READ

Surah Al-Aa'raaf

اَلْاَعْرَاف
206 Ayaat    مکیۃ


7:0
بِسْمِ اللّٰهِ الرَّحْمٰنِ الرَّحِیْمِ
اللہ کے نام سے شروع جو بہت مہربان رحمت والا

القول في تأويل الاستعاذةتأويل قوله : ( أعوذ ) .قال أبو جعفر : والاستعاذة : الاستجارة . وتأويل قول القائل : ( أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ) أستجير بالله - دون غيره من سائر خلقه - من الشيطان أن يضرني في ديني ، أو يصدني عن حق يلزمني لربي .تأويل قوله : ( من الشيطان )قال أبو جعفر : والشيطان ، في كلام العرب : كل متمرد من الجن والإنس والدواب وكل شيء . وكذلك قال ربنا جل ثناؤه : ( وكذلك جعلنا لكل نبي عدوا شياطين الإنس والجن ) [ سورة الأنعام : 112 ] ، فجعل من الإنس شياطين ، مثل الذي جعل من الجن .وقال عمر بن الخطاب رحمة الله عليه ، وركب برذونا فجعل يتبختر به ، فجعل يضربه فلا يزداد إلا تبخترا ، فنزل عنه ، وقال : ما حملتموني إلا على شيطان! ما نزلت عنه حتى أنكرت نفسي .136 - حدثنا بذلك يونس بن عبد الأعلى ، قال : أنبأنا ابن وهب ، قال : أخبرني هشام بن سعد ، عن زيد بن أسلم ، عن أبيه ، عن عمر .قال أبو جعفر : وإنما سمي المتمرد من كل شيء شيطانا ، لمفارقة أخلاقه وأفعاله أخلاق سائر جنسه وأفعاله ، وبعده من الخير . وقد قيل : إنه أخذ من [ ص: 112 ] قول القائل : شطنت داري من دارك - يريد بذلك : بعدت . ومن ذلك قول نابغة بني ذبيان :نأت بسعاد عنك نوى شطون فبانت والفؤاد بها رهينوالنوى : الوجه الذي نوته وقصدته . والشطون : البعيد . فكأن الشيطان - على هذا التأويل - فيعال من شطن . ومما يدل على أن ذلك كذلك ، قول أمية بن أبي الصلت :أيما شاطن عصاه عكاه ثم يلقى في السجن والأكبالولو كان فعلان ، من شاط يشيط ، لقال : أيما شائط ، ولكنه قال : أيما شاطن ، لأنه من "شطن يشطن ، فهو شاطن" .تأويل قوله : ( الرجيم ) .وأما الرجيم فهو : فعيل بمعنى مفعول ، كقول القائل : كف خضيب ، ولحية دهين ، ورجل لعين ، يريد بذلك : مخضوبة ومدهونة وملعون . وتأويل الرجيم : الملعون المشتوم . وكل مشتوم بقول رديء أو سب فهو مرجوم . وأصل الرجم الرمي ، بقول كان أو بفعل . ومن الرجم بالقول قول أبي إبراهيم لإبراهيم صلوات الله عليه : ( لئن لم تنته لأرجمنك ) [ سورة مريم : 46 ] .وقد يجوز أن يكون قيل للشيطان رجيم ، لأن الله جل ثناؤه طرده من سماواته ، ورجمه بالشهب الثواقب [ ص: 113 ]وقد روي عن ابن عباس ، أن أول ما نزل جبريل على النبي صلى الله عليه وسلم علمه الاستعاذة .137 - حدثنا أبو كريب ، قال : حدثنا عثمان بن سعيد ، قال : حدثنا بشر بن عمارة ، قال : حدثنا أبو روق ، عن الضحاك ، عن عبد الله بن عباس ، قال : أول ما نزل جبريل على محمد قال : "يا محمد استعذ ، قل : أستعيذ بالسميع العليم من الشيطان الرجيم " ، ثم قال : قل : "بسم الله الرحمن الرحيم " ، ثم قال : ( اقرأ باسم ربك الذي خلق ) [ العلق : 1 ] . قال عبد الله : وهي أول سورة أنزلها الله على محمد بلسان جبريل .فأمره أن يتعوذ بالله دون خلقه .القول في تأويل بسم الله الرحمن الرحيمالقول في تأويل قوله : ( بسم )قال أبو جعفر : إن الله تعالى ذكره وتقدست أسماؤه أدب نبيه محمدا صلى الله عليه وسلم بتعليمه تقديم ذكر أسمائه الحسنى أمام جميع أفعاله ، ، وتقدم إليه في وصفه بها قبل جميع مهماته ، وجعل ما أدبه به من ذلك وعلمه إياه ، منه لجميع خلقه سنة يستنون بها ، وسبيلا يتبعونه عليها ، فبه افتتاح أوائل منطقهم ، وصدور رسائلهم وكتبهم وحاجاتهم ، حتى أغنت دلالة ما ظهر من قول القائل : "بسم الله " ، على ما بطن من مراده الذي هو محذوف .وذلك أن الباء من "بسم الله " مقتضية فعلا يكون لها جالبا ، ولا فعل معها ظاهر ، فأغنت سامع القائل "بسم الله " معرفته بمراد قائله ، عن إظهار قائل ذلك مراده قولا إذ كان كل ناطق به عند افتتاحه أمرا ، قد أحضر منطقه به - إما معه ، وإما قبله بلا فصل - ما قد أغنى سامعه عن دلالة شاهدة على الذي من أجله افتتح قيله به . فصار استغناء سامع ذلك منه عن إظهار ما حذف منه ، نظير استغنائه - إذا سمع قائلا قيل له : ما أكلت اليوم ؟ فقال : "طعاما " - عن أن يكرر المسئول مع قوله "طعاما " ، أكلت ، لما قد ظهر لديه من الدلالة على أن ذلك معناه ، بتقدم مسألة السائل إياه عما أكل . فمعقول إذا أن قول [ ص: 115 ] القائل إذا قال : "بسم الله الرحمن الرحيم " ثم افتتح تاليا سورة ، أن إتباعه "بسم الله الرحمن الرحيم " تلاوة السورة ، ينبئ عن معنى قوله : "بسم الله الرحمن الرحيم " ومفهوم به أنه مريد بذلك : أقرأ بسم الله الرحمن الرحيم . وكذلك قوله : "بسم الله " عند نهوضه للقيام أو عند قعوده وسائر أفعاله ، ينبئ عن معنى مراده بقوله "بسم الله " ، وأنه أراد بقيله "بسم الله " ، أقوم باسم الله ، وأقعد باسم الله . وكذلك سائر الأفعال .وهذا الذي قلنا في تأويل ذلك ، هو معنى قول ابن عباس الذي : -138 - حدثنا به أبو كريب ، قال : حدثنا عثمان بن سعيد ، قال : حدثنا بشر بن عمارة ، قال : حدثنا أبو روق ، عن الضحاك ، عن عبد الله بن عباس ، قال : إن أول ما نزل به جبريل على محمد ، قال : "يا محمد ، قل : أستعيذ بالسميع العليم من الشيطان الرجيم " ثم قال : "قل بسم الله الرحمن الرحيم " . قال : قال له جبريل : قل بسم الله يا محمد ، يقول : اقرأ بذكر الله ربك ، وقم واقعد بذكر الله .قال أبو جعفر : فإن قال لنا قائل : فإن كان تأويل قوله "بسم الله " ما وصفت ، والجالب الباء في "بسم الله " ما ذكرت ، فكيف قيل "بسم الله " ، بمعنى أقرأ باسم الله " ، أو أقوم أو أقعد باسم الله ؟ وقد علمت أن كل قارئ كتاب الله ، فبعون الله وتوفيقه قراءته ، وأن كل قائم أو قاعد أو فاعل فعلا فبالله قيامه وقعوده وفعله . وهلا - إذ كان ذلك كذلك - قيل " بالله الرحمن الرحيم " ولم يقل "بسم الله " ؟ فإن قول القائل : أقوم وأقعد بالله الرحمن الرحيم ، أو أقرأ بالله - أوضح معنى لسامعه من قوله "بسم الله " ، إذ كان قوله أقوم "أقوم أو أقعد باسم الله " ، يوهم سامعه أن قيامه وقعوده بمعنى غير الله .قيل له ، وبالله التوفيق : إن المقصود إليه من معنى ذلك غير ما توهمته في نفسك . وإنما معنى قوله "باسم الله " : أبدأ بتسمية الله وذكره قبل كل شيء ، [ ص: 116 ] أو أقرأ بتسميتي الله ، أو أقوم وأقعد بتسميتي الله وذكره - لا أنه يعني بقيله "بسم الله " : أقوم بالله ، أو أقرأ بالله ، فيكون قول القائل : أقرأ بالله ، أو أقوم أو أقعد بالله - أولى بوجه الصواب في ذلك من قوله "بسم الله " .فإن قال : فإن كان الأمر في ذلك على ما وصفت ، فكيف قيل : "بسم الله " وقد علمت أن الاسم اسم ، وأن التسمية مصدر من قولك سميت ؟قيل : إن العرب قد تخرج المصادر مبهمة على أسماء مختلفة ، كقولهم : أكرمت فلانا كرامة ، وإنما بناء مصدر "أفعلت " - إذا أخرج على فعله - "الإفعال " . وكقولهم : أهنت فلانا هوانا ، وكلمته كلاما . وبناء مصدر : "فعلت " التفعيل . ومن ذلك قول الشاعر :أكفرا بعد رد الموت عني وبعد عطائك المائة الرتاعايريد : إعطائك . ومنه قول الآخر :وإن كان هذا البخل منك سجية لقد كنت في طولي رجاءك أشعبايريد : في إطالتي رجاءك . ومنه قول الآخر :أظليم إن مصابكم رجلا أهدى السلام تحية ظلميريد : إصابتكم . والشواهد في هذا المعنى تكثر ، وفيما ذكرنا كفاية ، لمن وفق لفهمه . [ ص: 117 ]فإذ كان الأمر - على ما وصفنا ، من إخراج العرب مصادر الأفعال على غير بناء أفعالها - كثيرا ، وكان تصديرها إياها على مخارج الأسماء موجودا فاشيا ، فبين بذلك صواب ما قلنا من التأويل في قول القائل "بسم الله " ، أن معناه في ذلك عند ابتدائه في فعل أو قول : أبدأ بتسمية الله ، قبل فعلي ، أو قبل قولي .وكذلك معنى قول القائل عند ابتدائه بتلاوة القرآن : "بسم الله الرحمن الرحيم " ، إنما معناه : أقرأ مبتدئا بتسمية الله ، أو أبتدئ قراءتي بتسمية الله . فجعل "الاسم " مكان التسمية ، كما جعل الكلام مكان التكليم ، والعطاء مكان الإعطاء .وبمثل الذي قلنا من التأويل في ذلك ، روي الخبر عن عبد الله بن عباس .139 - حدثنا أبو كريب ، قال : حدثنا عثمان بن سعيد ، قال : حدثنا بشر بن عمارة ، قال : حدثنا أبو روق ، عن الضحاك ، عن عبد الله بن عباس ، قال : أول ما نزل جبريل على محمد صلى الله عليه وسلم قال : "يا محمد ، قل : أستعيذ بالسميع العليم من الشيطان الرجيم " ، ثم قال : "قل : بسم الله الرحمن الرحيم " .قال ابن عباس : "بسم الله " ، يقول له جبريل : يا محمد ، اقرأ بذكر الله ربك ، وقم واقعد بذكر الله .وهذا التأويل من ابن عباس ينبئ عن صحة ما قلنا - من أنه يراد بقول القائل مفتتحا قراءته : "بسم الله الرحمن الرحيم " : أقرأ بتسمية الله وذكره ، وأفتتح القراءة بتسمية الله ، بأسمائه الحسنى وصفاته العلى - ويوضح فساد قول من زعم أن معنى ذلك من قائله : بالله الرحمن الرحيم أول كل شيء ، مع أن العباد [ ص: 118 ] إنما أمروا أن يبتدئوا عند فواتح أمورهم بتسمية الله ، لا بالخبر عن عظمته وصفاته ، كالذي أمروا به من التسمية على الذبائح والصيد ، وعند المطعم والمشرب ، وسائر أفعالهم . وكذلك الذي أمروا به من تسميته عند افتتاح تلاوة تنزيل الله ، وصدور رسائلهم وكتبهم .ولا خلاف بين الجميع من علماء الأمة ، أن قائلا لو قال عند تذكيته بعض بهائم الأنعام "بالله " ، ولم يقل "بسم الله " ، أنه مخالف - بتركه قيل : "بسم الله " ما سن له عند التذكية من القول . وقد علم بذلك أنه لم يرد بقوله "بسم الله " "بالله " ، كما قال الزاعم أن اسم الله في قول الله : "بسم الله الرحمن الرحيم " هو الله . لأن ذلك لو كان كما زعم ، لوجب أن يكون القائل عند تذكيته ذبيحته "بالله " ، قائلا ما سن له من القول على الذبيحة . وفي إجماع الجميع على أن قائل ذلك تارك ما سن له من القول على ذبيحته - إذ لم يقل "بسم الله " - دليل واضح على فساد ما ادعى من التأويل في قول القائل : "بسم الله " ، أنه مراد به "بالله " ، وأن اسم الله هو الله .وليس هذا الموضع من مواضع الإكثار في الإبانة عن الاسم : أهو المسمى ، أم غيره ، أم هو صفة له ؟ فنطيل الكتاب به ، وإنما هذا موضع من مواضع الإبانة عن الاسم المضاف إلى الله : أهو اسم ، أم مصدر بمعنى التسمية ؟ [ ص: 119 ] فإن قال قائل : فما أنت قائل في بيت لبيد بن ربيعة :إلى الحول ، ثم اسم السلام عليكما ، ومن يبك حولا كاملا فقد اعتذرفقد تأوله مقدم في العلم بلغة العرب ، أنه معني به : ثم السلام عليكما ، وأن اسم السلام هو السلام ؟قيل له : لو جاز ذلك وصح تأويله فيه على ما تأول ، لجاز أن يقال : رأيت اسم زيد ، وأكلت اسم الطعام ، وشربت اسم الشراب; وفي إجماع جميع العرب على إحالة ذلك ما ينبئ عن فساد تأويل من تأول قول لبيد : "ثم اسم السلام [ ص: 120 ] عليكما " ، أنه أراد : ثم السلام عليكما ، وادعائه أن إدخال الاسم في ذلك وإضافته إلى السلام إنما جاز ، إذ كان اسم المسمى هو المسمى بعينه .ويسأل القائلون قول من حكينا قوله هذا ، فيقال لهم : أتستجيزون في العربية أن يقال : "أكلت اسم العسل " ، يعني بذلك : أكلت العسل ، كما جاز عندكم : اسم السلام عليك ، وأنتم تريدون : السلام عليك ؟فإن قالوا : نعم ! خرجوا من لسان العرب ، وأجازوا في لغتها ما تخطئه جميع العرب في لغتها . وإن قالوا : لا ؛ سئلوا الفرق بينهما . فلن يقولوا في أحدهما قولا إلا ألزموا في الآخر مثله .فإن قال لنا قائل : فما معنى قول لبيد هذا عندك ؟قيل له : يحتمل ذلك وجهين ، كلاهما غير الذي قاله من حكينا قوله .أحدهما : أن "السلام " اسم من أسماء الله ، فجائز أن يكون لبيد عنى بقوله : "ثم اسم السلام عليكما " ، ثم الزما اسم الله وذكره بعد ذلك ، ودعا ذكري والبكاء علي; على وجه الإغراء . فرفع الاسم ، إذ أخر الحرف الذي يأتي بمعنى الإغراء . وقد تفعل العرب ذلك ، إذا أخرت الإغراء وقدمت المغرى به ، وإن كانت قد تنصب به وهو مؤخر . ومن ذلك قول الشاعر :يا أيها المائح دلوي دونكا! إني رأيت الناس يحمدونكا!فأغرى ب "دونك " ، وهي مؤخرة ، وإنما معناه : دونك دلوي . فذلك قول لبيد :إلى الحول ثم اسم السلام عليكمايعني : عليكما اسم السلام ، أي : الزما ذكر الله ودعا ذكري والوجد بي ، لأن من بكى حولا على امرئ ميت فقد اعتذر . فهذا أحد وجهيه . [ ص: 121 ]والوجه الآخر منهما : ثم تسميتي الله عليكما ، كما يقول القائل للشيء يراه فيعجبه : "اسم الله عليك " يعوذه بذلك من السوء ، فكأنه قال : ثم اسم الله عليكما من السوء ، وكأن الوجه الأول أشبه المعنيين بقول لبيد .ويقال لمن وجه بيت لبيد هذا إلى أن معناه : ثم السلام عليكما ، أترى ما قلنا - من هذين الوجهين - جائزا ، أو أحدهما ، أو غير ما قلت فيه ؟فإن قال : لا ! أبان مقداره من العلم بتصاريف وجوه كلام العرب ، وأغنى خصمه عن مناظرته .وإن قال : بلى !قيل له : فما برهانك على صحة ما ادعيت من التأويل أنه الصواب ، دون الذي ذكرت أنه محتمله - من الوجه الذي يلزمنا تسليمه لك ؟ ولا سبيل إلى ذلك .وأما الخبر الذي : -140 - حدثنا به إسماعيل بن الفضل ، قال : حدثنا إبراهيم بن العلاء بن الضحاك وهو يلقب بزبريق قال : حدثنا إسماعيل بن عياش ، عن إسماعيل بن يحيى ، عن ابن أبي مليكة ، عمن حدثه ، عن ابن مسعود - ومسعر بن كدام ، عن عطية ، عن أبي سعيد - قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن عيسى ابن مريم أسلمته أمه إلى الكتاب ليعلمه ، فقال له المعلم : اكتب "بسم " فقال له عيسى : وما "بسم " ؟ فقال له المعلم : ما أدري ! فقال عيسى : الباء بهاء الله ، والسين : سناؤه ، والميم : مملكته . [ ص: 122 ]فأخشى أن يكون غلطا من المحدث ، وأن يكون أراد ب س م ، على سبيل ما يعلم المبتدئ من الصبيان في الكتاب حروف أبي جاد ، فغلط بذلك ، فوصله ، فقال : "بسم " ، لأنه لا معنى لهذا التأويل إذا تلي "بسم الله الرحمن الرحيم " ، على ما يتلوه القارئ في كتاب الله ، لاستحالة معناه على المفهوم به عند جميع العرب وأهل لسانها ، إذا حمل تأويله على ذلك .القول في تأويل قوله جل ثناؤه : ( الله ) .قال أبو جعفر : وأما تأويل قول الله تعالى ذكره "الله " ، فإنه على معنى ما روي لنا عن عبد الله بن عباس - : هو الذي يألهه كل شيء ، ويعبده كل خلق . [ ص: 123 ]141 - وذلك أن أبا كريب حدثنا ، قال : حدثنا عثمان بن سعيد ، قال : حدثنا بشر بن عمارة ، قال : حدثنا أبو روق ، عن الضحاك ، عن عبد الله بن عباس ، قال : "الله " ذو الألوهية والمعبودية على خلقه أجمعين .فإن قال لنا قائل : فهل لذلك في "فعل ويفعل " أصل كان منه بناء هذا الاسم ؟قيل : أما سماعا من العرب فلا ولكن استدلالا .فإن قال : وما دل على أن الألوهية هي العبادة ، وأن الإله هو المعبود ، وأن له أصلا في "فعل ويفعل " .قيل : لا تمانع بين العرب في الحكم لقول القائل - يصف رجلا بعبادة ، وبطلب ما عند الله جل ذكره : "تأله فلان " - بالصحة ولا خلاف . ومن ذلك قول رؤبة بن العجاج :لله در الغانيات المده سبحن واسترجعن من تألهييعني : من تعبدي وطلبي الله بعملي .ولا شك أن "التأله " ، التفعل من : "أله يأله " ، وأن معنى "أله " - إذا نطق به : - عبد الله . وقد جاء منه مصدر يدل على أن العرب قد نطقت منه ب "فعل يفعل " بغير زيادة .142 - وذلك ما حدثنا به سفيان بن وكيع ، قال حدثنا أبي ، عن نافع بن عمر ، عن عمرو بن دينار ، عن ابن عباس : أنه قرأ " ويذرك وآلهتك " سورة الأعراف : 127 قال : عبادتك ، ويقال : إنه كان يعبد ولا يعبد . [ ص: 124 ]143 - حدثنا سفيان ، قال : حدثنا ابن عيينة ، عن عمرو بن دينار ، عن محمد بن عمرو بن الحسن ، عن ابن عباس : ( ويذرك وآلهتك ) ، قال : إنما كان فرعون يعبد ولا يعبدوكذلك كان عبد الله يقرؤها ومجاهد .144 - حدثنا القاسم قال : حدثنا الحسين بن داود ، قال : أخبرني حجاج ، عن ابن جريج ، عن مجاهد : قوله " ويذرك وآلهتك " قال : وعبادتك ولا شك أن الإلاهة - على ما فسره ابن عباس ومجاهد - مصدر من قول القائل : أله الله فلان إلاهة ، كما يقال : عبد الله فلان عبادة ، وعبر الرؤيا عبارة . فقد بين قول ابن عباس ومجاهد هذا : أن "أله " عبد ، وأن "الإلاهة " مصدره .فإن قال : فإن كان جائزا أن يقال لمن عبد الله : ألهه - على تأويل قول ابن عباس ومجاهد - فكيف الواجب في ذلك أن يقال ، إذا أراد المخبر الخبر عن استيجاب الله ذلك على عبده ؟ [ ص: 125 ]قيل : أما الرواية فلا رواية فيه عندنا ، ولكن الواجب - على قياس ما جاء به الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي : -145 - حدثنا به إسماعيل بن الفضل ، حدثنا إبراهيم بن العلاء ، قال : حدثنا إسماعيل بن عياش ، عن إسماعيل بن يحيى ، عن ابن أبي مليكة ، عمن حدثه عن ابن مسعود - ومسعر بن كدام ، عن عطية العوفي ، عن أبي سعيد - قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن عيسى أسلمته أمه إلى الكتاب ليعلمه فقال له المعلم اكتب "الله " فقال له عيسى : "أتدري ما الله ؟ الله إله الآلهة " .- أن يقال ، الله جل جلاله أله العبد ، والعبد ألهه . وأن يكون قول القائل "الله " - من كلام العرب أصله "الإله " .فإن قال : وكيف يجوز أن يكون ذلك كذلك ، مع اختلاف لفظيهما ؟قيل : كما جاز أن يكون قوله : ( لكنا هو الله ربي ) [ سورة الكهف : 38 ] أصله : لكن أنا ، هو الله ربي ، كما قال الشاعر :وترمينني بالطرف ، أي أنت مذنب وتقلينني ، لكن إياك لا أقلييريد : لكن أنا إياك لا أقلي ، فحذف الهمزة من "أنا " فالتقت نون "أنا " "ونون "لكن " وهي ساكنة ، فأدغمت في نون "أنا " فصارتا نونا مشددة . فكذلك "الله " أصله "الإله " ، أسقطت الهمزة التي هي فاء الاسم ، فالتقت اللام التي هي عين الاسم ، واللام الزائدة التي دخلت مع الألف الزائدة وهي ساكنة ، فأدغمت في [ ص: 126 ] الأخرى التي هي عين الاسم ، فصارتا في اللفظ لاما واحدة مشددة ، كما وصفنا من قول الله ( لكنا هو الله ربي ) .القول في تأويل قوله جل ثناؤه : ( الرحمن الرحيم ) .قال أبو جعفر : وأما " الرحمن " ، فهو فعلان ، من رحم ، و "الرحيم " فعيل منه . والعرب كثيرا ما تبني الأسماء من "فعل يفعل " على "فعلان " ، كقولهم من غضب : غضبان ، ومن سكر : سكران ، ومن عطش : عطشان . فكذلك قولهم "رحمن " من رحم ، لأن "فعل " منه : رحم يرحم . وقيل "رحيم " ، وإن كانت عين "فعل " منها مكسورة ، لأنه مدح . ومن شأن العرب أن يحملوا أبنية الأسماء - إذا كان فيها مدح أو ذم - على "فعيل " ، وإن كانت عين "فعل " منها مكسورة أو مفتوحة ، كما قالوا من "علم " عالم وعليم ، ومن "قدر " قادر وقدير . وليس ذلك منها بناء على أفعالها ، لأن البناء من "فعل يفعل " و "فعل يفعل " فاعل . فلو كان "الرحمن والرحيم " خارجين على بناء أفعالهما لكانت صورتهما "الراحم " .فإن قال قائل : فإذا كان الرحمن والرحيم اسمين مشتقين من الرحمة ، فما وجه تكرير ذلك ، وأحدهما مؤد عن معنى الآخر ؟قيل له : ليس الأمر في ذلك على ما ظننت ، بل لكل كلمة منهما معنى لا تؤدي الأخرى منهما عنها .فإن قال : وما المعنى الذي انفردت به كل واحدة منهما ، فصارت إحداهما غير مؤدية المعنى عن الأخرى ؟قيل : أما من جهة العربية ، فلا تمانع بين أهل المعرفة بلغات العرب ، أن قول القائل : "الرحمن " - عن أبنية الأسماء [ ص: 127 ] من "فعل يفعل " - أشد عدولا من قوله "الرحيم " . ولا خلاف مع ذلك بينهم ، أن كل اسم كان له أصل في "فعل يفعل " - ثم كان عن أصله من "فعل يفعل " أشد عدولا - أن الموصوف به مفضل على الموصوف بالاسم المبني على أصله من "فعل يفعل " ، إذا كانت التسمية به مدحا أو ذما . فهذا ما في قول القائل "الرحمن " ، من زيادة المعنى على قوله "الرحيم " في اللغة .وأما من جهة الأثر والخبر ، ففيه بين أهل التأويل اختلاف : -146 - فحدثني السري بن يحيى التميمي ، قال : حدثنا عثمان بن زفر ، قال : سمعت العرزمي يقول : "الرحمن الرحيم " ، قال : الرحمن بجميع الخلق ، "الرحيم" قال : بالمؤمنين .147 - حدثنا إسماعيل بن الفضل ، قال : حدثنا إبراهيم بن العلاء ، قال : حدثنا إسماعيل بن عياش ، عن إسماعيل بن يحيى ، عن ابن أبي مليكة ، عمن حدثه ، عن ابن مسعود - ومسعر بن كدام ، عن عطية العوفي ، عن أبي سعيد - يعني الخدري - قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن عيسى ابن مريم قال : الرحمن رحمن الآخرة والدنيا ، والرحيم رحيم الآخرة " .فهذان الخبران قد أنبآ عن فرق ما بين تسمية الله جل ثناؤه باسمه الذي هو "رحمن " ، وتسميته باسمه الذي هو "رحيم " ، واختلاف معنى الكلمتين - وإن اختلفا في معنى ذلك الفرق ، فدل أحدهما على أن ذلك في الدنيا ، ودل الآخر على أنه في الآخرة .فإن قال : فأي هذين التأويلين أولى عندك بالصحة ؟ [ ص: 128 ]قيل : لجميعهما عندنا في الصحة مخرج ، فلا وجه لقول قائل : أيهما أولى بالصحة ؟ وذلك أن المعنى الذي في تسمية الله بالرحمن ، دون الذي في تسميته بالرحيم : هو أنه بالتسمية بالرحمن موصوف بعموم الرحمة جميع خلقه ، وأنه بالتسمية بالرحيم موصوف بخصوص الرحمة بعض خلقه ، إما في كل الأحوال ، وإما في بعض الأحوال . فلا شك - إذا كان ذلك كذلك - أن ذلك الخصوص الذي في وصفه بالرحيم لا يستحيل عن معناه ، في الدنيا كان ذلك أو في الآخرة ، أو فيهما جميعا .فإذا كان صحيحا ما قلنا من ذلك - وكان الله جل ثناؤه قد خص عباده المؤمنين في عاجل الدنيا بما لطف بهم من توفيقه إياهم لطاعته ، والإيمان به وبرسله ، واتباع أمره واجتناب معاصيه ، مما خذل عنه من أشرك به ، وكفر وخالف ما أمره به ، وركب معاصيه; وكان مع ذلك قد جعل ، جل ثناؤه ، ما أعد في آجل الآخرة في جناته من النعيم المقيم والفوز المبين ، لمن آمن به ، وصدق رسله ، وعمل بطاعته ، خالصا ، دون من أشرك وكفر به - كان بينا أن الله قد خص المؤمنين من رحمته في الدنيا والآخرة ، مع ما قد عمهم به والكفار في الدنيا من الإفضال والإحسان إلى جميعهم ، في البسط في الرزق ، وتسخير السحاب بالغيث ، وإخراج النبات من الأرض ، وصحة الأجسام والعقول ، وسائر النعم التي لا تحصى ، التي يشترك فيها المؤمنون والكافرون .فربنا جل ثناؤه رحمن جميع خلقه في الدنيا والآخرة ، ورحيم المؤمنين خاصة في الدنيا والآخرة . فأما الذي عم جميعهم به في الدنيا من رحمته فكان رحمانا لهم به ، فما ذكرنا مع نظائره التي لا سبيل إلى إحصائها لأحد من خلقه ، كما قال جل ثناؤه : ( وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها ) [ سورة إبراهيم : 34 ، وسورة النحل : 18 ] .وأما في الآخرة ، فالذي عم جميعهم به فيها من رحمته ، فكان لهم رحمانا ، تسويته [ ص: 129 ] بين جميعهم جل ذكره في عدله وقضائه ، فلا يظلم أحدا منهم مثقال ذرة ، وإن تك حسنة يضاعفها ويؤت من لدنه أجرا عظيما ، وتوفى كل نفس ما كسبت . فذلك معنى عمومه في الآخرة جميعهم برحمته ، الذي كان به رحمانا في الآخرة .وأما ما خص به المؤمنين في عاجل الدنيا من رحمته ، الذي كان به رحيما لهم فيها ، كما قال جل ذكره : ( وكان بالمؤمنين رحيما ) [ سورة الأحزاب : 43 ] فما وصفنا من اللطف لهم في دينهم ، فخصهم به ، دون من خذله من أهل الكفر به .وأما ما خصهم به في الآخرة ، فكان به رحيما لهم دون الكافرين ، فما وصفنا آنفا مما أعد لهم دون غيرهم من النعيم ، والكرامة التي تقصر عنها الأماني .وأما القول الآخر في تأويله فهو ما : -148 - حدثنا به أبو كريب ، قال : حدثنا عثمان بن سعيد ، قال : حدثنا بشر بن عمارة ، قال : حدثنا أبو روق ، عن الضحاك ، عن عبد الله بن عباس ، قال : الرحمن ، الفعلان من الرحمة ، وهو من كلام العرب . قال : الرحمن الرحيم : الرقيق الرفيق بمن أحب أن يرحمه ، والبعيد الشديد على من أحب أن يعنف عليه . وكذلك أسماؤه كلها .وهذا التأويل من ابن عباس ، يدل على أن الذي به ربنا رحمن ، هو الذي به رحيم ، وإن كان لقوله "الرحمن " من المعنى ، ما ليس لقوله "الرحيم " . لأنه جعل معنى "الرحمن " بمعنى الرقيق على من رق عليه ، ومعنى "الرحيم " بمعنى الرفيق بمن رفق به .والقول الذي رويناه في تأويل ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم وذكرناه عن العرزمي ، أشبه بتأويله من هذا القول الذي رويناه عن ابن عباس . وإن [ ص: 130 ] كان هذا القول موافقا معناه معنى ذلك ، في أن للرحمن من المعنى ما ليس للرحيم ، وأن للرحيم تأويلا غير تأويل الرحمن .والقول الثالث في تأويل ذلك ما : -149 - حدثني به عمران بن بكار الكلاعي ، قال : حدثنا يحيى بن صالح ، قال : حدثنا أبو الأزهر نصر بن عمرو اللخمي من أهل فلسطين ، قال : سمعت عطاء الخراساني يقول : كان الرحمن ، فلما اختزل الرحمن من اسمه كان الرحمن الرحيم .والذي أراد ، إن شاء الله ، عطاء بقوله هذا : أن الرحمن كان من أسماء الله التي لا يتسمى بها أحد من خلقه ، فلما تسمى به الكذاب مسيلمة - وهو اختزاله إياه ، يعني اقتطاعه من أسمائه لنفسه - أخبر الله جل ثناؤه أن اسمه "الرحمن الرحيم " ليفصل بذلك لعباده اسمه من اسم من قد تسمى بأسمائه ، إذ كان لا يسمى أحد "الرحمن الرحيم " ، فيجمع له هذان الاسمان ، غيره جل ذكره . وإنما يتسمى بعض خلقه إما رحيما ، أو يتسمى رحمن . فأما "رحمن رحيم " ، فلم يجتمعا قط لأحد سواه ، ولا يجمعان لأحد غيره . فكأن معنى قول عطاء هذا : أن الله جل ثناؤه إنما فصل بتكرير الرحيم على الرحمن ، بين اسمه واسم غيره من خلقه ، اختلف معناهما أو اتفقا .والذي قال عطاء من ذلك غير فاسد المعنى ، بل جائز أن يكون جل ثناؤه خص نفسه بالتسمية بهما معا مجتمعين ، إبانة لها من خلقه ، ليعرف عباده بذكرهما مجموعين أنه المقصود بذكرهما دون من سواه من خلقه ، مع ما في تأويل كل واحد منهما من المعنى الذي ليس في الآخر منهما . [ ص: 131 ]وقد زعم بعض أهل الغباء أن العرب كانت لا تعرف "الرحمن " ، ولم يكن ذلك في لغتها ولذلك قال المشركون للنبي صلى الله عليه وسلم : ( وما الرحمن أنسجد لما تأمرنا ) [ سورة الفرقان : 60 ] ، إنكارا منهم لهذا الاسم ، كأنه كان محالا عنده أن ينكر أهل الشرك ما كانوا عالمين بصحته ، أو : لا ، وكأنه لم يتل من كتاب الله قول الله ( الذين آتيناهم الكتاب يعرفونه ) - يعني محمدا - ( كما يعرفون أبناءهم ) [ سورة البقرة : 146 ] وهم مع ذلك به مكذبون ، ولنبوته جاحدون! فيعلم بذلك أنهم قد كانوا يدافعون حقيقة ما قد ثبت عندهم صحته ، واستحكمت لديهم معرفته . وقد أنشد لبعض الجاهلية الجهلاء :ألا ضربت تلك الفتاة هجينها ألا قضب الرحمن ربي يمينهاوقال سلامة بن جندل السعدي :عجلتم علينا عجلتينا عليكم وما يشأ الرحمن يعقد ويطلق[ ص: 132 ]وقد زعم أيضا بعض من ضعفت معرفته بتأويل أهل التأويل ، وقلت روايته لأقوال السلف من أهل التفسير ، أن "الرحمن " مجازه : ذو الرحمة ، و "الرحيم " مجازه : الراحم ، ثم قال : قد يقدرون اللفظين من لفظ والمعنى واحد ، وذلك لاتساع الكلام عندهم . قال : وقد فعلوا مثل ذلك فقالوا : ندمان ونديم ، ثم استشهد ببيت برج بن مسهر الطائي :وندمان يزيد الكأس طيبا ، سقيت وقد تغورت النجومواستشهد بأبيات نظائره في النديم والندمان ، ففرق بين معنى الرحمن والرحيم في التأويل لقوله : الرحمن ذو الرحمة ، والرحيم الراحم ، وإن كان قد ترك بيان تأويل معنييهما على صحته . ثم مثل ذلك باللفظين يأتيان بمعنى واحد ، فعاد إلى ما قد جعله بمعنيين ، فجعله مثال ما هو بمعنى واحد مع اختلاف الألفاظ .ولا شك أن ذا الرحمة هو الذي ثبت أن له الرحمة ، وصح أنها له صفة; وأن الراحم هو الموصوف بأنه سيرحم ، أو قد رحم فانقضى ذلك منه ، أو هو فيه .ولا دلالة له فيه حينئذ أن الرحمة له صفة ، كالدلالة على أنها له صفة ، إذا وصف بأنه ذو الرحمة . فأين معنى "الرحمن الرحيم " على تأويله ، من معنى الكلمتين تأتيان مقدرتين من لفظ واحد باختلاف الألفاظ واتفاق المعاني ؟ ولكن القول إذا كان غير أصل معتمد عليه ، كان واضحا عواره .وإن قال لنا قائل : ولم قدم اسم الله الذي هو "الله " ، على اسمه الذي هو "الرحمن " ، واسمه الذي هو "الرحمن " ، على اسمه الذي هو "الرحيم " ؟قيل : لأن من شأن العرب ، إذا أرادوا الخبر عن مخبر عنه ، أن يقدموا اسمه ، ثم يتبعوه صفاته ونعوته . وهذا هو الواجب في الحكم : أن يكون الاسم مقدما قبل نعته وصفته ، ليعلم السامع الخبر ، عمن الخبر . فإذا كان ذلك كذلك - [ ص: 133 ] وكان لله جل ذكره أسماء قد حرم على خلقه أن يتسموا بها ، خص بها نفسه دونهم ، وذلك مثل "الله " و "الرحمن " و "الخالق "; وأسماء أباح لهم أن يسمي بعضهم بعضا بها ، وذلك : كالرحيم والسميع والبصير والكريم ، وما أشبه ذلك من الأسماء - كان الواجب أن تقدم أسماؤه التي هي له خاصة دون جميع خلقه ، ليعرف السامع ذلك من توجه إليه الحمد والتمجيد ، ثم يتبع ذلك بأسمائه التي قد تسمى بها غيره ، بعد علم المخاطب أو السامع من توجه إليه ما يتلو ذلك من المعاني . فبدأ الله جل ذكره باسمه لأن الألوهية ليست لغيره جل ثناؤه من وجه من الوجوه ، لا من جهة التسمي به ، ولا من جهة المعنى . وذلك أنا قد بينا أن معنى "الله " تعالى ذكره المعبود ، ولا معبود غيره جل جلاله ، وأن التسمي به قد حرمه الله جل ثناؤه ، وإن قصد المتسمي به ما يقصد المتسمي بسعيد وهو شقي ، وبحسن وهو قبيح .أولا ترى أن الله جل جلاله قال في غير آية من كتابه : ( أإله مع الله ) فاستكبر ذلك من المقر به ، وقال تعالى في خصوصه نفسه بالله وبالرحمن : ( قل ادعوا الله أو ادعوا الرحمن أيا ما تدعوا فله الأسماء الحسنى ) [ سورة الإسراء : 110 ] . ثم ثنى باسمه ، الذي هو الرحمن ، إذ كان قد منع أيضا خلقه التسمي به ، وإن كان من خلقه من قد يستحق تسميته ببعض معانيه . وذلك أنه قد يجوز وصف كثير ممن هو دون الله من خلقه ، ببعض صفات الرحمة . وغير جائز أن يستحق بعض الألوهية أحد دونه . فلذلك جاء الرحمن ثانيا لاسمه الذي هو "الله " .وأما اسمه الذي هو "الرحيم " فقد ذكرنا أنه مما هو جائز وصف غيره به . والرحمة من صفاته جل ذكره ، فكان - إذ كان الأمر على ما وصفنا - واقعا مواقع نعوت الأسماء اللواتي هن توابعها ، بعد تقدم الأسماء عليها . فهذا وجه تقديم اسم الله [ ص: 133 ] الذي هو "الله " ، على اسمه الذي هو "الرحمن " ، واسمه الذي هو "الرحمن " على اسمه الذي هو "الرحيم " .وقد كان الحسن البصري يقول في "الرحمن " مثل ما قلنا ، أنه من أسماء الله التي منع التسمي بها العباد .150 - حدثنا محمد بن بشار ، قال : حدثنا حماد بن مسعدة ، عن عوف ، عن الحسن ، قال : "الرحمن " اسم ممنوع .مع أن في إجماع الأمة من منع التسمي به جميع الناس ، ما يغني عن الاستشهاد على صحة ما قلنا في ذلك بقول الحسن وغيره
7:1
الٓمّٓصٓۚ(۱)
المص

القول في تأويل قوله جل ثناؤه وتقدَّست أسماؤه المص (1)قال أبو جعفر: اختلف أهل التأويل في تأويل قول الله تعالى ذكره: (المص).فقال بعضهم: معناه: أنا الله أفضل.* ذكر من قال ذلك:14310- حدثنا سفيان قال، حدثنا أبي, عن شريك, عن عطاء بن السائب, عن أبي الضحى, عن ابن عباس: (المص)، أنا الله أفضل.14311- حدثني الحارث قال، حدثنا القاسم بن سلام قال، حدثنا عمار بن محمد, عن عطاء بن السائب, عن سعيد بن جبير في قوله: (المص)، أنا الله أفضل.* * *وقال آخرون: هو هجاء حروف اسم الله تبارك وتعالى الذي هو " المصوّر ".* ذكر من قال ذلك:14312- حدثني محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن المفضل قال، حدثنا أسباط, عن السدي: (المص)، قال: هي هجاء " المصوّر ".* * *وقال آخرون: هي اسم من أسماء الله، أقسم ربنا به.* ذكر من قال ذلك:14313- حدثني المثنى قال، حدثنا عبد الله صالح قال، حدثني معاوية, عن علي بن أبي طلحة, عن ابن عباس قوله: (المص)، قسم أقسمه الله, وهو من أسماء الله.* * *وقال آخرون: هو اسم من أسماء القرآن.ذكر من قال ذلك:14314- حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال، حدثنا محمد بن ثور, عن معمر, عن قتادة: (المص)، قال: اسم من أسماء القرآن.14315- حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر, عن قتادة, مثله.* * *وقال آخرون: هي حروف هجاء مقطّعة.* * *وقال آخرون: هي من حساب الجمَّل.* * *وقال آخرون: هي حروف تحوي معاني كثيرة، دلّ الله بها خلقه على مراده من ذلك.* * *وقال آخرون: هي حروف اسم الله الأعظم.* * *وقد ذكرنا كل ذلك بالرواية فيه, وتعليل كلّ فريق قال فيه قولا. وما الصواب من القول عندنا في ذلك، بشواهده وأدلته فيما مضى، بما أغنى عن إعادته في هذا الموضع. (1)------------الهوامش :(1) انظر ما سلف 1 : 205 - 224 . وانظر أيضًا معاني القرآن للفراء 1 : 368 - 370 .
7:2
كِتٰبٌ اُنْزِلَ اِلَیْكَ فَلَا یَكُنْ فِیْ صَدْرِكَ حَرَجٌ مِّنْهُ لِتُنْذِرَ بِهٖ وَ ذِكْرٰى لِلْمُؤْمِنِیْنَ(۲)
اے محبوب! ایک کتاب تمہاری طرف اُتاری گئی تو تمہارا جی اس سے نہ رُکے (ف۲) اس لیے کہ تم اس سے ڈر سناؤ اور مسلمانوں کو نصیحت،

القول في تأويل قول الله تعالى ذكره كِتَابٌ أُنْزِلَ إِلَيْكَقال أبو جعفر: يعني تعالى ذكره: هذا القرآن، يا محمد، كتاب أنزله الله إليك.* * *ورفع " الكتاب " بتأويل: هذا كتابٌ.* * *القول في تأويل قوله : فَلا يَكُنْ فِي صَدْرِكَ حَرَجٌ مِنْهُقال أبو جعفر: يقول جل ثناؤه لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: فلا يضق صدرك، يا محمد، من الإنذار به مَنْ أرسلتك لإنذاره به, وإبلاغه مَنْ أمرتك بإبلاغه إياه, ولا تشك في أنه من عندي, واصبر للمضيّ لأمر الله واتباع طاعته فيما كلفك وحملك من عبء أثقال النبوة, (2) كما صبر أولو العزم من الرسل, فإن الله معك.* * *و " الحرج "، هو الضيق، في كلام العرب, وقد بينا معنى ذلك بشواهده وأدلته في قوله: ضَيِّقًا حَرَجًا [سورة الأنعام: 125]، بما أغنى عن إعادته. (3)* * *وقال أهل التأويل في ذلك ما:-14316- حدثني به محمد بن سعد قال، حدثني أبي قال، حدثني عمي قال، حدثني أبي, عن أبيه, عن ابن عباس في قوله: (فلا يكن في صدرك حرج منه)، قال: لا تكن في شك منه.14317- حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد في قول الله: (فلا يكن في صدرك حرج منه)، قال: شك.14318- حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد, مثله.14319- حدثنا ابن عبد الأعلى قال، حدثنا محمد بن ثور قال، حدثنا معمر, عن قتادة: (فلا يكن في صدرك حرج منه) ، شك منه.14320- حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد, عن قتادة، مثله.14321- حدثني محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن المفضل قال، حدثنا أسباط, عن السدي: (فلا يكن في صدرك حرج منه)، قال: أما " الحرج "، فشك.14322- حدثنا الحارث قال، حدثنا عبد العزيز قال، حدثنا أبو سعد المدني قال، سمعت مجاهدًا في قوله: (فلا يكن في صدرك حرج منه)، قال: شك من القرآن.* * *قال أبو جعفر: وهذا الذي ذكرته من التأويل عن أهل التأويل، هو معنى ما قلنا في" الحرج "، لأن الشك فيه لا يكون إلا من ضيق الصدر به، وقلة الاتساع لتوجيهه وجهته التي هي وجهته الصحيحة. وإنما اخترنا العبارة عنه بمعنى " الضيق "، لأن ذلك هو الغالب عليه من معناه في كلام العرب, كما قد بيناه قبل.* * *القول في تأويل قوله : لِتُنْذِرَ بِهِ وَذِكْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ (2)قال أبو جعفر: يعني بذلك تعالى ذكره: هذا كتاب أنزلناه إليك، يا محمد، لتنذر به من أمرتك بإنذاره,(وذكرى للمؤمنين) = وهو من المؤخر الذي معناه التقديم. ومعناه: " كتاب أنزل إليك لتنذر به ", و " ذكرى للمؤمنين ", فَلا يَكُنْ فِي صَدْرِكَ حَرَجٌ مِنْهُ .وإذا كان ذلك معناه، كان موضع قوله: (وذكرى) نصبًا، بمعنى: أنزلنا إليك هذا الكتاب لتنذر به, وتذكر به المؤمنين.* * *ولو قيل معنى ذلك: هذا كتاب أنزل إليك فلا يكن في صدرك حرج منه، أن تنذر به، وتذكّر به المؤمنين = كان قولا غير مدفوعة صحته.وإذا وُجِّه معنى الكلام إلى هذا الوجه، كان في قوله: (وذكرى) من الإعراب وجهان:أحدهما: النصب بالردّ على موضع " لتنذر به ".والآخر: الرفع، عطفًا على " الكتاب ", كأنه قيل: المص * كِتَابٌ أُنْزِلَ إِلَيْكَ ، و " ذكرى للمؤمنين ". (4)-------------------الهوامش :(2) في المطبوعة : (( واصبر بالمضي لأمر الله )) ، وغير ما في المخطوطة بلا طائل .(3) انظر ما سلف ص : 103 - 107 .(4) انظر معاني القرآن للفراء 1 : 370 .
7:3
اِتَّبِعُوْا مَاۤ اُنْزِلَ اِلَیْكُمْ مِّنْ رَّبِّكُمْ وَ لَا تَتَّبِعُوْا مِنْ دُوْنِهٖۤ اَوْلِیَآءَؕ-قَلِیْلًا مَّا تَذَكَّرُوْنَ(۳)
اے لوگو! اس پر چلو جو تمہاری طرف تمہارے رب کے پاس سے اُترا (ف۳) اور اسے چھوڑ کر اور حاکموں کے پیچھے نہ جاؤ، بہت ہی کم سمجھتے ہو،

