READ

Surah ad-Dukhan

اَلدُّخَان
59 Ayaat    مکیۃ


44:0
بِسْمِ اللّٰهِ الرَّحْمٰنِ الرَّحِیْمِ
اللہ کے نام سے شروع جو بہت مہربان رحمت والا

القول في تأويل الاستعاذةتأويل قوله : ( أعوذ ) .قال أبو جعفر : والاستعاذة : الاستجارة . وتأويل قول القائل : ( أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ) أستجير بالله - دون غيره من سائر خلقه - من الشيطان أن يضرني في ديني ، أو يصدني عن حق يلزمني لربي .تأويل قوله : ( من الشيطان )قال أبو جعفر : والشيطان ، في كلام العرب : كل متمرد من الجن والإنس والدواب وكل شيء . وكذلك قال ربنا جل ثناؤه : ( وكذلك جعلنا لكل نبي عدوا شياطين الإنس والجن ) [ سورة الأنعام : 112 ] ، فجعل من الإنس شياطين ، مثل الذي جعل من الجن .وقال عمر بن الخطاب رحمة الله عليه ، وركب برذونا فجعل يتبختر به ، فجعل يضربه فلا يزداد إلا تبخترا ، فنزل عنه ، وقال : ما حملتموني إلا على شيطان! ما نزلت عنه حتى أنكرت نفسي .136 - حدثنا بذلك يونس بن عبد الأعلى ، قال : أنبأنا ابن وهب ، قال : أخبرني هشام بن سعد ، عن زيد بن أسلم ، عن أبيه ، عن عمر .قال أبو جعفر : وإنما سمي المتمرد من كل شيء شيطانا ، لمفارقة أخلاقه وأفعاله أخلاق سائر جنسه وأفعاله ، وبعده من الخير . وقد قيل : إنه أخذ من [ ص: 112 ] قول القائل : شطنت داري من دارك - يريد بذلك : بعدت . ومن ذلك قول نابغة بني ذبيان :نأت بسعاد عنك نوى شطون فبانت والفؤاد بها رهينوالنوى : الوجه الذي نوته وقصدته . والشطون : البعيد . فكأن الشيطان - على هذا التأويل - فيعال من شطن . ومما يدل على أن ذلك كذلك ، قول أمية بن أبي الصلت :أيما شاطن عصاه عكاه ثم يلقى في السجن والأكبالولو كان فعلان ، من شاط يشيط ، لقال : أيما شائط ، ولكنه قال : أيما شاطن ، لأنه من "شطن يشطن ، فهو شاطن" .تأويل قوله : ( الرجيم ) .وأما الرجيم فهو : فعيل بمعنى مفعول ، كقول القائل : كف خضيب ، ولحية دهين ، ورجل لعين ، يريد بذلك : مخضوبة ومدهونة وملعون . وتأويل الرجيم : الملعون المشتوم . وكل مشتوم بقول رديء أو سب فهو مرجوم . وأصل الرجم الرمي ، بقول كان أو بفعل . ومن الرجم بالقول قول أبي إبراهيم لإبراهيم صلوات الله عليه : ( لئن لم تنته لأرجمنك ) [ سورة مريم : 46 ] .وقد يجوز أن يكون قيل للشيطان رجيم ، لأن الله جل ثناؤه طرده من سماواته ، ورجمه بالشهب الثواقب [ ص: 113 ]وقد روي عن ابن عباس ، أن أول ما نزل جبريل على النبي صلى الله عليه وسلم علمه الاستعاذة .137 - حدثنا أبو كريب ، قال : حدثنا عثمان بن سعيد ، قال : حدثنا بشر بن عمارة ، قال : حدثنا أبو روق ، عن الضحاك ، عن عبد الله بن عباس ، قال : أول ما نزل جبريل على محمد قال : "يا محمد استعذ ، قل : أستعيذ بالسميع العليم من الشيطان الرجيم " ، ثم قال : قل : "بسم الله الرحمن الرحيم " ، ثم قال : ( اقرأ باسم ربك الذي خلق ) [ العلق : 1 ] . قال عبد الله : وهي أول سورة أنزلها الله على محمد بلسان جبريل .فأمره أن يتعوذ بالله دون خلقه .القول في تأويل بسم الله الرحمن الرحيمالقول في تأويل قوله : ( بسم )قال أبو جعفر : إن الله تعالى ذكره وتقدست أسماؤه أدب نبيه محمدا صلى الله عليه وسلم بتعليمه تقديم ذكر أسمائه الحسنى أمام جميع أفعاله ، ، وتقدم إليه في وصفه بها قبل جميع مهماته ، وجعل ما أدبه به من ذلك وعلمه إياه ، منه لجميع خلقه سنة يستنون بها ، وسبيلا يتبعونه عليها ، فبه افتتاح أوائل منطقهم ، وصدور رسائلهم وكتبهم وحاجاتهم ، حتى أغنت دلالة ما ظهر من قول القائل : "بسم الله " ، على ما بطن من مراده الذي هو محذوف .وذلك أن الباء من "بسم الله " مقتضية فعلا يكون لها جالبا ، ولا فعل معها ظاهر ، فأغنت سامع القائل "بسم الله " معرفته بمراد قائله ، عن إظهار قائل ذلك مراده قولا إذ كان كل ناطق به عند افتتاحه أمرا ، قد أحضر منطقه به - إما معه ، وإما قبله بلا فصل - ما قد أغنى سامعه عن دلالة شاهدة على الذي من أجله افتتح قيله به . فصار استغناء سامع ذلك منه عن إظهار ما حذف منه ، نظير استغنائه - إذا سمع قائلا قيل له : ما أكلت اليوم ؟ فقال : "طعاما " - عن أن يكرر المسئول مع قوله "طعاما " ، أكلت ، لما قد ظهر لديه من الدلالة على أن ذلك معناه ، بتقدم مسألة السائل إياه عما أكل . فمعقول إذا أن قول [ ص: 115 ] القائل إذا قال : "بسم الله الرحمن الرحيم " ثم افتتح تاليا سورة ، أن إتباعه "بسم الله الرحمن الرحيم " تلاوة السورة ، ينبئ عن معنى قوله : "بسم الله الرحمن الرحيم " ومفهوم به أنه مريد بذلك : أقرأ بسم الله الرحمن الرحيم . وكذلك قوله : "بسم الله " عند نهوضه للقيام أو عند قعوده وسائر أفعاله ، ينبئ عن معنى مراده بقوله "بسم الله " ، وأنه أراد بقيله "بسم الله " ، أقوم باسم الله ، وأقعد باسم الله . وكذلك سائر الأفعال .وهذا الذي قلنا في تأويل ذلك ، هو معنى قول ابن عباس الذي : -138 - حدثنا به أبو كريب ، قال : حدثنا عثمان بن سعيد ، قال : حدثنا بشر بن عمارة ، قال : حدثنا أبو روق ، عن الضحاك ، عن عبد الله بن عباس ، قال : إن أول ما نزل به جبريل على محمد ، قال : "يا محمد ، قل : أستعيذ بالسميع العليم من الشيطان الرجيم " ثم قال : "قل بسم الله الرحمن الرحيم " . قال : قال له جبريل : قل بسم الله يا محمد ، يقول : اقرأ بذكر الله ربك ، وقم واقعد بذكر الله .قال أبو جعفر : فإن قال لنا قائل : فإن كان تأويل قوله "بسم الله " ما وصفت ، والجالب الباء في "بسم الله " ما ذكرت ، فكيف قيل "بسم الله " ، بمعنى أقرأ باسم الله " ، أو أقوم أو أقعد باسم الله ؟ وقد علمت أن كل قارئ كتاب الله ، فبعون الله وتوفيقه قراءته ، وأن كل قائم أو قاعد أو فاعل فعلا فبالله قيامه وقعوده وفعله . وهلا - إذ كان ذلك كذلك - قيل " بالله الرحمن الرحيم " ولم يقل "بسم الله " ؟ فإن قول القائل : أقوم وأقعد بالله الرحمن الرحيم ، أو أقرأ بالله - أوضح معنى لسامعه من قوله "بسم الله " ، إذ كان قوله أقوم "أقوم أو أقعد باسم الله " ، يوهم سامعه أن قيامه وقعوده بمعنى غير الله .قيل له ، وبالله التوفيق : إن المقصود إليه من معنى ذلك غير ما توهمته في نفسك . وإنما معنى قوله "باسم الله " : أبدأ بتسمية الله وذكره قبل كل شيء ، [ ص: 116 ] أو أقرأ بتسميتي الله ، أو أقوم وأقعد بتسميتي الله وذكره - لا أنه يعني بقيله "بسم الله " : أقوم بالله ، أو أقرأ بالله ، فيكون قول القائل : أقرأ بالله ، أو أقوم أو أقعد بالله - أولى بوجه الصواب في ذلك من قوله "بسم الله " .فإن قال : فإن كان الأمر في ذلك على ما وصفت ، فكيف قيل : "بسم الله " وقد علمت أن الاسم اسم ، وأن التسمية مصدر من قولك سميت ؟قيل : إن العرب قد تخرج المصادر مبهمة على أسماء مختلفة ، كقولهم : أكرمت فلانا كرامة ، وإنما بناء مصدر "أفعلت " - إذا أخرج على فعله - "الإفعال " . وكقولهم : أهنت فلانا هوانا ، وكلمته كلاما . وبناء مصدر : "فعلت " التفعيل . ومن ذلك قول الشاعر :أكفرا بعد رد الموت عني وبعد عطائك المائة الرتاعايريد : إعطائك . ومنه قول الآخر :وإن كان هذا البخل منك سجية لقد كنت في طولي رجاءك أشعبايريد : في إطالتي رجاءك . ومنه قول الآخر :أظليم إن مصابكم رجلا أهدى السلام تحية ظلميريد : إصابتكم . والشواهد في هذا المعنى تكثر ، وفيما ذكرنا كفاية ، لمن وفق لفهمه . [ ص: 117 ]فإذ كان الأمر - على ما وصفنا ، من إخراج العرب مصادر الأفعال على غير بناء أفعالها - كثيرا ، وكان تصديرها إياها على مخارج الأسماء موجودا فاشيا ، فبين بذلك صواب ما قلنا من التأويل في قول القائل "بسم الله " ، أن معناه في ذلك عند ابتدائه في فعل أو قول : أبدأ بتسمية الله ، قبل فعلي ، أو قبل قولي .وكذلك معنى قول القائل عند ابتدائه بتلاوة القرآن : "بسم الله الرحمن الرحيم " ، إنما معناه : أقرأ مبتدئا بتسمية الله ، أو أبتدئ قراءتي بتسمية الله . فجعل "الاسم " مكان التسمية ، كما جعل الكلام مكان التكليم ، والعطاء مكان الإعطاء .وبمثل الذي قلنا من التأويل في ذلك ، روي الخبر عن عبد الله بن عباس .139 - حدثنا أبو كريب ، قال : حدثنا عثمان بن سعيد ، قال : حدثنا بشر بن عمارة ، قال : حدثنا أبو روق ، عن الضحاك ، عن عبد الله بن عباس ، قال : أول ما نزل جبريل على محمد صلى الله عليه وسلم قال : "يا محمد ، قل : أستعيذ بالسميع العليم من الشيطان الرجيم " ، ثم قال : "قل : بسم الله الرحمن الرحيم " .قال ابن عباس : "بسم الله " ، يقول له جبريل : يا محمد ، اقرأ بذكر الله ربك ، وقم واقعد بذكر الله .وهذا التأويل من ابن عباس ينبئ عن صحة ما قلنا - من أنه يراد بقول القائل مفتتحا قراءته : "بسم الله الرحمن الرحيم " : أقرأ بتسمية الله وذكره ، وأفتتح القراءة بتسمية الله ، بأسمائه الحسنى وصفاته العلى - ويوضح فساد قول من زعم أن معنى ذلك من قائله : بالله الرحمن الرحيم أول كل شيء ، مع أن العباد [ ص: 118 ] إنما أمروا أن يبتدئوا عند فواتح أمورهم بتسمية الله ، لا بالخبر عن عظمته وصفاته ، كالذي أمروا به من التسمية على الذبائح والصيد ، وعند المطعم والمشرب ، وسائر أفعالهم . وكذلك الذي أمروا به من تسميته عند افتتاح تلاوة تنزيل الله ، وصدور رسائلهم وكتبهم .ولا خلاف بين الجميع من علماء الأمة ، أن قائلا لو قال عند تذكيته بعض بهائم الأنعام "بالله " ، ولم يقل "بسم الله " ، أنه مخالف - بتركه قيل : "بسم الله " ما سن له عند التذكية من القول . وقد علم بذلك أنه لم يرد بقوله "بسم الله " "بالله " ، كما قال الزاعم أن اسم الله في قول الله : "بسم الله الرحمن الرحيم " هو الله . لأن ذلك لو كان كما زعم ، لوجب أن يكون القائل عند تذكيته ذبيحته "بالله " ، قائلا ما سن له من القول على الذبيحة . وفي إجماع الجميع على أن قائل ذلك تارك ما سن له من القول على ذبيحته - إذ لم يقل "بسم الله " - دليل واضح على فساد ما ادعى من التأويل في قول القائل : "بسم الله " ، أنه مراد به "بالله " ، وأن اسم الله هو الله .وليس هذا الموضع من مواضع الإكثار في الإبانة عن الاسم : أهو المسمى ، أم غيره ، أم هو صفة له ؟ فنطيل الكتاب به ، وإنما هذا موضع من مواضع الإبانة عن الاسم المضاف إلى الله : أهو اسم ، أم مصدر بمعنى التسمية ؟ [ ص: 119 ] فإن قال قائل : فما أنت قائل في بيت لبيد بن ربيعة :إلى الحول ، ثم اسم السلام عليكما ، ومن يبك حولا كاملا فقد اعتذرفقد تأوله مقدم في العلم بلغة العرب ، أنه معني به : ثم السلام عليكما ، وأن اسم السلام هو السلام ؟قيل له : لو جاز ذلك وصح تأويله فيه على ما تأول ، لجاز أن يقال : رأيت اسم زيد ، وأكلت اسم الطعام ، وشربت اسم الشراب; وفي إجماع جميع العرب على إحالة ذلك ما ينبئ عن فساد تأويل من تأول قول لبيد : "ثم اسم السلام [ ص: 120 ] عليكما " ، أنه أراد : ثم السلام عليكما ، وادعائه أن إدخال الاسم في ذلك وإضافته إلى السلام إنما جاز ، إذ كان اسم المسمى هو المسمى بعينه .ويسأل القائلون قول من حكينا قوله هذا ، فيقال لهم : أتستجيزون في العربية أن يقال : "أكلت اسم العسل " ، يعني بذلك : أكلت العسل ، كما جاز عندكم : اسم السلام عليك ، وأنتم تريدون : السلام عليك ؟فإن قالوا : نعم ! خرجوا من لسان العرب ، وأجازوا في لغتها ما تخطئه جميع العرب في لغتها . وإن قالوا : لا ؛ سئلوا الفرق بينهما . فلن يقولوا في أحدهما قولا إلا ألزموا في الآخر مثله .فإن قال لنا قائل : فما معنى قول لبيد هذا عندك ؟قيل له : يحتمل ذلك وجهين ، كلاهما غير الذي قاله من حكينا قوله .أحدهما : أن "السلام " اسم من أسماء الله ، فجائز أن يكون لبيد عنى بقوله : "ثم اسم السلام عليكما " ، ثم الزما اسم الله وذكره بعد ذلك ، ودعا ذكري والبكاء علي; على وجه الإغراء . فرفع الاسم ، إذ أخر الحرف الذي يأتي بمعنى الإغراء . وقد تفعل العرب ذلك ، إذا أخرت الإغراء وقدمت المغرى به ، وإن كانت قد تنصب به وهو مؤخر . ومن ذلك قول الشاعر :يا أيها المائح دلوي دونكا! إني رأيت الناس يحمدونكا!فأغرى ب "دونك " ، وهي مؤخرة ، وإنما معناه : دونك دلوي . فذلك قول لبيد :إلى الحول ثم اسم السلام عليكمايعني : عليكما اسم السلام ، أي : الزما ذكر الله ودعا ذكري والوجد بي ، لأن من بكى حولا على امرئ ميت فقد اعتذر . فهذا أحد وجهيه . [ ص: 121 ]والوجه الآخر منهما : ثم تسميتي الله عليكما ، كما يقول القائل للشيء يراه فيعجبه : "اسم الله عليك " يعوذه بذلك من السوء ، فكأنه قال : ثم اسم الله عليكما من السوء ، وكأن الوجه الأول أشبه المعنيين بقول لبيد .ويقال لمن وجه بيت لبيد هذا إلى أن معناه : ثم السلام عليكما ، أترى ما قلنا - من هذين الوجهين - جائزا ، أو أحدهما ، أو غير ما قلت فيه ؟فإن قال : لا ! أبان مقداره من العلم بتصاريف وجوه كلام العرب ، وأغنى خصمه عن مناظرته .وإن قال : بلى !قيل له : فما برهانك على صحة ما ادعيت من التأويل أنه الصواب ، دون الذي ذكرت أنه محتمله - من الوجه الذي يلزمنا تسليمه لك ؟ ولا سبيل إلى ذلك .وأما الخبر الذي : -140 - حدثنا به إسماعيل بن الفضل ، قال : حدثنا إبراهيم بن العلاء بن الضحاك وهو يلقب بزبريق قال : حدثنا إسماعيل بن عياش ، عن إسماعيل بن يحيى ، عن ابن أبي مليكة ، عمن حدثه ، عن ابن مسعود - ومسعر بن كدام ، عن عطية ، عن أبي سعيد - قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن عيسى ابن مريم أسلمته أمه إلى الكتاب ليعلمه ، فقال له المعلم : اكتب "بسم " فقال له عيسى : وما "بسم " ؟ فقال له المعلم : ما أدري ! فقال عيسى : الباء بهاء الله ، والسين : سناؤه ، والميم : مملكته . [ ص: 122 ]فأخشى أن يكون غلطا من المحدث ، وأن يكون أراد ب س م ، على سبيل ما يعلم المبتدئ من الصبيان في الكتاب حروف أبي جاد ، فغلط بذلك ، فوصله ، فقال : "بسم " ، لأنه لا معنى لهذا التأويل إذا تلي "بسم الله الرحمن الرحيم " ، على ما يتلوه القارئ في كتاب الله ، لاستحالة معناه على المفهوم به عند جميع العرب وأهل لسانها ، إذا حمل تأويله على ذلك .القول في تأويل قوله جل ثناؤه : ( الله ) .قال أبو جعفر : وأما تأويل قول الله تعالى ذكره "الله " ، فإنه على معنى ما روي لنا عن عبد الله بن عباس - : هو الذي يألهه كل شيء ، ويعبده كل خلق . [ ص: 123 ]141 - وذلك أن أبا كريب حدثنا ، قال : حدثنا عثمان بن سعيد ، قال : حدثنا بشر بن عمارة ، قال : حدثنا أبو روق ، عن الضحاك ، عن عبد الله بن عباس ، قال : "الله " ذو الألوهية والمعبودية على خلقه أجمعين .فإن قال لنا قائل : فهل لذلك في "فعل ويفعل " أصل كان منه بناء هذا الاسم ؟قيل : أما سماعا من العرب فلا ولكن استدلالا .فإن قال : وما دل على أن الألوهية هي العبادة ، وأن الإله هو المعبود ، وأن له أصلا في "فعل ويفعل " .قيل : لا تمانع بين العرب في الحكم لقول القائل - يصف رجلا بعبادة ، وبطلب ما عند الله جل ذكره : "تأله فلان " - بالصحة ولا خلاف . ومن ذلك قول رؤبة بن العجاج :لله در الغانيات المده سبحن واسترجعن من تألهييعني : من تعبدي وطلبي الله بعملي .