیًا اِلَى اللّٰهِ بِاِذْنِهٖ وَ سِرَاجًا مُّنِیْرًا(۴۶)
اور اللہ کی طرف اس کے حکم سے بلاتا (ف۱۱۲) او ر چمکادینے دینے والا ا ٓ فتاب (ف۱۱۳)
( وداعيا إلى الله ) الدعاء إلى الله هو تبليغ التوحيد والأخذ به ، ومكافحة الكفرة . بإذنه هنا معناه : بأمره إياك ، وتقديره ذلك في وقته وأوانه . ( وسراجا منيرا ) هنا استعارة للنور الذي يتضمنه شرعه . وقيل : وسراجا أي هاديا من ظلم الضلالة ، وأنت كالمصباح المضيء . ووصفه بالإنارة لأن من السرج ما لا يضيء ، إذا قل سليطه ودقت فتيلته . وفي كلام بعضهم : ثلاثة تضني : رسول بطيء ، وسراج لا يضيء ، ومائدة ينتظر لها من يجيء . وسئل بعضهم عن الموحشين فقال : ظلام ساتر وسراج فاتر ، وأسند النحاس قال : حدثنا محمد بن إبراهيم الرازي قال حدثنا عبد الرحمن بن صالح الأزدي قال حدثنا عبد الرحمن بن محمد المحاربي عن شيبان النحوي قال حدثنا قتادة عن عكرمة عن ابن عباس قال : لما نزلت يا أيها النبي إنا أرسلناك شاهدا ومبشرا ونذيرا . وداعيا إلى الله بإذنه وسراجا منيرا دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم عليا ومعاذا فقال : انطلقا فبشرا ولا تعسرا فإنه قد نزل علي الليلة آية يا أيها النبي إنا أرسلناك شاهدا ومبشرا ونذيرا - من النار - وداعيا إلى الله - قال - شهادة أن لا إله إلا الله - بإذنه - بأمره - وسراجا منيرا - قال - بالقرآن . وقال الزجاج : وسراجا أي وذا سراج منير ، أي كتاب نير . وأجاز أيضا أن يكون بمعنى : وتاليا كتاب الله .
وَ بَشِّرِ الْمُؤْمِنِیْنَ بِاَنَّ لَهُمْ مِّنَ اللّٰهِ فَضْلًا كَبِیْرًا(۴۷)
اور ایمان والوں کو خوشخبری دو کہ ان کے لیے اللہ کا بڑا فضل ہے،
قوله تعالى : وبشر المؤمنين بأن لهم من الله فضلا كبيراقوله تعالى " وبشر المؤمنين " الواو عاطفة جملة على جملة ، والمعنى منقطع من الذي قبله . أمره تعالى أن يبشر المؤمنين بالفضل الكبير من الله تعالى . وعلى قول الزجاج : ذا سراج منير ، أو وتاليا سراجا منيرا ، يكون معطوفا على الكاف لا في أرسلناك . قال ابن عطية : قال لنا أبي رضي الله عنه : هذه من أرجى آية عندي في كتاب الله تعالى ؛ لأن الله عز وجل قد أمر نبيه أن يبشر المؤمنين بأن لهم عنده فضلا كبيرا ، وقد بين تعالى الفضل الكبير في قوله تعالى : والذين آمنوا وعملوا الصالحات في روضات الجنات لهم ما يشاءون عند ربهم ذلك هو الفضل الكبير . فالآية التي في هذه السورة خبر ، والتي في ( حم عسق ) تفسير لها
وَ لَا تُطِعِ الْكٰفِرِیْنَ وَ الْمُنٰفِقِیْنَ وَ دَعْ اَذٰىهُمْ وَ تَوَكَّلْ عَلَى اللّٰهِؕ-وَ كَفٰى بِاللّٰهِ وَكِیْلًا(۴۸)
اور کافروں اور منافقوں کی خوشی نہ کرو اور ان کی ایذا پر درگزر فرماؤ (ف۱۱۴) اور اللہ پر بھروسہ رکھو، اور اللہ بس ہے کارساز،
( ولا تطع الكافرين والمنافقين ) أي لا تطعهم فيما يشيرون عليك من المداهنة في الدين ولا تمالئهم . ( الكافرين ) : أبا سفيان وعكرمة وأبا الأعور السلمي ، قالوا : يا محمد ، لا تذكر آلهتنا بسوء نتبعك . ( والمنافقين ) : عبد الله بن أبي وعبد الله بن سعد وطعمة بن أبيرق ، حثوا النبي صلى الله عليه وسلم على إجابتهم بتعلة المصلحة . ( ودع أذاهم ) أي دع أن تؤذيهم مجازاة على إذايتهم إياك . فأمره تبارك وتعالى بترك معاقبتهم ، والصفح عن زللهم ; فالمصدر على هذا مضاف إلى المفعول . ونسخ من الآية على هذا التأويل ما يخص الكافرين ، وناسخه آية السيف . وفيه معنى ثان : أي أعرض عن أقوالهم وما يؤذونك ، ولا تشتغل به ، فالمصدر على هذا التأويل مضاف إلى الفاعل . وهذا تأويل مجاهد ، والآية منسوخة بآية السيف . وتوكل على الله أمره بالتوكل عليه وآنسه بقوله وكفى بالله وكيلا وفي قوة الكلام وعد بنصر . والوكيل : الحافظ القاسم على الأمر .
یٰۤاَیُّهَا الَّذِیْنَ اٰمَنُوْۤا اِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنٰتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوْهُنَّ مِنْ قَبْلِ اَنْ تَمَسُّوْهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَیْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّوْنَهَاۚ-فَمَتِّعُوْهُنَّ وَ سَرِّحُوْهُنَّ سَرَاحًا جَمِیْلًا(۴۹)
اے ایمان والو! جب تم مسلمان عورتوں سے نکاح کرو پھر انہیں بے ہاتھ لگائے چھوڑ دو تو تمہارے لیے کچھ عدت نہیں جسے گنو (ف۱۱۵) تو انہیں کچھ فائدہ دو (ف۱۱۶) اور اچھی طرح سے چھوڑ دو (ف۱۱۷)
قوله تعالى : يا أيها الذين آمنوا إذا نكحتم المؤمنات ثم طلقتموهن من قبل أن تمسوهن فما لكم عليهن من عدة تعتدونها فمتعوهن وسرحوهن سراحا جميلا .فيه سبع مسائل :الأولى : قوله تعالى : يا أيها الذين آمنوا إذا نكحتم المؤمنات ثم طلقتموهن لما جرت قصة زيد وتطليقه زينب ، وكانت مدخولا بها ، وخطبها النبي صلى الله عليه وسلم بعد انقضاء عدتها - كما بيناه - خاطب الله المؤمنين بحكم الزوجة تطلق قبل البناء ، وبين ذلك الحكم للأمة ، فالمطلقة إذا لم تكن ممسوسة لا عدة عليها بنص الكتاب وإجماع الأمة على ذلك . فإن دخل بها فعليها العدة إجماعا .الثانية : النكاح حقيقة في الوطء ، وتسمية العقد نكاحا لملابسته له من حيث إنه طريق إليه . ونظيره تسميتهم الخمر إثما لأنه سبب في اقتراف الإثم . ولم يرد لفظ النكاح في كتاب الله إلا في معنى العقد ، لأنه في معنى الوطء ، وهو من آداب القرآن ، الكناية عنه بلفظ الملامسة والمماسة والقربان والتغشي والإتيان .الثالثة : استدل بعض العلماء بقوله تعالى : ( ثم طلقتموهن ) وبمهلة ( ثم ) على أن الطلاق لا يكون إلا بعد نكاح وأن من طلق المرأة قبل نكاحها وإن عينها ، فإن ذلك لا يلزمه . وقال هذا نيف على ثلاثين من صاحب وتابع وإمام . سمى البخاري منهم اثنين وعشرين . وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم لا طلاق قبل نكاح ومعناه : أن الطلاق لا يقع حتى يحصل النكاح . قال حبيب بن أبي ثابت : سئل علي بن الحسين رضي الله عنهما عن رجل قال لامرأة : إن تزوجتك فأنت طالق ؟ فقال : ليس بشيء ، ذكر الله عز وجل النكاح قبل الطلاق . وقالت طائفة من أهل العلم : إن طلاق المعينة الشخص أو القبيلة أو البلد لازم قبل النكاح ، منهم مالك وجميع أصحابه ، وجمع عظيم من علماء الأمة . وقد مضى في ( براءة ) الكلام فيها ودليل الفريقين . والحمد لله . فإذا قال : كل امرأة أتزوجها [ طالق ] وكل عبد أشتريه حر ، لم يلزمه شيء . وإن قال : كل امرأة أتزوجها إلى عشرين سنة ، أو إن تزوجت من بلد فلان أو من بني فلان فهي طالق ، لزمه الطلاق ما لم يخف العنت على نفسه في طول السنين ، أو يكون عمره في الغالب لا يبلغ ذلك ، فله أن يتزوج . وإنما لم يلزمه الطلاق إذا عمم لأنه ضيق على نفسه المناكح ، فلو منعناه ألا يتزوج لحرج وخيف عليه العنت . وقد قال بعض أصحابنا : إنه إن وجد ما يتسرر به لم ينكح ، وليس بشيء وذلك أن الضرورات والأعذار ترفع الأحكام ، فيصير هذا من حيث الضرورة كمن لم يحلف ، قاله ابن خويز منداد .الرابعة : استدل داود - ومن قال بقوله - إن المطلقة الرجعية إذا راجعها زوجها قبل أن تنقضي عدتها ثم فارقها قبل أن يمسها ، أنه ليس عليها أن تتم عدتها ولا عدة مستقبلة ، لأنها مطلقة قبل الدخول بها . وقال عطاء بن أبي رباح وفرقة : تمضي في عدتها من طلاقها الأول - وهو أحد قولي الشافعي - ; لأن طلاقه لها إذا لم يمسها في حكم من طلقها في عدتها قبل أن يراجعها . ومن طلق امرأته في كل طهر مرة بنت ولم تستأنف . وقال مالك : إذا فارقها قبل أن يمسها إنها لا تبني على ما مضى من عدتها ، وإنها تنشئ من يوم طلقها عدة مستقبلة . وقد ظلم زوجها نفسه وأخطأ إن كان ارتجعها ولا حاجة له بها . وعلى هذا أكثر أهل العلم ، لأنها في حكم الزوجات المدخول بهن في النفقة والسكنى وغير ذلك ، ولذلك تستأنف العدة من يوم طلقت ، وهو قول جمهور فقهاء البصرة والكوفة ومكة والمدينة والشام . وقال الثوري : أجمع الفقهاء عندنا على ذلك .الخامسة : فلو كانت بائنة غير مبتوتة فتزوجها في العدة ثم طلقها قبل الدخول فقد اختلفوا في ذلك أيضا ، فقال مالك والشافعي وزفر وعثمان البتي : لها نصف الصداق وتتم بقية العدة الأولى . وهو قول الحسن وعطاء وعكرمة وابن شهاب . وقال أبو حنيفة وأبو يوسف والثوري والأوزاعي ، : لها مهر كامل للنكاح الثاني وعدة مستقبلة . جعلوها في حكم المدخول بها لاعتدادها من مائه . وقال داود : لها نصف الصداق ، وليس عليها بقية العدة الأولى ولا عدة مستقبلة . والأولى ما قاله مالك والشافعي ، والله أعلم .السادسة : هذه الآية مخصصة لقوله تعالى : والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء ، ولقوله : واللائي يئسن من المحيض من نسائكم إن ارتبتم فعدتهن ثلاثة أشهر . وقد مضى في ( البقرة ) ، ومضى فيها الكلام في المتعة ، فأغنى عن الإعادة هنا . " وسرحوهن سراحا جميلا " فيه وجهان : أحدهما : أنه دفع المتعة بحسب الميسرة والعسرة ، قاله ابن عباس . الثاني : أنه طلاقها طاهرا من غير جماع ، قاله قتادة . وقيل : فسرحوهن بعد الطلاق إلى أهلهن ، فلا يجتمع الرجل والمطلقة في موضع واحد .السابعة : " فمتعوهن " قال سعيد : هي منسوخة بالآية التي في البقرة ، وهي قوله : وإن طلقتموهن من قبل أن تمسوهن وقد فرضتم لهن فريضة فنصف ما فرضتم أي فلم يذكر المتعة . وقد مضى الكلام في هذا في ( البقرة ) مستوفى . وقوله ( وسرحوهن ) طلقوهن . والتسريح كناية عن الطلاق عند أبي حنيفة ، لأنه يستعمل في غيره فيحتاج إلى النية . وعند الشافعي صريح . وقد مضى في ( البقرة ) القول فيه فلا معنى للإعادة . ( جميلا ) سنة ، غير بدعة .
یٰۤاَیُّهَا النَّبِیُّ اِنَّاۤ اَحْلَلْنَا لَكَ اَزْوَاجَكَ الّٰتِیْۤ اٰتَیْتَ اُجُوْرَهُنَّ وَ مَا مَلَكَتْ یَمِیْنُكَ مِمَّاۤ اَفَآءَ اللّٰهُ عَلَیْكَ وَ بَنٰتِ عَمِّكَ وَ بَنٰتِ عَمّٰتِكَ وَ بَنٰتِ خَالِكَ وَ بَنٰتِ خٰلٰتِكَ الّٰتِیْ هَاجَرْنَ مَعَكَ٘-وَ امْرَاَةً مُّؤْمِنَةً اِنْ وَّهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِیِّ اِنْ اَرَادَ النَّبِیُّ اَنْ یَّسْتَنْكِحَهَاۗ-خَالِصَةً لَّكَ مِنْ دُوْنِ الْمُؤْمِنِیْنَؕ-قَدْ عَلِمْنَا مَا فَرَضْنَا عَلَیْهِمْ فِیْۤ اَزْوَاجِهِمْ وَ مَا مَلَكَتْ اَیْمَانُهُمْ لِكَیْلَا یَكُوْنَ عَلَیْكَ حَرَجٌؕ-وَ كَانَ اللّٰهُ غَفُوْرًا رَّحِیْمًا(۵۰)
اے غیب بتانے والے (نبی)! ہم نے تمہارے لیے حلال فرمائیں تمہاری وہ بیبیاں جن کو تم مہر دو (ف۱۱۸) اور تمہارے ہاتھ کا مال کنیزیں جو اللہ نے تمہیں غنیمت میں دیں (ف۱۱۹) اور تمہارے چچا کی بیٹیاں اور پھپیوں کی بیٹیاں اور ماموں کی بیٹیاں اور خالاؤں کی بیٹیاں جنہوں نے تمہارے ساتھ ہجرت کی (ف۱۲۰) اور ایمان والی عورت اگر وہ اپنی جان نبی کی نذر کرے اگر نبی اسے نکاح میں لانا چاہے (ف۱۲۱) یہ خاص تمہارے لیے ہہے امت کے لیے نہیں (ف۱۲۲) ہمیں معلوم ہے جو ہم نے مسلمانوں پر مقرر کیا ہے ان کی بیبیوں اور ان کے ہاتھ کی مال کنیزوں میں (ف۱۲۳) یہ خصوصیت تمہاری (ف۱۲۴) اس لیے کہ تم پر کوئی تنگی نہ ہو، اور اللہ بخشنے والا مہربان،
قوله تعالى : يا أيها النبي إنا أحللنا لك أزواجك اللاتي آتيت أجورهن وما ملكت يمينك مما أفاء الله عليك وبنات عمك وبنات عماتك وبنات خالك وبنات خالاتك اللاتي هاجرن معك وامرأة مؤمنة إن وهبت نفسها للنبي إن أراد النبي أن يستنكحها خالصة لك من دون المؤمنين قد علمنا ما فرضنا عليهم في أزواجهم وما ملكت أيمانهم لكيلا يكون عليك حرج وكان الله غفورا رحيما .فيه تسع عشرة مسألة :الأولى : روى السدي عن أبي صالح عن أم هانئ بنت أبي طالب قالت : خطبني رسول الله صلى الله عليه وسلم فاعتذرت إليه فعذرني ، ثم أنزل الله تعالى : إنا أحللنا لك أزواجك اللاتي آتيت أجورهن وما ملكت يمينك مما أفاء الله عليك وبنات عمك وبنات عماتك وبنات خالك وبنات خالاتك اللاتي هاجرن معك قالت : فلم أكن أحل له ; لأني لم أهاجر ، كنت من الطلقاء . خرجه أبو عيسى وقال : هذا حديث حسن لا نعرفه إلا من هذا الوجه . قال ابن العربي : وهو ضعيف جدا ولم يأت هذا الحديث من طريق صحيح يحتج بها .الثانية : لما خير رسول الله صلى الله عليه وسلم نساءه فاخترنه ، حرم عليه التزوج بغيرهن والاستبدال بهن ، مكافأة لهن على فعلهن . والدليل على ذلك قوله تعالى : لا يحل لك النساء من بعد الآية . وهل كان يحل له أن يطلق واحدة منهن بعد ذلك ؟ فقيل : لا يحل له ذلك عزاء لهن على اختيارهن له . وقيل : كان يحل له ذلك كغيره من النساء ولكن لا يتزوج بدلها . ثم نسخ هذا التحريم فأباح له أن يتزوج بمن شاء عليهن من النساء ، والدليل عليه قوله تعالى : إنا أحللنا لك أزواجك والإحلال يقتضي تقدم حظر . وزوجاته اللاتي في حياته لم يكن محرمات عليه ، وإنما كان حرم عليه التزويج بالأجنبيات فانصرف الإحلال إليهن ، ولأنه قال في سياق الآية وبنات عمك وبنات عماتك الآية . ومعلوم أنه لم يكن تحته أحد من بنات عمه ولا من بنات عماته ولا من بنات خاله ولا من بنات خالاته ، فثبت أنه أحل له التزويج بهذا ابتداء . وهذه الآية وإن كانت مقدمة في التلاوة فهي متأخرة النزول على الآية المنسوخة بها ، كآيتي الوفاة في ( البقرة ) .وقد اختلف الناس في تأويل قوله تعالى : إنا أحللنا لك أزواجك فقيل : المراد بها أن الله تعالى أحل له أن يتزوج كل امرأة يؤتيها مهرها ، قال ابن زيد والضحاك . فعلى هذا تكون الآية مبيحة جميع النساء حاشا ذوات المحارم . وقيل : المراد أحللنا لك أزواجك ، أي الكائنات عندك ، لأنهن قد اخترنك على الدنيا والآخرة ، قال الجمهور من العلماء . وهو الظاهر ؛ لأن قوله : آتيت أجورهن ماض ، ولا يكون الفعل الماضي بمعنى الاستقبال إلا بشروط . ويجيء الأمر على هذا التأويل ضيقا على النبي صلى الله عليه وسلم . ويؤيد هذا التأويل ما قاله ابن عباس : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتزوج في أي الناس شاء ، وكان يشق ذلك على نسائه ، فلما نزلت هذه الآية وحرم عليه بها النساء إلا من سمي ، سر نساؤه بذلك .