READ

Surah Aal Imraan

اٰلِ عِمْرَان
200 Ayaat    مدنیۃ


3:41
قَالَ رَبِّ اجْعَلْ لِّیْۤ اٰیَةًؕ-قَالَ اٰیَتُكَ اَلَّا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلٰثَةَ اَیَّامٍ اِلَّا رَمْزًاؕ-وَ اذْكُرْ رَّبَّكَ كَثِیْرًا وَّ سَبِّحْ بِالْعَشِیِّ وَ الْاِبْكَارِ۠(۴۱)
عرض کی اے میرے رب میرے لئے کوئی نشانی کردے (ف۸۵) فرمایا تیری نشانی یہ ہے کہ تین دن تو لوگوں سے بات نہ کرے مگر اشارہ سے اور اپنے رب کی بہت یاد کر (ف۸۶) اور کچھ دن رہے اور تڑکے اس کی پاکی بول،

( قال رب اجعل لي آية ) أي : علامة أستدل بها على وجود الولد مني ( قال آيتك ألا تكلم الناس ثلاثة أيام إلا رمزا ) أي : إشارة لا تستطيع النطق ، مع أنك سوي صحيح ، كما في قوله : ( ثلاث ليال سويا ) [ مريم : 10 ] ثم أمر بكثرة الذكر والشكر والتسبيح في هذه الحال ، فقال : ( واذكر ربك كثيرا وسبح بالعشي والإبكار ) وسيأتي طرف آخر في بسط هذا المقام في أول سورة مريم ، إن شاء الله تعالى .
3:42
وَ اِذْ قَالَتِ الْمَلٰٓىٕكَةُ یٰمَرْیَمُ اِنَّ اللّٰهَ اصْطَفٰىكِ وَ طَهَّرَكِ وَ اصْطَفٰىكِ عَلٰى نِسَآءِ الْعٰلَمِیْنَ(۴۲)
اور جب فرشتوں نے کہا، اے مریم، بیشک اللہ نے تجھے چن لیا (ف۸۷) اور خوب ستھرا کیا (ف۸۸) اور آج سارے جہاں کی عورتوں سے تجھے پسند کیا (ف۸۹)

هذا إخبار من الله تعالى بما خاطبت به الملائكة مريم ، عليها السلام ، عن أمر الله لهم بذلك : أن الله قد اصطفاها ، أي : اختارها لكثرة عبادتها وزهادتها وشرفها وطهرها من الأكدار والوسواس واصطفاها ثانيا مرة بعد مرة لجلالتها على نساء العالمين .قال عبد الرزاق : أنبأنا معمر ، عن الزهري ، عن سعيد بن المسيب في قوله : ( إن الله اصطفاك وطهرك واصطفاك على نساء العالمين ) قال : كان أبو هريرة يحدث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم : " خير نساء ركبن الإبل نساء قريش ، أحناه على ولد في صغره ، وأرعاه على زوج في ذات يده ، ولم تركب مريم بنت عمران بعيرا قط " . لم يخرجوه من هذا الوجه ، سوى مسلم فإنه رواه عن محمد بن رافع وعبد بن حميد كلاهما عن عبد الرزاق به .وقال هشام بن عروة ، عن أبيه ، عن عبد الله بن جعفر ، عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " خير نسائها مريم بنت عمران ، وخير نسائها خديجة بنت خويلد " . أخرجاه في الصحيحين ، من حديث هشام ، به مثله .وقال الترمذي : حدثنا أبو بكر بن زنجويه ، حدثنا عبد الرزاق ، حدثنا معمر ، عن قتادة ، عن أنس ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " حسبك من نساء العالمين مريم ابنة عمران ، وخديجة بنت خويلد ، وفاطمة بنت محمد ، وآسية امرأة فرعون . " تفرد به الترمذي وصححه .وقال عبد الله بن أبي جعفر الرازي ، عن أبيه قال : كان ثابت البناني يحدث عن أنس بن مالك ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " خير نساء العالمين أربع ، مريم بنت عمران ، وآسية امرأة فرعون ، وخديجة بنت خويلد ، وفاطمة بنت رسول الله [ صلى الله عليه وسلم ] رواه ابن مردويه .وروى ابن مردويه من طريق شعبة ، عن معاوية بن قرة ، عن أبيه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " كمل من الرجال كثير ولم يكمل من النساء إلا ثلاث : مريم بنت عمران وآسية امرأة فرعون ، وخديجة بنت خويلد ، وفضل عائشة على النساء كفضل الثريد على سائر الطعام " .وقال ابن جرير : حدثني المثنى ، حدثنا آدم العسقلاني ، حدثنا شعبة ، حدثنا عمرو بن مرة ، سمعت مرة الهمداني بحديث عن أبي موسى الأشعري قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " كمل من الرجال كثير ولم يكمل من النساء إلا مريم بنت عمران وآسية امرأة فرعون " . وقد أخرجه الجماعة إلا أبا داود من طرق عن شعبة به ولفظ البخاري : " كمل من الرجال كثير ولم يكمل من النساء إلا آسية امرأة فرعون ، ومريم بنت عمران ، وإن فضل عائشة على النساء كفضل الثريد على سائر الطعام " .وقد استقصيت طرق هذا الحديث وألفاظه في قصة عيسى ابن مريم عليهما السلام ، في كتابنا " البداية والنهاية " ولله الحمد والمنة .ثم أخبر تعالى عن الملائكة : أنهم أمروها بكثرة العبادة والخشوع والخضوع والسجود والركوع والدءوب في العمل لها ، لما يريد الله [ تعالى ] بها من الأمر الذي قدره وقضاه ، مما فيه محنة لها ورفعة في الدارين ، بما أظهر الله تعالى فيها من قدرته العظيمة ، حيث خلق منها ولدا من غير أب ، فقال تعالى :
3:43
یٰمَرْیَمُ اقْنُتِیْ لِرَبِّكِ وَ اسْجُدِیْ وَ ارْكَعِیْ مَعَ الرّٰكِعِیْنَ(۴۳)
اے مریم اپنے رب کے حضور ادب سے کھڑی ہو (ف۹۰) اور اس کے لئے سجدہ کر اور رکوع والوں کے ساتھ رکوع کر،

( يامريم اقنتي لربك واسجدي واركعي مع الراكعين ) أما القنوت فهو الطاعة في خشوع كما قال تعالى : ( بل له ما في السماوات والأرض كل له قانتون ) [ البقرة : 116 ] .وقد قال ابن أبي حاتم : حدثنا يونس بن عبد الأعلى ، أخبرنا ابن وهب ، أخبرني عمرو بن الحارث : أن دراجا أبا السمح حدثه عن أبي الهيثم ، عن أبي سعيد ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " كل حرف في القرآن يذكر فيه القنوت فهو الطاعة " . ورواه ابن جرير من حديث ابن لهيعة ، عن دراج ، به ، وفيه نكارةوقال مجاهد : كانت مريم ، عليها السلام ، تقوم حتى تتورم كعباها ، والقنوت هو : طول الركوع في الصلاة ، يعني امتثالا لقوله تعالى : ( يا مريم اقنتي لربك ) بل قال الحسن : يعني اعبدي لربك ( واسجدي واركعي مع الراكعين ) أي : كوني منهم .وقال الأوزاعي : ركدت في محرابها راكعة وساجدة وقائمة ، حتى نزل الماء الأصفر في قدميها ، رضي الله عنها .وقد ذكر الحافظ ابن عساكر في ترجمتها من طريق محمد بن يونس الكديمي - وفيه مقال - : حدثنا علي بن بحر بن بري ، حدثنا الوليد بن مسلم ، عن الأوزاعي ، عن يحيى بن أبي كثير في قوله : ( يا مريم اقنتي لربك واسجدي ) قال : سجدت حتى نزل الماء الأصفر في عينيها .وذكر ابن أبي الدنيا : حدثنا الحسن بن عبد العزيز ، حدثنا ضمرة ، عن ابن شوذب قال : كانت مريم ، عليها السلام ، تغتسل في كل ليلة .
3:44
ذٰلِكَ مِنْ اَنْۢبَآءِ الْغَیْبِ نُوْحِیْهِ اِلَیْكَؕ-وَ مَا كُنْتَ لَدَیْهِمْ اِذْ یُلْقُوْنَ اَقْلَامَهُمْ اَیُّهُمْ یَكْفُلُ مَرْیَمَ۪-وَ مَا كُنْتَ لَدَیْهِمْ اِذْ یَخْتَصِمُوْنَ(۴۴)
یہ غیب کی خبریں ہیں کہ ہم خفیہ طور پر تمہیں بتاتے ہیں (ف۹۱) اور تم ان کے پاس نہ تھے جب وہ اپنی قلموں سے قرعہ ڈالتے تھے کہ مریم کس کی پرورش میں رہیں اور تم ان کے پاس نہ تھے جب وہ جھگڑ رہے تھے(ف۹۲)