القول في تأويل قوله : اتَّبِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ وَلا تَتَّبِعُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ قَلِيلا مَا تَذَكَّرُونَ (3)قال أبو جعفر: يقول جل ثناؤه لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: قل، يا محمد، لهؤلاء المشركين من قومك الذين يعبدون الأوثان والأصنام: اتبعوا، أيها الناس، ما جاءكم من عند ربكم بالبينات والهدى, واعملوا بما أمركم به ربكم, ولا تتبعوا شيئًا من دونه = يعني: شيئًا غير ما أنزل إليكم ربكم. يقول: لا تتبعوا أمر أوليائكم الذين يأمرونكم بالشرك بالله وعبادة الأوثان, فإنهم يضلونكم ولا يهدونكم.* * *فإن قال قائل: وكيف قلت: " معنى الكلام: قل اتبعوا ", وليس في الكلام موجودًا ذكرُ القول؟قيل: إنه وإن لم يكن مذكورًا صريحًا, فإن في الكلام دلالة عليه, وذلك قوله: فَلا يَكُنْ فِي صَدْرِكَ حَرَجٌ مِنْهُ لِتُنْذِرَ بِهِ , ففي قوله: " لتنذر به "، الأمر بالإنذار, وفي الأمر بالإنذار، الأمرُ بالقول، لأن الإنذار قول. فكأن معنى الكلام: أنذر القومَ وقل لهم: اتبعوا ما أنزل إليكم من ربكم.ولو قيل معناه: لتنذر به وتذكر به المؤمنين فتقول لهم: اتبعوا ما أنزل إليكم = كان غير مدفوع.* * *وقد كان بعض أهل العربية يقول: قوله: (اتبعوا)، خطاب للنبيّ صلى الله عليه وسلم , ومعناه: كتاب أنزل إليك, فلا يكن في صدرك حرج منه, اتبع ما أنزل إليك من ربك = ويرى أن ذلك نظير قول الله: يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ [سورة الطلاق: 1]، إذ ابتدأ خطابَ النبي صلى الله عليه وسلم , ثم جعل الفعل للجميع, إذ كان أمر الله نبيه بأمرٍ، أمرًا منه لجميع أمته, كما يقال للرجل يُفْرَد بالخطاب والمراد به هو وجماعة أتباعه أو عشيرته وقبيلته: " أما تتقون الله، أما تستحيون من الله!"، ونحو ذلك من الكلام. (5)وذلك وإن كان وجهًا غير مدفوع, فالقولُ الذي اخترناه أولى بمعنى الكلام، لدلالة الظاهر الذي وصفنا عليه.* * *وقوله: (قَلِيلا مَا تَذَكَّرُونَ)، يقول: قليلا ما تتعظون وتعتبرون فتراجعون الحق. (6)------------------الهوامش :(5) انظر معاني القرآن للفراء 1 : 371 ، فهذه مقالته .(6) انظر تفسير (( التذكر )) فيما سلف 11 : 489 ، تعليق 3 ، والمراجع هناك .
7:4
وَ كَمْ مِّنْ قَرْیَةٍ اَهْلَكْنٰهَا فَجَآءَهَا بَاْسُنَا بَیَاتًا اَوْ هُمْ قَآىٕلُوْنَ(۴)
اور کتنی ہی بستیاں ہم نے ہلاک کیں (ف۴) تو ان پر ہمارا عذاب رات میں آیا جب وہ دوپہر کو سوتے تھے(ف۵)

القول في تأويل قوله : وَكَمْ مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا فَجَاءَهَا بَأْسُنَا بَيَاتًا أَوْ هُمْ قَائِلُونَ (4)قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: حذّر هؤلاء العابدين غيري، والعادلين بي الآلهة والأوثان، سَخَطي لا أُحِلّ بهم عقوبتي فأهلكهم، (7) كما أهلكت من سلك سبيلهم من الأمم قبلهم, فكثيرًا ما أهلكت قبلهم من أهل قرى عصوني وكذَّبوا رسلي وعبدوا غيري (8) =(فجاءها بأسنا بياتًا)، يقول: فجاءتهم عقوبتنا ونقمتنا ليلا قبل أن يصبحوا (9) = أو جاءتهم " قائلين ", يعني: نهارًا في وقت القائلة.* * *وقيل: " وكم " لأن المراد بالكلام ما وصفت من الخبر عن كثرة ما قد أصاب الأمم السالفة من المَثُلاث، بتكذيبهم رسلَه وخلافهم عليه. وكذلك تفعل العرب إذا أرادوا الخبر عن كثرة العدد, كما قال الفرزدق:كَمْ عَمةٍ لَكَ يا جَرِيرُ وَخَالَةٍفَدْعَاءَ قَدْ حَلَبَتْ عَلَيَّ عِشَارِي (10)* * *فإن قال قائل: فإن الله تعالى ذكره إنما أخبر أنه " أهلك قرًى ", فما في خبره عن إهلاكه " القرى " من الدليل على إهلاكه أهلها؟قيل: إن " القرى " لا تسمى " قرى " ولا " القرية "" قرية "، إلا وفيها مساكن لأهلها وسكان منهم, ففي إهلاكها إهلاك مَنْ فيها من أهلها.* * *وقد كان بعض أهل العربية يرى أن الكلام خرج مخرج الخبر عن " القرية ", والمراد به أهلها.* * *قال أبو جعفر: والذي قلنا في ذلك أولى بالحق، لموافقته ظاهر التنزيل المتلوّ.* * *فإن قال قائل: وكيف قيل: (وكم من قرية أهلكناها فجاءها بأسنا بياتًا أو هم قائلون)؟ وهل هلكت قرية إلا بمجيء بأس الله وحلول نقمته وسَخَطه بها؟ فكيف قيل: " أهلكناها فجاءها "؟ وإن كان مجيء بأس الله إياها بعد هلاكها، فما وجه مجيء ذلك قومًا قد هلكوا وبادوا، ولا يشعرون بما ينزل بهم ولا بمساكنهم؟قيل: إن لذلك من التأويل وجهين، كلاهما صحيح واضح منهجه:أحدهما: أن يكون معناه: " وكم من قرية أهلكناها "، بخذلاننا إياها عن اتباع ما أنزلنا إليها من البينات والهدى، واختيارها اتباع أمر أوليائها المُغْوِيتِهَا عن طاعة ربها (11) = " فجاءها بأسنا " إذ فعلت ذلك =" بياتا أو هم قائلون "، فيكون " إهلاك الله إياها "، خذلانه لها عن طاعته, ويكون " مجيء بأس الله إياهم "، جزاء لمعصيتهم ربهم بخذلانه إياهم.والآخر منهما: أن يكون " الإهلاك " هو " البأس " بعينه، فيكون في ذكر " الإهلاك " الدلالةُ على ذكر " مجيء البأس ", وفي ذكر " مجيء البأس " الدلالة على ذكر " الإهلاك ".وإذا كان ذلك كذلك, كان سواء عند العرب، بُدئ بالإهلاك ثم عطف عليه بالبأس, أو بدئ بالبأس ثم عطف عليه بالإهلاك. وذلك كقولهم: " زرتني فأكرمتني"، إذ كانت " الزيارة " هي" الكرامة ", فسواء عندهم قدم " الزيارة " وأخر " الكرامة ", أو قدم " الكرامة " وأخر " الزيارة " فقال: " أكرمتني فزرتني". (12)* * *وكان بعض أهل العربية يزعم أن في الكلام محذوفًا, لولا ذلك لم يكن الكلام صحيحًا = وأن معنى ذلك: وكم من قرية أهلكناها, فكان مجيء بأسنا إياها قبل إهلاكنا. (13) وهذا قول لا دلالة على صحته من ظاهر التنزيل، ولا من خبر يجب التسليم له. وإذا خلا القولُ من دلالة على صحته من بعض الوجوه التي يجبُ التسليم لها، كان بيّنًا فساده.* * *وقال آخر منهم أيضًا: معنى " الفاء " في هذا الموضع معنى " الواو ". وقال: تأويل الكلام: وكم من قرية أهلكناها، وجاءها بأسنا بياتًا. وهذا قول لا معنى له, إذ كان ل" الفاء " عند العرب من الحكم ما ليس للواو في الكلام, فصرفها إلى الأغلب من معناها عندهم، ما وجد إلى ذلك سبيل، أولى من صرفها إلى غيره.* * *فإن قال: وكيف قيل: (فجاءها بأسنا بياتًا أو هم قائلون) , وقد علمت أن الأغلب من شأن " أو " في الكلام، اجتلابُ الشك, وغير جائز أن يكون في خبر الله شك؟قيل: إن تأويل ذلك خلافُ ما إليه ذهبتَ. وإنما معنى الكلام: وكم من قرية أهلكناها فجاء بعضها بأسنا بياتًا, وبعضها وهم قائلون. ولو جعل مكان " أو " في هذا الموضع " الواو "، لكان الكلام كالمحال, ولصار الأغلب من معنى الكلام: أن القرية التي أهلكها الله جاءها بأسه بياتًا وفي وقت القائلة . وذلك خبرٌ عن البأس أنه أهلك من قد هلك، وأفنى من قد فني. وذلك من الكلام خَلْفٌ . (14) ولكن الصحيح من الكلام هو ما جاء به التنزيل, إذ لم يفصل القرى التي جاءها البأس بياتًا، من القرى التي جاءها ذلك قائلةً. ولو فُصلت، لم يخبر عنها إلا بالواو.وقيل: " فجاءها بأسنا " خبرًا عن " القرية " أن البأس أتاها, وأجرى الكلام على ما ابتدئ به في أول الآية . ولو قيل: " فجاءهم بأسنا بياتًا "، لكان صحيحًا فصيحًا، ردًّا للكلام إلى معناه, إذ كان البأس إنما قصد به سكان القرية دون بنيانها, وإن كان قد نال بنيانها ومساكنها من البأس بالخراب، نحوٌ من الذي نال سكانها. وقد رجع في قوله: (أو هم قائلون)، إلى خصوص الخبر عن سكانها دون مساكنها، لما وصفنا من أن المقصود بالبأس كان السكان، وإن كان في هلاكهم هلاك مساكنهم وخرابها. (15)ولو قيل: " أو هي قائلة "، كان صحيحًا، إذ كان السامعون قد فهموا المراد من الكلام.* * *فإن قال قائل: أو ليس قوله: (أو هم قائلون)، خبرًا عن الوقت الذي أتاهم فيه بأس الله من النهار؟قيل: بلى!فإن قال: أو ليس المواقيت في مثل هذا تكون في كلام العرب بالواو الدالِّ على الوقت؟قيل: إن ذلك، وإن كان كذلك, فإنهم قد يحذفون من مثل هذا الموضع، استثقالا للجمع بين حرفي عطف, إذ كان " أو " عندهم من حروف العطف, (16) وكذلك " الواو ", فيقولون: " لقيتني مملقًا أو أنا مسافر ", بمعنى: أو وأنا مسافر, فيحذفون " الواو " وهم مريدوها في الكلام، لما وصفت. (17)-----------------الهوامش :(7) في المطبوعة والمخطوطة : (( لأحل بهم عقوبتي )) ، والسياق يقتضي ما أثبت .(8) انظر تفسير (( كم )) فيما سلف 5 : 352 := تفسير (( القرية )) فيما سلف 8 : 543 .= وتفسير (( الإهلاك )) فيما سلف : 11 : 316 ، تعليق : 1 ، والمراجع هناك .= وتفسير (( البأس )) فيما سلف ص : 207 ، تعليق 2 ، والمراجع هناك .(9) انظر تفسير (( البيات )) فيما سلف 8 : 562 ، 563 /9 : 191 ، 192 .(10) ديوانه : 451 ، والنقائض : 332 ، وقد سلف هذا البيت وشرحه في تخريج بيت آخر من القصيدة 9 : 495 ، 496 ، تعليق : 1 .(11) في المطبوعة : (( المغويها )) ، وأثبت ما في المخطوطة .(12) انظر معاني القرآن للفراء 1 : 371 .(13) هذه مقالة الفراء في معاني القرآن 1 : 371 ، قال : (( وإن شئت كان المعنى : وكم من قرية أهلكناها ، فكان مجيء البأس قبل الإهلاك ، فأضمرت كان . )) .(14) (( خلف )) ( بفتح فسكون ) . يقال : (( هذا خلف من القول )) ، أي : رديء ساقط ومنه المثل : (( سكت ألفًا ، ونطق خلفًا )) .(15) انظر معاني القرآن للفراء 1 : 371 .(16) في المخطوطة : (( إذ كان وعندهم من حروف العطف )) بياض ، وفوق البياض ( كذا ) ، وفي الهامش حرف ( ط ) . والذي في المطبوعة شبيه بالصواب .(17) انظر معاني القرآن للفراء 1 : 372 .
7:5
فَمَا كَانَ دَعْوٰىهُمْ اِذْ جَآءَهُمْ بَاْسُنَاۤ اِلَّاۤ اَنْ قَالُوْۤا اِنَّا كُنَّا ظٰلِمِیْنَ(۵)
تو ان کے منہ سے کچھ نہ نکلا جب ہمارا عذاب ان پر آیا مگر یہی بولے کہ ہم ظالم تھے (ف۶)

القول في تأويل قوله : فَمَا كَانَ دَعْوَاهُمْ إِذْ جَاءَهُمْ بَأْسُنَا إِلا أَنْ قَالُوا إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ (5)قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: فلم يكن دعوى أهل القرية التي أهلكناها، إذ جاءهم بأسنا وسطوتُنا بياتًا أو هم قائلون, إلا اعترافهم على أنفسهم بأنهم كانوا إلى أنفسهم مسيئين، وبربهم آثمين، ولأمره ونهيه مخالفين. (18)* * *وعنى بقوله جل ثناؤه: (دعواهم)، في هذا الموضع دعاءَهم.* * *ول" الدعوى "، في كلام العرب، وجهان: أحدهما: الدعاء ، والآخر: الادعاء للحق.ومن " الدعوى " التي معناها الدعاء، قول الله تبارك وتعالى: فَمَا زَالَتْ تِلْكَ دَعْوَاهُمْ [سورة الأنبياء: 15]، ومنه قول الشاعر: (19)وَإِنْ مَذِلَتْ رِجْلِي دَعَوْتُكِ أَشْتَفِيبِدَعْوَاكِ مِنْ مَذْلٍ بِهَا فَيَهُونُ (20)* * *وقد بينا فيما مضى قبل أن " البأس " و " البأساء " الشدة, بشواهد ذلك الدالة على صحته, بما أغنى عن إعادته في هذا الموضع. (21)* * *وفي هذه الآية الدلالةُ الواضحة على صحة ما جاءت به الرواية عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من قوله: " ما هلك قوم حتى يُعْذِروا من أنفسهم ".* * *وقد تأوّل ذلك كذلك بعضهم.14323- حدثنا ابن حميد قال، حدثنا جرير, عن أبي سنان, عن عبد الملك بن ميسرة الزرَّاد قال، قال عبد الله بن مسعود: قال رسول الله: ما هلك قوم حتى يُعْذِروا من أنفسهم - قال قلت لعبد الملك: كيف يكون ذلك؟ قال: فقرأ هذه الآية: (فما كان دعواهم إذ جاءهم بأسنا)، الآية (22) .* * *فإن قال قائل: وكيف قيل: (فما كان دعواهم إذ جاءهم بأسنا إلا أن قالوا إنا كنا ظالمين)؟ وكيف أمكنتهم الدعوى بذلك، وقد جاءهم بأس الله بالهلاك؟ أقالوا ذلك قبل الهلاك؟ فإن كانوا قالوه قبل الهلاك, فإنهم قالوا قبل مجيء البأس, والله يخبر عنهم أنهم قالوه حين جاءهم، لا قبل ذلك؟ أو قالوه بعد ما جاءهم، فتلك حالة قد هلكوا فيها, فكيف يجوز وصفهم بقيل ذلك إذا عاينوا بأس الله، وحقيقة ما كانت الرسل تَعِدهم من سطوة الله؟. (23)قيل: ليس كل الأمم كان هلاكها في لحظة ليس بين أوّله وآخره مَهَلٌ, بل كان منهم من غرق بالطوفان. فكان بين أوّل ظهور السبب الذي علموا أنهم به هالكون، وبين آخره الذي عمَّ جميعهم هلاكُه، المدة التي لا خفاء بها على ذي عقل . ومنهم من مُتِّع بالحياة بعد ظهور علامة الهلاك لأعينهم أيامًا ثلاثة, كقوم صالح وأشباههم. فحينئذ لما عاينوا أوائل بأس الله الذي كانت رسل الله تتوعدهم به، وأيقنوا حقيقة نزول سطوة الله بهم, دعوا: يَا وَيْلَنَا إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ ، فلم يك ينفعهم إيمانهم مع مجيء وعيد الله وحلول نقمته بساحتهم. فحذّر ربنا جل ثناؤه الذين أرسل إليهم نبيه محمدًا صلى الله عليه وسلم من سطوته وعقابه على كفرهم به وتكذيبهم رسوله, ما حلَّ بمن كان قبلهم من الأمم إذ عصوا رُسله، واتبعوا أمر كل جبار عنيد.------------------الهوامش :(18) انظر بيان قول (( بربهم آثمين )) فيما سلف ص : 171 ، تعليق : 1 ، والمراجع هناك .(19) كثير عزة .(20) ديوانه 2 : 245 ، في باب الزيادات ، نهاية الأرب 2 : 125 ، واللسان ( مذل ) .(( مذلت رجله ( بفتح وسكون ) ومذلا ( بفتحتين ): خدرت ، كانوا يزعمون أن المرء إذا خدرت رجله ثم دعا باسم مَنْ أحب ، زال خدرها .(21) انظر تفسير (( البأس )) فيما سلف ص : 299 ، تعليق : 3 ، والمراجع هناك .(22) الأثر : 14323 - (( عبد الملك بن ميسرة الهلالي الزراد )) ، ثقة ، روى له الجماعة ، مضى برقم : 503 ، 504 ، 1326 ، مات في العشر الثاني من المئة الثانية . لم يدرك ابن مسعود ولا غيره من الصحابة . فإسناده منقطع .وهذا الخبر ذكره ابن كثير في تفسيره 3 : 448 ، عن الطبري ولم يخرجه . وخرجه السيوطي في الدر المنثور 3 : 67 ، ولم ينسبه إلى غير ابن أبي حاتم .(( أعذر من نفسه )) ، إذا أمكن معاقبة بذنبه منها . يعني : أنهم لا يهلكون حتى تكثر ذنوبهم وعيوبهم ، فيعذروا من أنفسهم ، ويستوجبوا العقوبة ، ويكون لمن يعذبهم عذر في إلحاق العذاب بهم .(23) في المخطوطة وصل الكلام هكذا : (( وحقيقة ما كانت الرسل تعدهم من سطوة الله وليس كل الأمم )) ، بالواو ، وليس فيها (( قيل )) ، وقد أحسن الناشر الأول فيما فعل ، وإن كنت أظن أن في الكلام سقطًا.
7:6
فَلَنَسْــٴَـلَنَّ الَّذِیْنَ اُرْسِلَ اِلَیْهِمْ وَ لَنَسْــٴَـلَنَّ الْمُرْسَلِیْنَۙ(۶)
تو بیشک ضرور ہمیں پوچھنا ہے ان سے جن کے پاس رسول گئے (ف۷) اور بیشک ضرور ہمیں پوچھنا ہے رسولوں سے (ف۸)

القول في تأويل قوله : فَلَنَسْأَلَنَّ الَّذِينَ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ وَلَنَسْأَلَنَّ الْمُرْسَلِينَ (6)قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: لنسألن الأمم الذين أرسلت إليهم رسلي: ماذا عملت فيما جاءتهم به الرسل من عندي من أمري ونهيي؟ هل عملوا بما أمرتهم به، وانتهوا عما نهيتهم عنه، وأطاعوا أمري, أم عصوني فخالفوا ذلك؟ =(ولنسألن المرسلين)، يقول: ولنسألن الرسل الذين أرسلتهم إلى الأمم: هل بلغتهم رسالاتي، وأدَّت إليهم ما أمرتهم بأدائه إليهم, أم قصّروا في ذلك ففرَّطوا ولم يبلغوهم؟.* * *وكذلك كان أهل التأويل يتأولونه.* ذكر من قال ذلك:14324- حدثني المثنى قال، حدثنا عبد الله بن صالح قال، حدثني معاوية بن صالح, عن علي بن أبي طلحة, عن ابن عباس قوله: (فلنسألن الذين أرسل إليهم ولنسألن المرسلين)، قال: يسأل الله الناس عما أجابوا المرسلين, ويسأل المرسلين عما بلغوا.14325- حدثني محمد بن سعد قال، حدثني أبي قال، حدثني عمي قال، حدثني أبي, عن أبيه, عن ابن عباس قوله: (فلنسألن الذين أرسل إليهم) إلى قوله: (غائبين)، قال: يوضع الكتاب يوم القيامة، فيتكلم بما كانوا يعملون.14326- حدثني محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن المفضل قال، حدثنا أسباط, عن السدي: (فلنسألنّ الذين أرسل إليهم ولنسألن المرسلين)، يقول فلنسألن الأمم: ما عملوا فيما جاءت به الرسل؟ ولنسألن الرسل: هل بلغوا ما أرسلوا به؟14327- حدثني الحارث قال، حدثنا عبد العزيز قال، حدثنا أبو سعد المدني قال، قال مجاهد: (فلنسألن الذين أرسل إليهم)، الأمم = ولنسألن الذين أرسلنا إليهم عما ائتمناهم عليه: هل بلغوا؟ (24)-------------------الهوامش :(24) الأثر : 14327 - (( أبو سعد المدني )) ، مضى في الأثر رقم : 14322 ، ولم أعرف من هو ، ولم أجد له ترجمة .
7:7
فَلَنَقُصَّنَّ عَلَیْهِمْ بِعِلْمٍ وَّ مَا كُنَّا غَآىٕبِیْنَ(۷)
تو ضرور ہم ان کو بتادیں گے (ف۹) اپنے علم سے اور ہم کچھ غائب نہ تھے،

القول في تأويل قوله : فَلَنَقُصَّنَّ عَلَيْهِمْ بِعِلْمٍ وَمَا كُنَّا غَائِبِينَ (7)قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: فلنخبرن الرسل ومَنْ أرسلتهم إليه بيقين علمٍ بما عملوا في الدنيا فيما كنت أمرتهم به, وما كنت نهيتهم عنه (25) =" وما كنا غائبين "، عنهم وعن أفعالهم التي كانوا يفعلونها.* * *فإن قال قائل: وكيف يسأل الرسلَ، والمرسل إليهم, وهو يخبر أنه يقصّ عليهم بعلم بأعمالهم وأفعالهم في ذلك؟قيل: إن ذلك منه تعالى ذكره ليس بمسألة استرشاد، ولا مسألة تعرّف منهم ما هو به غير عالم, وإنما هو مسألة توبيخ وتقرير معناها الخبر, كما يقول الرجل للرجل: " ألم أحسن إليك فأسأت؟"، و " ألم أصلك فقطعت؟". فكذلك مسألة الله المرسلَ إليهم، بأن يقول لهم: " ألم يأتكم رسلي بالبينات؟ ألم أبعث إليكم النذر فتنذركم عذابي وعقابي في هذا اليوم من كفر بي وعبد غيري"؟ كما أخبر جل ثناؤه أنه قائل لهم يومئذ: أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِي آدَمَ أَنْ لا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ * وَأَنِ اعْبُدُونِي هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ [سورة يس: 60-61] .ونحو ذلك من القول الذي ظاهره ظاهر مسألة, ومعناه الخبر والقصص، وهو بعدُ توبيخ وتقرير.وأما مسألة الرسل الذي هو قصص وخبر, فإن الأمم المشركة لما سئلت في القيامة قيل لها: أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَتْلُونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِ رَبِّكُمْ ؟ أنكر ذلك كثير منهم وقالوا: مَا جَاءَنَا مِنْ بَشِيرٍ وَلا نَذِيرٍ . فقيل للرسل: " هل بلغتم ما أرسلتم به "؟ أو قيل لهم: " ألم تبلغوا إلى هؤلاء ما أرسلتم به؟"، كما جاء الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم , وكما قال جل ثناؤه لأمة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم: وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا ، [سورة البقرة: 143]. فكل ذلك من الله مسألة للرسل على وجه الاستشهاد لهم على من أرسلوا إليه من الأمم، وللمرسَل إليهم على وجه التقرير والتوبيخ, وكل ذلك بمعنى القصص والخبر.فأما الذي هو عن الله منفيٌّ من مسألته خلقه, فالمسألة التي هي مسألة استرشاد واستثبات فيما لا يعلمه السائل عنها ويعلمه المسؤول, ليعلم السائل علم ذلك من قِبَله، فذلك غير جائز أن يوصف الله به ، لأنه العالم بالأشياء قبل كونها وفي حال كونها وبعد كونها, وهي المسألة التي نفاها جل ثناؤه عن نفسه بقوله: فَيَوْمَئِذٍ لا يُسْأَلُ عَنْ ذَنْبِهِ إِنْسٌ وَلا جَانٌّ ، [سورة الرحمن: 39]، وبقوله: وَلا يُسْأَلُ عَنْ ذُنُوبِهِمُ الْمُجْرِمُونَ ، [سورة القصص: 78]، يعني: لا يسأل عن ذلك أحدًا منهم مستثبت, (26) ليعلم علم ذلك من قبل مَنْ سأل منه, لأنه العالم بذلك كله وبكل شيء غيره.* * *وقد ذكرنا ما روي في معنى ذلك من الخبر في غير هذا الموضع, فكرهنا إعادته. (27)* * *وقد روي عن ابن عباس أنه كان يقول في معنى قوله: (فلنقصن عليهم بعلم)، أنه ينطق لهم كتاب عملهم عليهم بأعمالهم.هذا قولٌ غيرُ بعيد من الحق, غير أن الصحيح من الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: ما منكم من أحد إلا سيكلمه ربه يوم القيامة ليس بينه وبينه تَرْجُمان, فيقول له: " أتذكر يوم فعلت كذا وفعلت كذا "؟ حتى يذكره ما فعل في الدنيا (28) = والتسليم لخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم أولى من التسليم لغيره.---------------الهوامش :(25) انظر تفسير (( القصص )) فيما سلف 9 : 402 /12 : 120(26) في المطبوعة والمخطوطة : ( لا يسأل عن ذلك أحدًا منهم علم مستثبت )) وهو غير مستقيم ، والصواب ما أثبت .(27) انظر ما سلف 3 : 145 - 154 .(28) هذا الخبر الذي صححه الطبري ، لم أجده بتمامه ، ووجدت صدره من رواية ابن خزيمة ، عن أبي خالد عبد العزيز بن أبان القرشي ، قال : حدثنا بشير بن المهاجر ، عبد الله بن بريدة ، عن أبيه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( ما منكم من أحد إلا سيخلو الله به يوم القيامة ، ليس بينه وبينه حجاب ولا ترجمان )) ( حادي الأرواح 2 : 108 ، 109 ) ، وخرجه الهيثمي في مجمع الزوائد : 346 ، بلفظ : ( ليس منكم من أحد إلا سيكلمه الله عز وجل ... )) ، ثم قال : (( رواه البزار ، وفيه عبد العزيز بن أبان ، وهو متروك )) . وسيأتي في التعليق على رقم : 14333 .وأما الأخبار بمعنى هذا الخبر ، فقد جاءت بالأسانيد الصحاح . رواه الترمذي بهذا اللفظ في أبواب صفة القيامة ، من حديث عدي بن حاتم ، وقال : (( هذا حديث حسن صحيح )) .
7:8
وَ الْوَزْنُ یَوْمَىٕذِ ﹰالْحَقُّۚ- فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِیْنُهٗ فَاُولٰٓىٕكَ هُمُ الْمُفْلِحُوْنَ(۸)
اور اس دن تول ضرور ہونی ہے (ف۱۰) تو جن کے پلے بھاری ہوئے (ف۱۱) وہی مراد کو پہنچے،

القول في تأويل قوله : وَالْوَزْنُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (8)قال أبو جعفر: " الوزن " مصدر من قول القائل: " وزنت كذا وكذا أزِنه وَزْنًا وزِنَةً", مثل: " وَعدته أعده وعدًا وعدة ".وهو مرفوع ب" الحق ", و " الحق " به. (29)* * *ومعنى الكلام: والوزن يوم نسأل الذين أرسل إليهم والمرسلين, الحق = ويعني ب" الحق "، العدلَ.* * *وكان مجاهد يقول: " الوزن "، في هذا الموضع، القضاء.14328- حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد: " والوزن يومئذ "، القضاء.* * *وكان يقول أيضًا: معنى " الحق "، هاهنا، العدل.* ذكر الرواية بذلك:14329- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا جرير, عن الأعمش, عن مجاهد: (والوزن يومئذ الحق)، قال: العدل.* * *وقال آخرون: معنى قوله: (والوزن يومئذ الحق)، وزن الأعمال.* ذكر من قال ذلك:14330- حدثني محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن المفضل قال، حدثنا أسباط, عن السدي, قوله: (والوزن يومئذ الحق)، توزن الأعمال.14331- حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد في قول الله: (والوزن يومئذ الحق)، قال: قال عبيد بن عمير: يؤتى بالرجل العظيم الطويل الأكول الشَّروب, فلا يزن جناح بَعُوضة.14332- حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد: (والوزن يومئذ الحق)، قال: قال عبيد بن عمير: يؤتى بالرجل الطويل العظيم فلا يزن جناح بعوضة.14333- حدثني الحارث قال، حدثنا عبد العزيز قال، حدثنا يوسف بن صهيب, عن موسى, عن بلال بن يحيى, عن حذيفة قال: صاحب الموازين يوم القيامة جبريل عليه السلام، قال: يا جبريل، زِن بينهم! فردَّ من بعضٍ على بعض. قال: وليس ثم ذهبٌ ولا فضة. قال: فإن كان للظالم حسنات، أخذ من حسناته فترد على المظلوم, (30) وإن لم يكن له حسنات حُمِل عليه من سيئات صاحبه ، فيرجع الرجل عليه مثل الجبال, فذلك قوله: (والوزن يومئذ الحق). (31)* * *واختلف أهل التأويل في تأويل قوله: (فمن ثقلت موازينه).فقال بعضهم: معناه: فمن كثرت حسناته.* ذكر من قال ذلك:14334- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا جرير, عن الأعمش, عن مجاهد: (فمن ثقلت موازينه)، قال: حسناته.* * *وقال آخرون: معنى ذلك: فمن ثقلت موازينه التي توزن بها حسناته وسيئاته. قالوا: وذلك هو " الميزان " الذي يعرفه الناس, له لسان وكِفَّتان.* ذكر من قال ذلك:14335- حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج قال، قال ابن جريج، قال لي عمرو بن دينار قوله: (والوزن يومئذ الحق)، قال: إنا نرى ميزانًا وكفتين, سمعت عبيد بن عمير يقول: يُجْعَل الرجل العظيم الطويل في الميزان, ثم لا يقوم بجناح ذباب.* * *قال أبو جعفر: والصواب من القول في ذلك عندي، القول الذي ذكرناه عن عمرو بن دينار، من أن ذلك هو " الميزان " المعروف الذي يوزن به, وأن الله جل ثناؤه يزن أعمال خلقه الحسنات منها والسيئات, كما قال جل ثناؤه: (فمن ثقلت موازينه)، موازين عمله الصالح =(فأولئك هم المفلحون)، يقول: فأولئك هم الذين ظفروا بالنجاح، وأدركوا الفوز بالطلبات, والخلود والبقاء في الجنات, (32) لتظاهر الأخبار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله: " ما وُضِع في الميزان شيء أثقل من حسن الخُلق ", (33) ونحو ذلك من الأخبار التي تحقق أن ذلك ميزانٌ يوزن به الأعمال، على ما وصفت.* * *فإن أنكر ذلك جاهل بتوجيه معنى خبر الله عن الميزان وخبر رسوله صلى الله عليه وسلم عنه، وِجْهَته, وقال: أوَ بالله حاجة إلى وزن الأشياء، وهو العالم بمقدار كل شيء قبل خلقه إياه وبعده، وفي كل حال ؟ = أو قال: وكيف توزن الأعمال, والأعمال ليست بأجسام توصف بالثقل والخفة, وإنما توزن الأشياء ليعرف ثقلها من خفتها، وكثرتها من قلتها, وذلك لا يجوز إلا على الأشياء التي توصف بالثقل والخفة، والكثرة والقلة؟قيل له في قوله: " وما وجه وزن الله الأعمالَ، وهو العالم بمقاديرها قبل كونها ": وزن ذلك، نظيرُ إثباته إياه في أمِّ الكتاب واستنساخه ذلك في الكتب، من غير حاجة به إليه، ومن غير خوف من نسيانه, وهو العالم بكل ذلك في كل حال ووقت قبل كونه وبعد وجوده, بل ليكون ذلك حجة على خلقه, كما قال جل ثناؤه في تنزيله: ( كُلُّ أُمَّةٍ تُدْعَى إِلَى كِتَابِهَا الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ * هَذَا كِتَابُنَا يَنْطِقُ عَلَيْكُمْ بِالْحَقِّ [سورة الجاثية: 28-29] الآية فكذلك وزنه تعالى أعمال خلقه بالميزان، حجة عليهم ولهم, إما بالتقصير في طاعته والتضييع، وإما بالتكميل والتتميم (34)* * *وأمّا وجه جواز ذلك, فإنه كما:14336- حدثني موسى بن عبد الرحمن المسروقي قال، حدثنا جعفر بن عون قال، حدثنا عبد الرحمن بن زياد الإفريقي, عن عبد الله بن يزيد, عن عبد الله بن عمرو، قال: يُؤْتى بالرجل يوم القيامة إلى الميزان, فيوضع في الكِفّة, فيخرج له تسعة وتسعون سِجِلا فيها خطاياه وذنوبه. قال: ثم يخرج له كتاب مثل الأنْمُلة, فيها شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم . قال: فتوضع في الكِفّة، فترجح بخطاياه وذنوبه. (35)* * *فكذلك وزن الله أعمال خلقه، بأن يوضع العبد وكتب حسناته في كفة من كفتي الميزان, وكتب سيئاته في الكفة الأخرى, ويحدث الله تبارك وتعالى ثقلا وخفة في الكفة التي الموزون بها أولى، احتجاجًا من الله بذلك على خلقه، كفعله بكثير منهم: من استنطاق أيديهم وأرجلهم, استشهادًا بذلك عليهم, وما أشبه ذلك من حججه.ويُسأل مَن أنكر ذلك فيقال له: إن الله أخبرنا تعالى ذكره أنه يثقل موازين قوم في القيامة، ويخفف موازين آخرين, وتظاهرت الأخبار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بتحقيق ذلك, فما الذي أوجب لك إنكار الميزان أن يكون هو الميزان الذي وصفنا صفته، الذي يتعارفه الناس؟ أحجة عقل تُبْعِد أن يُنال وجه صحته من جهة العقل؟ (36) وليس في وزن الله جل ثناؤه خلقَه وكتبَ أعمالهم لتعريفهم أثقل القسمين منها بالميزان، خروجٌ من حكمة, ولا دخول في جور في قضية, فما الذي أحال ذلك عندك من حجةِ عقلٍ أو خبر؟ (37) إذ كان لا سبيل إلى حقيقة القول بإفساد ما لا يدفعه العقل إلا من أحد الوجهين اللذين ذكرتُ، ولا سبيل إلى ذلك. وفي عدم البرهان على صحة دعواه من هذين الوجهين، وضوحُ فساد قوله، وصحة ما قاله أهل الحق في ذلك.وليس هذا الموضع من مواضع الإكثار في هذا المعنى على من أنكر الميزان الذي وصفنا صفته, إذ كان قصدُنا في هذا الكتاب: البيانَ عن تأويل القرآن دون غيره. ولولا ذلك لقرنَّا إلى ما ذكرنا نظائره, وفي الذي ذكرنا من ذلك كفاية لمن وُفِّق لفهمه إن شاء الله.----------------الهوامش :(29) انظر معاني القرآن للفراء 1 : 373 .(30) في المطبوعة أسقط من الكلام ما لا يستقيم إلا به ، فرددتها إلى أصلها من المخطوطة . كان في المطبوعة : (( يا جبريل زن بينهم ، فرد على المظلوم ... )) .(31) الأثر : 14333 - (( الحارث )) ، هو (( الحارث بن أبي أسامة )) ، ثقة مضى مرارًا .و (( عبد العزيز )) ، هو (( عبد العزيز بن أبان الأموي )) ، كذاب خبيث يضع الأحاديث ، مضى ذكره مرارًا ، رقم : 10295 ، 10315 ، 10360 ، 10553 .(( يوسف بن صهيب الكندي )) ، ثقة . مترجم في التهذيب ، والكبير 4 /2 /380 ، وابن أبي حاتم 4 /2 /224 . و (( موسى )) كثير ، ولم أستطع أن أعينه .و (( بلال بن يحي العبسي )) ، يروي عن حذيفة . ثقة ، مترجم في التهذيب ، والكبير 1 /2 /108 ، وابن أبي حاتم 1 /1 / 396 .(32) انظر تفسير (( الفلاح )) فيما سلف ص : 130 تعليق : 2 والمراجع هناك .(33) روى الترمذي في سننه في كتاب (( البر والصلة )) باب (( ما جاء في حسن الخلق )) ، عن أبي الدرداء ، قال النبي صلى الله عليه وسلم : (( ما من شيء أثقل في ميزان المؤمن يوم القيامة من خلق خسن ، فإن الله تعالى يبغض الفاحش البذيء )) ، ثم قال : (( وفي الباب عن عائشة ، وأبي هريرة ، وأنس ، وأسامة بن شريك . هذا حديث حسن صحيح )) . وقال السيوطي في الدر المنثور 3 : 71 (( وأخرجه أبو داود والترمذي وصححه وابن حبان واللالكائي ، عن أبي الدرداء )) .(34) هذه إحدى حجج أبي جعفر ، التي تدل على لطف نظره ، ودقة حكمه ، وصفاء بيانه ، وقدرته على ضبط المعاني ضبطًا لا يختل . فجزاه الله عن كتابه ودينه أحسن الجزاء ، يوم توفى كل نفس ما كسبت .(35) الأثر : 14336 - (( موسى بن عبد الرحمن المسروق )) شيخ أبي جعفر ، مضى مرارًا ، آخرها رقم : 8906 .و (( جعفر بن عون بن عمرو بن حريث المخزومي )) ، ثقة ، مضى برقم : 9506 ، 14244 .و (( عبد الرحمن بن زياد بن أنعم الإفريقي المعافري )) ، هو (( ابن أنعم )) ، ثقة . مضى برقم : 2195 ، 10180 ، 11337 .و (( عبد الله بن يزيد المعافري )) أبو عبد الرحمن الحبلي المصري ، ثقة ، مضى برقم : 6657 ، 9483 ، 11917 .وكان في المطبوعة : (( عن عبد الله بن عمر )) ، وهو خطأ ، صوابه من المخطوطة . وهذا خبر صحيح الإسناد .ورواه أحمد في مسنده بغير هذا اللفظ مطولا ، في مسند عبد الله بن عمرو رقم : 6994 من طريق الليث بن سعد ، عن عامر بن يحيى ، عن أبي عبد الرحمن الحبلى = ثم رواه أيضًا رقم : 7066 من طريق ابن لهيعة ، عن عمرو بن يحيى ( عامر بن يحيى ) ، عن أبي عبد الرحمن الحبلى . ورواه من الطريق الأولي عند أحمد ابن ماجه في سننه ص : 1437 .ورواه الحاكم في المستدرك 1 : 6 من طريق يونس بن محمد ، عن الليث بن سعد ، عن عامر بن يحيى ، عن أبي عبد الرحمن المعافري وقال : (( هذا حديث صحيح ، لم يخرج في الصحيحين ، وهو صحيح على شرط مسلم )) ، ووافقه الذهبي . ثم عاد فرواه في المستدرك أيضًا 1 : 529 من طريق يحيى بن عبد الله بن بكير ، عن الليث ، مثل إسناده وقال : (( هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه )) ووافقه الذهبي .(36) في المطبوعة : أحجة عقل فقد يقال وجه صحته ... وهو كلام غير مستقيم . وفي المخطوطة . (( أحجة عقل بعدان ننال وجه صحته ... )) ، وكأن الصواب ما قرأته وأثبته .(37) في المطبوعة : (( فما الذي أحال عندك من حجة أعقل أو خبر )) ، وهو فاسد ، وفي المخطوطة : (( ... من حجة أو عقل أو خبر )) ، بزيادة (( أو )) ، وبحذفها يستقيم الكلام .
7:9
وَ مَنْ خَفَّتْ مَوَازِیْنُهٗ فَاُولٰٓىٕكَ الَّذِیْنَ خَسِرُوْۤا اَنْفُسَهُمْ بِمَا كَانُوْا بِاٰیٰتِنَا یَظْلِمُوْنَ(۹)
اور جن کے پلے ہلکے ہوئے (ف۱۲) تو وہی ہیں جنہوں نے اپنی جان گھاٹے میں ڈالی ان زیادتیوں کا بدلہ جو ہماری آیتوں پر کرتے تھے(ف۱۳)

القول في تأويل قوله : وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ بِمَا كَانُوا بِآيَاتِنَا يَظْلِمُونَ (9)قال أبو جعفر: يقول جل ثناؤه: ومن خفت موازين أعماله الصالحة، فلم تثقل بإقراره بتوحيد الله، والإيمان به وبرسوله، واتباع أمره ونهيه, فأولئك الذين غَبَنوا أنفسهم حظوظها من جزيل ثواب الله وكرامته (38) =(بما كانوا بآياتنا يظلمون)، يقول: بما كانوا بحجج الله وأدلته يجحدون, فلا يقرّون بصحتها, ولا يوقنون بحقيقتها، (39) كالذي:-14337- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا جرير, عن الأعمش, عن مجاهد: (ومن خفت موازينه)، قال: حسناته.* * *وقيل: " فأولئك "، و " من " في لفظ الواحد, لأن معناه الجمع. ولو جاء موحَدًا كان صوابًا فصيحًا. (40)--------------------الهوامش :(38) انظر تفسير (( الخسارة )) فيما سلف ص : 153 ، تعليق : 2 ، والمراجع هناك .(39) انظر تفسير (( الظلم )) فيما سلف من فهارس اللغة ( ظلم ) .(40) انظر معاني القرآن للفراء 1 : 373 .
7:10
وَ لَقَدْ مَكَّنّٰكُمْ فِی الْاَرْضِ وَ جَعَلْنَا لَكُمْ فِیْهَا مَعَایِشَؕ-قَلِیْلًا مَّا تَشْكُرُوْنَ۠(۱۰)
اور بیشک ہم نے تمہیں زمین میں جماؤ (ٹھکانا) دیا اور تمہارے لیے اس میں زندگی کے اسباب بنائے (ف۱۴) بہت ہی کم شکر کرتے ہو(ف۱۵)