قلت : والقول الأول أصح لما ذكرناه ويدل أيضا على صحته ما خرجه الترمذي عن عطاء قال : قالت عائشة رضي الله عنها : ما مات رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أحل الله تعالى له النساء . قال : هذا حديث حسن صحيح .الثالثة : قوله تعالى : وما ملكت يمينك أحل الله تعالى السراري لنبيه صلى الله عليه وسلم ولأمته مطلقا ، وأحل الأزواج لنبيه عليه الصلاة والسلام مطلقا ، وأحله للخلق بعدد . وقوله مما أفاء الله عليك أي رده عليك من الكفار . والغنيمة قد تسمى فيئا ، أي مما أفاء الله عليك من النساء بالمأخوذ على وجه القهر والغلبة .الرابعة : قوله تعالى : وبنات عمك وبنات عماتك أي أحللنا لك ذلك زائدا من الأزواج اللاتي آتيت أجورهن وما ملكت يمينك ، على قول الجمهور ، لأنه لو أراد أحللنا لك كل امرأة تزوجت وآتيت أجرها ، لما قال بعد ذلك : وبنات عمك وبنات عماتك لأن ذلك داخل فيما تقدم .قلت : وهذا لا يلزم ، وإنما خص هؤلاء بالذكر تشريفا ، كما قال تعالى : فيهما فاكهة ونخل ورمان . والله أعلم .الخامسة : قوله تعالى : خالاتك اللاتي هاجرن فيه قولان : الأول : لا يحل لك من قرابتك كبنات عمك العباس وغيره من أولاد عبد المطلب ، وبنات أولاد بنات عبد المطلب ، وبنات الخال من ولد بنات عبد مناف بن زهرة إلا من أسلم ، لقوله صلى الله عليه وسلم : المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده والمهاجر من هجر ما نهى الله تعالى عنه . الثاني : لا يحل لك منهن إلا من هاجر إلى المدينة ، لقوله تعالى : والذين آمنوا ولم يهاجروا ما لكم من ولايتهم من شيء حتى يهاجروا ومن لم يهاجر لم يكمل ، ومن لم يكمل لم يصلح للنبي صلى الله عليه وسلم الذي كمل وشرف وعظم ، صلى الله عليه وسلم .السادسة : قوله تعالى : ( معك ) المعية هنا الاشتراك في الهجرة لا في الصحبة فيها ، فمن هاجر حل له ، كان في صحبته إذ هاجر أو لم يكن . يقال : دخل فلان معي وخرج معي ، أي كان عمله كعملي وإن لم يقترن فيه عملكما . ولو قلت : خرجنا معا لاقتضى ذلك المعنيين جميعا : الاشتراك في الفعل ، والاقتران فيه .السابعة : ذكر الله تبارك وتعالى العم فردا والعمات جمعا . وكذلك قال : خالك ، وخالاتك والحكمة في ذلك : أن العم والخال في الإطلاق اسم جنس كالشاعر والراجز ، وليس كذلك العمة والخالة . وهذا عرف لغوي ، فجاء الكلام عليه بغاية البيان لرفع الإشكال ، وهذا دقيق فتأملوه ، قاله ابن العربي .الثامنة : قوله تعالى : وامرأة مؤمنة عطف على ( أحللنا ) المعنى وأحللنا كل امرأة تهب نفسها من غير صداق . وقد اختلف في هذا المعنى ، فروي عن ابن عباس أنه قال : لم تكن عند رسول الله صلى الله عليه وسلم امرأة إلا بعقد نكاح أو ملك يمين . فأما الهبة فلم يكن عنده منهن أحد . وقال قوم : كانت عنده موهوبة .قلت : والذي في الصحيحين يقوي هذا القول ويعضده ، روى مسلم عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت : كنت أغار على اللاتي وهبن أنفسهن لرسول الله صلى الله عليه وسلم وأقول : أما تستحي امرأة تهب نفسها لرجل ! حتى أنزل الله تعالى ترجي من تشاء منهن وتئوي إليك من تشاء فقلت : والله ما أرى ربك إلا يسارع في هواك . وروى البخاري عن عائشة أنها قالت : كانت خولة بنت حكيم من اللائي وهبن أنفسهن لرسول الله صلى الله عليه وسلم فدل هذا على أنهن كن غير واحدة . والله تعالى أعلم . الزمخشري : . وقيل الموهبات أربع : ميمونة بنت الحارث ، وزينب بنت خزيمة أم المساكين الأنصارية ، وأم شريك بنت جابر ، وخولة بنت حكيم .قلت : وفي بعض هذا اختلاف . قال قتادة : هي ميمونة بنت الحارث . وقال الشعبي : هي زينب بنت خزيمة أم المساكين امرأة من الأنصار . وقال علي بن الحسين والضحاك ومقاتل : هي أم شريك بنت جابر الأسدية . وقال عروة بن الزبير : أم حكيم بنت الأوقص السلمية .التاسعة : وقد اختلف في اسم الواهبة نفسها ، فقيل هي أم شريح الأنصارية ، اسمها غزية . وقيل غزيلة . وقيل ليلى بنت حكيم . وقيل : هي ميمونة بنت الحارث حين خطبها النبي صلى الله عليه وسلم ، فجاءها الخاطب وهي على بعيرها فقالت : البعير وما عليه لرسول الله صلى الله عليه وسلم . وقيل : هي أم شريك العامرية ، وكانت عند أبي العكر الأزدي . وقيل عند الطفيل بن الحارث فولدت له شريكا . وقيل : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم تزوجها ، ولم يثبت ذلك . والله تعالى أعلم ، ذكره أبو عمر بن عبد البر . وقال الشعبي وعروة : وهي زينب بنت خزيمة أم المساكين . والله تعالى أعلم .العاشرة : قرأ جمهور الناس إن وهبت بكسر الألف ، وهذا يقتضي استئناف الأمر ، أي إن وقع فهو حلال له . وقد روي عن ابن عباس ومجاهد أنهما قالا : لم يكن عند النبي صلى الله عليه وسلم امرأة موهوبة ، وقد دللنا على خلافه . وروى الأئمة من طريق سهل وغيره في الصحاح : أن امرأة قالت لرسول الله صلى الله عليه وسلم : جئت أهب لك نفسي ، فسكت حتى قام رجل فقال : زوجنيها إن لم يكن لك بها حاجة . فلو كانت هذه الهبة غير جائزة لما سكت رسول الله صلى الله عليه وسلم لأنه لا يقر على الباطل إذا سمعه ، غير أنه يحتمل أن يكون سكوته منتظرا بيانا ، فنزلت الآية بالتحليل والتخيير ، فاختار تركها وزوجها من غيره . ويحتمل أن يكون سكت ناظرا في ذلك حتى قام الرجل لها طالبا . وقرأ الحسن البصري وأبي بن كعب والشعبي ( أن ) بفتح الألف . وقرأ الأعمش ( وامرأة مؤمنة وهبت ) . قال النحاس : وكسر إن أجمع للمعاني ، لأنه قيل إنهن نساء . وإذا فتح كان المعنى على واحدة بعينها ؛ لأن الفتح على البدل من امرأة ، أو بمعنى لأن .الحادية عشرة : قوله تعالى : ( مؤمنة ) يدل على أن الكافرة لا تحل له . قال إمام الحرمين : وقد اختلف في تحريم الحرة الكافرة عليه . قال ابن العربي : والصحيح عندي تحريمها عليه . وبهذا يتميز علينا ، فإنه ما كان من جانب الفضائل والكرامة فحظه فيه أكثر ، وما كان جانب النقائص فجانبه عنها أطهر ; فجوز لنا نكاح الحرائر الكتابيات ، وقصر هو صلى الله عليه وسلم لجلالته على المؤمنات . وإذا كان لا يحل له من لم تهاجر لنقصان فضل الهجرة فأحرى ألا تحل له الكافرة الكتابية لنقصان الكفر .الثانية عشرة : قوله تعالى : إن وهبت نفسها دليل على أن النكاح عقد معاوضة على صفات مخصوصة ، قد تقدمت في ( النساء ) وغيرها . وقال الزجاج : معنى إن وهبت نفسها للنبي حلت . وقرأ الحسن : ( أن وهبت ) بفتح الهمزة . و ( أن ) في موضع نصب . قال الزجاج : أي لأن . وقال غيره : ( أن وهبت ) بدل اشتمال من ( امرأة ) .الثالثة عشرة : قوله تعالى : إن أراد النبي أن يستنكحها أي إذا وهبت المرأة نفسها وقبلها النبي صلى الله عليه وسلم حلت له ، وإن لم يقبلها لم يلزم ذلك . كما إذا وهبت لرجل شيئا فلا يجب عليه القبول ، بيد أن من مكارم أخلاق نبينا أن يقبل من الواهب هبته . ويرى الأكارم أن ردها هجنة في العادة ، ووصمة على الواهب وأذية لقلبه ، فبين الله ذلك في حق رسوله صلى الله عليه وسلم وجعله قرآنا يتلى ، ليرفع عنه الحرج ، ويبطل بطل الناس في عادتهم وقولهم .الرابعة عشرة : قوله تعالى خالصة لك أي هبة النساء أنفسهن خالصة ومزية لا تجوز ، فلا يجوز أن تهب المرأة نفسها لرجل . ووجه الخاصية أنها لو طلبت فرض المهر قبل الدخول لم يكن لها ذلك . فأما فيما بيننا فللمفوضة طلب المهر قبل الدخول ، ومهر المثل بعد الدخول .الخامسة عشرة : أجمع العلماء على أن هبة المرأة نفسها غير جائز ، وأن هذا اللفظ من الهبة لا يتم عليه نكاح ، إلا ما روي عن أبي حنيفة وصاحبيه فإنهم قالوا : إذا وهبت فأشهد هو على نفسه بمهر فذلك جائز . قال ابن عطية : فليس في قولهم إلا تجويز العبارة ولفظة الهبة ، وإلا فالأفعال التي اشترطوها هي أفعال النكاح بعينه ، وقد تقدمت هذه المسألة في ( القصص ) مستوفاة . والحمد لله .السادسة عشرة : خص الله تعالى رسوله في أحكام الشريعة بمعاني لم يشاركه فيها أحد - في باب الفرض والتحريم والتحليل - مزية على الأمة وهبت له ، ومرتبة خص بها ، ففرضت عليه أشياء ما فرضت على غيره ، وحرمت عليه أفعال لم تحرم عليهم ، وحللت له أشياء لم تحلل لهم ، منها متفق عليه ومختلف فيه .فأما ما فرض عليه فتسعة : الأول - التهجد بالليل ، يقال : إن قيام الليل كان واجبا عليه إلى أن مات ، لقوله تعالى : يا أيها المزمل قم الليل الآية . والمنصوص أنه كان ، واجبا عليه ثم نسخ بقوله تعالى : ومن الليل فتهجد به نافلة لك وسيأتي . الثاني : الضحى . الثالث : الأضحى . الرابع : الوتر ، وهو يدخل في قسم التهجد . الخامس : السواك . السادس : قضاء دين من مات معسرا . السابع : مشاورة ذوي الأحلام في غير الشرائع . الثامن : تخيير النساء . التاسع : إذا عمل عملا أثبته . زاد غيره : وكان يجب عليه إذا رأى منكرا أنكره وأظهره ؛ لأن إقراره لغيره على ذلك يدل على جوازه ، ذكره صاحب البيان .وأما ما حرم عليه فجملته عشرة : الأول : تحريم الزكاة عليه وعلى آله . الثاني : صدقة التطوع عليه ، وفي آله تفصيل باختلاف . الثالث : خائنة الأعين ، وهو أن يظهر خلاف ما يضمر ، أو ينخدع عما يجب . وقد ذم بعض الكفار عند إذنه ثم ألان له القول عند دخوله . الرابع : حرم الله عليه إذا لبس لأمته أن يخلعها عنه أو يحكم الله بينه وبين محاربه . الخامس : الأكل متكئا . السادس : أكل الأطعمة الكريهة الرائحة . السابع : التبدل بأزواجه ، وسيأتي . الثامن : نكاح امرأة تكره صحبته . التاسع : نكاح الحرة الكتابية . العاشر : نكاح الأمة .وحرم الله عليه أشياء لم يحرمها على غيره تنزيها له وتطهيرا . فحرم الله عليه الكتابة وقول الشعر وتعليمه ، تأكيدا لحجته وبيانا لمعجزته قال الله تعالى : وما كنت تتلو من قبله من كتاب ولا تخطه بيمينك . وذكر النقاش أن النبي صلى الله عليه وسلم ما مات حتى كتب ، والأول هو المشهور . وحرم عليه أن يمد عينيه إلى ما متع به الناس ، قال الله تعالى : لا تمدن عينيك إلى ما متعنا به أزواجا منهم الآية .وأما ما أحل له صلى الله عليه وسلم فجملته ستة عشر : الأول : صفي المغنم . الثاني : الاستبداد بخمس الخمس أو الخمس . الثالث : الوصال . الرابع : الزيادة على أربع نسوة . الخامس : النكاح بلفظ الهبة . السادس : النكاح بغير ولي . السابع : النكاح بغير صداق . الثامن : نكاحه في حالة الإحرام . التاسع : سقوط القسم بين الأزواج عنه ، وسيأتي . العاشر : إذا وقع بصره على امرأة وجب على زوجها طلاقها ، وحل له نكاحها . قال ابن العربي : هكذا قال إمام الحرمين ، وقد مضى ما للعلماء في قصة زيد من هذا المعنى . الحادي عشر : أنه أعتق صفية وجعل عتقها صداقها . الثاني عشر : دخول مكة بغير إحرام ، وفي حقنا فيه اختلاف . الثالث عشر : القتال بمكة . الرابع عشر : أنه لا يورث . وإنما ذكر هذا في قسم التحليل لأن الرجل إذا قارب الموت بالمرض زال عنه أكثر ملكه ، ولم يبق له إلا الثلث خالصا ، وبقي ملك رسول الله صلى الله عليه وسلم على ما تقرر بيانه في آية المواريث ، وسورة ( مريم ) بيانه أيضا . الخامس عشر : بقاء زوجيته من بعد الموت . السادس عشر : إذا طلق امرأة تبقى حرمته عليها فلا تنكح . وهذه الأقسام الثلاثة تقدم معظمها مفصلا في مواضعها . وسيأتي إن شاء الله تعالى .وأبيح له عليه الصلاة والسلام أخذ الطعام والشراب من الجائع والعطشان ، وإن كان من هو معه يخاف على نفسه الهلاك ، لقوله تعالى : النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم . وعلى كل أحد من المسلمين أن يقي النبي صلى الله عليه وسلم بنفسه . وأبيح له أن يحمي لنفسه . وأكرمه الله بتحليل الغنائم . وجعلت الأرض له ولأمته مسجدا وطهورا . وكان من الأنبياء من لا تصح صلاتهم إلا في المساجد . ونصر بالرعب ، فكان يخافه العدو من مسيرة شهر . وبعث إلى كافة الخلق ، وقد كان من قبله من الأنبياء يبعث الواحد إلى بعض الناس دون بعض . وجعلت معجزاته كمعجزات الأنبياء قبله وزيادة . وكانت معجزة موسى عليه السلام العصا وانفجار الماء من الصخرة . وقد انشق القمر للنبي صلى الله عليه وسلم وخرج الماء من بين أصابعه صلى الله عليه وسلم وكانت معجزة عيسى صلى الله عليه وسلم إحياء الموتى وإبراء الأكمه والأبرص . وقد سبح الحصى في يد النبي صلى الله عليه وسلم ، وحن الجذع إليه ، وهذا أبلغ . وفضله الله عليهم بأن جعل القرآن معجزة له ، وجعل معجزته فيه باقية إلى يوم القيامة ; ولهذا جعلت نبوته مؤبدة لا تنسخ إلى يوم القيامة .السابعة عشرة : أن يستنكحها أي ينكحها ، يقال : نكح واستنكح ، مثل عجب واستعجب ، وعجل واستعجل . ويجوز أن يرد الاستنكاح بمعنى طلب النكاح ، أو طلب الوطء . و ( خالصة ) نصب على الحال ، قال الزجاج . وقيل : حال من ضمير متصل بفعل مضمر دل عليه المضمر ، تقديره : أحللنا لك أزواجك ، وأحللنا لك امرأة مؤمنة أحللناها خالصة ، بلفظ الهبة وبغير صداق وبغير ولي .الثامن عشر : قوله تعالى من دون المؤمنين فائدته أن الكفار وإن كانوا مخاطبين بفروع الشريعة عندنا فليس لهم في ذلك دخول لأن تصريف الأحكام إنما يكون فيهم على تقدير الإسلام .قوله تعالى : قد علمنا ما فرضنا عليهم في أزواجهم وهو ألا يتزوجوا إلا أربع نسوة بمهر وبينة وولي . قال معناه أبي بن كعب وقتادة وغيرهما .التاسع عشر : لكيلا يكون عليك حرج أي ضيق في أمر أنت فيه محتاج إلى السعة ، أي بينا هذا البيان وشرحنا هذا الشرح لكيلا يكون عليك حرج . ف ( لكيلا ) متعلق بقوله : إنا أحللنا أزواجك أي فلا يضيق قلبك حتى يظهر منك أنك قد أثمت عند ربك في شيء . ثم آنس تعالى جميع المؤمنين بغفرانه ورحمته فقال تعالى : وكان الله غفورا رحيما .