ثم قال تعالى لرسوله [ عليه أفضل الصلوات والسلام ] بعدما أطلعه على جلية الأمر : ( ذلك من أنباء الغيب نوحيه إليك ) أي : نقصه عليك ( وما كنت لديهم إذ يلقون أقلامهم أيهم يكفل مريم وما كنت لديهم إذ يختصمون ) أي : ما كنت عندهم يا محمد فتخبرهم عنهم معاينة عما جرى ، بل أطلعك الله على ذلك كأنك كنت حاضرا وشاهدا لما كان من أمرهم حين اقترعوا في شأن مريم أيهم يكفلها ، وذلك لرغبتهم في الأجر .قال ابن جرير : حدثنا القاسم ، حدثنا الحسين ، حدثني حجاج ، عن ابن جريج ، عن القاسم بن أبي بزة ، أنه أخبره عن عكرمة - وأبي بكر ، عن عكرمة - قال : ثم خرجت بها - يعني أم مريم بمريم - تحملها في خرقها إلى بني الكاهن بن هارون أخي موسى ، عليهما السلام - قال : وهم يومئذ يلون في بيت المقدس ما يلي الحجبة من الكعبة - فقالت لهم : دونكم هذه النذيرة فإني حررتها وهي ابنتي ، ولا تدخل الكنيسة حائض ، وأنا لا أردها إلى بيتي ؟ فقالوا هذه ابنة إمامنا - وكان عمران يؤمهم في الصلاة - وصاحب قرباننا ، فقال زكريا : ادفعوها إلي : فإن خالتها تحتي . فقالوا : لا تطيب أنفسنا ، هي ابنة إمامنا فذلك حين اقترعوا بأقلامهم عليها التي يكتبون بها التوراة ، فقرعهم زكريا ، فكفلهاوقد ذكر عكرمة أيضا ، والسدي ، وقتادة ، والربيع بن أنس ، وغير واحد - دخل حديث بعضهم في بعض - أنهم دخلوا إلى نهر الأردن واقترعوا هنالك على أن يلقوا أقلامهم [ فيه ] فأيهم ثبت في جرية الماء فهو كافلها ، فألقوا أقلامهم فاحتملها الماء إلا قلم زكريا ثبت . ويقال : إنه ذهب صعدا يشق جرية الماء ، وكان مع ذلك كبيرهم وسيدهم ، وعالمهم وإمامهم ونبيهم صلوات الله وسلامه عليه سائر النبيين والمرسلين .
3:45
اِذْ قَالَتِ الْمَلٰٓىٕكَةُ یٰمَرْیَمُ اِنَّ اللّٰهَ یُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِّنْهُۙ-اسْمُهُ الْمَسِیْحُ عِیْسَى ابْنُ مَرْیَمَ وَجِیْهًا فِی الدُّنْیَا وَ الْاٰخِرَةِ وَ مِنَ الْمُقَرَّبِیْنَۙ(۴۵)
اور یاد کرو جب فرشتو ں نے مریم سے کہا، اے مریم! اللہ تجھے بشارت دیتا ہے اپنے پاس سے ایک کلمہ کی (ف۹۳) جس کا نام ہے مسیح عیسیٰ مریم کا بیٹا رُو دار (باعزت) ہوگا (ف۹۴) دنیا اور آخرت میں اور قرب والا (ف۹۵)

هذه بشارة من الملائكة لمريم ، عليها السلام ، بأن سيوجد منها ولد عظيم ، له شأن كبير . قال الله تعالى : ( إذ قالت الملائكة يا مريم إن الله يبشرك بكلمة منه ) أي : بولد يكون وجوده بكلمة من الله ، أي : بقوله له : " كن " فيكون ، وهذا تفسير قوله : ( مصدقا بكلمة من الله ) [ آل عمران : 39 ] كما ذكره الجمهور على ما سبق بيانه ( اسمه المسيح عيسى ابن مريم ) أي يكون مشهورا بهذا في الدنيا ، يعرفه المؤمنون بذلك .وسمي المسيح ، قال بعض السلف : لكثرة سياحته . وقيل : لأنه كان مسيح القدمين : [ أي ] لا أخمص لهما . وقيل : لأنه [ كان ] إذا مسح أحدا من ذوي العاهات برئ بإذن الله تعالى .وقوله : ( عيسى ابن مريم ) نسبة له إلى أمه ، حيث لا أب له ( وجيها في الدنيا والآخرة ومن المقربين ) أي : له وجاهة ومكانة عند الله في الدنيا ، بما يوحيه الله إليه من الشريعة ، وينزل عليه من الكتاب ، وغير ذلك مما منحه به ، وفي الدار الآخرة يشفع عند الله فيمن يأذن له فيه ، فيقبل منه ، أسوة بإخوانه من أولي العزم ، صلوات الله عليهم .
3:46
وَ یُكَلِّمُ النَّاسَ فِی الْمَهْدِ وَ كَهْلًا وَّ مِنَ الصّٰلِحِیْنَ(۴۶)
اور لوگوں سے بات کرے گا پالنے میں (ف۹۶) اور پکی عمر میں (ف۹۷) اور خاصوں میں ہوگا، بولی اے میرے رب! میرے بچہ کہاں سے ہوگا مجھے تو کسی شخص نے ہاتھ نہ لگایا (ف۹۸)

وقوله : ( ويكلم الناس في المهد وكهلا ) أي : يدعو إلى عبادة الله وحده لا شريك له ، في حال صغره ، معجزة وآية ، و [ في ] حال كهوليته حين يوحي الله إليه بذلك ( ومن الصالحين ) أي : في قوله وعمله ، له علم صحيح وعمل صالح .قال محمد بن إسحاق ، عن يزيد بن عبد الله بن قسيط ، عن محمد بن شرحبيل ، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ما تكلم مولود في صغره إلا عيسى وصاحب جريج " .وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبو الصقر يحيى بن محمد بن قزعة ، حدثنا الحسين - يعني المروزي - حدثنا جرير - يعني ابن حازم - عن محمد ، عن أبي هريرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " لم يتكلم في المهد إلا ثلاثة ، عيسى ، وصبي كان في زمن جريج ، وصبي آخر " .
3:47
قَالَتْ رَبِّ اَنّٰى یَكُوْنُ لِیْ وَلَدٌ وَّ لَمْ یَمْسَسْنِیْ بَشَرٌؕ-قَالَ كَذٰلِكِ اللّٰهُ یَخْلُقُ مَا یَشَآءُؕ-اِذَا قَضٰۤى اَمْرًا فَاِنَّمَا یَقُوْلُ لَهٗ كُنْ فَیَكُوْنُ(۴۷)
فرمایا اللہ یوں ہی پیدا کرتا ہے جو چاہے جب، کسی کام کا حکم فرمائے تو اس سے یہی کہتا ہے کہ ہوجا وہ فوراً ہوجاتا ہے،

فلما سمعت بشارة الملائكة لها بذلك ، عن الله ، عز وجل ، قالت في مناجاتها : ( رب أنى يكون لي ولد ولم يمسسني بشر ) تقول : كيف يوجد هذا الولد مني وأنا لست بذات زوج ولا من عزمي أن أتزوج ، ولست بغيا ؟ حاشا لله . فقال لها الملك - عن الله ، عز وجل ، في جواب هذا السؤال - : ( كذلك الله يخلق ما يشاء ) أي : هكذا أمر الله عظيم ، لا يعجزه شيء . وصرح هاهنا بقوله : ( يخلق ) ولم يقل : " يفعل " كما في قصة زكريا ، بل نص هاهنا على أنه يخلق ، لئلا يبقى شبهة ، وأكد ذلك بقوله : ( إذا قضى أمرا فإنما يقول له كن فيكون ) أي : فلا يتأخر شيئا ، بل يوجد عقيب الأمر بلا مهلة ، كقوله تعالى : ( وما أمرنا إلا واحدة كلمح بالبصر ) [ القمر : 50 ] أي : إنما نأمر مرة واحدة لا مثنوية فيها ، فيكون ذلك الشيء سريعا كلمح بالبصر .
3:48
وَ یُعَلِّمُهُ الْكِتٰبَ وَ الْحِكْمَةَ وَ التَّوْرٰىةَ وَ الْاِنْجِیْلَۚ(۴۸)
اور اللہ سکھائے گا کتاب اور حکمت اور توریت اور انجیل،