القول في تأويل قوله : وَلَقَدْ مَكَّنَّاكُمْ فِي الأَرْضِ وَجَعَلْنَا لَكُمْ فِيهَا مَعَايِشَ قَلِيلا مَا تَشْكُرُونَ (10)قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: ولقد وطَّأْنا لكم، أيها الناس، في الأرض, (41) وجعلناها لكم قرارًا تستقرُّون فيها, ومهادًا تمتهدونها, وفراشًا تفترشونها (42) =( وجعلنا لكم فيها معايش)، تعيشون بها أيام حياتكم, من مطاعم ومشارب, نعمة مني عليكم، وإحسانًا مني إليكم =(قليلا ما تشكرون)، يقول: وأنتم قليل شكركم على هذه النعم التي أنعمتها عليكم لعبادتكم غيري, واتخاذكم إلهًا سواي.* *والمعايش: جمع " معيشة ".* * *واختلفت القرأة في قراءتها.فقرأ ذلك عامة قرأة الأمصار: (مَعَايِشَ) بغير همز.* * *وقرأه عبد الرحمن الأعرج: " مَعَائِشَ" بالهمز.* * *قال أبو جعفر: والصواب من القراءة في ذلك عندنا: (مَعَايِشَ) بغير همز, لأنها " مفاعل " من قول القائل " عشتَ تعيش ", فالميم فيها زائدة، والياء في الحكم متحركة, لأن واحدها " مَفْعلة "،" مَعْيشة "، متحركة الياء, نقلت حركة الياء منها إلى " العين " في واحدها . فلما جُمعت، رُدّت حركتها إليها لسكون ما قبلها وتحركها. وكذلك تفعل العرب بالياء والواو إذا سكن ما قبلهما وتحركتا، في نظائر ما وصفنا من الجمع الذي يأتي على مثال " مفاعل ", وذلك مخالف لما جاء من الجمع على مثال " فعائل " التي تكون الياء فيها زائدة ليست بأصل. فإن ما جاء من الجمع على هذا المثال، فالعرب تهمزه، كقولهم: " هذه مدائن " و " صحائف " ونظائرهما, (43) لأن " مدائن " جمع " مدينة ", و " المدينة "،" فعيلة " من قولهم: " مدنت المدينة ", وكذلك،" صحائف " جمع " صحيفة ", و " الصحيفة "،" فعيلة " من قولك: " صحفت الصحيفة ", فالياء في واحدها زائدة ساكنة, فإذا جمعت همزت، لخلافها في الجمع الياء التي كانت في واحدها, وذلك أنها كانت في واحدها ساكنة, وهي في الجمع متحركة. ولو جعلت " مدينة "" مَفْعلة " من: " دان يدين ", وجمعت على " مفاعل ", كان الفصيح ترك الهمز فيها. وتحريك الياء. وربما همزت العرب جمع " مفعلة " في ذوات الياء والواو = وإن كان الفصيح من كلامها ترك الهمز فيها. إذا جاءت على " مفاعل " = تشبيهًا منهم جمعها بجمع " فعيلة ", كما تشبه " مَفْعلا "" بفعيل " فتقول: " مَسِيل الماء ", من: " سال يسيل ", ثم تجمعها جمع " فعيل ", فتقول: " هي أمسلة "، في الجمع، تشبيهًا منهم لها بجمع " بعير " وهو " فعيل ", إذ تجمعه " أبعرة ". وكذلك يجمع " المصير " وهو " مَفْعل "،" مُصْران " تشبيهًا له بجمع: " بعير " وهو " فعيل ", إذ تجمعه " بُعْران ", (44) وعلى هذا همز الأعرج " معايش ". وذلك ليس بالفصيح في كلامها، وأولى ما قرئ به كتاب الله من الألسن أفصحها وأعرفها، دون أنكرها وأشذِّها.----------------الهوامش :(41) في المطبوعة : (( ولقد وطنا لكم أيها الناس )) ، والصواب من المخطوطة .(42) انظر تفسير (( مكن )) فيما سلف 11 : 263 .(43) في المطبوعة والمخطوطة : (( ونظائر )) والسياق ما أثبت .(44) انظر معاني القرآن للفراء 1 : 373 ، 374
7:11
وَ لَقَدْ خَلَقْنٰكُمْ ثُمَّ صَوَّرْنٰكُمْ ثُمَّ قُلْنَا لِلْمَلٰٓىٕكَةِ اسْجُدُوْا لِاٰدَمَ ﳓ فَسَجَدُوْۤا اِلَّاۤ اِبْلِیْسَؕ-لَمْ یَكُنْ مِّنَ السّٰجِدِیْنَ(۱۱)
اور بیشک ہم نے تمہیں پیدا کیا پھر تمہارے نقشے بنائے پھر ہم نے ملائکہ سے فرمایا کہ آدم کو سجدہ کرو، تو وہ سب سجدے میں گرے مگر ابلیس، یہ سجدہ کرنے والوں میں نہ ہوا،

القول في تأويل قوله : وَلَقَدْ خَلَقْنَاكُمْ ثُمَّ صَوَّرْنَاكُمْ ثُمَّ قُلْنَا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لآدَمَ فَسَجَدُوا إِلا إِبْلِيسَ لَمْ يَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ (11)قال أبو جعفر: اختلف أهل التأويل في تأويل ذلك.فقال بعضهم: تأويل ذلك: (ولقد خلقناكم)، في ظهر آدم، أيها الناس =(ثم صورناكم)، في أرحام النساء. خلقًا مخلوقًا ومثالا ممثلا في صورة آدم.* ذكر من قال ذلك:14338- حدثني المثنى قال، حدثنا عبد الله بن صالح قال، حدثني معاوية, عن علي بن أبي طلحة, عن ابن عباس قوله: (ولقد خلقناكم ثم صورناكم) , قوله: (خلقناكم)، يعني آدم = وأما " صورناكم "، فذريّته.14339- حدثني محمد بن سعد قال، حدثني أبي قال، حدثني عمي قال، حدثني أبي, عن أبيه, عن ابن عباس قوله: (ولقد خلقناكم ثم صورناكم) الآية, قال: أمّا " خلقناكم "، فآدم. وأمّا " صورناكم "، فذرية آدم من بعده.14340- حدثنا ابن حميد قال، حدثنا حكام, عن أبي جعفر, عن الربيع: (ولقد خلقناكم)، يعني: آدم =(ثم صورناكم)، يعني: في الأرحام.14341- حدثني المثنى قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا عبد الرحمن بن سعد قال، أخبرنا أبو جعفر الرازي, عن الربيع بن أنس في قوله: (ولقد خلقناكم ثم صورناكم)، يقول: خلقناكم خلق آدم, ثم صَوَّرناكم في بطون أمهاتكم.14342- حدثني محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن المفضل قال، حدثنا أسباط, عن السدي: (ولقد خلقناكم ثم صورناكم)، يقول: خلقنا آدم، ثم صورنا الذرية في الأرحام.14343- حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد بن زريع قال، حدثنا سعيد, عن قتادة: (ولقد خلقناكم ثم صورناكم)، قال: خلق الله آدم من طين =" ثم صورناكم "، في بطون أمهاتكم خلقًا من بعد خلق: علقة، ثم مضغة، ثم عظامًا, ثم كسا العظام لحمًا, ثم أنشأناه خلقًا آخر. (45)14344- حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال، حدثنا محمد بن ثور, عن معمر, عن قتادة قال: خلق الله آدم، ثم صوّر ذريته من بعده.14345- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا عمر بن هارون, عن نصر بن مُشارس, عن الضحاك: (خلقناكم ثم صورناكم)، قال: ذريته. (46)14346- حدثت عن الحسين بن الفرج قال، سمعت أبا معاذ يقول، أخبرنا عبيد بن سليمان, عن الضحاك, قوله: (ولقد خلقناكم)، يعني آدم =(ثم صورناكم) , يعني: ذريته.* * *وقال آخرون: بل معنى ذلك: " ولقد خلقناكم "، في أصلاب آبائكم =" ثم صورناكم "، في بطون أمهاتكم.* ذكر من قال ذلك:14347- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبي, عن شريك, عن سماك, عن عكرمة: (ولقد خلقناكم ثم صورناكم)، قال: خلقناكم في أصلاب الرجال, وصوّرناكم في أرحام النساء.14348- حدثني المثنى قال، حدثنا الحمانى قال، حدثنا شريك, عن سماك, عن عكرمة, مثله.14349- حدثنا محمد بن بشار قال، حدثنا مؤمل قال، حدثنا سفيان قال، سمعت الأعمش يقرأ: (ولقد خلقناكم ثم صورناكم)، قال: خلقناكم في أصلاب الرجال, ثم صورناكم في أرحام النساء.* * *وقال آخرون: بل معنى ذلك: (خلقناكم)، يعني آدم =(ثم صورناكم)، يعني = في ظهره.* ذكر من قال ذلك:14350- حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد, في قول الله: (ولقد خلقناكم)، قال: آدم =(ثم صورناكم)، قال: في ظهر آدم.14351- حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد: (ولقد خلقناكم ثم صورناكم)، في ظهر آدم.14352- حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج, عن ابن جريج ، عن مجاهد قوله: (ولقد خلقناكم ثم صورناكم)، قال: صورناكم في ظهر آدم.14353- حدثني الحارث قال، حدثنا عبد العزيز قال، حدثنا أبو سعد المدني قال، سمعت مجاهدًا في قوله: (ولقد خلقناكم ثم صورناكم)، قال: في ظهر آدم، لما تصيرون إليه من الثواب في الآخرة.* * *وقال آخرون: معنى ذلك: " ولقد خلقناكم "، في بطون أمهاتكم =" ثم صورناكم "، فيها.* ذكر من قال ذلك:14354- حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال، حدثنا محمد بن ثور, عن معمر, عمن ذكره قال: (خلقناكم ثم صورناكم)، قال: خلق الله الإنسان في الرحم, ثم صوّره، فشقَّ سمعه وبصره وأصابعه.* * *قال أبو جعفر: وأولى الأقوال بالصواب قول من قال: تأويله: (ولقد خلقناكم)، ولقد خلقنا آدم =(ثم صورناكم)، بتصويرنا آدم, كما قد بينا فيما مضى من خطاب العرب الرجلَ بالأفعال تضيفها إليه, والمعنيُّ في ذلك سلفه, (47) وكما قال جل ثناؤه لمن بين أظهر المؤمنين من اليهود على عهد رسول الله: وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ وَرَفَعْنَا فَوْقَكُمُ الطُّورَ خُذُوا مَا آتَيْنَاكُمْ بِقُوَّةٍ ، [سورة البقرة: 63]. وما أشبه ذلك من الخطاب الموجَّه إلى الحيّ الموجود، والمراد به السلف المعدوم, فكذلك ذلك في قوله: (ولقد خلقناكم ثم صورناكم)، معناه: ولقد خلقنا أباكم آدم ثم صوَّرناه.وإنما قلنا هذا القول أولى الأقوال في ذلك بالصواب, لأن الذي يتلو ذلك قوله: (ثم قلنا للملائكة اسجدوا لآدم)، ومعلوم أن الله تبارك وتعالى قد أمر الملائكة بالسجود لآدم، قبل أن يصوِّر ذريته في بطون أمهاتهم, بل قبل أن يخلُق أمهاتهم.و " ثم " في كلام العرب لا تأتي إلا بإيذان انقطاع ما بعدها عما قبلها, (48) وذلك كقول القائل: " قمت ثم قعدت ", لا يكون " القعود " إذ عطف به ب" ثم " على قوله: " قمت " إلا بعد القيام, (49) وكذلك ذلك في جميع الكلام. ولو كان العطف في ذلك بالواو، جاز أن يكون الذي بعدها قد كان قبل الذي قبلها, وذلك كقول القائل: " قمت وقعدت ", فجائز أن يكون " القعود " في هذا الكلام قد كان قبل " القيام ", لأن الواو تدخل في الكلام إذا كانت عطفًا، لتوجب للذي بعدها من المعنى ما وجب للذي قبلها، من غير دلالة منها بنفسها على أن ذلك كان في وقت واحد أو وقتين مختلفين, أو إن كانا في وقتين، أيهما المتقدم وأيهما المتأخر. فلما وصفنا قلنا إنّ قوله: (ولقد خلقناكم ثم صورناكم)، لا يصح تأويله إلا على ما ذكرنا.فإن ظن ظانّ أن العربَ، إذ كانت ربما نطقت ب" ثم " في موضع " الواو " في ضرورة شعره، كما قال بعضهم:سَأَلْتُ رَبِيعَةَ: مَنْ خَيْرُهَاأَبًا ثُمَّ أُمًّا? فَقَالَتْ: لِمَهْ? (50)بمعنى: أبًا وأمًّا, فإن ذلك جائز أن يكون نظيره= فإن ذلك بخلاف ما ظن . وذلك أن كتاب الله جل ثناؤه نزل بأفصح لغات العرب, وغير جائز توجيه شيء منه إلى الشاذّ من لغاتها، وله في الأفصح الأشهر معنى مفهومٌ ووجه معروف.* * *وقد وجَّه بعض من ضعفت معرفته بكلام العرب ذلك إلى أنه من المؤخر الذي معناه التقديم, وزعم أن معنى ذلك: ولقد خلقناكم, ثم قلنا للملائكة اسجدوا لآدم, ثم صورناكم. وذلك غير جائز في كلام العرب, لأنها لا تدخل " ثم " في الكلام وهي مرادٌ بها التقديم على ما قبلها من الخبر, وإن كانوا قد يقدِّمونها في الكلام, (51) إذا كان فيه دليل على أن معناها التأخير, وذلك كقولهم: " قام ثم عبد الله عمرو "، فأما إذا قيل: " قام عبد الله ثم قعد عمرو ", فغير جائز أن يكون قعود عمرو كان إلا بعد قيام عبد الله, إذا كان الخبر صدقًا, فقول الله تبارك وتعالى: (ولقد خلقناكم ثم صورناكم ثم قلنا للملائكة اسجدوا)، نظير قول القائل: " قام عبد الله ثم قعد عمرو "، في أنه غير جائز أن يكون أمرُ الله الملائكةَ بالسجود لآدم كان إلا بعد الخلق والتصوير، لما وصفنا قبل.* * *وأما قوله للملائكة: (اسجدوا لآدم)، فإنه يقول جل ثناؤه: فلما صوّرنا آدم وجعلناه خلقًا سويًّا, ونفخنا فيه من روحنا, قلنا للملائكة: " اسجدوا لآدم ", ابتلاء منا واختبارًا لهم بالأمر, ليعلم الطائع منهم من العاصي ، =(فسجدوا)، يقول: فسجد الملائكة، إلا إبليس فإنه لم يكن من الساجدين لآدم، حين أمره الله مع مَنْ أمرَ من سائر الملائكة غيره بالسجود.* * *وقد بينا فيما مضى، المعنى الذي من أجله امتحن جَلّ جلاله ملائكته بالسجود لآدم, وأمْرَ إبليس وقصصه, بما أغنى عن إعادته في هذا الموضع. (52)----------------------الهوامش :(45) الأثر : 14343 - (( بشر بن معاذ العقدي )) ، مضى مرارًا ، وهذا إسناد يدور في التفسير دورانًا ، ولكنه جاء هنا في المخطوطة والمطبوعة : (( بشر بن آدم )) ، وهو خطأ . لا شك في ذلك .(46) الأثر : 14345 - (( عمر بن هارون بن يزيد البلخي )) ، متكلم فيه وجرح ، مضى برقم : 12389 .و (( نصر بن مشاري )) أو (( نصر بن مشيرس )) ، هو (( أبو مصلح الخراساني )) مشهور بكنيته ، وكذلك مضى في الأثر رقم : 12389 .وكان في المطبوعة : (( مشاوش )) ، وفي المخطوطة : (( مشاوس )) والصواب ما أثبته .(47) انظر هذا من خطاب العرب فيما سلف 2 : 38 ، 39 ثم ص : 164 ، 165 ، ومواضع أخرى بعد ذلك في فهرس مباحث العربية والنحو وغيرها .(48) انظر القول في (( ثم )) فيما سلف ص : 233 .(49) كان في هذه الجملة في المخطوطة تكرار ، ووضع الناسخ في الهامش ( كذا ) ، والصواب ما في المطبوعة .(50) لم أعرف قائله .(51) في المخطوطة : (( وإن كان يعبر فنرنها في الكلام )) ، فلم استبن لقراءتها وجهًا أرضاه ، فتركت ما في المطبوعة على حاله ، لأنه مستقيم المعنى إن شاء الله .(52) انظر ما سلف 1 : 501 - 512 .
7:12
قَالَ مَا مَنَعَكَ اَلَّا تَسْجُدَ اِذْ اَمَرْتُكَؕ-قَالَ اَنَا خَیْرٌ مِّنْهُۚ-خَلَقْتَنِیْ مِنْ نَّارٍ وَّ خَلَقْتَهٗ مِنْ طِیْنٍ(۱۲)
فرمایا کس چیز نے تجھے روکا کہ تو نے سجدہ نہ کیا جب میں نے تجھے حکم دیا تھا (ف۱۶) بولا میں اس سے بہتر ہوں تو نے مجھے آگ سے بنایا اور اسے مٹی سے بنایا (ف۱۷)

القول في تأويل قوله : قَالَ مَا مَنَعَكَ أَلا تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ (12)قال أبو جعفر: وهذا خبر من الله تعالى ذكره عن قيله لإبليس، إذ عصاه فلم يسجد لآدم إذ أمره بالسجود له. يقول: قال الله لإبليس: =(ما منعك)، أيّ شيء منعك =(ألا تسجد)، أن تدع السجود لآدم =(إذ أمرتك)، أن تسجد =" قال أنا خير منه "، يقول: قال إبليس: أنا خير من آدم =" خلقتني من نار وخلقته من طين ".* * *فإن قال قائل: أخبرنا عن إبليس, ألحقته الملامة على السجود، أم على ترك السجود؟ فإن تكن لحقته الملامة على ترك السجود, فكيف قيل له: (ما منعك ألا تسجد إذ أمرتك) ؟ وإن كان النكير على السجود, فذلك خلافُ ما جاء به التنزيل في سائر القرآن, وخلاف ما يعرفه المسلمون!قيل: إن الملامة لم تلحق إبليس إلا على معصيته ربه بتركه السجود لآدم إذ أمره بالسجود له.غير أن في تأويل قوله: (ما منعك أن لا تسجد إذ أمرتك)، بين أهل المعرفة بكلام العرب اختلافًا، أبدأ بذكر ما قالوا, ثم أذكر الذي هو أولى ذلك بالصواب .فقال بعض نحويي البصرة: معنى ذلك: ما منعك أن تسجد = و " لا " ها هنا زائدة, كما قال الشاعر: (1)أبَى جُودُهُ لا البُخْلَ, وَاسْتَعْجَلَتْ بِهِنَعَمْ, مِنْ فَتًى لا يَمْنَعُ الجُوعَ قَاتِلهْ (2)وقال: فسرته العرب: " أبى جوده البخل ", وجعلوا " لا " زائدةً حشوًا ها هنا، وصلوا بها الكلام. قال: وزعم يونس أن أبا عمرو كان يجر " البخل ", ويجعل " لا " مضافة إليه, أراد: أبى جوده " لا " التي هي للبخل, ويجعل " لا " مضافة, لأن " لا " قد تكون للجود والبخل, لأنه لو قال له: " امنع الحق ولا تعط المسكين " فقال: " لا " كان هذا جودًا منه.* * *وقال بعض نحويي الكوفة نحو القول الذي ذكرناه عن البصريين في معناه وتأويله, غير أنه زعم أن العلة في دخول " لا " في قوله: (أن لا تسجد)، أن في أول الكلام جحدا = يعني بذلك قوله: لَمْ يَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ ، فإن العرب ربما أعادوا في الكلام الذي فيه جحد، الجحدَ, كالاستيثاق والتوكيد له . قال: وذلك كقولهم: (3)مَا إنْ رَأَيْنَا مِثْلَهُنَّ لِمَعْشَرٍسُودِ الرُّؤُوسِ, فَوَالِجٌ وَفُيُولُ (4)فأعاد على الجحد الذي هو " ما " جحدًا, وهو قوله " إن "، فجمعهما للتوكيد.* * *وقال آخر منهم: ليست " لا "، بحشو في هذا الموضع ولا صلة, (5) ولكن " المنع " هاهنا بمعنى " القول "، وإنما تأويل الكلام: مَنْ قال لك لا تسجد إذ أمرتك بالسجود = ولكن دخل في الكلام " أن "، إذ كان " المنع " بمعنى " القول "، لا في لفظه, كما يُفعل ذلك في سائر الكلام الذي يضارع القول, وهو له في اللفظ مخالف، كقولهم: " ناديت أن لا تقم ", و " حلفت أن لا تجلس ", وما أشبه ذلك من الكلام. وقال: خفض " البخل " من روى: " أبى جوده لا البخل "، (6) بمعنى: كلمة البخل, لأن " لا " هي كلمة البخل, فكأنه قال: كلمة البخل.* * *وقال بعضهم: معنى " المنع "، الحول بين المرء وما يريده. قال: والممنوع مضطّر به إلى خلاف ما منع منه, كالممنوع من القيام وهو يريده, فهو مضطر من الفعل إلى ما كان خلافًا للقيام, إذ كان المختار للفعل هو الذي له السبيل إليه وإلى خلافه, فيوثر أحدهما على الآخر فيفعله . قال: فلما كانت صفة " المنع " ذلك, فخوطب إبليس بالمنع فقيل له: (ما منعك ألا تسجد)، كان معناه كأنه قيل له: أيّ شيء اضطرك إلى أن لا تسجد؟* * *قال أبو جعفر: والصواب عندي من القول في ذلك أن يقال: إن في الكلام محذوفًا قد كفى دليلُ الظاهر منه, وهو أن معناه: ما منعك من السجود فأحوجك أن لا تسجد = فترك ذكر " أحوجك "، استغناء بمعرفة السامعين قوله: إِلا إِبْلِيسَ لَمْ يَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ ، أن ذلك معنى الكلام، من ذكره. (7) ثم عمل قوله: (ما منعك)، في" أن " ما كان عاملا فيه قبل " أحوجك " لو ظهر، إذ كان قد ناب عنه.وإنما قلنا إن هذا القول أولى بالصواب، لما قد مضى من دلالتنا قبل على أنه غير جائز أن يكون في كتاب الله شيء لا معنى له, وأن لكل كلمة معنًى صحيحًا, فتبين بذلك فسادُ قول من قال: " لا " في الكلام حشو لا معنى لها.وأما قول من قال: معنى " المنع " ههنا " القول ", فلذلك دخلت " لا " مع " أن " = فإن " المنعَ" وإن كان قد يكون قولا وفعلا فليس المعروف في الناس استعمالُ" المنع "، في الأمر بترك الشيء, لأن المأمور بترك الفعل إذا كان قادرًا على فعله وتركه ففعله، لا يقال: " فعله "، وهو ممنوع من فعله، إلا على استكراه للكلام . وذلك أن المنع من الفعل حَوْلٌ بينه وبينه, فغير جائز أن يكون وهو مَحُولٌ بينه وبينه فاعلا له, لأنه إن جاز ذلك، وجب أن يكون مَحُولا بينه وبينه لا محولا وممنوعًا لا ممنوعًا. (8)وبعدُ, فإن إبليس لم يأتمر لأمر الله تعالى ذكره بالسجود لآدم كبرًا, فكيف كان يأتمر لغيره في ترك أمر الله وطاعته بترك السجود لآدم, فيجوز أن يقال له: " أي شيء قال لك: لا تسجد لآدم إذ أمرتك بالسجود له؟" ولكن معناه إن شاء الله ما قلت: " ما منعك من السجود له فأحوجك, أو: فأخرجك, أو: فاضطرك إلى أن لا تسجد له "، على ما بيَّنت.* * *وأما قوله: (أنا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين)، فإنه خبرٌ من الله جل ثناؤه عن جواب إبليس إياه إذ سأله: ما الذي منعه من السجود لآدم, فأحوجه إلى أن لا يسجد له, واضطره إلى خلافه أمرَه به، وتركه طاعته = أنّ المانعَ كان له من السجود، والداعيَ له إلى خلافه أمر ربه في ذلك: أنه أشد منه أيْدًا، (9) وأقوى منه قوة، وأفضل منه فضلا لفضل الجنس الذي منه خلق، وهو النارُ, على الذي خلق منه آدم، (10) وهو الطين . فجهل عدوّ الله وجه الحق, وأخطأ سبيل الصواب. إذ كان معلومًا أن من جوهر النار الخفة والطيش والاضطراب والارتفاع علوًّا, والذي في جوهرها من ذلك هو الذي حملَ الخبيث بعد الشقاء الذي سبق له من الله في الكتاب السابق، على الاستكبار عن السجود لآدم، والاستخفاف بأمر ربه, فأورثه العطبَ والهلاكَ. وكان معلومًا أن من جوهر الطين الرزانة والأناة والحلم والحياء والتثبُّت, وذلك الذي هو في جوهره من ذلك، (11) كان الداعي لآدم بعد السعادة التي كانت سبقت له من ربه في الكتاب السابق، إلى التوبة من خطيئته, ومسألته ربَّه العفوَ عنه والمغفرة . ولذلك كان الحسن وابن سيرين يقولان: " أول مَنْ قاسَ إبليس ", يعنيان بذلك: القياسَ الخطأ, وهو هذا الذي ذكرنا من خطأ قوله، وبعده من إصابة الحق، في الفضل الذي خص الله به آدم على سائر خلقه: من خلقه إياه بيده, ونفخه فيه من روحه, وإسجاده له الملائكة, وتعليمه أسماء كلِّ شيء، مع سائر ما خصه به من كرامته . فضرب عن ذلك كلِّه الجاهلُ صفحًا, وقصد إلى الاحتجاج بأنه خُلق من نار وخلق آدم من طين!! (12) وهو في ذلك أيضًا له غير كفء, لو لم يكن لآدم من الله جل ذكره تكرمة شيء غيره, فكيف والذي خصّ به من كرامته يكثر تعداده، ويملّ إحصاؤه؟14355- حدثني عمرو بن مالك قال، حدثنا يحيى بن سليم الطائفي, عن هشام, عن ابن سيرين قال: أوّل من قاس إبليس, وما عُبِدت الشمس والقمر إلا بالمقاييس. (13)14356- حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثنا محمد بن كثير, عن ابن شوذب, عن مطر الورّاق, عن الحسن قوله: (خلقتني من نار وخلقته من طين)، قال: قاس إبليس وهو أول من قاس.* * *وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.* ذكر من قال ذلك:14357- حدثنا أبو كريب قال، حدثنا عثمان بن سعيد قال، حدثنا بشر بن عمارة, عن أبي روق, عن الضحاك عن ابن عباس قال: لما خلق الله آدم قال للملائكة الذين كانوا مع إبليس خاصة، دون الملائكة الذين في السموات: اسْجُدُوا لآدَمَ ، فسجدوا كلهم أجمعون إلا إبليس استكبر, لما كان حدَّث نفسه، من كبره واغتراره, فقال: " لا أسجد له, وأنا خير منه, وأكبر سنًّا, وأقوى خلقًا, خلقتني من نار وخلقته من طين!" يقول: إنّ النار أقوى من الطين.14358- حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج, عن ابن جريج, عن مجاهد قوله: (خلقتني من نار)، قال: ثم جعل ذريته من ماء.* * *قال أبو جعفر: وهذا الذي قاله عدوّ الله ليس لما سأله عنه بجواب. وذلك أن الله تعالى ذكره قال له: ما منعك من السجود؟ فلم يجب بأن الذي منعه من السجود أنه خُلِقَ من نار وخلق آدم من طين, (14) ولكنه ابتدأ خبرًا عن نفسه, فيه دليل على موضع الجواب فقال: (أنا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين)------------------الهوامش :(1) لا يعرف قائله .(2) اللسان ( نعم ) ، أمالي ابن الشجري 2 : 228 ، 231 ، شرح شواهد المغنى 217 ، وكان في المخطوطة والمطبوعة : (( لا يمنع الجوع )) ، كما أثبته ، وكذلك ورد عن الفارسي في اللسان . وأما في المراجع الأخرى فروايته : (( لا يمنع الجود )) .(3) لم يعرف قائله .(4) معاني القرآن للفراء 1 : 176 ، 374 و (( الفوالج )) جمع (( فالج )) ، وهو جمل ذو سنامين كان يجلب من السند للفحلة . و (( الفيول ) ، جمع (( فيل )) .(5) (( الصلة )) : الزيادة ، كما سلف ، انظر فهارس المصطلحات .(6) في المطبوعة : (( وقال بعض من روى : أبي جود لا البخل )) ، فغير ما في المخطوطة ، وأفسد الكلام إفسادًا .(7) السياق : (( استغناء بمعرفة السامعين ... من ذكره )) .(8) يعني أنه يجمع الصفتين معًا (( محول بينه وبينه ، وغير محول = وممنوع ، وغير ممنوع )) ، وهو تناقض .(9) في المطبوعة : (( أشد منه يدا )) ، والصواب من المخطوطة ، و (( الأيد )) ، القوة .(10) في المطبوعة : (( من الذي خلق منه آدم )) ، زاد (( من )) ، والمخطوطة سقط منها حرف الجر المتعلق بفضل الجنس ، والصواب ما أُبت .(11) في المطبوعة : (( وذلك الذي في جوهره ... )) حذف (( هو )) ، وفي المخطوطة : (( وذلك الذي هو من جوهره من ذلك )) ، وصوابها (( في جوهره )) ، وإنما هو خطأ من الناسخ .(12) في المطبوعة : (( بأنه خلقه من نار )) ، واليد ما في المخطوطة .(13) الأثر : 14355 - (( عمرو بن مالك الراسبي الغبري )) ، أبو عثمان البصري ، شيخ الطبري . قال ابن عدي : (( منكر الحديث عن الثقات ، ويسرق الحديث )) ، وقال ابن أبي حاتم : (( ترك أبي التحديث عنه )) . مترجم في التهذيب ، وابن أبي حاتم 3 /1 / 259 .و (( يحيى بن سليم الطائفي )) ، ثقة ، روى له الجماعة ، مضى برقم : 4894 ، 7831 .(14) في المطبوعة : (( أنه خلقه من نار )) ، والجيد في المخطوطة .
7:13
قَالَ فَاهْبِطْ مِنْهَا فَمَا یَكُوْنُ لَكَ اَنْ تَتَكَبَّرَ فِیْهَا فَاخْرُ جْ اِنَّكَ مِنَ الصّٰغِرِیْنَ(۱۳)
فرمایا تو یہاں سے اُ تر جا تجھے نہیں پہنچتا کہ یہاں رہ کر غرور کرے نکل (ف۱۸) تو ہے ذلت والوں میں(ف۱۹)

القول في تأويل قوله : قَالَ فَاهْبِطْ مِنْهَا فَمَا يَكُونُ لَكَ أَنْ تَتَكَبَّرَ فِيهَا فَاخْرُجْ إِنَّكَ مِنَ الصَّاغِرِينَ (13)قال أبو جعفر: يعني بذلك جل ثناؤه: قال الله لإبليس عند ذلك: (فاهبط منها).وقد بيَّنا معنى " الهبوط" فيما مضى قبل، بما أغنى عن إعادته. (15)* * *=(فما يكون لك أن تتكبر فيها)، يقول تعالى ذكره: فقال الله له: " اهبط منها "، يعني: من الجنة =" فما يكون لك ", يقول: فليس لك أن تستكبر في الجنة عن طاعتي وأمري.* * *فإن قال قائل: هل لأحد أن يتكبر في الجنة؟ قيل: إن معنى ذلك بخلاف ما إليه ذهبتَ, وإنما معنى ذلك: فاهبط من الجنة, فإنه لا يسكن الجنة متكبر عن أمر الله, فأما غيرها، فإنه قد يسكنها المستكبر عن أمر الله، والمستكين لطاعته.* * *وقوله: (فاخرج إنك من الصاغرين)، يقول: فاخرج من الجنة، إنك من الذين قد نالهم من الله الصَّغَار والذلّ والمَهانة.* * *يقال منه: " صَغِرَ يَصْغَرُ صَغَرًا وصَغارًا وصُغْرَانًا "، وقد قيل: " صغُرَ يَصْغُرُ صَغارًا وصَغارَة ". (16)* * *وبنحو ذلك قال السدي. (17)14359- حدثنا موسى قال، حدثنا عمرو قال، حدثنا أسباط, عن السدي: (فاخرج إنك من الصاغرين)، و " الصغار "، هو الذل.--------------------الهوامش :(15) انظر تفسير (( الهبوط )) فيما سلف 1 : 534 ، 548 /2 : 132 ، 239 .(16) انظر تفسير (( الصغار )) فيما سلف ص : 96 .(17) في المطبوعة : (( وبنحو الذي قلنا قال السدي )) ، وأثبت ما في المخطوطة .
7:14
قَالَ اَنْظِرْنِیْۤ اِلٰى یَوْمِ یُبْعَثُوْنَ(۱۴)
بولا مجھے فرصت دے اس دن تک کہ لوگ اٹھائے جائیں،

القول في تأويل قوله : قَالَ أَنْظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ (14)قال أبو جعفر: وهذه أيضًا جَهْلة أخرى من جَهَلاته الخبيثة. سأل ربه ما قد علم أنه لا سبيل لأحد من خلق الله إليه . وذلك أنه سأل النَّظِرة إلى قيام الساعة, وذلك هو يوم يبعث فيه الخلق. ولو أعطي ما سأل من النَّظِرة، كان قد أعطي الخلودَ وبقاءً لا فناء معه, وذلك أنه لا موت بعد البعث. فقال جل ثناؤه له: فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ * إِلَى يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ [سورة الحجر: 37-38 / سورة ص: 80 ، 81 ]، وذلك إلى اليوم الذي قد كتب الله عليه فيه الهلاك والموت والفناء، لأنه لا شيء يبقى فلا يفنى، غير ربِّنا الحيِّ الذي لا يموت. يقول الله تعالى ذكره: كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ ، [سورة آل عمران: 185 / سورة الأنبياء: 35 / سورة العنكبوت: 57].* * *و " الإنظار " في كلام العرب، التأخير. يقال منه: " أنظرته بحقي عليه أنظره به إنظارًا ". (18)* * *فإن قال قائل: فإن الله قد قال له إذ سأله الإنظار إلى يوم يبعثون: (إنك من المنظرين) في هذا الموضع, فقد أجابه إلى ما سأل؟قيل له: ليس الأمر كذلك, وإنما كان مجيبًا له إلى ما سأل لو كان قال له: " إنك من المنظرين إلى الوقت الذي سألت = أو: إلى يوم البعث = أو إلى يوم يبعثون ", أو ما أشبه ذلك، مما يدل على إجابته إلى ما سأل من النظرة.-------------------------الهوامش :(18) انظر تفسير (( الإنظار )) فيما سلف 2 : 467 ، 468 /3 : 264 / 6 : 577 /11 : 267 .
7:15
قَالَ اِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِیْنَ(۱۵)
فرمایا تجھے مہلت ہے(ف۲۰)

وأما قوله: (إنك من المنظرين)، فلا دليل فيه لولا الآية الأخرى التي قد بيَّن فيها مدة إنظاره إياه إليها, وذلك قوله: فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ * إِلَى يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ ، [سورة الحجر: 37 ، 38 / سورة ص: 80 ، 81]، كم المدة التي أنظره إليها, (19) لأنه إذا أنظره يومًا واحدًا أو أقل منه أو أكثر, فقد دخل في عداد المنظرين، وتمَّ فيه وعد الله الصادق, ولكنه قد بيَّن قدر مدة ذلك بالذي ذكرناه, فعلم بذلك الوقت الذي أُنظِر إليه.* * *وبنحو ذلك كان السدي يقول.14360- حدثني موسى بن هارون قال، حدثنا عمرو قال، حدثنا أسباط, عن السدي: قَالَ رَبِّ فَأَنْظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ * قَالَ فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ * إِلَى يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ [سورة الحجر: 36-38 / سورة ص: 80 ، 81]، فلم ينظره إلى يوم البعث, ولكن أنظره إلى يوم الوقت المعلوم, وهو يوم ينفخ في الصور النفخة الأولى, فصعق مَنْ في السموات ومَنْ في الأرض, فمات. (20)* * *قال أبو جعفر: فتأويل الكلام: قال إبليس لربه: " أنظرني"، أي أخّرني وأجّلني, وأنسئْ في أجلي, ولا تمتني = إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ , يقول: إلى يوم يبعث الخلق. فقال تعالى ذكره: (إنك من المنظرين)، إلى يوم ينفخ في الصور، فيصعق من في السموات ومن في الأرض إلا من شاء الله.* * *فإن قال قائل: فهل أحَدٌ مُنْظرٌ إلى ذلك اليوم سوى إبليس، فيقال له: " إنك منهم "؟قيل: نعم, مَنْ لم يقبض الله روحه من خلقه إلى ذلك اليوم، ممن تقوم عليه الساعة, فهم من المنظرين بآجالهم إليه . ولذلك قيل لإبليس: (إنك من المنظرين)، بمعنى: إنك ممن لا يميته الله إلا ذلك اليوم.---------------------الهوامش :(19) في المطبوعة : (( على المدة )) ، وأثبت ما في المخطوطة .(20) الأثر : 14360 - (( موسى بن هارون الهمداني )) ، مضى مرارًا ، وكان في المخطوطة والمطبوعة : (( يونس بن هارون )) ، وهو خطأ محض ، فهذا إسناد دائر في التفسير .
7:16
قَالَ فَبِمَاۤ اَغْوَیْتَنِیْ لَاَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِیْمَۙ(۱۶)
بولا تو قسم اس کی کہ تو نے مجھے گمراہ کیا میں ضرور تیرے سیدھے راستہ پر ان کی تاک میں بیٹھوں گا(ف۲۱)

القول في تأويل قوله : قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ (16)قال أبو جعفر: يقول جل ثناؤه: قال إبليس لربه: (فبما أغويتني)، يقول: فبما أضللتني، كما:-14361- حدثني المثنى قال، حدثنا عبد الله بن صالح قال، حدثني معاوية, عن علي بن أبي طلحة, عن ابن عباس قوله: (فبما أغويتني)، يقول: أضللتني.14362- حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد في قوله: (فبما أغويتني)، قال: فبما أضللتني.* * *وكان بعضهم يتأول قوله: (فبما أغويتني) ، بما أهلكتني, من قولهم: " غَوِيَ الفصيل يَغوَى غَوًى ", وذلك إذا فقد اللبن فمات, من قول الشاعر: (21)مُعَطَّفَةُ الأَثْنَاءِ لَيْسَ فَصِيلُهَابِرَازِئِهَا دَرًّا وَلا مَيِّتٍ غَوَى (22)* * *وأصل الإغواء في كلام العرب: تزيين الرجل للرجل الشيء حتى يحسّنه عنده، غارًّا له. (23)وقد حكي عن بعض قبائل طيئ، أنها تقول: " أصبح فلان غاويًا "، أي: أصبح مريضًا. (24)* * *وكان بعضهم يتأوّل ذلك أنه بمعنى القسم, كأن معناه عنده: فبإغوائك إياي، لأقعدن لهم صراطك المستقيم, كما يقال: " بالله لأفعلن كذا ".* * *وكان بعضهم يتأول ذلك بمعنى المجازاة, كأن معناه عنده: فلأنك أغويتني = أو: فبأنك أغويتني = لأقعدن لهم صراطك المستقيم.* * *قال أبو جعفر: وفي هذا بيان واضح على فساد ما يقول القدرية، (25) من أن كل من كفر أو آمن فبتفويض الله أسبابَ ذلك إليه, (26) وأن السبب الذي به يصل المؤمن إلى الإيمان، هو السبب الذي به يصل الكافر إلى الكفر . وذلك أنّ ذلك لو كان كما قالوا: لكان الخبيث قد قال بقوله: (فبما أغويتني) ،" فبما أصلحتني", إذ كان سبب " الإغواء " هو سبب " الإصلاح ", وكان في إخباره عن الإغواء إخبارٌ عن الإصلاح, ولكن لما كان سبباهما مختلفين، وكان السبب الذي به غوَى وهلك من عند الله. أضاف ذلك إليه فقال: (فبما أغويتني) .* * *وكذلك قال محمد بن كعب القرظي, فيما:-14363- حدثني موسى بن عبد الرحمن المسروقي قال، حدثنا زيد بن الحباب قال، حدثنا أبو مودود, سمعت محمد بن كعب القرظي يقول: قاتل الله القدريّة, لإبليس أعلمُ بالله منهم !* * *وأما قوله: (لأقعدن لهم صراطك المستقيم)، فإنه يقول: لأجلسن لبني آدم " صراطك المستقيم ", يعني: طريقك القويم, وذلك دين الله الحق, وهو الإسلام وشرائعه. (27) وإنما معنى الكلام: لأصدَّن بني آدم عن عبادتك وطاعتك, ولأغوينهم كما أغويتني, ولأضلنهم كما أضللتني.وذلك كما روي عن سبرة بن أبي الفاكه:- (28)14364- أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: إن الشيطان قعد لابن آدم بأطْرِقَةٍ، (29) فقعد له بطريق الإسلام فقال: أتسلم وتذرُ دينك ودين آبائك؟ فعصاه فأسلم. ثم قعد له بطريق الهجرة فقال: أتهاجر وتذر أرضك وسماءك, وإنما مثل المهاجر كالفرس في الطِّوَل؟ (30) فعصاه وهاجر. ثم قعد له بطريق الجهاد, وهو جَهْدُ النفس والمال, فقال: أتقاتل فتقتل، فتنكح المرأة، ويقسم المال؟ قال: فعصاه فجاهد. (31)* * *وروي عن عون بن عبد الله في ذلك ما:-14365- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا حَبّويه أبو يزيد, عن عبد الله بن بكير, عن محمد بن سوقة, عن عون بن عبد الله: (لأقعدن لهم صراطك المستقيم)، قال: طريق مكة. (32)* * *والذي قاله عون، وإن كان من صراط الله المستقيم، فليس هو الصراط كله. وإنما أخبر عدوّ الله أنه يقعد لهم صراط الله المستقيم، ولم يخصص منه شيئًا دون شيء. فالذي روي في ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، أشبهُ بظاهر التنزيل، وأولى بالتأويل, لأن الخبيث لا يألو عباد الله الصدَّ عن كل ما كان لهم قربة إلى الله.* * *وبنحو ما قلنا في ذلك قال أهل التأويل في معنى " المستقيم "، في هذا الموضع.* ذكر من قال ذلك:14366- حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد: (صراطك المستقيم)، قال: الحق.14367- حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد, مثله.14368- حدثني الحارث قال، حدثنا عبد العزيز قال، حدثنا أبو سعد المدني قال، سمعت مجاهدًا يقول: (لأقعدنَّ لهم صراطك المستقيم)، قال: سبيل الحق, فلأضلنَّهم إلا قليلا.* * *قال أبو جعفر: واختلف أهل العربية في ذلك.فقال بعض نحويي البصرة: معناه: لأقعدن لهم على صراطك المستقيم, كما يقال: " توجَّه مكة "، أي إلى مكة, وكما قال الشاعر: (33)كَأَنِّي إذْ أَسْعَى لأظْفَرَ طَائِرًامَعَ النَّجْمِ مِنْ جَوِّ السَّمَاءِ يَصُوبُ (34)بمعنى: لأظفر بطائر, فألقى " الباء "، وكما قال: أَعَجِلْتُمْ أَمْرَ رَبِّكُمْ ، [سورة الأعراف: 150]، بمعنى: أعجلتم عن أمر ربكم.* * *وقال بعض نحويي الكوفة، المعنى، والله أعلم: لأقعدن لهم على طريقهم, وفي طريقهم . قال: وإلقاء الصفة من هذا جائز, (35) كما تقول: " قعدت لك وجهَ الطريق " و " على وجه الطريق "، لأن الطريق صفة في المعنى، (36) فاحتمل ما يحتمله " اليوم " و " الليلة " و " العام ", (37) إذا قيل: "آتيك غدًا ", و "آتيك في غد ".* * *قال أبو جعفر: وهذا القول هو أولى القولين في ذلك عندي بالصواب, لأن " القعود " مقتضٍ مكانًا يقعد فيه, فكما يقال: " قعدت في مكانك ", يقال: " قعدت على صراطك ", و " في صراطك ", كما قال الشاعر: (38)لَدْنٌ بِهَزِّ الْكَفِّ يَعْسِلُ مَتْنُهُفِيهِ, كَمَا عَسَلَ الطَّرِيقَ الثَّعْلَبُ (39)فلا تكاد العرب تقول ذلك في أسماء البلدان, لا يكادون يقولون: " جلست مكة "، و " قمت بغداد ".--------------------الهوامش :(21) هو (( مدرج الريح الجرمي )) ، واسمه (( عامر بن المجنون )) كما في الشعر والشعراء : 713 ، وفي الوحشيات رقم : 380 ، والأغاني 3 : 115 ، وجاء في المعاني الكبير : 1047 (( عامر المجنون )) ، صوابه ما أثبت .(22) المعاني الكبير : 1047 ، المخصص 7 : 41 ، 180 ، تهذيب إصلاح المنطق 2 : 54 ، اللسان ( غوى ) . يصف قوسًا . قال التبريزي في شرحه : (( أثناؤها )) ، أطرفها المتلئبة . و (( فصيلها )) ، السهم ، و (( رزائها )) أي : أخذ منها شيئًا . يقول : ليس فصيل هذه القوس يشرب إذا فقد اللبن .(23) انظر تفسير (( الغي )) و (( الإغواء )) فيما سلف 5 : 416 .(24) هذا النص ينبغي إثباته في كتب اللغة ، فلم يذكر فيها فيما علمت .(25) (( القدرية )) هم نفاة القدر الكافرون به ، وأما المؤمنون بالقدر ، وهم أهل الحق ، فيقال لهم (( أهل الإثبات )) ، وانظر فهارس المصطلحات والفرق فيما سلف .(26) (( التفويض )) ، رد الأسباب إليه ، وانظر بيان ذلك فيما سلف 1 : 162 ، تعليق : 3 /11 : 340 ، /12 : 92 ، وهو مقالة المعتزلة وأشباههم .(27) انظر تفسير (( الصراط المستقيم )) ، فيما سلف ص : 282 ، تعليق : 1 ، والمراجع هناك .(28) في المطبوعة : (( سبرة بن الفاكه )) ، وأثبت ما في المخطوطة ، وهو صواب . انظر التعليق التالي ص 335 ، تعليق : 2 :(29) (( أطرقة )) جمع (( طريق )) ، مثل (( رغيف )) و (( أرغفة )) ، وهو جمعه مع تذكير (( طريق )) ، ويجمع أيضًا على (( أطرق )) ( بضم الراء ) ، وهو جمع (( طريق )) إذا أنثتها ، نحو (( يمين )) ، و (( أيمن )) . وبهذه الأخيرة ضبط في أكثر الكتب .(30) (( الطول )) ( بكسر الطاء وفتح الواو ) : وهو الحبل الطويل ، يشد أحد طرفيه في وتد أو في غيره ، والآخر في يد الفرس ، فيدور فيه ويرعى ، ولا يذهب لوجهه . ويعني بذلك : أن الهجرة تحبسه عن التصرف والضرب في الأرض ، والعودة إلى أرضه وسمائه ، والهجرة أمرها شديد كما تعلم .(31) الأثر : 14364 - هذا خبر رواه الأئمة ، ذكره أبو جعفر بغير إسناده . و (( سبرة بن أبي الفاكهة )) ، و (( سبرة بن أبي الفاكهة )) ، صحابي نزل الكوفة . مترجم في التهذيب ، وأسد الغابة 2 : 260 ، والإصابة ، في اسمه والكبير للبخاري 2 /2 / 188 ، وابن أبي حاتم 2 /1 / 295 .وهذا الخبر ، رواه أحمد في مسنده مطولا 3 : 483 ، والنسائي 6 : 21 ، 22 ، والبخاري في التاريخ 2 /2 / 188 ، 189 ، وابن الأثير في أسد الغابة 2 : 260 ، قال الحافظ ابن حجر في الإصابة في ترجمته : (( له حديث عند النسائي ، بإسناد حسن ، إلا أن في إسناده اختلافًا )) ، ثم قال : (( وصححه ابن حبان )) .(32) الأثر : 14365 - (( حبويه أبو يزيد )) هكذا في المخطوطة ، ولكنه غير منقوط ، وكان في المطبوعة : (( حيوة أبو يزيد )) ، تغير بلا دليل .و (( حبويه )) ، أبو يزيد ، هو : (( إسحاق بن إسماعيل الرازي )) ، روى عن نافع بن عمر الجمحي ، وعمرو بن أبي قيس ، ونعيم بن ميسرة . روى عنه محمد بن سعيد الأصفهاني ، وعثمان وأبو بكر ابنا شيبة ، وإبراهيم بن موسى . قال يحيى بن معين : (( أرجو أن يكون صدوقًا )) . مترجم في الجرح والتعديل 1 /1 / 212 ، وعبد الغني بن سعيد في المؤتلف والمختلف : 43 ، (( حبويه )) بالباء المشددة بعد الحاء .وسيأتي أيضًا في الإسناد رقم : 14550 .و (( عبد الله بن بكير الغنوي الكوفي )) ، روى عن (( محمد بن سوقة )) ، وهو ليس بقوي ، وإن كان من أهل الصدق ، وذكر له ابن عدي مناكير . مترجم في لسان الميزان ، وابن أبي حاتم 2 /2 / 16 ، وميزان الاعتدال 2 : 26 .(33) لم أعرف قائله .(34) لم أجد البيت في غير هذا المكان .(35) (( الصفة )) هنا حرف الجر ، انظر فهارس المصطلحات فيما سلف ، ستأتي بعد قليل بمعنى (( الظرف )) . انظر التعليق التالي .(36) (( الصفة )) هنا ، هي (( الظرف )) ، وكذلك يسميه الكوفيون .(37) في المطبوعة : (( يحتمل ما يحتمله )) ، وفي المخطوطة سقط ، كتب : (( في المعنى ما يحتمله )) ولكني أثبت ما في معاني القرآن للفراء 1 : 375 ، فهذا نص كلامه .(38) هو ساعدة بن جؤية الهذلي .(39) ديوان الهذليين 1 : 190 ، سيبويه 1 : 16 ، 109 ، الخزانة 1 : 474 ، وغيرها كثير من قصيدة طويلة ، وصف في آخرها رمحه ، وهذا البيت في صفة رمح من الرماح الخطية . ورواية الديوان (( لذا )) ، أي تلذ الكف بهزه . و (( يعسل )) ، أي يضطرب . وقوله . (( فيه )) : أي في الهز . وقوله : (( عسل الطريق الثعلب )) ، أي : عسل في الطريق الثعلب واضطربت مشيته . شبه اهتزاز الرمح في يد الذي يهزه ليضرب به ، باهتزاز الثعلب في عدوه في الطريق .
7:17
ثُمَّ لَاٰتِیَنَّهُمْ مِّنْۢ بَیْنِ اَیْدِیْهِمْ وَ مِنْ خَلْفِهِمْ وَ عَنْ اَیْمَانِهِمْ وَ عَنْ شَمَآىٕلِهِمْؕ-وَ لَا تَجِدُ اَكْثَرَهُمْ شٰكِرِیْنَ(۱۷)
پھر ضرور میں ان کے پاس آؤں گا ان کے آگے اور ان کے پیچھے او ر ان کے دائیں اور ان کے بائیں سے (ف۲۲) اور تو ان میں سے اکثر کو شکر گزار نہ پائے گا (ف۲۳)

