READ
Surah Aal Imraan
اٰلِ عِمْرَان
200 Ayaat مدنیۃ
قَالَ رَبِّ اجْعَلْ لِّیْۤ اٰیَةًؕ-قَالَ اٰیَتُكَ اَلَّا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلٰثَةَ اَیَّامٍ اِلَّا رَمْزًاؕ-وَ اذْكُرْ رَّبَّكَ كَثِیْرًا وَّ سَبِّحْ بِالْعَشِیِّ وَ الْاِبْكَارِ۠(۴۱)
عرض کی اے میرے رب میرے لئے کوئی نشانی کردے (ف۸۵) فرمایا تیری نشانی یہ ہے کہ تین دن تو لوگوں سے بات نہ کرے مگر اشارہ سے اور اپنے رب کی بہت یاد کر (ف۸۶) اور کچھ دن رہے اور تڑکے اس کی پاکی بول،
القول في تأويل قوله : قَالَ رَبِّ اجْعَلْ لِي آيَةًقال أبو جعفر: يعني بذلك جل ثناؤه، خبرًا عن زكريا، قال زكريا: ربّ إن كان هذا النداء الذي نُوديتُه، والصوتُ الذي سمعته، صوتَ ملائكتك وبشارةً منك لي، فاجعل لي آية = يقول: علامةً = أن ذلك كذلك، ليزول عنِّي ما قد وسوس إليّ الشيطان فألقاه في قلبي، من أنّ ذلك صوتُ غير الملائكة، وبشارةٌ من عند غيرك، كما:-7004 - حدثني موسى قال، حدثنا عمرو قال، حدثنا أسباط، عن السدي قال: " رب اجعل لي آية "، قال: قال - يعني زكريا -: يا ربّ، فإن كان هذا الصوت منكَ، فاجعل لي آيةً.* * *وقد دللنا فيما مضى على معنى " الآية "، وأنها العلامة، بما أغنى عن إعادته. (54)* * *وقد اختلف أهل العربية في سبب ترك العرب همْزها، ومن شأنها همزُ كل " ياء " جاءت بعد " ألف " ساكنة.فقال بعضهم: ترك همزها، لأنها كانت " أيَّة "، فثقُل عليهم التشديد، فأبدلوه " ألفًا " لانفتاح ما قبل التشديد كما قالوا: " أيْما فلانٌ فأخزاه الله ". (55)* * *وقال آخرون منهم: بل هي" فاعلة " منقوصة.فسئلوا فقيل لهم: فما بال العرب تصغرها " أيَيَّة "، ولم يقولوا " أوَيَّة ". (56) فقالوا: قيل ذلك، كما قيل في" فاطمة "،" هذه فُطيمة ". فقيل لهم: فإنهم إنما يصغرون " فاعلة "، على " فعيلة "، إذا كان اسمًا في معنى فلان وفلانة، فأما في غير ذلك فليس من تصغيرهم " فاعلة " على " فعيلة ". (57)* * *وقال آخرون: إنه " فَعْلة " صيرت ياؤها الأولى " ألفا "، كما فعل ب" حاجة، وقامة ".فقيل لهم: إنما تفعل العرب ذلك في أولاد الثلاثة. (58)وقال من أنكر ذلك من قِيلهم: لو كان كما قالوا: لقيل في" نواة " ناية، وفي" حَياة " حَاية. (59)* * *القول في تأويل قوله : قَالَ آيَتُكَ أَلا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ إِلا رَمْزًاقال أبو جعفر: فعاقبه الله - فيما ذكر لنا - بمسألته الآية، بعد مشافهة الملائكة إياه بالبشارة، فجعل آيته = على تحقيق ما سمع من البشارة من الملائكة بيحيى أنه من عند الله = (60) آية من نفسه، جمعَ تعالى ذكره بها العلامة التي سألها ربَّه على ما يبيِّن له حقيقة البشارة أنها من عند الله، وتمحيصًا له من هفوته، وخطإ قِيله ومسألته.* * *وبنحو الذي قلنا في ذلك قال جماعة من أهل التأويل.ذكر من قال ذلك:7005 - حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة، قوله: " رب اجعل لي آية قال آيتك ألا تكلم الناسَ ثلاثةَ أيام إلا رمزًا "، إنما عوقب بذلك، لأن الملائكة شافهته مشافهة بذلك، فبشَّرته بيحيى، فسأل الآية بعد كلام الملائكة إياه. فأخِذَ عليه بلسانه، فجعل لا يقدر على الكلام إلا ما أومأ وأشار، فقال الله تعالى ذكره، كما تسمعون: "آيتك ألا تكلم الناس ثلاثةَ أيام إلا رمزًا ".7006 - حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر، عن قتادة في قوله: أَنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيَى مُصَدِّقًا ، قال: شافهته الملائكة، فقال: " رب اجعل لي آية قال آيتك ألا تكلم الناس ثلاثة أيام إلا رمزًا "، يقول: إلا إيماءً، وكانت عقوبةً عُوقب بها، إذ سأل الآيةَ مع مشافهة الملائكة إياه بما بشرته به.7007 - حدثني المثنى قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا عبد الله بن أبي جعفر عن أبيه، عن الربيع في قوله: " رب اجعل لي آية، قال آيتك ألا تكلم الناس ثلاثة أيام إلا رمزًا "، قال: ذكر لنا، والله أعلم، أنه عوقب، لأن الملائكة شافهته مشافهة، فبشرته بيحيى، فسأل الآية بعدُ، فأخِذَ بلسانه.7008 - حدثت عن عمار بن الحسن قال، حدثنا عبد الله بن أبي جعفر، عن أبيه، عن الربيع قال: ذكر لنا، والله أعلم، أنه عوقب، لأن الملائكة شافهته فبشرته بيحيى، قالت: أَنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيَى ، فسأل بعد كلام الملائكة إياه الآية، فأخِذ عليه لسانه، فجعل لا يقدر على الكلام إلا رمزًا - يقول: يومئ إيماءً.7009 - حدثني أبو عبيد الوَصّابي قال، حدثنا محمد بن حمير قال، حدثنا صفوان بن عمرو، عن جُبير بن نُفير في قوله: " قال رب اجعل لي آيةً قال آيتك ألا تكلم الناس ثلاثة أيام إلا رمزًا "، قال: ربَا لسانه في فيه حتى ملأه، ثم أطلقه الله بعد ثلاثٍ. (61)* * *قال أبو جعفر: وإنما اختارت القرأةُ النصبَ في قوله: " ألا تكلم الناس "، لأن معنى الكلام: قال آيتك أن لا تكلمَ الناسَ فيما يستقبلُ ثَلاثة أيام = فكانت " أن " هي التي تصحب الاستقبال، دون التي تصحب الأسماء فتنصبها. ولو كان المعنى فيه: آيتك أنك لا تكلم الناس ثلاثة أيام = أي: أنك على هذه الحال ثلاثة أيام = كان وجه الكلام الرفع. لأن " أن " كانت تكون حينئذ بمعنى الثقيلة خففت. ولكن لم يكن ذلك جائزًا، لما وصفت من أن ذلك بالمعنى الآخر.* * *وأما " الرّمز "، فإنّ الأغلب من معانيه عند العرب: الإيماءُ بالشفتين، وقد يستعمل في الإيماء بالحاجبين والعينين أحيانًا، وذلك غير كثير فيهم. وقد يقال للخفي من الكلام الذي هو مثلُ الهمس بخفض الصّوت: " الرمز "، ومنه قول جُؤيّة بن عائذ: (62)وَكَانَ تَكَلُّمُ الأبْطَالِ رَمْزًاوَهَمْهَمَةً لَهُمْ مِثْلَ الهَدِيرِ (63)يقال منه: " رَمز فلان فهو يَرْمِزُ ويرمُز رَمزًا = ويترمَّزُ ترمُّزًا "، ويقال: " ضربه ضربةً فارتمز منها "، أي اضطرب للموت، قال الشاعر: (64)خَرَرْتُ مِنْهَا لِقِفَايَ أَرْتَمِزْ (65)* * *وقد اختلف أهل التأويل في المعنى الذي عنى الله عز وجل به في إخباره عن زكريا من قوله: "آيتك ألا تكلم الناس ثلاثة أيام إلا رمزًا "، وأيّ معاني" الرمز " عني بذلك؟فقال بعضهم: عني بذلك: آيتك أن لا تكلم الناس ثلاثة أيام إلا تحريكًا بالشفتين، من غير أن ترمز بلسانك الكلام.ذكر من قال ذلك:7010 - حدثنا أبو كريب قال، حدثنا جابر بن نوح، عن النضر بن عربي، عن مجاهد في قوله: " إلا رمزًا "، قال: تحريك الشفتين.7011 - حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: " ثلاثة أيام إلا رمزًا "، قال: إيماؤه بشفتيه.7012 - حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد مثله.* * *وقال آخرون: بل عنى الله بذلك: الإيماء والإشارة.ذكر من قال ذلك:7013 - حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبي، عن سلمة بن نبيط، عن الضحاك: " إلا رمزًا "، قال: الإشارة.7014 - حدثت عن الحسين بن الفرج قال، سمعت أبا معاذ قال، أخبرنا عبيد بن سليمان قال، سمعت الضحاك يقول في قوله: " إلا رمزًا "، قال: الرمز أن يشير بيده أو رأسه، ولا يتكلم.7015 - حدثني محمد بن سعد قال، حدثني أبي قال، حدثني عمي قال، حدثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس: " إلا رمزًا "، قال: الرمزُ: أنْ أخِذ بلسانه، فجعل يكلم الناس بيده.7016 - حدثنا ابن حميد قال، حدثنا سلمة، عن ابن إسحاق: " إلا رمزًا "، قال: والرمز الإشارة.7017- حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد في قوله: " رب اجعل لي آية قال آيتك ألا تكلم الناس ثلاثة أيام إلا رمزًا "، الآية، قال: جعل آيته أن لا يكلم الناس ثلاثة أيام إلا رمزًا، إلا أنه يذكر الله. والرّمز: الإشارة، يشير إليهم.7018 - حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر، عن قتادة: " إلا رمزًا "، إلا إيماءً.7019 - حدثنا عن عمار قال، حدثنا ابن أبي جعفر، عن أبيه، عن الربيع مثله.7020 - حدثني موسى قال، حدثنا عمرو قال، حدثنا أسباط، عن السدي: " إلا رمزًا "، يقول: إشارة.7021 - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج قال، قال عبد الله بن كثير: " إلا رمزًا "، إلا إشارة.7022 - حدثني محمد بن سنان قال، حدثنا أبو بكر الحنفي، عن عباد، عن الحسن في قوله: " قال آيتك ألا تكلم الناس ثلاثة أيام إلا رمزًا "، قال: أمسكَ بلسانه، فجعل يومئ بيده إلى قومه: أنْ سبِّحوا بُكرة وعشيًّا.* * *القول في تأويل قوله : وَاذْكُرْ رَبَّكَ كَثِيرًا وَسَبِّحْ بِالْعَشِيِّ وَالإِبْكَارِ (41)قال أبو جعفر: يعني بذلك: قال الله جل ثناؤه لزكريا: يا زكريا، آيَتُكَ أَلا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ إِلا رَمْزًا ، بغير خرس ولا عاهة ولا مرض، =" واذكر ربك كثيرًا "، فإنك لا تمنع ذكرَه، ولا يحالُ بينك وبين تسبيحه وغير ذلك من ذكره، (66) وقد:-7023 - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن أبي معشر، عن محمد بن كعب قال: لو كان الله رخص لأحد في ترك الذكر، لرخَّص لزكريا حيث قال: "آيتك ألا تكلم الناس ثلاثة أيام إلا رمزًا واذكر ربك كثيرًا "، أيضًا.* * *وأما قوله: " وسبح بالعشي"، فإنه يعني: عَظِّم ربك بعبادته بالعشي.* * *و " العَشيّ" من حين تزُول الشمس إلى أن تغيب، كما قال الشاعر: (67)فَلا الظِّلَّ مِنْ بَرْدِ الضُّحَى تَسْتَطِيعَهُ,وَ لا الفَيْءَ مِنْ بَرْدِ العَشِيِّ تَذُوقُ (68)فالفيء، إنما تبتدئ أوْبته عند زوال الشمس، وَيتناهى بمغيبها.* * *وأما " الإبكار " فإنه مصدر من قول القائل: " أبكر فلان في حاجة فهو يُبْكِر إبكارًا "، وذلك إذا خرج فيها من بين مطلع الفجر إلى وقت الضُّحى، فذلك " إبكار ". يقال فيه: " أبكر فلان " و " بكر يَبكُر بُكورًا ". فمن " الإبكار "، قول عمر بن أبي ربيعة:أَمِنْ آلِ نُعَمٍ أَنْتَ غَادٍ فَمُبْكِرُ (69)ومن " البكور " قول جرير:أَلا بَكَرَتْ سَلْمَى فَجَدَّ بُكُورُهَاوَشَقَّ العَصَا بَعْدَ اجْتِمَاعٍ أَمِيرُهَا (70)ويقال من ذلك: " بكر النخلُ يَبْكُر بُكورًا = وأبكر يُبكر إبكارًا "، (71) و " الباكور " من الفواكه: أوّلها إدراكًا.* * *وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.ذكر من قال ذلك:7024 - حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: " وسبِّح بالعشيّ والإبكار "، قال: الإبكار أوّل الفجر، والعشيّ مَيْل الشمس حتى تغيب. (72)7025 - حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد مثله.---------------------الهوامش :(54) انظر ما سلف 1: 106 ، ثم انظر فهرس اللغة مادة (أيى) في الأجزاء السالفة.(55) "أيما" ، بمعنى "أما" مشددة الميم.(56) في المطبوعة والمخطوطة: "أويية" ، والصواب ما أثبت بتشديد الياء.(57) قائل ذلك ، هو الكسائي وأصحابه. وسائلوه: هم الفراء وأصحابه. انظر لسان العرب مادة (أيا).(58) أولاد الثلاثة: يعني الاسم الثلاثي.(59) انظر تفصيل ما سلف ، وبعضه بنصه في لسان العرب 18: 66 ، وهذه الردود كلها للفراء ، كما يظهر من نص اللسان ، وكأن في نص الطبري بعض الاضطراب ، فإن قوله: "فقيل لهم: إنما يفعل العرب ذلك في أولاد الثلاثة" ، إنما هو رد على قول من زعم إنها"فاعلة" منقوصة ، مثل حاجة وقامة ، وأن أصلها حائجة وقائمة. وأخشى أن يكون الناسخ قد أسقط ، أو قدم شيئًا ، فاضطرب الكلام.(60) في المطبوعة: "على تخصيص ما سمع..." ، وهو فاسد لا معنى له ، وأوقعه في ذلك أن كاتب المخطوطة كتب أولا تخصيص" ثم عاد فطمس الصاد الأولى ، ووضع عليها نقطتي القاف ، ثم ركب على حوض الصاد (ص) دائرة القاف ، فلم يستطع الناشر الأول أن يقرأ ذلك إلا على الوجه الذي هرب منه الناسخ!!وسياق هذه العبارة"فجعل آيته. . . آية من نفسه" وتلك الآية: أنه حبس لسانه فلم يكلم الناس إلا كما أمر ، رمزًا.(61) الأثر: 7009-"أبو عبيد الوصابي" هو: "محمد بن حفص" ، مضى في التعليق على رقم: 129 ، 6780 ، وكان في المطبوعة: "الرصافي" ، وفي المخطوطة"الوصافي" ، وكلاهما خطأ. و"محمد بن حمير" مضى أيضًا في: 129: 6870. و"صفوان بن عمرو بن هرم السكسكي الحمصي" روى عن عبد الله بن بسر المازني الصحابي وجبير بن نفير ، وجماعة. كان ثقة مأمونًا ، مترجم في التهذيب. و"جبير بن نفير" ، أدرك زمان النبي صلى الله عليه وسلم وكان جاهليًا ، أسلم زمن أبي بكر وروى عن رسول الله وعن أبي بكر مرسلا ، وروى عن أبي ذر وأبي الدرداء وغيرهما من الصحابة. قال أبو حاتم: "ثقة من كبار تابعي أهل الشام". مترجم في التهذيب. وكان في المطبوعة: "جويبر بن نصير"!! وهو خطأ لا شك فيه ، والصواب في المخطوطة.(62) في المطبوعة: "حوبة بن عابد" ، وهو لا معنى له في الصواب ولا في الخطأ. وهو في المخطوطة بهذا الرسم غير منقوط. والصواب ما أثبت.وهو جؤبة بن عائذ النصري ، فيما روى ابن السكيت في تهذيب الألفاظ: 125. أما الآمدي في المؤتلف والمختلف: 83 ، فقد سماه: "عائذ بن جؤية بن أسيد بن جرار بن عبد بن عاثرة بن يربوع بن واثلة بن دهمان بن نصر بن معاوية بن بكر بن هوازن" ، وذكره أيضًا البغدادي في الخزانة 1: 476. والعجب لبعض من يعلق على تفسير الطبري أن يزعم كالقاطع الجازم أنه"جؤية بن عائذ الكوفي النحوي"!!(63) لم أجد البيت فيما بين يدي من الكتب ، ولكني أذكره. وكان في المطبوعة: "وكان يكلم" والصواب ما أثبت.(64) لم أعرف هذا الراجز.(65) اللسان (رمز).(66) انظر تفسير"سبح" فيما سلف 1: 472-474 ، وفهارس اللغة.(67) هو حميد بن ثور الهلالي.(68) ديوانه: 40 ، وهو من قصيدته الجيدة التي قالها ، لما تقدم عمر بن الخطاب إلى الشعراء ، أن لا يشبب أحد بامرأة إلا جلده ، فخرج من عقوبة عمر بأن ذكر"سرحة" وسماها"سرحة مالك" فشكا أهلها إلى عمر ، فقال لهم:تجرَّمَ أهْلُوهَا, لأَنْ كُنْتُ مُشْعَرًاجُنُونًا بها!! يا طُولَ هذَا التَجَرُّمِ!وَمَا لِيَ من ذَنْبٍ إِلَيْهِمْ عَلِمْتُهُسِوَى أنّني قَدْ قُلْتُ: "يَا سَرْحَةُ اسْلَمِى"بَلَى, فاسلِمي, ثُمَّ اسْلَمِي, ثُمَّتَ اسلمي,ثَلاَثَ تَحِيَّاتٍ, وإن لم تَكَلَّميفكان رحمه الله خفيف الدم (كما يقول المصريون). أما الأبيات التي منها البيت المستشهد به ، فإنه ذكر السرحة واستسقى لها ، ووصفها واستجاد لصفتها مكارم الصفات ، ثم قال:فَيَا طِيبَ رَيَّاهَا, وَيَا بَرْدَ ظِلِّهَاإذَا حَانَ من حَامي النّهارِ وُدُوقُوهَلْ أنا إنْ عَلَّلْتُ نَفْسِي بِسَرْحةٍمن السَّرْحِ, مَسدُودٌ عَلَيَّ طريقُحَمَى ظِلَّهَا شَكْسُ الخَلِيقَةِ, خَائِفٌعَلَيْهَا غَرَامَ الطَّائِفينَ, شَفِيقُفَلاَ الظِلَّ مِنْهَا بالضُّحَى تَسْتَطِيعُهوَلاَ الفَيْءَ مِنْهَا بالعَشِيّ تَذُوقُمع اختلاف الروايتين كما ترى.(69) ديوانه: 1 ، من قصيدته النفيسة ، يقولها في"نعم" ، وهي امرأة من قريش ، من بني جمح ، كان عمر كثير الذكر لها في شعره. وكأن شعره فيها من أصدق ما قال في امرأة ، وهذا الشطر أول القصيدة وتمامه:غَدَاةَ غَدٍ? أمْ رَائحٌ فَمُهَجِّر?"(70) ديوانه: 293 ، والنقائض: 7 ، يجيب حكيم بن معية الربعي ، وكان هجا جريرًا. قال أبو عبيدة: "شق العصا: التفرق ، ومن هذا يقال للرجل المخالف للجماعة: قد شق العصا. وأميرها: الذي تؤامره ، زوجها أو أبوها".(71) هذا نص خلت منه كتب اللغة ، وحفظه أبو جعفر. وهو صواب ، فإنهم قالوا: "البكيرة والباكورة والبكور" من النخل: التي تدرك في أول النخل ، فذكروا الصفات ، وتركوا الفعل. فهي زيادة ينبغي تقييدها.(72) في المخطوطة: "مثل الشمس حيا يعيب" ، !!! هكذا كتب وأعجم!!
وَ اِذْ قَالَتِ الْمَلٰٓىٕكَةُ یٰمَرْیَمُ اِنَّ اللّٰهَ اصْطَفٰىكِ وَ طَهَّرَكِ وَ اصْطَفٰىكِ عَلٰى نِسَآءِ الْعٰلَمِیْنَ(۴۲)
اور جب فرشتوں نے کہا، اے مریم، بیشک اللہ نے تجھے چن لیا (ف۸۷) اور خوب ستھرا کیا (ف۸۸) اور آج سارے جہاں کی عورتوں سے تجھے پسند کیا (ف۸۹)
القول في تأويل قوله : وَإِذْ قَالَتِ الْمَلائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفَاكِ عَلَى نِسَاءِ الْعَالَمِينَ (42)قال أبو جعفر: يعني بذلك جل ثناؤه: وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ * إِذْ قَالَتِ امْرَأَةُ عِمْرَانَ رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّرًا ، " وإذ قالت الملائكة يا مريمُ إن الله اصطفاك .* * *ومعنى قوله: " اصطفاك "، اختارك واجتباك لطاعته وما خصّك به من كرامته. (73)* * *وقوله: " وطهَّرك "، يعني: طهَّر دينك من الرّيب والأدناس التي في أديان نساء بني آدم (74)* * *=" واصطفاك على نساء العالمين "، يعني: اختارك على نساء العالمين في زمانك، (75) بطاعتك إياه، ففضَّلك عليهم، كما روى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: " خيرُ نسائها مريم بنت عمران، وخيرُ نسائها خديجة بنت خويلد " = يعني بقوله: " خير نسائها "، خير نساء أهل الجنة.7026 - حدثني بذلك الحسين بن علي الصدائي قال، حدثنا محاضر بن المورّع قال، حدثنا هشام بن عروة، عن أبيه، عن عبد الله بن جعفر قال: سمعت عليًّا بالعراق يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: خيرُ نسائها مريم بنت عمران، وخيرُ نسائها خديجة. (76)7027 - حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، حدثني المنذر بن عبد الله الحزامي، عن هشام بن عروة، عن أبيه عن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب: أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: خير نساء الجنة مريم بنت عمران، وخير نساء الجنة خديجة بنت خويلد. (77)7028 - حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة قوله: " وإذ قالت الملائكة يا مريم إنّ الله اصطفاك وطهرك واصطفاك على نساء العالمين "، ذكر لنا أن نبي الله صلى الله عليه وسلم كان يقول: حسبك بمريم بنت عمران، وامرأة فرعون وخديجة بنت خويلد وفاطمة بنت محمد، من نساء العالمين = قال قتادة: ذكر لنا أن نبي الله صلى الله عليه وسلم كان يقول: " خيرُ نساء ركبن الإبل صوالحُ نساء قريش، أحناهُ على ولد في صغره، وأرعاهُ على زوج في ذات يده " = (78) قال قتادة: وذكر لنا أنهُ كان يقول: " لو علمت أنّ مريم ركبت الإبل، ما فضّلت عليها أحدًا ". (79)7029 - حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر، عن قتادة، في قوله: " يا مريم إنّ الله اصطفاك وطهرك واصطفاك على نساء العالمين "، قال: كان أبو هريرة يحدث أنّ النبي صلى الله عليه وسلم قال: خيرُ نساء ركبن الإبل صُلحُ نساء قُرْيش، أحناه على ولد، وأرعاه لزوج في ذات يده = قال أبو هريرة: ولم تركب مريم بعيرًا قط. (80)7030 - حدثت عن عمار قال، حدثنا ابن أبي جعفر، عن أبيه قوله: " وإذ قالت الملائكة يا مريم إنّ الله اصطفاك وطهرك واصطفاك على نساء العالمين "، قال: كان ثابت البناني يحدث، عن أنس بن مالك: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: خير نساء العالمين أربع: مريم بنت عمران، وآسية بنت مزاحم امرأة فرعون، وخديجة بنت خويلد، وفاطمة بنت محمد. (81)7031 - حدثني المثنى قال، حدثنا آدم العسقلاني قال، حدثنا شعبة قال، حدثنا عمرو بن مرة قال، سمعت مرة الهمداني يحدث، عن أبي موسى الأشعريّ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: كمل من الرّجال كثيرٌ، ولم يكمل من النساء إلا مريم، وآسية امرأة فرعون، وخديجة بنت خويلد، وفاطمة بنت محمد. (82)7032 - حدثني المثنى قال، حدثنا أبو الأسود المصري قال، حدثنا ابن لهيعة، عن عمارة بن غزية، عن محمد بن عبد الله بن عمرو بن عثمان: أن فاطمة بنت حسين بن علي حدثته: أن فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت: دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم يومًا وأنا عند عائشة، فناجاني، فبكيتُ، ثم ناجاني فضحكت، فسألتني عائشة عن ذلك، فقلت: لقد عَجلْتِ! أخبرُك بسرّذ رسول الله صلى الله عليه وسلم!! فتركتني. فلما تُوفي رسول الله صلى الله عليه وسلم سألتها عائشة فقالت: نعم، ناجاني فقال: جبريلُ كان يعارضُ القرآنَ كلّ عام مرة، وإنه قد عارضَ القرآنَ مرّتين؛ وإنه ليس من نبيّ إلا عُمِّر نصف عُمر الذي كان قبله، وإن عيسى أخي كان عُمْره عشرين ومئة سنة، وهذه لي ستون، وأحسبني ميتًا في عامي هذا، وإنه لم تُرْزأ امرأةٌ من نساء العالمين بمثل ما رُزئتِ، ولا تكوني دون امرأة صبرًا! قالت: فبكيتُ، ثم قال: أنت سيدة نساء أهل الجنة إلا مريم البتول. فتوفي عامه ذلك. (83)7033 - حدثني المثنى قال حدثنا أبو الأسود قال، حدثنا ابن لهيعة، عن عمرو بن الحارث، أن أبا زياد الحميريّ حدثه، أنه سمع عمار بن سعد يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فُضّلت خديجةُ على نساء أمتي، كما فضلت مريم على نساء العالمين. (84)* * *وبمثل الذي قلنا في معنى قوله: " وطهرك "، أنه: وطهَّر دِينك من الدّنس والرّيب، قاله مجاهد. (85)7034 - حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم، عن عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد في قول الله: " إن الله اصطفاك وطهرك "، قال: جعلك طيبةً إيمانًا.7035 - حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد مثله.* * *7036 - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريح: " واصطفاك على نساء العالمين "، قال: ذلك للعالمين يومئذ. (86)* * *وكانت الملائكة - فيما ذكر ابن إسحاق - تقول ذلك لمريم شفاهًا.7037 - حدثنا ابن حميد قال، حدثنا سلمة قال، حدثني ابن إسحاق قال: كانت مريم حبيسًا في الكنيسة، ومعها في الكنيسة غُلام اسمه يُوسف، وقد كانَ أمه وأبوه جعلاه نذيرًا حبيسًا، فكانا في الكنيسة جميعًا، وكانت مريم، إذا نَفِدَ ماؤها وماء يوسف، أخذا قُلَّتيهما فانطلقا إلى المفازة التي فيها الماء الذي يستعذِبان منه، (87) فيملآن قلتيهما، ثم يرجعان إلى الكنيسة، والملائكة في ذلك مقبلة على مريم: " يا مريم إن الله اصطفاك وطهرك واصطفاك على نساء العالمين "، فإذا سمع ذلك زكريا قال: إنّ لابنة عمرانَ لشأنًا.---------------------------الهوامش :(73) انظر معنى"اصطفى" فيما سلف 3: 91 / ثم 5: 312 / 6: 326.(74) انظر معنى"طهر" فيما سلف 3: 38-40 ، وفهارس اللغة.(75) انظر تفسير"العالمين" فيما سلف 1: 143-146 / 2: 23-26 / ثم 5: 375.(76) الحديث: 7026- محاضر بن المورع الهمداني الكوفي ، وكنيته"أبو المورع" أيضًا: ثقة ، لينة أحمد وأبو حاتم. ورجحنا في المسند: 3823 توثيقه. ووثقه ابن سعد 6: 278. و"محاضر": بضم الميم وفتح الحاء المهملة وكسر الضاد المعجمة. و"المورع": بضم الميم وفتح الواو وكسر الراء المشددة وآخره عين مهملة.والحديث رواه أحمد في المسند ، عن عبد الله بن نمير: 640 ، وعن وكيع: 1109 ، وعن محمد ابن بشر: 1211- ثلاثتهم عن هشام بن عروة. ورواه ابنه عبد الله ، في المسند: 938 ، عن طريق أبي خيثمة ، ووكيع ، وأبي معاوية - ثلاثتهم عن هشام بن عروة ، بهذا الإسناد.ورواه البخاري 6: 339 ، و 7: 100-110 ، ومسلم 2: 243 ، والترمذي 4: 365- كلهم من طريق هشام بن عروة ، به.ورواه الحاكم في المستدرك 3: 184 ، عن طريق ابن نمير ، ثم من طرق المسند عن وكيع وابن نمير.وذكره ابن كثير في التفسير 2: 138 ، وفي التاريخ 2: 59 ، عن رواية الصحيحين.وذكره السيوطي 2: 23 ، ونسبه أيضًا لابن أبي شيبة ، وابن مردويه.(77) الحديث: 7027- المنذر بن عبد الله بن المنذر الحزامي: ثقة ، كان من سروات قريش وأهل الندى والفضل. ترجمه البخاري في الكبير 4 / 1 / 359 ، وابن أبي حاتم 4 / 1 / 243- فلم يذكرا فيه جرحًا.والحديث هو الحديث السابق. ولكنه هنا من حديث عبد الله بن جعفر عن النبي صلى الله عليه وسلم ، وهناك من حديثه عن عمه علي بن أبي طالب عن النبي صلى الله عليه وسلم. فهو إما مرسل صحابي ، وإما قصر الراوي عن هشام ، فترك ذكر علي ، والأرجح أن يكون عبد الله بن جعفر سمعه من رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وسمعه عنه بواسطة علي. فرواه على الوجهين. وهو صحيح بكل حال.(78) من العربية العريقة إعادة الضمير المفرد بعد أفعل التفضيل ، على الجمع ، وقد جاء في الشعر ، وجاء في الآثار كقوله: "كان عمار بن ياسر من أطول الناس سكوتًا وأقله كلامًا". وقد سلف بيان ذلك في رقم: 5968 ، 6129 ، (فانظره).(79) الحديث: 7028 - هو حديث مرسل. بل هو في حقيقته ثلاثة أحاديث ، يقول قتادة في أول كل منها: "ذكر لنا أن نبي الله صلى الله عليه وسلم كان يقول":فأولها -"حسبك بمريم..."-: ثبت موصولا. فرواه أحمد في المسند: 12418 (ج 3 ص 135 حلبي) - عن عبد الرزاق ، عن معمر ، عن قتادة ، عن أنس - هو ابن مالك - مرفوعًا ، بنحوه.وكذلك رواه الحاكم في المستدرك 3: 157-158 ، عن أبي بكر القطيعي - راوي المسند - عن عبد الله بن أحمد ، عن أبيه ، عن عبد الرزاق. ولكنه ذكر أنه رواه عن القطيعي "في فضائل أهل البيت ، تصنيف أبي عبد الله أحمد بن حنبل". فلم يروه من كتاب (المسند) ، إنما رواه من كتاب آخر لأحمد والإسناد واحد.ورواه الترمذي 4: 366 ، وابن حبان في صحيحه (2: 375 من مخطوطة التقاسيم والأنواع) - كلاهما من طريق عبد الرزاق ، به.وقال الترمذي: "هذا حديث صحيح". وقال الحاكم: "هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ، ولم يخرجاه بهذا اللفظ فإن قوله صلى الله عليه وسلم: حسبك من نساء العالمين - يسوي بين نساء الدنيا".وقد يوهم كلام الحاكم أن الشيخين روياه من حديث أنس بغير هذا اللفظ. والشيخان لم يروياه من حديث أنس أصلا.ونقله ابن كثير في التاريخ 2: 59-60 ، من رواية المسند ، وفي التفسير 2: 138-139 ، من رواية الترمذي. وأشار في الموضعين إلى رواية ابن مردويه إياه من طريق ثابت عن أنس. وسيأتي من رواية ثابت: 7030. وسنذكره هناك ، إن شاء الله.وأشار الحافظ في الفتح 6: 340 ، إلى رواية الترمذي إياه ، وقال: "بإسناد صحيح".وثانيها: "خير نساء ركبن الإبل..." - وسيأتي عقب هذا: 7029 ، من رواية قتادة ، عن أبي هريرة. وسيأتي عقب هذا: ونذكر علته وتخريجه هناك ، إن شاء الله.وثالثها: "لو علمت أن مريم ركبت الإبل ، ما فضلت عليها أحدًا". وهو لفظ منكر ، ما علمته ثبت من طريق متصل. والصحيح أنه من كلام أبي هريرة ، كما سيأتي في الحديث التالي.(80) الحديث: 7029- وهذا إسناد منقطع ، لأن قتادة بن دعامة السدوسي لم يدرك أبا هريرة ، لأنه ولد سنة 61 ، بعد وفاة أبي هريرة. ولذلك قال هنا: "كان أبو هريرة يحدث" ، فهو شبيه في عبارته بالبلاغ.ومتن الحديث صحيح:فرواه أحمد في المسند: 7637 ، عن عبد الرزاق ، عن معمر ، عن الزهري ، عن سعيد بن المسيب ، عن أبي هريرة ، بنحوه ، مطولا.ورواه كذلك: 7695 ، بهذا الإسناد ، مختصرًا.ورواه: 7638 ، عن عبد الرزاق ، عن معمر ، عن ابن طاوس ، عن أبيه ، عن أبي هريرة ، مختصرًا.وذكره ابن كثير في التفسير 2: 138 ، عن الرواية الأولى من المسند ، ثم قال: "ولم يخرجه من هذا الوجه سوى مسلم ، فإنه رواه عن محمد بن رافع وعبد بن حميد - كلاهما عن عبد الرزاق ، به". وذكره أيضًا في التاريخ 2: 60 ، ثم أشار إلى رواية مسلم.ورواية مسلم ، هي في صحيحه 2: 370.ورواه أيضا البخاري 9: 107-108 ، و 448 ، ومسلم 2: 369-370 ، من طرق عن أبي هريرة.والروايات الصحاح ، هي أن أبا هريرة قال من عند نفسه ، في آخر الحديث: "ولم تركب مريم بعيرًا قط".وأما رفع هذا إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، باللفظ الذي في الحديث السابق - فهو كما قلنا: "لفظ منكر".قوله"صلح" - بضمتين: هكذا في المخطوطة. وكان ناسخها كتب"صوالح" ، ثم ضرب عليها وكتب"صلح". و"صلح": جمع"صليح". يقال: صالح وصلح ، وهو جمع محمول على"فعيل" في الأسماء ، فقالوا في جمع الصفات: "نذير ونذر ، وجديد وجدد" ، كما قالوا في الأسماء"كثيب وكثب". وهذا حرف لم ينص عليه في كتب اللغة.(81) الحديث: 7030- هذا إسناد ضعيف ، لجهالة الشيخ الذي رواه عنه الطبري ، إذ قال"حدثت" بالبناء للمجهول.وابن أبي جعفر: هو عبد الله الرازي. وهو ثقة ، وثقه أبو زرعة ، وأبو حاتم ، وغيرهما. مترجم في التهذيب ، وابن أبي حاتم 2 / 2 / 127.أبوه "أبو جعفر الرازي": اختلف في اسمه ، والراجح أنه"عيسى بن ماهان". وهو ثقة ، وثقه ابن المديني ، وابن سعد 7 / 2 / 109 ، وغيرهما. ترجم في التهذيب في الكنى ، وترجمه ابن أبي حاتم في ترجمة"عيسى" 3 / 1 / 280. وقد أشرنا إلى ترجمته في: 164. ولم أستطع أن أجد ما يدل على أنه أدرك ثابتًا البناني.ثم هذا الحديث ذكره ابن كثير في التفسير 2: 139 ، والتاريخ 2: 60 أنه رواه ابن مردويه ، من طريق عبد الله بن أبي جعفر الرازي ، عن أبيه ، عن ثابت ، عن أنس. وزاد في التاريخ أنه رواه ابن عساكر من طريق تميم بن زياد ، عن أبي جعفر الرازي ، ولكنه لم يكشف عن سنده في ابن مردويه إلى ابن أبي جعفر ، ولا عن سنده في ابن عساكر إلى تميم بن زياد ، فلا نستطيع أن نتبين صحة هذين الإسنادين أو أحدهما.وقد مضى في شرح 7028 ، أنه رواه أحمد ، والترمذي ، وابن حبان في صحيحه ، والحاكم - من حديث معمر ، عن قتادة ، عن أنس. فأغنى ثبوته من ذاك الوجه الصحيح عن هذا الوجه الضعيف ، أو المشكوك في صحته. والحمد لله.(82) الحديث: 7031- آدم العسقلاني: هو آدم بن أبي إياس ، شيخ البخاري. مضى مرارًا.عمرو بن مرة: هو الجملي المرادي. مضى توثيقه: 175. واسم جده"عبد الله بن طارق". فمرة أبوه ، غير"مرة الهمداني" شيخه هنا. فإنه"مرة بن شراحيل الهمداني" الثقة التابعي المخضرم. وقد مضى مرارًا. والحديث رواه البخاري 6: 340 ، عن آدم - وهو ابن أبي إياس العسقلاني ، بهذا الإسناد ، مطولاً.ورواه أيضا 6: 320 ، من طريق وكيع ، عن شعبة ، ورواه أيضًا 7: 83 ، عن آدم ، وعن عمرو - وهو ابن مرزوق - كلاهما عن شعبة.ونقله ابن كثير في التفسير 2: 139 ، عن هذا الموضع من الطبري ، ثم قال: "وقد أخرجه الجماعة إلا أبا داود ، من طرق عن شعبة ، به". ثم ذكر أنه استقصى طرقه في التاريخ. ولكنه لم يفعل ، فإنه ذكره فيه 2: 61 ، منسوبًا إلى"الجماعة إلا أبا داود ، من طرق عن شعبة".وذكره السيوطي 2: 23 ، وزاد نسبته لابن أبي شيبة.(83) الحديث: 7032- أبو الأسود المصري: هو النضر بن عبد الجبار بن نصير المرادي. وهو ثقة. روى عنه يحيى بن معين ، وأبو حاتم ، وغيرهما.عمارة بن غزية - بفتح الغين المعجمة وكسر الزاي وتشديد الياء التحتية - بن الحارث ، الأنصاري المازني المدني: ثقة ، وثقه ابن سعد ، والدارقطني ، وغيرهما ، وأخرج له مسلم في الصحيح.محمد بن عبد الله بن عمرو بن عثمان بن عفان: ثقة ، وثقه النسائي ، والعجلي ، وغيرهما. وقال ابن سعد: "كان كثير الحديث عالمًا". وكان جوادًا ممدحًا. وهو المعروف بالديباج ، لحسنه. وأبوه"عبد الله بن عمرو بن عثمان": هو المعروف بالمطرف ، لحسنه أيضًا.ووقع في المخطوطة والمطبوعة"محمد بن عبد الرحمن بن عمرو بن عثمان". وهو خطأ يقينًا في اسم والد"محمد". فهو"عبد الله" ، لا"عبد الرحمن".وفاطمة بنت الحسين بن علي بن أبي طالب: تابعية ثقة. كانت تحت ابن عمها"الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب" ، وأعقبت منه ، فلما مات تزوجت"المطرف عبد الله بن عمرو بن عثمان". زوجه إياها ابنها عبد الله بن حسن بن حسن ، بأمرها ، فأعقبت منه أولادًا ، منهم "محمد" الراوي عنها هنا. وعمرت فاطمة حتى قاربت التسعين.وروايتها عن جدتها فاطمة الزهراء بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم - رواية منقطعة ، ظاهرة الإرسال ، لأن الزهراء ماتت بعد أبيها بستة أشهر ، وكان ولدها الحسن والحسين صغيرين.فهذا الحديث ضعيف الإسناد ، لهذا الانقطاع.ولم أجده في شيء من الدواوين غير هذا الموضع.وقد أشار إليه الحافظ في الفتح مرتين ، لم ينسبه فيهما لغير الطبري:فأشار إليه 6: 104 ، وجعله"عند الطبري من وجه آخر عن عائشة" ، وهو وهم ، فإنه من حديث فاطمة ، كما ترى.ثم أشار إليه 7: 82 على الصواب ، من حديث فاطمة.ووقع فيه في الموضعين غلط من ناسخ أو طابع.وأصل هذه القصة ثابت من حديث عائشة ، في الصحيحين وغيرهما. ولكن ليس فيه ذكر عيسى وعمره ، ولا أنه"لم ترزأ امرأة...".وعمر عيسى المذكور - في هذه الرواية- منكر جدًا ، لم نجد أحدًا قال مثل هذا ، فيما نعلم. وهو من دلائل ضعف هذه الرواية.وانظر حديث عائشة في البخاري 65: 462 ، و 7: 63-64 ، و 8: 103-104 (فتح) ، ومسلم 2: 248-249 ، وابن سعد 2 / 2 / 39-40 ، و 8: 17.(84) الحديث: 7033- هذا إسناد ضعيف بكل حال.أما أبو زياد الحميري: فلم نعرف من هو؟ ولم نجد له ترجمة ولا ذكرًا. والغالب أنه محرف عن شيء لا ندريه.وأما "عمار بن سعد بن عابد المؤذن": فإنه المعروف أبوه بلقب"سعد القرظ" المؤذن. وعمار هذا تابعي ، نص في التهذيب على أن روايته عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلة. وقد ترجمه الحافظ في الإصابة 5: 83 ، في القسم الثاني ، الذين ولدوا في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم.(85) في المطبوعة والمخطوطة: "قال مجاهد" ، والصواب ما أثبت كما يدل عليه السياق.(86) انظر ما سلف ص: 393 تعليق: 4 ، مراجع تفسير"العالمين".(87) يستعذبان: يستقيان ، وأصله من قولهم: "استعذب": أي استقى أو طلب ماء عذبًا. وفي الحديث: "أنه كان يستعذب له من بيوت السقيا" ، أي يحضر له منها الماء العذب.
یٰمَرْیَمُ اقْنُتِیْ لِرَبِّكِ وَ اسْجُدِیْ وَ ارْكَعِیْ مَعَ الرّٰكِعِیْنَ(۴۳)
اے مریم اپنے رب کے حضور ادب سے کھڑی ہو (ف۹۰) اور اس کے لئے سجدہ کر اور رکوع والوں کے ساتھ رکوع کر،
القول في تأويل قوله : يَا مَرْيَمُ اقْنُتِي لِرَبِّكِ وَاسْجُدِي وَارْكَعِي مَعَ الرَّاكِعِينَ (43)قال أبو جعفر: يعني جل ثناؤه بقوله - خبرًا عن قِيل ملائكته لمريم: " يا مريم اقنتي لربك "، أخلصي الطاعة لربك وحده.* * *وقد دللنا على معنى " القنوت "، بشواهده فيما مضى قبل. (88) والاختلافُ بين أهل التأويل فيه في هذا الموضع، نحو اختلافهم فيه هنالك. وسنذكر قول بعضهم أيضًا في هذا الموضع.فقال بعضهم: معنى " اقنتي"، أطيلي الرُّكود.ذكر من قال ذلك:7038 - حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم، عن عيسى،عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: " يا مريم اقنتي لربك "، قال: أطيلي الركود، يعني القنوت.7039 - حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد مثله.7040 - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج " اقنتي لربك "، قال قال مجاهد: أطيلي الركود في الصّلاة = يعني القنوت.7041 - حدثني المثنى قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا عبد الله بن إدريس، عن ليث، عن مجاهد قال: لما قيل لها: " يا مريم اقنتي لربك "، قامت حتى وَرِم كعباها.7042 - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثنا عبد الله بن إدريس، عن ليث، عن مجاهد قال: لما قيل لها: " يا مريم اقنتي لربك "، قامت حتى ورمت قدَماها.7043 - حدثني المثنى قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا عبد الرزاق قال، أخبرنا الثوري، عن ابن أبي ليلى، عن مجاهد: " اقنتي لربك "، قال: أطيلي الركود.7044 - حدثت عن عمار قال، حدثنا ابن أبي جعفر، عن أبيه، عن الربيع: " يا مريم اقنتي لربك "، قال: القنوت: الركود. يقول: قومي لربك في الصلاة. يقول: اركدي لربّك: أي انتصبي له في الصلاة =" واسجدي واركعي مع الراكعين ".7045 - حدثني محمد بن سنان قال، حدثنا أبو عاصم، عن سفيان، عن ليث، عن مجاهد: " يا مريم اقنتي لربك "، قال: كانت تصلي حتى تَرِم قدماها.7046 - حدثني ابن البرقي قال، حدثنا عمرو قال، حدثنا الأوزاعي: " يا مريم اقنتي لربك "، قال: كانت تقوم حتى يَسيل القيح من قدميها.* * *وقال أخرون: معناه: أخلصي لربك.ذكر من قال ذلك:7047 - حدثني المثنى قال، حدثنا الحماني قال، حدثنا ابن المبارك، عن شريك، عن سالم، عن سعيد: " يا مريم اقنتي لربك "، قال: أخلصي لربك.* * *وقال أخرون: معناه: أطيعي ربك.ذكر من قال ذلك:7048 - حدثني الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر، عن قتادة في قوله: " اقنتي لربك "، قال: أطيعي ربك.7049 - حدثني موسى قال، حدثنا عمرو قال، حدثنا أسباط، عن السدي: " اقنتي لربك "، أطيعي ربك.7050 - حدثني المثنى قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا محمد بن حرب قال حدثنا ابن لهيعة، عن درّاج، عن أبي الهيثم، عن أبي سعيد الخدري، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: كل حرف يذكر فيه القنوت من القرآن، فهو طاعة لله. (89)7051 - حدثني محمد بن سنان قال، حدثنا أبو بكر الحنفي، عن عباد بن منصور، عن الحسن في قوله: " يا مريم اقنتي لربك "، قال يقول: اعبدي ربك.* * *قال أبو جعفر: وقد بينا أيضًا معنى " الرّكوع "" والسجود " بالأدلة الدالة على صحته، (90) وأنهما بمعنى الخشوع لله، والخضوع له بالطاعة والعُبُودة. (91)* * *فتأويل الآية، إذًا: يا مريم أخلصي عبادةَ ربك لوجهه خالصًا، واخشعي لطاعته وعبادته مع من خشع له من خلقه، شكرًا له على ما أكرمك به من الاصطفاء والتَّطهير من الأدناس، والتفضيل على نساء عالم دَهرك.------------------------الهوامش :(88) انظر ما سلف 2: 538 ، 539 / ثم 5: 228 ، 237 / 6: 264.(89) الأثر: 7050 - هذا إسناد آخر للخبر السالف رقم: 5518 من طريق الربيع بن سليمان ، عن أسد بن موسى ، عن ابن لهيعة.(90) انظر تفسير"السجود" فيما سلف 2: 104 ، 105 ، 242 ، وفهارس اللغة ، وتفسير"الركوع" فيما سلف 1: 574 ، 575 / ثم 3: 43 ، 44 ، وفهارس اللغة.(91) في المطبوعة: "العبودية" ، وأثبت صواب ما في المخطوطة ، والطبري يكثر من استعمالها كذلك. انظر ما سلف: 271؛ والتعليق: 1.