يقول تعالى - مخبرا عن تمام بشارة الملائكة لمريم بابنها عيسى ، عليه السلام - أن الله يعلمه ( الكتاب والحكمة ) الظاهر أن المراد بالكتاب هاهنا الكتابة . والحكمة تقدم الكلام على تفسيرها في سورة البقرة .( والتوراة والإنجيل ) فالتوراة : هو الكتاب الذي أنزله الله على موسى بن عمران . والإنجيل : الذي أنزله الله على عيسى عليهما السلام ، وقد كان [ عيسى ] عليه السلام ، يحفظ هذا وهذا .
3:49
وَ رَسُوْلًا اِلٰى بَنِیْۤ اِسْرَآءِیْلَ ﳔ اَنِّیْ قَدْ جِئْتُكُمْ بِاٰیَةٍ مِّنْ رَّبِّكُمْ ﳐ اَنِّیْۤ اَخْلُقُ لَكُمْ مِّنَ الطِّیْنِ كَهَیْــٴَـةِ الطَّیْرِ فَاَنْفُخُ فِیْهِ فَیَكُوْنُ طَیْرًۢا بِاِذْنِ اللّٰهِۚ-وَ اُبْرِئُ الْاَكْمَهَ وَ الْاَبْرَصَ وَ اُحْیِ الْمَوْتٰى بِاِذْنِ اللّٰهِۚ-وَ اُنَبِّئُكُمْ بِمَا تَاْكُلُوْنَ وَ مَا تَدَّخِرُوْنَۙ-فِیْ بُیُوْتِكُمْؕ-اِنَّ فِیْ ذٰلِكَ لَاٰیَةً لَّكُمْ اِنْ كُنْتُمْ مُّؤْمِنِیْنَۚ(۴۹)
اور رسول ہوگا بنی اسرائیل کی طرف، یہ فرماتا ہو کہ میں تمہارے پاس ایک نشانی لایا ہوں (ف۹۹) تمہارے رب کی طرف سے کہ میں تمہارے لئے مٹی سے پرند کی سی مور ت بناتا ہوں پھر اس میں پھونک مارتا ہوں تو وہ فوراً پرند ہوجاتی ہے اللہ کے حکم سے (ف۱۰۰) اور میں شفا دیتا ہوں مادر زاد اندھے اور سفید داغ والے کو (ف۱۰۱) اور میں مُردے جلاتا ہوں اللہ کے حکم سے (ف۱۰۲) اور تمہیں بتاتا ہوں جو تم کھاتے اور جو اپنے گھروں میں جمع کر رکھتے ہو، (ف۱۰۳) بیشک ان باتوں میں تمہارے لئے بڑی نشانی ہے اگر تم ایمان رکھتے ہو،

وقوله : ( ورسولا إلى بني إسرائيل ) أي : [ و ] يجعله رسولا إلى بني إسرائيل ، قائلا لهم : ( أني قد جئتكم بآية من ربكم أني أخلق لكم من الطين كهيئة الطير فأنفخ فيه فيكون طيرا بإذن الله ) وكذلك كان يفعل : يصور من الطين شكل طير ، ثم ينفخ فيه ، فيطير عيانا بإذن الله ، عز وجل ، الذي جعل هذا معجزة يدل على أن الله أرسله .( وأبرئ الأكمه ) قيل : هو الذي يبصر نهارا ولا يبصر ليلا . وقيل بالعكس . وقيل : هو الأعشى . وقيل : الأعمش . وقيل : هو الذي يولد أعمى . وهو أشبه ، لأنه أبلغ في المعجزة وأقوى في التحدي ) والأبرص ) معروف .( وأحيي الموتى بإذن الله ) قال كثير من العلماء : بعث الله كل نبي من الأنبياء بمعجزة تناسب أهل زمانه ، فكان الغالب على زمان موسى ، عليه السلام ، السحر وتعظيم السحرة . فبعثه الله بمعجزة بهرت الأبصار وحيرت كل سحار ، فلما استيقنوا أنها من عند العظيم الجبار انقادوا للإسلام ، وصاروا من الأبرار . وأما عيسى ، عليه السلام ، فبعث في زمن الأطباء وأصحاب علم الطبيعة ، فجاءهم من الآيات بما لا سبيل لأحد إليه ، إلا أن يكون مؤيدا من الذي شرع الشريعة . فمن أين للطبيب قدرة على إحياء الجماد ، أو على مداواة الأكمه والأبرص ، وبعث من هو في قبره رهين إلى يوم التناد ؟ وكذلك محمد صلى الله عليه وسلم بعثه [ الله ] في زمن الفصحاء والبلغاء ونحارير الشعراء ، فأتاهم بكتاب من الله ، عز وجل ، لو اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بمثله ، أو بعشر سور من مثله ، أو بسورة من مثله لم يستطيعوا أبدا ، ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا ، وما ذاك إلا لأن كلام الرب لا يشبهه كلام الخلق أبدا .وقوله : ( وأنبئكم بما تأكلون وما تدخرون في بيوتكم ) أي : أخبركم بما أكل أحدكم الآن ، وما هو مدخر [ له ] في بيته لغده ( إن في ذلك ) أي : في ذلك كله ( لآية لكم ) أي : على صدقي فيما جئتكم به . ( إن كنتم مؤمنين )
3:50
وَ مُصَدِّقًا لِّمَا بَیْنَ یَدَیَّ مِنَ التَّوْرٰىةِ وَ لِاُحِلَّ لَكُمْ بَعْضَ الَّذِیْ حُرِّمَ عَلَیْكُمْ وَ جِئْتُكُمْ بِاٰیَةٍ مِّنْ رَّبِّكُمْ۫-فَاتَّقُوا اللّٰهَ وَ اَطِیْعُوْنِ(۵۰)
اور تصدیق کرتا آیا ہوں اپنے سے پہلے کتاب توریت کی اور اس لئے کہ حلال کروں تمہارے لئے کچھ وہ چیزیں جو تم پر حرام تھیں (ف۱۰۴) اور میں تمہارے پاس پاس تمہارے رب کی طرف سے نشانی لایا ہوں، تو اللہ سے ڈرو اور میرا حکم مانو،

( ومصدقا لما بين يدي من التوراة ) أي : مقرر لهم ومثبت ( ولأحل لكم بعض الذي حرم عليكم ) فيه دلالة على أن عيسى ، عليه السلام ، نسخ بعض شريعة التوراة ، وهو الصحيح من القولين ، ومن العلماء من قال : لم ينسخ منها شيئا ، وإنما أحل لهم بعض ما كانوا يتنازعون فيه فأخطئوا ، فكشف لهم عن المغطى في ذلك ، كما قال في الآية الأخرى : ( ولأبين لكم بعض الذي تختلفون فيه ) [ الزخرف : 63 ] والله أعلم .ثم قال : ( وجئتكم بآية من ربكم ) أي : بحجة ودلالة على صدقي فيما أقوله لكم . ( فاتقوا الله وأطيعون)
3:51
اِنَّ اللّٰهَ رَبِّیْ وَ رَبُّكُمْ فَاعْبُدُوْهُؕ-هٰذَا صِرَاطٌ مُّسْتَقِیْمٌ(۵۱)
بیشک میرا تمہارا سب کا رب اللہ ہے تو اسی کو پوجو (ف۱۰۵) یہ ہے سیدھا راستہ،

( إن الله ربي وربكم فاعبدوه ) أي : أنا وأنتم سواء في العبودية له والخضوع والاستكانة إليه ) هذا صراط مستقيم )
3:52
فَلَمَّاۤ اَحَسَّ عِیْسٰى مِنْهُمُ الْكُفْرَ قَالَ مَنْ اَنْصَارِیْۤ اِلَى اللّٰهِؕ-قَالَ الْحَوَارِیُّوْنَ نَحْنُ اَنْصَارُ اللّٰهِۚ-اٰمَنَّا بِاللّٰهِۚ-وَ اشْهَدْ بِاَنَّا مُسْلِمُوْنَ(۵۲)
پھر جب عیسیٰ نے ان سے کفر پایا (ف۱۰۶) بولا کون میرے مددگار ہوتے ہیں اللہ کی طرف، حواریوں نے کہا (ف۱۰۷) ہم دینِ خدا کے مددگار ہیں ہم اللہ پر ایمان لائے، اور آپ گواہ ہوجائیں کہ ہم مسلمان ہیں (ف۱۰۸)