تُرْجِیْ مَنْ تَشَآءُ مِنْهُنَّ وَ تُـْٔوِیْۤ اِلَیْكَ مَنْ تَشَآءُؕ-وَ مَنِ ابْتَغَیْتَ مِمَّنْ عَزَلْتَ فَلَا جُنَاحَ عَلَیْكَؕ-ذٰلِكَ اَدْنٰۤى اَنْ تَقَرَّ اَعْیُنُهُنَّ وَ لَا یَحْزَنَّ وَ یَرْضَیْنَ بِمَاۤ اٰتَیْتَهُنَّ كُلُّهُنَّؕ-وَ اللّٰهُ یَعْلَمُ مَا فِیْ قُلُوْبِكُمْؕ-وَ كَانَ اللّٰهُ عَلِیْمًا حَلِیْمًا(۵۱)
پیچھے ہٹاؤ ان میں سے جسے چاہو اور اپنے پاس جگہ دو جسے چاہو (ف۱۲۵) اور جسے تم نے کنارے کردیا تھا اسے تمہارا جی چاہے تو اس میں بھی تم پر کچھ گناہ نہیں (ف۱۲۶) یہ امر اس سے نزدیک تر ہے کہ ان کی آنکھیں ٹھنڈی ہوں اور غم نہ کریں اور تم انہیں جو کچھ عطا فرماؤ اس پر وہ سب کی سب راضی رہیں (ف۱۲۷) اور اللہ جانتا ہے جو تم سب کے دلوں میں ہے، اور اللہ علم و حلم والا ہے،
قوله تعالى : ترجي من تشاء منهن وتئوي إليك من تشاء ومن ابتغيت ممن عزلت فلا جناح عليك ذلك أدنى أن تقر أعينهن ولا يحزن ويرضين بما آتيتهن كلهن والله يعلم ما في قلوبكم وكان الله عليما حليما .فيه إحدى عشرة مسألة :الأولى : قوله تعالى : ترجي من تشاء قرئ مهموزا وغير مهموز ، وهما لغتان ، يقال : أرجيت الأمر وأرجأته إذا أخرته . وتئوي تضم ، يقال : آوى إليه . ( ممدودة الألف ) ضم إليه . وأوى ( مقصورة الألف ) انضم إليه .الثانية : واختلف العلماء في تأويل هذه الآية ، وأصح ما قيل فيها . التوسعة على النبي صلى الله عليه وسلم في ترك القسم ، فكان لا يجب عليه القسم بين زوجاته . وهذا القول هو الذي يناسب ما مضى ، وهو الذي ثبت معناه في الصحيح عن عائشة رضي الله عنها ، قالت : كنت أغار على اللائي وهبن أنفسهن لرسول الله صلى الله عليه وسلم وأقول : أوتهب المرأة نفسها لرجل ؟ فلما أنزل الله عز وجل ترجي من تشاء منهن وتئوي إليك من تشاء ومن ابتغيت ممن عزلت قالت : قلت والله ما أرى ربك إلا يسارع في هواك . قال ابن العربي : هذا الذي ثبت في الصحيح هو الذي ينبغي أن يعول عليه . والمعنى المراد : هو أن النبي صلى الله عليه وسلم كان مخيرا في أزواجه ، إن شاء أن يقسم قسم ، وإن شاء أن يترك القسم ترك . فخص النبي صلى الله عليه وسلم بأن جعل الأمر إليه فيه ، لكنه كان يقسم من قبل نفسه دون أن يفرض ذلك عليه ، تطييبا لنفوسهن ، وصونا لهن عن أقوال الغيرة التي تؤدي إلى ما لا ينبغي . وقيل : كان القسم واجبا على النبي صلى الله عليه وسلم ثم نسخ الوجوب عنه بهذه الآية . قال أبو رزين : كان رسول الله قد هم بطلاق بعض نسائه فقلن له : اقسم لنا ما شئت . فكان ممن آوى عائشة وحفصة وأم سلمة وزينب ، فكان قسمتهن من نفسه وماله سواء بينهن . وكان ممن أرجى سودة وجويرية وأم حبيبة وميمونة وصفية ، فكان يقسم لهن ما شاء . وقيل : المراد الواهبات . روى هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة في قوله : ترجي من تشاء منهن قالت : هذا في الواهبات أنفسهن . قال الشعبي : هن الواهبات أنفسهن ، تزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم منهن وترك منهن . وقال الزهري : ما علمنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أرجأ أحدا من أزواجه ، بل آواهن كلهن . وقال ابن عباس وغيره : المعنى في طلاق من شاء ممن حصل في عصمته ، وإمساك من شاء . وقيل غير هذا . وعلى كل معنى فالآية معناها التوسعة على رسول الله صلى الله عليه وسلم والإباحة . وما اخترناه أصح والله أعلم .الثالثة : ذهب هبة الله في الناسخ والمنسوخ إلى أن قوله : ترجي من تشاء الآية ، ناسخ لقوله : لا يحل لك النساء من بعد الآية . وقال : ليس في كتاب الله ناسخ تقدم المنسوخ سوى هذا . وكلامه يضعف من جهات . وفي ( البقرة ) عدة المتوفى عنها أربعة أشهر وعشر ، وهو ناسخ للحول وقد تقدم عليه .الرابعة : قوله تعالى : ومن ابتغيت ممن عزلت ( ابتغيت ) طلبت ، والابتغاء الطلب . و ( عزلت ) أزلت ، والعزلة الإزالة ، أي إن أردت أن تئوي إليك امرأة ممن عزلتهن من القسمة وتضمها إليك فلا بأس عليك في ذلك . كذلك حكم الإرجاء ، فدل أحد الطرفين على الثاني .الخامسة : قوله تعالى : فلا جناح عليك أي لا ميل ، يقال : جنحت السفينة أي مالت إلى الأرض . أي لا ميل عليك باللوم والتوبيخ .السادسة : قوله تعالى : ذلك أدنى أن تقر أعينهن قال قتادة وغيره : أي ذلك التخيير الذي خيرناك في صحبتهن أدنى إلى رضاهن إذ كان من عندنا ، لأنهن إذا علمن أن الفعل من الله قرت أعينهن بذلك ورضين ؛ لأن المرء إذا علم أنه لا حق له في شيء كان راضيا بما أوتي منه وإن قل . وإن علم أن له حقا لم يقنعه ما أوتي منه ، واشتدت غيرته عليه وعظم حرصه فيه . فكان ما فعل الله لرسوله من تفويض الأمر إليه في أحوال أزواجه أقرب إلى رضاهن معه ، وإلى استقرار أعينهن بما يسمح به لهن ، دون أن تتعلق قلوبهن بأكثر منه وقرئ : ( تقر أعينهن ) بضم التاء ونصب الأعين . و ( تقر أعينهن ) على البناء للمفعول . وكان عليه السلام مع هذا يشدد على نفسه في رعاية التسوية بينهن ، تطييبا لقلوبهن كما قدمناه ويقول : اللهم هذه قدرتي فيما أملك فلا تلمني فيما تملك ولا أملك يعني قلبه ، لإيثاره عائشة رضي الله عنها دون أن يكون يظهر ذلك في شيء من فعله . وكان في مرضه الذي توفي فيه يطاف به محمولا على بيوت أزواجه ، إلى أن استأذنهن أن يقيم في بيت عائشة . قالت عائشة : أول ما اشتكى رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيت ميمونة ، فاستأذن أزواجه أن يمرض في بيتها - يعني في بيت عائشة - فأذن له . . الحديث ، خرجه الصحيح . وفي الصحيح أيضا عن عائشة رضي الله عنها قالت : إن كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ليتفقد ، يقول : أين أنا اليوم أين أنا غدا استبطاء ليوم عائشة رضي الله عنها . قالت : فلما كان يومي قبضه الله تعالى بين سحري ونحري ، صلى الله عليه وسلم .السابعة : على الرجل أن يعدل بين نسائه لكل واحدة منهن يوما وليلة ، هذا قول عامة العلماء . وذهب بعضهم إلى وجوب ذلك في الليل دون النهار . ولا يسقط حق الزوجة مرضها ولا حيضها ، ويلزمه المقام عندها في يومها وليلتها وعليه أن يعدل بينهن في مرضه كما يفعل في صحته ، إلا أن يعجز عن الحركة فيقيم حيث غلب عليه المرض ، فإذا صح استأنف القسم . والإماء والحرائر والكتابيات والمسلمات في ذلك سواء . قال عبد الملك : للحرة ليلتان وللأمة ليلة . وأما السراري فلا قسم بينهن وبين الحرائر ، ولا حظ لهن فيه .الثامنة : ولا يجمع بينهن في منزل واحد إلا برضاهن ، ولا يدخل لإحداهن في يوم الأخرى وليلتها لغير حاجة . واختلف في دخوله لحاجة وضرورة ، فالأكثرون على جوازه ، مالك وغيره . وفي كتاب ابن حبيب منعه . وروى ابن بكير عن مالك عن يحيى بن سعيد أن معاذ بن جبل كانت له امرأتان ، فإذا كان يوم هذه لم يشرب من بيت الأخرى الماء . قال ابن بكير : وحدثنا مالك عن يحيى بن سعيد أن معاذ بن جبل كانت له امرأتان ماتتا في الطاعون . فأسهم بينهما أيهما تدلى أولا .التاسعة : قال مالك : ويعدل بينهن في النفقة والكسوة إذا كن معتدلات الحال ، ولا يلزم ذلك في المختلفات المناصب . وأجاز مالك أن يفضل إحداهما في الكسوة على غير وجه الميل . فأما الحب والبغض فخارجان عن الكسب فلا يتأتى العدل فيهما ، وهو المعني بقوله صلى الله عليه وسلم في قسمه اللهم هذا فعلي فيما أملك فلا تلمني فيما تملك ولا أملك . أخرجه النسائي وأبو داود عن عائشة رضي الله عنها . وفي كتاب أبي داود ( يعني القلب ) ، وإليه الإشارة بقوله تعالى : ولن تستطيعوا أن تعدلوا بين النساء ولو حرصتم وقوله تعالى : والله يعلم ما في قلوبكم . وهذا هو وجه تخصيصه بالذكر هنا ، تنبيها منه لنا على أنه يعلم ما في قلوبنا من ميل بعضنا إلى بعض من عندنا من النساء دون بعض ، وهو العالم بكل شيء لا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء يعلم السر وأخفى لكنه سمح في ذلك ، إذ لا يستطيع العبد أن يصرف قلبه عن ذلك الميل ، وإلى ذلك يعود قوله : وكان الله غفورا رحيما . وقد قيل في قوله : ذلك أدنى أن تقر أعينهن وهي :العاشرة : أي ذلك أقرب ألا يحزن إذا لم يجمع إحداهن مع الأخرى ويعاين الأثرة والميل . وروى أبو داود عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : من كانت له امرأتان فمال إلى إحداهما جاء يوم القيامة وشقه مائل ويرضين بما آتيتهن كلهن توكيد للضمير ، أي ويرضين كلهن . وأجاز أبو حاتم والزجاج ويرضين بما آتيتهن كلهن على التوكيد للمضمر الذي في ( آتيتهن ) . والفراء لا يجيزه ؛ لأن المعنى ليس عليه ، إذ كان المعنى وترضى كل واحدة منهن ، وليس المعنى بما أعطيتهن كلهن . النحاس : والذي قاله حسن .الحادية عشرة : قوله تعالى : والله يعلم ما في قلوبكم خبر عام ، والإشارة إلى ما في قلب رسول الله صلى الله عليه وسلم من محبة شخص دون شخص . وكذلك يدخل في المعنى أيضا المؤمنون . وفي البخاري عن عمرو بن العاص أن النبي صلى الله عليه وسلم بعثه على جيش ذات السلاسل ، فأتيته فقلت : أي الناس أحب إليك ؟ فقال : ( عائشة ) فقلت : من الرجال ؟ قال : ( أبوها ) قلت : ثم من ؟ قال : ( عمر بن الخطاب . . ) فعد رجالا . وقد تقدم القول في القلب بما فيه كفاية في أول ( البقرة ) ، وفي أول هذه السورة . يروى أن لقمان الحكيم كان عبدا نجارا قال له سيده : اذبح شاة وائتني بأطيبها بضعتين ، فأتاه باللسان والقلب . ثم أمره بذبح شاة أخرى فقال له : ألق أخبثها بضعتين ، فألقى اللسان والقلب . فقال : أمرتك أن تأتيني بأطيبها بضعتين فأتيتني باللسان والقلب ، وأمرتك أن تلقي بأخبثها بضعتين فألقيت اللسان والقلب ؟ فقال : ليس شيء أطيب منهما إذا طابا ، ولا أخبث منهما إذا خبثا .
لَا یَحِلُّ لَكَ النِّسَآءُ مِنْۢ بَعْدُ وَ لَاۤ اَنْ تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنْ اَزْوَاجٍ وَّ لَوْ اَعْجَبَكَ حُسْنُهُنَّ اِلَّا مَا مَلَكَتْ یَمِیْنُكَؕ-وَ كَانَ اللّٰهُ عَلٰى كُلِّ شَیْءٍ رَّقِیْبًا۠(۵۲)
ان کے بعد (ف۱۲۸) اور عورتیں تمہیں حلال نہیں (ف۱۲۹) اور نہ یہ کہ ان کے عوض اور بیبیاں بدلو (ف۱۳۰) اگرچہ تمہیں ان کا حسن بھائے مگر کنیز تمہارے ہاتھ کا مالک (ف۱۳۱) اور اللہ ہر چیز پر نگہبان ہے،
قوله تعالى : لا يحل لك النساء من بعد ولا أن تبدل بهن من أزواج ولو أعجبك حسنهن إلا ما ملكت يمينك وكان الله على كل شيء رقيبا .فيه سبع مسائل :الأولى : اختلف العلماء في تأويل قوله : لا يحل لك النساء من بعد على أقوال سبعة :الأول : أنها منسوخة بالسنة ، والناسخ لها حديث عائشة ، قالت : ما مات رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أحل له النساء . وقد تقدم .الثاني : أنها منسوخة بآية أخرى ، روى الطحاوي عن أم سلمة قالت : لم يمت رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أحل الله له أن يتزوج من النساء من شاء ، إلا ذات محرم ، وذلك قوله عز وجل : ترجي من تشاء منهن وتئوي إليك من تشاء . قال النحاس : وهذا والله أعلم أولى ما قيل في الآية ، وهو وقول عائشة واحد في النسخ . وقد يجوز أن تكون عائشة أرادت أحل له ذلك بالقرآن . وهو مع هذا قول علي بن أبي طالب وابن عباس وعلي بن الحسين والضحاك . وقد عارض بعض فقهاء الكوفيين فقال : محال أن تنسخ هذه الآية ، يعني ترجي من تشاء منهن لا يحل لك النساء من بعد وهي قبلها في المصحف الذي أجمع عليه المسلمون ورجح قول من قال نسخت بالسنة .قال النحاس : وهذه المعاوضة لا تلزم ، وقائلها غالط ؛ لأن القرآن بمنزلة سورة واحدة ، كما صح عن ابن عباس : أنزل الله القرآن جملة واحدة إلى السماء الدنيا في شهر رمضان . ويبين لك أن اعتراض هذا المعترض لا يلزم أن قوله عز وجل : والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا وصية لأزواجهم متاعا إلى الحول غير إخراج منسوخة على قول أهل التأويل - لا نعلم بينهم خلافا - بالآية التي قبلها والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشرا .الثالث : أنه صلى الله عليه وسلم حظر عليه أن يتزوج على نسائه ، لأنهن اخترن الله ورسوله والدار الآخرة ، هذا قول الحسن وابن سيرين وأبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام . قال النحاس : وهذا القول يجوز أن يكون هكذا ثم نسخ .الرابع : أنه لما حرم عليهن أن يتزوجن بعده حرم عليه أن يتزوج غيرهن ، قاله أبو أمامة بن سهل بن حنيف .الخامس : لا يحل لك النساء من بعد أي من بعد الأصناف التي سميت ، قاله أبي بن كعب وعكرمة وأبو رزين ، وهو اختيار محمد بن جرير . ومن قال إن الإباحة كانت له مطلقة قال هنا : لا يحل لك النساء معناه لا تحل لك اليهوديات ولا النصرانيات . وهذا تأويل فيه بعد .وروي عن مجاهد وسعيد بن جبير وعكرمة أيضا . وهو القول السادس . قال مجاهد : لئلا تكون كافرة أما للمؤمنين . وهذا القول يبعد ، لأنه يقدره : من بعد المسلمات ، ولم يجر للمسلمات ذكر . وكذلك قدر ولا أن تبدل بهن أي ولا أن تطلق مسلمة لتستبدل بها كتابية .السابع : أن النبي صلى الله عليه وسلم كان له حلال أن يتزوج من شاء ثم نسخ ذلك . قال : وكذلك كانت الأنبياء قبله صلى الله عليه وسلم ; قاله محمد بن كعب القرظي .الثانية : قوله تعالى : ولا أن تبدل بهن من أزواج قال ابن زيد : هذا شيء كانت العرب تفعله ، يقول أحدهم : خذ زوجتي وأعطني زوجتك ، روى الدارقطني عن أبي هريرة قال : كان البدل في الجاهلية أن يقول الرجل للرجل : انزل لي عن امرأتك وأنزل لك عن امرأتي وأزيدك ، فأنزل الله عز وجل ولا أن تبدل بهن من أزواج ولو أعجبك حسنهن قال : فدخل عيينة بن حصن الفزاري على رسول الله صلى الله عليه وسلم وعنده عائشة ، فدخل بغير إذن ، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : يا عيينة فأين الاستئذان ؟ فقال : يا رسول الله ، ما استأذنت على رجل من مضر منذ أدركت . قال : من هذه الحميراء إلى جنبك ؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : هذه عائشة أم المؤمنين قال : أفلا أنزل لك عن أحسن الخلق . فقال : يا عيينة ، إن الله قد حرم ذلك . قال فلما خرج قالت عائشة : يا رسول الله ، من هذا ؟ قال : أحمق مطاع وإنه على ما ترين لسيد قومه . وقد أنكر الطبري والنحاس وغيرهما ما حكاه ابن زيد عن العرب ، من أنها كانت تبادل بأزواجها . قال الطبري : وما فعلت العرب قط هذا . وما روي من حديث عيينة بن حصن من أنه دخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم وعنده عائشة . . الحديث ، فليس بتبديل ، ولا أراد ذلك ، وإنما احتقر عائشة لأنها كانت صبية فقال هذا القول .قلت : وما ذكرناه من حديث زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن أبي هريرة من أن البدل كان في الجاهلية يدل على خلاف ما أنكر من ذلك ، والله أعلم . قال المبرد : وقرئ لا يحل بالياء والتاء . فمن قرأ بالتاء فعلى معنى جماعة النساء ، وبالياء من تحت على معنى جميع النساء . وزعم الفراء قال : اجتمعت القراء على أن القراءة بالياء ، وهذا غلط ، وكيف يقال : اجتمعت القراء وقد قرأ أبو عمرو بالتاء بلا اختلاف عنه .الثالثة : قوله تعالى : ولو أعجبك حسنهن قال ابن عباس : نزل ذلك بسبب أسماء بنت عميس ، أعجب رسول الله صلى الله عليه وسلم حين مات عنها جعفر بن أبي طالب حسنها ، فأراد أن يتزوجها ، فنزلت الآية ، وهذا حديث ضعيف قاله ابن العربي .الرابعة : في هذه الآية دليل على جواز أن ينظر الرجل إلى من يريد زواجها . وقد أراد المغيرة بن شعبة زواج امرأة ، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم : انظر إليها فإنه أجدر أن يؤدم بينكما . وقال عليه السلام لآخر : انظر إليها فإن في أعين الأنصار شيئا أخرجه الصحيح . قال الحميدي وأبو الفرج الجوزي . يعني صفراء أو زرقاء . وقيل رمصاء .الخامسة : الأمر بالنظر إلى المخطوبة إنما هو على جهة الإرشاد إلى المصلحة ، فإنه إذا نظر إليها فلعله يرى منها ما يرغبه في نكاحها . ومما يدل على أن الأمر على جهة الإرشاد ما ذكره أبو داود من حديث جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : إذا خطب أحدكم المرأة فإن استطاع أن ينظر منها إلى ما يدعوه إلى نكاحها فليفعل . فقوله : فإن استطاع فليفعل لا يقال مثله في الواجب . وبهذا قال جمهور الفقهاء مالك والشافعي والكوفيون وغيرهم وأهل الظاهر . وقد كره ذلك قوم لا مبالاة بقولهم ؛ للأحاديث الصحيحة ، وقوله تعالى : ولو أعجبك حسنهن . وقال سهل بن أبي حثمة : رأيت محمد بن مسلمة يطارد ثبيتة بنت الضحاك على إجار من أجاجير المدينة فقلت له : أتفعل هذا ؟ فقال نعم ! قال النبي صلى الله عليه وسلم : إذا ألقى الله في قلب أحدكم خطبة امرأة فلا بأس أن ينظر إليها . الإجار : السطح ، بلغة أهل الشام والحجاز . قال أبو عبيد : وجمع الإجار أجاجير وأجاجرة .السادسة : اختلف فيما يجوز أن ينظر منها ، فقال مالك : ينظر إلى وجهها وكفيها ، ولا ينظر إلا بإذنها . وقال الشافعي وأحمد : بإذنها وبغير إذنها إذا كانت مستترة . وقال الأوزاعي : ينظر إليها ويجتهد وينظر مواضع اللحم منها . قال داود : ينظر إلى سائر جسدها ، تمسكا بظاهر اللفظ . وأصول الشريعة ترد عليه في تحريم الاطلاع على العورة . والله أعلم .السابعة : قوله تعالى : إلا ما ملكت يمينك اختلف العلماء في إحلال الأمة الكافرة للنبي صلى الله عليه وسلم على قولين : تحل لعموم قول : إلا ما ملكت يمينك ، قاله مجاهد وسعيد بن جبير وعطاء والحكم . قالوا : قوله تعالى لا يحل لك النساء من بعد أي لا تحل لك النساء من غير المسلمات ، فأما اليهوديات والنصرانيات والمشركات فحرام عليك ، أي لا يحل لك أن تتزوج كافرة فتكون أما للمؤمنين ولو أعجبك حسنها ، إلا ما ملكت يمينك ، فإن له أن يتسرى بها . القول الثاني : لا تحل ، تنزيها لقدره عن مباشرة الكافرة ، وقد قال الله تعالى : ولا تمسكوا بعصم الكوافر فكيف به صلى الله عليه وسلم . و ( ما ) في قوله : إلا ما ملكت يمينك في موضع رفع بدل من ( النساء ) . ويجوز أن يكون في موضع نصب على استثناء ، وفيه ضعف . ويجوز أن تكون مصدرية ، والتقدير : إلا ملك يمينك ، و ( ملك ) بمعنى مملوك ، وهو في موضع نصب لأنه استثناء من غير الجنس الأول .
