READ

Surah ad-Dukhan

اَلدُّخَان
59 Ayaat    مکیۃ


44:0
بِسْمِ اللّٰهِ الرَّحْمٰنِ الرَّحِیْمِ
اللہ کے نام سے شروع جو بہت مہربان رحمت والا

سورة الفاتحة هي السورة الوحيدة التي أمر الإسلام أتباعه أن يقرءوها في كل صلاة. وفي جميع الركعات، وفي كل الأوقات، ولهذا أصبح حفظها ميسورا لكل مؤمن.وهذه السورة على صغر حجمها، وقلة آياتها، قد اشتملت بوجه إجمالي على مقاصد الدين من توحيد، وتعبد، وأحكام، ووعد ووعيد.ونرى من الخير قبل أن نبدأ في تفسيرها بالتفصيل، أن نمهد لذلك بالكلام عما يأتي:أولا: متى نزلت سورة الفاتحة؟للإجابة على هذا السؤال نقول: إن الرأي الراجح بين المحققين من العلماء أنها نزلت بمكة، بل هي من أوائل ما نزل من القرآن بمكة.وقيل: إنها مدنية. وقيل: إنها نزلت مرتين مرة بمكة حين فرضت الصلاة ومرة بالمدينة حين حولت القبلة.قال القرطبي: الأول أصح لقوله- تعالى- في سورة الحجر: وَلَقَدْ آتَيْناكَ سَبْعاً مِنَ الْمَثانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ وسورة الحجر مكية بالإجماع. ولا خلاف في أن فرض الصلاة كان بمكة، وما حفظ أنه لم يكن في الإسلام قط صلاة بغير الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ «يدل على ذلك قوله صلّى الله عليه وسلّم: «لا صلاة إلا بفاتحة الكتاب» . وهذا خبر عن الحكم لا عن الابتداء» .ثانيا: عدد آياتها: وهي سبع آيات لقوله- تعالى-: وَلَقَدْ آتَيْناكَ سَبْعاً مِنَ الْمَثانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ. قال العلماء: السبع المثاني هي الفاتحة.وقال ابن كثير: هي سبع آيات بلا خلاف. وقال عمرو بن عبيد: هي ثماني آيات لأنه جعل إِيَّاكَ نَعْبُدُ آية. وقال حسين الجعفي: هي ست آيات وهذان القولان شاذان» .ثالثا: أسماؤها: لسورة الفاتحة أسماء كثيرة من أشهرها:1- «الفاتحة أو فاتحة الكتاب، وسميت بذلك لأنه تفتتح قراءة القرآن بها لفظا. وتفتتح بها الكتابة في المصحف خطا، وتفتتح بها الصلوات، وإن لم تكن هي أول ما نزل من القرآن. وقد اشتهرت بهذا الاسم في أيام النبوة.وقد أصبح هذا الاسم علما بالغلبة لتلك الطائفة من الآيات التي مبدؤها الْحَمْدُ لِلَّهِ..ونهايتها.. وَلَا الضَّالِّينَ.2- «أم القرآن أو الكتاب» وسميت بذلك لاشتمالها إجمالا على المقاصد التي ذكرت فيه تفصيلا، أو لاشتمالها على ما فيه من الثناء على الله بما هو أهله، والتعبد بأمره ونهيه، وبيان وعده ووعيده، أو على جملة معانيه من الحكم النظرية، والأحكام العملية التي هي سلوك الصراط المستقيم، والاطلاع على معارج السعداء ومنازل الأشقياء.قال ابن جرير: «والعرب تسمى كل أمر جامع أمّا، وكل مقدم له توابع تتبعه «أما» فتقول للجلدة التي تجمع الدماغ: «أم الرأس» . وتسمى لواء الجيش ورايتهم التي يجتمعون تحتها «أما» .3- «السبع المثاني» جمع مثنى كفعلي اسم مكان. أو مثنى- بالتشديد- من التثنية على غير قياس. وسميت بذلك لأنها سبع آيات في الصلاة، أى تكرر فيها أخرج الإمام أحمد، عن أبي هريرة، عن النبي صلّى الله عليه وسلّم أنه قال: «هي أم القرآن، وهي السبع المثاني، وهي القرآن العظيم» .4- وتسمى- أيضا- سورة «الحمد» . 5- و «الكنز» . 6- و «الواقية» .7- و «الشفاء» ، لحديث. هي الشفاء من كل داء.8- و «الكافية» لأنها تكفي عن سواها ولا يكفى سواها عنها.9- و «الأساس» . 10- و «الرقية» .هذا، وقد ذكر القرطبي للفاتحة اثنى عشر اسما، كما ذكر السيوطي لها في كتابه «الإتقان» خمسة وعشرين اسما.رابعا: فضلها: ورد في فضل سورة الفاتحة أحاديث كثيرة منها:ما رواه البخاري في صحيحه عن أبي سعيد بن المعلى- رضي الله عنه- قال:كنت أصلي في المسجد، فدعاني النبي صلّى الله عليه وسلّم فلم أجبه فقلت: يا رسول الله، إني كنت أصلّي.فقال: ألم يقل الله: اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذا دَعاكُمْ.ثم قال لي: «لأعلمنك سورة هي أعظم السور في القرآن قبل أن تخرج من المسجد» . ثم أخذ بيدي، فلما أراد أن يخرج، قلت: يا رسول الله. ألم تقل: لأعلمنك سورة هي أعظم سورة في القرآن. قال: الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ، هي السبع المثاني والقرآن العظيم الذي أوتيته» .وروى مسلّم والنسائي، عن ابن عباس، قال:بينما جبريل قاعد عند النبي صلّى الله عليه وسلّم سمع نقيضا من فوقه- أي: صوتا- فرفع رأسه فقال:هذا باب من السماء فتح اليوم لم يفتح قط إلا اليوم. فسلّم وقال: أبشر بنورين قد أوتيتهما، ولم يؤتهما نبي قبلك: فاتحة الكتاب، وخواتيم سورة البقرة، لم تقرأ بحرف منهما إلا أعطيته» .وروى مسلّم عن أبي هريرة- رضي الله عنه- عن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال:«من صلّى صلاة لم يقرأ فيها بأم القرآن فهي خداج (ثلاثا) : غير تمام» فقيل لأبي هريرة: إنا نكون وراء الإمام؟ فقال: اقرأ بها في نفسك فإني سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول: قال الله- تعالى-: «قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين، ولعبدي ما سأل» ، فإذا قال العبد:الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ. قال الله: حمدني عبدي، وإذا قال: الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ. قال الله تعالى: أثنى علي عبدي. وإذا قال: مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ قال الله: مجدني عبدي. فإذا قال:إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ. قال الله: هذا بيني وبين عبدي ولعبدي ما سأل. فإذا قال:اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ. صِراطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ.قال الله: «هذا لعبدي ولعبدي ما سأل» .وأخرج الإمام أحمد في مسنده، عن عبد الله بن جابر، أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال له: ألا أخبرك بأخير سورة في القرآن؟ قلت: بلى يا رسول الله. قال: اقرأ: الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ حتى تختمها .تلك هي بعض الأحاديث التي وردت في فضل هذه السورة الكريمة.وقد ذكر العلماء أنه يسن للمسلّم قبل القراءة أن يستعيذ بالله من الشيطان الرجيم، استجابة لقوله- تعالى- فَإِذا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطانِ الرَّجِيمِ .ومعنى «أعوذ بالله من الشيطان الرجيم» : ألتجئ إلى الله وأتحصن به، واستجير بجنابه من الشيطان الرجيم أن يضرني في ديني أو دنياي.قال ابن كثير: «والشيطان في لغة العرب كل متمرد من الجن والإنس والدواب وكل شيء.وهو مشتق من شطن إذا بعد، فهو بعيد بطبعه عن طباع الشر، وبعيد بفسقه عن كل خير.وقيل: مشتق من شاط لأنه مخلوق من نار. والأول أصح إذ عليه يدل كلام العرب، فهم:يقولون تشيطن فلان إذا فعل أفعال الشيطان، ولو كان من شاط. لقالوا: تشيط، فالشيطان مشتق من البعد على الصحيح» .والرجيم: فعيل بمعنى مفعول أي أنه مرجوم مطرود من رحمة الله ومن كل خير، وقيل:رجيم بمعنى راجم لأنه يرجم الناس بالوساوس والشكوك.قال بعض العلماء: «وإنما خصت القراءة بطلب الاستعاذة مع أنه قد أمر بها على وجه العموم في جميع الشئون، لأن القرآن مصدر الهداية والشيطان مصدر الضلال، فهو يقف للإنسان بالمرصاد في هذا الشأن على وجه خاص، فيثير أمامه ألوانا من الشكوك فيما يقرأ، وفيما يفيد من قراءته، وفيما يقصد بها، فيفوت عليه الانتفاع بهدى الله وآياته، فعلمنا الله أن نتقي ذلك كله بهذه الاستعاذة التي هي في الواقع عنوان صدق، وتعبير حق، عن امتلاء قلب المؤمن بمعنى اللجوء إلى الله، وقوة عزيمته في طرد الوساوس والشكوك، واستقبال الهداية بقلب طاهر،وعقل واع، وإيمان ثابت» .قال القرطبي: وقد أجمع العلماء على أن التعوذ ليس من القرآن ولا آية منه، وهو قول القارئ: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم .والآن وبعد هذا التمهيد الموجز الذي تكلمنا فيه عن نزول سورة الفاتحة، وعن عدد آياتها، وعن أشهر أسمائها، وعن بعض الأحاديث التي وردت في فضلها نحب أن نبدأ في تفسير السورة الكريمة فنقول- وبالله التوفيق-: بسم ٱلله الرَّحْمٰنِ الرَّحِيمِ الاسم: اللفظ الذى يدل على ذات أو معنى. وقد اختلف النحويون في اشتقاقه على وجهين، فقال البصريون: هو مشتق من السمو، وهو العلو والرفعة، فقيل: اسم، لأن صاحبه بمنزلة المرتفع به.وقال الكوفيون: إنه مشتق من السمة وهي العلامة، لأن الاسم علامة لمن وضع له، فأصل اسم على هذا " وسم ".ويرى المحققون أن رأي البصريين أرجح، لأنه يقال في تصغير " اسم " سُمىَ، وفي جمعه أسماء، والتصغير والجمع يردان الأشياء إلى أصولها. ولو كان أصله وسم - كما قال الكوفيون - لقيل في جمعه: أوسام، وفي تصغيره وسيم.ولفظ الجلالة وهو " الله " علم على ذات الخالق - عز وجل - تفرد به - سبحانه - ولا يطلق على غيره، ولا يشاركه فيه أحد.قال القرطبي: قوله " الله " هذا الاسم أكبر أسمائه - سبحانه - وأجمعها حتى قال بعض العلماء: إنه اسم الله الأعظم ولم يتسم به غيره، ولذلك لم يثن ولم يجمع: فالله اسم للموجود الحق الجامع لصفات الإِلهية، المنعوت بنعوت الربوبيه، المنفرد بالوجود الحقيقي، لا إله إلا هو - سبحانه -و ٱلرَّحْمٰنِ ٱلرَّحِيمِ صفتان مشتقتان من الرحمة. والرحمة في أصل اللغة: رقة في القلب تقتضي الإِحسان، وهذا المعنى لا يليق أن يكون وصفاً لله - تعالى-، ولذا فسرها بعض العلماء بإرادة الإِحسان. وفسرها آخرون بالإِحسان نفسه.والموافق لمذهب السلف أن يقال: هي صفة قائمة بذاته - تعالى - لا نعرف حقيقتها، وإنما نعرف أثرها الذي هو الإِحسان.وقد كثرت أقوال المفسرين في العلاقة بين هاتين الصفتين، فبعضهم يرى أن ٱلرَّحْمٰنِ هو المنعم على جميع الخلق. وأن ٱلرَّحِيمِ هو المنعم على المؤمنين خاصه. ويرى آخرون أن ٱلرَّحْمٰنِ هو المنعم بجلائل النعم، وأن ٱلرَّحِيمِ هو المنعم بدقائقها.ويرى فريق ثالث أن الوصفين بمعنى واحد وأن الثاني منهما تأكيد للأول. والذى يراه المحققون من العلماء أن الصفتين ليستا بمعنى واحد، بل روعي فب كل منهما معنى لم يراع في الآخر، فالرحمن بمعنى عظيم الرحمة، لأن فعلان صيغة مبالغة في كثرة الشيء وعظمته، ويلزم منه الدوام كغضبان وسكران. والرحيم بمعنى دائم الرحمة، لأن صيغته فعيل تستعمل في الصفات الدائمة ككريم وظريف. فكأنه قيل: العظيم الرحمة الدائمة.أو أن ٱلرَّحْمٰنِ صفة ذاتية هي مبدأ الرحمة والإِحسان. و ٱلرَّحِيمِ صفة فعل تدل على وصول الرحمة والإِحسان وتعديهما إلى المنعم عليه.ولعل مما يؤيد ذلك أن لفظ الرحمن لم يذكر في القرآن إلا مجرى عليه الصفات كما هو الشأنِ في أسماء الذات. قال - تعالى-: ٱلرَّحْمَٰنُ عَلَّمَ ٱلْقُرْآنَ و ٱلرَّحْمَٰنُ عَلَى ٱلْعَرْشِ ٱسْتَوَىٰ قُلِ ٱدْعُواْ ٱللَّهَ أَوِ ٱدْعُواْ ٱلرَّحْمَٰنَ وهكذا...أما لفظ الرحيم فقد كثر في القرآن استعماله وصفاً فعلياً، وجاء في الغالب بأسلوب التعدية والتعلق بالمنعم عليه. قال - تعالى - إِنَّ ٱللَّهَ بِٱلنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَّحِيمٌ وَكَانَ بِٱلْمُؤْمِنِينَ رَحِيماً إِنَّهُ كَانَ بِكُمْ رَحِيماً إلخ.قال بعض العلماء " وهذا الرأي في نظرنا هو أقوى الآراء، فإن تخصيص أحد الوصفين بدقائق النعم أو ببعض المنعم عليهم لا دليل عليه، كما أنه ليس مستساغاً أن يقال في القرآن: إن كلمة ذكرت بعد أخرى لمجرد تأكيد المعنى المستفاد منها ".والجار والمجرور " بسم " متعلق بمحذوف تقديره ابتدئ.والمعنى: ابتدئ قراءتي متبركاً ومتيمناً باسم الله الذى هو الأول والآخر، والظاهر والباطن، والذى رحمته وسعت كل شيء، وأتبرأ مما كان يفعله المشركون والضالون، من ابتدائهم قراءتهم وأفعالهم باسم اللات أو باسم العزى أو باسم غيرهما من الآلهة الباطلة.هذا وقد أجمع العلماء على أن البسملة جزء آية من سورة النمل فى قوله - تعالى - إِنَّهُ مِن سُلَيْمَانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ ٱللَّهِ ٱلرَّحْمَٰنِ ٱلرَّحِيمِ ثم اختلفوا بعد ذلك في كونها آية مستقلة أنزلت للفصل بين السور مرة واحدة، أو هى آية من سورة الفاتحة ومن كل سورة ألخ.فبعضهم يرى أن البسملة آية من الفاتحة ومن كل سورة، ومن حججهم أن السلف قد أثبتوها في المصحف مع الأمر بتجريد القرآن مما ليس منه، ولذا لم يكتبوا " آمين ". فثبت بهذا أن البسملة جزء من الفاتحة ومن كل سورة.وبهذا الرأي قال ابن عباس وابن عمر وأبو هريرة وسعيد بن جبير والشافعي، وأحمد في أحد قوليه.ويرى آخرون أن البسملة ليست آية من الفاتحة ولا من غيرها من السور، وقالوا: إنها آية فذة. من القرآن أنزلت للفصل والتبرك للابتداء بها، ومن حججهم أنها لو كانت آية من الفاتحة ومن كل سورة، لما اختلف الناس في ذلك، ولما اضطربت أقوالهم في كونها آية من كل سورة أو من الفاتحة فقط.وكما وقع الخلاف بين العلماء في كونها آية مستقلة أو آية من كل سورة، فقد وقع الخلاف بينهم - أيضاً - في وجوب قراءتها فى الصلاة، وفي الجهر بها أو الإِسرار إذا قرئت.وتحقيق القول في ذلك مرجعه إلى كتب الفقه، وإلى كتب التفسير التي عنيت بتفسير آيات الأحكام.
44:1
حٰمٓۚۛ(۱)
حٰمٓ