القول في تأويل قوله : ثُمَّ لآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَنْ شَمَائِلِهِمْ وَلا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ (17)قال أبو جعفر: اختلف أهل التأويل في تأويل ذلك.فقال بعضهم: معنى قوله: (لآتينهم من بين أيديهم)، من قبل الآخرة =(ومن خلفهم)، من قبل الدنيا =(وعن أيمانهم)، من قِبَل الحق =(وعن شمائلهم)، من قبل الباطل.* ذكر من قال ذلك:14369- حدثني المثنى قال، حدثنا عبد الله بن صالح قال، حدثني معاوية, عن علي, عن ابن عباس قوله: (ثم لآتينهم من بين أيديهم)، يقول: أشككهم في آخرتهم =(ومن خلفهم)، أرغبهم في دنياهم =(وعن أيمانهم)، أشبِّه عليهم أمرَ دينهم =(وعن شمائلهم)، أشَهِّي لهم المعاصي.* * *وقد روي عن ابن عباس بهذا الإسناد في تأويل ذلك خلاف هذا التأويل, وذلك ما:-14370- حدثني المثنى قال، حدثنا عبد الله بن صالح قال، حدثني معاوية, عن علي بن أبي طلحة, عن ابن عباس قوله: (ثم لآتينهم من بين أيديهم)، يعني من الدنيا =(ومن خلفهم)، من الآخرة =(وعن أيمانهم)، من قبل حسناتهم =(وعن شمائلهم)، من قبل سيئاتهم.* * *وتحقق هذه الرواية، الأخرى التي:14371- حدثني بها محمد بن سعد قال، حدثني أبي قال، حدثني عمي قال، حدثني أبي, عن أبيه, عن ابن عباس قوله: (ثم لآتينهم من بين أيديهم ومن خلفهم وعن أيمانهم وعن شمائلهم)، قال: أما بين " أيديهم "، فمن قبلهم ، وأما " من خلفهم "، فأمر آخرتهم ، وأما " عن أيمانهم "، فمن قبل حسناتهم ، وأما " عن شمائلهم "، فمن قبل سيئاتهم.14372- حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد, عن قتادة قوله: (ثم لآتينهم من بين أيديهم) الآية, أتاهم من بين أيديهم فأخبرهم أنه لا بعث ولا جنة ولا نار=" ومن خلفهم "، من أمر الدنيا, فزيَّنها لهم ودعاهم إليها =" وعن أيمانهم "، من قبل حسناتهم بطَّأهم عنها =" وعن شمائلهم "، زين لهم السيئات والمعاصي، ودعاهم إليها، وأمرهم بها. أتاك يابن آدم من كل وجه, غير أنه لم يأتك من فوقك, لم يستطع أن يحول بينك وبين رحمة الله!* * *وقال آخرون: بل معنى قوله: (من بين أيديهم)، من قبل دنياهم =(ومن خلفهم)، من قبل آخرتهم.* ذكر من قال ذلك:14373- حدثنا محمد بن بشار قال، حدثنا مؤمل قال، حدثنا سفيان, عن منصور, عن إبراهيم في قوله: (ثم لآتينهم من بين أيديهم ومن خلفهم)، قال: (من بين أيديهم)، من قبل دنياهم =(ومن خلفهم)، من قبل آخرتهم =(وعن أيمانهم) من قبل حسناتهم =(وعن شمائلهم)، من قبل سيئاتهم.14374- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبي, عن سفيان, عن منصور, عن الحكم: (ثم لآتينهم من بين أيديهم ومن خلفهم وعن أيمانهم وعن شمائلهم)، قال: (من بين أيديهم)، من دنياهم =(ومن خلفهم)، من آخرتهم =(وعن أيمانهم)، من حسناتهم =(وعن شمائلهم)، من قِبَل سيئاتهم.14375- حدثنا سفيان قال، حدثنا جرير, عن منصور, عن الحكم: (ثم لآتينهم من بين أيديهم)، قال: من قبل الدنيا يزيِّنها لهم =(ومن خلفهم) من قبل الآخرة يبطّئهم عنها =(وعن أيمانهم)، من قبل الحق يصدّهم عنه =(وعن شمائلهم)، من قبل الباطل يرغّبهم فيه ويزينه لهم.14376- حدثني محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن المفضل قال، حدثنا أسباط, عن السدي: (ثم لآتينهم من بين أيديهم ومن خلفهم وعن أيمانهم وعن شمائلهم)، أما(من بين أيديهم)، فالدنيا، أدعوهم إليها وأرغبهم فيها =(ومن خلفهم)، فمن الآخرة أشككهم فيها وأباعدها عليهم (40) =(وعن أيمانهم)، يعني الحق فأشككهم فيه =(وعن شمائلهم)، يعني الباطل أخفّفه عليهم وأرغّبهم فيه.14377- حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج قال، قال ابن جريج قوله: (من بين أيديهم)، من دنياهم، أرغّبهم فيها =(ومن خلفهم)، آخرتهم، أكفّرهم بها وأزهِّدهم فيها =(وعن أيمانهم)، حسناتهم أزهدهم فيها =(وعن شمائلهم)، مساوئ أعمالهم، أحسِّنها إليهم.* * *وقال آخرون: معنى ذلك: من حيث يبصرون ومن حيث لا يبصرون.* ذكر من قال ذلك:14378- حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد قول الله: (من بين أيديهم وعن أيمانهم)، قال: حيث يبصرون =(ومن خلفهم) =(وعن شمائلهم)، حيث لا يبصرون.14379- حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد, مثله.14380- حدثنا ابن وكيع وابن حميد قالا حدثنا جرير, عن منصور قال، تذاكرنا عند مجاهد قوله: (ثم لآتينهم من بين أيديهم ومن خلفهم وعن أيمانهم وعن شمائلهم)، فقال مجاهد: هو كما قال، يأتيهم من بين أيديهم ومن خلفهم وعن أيمانهم وعن شمائلهم = زاد ابن حميد, قال: " يأتيهم من ثَمَّ".14381- حدثني الحارث قال، حدثنا عبد العزيز قال، حدثنا أبو سعد المدني قال، قال مجاهد، فذكر نحو حديث محمد بن عمرو, عن أبي عاصم.* * *قال أبو جعفر: وأولى هذه الأقوال عندي بالصواب، قولُ من قال: معناه: ثم لآتينهم من جميع وجوه الحقّ والباطل, فأصدّهم عن الحق، وأحسِّن لهم الباطل . وذلك أن ذلك عَقِيب قوله: لأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ ، فاخبر أنه يقعد لبني آدم على الطريق الذي أمرَهم الله أن يسلكوه, وهو ما وصفنا من دين الله دينِ الحق، فيأتيهم في ذلك من كل وجوهه، من الوجه الذي أمرهم الله به, فيصدّهم عنه, وذلك " من بين أيديهم وعن أيمانهم " = ومن الوجه الذي نهاهم الله عنه, فيزيّنه لهم ويدعوهم إليه, وذلك " من خلفهم وعن شمائلهم ".* * *وقيل: ولم يقل: " من فوقهم "، لأن رحمة الله تنزل على عباده من فوقهم.* ذكر من قال ذلك:14382- حدثنا سعد بن عبد الله بن عبد الحكم المصري قال، حدثنا حفص بن عمر قال، حدثنا الحكم بن أبان, عن عكرمة, عن ابن عباس في قوله: (ثم لآتينهم من بين أيديهم ومن خلفهم وعن أيمانهم وعن شمائلهم)، ولم يقل: " من فوقهم ", لأن الرحمة تنزل من فوقهم.* * *وأما قوله: (ولا تجد أكثرهم شاكرين). فإنه يقول: ولا تجد، ربِّ، أكثر بني آدم شاكرين لك نعمتَك التي أنعمت عليهم، كتكرمتك أباهم آدم بما أكرمته به, من إسجادك له ملائكتك, وتفضيلك إياه عليَّ = و " شكرهم إياه "، طاعتهم له بالإقرار بتوحيده, واتّباع أمره ونهيه.* * *وكان ابن عباس يقول في ذلك بما:-14383- حدثني به المثنى قال، حدثنا عبد الله بن صالح قال، حدثني معاوية, عن علي بن أبي طلحة, عن ابن عباس قوله: (ولا تجد أكثرهم شاكرين)، يقول: موحِّدين.---------------------الهوامش :(40) في المطبوعة : (( وأبعدها )) ، وأثبت ما في المخطوطة .
7:18
قَالَ اخْرُ جْ مِنْهَا مَذْءُوْمًا مَّدْحُوْرًاؕ-لَمَنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ لَاَمْلَــٴَـنَّ جَهَنَّمَ مِنْكُمْ اَجْمَعِیْنَ(۱۸)
فرمایا یہاں سے نکل جا رد کیا گیا راندہ ہوا، ضرور جو اُن میں سے تیرے کہے پر چلا میں تم سب سے جہنم بھردوں گا (ف۲۴)

القول في تأويل قوله : قَالَ اخْرُجْ مِنْهَا مَذْءُومًا مَدْحُورًاقال أبو جعفر: وهذا خبر من الله تعالى ذكره عن إحلاله بالخبيث عدوِّ الله ما أحلّ به من نقمته ولعنته, وطرده إياه عن جنته, إذ عصاه وخالف أمره, وراجعه من الجواب بما لم يكن له مراجعته به . يقول: قال الله له عند ذلك: (اخرج منها)، أي من الجنة =(مذؤُومًا مدحورًا)، يقول: مَعِيبًا.* * *و " الذأم "، العيب. يقال منه: " ذأمَه يذأمه ذأمًا فهو مذؤوم ", ويتركون الهمز فيقولون: " ذِمْته أذيمه ذيمًا وذامًا ", و " الذأم " و " الذيم "، أبلغ في العيب من " الذمّ"، وقد أنشد بعضهم هذا البيت: (41)صَحِبْتُكَ إذْ عَيْنِي عَلَيْهَا غِشَاوَةٌفَلَمَّا انْجَلَتْ قَطَّعْتُ نَفْسِي أَذِيمُهَا (42)وأكثر الرواة على إنشاده " ألومها ".* * *وأما المدحور: فهو المُقْصَى, يقال: " دحره يدحَرُه دَحْرًا ودُحُورًا "، إذا أقصاه وأخرجه، ومنه قولهم: " ادحَرْ عنكَ الشيطان ". (43)* * *وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.* ذكر من قال ذلك:14384- حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد, عن قتادة قوله: (اخرج منها مذؤومًا مدحورًا)، يقول: اخرج منها لعينًا منفيًّا.14385- حدثنا المثنى قال، حدثنا أبو صالح قال، حدثني معاوية, عن علي, عن ابن عباس: " مذؤومًا " ممقوتًا.14386- حدثني محمد بن سعد قال، حدثني أبى قال، حدثني عمي قال، حدثني أبي, عن أبيه, عن ابن عباس قوله: (قال اخرج منها مذؤومًا)، يقول: صغيرًا منفيًّا.14387- حدثني محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن المفضل قال، حدثنا أسباط, عن السدي قوله: (اخرج منها مذؤومًا مدحورًا)، أما " مذؤومًا "، فمنفيًّا, وأما " مدحورا "، فمطرودًا.14388- حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد: (مذؤومًا)، قال: منفيًّا =(مدحورًا)، قال: مطرودًا.14389- حدثني المثنى قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا عبد الله بن أبي جعفر, عن أبيه, عن الربيع قوله: (اخرج منها مذؤومًا)، قال: منفيًّا. = و " المدحور ", قال: المصغَّر.14390- حدثني المثنى قال، حدثنا إسحاق قال:، حدثنا عبد الله بن الزبير, عن ابن عيينة, عن يونس وإسرائيل, عن أبي إسحاق, عن التميمي, عن ابن عباس: (اخرج منها مذؤومًا)، قال: منفيًّا.14391- حدثني أبو عمرو القرقساني عثمان بن يحيى قال، حدثنا سفيان, عن أبي إسحاق, عن التميمي, سأل ابن عباس: ما(اخرج منها مذؤومًا مدحورًا)، قال: مقيتًا. (44)14392- حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد في قوله: (اخرج منها مذؤومًا مدحورًا)، فقال: ما نعرف " المذؤوم " و " المذموم " إلا واحدًا, ولكن تكون حروف منتقصة, وقد قال الشاعر لعامر: يا " عام ", ولحارث: " يا حار ", (45) وإنما أنزل القرآن على كلام العرب.* * *القول في تأويل قوله : لَمَنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ لأَمْلأَنَّ جَهَنَّمَ مِنْكُمْ أَجْمَعِينَ (18)قال أبو جعفر: وهذا قسم من الله جل ثناؤه. أقسم أن مَنْ اتبع من بني آدم عدوَّ الله إبليس وأطاعه وصَدَّق ظنه عليه، أن يملأ من جميعهم = يعني: من كفرة بني آدم تُبّاع إبليس، ومن إبليس وذريته = جهنم. فرحم الله امرأً كذّب ظن عدوِّ الله في نفسه, وخيَّب فيها أمله وأمنيته, ولم يمكّن من طمعَ طمعٍ فيها عدوَّه, (46) واستغشَّه ولم يستنصحه، فإن الله تعالى ذكره إنما نبّه بهذه الآيات عباده على قِدَم عداوة عدوِّه وعدوهم إبليس لهم, وسالف ما سلف من حسده لأبيهم, وبغيه عليه وعليهم, وعرّفهم مواقع نعمه عليهم قديمًا في أنفسهم ووالدهم ليدّبروا آياته, وليتذكر أولو الألباب, فينزجروا عن طاعة عدوه وعدوهم إلى طاعته ويُنيبوا إليها.---------------------الهوامش :(41) هو الحارث بن خالد المخزومي .(42) مضى البيت وشرحه وتخريجه ، وبغير هذه الرواية فيما سلف 1 : 265 .(43) انظر مجاز القرآن لأبي عبيدة 1 : 212 .(44) الأثر : 14391 - (( أبو عمرو القرقساني )) ، (( عثمان بن يحيى )) ، شيخ الطبري ، لم أجد له ترجمة فيما بين يدي من الكتب . ويزيد الأمر إشكالا أني وجدت أبا جعفر في تاريخه يذكر إسنادًا عن شيخ يقال له (( عثمان بن يحيى )) ، فيه نصه : (( حدثني عثمان بن يحيى ، عن عثمان القرقساني ، قال حدثنا سفيان بن عيينة )) ، فجعل بين (( عثمان بن يحيى )) و (( سفيان بن عيينة )) رجلا يقال له (( عثمان القرقساني )) ! والذي في التفسير يدل على أن الراوي عن سفيان بن عيينة هو (( عثمان بن يحيى )) نفسه . فظني أن في إسناد التاريخ خطأ ، ولعل صوابه : (( حدثني عثمان بن يحيى بن عثمان القرقساني ، قال حدثنا سفيان بن عيينة )) . هذا ما وجدت ، فعسى أن يجتمع عندي ما أتبين به صواب ذلك أو خطأه .(45) في المطبوعة : (( ولكن يكون منتقصة ، وقال العرب لعامر ...)) ، وبين الكلام بياض . وفي المخطوطة : (( ولكن تكون ف منتقصة . وقد قال الشاعر ... )) بياض بين الكلام ، فغير ناشر المطبوعة ما في المخطوطة بلا أمانة . وفي المخطوطة فوق البياض (( كذا )) وفي الهامش حرف ( ط ) للدلالة على الخطأ . ودلتني لافاء بعد البياض أن صواب هذا الذي بيض له ناسخ المخطوطة هو (( حروف )) ، فاستقام الكلام .ومثال الترخيم في (( عامر )) قول الحطيئة لعامر بن الطفيل :يَا عَامِ ، قد كُنْتَ ذَا بَاعٍ وَمَكْرُمَةٍلَوْ أَنَّ مَسْعَاةَ مَنْ جَارَيْتَهُ أَمَمُومثال الترخيم في (( الحارث )) قول زهير :يَا حارِ ، لا أُرْمَيَنْ مِنْكُمْ بِدَاهِيَةٍلَم يَلْقَهَا سُوقَةٌ قَبْلِي وَلا مَلِكُ(46) في المطبوعة : (( ولم يكن ممن طمع فيها عدوه )) ، غير ما في المخطوطة لأنه لم يفهمه ، فأساء غاية الإساءة ، وافسد الكلام
7:19
وَ یٰۤاٰدَمُ اسْكُنْ اَنْتَ وَ زَوْجُكَ الْجَنَّةَ فَكُلَا مِنْ حَیْثُ شِئْتُمَا وَ لَا تَقْرَبَا هٰذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُوْنَا مِنَ الظّٰلِمِیْنَ(۱۹)
اور اے آدم تو اور تیرا جوڑا (ف۲۵) جنت میں رہو تو اُس سے جہاں چاہو کھاؤ اور اس پیڑ کے پاس نہ جانا کہ حد سے بڑھنے والوں میں ہو گے،

القول في تأويل قوله : وَيَا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ فَكُلا مِنْ حَيْثُ شِئْتُمَا وَلا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ (19)قال أبو جعفر: يقول الله تعالى ذكره: وقال الله لآدم: (يا آدم اسكن أنت وزوجك الجنة فكلا من حيث شئتما). فأسكن جل ثناؤه آدم وزوجته الجنة بعد أن أهبط منها إبليس وأخرجه منها, وأباح لهما أن يأكلا من ثمارها من أيّ مكان شاءا منها, ونهاهما أن يقربا ثمر شجرة بعينها.* * *وقد ذكرنا اختلاف أهل التأويل في ذلك، وما نرى من القول فيه صوابًا، في غير هذا الموضع, فكرهنا إعادته. (47)* * *=(فتكونا من الظالمين)، يقول: فتكونا ممن خالف أمر ربِّه، وفعل ما ليس له فعله.------------------------الهوامش :(47) انظر ما سلف 1 : 512 - 524 .
7:20
فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّیْطٰنُ لِیُبْدِیَ لَهُمَا مَاوٗرِیَ عَنْهُمَا مِنْ سَوْاٰتِهِمَا وَ قَالَ مَا نَهٰىكُمَا رَبُّكُمَا عَنْ هٰذِهِ الشَّجَرَةِ اِلَّاۤ اَنْ تَكُوْنَا مَلَكَیْنِ اَوْ تَكُوْنَا مِنَ الْخٰلِدِیْنَ(۲۰)
پھر شیطان نے ان کے جی میں خطرہ ڈالا کہ ان پر کھول دے ان کی شرم کی چیزیں (ف۲۶) جو ان سے چھپی تھیں (ف۲۷) اور بولا تمہیں تمہارے رب نے اس پیڑ سے اسی لیے منع فرمایا ہے کہ کہیں تم دو فرشتے ہوجاؤ یا ہمیشہ جینے والے (ف ۲۸)

القول في تأويل قوله : فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطَانُ لِيُبْدِيَ لَهُمَا مَا وُورِيَ عَنْهُمَا مِنْ سَوْآتِهِمَاقال أبو جعفر: يعني جل ثناؤه بقوله: (فوسوس لهما)، فوسوس إليهما, وتلك " الوسوسة " كانت قوله لهما: مَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا عَنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ إِلا أَنْ تَكُونَا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونَا مِنَ الْخَالِدِينَ ، وإقسامه لهما على ذلك.* * *وقيل: " وسوس لهما ", والمعنى ما ذكرت, كما قيل: " غَرِضت إليه ", بمعنى: اشتقْتُ إليه, وإنما تعني: غَرضت من هؤلاء إليه. (48) فكذلك معنى ذلك.فوسوس من نفسه إليهما الشيطان بالكذب من القيل، ليبدي لهما ما وُوري عنهما من سوءاتهما، كما قال رؤبة:* وَسْوَسَ يَدْعُو مُخْلِصًا رَبَّ الفَلَقْ * (49)* * *ومعنى الكلام: فجذب إبليس إلى آدم حوّاء, وألقى إليهما: ما نهاكما ربكما عن أكل ثمر هذه الشجرة، إلا أن تكونا ملكين أو تكونا من الخالدين = ليبدي لهما ما واراه الله عنهما من عوراتهما فغطاه بستره الذي ستره عليهما.* * *وكان وهب بن منبه يقول في الستر الذي كان الله سترهما به، ما:-14393- حدثني به حوثرة بن محمد المنقري قال، حدثنا سفيان بن عيينة, عن عمرو, عن ابن منبه, في قوله: فَبَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا قال: كان عليهما نور، لا ترى سوءاتهما. (50)* * *القول في تأويل قوله : وَقَالَ مَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا عَنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ إِلا أَنْ تَكُونَا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونَا مِنَ الْخَالِدِينَ (20)قال أبو جعفر: يقول جل ثناؤه: وقال الشيطان لآدم وزوجته حواء: ما نهاكما ربكما عن هذه الشجرة أن تأكلا ثمرَها، إلا لئلا تكونا ملكين.* * *= وأسقطت " لا " من الكلام، لدلالة ما ظهر عليها, كما أسقطت من قوله: يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ أَنْ تَضِلُّوا ، [سورة النساء: 176]. والمعنى: يبين الله لكم أن لا تضلوا.* * *وكان بعض أهل العربية من أهل البصرة يزعم أن معنى الكلام: ما نهاكما ربكما عن هذه الشجرة إلا كراهة أن تكونا ملكين, كما يقال: " إياك أن تفعل " كراهيةَ أن تفعل.* * *=" أو تكونا من الخالدين "، في الجنة، الماكثين فيها أبدًا، فلا تموتا. (51)* * *والقراءة على فتح " اللام "، بمعنى: ملكين من الملائكة.* * *وروي عن ابن عباس، ما:-14394- حدثني المثنى قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا ابن أبي حماد قال، حدثنا عيسى الأعمى, عن السدّي قال: كان ابن عباس يقرأ: " إلا أَنْ تَكُونَا مَلِكَيْنِ"، بكسر " اللام ".* * *وعن يحيى بن أبي كثير، ما:-14395- حدثني أحمد بن يوسف قال، حدثني القاسم بن سلام قال، حدثنا حجاج, عن هارون قال، حدثنا يعلى بن حكيم, عن يحيى بن أبي كثير أنه قرأها: " مَلِكَيْنِ"، بكسر " اللام ".* * *وكأنَّ ابن عباس ويحيى وجَّها تأويل الكلام إلى أن الشيطان قال لهما: ما نهاكما ربكما عن هذه الشجرة إلا أن تكونا ملكين من الملوك = وأنهما تأوّلا في ذلك قول الله في موضع آخر: قَالَ يَا آدَمُ هَلْ أَدُلُّكَ عَلَى شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لا يَبْلَى ، [سورة طه: 120].* * *قال أبو جعفر: والقراءة التي لا أستجيز القراءة في ذلك بغيرها, القراءةُ التي عليها قرأة الأمصار وهي، فتح " اللام " من: " مَلَكَيْنِ", بمعنى: ملكين، من الملائكة ، لما قد تقدم من بياننا في أن كل ما كان مستفيضًا في قرأة الإسلام من القراءة, فهو الصواب الذي لا يجوزُ خلافه.----------------------الهوامش :(48) في المطبوعة : (( كما قيل : عرضت له ، بمعنى : استبنت إليه )) ، غير ما في المخطوطة تغييرًا تامًا ، فأتانا بلغو مبتذل لا معنى له . وكان في المخطوطة : (( كما قيل : عرضت إليه بمعنى : اشتقت إليه )) ، هكذا ، وصواب قراءتها ما أثبت .وقوله : (( غرضت إليه )) بمعنى : اشتقت إليه ، (( إنما تعني : غرضت من هؤلاء إليه )) ، هذا كأنه نص قول الأخفش في تفسير قول ابن هرمة :مَنْ ذَا رَسُولٌ ناصِحٌ فَمُبَلِّغٌعَنِّي عُلَيَّةَ غَيْرَ قَوْلِ الكاذِبِ ?أَنِّي غَرِضْتُ إلَى تَنَاصُفِ وَجْهِهَاغَرَضَ المُحِبِّ إلى الحَبِيبِ الغائِبِقوله : (( تناصف وجهها )) ، أي محاسن وجهها التي ينصف بعضها بعضًا في الحسن . قال الأخفش : (( تفسيره : غرضت من هؤلاء إليه ، لأن العرب توصل بهذه الحروف كلها الفعل )) ويريد الأخفش أنهم يقولون : (( غرض غرضًا )) ، إذا ضجر وقلق ومل ، فلما أدخل مع الفعل (( إلى )) ، صار معناه : ضجر من هذا نزاعًا واشتياقًا إلى هذا .وموضع الاستشهاد أن (( الوسوسة )) الصوت الخفي من حديث النفس ، فنقل إبليس ما حاك في نفسه إليهما ، فلذلك أدخل على (( الوسوسة )) (( اللام )) و (( إلى )) . ولكن أبا جعفر أدمج الكلام ههنا إدماجًا .(49) ديوانه : 108 ، اللسان ( وسس ) ، وهذا بيت من أرجوزته التي مضت منها أبيات كثيرة . وهذا البيت من أبيات في صفة الصائد المختفي ، يترقب حمر الوحش ، ليصيب منها . يقول لما أحس بالصيد وأراد رميه ، وسوس نفسه بالدعاء حذر بالدعاء حذر الخيبة ورجاء الإصابة .(50) الأثر : 14393 - (( حوثرة بن محمد بن قديد المنقري )) ، أبو الأزهر الوراق روى عنه ابن ماجه ، وابن خزيمة ، وابن صاعد ، وغيرهم . ذكره ابن حبان في الثقات . مترجم في التهذيب ، وابن أبي حاتم 1 /2 / 283 .(51) انظر تفسير (( الخلود )) فيما سلف من فهارس اللغة ( خلد ) .
7:21
وَ قَاسَمَهُمَاۤ اِنِّیْ لَكُمَا لَمِنَ النّٰصِحِیْنَۙ(۲۱)
اور ان سے قسم کھائی کہ میں تم دونوں کا خیر خواہ ہوں،

القول في تأويل قوله : وَقَاسَمَهُمَا إِنِّي لَكُمَا لَمِنَ النَّاصِحِينَ (21)قال أبو جعفر: يعني جل ثناؤه بقوله: (وقاسمهما)، وحلف لهما, كما قال في موضع آخر: تَقَاسَمُوا بِاللَّهِ لَنُبَيِّتَنَّهُ ، [سورة النمل: 49]، بمعنى تحالفوا بالله ، وكما قال خالد بن زهير[ابن] عمّ أبي ذويب: (52)وَقَاسَمَهَا بِاللهِ جَهْدًا لأَنْتُمُألَذُّ مِنَ السَّلْوَى إِذَا مَا نَشُورُهَا (53)بمعنى: وحالفهما بالله ، وكما قال أعشى بني ثعلبة:رَضِيعَيْ لِبَانٍ, ثَدْيَ أُمٍّ تَقَاسَمَابِأَسْحَمَ دَاجٍ عَوْضُ لا نَتَفَرَّقُ (54)بمعنى تحالفا.* * *وقوله: (إني لكما لمن الناصحين) أي: لممن ينصح لكما في مشورته لكما, وأمره إياكما بأكل ثمر الشجرة التي نهيتما عن أكل ثمرها، وفي خبري إياكما بما أخبركما به، من أنكما إن أكلتماه كنتما ملكين أو كنتما من الخالدين، كما:-14396- حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد, عن قتادة قوله: (وقاسمهما إني لكما لمن الناصحين)، فحلف لهما بالله حتى خدعهما, وقد يُخْدع المؤمن بالله, فقال: إني خلقت قبلكما، وأنا أعلم منكما, فاتبعاني أرشدكما. وكان بعض أهل العلم يقول: " من خادَعنا بالله خُدِعْنا ".--------------------الهوامش :(52) جاء في المطبوعة والمخطوطة (( خالد بن زهير عم أبي ذؤيب )) ، ولم أجد هذا القول لأحد ، بل الذي قالوه أن (( خالد بن زهير الهذلي )) ، هو ابن أخت أبي ذؤيب ، أو ابن أخيه ، أو : ابن عم أبي ذؤيب . فالظاهر أن صواب الجملة هو ما أثبت . انظر خزانة الأدب 2 : 320 ، 321 /3 : 597 ، 598 ، 647 ، 648 .(53) ديوان الهذلين 1 : 158 ، من قصائده التي تقارضها هو وأبو ذؤيب في المرأة التي كانت ضصديقة عبد عمرو بن مالك ، فكان أبو ذؤيب رسوله إليها ، فلما كبر عبد عمرو احتال لها أبو ذؤيب فأخذها منه وخادنها . وغاضبها أبو ذؤيب ، فكان رسوله إلى هذه المرأة ابن عمه خالد بن زهير ، ففعل به ما فعل هو بعبد عمرو بن مالك ، أخذ منه المرأة فخادنه ، فغاضبه أبو ذؤيب وغاضبها ، وقال لها حين جاءت تعتذر إليه :تُرِيدينَ كَيْمَا تَجْمَعِينِي وَخَالِدًا !وَهَلْ يُجْمَعُ السَّيْفَان وَيْحَكِ فِي غِمْدِ !أَخَالِدُ ، مَا رَاعَيْتَ من ذِي قَرَابَةٍفَتَحْفَظَنِي بِالْغَيْبِ، أوْ بَعْضَ مَا تُبْدِيدَعَاكَ إلَيْهَا مُقْلَتَاها وَجِيدُهَافَمِلْتَ كَمَا مَالَ المُحِبُّ عَلَى عَمْدِثم قال لخالد :رَعَي خَالِدٌ سِرِّي ، لَيَالِيَ نَفْسُهُتَوَالَى على قَصْدِ السَّبِيلِ أُمُورُهَافَلَمَّا تَرَامَاهُ الشَّبَابُ وَغَيُّهُ،وَفي النَّفْسِ مِنْهُ فِتْنَةٌ وَفُجُورُهَالَوَى رَأْسَهُ عَنِّي ، ومَالَ بِوُدِّهأَغَانِيجُ خَوْدٍ كَانَ قِدْمًا يَزُورُهَافأجابه خالد من أبيات :فَلا تَجْزَعَنْ مِنْ سُنَّةٍ أَنْتَ سِرْتَهاوَأَوَّلُ رَاضٍ سُنَّةً مَنْ يَسِيرُهَافَإنَّ الَّتِي فِينَا زَعَمْتَ ، ومِثْلُهَالَفِيكَ ، وَلَكِنِّي أَرَاكَ تَجُورُهَاتَنَقَّذْتَهَا مِنْ عَبْدِ عَمْرو بن مَالِكٍوأَنْتَ صَفِيُّ النَّفْسِ مِنْهُ وَخِيرُهايُطِيلُ ثَوَاءً عِنْدَها لِيَرُدَّهَاوَهَيْهَاتَ مِنْهُ دُورُهَا وقُصُورهاوَقَاسَمَهَا بالله ................ . . . . . . . . . . . . . . . . . .و(( السلوى )) ، العسل . (( شار العسل يشوره )) ، أخذ من موضعه في الخلية .(54) ديوانه : 150 ، اللسان ( عوض ) ( سحم ) من قصيدة مضت منها أبيات كثيرة . وقد ذكرت هذا البيت في شرح بيت سالف 10 : 451 ، تعليق : 1 = و (( الأسحم )) ، الضارب إلى السواد ، و (( عوض )) لما يستقبل من الزمان بمعنى : (( أبدًا )) . واختلفوا في معنى (( بأسحم داج )) ، وإقسامه به . فقالوا : أراد الليل . وقالوا : أراد سواد حلمة سدي أمه . وقيل أراد الرحم وظلمته . قيل : أراد الدم ، لسواده ، تغمس فيه اليد عند التحالف .
7:22
فَدَلّٰىهُمَا بِغُرُوْرٍۚ-فَلَمَّا ذَاقَا الشَّجَرَةَ بَدَتْ لَهُمَا سَوْاٰتُهُمَا وَ طَفِقَا یَخْصِفٰنِ عَلَیْهِمَا مِنْ وَّرَقِ الْجَنَّةِؕ-وَ نَادٰىهُمَا رَبُّهُمَاۤ اَلَمْ اَنْهَكُمَا عَنْ تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ وَ اَقُلْ لَّكُمَاۤ اِنَّ الشَّیْطٰنَ لَكُمَا عَدُوٌّ مُّبِیْنٌ(۲۲)
تو اُتار لایا انہیں فریب سے (ف۲۹) پھر جب انہوں نے وہ پیڑ چکھا ان پر اُن کی شرم کی چیزیں کھل گئیں (ف۳۰) اور اپنے بدن پر جنت کے پتے چپٹانے لگے، اور انہیں ان کے رب نے فرمایا کیا میں نے تمہیں اس پیڑ سے منع نہ کیا اور نہ فرمایا تھا کہ شیطان تمہارا کھلا دشمن ہے،

القول في تأويل قوله : فَدَلاهُمَا بِغُرُورٍ فَلَمَّا ذَاقَا الشَّجَرَةَ بَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِقال أبو جعفر: يعني جل ثناؤه بقوله: (فدلاهما بغرور)، فخدعهما بغرور.* * *يقال منه: " ما زال فلان يدلّي فلانًا بغرور ", بمعنى: ما زال يخدعه بغرور، ويكلمه بزخرف من القول باطل. (55)* * *=(فلما ذاقا الشجرة)، يقول: فلما ذاق آدم وحواء ثمر الشجرة, يقول: طعماه (56) =(بدت لهما سوآتهما) يقول: انكشفت لهما سوءاتهما, لأن الله أعراهما من الكسوة التي كان كساهما قبل الذنب والخطيئة, فسلبهما ذلك بالخطيئة التي أخطآ والمعصية التي ركبا (57) =(وطفقا يخصفان عليهما من ورق الجنة)، يقول: أقبلا وجعلا يشدَّان عليهما من ورق الجنة، ليواريا سوءاتهما، كما:-14397- حدثنا أبو كريب قال، حدثنا وكيع, عن إسرائيل, عن سماك, عن عكرمة, عن ابن عباس: (وطفقا يخصفان عليهما من ورق الجنة)، قال: جعلا يأخذان من ورق الجنة، فيجعلان على سوءاتهما.14398- حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج, عن أبي بكر, عن الحسن, عن أبي بن كعب قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: كان آدم كأنه نخلةٌ سَحُوق، (58) كثيرُ شعر الرأس, فلما وقع بالخطيئة بدت له عورته، وكان لا يراها, فانطلق فارًّا, فتعرضت له شجرة فحبسته بشعره, فقال لها: أرسليني! فقالت: لست بمرسلتك! فناداه ربه: يا آدم, أمنِّي تفرّ؟ قال: لا ولكني استحييتك. (59)14399- حدثني المثنى قال، حدثنا إسحاق قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا سفيان بن عيينة وابن مبارك, عن الحسن, عن عمارة, عن المنهال بن عمرو, عن سعيد بن جبير, عن ابن عباس قال، كانت الشجرة التي نهى الله عنها آدم وزوجته، السنبلة . فلما أكلا منها بدت لهما سوءاتهما, وكان الذي وَارى عنهما من سوءاتهما أظفارُهما، وطفقا يخصفان عليهما من ورق الجنة، ورق التين، يلصقان بعضها إلى بعض. فانطلق آدم مولّيًا في الجنة, فأخذت برأسه شجرة من الجنة, فناداه: أي آدم أمني تفرّ؟ قال: لا ولكني استحييتك يا رب ! قال: أما كان لك فيما منحتُك من الجنة وأبحتُك منها مندوحةٌ عما حرمت عليك؟ قال: بلى يا رب, ولكن وعزتك ما حسبت أن أحدًا يحلف بك كاذبًا. قال: وهو قول الله: وَقَاسَمَهُمَا إِنِّي لَكُمَا لَمِنَ النَّاصِحِينَ . قال: فبعزّتي لأهبطنك إلى الأرض, ثم لا تنال العيش إلا كدًّا. قال: فأهبط من الجنة, وكانا يأكلان فيها رغدًا, فأهبطا في غير رغد من طعام وشراب, فعُلّم صنعة الحديد, وأُمر بالحرث, فحرث وزرع ثم سقى، حتى إذا بلغ حصد، ثم داسَه, ثم ذرّاه, ثم طحنه, ثم عجنه, ثم خبزه, ثم أكله, فلم يبلعْه حتى بُلِّعَ منه ما شاء الله أن يبلعَ. (60)14400- حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد في قول الله: (يخصفان)، قال: يرقعان، كهيئة الثوب.14401- حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد: يخصفان عليهما من الورق كهيئة الثوب.14402- حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد, عن قتادة قوله: (فلما ذاقا الشجرة بدت لهما سوآتهما) وكانا قبل ذلك لا يريانها =(وطفقا يخصفان)، الآية.14403- . . . . قال، حدثنا سعيد, عن قتادة قال، حدثنا الحسن, عن أبي بن كعب: أن آدم عليه السلام كان رجلا طُوالا كأنه نخلة سَحُوق, كثير شعر الرأس . فلما وقع بما وقع به من الخطيئة, بدت له عورته عند ذلك، وكان لا يراها. فانطلق هاربًا في الجنة, فعلقت برأسه شجرة من شجر الجنة, فقال لها: أرسليني ! قالت: إني غير مرسلتك! فناداه ربه: يا آدم, أمنّي تفرّ؟ قال: رب إني استحييتك. (61)14404- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا جعفر بن عون, عن سفيان الثوري, عن ابن أبي ليلى, عن المنهال بن عمرو, عن سعيد بن جبير, عن ابن عباس: (وطفقا يخصفان عليهما من ورق الجنة)، قال: ورق التين.14405- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا يحيى بن آدم, عن شريك, عن ابن أبي ليلى, عن المنهال, عن سعيد بن جبير, عن ابن عباس: (وطفقا يخصفان عليهما من ورق الجنة)، قال: ورق التين.14406- حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج, عن حسام بن مِصَكّ، عن قتادة = وأبي بكر، عن غير قتادة = قال: كان لباس آدم في الجنة ظُفُرًا كله, فلما وقع بالذنب، كُشِط عنه وبدت سوءته = قال أبو بكر: قال غير قتادة: (فطفقا يخصفان عليهما من ورق الجنة)، قال: ورق التين. (62)14407- حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر, عن قتادة, في قوله: (بدت لهما سوءاتهما)، قال: كانا لا يريان سوءاتهما.14408- حدثني المثنى قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا عبد الله بن الزبير, عن ابن عيينة قال، حدثنا عمرو قال، سمعت وهب بن منبه يقول: يَنْزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا ، [سورة الأعراف: 27]. قال: كان لباس آدم وحواء عليهما السلام نورًا على فروجهما, لا يرى هذا عورة هذه، ولا هذه عورة هذا. فلما أصابا الخطيئة بدت لهما سوءاتهما. (63)* * *القول في تأويل قوله : وَنَادَاهُمَا رَبُّهُمَا أَلَمْ أَنْهَكُمَا عَنْ تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ وَأَقُلْ لَكُمَا إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمَا عَدُوٌّ مُبِينٌ (22)قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: ونادى آدمَ وحواءَ ربُّهما: ألم أنهكما عن أكل ثمرة الشجرة التي أكلتما ثمرها, وأعلمكما أن إبليس لكما عدو مبين = يقول: قد أبان عداوته لكما، بترك السجود لآدم حسدًا وبغيًا، (64) كما:-14409- حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج, عن أبي معشر, عن محمد بن قيس قوله: (وناداهما ربهما ألم أنهكما عن تلكما الشجرة وأقل لكما إن الشيطان لكما عدو مبين)، لم أكلتها وقد نهيتك عنها؟ قال: يا رب، أطعمتني حواء ! قال لحواء: لم أطعمته؟ قالت: أمرتني الحية! قال للحية: لم أمرتها؟ قالت: أمرني إبليس! قال: ملعون مدحور ! أما أنت يا حواء فكما دمَّيت الشجرة تَدْمَيْن كل شهر. وأما أنت يا حية، فأقطع قوائمك فتمشين على وجهك, وسيشدخُ رأسك من لقيك ، اهبطوا بعضكم لبعض عدوّ. (65)14410- حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثنا عباد بن العوّام, عن سفيان بن حسين, عن يعلى بن مسلم, عن سعيد بن جبير, عن ابن عباس, قال: لما أكل آدم من الشجرة قيل له: لم أكلت من الشجرة التي نهيتك عنها؟ قال: حواء أمرتني! قال: فإني قد أعقبتها أن لا تحمل إلا كَرْهًا، ولا تضع إلا كرها. قال: فرنَّت حواء عند ذلك, فقيل لها: الرنّة عليك وعلى ولدك. (66)------------------الهوامش:(55) انظر تفسير (( الغرور )) فيما سلف ص : 123 ، تعليق : 2 والمراجع هناك .(56) انظر تفسير (( ذاق )) فيما سلف ص : 209 ، تعليق : 1 ، والمراجع .(57) انظر تفسير (( بدا )) فيما سلف 5 : 582 /9 : 350 .= وتفسير (( السوأة )) فيما سلف 10 : 229 ، وما سيأتي ص : 361 ، تعليق : 3 .(58) (( نخلة سحوق )) هي الطويلة المفرطة التي تبعد ثمرها على المجتنى .(59) الأثر : 14398 - (( الحجاج )) هو : (( الحجاج بن المنهال )) ، مضى مرارًا .و(( أبو بكر )) هو (( أبو بكر الهذلي )) ، مضى برقم : 597 ، 8376 ، 13054 ، وهو ضعيف ليس بثقة .وهذا الخبر ، ذكره ، ذكره ابن كثير في تفسيره 3 : 458 ، عن سعيد بن أبي عروبة ، عن قتادة ، عن الحسن ، عن أبي بن كعب موقوفًا غير مرفوع . ثم قال ابن كثير : (( وقد رواه ابن جرير وابن مردويه ، من طرق ، عن الحسن عن أبي كعب مرفوعًا ، والموقوف أصح إسنادًا )) . وهو كما قال . وسيأتي برقم : 14403 ، من طريق سعيد بن أبي عروبة ، عن قتادة ، موقوفًا .(60) الأثر : 14399 - (( الحسن بن عمارة بن المضرب البجلي )) ، كان على قضاء بغداد في ولاية المنصور . قال أحمد : (( متروك الحديث ، كان منكر الحديث ، وأحاديثه موضوعة ، لا يكتب حديثه )) . والقول فيه أشد من هذا . مترجم في التهذيب ، والكبير 1 /2 / 300 ، وابن أبي حاتم 1 /2 / 27 .وكان في المطبوعة : (( عن الحسن عن عمارة )) ، وهو خطأ محض ، صوابه ما أثبت من المخطوطة ، وابن كثير في تفسيره 3 : 459 .وفي المطبوعة وابن كثير : (( فلم يبلغه ، حتى بلغ ... )) كل ذلك بالغين المعجمة ، والذي في المخطوطة مهمل ، وظني أنه الصواب المطابق للسياق .(61) الأثر : 14403 - انظر التعليق على الأثر السالف رقم : 14398 ، فهذا هو الخبر الموقوف ، وهو أصح إسنادًا من ذاك المرفوع .(62) الأثر : 14406 - (( حسام بن مصك بن ظالم بن شيطان الأزدي )) ، ضعيف فاحش الخطأ والوهم . مضى برقم : 11720 . وكان في المطبوعة : (( حسام بن معبد )) لم يحسن قراءة المخطوطة .و (( أبو بكر )) ، هو ( أبو بكر الهذلي )) ، ضعيف أيضًا ، مضى قريبًا برقم : 14398 .(63) الأثر : 14408 - قال ابن كثير في تفسيره 3 : 460 : (( رواه ابن جرير بسند صحيح إليه )) .(64) انظر تفسير (( مبين )) فيما سلف من فهارس اللغة ( بين ) .(65) الأثر : 14409 - مضى الخبر مطولا بهذا الإسناد رقم : 752 ، مع اختلاف يسير في لفظه . وانظر تخريجه هناك .(66) (( رنت المرأة ترن رنينًا )) : أي صوتت وصاحت من الحزن والجزع . و (( الرنة )) : الصيحة الحزينة عند البكاء .
7:23
قَالَا رَبَّنَا ظَلَمْنَاۤ اَنْفُسَنَاٚ- وَ اِنْ لَّمْ تَغْفِرْ لَنَا وَ تَرْحَمْنَا لَنَكُوْنَنَّ مِنَ الْخٰسِرِیْنَ(۲۳)
دونوں نے عرض کی، اے رب ہمارے! ہم نے اپنا آپ بُرا کیا، تو اگر تُو ہمیں نہ بخشے اور ہم پر رحم نہ کرے تو ہم ضرور نقصان والوں میں ہوئے،