یٰۤاَیُّهَا الَّذِیْنَ اٰمَنُوْا لَا تَدْخُلُوْا بُیُوْتَ النَّبِیِّ اِلَّاۤ اَنْ یُّؤْذَنَ لَكُمْ اِلٰى طَعَامٍ غَیْرَ نٰظِرِیْنَ اِنٰىهُۙ-وَ لٰكِنْ اِذَا دُعِیْتُمْ فَادْخُلُوْا فَاِذَا طَعِمْتُمْ فَانْتَشِرُوْا وَ لَا مُسْتَاْنِسِیْنَ لِحَدِیْثٍؕ-اِنَّ ذٰلِكُمْ كَانَ یُؤْذِی النَّبِیَّ فَیَسْتَحْیٖ مِنْكُمْ٘-وَ اللّٰهُ لَا یَسْتَحْیٖ مِنَ الْحَقِّؕ- وَ اِذَا سَاَلْتُمُوْهُنَّ مَتَاعًا فَسْــٴَـلُوْهُنَّ مِنْ وَّرَآءِ حِجَابٍؕ-ذٰلِكُمْ اَطْهَرُ لِقُلُوْبِكُمْ وَ قُلُوْبِهِنَّؕ-وَ مَا كَانَ لَكُمْ اَنْ تُؤْذُوْا رَسُوْلَ اللّٰهِ وَ لَاۤ اَنْ تَنْكِحُوْۤا اَزْوَاجَهٗ مِنْۢ بَعْدِهٖۤ اَبَدًاؕ-اِنَّ ذٰلِكُمْ كَانَ عِنْدَ اللّٰهِ عَظِیْمًا(۵۳)
اے ایمان والو! نبی کے گھروں میں (ف۱۳۲) نہ حاضر ہو جب تک اذن نہ پاؤ (ف۱۳۳) مثلاً کھانے کے لیے بلائے جاؤ نہ یوں کہ خود اس کے پکنے کی راہ تکو (ف۱۳۴) ہاں جب بلائے جاؤ تو حاضر ہو اور جب کھا چکو تو متفرق ہوجاؤ نہ یہ کہ بیٹھے باتوں میں دل بہلاؤ (ف۱۳۵) بیشک اس میں نبی کو ایذا ہوتی تھی تو وہ تمہارا لحاظ فرماتے تھے (ف۱۳۶) اور اللہ حق فرمانے میں نہیں شرماتا، اور جب تم ان سے (ف۱۳۷) برتنے کی کوئی چیز مانگو تو پردے کے باہر مانگو، اس میں زیادہ ستھرائی ہے تمہارے دلوں اور ان کے دلوں کی (ف۱۳۸) اور تمہیں نہیں پہنچتا کہ رسول اللہ کو ایذا دو (ف۱۳۹) اور نہ یہ کہ ان کے بعد کبھی ان کی بیبیوں سے نکاح کرو (ف۱۴۰) بیشک یہ اللہ کے نزدیک بڑی سخت بات ہے (ف۱۴۱)
قوله تعالى : يا أيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوت النبي إلا أن يؤذن لكم إلى طعام غير ناظرين إناه ولكن إذا دعيتم فادخلوا فإذا طعمتم فانتشروا ولا مستأنسين لحديث إن ذلكم كان يؤذي النبي فيستحيي منكم والله لا يستحيي من الحق وإذا سألتموهن متاعا فاسألوهن من وراء حجاب ذلكم أطهر لقلوبكم وقلوبهن وما كان لكم أن تؤذوا رسول الله ولا أن تنكحوا أزواجه من بعده أبدا إن ذلكم كان عند الله عظيما .فيه ست عشرة مسألة :الأولى : قوله تعالى : لا تدخلوا بيوت النبي إلا أن يؤذن لكم ( أن ) في موضع نصب على معنى : إلا بأن يؤذن لكم ، ويكون الاستثناء ليس من الأول . طعام غير ناظرين نصب على الحال ، أي لا تدخلوا في هذه الحال . ولا يجوز في غير الخفض على النعت للطعام ، لأنه لو كان نعتا لم يكن بد من إظهار الفاعلين ، وكان يقول : غير ناظرين إناه أنتم . ونظير هذا من النحو : هذا رجل مع رجل ملازم له ، وإن شئت قلت : هذا رجل مع رجل ملازم له هو . وهذه الآية تضمنت قصتين : إحداهما : الأدب في أمر الطعام والجلوس .والثانية : أمر الحجاب . وقال حماد بن زيد : هذه الآية نزلت في الثقلاء . فأما القصة الأولى فالجمهور من المفسرين على أن : سببها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما تزوج زينب بنت جحش امرأة زيد أولم عليها ، فدعا الناس ، فلما طعموا جلس طوائف منهم يتحدثون في بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وزوجته مولية وجهها إلى الحائط ، فثقلوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم . قال أنس : فما أدري أأنا أخبرت النبي صلى الله عليه وسلم أن القوم قد خرجوا أو أخبرني . قال : فانطلق حتى دخل البيت ، فذهبت أدخل معه فألقى الستر بيني وبينه ونزل الحجاب . قال : ووعظ القوم بما وعظوا به ، وأنزل الله عز وجل يا أيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوت النبي - إلى قوله - إن ذلكم كان عند الله عظيما أخرجه الصحيح . وقال قتادة ومقاتل في كتاب الثعلبي : إن هذا السبب جرى في بيت أم سلمة . والأول الصحيح ، كما رواه الصحيح . وقال ابن عباس : نزلت في ناس من المؤمنين كانوا يتحينون طعام النبي صلى الله عليه وسلم فيدخلون قبل أن يدرك الطعام ، فيقعدون إلى أن يدرك ، ثم يأكلون ولا يخرجون . وقال إسماعيل بن أبي حكيم : وهذا أدب أدب الله به الثقلاء . وقال ابن أبي عائشة في كتاب الثعلبي : حسبك من الثقلاء أن الشرع لم يحتملهم .وأما قصة الحجاب فقال أنس بن مالك وجماعة : سببها أمر القعود في بيت زينب ، القصة المذكورة آنفا . وقالت عائشة رضي الله عنها وجماعة : سببها أن عمر قال قلت : يا رسول الله ، إن نساءك يدخل عليهن البر والفاجر ، فلو أمرتهن أن يحتجبن ، فنزلت الآية . وروى الصحيح عن ابن عمر قال : قال عمر : وافقت ربي في ثلاث : في مقام إبراهيم ، وفي الحجاب ، وفي أسارى بدر . هذا أصح ما قيل في أمر الحجاب ، وما عدا هذين القولين من الأقوال والروايات فواهية ، لا يقوم شيء منها على ساق ، وأضعفها ما روي عن ابن مسعود : أن عمر أمر نساء النبي صلى الله عليه وسلم بالحجاب ، فقالت زينب بنت جحش : يا بن الخطاب ، إنك تغار علينا والوحي ينزل في بيوتنا فأنزل الله تعالى : وإذا سألتموهن متاعا فاسألوهن من وراء حجاب وهذا باطل ; لأن الحجاب نزل يوم البناء بزينب ، كما بيناه . أخرجه البخاري ومسلم والترمذي وغيرهم . وقيل : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يطعم ومعه بعض أصحابه ، فأصاب يد رجل منهم يد عائشة ، فكره النبي صلى الله عليه وسلم فنزلت آية الحجاب . قال ابن عطية : وكانت سيرة القوم إذا كان لهم طعام وليمة أو نحوه أن يبكر من شاء إلى الدعوة ينتظرون طبخ الطعام ونضجه . وكذلك إذا فرغوا منه جلسوا كذلك ، فنهى الله المؤمنين عن أمثال ذلك في بيت النبي صلى الله عليه وسلم ، ودخل في النهي سائر المؤمنين ، والتزم الناس أدب الله تعالى لهم في ذلك ، فمنعهم من الدخول إلا بإذن عند الأكل ، لا قبله لانتظار نضج الطعام .الثانية : قوله تعالى : بيوت النبي دليل على أن البيت للرجل ، ويحكم له به ، فإن الله تعالى أضافه إليه . فإن قيل : فقد قال الله تعالى : واذكرن ما يتلى في بيوتكن من آيات الله والحكمة إن الله كان لطيفا خبيرا قلنا : إضافة البيوت إلى النبي صلى الله عليه وسلم إضافة ملك ، وإضافة البيوت إلى الأزواج إضافة محل ، بدليل أنه جعل فيها الإذن للنبي صلى الله عليه وسلم والإذن إنما يكون للمالك .الثالثة : واختلف العلماء في بيوت النبي صلى الله عليه وسلم إذ كان يسكن فيها أهله بعد موته ، هل هي ملك لهن أم لا على قولين : فقالت طائفة : كانت ملكا لهن ، بدليل أنهن سكن فيها بعد موت النبي صلى الله عليه وسلم إلى وفاتهن ، وذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم وهب ذلك لهن في حياته . الثاني : أن ذلك كان إسكانا كما يسكن الرجل أهله ولم يكن هبة ، وتمادى سكناهن بها إلى الموت . وهذا هو الصحيح ، وهو الذي ارتضاه أبو عمر بن عبد البر وابن العربي وغيرهم ، فإن ذلك من مئونتهن التي كان رسول الله صلى الله عليه وسلم استثناها لهن ، كما استثنى لهن نفقاتهن حين قال : لا تقتسم ورثتي دينارا ولا درهما ، ما تركت بعد نفقة أهلي ومئونة عاملي فهو صدقة . هكذا قال أهل العلم ، قالوا : ويدل على ذلك أن مساكنهن لم يرثها عنهن ورثتهن . قالوا : ولو كان ذلك ملكا لهن كان لا شك قد ورثه عنهن ورثتهن . قالوا : وفي ترك ورثتهن ذلك دليل على أنها لم تكن لهن ملكا . وإنما كان لهن سكن حياتهن ، فلما توفين جعل ذلك زيادة في المسجد الذي يعم المسلمين نفعه ، كما جعل ذلك الذي كان لهن من النفقات في تركة رسول الله صلى الله عليه وسلم لما مضين لسبيلهن ، فزيد إلى أصل المال فصرف في منافع المسلمين مما يعم جميعهم نفعه . والله الموفق .قوله تعالى : غير ناظرين إناه أي غير منتظرين وقت نضجه . و ( إناه ) مقصور ، وفيه لغات : ( إنى ) بكسر الهمزة . قال الشيباني :وكسرى إذ تقسمه بنوه بأسياف كما اقتسم اللحام تمخضت المنون له بيومأنى ولكل حاملة تماموقرأ ابن أبي عبلة : ( غير ناظرين إناه ) مجرورا صفة ل ( طعام ) . الزمخشري : وليس بالوجه ، لأنه جرى على غير ما هو له ، فمن حق ضمير ما هو له أن يبرز إلى اللفظ ، فيقال : غير ناظرين إناه أنتم ، كقولك : هند زيد ضاربته هي . وأنى ( بفتحها ) ، وأناء ( بفتح الهمزة والمد ) قال الحطيئة :وأخرت العشاء إلى سهيل أو الشعرى فطال بي الأناءيعني إلى طلوع سهيل . وإناه مصدر أنى الشيء يأني إذا فرغ وحان وأدرك .الرابعة : قوله تعالى : ولكن إذا دعيتم فادخلوا فإذا طعمتم فانتشروا فأكد المنع ، وخص وقت الدخول بأن يكون عند الإذن على جهة الأدب ، وحفظ الحضرة الكريمة من المباسطة المكروهة . قال ابن العربي : وتقدير الكلام : ولكن إذا دعيتم وأذن لكم في الدخول فادخلوا ، وإلا فنفس الدعوة لا تكون إذنا كافيا في الدخول . والفاء في جواب إذا لازمة لما فيها من معنى المجازاة .الخامسة : قوله تعالى : فادخلوا فإذا طعمتم أمر تعالى بعد الإطعام بأن يتفرق جميعهم وينتشروا . والمراد إلزام الخروج من المنزل عند انقضاء المقصود من الأكل . والدليل على ذلك أن الدخول حرام ، وإنما جاز لأجل الأكل ، فإذا انقضى الأكل زال السبب المبيح وعاد التحريم إلى أصله .السابعة : في هذه الآية دليل على أن الضيف يأكل على ملك المضيف لا على ملك نفسه ، لأنه قال : فإذا طعمتم فانتشروا فلم يجعل له أكثر من الأكل ، ولا أضاف إليه سواه ، وبقي الملك على أصله .السابعة : قوله تعالى : ولا مستأنسين لحديث عطف على قوله : غير ناظرين و ( غير ) منصوبة على الحال من الكاف والميم في ( لكم ) أي غير ناظرين ولا مستأنسين ، والمعنى المقصود : لا تمكثوا مستأنسين بالحديث كما فعل أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم في وليمة زينب . ( إن ذلكم كان يؤذي النبي فيستحيي منكم والله لا يستحيي من الحق ) أي لا يمتنع من بيانه وإظهاره . ولما كان ذلك يقع من البشر لعلة الاستحياء نفي عن الله تعالى العلة الموجبة لذلك في البشر . وفي الصحيح عن أم سلمة قالت : جاءت أم سليم إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالت : يا رسول الله ، إن الله لا يستحيي من الحق ، فهل على المرأة من غسل إذا احتلمت ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إذا رأت الماء .الثامنة : قوله تعالى : وإذا سألتموهن متاعا روى أبو داود الطيالسي عن أنس بن مالك قال قال عمر : وافقت ربي في أربع . . الحديث . وفيه : قلت : يا رسول الله ، لو ضربت على نسائك الحجاب ، فإنه يدخل عليهن البر والفاجر ، فأنزل الله عز وجلوإذا سألتموهن متاعا فاسألوهن من وراء حجاب .واختلف في المتاع ، فقيل : ما يتمتع به من العواري . وقيل فتوى . وقيل صحف القرآن . والصواب أنه عام في جميع ما يمكن أن يطلب من المواعين وسائر المرافق للدين والدنيا .التاسعة : في هذه الآية دليل على أن الله تعالى أذن في مسألتهن من وراء حجاب في حاجة تعرض ، أو مسألة يستفتين فيها ، ويدخل في ذلك جميع النساء بالمعنى ، وبما تضمنته أصول الشريعة من أن المرأة كلها عورة ، بدنها وصوتها ، كما تقدم ، فلا يجوز كشف ذلك إلا لحاجة كالشهادة عليها ، أو داء يكون ببدنها ، أو سؤالها عما يعرض وتعين عندها .العاشرة : استدل بعض العلماء بأخذ الناس عن أزواج النبي صلى الله عليه وسلم من وراء حجاب على جواز شهادة الأعمى ، وبأن الأعمى يطأ زوجته بمعرفته بكلامها . وعلى إجازة شهادته أكثر العلماء ، ولم يجزها أبو حنيفة والشافعي وغيرهما . قال أبو حنيفة : تجوز في الأنساب . وقال الشافعي : لا تجوز إلا فيما رآه قبل ذهاب بصره .الحادية عشرة : قوله تعالى : ذلكم أطهر لقلوبكم وقلوبهن يريد من الخواطر التي تعرض للرجال في أمر النساء ، وللنساء في أمر الرجال ، أي ذلك أنفى للريبة وأبعد للتهمة وأقوى في الحماية . وهذا يدل على أنه لا ينبغي لأحد أن يثق بنفسه في الخلوة مع من لا تحل له ; فإن مجانبة ذلك أحسن لحاله وأحصن لنفسه وأتم لعصمته .الثانية عشرة : وما كان لكم أن تؤذوا رسول الآية . هذا تكرار للعلة وتأكيد لحكمها ، وتأكيد العلل أقوى في الأحكام .الثالثة عشرة : قوله تعالى : ولا أن تنكحوا أزواجه من بعده أبدا روى إسماعيل بن إسحاق قال حدثنا محمد بن عبيد قال حدثنا محمد بن ثور عن معمر عن قتادة أن رجلا قال : لو قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم تزوجت عائشة ، فأنزل الله تعالى : وما كان لكم أن تؤذوا رسول الله الآية . ونزلت : وأزواجه أمهاتهم . وقال القشيري أبو نصر عبد الرحمن : قال ابن عباس قال رجل من سادات قريش من العشرة الذين كانوا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم على حراء - في نفسه - لو توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم لتزوجت عائشة ، وهي بنت عمي . قال مقاتل : هو طلحة بن عبيد الله . قال ابن عباس : وندم هذا الرجل على ما حدث به في نفسه ، فمشى إلى مكة على رجليه وحمل على عشرة أفراس في سبيل الله ، وأعتق رقيقا فكفر الله عنه . وقال ابن عطية : روي أنها نزلت بسبب أن بعض الصحابة قال : لو مات رسول الله صلى الله عليه وسلم لتزوجت عائشة ، فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فتأذى به ، هكذا كنى عنه ابن عباس ببعض الصحابة . وحكى مكي عن معمر أنه قال : هو طلحة بن عبيد الله .قلت : وكذا حكى النحاس عن معمر أنه طلحة ، ولا يصح . قال ابن عطية : لله در ابن عباس ! وهذا عندي لا يصح على طلحة بن عبيد الله . قال شيخنا الإمام أبو العباس : وقد حكي هذا القول عن بعض فضلاء الصحابة ، وحاشاهم عن مثله ! والكذب في نقله ، وإنما يليق مثل هذا القول بالمنافقين الجهال . يروى أن رجلا من المنافقين قال حين تزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم أم سلمة بعد أبي سلمة ، وحفصة بعد خنيس بن حذافة : ما بال محمد يتزوج نساءنا ! والله لو قد مات لأجلنا السهام على نسائه ، فنزلت الآية في هذا ، فحرم الله نكاح أزواجه من بعده ، وجعل لهن حكم الأمهات . وهذا من خصائصه تمييزا لشرفه وتنبيها على مرتبته صلى الله عليه وسلم . قال الشافعي رحمه الله : وأزواجه صلى الله عليه وسلم اللاتي مات عنهن لا يحل لأحد نكاحهن ، ومن استحل ذلك كان كافرا ، لقوله تعالى : وما كان لكم أن تؤذوا رسول الله ولا أن تنكحوا أزواجه من بعده أبدا . وقد قيل : إنما منع من التزوج بزوجاته ، لأنهن أزواجه في الجنة ، وأن المرأة في الجنة لآخر أزواجها . قال حذيفة لامرأته : إن سرك أن تكوني زوجتي في الجنة إن جمعنا الله فيها فلا تزوجي من بعدي ، فإن المرأة لآخر أزواجها . وقد ذكرنا ما للعلماء في هذا في ( كتاب التذكرة ) من أبواب الجنة .الرابعة عشرة : اختلف العلماء في أزواج النبي صلى الله عليه وسلم بعد موته ، هل بقين أزواجا أم زال النكاح بالموت ، وإذا زال النكاح بالموت فهل عليهن عدة أم لا ؟ فقيل : عليهن العدة ، لأنه توفي عنهن ، والعدة عبادة . وقيل : لا عدة عليهن ، لأنها مدة تربص لا ينتظر بها الإباحة . وهو الصحيح ، لقوله عليه السلام : ما تركت بعد نفقة عيالي وروي أهلي وهذا اسم خاص بالزوجية ، فأبقى عليهن النفقة والسكنى مدة حياتهن لكونهن نساءه ، وحرمن على غيره ، وهذا هو معنى بقاء النكاح . وإنما جعل الموت في حقه عليه السلام لهن بمنزلة المغيب في حق غيره ، لكونهن أزواجا له في الآخرة قطعا بخلاف سائر الناس ؛ لأن الرجل لا يعلم كونه مع أهله في دار واحدة ، فربما كان أحدهما في الجنة والآخر في النار ، فبهذا انقطع السبب في حق الخلق وبقي في حق النبي صلى الله عليه وسلم وقد قال عليه السلام : زوجاتي في الدنيا هن زوجاتي في الآخرة . وقال عليه السلام : كل سبب ونسب ينقطع إلا سببي ونسبي فإنه باق إلى يوم القيامة .فرع : فأما زوجاته عليه السلام اللاتي فارقهن في حياته مثل الكلبية وغيرها ، فهل كان يحل لغيره نكاحهن ؟ فيه خلاف . والصحيح جواز ذلك ، لما روي أن الكلبية التي فارقها رسول الله صلى الله عليه وسلم تزوجها عكرمة بن أبي جهل على ما تقدم . وقيل : إن الذي تزوجها الأشعث بن قيس الكندي . قال القاضي أبو الطيب : الذي تزوجها مهاجر بن أبي أمية ، ولم ينكر ذلك أحد ، فدل على أنه إجماع .الخامسة عشرة : قوله تعالى : أبدا إن ذلكم كان عند الله يعني أذية رسول الله صلى الله عليه وسلم أو نكاح أزواجه ، فجعل ذلك من جملة الكبائر ولا ذنب أعظم منه .السادسة عشرة : قد بينا سبب نزول الحجاب من حديث أنس وقول عمر ، وكان يقول لسودة إذا خرجت وكانت امرأة طويلة : قد رأيناك يا سودة ، حرصا على أن ينزل الحجاب ، فأنزل الله آية الحجاب . ولا بعد في نزول الآية عند هذه الأسباب كلها - والله أعلم - بيد أنه لما ماتت زينب بنت جحش قال : لا يشهد جنازتها إلا ذو محرم منها ، مراعاة للحجاب الذي نزل بسببها . فدلته أسماء بنت عميس على سترها في النعش في القبة ، وأعلمته أنها رأت ذلك في بلاد الحبشة فصنعه عمر . وروي أن ذلك صنع في جنازة فاطمة بنت النبي صلى الله عليه وسلم .