يقول تعالى : ( فلما أحس عيسى ) أي : استشعر منهم التصميم على الكفر والاستمرار على الضلال قال : ( من أنصاري إلى الله ) قال مجاهد : أي من يتبعني إلى الله ؟ وقال سفيان الثوري وغيره : من أنصاري مع الله ؟ وقول مجاهد أقرب .والظاهر أنه أراد من أنصاري في الدعوة إلى الله ؟ كما كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول في مواسم الحج ، قبل أن يهاجر : " من رجل يؤويني على [ أن ] أبلغ كلام ربي ، فإن قريشا قد منعوني أن أبلغ كلام ربي " حتى وجد الأنصار فآووه ونصروه ، وهاجر إليهم فآسوه ومنعوه من الأسود والأحمر . وهكذا عيسى ابن مريم ، انتدب له طائفة من بني إسرائيل فآمنوا به وآزروه ونصروه واتبعوا النور الذي أنزل معه . ولهذا قال تعالى مخبرا عنهم : ( قال الحواريون نحن أنصار الله آمنا بالله واشهد بأنا مسلمون . ربنا آمنا بما أنزلت واتبعنا الرسول فاكتبنا مع الشاهدين ) الحواريون ، قيل : كانوا قصارين وقيل : سموا بذلك لبياض ثيابهم ، وقيل : صيادين . والصحيح أن الحواري الناصر ، كما ثبت في الصحيحين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما ندب الناس يوم الأحزاب ، فانتدب الزبير ، ثم ندبهم فانتدب الزبير [ ثم ندبهم فانتدب الزبير ] فقال : " إن لكل نبي حواريا وحواري الزبير " .
3:53
رَبَّنَاۤ اٰمَنَّا بِمَاۤ اَنْزَلْتَ وَ اتَّبَعْنَا الرَّسُوْلَ فَاكْتُبْنَا مَعَ الشّٰهِدِیْنَ(۵۳)
اے رب ہمارے! ہم اس پر ایمان لائے جو تو نے اتارا اور رسول کے تابع ہوئے تو ہمیں حق پر گواہی دینے والوں میں لکھ لے،

وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبو سعيد الأشج ، حدثنا وكيع ، حدثنا إسرائيل ، عن سماك ، عن عكرمة ، عن ابن عباس في قوله : ( فاكتبنا مع الشاهدين ) قال مع أمة محمد صلى الله عليه وسلم . وهذا إسناد جيد .
3:54
وَ مَكَرُوْا وَ مَكَرَ اللّٰهُؕ-وَ اللّٰهُ خَیْرُ الْمٰكِرِیْنَ۠(۵۴)
اور کافروں نے مکر کیا (ف۱۰۹) اور اللہ نے ان کے ہلاک کی خفیہ تدبیر فرمائی اور اللہ سب سے بہتر چھپی تدبیر والا ہے (ف۱۱۰)

ثم قال تعالى مخبرا عن [ ملأ ] بني إسرائيل فيما هموا به من الفتك بعيسى ، عليه السلام ، وإرادته بالسوء والصلب ، حين تمالئوا عليه ووشوا به إلى ملك ذلك الزمان ، وكان كافرا ، فأنهوا إليه أن هاهنا رجلا يضل الناس ويصدهم عن طاعة الملك ، ويفند الرعايا ، ويفرق بين الأب وابنه إلى غير ذلك مما تقلدوه في رقابهم ورموه به من الكذب ، وأنه ولد زانية حتى استثاروا غضب الملك ، فبعث في طلبه من يأخذه ويصلبه وينكل به ، فلما أحاطوا بمنزله وظنوا أنهم قد ظفروا به ، نجاه الله من بينهم ، ورفعه من روزنة ذلك البيت إلى السماء ، وألقى الله شبهه على رجل [ ممن ] كان عنده في المنزل ، فلما دخل أولئك اعتقدوه في ظلمة الليل عيسى ، عليه السلام ، فأخذوه وأهانوه وصلبوه ، ووضعوا على رأسه الشوك . وكان هذا من مكر الله بهم ، فإنه نجى نبيه ورفعه من بين أظهرهم ، وتركهم في ضلالهم يعمهون ، يعتقدون أنهم قد ظفروا بطلبتهم ، وأسكن الله في قلوبهم قسوة وعنادا للحق ملازما لهم ، وأورثهم ذلة لا تفارقهم إلى يوم التناد ، ولهذا قال تعالى : ( ومكروا ومكر الله والله خير الماكرين ) .
3:55
اِذْ قَالَ اللّٰهُ یٰعِیْسٰۤى اِنِّیْ مُتَوَفِّیْكَ وَ رَافِعُكَ اِلَیَّ وَ مُطَهِّرُكَ مِنَ الَّذِیْنَ كَفَرُوْا وَ جَاعِلُ الَّذِیْنَ اتَّبَعُوْكَ فَوْقَ الَّذِیْنَ كَفَرُوْۤا اِلٰى یَوْمِ الْقِیٰمَةِۚ-ثُمَّ اِلَیَّ مَرْجِعُكُمْ فَاَحْكُمُ بَیْنَكُمْ فِیْمَا كُنْتُمْ فِیْهِ تَخْتَلِفُوْنَ(۵۵)
یاد کرو جب اللہ نے فرمایا اے عیسیٰ میں تجھے پوری عمر تک پہنچاؤں گا (ف۱۱۱) اور تجھے اپنی طرف اٹھالوں گا (ف۱۱۲) اور تجھے کافروں سے پاک کردوں گا اور تیرے پیروؤں کو (ف۱۱۳) قیامت تک تیرے منکروں پر (ف۱۱۴) غلبہ دوں گا پھر تم سب میری طرف پلٹ کر آؤ گے تو میں تم میں فیصلہ فرمادوں گا جس بات میں جھگڑتے ہو،