القول في تأويل قوله : قَالا رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ (23)قال أبو جعفر: وهذا خبرٌ من الله جل ثناؤه عن آدم وحواء فيما أجاباه به, واعترافِهما على أنفسهما بالذنب, ومسألتهما إياه المغفرة منه والرحمة, خلاف جواب اللعين إبليس إياه.ومعنى قوله: (قالا ربنا ظلمنا أنفسنا)، قال: آدم وحواء لربهما: يا ربنا، فعلنا بأنفسنا من الإساءة إليها بمعصيتك وخلاف أمرك، (1) وبطاعتنا عدوَّنا وعدوَّك, فيما لم يكن لنا أن نطيعه فيه، من أكل الشجرة التي نهيتنا عن أكلها =(وإن لم تغفر لنا)، يقول: وإن أنت لم تستر علينا ذنبنا فتغطيه علينا، وتترك فضيحتنا به بعقوبتك إيانا عليه (2) =" وترحمنا "، بتعطفك علينا, وتركك أخذنا به (3) =(لنكونن من الخاسرين)، يعني: لنكونن من الهالكين.* * *وقد بيَّنا معنى " الخاسر " فيما مضى بشواهده، والرواية فيه، بما أغنى عن إعادته في هذا الموضع. (4)* * *14411- حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر, عن قتادة قال: قال آدم عليه السلام: يا رب, أرأيتَ إن تبتُ واستغفرتك؟ قال: إذًا أدخلك الجنة . وأما إبليس فلم يسأله التوبة, وسأل النَّظِرة, فأعطى كلَّ واحد منهما ما سأل.14412- حدثني المثنى قال، حدثنا عمرو بن عون قال، أخبرنا هشيم, عن جويبر, عن الضحاك في قوله: (ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا)، الآية, قال: هي الكلمات التي تلقَّاها آدم من ربه.-------------------(1) هكذا في المخطوطة والمطبوعة ، ولعل الصواب : (( فعلنا الظلم بأنفسنا )) . وانظر تفسير (( الظلم )) فيما سلف من فهارس اللغة ( ظلم ) .(2) انظر تفسير (( المغفرة )) فيما سلف من فهارس اللغة ( غفر ) .(3) انظر تفسير (( الرحمة )) فيما سلف من فهارس اللغة ( رحم ) .(4) انظر تفسير (( الخسارة )) فيما سلف ص : 315 ، تعليق : 1 ، والمراجع هناك .
7:24
قَالَ اهْبِطُوْا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّۚ-وَ لَكُمْ فِی الْاَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَّ مَتَاعٌ اِلٰى حِیْنٍ(۲۴)
فرمایا اُترو (ف۳۱) تم میں ایک دوسرے کا دشمن ہے اور تمہیں زمین میں ایک وقت تک ٹھہرنا اور برتنا ہے،

القول في تأويل قوله : قَالَ اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ (24)قال أبو جعفر: وهذا خبر من الله تعالى ذكره عن فعله بإبليس وذريته، وآدم وولده، والحية.يقول تعالى ذكره لآدم وحواء وإبليس والحية: اهبطوا من السماء إلى الأرض، بعضكم لبعض عدوّ، كما:-14413- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا عمرو بن طلحة, عن أسباط, عن السدي: (اهبطوا بعضكم لبعض عدو)، قال: فلعنَ الحية, وقطع قوائمها, وتركها تمشي على بطنها, وجعل رزقها من التراب, وأهبطوا إلى الأرض: آدم، وحواء، وإبليس، والحية. (5)14414- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبو أسامة, عن أبي عوانة, عن إسماعيل بن سالم, عن أبي صالح: (اهبطوا بعضكم لبعض عدو)، قال: آدم، وحواء، والحية. (6)* * *وقوله: (ولكم في الأرض مستقر)، (7) يقول: ولكم، يا آدم وحواء، وإبليس والحية = في الأرض قرارٌ تستقرونه، وفراش تمتهدونه، (8) كما:-14415- حدثني المثنى قال، حدثنا آدم العسقلاني قال، حدثنا أبو جعفر, عن الربيع, عن أبي العالية في قوله: (ولكم في الأرض مستقر)، قال: هو قوله: الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الأَرْضَ فِرَاشًا ، [سورة البقرة: 22]. (9)* * *وروي عن ابن عباس في ذلك، ما:-14416- حدثت عن عبيد الله, عن إسرائيل, عن السدي, عمن حدثه, عن ابن عباس قوله: (ولكم في الأرض مستقر)، قال: القبور. (10)* * *قال أبو جعفر: والصواب من القول في ذلك أن يقال: إن الله تعالى ذكره أخبرَ آدم وحواءَ وإبليس والحية، إذ أهبطوا إلى الأرض: أنهم عدوٌّ بعضهم لبعض, وأن لهم فيها مستقرًّا يستقرون فيه, ولم يخصصها بأن لهم فيها مستقرًّا في حال حياتهم دون حال موتهم, بل عمَّ الخبرَ عنها بأن لهم فيها مستقرًّا, فذلك على عمومه، كما عمّ خبرُ الله, ولهم فيها مستقر في حياتهم على ظهرها، وبعد وفاتهم في بطنها, كما قال جل ثناؤه: أَلَمْ نَجْعَلِ الأَرْضَ كِفَاتًا * أَحْيَاءً وَأَمْوَاتًا ، [سورة المرسلات: 25-26].* * *وأما قوله: (ومتاع إلى حين)، فإنه يقول جل ثناؤه: " ولكم فيها متاع "، تستمتعون به إلى انقطاع الدنيا, (11) وذلك هو الحين الذي ذكره، كما:-14417- حدثت عن عبيد الله بن موسى قال، أخبرنا إسرائيل, عن السدي, عمن حدثه, عن ابن عباس: (ومتاع إلى حين)، قال: إلى يوم القيامة وإلى انقطاع الدنيا.* * *و " الحين " نفسه: الوقت, غير أنه مجهول القدر (12) ، يدل على ذلك قول الشاعر: (13)وَمَا مِرَاحُكَ بَعْدَ الْحِلْمِ وَالدِّينِوَقَدْ عَلاكَ مَشِيبٌ حِينَ لا حِينِ (14)أي وقت لا وقت.-------------------الهوامش :(5) الأثر : 14413 - (( عمرو بن طلحة )) ، هو (( عمرو بن حماد بن طلحة القناد )) ، منسوبًا إلى جده . وقد مضى مئات من المرات في هذا الإسناد وغيره ، (( عمرو بن حماد ، عن أسباط )) . وقد سلف برقم : 755 .(6) الأثر : 14414 - مضى برقم : 754 .(7) انظر تفسير نظيرة هذه الآية فيما سلف 1 : 535 - 541 .(8) انظر تفسير (( مستقر )) فيما سلف 1 : 539 /11 : 434 ، 562 - 572 .(9) الأثر : 14415 - مضى برقم : 765 . وكان في المطبوعة والمخطوطة هنا : (( هو الذي جعل ... )) ، بزيادة (( هو )) ، وهو سبق قلم من الناسخ .(10) الأثر : 14416 - انظر ما سلف رقم : 767 ، بغير هذا الإسناد .(11) انظر تفسير (( المتاع )) فيما سلف 1 : 539 - 541 /11 : 71 ، تعليق : 2 . والمراجع هناك .(12) انظر تفسير (( الحين )) فيما سلف 1 : 540 ، ولم يذكر هذا هناك في تفسير نظيرة هذه الآية .(13) هو جرير .(14) ديوانه : 586 ، وسيبويه 1 : 358 ، ومجاز القرآن لأبي عبيدة 1 : 212 ، والخزانة 2 : 94 ، وغيرها . مطلع قصيدة في هجاء الفرزدق ، ورواية الديوان ، وسيبويه :* ما بالُ جَهْلِكَ بَعْدَ الْحِلْمِ والدِّينِ *وبعده :لِلْغَانِيَاتِ وِصَالٌ لَسْتُ قَاطِعَهُعَلَى مَوَعدِهَ مِنْ خُلْفٍ وَتَلْوِينِإِنَّي لأَرْهَبُ تَصْدِيقَ الْوُشَاةِ بِنَاأَوْ أَنْ يَقُولَ غَوِىٌّ للنَّوَى : بِينِيو (( المراح )) ( بكسر الميم ) : المرح والاختيال والتبختر ، وذلك من جنون الشاباب واعتداده بنفسه . وكأن رواية الديوان هي الجودي .وأنشده سيبويه شاهدًا على إلغاء (( لا )) وإضافة (( حين )) الأولى إلى (( حين )) الثانية ، قال : فإنما هو حين حين ، و (( لا )) بمنزلة (( ما )) إذا ألغيت .وهذا الذي ذكر أبو جعفر هو أبي عبيدة في مجاز القرآن 1 : 212 ، وجاء بالبيت كما رواه هنا ، وان كان في مطبوعة مجاز القرآن : (( وما مزاحك )) بالزاي ، وهو خطأ مطبعي فيما أظن .
7:25
قَالَ فِیْهَا تَحْیَوْنَ وَ فِیْهَا تَمُوْتُوْنَ وَ مِنْهَا تُخْرَجُوْنَ۠(۲۵)
فرمایا اسی میں جیوگے اور اسی میں مرو گے اور اسی میں اٹھائے جاؤ گے (ف۳۲)

القول في تأويل قوله : قَالَ فِيهَا تَحْيَوْنَ وَفِيهَا تَمُوتُونَ وَمِنْهَا تُخْرَجُونَ (25)قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: قال الله للذين أهبطهم من سمواته إلى أرضه: (فيها تحيون)، يقول: في الأرض تحيون, يقول: تكونون فيها أيام حياتكم =(وفيها تموتون)، يقول في الأرض تكون وفاتكم,(ومنها تخرجون)، يقول: ومن الأرض يخرجكم ربكم ويحشركم إليه لبعث القيامة أحياء.* * *
7:26
یٰبَنِیْۤ اٰدَمَ قَدْ اَنْزَلْنَا عَلَیْكُمْ لِبَاسًا یُّوَارِیْ سَوْاٰتِكُمْ وَ رِیْشًاؕ-وَ لِبَاسُ التَّقْوٰىۙ-ذٰلِكَ خَیْرٌؕ-ذٰلِكَ مِنْ اٰیٰتِ اللّٰهِ لَعَلَّهُمْ یَذَّكَّرُوْنَ(۲۶)
اے آدم کی اولاد! بیشک ہم نے تمہاری طرف ایک لباس وہ اُتارا کہ تمہاری شرم کی چیزیں چھپائے اور ایک وہ کہ تمہاری آرائش ہو (ف۳۳) اور پرہیزگاری کا لباس وہ سب سے بھلا (ف۳۴) یہ اللہ کی نشانیوں میں سے ہے کہ کہیں وہ نصیحت مانیں،

القول في تأويل قوله : يَا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنْزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِي سَوْآتِكُمْقال أبو جعفر: يقول جل ثناؤه للجهلة من العرب الذين كانوا يتعرَّون للطواف، اتباعًا منهم أمرَ الشيطان، وتركًا منهم طاعةَ الله, فعرفهم انخداعهم بغروره لهم، حتى تمكن منهم فسلبهم من ستر الله الذي أنعمَ به عليهم, حتى أبدى سوءاتهم وأظهرها من بعضهم لبعض, مع تفضل الله عليهم بتمكينهم مما يسترونها به, وأنهم قد سار بهم سيرته في أبويهم آدم وحواء اللذين دلاهما بغرور حتى سلبهما ستر الله الذي كان أنعم به عليهما حتى أبدى لهما سوءاتهما فعرّاهما منه: (يا بني آدم قد أنزلنا عليكم لباسًا)، يعني بإنزاله عليهم ذلك، خلقَه لهم, ورزقه إياهم = و " اللباس " ما يلبسون من الثياب (15) =(يواري سوآتكم) يقول: يستر عوراتكم عن أعينكم (16) = وكنى ب" السوءات "، عن العورات.* * *= واحدتها " سوءة ", وهي" فعلة " من " السوء ", وإنما سميت " سوءة "، لأنه يسوء صاحبها انكشافُها من جسده, (17) كما قال الشاعر: (18)خَرَقُوا جَيْبَ فَتَاتِهِمُلَمْ يُبَالُوا سَوْءَةَ الرَّجُلَهْ (19)* * *وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.* ذكر من قال ذلك:14418- حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد, في قول الله: (لباسًا يواري سوآتكم) قال: كان ناس من العرب يطوفون بالبيت عراةً, ولا يلبس أحدهم ثوبًا طاف فيه.14419- حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد, بنحوه.14420- حدثني الحارث قال، حدثنا عبد العزيز قال، حدثنا أبو سعد المدني قال، سمعت مجاهدًا يقول في قوله: (يا بني آدم قد أنزلنا عليكم لباسًا يواري سوآتكم وريشًا)، قال: أربع آيات نزلت في قريش. كانوا في الجاهلية لا يطوفون بالبيت إلا عراة.14421- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبو أسامة, عن عوف قال: سمعت معبدًا الجهني يقول في قوله: (يا بني آدم قد أنزلنا عليكم لباسًا يواري سوآتكم وريشًا)، قال: اللباس الذي تلبسون.14422- حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج, عن ابن جريج, عن مجاهد: (يا بني آدم قد أنزلنا عليكم لباسًا يواري سوآتكم) قال: كانت قريش تطوف عراة, لا يلبس أحدهم ثوبًا طاف فيه. وقد كان ناس من العرب يطوفون بالبيت عراة.14423- حدثنا محمد بن بشار قال، حدثنا محمد بن جعفر وسهل بن يوسف, عن عوف, عن معبد الجهني: (يا بني آدم قد أنزلنا عليكم لباسًا يواري سوآتكم) قال: اللباس الذي يواري سوءاتكم: وهو لَبُوسكم هذه. (20)14424- حدثني محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن مفضل قال، حدثنا أسباط, عن السدي: (لباسًا يواري سوآتكم) قال: هي الثياب.14425- حدثنا الحارث قال، حدثنا عبد العزيز قال، حدثنا أبو سعد قال، حدثني مَنْ سمع عروة بن الزبير يقول، اللباس: الثياب.14426- حدثت عن الحسين بن الفرج قال، سمعت أبا معاذ قال، حدثنا عبيد بن سليمان قال، سمعت الضحاك يقول في قوله: (قد أنزلنا عليكم لباسًا يواري سوآتكم) قال: يعني ثيابَ الرجل التي يلبسها.* * *القول في تأويل قوله : وَرِيشًاقال أبو جعفر: اختلفت القرأة في قراءة ذلك.فقرأته عامة قرأة الأمصار: (وَرِيشًا)، بغير " ألف ".* * *وذكر عن زر بن حبيش والحسن البصري: أنهما كانا يقرآنه: " وَرِياشًا ".14427- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا عبد الصمد بن عبد الوارث, عن أبان العطار قال، حدثنا عاصم: أن زر بن حبيش قرأها: " وَرِياشًا ".* * *قال أبو جعفر: والصوابُ من القراءة في ذلك، قراءة من قرأ: (وَرِيشًا) بغير " ألف "، لإجماع الحجة من القرأة عليها.وقد رُوي عن النبي صلى الله عليه وسلم خبرٌ في إسناده نظر: أنه قرأه: " وَرِياشًا ". (21)فمن قرأ ذلك: " وَرِياشًا " فإنه محتمل أن يكون أراد به جمع " الريش ", كما تجمع " الذئب "،" ذئابًا "، و " البئر "" بئارًا ".ويحتمل أن يكون أراد به مصدرًا، من قول القائل: " راشه الله يَريشه رياشًا ورِيشًا ", (22) كما يقال: " لَبِسه يلبسه لباسًا ولِبْسًا "، وقد أنشد بعضهم: (23)فَلَما كَشَفْنَ اللِّبْسَ عَنْهُ مَسَحْنَهُبِأَطْرَافِ طَفْلٍ زَانَ غَيْلا مُوَشَّمَا (24)بكسر " اللام " من " اللبس ".و " الرياش "، في كلام العرب، الأثاث، وما ظهر من الثياب من المتاع مما يلبس أو يُحْشى من فراش أو دِثَار.و " الريش " إنما هو المتاع والأموال عندهم. وربما استعملوه في الثياب والكسوة دون سائر المال. يقولون: " أعطاه سرجًا بريشه ", و " رحْلا بريشه "، أي بكسوته وجهازه. ويقولون: " إنه لحسن ريش الثياب "، وقد يستعمل " الرياش " في الخصب ورَفاهة العيش.* * *وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.* ذكر من قال: " الرياش "، المال:14428- حدثني المثنى قال، حدثنا عبد الله قال، حدثني معاوية, عن علي بن أبي طلحة, عن ابن عباس قوله: (وريشًا)، يقول: مالا.14429- حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد: (وريشًا)، قال: المال.14430- حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد, مثله.14431- حدثني محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن المفضل قال، حدثنا أسباط, عن السدي: " ورياشًا "، قال: أما " رياشًا "، فرياش المال. (25)14432- حدثني الحارث قال، حدثنا عبد العزيز قال، حدثنا أبو سعد المدني قال، حدثني من سمع عروة بن الزبير يقول: " الرياش "، المال.14433- حدثت عن الحسين بن الفرج قال، سمعت أبا معاذ قال، حدثنا عبيد بن سليمان, عن الضحاك قوله: " ورياشًا "، يعني، المال.* ذكر من قال: هو اللباس ورفاهة العيش.14434- حدثني محمد بن سعد قال، حدثني أبي قال، حدثني عمي قال، حدثني أبي, عن أبيه, عن ابن عباس قوله: " ورياشًا "، قال: " الرياش "، اللباس والعيش والنَّعيم.14435- حدثنا محمد بن بشار قال، حدثنا محمد بن جعفر وسهل بن يوسف, عن عوف, عن معبد الجهني: " ورياشًا "، قال: " الرياش "، المعاش.14436- حدثني يعقوب بن إبراهيم قال، حدثنا ابن علية قال، أخبرنا عوف قال، قال معبد الجهني: " ورياشًا "، قال: هو المعاش.* * *وقال آخرون: " الريش "، الجمال.* ذكر من قال ذلك:14437- حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد في قوله: " ورياشًا "، قال: " الريش "، الجمال.* * *القول في تأويل قوله : وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌقال أبو جعفر: اختلف أهل التأويل في تأويل ذلك.فقال بعضهم: " لباس التقوى "، هو الإيمان.* ذكر من قال ذلك:14438- حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد, عن قتادة: (ولباس التقوى)، هو الإيمان.14439- حدثني محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن المفضل قال، حدثنا أسباط, عن السدي: (ولباس التقوى)، الإيمان.14440- حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، أخبرني حجاج, عن ابن جريج: (ولباس التقوى)، الإيمان.* * *وقال آخرون: هو الحياء.* ذكر من قال ذلك:14441- حدثنا محمد بن بشار قال، حدثنا محمد بن جعفر وسهل بن يوسف, عن عوف, عن معبد الجهني في قوله: (ولباس التقوى)، الذي ذكر الله في القرآن، هو الحياء.14442- حدثني يعقوب بن إبراهيم قال، حدثنا ابن علية قال، أخبرنا عوف قال، قال معبد الجهني, فذكر مثله.14443- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبو أسامة, عن عوف, عن معبد، بنحوه.* * *وقال آخرون: هو العمل الصالح.* ذكر من قال ذلك:14444- حدثني محمد بن سعد قال، حدثني أبي قال، حدثني عمي قال، حدثني أبي, عن أبيه, عن ابن عباس: (ولباس التقوى ذلك خير)، قال: لباس التقوى: العمل الصالح.* * *وقال آخرون: بل ذلك هو السَّمْت الحسن.* ذكر من قال ذلك:14445- حدثني زكريا بن يحيى بن أبي زائدة قال، حدثنا عبد الله بن داود, عن محمد بن موسى, عن . . . . بن عمرو, عن ابن عباس: (ولباس التقوى)، قال: السمت الحسن في الوجه. (26)14446- حدثني المثنى قال، حدثنا إسحاق بن الحجاج قال، حدثنا إسحاق بن إسماعيل, عن سليمان بن أرقم, عن الحسن قال: رأيت عثمان بن عفان على منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم، عليه قميصٌ قُوهيّ محلول الزرّ, (27) وسمعته يأمر بقتل الكلاب، وينهى عن اللعب بالحمام, ثم قال: يا أيها الناس، اتقوا الله في هذه السرائر, فإنّي سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " والذي نفس محمد بيده، ما عمل أحدٌ قط سرًّا إلا ألبسه الله رداءَ علانيةٍ, (28) إن خيرًا فخيرًا, وإن شرًّا فشرًا "، ثم تلا هذه الآية: " وَرِيَاشًا " = ولم يقرأها: وَرِيشًا=( وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ ذَلِكَ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ )، قال: السمتُ الحسن. (29)* * *وقال آخرون: هو خشية الله.* ذكر من قال ذلك:14447- حدثني الحارث قال، حدثنا عبد العزيز قال، حدثنا أبو سعد المدنى قال، حدثني من سمع عروة بن الزبير يقول: (لباس التقوى)، خشية الله.* * *وقال آخرون: (لباس التقوى)، في هذه المواضع، ستر العورة.* ذكر من قال ذلك:14448- حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد في قوله: (ولباس التقوى)، يتقي الله، فيواري عورته, ذلك " لباس التقوى ".* * *واختلفت القرأة في قراءة ذلك.فقرأته عامة قرأة المكيين والكوفيين والبصريين: ( وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ )، برفع " ولباس ".* * *وقرأ ذلك عامة قرأة المدينة: " وَلِبَاسَ التَّقْوَى "، بنصب " اللباس ", وهي قراءة بعض قرأة الكوفيين.* * *فمن نصب: " ولباس "، فإنه نصبه عطفًا على " الريش "، بمعنى: قد أنزلنا عليكم لباسًا يواري سوءاتكم وريشًا, وأنزلنا لباسَ التقوى.* * *وأما الرفع, فإن أهل العربية مختلفون في المعنى الذي ارتفع به " اللباس ".فكان بعض نحويي البصرة يقول: هو مرفوع على الابتداء, وخبره في قوله: (ذلك خير) . وقد استخطأه بعض أهل العربية في ذلك وقال: هذا غلط, لأنه لم يعد على " اللباس " في الجملة عائد, فيكون " اللباس " إذا رفع على الابتداء وجعل " ذلك خير " خبرًا.* * *وقال بعض نحويي الكوفة: (ولباس)، يرفع بقوله: ولباس التقوى خير، ويجعل " ذلك " من نعته. (30)* * *قال أبو جعفر: وهذا القول عندي أولى بالصواب في رافع " اللباس "، لأنه لا وجه للرفع إلا أن يكون مرفوعًا ب" خير "، وإذا رفع ب " خير " لم يكن في ذلك وجه إلا أن يجعل " اللباس " نعتًا, لا أنه عائد على " اللباس " من ذكره في قوله: (ذلك خير)، فيكون خير مرفوعًا ب" ذلك "، و " ذلك "، به.فإذ، كان ذلك كذلك, فتأويل الكلام = إذا رفع " لباس التقوى " =: ولباس التقوى ذلك الذي قد علمتموه، خير لكم يا بني آدم، من لباس الثياب التي تواري سوءاتكم, ومن الرياش التي أنزلناها إليكم، هكذا فالبَسوه.* * *وأما تأويل مَنْ قرأه نصبًا, فإنه: " يَا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنْزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِي سَوْآتِكُمْ وَرِيشًا وَلِبَاسُ التَّقْوَى "، هذا الذي أنزلنا عليكم من اللباس الذي يواري سوءاتكم, والريش, ولباس التقوى خير لكم من التعرِّي والتجرد من الثياب في طوافكم بالبيت, فاتقوا الله والبسوا ما رزقكم الله من الرياش, ولا تطيعوا الشيطان بالتجرد والتعرِّي من الثياب, فإن ذلك سخرية منه بكم وخدعة, كما فعل بأبويكم آدم وحواء، فخدعهما حتى جرّدهما من لباس الله الذي كان ألبسهما بطاعتهما له، في أكل ما كان الله نهاهما عن أكله من ثمر الشجرة التي عصَياه بأكلها.* * *قال أبو جعفر: وهذه القراءة أولى القراءتين في ذلك عندي بالصواب, أعني نصب قوله: " وَلِبَاسَ التَّقْوَى "، لصحة معناه في التأويل على ما بيّنت, وأن الله إنما ابتدأ الخبر عن إنزاله اللباس الذي يواري سوءاتنا والرياش، توبيخًا للمشركين الذين كانوا يتجرّدون في حال طوافهم بالبيت, ويأمرهم بأخذ ثيابهم والاستتار بها في كل حال، مع الإيمان به واتباع طاعته = ويعلمهم أن كلّ ذلك خير من كلّ ما هم عليه مقيمون من كفرهم بالله، وتعرِّيهم, لا أنه أعلمهم أن بعض ما أنزل إليهم خيرٌ من بعض.وما يدل على صحة ما قلنا في ذلك، الآيات التي بعد هذه الآية, وذلك قوله: يَا بَنِي آدَمَ لا يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُمْ مِنَ الْجَنَّةِ يَنْزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوْآتِهِمَا وما بعد ذلك من الآيات إلى قوله: وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ ، فإنه جل ثناؤه يأمر في كل ذلك بأخذ الزينة من الثياب، واستعمال اللباس وترك التجرّد والتعرّي، وبالإيمان به، واتباع أمره والعمل بطاعته, وينهى عن الشرك به واتباع أمر الشيطان ، مؤكدًا في كل ذلك ما قد أجمله في قوله: (يَا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنْزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِي سَوْآتِكُمْ وَرِيشًا وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ) .* * *قال أبو جعفر: وأولى الأقوال بالصحة في تأويل قوله: " ولباس التقوى "، استشعار النفوس تقوى الله، في الانتهاء عما نهى الله عنه من معاصيه، والعمل بما أمر به من طاعته ، وذلك يجمع الإيمان، والعمل الصالح، والحياء، وخشية الله، والسمتَ الحسن, لأن مَنْ اتقى الله كان به مؤمنًا، وبما أمره به عاملا ومنه خائفًا، وله مراقبًا, ومن أن يُرَى عند ما يكرهه من عباده مستحييًا. ومَنْ كان كذلك ظهرت آثار الخير فيه, فحسن سَمْته وهَدْيه، ورُئِيَتْ عليه بهجة الإيمان ونوره.وإنما قلنا: عنى ب" لباس التقوى "، استشعارَ النفس والقلب ذلك = لأن " اللباس "، إنما هو ادِّراع ما يلبس، واجتياب ما يكتسى, (31) أو تغطية بدنه أو بعضه به. فكل من ادَّرع شيئًا واجتابهُ حتى يُرَى عَيْنه أو أثرُه عليه, (32) فهو له " لابس " . ولذلك جعل جل ثناؤه الرجال للنساء لباسًا، وهن لهم لباسًا, وجعل الليل لعباده لباسًا. (33)* * ** ذكر من تأول ذلك بالمعنى الذي ذكرنا من تأويله، إذا قرئ قوله: ( وَلِبَاسُ التَّقْوَى )، رفعًا.14449- حدثني محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن المفضل قال، حدثنا أسباط, عن السدي: (ولباس التقوى) ، الإيمان =(ذلك خير)، يقول: ذلك خير من الرياش واللباس يواري سوءاتكم.14450- حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد, عن قتادة قوله: (ولباس التقوى)، قال: لباس التقوى خير, وهو الإيمان.* * *القول في تأويل قوله : ذَلِكَ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ (26)قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: ذلك الذي ذكرت لكم أنّي أنزلته إليكم، أيها الناس، من اللباس والرياش، من حجج الله وأدلته التي يعلم بها مَنْ كفر صحة توحيد الله, وخطأ ما هم عليه مقيمون من الضلالة =(لعلهم يذكرون)، يقول جل ثناؤه: جعلت ذلك لهم دليلا على ما وصفت، ليذكروا فيعتبروا وينيبوا إلى الحق وترك الباطل, رحمة مني بعبادي. (34)------------------الهوامش :(15) انظر تفسير (( اللباس )) فيما سلف 3 : 489 - 491 /5 : 480 /11 : 270 .(16) انظر تفسير ( وارى )) فيما سلف 10 : 229 .(17) انظر تفسير (( السوءة )) فيما سلف 10 : 229 / وهذا الجزء ص : 352 .(18) لم أعرف قائله .(19) الكامل 1 : 165 ، وشرح الحماسة 1 : 117 ، واللسان ( رجل ) ، وغيرهما ، وقبل البيت :كُلُّ جَارٍ ظَلَّ مُغْتَبِطًاغَيْرَ جِيرَانِي بَنِي جَبَلَهْوروايتهم : (( لم يبالوا حرمة الرجله )) . وكنى بقوله : (( جيب فتاتهم )) ، عن عورتها وفرجها . وانث (( الرجل )) ، فجعل المرأة : (( رجلة )) .(20) (( اللبوس )) ، الثياب ، وهو مذكر ، فإن ذهبت به إلى (( الثياب )) جاز لك أن تؤنث ، وكان في المطبوعة : (( هو لبوسكم هذا )) ، وأثبت ما في المخطوطة .(21) سيأتي هذا الخبر بإسناده رقم : 14446 .(22) أراد هنا أن يجعل (( ريشا )) مصدرًا بكسر (( الراء )) ، كما هو بين في معاني القرآن للفراء 1 : 375 ، ولذلك ضبطتها كذلك ، والذي نص عليه أهل اللغة أن المصدر ( ريشا )) بفتح فسكون .(23) هو حميد بن ثور الهلالي .(24) ديوانه : 14 ، ومعاني القرآن للفراء 1 : 375 ، واللسان ( لبس ) ( طفل ) ، والمخصص 4 : 35 ، وغيرها . وهذا بيت من قصيدة له طويلة في ديوانه ، أرجح أنها مختلطة الترتيب ، وهذا البيت مما اختلط . فإنه في صفة الرجل ، فقال فيه ( كما ورد في الديوان البيت رقم : 37 ) ، بعد أن زينته الجواري ( والشعر في الديوان كثير الخطأ ، فصححته ) .تَنَاهَى عَلَيْهِ الصَّانِعَاتُ ، وَشَاكَلَتْبِهِ الخيلَ حَتَّى هَمَّ أَنْ يَتَحَمْحَمَاثم قال بعد رقم : 40 .تَخَالُ خِلالَ الرَّقْم لَمَّا سَدَلْنَهُحِصَانًا تَهَادَى سَامِيَ الطَّرْفِ مُلْجَمَاوقال قبل البيت ( وهما في ترتيب الديوان : 32 ، 33 ) :فَزَيَّنَّهُ بِالعِهْنِ حَتَّى لَوَ انَّهُيُقَالُ لَهُ : هَابٍ ، هَلُمَّ ! لأَقْدَمَاجعل الهودج قد صار كأنه فرس عليه زينته وجلاله وسرجه . وقوله : ( فلما كشفن اللبس عنه )) ، يعني الهودج . و (( مسحنه )) يعني الجواري اللواتي صنعه وزوقنه وزينه . و (( الطفل ) ( بفتح فسكون ) هو البنان الناعم ، وأراد : مسحنه بأطراف بنان طفل ، فجعل (( طفلا )) بدلا من (( البنان )) و (( الغيل )) ( بفتح فسكون ) الساعد الريان الممتلئ . و (( الموشم )) ، عليه الوشم ، وكان زينة للجاهلية أبطلها الإسلام ، ولعن الله متخذها ، رجلا كان أو امرأة .(25) حيث جاءت (( رياش )) القراءة الثانية في هذه الأخبار ، فإني تاركها على ما هي عليه لا أغيرها إلى قراءتنا .(26) الأثر : 14445 - في هذا الإسناد في المخطوطة : (( عن الدنا بن عمرو )) ، كلمة لم أعرف كيف تقرأ ، فوضعت مكانها نقطًا ، وكان في المطبوعة : (( الزباء بن عمرو )) ، لا أدري من أين جاء بهذا الاسم !! ووجدت في تفسير ابن كثير 3 : 462 : (( الديال بن عمرو )) ، وهذا أيضًا . لم أعرف ما يكون .(( محمد بن موسى )) ، لم أستطع أن أحدد من يكون .(27) (( القميص القوهي )) ، منسوب إلى (( قوهستان )) ، وهي أرض متصلة بنواحي هراة ونيسابور ، ينسب إليها ضرب من الثياب .(28) نص ابن كثير في تفسيره ، نقلا عن هذا الموضع من الطبري : (( ما أسر أحد سريرة إلا ألبسهما الله رداءها علانية )) ، ولا أدري من أين جاء هذا الاختلاف : وفي المطبوعة : (( رداءه )) ، وأثبت ما في المخطوطة .(29) الأثر : 14446 - (( إسحاق بن الحجاج الرازي الطاحوني )) ، مضى برقم : 230 ، 1614 ، 10314 . و (( إسحاق بن إسماعيل )) لعله (( إسحاق بن لإسماعيل الرازي )) ، أبو يزيد ، حبويه . مترجم في ابن أبي حاتم 1 /1 / 212 .و (( سليمان بن أرقم )) ، أبو معاذ . ضعف جدًا ، متروك الحديث ، مضى برقم : 4923 . فمن أجل ضعف (( سليمان بن أرقم )) ، قال أبو جعفر فيما سلف ص : 363 ، تعليق : 1 ، أن في إسناد هذا الخبر نظرًا .وهذا الخبر رواه ابن كثير في تفسيره 3 : 462 ، 463 ، وضعفه ، ثم قال : (( وقد روى الأئمة ، الشافعي وأحمد والبخاري في كتاب الأدب صحيحة ، عن الحسن : أنه سمع أمير المؤمنين عثمان بن عفان يأمر بقتل الكلاب وذبح الحمام يوم الجمعة على المنبر )) . قلت : وخبر أحمد في المسند رقم : 521 ، وخبر البخاري في الأدب المفرد ص : 332 ، 333 برقم : 1301 .(30) هذا قول الفراء 1 : 375(31) في المطبوعة : (( واحتباء ما يكتسى )) ، غير ما في المخطوطة ، الخطأ في نقطها ، فأساء غاية الإساءة ، كان في المخطوطة : (( واحنتاب )) ، وصواب قراءتها ما أثبت وانظر التعليق التالي ، (( اجتاب الثوب اجتيابًا )) ، لبسه ، قال لبيد :فَبِتِلْكَ إذْ رَقَصَ اللَّوَامِعُ بِالضُّحَىوَاجْتَابَ أَرْدِيَةَ السَّرَابِ إكَامُهاأَقْضِي اللُّبَانَةَ لا أُفَرِّطُ رِيبَةًأَوْ أَنْ يَلُومَ بِحَاجَةٍ لَوَّامُها(32) في المطبوعة : (( فكل من اردع شيئًا واحتبى به حتى يرى هو أو أثره عليه )) ، أساء كما أساء في السالف ، ولكن كان الخطأ أعذر له ، لأنه فيها (( فكل من ادرع شيئًا واحبا )) هذا آخر السطر ، ثم بدأ في السطر التالي (( به حتى يرى عنه أو أثره عليه )) . فجاء الناشر فجعلها (( واحتبى به )) والصواب ما أثبت ، وإنما قطع الناسخ الكلمة في سطرين !! وانظر التعليق السالف . وأما قوله في المطبوعة : (( حتى يرى هو أو أثره عليه )) ، فقد غيره تغييرًا لا يجدي ، وصواب قراءة المخطوطة كما أثبت .(33) شاهد الأول آية (( سورة البقرة )) : 187 : " هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ " . وشاهد الثاني على آية (( سورة النبأ)) : 10 : " وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ لِبَاسًا " .(34) انظر تفسير (( آية )) فيما سلف من فهارس اللغة ( أيي ) .= وتفسير (( يذكر )) فيما سلف منها ( ذكر ) .
7:27
یٰبَنِیْۤ اٰدَمَ لَا یَفْتِنَنَّكُمُ الشَّیْطٰنُ كَمَاۤ اَخْرَ جَ اَبَوَیْكُمْ مِّنَ الْجَنَّةِ یَنْزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِیُرِیَهُمَا سَوْاٰتِهِمَاؕ-اِنَّهٗ یَرٰىكُمْ هُوَ وَ قَبِیْلُهٗ مِنْ حَیْثُ لَا تَرَوْنَهُمْؕ-اِنَّا جَعَلْنَا الشَّیٰطِیْنَ اَوْلِیَآءَ لِلَّذِیْنَ لَا یُؤْمِنُوْنَ(۲۷)
اے آدم کی اولاد! (ف۳۵) خبردار! تمہیں شیطان فتنہ میں نہ ڈالے جیسا تمہارے ماں باپ کو بہشت سے نکالا اتروا دیئے ان کے لباس کہ ان کی شرم کی چیزیں انہیں نظر پڑیں، بیشک وہ اور اس کا کنبہ تمہیں وہاں سے دیکھتے ہیں کہ تم انہیں نہیں دیکھتے (ف۳۶) بیشک ہم نے شیطانوں کو ان کا دوست کیا ہے جو ایمان نہیں لاتے،