اِنْ تُبْدُوْا شَیْــٴًـا اَوْ تُخْفُوْهُ فَاِنَّ اللّٰهَ كَانَ بِكُلِّ شَیْءٍ عَلِیْمًا(۵۴)
اگر تم کوئی بات ظاہر کرو یا چھپاؤ تو بیشک سب کچھ جانتا ہے،
قوله تعالى : إن تبدوا شيئا أو تخفوه فإن الله كان بكل شيء عليما .البارئ سبحانه وتعالى عالم بما بدا وما خفي وما كان وما لم يكن ، لا يخفى عليه ماض تقضى ، ولا مستقبل يأتي . وهذا على العموم تمدح به ، وهو أهل المدح والحمد . والمراد به هاهنا التوبيخ والوعيد لمن تقدم التعريض به في الآية قبلها ، ممن أشير إليه بقوله : ذلكم أطهر لقلوبكم وقلوبهن ، ومن أشير إليه في قوله : وما كان لكم أن تؤذوا رسول الله ولا أن تنكحوا أزواجه من بعده أبدا فقيل لهم في هذه الآية : إن الله تعالى يعلم ما تخفونه من هذه المعتقدات والخواطر المكروهة ويجازيكم عليها . فصارت هذه الآية منعطفة على ما قبلها مبينة لها . والله أعلم .
لَا جُنَاحَ عَلَیْهِنَّ فِیْۤ اٰبَآىٕهِنَّ وَ لَاۤ اَبْنَآىٕهِنَّ وَ لَاۤ اِخْوَانِهِنَّ وَ لَاۤ اَبْنَآءِ اِخْوَانِهِنَّ وَ لَاۤ اَبْنَآءِ اَخَوٰتِهِنَّ وَ لَا نِسَآىٕهِنَّ وَ لَا مَا مَلَكَتْ اَیْمَانُهُنَّۚ-وَ اتَّقِیْنَ اللّٰهَؕ-اِنَّ اللّٰهَ كَانَ عَلٰى كُلِّ شَیْءٍ شَهِیْدًا(۵۵)
ان پر مضائقہ نہیں (ف۱۴۲) ان کے باپ اور بیٹوں اور بھائیوں اور بھتیجوں اور بھانجوں اور اپنے دین کی عورتوں (ف۱۴۴) اور اپنی کنیزوں میں (ف۱۴۵) اور اللہ سے ڈرتی ہو، بیشک اللہ ہر چیز اللہ کے سامنے ہے،
قوله تعالى : لا جناح عليهن في آبائهن ولا أبنائهن ولا إخوانهن ولا أبناء إخوانهن ولا أبناء أخواتهن ولا نسائهن ولا ما ملكت أيمانهن واتقين الله إن الله كان على كل شيء شهيدا .فيه ثلاث مسائل :الأولى : لما نزلت آية الحجاب قال الآباء والأبناء والأقارب لرسول الله صلى الله عليه وسلم : ونحن أيضا نكلمهن من وراء حجاب ؟ فنزلت هذه الآية .الثانية : ذكر الله تعالى في هذه الآية من يحل للمرأة البروز له ، ولم يذكر العم والخال لأنهما يجريان مجرى الوالدين . وقد يسمى العم أبا ، قال الله تعالى : نعبد إلهك وإله آبائك إبراهيم وإسماعيل وإسماعيل كان العم . قال الزجاج : العم والخال ربما يصفان المرأة لولديهما ، فإن المرأة تحل لابن العم وابن الخال فكره لهما الرؤية . وقد كره الشعبي وعكرمة أن تضع المرأة خمارها عند عمها أو خالها . وقد ذكر في هذه الآية بعض المحارم وذكر الجميع في سورة ( النور ) ، فهذه الآية بعض تلك ، وقد مضى الكلام هناك مستوفى ، والحمد لله .الثالثة : قوله تعالى : واتقين الله لما ذكر الله تعالى الرخصة في هذه الأصناف وانجزمت الإباحة ، عطف بأمرهن بالتقوى عطف جملة . وهذا في غاية البلاغة والإيجاز ، كأنه قال : اقتصرن على هذا واتقين الله فيه أن تتعدينه إلى غيره . وخص النساء بالذكر وعينهن في هذا الأمر ، لقلة تحفظهن وكثرة استرسالهن . والله أعلم إن الله كان على كل شيء شهيدا .
اِنَّ اللّٰهَ وَ مَلٰٓىٕكَتَهٗ یُصَلُّوْنَ عَلَى النَّبِیِّؕ-یٰۤاَیُّهَا الَّذِیْنَ اٰمَنُوْا صَلُّوْا عَلَیْهِ وَ سَلِّمُوْا تَسْلِیْمًا(۵۶)
بیشک اللہ اور اس کے فرشتے درود بھیجتے ہیں اس غیب بتانے والے (نبی) پر، اے ایمان والو! ان پر درود اور خوب سلام بھیجو (ف۱۴۶)
قوله تعالى : إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما .هذه الآية شرف الله بها رسوله عليه السلام حياته وموته ، وذكر منزلته منه ، وطهر بها سوء فعل من استصحب في جهته فكرة سوء ، أو في أمر زوجاته ونحو ذلك . والصلاة من الله رحمته ورضوانه ، ومن الملائكة الدعاء والاستغفار ، ومن الأمة الدعاء والتعظيم لأمره .مسألة : واختلف العلماء في الضمير في قوله : يصلون فقالت فرقة : الضمير فيه لله والملائكة ، وهذا قول من الله تعالى شرف به ملائكته ، فلا يصحبه الاعتراض الذي جاء في قول الخطيب : من يطع الله ورسوله فقد رشد ، ومن يعصهما فقد غوى . فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : بئس الخطيب أنت ، قل ومن يعص الله ورسوله أخرجه الصحيح . قالوا : لأنه ليس لأحد أن يجمع ذكر الله تعالى مع غيره في ضمير ، ولله أن يفعل في ذلك ما يشاء . وقالت فرقة : في الكلام حذف ، تقديره إن الله يصلي وملائكته يصلون ، وليس في الآية اجتماع في ضمير ، وذلك جائز للبشر فعله . ولم يقل رسول الله صلى الله عليه وسلم بئس الخطيب أنت لهذا المعنى ، وإنما قاله لأن الخطيب وقف على ومن يعصهما ، وسكت سكتة . واستدلوا بما رواه أبو داود عن عدي بن حاتم أن خطيبا خطب عند النبي صلى الله عليه وسلم فقال : من يطع الله ورسوله ومن يعصهما . فقال : قم - أو اذهب - بئس الخطيب أنت . إلا أنه يحتمل أن يكون لما خطأه في وقفه وقال له : بئس الخطيب ، أصلح له بعد ذلك جميع كلامه ، فقال : قل ومن يعص الله ورسوله كما في كتاب مسلم . وهو يؤيد القول الأول بأنه لم يقف على ( ومن يعصهما ) . وقرأ ابن عباس : ( وملائكته ) بالرفع على موضع اسم الله قبل دخول ( إن ) . والجمهور بالنصب عطفا على المكتوبة .قوله تعالى : يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما فيه خمسة مسائل :الأولى : قوله تعالى : يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما أمر الله تعالى عباده بالصلاة على نبيه محمد صلى الله عليه وسلم دون أنبيائه تشريفا له ، ولا خلاف في أن الصلاة عليه فرض في العمر مرة ، وفي كل حين من الواجبات وجوب السنن المؤكدة التي لا يسع تركها ولا يغفلها إلا من لا خير فيه . الزمخشري : فإن قلت الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم واجبة أم مندوب إليها ؟ قلت : بل واجبة . وقد اختلفوا في حال وجوبها ، فمنهم من أوجبها كلما جرى ذكره . وفي الحديث : ( من ذكرت عنده فلم يصل علي فدخل النار فأبعده الله ) . ويروى أنه قيل له : يا رسول الله ، أرأيت قول الله عز وجل : إن الله وملائكته يصلون على النبي فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( هذا من العلم المكنون ولولا أنكم سألتموني عنه ما أخبرتكم به ، إن الله تعالى وكل بي ملكين فلا أذكر عند مسلم فيصلي علي إلا قال ذلك الملكان غفر الله لك وقال الله تعالى وملائكته جوابا لذينك الملكين آمين . ولا أذكر عند عبد مسلم فلا يصلي علي إلا قال ذلك الملكان لا غفر الله لك وقال الله تعالى وملائكته لذينك الملكين آمين ) .ومنهم من قال : تجب في كل مجلس مرة وإن تكرر ذكره ، كما قال في آية السجدة وتشميت العاطس . وكذلك في كل دعاء في أوله وآخره ، ومنهم من أوجبها في العمر . وكذلك قال في إظهار الشهادتين . والذي يقتضيه الاحتياط : الصلاة عند كل ذكر ، لما ورد من الأخبار في ذلك .الثانية : واختلفت الآثار في صفة الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم فروى مالك عن أبي مسعود الأنصاري قال : أتانا رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن في مجلس سعد بن عبادة ، فقال له بشير بن سعد : أمرنا الله أن نصلي عليك يا رسول الله ، فكيف نصلي عليك ؟ قال : فسكت رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى تمنينا أنه لم يسأله ، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : قولوا اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم في العالمين إنك حميد مجيد ، والسلام كما قد علمتم . ورواه النسائي عن طلحة مثله ، بإسقاط قوله : ( في العالمين ) وقوله : ( والسلام كما قد علمتم ) . وفي الباب عن كعب بن عجرة وأبي حميد الساعدي وأبي سعيد الخدري وعلي بن أبي طالب وأبي هريرة وبريدة الخزاعي وزيد بن خارجة ، ويقال ابن حارثة أخرجها أئمة أهل الحديث في كتبهم . وصحح الترمذي حديث كعب بن عجرة . خرجه مسلم في صحيحه مع حديث أبي حميد الساعدي . قال أبو عمر : روى شعبة والثوري عن الحكم بن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن كعب بن عجرة قال : لما نزل قوله تعالى : يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله ، هذا السلام عليك قد عرفناه فكيف الصلاة ؟ فقال : قل اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد وهذا لفظ حديث الثوري لا حديث شعبة وهو يدخل في التفسير المسند إليه لقول الله تعالى : إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما فبين كيف الصلاة عليه وعلمهم في التحيات كيف السلام عليه ، وهو قوله : السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته .وروى المسعودي عن عون بن عبد الله عن أبي فاختة عن الأسود عن عبد الله أنه قال : إذا صليتم على النبي صلى الله عليه وسلم فأحسنوا الصلاة عليه ، فإنكم لا تدرون لعل ذلك يعرض عليه . قالوا فعلمنا ، قال : قولوا اللهم اجعل صلواتك ورحمتك وبركاتك على سيد المرسلين وإمام المتقين وخاتم النبيين محمد عبدك ونبيك ورسولك إمام الخير وقائد الخير ورسول الرحمة . اللهم ابعثه مقاما محمودا يغبطه به الأولون والآخرون . اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد . اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد . وروينا بالإسناد المتصل في كتاب ( الشفا ) للقاضي عياض عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال : عدهن في يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال : عدهن في يدي جبريل وقال هكذا أنزلت من عند رب العزة اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد . اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد . اللهم وترحم على محمد وعلى آل محمد كما ترحمت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد . اللهم وتحنن على محمد وعلى آل محمد كما تحننت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد . قال ابن العربي : من هذه الروايات صحيح ومنها سقيم ، وأصحها ما رواه مالك فاعتمدوه . ورواية غير مالك من زيادة الرحمة مع الصلاة وغيرها لا يقوى ، وإنما على الناس أن ينظروا في أديانهم نظرهم في أموالهم ، وهم لا يأخذون في البيع دينارا معيبا ، وإنما يختارون السالم الطيب ، كذلك لا يؤخذ من الروايات عن النبي صلى الله عليه وسلم إلا ما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم سنده ، لئلا يدخل في حيز الكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم فبينما هو يطلب الفضل إذا به قد أصاب النقص ، بل ربما أصاب الخسران المبين .الثالثة : في فضل الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال : من صلى علي صلاة صلى الله عليه بها عشرا . وقال سهل بن عبد الله : الصلاة على محمد صلى الله عليه وسلم أفضل العبادات ؛ لأن الله تعالى تولاها هو وملائكته ، ثم أمر بها المؤمنين ، وسائر العبادات ليس كذلك . قال أبو سليمان الداراني : من أراد أن يسأل الله حاجة فليبدأ بالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم ، ثم يسأل الله حاجته ، ثم يختم بالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم فإن الله تعالى يقبل الصلاتين وهو أكرم من أن يرد ما بينهما . وروى سعيد بن المسيب عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال : الدعاء يحجب دون السماء حتى يصلى على النبي صلى الله عليه وسلم ، فإذا جاءت الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم رفع الدعاء . وقال النبي صلى الله عليه وسلم : من صلى علي وسلم علي في كتاب لم تزل الملائكة يصلون عليه ما دام اسمي في ذلك الكتاب .الرابعة : واختلف العلماء في الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في الصلاة ، فالذي عليه الجم الغفير والجمهور الكثير : أن ذلك من سنن الصلاة ومستحباتها . قال ابن المنذر : يستحب ألا يصلي أحد صلاة إلا صلى فيها على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فإن ترك ذلك تارك فصلاته مجزية في مذهب مالك وأهل المدينة وسفيان الثوري وأهل الكوفة من أصحاب الرأي وغيرهم . وهو قول جل أهل العلم . وحكي عن مالك وسفيان أنها في التشهد الأخير مستحبة ، وأن تاركها في التشهد مسيء . وشذ الشافعي فأوجب على تاركها في الصلاة الإعادة . وأوجب إسحاق الإعادة مع تعمد تركها دون النسيان . وقال أبو عمر : قال الشافعي إذا لم يصل على النبي صلى الله عليه وسلم في التشهد الأخير بعد التشهد وقبل التسليم أعاد الصلاة . قال : وإن صلى عليه قبل ذلك لم تجزه . وهذا قول حكاه عنه حرملة بن يحيى ، لا يكاد يوجد هكذا عن الشافعي إلا من رواية حرملة عنه ، وهو من كبار أصحابه الذين كتبوا كتبه . وقد تقلده أصحاب الشافعي ومالوا إليه وناظروا عليه ، وهو عندهم تحصيل مذهبه . وزعم الطحاوي أنه لم يقل به أحد من أهل العلم غيره . وقال الخطابي وهو من أصحاب الشافعي : وليست بواجبة في الصلاة ، وهو قول جماعة الفقهاء إلا الشافعي ، ولا أعلم له فيها قدوة . والدليل على أنها ليست من فروض الصلاة عمل السلف الصالح قبل الشافعي وإجماعهم عليه ، وقد شنع عليه في هذه المسألة جدا . وهذا تشهد ابن مسعود الذي اختاره الشافعي وهو الذي علمه النبي صلى الله عليه وسلم ليس فيه الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم وكذلك كل من روى التشهد عنه صلى الله عليه وسلم . وقال ابن عمر : كان أبو بكر يعلمنا التشهد على المنبر كما تعلمون الصبيان في الكتاب . وعلمه أيضا على المنبر عمر ، وليس فيه ذكر الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم .قلت : قد قال بوجوب الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في الصلاة محمد بن المواز من أصحابنا فيما ذكر ابن القصار وعبد الوهاب ، واختاره ابن العربي للحديث الصحيح : إن الله أمرنا أن نصلي عليك فكيف نصلي عليك ؟ فعلم الصلاة ووقتها فتعينت كيفية ووقتا . وذكر الدارقطني عن أبي جعفر محمد بن علي بن الحسين أنه قال : لو صليت صلاة لم أصل فيها على النبي صلى الله عليه وسلم ولا على أهل بيته لرأيت أنها لا تتم . وروي مرفوعا عنه عن ابن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم . والصواب أنه قول أبي جعفر ، قاله الدارقطني .الخامسة : قوله تعالى : عليه وسلموا ، قال القاضي أبو بكر بن بكير : نزلت هذه الآية على النبي صلى الله عليه وسلم فأمر الله أصحابه أن يسلموا عليه . وكذلك من بعدهم أمروا أن يسلموا عليه عند حضورهم قبره وعند ذكره . وروى النسائي عن عبد الله بن أبي طلحة عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم جاء ذات يوم والبشر يرى في وجهه ، فقلت : إنا لنرى البشرى في وجهك ! فقال : إنه أتاني الملك فقال يا محمد إن ربك يقول أما يرضيك أنه لا يصلي عليك أحد إلا صليت عليه عشرا ولا يسلم عليك أحد إلا سلمت عليه عشرا . وعن محمد بن عبد الرحمن أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ما منكم من أحد يسلم علي إذا مت إلا جاءني سلامه مع جبريل يقول يا محمد هذا فلان بن فلان يقرأ عليك السلام فأقول وعليه السلام ورحمة الله وبركاته وروى النسائي عن عبد الله قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن لله ملائكة سياحين في الأرض يبلغوني من أمتي السلام . قال القشيري والتسليم قولك : سلام عليك .