مقدمة وتمهيد1- سورة «الدخان» من السور المكية، وعدد آياتها: تسع وخمسون آية في المصحف الكوفي، وسبع وخمسون في البصري، وست وخمسون في غيرهما. وكان نزولها بعد سورة «الزخرف» .2- وقد افتتحت بالثناء على القرآن الكريم، وأنه قد أنزله- سبحانه- في ليلة مباركة، قال- تعالى-: إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةٍ مُبارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ. فِيها يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ ...3- ثم تحدثت عن جانب من العقوبات الدنيوية التي عاقب الله- تعالى- بها كفار قريش، وذكرت ما تضرعوا به إلى الله لكي يكشف عنهم ما نزل بهم من بلاء، فلما كشفه- تعالى- عنهم عادوا إلى كفرهم وعنادهم ...قال- تعالى-: بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ يَلْعَبُونَ. فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّماءُ بِدُخانٍ مُبِينٍ. يَغْشَى النَّاسَ هذا عَذابٌ أَلِيمٌ. رَبَّنَا اكْشِفْ عَنَّا الْعَذابَ إِنَّا مُؤْمِنُونَ ...4- ثم ساقت جانبا من قصة فرعون مع موسى- عليه السلام-، فبينت أن موسى دعا فرعون وقومه إلى وحدانية الله- تعالى-، ولكنهم أصروا على كفرهم، فكانت عاقبتهم الإغراق في البحر، دون أن يحزن لهلاكهم أحد، وأنهم قد تركوا من خلفهم ما تركوا من جنات ونعيم..قال- تعالى-: كَمْ تَرَكُوا مِنْ جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ. وَزُرُوعٍ وَمَقامٍ كَرِيمٍ. وَنَعْمَةٍ كانُوا فِيها فاكِهِينَ. كَذلِكَ وَأَوْرَثْناها قَوْماً آخَرِينَ. فَما بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّماءُ وَالْأَرْضُ وَما كانُوا مُنْظَرِينَ..5- وبعد أن هددت السورة الكريمة مشركي مكة على أقوالهم الباطلة في شأن البعث، وردت عليهم بما يدحض حجتهم، أتبعت ذلك ببيان سوء عاقبة الكافرين، وحسن عاقبة المؤمنين، وختمت بتسلية الرسول صلّى الله عليه وسلّم عما أصابه من أذى، ووعدته بالنصر على أعدائه، قال- تعالى-: فَإِنَّما يَسَّرْناهُ بِلِسانِكَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ. فَارْتَقِبْ إِنَّهُمْ مُرْتَقِبُونَ.6- هذا والمتدبر في هذه السورة الكريمة يراها تمتاز بقصر الآيات، وبأسلوبها الذي تبرز فيه لوانا متعددة من تهديد المشركين، تارة عن طريق تذكيرهم بالقحط الذي نزل بهم، وتارة عن طريق ما حل بالمكذبين من قبلهم، وتارة عن طريق ما ينتظرهم من عذاب مهين، إذا ما استمروا على كفرهم ...كما يراها تثنى على القرآن بألوان متعددة من الثناء، وتبشر المتقين ببشارات متنوعة، وتطوف بالنفس الإنسانية في عوالم شتى، لتهديها إلى الصراط المستقيم، ولترشدها إلى طريق الحق واليقين.وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم،،سورة " الدخان " من السور المبدوءة بالحروف المقطعة ، وقد سبق أن قلنا إن أقرب الآراء إلى الصواب فى معناها : أن الله - تعالى - جاء بها فى أوائل بعض السور للتحدى والتعجيز والتنبيه إلى أن هذا القرآن من عند الله - عز وجل - فكأنه - تعالى - يقول للمذكبين : هذا هو القرآن ، مؤلف من كلمات وحروف هى من جنس ما تتخاطبون به ، فإن كنتم فى شك فى كونه من عنده - تعالى - فأتوا بسورة من مثله . . فعجزوا وانقلبوا خاسرين ، وثبت أن هذا القرآن من عند الله - تعالى - .
44:2
وَ الْكِتٰبِ الْمُبِیْنِۙۛ(۲)
قسم اس روشن کتاب کی (ف۲)