ولا شك أن "التأله " ، التفعل من : "أله يأله " ، وأن معنى "أله " - إذا نطق به : - عبد الله . وقد جاء منه مصدر يدل على أن العرب قد نطقت منه ب "فعل يفعل " بغير زيادة .142 - وذلك ما حدثنا به سفيان بن وكيع ، قال حدثنا أبي ، عن نافع بن عمر ، عن عمرو بن دينار ، عن ابن عباس : أنه قرأ " ويذرك وآلهتك " سورة الأعراف : 127 قال : عبادتك ، ويقال : إنه كان يعبد ولا يعبد . [ ص: 124 ]143 - حدثنا سفيان ، قال : حدثنا ابن عيينة ، عن عمرو بن دينار ، عن محمد بن عمرو بن الحسن ، عن ابن عباس : ( ويذرك وآلهتك ) ، قال : إنما كان فرعون يعبد ولا يعبدوكذلك كان عبد الله يقرؤها ومجاهد .144 - حدثنا القاسم قال : حدثنا الحسين بن داود ، قال : أخبرني حجاج ، عن ابن جريج ، عن مجاهد : قوله " ويذرك وآلهتك " قال : وعبادتك ولا شك أن الإلاهة - على ما فسره ابن عباس ومجاهد - مصدر من قول القائل : أله الله فلان إلاهة ، كما يقال : عبد الله فلان عبادة ، وعبر الرؤيا عبارة . فقد بين قول ابن عباس ومجاهد هذا : أن "أله " عبد ، وأن "الإلاهة " مصدره .فإن قال : فإن كان جائزا أن يقال لمن عبد الله : ألهه - على تأويل قول ابن عباس ومجاهد - فكيف الواجب في ذلك أن يقال ، إذا أراد المخبر الخبر عن استيجاب الله ذلك على عبده ؟ [ ص: 125 ]قيل : أما الرواية فلا رواية فيه عندنا ، ولكن الواجب - على قياس ما جاء به الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي : -145 - حدثنا به إسماعيل بن الفضل ، حدثنا إبراهيم بن العلاء ، قال : حدثنا إسماعيل بن عياش ، عن إسماعيل بن يحيى ، عن ابن أبي مليكة ، عمن حدثه عن ابن مسعود - ومسعر بن كدام ، عن عطية العوفي ، عن أبي سعيد - قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن عيسى أسلمته أمه إلى الكتاب ليعلمه فقال له المعلم اكتب "الله " فقال له عيسى : "أتدري ما الله ؟ الله إله الآلهة " .- أن يقال ، الله جل جلاله أله العبد ، والعبد ألهه . وأن يكون قول القائل "الله " - من كلام العرب أصله "الإله " .فإن قال : وكيف يجوز أن يكون ذلك كذلك ، مع اختلاف لفظيهما ؟قيل : كما جاز أن يكون قوله : ( لكنا هو الله ربي ) [ سورة الكهف : 38 ] أصله : لكن أنا ، هو الله ربي ، كما قال الشاعر :وترمينني بالطرف ، أي أنت مذنب وتقلينني ، لكن إياك لا أقلييريد : لكن أنا إياك لا أقلي ، فحذف الهمزة من "أنا " فالتقت نون "أنا " "ونون "لكن " وهي ساكنة ، فأدغمت في نون "أنا " فصارتا نونا مشددة . فكذلك "الله " أصله "الإله " ، أسقطت الهمزة التي هي فاء الاسم ، فالتقت اللام التي هي عين الاسم ، واللام الزائدة التي دخلت مع الألف الزائدة وهي ساكنة ، فأدغمت في [ ص: 126 ] الأخرى التي هي عين الاسم ، فصارتا في اللفظ لاما واحدة مشددة ، كما وصفنا من قول الله ( لكنا هو الله ربي ) .القول في تأويل قوله جل ثناؤه : ( الرحمن الرحيم ) .قال أبو جعفر : وأما " الرحمن " ، فهو فعلان ، من رحم ، و "الرحيم " فعيل منه . والعرب كثيرا ما تبني الأسماء من "فعل يفعل " على "فعلان " ، كقولهم من غضب : غضبان ، ومن سكر : سكران ، ومن عطش : عطشان . فكذلك قولهم "رحمن " من رحم ، لأن "فعل " منه : رحم يرحم . وقيل "رحيم " ، وإن كانت عين "فعل " منها مكسورة ، لأنه مدح . ومن شأن العرب أن يحملوا أبنية الأسماء - إذا كان فيها مدح أو ذم - على "فعيل " ، وإن كانت عين "فعل " منها مكسورة أو مفتوحة ، كما قالوا من "علم " عالم وعليم ، ومن "قدر " قادر وقدير . وليس ذلك منها بناء على أفعالها ، لأن البناء من "فعل يفعل " و "فعل يفعل " فاعل . فلو كان "الرحمن والرحيم " خارجين على بناء أفعالهما لكانت صورتهما "الراحم " .فإن قال قائل : فإذا كان الرحمن والرحيم اسمين مشتقين من الرحمة ، فما وجه تكرير ذلك ، وأحدهما مؤد عن معنى الآخر ؟قيل له : ليس الأمر في ذلك على ما ظننت ، بل لكل كلمة منهما معنى لا تؤدي الأخرى منهما عنها .فإن قال : وما المعنى الذي انفردت به كل واحدة منهما ، فصارت إحداهما غير مؤدية المعنى عن الأخرى ؟قيل : أما من جهة العربية ، فلا تمانع بين أهل المعرفة بلغات العرب ، أن قول القائل : "الرحمن " - عن أبنية الأسماء [ ص: 127 ] من "فعل يفعل " - أشد عدولا من قوله "الرحيم " . ولا خلاف مع ذلك بينهم ، أن كل اسم كان له أصل في "فعل يفعل " - ثم كان عن أصله من "فعل يفعل " أشد عدولا - أن الموصوف به مفضل على الموصوف بالاسم المبني على أصله من "فعل يفعل " ، إذا كانت التسمية به مدحا أو ذما . فهذا ما في قول القائل "الرحمن " ، من زيادة المعنى على قوله "الرحيم " في اللغة .وأما من جهة الأثر والخبر ، ففيه بين أهل التأويل اختلاف : -146 - فحدثني السري بن يحيى التميمي ، قال : حدثنا عثمان بن زفر ، قال : سمعت العرزمي يقول : "الرحمن الرحيم " ، قال : الرحمن بجميع الخلق ، "الرحيم" قال : بالمؤمنين .147 - حدثنا إسماعيل بن الفضل ، قال : حدثنا إبراهيم بن العلاء ، قال : حدثنا إسماعيل بن عياش ، عن إسماعيل بن يحيى ، عن ابن أبي مليكة ، عمن حدثه ، عن ابن مسعود - ومسعر بن كدام ، عن عطية العوفي ، عن أبي سعيد - يعني الخدري - قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن عيسى ابن مريم قال : الرحمن رحمن الآخرة والدنيا ، والرحيم رحيم الآخرة " .فهذان الخبران قد أنبآ عن فرق ما بين تسمية الله جل ثناؤه باسمه الذي هو "رحمن " ، وتسميته باسمه الذي هو "رحيم " ، واختلاف معنى الكلمتين - وإن اختلفا في معنى ذلك الفرق ، فدل أحدهما على أن ذلك في الدنيا ، ودل الآخر على أنه في الآخرة .فإن قال : فأي هذين التأويلين أولى عندك بالصحة ؟ [ ص: 128 ]قيل : لجميعهما عندنا في الصحة مخرج ، فلا وجه لقول قائل : أيهما أولى بالصحة ؟ وذلك أن المعنى الذي في تسمية الله بالرحمن ، دون الذي في تسميته بالرحيم : هو أنه بالتسمية بالرحمن موصوف بعموم الرحمة جميع خلقه ، وأنه بالتسمية بالرحيم موصوف بخصوص الرحمة بعض خلقه ، إما في كل الأحوال ، وإما في بعض الأحوال . فلا شك - إذا كان ذلك كذلك - أن ذلك الخصوص الذي في وصفه بالرحيم لا يستحيل عن معناه ، في الدنيا كان ذلك أو في الآخرة ، أو فيهما جميعا .فإذا كان صحيحا ما قلنا من ذلك - وكان الله جل ثناؤه قد خص عباده المؤمنين في عاجل الدنيا بما لطف بهم من توفيقه إياهم لطاعته ، والإيمان به وبرسله ، واتباع أمره واجتناب معاصيه ، مما خذل عنه من أشرك به ، وكفر وخالف ما أمره به ، وركب معاصيه; وكان مع ذلك قد جعل ، جل ثناؤه ، ما أعد في آجل الآخرة في جناته من النعيم المقيم والفوز المبين ، لمن آمن به ، وصدق رسله ، وعمل بطاعته ، خالصا ، دون من أشرك وكفر به - كان بينا أن الله قد خص المؤمنين من رحمته في الدنيا والآخرة ، مع ما قد عمهم به والكفار في الدنيا من الإفضال والإحسان إلى جميعهم ، في البسط في الرزق ، وتسخير السحاب بالغيث ، وإخراج النبات من الأرض ، وصحة الأجسام والعقول ، وسائر النعم التي لا تحصى ، التي يشترك فيها المؤمنون والكافرون .فربنا جل ثناؤه رحمن جميع خلقه في الدنيا والآخرة ، ورحيم المؤمنين خاصة في الدنيا والآخرة . فأما الذي عم جميعهم به في الدنيا من رحمته فكان رحمانا لهم به ، فما ذكرنا مع نظائره التي لا سبيل إلى إحصائها لأحد من خلقه ، كما قال جل ثناؤه : ( وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها ) [ سورة إبراهيم : 34 ، وسورة النحل : 18 ] .وأما في الآخرة ، فالذي عم جميعهم به فيها من رحمته ، فكان لهم رحمانا ، تسويته [ ص: 129 ] بين جميعهم جل ذكره في عدله وقضائه ، فلا يظلم أحدا منهم مثقال ذرة ، وإن تك حسنة يضاعفها ويؤت من لدنه أجرا عظيما ، وتوفى كل نفس ما كسبت . فذلك معنى عمومه في الآخرة جميعهم برحمته ، الذي كان به رحمانا في الآخرة .وأما ما خص به المؤمنين في عاجل الدنيا من رحمته ، الذي كان به رحيما لهم فيها ، كما قال جل ذكره : ( وكان بالمؤمنين رحيما ) [ سورة الأحزاب : 43 ] فما وصفنا من اللطف لهم في دينهم ، فخصهم به ، دون من خذله من أهل الكفر به .وأما ما خصهم به في الآخرة ، فكان به رحيما لهم دون الكافرين ، فما وصفنا آنفا مما أعد لهم دون غيرهم من النعيم ، والكرامة التي تقصر عنها الأماني .وأما القول الآخر في تأويله فهو ما : -148 - حدثنا به أبو كريب ، قال : حدثنا عثمان بن سعيد ، قال : حدثنا بشر بن عمارة ، قال : حدثنا أبو روق ، عن الضحاك ، عن عبد الله بن عباس ، قال : الرحمن ، الفعلان من الرحمة ، وهو من كلام العرب . قال : الرحمن الرحيم : الرقيق الرفيق بمن أحب أن يرحمه ، والبعيد الشديد على من أحب أن يعنف عليه . وكذلك أسماؤه كلها .وهذا التأويل من ابن عباس ، يدل على أن الذي به ربنا رحمن ، هو الذي به رحيم ، وإن كان لقوله "الرحمن " من المعنى ، ما ليس لقوله "الرحيم " . لأنه جعل معنى "الرحمن " بمعنى الرقيق على من رق عليه ، ومعنى "الرحيم " بمعنى الرفيق بمن رفق به .والقول الذي رويناه في تأويل ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم وذكرناه عن العرزمي ، أشبه بتأويله من هذا القول الذي رويناه عن ابن عباس . وإن [ ص: 130 ] كان هذا القول موافقا معناه معنى ذلك ، في أن للرحمن من المعنى ما ليس للرحيم ، وأن للرحيم تأويلا غير تأويل الرحمن .والقول الثالث في تأويل ذلك ما : -149 - حدثني به عمران بن بكار الكلاعي ، قال : حدثنا يحيى بن صالح ، قال : حدثنا أبو الأزهر نصر بن عمرو اللخمي من أهل فلسطين ، قال : سمعت عطاء الخراساني يقول : كان الرحمن ، فلما اختزل الرحمن من اسمه كان الرحمن الرحيم .والذي أراد ، إن شاء الله ، عطاء بقوله هذا : أن الرحمن كان من أسماء الله التي لا يتسمى بها أحد من خلقه ، فلما تسمى به الكذاب مسيلمة - وهو اختزاله إياه ، يعني اقتطاعه من أسمائه لنفسه - أخبر الله جل ثناؤه أن اسمه "الرحمن الرحيم " ليفصل بذلك لعباده اسمه من اسم من قد تسمى بأسمائه ، إذ كان لا يسمى أحد "الرحمن الرحيم " ، فيجمع له هذان الاسمان ، غيره جل ذكره . وإنما يتسمى بعض خلقه إما رحيما ، أو يتسمى رحمن . فأما "رحمن رحيم " ، فلم يجتمعا قط لأحد سواه ، ولا يجمعان لأحد غيره . فكأن معنى قول عطاء هذا : أن الله جل ثناؤه إنما فصل بتكرير الرحيم على الرحمن ، بين اسمه واسم غيره من خلقه ، اختلف معناهما أو اتفقا .والذي قال عطاء من ذلك غير فاسد المعنى ، بل جائز أن يكون جل ثناؤه خص نفسه بالتسمية بهما معا مجتمعين ، إبانة لها من خلقه ، ليعرف عباده بذكرهما مجموعين أنه المقصود بذكرهما دون من سواه من خلقه ، مع ما في تأويل كل واحد منهما من المعنى الذي ليس في الآخر منهما . [ ص: 131 ]وقد زعم بعض أهل الغباء أن العرب كانت لا تعرف "الرحمن " ، ولم يكن ذلك في لغتها ولذلك قال المشركون للنبي صلى الله عليه وسلم : ( وما الرحمن أنسجد لما تأمرنا ) [ سورة الفرقان : 60 ] ، إنكارا منهم لهذا الاسم ، كأنه كان محالا عنده أن ينكر أهل الشرك ما كانوا عالمين بصحته ، أو : لا ، وكأنه لم يتل من كتاب الله قول الله ( الذين آتيناهم الكتاب يعرفونه ) - يعني محمدا - ( كما يعرفون أبناءهم ) [ سورة البقرة : 146 ] وهم مع ذلك به مكذبون ، ولنبوته جاحدون! فيعلم بذلك أنهم قد كانوا يدافعون حقيقة ما قد ثبت عندهم صحته ، واستحكمت لديهم معرفته . وقد أنشد لبعض الجاهلية الجهلاء :ألا ضربت تلك الفتاة هجينها ألا قضب الرحمن ربي يمينهاوقال سلامة بن جندل السعدي :عجلتم علينا عجلتينا عليكم وما يشأ الرحمن يعقد ويطلق[ ص: 132 ]وقد زعم أيضا بعض من ضعفت معرفته بتأويل أهل التأويل ، وقلت روايته لأقوال السلف من أهل التفسير ، أن "الرحمن " مجازه : ذو الرحمة ، و "الرحيم " مجازه : الراحم ، ثم قال : قد يقدرون اللفظين من لفظ والمعنى واحد ، وذلك لاتساع الكلام عندهم . قال : وقد فعلوا مثل ذلك فقالوا : ندمان ونديم ، ثم استشهد ببيت برج بن مسهر الطائي :وندمان يزيد الكأس طيبا ، سقيت وقد تغورت النجومواستشهد بأبيات نظائره في النديم والندمان ، ففرق بين معنى الرحمن والرحيم في التأويل لقوله : الرحمن ذو الرحمة ، والرحيم الراحم ، وإن كان قد ترك بيان تأويل معنييهما على صحته . ثم مثل ذلك باللفظين يأتيان بمعنى واحد ، فعاد إلى ما قد جعله بمعنيين ، فجعله مثال ما هو بمعنى واحد مع اختلاف الألفاظ .ولا شك أن ذا الرحمة هو الذي ثبت أن له الرحمة ، وصح أنها له صفة; وأن الراحم هو الموصوف بأنه سيرحم ، أو قد رحم فانقضى ذلك منه ، أو هو فيه .ولا دلالة له فيه حينئذ أن الرحمة له صفة ، كالدلالة على أنها له صفة ، إذا وصف بأنه ذو الرحمة . فأين معنى "الرحمن الرحيم " على تأويله ، من معنى الكلمتين تأتيان مقدرتين من لفظ واحد باختلاف الألفاظ واتفاق المعاني ؟ ولكن القول إذا كان غير أصل معتمد عليه ، كان واضحا عواره .وإن قال لنا قائل : ولم قدم اسم الله الذي هو "الله " ، على اسمه الذي هو "الرحمن " ، واسمه الذي هو "الرحمن " ، على اسمه الذي هو "الرحيم " ؟قيل : لأن من شأن العرب ، إذا أرادوا الخبر عن مخبر عنه ، أن يقدموا اسمه ، ثم يتبعوه صفاته ونعوته . وهذا هو الواجب في الحكم : أن يكون الاسم مقدما قبل نعته وصفته ، ليعلم السامع الخبر ، عمن الخبر . فإذا كان ذلك كذلك - [ ص: 133 ] وكان لله جل ذكره أسماء قد حرم على خلقه أن يتسموا بها ، خص بها نفسه دونهم ، وذلك مثل "الله " و "الرحمن " و "الخالق "; وأسماء أباح لهم أن يسمي بعضهم بعضا بها ، وذلك : كالرحيم والسميع والبصير والكريم ، وما أشبه ذلك من الأسماء - كان الواجب أن تقدم أسماؤه التي هي له خاصة دون جميع خلقه ، ليعرف السامع ذلك من توجه إليه الحمد والتمجيد ، ثم يتبع ذلك بأسمائه التي قد تسمى بها غيره ، بعد علم المخاطب أو السامع من توجه إليه ما يتلو ذلك من المعاني . فبدأ الله جل ذكره باسمه لأن الألوهية ليست لغيره جل ثناؤه من وجه من الوجوه ، لا من جهة التسمي به ، ولا من جهة المعنى . وذلك أنا قد بينا أن معنى "الله " تعالى ذكره المعبود ، ولا معبود غيره جل جلاله ، وأن التسمي به قد حرمه الله جل ثناؤه ، وإن قصد المتسمي به ما يقصد المتسمي بسعيد وهو شقي ، وبحسن وهو قبيح .أولا ترى أن الله جل جلاله قال في غير آية من كتابه : ( أإله مع الله ) فاستكبر ذلك من المقر به ، وقال تعالى في خصوصه نفسه بالله وبالرحمن : ( قل ادعوا الله أو ادعوا الرحمن أيا ما تدعوا فله الأسماء الحسنى ) [ سورة الإسراء : 110 ] . ثم ثنى باسمه ، الذي هو الرحمن ، إذ كان قد منع أيضا خلقه التسمي به ، وإن كان من خلقه من قد يستحق تسميته ببعض معانيه . وذلك أنه قد يجوز وصف كثير ممن هو دون الله من خلقه ، ببعض صفات الرحمة . وغير جائز أن يستحق بعض الألوهية أحد دونه . فلذلك جاء الرحمن ثانيا لاسمه الذي هو "الله " .وأما اسمه الذي هو "الرحيم " فقد ذكرنا أنه مما هو جائز وصف غيره به . والرحمة من صفاته جل ذكره ، فكان - إذ كان الأمر على ما وصفنا - واقعا مواقع نعوت الأسماء اللواتي هن توابعها ، بعد تقدم الأسماء عليها . فهذا وجه تقديم اسم الله [ ص: 133 ] الذي هو "الله " ، على اسمه الذي هو "الرحمن " ، واسمه الذي هو "الرحمن " على اسمه الذي هو "الرحيم " .وقد كان الحسن البصري يقول في "الرحمن " مثل ما قلنا ، أنه من أسماء الله التي منع التسمي بها العباد .150 - حدثنا محمد بن بشار ، قال : حدثنا حماد بن مسعدة ، عن عوف ، عن الحسن ، قال : "الرحمن " اسم ممنوع .مع أن في إجماع الأمة من منع التسمي به جميع الناس ، ما يغني عن الاستشهاد على صحة ما قلنا في ذلك بقول الحسن وغيره
44:1
حٰمٓۚۛ(۱)
حٰمٓ