اِنَّ الَّذِیْنَ یُؤْذُوْنَ اللّٰهَ وَ رَسُوْلَهٗ لَعَنَهُمُ اللّٰهُ فِی الدُّنْیَا وَ الْاٰخِرَةِ وَ اَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا مُّهِیْنًا(۵۷)
بیشک جو ایذا دیتے ہیں اللہ اور اس کے رسول کو ان پر اللہ کی لعنت ہے دنیا اور آخرت میں (ف۱۴۷) اور اللہ نے ان کے لیے ذلت کا عذاب تیار کر رکھا ہے (ف۱۴۸)
قوله تعالى : إن الذين يؤذون الله ورسوله لعنهم الله في الدنيا والآخرة وأعد لهم عذابا مهينا .فيه خمس مسائل :الأولى : اختلف العلماء في أذية الله بماذا تكون ؟ فقال الجمهور من العلماء : معناه بالكفر ونسبة الصاحبة والولد والشريك إليه ، ووصفه بما لا يليق به ، كقول اليهود لعنهم الله : وقالت اليهود : يد الله مغلولة . والنصارى : المسيح ابن الله . والمشركون : الملائكة بنات الله والأصنام شركاؤه . وفي صحيح البخاري قال الله تعالى : ( كذبني ابن آدم ولم يكن له ذلك وشتمني ولم يكن له ذلك . . ) الحديث . وقد تقدم في سورة ( مريم ) وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة قال قال الله تبارك وتعالى : ( يؤذيني ابن آدم يقول يا خيبة الدهر فلا يقولن أحدكم يا خيبة الدهر فإني أنا الدهر أقلب ليله ونهاره فإذا شئت قبضتهما ) . هكذا جاء هذا الحديث موقوفا على أبي هريرة في هذه الرواية . وقد جاء مرفوعا عنه ( يؤذيني ابن آدم يسب الدهر وأنا الدهر أقلب الليل والنهار ) أخرجه أيضا مسلم . وقال عكرمة : معناه بالتصوير والتعرض لفعل ما لا يفعله إلا الله بنحت الصور وغيرها ، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لعن الله المصورين .قلت : وهذا مما يقوي قول مجاهد في المنع من تصوير الشجر وغيرها ; إذ كل ذلك صفة اختراع وتشبه بفعل الله الذي انفرد به سبحانه وتعالى . وقد تقدم هذا في سورة ( النمل ) والحمد لله . وقالت فرقة : ذلك على حذف مضاف ، تقديره : يؤذون أولياء الله . وأما أذية رسوله صلى الله عليه وسلم فهي كل ما يؤذيه من الأقوال في غير معنى واحد ، ومن الأفعال أيضا . أما قولهم : ( فساحر . شاعر . كاهن . مجنون ) . وأما فعلهم : ( فكسر رباعيته وشج وجهه يوم أحد ، وبمكة إلقاء السلى على ظهره وهو ساجد ) إلى غير ذلك . وقال ابن عباس : نزلت في الذين طعنوا عليه حين اتخذ صفية بنت أبي حيي . وأطلق إيذاء الله ورسوله وقيد إيذاء المؤمنين والمؤمنات ؛ لأن إيذاء الله ورسوله لا يكون إلا بغير حق أبدا . وأما إيذاء المؤمنين والمؤمنات فمنه ، ومنه :الثانية : قال علماؤنا : والطعن في تأمير أسامة بن زيد أذية له عليه السلام . روى الصحيح عن ابن عمر قال : بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم بعثا وأمر عليهم أسامة بن زيد فطعن الناس في إمرته ; فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : إن تطعنوا في إمرته فقد كنتم تطعنون في إمرة أبيه من قبل وأيم الله إن كان لخليقا للإمارة وإن كان لمن أحب الناس إلي وإن هذا لمن أحب الناس إلي بعده . وهذا البعث - والله أعلم - هو الذي جهزه رسول الله صلى الله عليه وسلم مع أسامة وأمره عليهم وأمره أن يغزو ( أبنى ) وهي القرية التي عند مؤتة ، الموضع الذي قتل فيه زيد أبوه مع جعفر بن أبي طالب وعبد الله بن رواحة . فأمره أن يأخذ بثأر أبيه فطعن من في قلبه ريب في إمرته ; من حيث إنه كان من الموالي ، ومن حيث إنه كان صغير السن ; لأنه كان إذ ذاك ابن ثماني عشرة سنة ; فمات النبي صلى الله عليه وسلم وقد برز هذا البعث عن المدينة ولم ينفصل بعد عنها ; فنفذه أبو بكر بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم .الثالثة : في هذا الحديث أوضح دليل على جواز إمامة المولى والمفضول على غيرهما ما عدا الإمامة الكبرى . وقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم سالما مولى أبي حذيفة على الصلاة بقباء ، فكان يؤمهم وفيهم أبو بكر وعمر وغيرهم من كبراء قريش . وروى الصحيح عن عامر بن واثلة أن نافع بن عبد الحارث لقي عمر بعسفان ، وكان عمر يستعمله على مكة فقال : من استعملت على هذا الوادي ؟ قال : ابن أبزى . قال : ومن ابن أبزى ؟ قال : مولى من موالينا . قال :فاستخلفت عليهم مولى ! قال : إنه لقارئ لكتاب الله وإنه لعالم بالفرائض - قال - أما إن نبيكم قد قال : إن الله يرفع بهذا الكتاب أقواما ويضع به آخرين .الرابعة : كان أسامة رضي الله عنه الحب ابن الحب وبذلك كان يدعى ، وكان أسود شديد السواد ، وكان زيد أبوه أبيض من القطن . هكذا ذكره أبو داود عن أحمد بن صالح . وقال غير أحمد : كان زيد أزهر اللون وكان أسامة شديد الأدمة . ويروى أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يحسن أسامة وهو صغير ويمسح مخاطه ، وينقي أنفه ويقول : ( لو كان أسامة جارية لزيناه وجهزناه وحببناه إلى الأزواج ) . وقد ذكر أن سبب ارتداد العرب بعد النبي صلى الله عليه وسلم ، أنه لما كان عليه السلام في حجة الوداع بجبل عرفة عشية عرفة عند النفر ، احتبس النبي صلى الله عليه وسلم قليلا بسبب أسامة إلى أن أتاه ; فقالوا : ما احتبس إلا لأجل هذا ! تحقيرا له . فكان قولهم هذا سبب ارتدادهم . ذكره البخاري في التاريخ بمعناه . والله أعلم .الخامسة : كان عمر رضي الله عنه يفرض لأسامة في العطاء خمسة آلاف ، ولابنه عبد الله ألفين ; فقال له عبد الله : فضلت علي أسامة وقد شهدت ما لم يشهد ! فقال : إن أسامة كان أحب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم منك ، وأباه كان أحب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من أبيك ، ففضل رضي الله عنه محبوب رسول الله صلى الله عليه وسلم على محبوبه . وهكذا يجب أن يحب ما أحب رسول الله صلى الله عليه وسلم ويبغض من أبغض . وقد قابل مروان هذا الحب بنقيضه ; وذلك أنه مر بأسامة بن زيد وهو يصلي عند باب بيت النبي صلى الله عليه وسلم فقال له مروان : إنما أردنا أن نرى مكانك ، فقد رأينا مكانك ، فعل الله بك ! وقال قولا قبيحا . فقال له أسامة : إنك آذيتني ، وإنك فاحش متفحش ، وقد سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : إن الله تعالى يبغض الفاحش المتفحش . فانظر ما بين الفعلين وقس ما بين الرجلين ، فقد آذى بنو أمية النبي صلى الله عليه وسلم في أحبابه ، وناقضوه في محابه .قوله تعالى : ( لعنهم الله ) معناه أبعدوا من كل خير . واللعن في اللغة : الإبعاد ، ومنه اللعان . وأعد لهم عذابا مهينا تقدم معناه في غير موضع . والحمد لله رب العالمين .
وَ الَّذِیْنَ یُؤْذُوْنَ الْمُؤْمِنِیْنَ وَ الْمُؤْمِنٰتِ بِغَیْرِ مَا اكْتَسَبُوْا فَقَدِ احْتَمَلُوْا بُهْتَانًا وَّ اِثْمًا مُّبِیْنًا۠(۵۸)
اور جو ایمان والے مردوں اور عورتوں کو بے کئے ستاتے ہیں انہوں نے بہتان اور کھلا گناہ اپنے سر لیا (ف۱۴۹)
والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا فقد احتملوا بهتانا وإثما مبينا .أذية المؤمنين والمؤمنات هي أيضا بالأفعال والأقوال القبيحة ، كالبهتان والتكذيب الفاحش المختلق . وهذه الآية نظير الآية التي في النساء : ومن يكسب خطيئة أو إثما ثم يرم به بريئا فقد احتمل بهتانا وإثما مبينا كما قال هنا . وقد قيل : إن من الأذية تعييره بحسب مذموم ، أو حرفة مذمومة ، أو شيء يثقل عليه إذا سمعه ؛ لأن أذاه في الجملة حرام . وقد ميز الله تعالى بين أذاه وأذى الرسول وأذى المؤمنين فجعل الأول كفرا والثاني كبيرة ، فقال في أذى المؤمنين : فقد احتملوا بهتانا وإثما مبينا وقد بيناه . وروي أن عمر بن الخطاب قال لأبي بن كعب : قرأت البارحة هذه الآية ففزعت منها والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا الآية ، والله إني لأضربهم وأنهرهم . فقال له أبي : يا أمير المؤمنين ، لست منهم ، إنما أنت معلم ومقوم . وقد قيل : إن سبب نزول هذه الآية أن عمر رأى جارية من الأنصار فضربها وكره ما رأى من زينتها ، فخرج أهلها فآذوا عمر باللسان ; فأنزل الله هذه الآية . وقيل : نزلت في علي ، فإن المنافقين كانوا يؤذونه ويكذبون عليه . رضي الله عنه .
یٰۤاَیُّهَا النَّبِیُّ قُلْ لِّاَزْوَاجِكَ وَ بَنٰتِكَ وَ نِسَآءِ الْمُؤْمِنِیْنَ یُدْنِیْنَ عَلَیْهِنَّ مِنْ جَلَابِیْبِهِنَّؕ-ذٰلِكَ اَدْنٰۤى اَنْ یُّعْرَفْنَ فَلَا یُؤْذَیْنَؕ-وَ كَانَ اللّٰهُ غَفُوْرًا رَّحِیْمًا(۵۹)
اے نبی! اپنی بیبیوں اور صاحبزادیو ں اور مسلمانوں کی عورتوں سے فرمادو کہ اپنی چادروں کا ایک حصہ اپنے منہ پر ڈالے رہیں (ف۱۵۰) یہ اس سے نزدیک تر ہے کہ ان کی پہچان ہو (ف۱۵۱) تو ستائی نہ جائیں (ف۱۵۲) اور اللہ بخشنے والا مہربان ہے،
قوله تعالى : يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين وكان الله غفورا رحيما .فيه ست مسائل :الأولى : قل لأزواجك وبناتك قد مضى الكلام في تفصيل أزواجه واحدة واحدة . قال قتادة : مات رسول الله صلى الله عليه وسلم عن تسع . خمس من قريش : عائشة ، وحفصة ، وأم حبيبة ، وسودة ، وأم سلمة . وثلاث من سائر العرب : ميمونة ، وزينب بنت جحش ، وجويرية . وواحدة من بني هارون : صفية . وأما أولاده فكان للنبي صلى الله عليه وسلم أولاد ذكور وإناث ; فالذكور من أولاده : القاسم ، أمه خديجة ، وبه كان يكنى صلى الله عليه وسلم ، وهو أول من مات من أولاده ، وعاش سنتين . وقال عروة : ولدت خديجة للنبي صلى الله عليه وسلم القاسم والطاهر وعبد اللهوالطيب . وقال أبو بكر البرقي : ويقال إن الطاهر هو الطيب وهو عبد الله . وإبراهيم أمه مارية القبطية ، ولد في ذي الحجة سنة ثمان من الهجرة ، وتوفي ابن ستة عشر شهرا . وقيل ثمانية عشر ; ذكره الدارقطني . ودفن بالبقيع . وقال صلى الله عليه وسلم : إن له مرضعا تتم رضاعه في الجنة . وجميع أولاد النبي صلى الله عليه وسلم من خديجة سوى إبراهيم . وكل أولاده ماتوا في حياته غير فاطمة .وأما الإناث من أولاده فمنهن : فاطمة الزهراء بنت خديجة ، ولدتها وقريش تبني البيت قبل النبوة بخمس سنين ، وهي أصغر بناته ، وتزوجها علي رضي الله عنهما في السنة الثانية من الهجرة في رمضان ، وبنى بها في ذي الحجة . وقيل : تزوجها في رجب ، وتوفيت بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم بيسير ، وهي أول من لحقه من أهل بيته . رضي الله عنها .ومنهن : زينب - أمها خديجة - تزوجها ابن خالتها أبو العاصي بن الربيع ، وكانت أم العاصي هالة بنت خويلد أخت خديجة . واسم أبي العاصي لقيط . وقيل هاشم . وقيل هشيم . وقيل مقسم . وكانت أكبر بنات رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وتوفيت سنة ثمان من الهجرة ، ونزل رسول الله صلى الله عليه وسلم في قبرها .ومنهن : رقية - أمها خديجة - تزوجها عتبة بن أبي لهب قبل النبوة ، فلما بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنزل عليه : تبت يدا أبي لهب قال أبو لهب لابنه : رأسي من رأسك حرام إن لم تطلق ابنته ; ففارقها ولم يكن بنى بها . وأسلمت حين أسلمت أمها خديجة ، وبايعت رسول الله صلى الله عليه وسلم هي وأخواتها حين بايعه النساء ، وتزوجها عثمان بن عفان ، وكانت نساء قريش يقلن حين تزوجها عثمان :أحسن شخصين رأى إنسان رقية وبعلها عثمانوهاجرت معه إلى أرض الحبشة الهجرتين ، وكانت قد أسقطت من عثمان سقطا ، ثم ولدت بعد ذلك عبد الله ، وكان عثمان يكنى به في الإسلام ، وبلغ ست سنين فنقره ديك في وجهه فمات ، ولم تلد له شيئا بعد ذلك . وهاجرت إلى المدينة ومرضت ورسول الله صلى الله عليه وسلم يتجهز إلى بدر فخلف عثمان عليها ، فتوفيت ورسول الله صلى الله عليه وسلم ببدر ، على رأس سبعة عشر شهرا من الهجرة . وقدم زيد بن حارثة بشيرا من بدر ، فدخل المدينة حين سوي التراب على رقية . ولم يشهد دفنها رسول الله صلى الله عليه وسلم .ومنهن : أم كلثوم - أمها خديجة - تزوجها عتيبة بن أبي لهب - أخو عتبة - قبل النبوة ، وأمره أبوه أن يفارقها للسبب المذكور في أمر رقية ، ولم يكن دخل بها ، فلم تزل بمكة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وأسلمت حين أسلمت أمها ، وبايعت رسول الله صلى الله عليه وسلم مع أخواتها حين بايعه النساء ، وهاجرت إلى المدينة حين هاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم . فلما توفيت رقية تزوجها عثمان ، وبذلك سمي ذا النورين . وتوفيت في حياة النبي صلى الله عليه وسلم في شعبان سنة تسع من الهجرة . وجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم على قبرها ، ونزل في حفرتها علي والفضل وأسامة . وذكر الزبير بن بكار أن أكبر ولد النبي صلى الله عليه وسلم : القاسم ، ثم زينب ، ثم عبد الله ، وكان يقال له الطيب والطاهر ، وولد بعد النبوة ومات صغيرا ثم أم كلثوم ، ثم فاطمة ، ثم رقية . فمات القاسم بمكة ثم مات عبد الله .لما كانت عادة العربيات التبذل ، وكن يكشفن وجوههن كما يفعل الإماء ، وكان ذلك داعية إلى نظر الرجال إليهن ، وتشعب الفكرة فيهن ، أمر الله رسوله صلى الله عليه وسلم أن يأمرهن بإرخاء الجلابيب عليهن إذا أردن الخروج إلى حوائجهن ، وكن يتبرزن في الصحراء قبل أن تتخذ الكنف - فيقع الفرق بينهن وبين الإماء ، فتعرف الحرائر بسترهن ، فيكف عن معارضتهن من كان عزبا أو شابا . وكانت المرأة من نساء المؤمنين قبل نزول هذه الآية تتبرز للحاجة فيتعرض لها بعض الفجار يظن أنها أمة ، فتصيح به فيذهب ، فشكوا ذلك إلى النبي صلى الله عليه وسلم ونزلت الآية بسبب ذلك . قال معناه الحسن وغيره .الثالثة : من جلابيبهن الجلابيب جمع جلباب ، وهو ثوب أكبر من الخمار . وروي عن ابن عباس وابن مسعود أنه الرداء . وقد قيل : إنه القناع . والصحيح أنه الثوب الذي يستر جميع البدن . وفي صحيح مسلم عن أم عطية : قلت : يا رسول الله . إحدانا لا يكون لها جلباب ؟ قال : لتلبسها أختها من جلبابها .الرابعة : واختلف الناس في صورة إرخائه ; فقال ابن عباس وعبيدة السلماني : ذلك أن تلويه المرأة حتى لا يظهر منها إلا عين واحدة تبصر بها . وقال ابن عباس أيضا وقتادة : ذلك أن تلويه فوق الجبين وتشده ، ثم تعطفه على الأنف ، وإن ظهرت عيناها لكنه يستر الصدر ومعظم الوجه . وقال الحسن : تغطي نصف وجهها .الخامسة : أمر الله سبحانه جميع النساء بالستر ، وإن ذلك لا يكون إلا بما لا يصف جلدها ، إلا إذا كانت مع زوجها فلها أن تلبس ما شاءت ; لأن له أن يستمتع بها كيف شاء . ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم استيقظ ليلة فقال : سبحان الله ماذا أنزل الليلة من الفتن وماذا فتح من الخزائن من يوقظ صواحب الحجر رب كاسية في الدنيا عارية في الآخرة . وروي أن دحية الكلبي لما رجع من عند هرقل فأعطاه النبي صلى الله عليه وسلم قبطية ; فقال : اجعل صديعا لك قميصا وأعط صاحبتك صديعا تختمر به . والصديع النصف . ثم قال له : مرها تجعل تحتها شيئا لئلا يصف . وذكر أبو هريرة رقة الثياب للنساء فقال : الكاسيات العاريات الناعمات الشقيات . ودخل نسوة من بني تميم على عائشة رضي الله عنها عليهن ثياب رقاق ، فقالت عائشة : إن كنتن مؤمنات فليس هذا بلباس المؤمنات ، وإن كنتن غير مؤمنات فتمتعنه . وأدخلت امرأة عروس على عائشة رضي الله عنها وعليها خمار قبطي معصفر ، فلما رأتها قالت : لم تؤمن بسورة ( النور ) امرأة تلبس هذا . وثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : نساء كاسيات عاريات مائلات مميلات رءوسهن مثل أسنمة البخت لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها . وقال عمر رضي الله عنه : ما يمنع المرأة المسلمة إذ كانت لها حاجة أن تخرج في أطمارها أو أطمار جارتها مستخفية ، لا يعلم بها أحد حتى ترجع إلى بيتها .السادسة : قوله تعالى : ذلك أدنى أن يعرفن أي الحرائر ، حتى لا يختلطن بالإماء ; فإذا عرفن لم يقابلن بأدنى من المعارضة مراقبة لرتبة الحرية ، فتنقطع الأطماع عنهن . وليس المعنى أن تعرف المرأة حتى تعلم من هي . وكان عمر رضي الله عنه إذا رأى أمة قد تقنعت ضربها بالدرة ، محافظة على زي الحرائر . وقد قيل : إنه يجب الستر والتقنع الآن في حق الجميع من الحرائر والإماء . وهذا كما أن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم منعوا النساء المساجد بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم مع قوله : لا تمنعوا إماء الله مساجد الله حتى قالت عائشة رضي الله عنها : لو عاش رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى وقتنا هذا لمنعهن من الخروج إلى المساجد كما منعت نساء بني إسرائيل . وكان الله غفورا رحيما تأنيس للنساء في ترك الجلابيب قبل هذا الأمر المشروع .