ذٰلِكَ مِنْ اَنْۢبَآءِ الْغَیْبِ نُوْحِیْهِ اِلَیْكَؕ-وَ مَا كُنْتَ لَدَیْهِمْ اِذْ یُلْقُوْنَ اَقْلَامَهُمْ اَیُّهُمْ یَكْفُلُ مَرْیَمَ۪-وَ مَا كُنْتَ لَدَیْهِمْ اِذْ یَخْتَصِمُوْنَ(۴۴)
یہ غیب کی خبریں ہیں کہ ہم خفیہ طور پر تمہیں بتاتے ہیں (ف۹۱) اور تم ان کے پاس نہ تھے جب وہ اپنی قلموں سے قرعہ ڈالتے تھے کہ مریم کس کی پرورش میں رہیں اور تم ان کے پاس نہ تھے جب وہ جھگڑ رہے تھے(ف۹۲)
القول في تأويل قوله : ذَلِكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيْكَقال أبو جعفر: يعني جل ثناؤه بقوله ذلك: الأخبارَ التي أخبرَ بها عبادَه عن امرأة عمران وابنتها مريم، وزكريا وابنه يحيى، وسائر ما قصَّ في الآيات من قوله: إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحًا ، ثم جمعَ جميعَ ذلك تعالى ذكره بقوله: " ذلك "، فقال: هذه الأنباء من " أنباء الغيب "، أي: من أخبار الغيب.ويعني ب " الغيب "، أنها من خفيّ أخبار القوم التي لم تطَّلع أنت، يا محمد، عليها ولا قومك، ولم يعلمها إلا قليلٌ من أحبار أهل الكتابين ورهبانهم.ثم أخبر تعالى ذكره نبيه محمدًا صلى الله عليه وسلم أنه أوحى ذلك إليه، حجةً على نبوته، وتحقيقًا لصدقه، وقطعًا منه به عذرَ منكري رسالته من كفار أهل الكتابين، الذين يعلمون أنّ محمدًا لم يصل إلى علم هذه الأنباء مع خفائها، ولم يدرك معرفتها مع خُمولها عند أهلها، إلا بإعلام الله ذلك إياه. إذ كان معلومًا عندهم أنّ محمدًا صلى الله عليه وسلم أميٌّ لا يكتب فيقرأ الكتب، فيصل إلى علم ذلك من قِبَل الكتب، ولا صاحبَ أهل الكتُب فيأخذ علمه من قِبَلهم.* * *وأما " الغيْب " فمصدر من قول القائل: " غاب فلان عن كذا فهو يَغيب عنه غيْبًا وَغيبةً". (92)* * *وأما قوله: " نُوحيه إليك "، فإن تأويله: نُنَزِّله إليك.* * *وأصل " الإيحاء "، إلقاء الموحِي إلى الموحَى إليه.وذلك قد يكون بكتاب وإشارة وإيماء، وبإلهام، وبرسالة، كما قال جل ثناؤه: وَأَوْحَى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ [سورة النحل: 68]، بمعنى: ألقى ذلك إليها فألهمها، وكما قال: وَإِذْ أَوْحَيْتُ إِلَى الْحَوَارِيِّينَ [سورة المائدة: 111]، بمعنى: ألقيت إليهم علمَ ذلك إلهامًا، وكما قال الراجز: (93)* أَوْحَى لَهَا القَرَارَ فاسْتَقَرَّتِ * (94)بمعنى ألقى إليها ذلك أمرًا، وكما قال جل ثناؤه: فَأَوْحَى إِلَيْهِمْ أَنْ سَبِّحُوا بُكْرَةً وَعَشِيًّا [سورة مريم: 11]، بمعنى: فألقى ذلك إليهم إيماء. (95) والأصل فيه ما وصفتُ، من إلقاء ذلك إليهم. وقد يكون إلقاؤه ذلك إليهم إيماءً، ويكون بكتاب. ومن ذلك قوله: (96) وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَى أَوْلِيَائِهِمْ [سورة الأنعام: 121]، يلقون إليهم ذلك وسوسةً، وقوله: وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآنُ لأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ [سورة الأنعام: 19]، (97) ألقى إلي بمجيء جبريل عليه السلام به إليّ من عند الله عز وجل.وأما " الوحْي"، فهو الواقع من الموحِي إلى الموحَى إليه، ولذلك سمت العرب الخط والكتاب " وحيًا "، لأنه واقع فيما كُتِب ثابتٌ فيه، كما قال كعب بن زهير:أَتَى العُجْمَ والآفَاقَ مِنْهُ قَصَائِدٌبَقِينَ بَقَاءَ الوَحْيِ فِي الحَجَرِ الأصَمّ (98)يعني به: الكتابَ الثابت في الحجر. وقد يقال في الكتاب خاصةً، إذا كتبه الكاتب: " وحَى " بغير ألف، ومنه قول رؤبة:كَأَنَّهُ بَعْدَ رِيَاحِ تَدْهَمُهْوَمُرْثَعِنَّاتِ الدُّجُونِ تَثِمُهْإنْجِيلُ أَحْبَارٍ وَحَى مُنَمْنِمُهْ (99)* * *القول في تأويل قوله : وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يُلْقُونَ أَقْلامَهُمْ أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَقال أبو جعفر: يعني جل ثناؤه بقوله: " وما كنت لديهم "، وما كنت، يا محمد، عندهم فتعلم ما نعلِّمكه من أخبارهم التي لم تشهدها، ولكنك إنما تعلم ذلك فتدركُ معرفته، بتعريفناكَهُ.* * *ومعنى قوله: " لديهم "، عندهم.* * *ومعنى قوله: " إذ يلقون "، حينَ يلقون أقلامهم.* * *وأما " أقلامهم "، فسهامهم التي استهم بها المتسهمون من بني إسرائيل على كفالة مريم، على ما قد بينا قبل في قوله: وَكَفَّلَهَا زَكَرِيَّا . (100)* * *وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.ذكر من قال ذلك:7052 - حدثني المثنى قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا هشام بن عمرو، عن سعيد، عن قتادة في قوله: " وما كنت لديهم "، يعني محمدًا صلى الله عليه وسلم.7053 - حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى،عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: " يلقون أقلامهم "، زكريا وأصحابه، استهموا بأقلامهم على مريم حين دخلتْ عليهم.7054 - حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد مثله.7055 - حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة قوله: " وما كنت لديهم إذ يلقون أقلامهم أيهم يكفل مريم وما كنت لديهم إذ يختصمون "، كانت مريم ابنة إمامهم وسيّدهم، فتشاحّ عليها بنو إسرائيل، فاقترعوا فيها بسهامهم أيُّهم يكفلها، فقَرَعهم زكريا، وكان زوجَ أختها،" فكفَّلها زكريا "، يقول: ضمها إليه. (101)7056 - حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر، عن قتادة في قوله: " يلقون أقلامهم "، قال: تساهموا على مريم أيُّهم يكفلها، فقرَعهم زكريا.7057 - حدثني محمد بن سعد قال، حدثني أبي قال، حدثني عمي قال، حدثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس قوله: " وما كنت لديهم إذ يلقون أقلامهم أيهم يكفل مريم "، وإنّ مريم لما وضعت في المسجد، اقترع عليها أهلُ المصلَّى وهم يكتبون الوَحْى، فاقترعوا بأقلامهم أيُّهم يكفُلها، فقال الله عز وجل لمحمد صلى الله عليه وسلم: " وما كنت لديهم إذ يلقون أقلامهم أيهم يكفل مريم وما كنت لدَيهم إذْ يختصمون ".7058 - حدثت عن الحسين قال، سمعت أبا معاذ، قال، أخبرنا عبيد قال، سمعت الضحاك يقول في قوله: " إذ يلقون أقلامهم أيهم يكفل مريم "، اقترعوا بأقلامهم أيُّهم يكفل مريم، فقرَعهم زكريا.7059 - حدثنا محمد بن سنان قال، حدثنا أبو بكر الحنفي، عن عباد، عن الحسن في قوله: " وما كنت لديهم إذ يلقون أقلامهم "، قال: حيث اقترعوا على مريم، وكان غَيبًا عن محمد صلى الله عليه وسلم حين أخبرَه الله.* * *وإنما قيل: " أيهم يكفل مريم "، لأن إلقاء المستهمين أقلامَهم على مريم، إنما كان لينظروا أيهم أولى بكفالتها وأحقّ. ففي قوله عز وجل: " إذ يلقون أقلامهم "، دلالة على محذوف من الكلام، وهو: " لينظروا أيهم يكفل، وليتبيَّنوا ذلك ويعلموه ".* * *فإن ظن ظانّ أنّ الواجب في" أيهم " النصبُ، إذ كان ذلك معناه، فقد ظن خطأ. وذلك أن " النظر " و " التبين " و " العلم " مع " أيّ" يقتضي استفهامًا واستخبارًا، وحظ " أىّ" في الاستخبار، الابتداءُ وبطولُ عمل المسألة والاستخبار عنه. وذلك أن معنى قول القائل: " لأنظُرَنّ أيهم قام "، لأستخبرنَ الناس: أيهم قام، وكذلك قولهم: " لأعلمن ".* * *وقد دللنا فيما مضى قبل أن معنى " يكفل "، يضمُّ، بما أغنى عن إعادته في هذا الموضع. (102)* * *القول في تأويل قوله : وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يَخْتَصِمُونَ (44)قال أبو جعفر: يعني بذلك جل ثناؤه: وما كنتَ، يا محمد، عند قوم مريم، إذ يختصمون فيها أيُّهم أحقّ بها وأولى.وذلك من الله عز وجل، وإن كان خطابًا لنبيه صلى الله عليه وسلم، فتوبيخٌ منه عز وجل للمكذبين به من أهل الكتابين. يقول: كيف يشكّ أهل الكفر بك منهم وأنت تنبئهم هذه الأنباءَ ولم تشهدْها، ولم تكن معهم يوم فعلوا هذه الأمورَ، ولست ممن قرأ الكتب فعَلِم نبأهم، ولا جالَس أهلها فسمع خبَرَهم؟كما:-7060 - حدثنا ابن حميد قال، حدثنا سلمة، عن ابن إسحاق، عن محمد بن جعفر بن الزبير: " وما كنت لديهم إذ يختصمون "، أي ما كنت معهم إذ يختصمون فيها. يخبره بخفيّ ما كتموا منه من العلم عندهم، لتحقيق نبوته والحجة عليهم لما يأتيهم به مما أخفوا منه. (103)-----------------------الهوامش :(92) انظر تفسير"الغيب" فيما سلف 1: 236 ، 237.(93) هو العجاج.(94) ديوانه 5 ، واللسان"وَحَى" ، وسيأتي في التفسير 4: 142 (بولاق) ، وغيرها. ورواية ديوانه ، وإحدى روايتي اللسان"وحى" ثلاثيًا ، وقال: "أراد أوحى" ، إلا أن من لغة هذا الراجز إسقاط الهمزة مع الحرف" ، وانظر ما سيأتي في تفسير سورة مريم (16: 41 بولاق). والبيت من رجز للعجاج يذكر فيه ربه ويثني عليه بآلائه ، أوله:الحَمْدُ لِلِه الَّذِي اسْتَقَّلتِبِإِذْنِه السَّماءُ, وَاطْمأَنَّتِبِإذْنِهِ الأَرْضُ وما تَعَتَّتِوَحَى لَهَا القرارَ فَاسْتَقَرَّتِوَشدَّهَا بِالرَّاسِيَاتِ الثَّبتِرَبُّ البِلادِ والعِبَادِ القُنَّتِ(95) في المخطوطة والمطبوعة: "فألقى ذلك إليهم أيضًا" ، وهو خطأ بين ، والصواب ما أثبته ، وانظر ما سلف قريبًا في بيان قوله تعالى: "رمزًا" ، ص: 388 ، وما بعدها.(96) في المخطوطة: "وذلك قوله" ، والصواب ما في المطبوعة.(97) قوله: "لأنذركم به ومن بلغ" ، ليس في المخطوطة.(98) ديوانه: 64 ، من قصيدة مضى منها بيت فيما سلف 1: 106 ، وهي قصيدة جيدة ، يرد فيها ما قاله فيه مزرد ، أخو الشماخ ، حين ذكر كعب الحطيئة في شعره وقدمه وقدم نفسه ، فغضب مزرد وهجاه ، فقال يفخر بأبيه ثم بنفسه ، بعد البيت السالف في الجزء الأول في التفسير:فَإِنْ تَسْأَلِ الأَقْوَامَ عَنِّي, فَإِنَّنِيأَنَا ابْنُ أبِي سُلْمَى عَلَى رَغْمِ مَنْ رَغِمْأنَا ابنُ الَّذِي قَدْ عَاشَ تِسْعِينَ حِجَّةًفَلَمْ يَخْزَ يَوْمًا في مَعَدٍّ وَلَمْ يُلَمْوَأَكْرَمَهُ الأكْفَاءُ فِي كُلِّ مَعْشَرٍكِرَامٍ, فَإِنْ كَذَّبْتَني, فَاسْأَلِ الأُمَمْأَتَى العُجْمَ. . . . . . . . . .. . . . . . . . . . . . . . . . . . .(99) ديوانه: 149 ، من رجز طويل بارع غريب المعاني والوجوه ، يذكر فيه مآثر أبي العباس السفاح ، وهو غريب الكلام ، ولكنه حسن المعاني إذا فتشته ، فأقرأه وتأمله. وهذه الأبيات في مطلع الرجز ، والضمير عائد فيها على ربع دارس طال قدمه ، وعفته الرياح. وقوله: "تدهمه" تغشاه كما يغشى المغير جيشًا فيبيده. وارثعن المطر (بتشديد النون): كثر وثبت ودام. فهو مرثعن. ووثم المطر الأرض يثمها وثمًا: ضربها فأثر فيها ، كما يثم الفرس الأرض بحوافره: أي يدقها ، إلا أن هذا أخفى وأكثر إلحاحًا. ونمنم الكتاب: رقشه وزخرفه وأدق حظه: وقارب بين حروفه الدقاق ، وتلك هي النمنمة.(100) انظر ما سلف ص: 345-352.(101) قوله: "وكان زوج أختها" ، يعني زوج أخت أم مريم ، لا زوج أخت مريم ، وكأن الخبر لما اختصر ، سقط منه ذكر أم مريم ، وبقي باقي الخبر على حاله ، وقد بينت ذلك فيما سلف ص: 349 ، تعليق: 4.(102) انظر ما سلف في هذا الجزء: 348.(103) الأثر: 7060- سيرة ابن هشام 2: 229 ، وهو من بقية الآثار التي كان آخرها رقم: 6911.
اِذْ قَالَتِ الْمَلٰٓىٕكَةُ یٰمَرْیَمُ اِنَّ اللّٰهَ یُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِّنْهُۙ-اسْمُهُ الْمَسِیْحُ عِیْسَى ابْنُ مَرْیَمَ وَجِیْهًا فِی الدُّنْیَا وَ الْاٰخِرَةِ وَ مِنَ الْمُقَرَّبِیْنَۙ(۴۵)
اور یاد کرو جب فرشتو ں نے مریم سے کہا، اے مریم! اللہ تجھے بشارت دیتا ہے اپنے پاس سے ایک کلمہ کی (ف۹۳) جس کا نام ہے مسیح عیسیٰ مریم کا بیٹا رُو دار (باعزت) ہوگا (ف۹۴) دنیا اور آخرت میں اور قرب والا (ف۹۵)
القول في تأويل قوله : إِذْ قَالَتِ الْمَلائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَقال أبو جعفر: يعني بقوله جل ثناؤه: " إذ قالت الملائكة "، وما كنت لديهم إذ يختصمون، وما كنت لديهم أيضًا إذ قالت الملائكة: يا مريم إنّ الله يبشرك.* * *" والتبشير " إخبار المرء بما يسره من خبر. (104)* * *وقوله: " بكلمة منه "، يعني برسالة من الله وخبر من عنده، وهو من قول القائل: " ألقى فلانٌ إليّ كلمةً سَرّني بها "، بمعنى: أخبرني خبرًا فرحت به، كما قال جل ثناؤه: وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ [سورة النساء: 171]، يعني: بشرى الله مريمَ بعيسى، ألقاها إليها.* * *فتأويل الكلام: وما كنت، يا محمد، عند القوم إذ قالت الملائكة لمريم: يا مريم إنّ الله يبشرك ببُشرى من عنده، هي ولدٌ لك اسمهُ المسيحُ عيسى ابن مريم.* * *وقد قال قوم - وهو قول قتادة -: إن " الكلمة " التي قال الله عز وجل: " بكلمة منه "، هو قوله: " كن ".7061 - حدثنا بذلك الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر، عن قتادة قوله: " بكلمة منه "، قال: قوله: " كن ".* * *فسماه الله عز وجل " كلمته "، لأنه كان عن كلمته، كما يقال لما قدّر الله من شيء: " هذا قدَرُ الله وقضاؤُه "، يعنى به: هذا عن قدر الله وقضائه حدث، وكما قال جل ثناؤه: وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولا [سورة النساء: 47 سورة الأحزاب: 37]، يعني به: ما أمر الله به، وهو المأمور [به] الذي كان عن أمر الله عز وجل. (105)* * *وقال آخرون: بل هي اسم لعيسى سماه الله بها، كما سمى سائر خلقه بما شاء من الأسماء.* * *وروي عن ابن عباس رضي الله عنه أنه قال: " الكلمة " هي عيسى.7062 - حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبي، عن إسرائيل، عن سماك، عن عكرمة، عن ابن عباس في قوله: " إذ قالت الملائكة يا مريم إنّ الله يبشرك بكلمة منه "، قال: عيسى هو الكلمة من الله.* * *قال أبو جعفر: وأقربُ الوُجوه إلى الصواب عندي، القولُ الأول. وهو أنّ الملائكة بشَّرت مريمَ بعيسى عن الله عز وجل برسالته وكلمته التي أمرَها أن تُلقيها إليها: أنّ الله خالقٌ منها ولدًا من غير بَعْل ولا فَحل، ولذلك قال عز وجل: " اسمه المسيح "، فذكَّر، ولم يقُل: " اسمُها " فيؤنث، و " الكلمة " مؤنثة، لأن " الكلمة " غير مقصود بها قصدُ الاسم الذي هو بمعنى " فلان "، وإنما هي بمعنى البشارة، فذكِّرت كنايتها كما تذكر كناية " الذرّية " و " الدابّة " والألقاب، (106) على ما قد بيناه قبل فيما مضى. (107)* * *فتأويل ذلك كما قلنا آنفًا، من أنّ معنى ذلك: إن الله يبشرك ببشرى = ثم بيَّن عن البشرى أنها ولدٌ اسمه المسيح.* * *وقد زعم بعض نحويي البصرة أنه إنما ذكر فقال: " اسمه المسيح "، وقد قال: " بكلمة منه "، و " الكلمة "، عنده هي عيسى = لأنه في المعنى كذلك، كما قال جل ثناؤه: أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يَا حَسْرَتَا ، ثم قال بَلَى قَدْ جَاءَتْكَ آيَاتِي فَكَذَّبْتَ بِهَا [سورة الزمر: 56 ،59]، وكما يقال: " ذو الثُّدَيَّة "، لأن يده &; 6-413 &; كانت قصيرة قريبة من ثدييه، (108) فجعلها كأنّ اسمها " ثَدْيَة "، ولولا ذلك لم تدخل " الهاء " في التصغير.* * *وقال بعض نحويي الكوفة نحو قول من ذكرنا من نحويي البصرة: في أنّ" الهاء " من ذكر " الكلمة "، وخالفه في المعنى الذي من أجله ذكر قوله " اسمه "، و " الكلمة "، متقدمة قبله. فزعم أنه إنما قيل: " اسمه "، وقد قدّمت " الكلمة "، ولم يقل: " اسمها "، لأن من شأن العرب أن تفعل ذلك فيما كان من النعوت والألقاب والأسماء التي لم توضَع لتعريف المسمى به، ك" فلان " و " فلان "، وذلك، مثل " الذرّية " و " الخليفة " و " الدابة "، ولذلك جاز عنده أن يقال: " ذرية طيبة " و " ذرّيةً طيبًا "، ولم يجز أن يقال: " طلحة أقبلت = ومغيرة قامت ". (109)* * *وأنكر بعضهم اعتلالَ من اعتلّ في ذلك ب" ذي الثدية "، وقالوا: إنما أدخلت " الهاء " في" ذي الثدية "، لأنه أريد بذلك القطعة منَ الثَّدْي، كما قيل: " كنا في لحمة ونَبيذة "، يراد به القطعة منه. وهذا القول نحو قولنا الذي قلناه في ذلك.* * *وأما قوله: " اسمهُ المسيح عيسى ابن مريم "، فإنه جل ثناؤه أنبأ عباده عن نسبة عيسى، وأنه ابن أمّه مريم، ونفى بذلك عنه ما أضاف إليه الملحدون في الله جل ثناؤه من النصارى، من إضافتهم بنوّته إلى الله عز وجل، وما قَرَفَتْ أمَّه به المفتريةُ عليها من اليهود، (110) كما:-7063 - حدثني به ابن حميد قال، حدثنا سلمة، عن ابن إسحاق، عن محمد بن جعفر بن الزبير: " إذ قالت الملائكة يا مريم إنّ الله يبشرك بكلمة منه اسمه المسيح عيسى ابن مريم وجيهًا في الدنيا والآخرة ومن المقربين "، أي: هكذا كان أمرُه، لا ما يقولون فيه. (111)* * *وأما " المسيح "، فإنه " فعيل " صرف من " مفعول " إلى " فعيل "، وإنما هو " ممسوح "، يعني: مَسحه الله فطهَّره من الذنوب، ولذلك قال إبراهيم: " المسيح " الصدّيق... (112)7064 - حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبي، عن سفيان، عن منصور، عن إبراهيم مثله.7065 - حدثنا ابن حميد قال، حدثنا ابن المبارك، عن سفيان، عن منصور، عن إبراهيم مثله.* * *وقال آخرون: مُسح بالبركة.7066 - حدثنا ابن البرقي قال، حدثنا عمرو بن أبي سلمة قال، قال سعيد: إنما سمي" المسيح "، لأنه مُسِح بالبركة.* * *القول في تأويل قوله : وَجِيهًا فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ (45)قال أبو جعفر: يعني بقوله " وجيهًا "، ذا وَجْهٍ ومنزلة عالية عند الله، وشرفٍ وكرامة. ومنه يقال للرجل الذي يَشرُف وتعظمه الملوك والناس " وجيه "، يقال منه: " ما كان فلان وَجيهًا، ولقد وَجُهَ وَجاهةً" =" وإن له لَوجْهًا عند السلطان وَجاهًا ووَجاهةً"، و " الجاه " مقلوب، قلبت، واوه من أوّله إلى موضع العين منه، فقيل: " جاه "، وإنما هو " وجه "، و " فعل " من الجاه: " جاهَ يَجوه ". مسموع من العرب: " أخاف أن يجوهني بأكثر من هذا "، بمعنى: أن يستقبلني في وجهي بأعظم منه.* * *وأما نصب " الوجيه "، فعلى القطع من " عيسى "، (113) لأن " عيسى " معرفة، و " وجيه " نكرة، وهو من نعته. ولو كان مخفوضًا على الردّ على " الكلمة " كانَ جائزًا.* * *وبما قلنا (114) = من أنّ تأويل ذلك: وجيهًا في الدنيا والآخرة عند الله = قال، فيما بلغنا، محمد بن جعفر.7067 - حدثنا ابن حميد قال، حدثنا سلمة، عن ابن إسحاق، عن محمد بن جعفر بن الزبير: " وجيهًا "، قال: وجيهًا في الدنيا والآخرة عند الله. (115)* * *وأما قوله: " ومِنَ المقرّبين "، فإنه يعني أنه ممن يقرِّبه الله يوم القيامة، فيسكنه في جواره ويدنيه منه، كما:-7068 - حدثنا بشر بن معاذ قال حدثنا يزيد بن زريع قال، حدثنا سعيد، عن قتادة قوله: " ومن المقربين "، يقول: من المقربين عند الله يوم القيامة.7069 - حدثت عن عمار بن الحسن قال، حدثنا ابن أبي جعفر، عن أبيه، عن الربيع قوله: " ومن المقرّبين "، يقول: من المقربين عند الله يوم القيامة.7070 - حدثني المثنى قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا ابن أبي جعفر، عن أبيه، عن الربيع مثله.* * *------------------------الهوامش:(104) انظر معنى"التبشير" فيما سلف في هذا الجزء: 369 ، تعليق: 2 ، والمراجع هناك. وكان في المطبوعة هنا"من خير". وفي المخطوطة غير منقوطة ، وصوابه ما أثبت.(105) ما بين القوسين زيادة لا يستقيم الكلام إلا بها.(106) الكناية: الضمير ، كما سلف مرارًا ، وهو من اصطلاح الكوفيين.(107) انظر ما سلف 2: 210 / ثم هذا الجزء: 362 ، 363 ، ومواضع أخرى.(108) خبر ذي الثدية مشهور معروف ، انظر سنن أبي داود"باب قتال الخوارج" 4: 334-338.(109) انظر ما سلف في هذا الجزء: 362 ، 363.(110) في المطبوعة: "قذفت به" ، والصواب من المخطوطة. قرف الرجل بسوء: رماه به واتهمه ، فهو مقروف. وقوله: "المفترية" مرفوعة فاعل"قرفت أمه به" ، ويعني الفئة المفترية.(111) الأثر: 7063- سيرة ابن هشام 2: 229-230 ، وهو من بقية الآثار التي آخرها: 7060 ، ونصه: "لا كما تقولون فيه".(112) مكان هذه النقط سقط لا شك فيه عندي ، وأستظهر أنه إسناد واحد إلى"إبراهيم" ثم يليه الأثر رقم: 7064 ، فيه أن المسيح هو الصديق ، كما ذكر . وكان في المخطوطة والمطبوعة موضع هذه النقط: "وقال آخرون: مسح بالبركة" ، وهو كلام لا يستقيم ، كما ترى ، فأخرت هذه الجملة إلى مكانها قبل الأثر رقم: 7066 ، واستجزت أن أصنع ذلك ، لأنه من الوضوح بمكان لا يكون معه شك أو لجلجة.هذا ، وفي تفسير"المسيح" أقوال أخر كثيرة ، لا أظن الطبري قد غفل عنها ، ولكني أظن أن في النسخة سقطًا قديمًا ، ولذلك اضطرب الناسخ هنا. هذا إذا لم يكن الطبري قد أغفلها اختصارًا.(113) "القطع" ، كما أسلفنا في مواضع متفرقة ، هو الحال ، انظر ما سلف في هذا الجزء: 371 ، تعليق: 2 ، وانظر معاني القرآن للفراء 1: 213.(114) في المطبوعة: "كما قلنا" ، والصواب من المخطوطة.(115) الأثر: 7067- سيرة ابن هشام 2: 230 ، وهو بقية الآثار التي آخرها رقم: 7063.
وَ یُكَلِّمُ النَّاسَ فِی الْمَهْدِ وَ كَهْلًا وَّ مِنَ الصّٰلِحِیْنَ(۴۶)
اور لوگوں سے بات کرے گا پالنے میں (ف۹۶) اور پکی عمر میں (ف۹۷) اور خاصوں میں ہوگا، بولی اے میرے رب! میرے بچہ کہاں سے ہوگا مجھے تو کسی شخص نے ہاتھ نہ لگایا (ف۹۸)
القول في تأويل قوله : وَيُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلا وَمِنَ الصَّالِحِينَ (46)قال أبو جعفر: وأما قوله: " ويكلمُ الناس في المهد "، فإن معناه: إن الله يبشرك بكلمة منه اسمه المسيح عيسى ابن مريم، وجيهًا عند الله، ومُكلِّمًا الناسَ في المهد.= ف " يكلم "، وإن كان مرفوعًا، لأنه في صورة " يفعل " بالسلامة من العوامل فيه، فإنه في موضع نصب، وهو نظير قول الشاعر: (1)بِتُّ أُعَشِّيهَا بِعَضْبٍ بَاتِرِيَقْصِدُ فِي أَسْوُقِهَا وَجَائِرِ (2)* * *وأما " المهد "، فإنه يعني به: مضجع الصبيّ في رضاعه، كما:-7071 - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج قال، قال ابن عباس: " ويكلم الناس في المهد "، قال: مضجع الصبي في رَضَاعه.* * *وأما قوله : " وكهلا "، فإنه: وُمحتَنِكًا فوق الغُلومة، (3) ودُون الشيخوخة، يقال منه: " رجل كهل = وامرأة كهلة "، كما قال الراجز: (4)وَلا أَعُودُ بَعْدَهَا كَرِيَّاأُمَارِسُ الكَهْلَةَ وَالصَّبِيَّا (5)* * *وإنما عنى جل ثناؤه بقوله: " ويكلم الناسَ في المهد وكهلا "، ويكلم الناس طفلا في المهد = دلالةً على براءَة أمه مما قَرَفها به المفترون عليها، (6) وحجة له على نبوّته = وبالغًا كبيرًا بعد احتناكه، (7) بوحي الله الذي يوحيه إليه، وأمره ونهيه، وما ينزل عليه من كتابه. (8)* * *وإنما أخبر الله عز وجل عبادَه بذلك من أمر المسيح، وأنه كذلك كان، وإن كان الغالب من أمر الناس أنهم يتكلمون كهولا وشيوخًا = احتجاجًا به على القائلين فيه من أهل الكفر بالله من النصارى الباطلَ، (9) وأنه كان = [منذ أنشأه] مولودًا طفلا ثم كهلا = يتقلب في الأحداث، (10) ويتغير بمرُور الأزمنة عليه والأيام، من صِغر إلى كبر، ومن حال إلى حال = وأنه لو كان، كما قال الملحدون فيه، كان ذلك غيرَ جائز عليه. فكذّب بذلك ما قاله الوفدُ من أهل نجران الذين حاجُّوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فيه، واحتج به عليهم لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم، وأعلمهم أنه كان كسائر بني آدم، إلا ما خصه الله به من الكرامة التي أبانه بها منهم، كما:-7072 - حدثنا ابن حميد قال، حدثنا سلمة، عن ابن إسحاق، عن محمد بن جعفر بن الزبير: " ويكلم الناس في المهد وكهلا ومن الصالحين ": يخبرهم بحالاته التي يتقلب بها في عمره، كتقلب بني آدم في أعمارهم صغارًا وكبارًا، إلا أن الله خَصّه بالكلام في مهده آيةً لنبوته، وتعريفًا للعباد مواقع قدرته. (11)7073 - حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة: " ويكلم الناس في المهد وكهلا ومن الصالحين "، يقول: يكلمهم صغيرًا وكبيرًا.7074 - حدثني المثنى قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا ابن أبي جعفر، عن أبيه، عن الربيع: " ويكلم الناس في المهد وكهلا "، قال: يكلمهم صغيرًا وكبيرًا.7075 - حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: " وكهلا ومن الصالحين "، قال: الكهلُ الحليم.7076 - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج قال: كلمهم صغيرًا وكبيرًا وكهلا = وقال ابن جريج، وقال مجاهد: الكهل الحليم.7077 - حدثني محمد بن سنان قال، حدثنا أبو بكر الحنفي، عن عباد، عن الحسن في قوله: " ويكلم الناس في المهد وكهلا "، قال: كلمهم في المهد صبيًّا، وكلمهم كبيرًا.* * *وقال آخرون: معنى قوله: " وكهلا "، أنه سيكلمهم إذا ظهر.ذكر من قال ذلك:7078 - حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، سمعته - يعني ابن زيد - يقول في قوله: " ويكلم الناس في المهد وكهلا "، قال: قد كلمهم عيسى في المهد، وسيكلمهم إذا قتل الدجال، وهو يومئذ كهلٌ.* * *ونصب " كهلا "، عطفًا على موضع " ويكلم الناس ".* * *وأما قوله : " ومن الصالحين "، فإنه يعني: من عِدَادهم وأوليائهم، لأنّ أهل الصلاح بعضهم من بعض في الدين والفضل.----------------------الهوامش :(1) لم أعرف قائله.(2) معاني القرآن للفراء 1: 213 وأمالي ابن الشجري 2: 167 ، والخزانة 2: 345 ، واللسان (كهل). وقد ذكر البغدادي اختلاف رواية الشعر ، "ويعشيها" من العشاء ، وهو طعامها عند العشاء. يصف كرم الكريم ينحر عند مجيء الأضياف إبله في قراهم ، والعضب: السيف القاطع ، والباتر: الذي يفصم الضريبة. وأسوق جمع ساق. وقصد يقصد: توسط فلم يجاوز الحد. يقول: يضرب سوقها بسيفه لا يبالي أيقصد أم يجور ، من شدة عجلته وحفاوته بضيفه.هذا ، وانظر تفصيل ما قال أبو جعفر في معاني القرآن للفراء 1: 213 ، 214.(3) يقال: "غلام بين الغلومة والغلومية والغلامية" ، مثل: "الطفولة والطفولية".(4) هو عذافر الفقيمي.(5) الجمهرة 3: 339 ، المخصص 1: 40 أمالي ، القالي 2: 215 ، والسمط: 836 ، شرح أدب الكاتب لابن السيد: 217 ، 389 ، وللجواليقي: 295 ، واللسان (كهل) (كرا) (شعفر) (أمم) ، وغيرها ، وكان العذافر يكري إبله إلى مكة ، فأكرى معه رجل من بني حنيفة ، من أهل البصرة ، بعيرًا يركبه هو وزوجته ، وكان اسمها"شعفر" ، فقال يرجز بهما:لَوْ شَاءَ رَبِّي لَمْ أكُنْ كَرِيَّاوَلَمْ أَسُقْ بَشَعْفَرَ المطَّيابَصْرِيّةٌ تَزَوَّجَتْ بَصْرِيَّايُطْعِمُهَا المَالِحَ والطَّرِيَّاوَجَيِّدَ البُرِّ لَهَا مَقْلِيَّاحَتَّى نَتَتْ سُرَّتُها نَتِيَّاوَفَعَلَتْ ثُنَّتُها فَرِيَّا. . . . . . . . . . . . . . . . . . .والرجز المروي بعد هذه الأبيات ، فيما يظهر. والكري: المكاري ، الذي يستأجر الركاب دابته. وبعد البيتين اللذين رواهما أبو جعفر:وَالْعَزَبَ المُنَفَّهَ الأُمِّيَّاوالمنفه: الذي قد أعياه السير ونفهه ، فضعف وتساقط. والأمي: العيي الجلف الجافي القليل الكلام.(6) في المطبوعة: "قذفها" ، وانظر آنفًا: ص 413 ، تعليق: 3.(7) قوله: "وبالغًا" معطوف على قوله آنفًا: "طفلا في المهد". ثم قوله: بعد"بوحي الله" جار ومجرور متعلق بقوله آنفًا: "ويكلم الناس. .".(8) في المطبوعة: "وما تقول عليه" ، ومعاذ الله أن يكون ذلك!! والكلمة في المخطوطة سيئة الكتابة ، مستفسدة مستصلحة ، وهي على ذلك بينة لمن يدرك بعض معاني الكلام!!(9) في المطبوعة: "بالباطل" ، وهو تبديل لعبارة الطبري التي يألفها قارئ كتابه. وقوله: "الباطل" منصوب مفعول به لقوله: "القائلين..."(10) في المطبوعة: "وأنه كان في معناه أشياء مولودًا..." ، وفي المخطوطة: "وأنه كان في معانيه أشيا مولودًا..." ، ولم أستطع أن أجد لشيء من ذلك معنى أرتضيه ، وقد جهدت في معرفة تصحيفه أو تحريفه زمنًا ، حتى ضفت به ، وحتى ظننت أنه سقط من الناسخ شيء يستقيم به هذا الكلام ، مع ترجيح التصحيف والتحريف فيه. فرأيت أن أضع بين القوسين ما يستقيم به الكلام ، وأن أخلي الأصل من هذه الجملة. هذا مع اعتقادي أن"معه أشيا" هي"منذ أنشأه" كما أثبتها. والسياق: "أنه كان... يتقلب في الأحداث" ، وما بينهما فصل وضعته بين الخطين.(11) الأثر: 7072- سيرة ابن هشام 2: 230 ، وهو من تمام الآثار التي آخرها رقم: 7067.
قَالَتْ رَبِّ اَنّٰى یَكُوْنُ لِیْ وَلَدٌ وَّ لَمْ یَمْسَسْنِیْ بَشَرٌؕ-قَالَ كَذٰلِكِ اللّٰهُ یَخْلُقُ مَا یَشَآءُؕ-اِذَا قَضٰۤى اَمْرًا فَاِنَّمَا یَقُوْلُ لَهٗ كُنْ فَیَكُوْنُ(۴۷)
فرمایا اللہ یوں ہی پیدا کرتا ہے جو چاہے جب، کسی کام کا حکم فرمائے تو اس سے یہی کہتا ہے کہ ہوجا وہ فوراً ہوجاتا ہے،
القول في تأويل قوله : قَالَتْ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي وَلَدٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ قَالَ كَذَلِكِ اللَّهُ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ إِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (47)قال أبو جعفر: يعني بذلك جل ثناؤه، قالت مريم = إذ قالت لها الملائكة أنّ الله يبشرك بكلمة منه =: " ربِّ أنَّى يكون لي ولد "، من أيِّ وجه يكون لي ولد؟ (12) أمِن قبل زوج أتزوجه وبعل أنكحه، أمْ تبتدئ فيَّ خلقه من غير بعل ولا فحل، (13) ومن غير أن يمسَّني بشر؟ فقال الله لها =" كذلك الله يخلق ما يشاء "، يعني: هكذا يخلق الله منك ولدًا لك من غير أن يمسَّك بشر، فيجعله آيةً للناس وعبرة، فإنه يخلق ما يشاء ويصنعُ ما يريد، فيعطي الولد من يشاء من غير فحل ومن فحلٍ، ويحرِمُ ذلك من يشاءُ من النساء وإن كانت ذات بعلٍ، لأنه لا يتعذر عليه خلق شيء أراد خلقه، إنما هو أن يأمر إذا أراد شيئًا ما أراد [خلقه] فيقول له: (14) " كن فيكون " ما شاء، مما يشاء، وكيف شاء، كما:-7079 - حدثنا ابن حميد قال، حدثنا سلمة، عن ابن إسحاق، عن محمد بن جعفر بن الزبير: " قالت رب أنى يكون لي ولد ولم يمسسني بشرٌ قال كذلك الله يخلق ما يشاء "، يصنع ما أراد، ويخلق ما يشاء، من بشر أو غير بشر =" إذا قضى أمرًا فإنما يقول له كن "، مما يشاء وكيف يشاء =" فيكون " ما أراد. (15)---------------------الهوامش:(12) انظر تفسير"أنى" فيما سلف 4: 398-416 / 5: 312 ، 447 / 6: 358.(13) في المخطوطة: "أي تبتدئ" ، وهو خطأ ، وفي المطبوعة: "أو تبتدئ" وآثرت الذي أثبت.(14) ما بين القوسين زيادة استظهرتها من السياق.(15) الأثر: 7079- سيرة ابن هشام 2: 230 من بقية الآثار التي آخرها رقم: 7072 ، وكان في المطبوعة والمخطوطة: "أي: إذا قضى أمرًا..." ، وظاهر أن"أي" لا مكان لها هنا ، ونص ابن هشام عن ابن إسحاق دال على صواب ذلك ، فحذفتها. وكان في المخطوطة والمطبوعة أيضًا"فإنما يقول له كن فيكون ، مما يشاء...". وظاهر أيضًا زيادة"فيكون" هنا ، لأن السياق يقتضي إغفالها هنا ، ولأنها ستأتي بعد ، كما هو في نص رواية ابن هشام عن ابن إسحاق ، فرفعتها من هذا المكان أيضًا. وفي سيرة ابن هشام"فيكون ، كما أراد" ، وكلاهما صواب.
وَ یُعَلِّمُهُ الْكِتٰبَ وَ الْحِكْمَةَ وَ التَّوْرٰىةَ وَ الْاِنْجِیْلَۚ(۴۸)
اور اللہ سکھائے گا کتاب اور حکمت اور توریت اور انجیل،
القول في تأويل قوله : وَيُعَلِّمُهُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَالتَّوْرَاةَ وَالإِنْجِيلَ (48)قال أبو جعفر: اختلفت القرأةُ في قراءة ذلك.فقرأته عامة قرأة الحجاز والمدينة وبعض قرأة الكوفيين: (وَيُعلِّمُهُ) بالياء، ردًّا على قوله: كَذَلِكِ اللَّهُ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ ،" وَيُعَلِّمُهُ الْكِتَابَ "، فألحقوا الخبرَ في قوله: " ويعلمه "، بنظير الخبر في قوله: يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ ، وقوله: فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ .* * *وقرأ ذلك عامة قرأة الكوفيين وبعض البصريين: (وَنُعَلِّمُهُ) بالنون، عطفًا به على قوله: نُوحِيهِ إِلَيْكَ ، كأنه قال: ذَلِكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيْكَ ونعلمه الكتاب ". وقالوا: ما بعد نُوحِيهِ في صلته إلى قوله: كُنْ فَيَكُونُ ، ثم عطف بقوله: " ونعلمه " عليه.* * *قال أبو جعفر: والصواب من القول في ذلك عندنا أنهما قراءتان مختلفتان، غير مختلفتي المعاني، فبأيتهما قرأ القارئ فهو مصيب الصوابَ في ذلك، لاتفاق معنى القراءتين، في أنه خبر عن الله بأنّه يعلم عيسى الكتاب، وما ذكر أنه يعلمه.* * *وهذا ابتداء خبر من الله عز وجل لمريم ما هو فاعلٌ بالولد الذي بشَّرها به من الكرامة ورفعة المنزلة والفضيلة، فقال: كذلك الله يخلق منك ولدًا، من غير فحل ولا بعل، فيعلمه الكتاب، وهو الخطّ الذي يخطه بيده = والحكمة، وهي السنة التي يُوحيها إليه في غير كتاب = والتوراة، وهي التوراة التي أنزلت على موسى، كانت فيهم من عهد موسى = والإنجيل، إنجيل عيسى ولم يكن قبله، ولكن الله أخبر مريمَ قبل خلق عيسى أنه مُوحيه إليه.وإنما أخبرها بذلك فسَّماه لها، لأنها قد كانت علمت فيما نزل من الكتب أن الله باعثٌ نبيًا، يوحى إليه كتابًا اسمه الإنجيل، فأخبرها الله عز وجل أن ذلك النبي صلى الله عليه وسلم الذي سَمعت بصفته الذي وعد أنبياءه من قبل أنه منزل عليه الكتاب الذي يسمى إنجيلا هو الولد الذي وهبه لها وبشَّرها به.* * *وبنحو ما قلنا في ذلك قال جماعة من أهل التأويل.ذكر من قال ذلك:7080 - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج قال، قال ابن جريج: " ونعلمه الكتاب "، قال: بيده.7081 - حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة: " ونعلمه الكتاب والحكمة "، قال: الحكمة السنة.7082 - حدثنا المثنى قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا عبد الله بن أبي جعفر، عن أبيه، عن قتادة في قوله: " ونعلمه الكتاب والحكمة والتوراة والإنجيل "، قال: " الحكمة " السنة =" والتوراة والإنجيل "، قال: كان عيسى يقرأ التوراةَ والإنجيل.7083 - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج: " ونعلمه الكتاب والحكمة "، قال: الحكمة السنة.7084 - حدثنا ابن حميد قال، حدثنا سلمة، عن ابن إسحاق، عن محمد بن جعفر بن الزبير قال: أخبرها - يعني أخبر الله مريم - ما يريد به فقال: " ويعلمه الكتاب والحكمة والتوراة " التي كانت فيهم من عهد موسى =" والإنجيل "، كتابًا آخر أحدثه إليه لم يكن عندهم علمه، إلا ذِكرُه أنه كائن من الأنبياء قبله. (16)-----------------------------الهوامش :(16) الأثر: 7084- سيرة ابن هشام 2: 230 ، من تمام الآثار التي آخرها رقم: 7079. وفي ابن هشام: "لم يكن عندهم إلا ذكره أنه كائن من الأنبياء بعده" ، أسقط"علمه" ومكان"قبله""بعده" ، والصواب فيها نص الطبري في روايته عن ابن إسحاق.