والواو في قوله- تعالى-: وَالْكِتابِ الْمُبِينِ للقسم، وجوابه إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةٍ مُبارَكَةٍ ...
44:3
اِنَّاۤ اَنْزَلْنٰهُ فِیْ لَیْلَةٍ مُّبٰرَكَةٍ اِنَّا كُنَّا مُنْذِرِیْنَ(۳)
بیشک ہم نے اسے برکت والی رات میں اتارا (ف۳) بیشک ہم ڈر سنانے والے ہیں (ف۴)

والمراد بالليلة المباركة: ليلة القدر ...أى: وحق هذا القرآن الواضح الكلمات، البين الأسلوب، لقد ابتدأنا إنزاله في ليلة كثيرة البركات والخيرات.فأنت ترى أن الله- تعالى- قد وصف هذه الليلة بأنها مباركة، لزيادة خيرها وفضلها، ولما تتابع فيها من نعم دينية ودنيوية..ولله- تعالى- أن يفصل بعض الأزمنة على بعض وبعض الأمكنة على بعض وبعض الرسل على بعض.. لا راد لفضله، ولا معقب لحكمه ...قال الإمام ابن كثير: «يقول الله- تعالى- «مخبرا عن هذا القرآن الكريم: أنه أنزله في ليلة مباركة، وهي ليلة القدر، كما قال- تعالى-: إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ.. وكان ذلك في شهر رمضان، كما قال- تعالى-: شَهْرُ رَمَضانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ..ومن قال بأنها- أى: الليلة المباركة- ليلة النصف من شعبان- كما روى عن عكرمة- فقد أبعد النّجعة، فإن نص القرآن أنها في رمضان» .هذا وقد فصل بعضهم أدلة من قال بأن المراد بها ليلة القدر، وأدلة من قال بأن المراد بها ليلة النصف من شعبان .والحق أن المراد بها ليلة القدر، التي أنزل فيها القرآن من شهر رمضان، كما نصت على ذلك آية سورة البقرة التي تقول: شَهْرُ رَمَضانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ....والأحاديث التي أوردها بعضهم في أن المراد بها ليلة النصف من شعبان، أحاديث مرسلة أو ضعيفة، أو لا أساس لها.. فثبت أن المراد بها ليلة القدر.وقوله- سبحانه-: إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ استئناف مبين لمقتضى الإنزال..والإنذار: إخبار فيه تخويف وترهيب، كما أن التبشير إخبار فيه تأمين وترغيب.أى: أنزلنا هذا القرآن في تلك الليلة المباركة، أو ابتدأنا إنزاله فيها، لأن من شأننا أن نخوف بكتبنا ووحينا، حتى لا يقع الناس في أمر نهيناهم عن الوقوع فيه.
44:4
فِیْهَا یُفْرَقُ كُلُّ اَمْرٍ حَكِیْمٍۙ(۴)
اس میں بانٹ دیا جاتا ہے ہر حکمت والا کام (ف۵)

وقوله- تعالى-: فِيها يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ جملة مستأنفة- أيضا- لبيان وجه تخصيص هذه الليلة بإنزال القرآن فيها.وقوله يُفْرَقُ أى: يفصل ويبين ويكتب. وحَكِيمٍ أى: ذو حكمة، أو محكم لا تغيير فيه.أى: في هذه الليلة المباركة يفصل ويبين ويكتب، كل أمر ذي حكمة باهرة، وهذا الأمر صادر عن الله- تعالى-، الذي لا راد لقضائه، ولا مبدل لحكمه.قال صاحب الكشاف ما ملخصه: فإن قلت: إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ. فِيها يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ ما موقع هاتين الجملتين؟قلت: هما جملتان مستأنفتان، فسر بهما جواب القسم الذي هو قوله- تعالى-: إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةٍ مُبارَكَةٍ كأنه قيل: أنزلناه لأن من شأننا الإنذار والتحذير من العقاب، وكان إنزالنا إياه في هذه الليلة خصوصا، لأن إنزال القرآن من الأمور الحكيمة، وهذه الليلة مفرق كل أمر حكيم.ومعنى يُفْرَقُ يفصل ويكتب كل أمر حكيم من أرزاق العباد وآجالهم وجميع أمورهم..» .
44:5
اَمْرًا مِّنْ عِنْدِنَاؕ-اِنَّا كُنَّا مُرْسِلِیْنَۚ(۵)
ہمارے پاس کے حکم سے، بیشک ہم بھیجنے والے ہیں (ف۶)

ثم بين- سبحانه- أن مرد هذه الكتابة والتقدير للأشياء إليه وحده فقال: أَمْراً مِنْ عِنْدِنا ...ولفظ أَمْراً.. يرى بعضهم أنه حال من كُلُّ أَمْرٍ.. أى: يفرق في هذه الليلة المباركة كل أمر ذي حكمة، حالة كون هذا الأمر من عندنا وحدنا لا من عند غيرنا.ويصح أن يكون منصوبا على الاختصاص، وتنكيره للتفخيم، أى: أعنى بهذا الأمر الحكيم، أمرا عظيما كائنا من عندنا وحدنا. وقد اقتضاه علمنا وتدبيرنا.وقوله: إِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ.
44:6
رَحْمَةً مِّنْ رَّبِّكَؕ-اِنَّهٗ هُوَ السَّمِیْعُ الْعَلِیْمُۙ(۶)
تمہارے رب کی طرف سے رحمت، بیشک وہی سنتا جانتا ہے،

رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ.. بدل من قوله: إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ.أى أنزلنا هذا القرآن، في تلك الليلة المباركة لأن من شأننا إرسال المرسلين إلى الناس، لأجل الرحمة بهم، والهداية لهم، والرعاية لمصالحهم.وقوله: إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ تعليل لما قبله. أى: فعل ما فعل من إنزال القرآن، ومن إرسال الرسل، لأنه- سبحانه- هو السميع لمن تضرع إليه، العليم بجميع أحوال خلقه.
44:7
رَبِّ السَّمٰوٰتِ وَ الْاَرْضِ وَ مَا بَیْنَهُمَاۘ-اِنْ كُنْتُمْ مُّوْقِنِیْنَ(۷)
وہ جو رب ہے آسمانوں اور زمین کا اور جو کچھ ان کے درمیان ہے، اگر تمہیں یقین ہو (ف۷)

ثم وصف- سبحانه- ذاته بما يدل على كمال قدرته، ونفاذ إرادته فقال: رَبِّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما بَيْنَهُما.. من هواء، ومن مخلوقات لا يعلمها إلا الله- تعالى-.إِنْ كُنْتُمْ مُوقِنِينَ أى: إن كنتم على يقين في إقراركم حين تسألون عمن خلق السموات والأرض وما بينهما.وجواب الشرط محذوف، أى: إن كنتم من أهل الإيقان علمتم بأن الله- تعالى- وحده، هو رب السموات والأرض وما بينهما.
44:8
لَاۤ اِلٰهَ اِلَّا هُوَ یُحْیٖ وَ یُمِیْتُؕ-رَبُّكُمْ وَ رَبُّ اٰبَآىٕكُمُ الْاَوَّلِیْنَ(۸)
اس کے سوا کسی کی بندگی نہیں وہ جِلائے اور مارے، تمہارا رب اور تمہارے اگلے باپ دادا کا رب،

لا إِلهَ إِلَّا هُوَ- سبحانه- يُحْيِي من يريد إحياءه، وَيُمِيتُ من يريد إماتته، هو- تعالى- رَبُّكُمْ وَرَبُّ آبائِكُمُ الْأَوَّلِينَ.أى: هو- سبحانه- الذي تعهدكم بالرعاية والتربية والخلق، كما فعل ذلك مع آبائكم الأولين، الذين أنتم من نسلهم..ثم بين- سبحانه- أحوال الكافرين، وكيف أنهم عند ما ينزل يهم العذاب، يجأرون إلى الله- تعالى- أن يكشفه عنهم. فقال- تعالى-:
44:9
بَلْ هُمْ فِیْ شَكٍّ یَّلْعَبُوْنَ(۹)
بلکہ وہ شک میں پڑے کھیل رہے ہیں (ف۸)