اختلف المفسرون في قوله : ( إني متوفيك ورافعك إلي ) فقال قتادة وغيره : هذا من المقدم والمؤخر ، تقديره : إني رافعك إلي ومتوفيك ، يعني بعد ذلك .وقال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس : ( إني متوفيك ) أي : مميتك .وقال محمد بن إسحاق ، عمن لا يتهم ، عن وهب بن منبه ، قال : توفاه الله ثلاث ساعات من النهار حين رفعه الله إليه .قال ابن إسحاق : والنصارى يزعمون أن الله توفاه سبع ساعات ثم أحياه .وقال إسحاق بن بشر عن إدريس ، عن وهب : أماته الله ثلاثة أيام ، ثم بعثه ، ثم رفعه .وقال مطر الوراق : متوفيك من الدنيا وليس بوفاة موت وكذا قال ابن جرير : توفيه هو رفعه .وقال الأكثرون : المراد بالوفاة هاهنا : النوم ، كما قال تعالى : ( وهو الذي يتوفاكم بالليل [ ويعلم ما جرحتم بالنهار ] ) [ الأنعام : 60 ] وقال تعالى : ( الله يتوفى الأنفس حين موتها والتي لم تمت في منامها فيمسك التي قضى عليها الموت ويرسل الأخرى إلى أجل مسمى إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون ] ) [ الزمر : 42 ] وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول - إذا قام من النوم - : " الحمد لله الذي أحيانا بعد ما أماتنا وإليه النشور " ، وقال الله تعالى : ( وبكفرهم وقولهم على مريم بهتانا عظيما وقولهم إنا قتلنا المسيح عيسى ابن مريم رسول الله ) إلى قوله [ تعالى ] ( وما قتلوه يقينا بل رفعه الله إليه وكان الله عزيزا حكيما وإن من أهل الكتاب إلا ليؤمنن به قبل موته ويوم القيامة يكون عليهم شهيدا ) [ النساء : 156 - 159 ] والضمير في قوله : ( قبل موته ) عائد على عيسى ، عليه السلام ، أي : وإن من أهل الكتاب إلا يؤمن بعيسى قبل موت عيسى ، وذلك حين ينزل إلى الأرض قبل يوم القيامة ، على ما سيأتي بيانه ، فحينئذ يؤمن به أهل الكتاب كلهم ، لأنه يضع الجزية ولا يقبل إلا الإسلام .وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبي ، حدثنا أحمد بن عبد الرحمن ، حدثنا عبد الله بن أبي جعفر ، عن أبيه ، حدثنا الربيع بن أنس ، عن الحسن أنه قال في قوله : ( إني متوفيك ) يعني وفاة المنام ، رفعه الله في منامه . قال الحسن : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لليهود : " إن عيسى لم يمت ، وإنه راجع إليكم قبل يوم القيامة " .وقوله تعالى : ( ومطهرك من الذين كفروا ) أي : برفعي إياك إلى السماء ( وجاعل الذين اتبعوك فوق الذين كفروا إلى يوم القيامة ) وهكذا وقع ، فإن المسيح ، عليه السلام ، لما رفعه الله إلى السماء تفرقت أصحابه شيعا بعده ، فمنهم من آمن بما بعثه الله به على أنه عبد الله ورسوله وابن أمته ، ومنهم من غلا فيه فجعله ابن الله ، وآخرون قالوا : هو الله . وآخرون قالوا : هو ثالث ثلاثة . وقد حكى الله مقالاتهم في القرآن ، ورد على كل فريق ، فاستمروا كذلك قريبا من ثلاثمائة سنة ، ثم نبع لهم ملك من ملوك اليونان ، يقال له : قسطنطين ، فدخل في دين النصرانية ، قيل : حيلة ليفسده ، فإنه كان فيلسوفا ، وقيل : جهلا منه ، إلا أنه بدل لهم دين المسيح وحرفه ، وزاد فيه ونقص منه ، ووضعت له القوانين والأمانة الكبيرة - التي هي الخيانة الحقيرة - وأحل في زمانه لحم الخنزير ، وصلوا له إلى المشرق وصوروا له الكنائس ، وزادوا في صيامهم عشرة أيام من أجل ذنب ارتكبه ، فيما يزعمون . وصار دين المسيح دين قسطنطين إلا أنه بنى لهم من الكنائس والمعابد والصوامع والديارات ما يزيد على اثني عشر ألف معبد ، وبنى المدينة المنسوبة إليه ، واتبعه الطائفة الملكية منهم . وهم في هذا كله قاهرون لليهود ، أيدهم الله عليهم لأنهم أقرب إلى الحق منهم ، وإن كان الجميع كفارا ، عليهم لعائن الله .فلما بعث الله محمدا صلى الله عليه وسلم ، فكان من آمن به يؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله على الوجه الحق - كانوا هم أتباع كل نبي على وجه الأرض - إذ قد صدقوا الرسول النبي الأمي ، خاتم الرسل ، وسيد ولد آدم ، الذي دعاهم إلى التصديق بجميع الحق ، فكانوا أولى بكل نبي من أمته ، الذين يزعمون أنهم على ملته وطريقته ، مع ما قد حرفوا وبدلوا .ثم لو لم يكن شيء من ذلك لكان قد نسخ الله بشريعته شريعة جميع الرسل بما بعث به محمدا صلى الله عليه وسلم من الدين الحق ، الذي لا يغير ولا يبدل إلى قيام الساعة ، ولا يزال قائما منصورا ظاهرا على كل دين . فلهذا فتح الله لأصحابه مشارق الأرض ومغاربها ، واحتازوا جميع الممالك ، ودانت لهم جميع الدول ، وكسروا كسرى ، وقصروا قيصر ، وسلبوهما كنوزهما ، وأنفقت في سبيل الله ، كما أخبرهم بذلك نبيهم عن ربهم ، عز وجل ، في قوله : ( وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم وليبدلنهم من بعد خوفهم أمنا ) الآية [ النور : 65 ] ولهذا لما كانوا هم المؤمنين بالمسيح حقا سلبوا النصارى بلاد الشام وأجلوهم إلى الروم ، فلجئوا إلى مدينتهم القسطنطينية ، ولا يزال الإسلام وأهله فوقهم إلى يوم القيامة . وقد أخبر الصادق المصدوق أمته بأن آخرهم سيفتحون القسطنطينية ، ويستفيئون ما فيها من الأموال ، ويقتلون الروم مقتلة عظيمة جدا ، لم ير الناس مثلها ولا يرون بعدها نظيرها ، وقد جمعت في هذا جزءا مفردا . ولهذا قال تعالى : ( وجاعل الذين اتبعوك فوق الذين كفروا إلى يوم القيامة ثم إلي مرجعكم ) أي : يوم القيامة ( فأحكم بينكم فيما كنتم فيه تختلفون)
3:56
فَاَمَّا الَّذِیْنَ كَفَرُوْا فَاُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا شَدِیْدًا فِی الدُّنْیَا وَ الْاٰخِرَةِ٘-وَ مَا لَهُمْ مِّنْ نّٰصِرِیْنَ(۵۶)
تو وہ جو کافر ہوئے میں انہیں دنیاو آخرت میں سخت عذاب کروں گا، اور انکا کوئی مددگار نہ ہوگا،

( فأما الذين كفروا فأعذبهم عذابا شديدا في الدنيا والآخرة وما لهم من ناصرين ) وكذلك فعل تعالى بمن كفر بالمسيح من اليهود ، أو غلا فيه وأطراه من النصارى ، عذبهم في الدنيا بالقتل والسبي وأخذ الأموال وإزالة الأيدي عن الممالك ، وفي الدار الآخرة عذابهم أشد وأشق ( وما لهم من الله من واق ) [ الرعد : 34 ] .
3:57
وَ اَمَّا الَّذِیْنَ اٰمَنُوْا وَ عَمِلُوا الصّٰلِحٰتِ فَیُوَفِّیْهِمْ اُجُوْرَهُمْؕ-وَ اللّٰهُ لَا یُحِبُّ الظّٰلِمِیْنَ(۵۷)
اور وہ جو ایمان لائے اور اچھے کام کئے اللہ ان کا نیگ (انعام) انہیں بھرپور دے گا اور ظالم اللہ کو نہیں بھاتے،

"وأما الذين آمنوا وعملوا الصالحات فيوفيهم أجورهم" أي في الدنيا والآخرة في الدنيا بالنصر والظفر وفي الآخرة بالجنات العاليات "والله لا يحب الظالمين".
3:58
ذٰلِكَ نَتْلُوْهُ عَلَیْكَ مِنَ الْاٰیٰتِ وَ الذِّكْرِ الْحَكِیْمِ(۵۸)
یہ ہم تم پر پڑھتے ہیں کچھ آیتیں اور حکمت والی نصیحت،

ثم قال تعالى : ( ذلك نتلوه عليك من الآيات والذكر الحكيم ) أي : هذا الذي قصصناه عليك يا محمد في أمر عيسى ومبدأ ميلاده وكيفية أمره ، هو مما قاله الله تعالى ، وأوحاه إليك ونزله عليك من اللوح المحفوظ ، فلا مرية فيه ولا شك ، كما قال تعالى في سورة مريم : ( ذلك عيسى ابن مريم قول الحق الذي فيه يمترون . ما كان لله أن يتخذ من ولد سبحانه إذا قضى أمرا فإنما يقول له كن فيكون ) [ مريم : 34 - 35 ] وهاهنا قال تعالى .
3:59
اِنَّ مَثَلَ عِیْسٰى عِنْدَ اللّٰهِ كَمَثَلِ اٰدَمَؕ-خَلَقَهٗ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهٗ كُنْ فَیَكُوْنُ(۵۹)
عیسیٰ کی کہاوت اللہ کے نزدیک آدم کی طرح ہے (ف۱۱۵) اسے مٹی سے بنایا پھر فرمایا ہوجا وہ فوراً ہوجاتا ہے،

يقول تعالى : ( إن مثل عيسى عند الله ) في قدرة الله تعالى حيث خلقه من غير أب ( كمثل آدم ) فإن الله تعالى خلقه من غير أب ولا أم ، بل ( خلقه من تراب ثم قال له كن فيكون ) والذي خلق آدم قادر على خلق عيسى بطريق الأولى والأحرى ، وإن جاز ادعاء البنوة في عيسى بكونه مخلوقا من غير أب ، فجواز ذلك في آدم بالطريق الأولى ، ومعلوم بالاتفاق أن ذلك باطل ، فدعواها في عيسى أشد بطلانا وأظهر فسادا . ولكن الرب ، عز وجل ، أراد أن يظهر قدرته لخلقه ، حين خلق آدم لا من ذكر ولا من أنثى ، وخلق حواء من ذكر بلا أنثى ، وخلق عيسى من أنثى بلا ذكر كما خلق بقية البرية من ذكر وأنثى ، ولهذا قال تعالى في سورة مريم : ( ولنجعله آية للناس ) [ مريم : 21 ] .
3:60
اَلْحَقُّ مِنْ رَّبِّكَ فَلَا تَكُنْ مِّنَ الْمُمْتَرِیْنَ(۶۰)
اے سننے والے! یہ تیرے رب کی طرف سے حق ہے تو شک والوں میں نہ ہونا،