وَ رَسُوْلًا اِلٰى بَنِیْۤ اِسْرَآءِیْلَ ﳔ اَنِّیْ قَدْ جِئْتُكُمْ بِاٰیَةٍ مِّنْ رَّبِّكُمْ ﳐ اَنِّیْۤ اَخْلُقُ لَكُمْ مِّنَ الطِّیْنِ كَهَیْــٴَـةِ الطَّیْرِ فَاَنْفُخُ فِیْهِ فَیَكُوْنُ طَیْرًۢا بِاِذْنِ اللّٰهِۚ-وَ اُبْرِئُ الْاَكْمَهَ وَ الْاَبْرَصَ وَ اُحْیِ الْمَوْتٰى بِاِذْنِ اللّٰهِۚ-وَ اُنَبِّئُكُمْ بِمَا تَاْكُلُوْنَ وَ مَا تَدَّخِرُوْنَۙ-فِیْ بُیُوْتِكُمْؕ-اِنَّ فِیْ ذٰلِكَ لَاٰیَةً لَّكُمْ اِنْ كُنْتُمْ مُّؤْمِنِیْنَۚ(۴۹)
اور رسول ہوگا بنی اسرائیل کی طرف، یہ فرماتا ہو کہ میں تمہارے پاس ایک نشانی لایا ہوں (ف۹۹) تمہارے رب کی طرف سے کہ میں تمہارے لئے مٹی سے پرند کی سی مور ت بناتا ہوں پھر اس میں پھونک مارتا ہوں تو وہ فوراً پرند ہوجاتی ہے اللہ کے حکم سے (ف۱۰۰) اور میں شفا دیتا ہوں مادر زاد اندھے اور سفید داغ والے کو (ف۱۰۱) اور میں مُردے جلاتا ہوں اللہ کے حکم سے (ف۱۰۲) اور تمہیں بتاتا ہوں جو تم کھاتے اور جو اپنے گھروں میں جمع کر رکھتے ہو، (ف۱۰۳) بیشک ان باتوں میں تمہارے لئے بڑی نشانی ہے اگر تم ایمان رکھتے ہو،
القول في تأويل قوله : وَرَسُولا إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنِّي قَدْ جِئْتُكُمْ بِآيَةٍ مِنْ رَبِّكُمْقال أبو جعفر: يعني بقوله جل ثناؤه: " ورسولا "، ونجعله رسولا إلى بني إسرائيل، فترك ذكر " ونجعله " لدلالة الكلام عليه، كما قال الشاعر:وَرَأَيْتِ زَوْجَكِ فِي الوَغَىمُتَقَلِّدًا سَيْفًا وَرُمْحَا (17)* * *وقوله: " أني قد جئتكم بآية من ربكم "، يعني: (18) ونجعله رسولا إلى بني إسرائيل بأنه نبيّي وبشيري ونذيري (19) = وحجتي على صدقي على ذلك: " أني قد جئتكم بآية من ربكم "، يعني: بعلامة من ربكم تحقق قولي، وتصدق خبري أني رسول من ربكم إليكم، كما:-7085 - حدثنا ابن حميد قال، حدثنا سلمة، عن ابن إسحاق، عن محمد بن جعفر بن الزبير: " ورسولا إلى بني إسرائيل أني قد جئتكم بآية من ربكم "، أي: يُحقق بها نبوّتي، أني رسولٌ منه إليكم. (20)* * *القول في تأويل قوله : أَنِّي أَخْلُقُ لَكُمْ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ فَأَنْفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيْرًا بِإِذْنِ اللَّهِقال أبو جعفر: يعني بذلك جل ثناؤه: " ورسولا إلى بني إسرائيل أني قد جئتكم بآية من ربكم "، ثم بين عن الآية ما هي، فقال: " أني أخلق لكم ".* * *فتأويل الكلام: ورسولا إلى بني إسرائيل بأني قد جئتكم بآية من ربكم، بأنْ أخلق لكم من الطين كهيئة الطير.* * *" والطير " جمع " طائر ".* * *واختلفت القرأة في قراءة ذلك.فقرأه بعض أهل الحجاز: ( كَهَيْئَةِ الطَّائِرِ فَأَنْفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَائِرًا )، على التوحيد.* * *وقرأه آخرون: ( كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ فَأَنْفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيْرًا )، على الجماع فيهما. (21)* * *قال أبو جعفر: وأعجب القراءات إليّ في ذلك قراءة من قرأ: " كهيئة الطير فأنفخُ فيه فيكون طيرًا "، على الجماع فيهما جميعًا، لأن ذلك كان من صفة عيسى أنه يفعل ذلك بإذن الله، وأنه موافق لخطّ المصحف. واتباعُ خطّ المصحف مع صحة المعنى واستفاضة القراءة به، أعجب إليّ من خلاف المصحف.* * *وكان خلق عيسى ما كان يخلق من الطير، كما:-7086 - حدثنا ابن حميد قال، حدثنا سلمة قال، حدثنا ابن إسحاق: أنّ عيسى صلوات الله عليه جلسَ يومًا مع غلمان من الكُتّاب، فأخذ طينًا، ثم قال: أجعل لكم من هذا الطين طائرًا؟ قالوا: وتستطيع ذلك! قال: نعم! بإذن ربي. ثم هيّأه، حتى إذا جعله في هيئة الطائر نفخ فيه، ثم قال: " كن طائرًا بإذن الله "، فخرج يطيرُ بين كفيه. فخرج الغلمان بذلك من أمره، فذكروه لمعلّمهم،فأفشوه في الناس. وترعرع، فهمَّت به بنو إسرائيل، فلما خافت أمه عليه حملته على حُمَيرِّ لها، ثم خرجت به هاربة. (22)* * *وذكر أنه لما أراد أن يخلق الطيرَ من الطين سألهم: أيّ الطير أشدّ خلقًا؟ فقيل له: الخفاش، كما:-7087 - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج قال، قوله: " أني أخلق لكم من الطين كهيئة الطير "، قال: أيّ الطير أشدّ خلقًا؟ قالوا: الخفاش، إنما هو لحم. قال ففعل.* * *قال أبو جعفر: فإن قال قائل: وكيف قيل: " فأنفخ فيه "، وقد قيل: " أني أخلق لكم من الطين كهيئة الطير "؟قيل: لأن معنى الكلام: فأنفخ في الطير. ولو كان ذلك: " فأنفخ فيها ". كان صحيحًا جائزًا، كما قال في المائدة، فَتَنْفُخُ فِيهَا [سورة المائدة: 110]: (23) يريد: فتنفخ في الهيئة. (24) وقد ذكر أن ذلك في إحدى القراءتين: " فأنفخها "، بغير " في". (25) وقد تفعل العرب مثل ذلك فتقول: " رب ليلة قد بتُّها، وبتُّ فيها "، قال الشاعر: (26)مَا شُقَّ جَيْبٌ وَلا قَامَتْكَ نَائِحَةٌوَلا بَكَتْكَ جِيَادٌ عِنْدَ أَسْلابِ (27)بمعنى: ولا قامت عليك، وكما قال الآخر: (28)إحْدَى بَنِي عَيِّذِ اللهِ اسْتَمَرَّ بِهَاحُلْوُ العُصَارَةِ حَتَّى يُنْفَخَ الصُّوَرُ (29)* * *القول في تأويل قوله : وَأُبْرِئُ الأَكْمَهَ وَالأَبْرَصَقال أبو جعفر: يعني بقوله: " وأبرئ"، وأشفي. يقال منه: " أبرأ الله المريض "، إذا شفاه منه،" فهو يُبرئه إبراءً"، و " بَرَأ المريض فهو يَبرَأ بَرْأ "، وقد يقال أيضًا: " بَرئ المريض فهو يبرَأ "، لغتان معروفتان.* * *واختلف أهل التأويل في معنى " الأكمه ".فقال بعضهم: هو الذي لا يبصر بالليل، ويُبصر بالنهار.ذكر من قال ذلك:7088 - حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد في قوله: " وأبرئ الأكمه "، قال: الأكمه الذي يبصر بالنهار ولا يبصر بالليل، فهو يتكمَّه. (30)7089 - حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد مثله.* * *وقال آخرون: هو الأعمى الذي ولدته أمه كذلك.ذكر من قال ذلك:7090 - حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة، قال: كنا نحدَّثُ أن " الأكمه "، الذي ولد وهو أعمى مغموم العينين. (31)7091 - حدثني المثنى قال حدثنا إسحاق قال، حدثنا ابن أبي جعفر، عن أبيه، عن قتادة، في قوله: " وأبرئ الأكمه والأبرص "، قال: كنا نحدّث أن الأكمه الذي يولد وهو أعمى، مضموم العينين. (32)* * *7092 - حدثت عن المنجاب قال، حدثنا بشر، عن عمارة، عن أبي روق، عن الضحاك، عن ابن عباس قال: الأكمه، الذي يولد وهو أعمى.* * *وقال آخرون: بل هو الأعمى.ذكر من قال ذلك:7093 - حدثني موسى بن هارون قال، حدثنا عمرو قال، حدثنا أسباط، عن السدي: " وأبرئ الأكمه "، هو الأعمى.7094 - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج قال، قال ابن عباس: الأعمى.7095 - حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر، عن قتادة في قوله: " وأبرئ الأكمه "، قال: الأكمه الأعمى.7096 - حدثني محمد بن سنان قال، حدثنا أبو بكر الحنفي، عن عباد بن منصور عن الحسن في قوله: " وأبرئ الأكمه "، قال: الأعمى.* * *وقال آخرون: هو الأعمش.ذكر من قال ذلك:7097 - حدثني المثنى قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا حفص بن عمر، عن الحكم بن أبان، عن عكرمة في قوله: " وأبرئ الأكمه "، قال: الأعمش.* * *قال أبو جعفر: والمعروف عند العرب من معنى " الكمه "، العَمى، يقال منه: " كمِهَت عينه فهي تَكْمَه كمهًا، وأكمهتها أنا " إذا أعميتها، كما قال سويد بن أبي كاهل:كَمَّهَتْ عَيْنَيْهِ حَتَّى ابْيَضّتَافَهْوَ يَلْحَى نَفْسَهُ لَمَّا نزعْ (33)ومنه قول رؤبة:هَرَّجْتُ فَارْتَدَّ ارْتِدَادَ الأكْمَهِفِي غَائِلاتِ الحَائِرِ المُتَهْتِهِ (34)* * *وإنما أخبر الله عز وجل عن عيسى صلوات الله عليه أنه يقول ذلك لبني إسرائيل، احتجاجًا منه بهذه العِبر والآيات عليهم في نبوته، وذلك أن: الكَمَه والبرص لا علاج لهما، فيقدرَ على إبرائه ذو طِبّ بعلاج، فكان ذلك من أدلته على صدق قيله: إنه لله رسول، لأنه من المعجزات، مع سائر الآيات التي أعطاه الله إياها دلالةً على نبوته.* * *فأما ما قال عكرمة من أن " الكمه "، العمش، وما قاله مجاهد: من أنه سوء البصر بالليل، فلا معنى لهما. لأن الله لا يحتج على خلقه بحجة تكون لهم السبيلُ إلى معارضته فيها، ولو كان مما احتجَّ به عيسى على بني إسرائيل في نبوته، أنه يبرئ الأعمش، أو الذي يبصر بالنهار ولا يبصر بالليل، لقدروا على معارضته بأن يقولوا: " وما في هذا لك من الحجة، وفينا خَلقٌ ممن يعالج ذلك، وليسوا لله أنبياءَ ولا رسلا "ففي ذلك دلالة بينة على صحة ما قلنا، من أنّ" الأكمه "، هو الأعمى الذي لا يبصر شيئًا لا ليلا ولا نهارًا. وهو بما قال قتادة: - من أنه المولود كذلك - أشبهُ، لأن علاجَ مثل ذلك لا يدّعيه أحدٌ من البشر، إلا من أعطاه الله مثل الذي أعطى عيسى، وكذلك علاجُ الأبرص.* * *القول في تأويل قوله : وَأُحْيِي الْمَوْتَى بِإِذْنِ اللَّهِ وَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا تَأْكُلُونَ وَمَا تَدَّخِرُونَ فِي بُيُوتِكُمْقال أبو جعفر: وكان إحياء عيسى الموتى بدعاء الله، يدعو لهم، فيستجيب له، كما:-7098 - حدثني محمد بن سهل بن عسكر قال، حدثنا إسماعيل بن عبد الكريم قال، حدثني عبد الصمد بن معفل: أنه سمع وهب بن منبه يقول: لما صار عيسى ابن اثنتي عشرة سنة، أوحى الله إلى أمه وهي بأرض مصر، وكانت هربت من قومها حين ولدته إلى أرض مصر: أنِ اطْلُعي به إلى الشام. ففعلت الذي أمرت به. فلم تزل بالشام حتى كان ابن ثلاثين سنة، وكانت نبوّته ثلاث سنين، ثم رفعه الله إليه = قال: وزعم وهب أنه ربما اجتمع على عيسى من المرضى في الجماعة الواحدة خمسون ألفًا، من أطاق منهم أن يبلغه بلغه، ومن لم يطق منهم ذلك أتاه عيسى يمشي إليه، وإنما كان يداويهم بالدعاء إلى الله.* * *وأما قوله: " وأنبئكم بما تأكلون "، فإنه يعني: وأخبرُكم بما تأكلون، مما لم أعاينه وأشاهده معكم في وقت أكلكموه =" وما تدّخرون "، يعني بذلك: وما ترفعونه فتخبئونه ولا تأكلونه.= يعلمهم أنّ من حجته أيضًا على نبوّته = مع المعجزات التي أعلمهم أنه يأتي بها حجة على نبوّته وصدقه في خبره أنّ الله أرسله إليهم: من خلق الطير من الطين، وإبراءِ الأكمه والأبرص وإحياء الموتى بإذن الله، التي لا يطيقها أحدٌ من البشر، إلا من أعطاه الله ذلك عَلَمًا له على صدقه، وآيةً له على حقيقة قوله، من أنبيائه ورسله، وَمن أحبّ من خلقه = (35) إنباءَه عن الغيب الذي لا سبيل لأحد من البشر الذين سبيلُهم سبيلُه، عليه. (36)* * *قال أبو جعفر: فإن قال قائل: وما كان في قوله لهم: " وأنبئكم بما تأكلون وما تدخرون في بيوتكم " من الحجة له على صدقه، وقد رأينا المتنجِّمة والمتكهِّنة تخبرُ بذلك كثيرًا فتصيب؟قيل: إن المتنجِّم والمتكهِّن معلوم منهما عند من يخبرانه بذلك، (37) أنهما ينبئان به عن استخراج له ببعض الأسباب المؤدية إلى علمه. ولم يكن ذلك كذلك من عيسى صلوات الله عليه ومن سائر أنبياء الله ورُسله، وإنما كان عيسى يخبر به عن غير استخراج، ولا طلب لمعرفته باحتيال، ولكن ابتداءً بإعلام الله إياه، (38) من غير أصل تقدّم ذلك احتذاه، أو بنى عليه، أو فزع إليه، كما يفزَع المتنجم إلى حسابه، والمتكهن إلى رئيِّه. (39) فذلك هو الفصل بين علم الأنبياء بالغيوب وإخبارهم عنها، وبين علم سائر المتكذِّبة على الله، أو المدَّعية علم ذلك، كما:-7099 - حدثنا ابن حميد قال، حدثنا سلمة، عن ابن إسحاق قال: لما بلغ عيسى تسع سنين أو عشرًا أو نحو ذلك، أدخلته أمه الكتاب، فيما يزعمون. فكان عند رجل من المكتِّبين يعلمه كما يعلّم الغلمان، (40) فلا يذهب يعلمه شيئًا مما يعلمه الغلمان إلا بدره إلى علمه قبل أن يعلمه إياه، فيقول: ألا تعجبون لابن هذه الأرْملة، ما أذهب أعلّمه شيئًا إلا وحدته أعلمَ به منى! !7100 - حدثني موسى قال، حدثنا عمرو قال، حدثنا أسباط، عن السدّي: لما كبر عيسى أسلمته أمه يتعلم التوراة، فكان يلعب مع الغلمان غلمان القرية التي كان فيها، فيحدّث الغلمان بما يصنع آباؤهم.7101 - حدثني يعقوب بن إبراهيم. قال، حدثنا هشيم قال، أخبرنا إسماعيل بن سالم، عن سعيد بن جبير في قوله: " وأنبئكم بما تأكلون وما تدّخرون في بيوتكم "، قال: كان عيسى ابن مريم، إذْ كان في الكتّاب، يخبرهم بما يأكلون في بيوتهم وما يدَّخرون.7102 - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثنا هشيم قال، أخبرنا إسماعيل بن سالم قال، سمعت سعيد بن جبير يقول: " وأنبئكم بما تأكلون وما تدخرون في بيوتكم "، قال: إن عيسى ابن مريم كان يقول للغلام في الكتّاب: " يا فلان، إن أهلكُ قد خبأوا لك كذا وكذا من الطعام، فتطعمني منه "؟* * *قال أبو جعفر: فهكذا فعل الأنبياء وحججها، إنما تأتي بما أتت به من الحجج بما قد يوصل إليه ببعض الحيل، على غير الوجه الذي يأتي به غيرها، بل من الوجه الذي يعلم الخلق أنه لا يوصل إليه من ذلك الوجه بحيلة إلا من قِبَل الله.* * *وبنحو ما قلناه في تأويل قوله: " وأنبئكم بما تأكلون وما تدخرون في بيوتكم " قال أهل التأويل.ذكر من قال ذلك:7103 - حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم، عن عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد في قول الله: " وأنبئكم بما تأكلون وما تدخرون في بيوتكم "، قال: بما أكلتم البارحة، وما خبأتم منه = عيسى ابن مريم يقوله.7104 - حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد مثله.7105 - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج قال، قال عطاء بن أبي رباح - يعني قوله: " وأنبئكم بما تأكلون وما تدخرون في بيوتكم " - قال: الطعام والشيء يدخرونه في بيوتهم، غيبًا علمه الله إياه.7106 - حدثني المثنى قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا ابن أبي جعفر، عن أبيه، عن الربيع في قوله: " وأنبئكم بما تأكلون وما تدخرون في بيوتكم "، قال: " ما تأكلون "، ما أكلتم البارحةَ من طعام، وما خبأتم منه.7107 - حدثني موسى بن هارون قال، حدثنا عمرو قال، حدثنا أسباط، عن السدّي قال: كان - يعني عيسى ابن مريم - يحدّث الغلمان وهو معهم في الكتّاب بما يصنع آباؤهم، وبما يَرْفعون لهم، وبما يأكلون. ويقول للغلام: " انطلق، فقد رفع لك أهلك كذا وكذا، وهم يأكلون كذا وكذا "، فينطلق الصبي فيبكي على أهله حتى يعطوه ذلك الشيء. (41) فيقولون له: من أخبرك بهذا؟ فيقول: عيسى! = فذلك قول الله عز وجل: " وأنبئكم بما تأكلون وما تدخرون في بيوتكم " = فحبسوا صبيانهم عنه، وقالوا: لا تلعبوا مع هذا الساحر! فجمعوهم في بيت، فجاء عيسى يطلبهم، فقالوا: ليس هم هاهنا، فقال: ما في هذا البيت؟ فقالوا: خنازير. قال عيسى: كذلك يكونون! ففتحوا عنهم، فإذا هم خنازير. فذلك قوله: عَلَى لِسَانِ دَاوُدَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ [سورة المائدة: 78].7108 - حدثني محمد بن سنان قال، حدثنا أبو بكر الحنفي، عن عباد، عن الحسن في قوله: " وما تدخرون في بيوتكم "، قال: ما تخبأون مخافةَ الذي يمسك أن يخلفه. (42)* * *وقال آخرون: إنما عنى بقوله: " وأنبئكم بما تأكلون وما تدخرون في بيوتكم "، ما تأكلون من المائدة التي تنزل عليكم، وما تدخرون منها.ذكر من قال ذلك:7109 - حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة قوله: " وأنبئكم بما تأكلون وما تدخرون في بيوتكم "، فكان القومُ لما سألوا المائدةَ فكانت خِوانًا ينزل عليه أينما كانوا ثمَرًا من ثمار الجنة، (43) فأمر القوم أن لا يخونوا فيه ولا يخبئوا ولا يدخروا لغد، بلاءٌ ابتلاهم الله به. فكانوا إذا فعلوا من ذلك شيئًا أنبأهم به عيسى ابن مريم، فقال: " وأنبئكم بما تأكلون وما تدخرون في بيوتكم ".7110 - حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر، عن قتادة في قوله: " وأنبئكم بما تأكلون وما تدخرون "، قال: أنبئكم بما تأكلون من المائدة وما تدخرون منها. قال: فكان أخذ عليهم في المائدة حين نزلتْ: أن يأكلوا ولا يدّخروا، فادخروا وخانوا، فجعلوا خنازير حين ادّخروا وخانوا، فذلك قوله: فَمَنْ يَكْفُرْ بَعْدُ مِنْكُمْ فَإِنِّي أُعَذِّبُهُ عَذَابًا لا أُعَذِّبُهُ أَحَدًا مِنَ الْعَالَمِينَ [سورة المائدة: 115].= قال ابن يحيى قال، عبد الرزاق قال، معمر، عن قتادة، عن خلاس بن عمرو، عن عمار بن ياسر، ذلك.* * *وأصل " يدخرون " من " الفعل "،" يفتعلون " من قول القائل: " ذخرتُ الشيء " بالذّال،" فأنا أذخره ". ثم قيل: " يدّخر "، كما قيل: " يدَّكِرُ" من: " ذكرت الشيء "، يراد به " يذتخر ". فلما اجتمعت " الذال " و " التاء " وهما متقاربتا المخرج، ثقل إظهارهما على اللسان، فأدغمت إحداهما في الأخرى، وصيرتا " دالا " مشددة، صيروها عَدْلا بين " الذال " و " التاء ". (44) ومن العرب من يغلب " الذال " على " التاء "، فيدغم " التاء " في" الذال "، فيقول: وما تَذَّخِرون "،" وهو مذّخَر لك "،" وهو مُذَّكِر ".واللغة التي بها القراءةُ، الأولى، وذلك إدغام " الذال " في" التاء "، وإبدالهما " دالا " مشددة. لا يجوز القراءة بغيرها، لتظاهر النقل من القرأة بها، وهي اللغة الجُودَى، (45) كما قال زهير:إنّ الكَرِيمَ الَّذِي يُعْطِيكَ نَائِلَهُعَفْوًا, وَيُظْلَمُ أَحْيَانًا فَيَظَّلِمُ (46)يروى " بالظاء "، يريد: " فيفتعل " من " الظلم "، ويروى " بالطاء " أيضًا.* * *القول في تأويل قوله : إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (49)قال أبو جعفر: يعني بذلك جل ثناؤه: إنّ في خلقي من الطين الطيرَ بإذن الله، وفي إبرائي الأكمهَ والأبرصَ، وإحيائي الموتى، وإنبائيَ إياكم بما تأكلون وما تدخرون في بيوتكم، ابتداءً من غير حساب وتنجيم، ولا كهانة وعرافة = لعبرةً لكم ومتفكَّرًا، تتفكرون في ذلك فتعتبرون به أنيّ محق في قولي لكم: " إني رسولٌ من ربكم إليكم "، وتعلمون به أني فيما أدعوكم إليه من أمر الله ونهيه صادق =" إن كنتم مؤمنين "، يعني: إن كنتم مصدّقين حجج الله وآياته، مقرّين بتوحيده، وبنبيه موسى والتوراة التي جاءكم بها.------------------------الهوامش :(17) مضى البيت وتخريجه في 1: 140.(18) في المطبوعة: "بمعنى" ، والصواب من المخطوطة.(19) في المطبوعة: "نبي وبشير ونذير" ، والصواب من المخطوطة. هذا ، وقوله: "ونجعله رسولا..." ، إلى قوله: "ونذيري" بيان عن قول الله تعالى لمريم: "رسولا إلى بني إسرائيل" - ثم ابتدأ في بيان قول عيسى عليه السلام: "أني قد جئتكم بآية" ، فقال عيسى عليه السلام: "وحجتي على صدقي في ذلك...". وكان في المخطوطة والمطبوعة: "على صدقي على ذلك" ، وهو لا يستقيم ، خطأ أو سهو من الناسخ ، والصواب ما أثبت.(20) الأثر: 7085- سيرة ابن هشام 2: 230 ، تتمة الآثار التي آخرها رقم: 7084 ، وكان في المطبوعة: تحقق بها نبوتي ، وأني رسول..." ، وأثبت ما في المخطوطة ، وهو مطابق لرواية ابن هشام.(21) في المطبوعة: "على الجماع كليهما" ، وفي المخطوطة"كلهما" أيضًا ، دون شرطة الكاف كأنه أراد أن يكتب"كليهما" ، ثم استدرك ، فترك عقدة الكاف على حالها ليعود فيجعلها"فيهما" وكذلك أثبتها.(22) "حمير" (بضم الحاء وفتح الميم وتشديد الياء المكسورة) ، تصغير"حمار" ، وهو مضبوط هكذا في المخطوطة ، وهو الصواب.(23) في المطبوعة والمخطوطة: "فأنفخ فيها" ، وهو مخالف للتلاوة في سورة المائدة ، وهو سهو من الناسخ لقرب عهده بآية آل عمران ، وتابعه الناشرون.(24) في المخطوطة والمطبوعة: "فأنفخ" أيضًا ، وهو متابعة للسهو السالف.(25) هذا نص مقالة الفراء في معاني القرآن 1: 214 ، وهو: (وفي إحدى القراءتين: "فأنفخها" وفي قراءة عبد الله بغير"في" ، وهو مما تقوله العرب: رب ليلة قد بت فيها وبتها). ولعله تصرف واختصار من الطبري نفسه كعادته في الذي ينقله عن الفراء ، وظني أن في نص الفراء خطأ ، وصوابه: "وهي قراءة عبد الله..".(26) هو يزيد بن ربيعة بن مفرغ الحميري.(27) الأغاني 17: 68 ، ومعاني القرآن للفراء 1: 215. وهو من أبيات من خبرها أن عبيد الله بن زياد ، كان عدوًا لابن مفرغ ، فلما قتله أصحاب المختار بن أبي عبيد يوم الزاب ، قال ابن مفرغ فيه ، وفي طغيانه عليه ، وهو عظة لكل جبار طاغية:إِنَّ الَّذِي عَاشَ خَتَّارًا بِذِمَّتِهوعاشَ عبدًا, قَتِيلُ الله بالزَّابِالعَبْدُ لِلْعَبْدِ, لا أَصْلٌ وَلاَ طرَفٌ,أَلْوَتْ بِهِ ذَاتُ أظْفَارٍ وأنْيَابِإِنّ المَنَايَا إِذَا ما زُرْنَ طَاغِيَةًهَتَكْنَ عَنْهُ سُتُورًا بَيْنَ أبْوَابِهَلاَّ جُمُوعَ نِزَارٍ إذْ لَقِيتَهُمُكُنْتَ امْرَءًا مِنْ نِزَارٍ غَيْرَ مُرْتَابِلاَ أنْتَ زَاحَمْتَ عَنْ مُلْكٍ فَتَمنَعَهُوَلاَ مَدَدْتَ إلَى قَوْمِ بأَسْبَابِمَا شُقَّ جَيْبٌ وَلا نَاحَتْكَ نَائِحَةٌ. . . . . . . . . . . . . . . . . . .ورواية الأغاني"ناحتك" ، جارية على القياس ، يقال: "ناحت المرأة" ، لازمًا ، و"ناحت المرأة زوجها" ، أما رواية الفراء وأبي جعفر ، فهي التي حذف من قوله: "قامتك" حرف الجر ، من"قامت عليك". والأسلاب جمع سلب (بفتحتين): وهو ما على المحارب والرجل من ثيابه وثياب الحرب ، فإذا قتل أخذ قاتله سلبه ، أي ما عليه من ثياب وسلاح ، وما معه من دابة. يقول: لست فارسًا من أهل الحرب والمعارك ، فيحبك فرسك ، فيبكيك عند مصرعك.(28) لم أعرف قائله.(29) "بنو عيذ الله" (بتشديد الياء المكسورة) ، وهم بنو عيذ الله بن سعد العشيرة بن مذحج."استمر بها": ذهب بها."حلو العصارة": حلو الأخلاق. والعصارة والعصير: ما يتحلب من الشيء إذا عصر. يقول: ذهب بها فلن تعود إلى يوم الدين.(30) يقال: "خرج يتكمه في الأرض" ، إذا خرج متحيرًا مترددًا ، راكبًا رأسه ، لا يدري أين يتوجه.(31) كان في المطبوعة: "مضموم العينين" ، وتوشك أن تكون في المخطوطة: " مغموم العينين" ، وأنا أرجح أنها الصواب ، فلذلك أثبتها على قرائى للخط. والأكمه أعمى ، مضموم العينين كان أو غير مضموم ، ولكنه من غم الشيء: إذ ستره ، فهو مغموم: مستور. ومنه الغمامة ، وهي غطاء يشد على عيني الناقة أو الثور أو غيرهما.(32) كان في المطبوعة: "مضموم العينين" ، وتوشك أن تكون في المخطوطة: "مغموم العينين" ، وأنا أرجح أنها الصواب ، فلذلك أثبتها على قرائي للخط ، والأكمه أعمى ، مضموم العينين كان أو غير مضموم ، ولكنه من غم الشيء: إذا ستره ، فهو مغموم: مستور. ومنه الغمامة ، وهي غطاء يشد على عيني الناقة أو الثور أو غيرهما.(33) المفضليات: 405 ، اللسان (كمه) في المطبوعة: كِمِهَتْ عَيْنَاهُ ، وهي رواية المفضليات وفيها"كمهت عيناه لما ابيضتا". والبيت من قصيدته الفذة. يذكر في هذه الأبيات التي قبل البيت ، بعض عدوه ، كان يريد سقاطه بعد احتناكه وشدته ، وكيف تلقى العداوة عن آبائه ، فسعى كما سعى آباؤه فلم يظفر من سويد بشيء ، فضرب لنفسه مثلا بالصفاة التي لا ترام ، فقال أن عدوه ظل:مُقْعِيًا يَرْدِي صَفَاةً لَمْ تُرَمْفِي ذُرَى أَعْيَطَ وَعْرِ المُطَّلَعْمَعْقِلٌ يَأْمَنُ مَنْ كانَ بِهِغَلَبَتْ مَنْ قَبْلَهُ أنْ تُقْتَلَعْغَلَبَتْ عَادًا وَمَنْ بَعْدَهُمْفَأَبَتْ بَعْدُ, فَلَيْسَتْ تُتَّضَعْلاَ يَرَاها النَّاسُ إِلا فَوْقَهُمْفَهْيَ تَأْتِي كَيْفَ شَاءَتْ وَتَدَعْوَهْوَ يَرْمِيهَا, وَلَنْ يَبْلُغَها,رِعَةَ الجَاهِلِ يَرْضَى ما صَنَعْكَمِهَتْ عَيْنَاهُ. . . . . . .. . . . . . . . . . . . . . . . . . .يقول: عمي من شدة ما يلقى ، أو أعمته هي بشدتها. فلما كف عنها ونزع ، ظل يلوم نفسه على تعرضه لها.(34) ديوانه: 166 ، واللسان (كمه) (هرج) (تهته) وجاز القرآن 1: 93 ، وسيرة ابن هشام 2: 230 ، من قصيدة يذكر فيها نفسه وأيامه ، وقد سلفت منها أبيات كثيرة ، يذكر قبله خصما له قد بالغ في ضلاله ، فرده وزجره ، "هرج بالسبع": صاح به وزجره. و"الغائلات": التي تغوله وتهلكه. و"المتهته": الذي تهته في الأباطيل. أي تردد فيها. ورواية الديوان"في غائلات الخائب.." ، وهي قريب من قريب.(35) قوله: "إنباءه" خبر"أن" في قوله آنفًا: "أن من حجته أيضًا على بنوته.. إنباءه".(36) قوله"عليه" من تمام قوله: "الذي لا سبيل لأحد...".(37) في المخطوطة والمطبوعة: "عند من يخبره بذلك" وسياق الضمائر يقتضي ما أثبت.(38) في المطبوعة: "ولكن ابتدأ" ، والصواب ما أثبته ، ولم يحسن الناشر قراءة المخطوطة.(39) الرئي: هو التابع من الجن ، يراه الإنسان أو الكاهن ، فيؤالفه ويعتاده ويحدثه بما يكذب به من النبأ عن المغيب.(40) المكتب (بضم الميم وفتح الكاف وتشديد التاء المكسورة) على وزن"معلم": هو الذي يعلم الصغار الكتابة. ويقال أيضًا"المكتب" (بضم الميم وسكون الكاف وكسر التاء) على وزن"مبصر" وهو المعلم أيضًا.(41) "يبكي عليهم" ، يلح عليهم بالبكاء ، عدى"بكى" بعلى ، لتضمينه معنى"الإلحاح".(42) في المطبوعة: "ما تخبأون مخافة الذي يمسك أن لا يخلفه شيء" ، زاد في نص المخطوطة"لا" ، و"شيء". أما المخطوطة ففيها"... الذي يمسك أن يخلفه". وكلاهما لا معنى له. والمخطوطة مضطربة الحروف في هذا الموضع ، وأخشى أن يكون صواب الجملة: "ما تخبأون مخافة عليه ، الذي تمسكون خيفة عليه". وتركت نص المخطوطة ، على حاله في الأصل.(43) في المطبوعة: "فكانت جرابًا ينزل عليه" ، وهو خطأ لا شك فيه ، وفي المخطوطة"حوابا" غير منقوطة ، وصواب قراءتها ما أثبت. والمائدة ، هي الخوان ، وقال أهل اللغة: "لا تسمى مائدة حتى يكون عليها طعام ، وإلا فهي خوان".(44) قوله"عدلا" ، أي متوسطة بينهما ، وهذا نص عبارة الفراء في معاني القرآن 1: 215.(45) "الجودى" ، "فعلى" من"الأجود" مثل"أفضل ، وفضلى" ، ولم أرها مستعملة إلا قليلا عند أهل طبقة أبي جعفر. وانظر ما قاله الفراء في معاني القرآن 1: 215 ، 216.(46) ديوانه: 152 وسيبويه 2: 421 ، والمخصص 2: 206 ، 207 ، واللسان (ظلم) وغيرها. هكذا جاء به أبو جعفر ، وصواب روايته ما جاء في ديوانه ، لأن قبله:إنّ البَخِيلَ مَلُومٌ حَيْثُ كَانَ وَلكِنَّ الجوادَ عَلَى عِلاتِهِ هَرِمُهُوَ الجَوَادُ الَّذِي يُعْطِيكَ نائِلَهُ. . . . . . . . . . . . . . . . . . .وانظر روايات مختلفة للبيت ، وبيان هذه الروايات في هذه الكتب وغيرها.
وَ مُصَدِّقًا لِّمَا بَیْنَ یَدَیَّ مِنَ التَّوْرٰىةِ وَ لِاُحِلَّ لَكُمْ بَعْضَ الَّذِیْ حُرِّمَ عَلَیْكُمْ وَ جِئْتُكُمْ بِاٰیَةٍ مِّنْ رَّبِّكُمْ۫-فَاتَّقُوا اللّٰهَ وَ اَطِیْعُوْنِ(۵۰)
اور تصدیق کرتا آیا ہوں اپنے سے پہلے کتاب توریت کی اور اس لئے کہ حلال کروں تمہارے لئے کچھ وہ چیزیں جو تم پر حرام تھیں (ف۱۰۴) اور میں تمہارے پاس پاس تمہارے رب کی طرف سے نشانی لایا ہوں، تو اللہ سے ڈرو اور میرا حکم مانو،
القول في تأويل قوله : وَمُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَلأُحِلَّ لَكُمْ بَعْضَ الَّذِي حُرِّمَ عَلَيْكُمْقال أبو جعفر: يعني بذلك جل ثناؤه: وبأني قد جئتكم بآية من ربكم، وجئتكم مصدقًا لما بين يديّ من التوراة، ولذلك نصب " مصدّقًا " على الحال من جِئْتُكُمْ .والذي يدل على أنه نصب على قوله : جِئْتُكُمْ ، دون العطف على قوله: وَجِيهًا ، قوله: " لما بين يديّ من التوراة ". ولو كان عطفًا على قوله وَجِيهًا ، لكان الكلام: ومصدّقًا لما بين يديه من التوراة، وليحل لكم بعض الذي حرم عليكم. (47)* * *وإنما قيل: " ومصدّقًا لما بين يديّ من التوراة "، (48) لأن عيسى صلوات الله عليه، كان مؤمنًا بالتوراة مقرًا بها، وأنها من عند الله. وكذلك الأنبياء كلهم، يصدّقون بكل ما كان قبلهم من كتب الله ورسله، وإن اختلف بعضُ شرائع أحكامهم، لمخالفة الله بينهم في ذلك. مع أنّ عيسى كان - فيما بلغنا - عاملا بالتوراة لم يخالف شيئًا من أحكامها، إلا ما خفَّف الله عن أهلها في الإنجيل، مما كان مشددًا عليهم فيها، كما:-7111 - حدثني المثنى قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا عبد الكريم قال، حدثني عبد الصمد بن معقل: أنه سمع وهب بن منبه يقول: إن عيسى كان على شريعة موسى صلى الله عليه وسلم، وكانَ يسبِت، ويستقبل بيت المقدس، فقال لبني إسرائيل: إني لم أدعكم إلى خلاف حرف مما في التوراة، إلا لأحل لكم بعض الذي حرم عليكم، وأضع عنكم من الآصار. (49)7112 - حدثني بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة: " ومصدقًا لما بين يديّ من التوراة ولأحل لكم بعض الذي حُرّم عليكم "، كان الذي جاء به عيسى ألين مما جاء به موسى، وكان قد حُرّم عليهم فيما جاء به موسى لحومُ الإبل والثُّروب، وأشياء من الطير والحيتان. (50)7113 - حدثني المثنى قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا ابن أبي جعفر، عن أبيه، عن الربيع في قوله: " ومصدّقًا لما بين يديّ من التوراة ولأحل لكم بعض الذي حرم عليكم "، قال: كان الذي جاء به عيسى ألينَ من الذي جاء به موسى. قال: وكان حُرّم عليهم فيما جاء به موسى من التوراة، لحومُ الإبل والثُّروب، فأحلها لهم على لسان عيسى - وحرّمت عليهم الشحوم، وأحلت لهم فيما جاء به عيسى - وفي أشياء من السمك، وفي أشياء من الطير مما لا صِيصِيَةَ له، (51) وفي أشياء حرّمها عليهم، وشدّدها عليهم، فجاءهم عيسى بالتخفيف منه في الإنجيل، فكان الذي جاء به عيسى ألينَ من الذي جاء به موسى صلوات الله عليه.7114 - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج قوله: " ولأحل لكم بعض الذي حرم عليكم "، قال: لحوم الإبل والشحوم. لما بُعث عيسى أحلَّها لهم، وبُعث إلى اليهود فاختلفوا وتفرّقوا.7115 - حدثنا ابن حميد قال، حدثنا سلمة، عن ابن إسحاق، عن محمد بن جعفر بن الزبير: " ومصدقًا لما بين يدىّ من التوراة "، أي: لما سبقني منها -" ولأحلّ لكم بعض الذي حرم عليكم "، أي: أخبركم أنه كان حرامًا عليكم فتركتموه، ثم أحله لكم تخفيفًا عنكم، فتصيبون يُسْرَه، وتخرجون من تِباعَته. (52)7116 - حدثني محمد بن سنان قال، حدثنا أبو بكر الحنفي، عن عباد، عن الحسن: " ولأحل لكم بعض الذي حرم عليكم "، قال: كان حرّم عليهم أشياء، فجاءهم عيسى ليحلّ لهم الذي حرّم عليهم، يبتغي بذلك شُكْرهم.* * *القول في تأويل قوله : وَجِئْتُكُمْ بِآيَةٍ مِنْ رَبِّكُمْقال أبو جعفر: يعني بذلك: وجئتكم بحجة وعبرة من ربكم، تعلمون بها حقيقةَ ما أقول لكم. كما:-7117 - حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم، عن عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: " وجئتكم بآية من ربكم "، قال: ما بيَّن لهم عيسى من الأشياء كلها، وما أعطاه ربه.7118 - حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: " وجئتكم بآية من ربكم "، ما بيَّن لهم عيسى من الأشياء كلها.* * *ويعني بقوله: " من ربكم "، من عند ربكم.* * *القول في تأويل قوله : فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ (50)قال أبو جعفر: يعني بذلك: وجئتكم بآية من ربكم تعلمون بها يقينًا صدقي فيما أقول =" فاتقوا الله "، يا معشرَ بني إسرائيل، فيما أمركم به ونهاكم عنه في كتابه الذي أنزله على موسى، فأوفوا بعهده الذي عاهدتموه فيه =" وأطيعون "، فيما دعوتكم إليه من تصديقي فيما أرسلني به إليكم ربي وربكم، فاعبدوه، فإنه بذلك أرسلني إليكم، وبإحلال بعض ما كان محرّمًا عليكم في كتابكم، وذلك هو الطريق القويمُ، والهدى المتينُ الذي لا اعوجاج فيه، (53) كما:-7119 - حدثنا ابن حميد قال، حدثنا سلمة، عن ابن إسحاق، عن محمد بن جعفر بن الزبير: " فاتقوا الله وأطيعون إن الله ربي وربكم "، تبرِّيًا من الذي يقولون فيه - يعني: ما يقول فيه النصارى - واحتجاجًا لربه عليهم =" فاعبدوه هذا صراط مستقيم "، أي: هذا الذي قد حملتُكم عليه وجئتكم به. (54)--------------------الهوامش :(47) انظر معاني القرآن للفراء 1: 216.(48) انظر تفسير"لما بين يدي" و"لما بين يديه" فيما سلف من هذا الجزء: 160 ، 161.(49) الآصار جمع إصر (بكسر فسكون): وهو العهد ، أي ما عقد من عقد ثقيل عليهم ، مثل قتلهم أنفسهم ، وما أشبه ذلك من قرض الجلد إذا أصابته النجاسة ، وغير ذلك من الأحكام المشددة.(50) الثروب جمع ثرب (بفتح فسكون): وهي الشحم الرقيق الذي يغشى الكرش والأمعاء والمصارين من الذبائح والأنعام.(51) صيصية الديك (بكسر الصاد الأولى والثانية وفتح الياء الأخير) ، وجمعها الصياصي: هي الشوكة التي في رجل الديك. وقرون البقر يقال لها"الصياصي" ، ومنه قيل للحصون"الصياصي" لأن المقاتلين يحتمون بها كما تحتمي البقر بقرونها.(52) الأثر: 7115- سيرة ابن هشام 2: 231 ، وهو من تتمة الآثار التي كان آخرها رقم: 7085. وقوله: "وتخرجون من تباعته" ، أي من إثمه الذي تبعكم إن اقترفتموه. والتبعة والتباعة (بكسر التاء): ما كان فيه إثم يتبع به مقترفه ، يقال: "ما عليه من الله في هذا تبعة ، ولا تباعة".(53) انظر تفسير"الصراط المستقيم" فيما سلف 1: 170-177 / 3: 140 ، 141.(54) الأثر: 7119- سيرة ابن هشام 2: 231 ، وهو من بقية الآثار التي آخرها رقم: 7115.
اِنَّ اللّٰهَ رَبِّیْ وَ رَبُّكُمْ فَاعْبُدُوْهُؕ-هٰذَا صِرَاطٌ مُّسْتَقِیْمٌ(۵۱)
بیشک میرا تمہارا سب کا رب اللہ ہے تو اسی کو پوجو (ف۱۰۵) یہ ہے سیدھا راستہ،
إِنَّ اللَّهَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ (51)قال أبو جعفر: واختلفت القرأة في قراءة قوله: " إن الله ربي وربكم فاعبدوه ".فقرأته عامة قرأة الأمصار: ( إِنَّ اللَّهَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ ) بكسر " ألف "" إنّ" على ابتداء الخبر.* * *وقرأه بعضهم: ( أَنَّ اللَّهَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ )، بفتح " ألف "" أنّ"، بتأويل: وجئتكم بآية من ربكم، أنّ الله ربي وربكم، على ردّ" أن " على " الآية "، والإبدال منها.* * *قال أبو جعفر: والصواب من القراءة عندنا ما عليه قرأة الأمصار، وذلك كسر ألف " إن " على الابتداء، لإجماع الحجة من القرأة على صحة ذلك. وما اجتمعت عليه فحجةٌ، وما انفرد به المنفرد عنها فرأيٌ. ولا يعترضُ بالرأي على الحجة.* * *وهذه الآية وإن كان ظاهرُها خبرًا، ففيه الحجة البالغة من الله لرسوله محمد صلى الله عليه وسلم على الوفد الذين حاجُّوه من أهل نجران، بإخبار الله عزّ وجل عن أن عيسى كان بريئًا مما نسبه إليه مَن نسبه إلى غير الذي وصفَ به نفسه، من أنه لله عبدٌ كسائر عبيده من أهل الأرض، إلا ما كان الله جل ثناؤه خصَّه به من النبوة والحجج التي آتاه دليلا على صدقه - كما آتى سائرَ المرسلين غيره من الأعلام والأدلة على صدقهم - وحُجةً على نبوته. (55)---------------------------الهوامش :(55) في المطبوعة: "والحجة على نبوتهم" ، وأثبت ما في المخطوطة وهو الصواب. وقوله: "وحجة على نبوته" معطوف على قوله: "دليلا على صدقه" ، والضمير لعيسى ، وما بين المعطوف والمعطوف عليه فصل.
فَلَمَّاۤ اَحَسَّ عِیْسٰى مِنْهُمُ الْكُفْرَ قَالَ مَنْ اَنْصَارِیْۤ اِلَى اللّٰهِؕ-قَالَ الْحَوَارِیُّوْنَ نَحْنُ اَنْصَارُ اللّٰهِۚ-اٰمَنَّا بِاللّٰهِۚ-وَ اشْهَدْ بِاَنَّا مُسْلِمُوْنَ(۵۲)
پھر جب عیسیٰ نے ان سے کفر پایا (ف۱۰۶) بولا کون میرے مددگار ہوتے ہیں اللہ کی طرف، حواریوں نے کہا (ف۱۰۷) ہم دینِ خدا کے مددگار ہیں ہم اللہ پر ایمان لائے، اور آپ گواہ ہوجائیں کہ ہم مسلمان ہیں (ف۱۰۸)
القول في تأويل قوله : فَلَمَّا أَحَسَّ عِيسَى مِنْهُمُ الْكُفْرَ قَالَ مَنْ أَنْصَارِي إِلَى اللَّهِ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنْصَارُ اللَّهِ آمَنَّا بِاللَّهِ وَاشْهَدْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ (52)قال أبو جعفر: يعني بقوله جل ثناؤه: " فلما أحسّ عيسى منهم الكفر "، فلما وَجد عيسى منهم الكفر.* * *" والإحساس "، هو الوجود، ومنه قول الله عز وجل: هَلْ تُحِسُّ مِنْهُمْ مِنْ أَحَدٍ [سورة مريم: 98].فأما " الحَسُّ"، بغير " ألف "، فهو الإفناء والقتل، ومنه قوله: إِذْ تَحُسُّونَهُمْ بِإِذْنِهِ [سورة آل عمران: 152]." والحَسُّ" أيضًا العطف والرقة، ومنه قول الكميت:هَلْ مَنْ بَكَى الدَّارَ رَاجٍ أَنْ تَحِسَّ لَهُ,أَوْ يُبْكِيَ الدَّارَ مَاءُ العَبْرَةِ الخَضِلُ? (56)يعني بقوله: " أن تحس له "، أن ترقّ له.* * *فتأويل الكلام: فلما وَجد عيسى - من بني إسرائيل الذين أرسله الله إليهم - جحودًا لنبوّته، وتكذيبًا لقوله، وصدًّا عما دعاهم إليه من أمر الله، قال: " مَن أنصاري إلى الله "؟، يعني بذلك: قال عيسى: من أعواني على المكذبين بحجة الله، (57) والمولِّين عن دينه، والجاحدين نبوة نبيه، =" إلى الله " عز وجل؟* * *ويعني بقوله: " إلى الله "، مع الله.وإنما حَسُن أن يقال: " إلى الله "، بمعنى: مع الله، لأن من شأن العرب إذا ضموا الشيء إلى غيره، ثم أرادوا الخبر عنهما بضم أحدهما مع الآخر إذا ضم إليه، جعلوا مكان " مع "،" إلى " أحيانًا، وأحيانًا تخبر عنهما ب" مع " فتقول: " الذود إلى الذود إبل "، بمعنى: إذا ضممتَ الذود إلى الذود صارت إبلا. فأما إذا كان الشيء مع الشيء لم يقولوه ب" إلى "، ولم يجعلوا مكان " مع "" إلى ".غيرُ جائز أن يقال: " قدم فلانٌ وإليه مالٌ"، بمعنى: ومعه مال. (58)* * *وبمثل ما قلنا في تأويل قوله: " مَنْ أنصاري إلى الله "، قال جماعة من أهل التأويل.ذكر من قال ذلك:7120 - حدثني محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن المفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي قوله: " من أنصاري إلى الله "، يقول: مع الله. (59)7121 - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج: " من أنصاري إلى الله "، يقول: مع الله.* * *وأما سبب استنصار عيسى عليه السلام من استنصر من الحواريين، فإن بين أهل العلم فيه اختلافًا.فقال بعضهم: كان سبب ذلك ما:-7122 - حدثني به موسى بن هارون قال، حدثنا عمرو قال، حدثنا أسباط، عن السدي: لما بعث الله عيسى، فأمره بالدعوة، نفتْه بنو إسرائيل وأخرجوه، فخرج هو وأمُّه يسيحون في الأرض. فنزل في قرية على رجل فضافَهم وأحسن إليهم. وكان لتلك المدينة ملك جبارٌ معتدٍ، فجاء ذلك الرجل يومًا وقد وقعَ عليه همٌّ وحزن، فدخل منزله ومريم عند امرأته. فقالت مريم لها: ما شأن زوجك؟ أراه حزينًا! قالت: لا تسألي! قالت: أخبريني! لعل الله يُفرِّج كربته! قالت: فإن لنا ملكًا يجعل على كلّ رجل منا يومًا يُطعمه هو وجنودَه &; 6-445 &; ويسقيهم من الخمر، فإن لم يفعل عاقبه، وإنه قد بلغت نَوبتُه اليوم الذي يريد أن نصنع له فيه، وليس لذلك عندنا سعة! قالت: فقولي له لا يهتم، فإني آمر ابني فيدعُو له، فيُكْفَي ذلك. قالت مريم لعيسى في ذلك، قال عيسى: يا أمَّهْ، إني إن فعلت كان في ذلك شرٌّ. قالت: فلا تُبالِ، فإنه قد أحسنَ إلينا وأكرمنا! قال عيسى: فقولي له: إذا اقترب ذلك، فاملأ قُدُورك وخوَابيك ماء، ثم أعلمني. (60) قال: فلما ملأهنَّ أعلمه، فدعا الله، فتحوَّل ما في القدُور لحمًا ومَرَقًا وخبزًا، وما في الخوابي خمرًا لم ير الناس مثله قطّ وإياه طعامًا. (61) فلما جاء الملك أكل، فلما شرب الخمرَ سأل: من أين هذه الخمر؟ قال له: هي من أرض كذا وكذا. قال الملك: فإنّ خمري أوتَي بها من تلك الأرض، فليس هي مثل هذه! قال: هي من أرض أخرى. فلما خلَّط على الملك اشتدّ عليه، قال: فأنا أخبرك، عندي غلام لا يسأل الله شيئًا إلا أعطاه إياه، وإنه دعا اللهَ، فجعل الماءَ خمرًا. قال الملك = وكان له ابنٌ يريد أن يستخلفه، فمات قبل ذلك بأيام، وكان أحب الخلق إليه = فقال: إن رجلا دعا الله حتى جعل الماء خمرًا، ليُستجابَنّ له حتى يُحييَ ابني! فدعا عيسى فكلمه، فسأله أن يدعو الله فيحيي ابنه، فقال عيسى: لا تفعلْ، فإنه إن عاش كان شرًا. فقال الملك: لا أبالي، أليس أراه، فلا أبالي ما كان. فقال عيسى عليه السلام: فإن أحييته تتركوني أنا وأمي نذهب أينما شئنا؟ قال الملك: نعم. فدعا الله فعاش الغلام. فلما رآه أهل مملكته قد عاش، تنادَوْا بالسلاح وقالوا: أكلنا هذا، حتى إذا دنا موته يريد أن يستخلف ابنه، فيأكلنا كما أكلنا أبوه!! فاقتتلوا، وذهب عيسى وأمُّه، وصحبهما يهودي، وكان مع اليهودي رغيفان، ومع عيسى رغيف، فقال له عيسى: شاركني. فقال اليهودي: نعم. فلما رأى أنه ليس مع عيسى إلا رغيف ندم، فلما ناما جعل اليهوديّ يريد أن يأكلَ الرغيف، فلما أكل لقمة قال له عيسى: ما تصنع؟ فيقول: لا شيء! فيطرحها، حتى فرغ من الرغيف كله. فلما أصبحا قال له عيسى: هلمَّ طعامك! فجاء برغيف، فقال له عيسى: أين الرغيف الآخر؟ قال: ما كان معي إلا واحد. فسكت عنه عيسى، فانطلقوا، فمروا براعي غنم، فنادى عيسى: يا صاحب الغنم، أجزرْنا شاةً من غنمك. (62) قال: نعم، أرسل صاحبك يأخذها. فأرسل عيسى اليهوديّ، فجاء بالشاة فذبحوها وشوَوْها، ثم قال لليهودي: كل، ولا تكسِرنّ عظمًا. فأكلا. (63) فلما شبعوا، قذفَ عيسى العظام في الجلد، ثم ضربها بعصاه وقال: قومي بإذن الله! فقامت الشاة تَثغُو، فقال: يا صاحبَ الغنم، خذ شاتك. فقال له الراعي: من أنتَ؟ فقال: أنا عيسى ابن مريم. قال: أنت الساحر! وفرّ منه. قال: عيسى لليهودي: بالذي أحيى هذه الشاة بعدَما أكلناها، كم كان معك رغيفًا؟ فحلف كان معه إلا رغيف واحد، فمرُّوا بصاحب بَقر، فنادى عيسى فقال: يا صاحب البقر، أجزرنا من بَقرك هذه عجلا. قال: ابعث صاحبك يأخذه. قال: انطلق يا يهوديّ فجئ به. فانطلق فجاءَ به. فذبحه وشواه وصاحبُ البقر ينظر، فقال له عيسى: كلْ ولا تكسِرَن عظمًا. فلما فرغوا، قذف العظام في الجلد ثم ضربه بعصاه، = وقال: قم بإذن الله. فقام وله خُوَارٌ، قال: خُذ &; 6-447 &; عجلك. قال: ومن أنت؟ قال: أنا عيسى. قال: أنت السحَّار! ثم فر منه. قال اليهودي: يا عيسى أحييته بعد ما أكلناه! قالَ عيسى: فبالذي أحيَى الشاة بعد ما أكلناها، والعجلَ بعد ما أكلناه، كم كان معك رغيفًا؟ فحلف بالله ما كان معه إلا رغيف واحد. فانطلقا، حتى نزلا قريةً، فنزل اليهودي أعلاها وعيسى في أسفلها، وأخذ اليهودي عَصا مثل عصا عيسى وقال: أنا الآنَ أحيي الموتى! وكان ملك تلك المدينة مريضًا شديد المرض، فانطلق اليهودي يُنادي: من يبتغي طبيبًا؟ حتى أتى ملك تلك القرية، فأخبر بوجعه، فقال: أدخلوني عليه فأنا أبرئه، وإن رأيتموه قد مات فأنا أحييه. فقيل له: إن وجع الملك قد أعيَى الأطباء قبلك، ليس من طبيب يُداويه ولا يُفيء دواؤه شيئًا إلا أمر به فصلب. (64) قال: أدخلوني عليه، فإني سأبرئه. فأدخل عليه فأخذ برجل الملك فضربه بعصاه حتى مات، فجعل يضربه بعصاه وهو ميت ويقول: قُم بإذن الله! فأخذ ليُصْلب، فبلغ عيسى، فأقبل إليه وقد رفع على الخشبة، فقال: أرأيتم إن أحييت لكم صاحبكم، أتتركون لي صاحبي؟ قالوا: نعم. فأحيى اللهُ الملكَ لعيسى، فقام وأنزل اليهودي فقال: يا عيسى أنتَ أعظم الناس عليّ منةً، والله لا أفارقك أبدًا. قال عيسى = فيما حدثنا به محمد بن الحسين بن موسى قال، حدثنا أحمد بن المفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي = لليهودي: أنشُدك بالذي أحيى الشاة والعجلَ بعد ما أكلناهما، وأحيى هذا بعد ما مات، وأنزلك من الجِذْع بعد ما رُفعت عليه لتصلب، كم كان معك رغيفًا؟ قال: فحلف بهذا كله ما كان معه إلا رغيف واحد، قال: لا بأس! فانطلقا، حتى مرّا على كنز قد حفرته السباع والدواب، فقال اليهودي: يا عيسى، لمن هذا المال؟ قال عيسى: دعه، فإنّ له أهلا يهلكون عليه. فجعلت نفسُ اليهودي تَطلَّعُ &; 6-448 &; إلى المال، ويكره أن يعصي عيسى، فانطلق مع عيسى. ومرّ بالمال أربعة نَفر، فلما رأوه اجتمعوا عليه، فقال: اثنان لصاحبيهما: انطلقا فابتاعا لنا طعامًا وشرابًا ودوابَّ نحملُ عليها هذا المال. فانطلق الرجلان فابتاعا دوابّ وطعامًا وشرابًا، وقال أحدهما لصاحبه: هل لك أن نجعل لصاحبينا في طعامهما سَمًّا، فإذا أكلا ماتا، فكان المال بيني وبينك، فقال الآخر: نعم! ففعلا. وقال الآخران: إذا ما أتيانا بالطعام، فليقم كل واحد إلى صاحبه فيقتله، فيكون الطعامُ والدوابّ بيني وبينك. فلما جاءا بطعامهما قاما فقتلاهما، ثم قعدا على الطعام فأكلا منه، فماتا. وأعْلِم ذلك عيسى، (65) فقال لليهودي: أخرجه حتى نقتسمه، فأخرجه، فقسمه عيسى بين ثلاثة، فقال اليهودي: يا عيسى، اتق الله ولا تظلمني، فإنما هو أنا وأنت!! وما هذه الثلاثة؟ قال له عيسى: هذا لي، وهذا لك، وهذا الثلث لصاحب الرغيف. قال اليهودي: فإن أخبرتك بصاحب الرغيف، تعطيني هذا المال؟ فقال عيسى: نعم. قال: أنا هو. قال: عيسى: خذ حظي وحظَّك وحظَّ صاحب الرغيف، فهو حظك من الدنيا والآخرة. فلما حمله مَشى به شيئًا، فخُسِف به. (66) وانطلق عيسى ابن مريم، فمر بالحواريِّين وهم يصطادون السمك، فقال: ما تصنعون؟ فقالوا: نصطاد السمك. فقال: أفلا تمشون حتى نصطادَ الناس؟ قالوا: ومن أنت؟ قال: أنا عيسى ابن مريم، فآمنوا به وانطلقوا معه. فذلك قول الله عز وجل: " مَنْ أنصاري إلى الله قال الحواريون نحنُ أنصارُ الله آمنا بالله واشهدْ بأنا مسلمون ".7122م - حدثنا محمد بن سنان قال، حدثنا أبو بكر الحنفي، عن عباد بن منصور، عن الحسن في قوله: " فلما أحس عيسى منهم الكفر قال من أنصاري إلى الله "، الآية قال: استنصر فنصرَه الحواريون، وظهر عليهم.* * *وقال آخرون: كان سببُ استنصار عيسى من استنصرَ، لأن من استنصرَ الحواريِّين عليه كانوا أرادُوا قتله.ذكر من قال ذلك:7123 - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد: " فلما أحس عيسى منهم الكفر "، قال: كفروا وأرادُوا قتله، فذلك حين استنصر قومه =" قال من أنصاري إلى الله قال الحواريون نحن أنصارُ الله ".* * *" والأنصار "، جمع " نصير "، (67) كما " الأشراف " جمع " شريف "،" والأشهاد " جمع " شهيد ".* * *وأما " الحواريون "، فإن أهل التأويل اختلفوا في السبب الذي من أجله سموا " حواريون ".فقال بعضهم: سموا بذلك لبياض ثيابهم.ذكر من قال ذلك:7124 - حدثني محمد بن عبيد المحاربي قال: مما روى أبي قال، حدثنا قيس بن الربيع، عن ميسرة، عن المنهال بن عمرو، عن سعيد بن جبير قال: إنما سمُّوا " الحواريين "، ببياض ثيابهم.* * *وقال آخرون: سموا بذلك: لأنهم كانوا قَصّارين يبيِّضون الثياب.ذكر من قال ذلك:7125 - حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم، عن عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن أبي أرطأة قال: " الحواريون "، الغسالون الذين يحوّرون الثياب، يغسلونها.* * *وقال آخرون: هم خاصّة الأنبياء وصفوتهم.ذكر من قال ذلك:7126 - حدثنا يعقوب بن إبراهيم قال، حدثنا ابن علية، عن روح بن القاسم، أن قتادة ذكرَ رجلا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فقال: كان من الحواريين. فقيل له: من الحواريُّون؟ قال: الذين تصلح لهم الخلافة.7127 - حدثت عن المنجاب قال، حدثنا الحسين قال، حدثنا بشر، عن عمارة، عن أبي روق، عن الضحاك في قوله: " إذ قال الحواريون "، قال: أصفِياء الأنبياء.* * *قال أبو جعفر: وأشبه الأقوال التي ذكرنا في معنى " الحواريين "، قولُ من قال: " سموا بذلك لبياض ثيابهم، ولأنهم كانوا غسّالين ".وذلك أن " الحوَر " عند العرب شدة البياض، ولذلك سمي" الحُوَّارَى " من الطعام " حُوّارَى " لشدة بياضه، (68) ومنه قيل للرجل الشديد البياض مقلة العينين " أحور "، وللمرأة " حوراء ". وقد يجوز أن يكون حواريو عيسى كانوا سُمُّوا بالذي ذكرنا، من تبييضهم الثيابَ، وأنهم كانوا قصّارين، فعرفوا بصحبة عيسى، واختياره إياهم لنفسه أصحابًا وأنصارًا، فجرى ذلك الاسم لهم، واستُعمل، &; 6-451 &; حتى صار كل خاصّة للرجل من أصحابه وأنصاره: " حواريُّه "، ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم.7128 -" إنّ لكلّ نبيَ حواريًّا، وَحوَاريَّ الزبير ". (69)* * *= يعني خاصته. وقد تسمي العرب النساء اللواتي مساكنهن القرَى والأمصار " حَوَاريَّات "، وإنما سمين بذلك لغلبة البياض عليهن، ومن ذلك قول أبي جَلْدة اليشكري: (70)فَقُلْ لِلْحَوَارِيَّاتِ يَبْكِينَ غَيْرَنَاوَلا تَبْكِنَا إلا الكِلابُ النَّوابِحُ (71)* * *ويعني بقوله: " قال الحواريون "، قال هؤلاء الذين صفتهم ما ذكرنا، من تبييضهم الثياب: "آمنا بالله "، صدقنا بالله، واشهد أنتَ يا عيسى بأننا مسلمون.* * *قال أبو جعفر: وهذا خبرٌ من الله عز وجل أن الإسلامَ دينُه الذي ابتعثَ به &; 6-452 &; عيسى والأنبياءَ قبله، لا النصرانية ولا اليهوديةَ = وتبرئةٌ من الله لعيسى ممن انتحل النصرانية ودان بها، كما برّأ إبراهيم من سائر الأديان غير الإسلام، وذلك احتجاجٌ من الله تعالى ذكره لنبيه صلى الله عليه وسلم على وفد نجران، كما:-7129 - حدثنا ابن حميد قال، حدثنا سلمة، عن محمد بن إسحاق، عن محمد بن جعفر بن الزبير: " فلما أحسّ عيسى منهم الكفر " والعدوان (72) =" قال من أنصاري إلى الله قال الحواريون نحن أنصار الله آمنا بالله "، وهذا قولهم الذي أصابوا به الفضلَ من ربهم =" واشهد بأنا مسلمون "، لا كما يقول هؤلاء الذين يحاجونك فيه - يعني وفدَ نصارَى نجران. (73)* * *------------------------الهوامش :(56) معاني القرآن للفراء 1: 217 ، ومجالس ثعلب: 486 ، وإصلاح المنطق: 240 ، واللسان (حسس). والخضل: المتتابع الدائم الكثير الهمول. يتعجب من الباكي على أطلال أحبابه ، وما يرجو منها: أترق له ، أم تبكي لبكائه؟ يسفه ما يفعل. ثم انظر سائر ما قيل في هذا الحرف من اللغة في المراجع السالفة.(57) انظر تفسير"الأنصار" فيما سلف 2: 489 / 5: 581.(58) انظر ما سلف 1: 299 ، ثم انظر معاني القرآن للفراء 1: 218 ، وهذا مختصر مقالته.(59) الأثر: 7120- مضى هذا الإسناد قديمًا برقم: 2100 ، "محمد بن الحسين بن موسى ابن أبي حنين الكوفي" ، روى عن عبيد الله بن موسى ، وأحمد بن المفضل ، وأبي غسان مالك بن إسماعيل. وهو صدوق قاله ابن أبي حاتم في كتابه 3 / 2 / 230. و"أحمد بن المفضل القرشي الأموي" الكوفي الحفري. روى عن الثوري ، وأسباط بن نصر ، وإسرائيل. روى عنه أبو زرعة ، وأبو حاتم ، وغيرهما قال أبو حاتم: "كان صدوقًا ، وكان من رؤساء الشيعة". مترجم في التهذيب ، وابن أبي حاتم 1 / 1 / 77.(60) الخوابي جمع خابية: وهي الحب (بضم الحاء) ، والحب: جرة ضخمة يجعل فيها الماء والخمر وغيرهما.(61) هذه الكلمة: "وإياه طعامًا" هكذا هي غير منقوطة في المخطوطة ، وأما المطبوعة ، فإنها جعلتها"وإياه طعامًا" ، ولم أجد لها وجهًا أرتضيه. وقد رأيت كل من نقل خبر السدي قد أسقط هذه الكلمة من روايته ، فأسقطها الثعلبي في قصص الأنبياء: 341 ، والبغوي في تفسيره (بهامش ابن كثير) 2: 146 ، والدر المنثور 2: 34 ، وغيرهم. وأنا أستبعد أن تكون زيادة من الناسخ ، وأقطع بأنها ثابتة في أصل أبي جعفر ، ولكني لم أجد لها وجهًا من وجوه التصحيف أحملها عليه ، ولكنها ولا شك تعني: "وهيأ طعامًا". وأرجو أن يوفق غيري إلى معرفة صوابها ، وأسأل الله أن يوفقني إلى مثله.(62) في المخطوطة: "اجزر شاة" ، والصواب ما في المطبوعة: أجزره شاة: أعطاه شاة تصلح للذبح. وستأتي مرة أخرى على الصواب في حديث البقرة الآتي ، في المخطوطة.(63) خالف بين الضمائر ، فقال"فأكلا" يعني عيسى وصاحبه ، ثم قال: "فلما شبعوا" ، يعني عيسى وصاحبه وأمه مريم عليهما السلام. وهذا سياق لا بأس به في مجاز العربية.(64) أفا يفيء: رد وأرجع. يعني: لا يرد عليه عافيته. وفي المخطوطة: "لا يفي" ، وهذا صواب قراءتها.(65) في المطبوعة: "أعلم ذلك لعيسى" ، والصواب ما في المخطوطة.(66) قوله: "شيئًا" ، أي قليلا ، كقول سالم بن وابصة الأسدي:غِنَى النَّفْسِ مَا يَكْفِيكَ مِنْ سَدِّ خَلَّةٍفإن زادَ شيئًا, عَادَ ذَاكَ الغِنَى فَقْرَاوكقول عمر بن أبي ربيعة:وقالت لَهُنَّ: ارْبَعْنَ شيئًا, لَعَلَّنِيوَإنْ لامَني فِيمَا ارْتَأَيْتَ مُلِيمُوهذا من نوادر اللغة ، مما أغفلت بيانه المعاجم.(67) انظر تفسير"الأنصار" فيما سلف قريبًا: 443 ، تعليق: 2. والمراجع هناك.(68) الحواري (بضم الحاء وتشديد الواو ، وراء مفتوحة): هو ما حور من الطعام ، أي بيض ، ودقيق حوارى: هو الدقيق الأبيض ، وهو لباب الدقيق وأجوده وأخلصه.(69) الأثر: 7128- ذكره الطبري بغير إسناد ، وهو من صحيح الحديث. أخرجه البخاري في مواضع (الفتح 6: 39 / 7: 64 ، 412 / 13: 203 ، 204) ، وأخرجه مسلم في صحيحه 15: 188. وكان في المطبوعة: "إن لكل نبي حواري" ، وصوابه ما أثبت. والرواية الأخرى بحذف: "إن" أي: "لكل نبي حواري".(70) هو أبو جلدة بن عبيد بن منقذ اليشكري ، من شعراء الدولة الأموية ، كان من أخص الناس بالحجاج ، ثم فارقه وخرج مع ابن الأشعث ، وصار من أشد الناس تحريضًا على الحجاج. فلما قتل وأتى الحجاج برأسه ووضع بين يديه ، مكث ينظر إليه طويلا ثم قال: كم من سر أودعته هذا الرأس فلم يخرج منه حتى أتيت به مقطوعًا!!(71) الؤتلف والمختلف للآمدي: 79 ، والأغاني 11: 311 ، والوحشيات: 36 ، وحماسة ابن الشجري: 65 ، واللسان (حور) ، وبعده.بَكَيْنَ إِلَيْنَا خَشْيَةً أَنْ تُبِيحَهَارمَاحُ النَّصَارَى والسُّيُوفُ الجوارحُبَكَيْنَ لِكَيْمَا يَمْنَعُوهُنَّ مِنْهُمُوَتَأْبَى قُلُوبٌ أَضْمَرَتْها الجَوَانِحُيقولها تحريضًا وتحضيضًا على قتال أهل الشام.(72) في سيرة ابن هشام: "والعدوان عليه".(73) الأثر: 7129- سيرة ابن هشام 2: 230 ، وهو تتمة الآثار التي آخرها رقم: 7119.