القول في تأويل قوله تعالى : حم (1)قد بينَّا فيما مضى قوله ( حم ) بما أغنى عن إعادته في هذا الموضع.
44:2
وَ الْكِتٰبِ الْمُبِیْنِۙۛ(۲)
قسم اس روشن کتاب کی (ف۲)

قد تقدم بياننا في معنى قوله (حم وَالْكِتَابِ الْمُبِينِ ).
44:3
اِنَّاۤ اَنْزَلْنٰهُ فِیْ لَیْلَةٍ مُّبٰرَكَةٍ اِنَّا كُنَّا مُنْذِرِیْنَ(۳)
بیشک ہم نے اسے برکت والی رات میں اتارا (ف۳) بیشک ہم ڈر سنانے والے ہیں (ف۴)

وقوله (إِنَّا أَنزلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ) أقسم جلّ ثناؤه بهذا الكتاب, أنه أنزله في ليلة مباركة.واختلف أهل التأويل في تلك الليلة, أيّ ليلة من ليالي السنة هي؟ فقال بعضهم: هي ليلة القدر.* ذكر من قال ذلك:حدثنا بشر, قال: ثنا يزيد, قال: ثنا سعيد, عن قتادة (إِنَّا أَنزلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ) : ليلة القدر, ونزلت صحف إبراهيم في أوّل ليلة من رمضان, ونزلت التوراة لستّ ليال مضت من رمضان, ونزل الزَّبور لستّ عشرة مضت من رمضان, ونزل الإنجيل لثمان عشرة مضت من رمضان, ونزل الفُرقَان لأربع وعشرين مضت من رمضان.حدثنا ابن عبد الأعلى, قال: ثنا ابن ثور, عن معمر, عن قتادة, في قوله (فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ) قال: هي ليلة القدر.حدثني يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد, في قوله عزّ وجلّ(إِنَّا أَنزلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ) قال: تلك الليلة ليلة القدر, أنزل الله هذا القرآن من أمّ الكتاب في ليلة القدر, ثم أنزله على الأنبياء (1) في الليالي والأيام, وفي غير ليلة القدر.وقال آخرون: بل هي ليلة النصف من شعبان.والصواب من القول في ذلك قول من قال: عنى بها ليلة القدر, لأن الله جلّ ثناؤه أخبر أن ذلك كذلك لقوله تعالى ( إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ ) خلَقْنا بهذا الكتاب الذي أنزلناه في الليلة المباركة عقوبتنا أن تحلّ بمن كفر منهم, فلم ينب إلى توحيدنا, وإفراد الألوهة لنا.------------------------الهوامش:(1) في فتح القدير للشوكاني (4: 554) :" وقال قتادة : أنزل القرآن كله في ليلة القدر من أم الكتاب ، وهو اللوح المحفوظ، إلى بيت العزة في سماء الدنيا ، ثم أنزله الله على نبيه صلى الله عليه وسلم في الليالي والأيام ، في ثلاث وعشرين سنة".
44:4
فِیْهَا یُفْرَقُ كُلُّ اَمْرٍ حَكِیْمٍۙ(۴)
اس میں بانٹ دیا جاتا ہے ہر حکمت والا کام (ف۵)

وقوله ( فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ ) اختلف أهل التأويل في هذه الليلة التي يُفرق فيها كلّ أمر حكيم, نحو اختلافهم في الليلة المباركة, وذلك أن الهاء التي في قوله (فِيهَا) عائدة على الليلة المباركة, فقال بعضهم: هي ليلة القدر, يقضي فيها أمر السنة كلها من يموت, ومن يولد, ومن يعزّ, ومن يذل, وسائر أمور السنة.* ذكر من قال ذلك:حدثنا مجاهد بن موسى, قال: ثنا يزيد, قال: أخبرنا ربيعة بن كلثوم, قال: كنت عند الحسن, فقال له رجل: يا أبا سعيد, ليلة القدر في كلّ رمضان؟ قال: إي والله, إنها لفي كلّ رمضان, وإنها الليلة التي يُفرق فيها كل أمر حكيم, فيها يقضي الله كلّ أجل وأمل ورزق إلى مثلها.حدثني يعقوب, قال: ثنا ابن علية, قال: ثنا ربيعة بن كلثوم, قال: قال رجل للحسن وأنا أسمع: أرأيت ليلة القدر, أفي كل رمضان هي؟ قال: نعم والله الذي لا إله إلا هو, إنها لفي كل رمضان, وإنها الليلة التي يُفرق فيها كل أمر حكيم, يقضي الله كلّ أجل وخلق ورزق إلى مثلها.حدثني يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال عبد الحميد بن سالم, عن عمر مولى غفرة, قال: يقال: ينسخ لملك الموت من يموت ليلة القدر إلى مثلها, وذلك لأن الله عزّ وجلّ يقول: ( إِنَّا أَنزلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ ) وقال ( فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ ) قال: فتجد الرجل ينكح النساء, ويغرس الغرس واسمه في الأموات.حدثنا ابن بشار, قال: ثنا عبد الرحمن, قال: ثنا سفيان, عن سلمة, عن أبي مالك, في قوله: ( فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ ) قال: أمر السنة إلى السنة ما كان من خلق أو رزق أو أجل أو مصيبة, أو نحو هذا.قال: ثنا سفيان, عن حبيب, عن هلال بن يساف, قال: كان يقال: انتظروا القضاء في شهر رمضان.حدثنا الفضل بن الصباح, قال: ثنا محمد بن فضيل, عن حصين, عن سعيد بن عبيدة عن أبي عبد الرحمن في قوله ( فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ ) قال: يدبر أمر السنة في ليلة القدر.حدثني محمد بن عمرو, قال: ثنا أبو عاصم, قال: ثنا عيسى; وحدثني الحارث, قال: ثنا الحسن, قال: ثنا ورقاء جميعا, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد, قوله ( فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ ) قال: في ليلة القدر كل أمر يكون في السنة إلى السنة: الحياة والموت, يقدر فيها المعايش والمصائب كلها.حدثنا بشر, قال: ثنا يزيد, قال: ثنا سعيد, عن قتادة ( إِنَّا أَنزلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ ) ليلة القدر ( فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ ) كُنَّا نُحدَّثُ أنه يُفْرق فيها أمر السنة إلى السنة.حدثنا ابن عبد الأعلى, قال: ثنا ابن ثور, عن معمر, عن قتادة, قال: هي ليلة القدر فيها يُقضى ما يكون من السنة إلى السنة.حدثنا ابن حميد, قال: ثنا جرير, عن منصور, قال: سألت مجاهدا فقلت: أرأيت دعاء أحدنا يقول: اللهمّ إن كان اسمي في السعداء, فأثبته فيهم, وإن كان في الأشقياء فامحه منهم, واجعله بالسعداء, فقال: حسن, ثم لقيته بعد ذلك بحول أو أكثر من ذلك, فسألته عن هذا الدعاء, قال: ( إِنَّا أَنزلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ ) قال: يقضى في ليلة القدر ما يكون في السنة من رزق أو مصيبة, ثم يقدّم ما يشاء, ويؤخر ما يشاء فأما كتاب السعادة والشقاء فهو ثابت لا يغير.وقال آخرون: بل هي ليلة النصف من شعبان.* ذكر من قال ذلك:حدثنا الفضل بن الصباح, والحسن بن عرفة, قالا ثنا الحسن بن إسماعيل البجلي, عن محمد بن سوقة, عن عكرمة في قول الله تبارك وتعالى ( فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ ) قال: في ليلة النصف من شعبان, يبرم فيه أمر السنة, وتنسخ الأحياء من الأموات, ويكتب الحاج فلا يزاد فيهم أحد, ولا ينقص منهم أحد.حدثني عبيد بن آدم بن أبي إياس, قال: ثنا أبي, قال: ثنا الليث, عن عقيل بن خالد, عن ابن شهاب, عن عثمان بن محمد بن المُغيرة بن الأخنس, قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " تُقْطَعُ الآجالُ مِنْ شَعْبان إلى شَعْبانَ حتى إن الرَّجُلَ لَيَنْكِحُ وَيُولَدُ لَهْ وَقَدْ خَرَجَ اسمُهُ فِي المَوْتَى ".حدثني محمد بن معمر, قال: ثنا أبو هشام, قال: ثنا عبد الواحد, قال: ثنا عثمان بن حكيم, قال: ثنا سعيد بن جبير, قال: قال ابن عباس: إن الرجل ليمشي في الناس وقد رُفع في الأموات, قال: ثم قرأ هذه الآية ( إِنَّا أَنزلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ ) قال: ثم قال: يفرق فيها أمر الدنيا من السنة إلى السنة.وأولى القولين في ذلك بالصواب قول من قال: ذلك ليلة القدر لما قد تقدّم من بياننا عن أن المعني بقوله ( إِنَّا أَنزلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ ) ليلة القدر, والهاء في قوله (فِيهَا) من ذكر الليلة المباركة.وعنى بقوله ( فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ ) في هذه الليلة المباركة يُقْضَى ويُفْصَل كلّ أمر أحكمه الله تعالى في تلك السنة إلى مثلها من السنة الأخرى, ووضع حكيم موضع محكم, كما قال: الم * تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْحَكِيمِ يعني: المحكم.
44:5
اَمْرًا مِّنْ عِنْدِنَاؕ-اِنَّا كُنَّا مُرْسِلِیْنَۚ(۵)
ہمارے پاس کے حکم سے، بیشک ہم بھیجنے والے ہیں (ف۶)