القول في تأويل قوله : يَا بَنِي آدَمَ لا يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُمْ مِنَ الْجَنَّةِ يَنْزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوْآتِهِمَاقال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: يا بني آدم، لا يخدعنكم الشيطان فيبدي سوءاتكم للناس بطاعتكم إياه عند اختباره لكم, كما فعل بأبويكم آدم وحواء عند اختباره إياهما فأطاعاه وعصيا ربهما، فأخرجهما بما سبَّب لهما من مكره وخدعه، من الجنة, ونزع عنهما ما كان ألبسهما من اللباس، ليريهما سوءاتهما بكشف عورتهما، وإظهارها لأعينهما بعد أن كانت مستترةً.* * *وقد بينا فيما مضى أن معنى " الفتنة "، الاختبار والابتلاء، بما أغنى عن إعادته. (35)* * *وقد اختلف أهل التأويل في صفة " اللباس " الذي أخبر الله جل ثناؤه أنه نزعه عن أبوينا، وما كان.فقال بعضهم: كان ذلك أظفارًا.* ذكر من لم يذكر قوله فيما مضى من كتابنا هذا في ذلك:14451- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا يحيى بن آدم, عن شريك, عن عكرمة: (ينزع عنهما لباسهما)، قال: لباس كل دابة منها, ولباس الإنسان الظُّفر, فأدركت آدم التوبة عند ظُفُره = أو قال: أظفاره.14452- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا عبد الحميد الحماني, عن نضر أبي عمر, عن عكرمة, عن ابن عباس قال: تركت أظفاره عليه زينة ومنافع، في قوله: (ينزع عنهما لباسهما). (36)14453- حدثني أحمد بن الوليد القرشي قال، حدثنا إبراهيم بن أبي الوزير قال، أخبرنا مخلد بن الحسين, عن عمرو بن مالك, عن أبي الجوزاء, عن ابن عباس في قوله: (ينزع عنهما لباسهما)، قال: كان لباسهما الظفر ، فلما أصابا الخطيئة نزع عنهما, وتركت الأظفار تذكرة وزينة.14454- حدثني المثنى قال، حدثنا الحماني قال، حدثنا شريك, عن سماك, عن عكرمة في قوله: (ينزع عنهما لباسهما)، قال: كان لباسه الظفر, فانتهت توبته إلى أظفاره.* * *وقال آخرون: كان لباسهما نورًا.* ذكر من قال ذلك:14455- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا ابن عيينة, عن عمرو, عن وهب بن منبه: (ينزع عنهما لباسهما)، النور.14456- حدثني المثنى قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا عبد الله بن الزبير, عن ابن عيينة قال، حدثنا عمرو قال، سمعت وهب بن منبه يقول في قوله: (ينزع عنهما لباسهما ليريهما سوآتهما) قال: كان لباس آدم وحواء نورًا على فروجهما, لا يرى هذا عورة هذه, ولا هذه عورة هذا.* * *وقال آخرون: إنما عنى الله بقوله: (ينزع عنهما لباسهما)، يسلبهما تقوى الله.* ذكر من قال ذلك:14457- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا مطلب بن زياد, عن ليث, عن مجاهد: (ينزع عنهما لباسهما)، قال: التقوى. (37)14458- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا يحيى بن آدم, عن شريك, عن ليث, عن مجاهد: (ينزع عنهما لباسهما)، قال: التقوى.14459- حدثني المثنى قال، حدثنا الحماني قال، حدثنا شريك, عن ليث, عن مجاهد, مثله.* * *قال أبو جعفر: والصواب من القول في تأويل ذلك عندي أن يقال: إن الله تعالى حذر عباده أن يفتنهم الشيطان كما فتن أبويهم آدم وحواء, وأن يجرِّدهم من لباس الله الذي أنزله إليهم, كما نزع عن أبويهم لباسهما." اللباس " المطلق من الكلام بغير إضافة إلى شيء في متعارف الناس, وهو ما اجتابَ فيه اللابس من أنواع الكُسي, (38) أو غطى بدنه أو بعضه.وإذ كان ذلك كذلك, فالحق أن يقال: إن الذي أخبر الله عن آدم وحواء من لباسهما الذي نزعه عنهما الشيطان، هو بعض ما كانا يواريان به أبدانهما وعوْرَتهما . وقد يجوز أن يكون ذلك كان ظفرًا= ويجوز أن يكون كان ذلك نورًا = ويجوز أن يكون غير ذلك = ولا خبر عندنا بأيِّ ذلك تثبت به الحجة, فلا قول في ذلك أصوب من أن يقال كما قال جلّ ثناؤه: (ينزع عنهما لباسهما) .* * *وأضاف جل ثناؤه إلى إبليس إخراجَ آدم وحواء من الجنة, ونزعَ ما كان عليهما من اللباس عنهما، وإن كان الله جل ثناؤه هو الفاعل ذلك بهما عقوبة على معصيتهما إياه, إذ كان الذي كان منهما في ذلك عن تسْنيةِ ذلك لهما بمكره وخداعه, (39) فأضيف إليه أحيانًا بذلك المعنى, وإلى الله أحيانًا بفعله ذلك بهما.* * *القول في تأويل قوله : إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لا تَرَوْنَهُمْ إِنَّا جَعَلْنَا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ لِلَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ (27)قال أبو جعفر: يعني جل ثناؤه بذلك: إن الشيطان يراكم هو= و " الهاء " في" إنه " عائدة على الشيطان = و " قبيله "، يعني: وصنفه وجنسه الذي هو منه واحدٌ جمع جيلا (40) وهم الجن، كما:-14460- حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج, عن ابن جريج, عن مجاهد, قوله: (إنه يراكم هو وقبيله)، قال: الجن والشياطين.14461- حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد في قوله: (إنه يراكم هو وقبيله)، قال: " قبيله "، نسله.* * *وقوله: (من حيث لا ترونهم)، يقول: من حيث لا ترون أنتم، أيها الناس، الشيطان وقبيله =(إنا جعلنا الشياطين أولياء للذين لا يؤمنون)، يقول: جعلنا الشياطين نُصراء الكفار الذين لا يوحِّدون الله ولا يصدقون رسله. (41)-----------------الهوامش :(35) انظر تفسير (( الفتنة )) فيما سلف 11 : 388 ، تعليق : 1 ، والمراجع هناك .(36) الأثر : 14452 - (( عبد الحميد الحماني )) هو (( عبد الحميد بن عبد الرحمن الحماني )) ، مضى برقم : 718 ، 7863 .و (( نضر ، أبو عمر )) هو (( النضر بن عبد الرحمن )) ، أبو عمر الخراز ، مضى أيضًا برقم 718 ، 10373 ، وكان في المطبوعة : (( نصر بن عمر )) ، غير ما في المخطوطة ، وهو فيها : (( نصر أبي عمر )) ، غير منقوطة .(37) الأثر : 14457 - (( مطلب بن زياد بن أبي زهير الثقفي )) ، قال ابن سعد : (( كان ضعيفًا في الحديث جدًا )) ، وقال ابن عدي : (( وله أحاديث حسان وغرائب ، ولم أر له منكرًا ، وأرجو أنه لا بأس به )) . مترجم في التهذيب ، والبخاري في الكبير 4 / 2 / 8 ، ولم يذكر فيه جرحًا ، وابن أبي حاتم 4 /1 / 360 ، وذكر أن أحمد ويحيى بن معين وثقا . وقال أبو حاتم : (( يكتب حديثه ، ولا يحتج به )) .(38) في المطبوعة : (( هو ما اختار فيه اللابس من أنواع الكساء )) ، ولم يحسن قراءة المخطوطة ، فغير كما سلف قريبًا ، فرددتها إلى أصلها .وقوله : (( اجتاب فيه اللابس )) ، أدخل (( فيه )) مع (( اجتاب )) ، وهو صحيح في قياس العربية ، لأنهم قالوا : (( اجتاب الثوب والظلام )) ، إذا دخل فيهما ، فأعطى (( اجتاب )) معنى (( دخل )) ، فألحق بها حرف الجر ، لمعنى الدخول .(39) في المطبوعة : (( عن تسبيه ذلك لهما )) ، ولا معنى له ، وهو في المخطوطة غير منقوط ، وهذا صواب قراءته ، (( سنى له الأمر )) ، سهله ويسره وفتحه .(40) في المطبوعة : (( الذي هو منه واحد جمعه قبل )) ، غير ما في المخطوطة ، وفي المخطوطة كما كتبتها ، إلا انه كتب (( صلا )) و (( الجيم )) بين القاف والجيم غير المنقوطة . واستظهرت هذا من نص أبي عبيدة في مجاز القرآن 1 : 213 ، وهو : (( أي : وجيله الذي هو منه )) ، ومن نص صاحب لسان العرب : (( ويقال لكل جمع من شيء واحد ، قبيل )) . و (( الجيل )) كل صنف من الناس ، أو الأمة . يقال : (( الترك جيل ، والصين جيل ، والعرب جيل ، والروم جيل )) ، وهم كل قوم يختصون بلغة ، وتنشأ من جمعهم أمة وصنف من الناس موصوف معروف .(41) انظر تفسير (( ولي )) فيما سلف من فهارس اللغة ( ولي ) .
7:28
وَ اِذَا فَعَلُوْا فَاحِشَةً قَالُوْا وَجَدْنَا عَلَیْهَاۤ اٰبَآءَنَا وَ اللّٰهُ اَمَرَنَا بِهَاؕ-قُلْ اِنَّ اللّٰهَ لَا یَاْمُرُ بِالْفَحْشَآءِؕ-اَتَقُوْلُوْنَ عَلَى اللّٰهِ مَا لَا تَعْلَمُوْنَ(۲۸)
اور جب کوئی بے حیائی کریں (ف۳۷) تو کہتے ہیں ہم نے اس پر اپنے باپ دادا کو پایا اور اللہ نے ہمیں اس کا حکم دیا (ف۳۸) تو فرماؤ بیشک اللہ بے حیائی کا حکم نہیں دیتا، کیا اللہ پر وہ بات لگاتے ہو جس کی تمہیں خبر نہیں،

القول في تأويل قوله : وَإِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً قَالُوا وَجَدْنَا عَلَيْهَا آبَاءَنَا وَاللَّهُ أَمَرَنَا بِهَا قُلْ إِنَّ اللَّهَ لا يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ أَتَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ (28)قال أبو جعفر: ذكر أن معنى " الفاحشة "، في هذا الموضع, (42) ما:-14462- حدثني علي بن سعيد بن مسروق الكندي قال، حدثنا أبو محياة، عن منصور, عن مجاهد: (وإذا فعلوا فاحشة قالوا وجدنا عليها آباءنا والله أمرنا بها)، قال: كانوا يطوفون بالبيت عراة, يقولون: " نطوف كما ولدتنا أمهاتنا ", فتضع المرأة على قُبُلها النِّسعة أو الشيء، (43) فتقول:الْيَوْمَ يَبْدُو بَعْضُهُ أَوْ كُلُّهُفَمَا بَدَا مِنْهُ فَلا أُحِلُّهُ (44)* * *14463- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا جرير, عن منصور, عن مجاهد في قوله: (وإذا فعلوا فاحشة قالوا وجدنا عليها آباءنا)، فاحشتهم أنهم كانوا يطوفون بالبيت عراة.14464- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبو أسامة, عن مفضل, عن منصور, عن مجاهد, مثله.14464- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا عمران بن عيينة, عن عطاء بن السائب, عن سعيد بن جبير والشعبي: (وإذا فعلوا فاحشة قالوا وجدنا عليها آباءنا)، قال: كانوا يطوفون بالبيت عراة.14465- حدثني محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن المفضل قال، حدثنا أسباط, عن السدي: (وإذا فعلوا فاحشة قالوا وجدنا عليها آباءنا والله أمرنا بها)، قال: كان قبيلة من العرب من أهل اليمن يطوفون بالبيت عراة, فإذا قيل: لم تفعلون ذلك؟ قالوا: وجدنا عليها آباءنا, والله أمرنا بها.14466- حدثني الحارث قال، حدثنا عبد العزيز قال، حدثنا إسرائيل, عن عطاء بن السائب, عن سعيد بن جبير, عن ابن عباس: (وإذا فعلوا فاحشة)، قال: طوافهم بالبيت عراة.14467- حدثني الحارث قال، حدثنا عبد العزيز قال، حدثنا أبو سعد, عن مجاهد (وإذا فعلوا فاحشة قالوا وجدنا عليها آباءنا)، قال: في طواف الحُمْس في الثياب، وغيرهم عراة. (45)14468- حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج, عن ابن جريج, عن مجاهد, قوله: (وإذا فعلوا فاحشة قالوا وجدنا عليها آباءنا)، قال: كان نساؤهم يطفن بالبيت عراة, فتلك الفاحشة التي وجدوا عليها آباءهم: (قل إن الله لا يأمر بالفحشاء)، الآية.* * *قال أبو جعفر: فتأويل الكلام إذًا: وإذا فعل الذين لا يؤمنون بالله، الذين جعل الله الشياطين لهم أولياء، قبيحًا من الفعل، وهو " الفاحشة ", وذلك تعرِّيهم للطواف بالبيت وتجردهم له, فعُذِلوا على ما أتوا من قبيح فعلهم وعوتبوا عليه, قالوا: " وجدنا على مثل ما نفعل آباءنا, فنحن نفعل مثل ما كانوا يفعلون, ونقتدي بهديهم، ونستنّ بسنتهم, والله أمرنا به, فنحن نتبع أمره فيه ".يقول الله جل ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: " قل "، يا محمد، لهم: " إن الله لا يأمر بالفحشاء ", يقول: لا يأمر خلقه بقبائح الأفعال ومساويها =" أتقولون "، أيها الناس،" على الله ما لا تعلمون " ، يقول: أتروون على الله أنه أمركم بالتعرِّي والتجرد من الثياب واللباس للطواف, (46) وأنتم لا تعلمون أنه أمركم بذلك؟------------------الهوامش :(42) انظر تفسير (( الفاحشة )) ، و (( الفحشاء )) فيما سلف : ص : 218 ، تعليق : 1 ، والمراجع هناك .(43) (( القبل )) ( بضمتين ) : فرج المرأة والرجل . و (( النسعة )) : قطعة من الجلد مضفورة عريضة ، تجعل على صدر البعير .(44) الأثر : 14462 - (( أبو محياة )) ، هو (( يحيى بن يعلي بن حرملة التيمي )) ، ثقة . مترجم في التهذيب ، والكبير 4 /2 / 311 ، وابن أبي حاتم 4 / 2 / 196 .ةسيأتي تخريج الخبر في تخريج الآثار : 14503 - 14506 .(45) (( الحمس )) ، جمع (( أحمس )) هم قريش ، لتشددهم في دينهم ، وانظر تفسير ذلك مفصلا فيما سلف 3 : 557 ، تعليق : 1 ، وانظر الأثر رقم : 3832 ، وأنها : (( ملة قريش )) .(46) هكذا في المطبوعة والمخطوطة : (( أتروون على الله )) ، وأنا أرجح أن الصواب (( أتزورون )) ، أي : أتقولون الزور والكذب .
7:29
قُلْ اَمَرَ رَبِّیْ بِالْقِسْطِ- وَ اَقِیْمُوْا وُجُوْهَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَّ ادْعُوْهُ مُخْلِصِیْنَ لَهُ الدِّیْنَ۬ؕ-كَمَا بَدَاَكُمْ تَعُوْدُوْنَؕ(۲۹)
تم فرماؤ میرے رب نے انصاف کا حکم دیا ہے، اور اپنے منہ سیدھے کرو ہر نماز کے وقت اور اس کی عبادت کرو نرے (خالص) اس کے بندے ہوکر، جیسے اس نے تمہارا آغاز کیا ویسے ہی پلٹو گے (ف۳۹)

القول في تأويل قوله : قُلْ أَمَرَ رَبِّي بِالْقِسْطِ وَأَقِيمُوا وُجُوهَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَقال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره لنبيه: (قل)، يا محمد، لهؤلاء الذين يزعمون أن الله أمرهم بالفحشاء كذبًا على الله: ما أمر ربي بما تقولون, بل (أمر ربي بالقسط)، يعني: بالعدل، (47) كما:-14469- حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد: (قل أمر ربي بالقسط)، بالعدل.14470- حدثني محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن المفضل قال، حدثنا أسباط, عن السدي: (قل أمر ربي بالقسط)، والقسط: العدل.* * *وأما قوله: (وأقيموا وجوهكم عند كل مسجد)، فإن أهل التأويل اختلفوا في تأويله . فقال بعضهم: معناه: وجِّهوا وجوهكم حيث كنتم في الصلاة إلى الكعبة.* ذكر من قال ذلك:14471- حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد, في قول الله: (وأقيموا وجوهكم عند كل مسجد)، إلى الكعبة حيثما صليتم، في الكنيسة وغيرها.14472- حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد, في قوله: (وأقيموا وجوهكم عند كل مسجد)، قال: إذا صليتم فاستقبلوا الكعبة، في كنائسكم وغيرها.14473- حدثني محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن المفضل قال، حدثنا أسباط, عن السدي: (وأقيموا وجوهكم عند كل مسجد)، هو " المسجد "، الكعبة.14474- حدثنا المثنى قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا خالد بن عبد الرحمن, عن عمر بن ذر, عن مجاهد في قوله: (وأقيموا وجوهكم عند كل مسجد)، قال: الكعبة، حيثما كنت.14475- حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد في قوله: (وأقيموا وجوهكم عند كل مسجد)، قال: أقيموها للقبلة، هذه القبلة التي أمركم الله بها.* * *وقال آخرون: بل عنى بذلك: واجعلوا سجودكم لله خالصًا، دون ما سواه من الآلهة والأنداد.* ذكر من قال ذلك.14476- حدثني المثنى قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا عبد الله بن أبي جعفر, عن أبيه, عن الربيع في قوله: (وأقيموا وجوهكم عند كل مسجد)، قال: في الإخلاص، أن لا تدعوا غيره, وأن تخلصوا له الدين.* * *قال أبو جعفر: وأولى هذين التأويلين بتأويل الآية، ما قاله الربيع: وهو أن القوم أُمِروا أن يتوجهوا بصلاتهم إلى ربهم, لا إلى ما سواه من الأوثان والأصنام, وأن يجعلوا دعاءهم لله خالصًا, لا مُكاءً ولا تصدية. (48)وإنما قلنا ذلك أولى التأويلين بالآية, لأن الله إنما خاطب بهذه الآية قومًا من مشركي العرب، لم يكونوا أهل كنائس وبيع, وإنما كانت الكنائس والبِيَع لأهل الكتابين. فغير معقول أن يقال لمن لا يصلي في كنيسة ولا بِيعة: " وجِّه وجهك إلى الكعبة في كنيسة أو بِيعةٍ".* * *وأما قوله: (وادعوه مخلصين له الدين)، فإنه يقول: واعملوا لربكم مخلصين له الدين والطاعة, لا تخلطوا ذلك بشرك، ولا تجعلوا في شيء مما تعملون له شريكًا، (49) كما:-14477- حدثني المثنى قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا عبد الله بن أبي جعفر, عن أبيه, عن الربيع: (وادعوه مخلصين له الدين)، قال: أن تخلصوا له الدين والدعوة والعمل, ثم توجِّهون إلى البيت الحرام.--------------------الهوامش :(47) انظر تفسير (( القسط )) فيما سلف ص : 224 ، تعليق : 4 ، والمراجع هناك .(48) (( المكاء )) : الصفير ، و (( التصدية )) : التصفيق . كانوا يطوفون بالبيت عراة يصفرون بأفواههم ، ويصفقون بأيديهم .(49) انظر تفسير (( الدعاء )) ، و (( الإخلاص )) فيما سلف من فهارس اللغة ( دعا ) و ( خلص ) .
7:30
فَرِیْقًا هَدٰى وَ فَرِیْقًا حَقَّ عَلَیْهِمُ الضَّلٰلَةُؕ-اِنَّهُمُ اتَّخَذُوا الشَّیٰطِیْنَ اَوْلِیَآءَ مِنْ دُوْنِ اللّٰهِ وَ یَحْسَبُوْنَ اَنَّهُمْ مُّهْتَدُوْنَ(۳۰)
ایک فرقے کو راہ دکھائی (ف۴۰) اور ایک فرقے کو گمراہی ثابت ہوئی (ف۴۱) انہوں نے اللہ کو چھوڑ کر شیطانوں کو والی بنایا (ف۴۲) اور سمجھتے یہ ہیں کہ وہ راہ پر ہیں،

القول في تأويل قوله : كَمَا بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ (29) فَرِيقًا هَدَى وَفَرِيقًا حَقَّ عَلَيْهِمُ الضَّلالَةُقال أبو جعفر: اختلف أهل التأويل في تأويل قوله: (كَمَا بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ).فقال بعضهم: تأويله: كما بدأكم أشقياء وسُعَداء, كذلك تبعثون يوم القيامة.* ذكر من قال ذلك :14478- حدثني المثنى قال، حدثنا عبد الله قال، حدثني معاوية, عن علي, عن ابن عباس, قوله: (كما بدأكم تعودون فريقًا هدى وفريقًا حق عليهم الضلالة)، قال: إن الله سبحانه بدأ خلق ابن آدم مؤمنًا وكافرًا, كما قال جل ثناؤه: هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ فَمِنْكُمْ كَافِرٌ وَمِنْكُمْ مُؤْمِنٌ ، [سورة التغابن: 2]، ثم يعيدهم يوم القيامة كما بدأ خلقهم، مؤمنًا وكافرًا.14479- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبي, عن سفيان, عن منصور قال، حدثنا أصحابنا, عن ابن عباس: (كَمَا بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ)، قال: يبعث المؤمن مؤمنًا, والكافر كافرًا.14480- حدثني المثنى قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا يحيى بن الضريس, عن أبي جعفر, عن الربيع, عن رجل, عن جابر قال: يبعثون على ما كانوا عليه, المؤمن على إيمانه، والمنافق على نفاقه. (50)14481- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبي, عن أبي جعفر الرازي, عن الربيع, عن أبي العالية قال: عادوا إلى علمه فيهم, ألم تسمع إلى قول الله فيهم: (كَمَا بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ)؟ ألم تسمع قوله: (فَرِيقًا هَدَى وَفَرِيقًا حَقَّ عَلَيْهِمُ الضَّلالَةُ) ؟.14482- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا عبيد الله, عن أبي جعفر الرازي, عن الربيع بن أنس, عن أبي العالية: (كَمَا بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ)، قال: رُدُّوا إلى علمه فيهم.14483- حدثني المثنى قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا أبو همام الأهوازي قال، حدثنا موسى بن عبيدة, عن محمد بن كعب في قوله: (كَمَا بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ)، قال: من ابتدأ الله خلقه على الشِّقوة صار إلى ما ابتدأ الله خلقه عليه، وإن عمل بأعمال أهل السعادة, كما أن إبليس عمل بأعمال أهل السعادة، ثم صار إلى ما ابتدئ عليه خلقه. ومن ابتدئ خلقه على السعادة، صار إلى ما ابتدئ عليه خلقه، وإن عمل بأعمال أهل الشقاء, كما أن السحرة عملت بأعمال أهل الشقاء، (51) ثم صاروا إلى ما ابتدئ عليه خلقهم.14484- حدثنا محمد بن بشار قال، حدثنا عبد الرحمن قال، حدثنا سفيان, عن وِقَاء بن إياس أبي يزيد, عن مجاهد: (كَمَا بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ)، قال: يبعث المسلم مسلمًا, والكافر كافرًا. (52)14485- حدثني المثنى قال، حدثنا أبو دكين قال، حدثنا سفيان, عن أبي يزيد, عن مجاهد: (كَمَا بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ)، قال: يبعث المسلم مسلمًا, والكافر كافرًا. (53)14486- حدثنا ابن بشار قال، حدثنا عبد الرحمن قال، حدثنا محمد بن أبي الوضاح, عن سالم الأفطس, عن سعيد بن جبير: (كَمَا بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ)، قال: كما كتب عليكم تكونون.14487- حدثني المثنى قال، حدثنا الحماني قال، حدثنا شريك, عن سالم, عن سعيد, مثله.14488- حدثني محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن المفضل قال، حدثنا أسباط, عن السدي: (كما بدأكم تعودون فريقًا هدى وفريقًا حق عليهم الضلالة)، يقول: كما بدأكم تعودون، كما خلقناكم, فريق مهتدون، وفريق ضال, كذلك تعودون وتخرجون من بطون أمهاتكم.14489- حدثنا ابن بشار، قال، حدثنا عبد الرحمن قال، حدثنا سفيان, عن الأعمش, عن أبي سفيان, عن جابر, أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: تُبعث كل نفس على ما كانت عليه. (54)14490- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبو داود الحفري, عن شريك, عن سالم, عن سعيد بن جبير: (كَمَا بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ)، قال: كما كتب عليكم تكونون.14491- حدثني المثنى قال، حدثنا الحماني قال، حدثنا حماد بن زيد, عن ليث, عن مجاهد قال، يبعث المؤمن مؤمنًا, والكافر كافرًا.14492- حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد: (كَمَا بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ)، شقيًّا وسعيدًا.14493- حدثني المثنى قال، حدثنا سويد قال، أخبرنا ابن المبارك قراءة عن مجاهد, مثله.* * *وقال آخرون: معنى ذلك: كما خلقكم ولم تكونوا شيئًا، تعودون بعد الفناء.* ذكر من قال ذلك:14494- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا غندر, عن عوف, عن الحسن: (كما بدأكم تعودون)، قال: كما بدأكم ولم تكونوا شيئًا فأحياكم, كذلك يميتكم، ثم يحييكم يوم القيامة.14495- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا عبد الأعلى, عن عوف, عن الحسن: (كما بدأكم تعودون)، قال: كما بدأكم في الدنيا، كذلك تعودون يوم القيامة أحياء.14496- حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال، حدثنا محمد بن ثور, عن معمر, عن قتادة: (كَمَا بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ)، قال: بدأ خلقهم ولم يكونوا شيئًا, ثم ذهبوا، ثم يعيدهم.14497- حدثني محمد بن سعد قال، حدثني أبي قال، حدثني عمي قال، حدثني أبي, عن أبيه, عن ابن عباس قوله: (كما بدأكم تعودون فريقًا هدى)، يقول: كما خلقناكم أول مرة، كذلك تعودون.14498- حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد في قول الله: (كَمَا بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ)، يحييكم بعد موتكم.14499- حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد في قوله: (كَمَا بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ)، قال: كما خلقهم أولا كذلك يعيدهم آخرًا.* * *قال أبو جعفر: وأولى الأقوال في تأويل ذلك بالصواب, القولُ الذي قاله من قال: معناه: كما بدأكم الله خلقًا بعد أن لم تكونوا شيئًا، تعودون بعد فنائكم خلقًا مثله, يحشركم إلى يوم القيامة = لأن الله تعالى ذكره: أمر نبيه صلى الله عليه وسلم أن يُعْلم بما في هذه الآية قومًا مشركين أهلَ جاهلية، لا يؤمنون بالمعاد، ولا يصدِّقون بالقيامة. فأمره أن يدعوهم إلى الإقرار بأن الله باعثهم يوم القيامة، ومثيبُ مَنْ أطاعه، ومعاقبُ مَنْ عصاه. فقال له: قل لهم: أمرَ ربي بالقسط, وأن أقيموا وجوهكم عند كل مسجد, وأن ادعوه مخلصين له الدين, وأن أقرُّوا بأنْ كما بدأكم تعودون = فترك ذكر " وأن أقروا بأن ". كما ترك ذكر " أن " مع " أقيموا ", إذ كان فيما ذكر دلالة على ما حذف منه.وإذ كان ذلك كذلك, فلا وجه لأن يؤمر بدعاء مَنْ كان جاحدًا النشورَ بعد الممات، إلى الإقرار بالصفة التي عليها ينشر مَنْ نُشِر, وإنما يؤمر بالدعاء إلى ذلك مَنْ كان بالبعث مصدّقًا, فأما مَنْ كان له جاحدًا، فإنما يدعى إلى الإقرار به، ثم يعرَّف كيف شرائط البعث. على أن في الخبر الذي رُوي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي:-14500- حدثناه محمد بن بشار قال، حدثنا يحيى بن سعيد قال، حدثنا سفيان قال، حدثني المغيرة بن النعمان, عن سعيد بن جبير, عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: يُحْشر الناس عُراة غُرْلا وأوّل مَنْ يكسى إبراهيم صلى الله عليه وسلم . ثم قرأ: كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ وَعْدًا عَلَيْنَا إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ ، [سورة الأنبياء: 104]14501- حدثنا ابن بشار قال، حدثنا إسحاق بن يوسف قال، حدثنا سفيان, عن المغيرة بن النعمان, عن سعيد بن جبير, عن ابن عباس, عن النبي صلى الله عليه وسلم , بنحوه.14502- حدثنا محمد بن المثنى قال، حدثنا محمد بن جعفر قال، حدثنا شعبة, عن المغيرة بن النعمان, عن سعيد بن جبير, عن ابن عباس قال: قام فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم بموعظة, فقال: يا أيها الناس، إنكم تحشرون إلى الله حُفَاة غُرْلا كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ وَعْدًا عَلَيْنَا إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ . (55)* * *= (56) ما يبيِّن صحة القول الذي قلنا في ذلك, من أن معناه: أن الخلقَ يعودون إلى الله يوم القيامة خلقًا أحياء، كما بدأهم في الدنيا خلقًا أحياء.* * *يقال منه: " بدأ الله الخلق يبدؤهم = وأبدأَهُم يُبْدِئهم إبداءً"، بمعنى خلقهم, لغتان فصيحتان.* * *ثم ابتدأ الخبر جل ثناؤه عما سبق من علمه في خلقه، وجرى به فيهم قضاؤه, فقال: هدى الله منهم فريقًا فوفّقهم لصالح الأعمال فهم مهتدون, وحقَّ على فريق منهم الضلالة عن الهدى والرشاد, باتخاذهم الشيطان من دون الله وليًّا.* * *وإذا كان التأويل هذا, كان " الفريق " الأول منصوبًا بإعمال " هدى " فيه, و " الفريق "، الثاني بوقوع قوله: " حق " على عائد ذكره في" عليهم ", كما قال جل ثناؤه: يُدْخِلُ مَنْ يَشَاءُ فِي رَحْمَتِهِ وَالظَّالِمِينَ أَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا ، (57) [سورة الإنسان: 31]* * *ومن وجه تأويل ذلك إلى أنه: كما بدأكم في الدنيا صنفين: كافرًا, ومؤمنًا, كذلك تعودون في الآخرة فريقين: فريقًا هدى، وفريقًا حق عليهم الضلالة = نصب " فريقًا "، الأول بقوله: " تعودون ", وجعل الثاني عطفًا عليه. وقد بينا الصواب عندنا من القول فيه. (58)* * *القول في تأويل قوله : إِنَّهُمُ اتَّخَذُوا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ (30)قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: إن الفريق الذي حق عليهم الضلالة، إنما ضلوا عن سبيل الله وجارُوا عن قصد المحجة, باتخاذهم الشياطين نُصراء من دون الله، وظُهراء, (59) جهلا منهم بخطأ ما هم عليه من ذلك، بل فعلوا ذلك وهم يظنون أنهم على هدى وحق, وأن الصواب ما أتوه وركبوا.وهذا من أبين الدلالة على خطأ قول من زعمَ أن الله لا يعذِّب أحدًا على معصية ركبها أو ضلالة اعتقدها، إلا أن يأتيها بعد علم منه بصواب وجهها، فيركبها عنادًا منه لربه فيها. لأن ذلك لو كان كذلك, لم يكن بين فريق الضلالة الذي ضلّ وهو يحسَبُ أنه هادٍ. وفريق الهدى، (60) فَرْقٌ. وقد فرَّق الله بين أسمائهما وأحكامهما في هذه الآية.-----------------الهوامش :(50) الأثر : 14480 - (( يحيى بن الضريس بن يسار البجلي الرازي )) ثقة ، كان صحيح الكتب ، جيد الأخذ . مترجم في التهذيب ، والكبير 4 /2 / 282 ، وابن أبي حاتم 4 / 2 / 158 .(51) يعني سحرة فرعون ، الذين آمنوا بموسى عليه وعلى نبينا السلام .(52) الأثر : 14484 - (( وقاء بن إياس الأسدي الوالبي )) ، أبو يزيد ، ثقة ، متكلم فيه ، قال يحيى بن سعيد : (( ما كان بالذي يعتمد عليه )) . مترجم في التهذيب ، والكبير 4 /2 / 188 ، ولم يذكر فيه جرحًا ، وابن أبي حاتم 4 / 2 / 49 . وكان في المخطوطة : (( ورقاء بن إياس )) ، والصواب ما في المطبوعة .(53) الأثر : 14485 - (( أبو يزيد )) ، هو (( وقاء بن إياس )) ، المترجم في التعليق السالف .(54) الأثر : 14489 - (( أبو سفيان )) ، هو (( طلحة بن نافع القرشي الواسطي )) ، ثقة ، روى له الجماعة ، مضى برقم : 6654 ، 11517 ، 11518 . وهو الذي يروي عن جابر ، والأعمش روايته . وكان في المطبوعة والمخطوطة : (( عن سفيان ، عن جابر )) ، وهو خطأ لا شك فيه ، صوابه منقولا عن تفسير الطبري ، في تفسير ابن كثير 3 : 466 .وهذا خبر صحيح الإسناد . رواه مسلم في صحيحه 17 : 210 ، من طريقين عن الأعمش ، عن أبي سفيان ، عن جابر ، و لفظه : (( يبعث كل عبد على ما مات عليه )) .رواه ابن ماجه في سننه 1414 ، رقم : 4230 ، من طريق شريك ، عن الأعمش ، ولفظه : (( يحشر الناس على نياتهم )) .(55) الآثار : 14500 - 14502 - (( المغيرة بن النعمان النخعي )) ، ثقة ، مضى برقم : 13622 .وهذا الخبر رواه البخاري من طريق شعبة ، عن المغيرة في صحيحه ( الفتح 8 : 332 / 11 : 331 ) مطولا ، ورواه مسلم في صحيحه مطولا : 17 : 193 ، 194 من طريق شعبة أيضًا . ورواه أحمد في المسند مطولا ومختصرًا رقم : 1950 ، 2027 ، من طريق سفيان الثوري مختصرًا ، كما رواه الطبري . ثم رواه مطولا من طريق شعبة رقم : 2096 ، 2281 ، 2282 . ورواه النسائي في سننه 4 : 117 .وسيرويه أبو جعفر بأسانيده هذه فيما يلي ، في تفسير (( سورة الأنبياء )) 17 : 80 ( بولاق ) .و (( الغرل )) جمع (( أغرل )) ، هو الأقلف الذي لم يختن .(56) هذا تمام الكلام الأول ، والسياق : (( على أن في الخبر الذي روى عن رسول الله ... ما يبيّن صحة القول )) .(57) انظر معاني القرآن للفراء 1 : 376 .(58) انظر تفسير (( فريق )) فيما سلف 11 : 490 ، تعليق : 2 ، والمراجع هناك .(59) انظر تفسير (( ولي )) فيما سلف من فهارس اللغة ( ولي ) .(60) انظر تفسير (( حسب )) فيما سلف 10 : 478 ، تعليق : 1 ، والمراجع هناك .
7:31
یٰبَنِیْۤ اٰدَمَ خُذُوْا زِیْنَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَّ كُلُوْا وَ اشْرَبُوْا وَ لَا تُسْرِفُوْا ۚ-اِنَّهٗ لَا یُحِبُّ الْمُسْرِفِیْنَ۠(۳۱)
اے آدم کی اولاد! اپنی زینت لو جب مسجد میں جاؤ (ف۴۳) اور کھاؤ اور پیو (ف۴۴) اور حد سے نہ بڑھو، بیشک حد سے بڑھنے والے اسے پسند نہیں،

القول في تأويل قوله : يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ (31)قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره لهؤلاء الذين يتعرَّون عند طوافهم ببيته الحرام، ويبدون عوراتهم هنالك من مشركي العرب, والمحرِّمين منهم أكل ما لم يحرِّمه الله عليهم من حلال رزقه، تبرُّرًا عند نفسه لربه: (يا بني آدم خذوا زينتكم)، من الكساء واللباس =(عند كل مسجد وكلوا)، من طيبات ما رزقتكم, وحللته لكم =(واشربوا)، من حلال الأشربة, ولا تحرِّموا إلا ما حَرَّمْتُ عليكم في كتابي أو على لسان رسولي محمد صلى الله عليه وسلم.* * *وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.* ذكر من قال ذلك:14503- حدثنا يحيى بن حبيب بن عربي قال، حدثنا خالد بن الحارث قال، حدثنا شعبة, عن سلمة, عن مسلم البطين, عن سعيد بن جبير, عن ابن عباس: أن النساء كنّ يطفن بالبيت عراة = وقال في موضع آخر: بغير ثياب = إلا أن تجعل المرأة على فرجها خِرقة، فيما وُصِف إن شاء الله, وتقول:الْيَوْمَ يَبْدُو بَعْضُهُ أَوْ كُلُّهُفَمَا بَدَا مِنْهُ فَلا أُحِلُّهُقال: فنزلت هذه الآية: (خذوا زينتكم عند كل مسجد). (1)14504- حدثنا عمرو بن علي قال، حدثنا محمد بن جعفر قال، حدثنا شعبة, عن سلمة بن كهيل, عن مسلم البطين, عن سعيد بن جبير, عن ابن عباس قال: كانوا يطوفون عراة, الرجال بالنهار, والنساء بالليل, وكانت المرأة تقول:الْيَوْمَ يَبْدُو بَعْضُهُ أَوْ كُلُّهُفَمَا بَدَا مِنْهُ فَلا أُحِلُّهُفقال الله: (خذوا زينتكم). (2)14505- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا ابن عيينة, عن عمرو, عن ابن عباس: (خذوا زينتكم عند كل مسجد)، قال: الثياب.14506- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا غندر ووهب بن جرير, عن شعبة, عن سلمة بن كهيل قال: سمعت مسلمًا البطين يحدث، عن سعيد بن جبير, عن ابن عباس قال: كانت المرأة تطوف بالبيت عريانة = قال غندر: وهي عريانة = قال، وهب: كانت المرأة تطوف بالبيت وقد أخرجت صدرَها وما هنالك = قال غندر: وتقول: " مَنْ يعيرني تِطْوافًا‍"، (3) تجعله على فرْجها وتقول:الْيَوْمَ يَبْدُو بَعْضُهُ أَوْ كُلُّهُفَمَا بَدَا مِنْهُ فَلا أُحِلُّهُفأنزل الله (يا بني آدم خذوا زينتكم عند كل مسجد). (4)14507- حدثني المثنى قال، حدثنا عبد الله بن صالح قال، حدثني معاوية, عن علي بن أبي طلحة, عن ابن عباس قوله: (يا بني آدم خذوا زينتكم عند كل مسجد)، قال: كانوا يطوفون بالبيت عراة, فأمرهم الله أن يلبسوا ثيابهم ولا يتعرَّوا.14508- حدثني محمد بن سعد قال، حدثني أبي قال، حدثني عمي قال أبي, عن أبيه, عن ابن عباس قوله: (خذوا زينتكم عند كل مسجد) " الآية " قال: كان رجال يطوفون بالبيت عراة, فأمرهم الله بالزينة = و " الزينة "، اللباس, وهو ما يواري السوءة, وما سوى ذلك من جيِّد البزِّ والمتاع = فأمروا أن يأخذوا زينتهم عند كل مسجد.14509- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا المحاربي وابن فضيل, عن عبد الملك, عن عطاء: (خذوا زينتكم)، قال: كانوا يطوفون بالبيت عراة, فأمروا أن يلبسوا ثيابهم.14510- حدثني يعقوب بن إبراهيم قال، حدثنا هشيم, عن عبد الملك, عن عطاء, بنحوه.14511- حدثني عمرو قال، حدثنا يحيى قال، حدثنا عبد الملك, عن عطاء في قوله: (خذوا زينتكم عند كل مسجد)، البسوا ثيابكم.14512- حدثنا يعقوب قال، حدثنا هشيم قال، أخبرنا مغيرة، عن إبراهيم في قوله: (خذوا زينتكم عند كل مسجد)، قال: كان ناس يطوفون بالبيت عراة، فنهوا عن ذلك.14513- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا جرير, عن مغيرة, عن إبراهيم: (خذوا زينتكم عند كل مسجد)، قال: كانوا يطوفون بالبيت عراة, فأمروا أن يلبسوا الثياب.14514- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا يحيى بن يمان, عن عثمان بن الأسود, عن مجاهد: (خذوا زينتكم عند كل مسجد)، قال: ما وارى العورة ولو عبَاءة.14515- حدثنا عمرو قال:حدثنا يحيى بن سعيد, وأبو عاصم, وعبد الله بن داود, عن عثمان بن الأسود, عن مجاهد في قوله: (خذوا زينتكم عند كل مسجد)، قال: ما يواري عورتك، ولو عباءة.14516- حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد في قول الله: (خذوا زينتكم عند كل مسجد)، في قريش, لتركهم الثياب في الطواف.14517- حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد, بنحوه.14518- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبي قال، حدثنا سفيان, عن سالم, عن سعيد بن جبير: (خذوا زينتكم عند كل مسجد)، قال: الثياب.14519- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا زيد بن حباب, عن إبراهيم, عن نافع, عن ابن طاوس, عن أبيه: (خذوا زينتكم عند كل مسجد)، قال: الشَّمْلة من الزينة. (5)14520- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا ابن عيينة, عن عمرو, عن طاوس: (خذوا زينتكم عند كل مسجد)، قال: الثياب.14521- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا سويد وأبو أسامة, عن حماد بن زيد, عن أيوب, عن سعيد بن جبير قال: كانوا يطوفون بالبيت عراة, فطافت امرأة بالبيت وهي عريانة فقالت:الْيَوْمَ يَبْدُو بَعْضُهُ أَوْ كُلُّهُفَمَا بَدَا مِنْهُ فَلا أُحِلُّهُ14522- حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد, عن قتادة قوله: (خذوا زينتكم عند كل مسجد)، قال: كان حي من أهل اليمن، كان أحدهم إذا قدم حاجًّا أو معتمرًا يقول: " لا ينبغي أن أطوف في ثوب قد دَنِسْتُ فيه ", (6) فيقول: من يعيرني مئزرًا؟ فإن قدر على ذلك, وإلا طاف عريانًا, فأنزل الله فيه ما تسمعون: (خذوا زينتكم عند كل مسجد).14523- حدثني محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن المفضل قال، حدثنا أسباط, عن السدي: قال الله: (يا بني آدم خذوا زينتكم عند كل مسجد) يقول: ما يواري العورة عند كل مسجد.14524- حدثني محمد بن عبد الأعلى قال، حدثنا محمد بن ثور, عن معمر, عن الزهري: أن العرب كانت تطوف بالبيت عراة, إلا الحُمْس، قريش وأحلافهم. فمن جاء من غيرهم وضع ثيابه وطاف في ثياب أحمس, فإنه لا يحل له أن يلبس ثيابه. فإن لم يجد من يعيره من الحمس، فإنه يلقي ثيابه ويطوف عريانًا. وإن طاف في ثياب نفسه، ألقاها إذا قضى طوافه، يحرِّمها، فيجعلها حرامًا عليه. فلذلك قال الله: (خذوا زينتكم عند كل مسجد). (7)14525- وبه عن معمر قال، قال ابن طاوس, عن أبيه: الشَّملة، من الزينة. (8)14526- حدثت عن الحسين بن الفرج قال، سمعت أبا معاذ قال، حدثنا عبيد بن سليمان قال، سمعت الضحاك يقول في قوله: (خذوا زينتكم عند كل مسجد)، الآية, كان ناسٌ من أهل اليمن والأعراب إذا حجوا البيت يطوفون به عُراة ليلا فأمرهم الله أن يلبسوا ثيابهم، ولا يتعرّوا في المسجد.14527- حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد: (خذوا زينتكم)، قال: زينتهم، ثيابهم التي كانوا يطرحونها عند البيت ويتعرّون.14528- وحدثني به مرة أخرى بإسناده, عن ابن زيد في قوله: قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ ، قال: كانوا إذا جاءوا البيت فطافوا به، حرمت عليهم ثيابهم التي طافوا فيها. فإن وجدوا مَنْ يُعيرهم ثيابًا, وإلا طافوا بالبيت عراة. فقال: مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ ، قال: ثياب الله التي أخرج لعباده، الآية.* * *وكالذي قلنا أيضًا قالوا في تأويل قوله: (وكلوا واشربوا ولا تسرفوا ).* ذكر من قال ذلك:14529- حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال، حدثنا محمد بن ثور, عن معمر, عن ابن طاوس, عن أبيه, عن ابن عباس قال: أحل الله الأكل والشرب، ما لم يكن سَرَفًا أو مَخِيلة. (9)14530- حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج, عن ابن جريج، عن عطاء الخراساني, عن ابن عباس قوله: (وكلوا واشربوا ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين)، في الطعام والشراب.14531- حدثني محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن المفضل قال، حدثنا أسباط, عن السدي قال: كان الذين يطوفون بالبيت عراة يحرِّمون عليهم الوَدَك ما أقاموا بالموسم, (10) فقال الله لهم: (كلوا واشربوا ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين)، يقول: لا تسرفوا في التحريم.14532- حدثني الحارث قال، حدثنا عبد العزيز قال، حدثنا أبو سعد قال، سمعت مجاهدًا يقول في قوله: (وكلوا واشربوا ولا تسرفوا)، قال: أمرهم أن يأكلوا ويشربوا مما رزقهم الله.14533- حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد في قوله: (ولا تسرفوا)، لا تأكلوا حرامًا، ذلك الإسراف.* * *وقوله (إنه لا يحب المسرفين)، يقول: إن الله لا يحب المتعدِّين حدَّه في حلال أو حرام, الغالين فيما أحلّ الله أو حرم، بإحلال الحرام وبتحريم الحلال, (11) ولكنه يحبّ أن يحلَّل ما أحل ويحرَّم ما حرم, وذلك العدل الذي أمر به.------------------------الهوامش :(1) الأثر : 14503 - حديث شعبة ، عن سلمة بن كهيل ، رواه أبو جعفر من ثلاث طرق ، سأخرجها في هذا الموضع .(( يحيى بن حبيب بن عربي الشيباني )) ، أبو زكرياء ، ثقة ، مضى برقم : 7818 ، مترجم في التهذيب ، وابن أبي حاتم 4 / 2 / 137 .(( خالد بن الحارث بن عبيد الهجيمي )) ، ثقة ثبت إمام . مضى برقم : 7507 ، 7818 ، 9878 .و (( سلمة )) ، هو (( سلمة بن كهيل )) ، مضى مرارًا .و (( مسلم البطين )) هو (( مسلم بن عمران )) ، ثقة روى له الجماعة .وهذا الخبر ، رواه مسلم في صحيحه 18 : 162 ، من طريق غندر ، عن شعبة ( وهو الآتي رقم : 14506 ) .ورواه الحاكم في المستدرك 2 : 319 ، 320 من طريق أبي داود الطيالسي ، عن شعبة ، بنحوه ، ولكن قال : (( نزلت هذه الآية : قل من حرم زينة الله )) ، ثم قال الحاكم : (( حديث صحيح على شرط الشيخين ، ولم يخرجاه )) ، ووافقه الذهبي .(2) الأثر : 14504 - مكرر الأثر السالف ، وهناك تخريجه .(3) (( تطواف )) ( بكسر التاء ) : ثوب كانوا يتخذونه للطواف ، قال النووي : (( وكان أهل الجاهلية يطوفون عراة ، ويرمون ثيابهم ويتركونها ملقاة على الأرض ، ولا يأخذونها أبدًا ، ويتركونها تداس بالأرجل حتى تبلى ، ويسمى : اللقاء - حتى جاء الإسلام ، فأمر الله بستر العورة فقال : خذوا زينتكم عند كل مسجد ، وقال النبي صلى الله عليه وسلم : لا يطوف بالبيت عريان )) وروى (( تطواف )) ( بفتح التاء ) ، وفسروه بأنه (( ذا تطواف )) ، على حذف المضاف .(4) الأثر : 14506 - مكرر الأثرين السالفين : 14503 ، 14504 ، سلف تخريجه في أولهما . وهذا نص حديث مسلم .(5) (( الشملة )) ( بفتح فسكون ) : كساء دون قطيفة ، سمي بذلك لأنه يشمل البدن . ومنه ما نهى رسول الله عنه في الصلاة ، وهو (( اشتمال الصماء )) ، وهو أن يشتمل بالثوب حتى يجلل جسده كله ، ولا يرفع منه جانبًا فيكون فيه فرجة تخرج منها يده .(6) (( الدنس )) في الثوب ، لطخ الوسخ ونحوه ، حتى في الأخلاق . وعنى بقوله : (( دنست فيه )) ، أي أتيت فيه ما يشين ويعيب من المعاصي .(7) انظر تفسير (( الحمس )) فيما سلف ص : 378 ، تعليق : 1 .(8) الأثر : 14525 - انظر الأثر رقم : 14519 .(9) (( السرف )) ( بفتحتين ) : وهو الإسراف ، ومجاوزة القصد . و (( المخيلة )) ( بفتح الميم وكسر الخاء ) : الاختيال والكبر ، وحديث ابن عباس المعروف : (( كل ماشئت ، والبس ما شئت ، ما أخطأتك خلتان : سرف ومخيلة )) ، رواه البخاري .(10) (( الودك )) : دسم اللحم ودهنه الذي يستخرج منه . و (( الموسم )) مجتمع الناس في أيام الحج .(11) انظر تفسير (( الإسراف )) فيما سلف : ص : 176 ، تعليق : 1 ، والمراجع هناك .
7:32
قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِیْنَةَ اللّٰهِ الَّتِیْۤ اَخْرَ جَ لِعِبَادِهٖ وَ الطَّیِّبٰتِ مِنَ الرِّزْقِؕ-قُلْ هِیَ لِلَّذِیْنَ اٰمَنُوْا فِی الْحَیٰوةِ الدُّنْیَا خَالِصَةً یَّوْمَ الْقِیٰمَةِؕ-كَذٰلِكَ نُفَصِّلُ الْاٰیٰتِ لِقَوْمٍ یَّعْلَمُوْنَ(۳۲)
تم فرماؤ کس نے حرام کی اللہ کی وہ زینت جو اس نے اپنے بندو ں کے لیے نکالی (ف۴۵) اور پاک رزق (ف۴۶) تم فرماؤ کہ وہ ایمان والوں کے لیے ہے دنیا میں اور قیامت میں تو خاص انہی کی ہے، ہم یونہی مفصل آیتیں بیان کرتے ہیں (ف۴۷) علم والوں کے لیے(ف۴۸)