رَبَّنَاۤ اٰمَنَّا بِمَاۤ اَنْزَلْتَ وَ اتَّبَعْنَا الرَّسُوْلَ فَاكْتُبْنَا مَعَ الشّٰهِدِیْنَ(۵۳)
اے رب ہمارے! ہم اس پر ایمان لائے جو تو نے اتارا اور رسول کے تابع ہوئے تو ہمیں حق پر گواہی دینے والوں میں لکھ لے،
القول في تأويل قوله : رَبَّنَا آمَنَّا بِمَا أَنْزَلْتَ وَاتَّبَعْنَا الرَّسُولَ فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ (53)قال أبو جعفر: وهذا خبر من الله عز وجل عن الحواريين أنهم قالوا: " ربنا آمنا "، أي: صدّقنا =" بما أنزلت "، يعني: بما أنزلتَ على نبيك عيسى من كتابك =" واتبعنا الرسول "، يعني بذلك: صرنا أتباع عيسى على دينك الذي ابتعثته به، وأعوانه على الحق الذي أرسلتَه به إلى عبادك = وقوله: " فاكتبنا مع الشاهدين "، يقول: فأثبت أسماءنا مع أسماء الذين شهدوا بالحق، وأقرُّوا لك بالتوحيد، وصدّقوا رسلك، واتبعوا أمرك ونهيك، فاجعلنا في عدادهم ومعهم فيما تكرمهم به من كرامتك، وأحِلَّنا محلهم، ولا تجعلنا ممن كفر بك، وصدَّ عن سبيلك، وخالف أمرك ونهيك.يعرّف خلقه جل ثناؤه بذلك سبيلَ الذين رضي أقوالهم وأفعالهم، ليحتذوا طريقهم، ويتبعوا منهاجهم، فيصلوا إلى مثل الذي وصلوا إليه من درجات كرامته = ويكذّب بذلك الذين انتحلوا من الملل غير الحنيفية المسلمة، في دعواهم على أنبياء الله أنهم كانوا على غيرها = ويحتجُّ به على الوفد الذين حاجوا رسول الله صلى الله عليه وسلم من أهل نجران: بأنّ قِيلَ مَنْ رضي الله عنه من أتباع عيسى كان خلاف قِيلهم، ومنهاجهم غير منهاجهم، كما:-7130 - حدثنا ابن حميد قال، حدثنا سلمة، عن ابن إسحاق، عن محمد بن جعفر بن الزبير: " ربنا آمنا بما أنزلت واتبعنا الرسول فاكتبنا مع الشاهدين "، أي: هكذا كان قولهم وإيمانهم. (1)------------------الهوامش :(1) الأثر: 7130- سيرة ابن هشام 2: 230 ، هو تتمة الآثار التي آخرها رقم: 7129.
وَ مَكَرُوْا وَ مَكَرَ اللّٰهُؕ-وَ اللّٰهُ خَیْرُ الْمٰكِرِیْنَ۠(۵۴)
اور کافروں نے مکر کیا (ف۱۰۹) اور اللہ نے ان کے ہلاک کی خفیہ تدبیر فرمائی اور اللہ سب سے بہتر چھپی تدبیر والا ہے (ف۱۱۰)
القول في تأويل قوله : وَمَكَرُوا وَمَكَرَ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ (54)قال أبو جعفر: يعني بذلك جل ثناؤه: ومكر الذين كفروا من بني إسرائيل، وهم الذين ذكر الله أنّ عيسى أحسّ منهم الكفر.* * *وكان مكرهم الذي وصفهم الله به، مُواطأة بعضهم بعضًا على الفتك بعيسى وقَتْله، وذلك أن عيسى صلوات الله عليه، بعد إخراج قومه إياه وأمّه من بين أظهُرِهم، عاد إليهم، فيما:-7131 - حدثنا محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن المفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي: ثم إن عيسى سار بهم = يعني: بالحواريين الذين كانوا يصطادون السمك، فآمنوا به واتبعوه إذ دعاهم = حتى أتى بني إسرائيل ليلا فصَاح فيهم، فذلك قوله: فَآمَنَتْ طَائِفَةٌ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَكَفَرَتْ طَائِفَةٌ الآية [سورة الصف: 14].* * *وأما مكر الله بهم: فإنه - فيما ذكر السدي - إلقاؤه شبَه عيسى على بعض أتباعه حتى قتله الماكرون بعيسى، وهم يحسبونه عيسى، وقد رفع الله عز وجل عيسى قبل ذلك، كما:-7132 - حدثني محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن المفضل قال: حدثنا أسباط، عن السدي: ثم إن بني إسرائيل حَصروا عيسى وتسعةَ عشر رجلا من الحواريِّين في بيت، فقال عيسى لأصحابه: من يأخذ صورتي فيقتل وله الجنة؟ فأخذها رجل منهم، وصُعِد بعيسى إلى السماء، فذلك قوله: " ومكرُوا ومكر الله والله خير الماكرين ". فلما خرج الحواريون أبصرُوهم تسعةَ عشر، فأخبروهم أن عيسى قد صُعد به إلى السماء، فجعلوا يعدّون القوم فيجدُونهم ينقصون رجلا من العِدّة، ويرون صورةَ عيسى فيهم، فشكُّوا فيه. وعلى ذلك قتلوا الرجل وهم يُرَوْن أنه عيسى وصَلبوه، فذلك قول الله عز وجل: وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ [سورة النساء: 157].* * *وقد يحتمل أن يكون معنى " مكر الله بهم "، استدراجُه إياهم ليبلغ الكتاب أجله، كما قد بينا ذلك في قول الله: اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ [سورة البقرة: 15]. (2)-----------------------الهوامش :(2) انظر ما سلف 1: 301-306.
اِذْ قَالَ اللّٰهُ یٰعِیْسٰۤى اِنِّیْ مُتَوَفِّیْكَ وَ رَافِعُكَ اِلَیَّ وَ مُطَهِّرُكَ مِنَ الَّذِیْنَ كَفَرُوْا وَ جَاعِلُ الَّذِیْنَ اتَّبَعُوْكَ فَوْقَ الَّذِیْنَ كَفَرُوْۤا اِلٰى یَوْمِ الْقِیٰمَةِۚ-ثُمَّ اِلَیَّ مَرْجِعُكُمْ فَاَحْكُمُ بَیْنَكُمْ فِیْمَا كُنْتُمْ فِیْهِ تَخْتَلِفُوْنَ(۵۵)
یاد کرو جب اللہ نے فرمایا اے عیسیٰ میں تجھے پوری عمر تک پہنچاؤں گا (ف۱۱۱) اور تجھے اپنی طرف اٹھالوں گا (ف۱۱۲) اور تجھے کافروں سے پاک کردوں گا اور تیرے پیروؤں کو (ف۱۱۳) قیامت تک تیرے منکروں پر (ف۱۱۴) غلبہ دوں گا پھر تم سب میری طرف پلٹ کر آؤ گے تو میں تم میں فیصلہ فرمادوں گا جس بات میں جھگڑتے ہو،
القول في تأويل قوله : إِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ وَمُطَهِّرُكَ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُواقال أبو جعفر: يعني بذلك جل ثناؤه: ومكر الله بالقوم الذين حاولوا قتلَ عيسى = مع كفرهم بالله، وتكذيبهم عيسى فيما أتاهم به من عند ربهم = إذ قال الله جل ثناؤه: " إني متوفيك "، ف" إذ " صلةٌ من قوله: وَمَكَرَ اللَّهُ ، يعني: ومكر الله بهم حين قال الله لعيسى " إني متوفيك ورافعك إليّ، فتوفاه ورفعه إليه.* * *ثم اختلف أهل التأويل في معنى " الوفاة " التي ذكرها الله عز وجل في هذه الآية.فقال بعضهم: " هي وفاة نَوْم "، وكان معنى الكلام على مذهبهم: إني مُنِيمك ورافعك في نومك.ذكر من قال ذلك:7133 - حدثني المثنى قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا عبد الله بن أبي جعفر، عن أبيه، عن الربيع في قوله: " إني متوفيك "، قال: يعني وفاةَ المنام، رفعه الله في منامه = قال الحسن: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لليهود: " إن عيسَى لم يمتْ، وإنه راجعٌ إليكم قبل يوم القيامة. (3)* * *وقال آخرون: معنى ذلك: إني قابضك من الأرض، فرافعك إليّ، قالوا: ومعنى " الوفاة "، القبض، لما يقال: " توفَّيت من فلان ما لي عليه "، بمعنى: قبضته واستوفيته. قالوا: فمعنى قوله: " إني متوفيك ورافعك "، أي: قابضك من الأرض حيًّا إلى جواري، وآخذُك إلى ما عندي بغير موت، ورافعُك من بين المشركين وأهل الكفر بك.ذكر من قال ذلك:7134 - حدثنا علي بن سهل قال، حدثنا ضمرة بن ربيعة، عن ابن شوذب، عن مطر الورّاق في قول الله: " إني متوفيك "، قال: متوفيك من الدنيا، وليس بوفاة موت. (4)7135 - حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر، عن الحسن في قوله: " إني متوفيك "، قال: متوفيك من الأرض.7136 - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج قوله: " إني متوفيك ورافعك إليّ ومطهرك من الذين كفروا "، قال: فرفعه إياه إليه، توفِّيه إياه، وتطهيره من الذين كفروا.7137 - حدثني المثنى قال، حدثنا عبد الله بن صالح قال، حدثني معاوية بن صالح: أن كعب الأحبار قال: ما كان الله عز وجل ليميت عيسى ابن مريم، إنما بعثه الله داعيًا ومبشرًا يدعو إليه وحده، فلما رأى عيسى قِلة من اتبعه وكثرة من كذّبه، شكا ذلك إلى الله عز وجل، فأوحى الله إليه: " إني متوفيك ورافعك إليّ"، وليس مَنْ رفعته عندي ميتًا، وإني سأبعثك على الأعوَر الدجّال فتقتله، ثم تعيش بعد ذلك أربعًا وعشرين سنة، ثم أميتك ميتة الحيّ.قال كعب الأحبار: وذلك يصدّق حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث قال: كيف تهلك أمة أنا في أوّلها، وعيسى في آخرها. (5)7138 - حدثنا ابن حميد قال، حدثنا سلمة، عن ابن إسحاق، عن محمد بن جعفر بن الزبير: " يا عيسى إني متوفيك "، أي قابضُك.7139 - حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد في قوله: " إني متوفيك ورافعك إليّ"، قال: " متوفيك ": قابضك = قال: " ومتوفيك " و " رافعك "، واحدٌ = قال: ولم يمت بعدُ، حتى يقتل الدجالَ، وسيموتُ. وقرأ قول الله عز وجل: وَيُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلا ، قال: رفعه الله إليه قبل أن يكون كهلا = قال: وينزل كهلا.7140 - حدثنا محمد بن سنان قال، حدثنا أبو بكر الحنفي، عن عباد، عن الحسن في قول الله عز وجل: " يا عيسى إني متوفيك ورافعك إلي"، الآية كلها، قال: رفعه الله إليه، فهو عنده في السماء.* * *وقال آخرون: معنى ذلك: إني متوفيك وفاةَ موتٍ.ذكر من قال ذلك:7141 - حدثني المثنى قال، حدثنا عبد الله بن صالح قال، حدثني معاوية، عن علي، عن ابن عباس قوله: " إني متوفيك "، يقول: إني مميتك.7142 - حدثنا ابن حميد قال، حدثنا سلمة، عن ابن إسحاق، عمن لا يتهم، عن وهب بن منبه اليماني أنه قال: توفى الله عيسى ابن مريم ثلاثَ ساعات من النهار حتى رفعه إليه.7143 - حدثنا ابن حميد قال، حدثنا سلمة، عن ابن إسحاق قال: والنصارى يزعمون أنه توفاه سبع ساعات من النهار، ثم أحياهُ الله.* * *وقال آخرون: معنى ذلك: إذ قال الله يا عيسى إني رافعك إليّ ومطهِّرك من الذين كفروا، ومتوفيك بعد إنزالي إياك إلى الدنيا. وقال: هذا من المقدم الذي معناه التأخير، والمؤخر الذي معناه التقديم.* * *قال أبو جعفر: وأولى هذه الأقوال بالصحة عندنا، قولُ من قال: " معنى ذلك: إني قابضك من الأرض ورافعك إليّ"، لتواتر الأخبار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: ينزل عيسى ابن مريم فيقتل الدجال، ثم يمكث في الأرض مدة ذكَرها، اختلفت الرواية في مبلغها، ثم يموت فيصلي عليه المسلمون ويدفنونه.7144 - حدثنا ابن حميد قال، حدثنا سلمة، عن ابن إسحاق، عن محمد بن مسلم الزهري، عن حنظلة بن علي الأسلمي، عن أبي هريرة قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ليهبطنّ اللهُ عيسى ابن مريم حَكمًا عدلا وإمامًا مُقسِطًا، يكسر الصَّليب، ويقتل الخنزير، ويضَعُ الجزية، ويُفيضُ المالَ حتى لا يجد من يأخذه، وليسكنّ الرّوْحاء حاجًا أو معتمرًا، أو ليُثَنِّينَّ بهما جميعًا. (6)7145 - حدثنا ابن حميد قال، حدثنا سلمة، عن ابن إسحاق، عن الحسن بن دينار، عن قتادة، عن عبد الرحمن بن آدم، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الأنبياء إخوَةٌ لعَلاتٍ، أمَّهاتهم شتى، ودينهم واحد. وأنا أولى الناس بعيسى ابن مريم، لأنه لم يكن بيني وبينه نبي، وأنه خليفتي على أمتي. وإنه نازل، فإذا رأيتموه فاعرفوه: فإنه رجل مربوع الخلق، إلى الحمرة والبياض، سَبط الشعر، كأن شَعرَه يقطُر، وإن لم يصبه بَللٌ، بين مُمصَّرَتين، يدق الصّليبَ، ويقتل الخنزير، ويُفيضُ المال، ويقاتل الناس على الإسلام حتى يهلك الله في زمانه المِللَ كلها، ويهلك الله في زمانه مسيحَ الضّلالة الكذّاب الدجال وتقعُ في الأرض الأمَنَةُ حتى ترتع الأسُود مع الإبل، والنمر مع البقر، والذئاب مع الغنم، وتلعب الغلمانُ بالحيات، لا يَضرُّ بعضُهم بعضًا، فيثبت في الأرض أربعين سنة ثم يتوفى، ويصلي المسلمون عليه ويدفنونه. (7)* * *قال أبو جعفر: ومعلوم أنه لو كان قد أماته الله عز وجل، لم يكن بالذي يميته مِيتةً أخرى، فيجمع عليه ميتتين، لأن الله عز وجل إنما أخبر عباده أنه يخلقهم ثم يُميتهم ثم يُحييهم، كما قال جلّ ثناؤه: اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ ثُمَّ رَزَقَكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ هَلْ مِنْ شُرَكَائِكُمْ مَنْ يَفْعَلُ مِنْ ذَلِكُمْ مِنْ شَيْءٍ [سورة الروم: 40].* * *فتأويل الآية إذًا: قال الله لعيسى: يا عيسى، إني قابضك من الأرض، ورافعك إليّ، ومطهرك من الذين كفروا فجحدوا نبوّتك.* * *وهذا الخبر، وإن كان مخرجه مخرجَ خبر، فإن فيه من الله عز وجل احتجاجًا على الذين حاجُّوا رسولَ الله صلى الله عليه وسلم في عيسى من وفد نجرانَ بأن عيسى لم يُقتَل ولم يُصْلب كما زعموا، وأنهم واليهودَ الذين أقرُّوا بذلك وادَّعوا على عيسى - كذَبةٌ في دعواهم وزعمهم، كما:-7146 - حدثنا ابن حميد قال، حدثنا سلمة، عن ابن إسحاق، عن محمد بن جعفر بن الزبير: ثم أخبرهم - يعني الوفد من نجران - وردّ عليهم فيما أقرُّوا لليهود بصلبه، (8) كيفَ رفعه وطهره منهم، فقال: " إذ قال الله يا عيسى إني متوفيك ورافعك إليّ". (9)* * *وأما " مطهِّرك من الذين كفروا "، فإنه يعني: منظّفك، فمخلّصك ممن كفر بك، وجحد ما جئتهم به من الحق من اليهود وسائر الملل غيرها، كما:-7147 - حدثنا ابن حميد قال، حدثنا سلمة، عن ابن إسحاق، عن محمد بن جعفر بن الزبير: " ومطهرك من الذين كفروا "، قال: إذْ همُّوا منك بما همّوا. (10)7148 - حدثني محمد بن سنان قال، حدثنا أبو بكر الحنفي، عن عباد، عن الحسن في قوله: " ومطهرك من الذين كفروا "، قال: طهَّره من اليهود والنصارى والمجوس ومن كفار قومه.* * *القول في تأويل قوله عز وجل : وَجَاعِلُ الَّذِينَ اتَّبَعُوكَ فَوْقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِقال أبو جعفر: يعني بذلك جل ثناؤه: وجاعل الذين اتبعوك على منهاجِك وملَّتك من الإسلام وفطرته، فوق الذين جحدوا نبوّتك وخالفوا سبيلهم [من] جميع أهل الملل، (11) فكذّبوا بما جئت به وصدّوا عن الإقرار به، فمصيِّرهم فوقهم ظاهرين عليهم، كما:-7149 - حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة في قوله: " وجاعل الذين اتبعوك فوق الذين كفروا إلى يوم القيامة "، هم أهلُ الإسلام الذين اتبعوه على فطرته وملته وسُنته، فلا يزالون ظاهرين على من ناوأهم إلى يوم القيامة.7150 - حدثنا المثنى قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا ابن أبي جعفر، عن أبيه، عن الربيع في قوله: " وجاعل الذين اتبعوك فوق الذين كفروا إلى يوم القيامة "، ثم ذكر نحوه.7151 - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج: " وجاعل الذين اتبعوك فوق الذين كفروا إلى يوم القيامة "، ثم ذكر نحوه.7152 - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج: " وجاعل الذين اتبعوك فوق الذين كفروا إلى يوم القيامة "، قال: ناصرُ من اتبعك على الإسلام، على الذين كفروا إلى يوم القيامة.7153 - حدثنا محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن المفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي: " وجاعل الذين اتبعوك فوق الذين كفروا إلى يوم القيامة "، أما " الذين اتبعوك "، فيقال: هم المؤمنون، = ويقال: بل هم الرّوم. (12)7154 - حدثني محمد بن سنان قال، حدثنا أبو بكر الحنفي، عن عباد، عن الحسن: " وجاعل الذين اتبعوك فوق الذين كفروا إلى يوم القيامة "، قال: جعل الذين اتبعوه فوق الذين كفروا إلى يوم القيامة. قال: المسلمون من فوقهم، وجعلهم أعلى ممن ترك الإسلام إلى يوم القيامة.* * *وقال آخرون: معنى ذلك: وجاعل الذين اتبعوك من النصارى فوق اليهود.ذكر من قال ذلك:7155 - حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد في قول الله: وَمُطَهِّرُكَ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا ، قال: الذين كفروا من بني إسرائيل =" وجاعل الذين اتبعوك "، قال: الذين آمنوا به من بني إسرائيل وغيرهم =" فوق الذين كفروا "، النصارى فوقَ اليهود إلى يوم القيامة. قال: فليس بلدٌ فيه أحدٌ من النصارى، إلا وهم فوق يهودَ، في شرقٍ ولا غرب، هم في البلدان كلِّها مستذلون.* * *القول في تأويل قوله : ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأَحْكُمُ بَيْنَكُمْ فِيمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ (55)قال أبو جعفر: يعني بذلك جل ثناؤه: " ثم إليّ"، ثم إلى الله، أيها المختلفون في عيسى =" مرجعكم "، يعني: مصيركم يوم القيامة =" فأحكم بينكم "، يقول: فأقضي حينئذ بين جَميعكم في أمر عيسى بالحق =" فيما كنتم فيه تختلفون " من أمره.وهذا من الكلام الذي صُرف من الخبر عن الغائب إلى المخاطبة، وذلك أن قوله: " ثم إليَّ مرجعكم "، إنما قُصد به الخبرُ عن متَّبعي عيسى والكافرين به.وتأويل الكلام: وجاعلُ الذين اتبعوك فوق الذين كفروا إلى يوم القيامة، ثم إليّ مَرجعُ الفريقين: الذين اتبعوك، والذين كفروا بك، فأحكم بينهم فيما كانوا فيه يختلفون. ولكن ردَّ الكلام إلى الخطاب لسبوق القول، (13) على سبيل ما ذكرنا من الكلام الذي يخرج على وجه الحكاية، كما قال: حَتَّى إِذَا كُنْتُمْ فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِمْ بِرِيحٍ طَيِّبَةٍ [سورة يونس: 22]. (14)--------------------الهوامش :(3) الأثر: 7133- هو أثر مرسل ، خرجه السيوطي في الدر المنثور 2: 36 ، ونسبه لابن جرير وابن أبي حاتم ، وساقه ابن كثير في تفسيره 2: 150 بإسناد ابن أبي حاتم.(4) الأثر: 7134-"علي بن سهل الرملي" ، ثقة. مضت ترجمته رقم: 1384."ضمرة ابن ربيعة الفلسطيني الرملي" ، قال ابن سعد: "كان ثقة مأمونًا خيرًا ، لم يكن هناك أفضل منه". وقال آدم بن أبي إياس: "ما رأيت أحدًا أعقل لما يخرج من رأسه منه". وهو رواية ابن شوذب. مترجم في التهذيب."ابن شوذب" هو: عبد الله بن شوذب الخراساني. ثقة. مترجم في التهذيب. و"مطر الوراق" هو: مطر بن طهمان الوراق. مضى في رقم: 1913.(5) الأثر: 7137- خرجه السيوطي في الدر المنثور 2: 36 ، ونسبه للطبري وحده ، وقال: "وأخرج ابن جرير بسند صحيح" ، وذكر الأثر ، وحديثه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم حديث مرسل ، ومهما كان سنده صحيحًا ، فإن روايته كعب الأحبار إنما هي لا شيء ، ولا يحتج بها. وصدق معاوية في قوله في كعب الأحبار: "إن كان لمن أصدق هؤلاء المحدثين الذين يحدثون عن أهل الكتاب ، وإن كنا مع ذلك لنبلو عليه الكذب" ، رواه البخاري.(6) الحديث: 7144- سلمة: هو ابن الفضل الأبرش. رجحنا توثيقه في: 246.حنظلة بن علي بن الأسقع الأسلمي - ويقال"السلمي"-: تابعي ثقة معروف.والحديث رواه أحمد في المسند: 7890 (ج 2 ص 290-291 حلبي) ، بنحوه ، مطولا ، عن يزيد ، وهو ابن هارون ، عن سفيان ، وهو ابن حسين ، عن الزهري ، عن حنظلة.ورواه أحمد قبل ذلك ، مختصرًا: 7271 ، عن سفيان ، وهو ابن عيينة. و : 7667 ، عن عبد الرزاق ، عن معمر - كلاهما عن الزهري ، عن حنظلة.ورواه أيضًا مختصرًا: 10671 (ج 2 ص 513) ، من طريق ابن أبي حفصة. و: 10987 (ج 2 ص 540) ، من طريق الأوزاعي - كلاهما عن الزهري ، عن حنظلة.وهذه الرواية المختصرة عند أحمد - رواها مسلم 1: 356-357.وروى أحمد معنى هذا الحديث مفرقًا في أحاديث ، من طرق عن أبي هريرة. انظر المسند: 7267 ، 7665 ، 7666 ، 9110 (ج 2 ص 394) ، 9312 (ص 411) ، 10266 (ص 482-483) ، 10409 (ص 493-494) ، 10957 (ص 538).وذكر ابن كثير كثيرًا من طرقه ورواياته ، في التفسير 3: 15-16. وانظر أيضًا تاريخه 2: 96-101.قوله: "أو ليثنين بهما"- هذا هو الصواب الثابت في المخطوطة ، والصحيح المعنى. ووقع في المطبوعة"أو يدين بهما"!! وهو تخليط لا معنى له.(7) الحديث: 7145- إسناده ضعيف جدًا. وأصل الحديث صحيح ، كما سيأتي.الحسن بن دينار البصري ، كذاب لا يوثق به. وقد مضت ترجمته في: 682.عبد الرحمن بن آدم البصري ، صاحب السقاية ، مولى أم برثن: تابعي ثقة. ذكره ابن حبان في الثقات ، وأخرج له مسلم في صحيحه ، وترجمنا له في شرح المسند: 7213.والحديث سيأتي بإسناد آخر صحيح: من رواية سعيد - وهو ابن أبي عروبة - عن قتادة بهذا الإسناد نحوه (ج 6 ص 16 بولاق).وقد رواه أحمد في المسند: 9259 (ج 2 ص 406 حلبي) ، عن عفان ، عن همام ، عن قتادة ، به نحوه.وكذلك رواه الحاكم في المستدرك 2: 595 ، من طريق عفان. وقال: "هذا حديث صحيح الإسناد ، ولم يخرجاه". ووافقه الذهبي.وذكر ابن كثير في التفسير 3: 16 ، من رواية أحمد بن عفان. ثم أشار إلى أن أبا داود رواه من طريق همام ، ثم أشار إلى رواية الطبري الآتية ، من طريق ابن أبي عروبة.ورواه أحمد أيضًا: 9630 (ج 2 ص 437) ، من طريق سعيد بن أبي عروبة ، عن قتادة ، به نحوه.ثم رواه: 9631 ، من طريق هشام ، و: 9632 ، من طريق شيبان - كلاهما عن قتادة. ولم يذكر لفظه.ونقله ابن كثير في التاريخ 2: 98-99 ، عن رواية ابن أبي عروبة في المسند ، وأشار إلى روايتي أحمد وأبي داود من طريق همام.وليس في هذه الروايات ولا في رواية الطبري الآتية-: الكلمة التي هنا في رواية الحسن بن دينار: "وإنه خليفتي على أمتي". وهي عندنا كلمة شاذة ، انفرد بروايتها رجل غير موثق به.وصدر هذا الحديث رواه أحمد ، والبخاري ، وابن حبان ، من أوجه ، عن أبي هريرة. وانظر تفسير ابن كثير 3: 16 ، وتاريخه 2: 98-99.قوله: "إخوة لعلات" - بفتح العين المهملة وتشديد اللام- قال ابن الأثير: "أولاد العلات: الذين أمهاتهم مختلفة وأبوهم واحد. أراد أن إيمانهم واحد وشرائعهم مختلفة".قوله: "وإنه نازل" - نزول عيسى عليه السلام في آخر الزمان: مما لم يختلف فيه المسلمون ، لورود الأخبار المتواترة الصحاح عن النبي صلى الله عليه وسلم بذلك. وقد ذكر ابن كثير في تفسيره طائفة طيبة منها ، ج 3 ص 15-24. وهذا معلوم من الدين بالضرورة ، لا يؤمن من أنكره.قوله: "مربوع الخلق" - بفتح الخاء وسكون اللام- المربوع: هو بين الطويل والقصير. يقال: رجل ربعة ومربوع."الشعر السبط": المنبسط المسترسل.قوله: "بين ممصرتين" - الممصرة من الثياب ، بتشديد الصاد المهملة المفتوحة: هي التي فيها صفرة خفيفة.(8) في المطبوعة: "فيما أخبروا هم واليهود بصلبه" ، وما أثبته هو نص المخطوطة ولكن الناسخ أساء كعادته فكتب"أحروا لليهود" كأنها حاء ، فبدل الناشر لما شاء كما شاء. ومع ذلك ، فالذي في المخطوطة هو نص ابن هشام أيضًا على الصواب.(9) الأثر: 7146- سيرة ابن هشام 2: 231 ، وهو تتمة الآثار التي آخرها رقم: 7130.(10) الأثر: 7147- سيرة ابن هشام 2: 231 ، تتمة الأثر السالف رقم: 7146.(11) في المطبوعة: "وخالفوا بسبيلهم جميع أهل الملل" ، وفي المخطوطة: "وخالفوا سبيلهم جميع وهل الملل" ، والصواب زيادة [من] ، يعني: وخالفوا سبيل الذين اتبعوك ، من جميع أهل الملل. أهو صواب المعنى ، إن شاء الله.(12) في المطبوعة: "فيقال هم المؤمنون ، ليس هم الروم" بدل ما في المخطوطة ، والروم كانوا هم النصارى يومئذ ، ويعني بالمؤمنين فيما سلف ، أهل الإسلام ممن لم يبدل ولم يقل في عيسى ما قالت النصارى بعد.(13) في المطبوعة: "لسوق القول" وهو خطأ لا معنى له. وفي المخطوطة"لسوق" غير منقوطة ، فلم يحسن قراءتها. والطبري يكثر استعمال"سبوق" مصدر"سبق" ، كما أشرت إليه في 4: 287 ، تعليق: 4 / ثم ص: 427 ، تعليق: 1 / ثم ص: 446 ، تعليق: 4 ، وغيره من المواضع. ويعني بقوله: "لسبوق القول" مثل ما مضى من قوله في 1: 153 أن من شأن العرب"إذا حكت ، أو أمرت بحكاية خبر يتلو القول ، أن تخاطب ثم تخبر عن غائب ، وتخبر عن غائب ثم تعود إلى الخطاب ، لما في الحكاية بالقول من معنى الغائب والمخاطب". والقول هنا هو قوله تعالى: "إذ قال الله يا عيسى...". ومعنى ما قال الطبري ، أن قوله تعالى: "ثم إلي مرجعكم..." إنما هو في أمر الذين اختلفوا في أمر عيسى ، وقالوا فيه ما قالوا من اليهود والنصارى وغيرهم ، وأمر الذين قالوا فيه الحق ولم يمتروا فيه أنه عبد الله ورسوله. وذلك بعد أن كان الخطاب إلى عيسى نفسه ، وكان ذكر الذين اتبعوه والذين كفروا به ، غائبًا في خطاب عيسى ، فرد الخطاب إليهم في آخر الآية.(14) انظر ما سلف 1: 153 ، 154 / 3: 304 ، 305.
فَاَمَّا الَّذِیْنَ كَفَرُوْا فَاُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا شَدِیْدًا فِی الدُّنْیَا وَ الْاٰخِرَةِ٘-وَ مَا لَهُمْ مِّنْ نّٰصِرِیْنَ(۵۶)
تو وہ جو کافر ہوئے میں انہیں دنیاو آخرت میں سخت عذاب کروں گا، اور انکا کوئی مددگار نہ ہوگا،
القول في تأويل قوله : فَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَأُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَمَا لَهُمْ مِنْ نَاصِرِينَ (56)قال أبو جعفر: يعني بقوله جل ثناؤه: " فأما الذين كفروا "، فأما الذين جَحدوا نبوّتك يا عيسى، وخالفوا ملتك، وكذّبوا بما جئتهم به من الحق، وقالوا فيك الباطلَ، وأضافوك إلى غير الذي ينبغي أن يُضيفوك إليه، من اليهود والنصارى وسائر أصناف الأديان، فإني أعذبهم عذابًا شديدًا، أما في الدنيا فبالقتل والسباء والذلة والمسكنة، وأما في الآخرة فبنار جهنم خالدين فيها أبدًا =" وما لهم من ناصرين "، يقول: وما لهم من عذاب الله مانعٌ، ولا عن أليم عقابه لهم دافع بقوة ولا شفاعة، لأنه العزيز ذُو الانتقام.
وَ اَمَّا الَّذِیْنَ اٰمَنُوْا وَ عَمِلُوا الصّٰلِحٰتِ فَیُوَفِّیْهِمْ اُجُوْرَهُمْؕ-وَ اللّٰهُ لَا یُحِبُّ الظّٰلِمِیْنَ(۵۷)
اور وہ جو ایمان لائے اور اچھے کام کئے اللہ ان کا نیگ (انعام) انہیں بھرپور دے گا اور ظالم اللہ کو نہیں بھاتے،
وَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَيُوَفِّيهِمْ أُجُورَهُمْ وَاللَّهُ لا يُحِبُّ الظَّالِمِينَوأما قوله: " وأما الذين آمنوا وعملوا الصالحات "، فإنه يعني تعالى ذكره: وأما الذين آمنوا بك يا عيسى - يقول: صدّقوك - فأقروا بنبوتك وبما جئتهم به من الحقّ من عندي، ودانوا بالإسلام الذي بعثتك به، وعملوا بما فرضتُ من فرائضي على لسانك، وشرعتُ من شرائعي، وسننتُ من سنني. كما:7156 - حدثني المثنى قال: حدثنا عبد الله بن صالح قال، حدثني معاوية، عن علي، عن ابن عباس قوله: " وعملوا الصالحات "، يقول: أدوا فرائضي.* * *=" فيوفيهم أجورَهم "، يقول: فيعطيهم جزاءَ أعمالهم الصالحة كاملا لا يُبخسون منه شيئًا ولا يُنقصونه.* * *وأما قوله: " والله لا يحب الظالمين "، فإنه يعني: والله لا يحبُّ من ظلم غيرَه حقًا له، أو وضع شيئًا في غير موضعه.فنفى جل ثناؤه عن نفسه بذلك أن يظلم عبادَه، فيجازي المسيءَ ممن كفر جزاءَ المحسنين ممن آمن به، أو يجازي المحسنَ ممن آمن به واتبعَ أمره وانتهى عما نهاه عنه فأطاعه، جزاءَ المسيئين ممن كفر به وكذّب رسله وخالف أمره ونهيه. فقال: إني لا أحبّ الظالمين، فكيف أظلم خلقي؟* * *وهذا القول من الله تعالى ذكره، وإن كان خرج مخرج الخبر، فإنه وعيدٌ منه للكافرين به وبرسله، (15) ووعد منه للمؤمنين به وبرسله، (16) لأنه أعلم الفريقين جميعًا أنه لا يبخسُ هذا المؤمن حقه، ولا يظلمُ كرامته فيضعها فيمن كفر به وخالف أمره ونهيه، فيكون لها بوضعها في غير أهلها ظالمًا. -----------------------الهوامش :(15) في المطبوعة: "كأنه وعيد منه" ، وهو خطأ بين ، لم يحسن قراءة المخطوطة لسوء خط الناسخ.(16) في المخطوطة: "ووعيد منه للمؤمنين" ، وهو خطأ بين ، والصواب ما في المطبوعة.
ذٰلِكَ نَتْلُوْهُ عَلَیْكَ مِنَ الْاٰیٰتِ وَ الذِّكْرِ الْحَكِیْمِ(۵۸)
یہ ہم تم پر پڑھتے ہیں کچھ آیتیں اور حکمت والی نصیحت،
القول في تأويل قوله : ذَلِكَ نَتْلُوهُ عَليْكَ مِنَ الآيَاتِ وَالذِّكْرِ الْحَكِيمِ (58)قال أبو جعفر: يعني بقوله جل ثناؤه: " ذلك "، هذه الأنباءَ التي أنبأ بها نبيه عن عيسى وأمِّه مريم، وأمِّها حَنَّة وزكريا وابنه يحيى، وما قصَّ من أمر الحواريين واليهودَ من بنى إسرائيل =" نتلوها عليك "، يا محمد، يقول: نقرؤها عليك يا محمد على لسان جبريل صلى الله عليه وسلم، (17) بوحيناها إليك =" من الآيات "، يقول: من العبر والحجج على من حاجَّك من وفد نصارى نجران، (18) ويهود بني إسرائيل الذين كذَّبوك وكذبوا ما جئتهم به من الحق من عندي =" والذكر "، يعني: والقرآن (19) =" الحكيم "، يعني: ذي الحكمة الفاصلة بين الحقّ والباطل، (20) وبينك وبين ناسبي المسيح إلى غير نسبه، كما:-7157 - حدثنا ابن حميد قال، حدثنا سلمة، عن ابن إسحاق، عن محمد بن جعفر بن الزبير: " ذلك نتلوه عليك من الآيات والذكر الحكيم "، القاطع الفاصل الحقّ، الذي لم يخلطه الباطل من الخبر عن عيسى وعما اختلفوا فيه من أمره، فلا تقبلنّ خبرًا غيره. (21)7158 - حدثني المثنى قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا أبو زهير، عن جويبر، عن الضحاك: " ذلك نتلوه عليك من الآيات والذكر الحكيم "، قال: القرآن.7159 - حدثني المثنى قال، حدثنا عبد الله بن صالح قال، حدثني معاوية بن صالح، عن علي، عن ابن عباس قوله: " والذكر "، يقول: القرآن =" الحكيم " الذي قد كمَلَ في حكمته.------------------------الهوامش :(17) انظر معنى"التلاوة" فيما سلف 2: 411 ، 569.(18) انظر معنى"الآيات" ، فيما سلف قريبًا ، ومادة (أيي) من فهارس اللغة.(19) انظر تفسير"الذكر" فيما سلف 1: 94 ، 99.(20) انظر تفسير"الحكيم" فيما سلف ، في مادة (حكم) من فهارس اللغة.(21) الأثر: 7157- سيرة ابن هشام 2: 231 ، وهو من تتمة الآثار التي آخرها رقم: 7147 ، وكان في المطبوعة: "فلا يقبلن" بالياء ، وهو خطأ ، والصواب ما أثبت.