وبَلْ في قوله- تعالى-: بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ يَلْعَبُونَ للاضراب الإبطالى، لأن المقصود من الآية الكريمة، نفى إيقانهم بأن خالق السموات والأرض هو الله، لعدم جريهم على ما يقتضيه هذا الإيقان، لأنهم لو كانوا موقنين حقا بذلك، لأخلصوا لله- تعالى- العبادة والطاعة.فيكون المعنى: إن هؤلاء الكفار لم يكونوا موقنين بأن رب السموات والأرض وما بينهما هو الله، بل قالوا ما قالوا في ذلك على سبيل الشك واللعب.قال الآلوسى: «قوله: بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ ... إضراب إبطالى، أبطل به إيقانهم لعدم جريهم على موجبه، وتنوين شَكٍّ للتعظيم، أى: في شك عظيم. يَلْعَبُونَ أى: لا يقولون ما يقولون عن جد وإذعان، بل يقولونه مخلوطا بهزء ولعب. وهذه الجملة خبر بعد خبر لهم.. والالتفات عن خطابهم لفرط عنادهم، وإهمال أمرهم..»
44:10
فَارْتَقِبْ یَوْمَ تَاْتِی السَّمَآءُ بِدُخَانٍ مُّبِیْنٍۙ(۱۰)
تو تم اس دن کے منتظر رہو جب آسمان ایک ظاہر دھواں لائے گا،

والفاء في قوله- تعالى-: فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّماءُ بِدُخانٍ مُبِينٍ لترتيب ما بعدها على ما قبلها، ولتسلية الرسول صلّى الله عليه وسلّم وأمره بالصبر حتى يحكم الله بينه وبينهم.والارتقاب: الانتظار، وأكثر ما يستعمل الارتقاب في الأمر المكروه والمراد باليوم مطلق الوقت، وهو مفعول به لارتقب.قال الآلوسى ما ملخصه: «والمراد بالسماء جهة العلو، وإسناد الإتيان بذلك إليها من قبيل الإسناد إلى السبب، لأنه يحصل بعدم إمطارها ... » .أى: فارتقب يوم تأتى السماء بجدب ومجاعة، فإن الجائع جدا يرى بينه وبين السماء كهيئة الدخان، وهي ظلمة تعرض للبصر لضعفه.. وإرادة الجدب والمجاعة منه مجاز، من باب ذكر المسبب وإرادة السبب.. وبعض العرب يسمى الشر الغالب دخانا، ووجه ذلك أن الدخان مما يتأذى به فأطلق على كل مؤذ يشبهه، وأريد به هنا الجدب، ومعناه الحقيقي معروف» .وللمفسرين في معنى هذه الآية اتجاهات أولها: ما ورد في الحديث الصحيح من أن مشركي مكة، لما أصروا على كفرهم وعلى إعراضهم عن الحق، دعا عليهم الرسول صلّى الله عليه وسلّم بقوله:«اللهم أعنى عليهم بسبع كسبع يوسف..» فأصابهم القحط والبلاء والجوع..وكنى عن ذلك بالدخان، لأن العرب يسمون الشر الغالب بالدخان، فيقولون: كان بيننا أمر ارتفع له دخان..والسبب فيه أن الإنسان إذا اشتد ضعفه، أظلمت عيناه، فيرى الدنيا كالمملوءة بالدخان.روى البخاري وغيره عن ابن مسعود قال: إن قريشا لما أبطأت عن الإسلام، واستعصت على رسول الله صلّى الله عليه وسلّم دعا عليهم بسنين كسنى يوسف، فأصابهم من الجهد والجوع حتى أكلوا العظام والميتة وجعلوا يرفعون أبصارهم إلى السماء فلا يرون إلا الدخان ...فقيل: يا رسول الله، استسق الله لمضر فإنها قد هلكت، فاستسقى لهم فسقوا، فأنزل الله:إِنَّا كاشِفُوا الْعَذابِ قَلِيلًا إِنَّكُمْ عائِدُونَ.قال ابن كثير: «وهذا الحديث مخرج في الصحيحين، ورواه الإمام أحمد في مسنده، وهو عند الترمذي والنسائي في تفسيرهما، وعند ابن جرير وابن أبى حاتم من طرق متعددة» .وعلى هذا الرأى يكون الدخان قد وقع فعلا، بمعنى أن المشركين قد أصابهم بلاء شديد في عهد النبي صلّى الله عليه وسلّم. ثم كشف الله عنهم منه ما كشف ببركة دعاء النبي صلّى الله عليه وسلّم.أما الاتجاه الثاني فيرى أصحابه، أن المراد بالدخان، ما يكون قبل يوم القيامة من دخان يسبق ذلك، كعلامة من علامات البعث والنشور..واستدل أصحاب هذا الاتجاه، بأحاديث ذكرها المفسرون.قال ابن كثير: «وقال آخرون: لم يمض الدخان بعد، بل هو من أمارات الساعة، كما تقدم من حديث حذيفة بن أسيد الغفاري. قال: أشرف علينا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم من غرفته ونحن نتذاكر الساعة، فقال: «لا تقوم الساعة حتى تروا عشر آيات: طلوع الشمس من مغربها، والدخان، والدابة، وخروج يأجوج ومأجوج، وخروج عيسى ابن مريم، والدجال وثلاثة خسوف: خسوف بالمشرق وخسوف بالمغرب، وخسوف بجزيرة العرب، ونار تخرج من قعر عدن تسوق الناس- أو تحشر الناس- تبيت معهم حيث باتوا، وتقيل حيث قالوا» .ثم ساق ابن كثير بعد ذلك أحاديث أخرى، وقال في نهايتها: والظاهر أن ذلك يوم القيامة» .ويبدو لنا أن الاتجاه الأول أقرب إلى سياق الآيات التي ذكرها الله- تعالى- في هذه السورة، ولا يتعارض ذلك مع كون ظهور الدخان علامة من علامات قرب يوم القيامة، كما جاء في حديث حذيفة بن أسيد الغفاري، الذي ذكره ابن كثير- رحمه الله- وقال في شأنه:تفرد بإخراجه مسلم في صحيحه.ومن المفسرين الذين رجحوا الاتجاه الأول الإمام الطبري، فقد قال بعد أن ساق هذين القولين: وأولى القولين بالصواب في ذلك قول ابن مسعود، من أن الدخان الذي أمر الله- تعالى- نبيه أن يرتقبه، هو ما أصاب قومه من الجهد بدعائه عليهم.وإنما قلت القول الذي قاله ابن مسعود- رضى الله عنه- هو أولى بتأويل الآية، لأن الله- تعالى- توعد بالدخان مشركي قريش ... ولأن الأخبار قد تظاهرت بأن ذلك كائن والمعنى: فانتظر يا محمد لمشركي قومك، يوم تأتيهم السماء من البلاء الذي يحل بهم، بمثل الدخان المبين» .ومنهم- أيضا- الإمام الآلوسى، فقد قال- رحمه الله-: هذا، والأظهر حمل الدخان على ما روى عن ابن مسعود، لأنه أنسب بالسياق، لما أنه في كفار قريش، وبيان سوء حالهم» .
44:11
یَّغْشَى النَّاسَؕ-هٰذَا عَذَابٌ اَلِیْمٌ(۱۱)
کہ لوگوں کو ڈھانپ لے گا (ف۹) یہ ہے دردناک عذاب،

وقوله- سبحانه-: يَغْشَى النَّاسَ صفة ثانية للدخان، والمراد بهم كفار مكة وأمثالهم ممن أصابه الجوع والبلاء.أى: ارتقب- أيها الرسول الكريم- يوم تأتى السماء لهؤلاء المشركين بعذاب من صفاته أنه عذاب واضح، يحسونه بحواسهم، ويشعرون به شعورا جليا، ومن صفاته كذلك أنه يحيط بهم من كل جوانبهم، ويجعلهم يتضرعون إلينا ويقولون: هذا عَذابٌ أَلِيمٌ أى: شديد ألمه، وعظيم هوله.
44:12
رَبَّنَا اكْشِفْ عَنَّا الْعَذَابَ اِنَّا مُؤْمِنُوْنَ(۱۲)
اس دن کہیں گے، اے ہمارے رب! ہم پر سے عذاب کھول دے ہم ایمان لاتے ہیں (ف۱۰)

ثم يقولون- أيضا-: رَبَّنَا اكْشِفْ عَنَّا الْعَذابَ إِنَّا مُؤْمِنُونَ أى: يا ربنا أزل عنا هذا العذاب المتمثل في الجوع والمرض وغيرهما، فإنك إن رفعت عنا ذلك آمنا برسولك صلّى الله عليه وسلّم، واتبعنا دعوته، ولكنهم بعد أن كشف الله- تعالى- عنهم هذا العذاب، نقضوا عهودهم، وأصروا على كفرهم.
44:13
اَنّٰى لَهُمُ الذِّكْرٰى وَ قَدْ جَآءَهُمْ رَسُوْلٌ مُّبِیْنٌۙ(۱۳)
کہاں سے ہو انہیں نصیحت ماننا (ف۱۱) حالانکہ ان کے پاس صاف بیان فرمانے والا رسول تشریف لاچکا (ف۱۲)

ولذا عقب الله- تعالى- على تضرعهم هذا بقوله: أَنَّى لَهُمُ الذِّكْرى.. أى: كيف يتأتى لهم التذكر والاعتبار والاتعاظ ...والحال أنهم قَدْ جاءَهُمْ رَسُولٌ مُبِينٌ هو محمد صلّى الله عليه وسلّم، الذي لم يترك بابا من أبواب الخير إلا وأرشدهم إليه، ولم يترك وسيلة من وسائل الهداية إلا وسلكها معهم..
44:14
ثُمَّ تَوَلَّوْا عَنْهُ وَ قَالُوْا مُعَلَّمٌ مَّجْنُوْنٌۘ(۱۴)
اس سے روگرداں ہوئے اور بولے سکھایا ہوا دیوانہ ہے (ف۱۳)