وقوله ( أَمْرًا مِنْ عِنْدِنَا إِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ ) يقول تعالى ذكره: في هذه الليلة المباركة يُفْرق كلّ أمر حكيم, أمرا من عندنا.واختلف أهل العربية في وجه نصب قوله (أمْرًا) فقال بعض نحويي (2) الكوفة: نصب على (3) إنا أنزلناه أمرا ورحمة على الحال. وقال بعض نحويي (4) البصرة: نصب على معنى يفرق كل أمر فرقا وأمرا.------------------------الهوامش:(2) في الأصل بدون نقطتين.(3) كذا في الأصل. ولعل لفظة"على" زيادة من الناسخ.(4) في الأصل بدون نقطتين.
44:6
رَحْمَةً مِّنْ رَّبِّكَؕ-اِنَّهٗ هُوَ السَّمِیْعُ الْعَلِیْمُۙ(۶)
تمہارے رب کی طرف سے رحمت، بیشک وہی سنتا جانتا ہے،

قال: وكذلك قوله ( رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ ) قال: ويجوز أن تنصب الرحمة بوقوع مرسلين عليها, فجعل الرحمة للنبيّ صلى الله عليه وسلم.وقوله ( إِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ ) يقول تعالى ذكره: إنا كنا مرسلي رسولنا محمد صلى الله عليه وسلم إلى عبادنا رحمة من ربك يا محمد ( إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ) يقول: إن الله تبارك وتعالى هو السميع لما يقول هؤلاء المشركون فيما أنزلنا من كتابنا, وأرسلنا من رسلنا إليهم, وغير ذلك من منطقهم ومنطق غيرهم, العليم بما تنطوي عليه ضمائرهم, وغير ذلك من أمورهم وأمور غيرهم.
44:7
رَبِّ السَّمٰوٰتِ وَ الْاَرْضِ وَ مَا بَیْنَهُمَاۘ-اِنْ كُنْتُمْ مُّوْقِنِیْنَ(۷)
وہ جو رب ہے آسمانوں اور زمین کا اور جو کچھ ان کے درمیان ہے، اگر تمہیں یقین ہو (ف۷)

القول في تأويل قوله تعالى : رَبِّ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا إِنْ كُنْتُمْ مُوقِنِينَ (7)اختلف القرّاء في قراءة قوله ( رَبِّ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ ) فقرأته عامة قرّاء المدينة والبصرة " رَبُّ السَّمَاوَاتِ " بالرفع على إتباع إعراب الربّ إعراب السميع العليم. وقرأته عامة قرّاء الكوفة وبعض المكيين " ربِّ السمَاوَاتِ " خفضا ردّ على الرب في قوله جلّ جلاله رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ .والصواب من القول في ذلك أنهما قراءتان معروفتان صحيحتا المعنى, فبأيتهما قرأ القارئ فمصيب.ويعني بقوله ( رَبِّ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا ) يقول تعالى ذكره الذي أنزل هذا الكتاب يا محمد عليك, وأرسلك إلى هؤلاء المشركين رحمة من ربك, مالك السموات السبع والأرض وما بينهما من الأشياء كلها.وقوله ( إِنْ كُنْتُمْ مُوقِنِينَ ) يقول: إن كنتم توقنون بحقيقة ما أخبرتكم من أن ربكم ربّ السموات والأرض, فإن الذي أخبرتكم أن الله هو الذي هذه الصفات صفاته, وأن هذا القرآن تنزيله, ومحمدا صلى الله عليه وسلم رسوله حق يقين, فأيقنوا به كما أيقنتم بما توقنون من حقائق الأشياء غيره.
44:8
لَاۤ اِلٰهَ اِلَّا هُوَ یُحْیٖ وَ یُمِیْتُؕ-رَبُّكُمْ وَ رَبُّ اٰبَآىٕكُمُ الْاَوَّلِیْنَ(۸)
اس کے سوا کسی کی بندگی نہیں وہ جِلائے اور مارے، تمہارا رب اور تمہارے اگلے باپ دادا کا رب،

وقوله ( لا إِلَهَ إِلا هُوَ ) يقول: لا معبود لكم أيها الناس غير ربّ السموات والأرض وما بينهما, فلا تعبدوا غيره, فإنه لا تصلح العبادة لغيره, ولا تنبغي لشيء سواه, يحيي ويميت, يقول: هو الذي يحيي ما يشاء, ويميت ما يشاء مما كان حيا.وقوله ( رَبُّكُمْ وَرَبُّ آبَائِكُمُ الأوَّلِينَ ) يقول: هو مالككم ومالك من مضى قبلكم من آبائكم الأوّلين, يقول: فهذا الذي هذه صفته, هو الربّ فاعبدوه دون آلهتكم التي لا تقدر على ضرّ ولا نفع.
44:9
بَلْ هُمْ فِیْ شَكٍّ یَّلْعَبُوْنَ(۹)
بلکہ وہ شک میں پڑے کھیل رہے ہیں (ف۸)

وقوله ( بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ يَلْعَبُونَ ) يقول تعالى ذكره ما هم بموقنين بحقيقة ما يقال لهم ويخبرون من هذه الأخبار, يعني بذلك مشركي قريش, ولكنهم في شكّ منه, فهم يلهون بشكهم في الذي يخبرون به من ذلك.
44:10
فَارْتَقِبْ یَوْمَ تَاْتِی السَّمَآءُ بِدُخَانٍ مُّبِیْنٍۙ(۱۰)
تو تم اس دن کے منتظر رہو جب آسمان ایک ظاہر دھواں لائے گا،

القول في تأويل قوله تعالى : فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ (10)يعني تعالى ذكره بقوله ( فَارْتَقِبْ ) فانتظر يا محمد بهؤلاء المشركين من قومك الذين هم في شكّ يلعبون, وإنما هو افتعل, من رقبته: إذا انتظرته وحرسته.وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.* ذكر من قال ذلك:حدثنا بشر, قال: ثنا يزيد, قال ثنا سعيد, عن قتادة ( فَارْتَقِبْ ) : أي فانتظر.وقوله ( يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ ) اختلف أهل التأويل في هذا الذي أمر الله عزّ وجلّ نبيه صلى الله عليه وسلم أن يرتقبه, وأخبره أن السماء تأتي فيه بدخان مبين: أي يوم هو, ومتى هو؟ وفي معنى الدخان الذي ذُكر في هذا الموضع, فقال بعضهم: ذلك حين دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم على قريش ربه تبارك وتعالى أن يأخذهم بسنين كسني يوسف, فأخذوا بالمجاعة, قالوا: وعنى بالدخان ما كان يصيبهم حينئذ في أبصارهم من شدّة الجوع من الظلمة كهيئة الدخان.* ذكر من قال ذلك:حدثني عيسى بن عثمان بن عيسى الرملي, قال: ثنا يحيى بن عيسى, عن الأعمش, عن مسلم, عن مسروق, قال: دخلنا المسجد, فإذا رجل يقص على أصحابه. ويقول: ( يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ ) تدرون ما ذلك الدخان؟ ذلك دخان يأتي يوم القيامة, فيأخذ أسماع المنافقين وأبصارهم, ويأخذ المؤمنين منه شبه الزكام؟ قال: فأتينا ابن مسعود, فذكرنا ذلك له وكان مضطجعا, ففزع, فقعد فقال: إن الله عزّ وجلّ قال لنبيه صلى الله عليه وسلم قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ إن من العلم أن يقول الرجل لما لا يعلم: الله أعلم, سأحدثكم عن ذلك, إن قريشا لما أبطأت عن الإسلام, واستعصت على رسول الله صلى الله عليه وسلم دعا عليهم بسنين كسني يوسف, فأصابهم من الجهد والجوع حتى أكلوا العظام والميتة, وجعلوا يرفعون أبصارهم إلى السماء فلا يرون إلا الدخان.قال الله تبارك وتعالى ( يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ يَغْشَى النَّاسَ هَذَا عَذَابٌ أَلِيمٌ ) فقالوا( رَبَّنَا اكْشِفْ عَنَّا الْعَذَابَ إِنَّا مُؤْمِنُونَ ) قال الله جل ثناؤه إِنَّا كَاشِفُو الْعَذَابِ قَلِيلا إِنَّكُمْ عَائِدُونَ * يَوْمَ نَبْطِشُ الْبَطْشَةَ الْكُبْرَى إِنَّا مُنْتَقِمُونَ قال: فعادوا يوم بدر فانتقم الله منهم.حدثني عبد الله بن محمد الزهريّ, قال: ثنا مالك بن سُعَير, قال: ثنا الأعمش, عن مسلم, عن مسروق قال: كان في المسجد رجل يذكر الناس, فذكر نحو حديث عيسى, عن يحيى بن عيسى, إلا أنه قال: فانتقم يوم بدر, فهي البطشة الكبرى.حدثنا ابن حميد, وعمرو بن عبد الحميد, قالا ثنا جرير, عن منصور, عن أبي الضحى مسلم بن صبيح, عن مسروق, قال: كنا عند عبد الله بن مسعود جلوسا وهو مضطجع بيننا, فأتاه رجل فقال: يا أبا عبد الرحمن: إن قاصا عند أبواب كندة يقص ويزعم أن آية الدخان تجيء فتأخذ بأنفاس الكفار, ويأخذ المؤمنين منه كهيئة الزكام, فقام عبد الله وجلس وهو غضبان, فقال: يا أيها الناس اتقوا الله, فمن علم شيئا فليقل بما يعلم, ومن لا يعلم فليقل: الله أعلم.وقال عمرو: فإنه أعلم لأحدكم أن يقول لما لا يعلم الله أعلم, وما على أحدكم أن يقول لما لا يعلم: لا أعلم, فإن الله عزّ وجلّ يقول لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ إن النبيّ صلى الله عليه وسلم لما رأى من الناس إدبارا, قال: " اللهمّ سبعا كسبع يوسف ", فأخذتهم سنة حصَّت كل شيء, حتى أكلوا الجلود والميتة والجيف, ينظر أحدهم إلى السماء فيرى دخانا من الجوع, فأتاه أبو سفيان بن حرب فقال: يا محمد إنك جئت تأمر بالطاعة وبصلة الرحم, وإن قومك قد هلكوا, فادع الله لهم, قال الله عزّ وجلّ( فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ )... إلى قوله إِنَّكُمْ عَائِدُونَ قال: فكُشف عنهم يَوْمَ نَبْطِشُ الْبَطْشَةَ الْكُبْرَى إِنَّا مُنْتَقِمُونَ فالبطشة يوم بدر, وقد مضت آية الروم وآية الدخان, والبطشة واللزام.حدثني أبو السائب, قال: ثنا أبو معاوية, عن الأعمش, عن مسلم, عن مسروق قال: قال عبد الله: خمس قد مضين: الدخان, واللزام, والبطشة, والقمر, والروم.حدثنا أبو كُرَيب, قال: " ثنا أبو بكر بن عياش, عن عاصم, قال: شهدت جنازة فيها زيد بن عليّ فأنشأ يحدّث يومئذ, فقال: إن الدخان يجيء قبل يوم القيامة, فيأخذ بأنف المؤمن الزكام, ويأخذ بمسامع الكافر، قال: قلت رحمك الله, إن صاحبنا عبد الله قد قال غير هذا, قال: إن الدخان قد مضى وقرأ هذه الآية ( فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ يَغْشَى النَّاسَ هَذَا عَذَابٌ أَلِيمٌ ) قال: أصاب الناس جهد حتى جعل الرجل يرى ما بينه وبين السماء دخانا, فذلك قوله ( فَارْتَقِبْ ) وكذا قرأ عبد الله إلى قوله ( مُؤْمِنُونَ ) قال إِنَّا كَاشِفُو الْعَذَابِ قَلِيلا قلت لزيد فعادوا, فأعاد الله عليهم بدرا, فذلك قوله وَإِنْ عُدْتُمْ عُدْنَا فذلك يوم بدر, قال: فقبل والله, قال عاصم، فقال رجل يردّ عليه, فقال زيد رحمة الله عليه: أما إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد قال: " إنَّكُمْ سَيَجِيئُكُمْ رُوَاةٌ, فَمَا وَافَقَ القُرآن فَخُذُوا بِهِ, ومَا كانَ غيرَ ذلكَ فَدَعُوهُ".حدثنا ابن المثنى, قال: ثنا ابن عبد الأعلى, قال: ثنا داود, عن عامر, عن ابن مسعود أنه قال: البطشة الكبرى يوم بدر, وقد مضى الدخان.حدثنا ابن بشار, قال: ثنا ابن أبي عديّ, عن عوف, قال: سمعت أبا العالية يقول: إن الدخان قد مضى.حدثنا ابن حميد, قال: ثنا سلمة, عن عمرو, عن مغيرة, عن إبراهيم, قال: مضى الدخان لسنين أصابتهم.حدثني يعقوب بن إبراهيم, قال: ثنا ابن علية, قال: ثنا أيوب, عن محمد, قال: نُبئت أن ابن مسعود كان يقول: قد مضى الدخان, كان سنين كسني يوسف.حدثني محمد بن عمرو, قال: ثنا أبو عاصم, قال: ثنا عيسى; وحدثني الحارث, قال: ثنا الحسن, قال: ثنا ورقاء جميعا, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد ( يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ ) قال: الجدب وإمساك المطر عن كفار قريش, إلى قوله ( إِنَّا مُؤْمِنُونَ ) .حدثنا بشر, قال: ثنا يزيد, قال: ثنا سعيد, عن قتادة ( يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ ) قال: كان ابن مسعود يقول: قد مضى الدخان, وكان سنين كسني يوسف ( يَغْشَى النَّاسَ هَذَا عَذَابٌ أَلِيمٌ ) .حُدثت عن الحسين, قال: سمعت أبا معاذ يقول: أخبرنا عبيد, قال: سمعت الضحاك يقول في قوله ( يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ ) قد مضى شأن الدخان.حدثنا ابن حميد, قال: ثنا جرير, عن مغيرة, عن إبراهيم, عن عبد الله يَوْمَ نَبْطِشُ الْبَطْشَةَ الْكُبْرَى قال: يوم بدر.وقال آخرون: الدخان آية من آيات الله, مرسلة على عباده قبل مجيء الساعة, فيدخل في أسماع أهل الكفر به, ويعتري أهل الإيمان به كهيئة الزكام, قالوا: ولم يأت بعد, وهو آت.* ذكر من قال ذلك:حدثني واصل بن عبد الأعلى, قال: ثنا ابن فضيل, عن الوليد بن جميع, عن عبد الملك بن المُغيرة, عن عبد الرحمن بن البيلمان, عن ابن عمر، قال: يخرج الدخان, فيأخذ المؤمن كهيئة الزكمة, ويدخل في مسامع الكافر والمنافق, حتى يكون كالرأس الحنيذ.حدثني يعقوب بن إبراهيم, قال: ثنا ابن علية, عن ابن جريج, عن عبد الله بن أبي مليكة, قال: غدوت على ابن عباس ذات يوم, فقال: ما نمت الليلة حتى أصبحت, قلت: لمَ؟ قال: قالوا: طلع الكوكب ذو الذنب, فخشيت أن يكون الدخان قد طرق, فما نمت حتى أصبحت.حدثنا محمد بن بزيع, قال: ثنا بشر بن المفضل, عن عوف, قال: قال الحسن: إن الدخان قد بقي من الآيات, فإذا جاء الدخان نفخ الكافر حتى يخرج من كلّ سمع من مسامعه, ويأخذ المؤمن كزكمة.حدثنا ابن بشار, قال: ثنا عثمان, يعني ابن الهيثم, قال: ثنا عوف, عن الحسن بنحوه.حدثنا بشر, قال: ثنا يزيد, قال: ثنا سعيد, عن قتادة, عن الحسن, عن أبي سعيد, قال: يهيج الدخان بالناس. فأما المؤمن فيأخذه منه كهيئة الزكمة. وأما الكافر فيهيجه حتى يخرج من كلّ مسمع منه قال: وكان بعض أهل العلم يقول: فما مَثل الأرض يومئذ إلا كمَثل بيت أوقد فيه ليس فيه خصاصة.حدثني عصام بن روّاد بن الجراح, قال: ثني أبي, قال: ثنا سفيان بن سعيد الثوري, قال: ثنا منصور بن المعتمر, عن رِبْعِيِّ بن حَرَاش, قال: سمعت حُذيفة بن اليمان يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أوَّلُ الآيات الدَّجالُ, وَنزول عِيسى بن مَرْيَمَ, وَنَارٌ تَخْرُجُ مِنْ قَعْرِ عَدْنِ أَبْيَنَ تَسُوقُ النَّاسَ إلى المَحْشَر تَقِيلُ مَعَهُمْ إذَا قالوا, والدُّخان ", قال حُذيفة: يا رسول الله وما الدخان؟ فتلا رسول الله صلى الله عليه وسلم الآية ( يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ يَغْشَى النَّاسَ هَذَا عَذَابٌ أَلِيمٌ ) يَمْلأ ما بَينَ المَشْرقِ والمَغْرِب يَمْكُثُ أرْبَعِينَ يَوْما وَلَيْلَةً أمَّا المُؤْمِنُ فَيُصِيبُهُ مِنْهُ كَهَيْئَةِ الزُّكامِ. وأمَّا الكَافِرُ فَيَكُونُ بِمَنزلَةِ السَّكْرانِ يَخْرُجُ مِنْ مَنْخِريْهِ وأُذُنَيْهِ ودُبُرِهِ".حدثني محمد بن عوف, قال: ثنا محمد بن إسماعيل بن عياش، قال: ثني أبي, قال: ثني ضمضم بن زرعة, عن شريح بن عبيد, عن أبي مالك الأشعريّ, قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إنَّ رَبَّكُمْ أنْذَرَكُمْ ثَلاثا: الدُّخانُ يَأْخُذ المُؤْمِنَ كالزَّكْمَةِ, ويَأْخُذُ الكَافِرَ فَيَنْتَفِخَ حتى يَخْرُجَ مِنْ كُلّ مَسْمَعٍ مِنْهُ, والثَّانِيَة الدَّابَّةُ, والثَّالِثَة الدَّجَّالُ".وأولى القولين بالصواب في ذلك ما رُوي عن ابن مسعود من أن الدخان الذي أمر الله نبيه صلى الله عليه وسلم أن يرتقبه, هو ما أصاب قومه من الجهد بدعائه عليهم, على ما وصفه ابن مسعود من ذلك إن لم يكن خبر حُذيفة الذي ذكرناه عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم صحيحا, وإن كان صحيحا, فرسول الله صلى الله عليه وسلم أعلم بما أنزل الله عليه, وليس لأحد مع قوله الذي يصح عنه قول.وإنما لم أشهد له بالصحة, لأن محمد بن خلف العسقلانيّ حدثني أنه سأل روّادا عن هذا الحديث, هل سمعه من سفيان؟ فقال له: لا فقلت له: فقرأته عليه, فقال: لا فقلت له: فقرئ عليه وأنت حاضر فأقرّ به, فقال: لا فقلت: فمن أين جئت به؟ قال: جاءني به قوم فعرضوه عليّ وقالوا لي: اسمعه منا فقرءوه عليّ, ثم ذهبوا, فحدّثوا به عني, أو كما قال; فلما ذكرت من ذلك لم أشهد له بالصحة، وإنما قلت: القول الذي قاله عبد الله بن مسعود هو أولى بتأويل الآية, لأن الله جلّ ثناؤه توعَّد بالدخان مشركي قريش وأن قوله لنبيه صلى الله عليه وسلم ( فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ ) في سياق خطاب الله كفار قريش وتقريعه إياهم بشركهم بقوله لا إِلَهَ إِلا هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ رَبُّكُمْ وَرَبُّ آبَائِكُمُ الأَوَّلِينَ * بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ يَلْعَبُونَ ثم أتبع ذلك قوله لنبيه عليه الصلاة والسلام ( فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ ) أمرًا منه له بالصبر إلى أن يأتيهم بأسه وتهديدًا للمشركين فهو بأن يكون إذ كان وعيدا لهم قد أحله بهم أشبه من أن يكون أخره عنهم لغيرهم.وبعد, فإنه غير منكر أن يكون أحلّ بالكفار الذين توعدهم بهذا الوعيد ما توعدهم, ويكون مُحِلا فيما يستأنف بعد بآخرين دخانا على ما جاءت به الأخبار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم عندنا كذلك, لأن الأخبار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد تظاهرت بأن ذلك كائن, فإنه قد كان ما رَوَى عنه عبد الله بن مسعود, فكلا الخبرين اللذين رُويا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم صحيح.وإن كان تأويل الآية في هذا الموضع ما قلنا, فإذ كان الذي قلنا في ذلك أولى التأويلين, فبين أن معناه: فانتظر يا محمد لمشركي قومك يوم تأتيهم السماء من البلاء الذي يحل بهم على كفرهم بمثل الدخان المبين لمن تأمله أنه دخان.
44:11
یَّغْشَى النَّاسَؕ-هٰذَا عَذَابٌ اَلِیْمٌ(۱۱)
کہ لوگوں کو ڈھانپ لے گا (ف۹) یہ ہے دردناک عذاب،