وقال هاهنا : ( الحق من ربك فلا تكن من الممترين ) أي : هذا القول هو الحق في عيسى ، الذي لا محيد عنه ولا صحيح سواه ، وماذا بعد الحق إلا الضلال .
3:61
فَمَنْ حَآجَّكَ فِیْهِ مِنْۢ بَعْدِ مَا جَآءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ اَبْنَآءَنَا وَ اَبْنَآءَكُمْ وَ نِسَآءَنَا وَ نِسَآءَكُمْ وَ اَنْفُسَنَا وَ اَنْفُسَكُمْ- ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَّعْنَتَ اللّٰهِ عَلَى الْكٰذِبِیْنَ(۶۱)
پھر اے محبوب! جو تم سے عیسیٰ کے بارے میں حجت کریں بعد اس کے کہ تمہیں علم آچکا تو ان سے فرما دو آ ؤ ہم بلائیں اپنے بیٹے اور تمہارے بیٹے اور اپنی عورتیں اور تمہاری عورتیں اور اپنی جانیں اور تمہاری جانیں، پھر مباہلہ کریں تو جھوٹوں پر اللہ کی لعنت ڈالیں (ف۱۱۶)

ثم قال تعالى - آمرا رسوله صلى الله عليه وسلم أن يباهل من عاند الحق في أمر عيسى بعد ظهور البيان : ( فمن حاجك فيه من بعد ما جاءك من العلم فقل تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم ونساءنا ونساءكم وأنفسنا وأنفسكم ) أي : نحضرهم في حال المباهلة ( ثم نبتهل فنجعل لعنة الله على الكاذبين ) أي : نلتعن ( فنجعل لعنة الله على الكاذبين ) أي : منا أو منكم .وكان سبب نزول هذه المباهلة وما قبلها من أول السورة إلى هنا في وفد نجران ، أن النصارى حين قدموا فجعلوا يحاجون في عيسى ، ويزعمون فيه ما يزعمون من البنوة والإلهية ، فأنزل الله صدر هذه السورة ردا عليهم ، كما ذكره الإمام محمد بن إسحاق بن يسار وغيره .قال ابن إسحاق في سيرته المشهورة وغيره : وقدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم وفد نصارى نجران ، ستون راكبا ، فيهم أربعة عشر رجلا من أشرافهم يئول إليهم أمرهم ، وهم : العاقب ، واسمه عبد المسيح ، والسيد ، وهو الأيهم ، وأبو حارثة بن علقمة أخو بكر بن وائل ، وأوس بن الحارث وزيد ، وقيس ، ويزيد ، ونبيه ، وخويلد ، وعمرو ، وخالد ، وعبد الله ، ويحنس .وأمر هؤلاء يئول إلى ثلاثة منهم ، وهم : العاقب وكان أمير القوم وذا رأيهم وصاحب مشورتهم ، والذي لا يصدرون إلا عن رأيه ، والسيد وكان عالمهم وصاحب رحلهم ومجتمعهم ، وأبو حارثة بن علقمة وكان أسقفهم وحبرهم وإمامهم وصاحب مدارسهم ، وكان رجلا من العرب من بني بكر بن وائل ، ولكنه تنصر ، فعظمته الروم وملوكها وشرفوه ، وبنوا له الكنائس ومولوه وأخدموه ، لما يعلمونه من صلابته في دينهم . وقد كان يعرف أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم وشأنه وصفته بما علمه من الكتب المتقدمة جيدا ، ولكن احتمله جهله على الاستمرار في النصرانية لما يرى [ من ] تعظيمه فيها ووجاهته عند أهلها .قال ابن إسحاق : وحدثني محمد بن جعفر بن الزبير ، قال : قدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة فدخلوا عليه مسجده حين صلى العصر ، عليهم ثياب الحبرات : جبب وأردية ، في جمال رجال بني الحارث بن كعب . قال : يقول بعض من رآهم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم : ما رأينا بعدهم وفدا مثلهم . وقد حانت صلاتهم ، فقاموا في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلون ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : دعوهم فصلوا إلى المشرق .قال : فكلم رسول الله صلى الله عليه وسلم منهم أبو حارثة بن علقمة ، والعاقب عبد المسيح ، أو السيد الأيهم ، وهم من النصرانية على دين الملك ، مع اختلاف أمرهم ، يقولون : هو الله ، ويقولون : هو ولد الله ، ويقولون : هو ثالث ثلاثة . تعالى الله [ عن ذلك علوا كبيرا ] وكذلك قول النصرانية ، فهم يحتجون في قولهم : " هو الله " بأنه كان يحيي الموتى ، ويبرئ الأسقام ، ويخبر بالغيوب ، ويخلق من الطين كهيئة الطير ، ثم ينفخ فيه فيكون طيرا وذلك كله بأمر الله ، وليجعله آية للناس .ويحتجون في قولهم بأنه ابن الله ، يقولون : لم يكن له أب يعلم ، وقد تكلم في المهد بشيء لم يصنعه أحد من بني آدم قبله .ويحتجون في قولهم بأنه ثالث ثلاثة ، بقول الله تعالى : فعلنا ، وأمرنا ، وخلقنا ، وقضينا ، فيقولون : لو كان واحدا ما قال إلا فعلت وقضيت وأمرت وخلقت ، ولكنه هو وعيسى ومريم وفي كل ذلك من قولهم قد نزل القرآن .فلما كلمه الحبران قال لهما رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أسلما " قالا قد أسلمنا . قال : " إنكما لم تسلما فأسلما " قالا بلى ، قد أسلمنا قبلك . قال : " كذبتما ، يمنعكما من الإسلام دعاؤكما لله ولدا ، وعبادتكما الصليب وأكلكما الخنزير " . قالا فمن أبوه يا محمد ؟ فصمت رسول الله صلى الله عليه وسلم عنهما فلم يجبهما ، فأنزل الله في ذلك من قولهم ، واختلاف أمرهم ، صدر سورة آل عمران إلى بضع وثمانين آية منها .ثم تكلم ابن إسحاق على التفسير إلى أن قال : فلما أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم الخبر من الله ، والفصل من القضاء بينه وبينهم ، وأمر بما أمر به من ملاعنتهم إن ردوا ذلك عليه ، دعاهم إلى ذلك ، فقالوا : يا أبا القاسم ، دعنا ننظر في أمرنا ، ثم نأتيك بما نريد أن نفعل فيما دعوتنا إليه ، فانصرفوا عنه ، ثم خلوا بالعاقب ، وكان ذا رأيهم ، فقالوا : يا عبد المسيح ، ماذا ترى ؟ فقال : والله يا معشر النصارى لقد عرفتم أن محمدا لنبي مرسل ، ولقد جاءكم بالفصل من خبر صاحبكم ، ولقد علمتم أنه ما لاعن قوم نبيا قط فبقي كبيرهم ، ولا نبت صغيرهم ، وإنه للاستئصال منكم إن فعلتم ، فإن كنتم [ قد ] أبيتم إلا إلف دينكم والإقامة على ما أنتم عليه من القول في صاحبكم ، فوادعوا الرجل وانصرفوا إلى بلادكم .فأتوا النبي صلى الله عليه وسلم ، فقالوا : يا أبا القاسم ، قد رأينا ألا نلاعنك ، ونتركك على دينك ، ونرجع على ديننا ، ولكن ابعث معنا رجلا من أصحابك ترضاه لنا ، يحكم بيننا في أشياء اختلفنا فيها من أموالنا ، فإنكم عندنا رضا .قال محمد بن جعفر : فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ائتوني العشية أبعث معكم القوي الأمين " ، فكان عمر بن الخطاب يقول : ما أحببت الإمارة قط حبي إياها يومئذ ، رجاء أن أكون صاحبها ، فرحت إلى الظهر مهجرا ، فلما صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الظهر سلم ، ثم نظر عن يمينه وعن يساره ، فجعلت أتطاول له ليراني ، فلم يزل يلتمس ببصره حتى رأى أبا عبيدة بن الجراح ، فدعاه : " اخرج معهم ، فاقض بينهم بالحق فيما اختلفوا فيه " . قال عمر : فذهب بها أبو عبيدة ، رضي الله عنه .وقد روى ابن مردويه من طريق محمد بن إسحاق ، عن عاصم بن عمر بن قتادة ، عن محمود بن لبيد ، عن رافع بن خديج : أن وفد أهل نجران قدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر نحوه ، إلا أنه قال في الأشراف : كانوا اثني عشر . وذكر بقيته بأطول من هذا السياق ، وزيادات أخر .وقال البخاري : حدثنا عباس بن الحسين ، حدثنا يحيى بن آدم ، عن إسرائيل ، عن أبي إسحاق ، عن صلة بن زفر ، عن حذيفة قال : جاء العاقب والسيد صاحبا نجران إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يريدان أن يلاعناه ، قال : فقال أحدهما لصاحبه : لا تفعل ، فوالله إن كان نبيا فلاعناه لا نفلح نحن ولا عقبنا من بعدنا . قالا إنا نعطيك ما سألتنا ، وابعث معنا رجلا أمينا ، ولا تبعث معنا إلا أمينا . فقال : " لأبعثن معكم رجلا أمينا حق أمين " ، فاستشرف لها أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال : " قم يا أبا عبيدة بن الجراح " فلما قام قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " هذا أمين هذه الأمة " .[ و ] رواه البخاري أيضا ، ومسلم ، والترمذي ، والنسائي ، وابن ماجه من طرق عن أبي إسحاق السبيعي ، عن صلة ، عن حذيفة ، بنحوه .وقد رواه أحمد ، والنسائي ، وابن ماجه ، من حديث إسرائيل عن أبي إسحاق ، عن صلة عن ابن مسعود ، بنحوه .وقال البخاري : حدثنا أبو الوليد ، حدثنا شعبة ، عن خالد ، عن أبي قلابة ، عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " لكل أمة أمين وأمين هذه الأمة أبو عبيدة بن الجراح " .وقال الإمام أحمد : حدثنا إسماعيل بن يزيد الرقي أبو يزيد ، حدثنا فرات ، عن عبد الكريم بن مالك الجزري " عن عكرمة ، عن ابن عباس ، قال : قال أبو جهل : إن رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي عند الكعبة لآتينه حتى أطأ على عنقه . قال : فقال : " لو فعل لأخذته الملائكة عيانا ، ولو أن اليهود تمنوا الموت لماتوا ورأوا مقاعدهم من النار ، ولو خرج الذين يباهلون رسول الله صلى الله عليه وسلم لرجعوا لا يجدون مالا ولا أهلا " .