اِنَّ مَثَلَ عِیْسٰى عِنْدَ اللّٰهِ كَمَثَلِ اٰدَمَؕ-خَلَقَهٗ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهٗ كُنْ فَیَكُوْنُ(۵۹)
عیسیٰ کی کہاوت اللہ کے نزدیک آدم کی طرح ہے (ف۱۱۵) اسے مٹی سے بنایا پھر فرمایا ہوجا وہ فوراً ہوجاتا ہے،
القول في تأويل قوله : إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (59)قال أبو جعفر: يعني جل ثناؤه: إن شبه عيسى في خلقي إياه من غير فحل = فأخبرْ به، يا محمد، الوفدَ من نصارى نجران = عندي، كشبه آدمَ الذي خلقتُه من تراب ثم قلت له: " كن "، فكان من غير فحل ولا ذكر ولا أنثى. يقول: فليس خلقي عيسى من أمه من غير فحل، بأعجب من خلقي آدم من غير ذكر ولا أنثى، وأمري إذ أمرته أن يكون فكان لحمًا. يقول: فكذلك خلقى عيسى: أمرتُه أن يكون فكانَ. (22)* * *وذكر أهل التأويل أن الله عز وجل أنزل هذه الآية احتجاجًا لنبيه صلى الله عليه وسلم على الوفد من نصارى نجران الذين حاجُّوه في عيسى.ذكر من قال ذلك:7160 - حدثنا ابن حميد قال، حدثنا جرير، عن مغيرة، عن عامر قال: كان أهل نجران أعظم قوم من النصارى في عيسى قولا فكانوا يجادلون النبي صلى الله عليه وسلم، فأنزل الله عز وجل هذه الآية في سورة آل عمران: " إنّ مثل عيسى عند الله كمثل آدم خلقه من تراب ثم قال له كن فيكون "، إلى قوله فَنَجْعَلْ لَعْنَةَ اللَّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ .7161 - حدثني محمد بن سعد قال، حدثني أبي قال، حدثني عمي قال، حدثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس قوله: " إن مثل عيسى عند الله كمثل آدم خلقه من تراب ثم قال له كن فيكون "، وذلك أن رهطًا من أهل نجران قدموا على محمد صلى الله عليه وسلم = وكان فيهم السيّد والعاقب = فقالوا لمحمد: ما شأنك تذكر صاحبنا؟ فقال: من هو؟ قالوا: عيسَى، تزعم أنه عبدُ الله! فقال محمد: أجل، إنه عبد الله. قالوا له: فهل رأيت مثلَ عيسى، أو أنبئت به؟ ثم خرجوا من عنده، فجاءه جبريل صلى الله عليه وسلم بأمر ربِّنا السميع العليم فقال: قل لهم إذا أتوك: " إنّ مثل عيسى عند الله كمثل آدم "، إلى آخر الآية.7162 - حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة قوله: " إن مثل عيسى عند الله كمثل آدم خلقه من تراب ثم قال له كن فيكون "، ذكر لنا أنّ سيِّديْ أهل نجران وأسقُفَّيْهم: السيد والعاقبُ، لقيا نبيّ الله صلى الله عليه وسلم فسألاه عن عيسى فقالا كل آدمي له أب، فما شأن عيسى لا أب له؟ فأنزل الله عز وجل فيه هذه الآية: " إنّ مثل عيسى عند الله كمثل آدم خلقه من تراب ثم قال له كن فيكون ".7163 - حدثنا محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن المفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي: " إن مَثَلَ عيسى عند الله كمثل آدم خلقه من تراب "، لما بُعث رسول الله صلى الله عليه وسلم وسمع به أهل نجران، أتاه منهم أربعة نفر من خيارهم. منهم: العاقب، والسيد، وما سَرجس، ومار يحز. (23) فسألوه ما يقول في عيسى، فقال: هو عبد الله ورُوحُه وكلمته. قالوا هم: لا! ولكنه هو الله، نزل من ملكه فدَخل في جوف مريم، ثم خرج منها فأرانا قدرته وأمرَه! فهل رأيتَ قَط إنسانًا خُلق من غير أب؟ فأنزل الله عز وجل: " إنّ مثل عيسى عند الله كمثل آدم خلقه من تراب ثم قال له كن فيكون ". 7164 - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريح، عن عكرمة قوله: " إنّ مثل عيسى عند الله كمثل آدم خلقه من تراب ثم قال له كن فيكون "، قال: نزلت في العاقب والسيد من أهل نجران، وهما نصرانيان. = قال ابن جريج: بلغنا أنّ نصارى أهل نجران قدم وفدُهم على النبي صلى الله عليه وسلم، فيهم السيد والعاقبُ، وهما يومئذ سيدا أهل نجران، فقالوا: يا محمد، فيما تشتمُ صاحبنا؟ قال: من صاحبكما! قالا عيسى ابن مريم، تزعم أنه عبد! قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أجل، إنه عبدُ الله وكلمته ألقاها إلى مريم وروحٌ منه. فغضبوا وقالوا: إن كنت صادقًا فأرنا عبدًا يحيي الموتى، ويبرئ الأكمه، ويخلق من الطين كهيئة الطير فينفخ فيه، الآية، لكنه الله. فسكتَ حتى أتاه جبريلُ فقال: يا محمد: لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ [سورة المائدة: 17، 72] الآية، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا جبريل، إنهم سألوني أن أخبرَهم بمثَل عيسى. قال جبريل: مثلُ عيسى كمثل آدم خلقه من تراب ثم قال له: كُن فيكون. فلما أصبحوا عادُوا، فقرأ عليهم الآيات.7165 - حدثنا ابن حميد قال، حدثنا سلمة، عن ابن إسحاق، عن محمد بن جعفر بن الزبير: " إن مثل عيسى عند الله "، فاسمع، (24) " كمثل آدم خلقه من تراب ثم قال له كن فيكون الحق من ربك فلا تكن من الممترين "، فإن قالوا:خُلق عيسى من غير ذكر، فقد خلقت آدمَ من تراب بتلك القدرة من غير أنثى ولا ذكر، فكان كما كانَ عيسى لحمًا ودمًا وشعرًا وبَشرًا، فليس خلقُ عيسى من غير ذكر بأعجبَ من هذا. (25)7166 - حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد في قول الله عز وجل: " إنّ مثل عيسى عند الله كمثل آدم خلقه من تراب "، قال: أتى نجرانيَّان إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالا له: هل علمتَ أنّ أحدًا وُلد من غير ذكر، فيكون عيسى كذلك؟ قال: فأنزل الله عز وجل: " إن مثل عيسى عند الله كمثل آدم خلقه من تراب ثم قال له كن فيكون "، أكان لآدم أب أو أم! ! كما خلقت هذا في بطن هذه؟* * *قال أبو جعفر: فإن قال قائل: فكيف قال: " كمثل آدم خلقه "،" وآدم " معرفة، والمعارفُ لا تُوصَل؟قيل: إن قوله: " خلقه من تراب " غير صلة لآدم، (26) وإنما هو بيان عن أمره على وجه التفسير عن المثل الذي ضربه، وكيف كان. (27)* * *وأما قوله: " ثم قال له كن فيكون "، فإنما قال: " فيكون " وقد ابتدأ الخبر عن خلق آدم، وذلك خبر عن أمر قد تقضَّى، وقد أخرجَ الخبر عنه مُخرَج الخبر عما قد مضَى فقال جل ثناؤه: " خلقه من تراب ثم قال له كن "، لأنه بمعنى الإعلام من الله نبيَّه أن تكوينه الأشياء بقوله: " كن "، ثم قال: " فيكون "، خبرًا مبتدأ، وقد تناهى الخبر عن أمر آدم عند قوله: " كنْ". (28)فتأويل الكلام إذًا: " إن مثَلَ عيسى عند الله كمثل آدم خلقه من تراب ثم قال له كن "، واعلم، يا محمد، أن ما قال له ربك " كن "، فهو كائن.فلما كان في قوله: " كمثل آدم خلقه من تراب ثم قال له كن "، دلالةٌ على أن الكلام يرادُ به إعلام نبي الله صلى الله عليه وسلم وسائر خلقه أنه كائن ما كوّنه ابتداءً من غير أصل ولا أوّل ولا عُنصر، استغنى بدلالة الكلام على المعنى، وقيل: " فيكون "، فعطف بالمستقبل على الماضي على ذلك المعنى.* * *وقد قال بعض أهل العربية: " فيكون "، رفع على الابتداء، ومعناه: كن فكان، فكأنه قال: فإذا هو كائن.-------------------الهوامش :(22) في المطبوعة والمخطوطة: "بأعجب من خلقى آدم من غير ذكر ولا أنثى (فكان لحمًا يقول) ، وأمري إذ أمرته أن يكون فكان. فكذلك خلقى عيسى..." وهي عبارة مضطربة اضطرابًا فاسدًا جدًا ، وذلك أن الناسخ عجل نظره وهو ينسخ فكتب ما وضعته بين القوسين آنفًا في هذا المكان ثم استمر يكتب ، ثم نسي أن يضرب على هذا الكلام ويعيده إلى مكانه فإن قوله: "وأمري إذ أمرته" معطوف على قوله"بأعجب من خلقى آدم" ، وغير ممكن أن يفصل بينهما بمثل قوله: "فكان لحمًا يقول" ، واستظهرت أن مكانها حيث أثبت في آخر الجملة ، فرددتها إلى مكانها ، فاستقام الكلام إن شاء الله.(23) هكذا جاء الاسمان في المخطوطة والمطبوعة ، أما "ماسرجس" فالمشهور"مَارَسَرْجِسَ" ، وهكذا رأيته في أشعارهم كقول جرير للأخطل:قال الأُخَيْطِلُ إِذْ رَأَى رَايَاتِهِمْيَامَارَ سَرْجِسَ لا نُرِيدُ قِتَالاَويقولن فيه أيضًا: "مارسرجيس" بالياء ، كما قال الأخطل:لَمَّا رَأَوْنَا وَالصَّلِيبَ طَالِعَاوَمَارَ سَرْجِيسَ وسمًّا ناقِعَاوهذا الذي ذكره جرير والأخطل رجل مشهور من قديسيهم. وأما "ماريحز" ، فلم أعرف ضبطه وأظنه غير صحيح ، وكأنه مصحف ، وقد جاء في الدر المنثور 2: 37"مار بحر" ، وقد ذكر ابن هشام في سيرته 2: 224 ، أسماء الأربعة عشر الذين يؤول إليهم وفد نصارى نجران. فلم أجد فيها"ماسرجس" ولا"مار يحز" ، وأخشى أن يكون"مار يحنس" فقد ذكر فيهم"يحنس" ، ولكنه رجم لا أحققه.(24) في المطبوعة والمخطوطة: "فاسمع" ، وفي سيرة ابن هشام: "فاستمع".(25) الأثر: 7165- سيرة ابن هشام 2: 231 ، 232 ، وهو تتمة الآثار التي آخرها رقم: 7157 ، ولكن أبا جعفر اختصر كلام ابن إسحاق هنا ، ولكنه سيسوقه وما حذف منه ، برقم: 7169.(26) يعني بقوله"صلة" التابع ، وهو النعت بالجملة. فإن شرط النعت بالجملة أن يكون المنعوت نكرة لفظًا أو معنى ، وأن يكون في الجملة ضمير ملفوظ أو مقدر يربطها بالموصوف ، وأن تكون الجملة خبرية. فهذه ثلاثة شروط ، أحدها في المنعوت ، وشرطان في جملة النعت.(27) انظر تفصيل ذلك في معاني القرآن للفراء 1: 219.(28) انظر الفقرتين الآتيتين ، ففيهما تفسير هذه الجملة السالفة. ولقد بين الطبري عنها بيانًا شافيًا قل أن تظفر بمثله في كتاب من كتب التفسير أو غيرها. والمذهب الذي ذهب إليه أبو جعفر في تفسيره ، هو عندي أرجح من القول الآتي ، وهو الذي اشتهر في كتب التفسير.
اَلْحَقُّ مِنْ رَّبِّكَ فَلَا تَكُنْ مِّنَ الْمُمْتَرِیْنَ(۶۰)
اے سننے والے! یہ تیرے رب کی طرف سے حق ہے تو شک والوں میں نہ ہونا،
القول في تأويل قوله : الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلا تَكُنْ مِنَ الْمُمْتَرِينَ (60)قال أبو جعفر: يعني بذلك جل ثناؤه: الذي أنبأتك به من خبر عيسى، وأنَّ مثله كمثل آدم خلقه من تراب ثم قال له ربه كُنْ = هو الحق من ربك، يقول: هو الخبر الذي هو من عند ربك =" فلا تكن من الممترين "، يعني: فلا تكن من الشاكين في أنّ ذلك كذلك، (29) كما:-7167 - حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة: " الحق من ربك فلا تكن من الممترين "، يعني: فلا تكن في شكّ من عيسى أنه كمثل آدم، عبدُ الله ورسوله، وكلمةُ الله ورُوحه.7168 - حدثني المثنى قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا عبد الله بن أبي جعفر، عن أبيه، عن الربيع قوله: " الحق من ربك فلا تكن من الممترين "، يقول: فلا تكن في شكّ مما قصصنا عليك أنّ عيسى عبدُ الله ورسوله، وكلمةٌ منه ورُوحٌ، وأنّ مثله عند الله كمثل آدم خلقه من تُراب ثم قال له كن فيكون.7169 - حدثنا ابن حميد قال، حدثنا سلمة، عن ابن إسحاق، عن محمد بن جعفر بن الزبير: " الحق من ربك "، ما جاءك من الخبر عن عيسى =" فلا تكن من الممترين "، أي: قد جاءك الحق من ربك فلا تمتَرِ فيه. (30)7170 - حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد في قوله: " فلا تكن من الممترين "، قال: والممترون الشاكون.* * *" والمرية "" والشك "" والريب "، واحد سواءٌ، كهيئة ما تقول: " أعطني"" وناولني"" وهلم "، فهذا مختلف في الكلام وهو واحد.---------------الهوامش :(29) انظر تفسير"الامتراء" ، وتفسير نظيرة هذه الآية فيما سلف 3: 190 ، 191.(30) الأثر: 7169- سيرة ابن هشام 2: 231 ، 232 ، وهو تتمة الآثار التي آخرها رقم: 7165 ، فانظر التعليق على هذا الأثر. وفي سيرة ابن هشام"فلا تمترين فيه" ، وهي أجود.
فَمَنْ حَآجَّكَ فِیْهِ مِنْۢ بَعْدِ مَا جَآءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ اَبْنَآءَنَا وَ اَبْنَآءَكُمْ وَ نِسَآءَنَا وَ نِسَآءَكُمْ وَ اَنْفُسَنَا وَ اَنْفُسَكُمْ- ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَّعْنَتَ اللّٰهِ عَلَى الْكٰذِبِیْنَ(۶۱)
پھر اے محبوب! جو تم سے عیسیٰ کے بارے میں حجت کریں بعد اس کے کہ تمہیں علم آچکا تو ان سے فرما دو آ ؤ ہم بلائیں اپنے بیٹے اور تمہارے بیٹے اور اپنی عورتیں اور تمہاری عورتیں اور اپنی جانیں اور تمہاری جانیں، پھر مباہلہ کریں تو جھوٹوں پر اللہ کی لعنت ڈالیں (ف۱۱۶)
القول في تأويل قوله : فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَةَ اللَّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ (61)قال أبو جعفر: يعني بقوله جل ثناؤه: " فمن حاجك فيه "، فمن جادلك، يا محمد، في المسيح عيسى ابن مريم. (31)* * *والهاء في قوله: " فيه "، عائدة على ذكر عيسى. وجائز أن تكون عائدة على " الحق " الذي قال تعالى ذكره: الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ .* * *ويعني بقوله: " من بعد ما جاءك من العلم "، من بعد ما جاءك من العلم الذي قد بيَّنته لك في عيسى أنه عبد الله =" فقل تعالوا "، هلموا فلندع = (32) " أبناءنا وأبناءكم ونساءنا ونساءكم وأنفسنا وأنفسكم ثم نبتهل "، يقول: ثم نلتعن.* * *يقال في الكلام: " ما لهُ؟ بَهَله الله " أي: لعنه الله =" وما له؟ عليه بُهْلةُ الله "، يريد اللعن، وقال لبيد، وذكر قومًا هلكوا فقال:* نَظَرَ الدَّهْرُ إِلَيْهِمْ فَابْتَهِلْ * (33)يعني: دعا عليهم بالهلاك.* * *=" فنجعل لعنة الله على الكاذبين " منا ومنكم في أنه عيسى، (34) كما:-7171 - حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة، قوله: " فمن حاجك فيه من بعد ما جاءك من العلم "، أي: في عيسى: أنه عبدُ الله ورسوله، من كلمة الله وروحه =" فقل تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم "، إلى قوله: " على الكاذبين ".7172 - حدثنا ابن حميد قال، حدثنا سلمة، عن ابن إسحاق، عن محمد بن جعفر بن الزبير: " فمن حاجّك فيه من بعد ما جاءك من العلم "، أي: من بعد ما قصصت عليك من خبره، وكيف كان أمره =" فقل تعالوا ندع أبناءَنا وأبناءكم "، الآية. (35)7173 - حدثنا عن عمار قال، حدثنا ابن أبي جعفر، عن أبيه، عن الربيع قوله: " فمن حاجك فيه من بعد ما جاءك من العلم "، يقول: من حاجك في عيسى من بعد ما جاءك فيه من العلم.7174 - حدثنا يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد: " ثم نبتهل فنجعل لعنة الله على الكاذبين "، قال: منا ومنكم.7175 - حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، وحدثني ابن لهيعة، عن سليمان بن زياد الحضرمي، عن عبد الله بن الحارث بن جزء الزبيدي: أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: " ليتَ بيني وبيني أهل نجرانَ حجابًا فلا أراهم ولا يروني! من شْدّة ما كانوا يمارون النبي صلى الله عليه وسلم. (36)* * *------------------------الهوامش :(31) انظر تفسير"حاج" فيما سلف 3: 120 ، 121 / 5: 429 / 6: 280.(32) انظر تفسير"تعالوا" فيما يلي ص: 483 ، 485.(33) ديوانه قصيدة 39 ، البيت: 81 وأساس البلاغة (بهل) ، وأمالي الشريف المرتضي 1: 45 ، من قصيدة مضى بعض أبياتها ، وهي من شعره الذي رثى فيه أربد:وَأَرَى أَرْبَدَ قَدْ فَارَقَنِيوَمِنَ الأَرْزَاءِ رُزْءٌ ذُو جَلَلْمُمْقِرٌ مُرٌّ عَلَى أَعْدَائِهِ,وَعَلَى الأَدْنَيْنَ حُلْوٌ كَالْعَسَلْفِي قُرُومٍ سَادَةٍ مِنْ قَوْمِهِنَظَر الدَّهْرُ إِلَيْهِمْ فَابْتَهَلْوهذا التفسير الذي ذكره الطبري لمعنى بيت لبيد ، جيد. وجيد أيضًا تفسير الزمخشري في أساس البلاغة قال: "فاجتهد في إهلاكهم". وكأن أجود تفسير للابتهال أن يقال: هو الاسترسال في الأمر ، والاجتهاد فيه ، ومعنى البيت: فاسترسل في أمرهم ، واجتهد في إهلاكهم فأفناهم. وأما قوله: "نظر الدهر إليهم" ، فقد قال الجوهري وغيره: "نظر الدهر إلى بني فلان فأهلكهم" ، فقال ابن سيده: "هو على المثل ، وقال: ولست على ثقة منه". وقال الزمخشري: "ونظر الدهر إليهم: أهلكهم" ، وهو تفسير سيئ ، إذا لم يكن في نسخة الأساس تحريف. وصواب المعنى أن يقال: "نظر الدهر إليهم" ، نظر إليهم مكبرًا أفعالهم ، فحسدهم على مآثرهم وشرفهم. كما يقال: "هو سيد منظور" ، أي: ترمقه الأبصار إجلالا. وإكبارًا. وإنما فسرته بالحسد ، لأنهم سموا الحسد"العين" ، فيقال: "عان الرجل يعينه عينًا ، فهو معين ومعيون" ، والنظر بالعين لا يزال مستعملا في الناس بمعنى الحسد ، وإنما أغفل شارحو بيت لبيد هذا المعنى.(34) في المطبوعة: "في آية عيسى" ، وهذا لا معنى له هنا والصواب ما في المخطوطة ، وإنما أراد: الكاذبين منا ومنكم في أنه عيسى عبد الله ورسوله ، لا أنه"الله" تعالى الله عما يقولون علوًا كبيرًا ، وقد مضى في الأثر رقم 7164 ، قولهم: "ولكنه الله".(35) الأثر: 7172- سيرة ابن هشام 2: 232 ، وهو من تتمة الآثار التي آخرها: 7169.(36) الحديث: 7175- سليمان بن زياد الحضرمي المصري: تابعي ثقة ، وثقه ابن معين وغيره. وقال أبو حاتم: "شيخ صحيح الحديث".عبد الله بن الحارث بن جزء بن عبد الله الزبيدي: صحابي نزل مصر ، وهو آخر من مات بها من الصحابة.و"جزء": بفتح الجيم وسكون الزاي بعدها همزة. و"الزبيدي": بضم الزاي ، نسبة إلى القبيلة.ووقع هنا في الإسناد قول ابن وهب: "وحدثني ابن لهيعة" - ومثل هذا يكون كثيرًا في الأسانيد: يحدث الرجل عن شيوخه بالأحاديث ، فيذكرها بحرف العطف ، عطف حديث على حديث ، وإسناد على إسناد ، فإذا حدث السامع عن الشيخ ، فقد يحذف حرف العطف وقد يذكره. والأمر قريب.والحديث رواه ابن عبد الحكم في فتوح مصر ، ص: 301 ، بنحوه ، عن عبد الملك بن مسلمة ، وأبي الأسود النضر بن عبد الجبار - كلاهما عن ابن لهيعة ، بهذا الإسناد.وذكره السيوطي 2: 38 ، عن ابن جرير وحده.
اِنَّ هٰذَا لَهُوَ الْقَصَصُ الْحَقُّۚ-وَ مَا مِنْ اِلٰهٍ اِلَّا اللّٰهُؕ-وَ اِنَّ اللّٰهَ لَهُوَ الْعَزِیْزُ الْحَكِیْمُ(۶۲)
یہی بیشک سچا بیان ہے (ف۱۱۷) اور اللہ کے سوا کوئی معبود نہیں (ف۱۱۸) اور بیشک اللہ ہی غالب ہے حکمت والا،
القول في تأويل قوله : إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْقَصَصُ الْحَقُّ وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلا اللَّهُ وَإِنَّ اللَّهَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (62)قال أبو جعفر: يعني بذلك جل ثناؤه: إن هذا الذي أنبأتك به، يا محمد، من أمر عيسى فقصصته عليك من أنبائه، وأنه عبدي ورسولي وكلمتي ألقيتها إلى مريم وروح منّي، لهو القصَص والنبأ الحق، فاعلم ذلك. واعلم أنه ليس للخلق معبودٌ يستوجبُ عليهم العبادةَ بملكه إياهم إلا معبودك الذي تعبُدُه، وهو الله العزيز الحكيم.* * *ويعني بقوله: الْعَزِيزُ ، العزيز في انتقامه ممن عصاه وخالف أمره، وادعى معه إلهًا غيرَه، أو عبد ربًّا سواه (1) = الْحَكِيمُ في تدبيره، لا يدخل ما دبره وَهَنٌ، ولا يلحقه خللٌ. (2)--------------------الهوامش :(1) انظر تفسير"العزيز" فيما سلف 3: 88 / 6: 165 ، 168 ، 271.(2) انظر تفسير"الحكيم" فيما سلف قريبًا: 467 ، تعليق: 3 ، والمراجع هناك.
فَاِنْ تَوَلَّوْا فَاِنَّ اللّٰهَ عَلِیْمٌۢ بِالْمُفْسِدِیْنَ۠(۶۳)
پھر اگر وہ منہ پھیریں تو اللہ فسادیوں کو جانتا ہے،
فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِالْمُفْسِدِينَ (63)" فإن تولوا "، يعني: فإن أدبر هؤلاء الذين حاجُّوك في عيسى، عما جاءك من الحق من عند ربك في عيسى وغيره من سائر ما آتاك الله من الهدى والبيان، فأعرضوا عنه ولم يقبلوه = (3)" فإن الله عليم بالمفسدين "، يقول: فإن الله ذو علم بالذين يعصون ربهم، ويعملون في أرضه وبلاده بما نهاهم عنه، وذلك هو إفسادهم. (4) يقول تعالى ذكره: فهو عالم بهم وبأعمالهم، يحصيها عليهم ويحفظها، حتى يجازيهم عليها جزاءَهم.* * *وبنحو ما قلنا قي ذلك قال أهل التأويل:ذكر من قال ذلك:7176 - حدثنا ابن حميد قال، حدثنا سلمة، عن ابن إسحاق، عن محمد بن جعفر بن الزبير: (إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْقَصَصُ الْحَقُّ) ، أي: إن هذا الذي جئتَ به من الخبر عن عيسى، = (لَهُوَ الْقَصَصُ الْحَقُّ) ، من أمره. (5)7177 - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج: (إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْقَصَصُ) ، إن هذا الذي قُلنا في عيسى = (لَهُوَ الْقَصَصُ الْحَقُّ) .7178 - حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد في قوله: (إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْقَصَصُ الْحَقُّ) ، قال: إن هذا القصصَ الحقّ في عيسى، ما ينبغي لعيسى أن يتعدَّى هذا ولا يُجاوزُه: أنْ يتعدّى أن يكون كلمة الله ألقاها إلى مريم، (6) وروحًا منه، وعبدَ الله ورسوله.7179 - حدثني محمد بن سعد قال، حدثني أبي قال، حدثني عمي قال، حدثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس: (إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْقَصَصُ الْحَقُّ) ، إنّ هذا الذي قلنا في عيسى، هو الحق = وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلا اللَّهُ ، الآية.* * *فلما فصل جل ثناؤه بين نبيه محمد صلى الله عليه وسلم وبين الوفد من نصارى نجران، بالقضاء الفاصل والحكم العادل، أمرَه (7) = إن هم تولوا عما دعاهم إليه من الإقرار بوحدانية الله، وأنه لا ولد له ولا صاحبة، وأنّ عيسى عبدُه ورسوله، وأبوا إلا الجدلَ والخصومة = (8) أن يدعوَهم إلى الملاعنة. ففعل ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم. فلما فعل ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم، انخزلوا فامتنعوا من الملاعنة، ودعوا إلى المصالحة، كالذي:-7180 - حدثنا ابن حميد قال، حدثنا جرير، عن مغيرة، عن عامر قال: فأمِر - يعني النبي صلى الله عليه وسلم - بملاعنتهم - يعني: بملاعنة أهل نجران - بقوله: فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ ، الآية. فتواعدوا أن يلاعنوه وواعدوه الغدَ. فانطلقوا إلى السيد والعاقب، وكانا أعقلهم، فتابعاهم. فانطلقوا إلى رجل منهم عاقل، فذكروا له ما فارقوا عليه رسولَ الله صلى الله عليه وسلم فقال: ما صنعتم!! ونَدَّمهم، (9) وقال لهم: إن كان نبيًّا ثم دعا عليكم لا يغضبُه الله فيكم أبدًا، ولئن كان ملِكًا فظهر عليكم لا يستبقيكم أبدًا. (10) قالوا: فكيف لنا وقد واعدنا! فقال لهم: إذا غدوتم إليه فعرض عليكم الذي فارقتموه عليه، فقولوا: " نعوذ بالله "! فإن دعاكم أيضًا فقولوا له: " نعوذ بالله "! ولعله أن يعفيَكم من ذلك. فلما غدَوْا غدَا النبّي صلى الله عليه وسلم محتضِنًا حسَنًا آخذًا بيد الحسين، وفاطمة تمشي خلفه. فدعاهم إلى الذي فارقوه عليه بالأمس، فقالوا: " نعوذ الله " ! ثم دعاهم فقالوا: " نعوذ بالله " ! مرارًا قال: فَإن أبيتم فأسلموا ولكم ما للمسلمين وعليكم ما على المسلمين كما قال الله عز وجل، فإن أبيتم فأعطوا الجزية عن يد وأنتم صاغرون كما قال الله عز وجل. قالوا: ما نملك إلا أنفسنا! قال: فإن أبيتم فإني أنبذ إليكم على سواء كما قال الله عز وجل. قالوا: ما لنا طاقة بحرب العرب، ولكن نؤدّي الجزية. قال: فجعل عليهم في كل سنة ألفي حلة، ألفًا في رجب، وألفًا في صفر. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: لقد أتاني البشير بهلكه أهل نجران، (11) حتى الطير على الشجر = أو: العصافيرُ على الشجر = لو تمُّوا على الملاعنة. (12)= حدثنا ابن حميد قال، حدثنا جرير قال: فقلت للمغيرة: إن الناس يروُون في حديث أهل نجران أن عليًّا كان معهم! فقال: أما الشعبي فلم يذكره، فلا أدري لسوء رأي بني أمية في عليّ، أو لم يكن في الحديث! (13)7181 - حدثنا ابن حميد قال، حدثنا سلمة، عن ابن إسحاق، عن محمد بن جعفر بن الزبير: (إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْقَصَصُ الْحَقُّ) إلى قوله: فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ ، فدعاهم إلى النَّصَف، (14) وقطع عنهم الحجة. فلما أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم الخبرُ من الله عنه، والفصلُ من القضاء بينه وبينهم، وأمره بما أمره به من ملاعنتهم، إنْ ردُّوا عليه = (15) دعاهم إلى ذلك، فقالوا: يا أبا القاسم، دعنا ننظر في أمرنا، ثم نأتيك بما نُريد أن نفعل فيما دعوتنا إليه. فانصرفوا عنه، ثم خلوا بالعاقب، وكان ذا رَأيهم، (16) فقالوا: يا عبد المسيح، ما ترى؟ قال: والله يا معشر النصارى، لقد عرفتم أنّ محمدًا لنبيّ مرسل، (17) ولقد جاءكم بالفصل من خبر صاحبكم، ولقد علمتم ما لاعن قَوْمٌ نبيًّا قط فبقي كبيرُهم ولا نبتَ صغيرهم، وإنه للاستئصال منكم إن فعلتم، فإن كنتم قد أبيتم إلا إلْفَ دينكم، والإقامةَ على ما أنتم عليه من القول في صاحبكم، فوادِعوا الرجلَ، ثم انصرفوا إلى بلادكم حتى يريكم زمنٌ رَأيه. (18) فأتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا: يا أبا القاسم، قد رأينا أن لا نلاعنَك، وأن نتركك على دينك، ونرجع على ديننا، ولكن ابعث معنا رجلا من أصحابك ترضَاهُ لنا، يحكم بيننا في أشياء قد اختلفنا فيها من أموالنا، فإنكم عندنا رِضًى. (19)7182 - حدثنا ابن حميد قال، حدثنا عيسى بن فرقد، عن أبي الجارود، عن زيد بن علي في قوله: تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ الآية، قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم وعليٌّ وفاطمة والحسن والحسين. (20)7183 - حدثنا محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن المفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي: فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ ، الآية، فأخذ - يعني النبيّ صلى الله عليه وسلم - بيد الحسن والحسين وفاطمة، وقال لعلي: اتبعنا. فخرجَ معهم، فلم يخرج يومئذ النصارَى، وقالوا: إنا نخاف أن يكون هذا هو النبيّ صلى الله عليه وسلم، وليس دعوة النبيّ كغيرها ! ! فتخلفوا عنه يومئذ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: " لو خرجوا لاحترقوا! فصالحوه على صلح: على أنّ له عليهم ثمانين ألفًا، فما عجزت الدراهم ففي العُرُوض: الحُلة بأربعين = وعلى أن له عليهم ثلاثًا وثلاثين درعًا، وثلاثًا وثلاثين بعيرًا، وأربعة وثلاثين فرسًا غازيةً كلّ سنة، وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم ضَامنٌ لها حتى نُؤدّيها إليهم.7184 - حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة قال: ذُكر لنا أن نبيّ الله صلى الله عليه وسلم دعا وفدًا من وفد نجران من النصارى، وهم الذين حاجوه، في عيسى، فنكصُوا عن ذلك وخافوا = وذُكر لنا أن نبيّ الله صلى الله عليه وسلم كان يقول: والذي نفس محمد بيده، إن كان العذاب لقد تَدَلَّى على أهل نجران، ولو فعلوا لاستُؤصلوا عن جديد الأرض. (21)7185 - حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر، عن قتادة في قوله: فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ ، قال: بلغنا أن نبي الله صلى الله عليه وسلم خرج ليُداعي أهل نجران، (22) فلما رأوه خرج، هابوا وفَرِقوا، فَرَجعوا = قال معمر، قال قتادة: لما أراد النبي صلى الله عليه وسلم أهل نَجران، أخذَ بيد حسن وحسين وقال لفاطمة: اتبعينا. فلما رأى ذلك أعداءُ الله، رجعوا.7186 - حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر، عن عبد الكريم الجزري، عن عكرمة، عن ابن عباس قال: لو خرج الذين يُباهلون النبّي صلى الله عليه وسلم لرجعوا لا يجدون أهلا ولا مالا.7187 - حدثنا أبو كريب قال، حدثنا زكريا، عن عدي قال، حدثنا عبيد الله بن عمرو، عن عبد الكريم، عن عكرمة، عن ابن عباس مثله.7188 - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: والذي نفسي بيده، لو لاعنوني ما حال الحول وبحضرتهم منهم أحدٌ إلا أهلك الله الكاذبين.7189 - حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، حدثنا ابن زيد قال: قيل لرسول الله صلى الله عليه وسلم: لو لاعنت القوم، بمن كنتَ تأتي حين قلت " أبناءَنا وأبناءَكم "؟ قال: حسن وحسين.7190 - حدثني محمد بن سنان قال، حدثنا أبو بكر الحنفي قال، حدثنا المنذر بن ثعلبة قال، حدثنا علباء بن أحمر اليشكري قال: لما نزلت هذه الآية: فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ ، الآية، أرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى عليّ وفاطمةَ وابنيهما الحسن والحسين، ودعا اليهود ليُلاعنهم، فقال شاب من اليهود، ويحكم! أليس عهدُكم بالأمس إخوانُكم الذين مُسخوا قردةً وخنازير؟! لا تُلاعنوا! فانتهَوْا. (23)-----------------------الهوامش :(3) انظر تفسير"تولى" فيما سلف 2: 162-164 ، 298 / 3: 131 / 4: 237 / 6: 283 ، 291.(4) انظر معنى"الفساد" فيما سلف 1: 287 ، 416 / 4: 238 ، 243 ، 244 / 5: 372.(5) الأثر: 7176- سيرة ابن هشام 2: 232 ، هو بقية الآثار التي آخرها رقم: 7172.(6) في المطبوعة: "ولا يجاوز أي يتعدى..." ، والصواب ما في المخطوطة.(7) في المطبوعة والمخطوطة: "وأمره..." بالواو ، وهي زائدة مفسدة ، فأسقطتها.(8) سياق الجملة: "أمره... أن يدعوهم إلى الملاعنة" ، وما بينهما فصل.(9) قوله: "ندمهم" (مشدد الدال) لامهم حتى حملهم على الأسف والندم. وهذا لفظ عربي عريق قل أن تظفر به في كثير من كتب اللغة.(10) في المطبوعة: "لا يستبقينكم" ، بزيادة النون ، والصواب من المخطوطة.(11) في المطبوعة: "قد أتاني" ، وأثبت ما في المخطوطة.(12) "تم على الشي" استمر عليه وأمضاه.(13) هذه الفقرة من تتمة الأثر السالف ، فلذلك لم أفردها بالترقيم.(14) النصف والنصفة (كلاهما بفتحتين): هو الإنصاف ، وإعطاء الحق لصاحبك كالذي تستحق لنفسك.(15) في المخطوطة: "أو ردوا عليه" ، وهو خطأ ، والصواب ما في المطبوعة مطابقًا لسيرة ابن هشام ، وفيها: "إن ردوا ذلك عليه".(16) "ذو رأيهم" ، صاحب الرأي والتدبير ، يستشار فيما يعرض لهم لعقله وحسن رأيه.(17) في المطبوعة: "أن محمد نبي مرسل" ، وهو خطأ ، وتحريف لما في المخطوطة كما أثبتها ، وهو المطابق أيضًا لما في سيرة ابن هشام.(18) قوله: "حتى يريكم زمن رأيه" ليست في سيرة ابن هشام. ويعني بذلك: حتى يمضي زمن ، وتتقلب أحوال ، فترون عاقبة أمره ، صلى الله عليه وسلم ، وقد قال شارح السيرة ، السهيلي ، في الروض الأنف 2: 50"وفي حديث أهل نجران ، زيادة كثيرة عن ابن إسحاق ، من غير رواية ابن هشام".(19) الأثر: 7181- سيرة ابن هشام 2: 232 ، 233 ، وهو بقية الآثار التي آخرها رقم: 7176- يقال: "رجل رضى من قوم رضى" ، أي مرضى ، وصف بالمصدر مثل رجل عدل ، كما قال زهير:مَتَى يَشْتَجِرْ قَوْمٌ يَقُلْ سَرَواتُهُمْ:هُمُ بَيْنَنَا, فَهُمُ رِضًى, وهُمُ عَدْلُ(20) الأثر: 7182-"عيسى بن فرقد المروزي" ، أبو مطهر. روى عنه عمرو بن رافع ، وابن حميد ، قال ابن أبي حاتم: "سألت أبي عنه فقال: مروزي. قلت: ما حاله؟ قال: شيخ". مترجم في ابن أبي حاتم 3 / 1 / 284. و"أبو الجارود" هو: زياد بن المنذر الهمداني. قال ابن معين: "كذاب ، عدو الله ، ليس يسوي فلسًا". وكان رافضيًا يضع الحديث في مثالب أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ويروى في فضائل أهل البيت رضي الله عنهم أشياء ما لها أصول. لا يحل كتب حديثه ، وهو من غلاة الشيعة ، وله فرقة تعرف بالجارودية.(21) جديد الأرض ، وجدها (بفتح الجيم وكسرها) وجددها (بفتحات): هو وجه الأرض.(22) في المطبوعة: خرج ليلاعن أهل نجران" ، قرأ"ليداعي""ليلاعن" ، و"يداعي" من"الدعاء" ، يعني هذه المباهلة والملاعنة.(23) الأثر: 7190-"المنذر بن ثعلبة بن حرب الطائي" ، ذكره ابن حبان في الثقات. مترجم في التهذيب. و"علباء بن أحمر اليشكري" روى عن عكرمة مولى ابن عباس. قال أحمد: "لا بأس به ، لا أعلم إلا خيرًا" ، وذكره ابن حبان في الثقات. مترجم في التهذيب.هذا وأحاديث هذا الباب كلها مرسلة ، كما رأيت ، إلا خبر ابن عباس.
قُلْ یٰۤاَهْلَ الْكِتٰبِ تَعَالَوْا اِلٰى كَلِمَةٍ سَوَآءٍۭ بَیْنَنَا وَ بَیْنَكُمْ اَلَّا نَعْبُدَ اِلَّا اللّٰهَ وَ لَا نُشْرِكَ بِهٖ شَیْــٴًـا وَّ لَا یَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا اَرْبَابًا مِّنْ دُوْنِ اللّٰهِؕ-فَاِنْ تَوَلَّوْا فَقُوْلُوا اشْهَدُوْا بِاَنَّا مُسْلِمُوْنَ(۶۴)
تم فرماؤ، اے کتابیو! ایسے کلمہ کی طرف آؤ جو ہم میں تم میں یکساں ہے (ف۱۱۹) یہ کہ عبادت نہ کریں مگر خدا کی اور اس کا شریک کسی کو نہ کریں (ف۱۲۰) اور ہم میں کوئی ایک دوسرے کو رب نہ بنالے اللہ کے سوا (ف۱۲۱) پھر اگر وہ نہ مانیں تو کہہ دو تم گواہ رہو کہ ہم مسلمان ہیں،
القول في تأويل قوله : قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلا نَعْبُدَ إِلا اللَّهَ وَلا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ (64)قال أبو جعفر: يعني بذلك جل ثناؤه: " قل "، يا محمد، لأهل الكتاب، وهم أهل التوراة والإنجيل =" تعالوا "، هلموا (24) =" إلى كلمة سواء "، يعني: إلى كلمة عدل بيننا وبينكم، (25) والكلمة العدل، هي أن نوحِّد الله فلا نعبد غيره، ونبرأ من كل معبود سواه، فلا نشرك به شيئًا.= وقوله: " ولا يتخذ بعضنا بعضًا أربابًا "، يقول: ولا يدين بعضُنا لبعض بالطاعة فيما أمر به من معاصي الله، ويعظِّمه بالسجود له كما يسجدُ لربه =" فإن تولوا "، يقول: فإن أعرضوا عما دعوتَهم إليه من الكلمة السواء التي أمرُتك بدعائهم إليها، (26) فلم يجيبوك إليها =" فقولوا "، أيها المؤمنون، للمتولِّين عن ذلك =" اشهدوا بأنا مسلمون ".* * *واختلف أهل التأويل فيمن نزلت فيه هذه الآية.فقال بعضهم: نزلت في يهود بني إسرائيل الذين كانوا حَوالى مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم.ذكر من قال ذلك:7191 - حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة قال: ذكر لنا أن نبيّ الله صلى الله عليه وسلم دعا يهودَ أهل المدينة إلى الكلمة السواء، وهم الذين حاجوا في إبراهيم.7192 - حدثني المثنى قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا عبد الله بن أبي جعفر، عن أبيه، عن الربيع قال: ذكر لنا أنّ نبي الله صلى الله عليه وسلم دَعا اليهود إلى كلمة السَّواء.7193 - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج قال: بلغنا أن نبي الله صلى الله عليه وسلم دعا يهودَ أهل المدينة إلى ذلك، فأبوا عليه، فجاهدهم = قال: دعاهم إلى قول الله عز وجل: " قل يا أهل الكتاب تَعالوْا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم "، الآية.* * *وقال آخرون: بل نزلت في الوفد من نصارى نجران.ذكر من قال ذلك:7194 - حدثنا ابن حميد قال، حدثنا سلمة، عن ابن إسحاق، عن محمد بن جعفر بن الزبير: " قل يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم " الآية، إلى قوله: " فقولوا اشهدوا بأنا مسلمون "، قال: فدعاهم إلى النَّصَف، وقطع عنهم الحجةَ - يعني وفد نجران. (27)7195 - حدثنا موسى قال، حدثنا عمرو قال، حدثنا أسباط، عن السدي قال: ثم دعاهم رسُول الله صلى الله عليه وسلم. - يعني الوفدَ من نصارى نجران - فقال: " يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم "، الآية.7196 - حدثني يونس قال، أخبرني ابن وهب قال، حدثنا ابن زيد قال قال: يعني جل ثناؤه: إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْقَصَصُ الْحَقُّ ، في عيسى = على ما قد بيناه فيما مضى = (28) قال: فأبوا - يعني الوفدَ من نجران - فقال: ادعهم إلى أيسر من هذا،" قل يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم " فقرأ حتى بلغ: " أربابًا من دون الله "، فأبوا أن يقبلوا هذا ولا الآخر.* * *قال أبو جعفر: وإنما قلنا عنى بقوله: " يا أهل الكتاب "، أهلَ الكتابين، لأنهما جميعًا من أهل الكتاب، ولم يخصص جل ثناؤه بقوله: " يا أهل الكتاب " بعضًا دون بعض. فليس بأن يكون موجَّهًا ذلك إلى أنه مقصود به أهلُ التوراة، بأولى منه بأن يكون موجهًا إلى أنه مقصود به أهل الإنجيل، ولا أهل الإنجيل بأولى أن يكونوا مقصودين به دُون غيرهم من أهل التوراة. وإذ لم يكن أحدُ الفريقين بذلك بأولى من الآخر = لأنه لا دلالة على أنه المخصوص بذلك من الآخر، ولا أثر صحيح = فالواجب أن يكون كل كتابيّ معنيًّا به. لأن إفرادَ العبادة لله وحدَه، وإخلاصَ التوحيد له، واجبٌ على كل مأمور منهيٍّ من خلق الله. واسم " أهل الكتاب "، يلزم أهل التوراة وأهل الإنجيل، (29) فكان معلومًا بذلك أنه عني به الفريقان جميعًا.* * *وأما تأويل قوله: " تعالوا "، فإنه: أقبلوا وهلمُّوا. (30) وإنما " هو تفاعلوا " من " العلوّ" فكأن القائل لصاحبه: " تعالَ إليّ"، قائلٌ" تفاعل " من " العلوّ"، (31) كما يقال: " تَدَانَ مني" من " الدنوّ"، و " تقارَبْ مني"، من " القرب ".* * *وقوله: " إلى كلمة سواء ". فإنها الكلمة العدلُ،" والسَّواء " من نعتِ" الكلمة ". (32)* * *وقد اختلف أهل العربية في وجه إتباع " سواء " في الإعراب " لكلمة "، وهو اسمٌ لا صفة.فقال بعض نحويي البصرة: جر " سواء " لأنها من صفة " الكلمة " وهي العدل، وأراد مستوية. قال: ولو أراد " استواء "، كان النصب. وإن شاء أن يجعلها على " الاستواء " ويجرّ، جاز، ويجعله من صفة " الكلمة "، مثل " الخلق "، لأن " الخلق " هو " المخلوق "." والخلق " قد يكونُ صفةً واسمًا، ويجعل " الاستواء " مثل " المستوى "، قال عز وجل: الَّذِي جَعَلْنَاهُ لِلنَّاسِ سَوَاءً الْعَاكِفُ فِيهِ وَالْبَادِ [سورة الحج: 25]، لأن " السواء " للآخر، وهو اسمٌ ليس بصفة فيجرى على الأول، وذلك إذا أراد به " الاستواء ". فإن أراد به " مستويًا " جاز أن يُجرَي على الأول. والرفع في ذا المعنى جيدٌ، لأنها لا تغيَّر عن حالها ولا تثنى ولا تجمع ولا تؤنث فأشبهت الأسماء التي هي مثل " عدل " و " رضًى " و " جُنُب "، وما أشبه ذلك. وقالوا: [في قوله]: (33) أَنْ نَجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَوَاءً مَحْيَاهُمْ وَمَمَاتُهُمْ [سورة الجاثية: 21]، ف" السواء " للمحيا والممات بهذا، المبتدأ.وإن شئت أجريته على الأول، وجعلتَه صفة مقدمة، كأنها من سبب الأول فجرت عليه. وذلك إذا جعلته في معنى " مستوى ". والرفع وجه الكلام كما فسَّرتُ لك.* * *وقال بعض نحويي الكوفة: " سواء " مصدرٌ وضع موضع الفعل، (34) يعني موضع " متساوية ": و " متساو "، فمرة يأتي على الفعل، ومرّةً على المصدر. وقد يقال في" سواء "، بمعنى عدل: " سِوًى وسُوًى "، كما قال جل ثناؤه: مَكَانًا سُوًى و سُوًى [سورة طه: 58]، يراد به: عدل ونصَفٌ بيننا وبينك. وقد روي عن ابن مسعود رضي الله عنه أنه كان يقرأ ذلك ( إِلَى كَلَمَةٍ عَدْلٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُم " ). (35)* * *وبمثل الذي قلنا في تأويل قوله: " إلى كلمة سواء بيننا وبينكم "، بأن " السواء " هو العدلٍ، قال أهل التأويل.ذكر من قال ذلك:7197 - حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة قوله: " يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم "، عدل بيننا وبينكم =" ألا نعبد إلا الله "، الآية.7198 - حدثنا المثنى قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا ابن أبي جعفر، عن أبيه، عن الربيع في قوله: " قل يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم ألا نعبد إلا الله ولا نشرك به شيئًا "، بمثله. (36)* * *وقال آخرون: هو قولُ" لا إله إلا الله ".ذكر من قال ذلك:7199 - حدثني المثنى قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا ابن أبي جعفر، عن أبيه، عن الربيع قال، قال أبو العالية: " كلمة السواء "، لا إله إلا الله.* * *وأما قوله: " ألا نعبُدَ إلا الله "، فإنّ" أنْ" في موضع خفض على معنى: تعالوا إلى أنْ لا نعبد إلا الله. (37)* * *وقد بينا - معنى " العبادة " في كلام العرب فيما مضى، ودللنا على الصحيح من معانيه بما أغنى عن إعادته. (38)* * *وأما قوله: " ولا يتخذ بعضُنا بعضًا أربابًا "، فإنّ" اتخاذ بعضهم بعضًا "، ما كان بطاعة الأتباع الرؤساءَ فيما أمروهم به من معاصي الله، (39) وتركِهم ما نهوهم عنه من طاعة الله، كما قال جل ثناؤه: اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلا لِيَعْبُدُوا إِلَهًا وَاحِدًا [سورة التوبة: 31]، كما:-7200 - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج قال، قال ابن جريج: " ولا يتخذ بعضنا بعضًا أربابًا من دون الله "، يقول: لا يطع بعضُنا بعضًا في معصية الله. ويقال إنّ تلك الرُّبوبية: أن يطيعَ الناس سادَتهم وقادتهم في غير عبادة، وإن لم يصلُّوا لهم.* * *وقال آخرون: " اتخاذ بعضهم بعضًا أربابًا "، سجودُ بعضهم لبعض.ذكر من قال ذلك:7201 - حدثني المثنى قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا حفص بن عمر، عن الحكم بن أبان، عن عكرمة في قوله: " ولا يتخذ بعضنا بعضًا أربابًا من دون الله "، قال: سجود بعضهم لبعض.* * *وأما قوله: " فإن تولَّوا فقولوا اشهدوا بأنا مسلمون "، فإنه يعني: فإن تولَّى الذين تدعونهم إلى الكلمة السواء عنها وكفروا، فقولوا أنتم، أيها المؤمنون، لهم: اشهدوا علينا بأنا = بما تولَّيتم عنه، من توحيد الله، وإخلاص العبودية له، وأنه الإلهُ الذي لا شريك له =" مسلمون "، يعني: خاضعون لله به، متذلِّلون له بالإقرار بذلك بقلوبنا وألسنتنا.* * *وقد بينا معنى " الإسلام " فيما مضى، ودللنا عليه بما أغنى عن إعادته. (40)-----------------------الهوامش :(24) انظر تفسير"تعالوا" فيما سلف قريبًا: 474 ، وسيأتي ص: 485.(25) انظر تفسير"سواء" فيما سلف 1: 256 / 2: 495-497.(26) انظر معنى"تولى" فيما سلف قريبًا ص: 477 ، تعليق: 1 ، والمراجع هناك.(27) الأثر 7194- سيرة ابن هشام 2: 232 ، ومضى أيضًا برقم: 7181 ، وهو من بقية الآثار التي آخرها رقم: 7181.(28) يعني الأثر السالف رقم: 7178.(29) في المطبوعة: "وأهل الكتاب يعم أهل التوراة وأهل الإنجيل" ، غير ما في المخطوطة حين لم يحسن قراءة ما فيه من التصحيف ، وكان في المخطوطة: "وأنتم أهل الكتاب يلزم أهل التوراة وأهل الإنجيل" صحف الكاتب فكتب مكان"واسم" ، "وأنتم" ، وصواب قراءتها ما أثبت.(30) قد فسر أبو جعفر"تعالوا" في موضعين سلفا ص: 474 ، ص: 483 ، ولكنه استوفى هنا الكلام في بيانها ، ولا أدري لم يفعل مثل ذلك ، وكان الأولى أن يفسرها أول مرة.(31) في المطبوعة: "فكأن القائل تعالى إلى ، فإنه تفاعل من العلو" لأنه لم يفهم ما كان في المخطوطة ، فبدله ، ووضع علامة (3) للدلالة على أنه خطأ لا معنى له ، أو سقط في الكلام. والصواب ما أثبت.(32) انظر تفسير"سواء" فيما سلف قريبًا ص: 483 ، تعليق: 2 ، والمراجع هناك.(33) الزيادة التي بين القوسين ، زدتها ليستقيم الكلام ويستبين ، وأخشى أن يكون في هذه الجملة سقط لم أستطع أن أتبينه ، وراجع قول أبي جعفر في هذه الآية من تفسيره ، 25 ، 89 ، 90 (بولاق).(34) "الفعل" يعني به الصفة المشتقة مثل فاعل ومفعول ، كما هو ظاهر هنا ، وراجع فهرس المصطلحات.(35) هذه مقالة الفراء في معاني القرآن 1: 220.(36) الأثر: 7198- في المخطوطة: "و.. ولا نشرك به شيئًا" الآية ، وليس فيها"بمثله" ، زادها الناشر أو ناسخ قبله ، لما رأى الأثر غير تام ، وهو صنيع حسن ، وإن كنت لا أرتضيه ، وظني أنه قد سقط من الناسخ الأول بقية التفسير.(37) هذه مقالة الفراء في معاني القرآن 1: 220 ، فانظر تمامها هناك.(38) انظر ما سف 1: 160 ، 161 ، 362 / 3: 120 ، 317.(39) في المطبوعة: "هو ما كان بطاعة الأتباع..." بزيادة"هو" ، وليست في المخطوطة.(40) انظر ما سلف 2: 510 ، 511 / 3: 73 ، 74 ، 92 ، 110 / ثم 6: 275 ، 280.