( يغشَى الناس ) : يقول: يغشى أبصارهم من الجهد الذي يصيبهم.( هَذَا عَذَابٌ أَلِيمٌ ) يعني أنهم يقولون مما نالهم من ذلك الكرب والجهد: هذا عذاب أليم. وهو الموجع, وترك من الكلام (يقولون) استغناء بمعرفة السامعين معناه من ذكرها.
44:12
رَبَّنَا اكْشِفْ عَنَّا الْعَذَابَ اِنَّا مُؤْمِنُوْنَ(۱۲)
اس دن کہیں گے، اے ہمارے رب! ہم پر سے عذاب کھول دے ہم ایمان لاتے ہیں (ف۱۰)

وقوله ( رَبَّنَا اكْشِفْ عَنَّا الْعَذَابَ ) يعني أن الكافرين الذين يصيبهم ذلك الجهد يضرعون إلى ربهم بمسألتهم إياه كشف ذلك الجهد عنهم, ويقولون: إنك إن كشفته آمنا بك وعبدناك من دون كلّ معبود سواك, كما أخبر عنهم جل ثناؤه ( رَبَّنَا اكْشِفْ عَنَّا الْعَذَابَ إِنَّا مُؤْمِنُونَ ) .
44:13
اَنّٰى لَهُمُ الذِّكْرٰى وَ قَدْ جَآءَهُمْ رَسُوْلٌ مُّبِیْنٌۙ(۱۳)
کہاں سے ہو انہیں نصیحت ماننا (ف۱۱) حالانکہ ان کے پاس صاف بیان فرمانے والا رسول تشریف لاچکا (ف۱۲)

القول في تأويل قوله تعالى : أَنَّى لَهُمُ الذِّكْرَى وَقَدْ جَاءَهُمْ رَسُولٌ مُبِينٌ (13)يقول تعالى ذكره: من أيّ وجه لهؤلاء المشركين التذكر من بعد نزول البلاء بهم, وقد تولوا عن رسولنا حين جاءهم مدبرين عنه, لا يتذكرون بما يُتلى عليهم من كتابنا, ولا يتعظون بما يعظهم به من حججنا, ويقولون: إنما هو مجنون عُلِّم هذا (5) الكلام.وبنحو الذي قلنا في تأويل قوله ( أَنَّى لَهُمُ الذِّكْرَى ) قال أهل التأويل.* ذكر من قال ذلك:حدثني عليّ, قال: ثنا أبو صالح, قال: ثني معاوية, عن عليّ, عن ابن عباس, في قوله ( أَنَّى لَهُمُ الذِّكْرَى ) يقول: كيف لهم.حدثني محمد بن عمرو, قال: ثنا أبو عاصم, قال: ثنا عيسى; وحدثني الحارث, قال: ثنا الحسن, قال: ثنا ورقاء جميعا, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد ( أَنَّى لَهُمُ الذِّكْرَى ) بعد وقوع هذا البلاء.------------------------الهوامش:(5) في الأصل :"على" في موضع"علم" . وهو تحريف من الناسخ .
44:14
ثُمَّ تَوَلَّوْا عَنْهُ وَ قَالُوْا مُعَلَّمٌ مَّجْنُوْنٌۘ(۱۴)
اس سے روگرداں ہوئے اور بولے سکھایا ہوا دیوانہ ہے (ف۱۳)

وبنحو الذي قلنا أيضا في قوله ( ثُمَّ تَوَلَّوْا عَنْهُ وَقَالُوا مُعَلَّمٌ مَجْنُونٌ ) قال أهل التأويل.* ذكر من قال ذلك:حدثني محمد بن عمرو, قال: ثنا أبو عاصم, قال: ثنا عيسى; وحدثني الحارث, قال: ثنا الحسن, قال: ثنا ورقاء جميعا, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد ( ثُمَّ تَوَلَّوْا عَنْهُ وَقَالُوا مُعَلَّمٌ مَجْنُونٌ ) قال: تولوا عن محمد عليه الصلاة والسلام, وقالوا: معلم مجنون.
44:15
اِنَّا كَاشِفُوا الْعَذَابِ قَلِیْلًا اِنَّكُمْ عَآىٕدُوْنَۘ(۱۵)
ہم کچھ دنوں کو عذاب کھولے دیتے ہیں تم پھر وہی کرو گے (ف۱۴)

وقوله ( إِنَّا كَاشِفُو الْعَذَابِ قَلِيلا إِنَّكُمْ عَائِدُونَ ) يقول تعالى ذكره لهؤلاء المشركين الذين أخبر عنهم أنهم يستغيثون به من الدخان النازل والعذاب الحالّ بهم من الجهد, وأخبر عنهم أنهم يعاهدونه أنه ( إن كشف العذاب عنهم آمنوا ) إنا كاشفوا العذاب : يعني الضرّ النازل بهم بالخصب الذي نحدثه لهم ( قَلِيلا إِنَّكُمْ عَائِدُونَ ) يقول: إنكم أيها المشركون إذا كَشَفْتُ عنكم ما بكم من ضرّ لم تفوا بما تعدون وتعاهدون عليه ربكم من الإيمان, ولكنكم تعودون في ضلالتكم وغيكم, وما كنتم قبل أن يكشف عنكم.وكان قتادة يقول: معناه: إنكم عائدون في عذاب الله.حدثنا بذلك ابن عبد الأعلى, قال: ثنا ابن ثور, عن معمر عنه. وأما الذين قالوا: عنى بقوله: يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ الدخان نفسه, فإنهم قالوا في هذا الموضع: عنى بالعذاب الذي قال ( إِنَّا كَاشِفُو الْعَذَابِ ) : الدخان.* ذكر من قال ذلك:حدثنا بشر, قال: ثنا يزيد, قال: ثنا سعيد, عن قتادة ( إِنَّا كَاشِفُو الْعَذَابِ قَلِيلا ) يعني الدخان.حدثني يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد, في قوله ( إِنَّا كَاشِفُو الْعَذَابِ قَلِيلا ) قال: قد فعل, كشف الدخان حين كان.قوله ( إِنَّكُمْ عَائِدُونَ ) قال: كُشِف عنهم فعادوا.حدثنا ابن عبد الأعلى, قال: ثنا ابن ثور, عن معمر, عن قتادة ( إِنَّكُمْ عَائِدُونَ ) إلى عذاب الله.
44:16
یَوْمَ نَبْطِشُ الْبَطْشَةَ الْكُبْرٰىۚ-اِنَّا مُنْتَقِمُوْنَ(۱۶)
جس دن ہم سب سے بڑی پکڑ پکڑیں گے (ف۱۵) بیشک ہم بدلہ لینے والے ہیں،

القول في تأويل قوله تعالى : يَوْمَ نَبْطِشُ الْبَطْشَةَ الْكُبْرَى إِنَّا مُنْتَقِمُونَ (16)يقول تعالى ذكره: إنكم أيها المشركون إن كشفت عنكم العذاب النازل بكم, والضرّ الحالّ بكم, ثم عدتم في كفركم, ونقضتم عهدكم الذي عاهدتم ربكم, انتقمت منكم يوم أبطش بكم بطشتي الكبرى في عاجل الدنيا, فأهلككم, وكشف الله عنهم, فعادوا, فبطش بهم جلّ ثناؤه بطشته الكبرى في الدنيا, فأهلكهم قتلا بالسيف.وقد اختلف أهل التأويل في البطشة الكبرى, فقال بعضهم: هي بطشة الله بمشركي قريش يوم بدر.* ذكر من قال ذلك:حدثنا ابن المثنى, قال: ثني ابن عبد الأعلى, قال: ثنا داود, عن عامر, عن ابن مسعود, أنه قال: البطشة الكبرى: يوم بدر.حدثني عبد الله بن محمد الزهري, قال: ثنا مالك بن سعير, قال: ثنا الأعمش, عن مسلم, عن مسروق قال: يوم بدر, البطشة الكبرى.حدثني يعقوب, قال: ثنا ابن علية, قال: ثنا أيوب, عن محمد, قال: نبئت أن ابن مسعود كان يقول: ( يَوْمَ نَبْطِشُ الْبَطْشَةَ الْكُبْرَى ) يوم بدر.حدثني يعقوب, قال: ثنا ابن علية, عن ليث, عن مجاهد ( يَوْمَ نَبْطِشُ الْبَطْشَةَ الْكُبْرَى ) قال: يوم بدر.حدثني محمد بن عمرو, قال: ثنا أبو عاصم, قال: ثنا عيسى; وحدثني الحارث, قال: ثنا الحسن, قال: ثنا ورقاء جميعا, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد, قوله ( يَوْمَ نَبْطِشُ الْبَطْشَةَ الْكُبْرَى ) قال: يوم بدر.حدثنا ابن بشار, قال: ثنا ابن أبي عديّ, عن عوف قال: سمعت أبا العالية في هذه الآية ( يَوْمَ نَبْطِشُ الْبَطْشَةَ الْكُبْرَى ) قال: يوم بدر.حدثني محمد بن سعد, قال: ثني أبي, قال: ثني عمي, قال: ثني أبي, عن أبيه, عن ابن عباس, قوله ( يَوْمَ نَبْطِشُ الْبَطْشَةَ الْكُبْرَى ) قال: يعني يوم بدر.حدثنا أبو كُرَيب, قال: ثنا عثام بن عليّ, عن الأعمش, عن إبراهيم, قال: قلت: ما البطشة الكبرى؟ فقال: يوم القيامة, فقلت: إن عبد الله كان يقول: يوم بدر; قال. فبلغني أنه سُئل بعد ذلك فقال: يوم بدر.حدثنا أبو كُرَيب وأبو السائب قالا ثنا ابن إدريس, عن الأعمش, عن إبراهيم, بنحوه.حدثنا بشر, ثنا يزيد قال: ثنا سعيد, عن قتادة, عن أبي الخليل, عن مجاهد, عن أبيّ بن كعب, قال: يوم بدر.حُدثت عن الحسين, قال: سمعت أبا معاذ يقول: أخبرنا عبيد, قال: سمعت الضحاك يقول في قوله ( يَوْمَ نَبْطِشُ الْبَطْشَةَ الْكُبْرَى ) يوم بدر.حدثني يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد فى قوله ( يَوْمَ نَبْطِشُ الْبَطْشَةَ الْكُبْرَى ) قال: هذا يوم بدر.وقال آخرون: بل هي بطشة الله بأعدائه يوم القيامة.* ذكر من قال ذلك:حدثني يعقوب بن إبراهيم, قال: ثنا ابن علية, قال: ثنا خالد الحذّاء, عن عكرمة, قال: قال ابن عباس: قال ابن مسعود: البطشة الكبرى: يوم بدر, وأنا أقول: هي يوم القيامة.حدثنا أبو كُرَيب وأبو السائب, قالا ثنا ابن إدريس, قال: ثنا الأعمش, عن إبراهيم, قال: مرّ بي عكرمة, فسألته عن البطشة الكبرى فقال: يوم القيامة; قال: قلت: إن عبد الله بن مسعود كان يقول: يوم بدر, وأخبرني من سأله بعد ذلك فقال: يوم بدر.حدثنا بشر, قال: ثنا يزيد, قال: ثنا سعيد, عن قتادة, في قوله ( يَوْمَ نَبْطِشُ الْبَطْشَةَ الْكُبْرَى ) قال قتادة عن الحسن: إنه يوم القيامة.وقد بينَّا الصواب في ذلك فيما مضى, والعلة التي من أجلها اخترنا ما اخترنا من القول فيه.
44:17
وَ لَقَدْ فَتَنَّا قَبْلَهُمْ قَوْمَ فِرْعَوْنَ وَ جَآءَهُمْ رَسُوْلٌ كَرِیْمٌۙ(۱۷)
اور بیشک ہم نے ان سے پہلے فرعون کی قوم کو جانچا اور ان کے پاس ایک معزز رسول تشریف لایا (ف۱۶)