وقد رواه الترمذي ، والنسائي ، من حديث عبد الرزاق ، عن معمر ، عن عبد الكريم ، به . وقال الترمذي : [ حديث ] حسن صحيح .وقد روى البيهقي في دلائل النبوة قصة وفد نجران مطولة جدا ، ولنذكره فإن فيه فوائد كثيرة ، وفيه غرابة وفيه مناسبة لهذا المقام ، قال البيهقي :حدثنا أبو عبد الله الحافظ وأبو سعيد محمد بن موسى بن الفضل ، قالا حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب ، حدثنا أحمد بن عبد الجبار ، حدثنا يونس بن بكير ، عن سلمة بن عبد يسوع ، عن أبيه ، عن جده قال يونس - وكان نصرانيا فأسلم - : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كتب إلى أهل نجران قبل أن ينزل عليه طس سليمان : " باسم إله إبراهيم وإسحاق ويعقوب ، من محمد النبي رسول الله إلى أسقف نجران وأهل نجران سلم أنتم ، فإني أحمد إليكم إله إبراهيم وإسحاق ويعقوب . أما بعد ، فإني أدعوكم إلى عبادة الله من عبادة العباد ، وأدعوكم إلى ولاية الله من ولاية العباد ، فإن أبيتم فالجزية ، فإن أبيتم آذنتكم بحرب والسلام " .فلما أتى الأسقف الكتاب فقرأه فظع به ، وذعره ذعرا شديدا ، وبعث إلى رجل من أهل نجران يقال له : شرحبيل بن وداعة - وكان من همدان ولم يكن أحد يدعى إذا نزلت معضلة قبله ، لا الأيهم ولا السيد ولا العاقب - فدفع الأسقف كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى شرحبيل ، فقرأه ، فقال الأسقف : يا أبا مريم ، ما رأيك ؟ فقال شرحبيل : قد علمت ما وعد الله إبراهيم في ذرية إسماعيل من النبوة ، فما يؤمن أن يكون هذا هو ذاك الرجل ، ليس لي في النبوة رأي ، ولو كان أمر من أمور الدنيا لأشرت عليك فيه برأيي ، وجهدت لك ، فقال له الأسقف : تنح فاجلس . فتنحى شرحبيل فجلس ناحية ، فبعث الأسقف إلى رجل من أهل نجران ، يقال له : عبد الله بن شرحبيل ، وهو من ذي أصبح من حمير ، فأقرأه الكتاب ، وسأله عن الرأي فيه ، فقال له مثل قول شرحبيل ، فقال له الأسقف : فاجلس ، فتنحى فجلس ناحية . وبعث الأسقف إلى رجل من أهل نجران ، يقال له : جبار بن فيض ، من بني الحارث بن كعب ، أحد بني الحماس ، فأقرأه الكتاب ، وسأله عن الرأي فيه ؟ فقال له مثل قول شرحبيل وعبد الله ، فأمره الأسقف فتنحى فجلس ناحية .فلما اجتمع الرأي منهم على تلك المقالة جميعا ، أمر الأسقف بالناقوس فضرب به ، ورفعت النيران والمسوح في الصوامع ، وكذلك كانوا يفعلون إذا فزعوا بالنهار ، وإذا كان فزعهم ليلا ضربوا بالناقوس ، ورفعت النيران في الصوامع ، فاجتمعوا حين ضرب بالناقوس ورفعت المسوح أهل الوادي أعلاه وأسفله - وطول الوادي مسيرة يوم للراكب السريع ، وفيه ثلاث وسبعون قرية ، وعشرون ومائة ألف مقاتل . فقرأ عليهم كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وسألهم عن الرأي فيه ، فاجتمع رأي أهل الرأي منهم على أن يبعثوا شرحبيل بن وداعة الهمداني ، وعبد الله بن شرحبيل الأصبحي ، وجبار بن فيض الحارثي ، فيأتونهم بخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم . فانطلق الوفد حتى إذا كانوا بالمدينة وضعوا ثياب السفر عنهم ، ولبسوا حللا لهم يجرونها من حبرة ، وخواتيم الذهب ، ثم انطلقوا حتى أتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فسلموا عليه ، فلم يرد عليهم وتصدوا لكلامه نهارا طويلا فلم يكلمهم وعليهم تلك الحلل وخواتيم الذهب . فانطلقوا يتبعون عثمان بن عفان وعبد الرحمن بن عوف ، وكانا معرفة لهم ، فوجدوهما في ناس من المهاجرين والأنصار في مجلس ، فقالوا : يا عثمان ويا عبد الرحمن ، إن نبيكم كتب إلينا بكتاب ، فأقبلنا مجيبين له ، فأتيناه فسلمنا عليه فلم يرد سلامنا ، وتصدينا لكلامه نهارا طويلا فأعيانا أن يكلمنا ، فما الرأي منكما ، أترون أن نرجع ؟ فقالا لعلي بن أبي طالب - وهو في القوم - : ما ترى يا أبا الحسن في هؤلاء القوم ؟ فقال علي لعثمان ولعبد الرحمن : أرى أن يضعوا حللهم هذه وخواتيمهم ، ويلبسوا ثياب سفرهم ثم يعودا إليه . ففعلوا فسلموا ، فرد سلامهم ، ثم قال : " والذي بعثني بالحق لقد أتوني المرة الأولى ، وإن إبليس لمعهم " ثم ساءلهم وساءلوه ، فلم تزل به وبهم المسألة حتى قالوا : ما تقول في عيسى ، فإنا نرجع إلى قومنا ونحن نصارى ، يسرنا إن كنت نبيا أن نسمع ما تقول فيه ؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ما عندي فيه شيء يومي هذا ، فأقيموا حتى أخبركم بما يقول لي ربي في عيسى " . فأصبح الغد وقد أنزل الله ، عز وجل ، هذه الآية : ( إن مثل عيسى عند الله كمثل آدم [ خلقه من تراب ثم قال له كن فيكون . الحق من ربك فلا تكن من الممترين . فمن حاجك فيه من بعد ما جاءك من العلم فقل تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم ونساءنا ونساءكم وأنفسنا وأنفسكم ثم نبتهل فنجعل لعنة الله على ] الكاذبين ) فأبوا أن يقروا بذلك ، فلما أصبح رسول الله صلى الله عليه وسلم الغد بعد ما أخبرهم الخبر ، أقبل مشتملا على الحسن والحسين في خميل له وفاطمة تمشي عند ظهره للملاعنة ، وله يومئذ عدة نسوة ، فقال شرحبيل لصاحبيه : قد علمتما أن الوادي إذا اجتمع أعلاه وأسفله لم يردوا ولم يصدروا إلا عن رأيي وإني والله أرى أمرا ثقيلا والله لئن كان هذا الرجل ملكا مبعوثا ، فكنا أول العرب طعن في عينيه ورد عليه أمره ، لا يذهب لنا من صدره ولا من صدور أصحابه حتى يصيبونا بجائحة ، وإنا لأدنى العرب منهم جوارا ، ولئن كان هذا الرجل نبيا مرسلا فلاعناه لا يبقى على وجه الأرض منا شعر ولا ظفر إلا هلك . فقال له صاحباه : يا أبا مريم ، فما الرأي ؟ فقال : أرى أن أحكمه ، فإني أرى رجلا لا يحكم شططا أبدا . فقالا له : أنت وذاك . قال : فلقيشرحبيل رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال له : إني قد رأيت خيرا من ملاعنتك . فقال : " وما هو ؟ " فقال : حكمك اليوم إلى الليل وليلتك إلى الصباح ، فمهما حكمت فينا فهو جائز . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لعل وراءك أحدا يثرب عليك ؟ " فقال شرحبيل : سل صاحبي . فسألهما فقالا ما يرد الوادي ولا يصدر إلا عن رأي شرحبيل : فرجع رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يلاعنهم ، حتى إذا كان الغد أتوه فكتب لهم هذا الكتاب : " بسم الله الرحمن الرحيم ، هذا ما كتب محمد النبي رسول الله لنجران - إن كان عليهم حكمه - في كل ثمرة وكل صفراء وبيضاء وسوداء ورقيق فاضل عليهم ، وترك ذلك كله لهم ، على ألفي حلة ، في كل رجب ألف حلة ، وفي كل صفر ألف حلة " وذكر تمام الشروط وبقية السياق .والغرض أن وفودهم كان في سنة تسع ، لأن الزهري قال : كان أهل نجران أول من أدى الجزية إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وآية الجزية إنما أنزلت بعد الفتح ، وهي قوله تعالى : ( قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر [ ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله ولا يدينون دين الحق من الذين أوتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون ] ) [ التوبة : 29 ] .وقال أبو بكر بن مردويه : حدثنا سليمان بن أحمد ، حدثنا أحمد بن داود المكي ، حدثنا بشر بن مهران ، أخبرنا محمد بن دينار ، عن داود بن أبي هند ، عن الشعبي ، عن جابر قال : قدم على النبي صلى الله عليه وسلم العاقب والطيب ، فدعاهما إلى الملاعنة فواعداه على أن يلاعناه الغداة . قال : فغدا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأخذ بيد علي وفاطمة والحسن والحسين ، ثم أرسل إليهما فأبيا أن يجيئا وأقرا بالخراج ، قال : فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " والذي بعثني بالحق لو قالا لا لأمطر عليهم الوادي نارا " قال جابر : فيهم نزلت ( ندع أبناءنا وأبناءكم ونساءنا ونساءكم وأنفسنا وأنفسكم ) قال جابر : ( وأنفسنا وأنفسكم ) رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلي بن أبي طالب ) وأبناءنا ) : الحسن والحسين ( ونساءنا ) فاطمة .وهكذا رواه الحاكم في مستدركه ، عن علي بن عيسى ، عن أحمد بن محمد الأزهري عن علي بن حجر ، عن علي بن مسهر ، عن داود بن أبي هند ، به بمعناه . ثم قال : صحيح على شرط مسلم ، ولم يخرجاه .هكذا قال : وقد رواه أبو داود الطيالسي ، عن شعبة ، عن المغيرة عن الشعبي مرسلا وهذا أصح وقد روي عن ابن عباس والبراء نحو ذلك .
3:62
اِنَّ هٰذَا لَهُوَ الْقَصَصُ الْحَقُّۚ-وَ مَا مِنْ اِلٰهٍ اِلَّا اللّٰهُؕ-وَ اِنَّ اللّٰهَ لَهُوَ الْعَزِیْزُ الْحَكِیْمُ(۶۲)
یہی بیشک سچا بیان ہے (ف۱۱۷) اور اللہ کے سوا کوئی معبود نہیں (ف۱۱۸) اور بیشک اللہ ہی غالب ہے حکمت والا،