یٰۤاَهْلَ الْكِتٰبِ لِمَ تُحَآجُّوْنَ فِیْۤ اِبْرٰهِیْمَ وَ مَاۤ اُنْزِلَتِ التَّوْرٰىةُ وَ الْاِنْجِیْلُ اِلَّا مِنْۢ بَعْدِهٖؕ-اَفَلَا تَعْقِلُوْنَ(۶۵)
اے کتاب والو! ابراہیم کے باب میں کیوں جھگڑتے ہو توریت و انجیل تو نہ اتری مگر ان کے بعد تو کیا تمہیں عقل نہیں (ف۱۲۲)
القول في تأويل قوله : يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تُحَاجُّونَ فِي إِبْرَاهِيمَ وَمَا أُنْزِلَتِ التَّوْرَاةُ وَالإِنْجِيلُ إِلا مِنْ بَعْدِهِ أَفَلا تَعْقِلُونَ (65)قال أبو جعفر: يعني تعالى ذكره بقوله: " يا أهل الكتاب "، يا أهل التوراة والإنجيل =" لم تحاجون "، لم تجادلون =" في إبراهيم " وتخاصمون فيه، يعني: في إبراهيم خليل الرحمن صلوات الله عليه.وكان حجِاجهم فيه: ادّعاءُ كل فريق من أهل هذين الكتابين أنه كان منهم، وأنه كان يدين دينَ أهل نِحْلته. فعابهم الله عز وجل بادِّعائهم ذلك، ودلّ على مُناقضتهم ودعواهم، فقال: وكيف تدَّعون أنه كان على ملتكم ودينكم، ودينُكم إما يهودية أو نصرانية، واليهودي منكم يزعُم أنّ دينه إقامةُ التوراة والعملُ بما فيها، والنصراني منكم يزعم أنّ دينه إقامةُ الإنجيل وما فيه، وهذان كتابان لم ينزلا إلا بعد حين من مَهلِك إبراهيم ووفاته؟ فكيف يكون منكم؟ فما وجه اختصامكم فيه، (41) وادعاؤكم أنه منكم، والأمر فيه على ما قد علمتم؟* * *وقيل: نزلت هذه الآية في اختصام اليهود والنصارى في إبراهيم، وادعاء كل فريق منهم أنه كان منهم.ذكر من قال ذلك:7202 - حدثنا أبو كريب قال، حدثنا يونس بن بكير قال، حدثني محمد بن إسحاق = وحدثنا ابن حميد قال، حدثنا سلمة، عن محمد بن إسحاق = قال، حدثني محمد بن أبي محمد مولى زيد بن ثابت قال، حدثني سعيد بن جبير، أو عكرمة، عن ابن عباس قال: اجتمعت نصارى نجران وأحبارُ يهود عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فتنازعوا عنده، فقالت الأحبار: ما كان إبراهيمُ إلا يهوديًّا، وقالت النصارى: ما كان إبراهيم إلا نصرانيًّا! فأنزل الله عز وجل فيهم: " يا أهل الكتاب لم تحاجون في إبراهيم وما أنزلت التوراةُ والإنجيل إلا من بعده أفلا تعقلون "، قالت النصارى: كان نصرانيًّا! وقالت اليهود: كان يهوديًّا! فأخبرهم الله أنّ التوراة والإنجيل ما أنزلا إلا من بعده، وبعده كانت اليهودية والنصرانية. (42)7203 - حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة قوله: " يا أهل الكتاب لم تحاجُّون في إبراهيم "، يقول: " لم تحاجون في إبراهيم " وتزعمون أنه كان يهوديًّا أو نصرانيًّا، =" وما أنزلت التوراة والإنجيل إلا من بعده "، فكانت اليهودية بعد التوراة، وكانت النصرانية بعد الإنجيل، =" أفلا تعقلون "؟* * *وقال آخرون: بل نزلت هذه الآية في دعوى اليهود إبراهيم أنه منهم.ذكر من قال ذلك:7204 - حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة قال: ذكر لنا أن نبي الله صلى الله عليه وسلم دعا يهود أهل المدينة إلى كلمة السواء، وهم الذين حاجُّوا في إبراهيم، وزعموا أنه مات يهوديًّا. فأكذبهم الله عز وجل ونفاهم منه فقال: " يا أهل الكتاب لم تحاجون في إبراهيم وما أنزلت التوراة والإنجيل إلا من بعده أفلا تعقلون ".7205 - حدثني المثنى قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا عبد الله بن أبي جعفر، عن أبيه، عن الربيع مثله.7206 - حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم، عن عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد في قول الله عز وجل: " يا أهل الكتاب لم تحاجون في إبراهيم "، قال: اليهود والنصارى، برَّأه الله عز وجل منهم، حين ادعت كل أمة أنه منهم، (43) وألحق به المؤمنين، مَنْ كان من أهل الحنيفية.7207 - حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد مثله.* * *وأما قوله: " أفلا تعقلون " فإنه يعني: " أفلا تعقلون "، تفقَهون خطأ قيلكم: إنّ إبراهيم كان يهوديًّا أو نصرانيًّا، وقد علمتم أنّ اليهودية والنصرانية حدَثَت من بعد مَهلكه بحين؟-----------------الهوامش :(41) في المخطوطة: "فكيف يكون منهم ، أما وجه اختصامكم فيه.." ، وهو خطأ من عجلة الناسخ وصححه في المطبوعة ، ولكنه كتب"فما وجه اختصامكم فيه" ، وهو ليس بشيء ، والصواب ما أثبت.(42) الأثر: 7202- سيرة ابن هشام 2: 201: 202 مختصرًا ، والأثر الذي قبله فيما روى الطبري من سيرة ابن إسحاق ، هو ما سلف رقم: 6782.(43) في المخطوطة والمطبوعة: "حين ادعى" ، وهو سبق قلم من الناسخ.
هٰۤاَنْتُمْ هٰۤؤُلَآءِ حَاجَجْتُمْ فِیْمَا لَكُمْ بِهٖ عِلْمٌ فَلِمَ تُحَآجُّوْنَ فِیْمَا لَیْسَ لَكُمْ بِهٖ عِلْمٌؕ-وَ اللّٰهُ یَعْلَمُ وَ اَنْتُمْ لَا تَعْلَمُوْنَ(۶۶)
سنتے ہو یہ جو تم ہو (ف۱۲۳) اس میں جھگڑے جس کا تمہیں علم تھا (ف۱۲۴) تو اس میں (ف۱۲۵) کیوں جھگڑتے ہو جس کا تمہیں علم ہی نہیں اور اللہ جانتا ہے اور تم نہیں جانتے (ف۱۲۶)
القول في تأويل قوله : هَا أَنْتُمْ هَؤُلاءِ حَاجَجْتُمْ فِيمَا لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ فَلِمَ تُحَاجُّونَ فِيمَا لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ (66)قال أبو جعفر: يعني بقوله جل ثناؤه: " ها أنتم "، القومَ الذين (44) [قالوا في إبراهيم ما قالوا =" حاججتم "]، (45) خاصمتم وجادلتم (46) =" فيما لكم به علم "، من أمر دينكم الذي وجدتموه في كتبكم، وأتتكم به رسل الله من عنده، وفي غير ذلك مما أوتيتموه وثبتت عندكم صحته (47) =" فلم تحاجون "، يقول: فلم تجادلون وتخاصمون=" فيما ليس لكم به علم "، يعني: في الذي لا علم لكم به من أمر إبراهيم ودينه، ولم تجدوه في كتب الله، ولا أتتكم به أنبياؤكم، ولا شاهدتموه فتعلموه؟ كما:-7208 - حدثنا محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن المفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي: " ها أنتم هؤلاء حاججتم فيما لكم به علم فلم تحاجُّون فيما ليس لكم به علم، أما " الذي لهم به علم "، فما حرّم عليهم وما أمروا به. وأما " الذي ليس لهم به علم "، فشأن إبراهيم.7209 - حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة: " ها أنتم هؤلاء حاججتم فيما لكم به علم "، يقول: فيما شهدتم ورأيتم وعاينتم =" فلم تحاجُّون فيما ليس لكم به علم "، فيما لم تشاهدوا ولم تروا ولم تعاينوا =" والله يعلم وأنتم لا تعلمون ".7210 - حدثني المثنى قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا ابن أبي جعفر، عن أبيه، عن الربيع مثله.* * *وقوله: " والله يعلم وأنتم لا تعلمون "، يقول: والله يعلم ما غَاب عنكم فلم تشاهدوه ولم تروه، ولم تأتكم به رسلُه من أمر إبراهيم وغيره من الأمور ومما تجادلون فيه، لأنه لا يغيب عنه شيء، ولا يعزُبُ عنه علم شيء في السموات ولا في الأرض =" وأنتم لا تعلمون "، من ذلك إلا ما عاينتم فشاهدتم، أو أدركتم علمه بالإخبار والسَّماع.-----------------------الهوامش :(44) في المطبوعة: "يعني بذلك جل ثناؤه: ها أنتم هؤلاء ، القوم..." ، ومثله في المخطوطة ، وليس فيها"هؤلاء" ، وصواب السياق يقتضي أن يكون كما أثبت. وقوله: "القوم" مفعول به لقوله: "يعني...".(45) هذه الزيادة التي بين القوسين ، أو ما يقوم مقامها ، لا بد منها ، ولا يستقيم الكلام إلا بها ، وظاهر أن الناسخ قد تخطى عبارة أو سطرا من فرط عجلته أو تعبه. واستظهرتها من نهج أبي جعفر وسياق تفسيره.(46) انظر تفسير"حاج" فيما سلف 3: 120 ، 121 ، 200 / 5: 429 / 6: 280 ، 473.(47) في المطبوعة والمخطوطة: "ومن غير ذلك" ، والصواب ما أثبت ، تصحيف ناسخ.
مَا كَانَ اِبْرٰهِیْمُ یَهُوْدِیًّا وَّ لَا نَصْرَانِیًّا وَّ لٰكِنْ كَانَ حَنِیْفًا مُّسْلِمًاؕ-وَ مَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِیْنَ(۶۷)
ابراہیم نہ یہودی تھے نہ نصرانی بلکہ ہر باطل سے جدا مسلمان تھے، اور مشرکوں سے نہ تھے (ف۱۲۷)
القول في تأويل قوله : مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيًّا وَلا نَصْرَانِيًّا وَلَكِنْ كَانَ حَنِيفًا مُسْلِمًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (67)قال أبو جعفر: وهذا تكذيبٌ من الله عز وجل دعوَى الذين جادلوا في إبراهيم وملته من اليهود والنصارى، وادَّعوا أنه كان على ملتهم = وتبرئة لهم منه، وأنهم لدينه مخالفون = وقضاءٌ منه عز وجل لأهل الإسلام ولأمة محمد صلى الله عليه وسلم أنهم هم أهل دينه، وعلى منهاجه وشرائعه، دون سائر أهل الملل والأديان غيرهم.يقول الله عز وجل: = ما كان إبراهيم يهوديًّا ولا نصرانيًّا ولا كان من المشركين، (48) الذين يعبدون الأصنامَ والأوثانَ أو مخلوقًا دون خالقه الذي هو إله الخلق وبارئهم =" ولكن كان حنيفًا "، يعني: متبعًا أمرَ الله وطاعته، مستقيمًا على محجَّة الهدى التي أمر بلزومها =" مسلمًا "، يعني: خاشعًا لله بقلبه، متذللا له بجوارحه، مذعنًا لما فَرَض عليه وألزمه من أحكامه. (49)* * *وقد بينا اختلاف أهل التأويل في معنى " الحنيف " فيما مضى، ودللنا على القول الذي هو أولى بالصحة من أقوالهم، بما أغنى عن إعادته. (50)* * *وبنحو ما قلنا في ذلك من التأويل قال أهل التأويل.ذكر من قال ذلك:7211 - حدثني إسحاق بن شاهين الواسطي قال، حدثنا خالد بن عبد الله، عن داود، عن عامر، قال: قالت اليهود: إبراهيم على ديننا. وقالت النصارى: هو على ديننا. فأنزل الله عز وجل: " ما كان إبراهيم يهوديًّا ولا نصرانيًّا " الآية، فأكذبهم الله، وأدحض حجتهم - يعني: اليهودَ الذين ادّعوا أن إبراهيم ماتَ يهوديًّا. (51)7212 - حدثنا المثنى قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا ابن أبي جعفر، عن أبيه، عن الربيع مثله.7213 - حدثني يونس بن عبد الأعلى قال، أخبرنا ابن وهب قال، أخبرني يعقوب بن عبد الرحمن الزهري، عن موسى بن عقبة، عن سالم بن عبد الله - لا أراه إلا يحدثه عن أبيه -: أنّ زيد بن عمرو بن نفيل خرَج إلى الشام يسأل عن الدِّين، ويتبعه، فلقي عالمًا من اليهود، فسأله عن دينه، وقال: إني لعلِّي أنْ أدين دينكم، فأخبرني عن دينكم. فقال له اليهودي: إنك لن تكون على ديننا حتى تأخذ بنصيبك من غضب الله. قال زيد: ما أفرّ إلا من غضب الله، ولا أحمل من غَضب الله شيئًا أبدًا وأنا أستطيع. فهل تدلني على دين ليس فيه هذا؟ (52) قال: ما أعلمه إلا أن يكون حنيفًا! (53) قال: وما الحنيف؟ قال: دين إبراهيم، لم يك يهوديًّا ولا نصرانيًّا، وكان لا يعبد إلا الله. فخرج من عنده فلقي عالمًا من النصارى، فسأله عن دينه فقال: إني لعلِّي أن أدين دينكم، فأخبرني عن دينكم. قال: إنك لن تكون على ديننا حتى تأخذ بنصيبك من لعنة الله. قال: لا أحتمل من لعنة الله شيئًا، ولا من غضب الله شيئًا أبدًا، وأنا أستطيع، (54) فهل تدلني على دين ليس فيه هذا؟ فقال له نحوًا مما قاله اليهودي: لا أعلمه إلا أن يكون حنيفًا. (55) فخرج من عنده، وقد رَضِي الذي أخبراه والذي اتفقا عليه من شأن إبراهيم، فلم يزل رافعًا يديه إلى الله وقال: (56) اللهم إني أشهِدك أني على دين إبراهيم. (57)أخبرنا أبو بكر محمد بن داود بن سليمان قال، حدثنا محمد بن جرير الطبري:-----------------
اِنَّ اَوْلَى النَّاسِ بِاِبْرٰهِیْمَ لَلَّذِیْنَ اتَّبَعُوْهُ وَ هٰذَا النَّبِیُّ وَ الَّذِیْنَ اٰمَنُوْاؕ-وَ اللّٰهُ وَلِیُّ الْمُؤْمِنِیْنَ(۶۸)
بیشک سب لوگوں سے ابراہیم کے زیادہ حق دار وہ تھے جو ان کے پیرو ہوئے (ف۱۲۸) اور یہ نبی (ف۱۲۹) اور ایمان والے (ف۱۳۰) اور ایمان والوں کا ولی اللہ ہے،
القول في تأويل قوله : إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْرَاهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهَذَا النَّبِيُّ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ (68)قال أبو جعفر: يعني جل ثناؤه بقوله: " إنّ أولى الناس بإبراهيم "، إنّ أحقّ الناس بإبراهيم ونصرته وولايته =" للذين اتبعوه "، يعني: الذين سلكوا طريقَه ومنهاجه، فوحَّدوا الله مخلصين له الدين، وسنُّوا سُنته، وشرَعوا شرائعه، وكانوا لله حنفاء مسلمين غير مشركين به =" وهذا النبي"، يعني: محمدًا صلى الله عليه وسلم =" والذين آمنوا "، يعني: والذين صدّقوا محمدًا، وبما جاءهم به من عند الله =" والله ولي المؤمنين "، يقول: والله ناصرُ المؤمنين بمحمد، (58) المصدِّقين له في نبوّته وفيما جاءهم به من عنده، على من خالفهم من أهل الملل والأديان.* * *وبمثل الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.ذكر من قال ذلك:7214 - حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة قوله: " إن أولى الناس بإبراهيم للذين اتبعوه "، يقول: الذين اتبعوه على ملّته وسنَّته ومنهاجه وفطرته =" وهذا النبي"، وهو نبي الله محمد =" والذين آمنوا " معه، وهم المؤمنون الذين صدّقوا نبيّ الله واتبعوه. كان محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم والذين معه من المؤمنين، أولى الناس بإبراهيم.7215 - حدثني المثنى قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا ابن أبي جعفر، عن أبيه، عن الربيع مثله.7216 - حدثنا محمد بن المثنى، وجابر بن الكردي، والحسن بن أبي يحيى المقدسي، قالوا: حدثنا أبو أحمد قال: حدثنا سفيان، عن أبيه، عن أبي الضحى، عن مسروق، عن عبد الله بن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن لكل نبيّ ولاةً من النبيين، وإن وليِّي منهم أبِي وخليل رَبّي، ثم قرأ: " إن أولى الناس بإبراهيم للذين اتبعوه وهذا النبي والذين آمنوا والله ولي المؤمنين ". (59)7217 - حدثنا ابن المثنى قال، حدثنا أبو نعيم الفضل بن دكين قال، حدثنا سفيان، عن أبيه، عن أبي الضحى، عن عبد الله، أراه قال: عن النبي صلى الله عليه وسلم، فذكر نحوه. (60)7218 - حدثني المثنى قال، حدثنا عبد الله بن صالح قال، حدثني معاوية بن صالح، عن علي، عن ابن عباس: يقول الله سبحانه: " إنّ أولى الناس بإبراهيم للذين اتبعوه "، وهم المؤمنون.----------------الهوامش :(48) في المطبوعة: "ما كان إبراهيم يهوديًا ولا نصرانيًا ولكن كان حنيفًا مسلمًا وما كان من المشركين" ، ساق الآية كقراءتها ، وذلك لأن ناسخ المخطوطة كان كتب"وكان من المشركين" ثم كتب بين الواو و"كان" ، "لا" ضعيفة غير بينة ، فلم يحسن الناشر قراءتها ، فساق الآية ، ولم يصب فيما فعل ورددت عبارة الطبري إلى صوابها.(49) انظر تفسير"الإسلام" فيما سلف قريبًا: 489 تعليق: 1 ، والمراجع هناك.(50) انظر ما سلف 3: 104 - 108.(51) الأثر: 7211-"إسحاق بن شاهين الواسطي" ، روى عنه أبو جعفر في مواضع من تاريخه ، ولم أجد له ترجمة. و"خالد بن عبد الله بن عبد الرحمن" أبو الهيثم المزني الواسطي. ثقة حافظ صحيح الحديث ، مترجم في التهذيب ، و"داود" هو: "ابن أبي هند" و"عامر" هو الشعبي.(52) في المطبوعة: "وأنا لا أستطيع" ، زاد"لا" ، وليست في المخطوطة ، وهي خطأ فاحش ، ومخالف لرواية الحديث في البخاري كما سيأتي في تخريجه. وفي رواية البخاري: "وأنا أستطيعه ، فهل تدلني على غيره؟"(53) في المطبوعة: "إلا أن تكون" ، بالتاء في الموضعين والصواب بالياء كرواية البخاري.(54) في المطبوعة هنا أيضًا: "وأنا لا أستطيع" بزيادة"لا" ، وليست في المخطوطة ، وانظر التعليق: 1.(55) في المطبوعة: "إلا أن تكون" ، بالتاء في الموضعين والصواب بالياء كرواية البخاري.(56) هكذا في المخطوطة والمطبوعة: "فلم يزل رافعًا يديه إلى الله" ، وأنا في شك من لفظ هذا الكلام ، وأكبر ظني أنه تصحيف من كاتب قديم ، ونص رواية البخاري"فلما برز رفع يديه فقال" فجعل"فلما" ، وجعل"برز""يزل" ، وجعل"رفع""رافعًا" ، والسياق يقتضي مثل رواية البخاري.(57) الأثر: 7213-"يعقوب بن عبد الرحمن بن محمد بن عبد الله الزهري" ، سكن الإسكندرية. ثقة ، روى له البخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي ، مترجم في التهذيب.وهذا الخبر ، رواه البخاري (الفتح 7: 109 ، 110) من طريق فضيل بن سليمان ، عن موسى ابن عقبة ، بمثل لفظ الطبري مع بعض الاختلاف.وعند هذا الموضع انتهى جزء من التقسيم القديم ، وفي المخطوطة ما نصه :"يتلوه القول في تأويل قوله عز وجل " ":إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْرَاهِيمَ لَلَّذِبنَ اتَّبَعُوهُ وَهذَا النَّبِيُّ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاللهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ"والحمد لله على (..!!) وصلى الله على محمد وآله وسلم"ثم يتلوه ما نصه:"بسم الله الرحمن الرحيمربّ يَسِّرْأخبرنا أبو بكر محمد بن داود بن سليمان قال ، حدثنا محمد بن جرير الطبري".وهذا شيء جديد قد ظهر في هذه النسخة ، فإن ما مضى جميعه ، كان ختام التقسيم القديم ، رواية أبي محمد الفرغاني ، عن أبي جعفر محمد بن جرير الطبري ، ثم بدأت رواية التفسير بإسناد آخر لم نكن نعرفه عن رجل آخر غير أبي محمد الفرغاني ، وهو المشهور برواية التفسير ، فأثبت الإسناد في صلب التفسير لذلك: فلا بد من التعريف هنا بأبي بكر البغدادي. حتى نرى بعد كيف تمضي رواية التفسير ، أهي رواية أبي محمد الفرغاني إلى آخر الكتاب ، غير قسم منه رواه أبو بكر ، أم انقضت رواية أبي محمد الفرغاني ، ثم ابتدأت رواية أبي بكر من عند هذا الموضع؟وراوي هذا التفسير ، من أول هذا الموضع هو: "محمد بن داود بن سليمان سيار بن بيان ، البغدادي ، الفقيه ، أبو بكر" ، نزل مصر ، وحدث بها عن أبي جعفر الطبري ، وعثمان بن نصر الطائي. روى عنه أبو الفتح عبد الواحد بن محمد بن مسرور البلخي ، كان ثقة. قال الخطيب البغدادي في تاريخه 5: 265 بإسناده إلى أبي سعيد بن يونس: "محمد بن داود بن سليمان ، يكنى أبا بكر ، بغدادي ، قدم مصر ، وكان يتولى القضاء بتنيس ، وكان يروي كتب محمد بن جرير الطبري عنه. حدث عنه جماعة من البغداديين. وكان نظيفًا عاقلا. وولي ديوان الأحباس بمصر. توفي يوم الخميس لثلاث بقين من جمادى الآخرة سنة ست وثلاثين وثلاثمائة".ولم أجد له غير هذه الترجمة في تاريخ بغداد ، لا في قضاة مصر للكندي ، ولا في غيره من الكتب التي تحت يدي الآن ، ولعلي أجد في موضع آخر من التفسير ، شيئًا يكشف عن روايته التفسير ، غير هذا القدر الذي وصلت إليه ، والله الموفق.(58) انظر تفسير"الولي" فيما سلف 1: 489 ، 564 / 5: 424 / 6: 142 ، 313.(59) الحديث: 7216- جابر بن الكردي بن جابر الواسطي البزار: ثقة من شيوخ النسائي ، مترجم في التهذيب.الحسن بن أبي يحيى المقدسي: لم أصل إلى معرفة من هو؟أبو أحمد: هو الزبيري ، محمد بن عبد الله بن الزبير الأسدي.سفيان: هو الثوري.وأبوه: سعيد بن مسروق الثوري الكوفي ، وهو ثقة معروف ، أخرج له أصحاب الكتب الستة.أبو الضحى: هو مسلم بن صبيح - بالتصغير. مضت ترجمته في: 5424.مسروق: هو ابن الأجدع بن مالك الهمداني. مضت ترجمته في: 4242.وهذا إسناد صحيح متصل.وسيأتي - عقبه - بإسناد منقطع: من طريق أبي نعيم ، عن سفيان ، عن أبيه ، عن أبي الضحى ، عن عبد الله -وهو ابن مسعود- منقطعًا ، بإسقاط"مسروق" بين أبي الضحى وابن مسعود.وأبو الضحى لم يدرك ابن مسعود. مات ابن مسعود سنة 33. ومات أبو الضحى سنة 100. وهكذا روى هذا الحديث في الدواوين بالوجهين: متصلا ومنقطعًا. والوصل زيادة ثقة ، فهي مقبولة.فرواه الترمذي 4: 80-81 ، عن محمود بن غيلان ، عن أبي أحمد الزبيري ، بهذا الإسناد ، متصلا. كمثل رواية الطبري هذه من طريق أبي أحمد.وكذلك رواه البزار ، من طريق أبي أحمد الزبيري ، فيما نقل عنه ابن كثير 2: 163.ولم ينفرد أبو أحمد الزبيري بوصله بذكر"مسروق" في إسناده. تابعه على ذلك راويان ثقتان.فرواه الحاكم في المستدرك 2: 292 ، من طريق محمد بن عبيد الطنافسي ، عن سفيان ، عن أبيه ، عن أبي الضحى ، عن مسروق ، عن عبد الله - مرفوعًا موصولا. وقال الحاكم: "هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ، ولم يخرجاه". ووافقه الذهبي.ونقل ابن كثير 2: 161-162 أنه رواه سعيد بن منصور: "حدثنا أبو الأحوص ، عن سعيد بن مسروق [هو والد سفيان] عن أبي الضحى ، عن مسروق ، عن ابن مسعود..." - فذكره.وأبو الأحوص سلام بن سليم: ثقة متقن حافظ ، مضى في: 2058 . فقد رواه مرفوعًا متصلا ، عن سعيد الثوري - والد سفيان - كما رواه سفيان عن أبيه.فهذا يرجح رواية من رواه عن سفيان موصولا ، على رواية من رواه عنه منقطعًا. فإذا اختلفت الرواية على سفيان بين الوصل والانقطاع ، فلم تختلف على أبي الأحوص.بل الظاهر عندي أن هذا ليس اختلافًا على سفيان. وأن سفيان هذا هو الذي كان يصله مرة ، ويقطعه مرة. ومثل هذا في الأسانيد كثير.(60) الحديث: 7217- هذه هي الرواية المنقطعة لهذا الحديث. رواه الطبري من طريق أبي نعيم عن سفيان ، منقطعًا.وكذلك رواه الترمذي 4: 81 ، عن محمود ، وهو ابن غيلان ، عن أبي نعيم ، بهذا الإسناد.وتابع أبا نعيم على روايته هكذا منقطعًا رواة آخرون ثقات:فرواه أحمد في المسند: 3800 ، عن وكيع ، عن سفيان ، عن أبيه ، عن أبي الضحى ، عن عبد الله - هو ابن مسعود- مرفوعًا.وكذلك رواه الترمذي 4: 81 ، عن أبي كريب ، عن وكيع.ولكن نقله ابن كثير 2: 163-164 عن تفسير وكيع ، بهذا الإسناد ، وفيه"عن أبي إسحاق" بدل"عن أبي الضحى". وأنا أرجح أن هذا خطأ من بعض ناسخي تفسير وكيع ، ترجيحًا لرواية أحمد عن وكيع ، والترمذي من طريق وكيع - وفيهما: "عن أبي الضحى".ورواه أحمد أيضًا: 4088 ، عن يحيى ، وهو القطان ، وعن عبد الرحمن ، وهو ابن مهدي - كلاهما عن سفيان ، عن أبيه ، عن أبي الضحى ، عن عبد الله ، مرفوعًا.وقد رجح الترمذي الرواية المنقطعة ، وهو ترجيح بغير مرجح. والوصل زيادة تقبل من الثقة دون شك.وفي رواية الطبري هذه قوله: "أراه عن النبي صلى الله عليه وسلم" ، مما يفهم منه الشك في رفعه أيضًا. وهذا الشك لعله من ابن المثنى شيخ الطبري ، أو من الطبري نفسه ، لأن رواية الترمذي من طريق أبي نعيم ليس فيها الشك في رفعه.والحديث ذكره السيوطي 2: 42 ، دون بيان الروايات المتصلة من المنقطعة - وزاد نسبته لعبد بن حميد ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، ولم يذكر نسبته لمسند أحمد ولا للبزار.
وَدَّتْ طَّآىٕفَةٌ مِّنْ اَهْلِ الْكِتٰبِ لَوْ یُضِلُّوْنَكُمْؕ-وَ مَا یُضِلُّوْنَ اِلَّاۤ اَنْفُسَهُمْ وَ مَا یَشْعُرُوْنَ(۶۹)
کتابیوں کا ایک گروہ دل سے چاہتا ہے کہ کسی طرح تمہیں گمراہ کردیں، اور وہ اپنے ہی آپ کو گمراہ کرتے ہیں اور انہیں شعور نہیں (ف۱۳۱)
القول في تأويل قوله : وَدَّتْ طَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يُضِلُّونَكُمْ وَمَا يُضِلُّونَ إِلا أَنْفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ (69)قال أبو جعفر: يعني بقوله جل ثناؤه: " ودّت "، تمنت = (61) " طائفة "، يعني جماعة =" من أهل الكتاب "، وهم أهل التوراة من اليهود، وأهل الإنجيل من النصارى =" لو يضلُّونكم "، يقولون: لو يصدّونكم أيها المؤمنون، عن الإسلام، ويردُّونكم عنه إلى ما هم عليه من الكفر، فيهلكونكم بذلك.* * *و " الإضلال " في هذا الموضع، الإهلاكُ، (62) من قول الله عز وجل: وَقَالُوا أَئِذَا ضَلَلْنَا فِي الأَرْضِ أَئِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ [سورة السجدة: 10]، يعني: إذا هلكنا، ومنه قول الأخطل في هجاء جرير:كُنْتَ القَذَى فِي مَوْجِ أَكْدَرَ مُزْبِدٍقَذَفَ الأتِيُّ بِهِ فَضَلّ ضلالا (63)يعنى: هلك هلاكًا، وقول نابغة بني ذبيان:فَآبَ مُضِلُّوهُ بِعَيْنٍ جَلِيَّةٍوَغُودِرَ بِالجَوْلانِ حَزْمٌ ونَائِلُ (64)يعني مهلكوه.* * *=" وما يضلون إلا أنفسهم "، وما يهلكون - بما يفعلون من محاولتهم صدّكم عن دينكم - أحدًا غير أنفسهم، يعني ب" أنفسهم ": أتباعهم وأشياعَهم على ملَّتِهم وأديانهم، وإنما أهلكوا أنفسَهم وأتباعهم بما حاولوا من ذلك لاستيجابهم من الله بفعلهم ذلك سخَطه، واستحقاقهم به غَضَبه ولعنته، لكفرهم بالله، ونقضِهم الميثاقَ الذي أخذ الله عليهم في كتابهم، في اتباع محمد صلى الله عليه وسلم وتصديقه، والإقرار بنبوّته.ثم أخبر جلّ ثناءه عنهم أنهم يفعلون ما يفعلون، من محاولة صدّ المؤمنين عن الهدى إلى الضلالة والردى، على جهل منهم بما اللهُ بهمُ محلٌّ من عقوبته، ومدَّخِر لهم من أليم عذابه، فقال تعالى ذكره: " وما يشعرون " أنهم لا يضلون إلا أنفسهم، بمحاولتهم إضلالكم أيها المؤمنون.* * *ومعنى قوله: " وما يشعرون "، وما يدرون ولا يعلمون.* * *وقد بينا تأويل ذلك بشواهده في غير هذا الموضع، فأغنى ذلك عن إعادته. (65)-------------------الهوامش :(61) انظر تفسير"ود" فيما سلف 2: 470 / 5: 542.(62) انظر تفسير"ضل" فيما سلف 1: 195 / 2: 495 ، 496.(63) مضى تخريجه وشرحه في 2: 496.(64) ديوانه: 83 ، واللسان (ضلل) (جلا) ، من قصيدته الغالية في رثاء أبي حجر النعمان بن الحارث بن أبي شمر الغساني ، وقبل البيت:فَإِنْ تَكُ قَدْ وَدَّعْتَ غَيْرَ مُذَمَّمٍأَوَاسِيَ مُلْكٍ ثبَّتَتْهُ الأَوَائِلُفَلاَ تَبْعَدَنْ, إِنْ المَنَّيَة مَوْعِدٌ,وَكُلُّ امْرِئ يَوْمًا به الحَالُ زَائِلُفمَا كَانَ بَيْنَ الخَيْر, لَوْ جَاءَ سَالِمًاأَبُو حُجُرٍ, إِلاَّ لَيَالٍ قَلاَئِلُفَإِنْ تَحْيَ لا أَمْلَلْ حَيَاتِي, وَإنْ تَمُتْفَمَا فِي حَيَاةٍ بَعْدَ مَوْتِكَ طائِلفَآبَ مُضِلُّوهُ. . . . . . . . . . . .. . . . . . . . . . . . . . . . . . .ورواية الأصمعي وأبي عبيدة: "فآب مصلوه" بالصاد المهملة. وفسرها الأصمعي فقال: "أراد: قدم أول قادم بخبر موته ، ولم يتبينوه ولم يحققوه ولم يصدقوه ، ثم جاء المصلون ، وهم الذين جاءوا بعد الخبر الأول ، وقد جاءوا على أثره ، وأخبروا بما أخبر به ، بعين جلية: أي بخبر متواتر صادق يؤكد موته ، ويصدق الخبر الأول. وإنما أخذه من السابق والمصلي (من الخيل)" وقال أبو عبيدة: "مصلوه: يعني أصحاب الصلاة ، وهم الرهبان وأهل الدين منهم".والذي قاله الأصمعي غريب جدًا ، وأنا أرفضه لبعده وشدة غرابته ، واحتياله الذي لا يغني ، ولو قال: "مصلوه" ، هم مشيعوه الذين سوف يتبعون آثاره عما قليل إلى الغاية التي انتهى إليها ، وهي اللحد - لكان أجود وأعرق في العربية!! ولكن هكذا تذهب المذاهب أحيانًا بأئمة العلم. والذي قال أبو عبيدة ، على ضعفه ، أجود مما قاله الأصمعي ، وأنا أختار الرواية التي رواها الطبري ، ولها تفسيران: أحدهما الذي قاله الطبري ، وهو يقتضي أن يكون النعمان مات مقتولا ، ولم أجد خبرًا يؤيد ذلك ، فإنه غير ممكن أن يكون تفسيره"مهلكوه" ، إلا على هذا المعنى ، والآخر: "مضلوه" أي: دافنوه الذي أضلوه في الأرض: أي دفنوه وغيبوه ، وهو المشهور في كلامهم ، كقول المخبل:أَضَلَّتْ بَنْو قيْسِ بن سَعْدٍ عَمِيدَهَاوفَارِسَها في الدَّهْرِ قَيْسَ بنَ عاصِمِفمعنى قول النابغة: كذب الناس خبر موت النعمان أول ما جاء ، فلما جاء دافنوه بخبر ما عاينوه ، صدقوا الخبر الأول. هذا أجود ما يقال في معنى البيت. و"الجولان" جبل في نواحي دمشق ، من عمل حوران. وتبين من شعر النابغة أنه كانت به منازل النعمان وقصوره ودوره.(65) انظر تفسير"شعر" فيما سلف 1: 277 ، 278.
یٰۤاَهْلَ الْكِتٰبِ لِمَ تَكْفُرُوْنَ بِاٰیٰتِ اللّٰهِ وَ اَنْتُمْ تَشْهَدُوْنَ(۷۰)
اے کتابیو! اللہ کی آیتوں سے کیوں کفر کرتے ہو حالانکہ تم خود گواہی ہو (ف۱۳۲)
القول في تأويل قوله : يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَأَنْتُمْ تَشْهَدُونَ (70)قال أبو جعفر: يعني بذلك جل ثناؤه: " يا أهل الكتاب "، من اليهود والنصارى =" لم تكفرون "، يقول: لم تجحدون =" بآيات الله "، يعني: بما في كتاب الله الذي أنزله إليكم على ألسن أنبيائكم، من آيه وأدلته=" وأنتم تشهدون " أنه حق من عند ربكم.* * *وإنما هذا من الله عز وجل، توبيخٌ لأهل الكتابين على كفرهم بمحمد صلى الله عليه وسلم وجحودهم نبوّته، وهم يجدونه في كتبهم، مع شَهادتهم أن ما في كتبهم حقٌّ، وأنه من عند الله، كما:-7219 - حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة قوله: " يا أهل الكتاب لم تكفرون بآيات الله وأنتم تشهدون "، يقول: تشهدون أن نَعتَ محمد نبيّ الله صلى الله عليه وسلم في كتابكم، ثم تكفرون به وتنكرونه ولا تؤمنون به، وأنتم تجدونه مكتوبًا عندكم في التوراة والإنجيل: النَّبِيِّ الأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَكَلِمَاتِهِ .7220 - حدثنا المثنى قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا ابن أبي جعفر، عن أبيه، عن الربيع: " يا أهل الكتاب لم تكفرون بآيات الله وأنتم تشهدون "، يقول: تشهدون أن نعتَ محمد في كتابكم، ثم تكفرون به ولا تؤمنون به، وأنتم تجدونه عندكم في التوراة والإنجيل: " النبيّ الأميّ".7221 - حدثني محمد قال، حدثنا أحمد قال، حدثنا أسباط، عن السدي: " يا أهل الكتاب لم تكفرون بآيات الله وأنتم تشهدون "،"آيات الله " محمد، وأما " تشهدون "، فيشهدون أنه الحق، يجدونه مكتوبًا عندهم.7222 - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثنا حجاج، عن ابن جريج قوله: " يا أهل الكتاب لم تكفرون بآيات الله وأنتم تشهدون " أنّ الدين عند الله الإسلام، ليس لله دين غيره. (66)* * *------------------------الهوامش :(66) الأثر: 7222- أسقطت المطبوعة والمخطوطة: "حدثنا القاسم قال" ، فأثبتها ، وهو إسناد دائر في التفسير من أوله ، أقربه رقم: 7200 ، وسيأتي بعد قليل على الصواب ، رقم: 7226.
یٰۤاَهْلَ الْكِتٰبِ لِمَ تَلْبِسُوْنَ الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَ تَكْتُمُوْنَ الْحَقَّ وَ اَنْتُمْ تَعْلَمُوْنَ۠(۷۱)
اے کتابیو! حق میں باطل کیوں ملاتے ہو (ف۱۳۳) اور حق کیوں چھپاتے ہو حالانکہ تمہیں خبر ہے،
القول في تأويل قوله : يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَلْبِسُونَ الْحَقَّ بِالْبَاطِلِقال أبو جعفر: يعني بذلك جل ثناؤه: يا أهل التوراة والإنجيل =" لم تلبسون "، يقول: لم تخلطون =" الحق بالباطل ".* * *وكان خلطهم الحقّ بالباطل، إظهارهم بألسنتهم من التصديق بمحمد صلى الله عليه وسلم وما جاء به من عند الله، غيرَ الذي في قلوبهم من اليهودية والنصرانية.كما:-7223 - حدثنا ابن حميد قال، حدثنا سلمة، عن ابن إسحاق، عن محمد بن أبي محمد، عن عكرمة أو سعيد بن جبير، عن ابن عباس قال: قال عبد الله بن الصيِّف، وعدي بن زيد، والحارث بن عوف، بعضهم لبعض: تعالوا نؤمن بما أنزل على محمد وأصحابه غُدْوةً ونكفُر به عشيةً، حتى نلبس عليهم دينهم، لعلهم يصنعون كما نصنعُ، فيرجعوا عن دينهم! فأنزل الله عز وجل فيهم: " يا أهل الكتاب لم تلبسون الحقّ بالباطل " إلى قوله: وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ . (1)7224 - حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة: " يا أهل الكتاب لم تلبسون الحق بالباطل "، يقول: لم تلبسون اليهودية والنصرانية بالإسلام، وقد علمتم أنّ دين الله الذي لا يقبل غيرَه، الإسلام، ولا يجزي إلا به؟7225 - حدثني المثنى قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا ابن أبي جعفر، عن أبيه، عن الربيع بمثله = إلا أنه قال: الذي لا يقبل من أحد غيرَه، الإسلامُ = ولم يقل: " ولا يجزي إلا به ". (2)7226 - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج قوله: " يا أهل الكتاب لم تلبسون الحق بالباطل "، الإسلامَ باليهودية والنصرانية.* * *وقال آخرون: في ذلك بما:-7227 - حدثني به يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد في قول الله عز وجل: " لم تلبسون الحق بالباطل "، قال: " الحقّ" التوراة التي أنزل الله على موسى، و " الباطل "، الذي كتبوه بأيديهم.* * *قال أبو جعفر: وقد بينا معنى " اللبس " فيما مضى، بما أغنى عن إعادته. (3)* * *القول في تأويل قوله : وَتَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ (71)قال أبو جعفر: يعني بذلك جل ثناؤه: ولم تكتمون، يا أهل الكتاب، الحقّ؟ (4)* * *و " الحق " الذي كتموه: ما في كتُبهم من نعت محمد صلى الله عليه وسلم ومبعثه ونبوّته، كما:-7227 - حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة قوله: " وتكتمون الحق وأنتم تعلمون "، كتموا شأنَ محمد، وهم يجدونه مكتوبًا عندهم في التوراة والإنجيل، يأمرهم بالمعروف وَينهاهم عن المنكر.7229 - حدثني المثنى قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا ابن أبي جعفر، عن أبيه، عن الربيع قوله: " وتكتمون الحق وأنتم تعلمون "، يقول: يكتمون شأن محمد صلى الله عليه وسلم، وهم يجدونه مكتوبًا عندهم في التوراة والإنجيل: يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر.7230 - حدثني القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج: " تكتمون الحق "، الإسلام، وأمرَ محمد صلى الله عليه وسلم =" وأنتم تعلمون " أنّ محمدًا رسولُ الله، وأنّ الدين الإسلامُ.* * *وأما قوله: " وأنتم تعلمون "، فإنه يعني به: وأنتم تعلمون أنّ الذي تكتمونه من الحق حقّ، وأنه من عند الله. وهذا القول من الله عز وجل، خبرٌ عن تعمُّد أهل الكتاب الكفرَ به، وكتمانِهم ما قد علموا من نبوّة محمد صلى الله عليه وسلم وَوَجدوه في كتبهم، وجاءَتهم به أنبياؤهم.-----------------الهوامش :(1) الأثر: 7223- سيرة ابن هشام 2: 202 ، وهو تابع الأثر السالف رقم: 7202.(2) في المطبوعة: "ولم يقبل ولا يجازى إلا به" ، قرأها الناشر كذلك لفساد خط الناسخ في كتابته ، وصواب قراءتها ما أثبت ، وفي المخطوطة"لا يجزى الآية" ، وهو تصحيف قبيح.(3) انظر ما سلف 1: 567 ، 568.(4) انظر تفسير نظيرة هذه الآية والتي قبلها فيما سلف 1: 566-572 ، والآثار التي رواها هنا قد رويت هناك في مواضعها.