لَىٕنْ لَّمْ یَنْتَهِ الْمُنٰفِقُوْنَ وَ الَّذِیْنَ فِیْ قُلُوْبِهِمْ مَّرَضٌ وَّ الْمُرْجِفُوْنَ فِی الْمَدِیْنَةِ لَنُغْرِیَنَّكَ بِهِمْ ثُمَّ لَا یُجَاوِرُوْنَكَ فِیْهَاۤ اِلَّا قَلِیْلًا ﳝ(۶۰)
اگر باز نہ آئے منافق (ف۱۵۳) اور جن کے دلوں میں روگ ہے (ف۱۵۴) اور مدینہ میں جھوٹ اڑانے والے (ف۱۵۵) تو ضرور ہم تمہیں ان پر شہ دیں گے (ف۱۵۶) پھر وہ مدینہ میں تمہارے پاس نہ رہیں گے مگر تھوڑے دن (ف۱۵۷)
قوله تعالى : لئن لم ينته المنافقون والذين في قلوبهم مرض والمرجفون في المدينة لنغرينك بهم ثم لا يجاورونك فيها إلا قليلافيه أربع مسائل :الأولى : قوله تعالى : لئن لم ينته المنافقون أهل التفسير على أن الأوصاف الثلاثة لشيء واحد ; كما روى سفيان بن سعيد عن منصور عن أبي رزين قال : المنافقون والذين في قلوبهم مرض والمرجفون في المدينة قال : هم شيء واحد ، يعني أنهم قد جمعوا هذه الأشياء . والواو مقحمة ، كما قال :إلى الملك القرم وابن الهمام وليث الكتيبة في المزدحمأراد إلى الملك القرم ابن الهمام ليث الكتيبة ، وقد مضى في ( البقرة ) . وقيل : كان منهم قوم يرجفون ، وقوم يتبعون النساء للريبة ، وقوم يشككون المسلمين . قال عكرمة وشهر بن حوشب : الذين في قلوبهم مرض يعني الذين في قلوبهم الزنى . وقال طاوس : نزلت هذه الآية في أمر النساء . وقال سلمة بن كهيل : نزلت في أصحاب الفواحش ، والمعنى متقارب . وقيل : المنافقون والذين في قلوبهم مرض شيء واحد ، عبر عنهم بلفظين ; دليله آية المنافقين في أول سورة ( البقرة ) . والمرجفون في المدينة قوم كانوا يخبرون المؤمنين بما يسوءهم من عدوهم ، فيقولون إذا خرجت سرايا رسول الله صلى الله عليه وسلم : إنهم قد قتلوا أو هزموا ، وإن العدو قد أتاكم ، قال قتادة وغيره . وقيل كانوا يقولون : أصحاب الصفة قوم عزاب ، فهم الذين يتعرضون للنساء . وقيل : هم قوم من المسلمين ينطقون بالأخبار الكاذبة حبا للفتنة . وقد كان في أصحاب الإفك قوم مسلمون ولكنهم خاضوا حبا للفتنة . وقال ابن عباس : الإرجاف التماس الفتنة ، والإرجاف : إشاعة الكذب والباطل للاغتمام به . وقيل : تحريك القلوب ، يقال : رجفت الأرض - أي تحركت وتزلزلت - ترجف رجفا . والرجفان : الاضطراب الشديد . والرجاف : البحر ، سمي به لاضطرابه . قال الشاعر :المطعمون اللحم كل عشية حتى تغيب الشمس في الرجافوالإرجاف : واحد أراجيف ، الأخبار . وقد أرجفوا في الشيء ، أي خاضوا فيه . قال الشاعر :فإنا وإن عيرتمونا بقتله وأرجف بالإسلام باغ وحاسدوقال آخر :أبالأراجيف يا بن اللؤم توعدني وفي الأراجيف خلت اللؤم والخورفالإرجاف حرام ؛ لأن فيه إذاية . فدلت الآية على تحريم الإيذاء بالإرجاف .الثانية : قوله تعالى : لنغرينك بهم أي لنسلطنك عليهم فتستأصلهم بالقتل ، وقال ابن عباس : لم ينتهوا عن إيذاء النساء وأن الله عز وجل قد أغراه بهم . ثم إنه قال عز وجل : ولا تصل على أحد منهم مات أبدا ولا تقم على قبره وإنه أمره بلعنهم ، وهذا هو الإغراء ; وقال محمد بن يزيد : قد أغراه بهم في الآية التي تلي هذه مع اتصال الكلام بها ، وهو قوله عز وجل : أينما ثقفوا أخذوا وقتلوا تقتيلا . فهذا فيه معنى الأمر بقتلهم وأخذهم ; أي هذا حكمهم إذا كانوا مقيمين على النفاق والإرجاف وفي الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم : خمس يقتلن في الحل والحرم . فهذا فيه معنى الأمر كالآية سواء . النحاس : وهذا من أحسن ما قيل في الآية . وقيل : إنهم قد انتهوا عن الإرجاف فلم يغر بهم . ولام لنغرينك لام القسم ، واليمين واقعة عليها ، وأدخلت اللام في ( إن ) توطئة لها .الثالثة : قوله تعالى : ثم لا يجاورونك فيها أي في المدينة . إلا قليلا نصب على الحال من الضمير في يجاورونك ; فكان الأمر كما قال تبارك وتعالى ; لأنهم لم يكونوا إلا أقلاء . فهذا أحد جوابي الفراء ، وهو الأولى عنده ، أي لا يجاورونك إلا في حال قلتهم . والجواب الآخر : أن يكون المعنى إلا وقتا قليلا ، أي لا يبقون معك إلا مدة يسيرة ، أي لا يجاورونك فيها إلا جوارا قليلا حتى يهلكوا ، فيكون نعتا لمصدر أو ظرف محذوف . ودل على أن من كان معك ساكنا بالمدينة فهو جار . وقد مضى في ( النساء ) .
مَّلْعُوْنِیْنَۚۛ-اَیْنَمَا ثُقِفُوْۤا اُخِذُوْا وَ قُتِّلُوْا تَقْتِیْلًا(۶۱)
پھٹکارے ہوئے، جہاں کہیں ملیں پکڑے جائیں اور گن گن کر قتل کیے جائیں،
قوله تعالى : ملعونين هذا تمام الكلام عند محمد بن يزيد ، وهو منصوب على الحال . وقال ابن الأنباري : قليلا ملعونين وقف حسن . النحاس : ويجوز أن يكون التمام إلا قليلا وتنصب ملعونين على الشتم . كما قرأ عيسى بن عمر : وامرأته حمالة الحطب . وقد حكي عن بعض النحويين أنه قال : يكون المعنى أينما ثقفوا أخذوا ملعونين . وهذا خطأ لا يعمل ما كان مع المجازاة فيما قبله . وقيل : معنى الآية إن أصروا على النفاق لم يكن لهم مقام بالمدينة إلا وهم مطرودون ملعونون . وقد فعل بهم هذا ، فإنه لما نزلت سورة ( براءة ) جمعوا ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : يا فلان قم فاخرج فإنك منافق ويا فلان قم فقام إخوانهم من المسلمين وتولوا إخراجهم من المسجد .
سُنَّةَ اللّٰهِ فِی الَّذِیْنَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُۚ-وَ لَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللّٰهِ تَبْدِیْلًا(۶۲)
اللہ کا دستور چلا آتا ہے ان لوگوں میں جو پہلے گزر گئے (ف۱۵۸) اور تم اللہ کا دستور ہرگز بدلتا نہ پاؤ گے،
الخامسة : قوله تعالى : سنة الله نصب على المصدر ; أي سن الله جل وعز فيمن أرجف بالأنبياء وأظهر نفاقه أن يؤخذ ويقتل . ولن تجد لسنة الله تبديلا أي تحويلا وتغييرا ، حكاه النقاش . وقال السدي : يعني أن من قتل بحق فلا دية على قاتله . المهدوي : وفي الآية دليل على جواز ترك إنفاذ الوعيد ، والدليل على ذلك بقاء المنافقين معه حتى مات . والمعروف من أهل الفضل إتمام وعدهم وتأخير وعيدهم ، وقد مضى هذا في ( آل عمران ) وغيرها .
یَسْــٴَـلُكَ النَّاسُ عَنِ السَّاعَةِؕ-قُلْ اِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ اللّٰهِؕ-وَ مَا یُدْرِیْكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ تَكُوْنُ قَرِیْبًا(۶۳)
لوگ تم سے قیامت کا پوچھتے ہیں (ف۱۵۹) تم فرماؤ اس کا علم تو اللہ ہی کے پاس ہے، اور تم کیا جانو شاید قیامت پاس ہی ہو (ف۱۶۰)
قوله تعالى : يسألك الناس عن الساعة قل إنما علمها عند الله وما يدريك لعل الساعة تكون قريبا .قوله تعالى : يسألك الناس عن الساعة هؤلاء المؤذون لرسول الله صلى الله عليه وسلم لما توعدوا بالعذاب سألوا عن الساعة ، استبعادا وتكذيبا ، موهمين أنها لا تكون . قل إنما علمها عند الله أي أجبهم عن سؤالهم وقل علمها عند الله ، وليس في إخفاء الله وقتها عني ما يبطل نبوتي ، وليس من شرط النبي أن يعلم الغيب بغير تعليم من الله جل وعز . وما يدريك أي ما يعلمك . لعل الساعة تكون قريبا أي في زمان قريب . وقال صلى الله عليه وسلم : بعثت أنا والساعة كهاتين وأشار إلى السبابة والوسطى ، خرجه أهل الصحيح . وقيل : أي ليت الساعة تكون قريبا ، فحذف هاء التأنيث ذهابا بالساعة إلى اليوم ; كقوله : إن رحمة الله قريب من المحسنين ولم يقل قريبة ذهابا بالرحمة إلى العفو ، إذ ليس تأنيثها أصليا . وقد مضى هذا مستوفى . وقيل : إنما أخفى وقت الساعة ليكون العبد مستعدا لها في كل وقت .
اِنَّ اللّٰهَ لَعَنَ الْكٰفِرِیْنَ وَ اَعَدَّ لَهُمْ سَعِیْرًاۙ(۶۴)
بیشک اللہ نے کافروں پر لعنت فرمائی اور ان کے لیے بھڑکتی آگ تیار کر رکھی ہے،
قوله تعالى : إن الله لعن الكافرين وأعد لهم سعيراقوله تعالى : إن الله لعن الكافرين أي طردهم وأبعدهم . واللعن : الطرد والإبعاد عن الرحمة . وقد مضى في ( البقرة ) بيانه . وأعد لهم سعيرا
خٰلِدِیْنَ فِیْهَاۤ اَبَدًاۚ-لَا یَجِدُوْنَ وَلِیًّا وَّ لَا نَصِیْرًاۚ(۶۵)
اس میں ہمیشہ رہیں گے اس میں نہ کوئی حمایتی پائیں گے نہ مددگار (ف۱۶۱)
خالدين فيها أبدا فأنث السعير لأنها بمعنى النار . لا يجدون وليا ولا نصيرا ينجيهم من عذاب الله والخلود فيه .
یَوْمَ تُقَلَّبُ وُجُوْهُهُمْ فِی النَّارِ یَقُوْلُوْنَ یٰلَیْتَنَاۤ اَطَعْنَا اللّٰهَ وَ اَطَعْنَا الرَّسُوْلَا(۶۶)
جس دن ان کے منہ الٹ الٹ کر آگ میں تلے جائیں گے کہتے ہوں گے ہائے کسی طرح ہم نے اللہ کا حکم مانا ہوتا اور رسول کا حکم مانا (ف۱۶۲)
قوله تعالى : يوم تقلب وجوههم في النار يقولون يا ليتنا أطعنا الله وأطعنا الرسولاقوله تعالى : يوم تقلب وجوههم في النار قراءة العامة بضم التاء وفتح اللام ، على الفعل المجهول . وقرأ عيسى الهمداني وابن إسحاق : ( نقلب ) بنون وكسر اللام . ( وجوههم ) نصبا . وقرأ عيسى أيضا : ( تقلب ) بضم التاء وكسر اللام على معنى تقلب السعير وجوههم . وهذا التقليب تغيير ألوانهم بلفح النار ، فتسود مرة وتخضر أخرى . وإذا بدلت جلودهم بجلود أخر فحينئذ يتمنون أنهم ما كفروا يقولون يا ليتنا ويجوز أن يكون المعنى : يقولون يوم تقلب وجوههم في النار يا ليتنا . أطعنا الله وأطعنا الرسولا أي لم نكفر فننجو من هذا العذاب كما نجا المؤمنون . وهذه الألف تقع في الفواصل فيوقف عليها ولا يوصل بها . وكذا السبيلا وقد مضى في أول السورة .
وَ قَالُوْا رَبَّنَاۤ اِنَّاۤ اَطَعْنَا سَادَتَنَا وَ كُبَرَآءَنَا فَاَضَلُّوْنَا السَّبِیْلَا(۶۷)
اور کہیں گے اے ہمارے رب! ہم اپنے سرداروں اور اپنے بڑوں کے کہنے پر چلے (ف۱۶۳) تو انہوں نے ہمیں راہ سے بہکادیا،
وقالوا ربنا إنا أطعنا سادتنا وكبراءنا قرأ الحسن : ( ساداتنا ) بكسر التاء ، جمع سادة . وكان في هذا زجر عن التقليد . والسادة جمع السيد ، وهو فعلة ، مثل كتبة وفجرة . وساداتنا جمع الجمع . والسادة والكبراء بمعنى . وقال قتادة : هم المطعمون في غزوة بدر . والأظهر العموم في القادة والرؤساء في الشرك والضلالة ، أي أطعناهم في معصيتك وما دعونا إليه فأضلونا السبيلا أي عن السبيل وهو التوحيد ، فلما حذف الجار وصل الفعل فنصب . والإضلال لا يتعدى إلى مفعولين من غير توسط حرف الجر ، كقوله : لقد أضلني عن الذكر .
رَبَّنَاۤ اٰتِهِمْ ضِعْفَیْنِ مِنَ الْعَذَابِ وَ الْعَنْهُمْ لَعْنًا كَبِیْرًا۠(۶۸)
اے ہمارے رب! انہیں آگ کا دُونا عذاب دے (ف۱۶۴) اور ان پر بڑی لعنت کر،
قوله تعالى : ربنا آتهم ضعفين من العذاب والعنهم لعنا كبيرا .قوله تعالى : ربنا آتهم ضعفين من العذاب قال قتادة : عذاب الدنيا وعذاب الآخرة . وقيل : عذاب الكفر وعذاب الإضلال ; أي عذبهم مثلي ما تعذبنا فإنهم ضلوا وأضلوا . والعنهم لعنا كبيرا قرأ ابن مسعود وأصحابه ويحيى وعاصم بالباء . الباقون بالثاء ، واختاره أبو حاتم وأبو عبيد والنحاس ، لقوله تعالى : أولئك يلعنهم الله ويلعنهم اللاعنون وهذا المعنى كثير . وقال محمد بن أبي السري : رأيت في المنام كأني في مسجد عسقلان وكأن رجلا يناظرني فيمن يبغض أصحاب محمد فقال : والعنهم لعنا كثيرا ، ثم كررها حتى غاب عني ، لا يقولها إلا بالثاء . وقراءة الباء ترجع في المعنى إلى الثاء ; لأن ما كبر كان كثيرا عظيم المقدار .
یٰۤاَیُّهَا الَّذِیْنَ اٰمَنُوْا لَا تَكُوْنُوْا كَالَّذِیْنَ اٰذَوْا مُوْسٰى فَبَرَّاَهُ اللّٰهُ مِمَّا قَالُوْاؕ-وَ كَانَ عِنْدَ اللّٰهِ وَجِیْهًاؕ(۶۹)
اے ایمان والو! ان جیسے نہ ہونا جنہوں نے موسیٰ کو ستایا (ف۱۶۶) تو اللہ نے اسے بَری فرمادیا اس بات سے جو انہوں نے کہی (ف۱۶۷) اور موسیٰ اللہ کے یہاں آبرو والا ہے (ف۱۶۸)
قوله تعالى : يا أيها الذين آمنوا لا تكونوا كالذين آذوا موسى فبرأه الله مما قالوا وكان عند الله وجيها .لما ذكر الله تعالى المنافقين والكفار الذين آذوا رسول الله صلى الله عليه وسلم والمؤمنين ، حذر المؤمنين من التعرض للإيذاء ، ونهاهم عن التشبه ببني إسرائيل في أذيتهم نبيهم موسى . واختلف الناس فيما أوذي به محمد صلى الله عليه وسلم وموسى ، فحكى النقاش أن أذيتهم محمدا عليه السلام قولهم : زيد بن محمد . وقال أبو وائل : أذيته أنه صلى الله عليه وسلم قسم قسما فقال رجل من الأنصار : إن هذه القسمة ما أريد بها وجه الله ، فذكر ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فغضب وقال : رحم الله موسى لقد أوذي بأكثر من هذا فصبر وأما أذية موسى صلى الله عليه وسلم فقال ابن عباس وجماعة : هي ما تضمنه حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم ، وذلك أنه قال : كان بنو إسرائيل يغتسلون عراة وكان موسى عليه السلام يتستر كثيرا ويخفي بدنه فقال قوم هو آدر وأبرص أو به آفة ، فانطلق ذات يوم يغتسل في عين بأرض الشام وجعل ثيابه على صخرة ففر الحجر بثيابه واتبعه موسى عريانا يقول ثوبي حجر ثوبي حجر حتى انتهى إلى ملأ من بني إسرائيل فنظروا إليه وهو من أحسنهم خلقا وأعدلهم صورة وليس به الذي قالوا فهو قوله تبارك وتعالى فبرأه الله مما قالوا أخرجه البخاري ومسلم بمعناه . ولفظ مسلم : قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : كانت بنو إسرائيل يغتسلون عراة ينظر بعضهم إلى سوأة بعض وكان موسى عليه السلام يغتسل وحده فقالوا والله ما يمنع موسى أن يغتسل معنا إلا أنه آدر قال فذهب يوما يغتسل فوضع ثوبه على حجر ففر الحجر بثوبه قال فجمح موسى عليه السلام بإثره يقول ثوبي حجر ثوبي حجر حتى نظرت بنو إسرائيل إلى سوأة موسى وقالوا والله ما بموسى من بأس فقام الحجر حتى نظر إليه قال فأخذ ثوبه فطفق بالحجر ضربا قال أبو هريرة : والله إنه بالحجر ندب ستة أو سبعة ضرب موسى بالحجر . فهذا قول .وروي عن ابن عباس عن علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه أنه قال : آذوا موسى بأن قالوا : قتل هارون ; وذلك أن موسى وهارون خرجا من فحص التيه إلى جبل فمات هارون فيه ، فجاء موسى فقالت بنو إسرائيل لموسى : أنت قتلته وكان ألين لنا منك وأشد حبا . فآذوه بذلك فأمر الله تعالى الملائكة فحملته حتى طافوا به في بني إسرائيل ، ورأوا آية عظيمة دلتهم على صدق موسى ، ولم يكن فيه أثر القتل . وقد قيل : إن الملائكة تكلمت بموته ولم يعرف موضع قبره إلا الرخم ، وإنه تعالى جعله أصم أبكم . ومات هارون قبل موسى في التيه ، ومات موسى قبل انقضاء مدة التيه بشهرين . وحكى القشيري عن علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه : أن الله تعالى أحيا هارون فأخبرهم أنه لم يقتله ، ثم مات . وقد قيل : إن أذية موسى عليه السلام رميهم إياه بالسحر والجنون . والصحيح الأول . ويحتمل أن فعلوا كل ذلك فبرأه الله من جميع ذلك .مسألة : في وضع موسى عليه السلام ثوبه على الحجر ودخوله في الماء عريانا دليل على جواز ذلك ، وهو مذهب الجمهور . ومنعه ابن أبي ليلى واحتج بحديث لم يصح ; وهو قوله صلى الله عليه وسلم : لا تدخلوا الماء إلا بمئزر فإن للماء عامرا . قال القاضي عياض : وهو ضعيف عند أهل العلم .قلت : أما إنه يستحب التستر لما رواه إسرائيل عن عبد الأعلى أن الحسن بن علي دخل غديرا وعليه برد له متوشحا به ، فلما خرج قيل له ، قال : إنما تسترت ممن يراني ولا أراه ; يعني من ربي والملائكة . فإن قيل : كيف نادى موسى عليه السلام الحجر نداء من يعقل ؟ قيل : لأنه صدر عن الحجر فعل من يعقل . و ( حجر ) منادى مفرد محذوف حرف النداء ، كما قال تعالى : يوسف أعرض عن هذا . و ( ثوبي ) منصوب بفعل مضمر ; التقدير : أعطني ثوبي ، أو اترك ثوبي ، فحذف الفعل لدلالة الحال عليه .قوله تعالى : قالوا وكان عند الله أي عظيما . والوجيه عند العرب : العظيم القدر الرفيع المنزلة . ويروى أنه كان إذا سأل الله شيئا أعطاه إياه . وقرأ ابن مسعود : ( وكان عبدا لله ) . وقيل : معنى وجيها أي كلمه تكليما . قال أبو بكر الأنباري في ( كتاب الرد ) : زعم من طعن في القرآن أن المسلمين صحفوا وكان عند الله وجيها وأن الصواب عنده ( وكان عبدا لله وجيها ) وذلك يدل على ضعف مقصده ونقصان فهمه وقلة علمه ، وذلك أن الآية لو حملت على قوله وقرئت : ( وكان عبدا ) نقص الثناء على موسى عليه السلام ; وذلك أن وجيها يكون عند أهل الدنيا وعند أهل زمانه وعند أهل الآخرة ، فلا يوقف على مكان المدح ، لأنه إن كان وجيها عند بني الدنيا كان ذلك إنعاما من الله عليه لا يبين عليه معه ثناء من الله . فلما أوضح الله تعالى موضع المدح بقوله : وكان عند الله وجيها استحق الشرف وأعظم الرفعة بأن الوجاهة عند الله ، فمن غير اللفظ صرف عن نبي الله أفخر الثناء وأعظم المدح .