ولكنهم استحبوا العمى على الهدى، ولذا أكد القرآن ذلك فقال: ثُمَّ تَوَلَّوْا عَنْهُ وَقالُوا مُعَلَّمٌ مَجْنُونٌ.أى: كيف يتعظون والحال أنه قد جاءهم رسول عظيم الشأن، وضح الحق أكمل توضيح.فما كان منهم بعد أن استمعوا إليه، إلا الإعراض عن دعوته، ولم يكتفوا بهذا الإعراض والصدود، بل قالوا في شأنه بجهالة وسوء أدب: مُعَلَّمٌ أى: إنسان يعلمه غيره من البشر، وقالوا في شأنه- أيضا- مَجْنُونٌ أى: مختلط في عقله.
44:15
اِنَّا كَاشِفُوا الْعَذَابِ قَلِیْلًا اِنَّكُمْ عَآىٕدُوْنَۘ(۱۵)
ہم کچھ دنوں کو عذاب کھولے دیتے ہیں تم پھر وہی کرو گے (ف۱۴)

ثم بين- سبحانه- جانبا من مظاهر فضله عليهم، ورحمته بهم، فقال: إِنَّا كاشِفُوا الْعَذابِ قَلِيلًا إِنَّكُمْ عائِدُونَ.أى: إنا بفضلنا ورحمتنا كاشفو العذاب عنكم كشفا قليلا- أيها المشركون-، ولكنكم لم تقابلوا فضلنا عليكم، ورحمتنا بكم، بالشكر والطاعة بل قابلتم ذلك بالإصرار على الكفر، والثبات على الجحود.فالمراد بقوله- تعالى- إِنَّكُمْ عائِدُونَ: عزمهم وإصرارهم على الاستمرار على الكفر، لأنهم لم يوجد منهم إيمان، حتى يتركوه ويعودوا إلى الكفر، وإنما الذي وجد منهم هو الوعد بالإيمان إذا انكشف عنهم العذاب، فلما انكشف عنهم، نقضوا عهودهم، واستمروا على كفرهم.وشبيه بهذه الآية قوله- تعالى-: وَقالُوا يا أَيُّهَا السَّاحِرُ ادْعُ لَنا رَبَّكَ بِما عَهِدَ عِنْدَكَ إِنَّنا لَمُهْتَدُونَ. فَلَمَّا كَشَفْنا عَنْهُمُ الْعَذابَ إِذا هُمْ يَنْكُثُونَ .
44:16
یَوْمَ نَبْطِشُ الْبَطْشَةَ الْكُبْرٰىۚ-اِنَّا مُنْتَقِمُوْنَ(۱۶)
جس دن ہم سب سے بڑی پکڑ پکڑیں گے (ف۱۵) بیشک ہم بدلہ لینے والے ہیں،

ثم هددهم- سبحانه- تهديدا ترتعد له القلوب فقال: يَوْمَ نَبْطِشُ الْبَطْشَةَ الْكُبْرى إِنَّا مُنْتَقِمُونَ.وقوله يَوْمَ منصوب بفعل مقدر. وقوله نَبْطِشُ من البطش بمعنى الأخذ بقوة وعنف. يقال: بطش فلان بفلان يبطش به، إذا نكل به تنكيلا شديدا.أى: اذكر- أيها العاقل- لتعتبر وتتعظ يوم أن نأخذ هؤلاء الكافرين أخذ عزيز مقتدر، حيث ننتقم انتقاما يذلهم ويخزيهم.وهذا البطش الشديد منا لهم سيكون جزءا منه في الدنيا، كانتقامنا منهم يوم بدر وسيكون أشده وأعظمه وأدومه عليهم ... يوم القيامة.وبذلك نرى السورة الكريمة بعد أن مدحت القرآن الكريم مدحا عظيما، وبينت جانبا من مظاهر فضل الله- تعالى- على عباده، أخذت في تسلية الرسول صلّى الله عليه وسلّم عما أصابه من أعدائه، وهددت هؤلاء الأعداء بسوء المصير في الدنيا، وفي الآخرة.ثم انتقلت السورة الكريمة إلى الحديث عن جانب من قصة موسى- عليه السلام- مع فرعون وملئه، وكيف أن الله- تعالى- أجاب دعاء نبيه موسى، فأهلك فرعون وقومه، ونجى موسى وبنى إسرائيل من شرورهم فقال- تعالى-:
44:17
وَ لَقَدْ فَتَنَّا قَبْلَهُمْ قَوْمَ فِرْعَوْنَ وَ جَآءَهُمْ رَسُوْلٌ كَرِیْمٌۙ(۱۷)
اور بیشک ہم نے ان سے پہلے فرعون کی قوم کو جانچا اور ان کے پاس ایک معزز رسول تشریف لایا (ف۱۶)

واللام في قوله- تعالى-: وَلَقَدْ فَتَنَّا قَبْلَهُمْ قَوْمَ فِرْعَوْنَ.. موطئة للقسم. وقوله فَتَنَّا من الفتن بمعنى الاختبار والامتحان. يقال: فتنت الذهب بالنار، إذا أدخلته فيها لتعرف جودته من رداءته.والمراد به هنا: إخبارهم وامتحانهم، بإرسال موسى- عليه السلام- وبالتوسعة عليهم تارة، وبالتضييق عليهم تارة أخرى.والمعنى: والله لقد اختبرنا فرعون وقومه من قبل أن نرسلك- أيها الرسول الكريم- إلى هؤلاء المشركين، وكان اختبارنا وامتحاننا لهم عن طريق إرسال نبينا موسى إليهم، وعن طريق ابتلائهم بالسراء والضراء لعلهم يرجعون إلى طاعتنا، ولكنهم لم يرجعوا فأهلكناهم.فالآية الكريمة المقصود بها تسلية الرسول صلّى الله عليه وسلّم عما أصابه من قومه، ببيان أن تكذيب الأقوام لرسلهم، حاصل من قبله، فعليه أن يتأسى بالرسل السابقين في صبرهم.والمراد بالرسول الكريم في قوله: - تعالى-: وَجاءَهُمْ رَسُولٌ كَرِيمٌ: موسى- عليه السلام-، فقد أرسله- سبحانه- إلى فرعون وقومه، فبلغهم رسالة ربه، ولكنهم كذبوه وعصوه..ووصف- سبحانه- نبيه موسى بالكرم، على سبيل التشريف له، والإعلاء من قدره، فقد كان- عليه السلام- كليما لربه، ومطيعا لأمره، ومتحليا بأسمى الأخلاق وأفضلها.
44:18
اَنْ اَدُّوْۤا اِلَیَّ عِبَادَ اللّٰهِؕ-اِنِّیْ لَكُمْ رَسُوْلٌ اَمِیْنٌۙ(۱۸)
کہ اللہ کے بندوں کو مجھے سپرد کردو (ف۱۷) بیشک میں تمہارے لیے امانت والا رسول ہوں،

وأَنْ في قوله- تعالى- أَنْ أَدُّوا إِلَيَّ عِبادَ اللَّهِ.. مفسرة لأن مجيء الرسول إليهم يتضمن معنى القول. وقوله: أَدُّوا إِلَيَّ بمعنى سلموا إلى، أو ضموا إلى ...قوله: عِبادَ اللَّهِ مفعول به. والمراد بهم بنو إسرائيل.والمعنى: جاء إلى فرعون وقومه رسول كريم، هو موسى- عليه السلام-، فقال لهم:سلموا إلى بنى إسرائيل، وأطلقوهم من الذل والهوان، واتركوهم يعيشون أحرارا في هذه الدنيا.ويؤيد هذا المعنى قوله- تعالى- في موضع آخر: فَأْتِياهُ فَقُولا إِنَّا رَسُولا رَبِّكَ، فَأَرْسِلْ مَعَنا بَنِي إِسْرائِيلَ وَلا تُعَذِّبْهُمْ.. .ويصح أن يكون المراد بقوله أَنْ أَدُّوا إِلَيَّ.. بمعنى: أن استجيبوا لدعوتى، والمراد بالعباد: ما يشمل بنى إسرائيل وغيرهم، ويكون لفظ عِبادَ اللَّهِ منصوب بحرف نداء محذوف.وعليه يكون المعنى: أرسلنا إلى فرعون وقومه رسولا كريما، فجاء إليهم وقال لهم على سبيل النصح والإرشاد: يا عباد الله، إنى رسول الله إليكم، فاستمعوا إلى قولي، واتبعوا ما أدعوكم إليه من عبادة الله- تعالى- وحده، وترك عبادة غيره.قال الآلوسى: قوله: أَنْ أَدُّوا إِلَيَّ عِبادَ اللَّهِ.. أى: أطلقوهم وسلموهم إلى، والمراد بهم بنو إسرائيل الذين كان فرعون يستعبدهم، والتعبير عنهم بعباد الله، للإشارة إلى أن استعباده إياهم ظلم منه لهم..أو أدوا إلى حق الله- تعالى- من الإيمان وقبول الدعوة يا عباد الله، على أن مفعول أَدُّوا محذوف، وعباد منادى، وهو عام لبنى إسرائيل والقبط والأداء بمعنى الفعل للطاعة- وقبول الدعوة..» .وقوله- سبحانه-: إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ تعليل لما تقدم. أى: استجيبوا لدعوتى، وأطيعوا أمرى، فإنى مرسل من الله- تعالى- إليكم، وأمين على الرسالة، لأنى لم أبدل شيئا مما كلفنى به ربي.
44:19
وَّ اَنْ لَّا تَعْلُوْا عَلَى اللّٰهِۚ-اِنِّیْۤ اٰتِیْكُمْ بِسُلْطٰنٍ مُّبِیْنٍۚ(۱۹)
اور اللہ کے مقابل سرکشی نہ کرو، میں تمہارے پاس ایک روشن سند لاتا ہوں (ف۱۸)