وَ قَالَتْ طَّآىٕفَةٌ مِّنْ اَهْلِ الْكِتٰبِ اٰمِنُوْا بِالَّذِیْۤ اُنْزِلَ عَلَى الَّذِیْنَ اٰمَنُوْا وَجْهَ النَّهَارِ وَ اكْفُرُوْۤا اٰخِرَهٗ لَعَلَّهُمْ یَرْجِعُوْنَۚۖ(۷۲)
اور کتابیوں کا ایک گروہ بولا (ف۱۳۴) وہ جو ایمان والوں پر اترا (ف۱۳۵) صبح کو اس پر ایمان لاؤ اور شام کو منکر ہوجاؤ شاید وہ پھر جائیں (ف۱۳۶)
القول في تأويل قوله جل ثناؤه : وَقَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ آمِنُوا بِالَّذِي أُنْزِلَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَجْهَ النَّهَارِ وَاكْفُرُوا آخِرَهُ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (72)قال أبو جعفر: اختلف أهل التأويل في صفة المعنى الذي أمرت به هذه الطائفة مَنْ أمرَت به: من الإيمان وجهَ النهار، وكفرٍ آخره. (5)فقال بعضهم: كان ذلك أمرًا منهم إياهم بتصديق النبي صلى الله عليه وسلم في نبوّته وما جاء به من عند الله، وأنه حق، في الظاهر = (6) من غير تصديقه في ذلك بالعزم واعتقاد القلوب على ذلك = وبالكفر به وجحود ذلك كله في آخره.ذكر من قال ذلك:7231 - حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر، عن قتادة في قوله: "آمنوا بالذي أنزل على الذين آمنوا وجه النهار واكفروا آخره "، فقال بعضهم لبعض: أعطوهم الرضى بدينهم أوّل النهار، واكفروا آخره، فإنه أجدر أن يصدّقوكم، ويعلموا أنكم قد رأيتم فيهم ما تكرهون، وهو أجدَرُ أن يرجعوا عن دينهم.7232 - حدثني المثنى قال، حدثنا معلى بن أسد قال، حدثنا خالد، عن حصين، عن أبي مالك في قوله: "آمنوا بالذي أنزل على الذين آمنوا وجه النهار واكفروا آخره "، قال: قالت اليهود: آمنوا معهم أوّل النهار، واكفروا آخره، لعلهم يرجعون معكم.7233 - حدثنا محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن المفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي: " وقالت طائفة من أهل الكتاب آمنوا بالذي أنزل على الذين آمنوا وجه النهار واكفروا آخره لعلهم يرجعون "، كان أحبارُ قُرَى عربيةَ اثني عشر حبرًا، (7) فقالوا لبعضهم: ادخلوا في دين محمد أول النهار، وقولوا: " نشهد أن محمدًا حقّ صادقٌ"، فإذا كان آخر النهار فاكفروا وقولوا: " إنا رجعنا إلى علمائنا وأحبارنا فسألناهم، فحدَّثونا أن محمدًا كاذب، وأنكم لستم على شيء، وقد رجعنا إلى ديننا فهو أعجب إلينا من دينكم "، لعلهم يشكّون، يقولون: هؤلاء كانوا معنا أوّل النهار، فما بالهم؟ فأخبر الله عز وجل رسوله صلى الله عليه وسلم بذلك.7234 - حدثت عن عمار قال، حدثنا ابن أبي جعفر، عن أبيه، عن حصين، عن أبي مالك الغفاري قال: قالت اليهود بعضهم لبعض: أسلِموا أول النهار، وارتدُّوا آخره لعلهم يرجعون. فأطلع الله على سرّهم، فأنزل الله عز وجل: " وقالت طائفة من أهل الكتاب آمنوا بالذي أنزل على الذين آمنوا وجه النهار واكفروا آخره لعلهم يرجعون ".* * *وقال آخرون: بل الذي أمرَت به من الإيمان: الصلاةُ، وحضورها معهم أول النهار، وتركُ ذلك آخرَه.ذكر من قال ذلك:7235 - حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد في قول الله عز وجل: "آمنوا بالذي أنزل على الذين آمنوا وجه النهار "، يهودُ تقوله. صلَّت مع محمد صلاةَ الصبح، وكفروا آخرَ النهار، مكرًا منهم، ليُرُوا الناس أن قد بدت لهم منه الضلالةُ، بعد أن كانوا اتَّبعوه.7236 - حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد بمثله.7237 - حدثني محمد بن سعد قال، حدثني أبي قال، حدثني عمي قال، حدثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس قوله: " وقالت طائفة من أهل الكتاب آمنوا بالذي أنزل على الذين آمنوا وجه النهار "، الآية، وذلك أنّ طائفة من اليهود قالوا: إذا لقيتم أصحابَ محمد صلى الله عليه وسلم أوّل النهار فآمنوا، وإذا كان آخره فصلوا صلاتكم، لعلهم يقولون: هؤلاء أهلُ الكتاب، وهم أعلم منا! لعلهم ينقلبون عن دينهم، ولا تُؤمنوا إلا لمن تَبع دينكم.* * *قال أبو جعفر: فتأويل الكلام إذًا: " وقالت طائفة من أهل الكتاب "، يعني: من اليهود الذين يقرأون التوراة ="آمنوا " صدّقوا =" بالذي أنزل على الذين آمنوا "، وذلك ما جاءهم به محمد صلى الله عليه وسلم من الدين الحقّ وشرائعه وسننه =" وجه النهار "، يعني: أوّل النهار.* * *وسمَّى أوّله " وجهًا " له، لأنه أحسنه، وأوّلُ ما يواجه الناظرَ فيراه منه، كما يقال لأول الثوب: " وجهه "، وكما قال ربيع بن زياد:مَنْ كَانَ مَسْرُورًا بمَقْتَلِ مَالِكٍفَلْيَأْتِ نِسْوَتَنَا بِوَجْهِ نَهَارِ (8)* * *وبنحو الذي قلنا في ذلك قال جماعة من أهل التأويل.ذكر من قال ذلك:7238 - حدثنا بشر قال حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة قوله: " وجه النهار "، أوّلَ النهار.7239 - حدثني المثنى قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا ابن أبي جعفر، عن أبيه، عن الربيع: " وجه النهار "، أول النهار =" واكفروا آخره "، يقول: آخر النهار.7240 - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثنا حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد: (آمنوا بالذي أنزل على الذين آمنوا وجه النهار واكفروا آخره)، قال قال: صلوا معهم الصبح، ولا تصلّوا معهم آخرَ النهار، لعلكم تستزلُّونهم بذلك.* * *وأما قوله: " واكفروا آخره "، فإنه يعني به، أنهم قالوا: واجحدوا ما صدَّقتم به من دينهم في وَجه النهار، في آخر النهار =" لعلهم يرجعون " : يعني بذلك: لعلهم يرجعون عن دينهم معكم ويَدَعونه: كما:-7241 - حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة: " لعلهم يرجعون "، يقول: لعلهم يدَعون دينهم، ويرجعون إلى الذي أنتم عليه.7242 - حدثني المثنى قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا ابن أبي جعفر، عن أبيه، عن الربيع مثله.7243 - حدثنا محمد بن سعد قال، حدثني أبي قال، حدثني عمي قال، حدثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس: " لعلهم يرجعون "، لعلهم ينقلبون عن دينهم.7244 - حدثني محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن المفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي: " لعلهم يرجعون "، لعلهم يشكّون.7245 - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد قوله: " لعلهم يرجعون "، قال: يرجعون عن دينهم.-------------------الهوامش :(5) في المطبوعة: "والكفر آخره" غير ما في المخطوطة ، وهو صواب متمكن.(6) سياق قوله: "بتصديق النبي... في الظاهر".(7) في المطبوعة: "قرى عرينة" وهي قراءة فاسدة للمخطوطة ، إذ كانت غير منقوطة وجاءت على الصواب في الدر المنثور 2: 42. وانظر معجم ما استعجم: 929 ، فهو اسم مكان.(8) مجاز القرآن 1: 97 ، حماسة أبي تمام 3: 26 ، والأغاني 16: 27 ، والخزانة 3: 538 ، واللسان (وجه) وغيرها ، من أبياته التي قالها حين قتل حميمه مالك بن زهير ، وحمى لقتله ، واستعد لطلب ثأره ، وبعد البيت ، وهو من تمامه.يَجِدِ النَّسَاءَ حَوَاسِرًا يَنْدُبْنَهُيَبْكِينَ قَبْلَ تَبَلُّج الأسْحَارِقَدْ كُنَّ يَخْبَأْنَ الوُجُوهُ تَسَتُّرًافَالْيَوْمَ حِينَ بَرَزْنَ للنظّارِيَخْمِشنَ حُرَّاتِ الوُجُوهِ عَلَى امْرِئٍسَهْلِ الخليقةِ طَيِّبِ الأخبارِقالوا في معنى البيت الشاهد: "يقول: من كان مسرورًا بمقتل مالك ، فلا يشتمن به ، فإنا قد أدركنا ثأره به. وذلك أن العرب كانت تندب قتلاها بعد إدراك الثأر". ومعنى البيت عندي شبيه بذلك ، إلا أن قوله: "فليأت نسوتنا بوجه نهار" ، أراد به أنه مدرك ثأره من فوره ، فمن شاء أن يعرف برهان ذلك ، فليأت ليشهد المأتم قد قام يبكيه في صبيحة مقتله. يذكر تعجيله في إدراك الثأر ، كأنه قد كان. وتأويل ذلك أنه قال هذه الأبيات لامرأته قبل مخرجه إلى قتال الذين قتلوا مالكًا ، فقال لامرأته ذلك ، يعلمها أنه مجد في طلب الثأر ، وأنه لن يمرض في طلبه ، بل هو مدركه من فوره هذا.
وَ لَا تُؤْمِنُوْۤا اِلَّا لِمَنْ تَبِـعَ دِیْنَكُمْؕ-قُلْ اِنَّ الْهُدٰى هُدَى اللّٰهِۙ-اَنْ یُّؤْتٰۤى اَحَدٌ مِّثْلَ مَاۤ اُوْتِیْتُمْ اَوْ یُحَآجُّوْكُمْ عِنْدَ رَبِّكُمْؕ-قُلْ اِنَّ الْفَضْلَ بِیَدِ اللّٰهِۚ-یُؤْتِیْهِ مَنْ یَّشَآءُؕ-وَ اللّٰهُ وَاسِعٌ عَلِیْمٌۚۙ(۷۳)
اور یقین نہ لاؤ مگر اس کا جو تمہارے دین کا پیرو ہو تم فرمادو کہ اللہ ہی کی ہدایت ہدایت ہے (ف۱۳۷) (یقین کا ہے کا نہ لاؤ) اس کا کہ کسی کو ملے (ف۱۳۸) جیسا تمہیں ملا یا کوئی تم پر حجت لاسکے تمہارے رب کے پاس (ف۱۳۹) تم فرمادو کہ فضل تو اللہ ہی کے ہاتھ ہے جسے چاہے دے، اور اللہ وسعت والا علم والا ہے،
القول في تأويل قوله : وَلا تُؤْمِنُوا إِلا لِمَنْ تَبِعَ دِينَكُمْقال أبو جعفر: يعني بذلك جل ثناؤه: ولا تصدّقوا إلا من تبع دينكم فكان يهوديًّا.* * *وهذا خبر من الله عن قول الطائفة الذين قالوا لإخوانهم من اليهود: "آمنوا بالذي أنزل على الذين آمنوا وجه النهار ".* * *و " اللام " التي في قوله: " لمن تبع دينكم "، نظيرة " اللام " التي في قوله: عَسَى أَنْ يَكُونَ رَدِفَ لَكُمْ ، بمعنى: ردفكم، بَعْضُ الَّذِي تَسْتَعْجِلُونَ [سورة النمل: 72].* * *وبنحو ما قلنا في تأويل ذلك قال أهل التأويل.ذكر من قال ذلك:7246 - حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة: " ولا تؤمنوا إلا لمن تبع دينكم "، هذا قول بعضهم لبعض.7247 - حدثني المثنى قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا ابن أبي جعفر، عن أبيه، عن الربيع مثله.7247 م - حدثنا محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن المفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي: " ولا تؤمنوا إلا لمن تبع دينكم " قال: لا تؤمنوا إلا لمن تبع اليهودية.7248 - حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن يزيد في قوله: " ولا تؤمنوا إلا لمن تبع دينكم "، قال: لا تؤمنوا إلا لمن آمن بدينكم، ومَنْ خالفه فلا تؤمنوا له. (9)* * *القول في تأويل قوله : قُلْ إِنَّ الْهُدَى هُدَى اللَّهِ أَنْ يُؤْتَى أَحَدٌ مِثْلَ مَا أُوتِيتُمْ أَوْ يُحَاجُّوكُمْ عِنْدَ رَبِّكُمْقال أبو جعفر: اختلف أهل التأويل في تأويل ذلك.فقال بعضهم: قوله: " قل إنّ الهدى هدى الله "، اعتراضٌ به في وسط الكلام، (10) خبرًا من الله عن أن البيان بيانُه والهدى هُداه. قالوا: وسائرُ الكلام بعدَ ذلك متصلٌ بالكلام الأول، خبرًا عن قِيل اليهود بعضها لبعض. (11) فمعنى الكلام عندهم: ولا تؤمنوا إلا لمن تبع دينكم، ولا تؤمنوا أن يؤتى أحدٌ مثل ما أوتيتم، أو أنْ يحاجُّوكم عند ربكم = أي: ولا تؤمنوا أن يحاجّكم أحدٌ عند ربكم. ثم قال الله عز وجل لنبيه صلى الله عليه وسلم: قل، يا محمد: إِنَّ الْفَضْلَ بِيَدِ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ ، و " إن الهدى هدى الله ".ذكر من قال ذلك:7249 - حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم، عن عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد في قوله: " أن يؤتى أحد مثل ما أوتيتم "، حسدًا من يهود أن تكون النبوة في غيرهم، وإرادةَ أن يُتَّبعوا على دينهم.7250- حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد مثله.* * *وقال آخرون: تأويل ذلك: قل يا محمد: " إن الهدى هدى الله "، إنّ البيان بيانُ الله =" أن يؤتى أحدٌ"، قالوا: ومعناه: لا يؤتى أحدٌ من الأمم مثل ما أوتيتم، كما قال: يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ أَنْ تَضِلُّوا [سورة النساء: 176]، بمعنى: لا تضلون، وكقوله: كَذَلِكَ سَلَكْنَاهُ فِي قُلُوبِ الْمُجْرِمِينَ * لا يُؤْمِنُونَ بِهِ [سورة الشعراء: 200-201]، يعني: أن لا يؤمنوا =" مثل ما أوتيتم "، يقول: مثل ما أوتيتَ، أنت يا محمد، وأمتك من الإسلام والهدى =" أو يحاجوكم عند ربكم "، قالوا: ومعنى " أو ": " إلا "، أيْ: إلا أن " يحاجوكم "، يعني: إلا أن يجادلوكم عند ربكم عند ما فَعل بهم ربُّكم. (12)ذكر من قال ذلك:7251 - حدثنا محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن المفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي: قال الله عز وجل لمحمد صلى الله عليه وسلم: " قل إنّ الهدى هُدَى الله أن يؤتى أحدٌ مثل ما أوتيتم "، يقول، مثل ما أوتيتم يا أمة محمد =" أو يحاجوكم عند ربكم "، تقول اليهود: فعل الله بنا كذا وكذا من الكرامة، حتى أنزل علينا المن والسلوى = فإن الذي أعطيتكم أفضلُ فقولوا: إِنَّ الْفَضْلَ بِيَدِ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ ، الآية.* * *فعلى هذا التأويل، جميع هذا الكلام، [أمرٌ] من الله نبيَّه محمدًا صلى الله عليه وسلم أن يقوله لليهود، (13) وهو متلاصق بعضه ببعض لا اعتراض فيه. و " الهدى " الثاني ردّ على " الهدى " الأول، و " أن " في موضع رفع على أنه خبر عن " الهدى ".* * *وقال آخرون: بل هذا أمر من الله نبيَّه أن يقوله لليهود. (14) وقالوا: تأويله: " قل " يا محمد " إن الهدى هُدى الله أن يؤتى أحد " من الناس " مثل ما أوتيتم "، يقول: مثل الذي أوتيتموه أنتُم يا معشر اليهود من كتاب الله، ومثل نبيكم، فلا تحسدوا المؤمنين على ما أعطيتهم، مثلَ الذي أعطيتكم من فضلي، فإن الفضل بيدي أوتيه من أشاء.ذكر من قال ذلك:7252 - حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة قوله: " قل إن الهدى هدى الله أن يؤتَى أحدٌ مثل ما أوتيتم "، يقول: لما أنزل الله كتابًا مثلَ كتابكم، وبعثَ نبيًّا مثل نبيكم، حسدتموهم على ذلك =" قلْ إنّ الفضلَ بيد الله "، الآية.7253 - حدثني المثنى قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا ابن أبي جعفر، عن أبيه، عن الربيع مثله.* * *وقال آخرون: بل تأويل ذلك: " قل " يا محمد: " إن الهدى هدى الله أن يؤتى أحد مثل ما أوتيتم " أنتم يا معشر اليهود من كتاب الله. قالوا: وهذا آخر القول الذي أمرَ الله به نبينا محمدًا صلى الله عليه وسلم أن يقوله لليهود من هذه الآية. قالوا: وقوله: " أو يحاجوكم "، مردود على قوله: وَلا تُؤْمِنُوا إِلا لِمَنْ تَبِعَ دِينَكُمْ .وتأويل الكلام - على قول أهل هذه المقالة -: ولا تؤمنوا إلا لمن تبع دينكم، فتتركوا الحقَّ: أنّ يحاجُّوكم به عند ربكم من اتبعتم دينه فاخترتموه: أنه محقٌّ، وأنكم تجدون نعته في كتابكم. فيكون حينئذ قوله: " أو يحاجوكم " مردودًا على جواب نهي متروك، على قول هؤلاء.ذكر من قال ذلك:7254 - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج قوله: " إن الهدى هدى الله أن يؤتى أحد مثل ما أوتيتم "، يقول: هذا الأمر الذي أنتم عليه: أن يؤتى أحد مثل ما أوتيتم =" أو يحاجوكم عند ربكم "، قال: قال بعضهم لبعض: لا تخبروهم بما بيَّن الله لكم في كتابه، ليحاجُّوكم = قال: ليخاصموكم = به عند ربكم =" قل إن الهدى هدى الله ".* * *[قال أبو جعفر: وأولى الأقوال في ذلك بالصواب أن يكون قوله: " قل إن الهدى هُدى الله "] = معترضًا به، (15) وسائر الكلام متَّسِقٌ على سياقٍ واحد. فيكون تأويله حينئذ: ولا تؤمنوا إلا لمن تبع دينكم، (16) ولا تؤمنوا أن يؤتى أحدٌ مثل ما أوتيتم = بمعنى: لا يؤتى أحدٌ مثل ما أوتيتم = (17) " أو يحاجوكم عند ربكم "، بمعنى: أو أن يحاجوكم عند ربكم . . . . . . . . (18) أحد بإيمانكم، لأنكم أكرمُ على الله بما فضلكم به عليهم. فيكون الكلام كله خبرًا عن قول الطائفة التي قال الله عز وجل: وَقَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ آمِنُوا بِالَّذِي أُنْزِلَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَجْهَ النَّهَارِ سوى قوله: " قلُ إن الهدى هدى الله ". ثم يكون الكلامُ مبتدأ بتكذيبهم في قولهم: " قل "، يا محمد، للقائلين ما قولوا من الطائفة التي وصفتُ لك قولها لتُبَّاعها من اليهود = (19) " إن الهدى هدى الله "، إن التوفيق توفيقُ الله والبيانَ بيانُه، (20) " وإن الفضل بيده يؤتيه من يشاء " لا ما تمنيتموه أنتم يا معشر اليهود.وإنما اخترنا ذلك من سائر الأقوال التي ذكرناها، (21) لأنه أصحها معنًى، وأحسنُها استقامةً، على معنى كلام العرب، وأشدُّها اتساقًا على نظم الكلام وسياقه. وما عدا ذلك من القول، فانتزاع يبعُد من الصحة، على استكراه شديدٍ للكلام.* * *القول في تأويل قوله : قُلْ إِنَّ الْفَضْلَ بِيَدِ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ (73)قال أبو جعفر: يعني بذلك جل ثناؤه: " قل " يا محمد، لهؤلاء اليهود الذين وصفتُ قولهم لأوليائهم =" إنّ الفضل بيد الله "، إنّ التوفيق للإيمان والهدايةَ للإسلام، (22) بيد الله وإليه، دونكم ودون سائر خلقه =" يؤتيه من يشاء " من خلقه، يعني: يعطيه من أراد من عباده، (23) تكذيبًا من الله عز وجل لهم في قولهم لتُبّاعهم: " لا يؤتى أحد مثل ما أوتيتم ". فقال الله عز وجل لنبيه صلى الله عليه وسلم: قل لهم: ليس ذلك إليكم، إنما هو إلى الله الذي بيده الأشياء كلها، وإليه الفضل، وبيده، يُعطيه من يشاء =" والله واسع عليم "، يعني: والله ذُو سعةٍ بفضله على من يشاء أن يتفضل عليه = (24) " عليم "، ذو علم بمن هو منهم للفضل أهل. (25)7255 - حدثني المثنى قال، حدثنا سويد بن نصر قال، أخبرنا ابن المبارك قراءةً، عن ابن جريج في قوله: " قل إنّ الفضل بيد الله يؤتيه من يشاء "، قال: الإسلام.--------------------الهوامش :(9) في المطبوعة: "لا من خالفه فلا تؤمنوا به" بزيادة"لا" وفي المخطوطة: "من خالفه فلا تؤمنوا به" ، والصواب زيادة الواو كما أثبت ، والصواب أيضًا"تؤمنوا له" ، وذاك تصحيف من الناسخ.(10) في المطبوعة: "اعترض به في وسط الكلام ، خبر من الله. . ." والصواب ما في المخطوطة كما أثبته.(11) في المطبوعة هنا أيضًا: "خبر عن قيل اليهود" برفع الخبر ، والصواب من المخطوطة.(12) انظر تفصيل هذه المقالة في معاني القرآن للفراء 1: 222-223.(13) في المطبوعة: "جميع هذا الكلام من الله لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم" ، وفي المخطوطة"جميع هذا الكلام من الله نبيه محمدًا صلى الله عليه وسلم" ، ولما رأى الناشر عبارة لا تستقيم ، اجتهد في إصلاحها ، والصواب القريب زيادة ما زدته بين القوسين ، سقط من الناسخ"أمر" لقرب رسمها مما بعدها وهو: "من". وقد استظهرته مما سيأتي في أول الفقرة التالية.(14) في المطبوعة: "أمر من الله لنبيه" زاد لامًا لا ضرورة لها. وانظر التعليق السالف.(15) الزيادة التي بين القوسين لا بد منها كما سترى في التعليق ص 516 ، تعليق: 3. وكان في المطبوعة"قل إن الهدى هدى الله ، معترض به" ، وهو لا يستقيم ، وفي المخطوطة مثله إلا أنه كتب"معترضًا به" بالنصب. والظاهر أن الناسخ لما بلغ"قل إن الهدى هدى الله" في الأثر السالف تخطى بصره إلى نظيرتها في كلام الطبري ، فكتب بعده: "معترضًا به" وأسقط ما بينهما كما سيتبين لك فيما بعد.(16) في المطبوعة: "اتبع دينكم" ، والصواب من المخطوطة.(17) في المطبوعة: "بمثل ما أوتيتم" زاد"باء" ، والصواب من المخطوطة.(18) موضع هذه النقط سقط ، لا أشك فيه ، وكان في المطبوعة: "أو أن يحاجكم عند ربكم أحد بإيمانكم" ، وهو غير مستقيم ، وكان في المخطوطة: "أو أن يحاجوكم عند ربكم أحد بإيمانكم" ، وهو كلام مختل ، حمل ناشر المطبوعة الأولى على تغييره ، كما رأيت. وظاهر أنه سقط من هذا الموضع ، سياق أبي جعفر لهذا التأويل الذي اختاره ، ورد فيه قوله تعالى: "قل إن الهدى هدى الله" ، إلى موضعها بعد قوله: "أو يحاجوكم به عند ربكم" ، كما هو بين من كلامه. وأنا أظن أن قوله: "أحد بايما لم" وهكذا كتبت في المخطوطة غير منقوطة ، صوابها"حسدا لما آتاكم" ، كما يستظهر من الآثار السالفة.هذا ، وإن شئت أن تجعل الكلام جاريًا كله مجرى واحدًا على هذا: "أو أن يحاجوكم عند ربكم ، حسدًا لما آتاكم ، لأنكم أكرم على الله منهم. . ." ، كان وجهًا ، غير أني لست أرتضيه ، بل أرجح أن هاهنا سقطًا لا شك فيه.(19) التباع جمع تابع ، مثل: "جاهل وجهال".(20) انظر تفسير"الهدى" فيما سلف 1: 166-170 ، 230 ، 249 ، 549-551 / 3: 101 ، 140 ، 141 ، 223 / 4: 283.(21) من ذكر الطبري اختياره ، تبين بلا ريب أن في صدر الكلام سقطًا ، كما أسلف في ص: 515 ، تعليق: 1 ، ولعل الزيادة التي أسلفتها ، قد نزلت منزلها من الصواب إن شاء الله.(22) انظر تفسير"الفضل" فيما سلف 2: 334 / 5: 571.(23) انظر تفسير: "آتى" فيما سلف 1: 574 / 2: 317 وفهارس اللغة.(24) انظر تفسير"واسع" فيما سلف 2: 537 / 5: 516 ، 575.(25) انظر تفسير"عليم" فيما سلف 1: 438 ، 496 / 2 ، 537 / 3 : 399 ، وفهارس اللغة.
یَّخْتَصُّ بِرَحْمَتِهٖ مَنْ یَّشَآءُؕ-وَ اللّٰهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِیْمِ(۷۴)
اپنی رحمت سے (ف۱۴۰) خاص کرتا ہے جسے چاہے (ف۱۴۱) اور اللہ بڑے فضل والا ہے،
القول في تأويل قوله : يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ (74)قال أبو جعفر: يعني بقوله: " يختص برحمته من يشاء "،" يفتعل " من قول القائل: " خصصت فلانًا بكذا، أخُصُّه به ". (26)* * *وأما " رحمته "، في هذا الموضع، فالإسلام والقرآن، مع النبوّة، كما:-7256 - حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم، عن عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: " يختص برحمته من يشاء "، قال: النبوّة، يخصُّ بها من يشاء.7257 - حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد مثله.7258 - حدثني المثنى قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا عبد الله بن أبي جعفر، عن أبيه، عن الربيع: " يختص برحمته من يشاء "، قال: يختص بالنبوة من يشاء.7259 - حدثني المثنى قال، حدثنا سويد قال، أخبرنا ابن المبارك قراءةً، عن ابن جريج: " يختص برحمته من يشاء "، قال: القرآن والإسلام.7260 - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج مثله.* * *=" والله ذو الفضل العظيم "، يقول: ذو فضل يتفضَّل به على من أحبّ وشاء من خلقه. ثم وصف فضله بالعِظَم فقال: " فضله عظيم "، لأنه غير مشبهه في عِظَم موقعه ممن أفضله عليه [فضلٌ] من إفضال خلقه، (27) ولا يقاربه في جلالة خطره ولا يُدانيه.-------------الهوامش :(26) انظر تفسير"يختص" فيما سلف أيضا 2: 471.(27) في المطبوعة: "غير مشبه... ممن أفضله عليه أفضال خلقه" ، وأما المخطوطة ففيها: " غير مشبهه... ممن أفضله عليه من أفضال خلقه" ، فرأيت أنه قد سقط من ناسخ المخطوطة ما زدته بين القوسين ليستقيم الكلام.
وَ مِنْ اَهْلِ الْكِتٰبِ مَنْ اِنْ تَاْمَنْهُ بِقِنْطَارٍ یُّؤَدِّهٖۤ اِلَیْكَۚ-وَ مِنْهُمْ مَّنْ اِنْ تَاْمَنْهُ بِدِیْنَارٍ لَّا یُؤَدِّهٖۤ اِلَیْكَ اِلَّا مَا دُمْتَ عَلَیْهِ قَآىٕمًاؕ-ذٰلِكَ بِاَنَّهُمْ قَالُوْا لَیْسَ عَلَیْنَا فِی الْاُمِّیّٖنَ سَبِیْلٌۚ-وَ یَقُوْلُوْنَ عَلَى اللّٰهِ الْكَذِبَ وَ هُمْ یَعْلَمُوْنَ(۷۵)
اور کتابیوں میں کوئی وہ ہے کہ اگر تو اس کے پاس ایک ڈھیر امانت رکھے تو وہ تجھے ادا کردے گا (ف۱۴۲) اور ان میں کوئی وہ ہے کہ اگر ایک اشرفی اس کے پاس امانت رکھے تو وہ تجھے پھیر کر نہ دے گا مگر جب تک تو اس کے سر پر کھڑا رہے (ف۱۴۳) یہ اس لئے کہ وہ کہتے ہیں کہ اَن پڑھوں (ف۱۴۴) کے معاملہ میں ہم پر کوئی مؤاخذہ نہیں اور اللہ پر جان بوجھ کر جھوٹ باندھتے ہیں(ف۱۴۵)
القول في تأويل قوله : وَمِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِقِنْطَارٍ يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ وَمِنْهُمْ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِدِينَارٍ لا يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ إِلا مَا دُمْتَ عَلَيْهِ قَائِمًاقال أبو جعفر: وهذا خبر من الله عز وجل: أنّ من أهل الكتاب - وهم اليهود من بني إسرائيل - أهلَ أمانة يؤدُّونها ولا يخونونها، ومنهم الخائن أمانته، الفاجرُ في يمينه المستحِلُّ. (28)* * *فإن قال قائل: وما وجه إخبار الله عز وجل بذلك نبيَّه صلى الله عليه وسلم، وقد علمتَ أنّ الناس لم يزالوا كذلك: منهم المؤدِّي أمانته والخائنُها؟قيل: إنما أراد جل وعز بإخباره المؤمنين خبرَهم - على ما بينه في كتابه بهذه الآيات - تحذيرَهم أن يأتمنوهم على أموالهم، (29) وتخويفهم الاغترارَ بهم، لاستحلال كثير منهم أموالَ المؤمنين.* * *فتأويل الكلام: ومن أهل الكتاب الذي إنْ تأمنه، يا محمد، على عظيم من المال كثير، يؤدِّه إليك ولا يخنْك فيه، ومنهم الذي إن تأمنه على دينار يخنْك فيه فلا يؤدِّه إليك، إلا أن تلح عليه بالتقاضي والمطالبة.* * *و " الباء " في قوله: " بدينار " و " على " يتعاقبان في هذا الموضع، كما يقال: " مررت به، ومررت عليه ". (30)* * *واختلف أهل التأويل في تأويل قوله: " إلا ما دمت عليه قائمًا ".فقال بعضهم: " إلا ما دمت له متقاضيًا ".ذكر من قال ذلك:7261 - حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة، قوله: " إلا ما دمت عليه قائمًا "، إلا ما طلبته واتبعته.7262 - حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر، عن قتادة في قوله: " إلا ما دمت عليه قائمًا "، قال: تقتضيه إياه.7263 - حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم، عن عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد في قوله: " إلا ما دمت عليه قائمًا "، قال: مواظبًا.7264 - حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد مثله.* * *وقال آخرون: معنى ذلك: " إلا ما دمتَ قائمًا على رأسه ". (31)ذكر من قال ذلك:7265 - حدثني محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن المفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي قوله: " إلا ما دمت عليه قائمًا "، يقول: يعترف بأمانته ما دمت قائمًا على رأسه، فإذا قمتَ ثم جئت تطلبهُ كافرك = (32) الذي يؤدِّي، والذي يجحد. (33)* * *قال أبو جعفر: وأولى القولين بتأويل الآية، قول من قال: " معنى ذلك: إلا ما دمت عليه قائمًا بالمطالبة والاقتضاء ". من قولهم: " قام فلان بحقي على فلان حتى استخرجه لي"، أي عمل في تخليصه، وسَعى في استخراجه منه حتى استخرجه. لأن الله عز وجل إنما وصفهم باستحلالهم أموال الأميين، وأنّ منهم من لا يقضي ما عليه إلا بالاقتضاء الشديد والمطالبة. وليس القيام على رأس الذي عليه الدين، بموجب له النقلة عما هو عليه من استحلال ما هو له مستحلّ، ولكن قد يكون - مع استحلاله الذهابَ بما عليه لربّ الحقّ - إلى استخراجه السبيلُ بالاقتضاء والمحاكمة والمخاصمة. (34) فذلك الاقتضاء، هو قيام ربِّ المال باستخراج حقه ممن هو عليه.* * *القول في تأويل قوله : ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لَيْسَ عَلَيْنَا فِي الأُمِّيِّينَ سَبِيلٌقال أبو جعفر: يعني بذلك جل ثناؤه: أنّ من استحلّ الخيانةَ من اليهود، وجحودَ حقوق العربيّ التي هي له عليه، فلم يؤدّ ما ائتمنه العربيُّ عليه إلا ما دامَ له متقاضيًا مطالبًا = من أجل أنه يقول: لا حرَج علينا فيما أصبنا من أموال العرب ولا إثم، لأنهم على غير الحق، وأنهم مشركون. (35)* * *واختلف أهل التأويل في تأويل ذلك، فقال بعضهم نحو قولنا فيه.ذكر من قال ذلك:7266 - حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة: " ذلك بأنهم قالوا ليس علينا في الأميين سبيل " الآية، قالت اليهود: ليس علينا فيما أصبنا من أموال العرب سبيلٌ.7267 - حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر، عن قتادة في قوله: " ليس علينا في الأميين سبيل "، قال: ليس علينا في المشركين سبيل = يعنون من ليس من أهل الكتاب.7268 - حدثنا محمد قال، حدثنا أحمد قال، حدثنا أسباط، عن السدي: " ذلك بأنهم قالوا ليس علينا في الأميين سبيل "، قال: يقال له: ما بالك لا تؤدِّي أمانتك؟ فيقول: ليس علينا حرج في أموال العرب، قد أحلَّها الله لنا! !7269 - حدثنا ابن حميد قال، حدثنا يعقوب القمي، عن جعفر، عن سعيد بن جبير: لما نزلت " وَمِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِقِنْطَارٍ يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ وَمِنْهُمْ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِدِينَارٍ لا يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ إِلا مَا دُمْتَ عَلَيْهِ قَائِمًا ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لَيْسَ عَلَيْنَا فِي الأُمِّيِّينَ سَبِيلٌ"، قال النبي صلى الله عليه وسلم: كذبَ أعداءُ الله، ما من شيء كان في الجاهلية إلا وهو تحت قدميّ، إلا الأمانة، فإنها مؤدّاةٌ إلى البر والفاجر. (36)7270- حدثني المثنى قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا هشام بن عبيد الله، عن يعقوب القمي، عن جعفر، عن سعيد بن جبير قال: لما قالت اليهود: " ليس علينا في الأميين سبيل "، يعنون أخذَ أموالهم، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم ذكر نحوه = إلا أنه قال: إلا وهو تحت قدميّ هاتين، إلا الأمانة، فإنها مؤدّاةٌ = ولم يزد على ذلك.7271 - حدثني محمد بن سعد قال، حدثني أبي قال، حدثني عمي قال، حدثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس: " ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لَيْسَ عَلَيْنَا فِي الأُمِّيِّينَ سَبِيلٌ"، وذلك أن أهل الكتاب كانوا يقولون: ليس علينا جناح فيما أصبنا من هؤلاء، لأنهم أمِّيُّون. فذلك قوله: (ليس علينا في الأميين سبيل)، إلى آخر الآية.* * *وقال آخرون في ذلك، ما:-7272 - حدثنا به القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج: " ذلك بأنهم قالوا ليس علينا في الأميين سبيل "، قال: بايع اليهودَ رجالٌ من المسلمين في الجاهلية، فلما أسلموا تقاضوهم ثمنَ بُيوعهم، فقالوا: ليس لكم علينا أمانةٌ، ولا قضاءَ لكم عندنا، لأنكم تركتم دينكم الذي كنتم عليه! قال: وادّعوا أنهم وجدوا ذلك في كتابهم، (37) فقال الله عز وجل: وَيَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ .7273 - حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبي قال، حدثنا سفيان، عن أبي إسحاق، عن صعصعة قال: قلت لابن عباس: إنا نغزو أهلَ الكتاب فنصيبُ من ثمارهم؟ قال: وتقولون كما قال أهلُ الكتاب: " ليس علينا في الأميين سبيل!! (38)7274 - حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر، عن أبي إسحاق الهمداني، عن صعصعة: أن رجلا سأل ابن عباس فقال: إنا نصيب في الغزْو = أو: [العذق]، الشك من الحسن = من أموال أهل الذمة الدجاجةَ والشاة، فقال ابن عباس: فتقولون ماذا؟ قال نقول: ليس علينا بذلك بأس! قال: هذا كما قال أهل الكتاب: " ليس علينا في الأميين سبيل "! إنهم إذا أدّوا الجزية لم تحلّ لكم أموالهم إلا بطيِب أنفسهم. (39)* * *القول في تأويل قوله : وَيَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ (75)قال أبو جعفر: يعني بذلك جل ثناؤه: إن القائلين منهم: " ليس علينا في أموال الأميين من العرب حَرَجٌ أن نختانهم إياه "، يقولون = بقيلهم إنّ الله أحل لنا ذلك، فلا حرجَ علينا في خيانتهم إياه، وترك قضائهم = (40) الكذبَ على الله عامدين الإثمَ بقيل الكذب على الله، إنه أحلّ ذلك لهم. وذلك قوله عز وجل: " وهم يعلمون "، كما:-7275 - حدثنا محمد قال، حدثنا أحمد قال، حدثنا أسباط، عن السدي: فيقول على الله الكذب وهو يعلم = يعني الذي يقول منهم - إذا قيل له: ما لك لا تؤدي أمانتك؟ -: ليس علينا حرج في أموال العرب، قد أحلها الله لنا!7276 - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال: حدثني حجاج، عن ابن جريج: " ويقولون على الله الكذب وهم يعلمون "، يعني: ادّعاءهم أنهم وجدُوا في كتابهم قولهم: لَيْسَ عَلَيْنَا فِي الأُمِّيِّينَ سَبِيلٌ .-------------------الهوامش :(28) لعل في المخطوطة سقطًا ، صوابه: "المستحل أموال الأميين من العرب" أو "المستحل أموال المؤمنين" ، كما يتبين من بقية تفسير الآية.(29) في المخطوطة: "أن نهوهم على أموالهم" غير منقوطة ، والذي قرأه الناشر الأول جيد وهو الصواب.(30) انظر ذلك فيما سلف 1: 313.(31) في المطبوعة: "إلا ما دمت عليه قائمًا" بزيادة"عليه" ، وهي فساد ، والصواب من المخطوطة.(32) كافره حقه: جحده حقه.(33) قوله: "الذي يؤدي ، والذي يجحد" بيان عن ذكر الفريقين اللذين ذكرا في الآية ، أي: هذا الذي يؤدي ، وهذا الذي يجحد.(34) سياق العبارة: "قد يكون... إلى استخراجه السبيل بالاقتضاء..." ، وما بينهما فصل.(35) انظر تفسير"الأمي" فيما سلف 2: 257- 259 / ثم 5: 442 في كلام الطبري نفسه / ثم 6: 281 / ثم الآثار رقم: 5827 ، 6774 ، 6775.(36) الأثر: 7269-"يعقوب بن عبد الله الأشعري القمي" ، و"جعفر" هو: "جعفر ابن أبي المغيرة الخزاعي القمي" ، مضيا في رقم: 617. قال أخي السيد أحمد في مثل هذا الإسناد سالفًا: "هو حديث مرفوع ، ولكنه مرسل ، لأن سعيد بن جبير تابعي ، وإسناده إليه إسناد جيد". وخرجه ابن كثير في تفسيره 2: 169 ، 170 من تفسير ابن أبي حاتم ، وخرجه في الدر المنثور 2: 44 ، ونسبه أيضًا لعبد بن حميد ، وابن المنذر.(37) في المطبوعة: "وادعوا..." ، أسقط"قال" ، وأثبتها من المخطوطة.(38) الأثر: 7273-"أبو إسحاق الهمداني" كما بين في الأثر التالي. و"صعصعة بن يزيد" ، ويقال"صعصعة بن زيد" ، وذكر البخاري الاختلاف في اسمه ، وأشار إلى رواية هذا الخبر. في الكبير 2 / 2 / 321 ، 322 ، وابن أبي حاتم 2 / 1 / 446. وانظر التعليق على الأثر التالي.(39) الأثر: 7274- هذا طريق آخر للأثر السالف ، وبلفظ غيره. ورواه أبو عبيد القاسم ابن سلام في كتاب الأموال (ص 149 ، رقم: 415) من طريق عبد الرحمن ، عن سفيان ، عن أبي إسحاق ، عن صعصعة ، بلفظ آخر. ورواه البيهقي في السنن 9: 198 من طريق"شعبة ، عن أبي إسحاق ، عن صعصعة ، قال قلت لابن عباس" ، بلفظ آخر غير كل ما سلف. وخرجه ابن كثير في تفسيره 2: 169 من تفسير عبد الرزاق وفيه"عن أبي صعصعة بن يزيد" وهو خطأ صوابه"صعصعة". وقال: "وكذا رواه الثوري عن أبي إسحاق بنحوه". وخرجه السيوطي في الدر المنثور 2: 4 ، ونسبه لابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم. وساقه الزمخشري في تفسير الآية ، بنص أبي جعفر ، والقرطبي 4: 118 ، 119 ، وأبو حيان في تفسيره من تفسير عبد الرزاق أيضًا 2: 501 ، وفي جميعها"إنا نصيب في الغزو" إلا القرطبي فإن فيه: "إنما نصيب في العمد" ، وأما البيهقي ففيه: "إنا نأتي القرية بالسواد فنستفتح الباب..." ، وفي الأموال: "إنا نسير في أرض أهل الذمة فنصيب منهم".وكان في أصل المخطوطة والمطبوعة من الطبري: "إنا نصيب في العرف ، أو العذق ، الشك من الحسن" ، ولم أجد ذلك في مكان ، وهو لا معنى له أيضًا. وقد أطبق كل من ذكرنا ممن نقل من تفسير عبد الرزاق بهذا الإسناد نفسه ، على عبارة واحدة هي"إنا نصيب في الغزو" ، فأثبتها كذلك ، أما ما شك فيه الحسن بن يحيى فقد وضعته بين قوسين ، وهو لا معنى له. وأرجح الظن عندي أنها"أو: الغزوة -الشك من الحسن" ، أو تكون: "أو: القرية- الشك من الحسن".(40) قوله: "الكذب" مفعول"يقولون" ، وما بينهما فصل.
بَلٰى مَنْ اَوْفٰى بِعَهْدِهٖ وَ اتَّقٰى فَاِنَّ اللّٰهَ یُحِبُّ الْمُتَّقِیْنَ(۷۶)
ہاں کیوں نہیں جس نے اپنا عہد پورا کیا اور پرہیزگاری کی اور بیشک پرہیزگار اللہ کو خوش آتے ہیں،
القول في تأويل قوله : بَلَى مَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ وَاتَّقَى فَإِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ (76)قال أبو جعفر: وهذا إخبار من الله عز وجل عمَّا لمنْ أدَّى أمانته إلى من ائتمنه عليها اتقاءَ الله ومراقبتَه، عنده. (41) فقال جل ثناؤه: ليس الأمر كما يقول هؤلاء الكاذبون على الله من اليهود، من أنه ليس عليهم في أموَال الأميين حرج ولا إثم، ثمّ قال: بلى، ولكن من أوفى بعهده واتقى - يعني: ولكن الذي أوفى بعهده، وذلك وصيته إياهم التي أوصاهم بها في التوراة، من الإيمان بمحمد صلى الله عليه وسلم وما جاءهم به. (42)* * *و " الهاء " في قوله: " من أوفى بعهده "، عائدة على اسم " الله " في قوله: وَيَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ .* * *يقول: بلى من أوفى بعهد الله الذي عاهده في كتابه، فآمن بمحمد صلى الله عليه وسلم وصَدّق به وبما جاء به من الله، من أداء الأمانة إلى من ائتمنه عليها، وغير ذلك من أمر الله ونهيه =" واتقى "، يقول: واتقى ما نهاه الله عنه من الكفر به، وسائر معاصيه التي حرّمها عليه، فاجتنبَ ذلك مراقبةَ وعيد الله وخوفَ عقابه =" فإنّ الله يحبّ المتقين "، يعني: فإن الله يحب الذين يتقونه فيخافون عقابه ويحذرون عذابه، فيجتنبون ما نهاهم عنه وحرّمه عليهم، ويطيعونه فيما أمرهم به.* * *وقد روى عن ابن عباس أنه كان يقول: هو اتقاء الشرك.7277 - حدثني المثنى قال، حدثنا عبد الله بن صالح قال، حدثنا معاوية، عن علي، عن ابن عباس قوله: " بلى من أوفى بعهده واتقى " يقول: اتقى الشرك =" فإنّ الله يحب المتقين "، يقول: الذين يتقون الشرك.* * *وقد بينا اختلافَ أهل التأويل في ذلك والصوابَ من القول فيه، بالأدلة الدّالة عليه، فيما مضى من كتابنا، بما فيه الكفاية عن إعادته. (43)-----------------------------الهوامش :(41) في المطبوعة: "هذا إخبار من الله عز وجل عمن أدى أمانته إلى من ائتمنه عليها اتقاء الله ومراقبته وعيده" ، والذي أثبت هو نص المخطوطة ، وهو الصواب المحض. والسياق: "وهذا إخبار من الله... عما لمن أدى أمانته... عنده". وقوله: "واتقاء الله ومراقبته" على النصب فيهما ، مفعول لأجله.(42) انظر بيان معنى"أوفى" فيما سلف 1: 557-559 / 3: 348. وانظر تفسير"العهد" فيما سلف 1: 410-414 ، ثم 557-559 / 3: 20-24 ، 348 ، 349.(43) انظر تفسير"اتقى" و"التقوى" فيما سلف 1: 232 ، 233 ، 364 / 2: 181 ، 457 / 4: 162 ، 244 ، 425 ، 426 / ثم 6: 261.