القول في تأويل قوله : قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِقال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: قل، يا محمد، لهؤلاء الجهلة من العرب الذين يتعرّون عند طوافهم بالبيت, ويحرمون على أنفسهم ما أحللت لهم من طيبات الرزق: من حرَّم، أيها القوم، عليكم زينة الله التي خلقها لعباده أن تتزيَّنوا بها وتتجملوا بلباسها, والحلال من رزق الله الذي رزق خلقه لمطاعمهم ومشاربهم. (12)* * *واختلف أهل التأويل في المعنيّ: ب" الطيبات من الرزق "، بعد إجماعهم على أن " الزينة " ما قلنا.فقال بعضهم: " الطيبات من الرزق " في هذا الموضع، اللحم. وذلك أنهم كانوا لا يأكلونه في حال إحرامهم.* ذكر من قال ذلك منهم:14534- حدثني محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن المفضل قال، حدثنا أسباط, عن السدي في قوله: (قل من حرم زينة الله التي أخرج لعباده والطيبات من الرزق)، وهو الودَك. (13)14535- حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد في قوله: (قل من حرم زينة الله التي أخرج لعباده والطيبات من الرزق)، الذي حرموا على أنفسهم. قال: كانوا إذا حجُّوا أو اعتمروا، حرموا الشاة عليهم وما يخرج منها.14536- وحدثني به يونس مرة أخرى قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد في قوله: (قل من حرم زينة الله) إلى آخر الآية, قال: كان قوم يحرِّمون ما يخرج من الشاة، لبنها وسمنها ولحمها, فقال الله: (قل من حرم زينة الله التي أخرج لعباده والطيبات من الرزق)، قال: والزينة من الثياب.14537- حدثني المثنى قال، حدثنا حبان بن موسى قال، أخبرنا ابن المبارك, عن سفيان, عن رجل, عن الحسن قال: لما بعث محمدًا فقال: " هذا نبيي، هذا خياري, استنّوا به "، خذوا في سَنَنه وسبيله، (14) لم تغلق دونه الأبواب، ولم تُقَمْ دونه الحَجَبَة, (15) ولم يُغْدَ عليه بالجفان، ولم يُرْجع عليه بها، (16) وكان يجلس بالأرض, ويأكل طعامه بالأرض, ويلعق يده, ويلبس الغليظ, ويركب الحمار, ويُرْدِف بعده, (17) وكان يقول: " مَنْ رغب عن سنتي فليس مني". قال الحسن: فما أكثر الراغبين عن سنته، التاركين لها! ثم إنّ عُلُوجًا فُسَّاقًا, أكلة الربا والغُلول, (18) قد سفَّههم ربي ومقتهم, زعموا أن لا بأس عليهم فيما أكلوا وشربوا، وزخرفوا هذه البيوت, يتأوّلون هذه الآية: (قل من حرم زينة الله التي أخرج لعباده والطيبات من الرزق)، وإنما جعل ذلك لأولياء الشيطان, قد جعلها ملاعبَ لبطنه وفرجه (19) = من كلام لم يحفظه سفيان. (20)* * *وقال آخرون: بل عنى بذلك ما كانت الجاهلية تحرم من البحائر والسوائب.* ذكر من قال ذلك:14538- حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد, عن قتادة: (قل من حرم زينة الله التي أخرج لعباده والطيبات من الرزق)، وهو ما حرم أهل الجاهلية عليهم من أموالهم: البحيرة, والسائبة, والوصيلة, والحام.14539- حدثني المثنى قال، حدثنا عبد الله بن صالح قال، حدثني معاوية بن صالح, عن علي, عن ابن عباس قوله: (قل من حرم زينة الله التي أخرج لعباده والطيبات من الرزق)، قال: إن الجاهلية كانوا يحرمون أشياءَ أحلها الله من الثياب وغيرها, وهو قول الله: قُلْ أَرَأَيْتُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ لَكُمْ مِنْ رِزْقٍ فَجَعَلْتُمْ مِنْهُ حَرَامًا وَحَلالا ، [سورة يونس: 59]، وهو هذا, فأنزل الله: (قل من حرم زينة الله التي أخرج لعباده والطيبات من الرزق)* * *القول في تأويل قوله : قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِقال أبو جعفر: يقول الله تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: قل، يا محمد = لهؤلاء الذين أمرتك أن تقول لهم: مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ ، إذ عَيُّوا بالجواب، (21) فلم يدروا ما يجيبونك = : زينة الله التي أخرج لعباده, وطيبات رزقه، للذين صدّقوا الله ورسوله, واتبعوا ما أنزل إليك من ربك، في الدنيا, وقد شركهم في ذلك فيها من كفر بالله ورسوله وخالف أمر ربه, وهي للذين آمنوا بالله ورسوله خالصة يوم القيامة, لا يشركهم في ذلك يومئذ أحدٌ كفر بالله ورسوله وخالف أمر ربه. (22)* * *وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.* ذكر من قال ذلك:14540- حدثني المثنى قال، حدثنا عبد الله قال، حدثني معاوية, عن علي بن أبي طلحة, عن ابن عباس: (قل هي للذين آمنوا في الحياة الدنيا خالصة يوم القيامة)، يقول: شارك المسلمون الكفار في الطيبات, فأكلوا من طيبات طعامها, ولبسوا من خِيار ثيابها, ونكحوا من صالح نسائها, وخلصوا بها يوم القيامة.14541- وحدثني به المثنى مرة أخرى بهذا الإسناد بعينه, عن ابن عباس فقال: (قل هي للذين آمنوا في الحياة الدنيا)، يعني: يشارك المسلمون المشركين في الطيبات في الحياة الدنيا, ثم يُخْلص الله الطيبات في الآخرة للذين آمنوا, وليس للمشركين فيها شيء.14542- حدثني محمد بن سعد قال، حدثني أبي قال، حدثني عمي قال، حدثني أبي, عن أبيه, عن ابن عباس قال: قال الله لمحمد صلى الله عليه وسلم: (قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ)، يقول: قل هي في الآخرة خالصة لمن آمن بي في الدنيا, لا يشركهم فيها أحدٌ في الآخرة. (23) وذلك أن الزينة في الدنيا لكل بني آدم, فجعلها الله خالصة لأوليائه في الآخرة.14543- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبي, عن سلمة بن نبيط, عن الضحاك: (قل هي للذين آمنوا في الحياة الدنيا خالصة يوم القيامة)، قال: اليهود والنصارى يشركونكم فيها في الدنيا, وهي للذين آمنوا خالصة يوم القيامة.14544- حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال، حدثنا محمد بن ثور, عن معمر, عن الحسن: (قل هي للذين آمنوا في الحياة الدنيا خالصة يوم القيامة)، خالصةً للمؤمنين في الآخرة، لا يشاركهم فيها الكفار. فأما في الدنيا فقد شاركوهم.14545- حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد, عن قتادة: (قل هي للذين آمنوا في الحياة الدنيا خالصة يوم القيامة)، مَنْ عمل بالإيمان في الدنيا خلصت له كرامة الله يوم القيامة, ومَنْ ترك الإيمان في الدنيا قَدِم على ربّه لا عذرَ له.14546- حدثني محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن المفضل قال، حدثنا أسباط, عن السديّ: (قل هي للذين آمنوا في الحياة الدنيا)، يشترك فيها معهم المشركون =(خالصة يوم القيامة)، للذين آمنوا.14547- حدثت عن الحسين بن الفرج قال، سمعت أبا معاذ قال، حدثنا عبيد بن سليمان قال، سمعت الضحاك يقول في قوله: (قل من حرم زينة الله التي أخرج لعباده والطيبات من الرزق قل هي للذين آمنوا في الحياة الدنيا خالصة يوم القيامة)، يقول: المشركون يشاركون المؤمنين في الدنيا في اللباس والطعام والشراب, ويوم القيامة يَخْلُص اللباس والطعام والشراب للمؤمنين, وليس للمشركين في شيء من ذلك نصيبٌ.14548- حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج, عن ابن جريج قال: الدنيا يصيب منها المؤمن والكافر, ويخلص خيرُ الآخرة للمؤمنين, وليس للكافر فيها نصيب.14549- حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد: (قل هي للذين آمنوا في الحياة الدنيا خالصة يوم القيامة)، قال: هذه يوم القيامة للذين آمنوا, لا يشركهم فيها أهل الكفر، ويشركونهم فيها في الدنيا. وإذا كان يوم القيامة، فليس لهم فيها قليل ولا كثير.* * *وقال سعيد بن جبير في ذلك بما:-14550- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا إسماعيل بن أبان، وحبويه الرازي أبو يزيد، عن يعقوب القمي, عن سعيد بن جبير: (قل هي للذين آمنوا في الحياة الدنيا خالصة يوم القيامة)، قال: ينتفعون بها في الدنيا، ولا يتبعهم إثمها. (24)* * *واختلفت القرأة في قراءة قوله: " خالصة ".فقرأ ذلك بعض قرأة المدينة: " خَالِصَةٌ"، برفعها, بمعنى: قل هي خالصة للذين آمنوا.* * *وقرأه سائر قرأة الأمصار: (خَالِصَةً)، بنصبها على الحال من " لهم ", وقد ترك ذكرها من الكلام اكتفاءً منها بدلالة الظاهر عليها, على ما قد وصفت في تأويل الكلام أن معنى الكلام: قل هي للذين آمنوا في الحياة الدنيا مشتركة, وهي لهم في الآخرة خالصة. ومن قال ذلك بالنصب، جعل خبر " هي" في قوله: (للذين آمنوا) (25)* * *قال أبو جعفر: وأولى القراءتين عندي بالصحة، قراءة من قرأ نصبًا, لإيثار العرب النصبَ في الفعل إذا تأخر بعد الاسم والصفة، (26) وإن كان الرفع جائزًا, غير أن ذلك أكثر في كلامهم.* * *القول في تأويل قوله : كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (32)قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: كما بينت لكم الواجب عليكم في اللباس والزينة، والحلال من المطاعم والمشارب والحرام منها, وميزت بين ذلك لكم، أيها الناس, كذلك أبيِّن جميع أدلتي وحججي، وأعلامَ حلالي وحرامي وأحكامي، (27) لقوم يعلمون ما يُبَيَّن لهم، ويفقهون ما يُمَيَّز لهم.--------------------الهوامش :(12) انظر تفسير (( الزينة )) فيما سلف قريبًا ص : 389 ، وما بعدها .= وتفسير (( الطيبات )) فيما سلف من فهارس اللغة ( طيب ) .(13) (( الودك )) سلف تفسيره في ص : 395 ، تعليق : 1 .(14) في المطبوعة : (( في سنته )) ، وقراءتها في المخطوطة ما أثبت . (( السنن )) ( بفتحتين ) الطريقة : يقال : (( امض على سننك )) ، و (( استقام فلان على سننه )) ، أي طريقته .(15) (( الحجبة )) جمع (( حاجب )) ، وهو الذي يحول بين الناس والملك أن يدخلوا عليه .(16) في المطبوعة : (( ولم يغد عليه بالجبار )) ، علق عليها أنه في نسخة (( بالجباب )) ، وفي المخطوطة : (( بالجبان )) غير منقوطة ، وهي خطأ ، وصواب قراءتها ما أثبت ، كما وردت على الصواب في حلية الأولياء لأبي نعيم 2 : 153 .و (( الجفان )) جمع (( جفنة )) ، وهي قصعة الطعام العظيمة . ونص أبي نعيم : (( أما والله ما كان يغدي عليه بالجفان ولا يراح )) ، وهو أجود .(17) في المطبوعة : (( ويردف عبده )) ، غير ما في المخطوطة ، وفي أبي نعيم : (( ويردف خلفه )) ، وهو بمعنى ما رواه الطبري . أي : يردف خلفه على الدابة رديفًا .(18) في المطبوعة والمخطوطة : (( ثم علوجًا )) بإسقاط (( إن )) ، والصواب من حلية الأولياء . و (( الغلول )) : هو الخيانة في المغنم ، والسرقة من الغنيمة .(19) يعني قد جعل الآية بما تأولها به ، لعبًا يلعب بتأويله ، ليفتح الباب لكل شهوة من شهوات بطنه وفرجه .(20) الأثر : 14537 - الذي لم يحفظه سفيان ، حفظه غيره ، رواه أبو نعيم في حلية الأولياء 2 : 153 ، 154 من طريق محمد بن محمد ، عن الحسن بن أحمد بن محمد ، عن أبي زرعة ، عن مالك بن إسماعيل ، عن مسلمة بن جعفر ، عن الحسن ، بنحو هذا اللفظ ، وهي صفة تحفظ ، وموعظة تهدى إلى طغاتنا في زماننا ، من الناطقين بغير معرفة ولا علم في فتوى الناس بالباطل الذي زخرفته لهم شياطينهم(21) (( عي بالجواب )) : إذا عجز عنه ، وأشكل عليه ، ولم يهتد إلى صوابه .(22) انظر تفسير (( خالصة )) فيما سلف 2 : 365 /12 : 148 ، 149 .(23) أسقطت المطبوعة : (( في الآخرة )) من آخر هذه الجملة .(24) الأثر : 14550 - (( إسماعيل بن أبان الوراق الأزدي ، أبو إسحاق )) ، شيعي ، ثقة صدوق في الرواية . مترجم في التهذيب ، والكبير 1 /1 / 347 ، وابن أبي حاتم 1 /1 / 160 .و (( حبويه الرازي )) ، أبو يزيد ، مضت ترجمته برقم : 14365 .(25) انظر معاني القرآن للفراء 1 : 376 ، 377 .(26) (( الفعل )) ، يعني المصدر . و (( الاسم )) ، هو المشتق . و (( الصفة )) ، حرف الجر والظرف . انظر فهارس المصطلحات . وقد أسلف أبو جعفر في 2 : 365 أن (( خالصة )) مصدر مثل (( العافية ))(27) انظر تفسير (( التفصيل )) فيما سلف ص : 237 ، تعليق : 1 ، والمراجع هناك .= وتفسير (( آية )) فيما سلف من فهرس اللغة ( أيي ) .
7:33
قُلْ اِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّیَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَ مَا بَطَنَ وَ الْاِثْمَ وَ الْبَغْیَ بِغَیْرِ الْحَقِّ وَ اَنْ تُشْرِكُوْا بِاللّٰهِ مَا لَمْ یُنَزِّلْ بِهٖ سُلْطٰنًا وَّ اَنْ تَقُوْلُوْا عَلَى اللّٰهِ مَا لَا تَعْلَمُوْنَ(۳۳)
تم فرماؤ میرے رب نے تو بے حیائیاں حرام فرمائی ہیں (ف۴۹) جو ان میں کھلی ہیں اور جو چھپی اور گناہ اور ناحق زیادتی اور یہ (ف۵۰) کہ اللہ کا شریک کرو جس کی اس نے سند نہ اتاری اور یہ (ف۵۱) کہ اللہ پر وہ بات کہو جس کا علم نہیں رکھتے،

القول في تأويل قوله : قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّقال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره لنبيه محمد: قل، يا محمد، لهؤلاء المشركين الذين يتجرّدون من ثيابهم للطواف بالبيت, ويحرمون أكل طيبات ما أحل الله لهم من رزقه: أيها القوم، إن الله لم يحرم ما تحرمونه, بل أحل ذلك لعباده المؤمنين وطيَّبه لهم، وإنما حرم ربِّي القبائح من الأشياء = وهي" الفواحش " (28) =" ما ظهر منها "، فكان علانية =" وما بطن "، منها فكان سرًّا في خفاء. (29)* * *وقد روي عن مجاهد في ذلك ما:-14551- حدثني الحارث قال، حدثني عبد العزيز قال، حدثنا أبو سعد قال، سمعت مجاهدًا يقول في قوله: (ما ظهر منها وما بطن)، قال: " ما ظهر منها "، طوافُ أهل الجاهلية عراة=" وما بطن "، الزنى.* * *وقد ذكرت اختلاف أهل التأويل في تأويل ذلك بالروايات فيما مضى، فكرهت إعادته. (30)* * *وأما " الإثم "، فإنه المعصية =" والبغي"، الاستطالة على الناس. (31)* * *يقول تعالى ذكره: إنما حرم ربي الفواحش مع الإثم والبغي على الناس.* * *وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.* ذكر من قال ذلك:14552- حدثنا محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن المفضل قال، حدثنا أسباط, عن السدي: (والإثم والبغي)، أما " الإثم " فالمعصية = و " البغي"، أن يبغي على الناس بغير الحق.14553- حدثني الحارث قال، حدثنا عبد العزيز قال، حدثنا أبو سعد قال، سمعت مجاهدًا في قوله: (ما ظهر منها وما بطن والإثم والبغي)، قال: نهى عن " الإثم "، وهي المعاصي كلها = وأخبر أن الباغيَ بَغْيُه كائنٌ على نفسه. (32)* * *القول في تأويل قوله : وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ (33)قال أبو جعفر: يقول جل ثناؤه: إنما حرم ربي الفواحش والشرك به، أن تعبدوا مع الله إلهًا غيره =(ما لم ينزل به سلطانًا)، يقول: حرم ربكم عليكم أن تجعلوا معه في عبادته شِرْكًا لشيء لم يجعل لكم في إشراككم إياه في عبادته حجة ولا برهانًا, وهو " السلطان " (33) =(وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون )، يقول: وأن تقولوا إن الله أمركم بالتعرِّي والتجرُّد للطواف بالبيت, وحرم عليكم أكل هذه الأنعام التي حرمتموها وسيَّبتموها وجعلتموها وصائل وحوامي, وغير ذلك مما لا تعلمون أن الله حرّمه، أو أمر به، أو أباحه, فتضيفوا إلى الله تحريمه وحَظْره والأمر به, فإن ذلك هو الذي حرمه الله عليكم دون ما تزعمون أن الله حرمه، أو تقولون إن الله أمركم به، جهلا منكم بحقيقة ما تقولون وتضيفونه إلى الله.----------------الهوامش :(28) انظر تفسير (( الفاحشة )) فيما سلف ص : 377 ، تعليق : 2 ، والمراجع هناك .(29) انظر تفسير (( ظهر )) و (( يظن )) فيما سلف ص : 218 ، تعليق : 2 ، والمراجع هناك .(30) انظر ما سلف ص 218 ، تعليق : 2 ، والمراجع هناك .(31) انظر تفسير (( الإثم )) فيما سلف من فهارس اللغة ( أثم ) .= وتفسير (( البغي )) فيما سلف 2 : 342 /3 : 322 / 4 : 281 / 6 : 276 .(32) في المخطوطة : (( أن اكتفى بغيه على نفسه )) ، وهو شيء لا يقرأ ، والذي في المطبوعة أشبه بالصواب .(33) انظر تفسير (( السلطان )) فيما سلف 11 : 490 ، تعليق : 1 ، والمراجع هناك .
7:34
وَ لِكُلِّ اُمَّةٍ اَجَلٌۚ-فَاِذَا جَآءَ اَجَلُهُمْ لَا یَسْتَاْخِرُوْنَ سَاعَةً وَّ لَا یَسْتَقْدِمُوْنَ(۳۴)
اور ہر گروہ کا ایک وعدہ ہے (ف۵۲) تو جب ان کا وعدہ آئے گا ایک گھڑی نہ پیچھے ہو نہ آگے،

القول في تأويل قوله : وَلِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلا يَسْتَقْدِمُونَ (34)قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره تهدُّدًا للمشركين الذين أخبر جل ثناؤه عنهم أنهم كانوا إذا فعلوا فاحشة قالوا: وَجَدْنَا عَلَيْهَا آبَاءَنَا وَاللَّهُ أَمَرَنَا بِهَا (34) = ووعيدًا منه لهم على كذبهم عليه، وعلى إصرارهم على الشرك به والمقام على كفرهم = ومذكرًا لهم ما أحلّ بأمثالهم من الأمم الذين كانوا قبلهم= : (ولكل أمة أجل)، يقول: ولكل جماعة اجتمعت على تكذيب رُسل الله، (35) وردِّ نصائحهم, والشرك بالله، مع متابعة ربهم حججه عليهم =" أجل ", يعني: وقت لحلول العقوبات بساحتهم, ونزول المثُلات بهم على شركهم (36) =(فإذا جاء أجلهم)، يقول: فإذا جاء الوقت الذي وقّته الله لهلاكهم، وحلول العقاب بهم =(لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون)، يقول: لا يتأخرون بالبقاء في الدنيا، ولا يُمَتَّعون بالحياة فيها عن وقت هلاكهم وحين حلول أجل فنائهم، (37) ساعة من ساعات الزمان =(ولا يستقدمون)، يقول: ولا يتقدّمون بذلك أيضًا عن الوقت الذي جعله الله لهم وقتًا للهلاك.------------------الهوامش :(34) في المطبوعة : (( مهددًا للمشركين )) ، وأثبت ما في المخطوطة ، وهو ألصق بالسياق .(35) انظر تفسير (( الأمة )) فيما سلف ص : 37 ، تعليق : 2 ، والمراجع هناك .(36) انظر تفسير (( الأجل )) فيما سلف ص : 117 ، تعليق : 1 والمراجع هناك .(37) في المطبوعة : (( يتمتعون )) ، والصواب من المخطوطة .
7:35
یٰبَنِیْۤ اٰدَمَ اِمَّا یَاْتِیَنَّكُمْ رُسُلٌ مِّنْكُمْ یَقُصُّوْنَ عَلَیْكُمْ اٰیٰتِیْۙ-فَمَنِ اتَّقٰى وَ اَصْلَحَ فَلَا خَوْفٌ عَلَیْهِمْ وَ لَا هُمْ یَحْزَنُوْنَ(۳۵)
اے آدم کی اولاد! اگر تمہارے پاس تم میں کے رسول آئیں (ف۵۳) میری آیتیں پڑھتے تو جو پرہیزگاری کرے (ف۵۴) اور سنورے (ف۵۵) تو اس پر نہ کچھ خوف اور نہ کچھ غم،

القول في تأويل قوله : يَا بَنِي آدَمَ إِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِي فَمَنِ اتَّقَى وَأَصْلَحَ فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ (35)قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره معرِّفًا خلقه ما أعدَّ لحزبه وأهل طاعته والإيمان به وبرسوله, وما أعدّ لحزب الشيطان وأوليائه والكافرين به وبرسله: (يا بني آدم إما يأتينكم رسل منكم)، يقول: إن يجئكم رسلي الذين أرسلهم إليكم بدعائكم إلى طاعتي، والانتهاء إلى أمري ونهيي =" منكم ", يعني: من أنفسكم, ومن عشائركم وقبائلكم =(يقصون عليكم آياتي)، يقول: يتلون عليكم آيات كتابي, ويعرّفونكم أدلتي وأعلامي على صدق ما جاؤوكم به من عندي, وحقيقة ما دعوكم إليه من توحيدي (38) =(فمن اتقى وأصلح)، يقول: فمن آمن منكم بما أتاه به رُسلي مما قص عليه من آياتي وصدَّق، واتقى الله فخافه بالعمل بما أمره به والانتهاء عما نهاه عنه على لسان رسوله =(وأصلح)، يقول: وأصلح أعماله التي كان لها مفسدًا قبل ذلك من معاصي الله بالتحوُّب منها (39) =(فلا خوف عليهم)، يقول: فلا خوف عليهم يوم القيامة من عقاب الله إذا وردوا عليه =(ولا هم يحزنون) ، على ما فاتهم من دنياهم التي تركوها, وشهواتهم التي تجنَّبوها, اتباعًا منهم لنهي الله عنها، إذا عاينوا من كرامة الله ما عاينوا هنالك. (40)14554- حدثني المثنى قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا هشام أبو عبد الله قال، حدثنا هياج قال، حدثنا عبد الرحمن بن زياد, عن أبي سيّار السُّلَمي قال، إن الله جعل آدم وذريته في كفّه فقال: (يا بني آدم إما يأتينكم رسل منكم يقصون عليكم آياتي فمن اتقى وأصلح فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون)، ثم نظر إلى الرسل فقال: يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ * وَإِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ [سورة المؤمنون: 51-52]، ثم بَثَّهم. (41)* * *فإن قال قائل: ما جواب قوله: (إما يأتينكم رسل منكم)؟قيل: قد اختلف أهل العربية في ذلك.فقال بعضهم في ذلك: الجوابُ مضمرٌ, يدل عليه ما ظهر من الكلام, وذلك قوله: (فمن اتقى وأصلح). وذلك لأنه حين قال: (فمن اتقى وأصلح)، كأنه قال: فأطيعوهم.* * *وقال آخرون منهم: الجواب: " فمن اتقى ", لأن معناه: فمن اتقى منكم وأصلح. قال: ويدل على أنّ ذلك كذلك, تبعيضه الكلام, فكان في التبعيض اكتفاء من ذكر " منكم ".------------------الهوامش :(38) انظر تفسير (( قص )) فيما سلف ص : 120 ، 307= وتفسير (( آية )) فيما سلف من فهارس اللغة ( أيي ) .(39) (( تحوب من إثمه )) ، أي : تأثيم منه ، أي : ترك الإثم وتوقاه .= وانظر تفسير (( أصلح )) فيما سلف من فهارس اللغة ( صلح ) .(40) انظر تفسير (( لا خوف عليهم ولا هم يحزنون )) في نظائرها فيما سلف ( خوف ) ( حزن ) من فهارس اللغة .(41) الأثر : 14554 - هذا إسناد مبهم لم أستطع تفسيره .(( أبو سيار السلمي )) لم أعرف من يكون ، فمن أجل ذلك لم أستطع أن أميز من يكون : (( عبد الرحمن بن زياد )) ، ولا (( هياج )) .والأثر ، ذكره السيوطي في الدر المنثور 3 : 82 ، ولم ينسبه لغير ابن جرير .
7:36
وَ الَّذِیْنَ كَذَّبُوْا بِاٰیٰتِنَا وَ اسْتَكْبَرُوْا عَنْهَاۤ اُولٰٓىٕكَ اَصْحٰبُ النَّارِۚ-هُمْ فِیْهَا خٰلِدُوْنَ(۳۶)
اور جنہوں نے ہماری آیتیں جھٹلائیں اور ان کے مقابل تکبر کیا وہ دوز خی ہیں انہیں اس میں ہمیشہ رہنا،

القول في تأويل قوله : وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَاسْتَكْبَرُوا عَنْهَا أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (36)قال أبو جعفر: يقول جل ثناؤه: وأما من كذّب بإيتاء رسلي التي أرسلتها إليه، وجحد توحيدي، وكفر بما جاء به رسلي، واستكبر عن تصديق حُجَجي وأدلّتي =(فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ)، يقول: هم في نار جهنم ماكثون, لا يخرجون منها أبدًا. (42)-----------------الهوامش :(42) انظر تفسير ألفاظ هذه الآية فيما سلف من فهارس اللغة .
7:37
فَمَنْ اَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرٰى عَلَى اللّٰهِ كَذِبًا اَوْ كَذَّبَ بِاٰیٰتِهٖؕ-اُولٰٓىٕكَ یَنَالُهُمْ نَصِیْبُهُمْ مِّنَ الْكِتٰبِؕ-حَتّٰۤى اِذَا جَآءَتْهُمْ رُسُلُنَا یَتَوَفَّوْنَهُمْۙ-قَالُوْۤا اَیْنَ مَا كُنْتُمْ تَدْعُوْنَ مِنْ دُوْنِ اللّٰهِؕ-قَالُوْا ضَلُّوْا عَنَّا وَ شَهِدُوْا عَلٰۤى اَنْفُسِهِمْ اَنَّهُمْ كَانُوْا كٰفِرِیْنَ(۳۷)
تو اس سے بڑھ کر ظالم کون جس نے اللہ پر جھوٹ باندھا یا اس کی آیتیں جھٹلائیں، انہیں ان کے نصیب کا لکھا پہنچے گا (ف۵۶) یہاں تک کہ جب ان کے پاس ہمارے بھیجے ہوئے (ف۵۷) ان کی جان نکالنے آئیں تو ان سے کہتے ہیں کہاں ہیں وہ جن کو تم اللہ کے سوا پوجتے تھے، کہتے ہیں وہ ہم سے گم گئے (ف۵۸) اور اپنی جانوں پر آپ گواہی دیتے ہیں کہ وہ کافر تھے،

القول في تأويل قوله : فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَوْ كَذَّبَ بِآيَاتِهِ أُولَئِكَ يَنَالُهُمْ نَصِيبُهُمْ مِنَ الْكِتَابِقال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: فمن أخطأ فعلا وأجهلُ قولا وأبعد ذهابًا عن الحق والصواب (43) =(ممن افترى على الله كذبًا)، يقول: ممن اختلق على الله زُورًا من القول, فقال إذا فعل فاحشة: إن الله أمرنا بها (44) =(أو كذب بآياته)، يقول: أو كذب بأدلته وأعلامه الدّالة على وحدانيته ونبوّة أنبيائه, فجحد حقيقتها ودافع صحتها =(أولئك) يقول: مَنْ فعل ذلك، فافترى على الله الكذب وكذب بآياته =(أولئك ينالهم نصيبهم من الكتاب)، يقول: يصل إليهم حظهم مما كتب الله لهم في اللوح المحفوظ. (45)* * *ثم اختلف أهل التأويل في صفة ذلك " النصيب "، الذي لهم في" الكتاب "، وما هو؟فقال بعضهم: هو عذاب الله الذي أعدَّه لأهل الكفر به.* ذكر من قال ذلك.14555- حدثنا يعقوب بن إبراهيم قال، حدثنا مروان, عن إسماعيل بن أبي خالد, عن أبي صالح قوله: (أولئك ينالهم نصيبهم من الكتاب)، أي من العذاب.14556- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبو أسامة, عن إسماعيل, عن أبي صالح, مثله.14557- حدثني محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن مفضل قال، حدثنا أسباط, عن السدي: (أولئك ينالهم نصيبهم من الكتاب)، يقول: ما كتب لهم من العذاب.14558- حدثني المثنى قال، حدثنا عمرو بن عون قال، أخبرنا هشيم, عن جويبر, عن كثير بن زياد, عن الحسن في قوله: (أولئك ينالهم نصيبهم من الكتاب)، قال: من العذاب.14559- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبو معاوية, عن جويبر, عن أبي سهل, عن الحسن, قال: من العذاب.14560- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا المحاربي, عن جويبر, عن رجل, عن الحسن, قال: من العذاب.* * *وقال آخرون: معنى ذلك: أولئك ينالهم نصيبهم مما سبق لهم من الشقاء والسعادة.* ذكر من قال ذلك:14561- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا يحيى بن آدم, عن شريك, عن سعيد: (أولئك ينالهم نصيبهم من الكتاب)، قال: من الشِّقوة والسعادة.14562- حدثنا ابن حميد قال، حدثنا حكام, عن عنبسة, عن محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى, عن القاسم بن أبي بزة, عن مجاهد: (أولئك ينالهم نصيبهم من الكتاب)، كشقي وسعيد. (46)14563- حدثنا واصل بن عبد الأعلى قال، حدثنا محمد بن فضيل, عن الحسن ابن عمرو الفقيمي, عن الحكم قال: سمعت مجاهدًا يقول: (أولئك ينالهم نصيبهم من الكتاب)، قال: هو ما سبق.14564- حدثنا المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد: (أولئك ينالهم نصيبهم من الكتاب)، ما كتب لهم من الشقاوة والسعادة.14565- حدثني المثنى قال، حدثنا سويد قال، أخبرنا ابن المبارك, عن شبل, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد: (ينالهم نصيبهم من الكتاب)، ما كتب عليهم من الشقاوة والسعادة, كشقي وسعيد.14566- . . . . قال، حدثنا ابن المبارك, عن شريك, عن جابر, عن مجاهد, عن ابن عباس: (أولئك ينالهم نصيبهم من الكتاب)، من الشقاوة والسعادة.14567- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا ابن نمير وابن إدريس, عن الحسن بن عمرو, عن الحكم, عن مجاهد: (أولئك ينالهم نصيبهم من الكتاب)، قال: ما قد سبق من الكتاب.14568- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا حميد بن عبد الرحمن, عن فضيل بن مرزوق, عن عطية: (أولئك ينالهم نصيبهم من الكتاب)، قال: ما سبق لهم في الكتاب.14569- . . . . قال، حدثنا سويد بن عمرو ويحيى بن آدم, عن شريك, عن سالم, عن سعيد: (أولئك ينالهم نصيبهم)، قال: من الشقاوة والسعادة.14570- . . . . قال: حدثنا أبو معاوية, عن سفيان, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد قال: ما قُضي أو قُدِّر عليهم.14571- حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج, عن ابن جريج قال: قال ابن عباس: (ينالهم نصيبهم من الكتاب)، ينالهم الذي كتب عليهم من الأعمال.14572- حدثنا عمرو بن عبد الحميد قال، حدثنا مروان بن معاوية, عن إسماعيل بن سميع, عن بكر الطويل, عن مجاهد في قول الله: (أولئك ينالهم نصيبهم من الكتاب)، قال: قوم يعملون أعمالا لا بُدَّ لهم من أن يعملوها. (47)* * *وقال آخرون: معنى ذلك، أولئك ينالهم نصيبهم من كتابهم الذي كتب لهم أو عليهم، بأعمالهم التي عملوها في الدنيا من خير وشر.* ذكر من قال ذلك:14573- حدثني المثنى قال، حدثنا عبد الله بن صالح قال، حدثني معاوية, عن علي, عن ابن عباس: (أولئك ينالهم نصيبهم من الكتاب)، يقول: نصيبهم من الأعمال, من عمل خيرًا جُزي به, ومن عمل شرًّا جزي به.14574- حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد, في قول الله: (أولئك ينالهم نصيبهم من الكتاب) قال: من أحكام الكتاب، على قدر أعمالهم.14575- حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال، حدثنا محمد بن ثور, عن معمر, عن قتادة: (أولئك ينالهم نصيبهم من الكتاب)، قال: ينالهم نصيبهم في الآخرة من أعمالهم التي عملوا وأسْلَفوا.14576- حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد, عن سعيد, عن قتادة قوله: (أولئك ينالهم نصيبهم من الكتاب)، أي: أعمالهم, أعمال السوء التي عملوها وأسلفوها.14577- حدثني أحمد بن المقدام قال، حدثنا المعتمر قال، قال أبي: (أولئك ينالهم نصيبهم من الكتاب)، زعم قتادة: من أعمالهم التي عملوا.14578- حدثت عن الحسين بن الفرج قال، سمعت أبا معاذ يقول، حدثنا عبيد بن سليمان, عن الضحاك قوله: (أولئك ينالهم نصيبهم من الكتاب)، يقول: ينالهم نصيبهم من العمل. يقول: إن عمل من ذلك نصيبَ خير جُزِي خيرًا, وإن عمل شرًّا جُزِي مثله.* * *وقال آخرون: معنى ذلك: ينالهم نصيبهم مما وُعِدوا في الكتاب من خير أو شر.* ذكر من قال ذلك:14579- حدثنا علي بن سهل قال، حدثنا زيد بن أبي الزرقاء, عن سفيان, عن جابر, عن مجاهد, عن ابن عباس في هذه الآية: (أولئك ينالهم نصيبهم من الكتاب)، قال: من الخير والشر.14580- . . . قال حدثنا زيد, عن سفيان, عن منصور, عن مجاهد قال: ما وُعدوا.14581- حدثنا ابن بشار قال، حدثنا عبد الرحمن قال، حدثنا سفيان, عن منصور, عن مجاهد: (أولئك ينالهم نصيبهم من الكتاب)، قال: ما وعدوا.14582- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبي, عن سفيان, عن منصور, عن مجاهد: (أولئك ينالهم نصيبهم من الكتاب)، قال: ما وعدوا فيه من خير أو شر.14583- . . . . قال، حدثنا أبي, عن سفيان, عن جابر, عن مجاهد, عن ليث, عن ابن عباس: (أولئك ينالهم نصيبهم من الكتاب)، قال: ما وُعِدوا مثله.14584- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا المحاربي, عن جويبر, عن الضحاك قال: ما وُعِدوا فيه من خير أو شر.14585- حدثني المثنى قال، حدثنا أبو نعيم، قال، حدثنا سفيان, عن منصور, عن مجاهد: (أولئك ينالهم نصيبهم من الكتاب)، قال: ما وُعِدوا فيه.14586- حدثنا ابن حميد قال، حدثنا جرير, عن منصور, عن مجاهد في قوله: (أولئك ينالهم نصيبهم من الكتاب)، قال: ما وعدوا من خير أو شر.14587- حدثنا عمرو بن عبد الحميد قال، حدثنا مروان بن معاوية, عن الحسن بن عمرو, عن الحكم, عن مجاهد في قول الله: (أولئك ينالهم نصيبهم من الكتاب)، قال: ينالهم ما سبق لهم من الكتاب.* * *وقال آخرون: معنى ذلك: أولئك ينالهم نصيبهم من الكتاب الذي كتبه الله على من افترى عليه.* ذكر من قال ذلك:14588- حدثني محمد بن سعد قال، حدثني أبي قال، حدثني عمي قال، حدثني أبي, عن أبيه, عن ابن عباس قوله: (أولئك ينالهم نصيبهم من الكتاب)، يقول: ينالهم ما كتب عليهم. يقول: قد كتب لمن يفتري على الله أنّ وجهه مسوَدٌّ.* * *وقال آخرون: معنى ذلك: أولئك ينالهم نصيبهم مما كتب لهم من الرزق والعمر والعمل.* ذكر من قال ذلك:14589- حدثني المثنى قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا عبد الرحمن بن سعد قال، حدثنا أبو جعفر, عن الربيع بن أنس: (أولئك ينالهم نصيبهم من الكتاب)، مما كتب لهم من الرزق.14590- . . . . قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا محمد بن حرب, عن ابن لهيعة, عن أبي صخر, عن القرظي: (أولئك ينالهم نصيبهم من الكتاب)، قال: عمله ورزقه وعمره.14591- حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد في قوله: (أولئك ينالهم نصيبهم من الكتاب)، قال: من الأعمال والأرزاق والأعمار, فإذا فني هذا جاءتهم رسلنا يتوفونهم، وقد فرغوا من هذه الأشياء كلها.* * *قال أبو جعفر: وأولى هذه الأقوال عندي بالصواب، قولُ من قال: معنى ذلك: أولئك ينالهم نصيبهم من الكتاب، مما كتب لهم من خير وشر في الدنيا، ورزق وعمل وأجل. وذلك أن الله جل ثناؤه أتبع ذلك قوله: حَتَّى إِذَا جَاءَتْهُمْ رُسُلُنَا يَتَوَفَّوْنَهُمْ قَالُوا أَيْنَ مَا كُنْتُمْ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ ، فأبان بإتباعه ذلك قولَه: (أولئك ينالهم نصيبهم من الكتاب)، أن الذي ينالهم من ذلك إنما هو ما كان مقضيًّا عليهم في الدنيا أن ينالهم, لأنه قد أخبر أن ذلك ينالهم إلى وقت مجيئهم رسلَه لتقبض أرواحهم. ولو كان ذلك نصيبهم من الكتاب، أو مما قد أعدّ لهم في الآخرة, لم يكن محدودًا بأنه ينالهم إلى مجيء رسل الله لوفاتهم، لأن رسل الله لا تجيئهم للوفاة في الآخرة, وأن عذابهم في الآخرة لا آخر له ولا انقضاء، فإن الله قد قضى عليهم بالخلود فيه. فبيِّنٌ بذلك أن معناه ما اخترنا من القول فيه.* * *القول في تأويل قوله : حَتَّى إِذَا جَاءَتْهُمْ رُسُلُنَا يَتَوَفَّوْنَهُمْ قَالُوا أَيْنَ مَا كُنْتُمْ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ قَالُوا ضَلُّوا عَنَّا وَشَهِدُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَنَّهُمْ كَانُوا كَافِرِينَ (37)قال أبو جعفر: يعني جل ثناؤه بقوله: (حتى إذا جاءتهم رسلنا)، إلى أن جاءتهم رسلنا. يقول جل ثناؤه: وهؤلاء الذين افتروا على الله الكذب، أو كذبوا بآيات ربهم, ينالهم حظوظهم التي كتب الله لهم، وسبق في علمه لهم من رزق وعمل وأجل وخير وشر في الدنيا, إلى أن تأتيهم رسلنا لقبض أرواحهم. فإذا جاءتهم رسلنا، يعني ملك الموت وجنده =(يتوفونهم)، يقول: يستوفون عددهم من الدنيا إلى الآخرة (48) =(قالوا أين ما كنتم تدعون من دون الله)، يقول: قالت الرسل: أين الذين كنتم تدعونهم أولياء من دون الله وتعبدونهم, لا يدفعون عنكم ما قد جاءكم من أمر الله الذي هو خالقكم وخالقهم، وما قد نزل بساحتكم من عظيم البلاء؟ وهلا يُغيثونكم من كرب ما أنتم فيه فينقذونكم منه؟ فأجابهم الأشقياء فقالوا: ضَلَّ عنا أولياؤنا الذين كنا ندعو من دون الله. يعني بقوله: (ضلوا)، جاروا وأخذوا غير طريقنا، وتركونا عند حاجتنا إليهم فلم ينفعونا. (49) يقول الله جل ثناؤه: وشهد القوم حينئذ على أنفسهم أنهم كانوا كافرين بالله، جاحدين وحدانيته.------------------الهوامش :(43) انظر تفسير (( الظلم )) فيما سلف من فهارس اللغة .(44) انظر تفسير (( افترى )) فيما سلف ص : 189 ، تعليق : 2 ، والمراجع هناك .(45) انظر تفسير (( نال )) فيما سلف 3 : 20 /6 : 587 .= وتفسير (( نصيب )) فيما سلف ص : 131 ، تعليق : 2 ، والمراجع هناك .(46) يعني كقوله في [ سورة هود : 105 ] : " فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ " .(47) الأثر : 14572 - (( إسماعيل بن سميع الحنفي )) ، مضى برقم : 4791 ، 4793 .و (( بكر الطويل )) كأنه هو (( بكر بن يزيد الطويل الحمصي )) ، روى عن أبي هريرة الحمصي ، روى عنه أبو سعيد الشج ، مترجم في ابن أبي حاتم 1 / 1 / 394 .(48) انظر تفسير (( التوفي )) فيما سلف : 11 : 409 ، تعليق : 3 ، والمراجع هناك .(49) انظر تفسير (( الضلال )) فيما سلف من فهارس اللغة ( ضلل ) .
7:38
قَالَ ادْخُلُوْا فِیْۤ اُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِكُمْ مِّنَ الْجِنِّ وَ الْاِنْسِ فِی النَّارِؕ-كُلَّمَا دَخَلَتْ اُمَّةٌ لَّعَنَتْ اُخْتَهَاؕ-حَتّٰۤى اِذَا ادَّارَكُوْا فِیْهَا جَمِیْعًاۙ-قَالَتْ اُخْرٰىهُمْ لِاُوْلٰىهُمْ رَبَّنَا هٰۤؤُلَآءِ اَضَلُّوْنَا فَاٰتِهِمْ عَذَابًا ضِعْفًا مِّنَ النَّارِ ﱟ-قَالَ لِكُلٍّ ضِعْفٌ وَّ لٰكِنْ لَّا تَعْلَمُوْنَ(۳۸)
اللہ ان سے (ف۵۹) فرماتا ہے کہ تم سے پہلے جو اور جماعتیں جن اور آدمیوں کی آگ میں گئیں، انہیں میں جاؤ جب ایک گروہ (ف۶۰) داخل ہوتا ہے دوسرے پر لعنت کرتا ہے (ف۶۱) یہاں تک کہ جب سب اس میں جا پڑے تو پچھلے پہلوں کو کہیں گے (ف۶۲) اے رب ہمارے! انہوں نے ہم کو بہکایا تھا تو انہیں آگ کا دُونا عذاب دے، فرمائے گا سب کو دُونا ہے (ف۶۳) مگر تمہیں خبر نہیں (ف۶۴)