یٰۤاَیُّهَا الَّذِیْنَ اٰمَنُوا اتَّقُوا اللّٰهَ وَ قُوْلُوْا قَوْلًا سَدِیْدًاۙ(۷۰)
اے ایمان والو! اللہ سے ڈرو اور سیدھی بات کہو (ف۱۶۹)
قوله تعالى : ياأيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديداقوله تعالى : يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا أي قصدا وحقا . وقال ابن عباس : أي صوابا . وقال قتادة ومقاتل : يعني قولوا قولا سديدا في شأن زينب وزيد ، ولا تنسبوا النبي إلى ما لا يحل . وقال عكرمة وابن عباس أيضا : القول السداد لا إله إلا الله . وقيل : هو الذي يوافق ظاهره باطنه . وقيل : هو ما أريد به وجه الله دون غيره . وقيل : هو الإصلاح بين المتشاجرين . وهو مأخوذ من تسديد السهم ليصاب به الغرض . والقول السداد يعم الخيرات ، فهو عام في جميع ما ذكر وغير ذلك .وظاهر الآية يعطي أنه إنما أشار إلى ما يكون خلافا للأذى الذي قيل في جهة الرسول وجهة المؤمنين .
یُّصْلِحْ لَكُمْ اَعْمَالَكُمْ وَ یَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوْبَكُمْؕ-وَ مَنْ یُّطِعِ اللّٰهَ وَ رَسُوْلَهٗ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِیْمًا(۷۱)
تمہارے اعمال تمہارے لیے سنواردے گا (ف۱۷۰) اور تمہارے گناہ بخش دے گا، اور جو اللہ اور اس کے رسول کی فرمانبرداری کرے اس نے بڑی کامیابی پائی،
ثم وعد جل وعز بأنه يجازي على القول السداد بإصلاح الأعمال وغفران الذنوب ; وحسبك بذلك درجة ورفعة ومنزلة . ومن يطع الله ورسوله أي فيما أمر به ونهى عنه . فقد فاز فوزا عظيما .
اِنَّا عَرَضْنَا الْاَمَانَةَ عَلَى السَّمٰوٰتِ وَ الْاَرْضِ وَ الْجِبَالِ فَاَبَیْنَ اَنْ یَّحْمِلْنَهَا وَ اَشْفَقْنَ مِنْهَا وَ حَمَلَهَا الْاِنْسَانُؕ-اِنَّهٗ كَانَ ظَلُوْمًا جَهُوْلًاۙ(۷۲)
بیشک ہم نے امانت پیش فرمائی (ف۱۷۱) آسمانوں اور زمین اور پہاڑوں پر تو انہوں نے اس کے اٹھانے سے انکار کیا اور اس سے ڈر گئے (ف۱۷۲) اور آدمی نے اٹھالی، بیشک وہ اپنی جان کو مشقت میں ڈالنے والا بڑا نادان ہے،
قوله تعالى : إنا عرضنا الأمانة على السماوات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها وحملها الإنسان إنه كان ظلوما جهولالما بين تعالى في هذه السورة من الأحكام ما بين ، أمر بالتزام أوامره . والأمانة تعم جميع وظائف الدين على الصحيح من الأقوال ، وهو قول الجمهور . روى الترمذي الحكيم أبو عبد الله : حدثنا إسماعيل بن نصر عن صالح بن عبد الله عن محمد بن يزيد بن جوهر عن الضحاك عن ابن عباس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( قال الله تعالى لآدم يا آدم إني عرضت الأمانة على السماوات والأرض فلم تطقها فهل أنت حاملها بما فيها فقال وما فيها يا رب قال إن حملتها أجرت وإن ضيعتها عذبت فاحتملها بما فيها فلم يلبث في الجنة إلا قدر ما بين صلاة الأولى إلى العصر حتى أخرجه الشيطان منها ) . فالأمانة هي الفرائض التي ائتمن الله عليها العباد . وقد اختلف في تفاصيل بعضها على أقوال ; فقال ابن مسعود : هي في أمانات الأموال كالودائع وغيرها . وروي عنه أنها في كل الفرائض ، وأشدها أمانة المال . وقال أبي بن كعب : من الأمانة أن ائتمنت المرأة على فرجها . وقال أبو الدرداء : غسل الجنابة أمانة ، وأن الله تعالى لم يأمن ابن آدم على شيء من دينه غيرها . وفي حديث مرفوع الأمانة الصلاة إن شئت قلت قد صليت وإن شئت قلت لم أصل . وكذلك الصيام وغسل الجنابة . وقال عبد الله بن عمرو بن العاص : أول ما خلق الله تعالى من الإنسان فرجه وقال هذه أمانة استودعتكها ، فلا تلبسها إلا بحق . فإن حفظتها حفظتك ، فالفرج أمانة ، والأذن أمانة ، والعين أمانة ، واللسان أمانة ، والبطن أمانة ، واليد أمانة ، والرجل أمانة ، ولا إيمان لمن لا أمانة له . وقال السدي : هي ائتمان آدم ابنه قابيل على ولده وأهله ، وخيانته إياه في قتل أخيه . وذلك أن الله تعالى قال له : ( يا آدم ، هل تعلم أن لي بيتا في الأرض ) قال : ( اللهم لا ) قال : ( فإن لي بيتا بمكة فأته ) فقال للسماء : احفظي ولدي بالأمانة ؟ فأبت ، وقال للأرض : احفظي ولدي بالأمانة فأبت ، وقال للجبال كذلك فأبت . فقال لقابيل : احفظ ولدي بالأمانة ، فقال نعم ، تذهب وترجع فتجد ولدك كما يسرك . فرجع فوجده قد قتل أخاه ، فذلك قوله تبارك وتعالى : إنا عرضنا الأمانة على السماوات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها . الآية . وروى معمر عن الحسن أن الأمانة عرضت على السماوات والأرض والجبال ، قالت : وما فيها ؟ قيل لها : إن أحسنت جوزيت وإن أسأت عوقبت . فقالت لا . قال مجاهد : فلما خلق الله تعالى آدم عرضها عليه ، قال : وما هي ؟ قال : إن أحسنت أجرتك وإن أسأت عذبتك . قال : فقد تحملتها يا رب . قال مجاهد : فما كان بين أن تحملها إلى أن أخرج من الجنة إلا قدر ما بين الظهر والعصر .وروى علي بن طلحة عن ابن عباس في قوله تعالى : إنا عرضنا الأمانة على السماوات والأرض والجبال قال : الأمانة الفرائض ، عرضها الله عز وجل على السماوات والأرض والجبال ، إن أدوها أثابهم ، وإن ضيعوها عذبهم . فكرهوا ذلك وأشفقوا من غير معصية ، ولكن تعظيما لدين الله عز وجل ألا يقوموا به . ثم عرضها على آدم فقبلها بما فيها . قال النحاس : وهذا القول هو الذي عليه أهل التفسير . وقيل : لما حضرت آدم صلى الله عليه وسلم الوفاة أمر أن يعرض الأمانة على الخلق ، فعرضها فلم يقبلها إلا بنوه . وقيل : هذه الأمانة هي ما أودعه الله تعالى في السماوات والأرض والجبال والخلق ، من الدلائل على ربوبيته أن يظهروها فأظهروها ، إلا الإنسان فإنه كتمها وجحدها ; قاله بعض المتكلمين . ومعنى عرضنا أظهرنا ، كما تقول : عرضت الجارية على البيع . والمعنى إنا عرضنا الأمانة وتضييعها على أهل السماوات وأهل الأرض من الملائكة والإنس والجن فأبين أن يحملنها أي أن يحملن وزرها ، كما قال جل وعز : وليحملن أثقالهم وأثقالا مع أثقالهم . وأشفقن منها وحملها الإنسان إنه كان ظلوما جهولا . وحملها الإنسان قال الحسن : المراد الكافر والمنافق . إنه كان ظلوما لنفسه جهولا بربه . فيكون على هذا الجواب مجازا ، مثل : واسأل القرية . وفيه جواب آخر على أن يكون حقيقة أنه عرض على السماوات والأرض والجبال الأمانة وتضييعها وهي الثواب والعقاب ، أي أظهر لهن ذلك فلم يحملن وزرها ، وأشفقت وقالت : لا أبتغي ثوابا ولا عقابا ، وكل يقول : هذا أمر لا نطيقه ، ونحن لك سامعون ومطيعون فيما أمرن به وسخرن له ، قال الحسن وغيره . قال العلماء : معلوم أن الجماد لا يفهم ولا يجيب ، فلا بد من تقدير الحياة على القول الأخير . وهذا العرض عرض تخيير لا إلزام . والعرض على الإنسان إلزام . وقال القفال وغيره : العرض في هذه الآية ضرب مثل ، أي أن السماوات والأرض على كبر أجرامها ، لو كانت بحيث يجوز تكليفها لثقل عليها تقلد الشرائع ، لما فيها من الثواب والعقاب ، أي أن التكليف أمر حقه أن تعجز عنه السماوات والأرض والجبال ، وقد كلفه الإنسان وهو ظلوم جهول لو عقل . وهذا كقوله : لو أنزلنا هذا القرآن على جبل - ثم قال : - وتلك الأمثال نضربها للناس .قال القفال : فإذا تقرر في أنه تعالى يضرب الأمثال ، وورد علينا من الخبر ما لا يخرج إلا على ضرب المثل ، وجب حمله عليه . وقال قوم : إن الآية من المجاز ، أي إنا إذا قايسنا ثقل الأمانة بقوة السماوات والأرض والجبال ، رأينا أنها لا تطيقها ، وأنها لو تكلمت لأبت وأشفقت ، فعبر عن هذا المعنى بقوله . إنا عرضنا الأمانة الآية . وهذا كما تقول : عرضت الحمل على البعير فأباه ، وأنت تريد قايست قوته بثقل الحمل ، فرأيت أنها تقصر عنه . وقيل : عرضنا بمعنى عارضنا الأمانة بالسماوات والأرض والجبال فضعفت هذه الأشياء عن الأمانة ، ورجحت الأمانة بثقلها عليها . وقيل : إن عرض الأمانة على السماوات والأرض والجبال ، إنما كان من آدم عليه السلام . وذلك أن الله تعالى لما استخلفه على ذريته ، وسلطه على جميع ما في الأرض من الأنعام والطير والوحش ، وعهد إليه عهدا أمره فيه ونهاه وحرم وأحل ، فقبله ولم يزل عاملا به . فلما أن حضرته الوفاة سأل الله أن يعلمه من يستخلف بعده ، ويقلده من الأمانة ما تقلده ، فأمره أن يعرض ذلك على السماوات بالشرط الذي أخذ عليه من الثواب إن أطاع ومن العقاب إن عصى ، فأبين أن يقبلنه شفقا من عذاب الله . ثم أمره أن يعرض ذلك على الأرض والجبال كلها فأبياه . ثم أمره أن يعرض ذلك على ولده فعرضه عليه فقبله بالشرط ، ولم يهب منه ما تهيبت السماوات والأرض والجبال . إنه كان ظلوما لنفسه جهولا بعاقبة ما تقلد لربه . قال الترمذي الحكيم أبو عبد الله محمد بن علي : عجبت من هذا القائل من أين أتى بهذه القصة ! فإن نظرنا إلى الآثار وجدناها بخلاف ما قال ، وإن نظرنا إلى ظاهره وجدناه بخلاف ما قال ، وإن نظرنا إلى باطنه وجدناه بعيدا مما قال ! وذلك أنه ردد ذكر الأمانة ولم يذكر ما الأمانة ، إلا أنه يومئ في مقالته إلى أنه سلطه على جميع ما في الأرض ، وعهد الله إليه عهدا فيه أمره ونهيه وحله وحرامه ، وزعم أنه أمره أن يعرض ذلك على السماوات والأرض والجبال ; فما تصنع السماوات والأرض والجبال بالحلال والحرام ؟ وما التسليط على الأنعام والطير والوحش ! وكيف إذا عرضه على ولده فقبله في أعناق ذريته من بعده . وفي مبتدأ الخبر في التنزيل أنه عرض الأمانة على السماوات والأرض والجبال حتى ظهر الإباء منهم ، ثم ذكر أن الإنسان حملها ، أي من قبل نفسه لا أنه حمل ذلك ، فسماه ظلوما أي لنفسه ، جهولا بما فيها .وأما الآثار التي هي بخلاف ما ذكر ، فحدثني أبي رحمه الله قال حدثنا الفيض بن الفضل الكوفي حدثنا السري بن إسماعيل عن عامر الشعبي عن مسروق عن عبد الله بن مسعود قال : لما خلق الله الأمانة مثلها صخرة ، ثم وضعها حيث شاء ، ثم دعا لها السماوات والأرض والجبال ليحملنها ، وقال لهن : إن هذه الأمانة ، ولها ثواب وعليها عقاب ; قالوا : يا رب ، لا طاقة لنا بها ; وأقبل الإنسان من قبل أن يدعى فقال للسماوات والأرض والجبال : ما وقوفكم ؟ قالوا : دعانا ربنا أن نحمل هذه فأشفقنا منها ولم نطقها ; قال : فحركها بيده وقال : والله لو شئت أن أحملها لحملتها ; فحملها حتى بلغ بها إلى ركبتيه ، ثم وضعها وقال : والله لو شئت أن أزداد لازددت ; قالوا : دونك ! فحملها حتى بلغ بها حقويه ، ثم وضعها وقال : والله لو شئت أن أزداد لازددت ; قالوا : دونك ، فحملها حتى وضعها على عاتقه ، فلما أهوى ليضعها ، قالوا : مكانك ! إن هذه الأمانة ، ولها ثواب وعليها عقاب ، وأمرنا ربنا أن نحملها فأشفقنا منها ، وحملتها أنت من غير أن تدعى لها ، فهي في عنقك وفي أعناق ذريتك إلى يوم القيامة ، إنك كنت ظلوما جهولا . وذكر أخبارا عن الصحابة والتابعين تقدم أكثرها . وحملها الإنسان أي التزم القيام بحقها ، وهو في ذلك ظلوم لنفسه . وقال قتادة : للأمانة ، جهول بقدر ما دخل فيه . وهذا تأويل ابن عباس وابن جبير . وقال الحسن : جهول بربه . قال : ومعنى ( حملها ) خان فيها . وقال الزجاج : والآية في الكافر والمنافق والعصاة على قدرهم على هذا التأويل . وقال ابن عباس وأصحابه والضحاك وغيره : الإنسان آدم ، تحمل الأمانة فما تم له يوم حتى عصى المعصية التي أخرجته من الجنة . وعن ابن عباس أن الله تعالى قال له : أتحمل هذه الأمانة بما فيها . قال وما فيها ؟ قال : إن أحسنت جزيت وإن أسأت عوقبت . قال : أنا أحملها بما فيها بين أذني وعاتقي . فقال الله تعالى له : إني سأعينك ، قد جعلت لبصرك حجابا فأغلقه عما لا يحل لك ، ولفرجك لباسا فلا تكشفه إلا على ما أحللت لك . وقال قوم : الإنسان النوع كله . وهذا حسن مع عموم الأمانة كما ذكرناه أولا . وقال السدي : الإنسان قابيل . فالله أعلم .
لِّیُعَذِّبَ اللّٰهُ الْمُنٰفِقِیْنَ وَ الْمُنٰفِقٰتِ وَ الْمُشْرِكِیْنَ وَ الْمُشْرِكٰتِ وَ یَتُوْبَ اللّٰهُ عَلَى الْمُؤْمِنِیْنَ وَ الْمُؤْمِنٰتِؕ-وَ كَانَ اللّٰهُ غَفُوْرًا رَّحِیْمًا۠(۷۳)
تاکہ اللہ عذاب منافق مردوں اور منافق عورتوں اور مشرک مردوں اور مشرک عورتوں کو (ف۱۷۳) اور اللہ توبہ قبول فرمائے مسلمان مردوں اور مسلمان عورتوں کی، اور اللہ بخشنے والا مہربان ہے،
ليعذب الله المنافقين والمنافقات والمشركين والمشركات اللام في ( ليعذب ) متعلقة ب ( حمل ) أي حملها ليعذب العاصي ويثيب المطيع ; فهي لام التعليل ; لأن العذاب نتيجة حمل الأمانة . وقيل ب ( عرضنا ) ; أي عرضنا الأمانة على الجميع ثم قلدناها الإنسان ليظهر شرك المشرك ونفاق المنافقين ليعذبهم الله ، وإيمان المؤمن ليثيبه الله . ويتوب الله على المؤمنين والمؤمنات قراءة الحسن بالرفع ، يقطعه من الأول ; أي يتوب الله عليهم بكل حال . وكان الله غفورا رحيما خبر بعد خبر ل ( كان ) . ويجوز أن يكون نعتا لغفور ، ويجوز أن يكون حالا من المضمر . والله أعلم بالصواب
- English | Ahmed Ali
- Urdu | Ahmed Raza Khan
- Turkish | Ali-Bulaç
- German | Bubenheim Elyas
- Chinese | Chineese
- Spanish | Cortes
- Dutch | Dutch
- Portuguese | El-Hayek
- English | English
- Urdu | Fateh Muhammad Jalandhry
- French | French
- Hausa | Hausa
- Indonesian | Indonesian-Bahasa
- Italian | Italian
- Korean | Korean
- Malay | Malay
- Russian | Russian
- Tamil | Tamil
- Thai | Thai
- Farsi | مکارم شیرازی
- العربية | التفسير الميسر
- العربية | تفسير الجلالين
- العربية | تفسير السعدي
- العربية | تفسير ابن كثير
- العربية | تفسير الوسيط لطنطاوي
- العربية | تفسير البغوي
- العربية | تفسير القرطبي
- العربية | تفسير الطبري
- English | Arberry
- English | Yusuf Ali
- Dutch | Keyzer
- Dutch | Leemhuis
- Dutch | Siregar
- Urdu | Sirat ul Jinan