وقوله ( وَلَقَدْ فَتَنَّا قَبْلَهُمْ قَوْمَ فِرْعَوْنَ ) يعني تعالى ذكره: ولقد اختبرنا وابتلينا يا محمد قبل مشركي قومك مثال هؤلاء قوم فرعون من القبط ( وَجَاءَهُمْ رَسُولٌ كَرِيمٌ ) يقول: وجاءهم رسول من عندنا أرسلناه إليهم, وهو موسى بن عمران صلوات الله عليه.كما حدثنا بشر, قال: ثنا يزيد, قال: ثنا سعيد, عن قتادة, قوله ( وَلَقَدْ فَتَنَّا قَبْلَهُمْ قَوْمَ فِرْعَوْنَ وَجَاءَهُمْ رَسُولٌ كَرِيمٌ ) يعني موسى.حدثنا ابن عبد الأعلى, قال: ثنا ابن ثور, عن معمر, عن قتادة, في قوله ( رَسُولٌ كَرِيمٌ ) قال: موسى عليه السلام, ووصفه جل ثناؤه بالكرم, لأنه كان كريما عليه, رفيعا عنده مكانه, وقد يجوز أن يكون وصفه بذلك, لأنه كان في قومه شريفا وسيطا.
44:18
اَنْ اَدُّوْۤا اِلَیَّ عِبَادَ اللّٰهِؕ-اِنِّیْ لَكُمْ رَسُوْلٌ اَمِیْنٌۙ(۱۸)
کہ اللہ کے بندوں کو مجھے سپرد کردو (ف۱۷) بیشک میں تمہارے لیے امانت والا رسول ہوں،

وقوله ( أَنْ أَدُّوا إِلَيَّ عِبَادَ اللَّهِ ) يقول تعالى ذكره: وجاء قوم فرعون رسول من الله كريم عليه بأن ادفعوا إليّ, ومعنى " أدوا ": ادفعوا إليّ فأرسلوا معي واتبعون, وهو نحو قوله أَنْ أَرْسِلْ مَعَنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ فأن في قوله ( أَنْ أَدُّوا إِلَيَّ ) نصب, وعباد الله نصب بقوله (أَدُّوا) وقد تأوله قوم: أن أدّوا إليّ يا عباد الله, فعلى هذا التأويل عباد الله نصب على النداء.وبنحو الذي قلنا في تأويل ( أَنْ أَدُّوا إِلَيَّ ) قال أهل التأويل.* ذكر من قال ذلك:حدثني محمد بن سعد, قال: ثني أبي, قال: ثني عمي, قال: ثني أبي, عن أبيه, عن ابن عباس, قوله ( وَلَقَدْ فَتَنَّا قَبْلَهُمْ قَوْمَ فِرْعَوْنَ وَجَاءَهُمْ رَسُولٌ كَرِيمٌ أَنْ أَدُّوا إِلَيَّ عِبَادَ اللَّهِ إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ ) قال: يقول: اتبعوني إلى ما أدعوكم إليه من الحق.حدثني محمد بن عمرو, قال: يقول : ثنا أبو عاصم, قال: ثنا عيسى; وحدثني الحارث, قال: ثنا الحسن, قال: ثنا ورقاء, جميعا عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد, قوله ( أَنْ أَدُّوا إِلَيَّ عِبَادَ اللَّهِ ) قال: أرسلوا معي بني إسرائيل.حدثنا ابن عبد الأعلى, قال: ثنا ابن ثور, عن معمر, عن قتادة ( أَنْ أَدُّوا إِلَيَّ عِبَادَ اللَّهِ ) قال: بني إسرائيل.حدثنا بشر, قال: ثنا يزيد, قال: ثنا سعيد, عن قتادة ( أَنْ أَدُّوا إِلَيَّ عِبَادَ اللَّهِ ) يعني به بني إسرائيل, قال لفرعون: علام تحبس هؤلاء القوم, قوما أحرارا اتخذتهم عبيدا, خلّ سبيلهم.حدثني يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد في قوله ( أَنْ أَدُّوا إِلَيَّ عِبَادَ اللَّهِ ) قال: يقول: أرسل عباد الله معي, يعني بني إسرائيل, وقرأ فَأَرْسِلْ مَعَنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ وَلا تُعَذِّبْهُمْ قال: ذلك قوله ( أَنْ أَدُّوا إِلَيَّ عِبَادَ اللَّهِ ) قال: ردّهم إلينا.وقوله ( إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ ) يقول: إني لكم أيها القوم رسول من الله أرسلني إليكم لا يدرككم بأسه على كفركم به,(أمين) : يقول: أمين على وحيه ورسالته التي أوعدنيها إليكم.
44:19
وَّ اَنْ لَّا تَعْلُوْا عَلَى اللّٰهِۚ-اِنِّیْۤ اٰتِیْكُمْ بِسُلْطٰنٍ مُّبِیْنٍۚ(۱۹)
اور اللہ کے مقابل سرکشی نہ کرو، میں تمہارے پاس ایک روشن سند لاتا ہوں (ف۱۸)

القول في تأويل قوله تعالى : وَأَنْ لا تَعْلُوا عَلَى اللَّهِ إِنِّي آتِيكُمْ بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ (19)يقول تعالى ذكره: وجاءهم رسول كريم, أن أدّوا إلي عباد الله, وبأن لا تعلوا على الله.وعنى بقوله ( وَأَنْ لا تَعْلُوا عَلَى اللَّهِ ) أن لا تطغوا وتبغوا على ربكم, فتكفروا به وتعصوه, فتخالفوا أمره ( إِنِّي آتِيكُمْ بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ ) يقول: إني آتيكم بحجة على حقيقة ما أدعوكم إليه, وبرهان على صحته, مبين لمن تأملها وتدبرها أنها حجة لي على صحة ما أقول لكم.وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.* ذكر من قال ذلك:حدثنا بشر, قال: ثنا يزيد, قال: ثنا سعيد, عن قتادة, قوله ( وَأَنْ لا تَعْلُوا عَلَى اللَّهِ ) : أي لا تبغوا على الله ( إِنِّي آتِيكُمْ بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ ) : أي بعذر مبين.حدثنا ابن عبد الأعلى, قال: ثنا ابن ثور, عن معمر, عن قتادة, بنحوه.حدثني محمد بن سعد, قال: ثني أبي, قال: ثني عمي, قال: ثني أبي, عن أبيه, عن ابن عباس, قوله ( وَأَنْ لا تَعْلُوا عَلَى اللَّهِ ) يقول: لا تفتروا على الله.
44:20
وَ اِنِّیْ عُذْتُ بِرَبِّیْ وَ رَبِّكُمْ اَنْ تَرْجُمُوْنِ٘(۲۰)
اور میں پناہ لیتا ہوں اپنے رب اور تمہارے رب کی اس سے کہ تم مجھے سنگسار کرو (ف۱۹)

وقوله ( وَإِنِّي عُذْتُ بِرَبِّي وَرَبِّكُمْ أَنْ تَرْجُمُونِ ) يقول: وإني اعتصمت بربي وربكم, واستجرت به منكم أن ترجمون.واختلف أهل التأويل في معنى الرجم الذي استعاذ موسى نبيّ الله عليه السلام بربه منه, فقال بعضهم: هو الشتم باللسان.* ذكر من قال ذلك:حدثني محمد بن سعد, قال: ثني أبي, قال: ثني عمي, قال: ثني أبي, عن أبيه, عن ابن عباس, قوله ( وَإِنِّي عُذْتُ بِرَبِّي وَرَبِّكُمْ أَنْ تَرْجُمُونِ ) قال: يعني رجم القول.حدثني ابن المثنى, قال: ثنا عثمان بن عمر بن فارس, قال: ثنا شعبة, عن إسماعيل بن أبي خالد, عن أبي صالح, في قوله ( وَإِنِّي عُذْتُ بِرَبِّي وَرَبِّكُمْ أَنْ تَرْجُمُونِ ) قال: الرجم: بالقول.حدثنا أبو هشام الرفاعي, قال: ثنا يحيى بن يمان, قال: ثنا سفيان, عن إسماعيل, عن أبي صالح ( وَإِنِّي عُذْتُ بِرَبِّي وَرَبِّكُمْ أَنْ تَرْجُمُونِ ) قال: أن تقولوا هو ساحر.وقال آخرون: بل هو الرجم بالحجارة.* ذكر من قال ذلك:حدثنا بشر, قال: ثنا يزيد, قال: ثنا سعيد, عن قتادة ( وَإِنِّي عُذْتُ بِرَبِّي وَرَبِّكُمْ أَنْ تَرْجُمُونِ ) : أي أن ترجمون بالحجارة.حدثنا ابن عبد الأعلى, قال: ثنا ابن ثور, عن معمر, عن قتادة ( أَنْ تَرْجُمُونِ ) قال: أن ترجمون بالحجارة.وقال آخرون: بل عنى بقوله ( أَنْ تَرْجُمُونِ ) : أن تقتلوني.وأولى الأقوال في ذلك بالصواب ما دلّ عليه ظاهر الكلام, وهو أن موسى عليه السلام استعاذ بالله من أن يرجُمه فرعون وقومه, والرجم قد يكون قولا باللسان, وفعلا باليد. والصواب أن يقال: استعاذ موسى بربه من كل معاني رجمهم الذي يصل منه إلى المرجوم أذًى ومكروه, شتما كان ذلك باللسان, أو رجما بالحجارة باليد.
44:21
وَ اِنْ لَّمْ تُؤْمِنُوْا لِیْ فَاعْتَزِلُوْنِ(۲۱)
اور اگر میرا یقین نہ لاؤ تو مجھ سے کنارے ہوجاؤ (ف۲۰)

وقوله ( وَإِنْ لَمْ تُؤْمِنُوا لِي فَاعْتَزِلُونِ ) يقول تعالى ذكره مخبرا عن قيل نبيه موسى عليه السلام لفرعون وقومه: وإن أنتم أيها القوم لم تصدّقوني على ما جئتكم به من عند ربي, فاعتزلون: يقول: فخلوا سبيلي غير مرجوم باللسان ولا باليد.كما حدثنا محمد بن عبد الأعلى, قال: ثنا ابن ثور, عن معمر, عن قتادة ( وَإِنْ لَمْ تُؤْمِنُوا لِي فَاعْتَزِلُونِ ) : أي فخلُّوا سبيلي.
44:22
فَدَعَا رَبَّهٗۤ اَنَّ هٰۤؤُلَآءِ قَوْمٌ مُّجْرِمُوْنَ(۲۲)
تو اس نے اپنے رب سے دعا کی کہ یہ مجرم لوگ ہیں،

القول في تأويل قوله تعالى : فَدَعَا رَبَّهُ أَنَّ هَؤُلاءِ قَوْمٌ مُجْرِمُونَ (22)يقول تعالى ذكره: فدعا موسى ربه إذ كذّبوه ولم يؤمنوا به, ولم يؤدّ إليه عباد الله, وهموا بقتله بأن هؤلاء, يعني فرعون وقومه ( قَوْمٌ مُجْرِمُونَ ) يعني: أنهم مشركون بالله كافرون.
44:23
فَاَسْرِ بِعِبَادِیْ لَیْلًا اِنَّكُمْ مُّتَّبَعُوْنَۙ(۲۳)
ہم نے حکم فرمایا کہ میرے بندوں (ف۲۱) کو راتوں رات لے نکل ضرور تمہارا پیچھا کیا جائے گا (ف۲۲)

وقوله ( فَأَسْرِ بِعِبَادِي ) وَفِي الكلام محذوف استغني بدلالة ما ذُكر عليه منه, وهو: فأجابه ربه بأن قال له: فأسر إذ كان الأمر كذلك بعبادي, وهم بنو إسرائيل, وإنما معنى الكلام: فأسر بعبادي الذين صدّقوك وآمنوا بك, واتبعوك دون الذين كذّبوك منهم, وأبَوْا قبول ما جئتهم به من النصيحة منك, وكان الذين كانوا بهذه الصِّفَة يومئذ بني إسرائيل. وقال: ( فَأَسْرِ بِعِبَادِي لَيْلا ) لأن معنى ذلك: سر بهم بليل قبل الصباح.وقوله ( إِنَّكُمْ مُتَّبَعُونَ ) يقول: إن فرعون وقومه من القبط متبعوكم إذا شخصتم عن بلدهم وأرضهم في آثاركم.
44:24
وَ اتْرُكِ الْبَحْرَ رَهْوًاؕ-اِنَّهُمْ جُنْدٌ مُّغْرَقُوْنَ(۲۴)
اور دریا کو یونہی جگہ جگہ سے چھوڑ دے (ف۲۳) بیشک وہ لشکر ڈبو دیا جائے گا (ف۲۴)