وقوله- سبحانه-: وَأَنْ لا تَعْلُوا عَلَى اللَّهِ.. معطوف على قوله: أَنْ أَدُّوا..وداخل في حيز القول.أى: قال لهم: أرسلوا معى بنى إسرائيل، واستجيبوا لدعوتى، واحذروا أن تتجبروا أو تتكبروا على الله- تعالى-، بأن تستخفوا بوحيه أو تعرضوا عن رسوله ...إِنِّي آتِيكُمْ بِسُلْطانٍ مُبِينٍ أى: إنى آتيكم من عنده- تعالى- بحجة واضحة لا سبيل إلى إنكارها، وببرهان ساطع يشهد بصدقى وأمانتى..
44:20
وَ اِنِّیْ عُذْتُ بِرَبِّیْ وَ رَبِّكُمْ اَنْ تَرْجُمُوْنِ٘(۲۰)
اور میں پناہ لیتا ہوں اپنے رب اور تمہارے رب کی اس سے کہ تم مجھے سنگسار کرو (ف۱۹)

وَإِنِّي عُذْتُ بِرَبِّي وَرَبِّكُمْ أَنْ تَرْجُمُونِ أى: وإنى اعتصمت واستجرت بربي وربكم من أن ترجمونى بالحجارة، أو من أن تلحقوا بي ما يؤذيني، وهذا الاعتصام بالله- تعالى- يجعلني لا أبالى بكم، ولا أتراجع عن تبليغ دعوته- سبحانه- بحال من الأحوال.
44:21
وَ اِنْ لَّمْ تُؤْمِنُوْا لِیْ فَاعْتَزِلُوْنِ(۲۱)
اور اگر میرا یقین نہ لاؤ تو مجھ سے کنارے ہوجاؤ (ف۲۰)

وَإِنْ لَمْ تُؤْمِنُوا لِي فَاعْتَزِلُونِ أى: وقال لهم- أيضا- في ختام نصحه لهم: إنى لن أتراجع عن دعوتكم إلى الحق مهما وضعتم في طريقي من عقبات وعليكم أن تؤمنوا بي، فإن لم تؤمنوا بي. فكونوا بمعزل عنى بحيث تتركونى وشأنى حتى أبلغ رسالة ربي، فإنه لا موالاة ولا صلة بيني وبينكم، مادمتم مصرين على كفركم.فأنت ترى أن موسى- عليه السلام- قد طلب من فرعون وقومه الاستجابة لدعوته، ونهاهم عن التكبر والغرور، وبين لهم أنه رسول أمين على وحى الله- تعالى-، وأنه معتصم بربه من كيدهم، وأن عليهم إذا لم يؤمنوا به أن يتركوه وشأنه، لكي يبلغ رسالة ربه، ومن شاء بعد ذلك فليؤمن ومن شاء فليكفر.ولكن الإرشادات الحكيمة من موسى لفرعون وقومه، لم تجد أذنا صاغية، فإن الطغيان في كل زمان ومكان، لا يعجبه منطق الحق والعدل والمسالمة، ولكن الذي يعجبه هو التكبر في الأرض بغير الحق، وإيثار الغي على الرشد..
44:22
فَدَعَا رَبَّهٗۤ اَنَّ هٰۤؤُلَآءِ قَوْمٌ مُّجْرِمُوْنَ(۲۲)
تو اس نے اپنے رب سے دعا کی کہ یہ مجرم لوگ ہیں،

ولذا نجد موسى- عليه السلام- يلجأ إلى ربه يطلب منه العون والنصرة فيقول- كما حكى القرآن عنه-: فَدَعا رَبَّهُ أَنَّ هؤُلاءِ قَوْمٌ مُجْرِمُونَ.والآية الكريمة معطوفة على كلام محذوف، يفهم من السياق، والتقدير: وبعد أن أمر موسى فرعون وقومه بإخلاص العبادة لله- تعالى- ونهاهم عن الإشراك به.. بعد كل ذلك أصروا على تكذيبه، وأعرضوا عن دعوته، وآذوه بشتى ألوان الأذى فدعا ربه دعاء حارا قال فيه:يا رب إن هؤلاء القوم- وهم فرعون وشيعته- قوم راسخون في الكفر والإجرام، فأنزل بهم عقابك الذي يستحقونه.
44:23
فَاَسْرِ بِعِبَادِیْ لَیْلًا اِنَّكُمْ مُّتَّبَعُوْنَۙ(۲۳)
ہم نے حکم فرمایا کہ میرے بندوں (ف۲۱) کو راتوں رات لے نکل ضرور تمہارا پیچھا کیا جائے گا (ف۲۲)

ثم حكت السورة الكريمة بعد ذلك ما يدل على أن الله- تعالى- قد أجاب دعاء موسى- عليه السلام-، وأنه- سبحانه- قد أرشده إلى ما يفعله فقال: فَأَسْرِ بِعِبادِي لَيْلًا إِنَّكُمْ مُتَّبَعُونَ.قال الجمل: «قوله: فَأَسْرِ قرأ الجمهور بقطع الهمزة وقرأ نافع وابن كثير بوصلها، وهما لغتان جيدتان: الأولى من أسريت والثانية من سريت. قال- تعالى- سُبْحانَ الَّذِي أَسْرى بِعَبْدِهِ وقال: وَاللَّيْلِ إِذا يَسْرِ والإسراء السير ليلا، فذكر الليل- هنا- تأكيد له بغير اللفظ- إذ الإسراء والسرى: السير ليلا» .والكلام على تقدير القول، أى: فقال الله- تعالى- على سبيل التعليم والإرشاد: سر يا موسى ببني إسرائيل وبمن آمن معك من القبط من مصر، بقطع من الليل إِنَّكُمْ مُتَّبَعُونَ من جهة فرعون وملئه، متى علموا بخروجكم.
44:24
وَ اتْرُكِ الْبَحْرَ رَهْوًاؕ-اِنَّهُمْ جُنْدٌ مُّغْرَقُوْنَ(۲۴)
اور دریا کو یونہی جگہ جگہ سے چھوڑ دے (ف۲۳) بیشک وہ لشکر ڈبو دیا جائے گا (ف۲۴)

وَاتْرُكِ الْبَحْرَ رَهْواً ... أى: ومتى وصلت إلى البحر- أى: البحر الأحمر- فاضربه بعصاك، ينفلق- بإذن الله- فسر فيه أنت ومن معك، واتركه ساكنا مفتوحا على حاله، فإذا ما سار خلفك فرعون وجنوده أغرقناهم فيه.يقال: رها البحر يرهو، إذا سكن. وجاءت الخيل رهوا، أى: ساكنة، ويقال- أيضا-:رها الرجل رهوا، إذا فتح بين رجليه وفرق بينهما، وهو حال من البحر.قال الإمام الرازي: «وفي لفظ رَهْواً قولان:أحدهما: أنه الساكن، يقال: عيش راه، إذا كان خافضا وادعا ساكنا ...والثاني: أن الرهو هو الفرجة الواسعة، أى: ذا رهو، أى: ذا فرجة حتى يدخل فيها فرعون وقومه فيغرقوا.. وإنما أخبره- سبحانه- بذلك حتى يبقى فارغ القلب من شرهم وإيذائهم» .وقوله: إِنَّهُمْ جُنْدٌ مُغْرَقُونَ تعليل للأمر بتركه رهوا، أى: اترك البحر على حاله، فإن أعداءك سيغرقون فيه إغراقا يدمرهم ويهلكهم.
44:25
كَمْ تَرَكُوْا مِنْ جَنّٰتٍ وَّ عُیُوْنٍۙ(۲۵)
کتنے چھوڑ گئے باغ اور چشمے،

ثم بين- سبحانه- سوء مآلهم فقال: كَمْ تَرَكُوا مِنْ جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ وكَمْ هنا خبرية للتكثير والتهويل، أى: ما أكثر ما ترك هؤلاء المغرقون خلفهم من بساتين ناضرة، وعيون يخرج منها الماء النمير..
44:26
وَّ زُرُوْعٍ وَّ مَقَامٍ كَرِیْمٍۙ(۲۶)
او رکھیت اور عمدہ مکانات (ف۲۵)

وَزُرُوعٍ كثيرة متنوعة وَمَقامٍ كَرِيمٍ أى: ومحافل ومنازل كانت مزينة بألوان من الزينة والزخرفة..
44:27
وَّ نَعْمَةٍ كَانُوْا فِیْهَا فٰكِهِیْنَۙ(۲۷)
اور نعمتیں جن میں فارغ البال تھے (ف۲۶)

وَنَعْمَةٍ كانُوا فِيها فاكِهِينَ أى: وتنعم وترفه كانوا فيه يتلذذون، بما بين أيديهم من رغد العيش. وكثرة الفاكهة..والنعمة- بفتح النون- بمعنى التنعم والتلذذ، والنعمة- بالكسر- المنة والإنعام بالشيء وتطلق على الجنس الصادق بالقليل والكثير.
44:28
كَذٰلِكَ- وَ اَوْرَثْنٰهَا قَوْمًا اٰخَرِیْنَ(۲۸)
ہم نے یونہی کیا اور ان کا وارث دوسری قوم کو کردیا (ف۲۷)