اِنَّ الَّذِیْنَ یَشْتَرُوْنَ بِعَهْدِ اللّٰهِ وَ اَیْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِیْلًا اُولٰٓىٕكَ لَا خَلَاقَ لَهُمْ فِی الْاٰخِرَةِ وَ لَا یُكَلِّمُهُمُ اللّٰهُ وَ لَا یَنْظُرُ اِلَیْهِمْ یَوْمَ الْقِیٰمَةِ وَ لَا یُزَكِّیْهِمْ۪-وَ لَهُمْ عَذَابٌ اَلِیْمٌ(۷۷)
جو اللہ کے عہد اور اپنی قسموں کے بدلے ذلیل دام لیتے ہیں (ف۱۴۶) آخرت میں ان کا کچھ حصہ نہیں اور اللہ نہ ان سے بات کرے نہ ان کی طرف نظر فرمائے قیامت کے دن اور نہ انہیں پاک کرے، اور ان کے لئے دردناک عذاب ہے (ف۱۴۷)
القول في تأويل قوله : إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلا أُولَئِكَ لا خَلاقَ لَهُمْ فِي الآخِرَةِ وَلا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ وَلا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (77)قال أبو جعفر: يعني بذلك جل ثناؤه: إنّ الذين يستبدلون - بتركهم عهد الله الذي عهد إليهم، ووصيته التي أوصاهم بها في الكتب التي أنزلها الله إلى أنبيائه، باتباع محمد وتصديقه والإقرار به وما جاء به من عند الله - وبأيمانهم الكاذبة التي يستحلون بها ما حرّم الله عليهم من أموال الناس التي ائتمنوا عليها (44) =" ثمنًا "، يعني عوضًا وبدلا خسيسًا من عرض الدنيا وحُطامها (45) =" أولئك لا خلاق لهم في الآخرة "، يقول: فإن الذين يفعلون ذلك لا حظ لهم في خيرات الآخرة، ولا نصيب لهم من نعيم الجنة وما أعدّ الله لأهلها فيها دون غيرهم. (46)* * *وقد بينا اختلاف أهل التأويل فيما مضى في معنى " الخلاق "، ودللنا على أولى أقوالهم في ذلك بالصواب، بما فيه الكفاية. (47)* * *وأما قوله: " ولا يكلمهم الله "، فإنه يعني: ولا يكلمهم الله بما يسرُّهم =" ولا ينظر إليهم "، يقول: ولا يعطف عليهم بخير، مقتًا من الله لهم، كقول القائل لآخر: " انظُر إليّ نَظر الله إليك "، بمعنى: تعطف عليّ تعطّف الله عليك بخير ورحمة = وكما يقال للرجل: " لا سمع الله لك دعاءَك "، يراد: لا استجاب الله لك، والله لا يخفى عليه خافية، وكما قال الشاعر: (48)دَعَوْتُ اللهَ حَتى خِفْتُ أَنْ لايَكْونَ اللهُ يَسْمَعُ مَا أَقُولُ (49)* * *وقوله " ولا يُزكيهم "، يعني: ولا يطهرهم من دَنس ذنوبهم وكفرهم =" ولهم عذاب أليم "، يعني: ولهم عذابٌ موجع. (50)* * *واختلف أهل التأويل في السبب الذي من أجله أنزلت هذه الآية، ومن عني بها.فقال بعضهم نزلت في أحبار من أحبار اليهود.ذكر من قال ذلك:7278 - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج، عن عكرمة قال: نزلت هذه الآية: " إن الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمنًا قليلا "، في أبي رافع، وكنانة بن أبي الحقيق، وكعب بن الأشرف، وحُييّ بن أخطب.* * *وقال آخرون: بل نزلت في الأشعث بن قيس وخصم له.ذكر من قال ذلك:7279 - حدثني أبو السائب سلم بن جنادة قال، حدثنا أبو معاوية، عن الأعمش، عن أبي وائل، عن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من حَلف على يمين هو فيها فاجرٌ ليقتطع بها مالَ امرئ مسلم، لقيَ اللهَ وهو عليه غضبان = فقال الأشعث بن قيس: فيّ والله كان ذلك: كان بيني وبين رجل من اليهود أرضٌ فجحدني، فقدّمته إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: ألك بيِّنة؟ قلت: لا! فقال لليهودي: " احلفْ. قلت: يا رسول الله، إذًا يحلف فيذهبَ مالي! فأنزل الله عز وجل: " إنّ الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمنًا قليلا " الآية. (51)7280 - حدثنا مجاهد بن موسى قال، حدثنا يزيد بن هارون قال، أخبرنا جرير بن حازم، عن عدي بن عدي، عن رجاء بن حيوة والعُرس أنهما حدثاه، عن أبيه عدي بن عميرة قال: كان بين امرئ القيس ورجل من حضرموت خصومةٌ، فارتفعا إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال للحضرمي: " بيِّنَتَك، وإلا فيمينه ". قال: يا رسول الله، إن حلف ذهب بأرضي! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من حلف على يمين كاذبة ليقتطع بها حقّ أخيه ، لقي الله وهو عليه غضبان. فقال امرؤ القيس: يا رسول الله، فما لمن تركها، وهو يعلم أنها حقّ؟ قال: الجنة. قال: فإني أشهدك أني قد تركتها = قال جرير: فكنت مع أيوب السختياني حين سمعنا هذا الحديث من عدي، فقال أيوب: إنّ عديًّا قال في حديث العُرْس بن عميرة: فنزلت هذه الآية: " إن الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمنًا قليلا " إلى آخر الآية = قال جرير: ولم أحفظ يومئذ من عدي. (52)7281 - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج، قال: قال آخرون: إن الأشعث بن قيس اختصم هو ورجلٌ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في أرض كانت في يده لذلك الرجل، أخذها لتعزُّزه في الجاهلية، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: " أقم بينتك. قال الرجل: ليس يشهد لي أحدٌ على الأشعث! قال: فلك يمينه. فقام الأشعث ليحلف، فأنزل الله عز وجل هذه الآية، فنكلَ الأشعَث وقال: إني أشهد الله وأشهدكم أنّ خصمي صادق. فرد إليه أرضَه، وزاده من أرض نفسه زيادةً كثيرةً، مخافة أن يبقى في يده شيء من حقه، فهي لعقب ذلك الرجل بعده. (53)7282 - حدثنا ابن حميد قال، حدثنا جرير، عن منصور، عن شقيق، عن عبد الله قال: من حلف على يمين يستحقّ بها مالا هو فيها فاجرٌ، لقي الله وهو عليه غضبان، ثم أنزل الله تصديق ذلك: " إنّ الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمنًا قليلا " الآية. ثم إن الأشعث بن قيس خَرَج إلينا فقال: ما حدثكم أبو عبد الرحمن؟ فحدثناه بما قال، فقال: صَدَق، لفيَّ أنزلت! كانت بيني وبين رجل خصومة في بئر، فاختصمنا إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: " شاهداك أو يمينه. فقلت: إذًا يحلف ولا يُبالي! فقال النبي صلى الله عليه وسلم: " من حلف على يمين يستحقّ بها مالا هو فيها فاجرٌ، لقي الله وهو عليه غضبان "، ثم أنزل الله عز وجل تصديقَ ذلك: " إنّ الذين يشترُون بعهد الله وأيمانهم ثمنًا قليلا "، الآية. (54)* * *وقال آخرون بما:-7283 - حدثنا به محمد بن المثنى قال: حدثنا عبد الوهاب قال، أخبرني داود بن أبي هند، عن عامر: أنّ رجلا أقام سِلعته أوّل النهار، فلما كان آخرُه جاء رجل يساومه، فحلفَ لقد منعها أوّل النهار من كذا وكذا، ولولا المساء ما باعها به، فأنزل الله عز وجل: " إن الذي يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمنًا قليلا " .7284 - حدثنا ابن المثنى قال: حدثنا عبد الأعلى قال، حدثنا داود، عن رجل، عن مجاهد نحوه.7285 - حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة: (إنّ الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمنًا قليلا) الآية، إلى: " ولهم عذاب أليم "، أنزلهم الله بمنزلة السَّحَرة.7286 - حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة: أن عمران بن حصين كان يقول: من حَلفَ على يمين فاجرة يقتطع بها مالَ أخيه، فليتبوَّأ مقعده من النار. فقال له قائل: شيءٌ سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال لهم: إنكم لتجدون ذلك. ثم قرأ هذه الآية: " إنّ الذين يشترُون بعهد الله وأيمانهم ثمنًا قليلا " الآية. (55)7287 - حدثني موسى بن عبد الرحمن المسروقي قال، حدثنا حسين بن علي، عن زائدة، عن هشام قال، قال محمد، عن عمران بن حصين: من حلف على يمين مَصْبورَة فليتبوّأ بوجهه مقعده من النار. ثم قرأ هذه الآية كلها: " إن الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمنًا قليلا ". (56)7288 - حدثنا ابن حميد قال، حدثنا ابن المبارك، عن معمر، عن الزهري، عن سعيد بن المسيب قال: إن اليمين الفاجرة من الكبائر. ثم تلا " إنّ الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمنًا قليلا ".7289 - حدثنا بشر قال: حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة، أن عبد الله بن مسعود كان يقول: كنا نَرى ونحن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم أنّ من الذنب الذي لا يُغفر: يمين الصَّبر، إذا فجر فيها صاحبها. (57)* * *------------------------الهوامش :(44) سياق الجملة: "إن الذين يستبدلون بتركهم عهد الله... وبأيمانهم الكاذبة... ثمنًا...(45) انظر تفسير"اشترى" فيما سلف 1: 311-315 ، 565 / 2: 316 ، 317 ثم 341 ، 342 ، ثم 452 / 3: 328.وانظر تفسير"ثمنًا قليلا" فيما سلف 2: 565 / 3: 328.(46) في المخطوطة والمطبوعة: "دون غيرها" ، والسياق يقتضي ما أثبت.(47) انظر ما سلف 2: 452-454 / 4: 201-203.(48) هو شمير بن الحارث الضبي ، ويقال"سمير" بالمهملة ، مصغرًا- وهو جاهلي.(49) نوادر أبي زيد: 124 ، والخزانة 2: 363 ، واللسان (سمع) ، وبعده:لِيَحْمِلَني عَلَى فَرَسٍ, فَإِنِّيضَعِيفُ المَشْيِ, لِلأَدْنَى حَمُولُو"يسمع ما أقول" ، يستجيب ، كقولنا: "سمع الله لمن حمده".(50) انظر تفسير"التزكية" فيما سلف 1: 573 ، 574 / 3: 88 / 5: 29 = و"أليم" 1: 283 / 2 : 140 ، 377 ، 469 ، 540 / 3: 330 ، وغيرها ، فاطلبه في فهارس اللغة.(51) الحديث: 7279- أبو وائل: هو شقيق بن سلمة الأسدي.وهذا الحديث في الحقيقة حديثان: أوله من حديث عبد الله بن مسعود ، وآخره في سبب نزول الآية من حديث الأشعث بن قيس.والأشعث بن قيس بن معد يكرب الكندي ، صحابي معروف.والحديث رواه أحمد: 3597 ، 4049 ، عن أبي معاوية ، عن الأعمش ، بهذا الإسناد.ثم رواه بالإسناد نفسه ، في مسند"الأشعث بن قيس" ، ج 5 ص 211 (حلبي).وكذلك رواه البخاري 5: 53 ، 206 (فتح الباري) ، من طريق أبي معاوية.ورواه مسلم 1: 49-50 ، من طريق أبي معاوية ووكيع - كلاهما عن الأعمش.ورواه أحمد مختصرًا ، عن ابن مسعود وحده ، من أوجه أخر: 3576 ، 3946 ، 4212.ورواه أيضًا ، مختصرًا ومطولا ، في مسند الأشعث بن قيس ، من ثلاثة أوجه أخر ، ج 5 ص 211-212 (حلبي).وكذلك رواه البخاري من أوجه ، مختصرًا ومطولا ، في مواضع غير الموضعين السابقين 5: 25 ، 207 ، 211 ، و 11: 473 ، 485-490 (وهنا شرحه الحافظ شرحًا وافيًا) ، و 13: 156 ، 364.ورواه مسلم من وجهين أيضًا 1: 50.وذكره ابن كثير 2: 172: 173 ، من رواية المسند عن أبي معاوية ، ثم ذكره من روايته الأخيرة في مسند الأشعث بن قيس.وذكره السيوطي 2: 44 ، وزاد نسبته لعبد الرزاق ، وسعيد بن منصور ، وعبد بن حميد ، وأبي داود ، والترمذي ، والنسائي ، وابن ماجه ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، والبيهقي في الشعب.وسيأتي أيضًا: 7282 ، من رواية منصور ، عن شقيق ، وهو أبو وائل ، به ، نحوه.(52) الحديث: 7280- عدي بن عدي بن عميرة الكندي: تابعي ثقة معروف ، قال البخاري في الكبير 4 / 1 / 44: "سيد أهل الجزيرة". وهو يروي عن أبيه ، ولكنه روى عنه هنا بواسطة عمه العرس بن عميرة ورجاء بن حيوة.رجاء بن حيوة - بفتح الحاء المهملة والواو بينهما تحتية ساكنة: تابعي ثقة كثير العلم والحديث. وهو من رهط امرئ القيس بن عابس الكندي صاحب هذه الحادثة. جدهما الأعلى: "امرؤ القيس ابن عمرو بن معاوية الأكرمين الكندي".العرس - بضم العين المهملة وسكون الراء وآخره سين مهملة: هو ابن عميرة الكندي ، وهو صحابي ، جزم البخاري بصحبته ، وروى له حديثًا في الكبير 4 / 1 / 87. وهو أخو عدي بن عميرة ، وعم عدي ابن عدي.عدي بن عميرة بن فروة الكندي: صحابي معروف ، يكنى"أبا زرارة" ، له أحاديث في صحيح مسلم ، كما قال الحافظ في الإصابة.و"عميرة": بفتح العين وكسر الميم ، كما نص عليه في المشتبه للذهبي وغيره. وضبط في طبقات ابن سعد 6: 36 بضمة فوق العين. وهو خطأ صرف ، فإن اسم"عميرة" بالضم - من أسماء النساء. وضبط في الطبقات على الصواب في ترجمة أخرى لعدي 7 / 2 / 176.ووقع في المخطوطة هنا"عدي بن عمير" و"العرس بن عمير" - بدون هاء في آخره فيهما. وهو خطأ.والحديث رواه أحمد في المسند 4: 191-192 (حلبي) ، عن يحيى بن سعيد ، عن جرير ابن حازم ، بهذا الإسناد ، نحوه.ثم رواه ، ص: 192 ، عن يزيد ، وهو ابن هارون ، "حدثنا جرير بن حازم" ، بهذا الإسناد. ولم يذكر لفظ الحديث كله. ووقع في نسخة المسند المطبوعة في هذا الموضع سقط قول أحمد: "حدثنا يزيد" ، وهو خطأ واضح. وثبت على الصواب في مخطوطة المسند المرموز لها بحرف"م".وذكره ابن كثير 2: 172 ، من رواية المسند الأولى ، ثم قال: "ورواه النسائي ، من حديث عدي بن عدي ، به" ، وهو يريد بذلك السنن الكبرى ، فإنه ليس في السنن الصغرى.ولذلك ذكره الهيثمي في مجمع الزوائد 4: 178 ، وقال: "رواه أحمد ، والطبراني في الكبير ، ورجالهما ثقات".وهو في الدر المنثور 2: 44 ، وزاد نسبته لعبد بن حميد ، وابن المنذر ، والبيهقي في الشعب ، وابن عساكر.(53) الحديث: 7281- هذا حديث مرسل ، لم يذكر ابن جريج من حدثه به. فهو ضعيف الإسناد.وقول ابن جريج"قال آخرون" - هو ثابت في المخطوطة والمطبوعة. ولم يذكره السيوطي ، فلعله اختصره.ومعناه أن ابن جريج كان يتحدث في شأن نزول الآية ، والظاهر أنه تحدث بخبر قبل هذا ، ثم قال: "وقال آخرون" - فذكر هذا الحديث. ولعله ذكر الآية الماضية: 7279- ، أو الآتية: 7282 ، أو نحو ذلك ، ثم أتى بروايته هذه المرسلة.وهي ضعيفة الإسناد كما قلنا لإرسالها. ثم هي ضعيفة لما فيها من منافاة لتينك الروايتين الصحيحتين:أن الخصومة كانت بين الأشعث ورجل يهودي ، وأن اليهودي كان المدعى عليه الذي عليه اليمين ، وأن الأشعث قال: "إذن يحلف". فهي ضعيفة الإسناد ، ضعيفة السياق.وهذه الرواية ذكرها السيوطي 2: 44 ، ولم ينسبها لغير الطبري.وقوله: "فقام الأشعث ليحلف" - هذا هو الثابت في المطبوعة ، وهو الصواب إن شاء الله. وفي المخطوطة: "فحلف" ، وهو خطأ ، يدل على غلطه قوله بعد"فنكل". والنكول إنما يكون عند عرض اليمين أو الهم بالحلف. أما بعد الحلف فلا يكون نكول ، بل رجوع إلى الحق ، أو إقرار به ، ولا يسمى نكولا. وفي الدر المنثور: "فقال الأشعث: نحلف" - والظاهر أنه تصحيف.(54) الحديث: 7282- جرير: هو ابن عبد الحميد الضبي. ومنصور: هو ابن المعتمر. وشقيق: هو أبو وائل.وهذا الحديث هو الحديث السابق: 7279 ، بنحوه. ذاك من رواية الأعمش عن أبي وائل ، وهذا من رواية منصور عن أبي وائل. وقد بينا تخريجه هناك.ونذكر هنا أن من روايات البخاري إياه ، روايته في 5: 207 (فتح) ، عن عثمان بن أبي شيبة ، عن جرير بهذا الإسناد.وكذلك رواه مسلم 1: 50 ، عن إسحاق بن إبراهيم -وهو ابن راهويه- عن جرير ، به ، ولم يذكر لفظه.ورواه أحمد في المسند 5: 211 (حلبي) ، عن زياد البكائي عن منصور.ورواه البخاري 11: 473 ، من طريق شعبة ، عن سليمان - وهو الأعمش - ومنصور ، كلاهما عن أبي وائل.ورواه أيضًا 13: 156 ، من طريق سفيان ، وهو الثوري عن منصور.(55) الحديث: 7286- هذا إسناد مرسل ، قتادة -وهو ابن دعامة-: لم يدرك عمران ابن حصين ، مات عمران سنة 52 ، وولد قتادة سنة 61.وسيأتي الحديث عقب هذا بإسناد آخر متصل.(56) الحديث: 7287- موسى بن عبد الرحمن المسروقي ، وحسين بن علي الجعفي: ترجمنا لهما فيما مضى: 174.زائدة: هو ابن قدامة الثقفي ، مضى في: 4897.هشام: هو ابن حسان.محمد: هو ابن سيرين. ووقع هنا في المخطوطة والمطبوعة: "قال محمد بن عمران بن حصين"! وهو خطأ صرف ، حرفت كلمة"عن" إلى"بن". والصواب ما أثبتنا: "محمد ، عن عمران بن حصين". وهكذا مخرج الحديث ، كما سيأتي.وهذا الحديث ظاهره هنا أنه موقوف. ولكنه في الحقيقة مرفوع ، حتى لو كان موقوفًا لفظًا ، فإنه - على اليقين- مرفوع حكمًا ، لأن الوعيد الذي فيه ليس مما يعرف بالرأي ولا القياس ، ولا مما يدرك بالاستنباط من القرآن. ثم قد ثبت رفعه صريحًا ، من هذا الوجه:فرواه أحمد في المسند 4: 436 ، 441 ، عن يزيد ، وهو ابن هارون: "أخبرنا هشام ، عن محمد ، عن عمران بن حصين ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، قال: "من حلف على يمين كاذبة مصبورة متعمدًا فليتبوأ بوجهه مقعده من النار". ولم يذكر فيه الاستشهاد بالآية.وكذلك رواه أبو داود: 3242 ، عن محمد بن الصباح البزاز ، عن يزيد بن هارون به ، نحوه.وكذلك رواه الحاكم في المستدرك 4: 294 ، من طريق يزيد بن هارون ، به. وقال: "هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ، ولم يخرجاه". ووافقه الذهبي.وذكره المنذري في الترغيب والترهيب 3: 47 ، من رواية أبي داود والحاكم.وذكره السيوطي 2: 46 ، بنحو رواية الطبري هنا: موقوفًا لفظًا مع الاستشهاد بالآية - ونسبه لعبد الرزاق ، وعبد بن حميد ، وأبي داود ، وابن جرير ، والحاكم ، مع اختلاف السياق بين الروايتين ، كما هو ظاهر. وذلك منه دلالة على أنه لا فرق بين رفعه ووقفه لفظًا ، إذ كان مرفوعًا حكمًا ولا بد."اليمين المصبورة" و"يمين الصبر" - قال القاضي عياض في المشارق 2: 38"من الحبس والقهر" ، بمعنى"إلزامها والإجبار عليها".وقال الخطابي في معالم السنن ، رقم: 3115 من تهذيب السنن: "اليمين المصبورة ، هي اللازمة لصاحبها من جهة الحكم ، فيصبر من أجلها ، أي يحبس. وهي يمين الصبر ، وأصل الصبر: الحبس. ومن هذا قولهم: قتل فلان صبرًا ، أي حبسًا على القتل وقهرًا عليه".(57) الحديث: 7289- هذا إسناد مرسل. فإن قتادة لم يدرك ابن مسعود. ولد بعد موته بنحو 29 سنة.والحديث لم أجده إلا عند السيوطي 2: 46 ونسبه لابن جرير فقط.
وَ اِنَّ مِنْهُمْ لَفَرِیْقًا یَّلْوٗنَ اَلْسِنَتَهُمْ بِالْكِتٰبِ لِتَحْسَبُوْهُ مِنَ الْكِتٰبِ وَ مَا هُوَ مِنَ الْكِتٰبِۚ-وَ یَقُوْلُوْنَ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللّٰهِ وَ مَا هُوَ مِنْ عِنْدِ اللّٰهِۚ-وَ یَقُوْلُوْنَ عَلَى اللّٰهِ الْكَذِبَ وَ هُمْ یَعْلَمُوْنَ(۷۸)
اور ان میں کچھ وہ ہیں جو زبان پھیر کر کتاب میں میل (ملاوٹ) کرتے ہیں کہ تم سمجھو یہ بھی کتاب میں ہے اور وہ کتاب میں نہیں، اور وہ کہتے ہیں یہ اللہ کے پاس سے ہے اور وہ اللہ کے پاس سے نہیں، اور اللہ پر دیدہ و دانستہ جھوٹ باندھتے ہیں (ف۱۴۸)
القول في تأويل قوله : وَإِنَّ مِنْهُمْ لَفَرِيقًا يَلْوُونَ أَلْسِنَتَهُمْ بِالْكِتَابِ لِتَحْسَبُوهُ مِنَ الْكِتَابِ وَمَا هُوَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَقُولُونَ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَمَا هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَيَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ (78)قال أبو جعفر: يعني بذلك جل ثناؤه: وإنّ من أهل الكتاب = وهم اليهود الذين كانوا حَوالي مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم على عهده، من بني إسرائيل.* * *و " الهاء والميم " في قوله: " منهم "، عائدة على أَهْلِ الْكِتَابِ الذين ذكرهم في قوله: وَمِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِقِنْطَارٍ يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ .وقوله =" لفريقًا "، يعني: جماعة (1) =" يلوون "، يعني: يحرِّفون =" ألسنتهم بالكتاب لتحسبوه من الكتاب "، يعني: لتظنوا أن الذي يحرّفونه بكلامهم من كتاب الله وتنزيله. (2) يقول الله عز وجل: وما ذلك الذي لوَوْا به ألسنتهم فحرّفوه وأحدثوه من كتاب الله، (3) ويزعمون أن ما لووا به ألسنتهم من التحريف والكذب والباطل فألحقوه في كتاب الله =" من عند الله "، يقول: مما أنزله الله على أنبيائه =" وما هو من عند الله "، يقول: وما ذلك الذي لووا به ألسنتهم فأحدثوه، مما أنزله الله إلى أحد من أنبيائه، ولكنه مما أحدثوه من قِبَل أنفسهم افتراء على الله.= يقول عز وجل: " ويقولون على الله الكذب وهم يعلمون "، يعني بذلك: أنهم يتعمدون قِيلَ الكذب على الله، والشهادة عليه بالباطل، والإلحاقَ بكتاب الله ما ليس منه، طلبًا للرياسة والخسيس من حُطام الدنيا.* * *وبنحو ما قلنا في معنى " يلوون ألسنتهم بالكتاب "، قال أهل التأويل.ذكر من قال ذلك:7290 - حدثنا محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم، عن عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: " وإن منهم لفريقًا يلوون ألسنتهم بالكتاب "، قال: يحرفونه.7291- حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد مثله.7292 - حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة: " وإن منهم لفريقًا يلوون ألسنتهم بالكتاب "، حتى بلغ: " وهم يعلمون "، هم أعداء الله اليهود، حرَّفوا كتابَ الله، وابتدعوا فيه، وزعموا أنه من عند الله.7293 - حدثني المثنى قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا عبد الله بن أبي جعفر، عن أبيه، عن الربيع مثله.7294 - حدثني محمد بن سعد قال، حدثني أبي قال، حدثني عمي قال، حدثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله: " وإن منهم لفريقًا يلوون ألسنتهم بالكتاب لتحسبوه من الكتاب "، وهم اليهود، كانوا يزيدون في كتاب الله ما لم ينزل اللهُ.7295 - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج: " وإن منهم لفريقًا يلوونَ ألسنتهم بالكتاب "، قال: فريقٌ من أهل الكتاب =" يلوون ألسنتهم "، وذلك تحريفهم إياه عن موضعه.* * *قال أبو جعفر: وأصل " الليّ"، الفَتْل والقلب. من قول القائل: " لوَى فلانٌ يدَ فلان "، إذا فَتلها وقَلبها، ومنه قول الشاعر: (4)لَوَى يَدَهُ اللهُ الَّذِي هُوَ غَالِبُهْ (5)يقال منه: " لوى يدَه ولسانه يلوي ليًّا " =" وما لوى ظهر فلان أحد "، إذا لم يصرعه أحدٌ، ولم يَفتل ظهره إنسان =" وإنه لألوَى بعيدُ المستمر "، إذا كان شديد الخصومة، صابرًا عليها، لا يُغلب فيها، قال الشاعر: (6)فَلَوْ كَانَ فِي لَيْلَى شَدًا مِنْ خُصُومَةٍلَلَوَّيْتُ أَعْنَاقَ الخُصُومِ المَلاوِيَا (7)----------------------------الهوامش :(1) انظر تفسير"فريق" فيما سلف 2: 244 ، 245 ، ثم 402 / 3: 549.(2) في المطبوعة"لكلامهم" باللام ، ولم يحسن قراءة المخطوطة.(3) قوله: "وما ذلك. . . من كتاب الله": ليس ذلك. . . من كتاب الله ، هذا هو السياق.(4) هو فرعان بن الأعرف السعدي التميمي ، ويقال: فرعان بن أصبح بن الأعرف.(5) كتاب العققة لأبي عبيدة (نوادر المخطوطات: 7) ص: 360 ، الحماسة 3: 10 ، معجم الشعراء: 317 ، العيني بهامش الخزانة 2: 398 ، واللسان (لوى) وسيأتي بتمامه في التفسير 15: 160 (بولاق) ، وغيرها ، أبيات يقولها فرعان بن الأعرف في ابنه منازل ، وكان عق أباه وضربه ، لأنه تزوج على أمه امرأة شابة ، فغضب لأمه ، ثم استاق مال أبيه واعتزل مع أمه ، فقال فيه:جَزَتْ رَحِمٌ بَيْني وَبَيْنَ مُنَازِلٍجَزَاءً, كَمَا يَسْتَنْزِلُ الدَّيْنَ طالِبُهْوَمَا كُنْتُ أَخْشَى أنْ يَكُونَ منازلٌعَدُوّي, وَأَدْنَى شَانِئٍ أَنَا رَاهِبُهْحَمَلْتُ عَلَى ظَهْرِي, وفَدَّيْتُ صَاحِبيصَغِيرًا, إلَى أَنْ أَمْكَنَ الطَّرَّ شَارِبُهْوَأَطْعَمْتُه, حَتَّى إِذَا صَارَ شَيْظَمًايَكادُ يُسَاوِي غَارِبَ الفَحْلِ غَارِبُهْتَخَوّنَ مالِي ظَالِمًا, وَلَوَى يَدِي!لَوَى يَدَه اللهُ الَّذِي هُو غَالِبُهْمن أبيات كثيرة ، فيقال: إن منازلا ، أصبح وقد لوى الله يده. ثم ابتلاه الله بابن آخر عقه كما عق أباه ، واستاق ماله ، فقال فيه:تَظَلَّمَنِي مَالِي خَليجٌ وعَقَّنِيعَلَى حِينَ كَانَتْ كالحَنيِّ عظاميفي أبيات. وقد أتم البيت أبو جعفر في التفسير بعد ، وصدره هناك: "تظلمني مالي كذا ، ولوى يدي". وهي إحدى الروايات فيه.(6) هو مجنون بني عامر.(7) ليس في ديوانه ، وهو في الأغاني 2: 38 ، مع أبيات ، واللسان (شدا) ، (شذا) ، (لوى) ، وغيرها ، وقبله:يَقُولُ أُنَاسٌ: عَلَّ مَجْنُونَ عَامِرٍيَرُومُ سُلُوًّا! قُلْتُ: إِنِّي لِمَا بِيَاوَقَدْ لاَمَنِي في حُبِّ لَيْلَى أَقَارِبِيأَخِي, وَابْنُ عَمِّي, وَابنُ خَالِي, وَخَالِيَايَقُولُونَ: لَيْلَى أَهْلُ بَيْتِ عَدَاوة!!بِنَفْسِي لَيْلَى من عَدُوٍّ ومَالِيَاورواية اللسان وغيره: "أعناق المطى" ، ورواية صاحب الأغاني"أعناق الخصوم" كما رواها أبو جعفر ، ولكن من سوء صنيع ناشري الأغاني أنهم خالفوا أصول الأغاني جميعًا ، لرواية أخرى ، مع صحة الرواية التي طرحوها ، وهي رواية أبي جعفر وأبي الفرج ، وقوله: "شدًا من خصومة" ، ويروى"شذًا من خصومة". والشذا: حد كل شيء. ومن معانيه أيضًا طرف من الشيء ، أو بقية منه. و"الملاوي" جمع"ملوى" مصدر ميمي من"لوى". يقول: لو خاصموني في ليلى خصومة حديدة ، لفتلت أعناقهم حتى أذهب بأرواحهم. وأما رواية"المطى" مكان"الخصوم" ، وهي رواية ابن الأعرابي ، فكأنه يقول: لو علمت في ليلى بعض ما يقولون من الخصومة والعداوة لأهلي وعشيرتي ، لأعرضت عنها إعراض من يأنف لعشيرته ويحمى لها غضبًا وحفيظة ، ولفارقتها.
مَا كَانَ لِبَشَرٍ اَنْ یُّؤْتِیَهُ اللّٰهُ الْكِتٰبَ وَ الْحُكْمَ وَ النُّبُوَّةَ ثُمَّ یَقُوْلَ لِلنَّاسِ كُوْنُوْا عِبَادًا لِّیْ مِنْ دُوْنِ اللّٰهِ وَ لٰكِنْ كُوْنُوْا رَبّٰنِیّٖنَ بِمَا كُنْتُمْ تُعَلِّمُوْنَ الْكِتٰبَ وَ بِمَا كُنْتُمْ تَدْرُسُوْنَۙ(۷۹)
کسی آدمی کا یہ حق نہیں کہ اللہ اسے کتاب اور حکم و پیغمبری دے (ف۱۴۹) پھر وہ لوگوں سے کہے کہ اللہ کو چھوڑ کر میرے بندے ہوجاؤ (ف۱۵۰) ہاں یہ کہے گا کہ اللہ والے (ف۱۵۱) ہوجاؤ اس سبب سے کہ تم کتاب سکھاتے ہو اور اس سے کہ تم درس کرتے ہو(ف۱۵۲)
القول في تأويل قوله : مَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُؤْتِيَهُ اللَّهُ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ ثُمَّ يَقُولَ لِلنَّاسِ كُونُوا عِبَادًا لِي مِنْ دُونِ اللَّهِقال أبو جعفر: يعني بذلك جل ثناؤه: وما ينبغي لأحد من البشر.* * *و " البشر " جمع بني آدم لا واحد له من لفظه مثل: " القوم " و " الخلق ". وقد يكون اسمًا لواحد =" أن يؤتيه الله الكتاب " يقول: أن ينزل الله عليه كتابه =" والحكم " يعني: ويعلمه فصْل الحكمة =" والنبوة "، يقول: ويعطيه النبوّة =" ثم يقول للناس كونوا عبادًا لي من دون الله "، يعني: ثم يدعو الناس إلى عبادة نفسه دون الله، وقد آتاه الله ما آتاه من الكتاب والحكم والنبوة. ولكن إذا آتاه الله ذلك، فإنما يدعوهم إلى العلم بالله، ويحدوهم على معرفة شرائع دينه، وأن يكونوا رؤساء في المعرفة بأمر الله ونهيه، وأئمةً في طاعته وعبادته، بكونهم معلِّمي الناس الكتاب، وبكونهم دَارِسيه. (8)* * *وقيل: إنّ هذه الآية نزلت في قوم من أهل الكتاب قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم: أتدعونا إلى عبادتك؟ كما:-7296 - حدثنا ابن حميد قال، حدثنا سلمة قال، حدثنا ابن إسحاق، عن محمد بن أبي محمد، عن عكرمة أو سعيد بن جبير، عن ابن عباس قال: قال أبو رافع القرظي = (9) حين اجتمعت الأحبار من اليهود والنصارى من أهل نجران عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، ودعاهم إلى الإسلام = : أتريد يا محمد أن نعبدك، كما تعبد النصارَى عيسى ابن مريم؟ فقال رجل من أهل نجران نصراني يقال له الرِّبِّيس: (10) أوَ ذاك تريد منا يا محمد، وإليه تدعونا! أو كما قال = فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: معاذَ الله أن نَعبُد غيرَ الله، أو نأمر بعبادة غيره! ما بذلك بعثني، ولا بذلك أمرني = أو كما قال. فأنزل الله عز وجل في ذلك من قولهم: (11) " ما كان لبشر أن يؤتيه الله الكتاب والحكم والنبوّة "، الآية إلى قوله: بَعْدَ إِذْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ .7297- حدثنا أبو كريب قال، حدثنا يونس بن بكير قال، حدثنا محمد بن إسحاق قال، حدثني محمد بن أبي محمد مولى زيد بن ثابت قال، حدثني سعيد بن جبير أو عكرمة، عن ابن عباس قال: قال أبو رافع القرظي، فذكر نحوه. (12)7298 - حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة قوله: " ما كان لبشر أن يؤتيه الله الكتاب والحكم والنبوة ثم يقول للناس كونوا عبادًا لي من دون الله "، يقول: ما كان ينبغي لبشر أن يؤتيه الله الكتاب والحكم والنبوةَ، يأمر عبادَه أن يتخذوه ربًّا من دون الله.7299 - حدثني المثنى قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا ابن أبي جعفر، عن أبيه، عن الربيع مثله.7300 - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج قال: كان ناس من يهود يتعبَّدون الناسَ من دون ربهم، بتحريفهم كتابَ الله عن موضعه، فقال الله عز وجل: " ما كان لبشر أن يؤتيه الله الكتاب والحكم والنبوة ثم يقولَ للناس كونوا عبادًا لي من دون الله "، ثم يأمر الناس بغير ما أنزل الله في كتابه.* * *القول في تأويل قوله : وَلَكِنْ كُونُوا رَبَّانِيِّينَقال أبو جعفر: يعني جل ثناؤه بذلك: " ولكن " يقول لهم: " كونوا ربانيين "، فترك " القول "، استغناء بدلالة الكلام عليه.* * *وأما قوله: " كونوا ربانيين "، فإن أهل التأويل اختلفوا في تأويله.فقال بعضهم: معناه: كونوا حكماء علماء.ذكر من قال ذلك:7301 - حدثنا محمد بن بشار قال، حدثنا عبد الرحمن قال، حدثنا سفيان، عن منصور، عن أبي رزين: " كونوا ربانيين "، قال: حكماء علماء.7302 - حدثنا أبو كريب قال، حدثنا ابن يمان، عن سفيان، عن منصور، عن أبي رزين: " كونوا ربانيين "، قال: حكماء علماء.7303 - حدثنا ابن حميد قال، حدثنا حكام، عن عمرو، عن منصور، عن أبي رزين مثله.7304 - حدثنا ابن حميد قال، حدثنا جرير، عن منصور، عن أبي رزين: " ولكن كونوا ربانيين "، حكماء علماء.7305 - حدثني يعقوب بن إبراهيم قال، حدثنا هشيم، عن عوف، عن الحسن في قوله: " كونوا ربانيين "، قال: كونوا فقهاء علماء.7306 - حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد في قوله: " كونوا ربانيين "، قال: فقهاء.7307 - حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد مثله.7308 - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج، قال أخبرني القاسم، عن مجاهد قوله: " ولكن كونوا ربانيين "، قال: فقهاء.7309 - حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة قوله: " ولكن كونوا ربانيين "، قال: كونوا فقهاء علماء.7310 - حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر، عن منصور بن المعتمر، عن أبي رزين في قوله: " كونوا ربانيين "، قال: علماء حكماء = قال معمر: قال قتادة.7311 - حدثنا محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن المفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي في قوله: " كونوا ربانيين "، أما " الربانيون "، فالحكماء الفقهاء.7312 - حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، أخبرنا سفيان، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد قال: " الربانيون "، الفقهاء العلماء، وهم فوق الأحبار.7313 - حدثني محمد بن سعد قال، حدثني أبي قال، حدثني عمي قال، حدثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس قوله: " ولكن كونوا ربانيين "، يقول: كونوا حكماء فقهاء.7314 - حدثت عن المنجاب قال، حدثنا بشر بن عمارة، عن أبي حمزة الثمالي، عن يحيى بن عقيل في قوله: الرَّبَّانِيُّونَ وَالأَحْبَارُ [سورة المائدة: 63]، قال: الفقهاء العلماء.7315 - حدثت عن المنجاب قال، حدثنا بشر، عن أبي روق، عن الضحاك، عن ابن عباس مثله.7316 - حدثني ابن سنان القزاز قال، حدثنا الحسين بن الحسن الأشقر قال، حدثنا أبو كدينة، عن عطاء بن السائب، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس في قوله: " كونوا ربانيين "، قال: كونوا حكماء فقهاء.7317 - حدثت عن الحسين بن الفرج قال، سمعت أبا معاذ قال، أخبرنا عبيد بن سليمان قال، سمعت الضحاك يقول في قوله: " كونوا ربانيين "، يقول: كونوا فقهاء علماء.* * *وقال آخرون: بل هم الحكماء الأتقياء.ذكر من قال ذلك:7318 - حدثني يحيى بن طلحة اليربوعي قال، حدثنا فضيل بن عياض، عن عطاء بن السائب، عن سعيد بن جبير قوله: " كونوا ربانيين "، قال: حكماء أتقياء.* * *وقال آخرون: بل هم ولاة الناس وقادتهم.ذكر من قال ذلك:7319 - حدثني يونس بن عبد الأعلى قال: أخبرنا ابن وهب قال، سمعت ابن زيد يقول في قوله: " كونوا ربانيين "، قال: الربانيون: الذين يربُّون الناس، ولاة هذا الأمر، يرُبُّونهم: يلونهم. وقرأ: لَوْلا يَنْهَاهُمُ الرَّبَّانِيُّونَ وَالأَحْبَارُ [سورة المائدة: 63]، قال: الربانيون: الولاة، والأحبار العلماء.* * *قال أبو جعفر: وأولى الأقوال عندي بالصواب في" الربانيين " أنهم جمع " رباني"، وأن " الرباني" المنسوب إلى " الرَّبَّان "، الذي يربُّ الناسَ، وهو الذي يُصْلح أمورهم، و " يربّها "، ويقوم بها، ومنه قول علقمة بن عبدة:وَكُنْتُ امْرَأً أَفْضَتْ إلَيْكَ رِبَابَتيوَقَبْلَكَ رَبَّتْني, فَضِعْتُ, رُبُوبُ (13)يعني بقوله: " ربتني": ولي أمري والقيامَ به قبلك من يربه ويصلحه، فلم يصلحوه، ولكنهم أضاعوني فضعتُ.يقال منه: " رَبَّ أمري فلان، فهو يُربُّه رَبًّا، وهو رَابُّه ". (14) فإذا أريد به المبالغة في مدْحه قيل: " هو ربّان "، كما يقال: " هو نعسان " من قولهم: " نعَس يَنعُس ". وأكثر ما يجيء من الأسماء على " فَعْلان " ما كان من الأفعال ماضيه على " فَعِل " مثل قولهم: " هو سكران، وعطشان، وريان " من " سَكِر يسكَر، وعطِش يعطَش، ورَوي يرْوَى ". وقد يجيء مما كان ماضيه على " فَعَل يَفعُل "، نحو ما قلنا من " نَعَس يَنعُس " و " ربَّ يَرُبّ".فإذا كان الأمر في ذلك على ما وصفنا = وكان " الربَّان " ما ذكرنا، و " الربّاني" هو المنسوب إلى من كان بالصفة التي وصفتُ = وكان العالم بالفقه والحكمة من المصلحين، يَرُبّ أمورَ الناس، بتعليمه إياهم الخيرَ، ودعائهم إلى ما فيه مصلحتهم = وكان كذلك الحكيمُ التقيُّ لله، والوالي الذي يلي أمور الناس على المنهاج الذي وَليه المقسطون من المصْلحين أمورَ الخلق، بالقيام فيهم بما فيه صلاحُ عاجلهم وآجلهم، وعائدةُ النفع عليهم في دينهم، ودنياهم = كانوا جميعًا يستحقون أن [يكونوا] ممن دَخل في قوله عز وجل: " ولكن كونوا ربانيين " . (15)ف " الربانيون " إذًا، هم عمادُ الناس في الفقه والعلم وأمور الدين والدنيا. ولذلك قال مجاهد: " وهم فوق الأحبار "، لأن " الأحبارَ" هم العلماء، و " الرباني" الجامعُ إلى العلم والفقه، البصرَ بالسياسة والتدبير والقيام بأمور الرعية، وما يصلحهم في دُنياهم ودينهم. (16)* * *القول في تأويل قوله : بِمَا كُنْتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ وَبِمَا كُنْتُمْ تَدْرُسُونَ (79)قال أبو جعفر: اختلفت القرأة في قراءة ذلك.فقرأه عامة قرأة أهل الحجاز وبعض البصريين: ( بِمَا كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ ) بفتح " التاء " وتخفيف " اللام "، يعني: بعلمكم الكتابَ ودراستكم إياه وقراءتكم.واعتلُّوا لاختيارهم قراءة ذلك كذلك، بأن الصواب = كذلك، لو كان التشديد في" اللام " وضم " التاء " = لكان الصواب في: " تدرسون "، بضم " التاء " وتشديد " الراء ". (17)* * *وقرأ ذلك عامة قرأة الكوفيين: ( بِمَا كُنْتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ ) بضم " التاء " من " تعلمون "، وتشديد " اللام "، بمعنى: بتعليمكم الناسَ الكتابَ ودراستكم إياه.واعتلوا لاختيارهم ذلك، بأن مَنْ وصفهم بالتعليم، فقد وصفهم بالعلم، إذ لا يعلِّمون إلا بعد علمهم بما يعلِّمون. قالوا: ولا موصوف بأنه " يعلم "، إلا وهو موصوف بأنه " عالم ". قالوا: فأما الموصوف بأنه " عالم "، فغير موصوف بأنه معلِّم غيره. قالوا: فأولى القراءتين بالصواب أبلغهما في مدح القوم، وذلك وصفهم بأنهم كانوا يعلمون الناسَ الكتابَ، كما:-7320 - حدثني المثنى قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا يحيى بن آدم، عن ابن عيينة، عن حميد الأعرج، عن مجاهد أنه قرأ: " بما كنتم تَعلَمون الكتابَ وبما كنتم تَدْرسون "، مخففةً بنصب " التاء " = وقال ابن عيينة: ما علَّموه حتى علِموه!* * *قال أبو جعفر: وأولى القراءتين بالصواب في ذلك، قراءة من قرأه بضم " التاء " وتشديد " اللام ". لأن الله عز وجل وصف القوم بأنهم أهل عمادٍ للناس في دينهم ودنياهم، وأهل إصلاح لهم ولأمورهم وتربية.يقول جل ثناؤه: " ولكن كونوا ربانيين "، على ما بينا قبل من معنى " الرباني"، ثم أخبر تعالى ذكره عنهم أنهم صاروا أهل إصلاح للناس وتربية لهم بتعليمهم إياهم كتابَ ربِّهم.* * *= و " دراستهم " إياه: تلاوته. (18)* * *وقد قيل: " دراستهم "، الفقه.* * *وأشبه التأويلين بالدراسة ما قلنا: من تلاوة الكتاب، لأنه عطف على قوله: " تعلمون الكتاب "،" والكتاب " هو القرآن، فلأنْ تكون الدراسة معنيًّا بها دراسة القرآن، أولى من أن تكون معنيًّا بها دراسة الفقه الذي لم يجرِ له ذكرٌ.ذكر من قال ذلك: (19)7321 - حدثني المثنى قال، حدثنا إسحاق قال، قال يحيى بن آدم قال، أبو زكريا: كان عاصم يقرأها: ( بِمَا كُنْتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ )، قال: القرآن =( وَبِمَا كُنْتُمْ تَدْرُسُونَ )، قال: الفقه.* * *فمعنى الآية: ولكن يقول لهم: كونوا، أيها الناس، سادة الناس، وقادتهم في أمر دينهم ودنياهم، ربَّانيِّين بتعليمكم إياهم كتاب الله وما فيه من حلال وحرام، وفرض وندب، وسائر ما حواه من معاني أمور دينهم، وبتلاوتكم إياه ودراسَتِكموه.------------------الهوامش :(8) انظر تفسير"آتي" و"الحكم" ، و"النبوة" فيما سلف من فهارس اللغة مادة (أتى) (حكم) (نبأ).(9) أبو رافع القرظي ، هو سلام بن أبي الحقيق اليهودي.(10) في المطبوعة: "الرئيس" ، وفي المخطوطة: "الريس" غير منقوطة ، وهو في سيرة ابن هشام المطبوعة الأوربية والمصرية: "الربيس" مثل"سكيت" (بكسر الراء وتشديد الباء المكسورة). وربيس السامرة: هو كبيرهم. وفي التعليقات على سيرة ابن هشام. الطبعة الأوروبية"الريس ، والرئيس" معًا ، وكأن الصواب هو ما جاء في نص ابن هشام الأول.(11) في سيرة ابن هشام: "من قولهما" ، وهي أجود ، ولعل هذه من قلم الناسخ.(12) الأثران: 7296 ، 7297- سيرة ابن هشام 2: 202 ، 203 ، وهما من تتمة الآثار التي آخرها رقم: 7223 ، وفي الطبري اختلاف في قليل من اللفظ.(13) سلف البيت وتخريجه وشرحه في 1: 142.(14) انظر تفسير"رب" فيما سلف 1: 141 ، 142.(15) في المطبوعة: "كانوا جميعًا مستحقين أنهم ممن دخل في قوله..." ، وهي عبارة سقيمة غير المخطوطة كما شاء. وفي المخطوطة: "كانوا جميعًا مستحقون أن ممن دخل في قوله..." ، وظاهر أن الناسخ جعل"يستحقون" ، "مستحقون" ، وهو خطأ في الإعراب ، وسقط من عجلته قوله: "يكونوا" ، فزدتها بين القوسين ، فاستقام الكلام.(16) هذا التفسير قل أن تجده في كتاب من كتب اللغة ، وهو من أجود ما قرأت في معنى"الرباني" ، وهو من أحسن التوجيه في فهم معاني العربية ، والبصر بمعاني كتاب الله. فرحم الله أبا جعفر رحمة ترفعه درجات عند ربه.(17) في المطبوعة: "بأن الصواب لو كان التشديد في اللام..." ، حذف من المخطوطة"كذلك"بعد" بأن الصواب" ، وظاهر أن موضع الخطأ هو سقوط"الواو" قبل قوله: "لو كان التشديد". فأثبتها ، واستقام الكلام.(18) في المخطوطة والمطبوعة: "ودراستهم إياه وتلاوته" ، بزيادة الواو قبل"تلاوته" والسياق بين في أنه يفسر معنى"الدراسة" ، وأنهما تأويلان ، كما سيأتي ، فحذفت الواو ، وفصلت بين الكلامين.(19) أنا أرتاب في سياق هذا الموضع من التفسير ، وأخشى أن يكون سقط من النساخ شيء.
وَ لَا یَاْمُرَكُمْ اَنْ تَتَّخِذُوا الْمَلٰٓىٕكَةَ وَ النَّبِیّٖنَ اَرْبَابًاؕ-اَیَاْمُرُكُمْ بِالْكُفْرِ بَعْدَ اِذْ اَنْتُمْ مُّسْلِمُوْنَ۠(۸۰)
اور نہ تمہیں یہ حکم دے گا (ف۱۵۳) کہ فرشتوں اور پیغمبروں کو خدا ٹھیرالو، کیا تمہیں کفر کا حکم دے گا بعد اس کے کہ تم مسلمان ہولیے (ف۱۵۴)
القول في تأويل قوله : وَلا يَأْمُرَكُمْ أَنْ تَتَّخِذُوا الْمَلائِكَةَ وَالنَّبِيِّينَ أَرْبَابًا أَيَأْمُرُكُمْ بِالْكُفْرِ بَعْدَ إِذْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ (80)قال أبو جعفر: اختلفت القرأة في قراءة قوله: " ولا يأمركم ".فقرأته عامة قرأة الحجاز والمدينة: ( وَلا يَأْمُرُكُمْ )، على وجه الابتداء من الله بالخبر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه لا يأمركم، أيها الناس، أن تتخذوا الملائكة والنبيين أربابًا. واستشهد قارئو ذلك كذلك بقراءة ذكروها عن ابن مسعود أنه كان يقرؤها، وهي: ( " وَلَنْ يَأْمُرَكُمْ " )، فاستدلوا بدخول " لن "، على انقطاع الكلام عما قبله، وابتداء خبر مستأنف. قالوا: فلما صير مكان " لن " في قراءتنا " لا "، وجبت قراءَته بالرفع. (20)* * *وقرأه بعض الكوفيين والبصريين: ( وَلا يَأْمُرَكُمْ )، بنصب " الراء " ، عطفًا على قوله: ثُمَّ يَقُولَ لِلنَّاسِ . وكان تأويله عندهم: ما كان لبشر أن يؤتيه الله الكتاب، ثم يقولَ للناس، ولا أن يأمرَكم = بمعنى: ولا كان له أن يأمرَكم أن تتخذوا الملائكة والنبيين أربابًا.* * *قال أبو جعفر: وأولى القراءتين بالصواب في ذلك: " ولا يأمرَكم "، بالنصب على الاتصال بالذي قبله، بتأويل: (21) ما كان لبشر أن يؤتيه الله الكتابَ والحكمَ والنبوةَ، ثم يقولَ للناس كونوا عبادًا لي من دون الله = ولا أنْ يأمركم أن تتخذوا الملائكة والنبيين أربابًا. لأن الآية نزلت في سبب القوم الذين قالوا لرسول الله صلى الله عليه وسلم: (22) " أتريد أن نعبدك "؟ فأخبرهم الله جل ثناؤه أنه ليس لنبيّه صلى الله عليه وسلم أن يدعو الناسَ إلى عبادة نفسه، ولا إلى اتخاذ الملائكة والنبيين أربابًا. ولكن الذي له: أنْ يدعوهم إلى أن يكونوا ربانيين.* * *فأما الذي ادَّعى من قرأ ذلك رفعًا، (23) أنه في قراءة عبد الله: " ولن يأمركم " استشهادًا لصحة قراءته بالرفع، فذلك خبر غيرُ صحيح سَنَده، وإنما هو خبر رواه حجاج، عن هارون الأعور (24) أنّ ذلك في قراءة عبد الله كذلك. ولو كان ذلك خبرًا صحيحًا سنده، لم يكن فيه لمحتجٍّ حجة. لأن ما كان على صحته من القراءة من الكتاب الذي جاءَ به المسلمون وراثةً عن نبيهم صلى الله عليه وسلم، لا يجوز تركه لتأويلٍ على قراءة أضيفت إلى بعض الصحابة، (25) بنقل من يجوز في نقله الخطأ والسهو.* * *قال أبو جعفر: فتأويل الآية إذًا: وما كان للنبي أن يأمركم، أيها الناس، (26) " أن يتخذوا الملائكة والنبيين أربابًا " = يعني بذلك آلهة يعبدون من دون الله =، كما ليس له أن يقول لهم: كونوا عبادًا لي من دون الله.* * *ثم قال جل ثناؤه = نافيًا عن نبيّه صلى الله عليه وسلم أن يأمرَ عباده بذلك =: " أيأمُركم بالكفر "، أيها الناس، نبيُّكم، بجحود وحدانية الله =" بعد إذ أنتم مسلمون "، يعني: بعد إذ أنتم له منقادون بالطاعة، متذللون له بالعبودة = (27) أي أن ذلك غير كائن منه أبدًا. وقد:-7322 - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج قال: " ولا يأمركم " النبيُّ صلى الله عليه وسلم =" أن تتخذوا الملائكة والنبيين أربايًا ".----------------------الهوامش :(20) هذا وجه ذكره الفراء في معاني القرآن 1: 224 ، 225.(21) في المطبوعة والمخطوطة: "بتأول" ، والسياق يقتضي ما أثبت.(22) في المطبوعة: "في سب القوم.." ، وهو باطل المعنى ، ولم يحسن قراءة المخطوطة ، لأنها غير منقوطة ، يعني بقوله: "في سب القوم..." ، من جراء القوم وبسبب قولهم ما قالوا.(23) يعني الفراء كما أسلفنا في التعليق رقم: 1 ، ص: 547.(24) في المطبوعة والمخطوطة: ". . . عن هارون لا يجوز أن ذلك..." ، وهو كلام بلا معنى ، جعل الناشرين الأولين للتفسير يكتبون في وجوه تأويلها وتصويبها خلطًا لا معنى له أيضًا ، والصواب ما أثبت. وهذا من التصحيف الغريب في نسخ النساخ.وحجاج ، هو: "حجاج بن محمد المصيصي الأعور" سكن بغداد ، ثم تحول إلى المصيصة قال أحمد: "ما كان أضبطه وأشد تعاهده للحروف" ورفع أمره جدًا. كان ثقة صدوقًا ، ثم تحول من المصيصة فعاد إلى بغداد في حاجة له ، فمات بها سنة 206 ، وعند مرجعه هذا إلى بغداد كان قد تغير وخلط ، فرآه يحيى بن معين ، فقال لابنه: "لا تدخل عليه أحدًا" ، ولكن روى الحافظ في ترجمة سنيد ابن داود ما يدل على أن حجاجًا قد حدث في حال اختلاطه ، حتى ذكره أبو العرب القيرواني في الضعفاء ، لسبب الاختلاط. وأخشى أن يكون الطبري ، إنما أشار إلى هذا ، وإلى رواية سنيد عنه في حال اختلاطه ، فقال إن إسناده غير صحيح ، لأنه من رواية سنيد عنه.وأما "هارون الأعور" فهو: "هارون بن موسى أبو عبد الله الأعور العتكي" علامة صدوق نبيل ، له قراءة معروفة. وهو من الثقات. وكلاهما مترجم في التهذيب ، وفي الطبقات القراء لابن الجزري.(25) في المطبوعة: "لتأويل نحو قراءة..." ، وهي عبارة مريضة ، وسبب ذلك أنه لم يحسن قراءة"على" لسوء حظ الناسخ ، فكتبها"نحو" ، فمرضت العبارة.(26) في المخطوطة: "وما كان للنبي أن يأمر الناس أن يتخذوا..." ، وهي عبارة مستقيمة المعنى ، أما المخطوطة فقد كانت فيها عجيبة من عجائب التصحيف - وقد كثر تصحيف الناسخ في هذا الموضع كما ترى وذلك أنه كتب: "وما كان للنبي أن يأمر كما نهى الناس" ، وصل ألف"أيها" بالميم في"يأمركم" ، ثم قرأ"يها" من"أيها" ، "نهى" ، وكتبها كذلك. وكأن الناسخ كان قد تعب وكل ، فكل مع كلالة ذهنه. وجاء الناشر ، فلم يجد لذلك معنى فحذفه. كل هو أيضًا من كثرة تصحيف الناسخ!!(27) في المطبوعة: "بالعبودية" ، وأثبت ما في المخطوطة ، ولم يدع الناشر كلمة"العبودة" إلا جعلها"العبودية" في كل ما سلف. انظر آخر تعليق على ذلك ص: 404 ، تعليق: 2.
- English | Ahmed Ali
- Urdu | Ahmed Raza Khan
- Turkish | Ali-Bulaç
- German | Bubenheim Elyas
- Chinese | Chineese
- Spanish | Cortes
- Dutch | Dutch
- Portuguese | El-Hayek
- English | English
- Urdu | Fateh Muhammad Jalandhry
- French | French
- Hausa | Hausa
- Indonesian | Indonesian-Bahasa
- Italian | Italian
- Korean | Korean
- Malay | Malay
- Russian | Russian
- Tamil | Tamil
- Thai | Thai
- Farsi | مکارم شیرازی
- العربية | التفسير الميسر
- العربية | تفسير الجلالين
- العربية | تفسير السعدي
- العربية | تفسير ابن كثير
- العربية | تفسير الوسيط لطنطاوي
- العربية | تفسير البغوي
- العربية | تفسير القرطبي
- العربية | تفسير الطبري
- English | Arberry
- English | Yusuf Ali
- Dutch | Keyzer
- Dutch | Leemhuis
- Dutch | Siregar
- Urdu | Sirat ul Jinan