وقوله ( وَاتْرُكِ الْبَحْرَ رَهْوًا ) يقول: وإذا قطعت البحر أنت وأصحابُك, فاتركه ساكنا على حاله التي كان عليها حين دخلته. وقيل: إن الله تعالى ذكره قال لموسى هذا القول بعد ما قطع البحر ببني إسرائيل فإذ كان ذلك كذلك, ففي الكلام محذوف, وهو: فسرَى موسى بعبادي ليلا وقطع بهم البحر, فقلنا له بعد ما قطعه, وأراد ردّ البحر إلى هيئته التي كان عليها قبل انفلاقه: اتركْه رَهْوًا.* ذكر من قال ما ذكرنا من أن الله عزّ وجلّ قال لموسى صلى الله عليه وسلم هذا القول بعد ما قطع البحر بقومه:حدثنا بشر, قال: ثنا يزيد, قال: ثنا سعيد, عن قتادة, قوله ( فَدَعَا رَبَّهُ أَنَّ هَؤُلاءِ قَوْمٌ مُجْرِمُونَ ) حتى بلغ ( إِنَّهُمْ جُنْدٌ مُغْرَقُونَ ) قال: لما خرج آخر بني إسرائيل أراد نبي الله صلى الله عليه وسلم أن يضرب البحر بعصاه, حتى يعود كما كان مخافة آل فرعون أن يدركوهم, فقيل له ( وَاتْرُكِ الْبَحْرَ رَهْوًا إِنَّهُمْ جُنْدٌ مُغْرَقُونَ ).حدثنا ابن عبد الأعلى, قال: ثنا ابن ثور, عن معمر, عن قتادة, قال: لما قطع البحر, عطف ليضرب البحر بعصاه ليلتئم, وخاف أن يتبعه فرعون وجنوده, فقيل له: ( وَاتْرُكِ الْبَحْرَ رَهْوًا ) كما هو ( إِنَّهُمْ جُنْدٌ مُغْرَقُونَ ).واختلف أهل التأويل في معنى الرهْو, فقال بعضهم: معناه: اتركه على هيئته وحاله التي كان عليها.* ذكر من قال ذلك:حدثني عليّ, قال: ثنا أبو صالح, قال: ثني معاوية, عن عليّ, عن ابن عباس, قوله ( وَاتْرُكِ الْبَحْرَ رَهْوًا ) يقول: سَمْتا.حدثني محمد بن سعد, قال: ثني أبي, قال: ثني عمي, قال ثني أبي, عن أبيه, عن ابن عباس, قوله ( وَاتْرُكِ الْبَحْرَ رَهْوًا إِنَّهُمْ جُنْدٌ مُغْرَقُونَ ) قال: الرهو: أن يترك كما كان, فإنهم لن يخلُصوا من ورائه.حدثني يعقوب بن إبراهيم, قال: ثنا ابن علية, قال: أخبرنا حميد, عن إسحاق, عن عبد الله بن الحارث, عن أبيه, أن ابن عباس سأل كعبا عن قول الله ( وَاتْرُكِ الْبَحْرَ رَهْوًا ) قال: طريقا.وقال آخرون: بل معناه: اتركه سَهْلا.* ذكر من قال ذلك:حدثنا ابن حميد, قال: ثنا حكام, عن أبي جعفر, عن الربيع, قوله ( وَاتْرُكِ الْبَحْرَ رَهْوًا ) قال: سهلا.حدثني محمد بن سعد, قال: ثني أبي, قال: ثني عمي, قال ثني أبي, عن أبيه, عن ابن عباس, قوله ( وَاتْرُكِ الْبَحْرَ رَهْوًا ) قال: يقال: الرهو: السهل.حدثنا ابن المثنى, قال: ثنا حرميّ بن عُمارة قال: ثنا شعبة, قال: أخبرني عمارة, عن الضحاك بن مُزاحم, فى قول الله عزّ وجلّ( وَاتْرُكِ الْبَحْرَ رَهْوًا ) قال: دَمثا.حُدثت عن الحسين, قال: سمعت أبا معاذ يقول: عبيد, قال: سمعت الضحاك يقول في قوله ( وَاتْرُكِ الْبَحْرَ رَهْوًا ) قال: سهلا دمثا.حدثني يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد, في قوله ( وَاتْرُكِ الْبَحْرَ رَهْوًا ) قال: هو السهل.وقال آخرون: بل معناه: واتركه يبسا جددا.* ذكر من قال ذلك:حدثنا محمد بن المثنى, قال: ثني عبيد الله بن معاذ, قال: ثني أبي, عن شعبة, عن سماك, عن عكرمة, في قوله ( وَاتْرُكِ الْبَحْرَ رَهْوًا ) قال: جددا.حدثنا محمد بن المثنى, قال: ثني عبيد الله بن معاذ, قال: ثنا أبي, عن شعبة, عن سماك, عن عكرمة في قوله ( وَاتْرُكِ الْبَحْرَ رَهْوًا ) قال: يابسا كهيئته بعد أن ضربه, يقول: لا تأمره يرجع, اتركه حتى يدخل آخرهم.حدثنا ابن عبد الأعلى, قال: ثنا ابن ثور, عن معمر, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد, في قوله (رَهوًا) قال: طريقا يَبَسا.حدثنا ابن عبد الأعلى, قال: ثنا ابن ثور, عن معمر, عن قتادة ( وَاتْرُكِ الْبَحْرَ رَهْوًا ) كما هو طريقا يابسا.وأولى الأقوال في ذلك بالصواب قول من قال معناه: اتركه على هيئته كما هو على الحال التي كان عليها حين سلَكْته, وذلك أن الرهو في كلام العرب: السكون, كما قال الشاعر:كأنَّما أهْلُ حُجْرٍ يَنْظُرُونَ مَتَىيَرَوْنَنِي خارِجا طَيْرٌ يَنَادِيدطَيرٌ رأَتْ بازِيا نَضْحُ الدّماءِ بِهِوأُمُّهُ خَرَجَتْ رَهْوًا إلى عِيد (1)يعني على سكون, وإذا كان ذلك معناه كان لا شكّ أنه متروك سهلا دَمِثا, وطريقا يَبَسا لأن بني إسرائيل قطعوه حين قطعوه, وهو كذلك, فإذا ترك البحر رهوا كما كان حين قطعه موسى ساكنا لم يُهج كان لا شكّ أنه بالصفة التي وصفت.وقوله ( إِنَّهُمْ جُنْدٌ مُغْرَقُونَ ) يقول: إن فرعون وقومه جند, الله مغرقهم في البحر.------------------------الهوامش:(1) هذا بيت من قصيدة للراعي ، مدح بها سعد بن عبد الرحمن بن عتاب بن أسيد، عدتها سبعة وخمسون بيتا . وقوله " ذات آثارة " أي رب ناقة ذات سمن . والأثارة ، بفتح الهمزة : شحم متصل بشحم آخر ، ويقال هي بقية من الشحم العتيق ، يقال : سمنت الناقة على أثارة ، أي على بقية شحم . وأكمته : غلفه ، جمع كمام ، وهو جمع كم بكسر الكاف ، وهو غطاء النور وغلافه . وقفارًا وقفارة : وصف للنبات : أي رعته خاليًا لها من مزاحمة غيرها في رعيه . وأصله من قولهم طعام قفار : أي أكل بلا إدام . ( انظر خزانة الأدب الكبرى للبغدادي 4 : 251 ) واستشهد بالبيت أبو عبيدة في مجاز القرآن ( الورقة 222 ) . عند قوله تعالى : " أو أثارة من علم " أي بقية من شحم أكلت عليه . ومن قال : " أثرة " فهو مصدر أثره يأثره : يذكره . وفي ( اللسان : أثر ) : وأثرة العلم وأثرته وأثارته ، بقية منه تؤثر فتذكر . وقال الزجاج أثاره : في معنى علامة . ويجوز أن يكون على معنى بقية من علم ونسب البيت للشماخ.
44:25
كَمْ تَرَكُوْا مِنْ جَنّٰتٍ وَّ عُیُوْنٍۙ(۲۵)
کتنے چھوڑ گئے باغ اور چشمے،

القول في تأويل قوله تعالى : كَمْ تَرَكُوا مِنْ جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ (25)يقول تعالى ذكره: كم ترك فرعون وقومه من القبط بعد مهلكهم وتغريق الله إياهم من بساتين وأشجار, وهي الجنات, وعيون, يعني: ومنابع ما كان ينفجر في جنانهم وزروع قائمة في مزارعهم .
44:26
وَّ زُرُوْعٍ وَّ مَقَامٍ كَرِیْمٍۙ(۲۶)
او رکھیت اور عمدہ مکانات (ف۲۵)

( وَمَقَامٍ كَرِيمٍ ) يقول: وموضع كانوا يقومونه شريف كريم.ثم اختلف أهل التأويل في معنى وصف الله ذلك المقام بالكرم, فقال بعضهم: وصفه بذلك لشرفه, وذلك أنه مَقام الملوك والأمراء, قالوا: وإنما أريد به المنابر.* ذكر من قال ذلك:حدثني جعفر بن ابنة إسحاق الأزرق, قال: ثنا سعيد بن محمد الثقفي, قال: ثنا إسماعيل بن إبراهيم بن مُهاجر, عن أبيه, عن مجاهد, في قوله ( وَمَقَامٍ كَرِيمٍ ) قال: المنابر.حدثني زكريا بن يحيى بن أبي زائدة, قال: ثنا عبد الله بن داود الواسطي, قال: ثنا شريك، عن سالم الأفطس, عن سعيد بن جُبير, في قوله ( وَمَقَامٍ كَرِيمٍ ) قال: المنابر.وقال آخرون: وصف ذلك المقام بالكرم لحسنه وبهجته.* ذكر من قال ذلك:حدثنا بشر, قال: ثنا يزيد, قال: ثنا سعيد, عن قتادة, قوله ( وَمَقَامٍ كَرِيمٍ ) : أي حسن.
44:27
وَّ نَعْمَةٍ كَانُوْا فِیْهَا فٰكِهِیْنَۙ(۲۷)
اور نعمتیں جن میں فارغ البال تھے (ف۲۶)

وقوله ( وَنَعْمَةٍ كَانُوا فِيهَا فَاكِهِينَ ) يقول تعالى ذكره: وأخرجوا من نعمة كانوا فيها فاكهين متفكهين ناعمين.واختلفت القرّاء في قراءة قوله ( فَاكِهِينَ ) فقرأته عامة قرّاء الأمصار خلا أبي جعفر القارئ( فَاكِهِينَ ) على المعنى الذي وصفت. وقرأه أبو رجاء العُطاردي والحسن وأبو جعفر المدنيّ( فَكِهينَ ) بمعنى: أشِرِين بَطِرين.والصواب من القراءة عندي في ذلك, القراءة التي عليها قرّاء الأمصار, وهي ( فَاكِهِينَ ) بالألف بمعنى ناعمين.وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.* ذكر من قال ذلك:حدثنا بشر, قال: ثنا يزيد, قال: ثنا سعيد, عن قتادة ( وَنَعْمَةٍ كَانُوا فِيهَا فَاكِهِينَ ) : ناعمين, قال: إي والله, أخرجه الله من جناته وعيونه وزروعه حتى ورّطه في البحر.
44:28
كَذٰلِكَ- وَ اَوْرَثْنٰهَا قَوْمًا اٰخَرِیْنَ(۲۸)
ہم نے یونہی کیا اور ان کا وارث دوسری قوم کو کردیا (ف۲۷)

وقوله ( كَذَلِكَ وَأَوْرَثْنَاهَا قَوْمًا آخَرِينَ ) يقول تعالى ذكره: هكذا كما وصفت لكم أيها الناس فعلنا بهؤلاء الذي ذكرتُ لكم أمرهم, الذين كذّبوا رسولنا موسى صلى الله عليه وسلم.وقوله ( وَأَوْرَثْنَاهَا قَوْمًا آخَرِينَ ) يقول تعالى ذكره وأورثنا جناتهم وعيونهم وزروعهم ومقَاماتهم وما كانوا فيه من النعمة عنهم قوما آخرين بعد مهلكهم, وقيل: عُنِي بالقوم الآخرين بنو إسرائيل.* ذكر من قال ذلك:حدثنا بشر, قال: ثنا يزيد, قال: ثنا سعيد, عن قتادة قوله ( كَذَلِكَ وَأَوْرَثْنَاهَا قَوْمًا آخَرِينَ ) يعني بني إسرائيل.
44:29
فَمَا بَكَتْ عَلَیْهِمُ السَّمَآءُ وَ الْاَرْضُ وَ مَا كَانُوْا مُنْظَرِیْنَ۠(۲۹)
تو ان پر آسمان اور زمین نہ روئے (ف۲۸) اور انہیں مہلت نہ دی گئی (ف۲۹)

القول في تأويل قوله تعالى : فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّمَاءُ وَالأَرْضُ وَمَا كَانُوا مُنْظَرِينَ (29)يقول تعالى ذكره: فما بكت على هؤلاء الذين غرّقهم الله في البحر, وهم فرعون وقومه, السماء والأرض, وقيل: إن بكاء السماء حمرة أطرافها.* ذكر من قال ذلك:حدثني محمد بن إسماعيل الأحمسيّ, قال: ثنا عبد الرحمن بن أبي حماد, عن الحكم بن ظهير, عن السديّ قال: لما قتل الحسين بن عليّ رضوان الله عليهما بكت السماء عليه, وبكاؤها حمرتها.حدثني عليّ بن سهل, قال: ثنا حجاج, عن ابن جُرَيج, عن عطاء في قوله ( فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّمَاءُ وَالأرْضُ ) قال: بكاؤها حمرة أطرافها.وقيل: إنما قيل ( فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّمَاءُ وَالأرْضُ ) لأن المؤمن إذا مات, بكت عليه السماء والأرض أربعين صباحا, ولم تبكيا على فرعون وقومه, لأنه لم يكن لهم عمل يَصعْد إلى الله صالح, فتبكي عليهم السماء, ولا مسجد في الأرض, فتبكي عليهم الأرض.وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.* ذكر من قال ذلك:حدثنا أبو كُرَيب, قال: ثنا طلق بن غنام, عن زائدة, عن منصور, عن المنهال, عن سعيد بن جُبير, قال: أتى ابن عباس رجل, فقال: يا أبا عباس أرأيت قول الله تبارك وتعالى ( فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّمَاءُ وَالأرْضُ وَمَا كَانُوا مُنْظَرِينَ ) فهل تبكي السماء والأرض على أحد؟ قال: نعم إنه ليس أحد من الخلائق إلا له باب في السماء منه ينزل رزقه, وفيه يصعد عمله, فإذا مات المؤمن فأغلق بابه من السماء الذي كان يصعد فيه عمله, وينزل منه رزقه, بكى عليه; وإذا فقده مُصَلاه من الأرض التي كان يصلي فيها, ويذكر الله فيها بكت عليه, وإن قوم فرعون لم يكن لهم في الأرض آثار صالحة, ولم يكن يصعد إلى السماء منهم خير, قال: فلم تبك عليهم السماء والأرض.حدثنا ابن بشار, قال: ثنا عبد الرحمن ويحيى قالا ثنا سفيان, عن منصور, عن مجاهد, قال: كان يقال: تبكي الأرض على المؤمن أربعين صباحًا.حدثنا ابن بشار, قال: ثنا عبد الرحمن, قال: ثنا سفيان, عن أبي يحيى القَتَّات, عن مجاهد, عن ابن عباس بمثله.حدثني يحيى بن طلحة, قال: ثنا فضيل بن عياض, عن منصور, عن مجاهد, قال: حُدثت أن المؤمن إذا مات بكت عليه الأرض أربعين صباحا.حدثنا ابن بشار, قال: ثنا يعقوب بن إسحاق الحضرمي, قال: ثنا بكير بن أبي السميط, قال: ثنا قتادة, عن سعيد بن جُبير أنه كان يقول: إن بقاع الأرض التي كان يصعد عمله منها إلى السماء تبكي عليه بعد موته, يعني المؤمن.حدثنا ابن حميد, قال: ثنا حكام, عن عمرو, عن منصور, عن المنهال, عن سعيد بن جُبير, عن ابن عباس ( فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّمَاءُ وَالأرْضُ ) قال: إنه ليس أحد إلا له باب في السماء ينزل فيه رزقه ويصعد فيه عمله, فإذا فُقِد بكت عليه مواضعه التي كان يسجد عليها, وإن قوم فرعون لم يكن لهم في الأرض عمل صالح يقبل منهم, فيصعد إلى الله عزّ وجلّ, فقال مجاهد: تبكي الأرض على المؤمن أربعين صباحا.حدثنا ابن حُميد, قال: ثنا جرير, عن منصور, عن مجاهد قال: كان يقال: إن المؤمن إذا مات بكت عليه الأرض أربعين صباحا.حدثنا يحيى بن طلحة, قال: ثنا عيسى بن يونس, عن صفوان بن عمرو, عن شريح بن عبيد الحضرمي, قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إنَّ الإسْلامَ بَدَأ غَرِيبا وَسَيَعُودُ غَرِيبا, ألا لا غُرْبَةَ عَلى المُؤْمِن, ما ماتَ مُؤْمِنٌ فِي غُرْبَةٍ غَابَتْ عَنْهُ فِيهَا بَوَاكِيهِ إلا بَكَتْ عَلَيْهِ السَّماءُ والأرْضُ", ثم قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم ( فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّمَاءُ وَالأرْضُ ), ثم قال: " إنَّهُما لا يَبْكِيانِ على الكافر ".حدثني محمد بن سعد, قال: ثني أبي, قال: ثني عمي, قال: ثني أبي, عن أبيه, عن ابن عباس, قوله ( فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّمَاءُ وَالأرْضُ )... الآية, قال: ذلك أنه ليس على الأرض مؤمن يموت إلا بكى عليه ما كان يصلي فيه من المساجد حين يفقده, وإلا بكى عليه من السماء الموضعُ الذي كان يرفع منه كلامه, فذلك لأهل معصيته: ( فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّمَاءُ وَالأرْضُ وَمَا كَانُوا مُنْظَرِينَ ) لأنهما يبكيان على أولياء الله.حدثنا بشر, قال: ثنا يزيد, قال: ثنا سعيد, عن قتادة, قوله ( فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّمَاءُ وَالأرْضُ ) (2)حُدثت عن الحسين, قال: سمعت أبا معاذ يقول: أخبرنا عبيد, قال: سمعت الضحاك يقول في قوله ( فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّمَاءُ وَالأرْضُ ) يقول: لا تبكي السماء والأرض على الكافر, وتبكي على المؤمن الصالح معالمُه من الأرض ومقرُّ عمله من السماء.حدثنا ابن عبد الأعلى, قال: ثنا ابن ثور, عن معمر, عن قتادة, في قوله ( فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّمَاءُ وَالأرْضُ ) قال: بقاع المؤمن التي كان يصلي عليها من الأرض تبكي عليه إذا مات, وبقاعه من السماء التي كان يرفع فيها عمله.حدثنا ابن حُمَيد, قال: ثنا جرير, عن منصور, عن المنهال, عن سعيد بن جُبَير, قال: سُئل ابن عباس: هل تبكي السماء والأرض على أحد؟ فقال: نعم إنه ليس أحد, من الخلق إلا له باب في السماء يصعد فيه عمله, وينزل منه رزقه, فإذا مات بكى عليه مكانه من الأرض الذي كان يذكر الله فيه ويصلي فيه, وبكى عليه بابه الذي كان يصعد فيه عمله, وينزل منه رزقه. وأما قوم فرعون, فلم يكن لهم آثار صالحة, ولم يصعد إلى السماء منهم خير, فلم تبك عليهم السماء والأرض.وقوله ( وَمَا كَانُوا مُنْظَرِينَ ) يقول: وما كانوا مؤخرين بالعقوبة التي حلَّت بهم, ولكنهم عوجلوا بها إذ أسخطوا ربهم عزّ وجلّ عليهم .------------------------الهوامش:(2) في الأصل: " لم يذكر لهذا السند تفسير عن قتادة والذي في الدر المنثور عنه قال: هم كانوا أهون على الله من ذلك. وقال: وكنا نحدث أن المؤمن تبكي عليه بقاعه التي يصلي فيها من الأرض ومصعد عمله من السماء ".
44:30
وَ لَقَدْ نَجَّیْنَا بَنِیْۤ اِسْرَآءِیْلَ مِنَ الْعَذَابِ الْمُهِیْنِۙ(۳۰)
اور بیشک ہم نے بنی اسرائیل کو ذلت کے عذاب سے نجات بخشی (ف۳۰)