القول في تأويل قوله : قَالَ ادْخُلُوا فِي أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِكُمْ مِنَ الْجِنِّ وَالإِنْسِ فِي النَّارِ كُلَّمَا دَخَلَتْ أُمَّةٌ لَعَنَتْ أُخْتَهَاقال أبو جعفر: وهذا خبر من الله جل ثناؤه عن قيله لهؤلاء المفترين عليه، المكذبين آياته يوم القيامة. يقول تعالى ذكره: قال لهم حين وردوا عليه يوم القيامة، ادخلوا، أيها المفترون على ربكم، المكذبون رسله، في جماعات من ضُرَبائكم (1) =(قد خلت من قبلكم)، يقول: قد سلفت من قبلكم (2) =" من الجن والإنس في النار "، ومعنى ذلك: ادخلوا في أمم هي في النار، قد خلت من قبلكم من الجن والإنس = وإنما يعني ب" الأمم "، الأحزابَ وأهلَ الملل الكافرة =(كلما دخلت أمة لعنت أختها)، يقول جل ثناؤه: كلما دخلت النارَ جماعةٌ من أهل ملة = لعنت أختها, يقول: شتمت الجماعة الأخرى من أهل ملتها، تبرِّيًا منها. (3)وإنما عنى ب" الأخت "، الأخوة في الدين والملة، وقيل: " أختها "، ولم يقل: " أخاها ", لأنه عنى بها " أمة " وجماعة أخرى, كأنه قيل: كلما دخلت أمة لعنت أمة أخرى من أهل ملتها ودينها. (4)* * *وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.* ذكر من قال ذلك:14592- حدثني محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن مفضل قال، حدثنا أسباط, عن السدي: (كلما دخلت أمة لعنت أختها)، يقول: كلما دخل أهل ملة لعنوا أصحابهم على ذلك الدين, (5) يلعن المشركون المشركين، واليهودُ اليهودَ، والنصارى النصارى، والصابئون الصابئين، والمجوسُ المجوسَ, تلعن الآخرةُ الأولى.* * *القول في تأويل قوله : حَتَّى إِذَا ادَّارَكُوا فِيهَا جَمِيعًاقال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: حتى إذا تداركت الأمم في النار جميعًا, يعني اجتمعت فيها.* * *يقال: " قد ادَّاركوا "، و " تداركوا "، إذا اجتمعوا. (6)* * *يقول: اجتمع فيها الأوَّلون من أهل الملل الكافرة والآخِرون منهم.* * *القول في تأويل قوله : قَالَتْ أُخْرَاهُمْ لأُولاهُمْ رَبَّنَا هَؤُلاءِ أَضَلُّونَا فَآتِهِمْ عَذَابًا ضِعْفًا مِنَ النَّارِ قَالَ لِكُلٍّ ضِعْفٌ وَلَكِنْ لا تَعْلَمُونَ (38)قال أبو جعفر: وهذا خبر من الله جل ثناؤه عن محاورة الأحزاب من أهل الملل الكافرة في النار يوم القيامة. يقول الله تعالى ذكره: فإذا اجتمع أهل الملل الكافرة في النار فادّاركوا, قالت أخرى أهل كل ملة دخلت النار = الذين كانوا في الدنيا بعد أولى منهم تَقَدَّمتها وكانت لها سلفًا وإمامًا في الضلالة والكفر = لأولاها الذين كانوا قبلهم في الدنيا: ربنا هؤلاء أضلونا عن سبيلك، ودعونا إلى عبادة غيرك، وزيَّنوا لنا طاعة الشيطان, فآتهم اليوم من عذابك الضعفَ على عذابنا، كما:-14593- حدثني محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن مفضل قال، حدثنا أسباط, عن السدي: " قالت أخراهم "، الذين كانوا في آخر الزمان =" لأولاهم "، الذين شرعوا لهم ذلك الدين =(ربنا هؤلاء أضلونا فآتهم عذابًا ضعفًا من النار)* * *وأما قوله: (قال لكل ضعف ولكن لا تعلمون)، فإنه خبر من الله عن جوابه لهم, يقول: قال الله للذين يدعونه فيقولون: " ربنا هؤلاء أضلونا فآتهم عذابًا ضعفًا من النار " =: لكلكم, أوَّلكم وآخركم، وتابعوكم ومُتَّبَعوكم =" ضعف ", يقول: مكرر عليه العذاب.* * *و " ضعف الشيء "، مثله مرة.* * *وكان مجاهد يقول في ذلك ما:-14594- حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد في قول الله: (عذابًا ضعفًا من النار قال لكل ضعف)، مضعّف.14595- حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد, مثله.وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.* ذكر من قال ذلك:14596- حدثني محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن المفضل قال، حدثنا أسباط, عن السدي قال الله: (لكل ضعف)، للأولى، وللآخرة ضعف.14597- حدثنا ابن بشار قال، حدثنا عبد الرحمن قال، حدثنا سفيان قال، حدثني غير واحد, عن السدي, عن مرة, عن عبد الله: (ضعفًا من النار)، قال: أفاعي.14598- حدثني الحارث قال، حدثنا عبد العزيز قال، حدثنا سفيان, عن السدي, عن مرة, عن عبد الله: (فآتهم عذابًا ضعفًا من النار)، قال: حيّات وأفاعي.* * *وقيل: إن " المضَعَّف "، في كلام العرب، ما كان ضعفين، (7) و " المضاعف "، ما كان أكثر من ذلك.* * *وقوله: (ولكن لا تعلمون)، يقول: ولكنكم، يا معشر أهل النار, لا تعلمون ما قدْرُ ما أعدّ الله لكم من العذاب, فلذلك تسأل الضعفَ منه الأمةُ الكافرةُ الأخرى لأختها الأولى.------------------الهوامش :(1) انظر تفسير (( أمة )) فيما سلف ص : 405 ، تعليق : 1 ، والمراجع هناك .(2) انظر تفسير (( خلا )) فيما سلف 3 : 100 ، 128 / 4 : 289 / 7 : 228 .(3) انظر تفسير (( اللعن )) فيما سلف 10 : 489 ، تعليق : 1 .(4) انظر معاني القرآن للفراء 1 : 378 .(5) في المطبوعة والمخطوطة : (( كلما دخلت أهل ملة )) ، والصواب ما أثبت .(6) انظر مجاز القرآن لأبي عبيدة 1 : 214 ، وفي نصه زيادة حسنة : (( ويقال : تدارك لي عليه شيء ، أي اجتمع لي عنده شيء . وهو مدغم التاء في الدال ، فثقلت الدال )) .(7) في المطبوعة : (( الضعف ، في كلام العرب )) ، والصواب من المخطوطة .
7:39
وَ قَالَتْ اُوْلٰىهُمْ لِاُخْرٰىهُمْ فَمَا كَانَ لَكُمْ عَلَیْنَا مِنْ فَضْلٍ فَذُوْقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْسِبُوْنَ۠(۳۹)
اور پہلے پچھلوں سے کہیں گے تو تم کچھ ہم سے اچھے نہ رہے (ف۶۵) تو چکھو عذاب بدلہ اپنے کیے کا(ف۶۶)

القول في تأويل قوله : وَقَالَتْ أُولاهُمْ لأُخْرَاهُمْ فَمَا كَانَ لَكُمْ عَلَيْنَا مِنْ فَضْلٍ فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْسِبُونَ (39)قال أبو جعفر: يقول جل ثناؤه: وقالت أولى كل أمة وملة سبقت في الدنيا، لأخراها الذين جاؤوا من بعدهم، وحَدَثوا بعد زمانهم فيها, فسلكوا سبيلهم واستنوا سنتهم: (فما كان لكم علينا من فضل)، و قد علمتم ما حل بنا من عقوبة الله جل ثناؤه بمعصيتنا إياه وكفرنا بآياته, بعدما جاءتنا وجاءتكم بذلك الرسل والنذر, (8) فهل أنَبْتم إلى طاعة الله, (9) وارتدعتم عن غوايتكم وضلالتكم؟ فانقضت حجة القوم وخُصِموا ولم يطيقوا جوابًا بأن يقولوا: " فضِّلنا عليكم إذ اعتبرنا بكم فآمنا بالله وصدقنا رسله ", (10) قال الله لجميعهم: فذوقوا جميعكم، أيها الكفرة، عذابَ جهنم, (11) بما كنتم في الدنيا تكسبون من الآثام والمعاصي, وتجترحون من الذنوب والإجرام. (12)* * *وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.* ذكر من قال ذلك:14599- حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال، حدثنا المعتمر قال، سمعت عمران, عن أبي مجلز: (وقالت أولاهم لأخراهم فما كان لكم علينا من فضل فذوقوا العذاب بما كنتم تكسبون)، قال: يقول: فما فَضْلكم علينا, وقد بُيِّن لكم ما صنع بنا، وحُذِّرتم؟14600- حدثني محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن المفضل، قال، حدثنا أسباط, عن السدي: (وقالت أولاهم لأخراهم فما كان لكم علينا من فضل)، فقد ضللتم كما ضللنا.* * *وكان مجاهد يقول في هذا بما:-14601- حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى, عن أبن أبي نجيح, عن مجاهد: (فما كان لكم علينا من فضل)، قال: من التخفيف من العذاب.14602- حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد: (فما كان لكم علينا من فضل)، قال: من تخفيف.* * *وهذا القول الذي ذكرناه عن مجاهد، قولٌ لا معنى له لأن قول القائلين: " فما كان لكم علينا من فضل " لمن قالوا ذلك، إنما هو توبيخ منهم على ما سلف منهم قبل تلك الحال, يدل على ذلك دخول " كان " في الكلام. ولو كان ذلك منهم توبيخًا لهم على قيلهم الذي قالوا لربهم: "آتهم عذابًا ضعفًا من النار ", لكان التوبيخ أن يقال: " فما لكم علينا من فضل، في تخفيف العذاب عنكم، وقد نالكم من العذاب ما قد نالنا "، ولم يقل: " فما كان لكم علينا من فضل ".--------------الهوامش :(8) في المطبوعة : (( وكفرنا به وجاءتنا وجاءتكم بذلك الرسل )) ، وفي المخطوطة : (( وكفرنا به ما جاءتنا وجاءتكم )) ، وهو غير مستقيم ، صوابه إن شاء الله ما أثبت . وهو سياق الآيات قبلها. هكذا استظهرته من تفسير الآيات السالفة.(9) في المطبوعة : (( هل انتهيتم )) ، وفي المخطوطة : (( هل أسم )) ، وهذا صواب قراءتها ، وزدت الفاء في أول (( هل )) ، لاقتضاء سياق الكلام إثباتها .(10) في المطبوعة : (( إنا اعتبرنا بكم )) وفي المخطوطة : (( إذا اعتبرنا بكم )) ، والصواب ما أثبت .(11) انظر تفسير : (( ذوقوا العذاب )) فيما سلف 11 : 420 ، تعليق : 1 ، والمراجع هناك .(12) انظر تفسير (( كسب )) فيما سلف ص : 286 ، تعليق : 3 ، والمراجع هناك .
7:40
اِنَّ الَّذِیْنَ كَذَّبُوْا بِاٰیٰتِنَا وَ اسْتَكْبَرُوْا عَنْهَا لَا تُفَتَّحُ لَهُمْ اَبْوَابُ السَّمَآءِ وَ لَا یَدْخُلُوْنَ الْجَنَّةَ حَتّٰى یَلِجَ الْجَمَلُ فِیْ سَمِّ الْخِیَاطِؕ-وَ كَذٰلِكَ نَجْزِی الْمُجْرِمِیْنَ(۴۰)
وہ جنہوں نے ہماری آیتیں جھٹلائیں اور ان کے مقابل تکبر کیا ان کے لیے آسمان کے دروازے نہ کھولے جائیں گے (ف۶۷) اور نہ وہ جنت میں داخل ہوں جب تک سوئی کے ناکے اونٹ داخل نہ ہو (ف۶۸) اور مجرموں کو ہم ایسا ہی بدلہ دیتے ہیں (ف۶۹)

القول في تأويل قوله : إِنَّ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَاسْتَكْبَرُوا عَنْهَا لا تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوَابُ السَّمَاءِقال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: إن الذين كذبوا بحججنا وأدلتنا فلم يصدقوا بها، ولم يتبعوا رسلنا (13) =(واستكبروا عنها)، يقول: وتكبروا عن التصديق بها وأنفوا من اتباعها والانقياد لها تكبرًا (14) =" لا تفتح لهم "، لأرواحهم إذا خرجت من أجسادهم =" أبواب السماء ", ولا يصعد لهم في حياتهم إلى الله قول ولا عمل, لأن أعمالهم خبيثة، وإنما يُرْفع الكلم الطيبُ والعملُ الصالح, كما قال جل ثناؤه: إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ [سورة فاطر: 10].* * *ثم اختلف أهل التأويل في تأويل قوله: (لا تفتح لهم أبواب السماء).فقال بعضهم: معناه: لا تفتح لأرواح هؤلاء الكفار أبواب السماء.* ذكر من قال ذلك:13603- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا يعلى, عن أبي سنان, عن الضحاك, عن ابن عباس: (لا تفتح لهم أبواب السماء)، قال: عنى بها الكفار، أنّ السماء لا تفتح لأرواحهم، وتفتح لأرواح المؤمنين.14604- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبو معاوية, عن أبي سنان, عن الضحاك قال، قال ابن عباس: تُفتح السماء لروح المؤمن, ولا تفتح لروح الكافر.14605- حدثنا محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن المفضل قال، حدثنا أسباط, عن السدي: (لا تفتح لهم أبواب السماء)، قال: إن الكافر إذا أُخِذ روحُه، ضربته ملائكة الأرض حتى يرتفع إلى السماء, فإذا بلغ السماء الدنيا ضربته ملائكة السماء فهبط, فضربته ملائكة الأرض فارتفع, فإذا بلغ السماء الدنيا ضربته ملائكة السماء الدنيا فهبط إلى أسفل الأرضين. وإذا كان مؤمنًا نفخ روحه, (15) وفتحت له أبواب السماء, فلا يمرّ بملك إلا حيَّاه وسلم عليه، حتى ينتهي إلى الله, فيعطيه حاجته, ثم يقول الله: ردّوا روحَ عبدي فيه إلى الأرض, فإني قضيتُ من التراب خلقه, وإلى التراب يعود, ومنه يخرج.* * *وقال آخرون: معنى ذلك أنه لا يصعد لهم عمل صالح ولا دعاءٌ إلى الله.* ذكر من قال ذلك:14606- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا عبيد الله, عن سفيان, عن ليث, عن عطاء, عن ابن عباس: (لا تفتح لهم أبواب السماء)، لا يصعد لهم قولٌ ولا عمل.14607- حدثني المثنى قال، حدثنا عبد الله بن صالح قال، حدثني معاوية, عن علي بن أبي طلحة, عن ابن عباس قوله: (إن الذين كذبوا بآياتنا واستكبروا عنها لا تفتح لهم أبواب السماء)، يعني: لا يصعد إلى الله من عملهم شيء.14608- حدثني محمد بن سعد قال، حدثني أبي قال، حدثني عمي قال، حدثني أبي, عن أبيه, عن ابن عباس: (لا تفتح لهم أبواب السماء)، يقول: لا تفتح لخير يعملون.14609- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبي, عن سفيان, عن منصور, عن مجاهد: (لا تفتح لهم أبواب السماء)، قال: لا يصعد لهم كلامٌ ولا عمل.14610- حدثنا مطر بن محمد الضبي قال، حدثنا عبد الله بن داود قال، حدثنا شريك, عن منصور, عن إبراهيم, في قوله: (لا تفتح لهم أبواب السماء)، قال: لا يرتفع لهم عمل ولا دعاء. (16)14611- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا يحيى بن آدم, عن شريك, عن سالم, عن سعيد: (لا تفتح لهم أبواب السماء)، قال: لا يرتفع لهم عمل ولا دعاء.14612- حدثني المثنى قال، حدثنا الحماني قال، حدثنا شريك, عن سعيد: (لا تفتح لهم أبواب السماء)، قال: لا يرفع لهم عملٌ صالح ولا دعاء.* * *وقال آخرون: معنى ذلك: لا تفتح أبواب السماء لأرواحهم ولا لأعمالهم.* ذكر من قال ذلك:14613- حدثني القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج, عن ابن جريج: (لا تفتح لهم أبواب السماء)، قال: لأرواحهم ولا لأعمالهم.* * *قال أبو جعفر: وإنما اخترنا في تأويل ذلك ما اخترنا من القول، لعموم خبر الله جل ثناؤه أن أبواب السماء لا تفتح لهم. ولم يخصص الخبر بأنه يفتح لهم في شيء, فذلك على ما عمّه خبر الله تعالى بأنها لا تفتح لهم في شيء، مع تأييد الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ما قلنا في ذلك، وذلك ما:-14614- حدثنا أبو كريب قال، حدثنا أبو بكر بن عياش, عن الأعمش, عن المنهال, عن زاذان, عن البراء: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكر قبضَ روح الفاجر, وأنه يصعد بها إلى السماء, قال: فيصعدون بها، فلا يمرّون على ملإ من الملائكة إلا قالوا: " ما هذا الروح الخبيث "؟ فيقولون: " فلان "، بأقبح أسمائه التي كان يُدعى بها في الدنيا، حتى ينتهوا بها إلى السماء، فيستفتحون له فلا يفتح له. ثم قرأ رسول الله: (لا تفتح لهم أبواب السماء ولا يدخلون الجنة حتى يلج الجمل في سم الخياط) (17)14615- حدثنا أبو كريب قال، حدثنا عثمان بن عبد الرحمن, عن ابن أبي ذئب, عن محمد بن عمرو بن عطاء, عن سعيد بن يسار, عن أبي هريرة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: الميت تحضره الملائكة, فإذا كان الرجلَ الصالحَ قالوا: " اخرجي أيتها النفس الطيبة كانت في الجسد الطيب, اخرجي حميدة, وأبشري برَوْح وريحان، وربّ غير غضبان "، قال: فيقولون ذلك حتى يُعرج بها إلى السماء، فيستفتح لها, فيقال: " من هذا "؟ فيقولون: " فلان ". فيقال: " مرحبًا بالنفس الطيبة كانت في الجسد الطيب, (18) ادخلي حميدة, وأبشري بروح وريحان، ورب غير غضبان "، فيقال لها حتى تنتهي إلى السماء التي فيها الله. وإذا كان الرجلَ السَّوْءَ قال: " اخرجي أيتها النفس الخبيثة كانت في الجسد الخبيث, اخرجي ذميمة, وأبشري بحميم وغسَّاق، وآخر من شكله أزواج "، فيقولون ذلك حتى تخرج، ثم يعرج بها إلى السماء فيستفتح لها, فيقال: " من هذا "؟ فيقولون: " فلان ". فيقولون: " لا مرحبًا بالنفس الخبيثة كانت في الجسد الخبيث, ارجعي ذميمة، فإنه لم تفتح لك أبواب السماء "، (19) فترسل بين السماء والأرض، فتصير إلى القبر. (20)14616- حدثني محمد بن عبد الله بن عبد الحكم قال، حدثنا ابن أبي فديك قال، حدثني ابن أبي ذئب, عن محمد بن عمرو بن عطاء, عن سعيد بن يسار, عن أبي هريرة, عن النبي صلى الله عليه وسلم، بنحوه.* * *واختلفت القرأة في قراءة ذلك.فقرأته عامة قرأة الكوفة: " لا يُفَتَحُ لَهُمْ أَبْوابُ السَّمَاء "، بالياء من " يفتح "، وتخفيف " التاء " منها, بمعنى: لا يفتح لهم جميعها بمرة واحدةٍ وفتحةٍ واحدة.* * *وقرأ ذلك بعض المدنيين وبعض الكوفيين: (لا تُفَتَّحُ)، بالتاء وتشديد التاء الثانية, بمعنى: لا يفتح لهم باب بعد باب، وشيء بعد شيء.* * *قال أبو جعفر: والصواب في ذلك عندي من القول أن يقال: إنهما قراءتان مشهورتان صحيحتا المعنى. وذلك أن أرواح الكفار لا تفتح لها ولا لأعمالهم الخبيثة أبوابُ السماء بمرة واحدة، ولا مرة بعد مرة، وباب بعد باب. فكلا المعنيين في ذلك صحيح.وكذلك " الياء "، و " التاء " في" يفتح "، و " تفتح ", لأن " الياء " بناء على فعل الواحد للتوحيد، و " التاء " لأن " الأبواب " جماعة, فيخبر عنها خبر الجماعة. (21)* * *القول في تأويل قوله : وَلا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُجْرِمِينَ (40)قال أبو جعفر: يقول جل ثناؤه: ولا يدخل هؤلاء الذين كذبوا بآياتنا واستكبروا عنها، الجنة التي أعدّها الله لأوليائه المؤمنين أبدًا, كما لا يلج الجمل في سمِّ الخياط أبدًا, وذلك ثقب الإبرة.* * *وكل ثقب في عين أو أنف أو غير ذلك, فإن العرب تسميه " سَمًّا " وتجمعه " سمومًا "، و " السِّمام ", في جمع " السَّم " القاتل، أشهر وأفصح من " السموم ". وهو في جمع " السَّم " الذي هو بمعنى الثقب أفصح. وكلاهما في العرب مستفيض. وقد يقال لواحد " السموم " التي هي الثقوب " سَمٌّ" و " سُمٌّ" بفتح السين وضمها, ومن " السَّم " الذي بمعنى الثقب قول الفرزدق:فَنَفَّسْتُ عَنْ سَمَّيْهِ حَتَّى تَنَفَّسَاوَقُلْتُ لَهُ: لا تَخْشَ شَيْئًا وَرَائِيا (22)يعني بسمِّيه، ثقبي أنفه.* * *وأما " الخياط" فإنه " المخيط"، وهي الإبرة. قيل لها: " خِيَاط" و " مِخْيَط", كما قيل: " قِناع " و " مِقْنع ", و " إزار " و " مِئْزر ", و " قِرام " و " مِقْرَم ", و " لحاف " و " مِلْحف ".وأما القرأة من جميع الأمصار, فإنها قرأت قوله: ( فِي سَمِّ الْخِيَاطِ )، بفتح " السين ", وأجمعت على قراءة: " الجَمَلُ" بفتح " الجيم "، و " الميم " وتخفيف ذلك.* * *وأما ابن عباس وعكرمة وسعيد بن جبير, فإنه حكي عنهم أنهم كانوا يقرؤون ذلك: " الجُمَّلُ"، بضم " الجيم " وتشديد " الميم ", على اختلاف في ذلك عن سعيد وابن عباس.* * *فأما الذين قرؤوه بالفتح من الحرفين والتخفيف, فإنهم وجهوا تأويله إلى " الجمل " المعروف، وكذلك فسروه.* ذكر من قال ذلك:14617- حدثنا يحيى بن طلحة اليربوعي قال، حدثنا فضيل بن عياض, عن مغيرة, عن إبراهيم, عن عبد الله في قوله: (حتى يلج الجمل في سم الخياط)، قال: الجمل ابن الناقة, أو: زوج الناقة.14618- حدثنا ابن بشار قال، حدثنا عبد الرحمن قال، حدثنا سفيان, عن أبي حصين, عن إبراهيم, عن عبد الله: (حتى يلج الجمل في سم الخياط)، قال: " الجمل "، زوج الناقة.14619- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبي, عن سفيان, عن أبي حصين, عن إبراهيم, عن عبد الله, مثله.14620- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا ابن مهدي, عن هشيم, عن مغيرة, عن إبراهيم, عن عبد الله قال: " الجمل "، زوج الناقة.14621- حدثني المثنى قال، حدثنا عمرو بن عون قال، أخبرنا هشيم, عن مغيرة, عن إبراهيم, عن عبد الله، مثله.14622- حدثنا ابن بشار قال، حدثنا عبد الرحمن قال، حدثنا قرة قال، سمعت الحسن يقول: " الجمل "، الذي يقوم في المِرْبد. (23)14623- حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال، حدثنا محمد بن ثور, عن معمر, عن الحسن: (حتى يلج الجمل في سم الخياط)، قال: حتى يدخل البعير في خُرت الإبرة. (24)14624- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا ابن مهدي, عن هشيم, عن عباد بن راشد, عن الحسن قال: هو الجمل! فلما أكثروا عليه قال: هو الأشتر. (25)14625- حدثني المثنى قال، حدثنا عمرو بن عون قال، حدثنا هشيم, عن عباد بن راشد, عن الحسن, مثله.14626- حدثنا المثنى قال، حدثنا الحجاج قال، حدثنا حماد, عن يحيى قال: كان الحسن يقرؤها: (حتى يلج الجمل في سم الخياط)، قال: فذهب بعضهم يستفهمه, قال: أشتر، أشتر. (26)14627- حدثني المثنى قال، حدثنا أبو النعمان عارم قال، حدثنا حماد بن زيد, عن شعيب بن الحبحاب, عن أبي العالية: (حتى يلج الجمل)، قال: الجمل الذي له أربع قوائم.14628- حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا الثوري, عن أبي حصين = أو: حصين = , عن إبراهيم, عن ابن مسعود في قوله: (حتى يلج الجمل في سم الخياط)، قال: زوج الناقة, يعني الجمل.14629- حدثنا ابن حميد قال، حدثنا يحيى بن واضح قال، حدثنا عبيد بن سليمان, عن الضحاك أنه كان يقرأ: (الجمل)، وهو الذي له أربع قوائم.14630- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبو تميلة, عن عبيد, عن الضحاك: (حتى يلج الجمل)، الذي له أربع قوائم.14631- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا زيد بن الحباب, عن قرة, عن الحسن: (حتى يلج الجمل)، قال: الذي بالمربد.14632- حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد, عن ابن مسعود أنه كان يقرأ: " حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ الأَصْفَرُ".14633- حدثنا نصر بن علي قال، حدثنا يحيى بن سليم قال، حدثنا عبد الكريم بن أبي المخارق, عن الحسن في قوله: (حتى يلج الجمل في سم الخياط)، قال: الجمل ابن الناقة = أو بَعْلُ الناقة.* * *وأما الذين خالفوا هذه القراءة فإنهم اختلفوا.فروي عن ابن عباس في ذلك روايتان: إحداهما الموافقة لهذه القراءة وهذا التأويل.* ذكر الرواية بذلك عنه:14634- حدثني المثنى قال، حدثنا عبد الله بن صالح قال، حدثني معاوية, عن علي, عن ابن عباس: (حتى يلج الجمل في سم الخياط)، والجمل: ذو القوائم.* * *وذكر أن ابن مسعود قال ذلك.14635- حدثني محمد بن سعد قال، حدثني أبي قال، حدثني عمي قال، حدثني أبي, عن أبيه, عن ابن عباس: (حتى يلج الجمل في سم الخياط)، وهو الجمل العظيم، لا يدخل في خُرْت الإبرة، (27) من أجل أنه أعظم منها.* * *والرواية الأخرى ما:-14636- حدثني يحيى بن طلحة اليربوعي قال، حدثنا فضيل بن عياض, عن منصور, عن مجاهد, عن ابن عباس في قوله: " حَتَّى يَلِجَ الْجُمَّلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ"، قال: هو قَلْس السفينة. (28)14637- حدثني عبد الأعلى بن واصل قال، حدثنا أبو غسان مالك بن إسماعيل, عن خالد بن عبد الله الواسطي, عن حنظلة السدوسي, عن عكرمة, عن ابن عباس أنه كان يقرأ: " حَتَّى يَلِجَ الْجُمَّلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ"، يعني الحبل الغليظ = فذكرت ذلك للحسن فقال: (حتى يلجَ الجمَل)، قال عبد الأعلى: قال أبو غسان, قال خالد: يعني: البعير.14638- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبو أسامة, عن فضيل, عن مغيرة, عن مجاهد, عن ابن عباس أنه قرأ: " الجُمَّلُ"، مثقَّلة, وقال: هو حبل السفينة.14639- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا ابن مهدي, عن هشيم, عن مغيرة, عن مجاهد, عن ابن عباس قال: " الجمَّل "، حبال السفن.14640- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا يحيى بن آدم, عن ابن مبارك, عن حنظلة, عن عكرمة, عن ابن عباس: " حَتَّى يَلِجَ الْجُمَّلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ"، قال: الحبل الغليظ.14641- حدثنا ابن حميد قال، حدثنا جرير, عن مغيرة, عن مجاهد, عن ابن عباس: " حَتَّى يَلِجَ الْجُمَّلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ" قال: هو الحبل الذي يكون على السفينة.* * *واختُلِف عن سعيد بن جبير أيضًا في ذلك, فروي عنه روايتان إحداهما مثل الذي ذكرنا عن ابن عباس: بضم " الجيم " وتثقيل " الميم ".* ذكر الرواية بذلك عنه:14642- حدثنا عمران بن موسى القزاز قال، حدثنا عبد الوارث بن سعيد قال، حدثنا حسين المعلم, عن أبي بشر، عن سعيد بن جبير: أنه قرأها: " حَتَّى يَلِجَ الْجُمَّلُ"، يعني قُلُوس السفن, يعني: الحبال الغلاظ. (29)* * *والأخرى منهما بضم " الجيم " وتخفيف " الميم ".* ذكر الرواية بذلك عنه:14643- حدثنا ابن حميد قال، حدثنا يحيى بن واضح قال، حدثنا عمرو, عن سالم بن عجلان الأفطس قال، قرأت على أبي: " حَتَّى يَلِجَ الْجُمَّلَ" فقال: " حَتَّى يَلِجَ الْجُمَلُ" خفيفة، هو حبل السفينة = هكذا أقرأنيها سعيد بن جبير.* * *وأما عكرمة, فإنه كان يقرأ ذلك: " الْجُمَّلُ"، بضم " الجيم " وتشديد " الميم ", وبتأوّله كما:-14644- حدثني ابن وكيع قال، حدثنا أبو تميلة, عن عيسى بن عبيد قال: سمعت عكرمة يقرأ: " الْجُمَّلُ" مثقلة, ويقول: هو الحبل الذي يصعد به إلى النخل.14645- حدثنا محمد بن بشار قال، حدثنا مسلم بن إبراهيم قال، حدثنا كعب بن فروخ قال، حدثنا قتادة, عن عكرمة, في قوله: " حَتَّى يَلِجَ الْجُمَّلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ"، قال: الحبل الغليظ في خرق الإبرة. (30)14646- حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد في قوله: " حَتَّى يَلِجَ الْجُمَّلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ"، قال: حبل السفينة في سمّ الخياط.14647- حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج, عن ابن جريج قال، قال عبد الله بن كثير: سمعت مجاهدًا يقول: الحبل من حبال السفن.* * *وكأنَّ من قرأ ذلك بتخفيف " الميم " وضم " الجيم "، على ما ذكرنا عن سعيد بن جبير، على مثال " الصُّرَد " و " الجُعَل "، وجهه إلى جماع " جملة " من الحبال جمعت " جُمَلا ", كما تجمع " الظلمة "،" ظُلَمًا "، و " الخُرْبة "" خُرَبًا ".* * *وكان بعض أهل العربية ينكر التشديد في" الميم " ويقول: إنما أراد الراوي" الجُمَل " بالتخفيف, فلم يفهم ذلك منه فشدّده.* * *14648- وحدثت عن الفراء, عن الكسائي أنه قال: الذي رواه عن ابن عباس كان أعجميًّا.* * *وأما من شدد " الميم " وضم " الجيم " فإنه وجهه إلى أنه اسم واحد، وهو الحبل، أو الخيط الغليظ.* * *قال أبو جعفر: والصواب من القراءة في ذلك عندنا، ما عليه قرأة الأمصار، وهو: ( حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ )، بفتح " الجيم " و " الميم " من " الجمل " وتخفيفها, وفتح " السين " من " السم ", لأنها القراءة المستفيضة في قرأة الأمصار, وغير جائز مخالفة ما جاءت به الحجة متفقة عليه من القراءة.وكذلك ذلك في فتح " السين " من قوله: (سَمِّ الخياط) .* * *وإذ كان الصواب من القراءة ذلك, فتأويل الكلام: ولا يدخلون الجنة حتى يلج = و " الولوج " الدخول، من قولهم: " ولج فلان الدار يلِجُ ولوجًا ", (31) بمعنى: دخل = الجملُ في سم الإبرة، وهو ثقبها=(وكذلك نجزي المجرمين)، يقول: وكذلك نثيب الذين أجرَموا في الدنيا ما استحقوا به من الله العذاب الأليم في الآخرة. (32)* * *وبمثل الذي قلنا في تأويل قوله: (سم الخياط)، قال أهل التأويل.* ذكر من قال ذلك:14649- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبو أسامة وابن مهدي وسويد الكلبي, عن حماد بن زيد, عن يحيى بن عتيق قال: سألت الحسن عن قوله: (حتى يلج الجمل في سم الخياط)، قال: ثقب الإبرة. (33)14650- حدثنا ابن بشار قال، حدثنا مسلم بن إبراهيم قال، حدثنا كعب بن فروخ قال، حدثنا قتادة, عن عكرمة: (في سم الخياط)، قال: ثقب الإبرة. (34)14651- حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال، حدثنا محمد بن ثور, عن معمر, عن الحسن, مثله.14652- حدثني محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن المفضل قال، حدثنا أسباط, عن السدي: (في سم الخياط)، قال: جُحْر الإبرة.14653- حدثني المثنى قال، حدثنا عبد الله بن صالح قال، حدثني معاوية, عن علي, عن ابن عباس: (في سم الخياط)، يقول: جُحْر الإبرة.14654- حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثني عيسى, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد: (في سم الخياط)، قال: في ثقبه.--------------------الهوامش :(13) انظر تفسير (( الآية )) فيما سلف من فهارس اللغة ( أيي ) .(14) انظر تفسير (( الاستكبار )) فيما سلف 11 : 540 .(15) في المطبوعة : (( وإذا كان مؤمنًا أخذ روحه )) ، وأثبت ما في المخطوطة .(16) الأثر : 14610 - (( مطر بن محمد الضبي )) ، شيخ الطبري ، لم أجد له ترجمة ، ومضى أيضا برقم : 12198 .(17) الأثر : 14614 - (( المنهال )) هو (( المنهال بن عمرو الأسدي )) ، ثقة ، رجح أخي توثيقه في المسند رقم : 714 ، وفيما يلي رقم : 337 ، 799 .و (( زاذان )) هو (( أبو عبد الله )) ، ويقال (( أبو عمر )) الكوفي الضرير . تابعي ثقة ، مضى أيضًا برقم : 9508 ، 13017 ، 13018 .وهذا الخبر مختصرًا رواه أحمد مطولا ومختصرًا في مسنده 4 : 287 ، 288 ، من طريقتين ، و 297 ، كلها من طريق العمش ، عن المنهال . ورواه أيضًا 4 : 295 ، 296 ، من طريقين . أحدهما من طريق عبد الرزاق ، عن معمر ، عن يونس بن خباب ، عن المنهال ، والآخر من طريق أبي الربيع ، عن حماد بن زيد ، عن يونس بن خباب .ورواه أبو داود الطيالسي في مسنده ص : 102 ، مطولا من طريق أبي عوانة ، عن الأعمش . ورواه أبو داود في سننه 3 : 289 ، رقم : 3212 مختصرًا ، ورواه مطولا 4 : 330 رقم : 4753 .ورواه الحاكم في المستدرك 1 : 37 - 40 ، من طرق ، وقال : (( هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ، فقد احتجا بالمنهال بن عمرو ، وزاذان بن عمرو ، وزاذان أبي عمر الكندي . وفي هذا الحديث فوائد كثيرة لأهل السنة ، وقمع للمبتدعة ، ولم يخرجاه بطوله )) .وخرجه ابن كثير في تفسيره 3 : 473 ، 474 ، وقال : (( رواه أبو داود ، والنسائي ، وابن ماجه ، من طرق عن المنهال بن عمرو به )) ثم ساق حديث أحمد في المسند .وخره السيوطي في الدر المنثور 1 : 83 ، وزاد نسبته لابن أبي شيبة وهناد بن السري ، وعبد بن حميد ، وابن مردويه ، والبيهقي في كتاب عذاب القبر .(18) في المخطوطة والمطبوعة : (( بالنفس الطيبة التي كانت ... )) ، والظاهر أنها زيادة من الناسخ ، فإن روايتهم جميعًا اتفقت على ما أثبت .(19) في المطبوعة : (( لا تفتح لك أبواب السماء )) ، وفي المخطوطة : (( لم تفتح )) بغير (( لك )) ، وأثبت ما في تفسير ابن كثير . وفي ابن ماجه : (( لا تفتح لك )) .(20) الأثر : 14615 ، 14616 - (( عبد الرحمن بن عثمان بن أمية الثقفي )) (( أبو بحر البكراوي )) ، ضعيف متكلم فيه ، قال أبو حاتم : (( يكتب حديثه ولا يحتج به )) . مترجم في التهذيب ، وابن أبي حاتم 2 / 2 / 264 .و (( ابن أبي ذئب )) هو (( محمد بن عبد الرحمن بن المغيرة بن الحارث بن أبي ذئب )) ، ثقة حافظ ، مضى برقم : 2995 .و (( محمد بن عمرو بن عطاء القرشي العامري )) ، ثقة روى له الجماعة .و (( سعيد بن يسار )) أبو الحباب المدني ، تابعي ثقة لا يختلفون في توثيقه . روى له الجماعة .وهذا خبر صحيح ، رواه عن ابن أبي ذئب غير (( عبد الرحمن بن عثمان )) . وسيأتي بإسناد ليس فيه ضعف ، في الأثر التالي .وهذا الخبر رواه ابن ماجه ص : 1423 رقم : 4262 .وذكره ابن كثير في تفسيره 3 : 475 ، ونسبة إلى أحمد ، والنسائي وخرجه السيوطي في الدر المنثور 3 : 83 ، وزاد إلى حبان ، والحاكم وصححه ، والبيهقي في البعث .والأثر رقم : 14616 . هو إسناد صحيح للخبر السالف .(( ابن أبي فديك )) ، هو (( محمد بن إسماعيل بن مسلم بن أبي فديك )) ، ثقة ، روى له الجماعة . مضى برقم : 4319 ، 9482 ، 9876 .(21) انظر معاني القرآن للفراء 1 : 378 ، 379 .(22) ديوانه : 895 ، النقائض : 169 ، واللسان ( سمم ) ، من أول قصيدة هاجى بها جريرًا ، ونصر البعيث وهجاه معًا . وكان الذي هاج الهجاء بين جرير والفرزدق ، أن البعيث المجاشعي ، سرقت إبله ، سرقها ناس من بني يربوع ، من رهط جرير ، فطلبها البعيث حتى وجدها في أيديهم ، فأرسل لسانه في بني يربوع ، فاعترضه جرير ، فهجاه ، فانبعث الشر بالبعيث ، فانطلق الفرزدق بعد قليل ينصره ، فقال هذه القصيدة يهجو جريرًا ، وينصر البعيث ويهجوه ، فيقول للبعيث :دَعَانِي ابْنُ حَمْرَاءِ العِجَانِ وَلَم يَجِدْلَهُ إذْ دَعَا ، مُسْتأْخِرًا عَنْ دُعَائيافَنَفَّسْتُ عَنْ سَمَّيْهِ................ . . . . . . . . . . . . . . . . . .(( نفس عنه )) ، فرج عنه كربته إذ أطبق عليه جرير ، فاستنقذه من تحت وطأته . فاستطاع أن يتنفس . وقوله : (( لا تخش شيئًا ورائيا )) ، أي : لا تخش ما دمت درعًا لك وأنت من ورائي تحتمي بلساني وهجائي جريرًا . وأما قول أبي عبيدة : (( أي لا تخش شيئًا يأتيك من خلفي )) ، فليس عندي بشيء .وكان في المطبوعة : (( شيئًا وراءنا )) ، لم يحسن قراءة المخطوطة .(23) (( المربد )) ( بكسر فسكون ) : هو المكان الذي تحبس فيه الإبل ، يقال : (( ربد الإبل ربدًا )) ، حبسها . ويقال : (( مربد الغنم )) أيضًا . وبه سمى (( مربد البصرة )) ، لأنه كان موضع سوق الإبل .(24) (( خرت الإبرة )) ( بضم الخاء أو فتحها ، وسكون الراء ) : هو ثقبها . وكان في المطبوعة : (( في خرق )) وهي صواب ، والمخطوطة تشبه أن تقرأ هكذا وهكذا .(25) (( أشتر )) ، وهو الجمل ، بالفارسية .(26) (( أشتر )) ، وهو الجمل ، بالفارسية .(27) انظر ص : 429 ، التعليق : 2 .(28) (( القلس )) ( بفتح فسكون ) : هو حبل ضخم غليظ من ليف أو خوص ، وهو من حبال السفن .(29) (( القلوس )) جمع (( قلس )) ، انظر التعليق السالف .(30) الأثر : 14645 - (( كعب بن فروخ ، أبو عبد الله البصري )) ، ثقة . مترجم في ابن أبي حاتم 3 / 2 / 162 . وسيأتي في رقم : 14650 .(31) انظر تفسير (( الولوج )) فيما سلف 6 : 302 ، وفيه زيادة في مصادره .(32) انظر تفسير (( الجزاء )) ، و (( الإجرام )) فيما سلف من فهارس اللغة ( جزى ) ( جرم ) .(33) الأثر : 14649 - (( سويد الكلبي )) ، هو : (( كان يقلب السانيد ، ويضع على الأسانيد الصحاح المتون الواهية )) !! ووثقه النسائي وابن معين والعجلي . مترجم في التهذيب ، والكبير 2 /2 / 149 ، وابن أبي حاتم 2 / 1 / 239 .و (( يحيى بن عتيق الطفاوي البصري )) ، ثقة ، وكان ورعًا متفنًا .مترجم في التهذيب ، والكبير 4 / 2 / 295 ، وابن أبي حاتم 4 / 2 / 176 .(34) الأثر : 14650 - (( كعب بن فروخ )) ، مضى برقم : 14645 .
  FONT
  THEME
  TRANSLATION
  • English | Ahmed Ali
  • Urdu | Ahmed Raza Khan
  • Turkish | Ali-Bulaç
  • German | Bubenheim Elyas
  • Chinese | Chineese
  • Spanish | Cortes
  • Dutch | Dutch
  • Portuguese | El-Hayek
  • English | English
  • Urdu | Fateh Muhammad Jalandhry
  • French | French
  • Hausa | Hausa
  • Indonesian | Indonesian-Bahasa
  • Italian | Italian
  • Korean | Korean
  • Malay | Malay
  • Russian | Russian
  • Tamil | Tamil
  • Thai | Thai
  • Farsi | مکارم شیرازی
  TAFSEER
  • العربية | التفسير الميسر
  • العربية | تفسير الجلالين
  • العربية | تفسير السعدي
  • العربية | تفسير ابن كثير
  • العربية | تفسير الوسيط لطنطاوي
  • العربية | تفسير البغوي
  • العربية | تفسير القرطبي
  • العربية | تفسير الطبري
  • English | Arberry
  • English | Yusuf Ali
  • Dutch | Keyzer
  • Dutch | Leemhuis
  • Dutch | Siregar
  • Urdu | Sirat ul Jinan
  HELP

اَلْاَعْرَاف
اَلْاَعْرَاف
  00:00



Download

اَلْاَعْرَاف
اَلْاَعْرَاف
  00:00



Download