وقوله: كَذلِكَ في محل رفع خبر لمبتدأ محذوف، أى: الأمر كذلك.قال الجمل ما ملخصه: «قوله: كَذلِكَ.. خبر مبتدأ محذوف. أى: الأمر كذلك.فالوقف يكون على هذا اللفظ، وتكون الجملة اعتراضية لتقرير وتوكيد ما قبلها ... ويبتدأ بقوله: وَأَوْرَثْناها قَوْماً آخَرِينَ وهو معطوف على كَمْ تَرَكُوا.. أى: تركوا أمورا كثيرة وأورثناها قوما آخرين، وهم بنو إسرائيل» .وقال الزمخشري: الكاف في محل نصب، على معنى: مثل ذلك الإخراج أخرجناهم منها وَأَوْرَثْناها قَوْماً آخَرِينَ ليسوا منهم.فعلى هذا يكون قوله وَأَوْرَثْناها معطوفا على تلك الجملة الناصبة للكاف، فلا يجوز الوقف على كَذلِكَ حينئذ .وقال الآلوسى: والمراد بالقوم الآخرين: بنو إسرائيل، وهم مغايرون للقبط جنسا ودينا. ويفسر ذلك قوله- تعالى- في سورة الشعراء: كَذلِكَ وَأَوْرَثْناها بَنِي إِسْرائِيلَ وهو ظاهر في أن بنى إسرائيل رجعوا إلى مصر، بعد هلاك فرعون وملكوها.وقيل: المراد بالقوم الآخرين غير بنى إسرائيل ممن ملك مصر بعد هلاك فرعون، لأنه لم يرد في مشهور التواريخ أن بنى إسرائيل رجعوا إلى مصر، ولا أنهم ملكوها قط.وما في سورة الشعراء من باب قوله- تعالى-: وَما يُعَمَّرُ مِنْ مُعَمَّرٍ وَلا يُنْقَصُ مِنْ عُمُرِهِ إِلَّا فِي كِتابٍ أو من باب: عندي درهم ونصفه. فليس المراد خصوص ما تركوه، بل نوعه وما يشبهه.وقيل: المراد من إيراثها إياهم: تمكينهم من التصرف فيها، ولا يتوقف ذلك على رجوعهم إلى مصر، كما كانوا فيها أولا ..والذي نراه- كما سبق أن قلنا عند تفسير سورة الشعراء - أن الآية صريحة في توريث بنى إسرائيل للجنات والعيون.. التي خلفها فرعون وقومه بعد غرقهم، بمعنى أنهم عادوا إلى مصر بعد غرق فرعون ومن معه، ولكن عودتهم كانت لفترة معينة، خرجوا بعدها إلى الأرض المقدسة التي دعاهم موسى- عليه السلام- لدخولها كما جاء في قوله- تعالى-: يا قَوْمِ ادْخُلُوا الْأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ. وَلا تَرْتَدُّوا عَلى أَدْبارِكُمْ فَتَنْقَلِبُوا خاسِرِينَ ..
44:29
فَمَا بَكَتْ عَلَیْهِمُ السَّمَآءُ وَ الْاَرْضُ وَ مَا كَانُوْا مُنْظَرِیْنَ۠(۲۹)
تو ان پر آسمان اور زمین نہ روئے (ف۲۸) اور انہیں مہلت نہ دی گئی (ف۲۹)

ثم بين- سبحانه- أن فرعون وقومه بعد أن غرقوا، لم يحزن لهلاكهم أحد، فقال:فَما بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّماءُ وَالْأَرْضُ وَما كانُوا مُنْظَرِينَ.أى: أن هؤلاء المغرقين، الذين كانوا ملء السمع والبصر، وكانوا يذلون غيرهم، وكانوا يملكون الجنات والعيون ... هؤلاء الطغاة، لم يحزن لهلاكهم أحد من أهل السموات أو أهل الأرض، ولم يؤخر عذابهم لوقت آخر في الدنيا أو في الآخرة، بل نزل بهم الغرق والدمار بدون تأخير أو تسويف..فالمقصود من الآية الكريمة بيان هوان منزلة هؤلاء المغرقين، وتفاهة شأنهم، وعدم أسف أحد على غرقهم، لأنهم كانوا ممقوتين من كل عاقل..قال صاحب الكشاف ما ملخصه: كان العرب إذا مات فيهم رجل خطير قالوا في تعظيم مهلكه: بكت عليه السماء والأرض وبكته الريح، وأظلمت له الشمس..قال جرير في رثاء عمر بن العزيز:نعى النعاة أمير المؤمنين لنا ... يا خير من حج بيت الله واعتمراحملت أمرا عظيما فاصطبرت له ... وقمت فيه بأمر الله يا عمراالشمس طالعة ليست بكاسفة ... تبكى عليك نجوم الليل والقمراوقالت ليلى بنت طريف الخارجية، ترثى أخاها الوليد:أيا شجر الخابور مالك مورقا ... كأنك لم تجزع على ابن طريفوذلك على سبيل التمثيل والتخييل، مبالغة في وجوب الجزع والبكاء عليه..وفي الآية تهكم بهم وبحالهم المنافية لحال من يعظم فقده، فيقال فيه: بكت عليه السماء والأرض. يعنى فما بكى عليهم أهل السماء والأرض، بل كانوا بهلاكهم مسرورين.. .وقال الإمام أبن كثير: قوله: فَما بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّماءُ وَالْأَرْضُ.. أى: لم تكن لهم أعمال صالحة تصعد في أبواب السماء فتبكى على فقدهم، ولا لهم بقاع في أرض عبدوا الله فيها ففقدتهم فلهذا استحقوا أن لا ينظروا ولا يؤخروا..ثم ساق- رحمه الله- جملة من الأحاديث منها ما أخرجه ابن جرير عن شريح بن عبيد الحضرمي قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: إن الإسلام بدأ غريبا، وسيعود غريبا، ألا لا غربة على مؤمن. ما مات مؤمن في غربة غابت عنه فيها بواكيه. إلا بكت عليه السماء والأرض. ثم قرأ صلّى الله عليه وسلّم هذه الآية. ثم قال: إنهما لا يبكيان على كافر
44:30
وَ لَقَدْ نَجَّیْنَا بَنِیْۤ اِسْرَآءِیْلَ مِنَ الْعَذَابِ الْمُهِیْنِۙ(۳۰)
اور بیشک ہم نے بنی اسرائیل کو ذلت کے عذاب سے نجات بخشی (ف۳۰)

ثم بين- سبحانه- جانبا من نعمه على بنى إسرائيل فقال: وَلَقَدْ نَجَّيْنا بَنِي إِسْرائِيلَ مِنَ الْعَذابِ الْمُهِينِ.أى: والله لقد نجينا- بفضلنا ورحمتنا- بنى إسرائيل من العذاب المهين، الذي كان ينزله بهم أعداؤهم، كقتلهم للذكور، واستبقائهم للإناث..
44:31
مِنْ فِرْعَوْنَؕ-اِنَّهٗ كَانَ عَالِیًا مِّنَ الْمُسْرِفِیْنَ(۳۱)
فرعون سے، بیشک وہ متکبر حد سے بڑھنے والوں سے،

وقوله: مِنْ فِرْعَوْنَ بدل من العذاب على حذف المضاف، والتقدير: من عذاب فرعون.. أو على المبالغة كأن فرعون نفس العذاب، لإفراطه في تعذيبهم وإهانتهم.ثم بين- سبحانه- حال فرعون فقال: إِنَّهُ كانَ عالِياً مِنَ الْمُسْرِفِينَ أى: نجيناهم من فرعون الذي كان متكبرا متجبرا، ومن المسرفين في فعل الشرور، وفي ارتكاب القبائح..
44:32
وَ لَقَدِ اخْتَرْنٰهُمْ عَلٰى عِلْمٍ عَلَى الْعٰلَمِیْنَۚ(۳۲)
اور بیشک ہم نے انہیں (ف۳۱) دانستہ چن لیا اس زمانے والوں سے،

ثم بين- سبحانه- جانبا آخر من إكرامه لبنى إسرائيل فقال: وَلَقَدِ اخْتَرْناهُمْ عَلى عِلْمٍ عَلَى الْعالَمِينَ.والاختيار: الاصطفاء على سبيل التشريف والتكريم، أى: ولقد اصطفينا بنى إسرائيل على عالمي زمانهم، ونحن عالمون بذلك علما اقتضته حكمتنا ورحمتنا.فقوله عَلى عِلْمٍ في موضع الحال من الفاعل، والمراد بالعالمين: أهل زمانهم المعاصرين لهم، بدليل قوله- تعالى- في الأمة الإسلامية: كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ ...وهذا الاصطفاء والاختيار، إنما مرده إلى من يعمل منهم عملا صالحا، أما الذين لم يعملوا ذلك فلا مزية لهم ولا فضل، ولذا نجد كثيرا من الآيات تذم من يستحق الذم منهم.ومن ذلك قوله- تعالى-: لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرائِيلَ عَلى لِسانِ داوُدَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ، ذلِكَ بِما عَصَوْا وَكانُوا يَعْتَدُونَ. كانُوا لا يَتَناهَوْنَ عَنْ مُنكَرٍ فَعَلُوهُ، لَبِئْسَ ما كانُوا يَفْعَلُونَ .
44:33
وَ اٰتَیْنٰهُمْ مِّنَ الْاٰیٰتِ مَا فِیْهِ بَلٰٓؤٌا مُّبِیْنٌ(۳۳)
ہم نے انہیں وہ نشانیاں عطا فرمائیں جن میں صریح انعام تھا (ف۳۲)

ثم بين- سبحانه- بعض المعجزات التي جاءتهم على أيدى رسلهم فقال: وَآتَيْناهُمْ مِنَ الْآياتِ ما فِيهِ بَلؤُا مُبِينٌ.أى: وأعطيناهم من المعجزات الدالة على صدق رسلهم كموسى وعيسى وغيرهما، ما فيه بلاء مبين.أى: ما فيه اختبار وامتحان ظاهر، ليتميز الخبيث من الطيب، والكافر من المؤمن.ومن هذه الآيات: فلق البحر بالنسبة لموسى، وإبراء الأكمه والأبرص، بالنسبة لعيسى.ومن هذه الآيات الكريمة نرى جانبا من قصة موسى- عليه السلام-، وكيف أنه بلغ رسالة ربه على أكمل وجه، وسلك مع فرعون وقومه أحكم السبل في الدعوة إلى الحق..كما نرى فيها فضل الله- تعالى- على نبيه، وعلى بنى إسرائيل، حيث نجاهم من ظلم فرعون وطغيانه، وأهلكه ومن معه أمام أعينهم، وأورثهم كنوز أعدائهم..وبعد هذا الحديث عن موسى- عليه السلام- وعن قومه، وعن فرعون وشيعته.. بعد كل ذلك انتقلت السورة، للحديث عن موقف المشركين من قضية البعث والنشور، وردت عليهم بما يدل على إمكانية البعث وصحته. وأنه واقع لا محالة، وبينت سوء عاقبة من ينكر ذلك، ومن يصر على كفره وجحوده فقال الله- تعالى-:
44:34
اِنَّ هٰۤؤُلَآءِ لَیَقُوْلُوْنَۙ(۳۴)
بیشک یہ (ف۳۳) کہتے ہیں،