( وَلَقَدْ نَجَّيْنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنَ الْعَذَابِ الْمُهِينِ ) : يقول تعالى ذكره: ولقد نجَّينا بني إسرائيل من العذاب الذي كان فرعون وقومه يعذّبونَهُم به, المهين يعني المذلّ لهم.وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.* ذكر من قال ذلك:حدثنا بشر, قال: ثنا يزيد, قال: ثنا سعيد, عن قتادة ( وَلَقَدْ نَجَّيْنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنَ الْعَذَابِ الْمُهِينِ ) بقتل أبنائهم, واستحياء نسائهم.
44:31
مِنْ فِرْعَوْنَؕ-اِنَّهٗ كَانَ عَالِیًا مِّنَ الْمُسْرِفِیْنَ(۳۱)
فرعون سے، بیشک وہ متکبر حد سے بڑھنے والوں سے،

وقوله ( مِنْ فِرْعَوْنَ إِنَّهُ كَانَ عَالِيًا مِنَ الْمُسْرِفِينَ ) يقول تعالى ذكره: ولقد نجينا بني إسرائيل من العذاب من فرعون, فقوله ( مِنْ فِرْعَوْنَ ) مكرّرة على قوله ( مِنَ الْعَذَابِ الْمُهِينِ ) مبدلة من الأولى. ويعني بقوله ( إِنَّهُ كَانَ عَالِيًا مِنَ الْمُسْرِفِينَ ) إنه كان جبارا مستعليًا مستكبرًا على ربه,( مِنَ الْمُسْرِفِينَ ) يعني: من المتجاوزين ما ليس لهم تجاوزه. وإنما يعني جل ثناؤه أنه كان ذا اعتداء في كفره, واستكبار على ربه جلّ ثناؤه.
44:32
وَ لَقَدِ اخْتَرْنٰهُمْ عَلٰى عِلْمٍ عَلَى الْعٰلَمِیْنَۚ(۳۲)
اور بیشک ہم نے انہیں (ف۳۱) دانستہ چن لیا اس زمانے والوں سے،

القول في تأويل قوله تعالى : وَلَقَدِ اخْتَرْنَاهُمْ عَلَى عِلْمٍ عَلَى الْعَالَمِينَ (32)يقول تعالى ذكره: ولقد اخترنا بني إسرائيل على علم منا بهم على عالمي أهل زمانهم يومئذ, وذلك زمان موسى صلوات الله وسلامه عليه.وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.* ذكر من قال ذلك:حدثنا بشر, قال: ثنا يزيد, قال: ثنا سعيد, عن قتادة ( وَلَقَدِ اخْتَرْنَاهُمْ عَلَى عِلْمٍ عَلَى الْعَالَمِينَ ) : أي اختيروا على أهل زمانهم ذلك, ولكلّ زمان عالم.حدثنا ابن عبد الأعلى, قال: ثنا ابن ثور, عن معمر, عن قتادة, في قوله ( وَلَقَدِ اخْتَرْنَاهُمْ عَلَى عِلْمٍ عَلَى الْعَالَمِينَ ) قال: عالم ذلك الزمان.حدثني محمد بن عمرو, قال: ثنا أبو عاصم, قال: ثنا عيسى; وحدثني الحارث, قال: ثنا الحسن, قال: ثنا ورقاء جميعا, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد, في قوله ( وَلَقَدِ اخْتَرْنَاهُمْ عَلَى عِلْمٍ عَلَى الْعَالَمِينَ ) قال: على من هم بين ظَهْرَانِيهِ.
44:33
وَ اٰتَیْنٰهُمْ مِّنَ الْاٰیٰتِ مَا فِیْهِ بَلٰٓؤٌا مُّبِیْنٌ(۳۳)
ہم نے انہیں وہ نشانیاں عطا فرمائیں جن میں صریح انعام تھا (ف۳۲)

قوله ( وَآتَيْنَاهُمْ مِنَ الآيَاتِ مَا فِيهِ بَلاءٌ مُبِينٌ ) يقول تعالى ذكره: وأعطيناهم من العِبر والعِظات ما فيه اختبار يبين لمن تأمله أنه اختبار اختبرهم الله به.واختلف أهل التأويل في ذلك البلاء, فقال بعضهم: ابتلاهم بنعمه عندهم.* ذكر من قال ذلك:حدثنا بشر, قال: ثنا يزيد, قال: ثنا سعيد, عن قتادة, قوله ( وَآتَيْنَاهُمْ مِنَ الآيَاتِ مَا فِيهِ بَلاءٌ مُبِينٌ ) أنجاهم الله من عدوّهم, ثم أقطعهم البحر, وظلَّل عليهم الغمام, وأنزل عليهم المنّ والسلوى.وقال آخرون: بل ابتلاهم بالرخاء والشدّة.* ذكر من قال ذلك:حدثني يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد في قوله ( وَآتَيْنَاهُمْ مِنَ الآيَاتِ مَا فِيهِ بَلاءٌ مُبِينٌ ), وقرأ وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ وقال: بلاء مبين لمن آمن بها وكفر بها, بلوى نبتليهم بها, نمحصهم بلوى اختبار, نختبرهم بالخير والشرّ, نختبرهم لننظر فيما أتاهم من الآيات من يؤمن بها, وينتفع بها ويضيعها.وأولى الأقوال في ذلك بالصواب أن يقال: إن الله أخبر أنه آتى بني إسرائيل من الآيات ما فيه ابتلاؤهم واختبارهم, وقد يكون الابتلاء والاختبار بالرخاء, ويكون بالشدّة, ولم يضع لنا دليلا من خبر ولا عقل, أنه عنى بعض ذلك دون بعض, وقد كان الله اختبرهم بالمعنيين كليهما جميعا. وجائز أن يكون عنى اختباره إياهم بهما, فإذا كان الأمر على ما وصفنا, فالصواب من القول فيه أن نقول كما قال جل ثناؤه إنه اختبرهم.
44:34
اِنَّ هٰۤؤُلَآءِ لَیَقُوْلُوْنَۙ(۳۴)
بیشک یہ (ف۳۳) کہتے ہیں،

القول في تأويل قوله تعالى : إِنَّ هَؤُلاءِ لَيَقُولُونَ (34)يقول تعالى ذكره مخبرًا عن قيل مشركي قريش لنبي الله صلى الله عليه وسلم: إن هؤلاء المشركين من قومك يا محمد ( لَيَقُولُونَ إِنْ هِيَ إِلا مَوْتَتُنَا الأولَى ) التي نموتها, وهي الموتة الأولى ( وَمَا نَحْنُ بِمُنْشَرِينَ ) بعد مماتنا, ولا بمبعوثين تكذيبا منهم بالبعث والثواب والعقاب.وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.* ذكر من قال ذلك:
44:35
اِنْ هِیَ اِلَّا مَوْتَتُنَا الْاُوْلٰى وَ مَا نَحْنُ بِمُنْشَرِیْنَ(۳۵)
وہ تو نہیں مگر ہمارا ایک دفعہ کا مرنا (ف۳۴) اور ہم اٹھائے نہ جائیں گے (ف۳۵)

حدثنا بشر, قال: ثنا يزيد, قال: ثنا سعيد, عن قتادة ( إِنَّ هَؤُلاءِ لَيَقُولُونَ إِنْ هِيَ إِلا مَوْتَتُنَا الأولَى وَمَا نَحْنُ بِمُنْشَرِينَ ) قال: قد قال مشركو العرب ( وَمَا نَحْنُ بِمُنْشَرِينَ ) أي: بمبعوثين.
44:36
فَاْتُوْا بِاٰبَآىٕنَاۤ اِنْ كُنْتُمْ صٰدِقِیْنَ(۳۶)
تو ہمارے باپ دادا کو لے آؤ اگر تم سچے ہو (ف۳۶)

وقوله ( فَأْتُوا بِآبَائِنَا إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ ) يقول تعالى ذكره: قالوا لمحمد صلى الله عليه وسلم: فأتوا بآبائنا الذين قد ماتوا إن كنتم صادقين, أن الله باعثنا من بعد بلانا في قبورنا, ومحيينا من بعد مماتنا, وخوطب صلى الله عليه وسلم هو وحده خطاب الجميع, كما قيل: يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ وكما قال رَبِّ ارْجِعُونِ وقد بيَّنت ذلك في غير موضع من كتابنا.
44:37
اَهُمْ خَیْرٌ اَمْ قَوْمُ تُبَّعٍۙ-وَّ الَّذِیْنَ مِنْ قَبْلِهِمْؕ-اَهْلَكْنٰهُمْ٘-اِنَّهُمْ كَانُوْا مُجْرِمِیْنَ(۳۷)
کیا وہ بہتر ہیں (ف۳۷) یا تبع کی قوم (ف۳۸) اور جو ان سے پہلے تھے (ف۳۹) ہم نے انہیں ہلاک کردیا (ف۴۰) بیشک وہ مجرم لوگ تھے (ف۴۱)

القول في تأويل قوله تعالى : أَهُمْ خَيْرٌ أَمْ قَوْمُ تُبَّعٍ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ أَهْلَكْنَاهُمْ إِنَّهُمْ كَانُوا مُجْرِمِينَ (37)يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: أهؤلاء المشركون يا محمد من قومك خير, أم قوم تُبَّع, يعني تُبَّعا الحِمْيريّ.كما حدثني محمد بن عمرو, قال: ثنا أبو عاصم, قال: ثنا عيسى; وحدثني الحارث, قال: ثنا الحسن, قال: ثنا ورقاء جميعا, عن ابن نجيح, عن مجاهد, في قول الله عزّ وجلّ( أَهُمْ خَيْرٌ أَمْ قَوْمُ تُبَّعٍ ) قال: الحميريّ.حدثنا بشر, قال: ثنا يزيد, قال: ثنا سعيد, عن قتادة ( أَهُمْ خَيْرٌ أَمْ قَوْمُ تُبَّعٍ ) ذُكر لنا أن تبعا كان رجلا من حمير, سار بالجيوش حتى حير الحيرة, ثم أتى سمرقند فهدمها. وذُكر لنا أنه كان إذا كَتَب كَتَب باسم الذي تسمَّى وملك برّا وبحرا وصحا وريحا. وذُكر لنا أن كعبا كان يقول: نُعِتَ نَعْتَ الرَّجُلِ الصَّالح ذمّ الله قومَه ولم يذمه. وكانت عائشة تقول: لا تسبوا تُبَّعا, فإنه كان رجلا صالحا.حدثنا ابن عبد الأعلى, قال: ثنا ابن ثور, عن معمر, عن قتادة, قال: قالت عائشة: كان تبَّع رجلا صالحا. وقال كعب: ذمّ الله قومه ولم يذمه.حدثنا ابن عبد الأعلى, قال: ثنا ابن ثور, عن معمر, عن تميم بن عبد الرحمن, عن سعيد بن جبير, أن تُبَّعا كسا البيت, ونهى سعيد عن سبه.وقوله ( وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ ) يقول تعالى ذكره: أهؤلاء المشركون من قريش خير أم قوم تبع والذين من قبلهم من الأمم الكافرة بربها, يقول: فليس هؤلاء بخير من أولئك, فنصفح عنهم, ولا نهلكهم, وهم بالله كافرون, كما كان الذين أهلكناهم من الأمم من قبلهم كفارا.وقوله ( إِنَّهُمْ كَانُوا مُجْرِمِينَ ) يقول: إن قوم تبَّع والذين من قبلهم من الأمم الذين أهلكناهم إنما أهلكناهم لإجرامهم, وكفرهم بربهم. وقيل: إنهم كانوا مجرمين, فكُسرت ألف " إن " على وجه الابتداء, وفيها معنى الشرط استغناء بدلالة الكلام على معناها.
44:38
وَ مَا خَلَقْنَا السَّمٰوٰتِ وَ الْاَرْضَ وَ مَا بَیْنَهُمَا لٰعِبِیْنَ(۳۸)
اور ہم نے نہ بنائے آسمان اور زمین اور جو کچھ ان کے درمیان ہے کھیل کے طور پر (ف۴۲)

القول في تأويل قوله تعالى : وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لاعِبِينَ (38)يقول تعالى ذكره: ( وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالأرْضَ ) السبع والأرضين وما بينهما من الخلق لعبا. .
44:39
مَا خَلَقْنٰهُمَاۤ اِلَّا بِالْحَقِّ وَ لٰكِنَّ اَكْثَرَهُمْ لَا یَعْلَمُوْنَ(۳۹)
ہم نے انہیں نہ بنایا مگر حق کے ساتھ (ف۴۳) لیکن ان میں اکثر جانتے نہیں (ف۴۴)

وقوله ( مَا خَلَقْنَاهُمَا إِلا بِالْحَقِّ ) يقول: ما خلقنا السموات والأرض إلا بالحقّ الذي لا يصلح التدبير إلا به.وإنما يعني بذلك تعالى ذكره التنبيه على صحة البعث والمجازاة, يقول تعالى ذكره: لم نخلق الخلق عبثا بأن نحدثهم فنحييهم ما أردنا, ثم نفنيهم من غير الامتحان بالطاعة والأمر والنهي, وغير مجازاة المطيع على طاعته, والعاصي على المعصية, ولكن خلقنا ذلك لنبتلي من أردنا امتحانه من خلقنا بما شئنا من امتحانه من الأمر والنهي لِيَجْزِيَ الَّذِينَ أَسَاءُوا بِمَا عَمِلُوا وَيَجْزِيَ الَّذِينَ أَحْسَنُوا بِالْحُسْنَى .( وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ ) يقول تعالى ذكره: ولكن أكثر هؤلاء المشركين بالله لا يعلمون أن الله خلق ذلك لهم, فهم لا يخافون على ما يأتون من سخط الله عقوبة, ولا يرجون على خير إن فعلوه ثوابا لتكذيبهم بالمعاد.
44:40
اِنَّ یَوْمَ الْفَصْلِ مِیْقَاتُهُمْ اَجْمَعِیْنَۙ(۴۰)
بیشک فیصلہ کا دن (ف۴۵) ان سب کی میعاد ہے،

القول في تأويل قوله تعالى : إِنَّ يَوْمَ الْفَصْلِ مِيقَاتُهُمْ أَجْمَعِينَ (40)يقول تعالى ذكره: إن يوم فصل الله القضاء بين خلقه بما أسلفوا في دنياهم من خير أو شرّ يجزي به المحسن بالإحسان, والمسيء بالإساءة (ميقاتهم أجمعين) : يقول: ميقات اجتماعهم أجمعين.كما حدثنا بشر, قال: ثنا يزيد, قال: ثنا سعيد, عن قتادة, قوله ( إِنَّ يَوْمَ الْفَصْلِ مِيقَاتُهُمْ أَجْمَعِينَ ) يوم يُفْصَل فيه بين الناس بأعمالهم.
  FONT
  THEME
  TRANSLATION
  • English | Ahmed Ali
  • Urdu | Ahmed Raza Khan
  • Turkish | Ali-Bulaç
  • German | Bubenheim Elyas
  • Chinese | Chineese
  • Spanish | Cortes
  • Dutch | Dutch
  • Portuguese | El-Hayek
  • English | English
  • Urdu | Fateh Muhammad Jalandhry
  • French | French
  • Hausa | Hausa
  • Indonesian | Indonesian-Bahasa
  • Italian | Italian
  • Korean | Korean
  • Malay | Malay
  • Russian | Russian
  • Tamil | Tamil
  • Thai | Thai
  • Farsi | مکارم شیرازی
  TAFSEER
  • العربية | التفسير الميسر
  • العربية | تفسير الجلالين
  • العربية | تفسير السعدي
  • العربية | تفسير ابن كثير
  • العربية | تفسير الوسيط لطنطاوي
  • العربية | تفسير البغوي
  • العربية | تفسير القرطبي
  • العربية | تفسير الطبري
  • English | Arberry
  • English | Yusuf Ali
  • Dutch | Keyzer
  • Dutch | Leemhuis
  • Dutch | Siregar
  • Urdu | Sirat ul Jinan
  HELP

اَلدُّخَان
اَلدُّخَان
  00:00



Download

اَلدُّخَان
اَلدُّخَان
  00:00



Download