واسم الإشارة في قوله- تعالى-: إِنَّ هؤُلاءِ لَيَقُولُونَ يعود إلى مشركي مكة، الذين سبق الحديث عنهم في قوله- تعالى-: بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ يَلْعَبُونَ إلخ.وذكر- سبحانه- قصة فرعون وقومه في الوسط، للإشارة إلى التشابه بين الفريقين في التكذيب للحق، وفي الإصرار على الضلال.وكانت الإشارة للقريب، لتحقيرهم والتهوين من شأنهم.
44:35
اِنْ هِیَ اِلَّا مَوْتَتُنَا الْاُوْلٰى وَ مَا نَحْنُ بِمُنْشَرِیْنَ(۳۵)
وہ تو نہیں مگر ہمارا ایک دفعہ کا مرنا (ف۳۴) اور ہم اٹھائے نہ جائیں گے (ف۳۵)

وإِنْ في قوله- تعالى-: إِنْ هِيَ إِلَّا مَوْتَتُنَا الْأُولى ... نافية. أى: إن هؤلاء الكافرين ليقولون على سبيل الجزم والتكذيب للبعث: ما الموتة التي نموتها في نهاية حياتنا الدنيوية، إلا الموتة النهائية لا حياة بعدها ولا بعث ولا نشور.ومرادهم من الأولى: السابقة المتقدمة على الموعد الذي يوعدونه للبعث والنشور.قال بعض العلماء: وذلك أنهم لما وعدوا بعد الحياة الدنيا حالتين أخريين.الأولى منهما الموت، والأخرى حياة البعث، أثبتوا الحالة الأولى وهي الموت، ونفوا ما بعدها.وسموها أولى مع أنهم اعتقدوا أنه لا شيء بعدها، لأنهم نزلوا جحدهم على الإثبات فجعلوها أولى على ما ذكرت لهم.. .وقوله: وَما نَحْنُ بِمُنْشَرِينَ تأكيد لما سبقه. أى: قالوا ليس هنا من موت سوى الموت المزيل لحياتنا، ثم لا بعث ولا حساب ولا نشور بعد ذلك.يقال: أنشر الله- تعالى- الموتى نشورا، إذا أحياهم بعد موتهم، فهم منشرون.
44:36
فَاْتُوْا بِاٰبَآىٕنَاۤ اِنْ كُنْتُمْ صٰدِقِیْنَ(۳۶)
تو ہمارے باپ دادا کو لے آؤ اگر تم سچے ہو (ف۳۶)

ثم بين- سبحانه- مطالبهم المتعنتة، وأدلتهم الباطلة فقال: فَأْتُوا بِآبائِنا إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ.والفاء للإفصاح، والخطاب للرسول صلّى الله عليه وسلّم وللمؤمنين الذين كانوا يؤمنون بالبعث.أى: إن هؤلاء الكافرين قالوا- أيضا- للرسول صلّى الله عليه وسلّم وللمؤمنين: إن كان الأمر كما تقولون من أن هناك بعثا وحسابا.. فأعيدوا الحياة إلى آبائنا الأولين، واجعلوهم يخرجون إلينا مرة لنراهم.
44:37
اَهُمْ خَیْرٌ اَمْ قَوْمُ تُبَّعٍۙ-وَّ الَّذِیْنَ مِنْ قَبْلِهِمْؕ-اَهْلَكْنٰهُمْ٘-اِنَّهُمْ كَانُوْا مُجْرِمِیْنَ(۳۷)
کیا وہ بہتر ہیں (ف۳۷) یا تبع کی قوم (ف۳۸) اور جو ان سے پہلے تھے (ف۳۹) ہم نے انہیں ہلاک کردیا (ف۴۰) بیشک وہ مجرم لوگ تھے (ف۴۱)

وقوله- سبحانه-: أَهُمْ خَيْرٌ أَمْ قَوْمُ تُبَّعٍ ... تهديد لهم على جهالاتهم وإصرارهم على كفرهم.والمراد بتبع: أبو كريب أسعد بن مليك، ويسمى بتبع الحميرى. وهو أحد ملوك حمير.وكان مؤمنا، وقومه كانوا كافرين فأهلكهم الله. وإليه ينسب الأنصار، ولفظ تُبَّعٍ يعد لقبا لكل ملك من ملوك اليمن، كما أن لقب فرعون يعد لقبا لمن ملك مصر كافرا.. .أى: إن هؤلاء الكافرين المعاصرين لك- أيها الرسول الكريم- ليسوا خيرا من قوم تبع، الذين كانوا أشد منهم قوة وأكثر جمعا، فلما لجوا في طغيانهم أهلكهم الله- تعالى- وإن مصير هؤلاء المشركين- إذا ما استمروا في عنادهم- سيكون كمصير قوم تبع..فالمقصود من الآية الكريمة تحذير الكافرين من التمادي في الضلال، لأن هذا التمادي سيؤدي بهم الى الخسران، كما هو حال قوم تبع الذين لا يخفى أمرهم عليهم.والمراد بمن قبلهم في قوله- تعالى-: وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ أَهْلَكْناهُمْ إِنَّهُمْ كانُوا مُجْرِمِينَ: الأقوام السابقون على قوم تبع، كقوم عاد وثمود وغيرهم. أو على هؤلاء الكافرين المعاصرين للنبي صلّى الله عليه وسلّم.أى: والذين من قبل قوم تبع أو من قبل قومك من الظالمين، أهلكناهم لأنهم كانوا قوما مجرمين.
44:38
وَ مَا خَلَقْنَا السَّمٰوٰتِ وَ الْاَرْضَ وَ مَا بَیْنَهُمَا لٰعِبِیْنَ(۳۸)
اور ہم نے نہ بنائے آسمان اور زمین اور جو کچھ ان کے درمیان ہے کھیل کے طور پر (ف۴۲)

ثم لفت- سبحانه- أنظار الناس إلى التفكر في خلق السموات والأرض فقال: وَما خَلَقْنَا السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما.. من مخلوقات لا يعلمها إلا الله- تعالى- ما خلقنا ذلك لاعِبِينَ أى: عابثين أو لغير غرض صحيح.
44:39
مَا خَلَقْنٰهُمَاۤ اِلَّا بِالْحَقِّ وَ لٰكِنَّ اَكْثَرَهُمْ لَا یَعْلَمُوْنَ(۳۹)
ہم نے انہیں نہ بنایا مگر حق کے ساتھ (ف۴۳) لیکن ان میں اکثر جانتے نہیں (ف۴۴)

وقوله- تعالى-: ما خَلَقْناهُما إِلَّا بِالْحَقِّ استثناء مفرغ من أعم الأحوال.أى: ما خلقناهما إلا خلقا ملتبسا بالحق مؤيدا بالحكمة..وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ ذلك، لانطماس بصائرهم، واستحواذ الشيطان عليهم.
44:40
اِنَّ یَوْمَ الْفَصْلِ مِیْقَاتُهُمْ اَجْمَعِیْنَۙ(۴۰)
بیشک فیصلہ کا دن (ف۴۵) ان سب کی میعاد ہے،

ثم بين- سبحانه- أن يوم القيامة آت لا ريب فيه، وسيحكم- سبحانه- في هذا اليوم بين الناس بحكمه العادل فقال: إِنَّ يَوْمَ الْفَصْلِ وهو يوم القيامة الذي يفصل فيه الله - عز وجل- بين المحق والمبطل، وبين المهتدى والضال..هذا اليوم مِيقاتُهُمْ أَجْمَعِينَ أى: وقت اجتماعهم للحساب جميعا دون أن يتخلف منهم أحد.
  FONT
  THEME
  TRANSLATION
  • English | Ahmed Ali
  • Urdu | Ahmed Raza Khan
  • Turkish | Ali-Bulaç
  • German | Bubenheim Elyas
  • Chinese | Chineese
  • Spanish | Cortes
  • Dutch | Dutch
  • Portuguese | El-Hayek
  • English | English
  • Urdu | Fateh Muhammad Jalandhry
  • French | French
  • Hausa | Hausa
  • Indonesian | Indonesian-Bahasa
  • Italian | Italian
  • Korean | Korean
  • Malay | Malay
  • Russian | Russian
  • Tamil | Tamil
  • Thai | Thai
  • Farsi | مکارم شیرازی
  TAFSEER
  • العربية | التفسير الميسر
  • العربية | تفسير الجلالين
  • العربية | تفسير السعدي
  • العربية | تفسير ابن كثير
  • العربية | تفسير الوسيط لطنطاوي
  • العربية | تفسير البغوي
  • العربية | تفسير القرطبي
  • العربية | تفسير الطبري
  • English | Arberry
  • English | Yusuf Ali
  • Dutch | Keyzer
  • Dutch | Leemhuis
  • Dutch | Siregar
  • Urdu | Sirat ul Jinan
  HELP

اَلدُّخَان
اَلدُّخَان
  00:00



Download

اَلدُّخَان
اَلدُّخَان
  00:00



Download