ثم قال الله تعالى : ( إن هذا لهو القصص الحق ) أي : هذا الذي قصصناه عليك يا محمد في شأن عيسى هو الحق الذي لا معدل عنه ولا محيد ( وما من إله إلا الله وإن الله لهو العزيز الحكيم)
3:63
فَاِنْ تَوَلَّوْا فَاِنَّ اللّٰهَ عَلِیْمٌۢ بِالْمُفْسِدِیْنَ۠(۶۳)
پھر اگر وہ منہ پھیریں تو اللہ فسادیوں کو جانتا ہے،

( فإن تولوا ) أي : عن هذا إلى غيره . ( فإن الله عليم بالمفسدين ) أي : من عدل عن الحق إلى الباطل فهو المفسد والله عليم به ، وسيجزيه على ذلك شر الجزاء ، وهو القادر ، الذي لا يفوته شيء [ سبحانه وبحمده ونعوذ به من حلول نقمه ] .
3:64
قُلْ یٰۤاَهْلَ الْكِتٰبِ تَعَالَوْا اِلٰى كَلِمَةٍ سَوَآءٍۭ بَیْنَنَا وَ بَیْنَكُمْ اَلَّا نَعْبُدَ اِلَّا اللّٰهَ وَ لَا نُشْرِكَ بِهٖ شَیْــٴًـا وَّ لَا یَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا اَرْبَابًا مِّنْ دُوْنِ اللّٰهِؕ-فَاِنْ تَوَلَّوْا فَقُوْلُوا اشْهَدُوْا بِاَنَّا مُسْلِمُوْنَ(۶۴)
تم فرماؤ، اے کتابیو! ایسے کلمہ کی طرف آؤ جو ہم میں تم میں یکساں ہے (ف۱۱۹) یہ کہ عبادت نہ کریں مگر خدا کی اور اس کا شریک کسی کو نہ کریں (ف۱۲۰) اور ہم میں کوئی ایک دوسرے کو رب نہ بنالے اللہ کے سوا (ف۱۲۱) پھر اگر وہ نہ مانیں تو کہہ دو تم گواہ رہو کہ ہم مسلمان ہیں،

هذا الخطاب يعم أهل الكتاب من اليهود والنصارى ، ومن جرى مجراهم ( قل يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة ) والكلمة تطلق على الجملة المفيدة كما قال هاهنا . ثم وصفها بقوله : ( سواء بيننا وبينكم ) أي : عدل ونصف ، نستوي نحن وأنتم فيها . ثم فسرها بقوله : ( ألا نعبد إلا الله ولا نشرك به شيئا ) لا وثنا ، ولا صنما ، ولا صليبا ولا طاغوتا ، ولا نارا ، ولا شيئا بل نفرد العبادة لله وحده لا شريك له . وهذه دعوة جميع الرسل ، قال الله تعالى : ( وما أرسلنا من قبلك من رسول إلا نوحي إليه أنه لا إله إلا أنا فاعبدون ) [ الأنبياء : 25 ] . [ وقال تعالى ] ( ولقد بعثنا في كل أمة رسولا أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت ) [ النحل : 36 ] .ثم قال : ( ولا يتخذ بعضنا بعضا أربابا من دون الله ) وقال ابن جريج : يعني : يطيع بعضنا بعضا في معصية الله . وقال عكرمة : يعني : يسجد بعضنا لبعض .( فإن تولوا فقولوا اشهدوا بأنا مسلمون ) أي : فإن تولوا عن هذا النصف وهذه الدعوة فأشهدوهم أنتم على استمراركم على الإسلام الذي شرعه الله لكم .وقد ذكرنا في شرح البخاري ، عند روايته من طريق الزهري ، عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود ، عن ابن عباس ، عن أبي سفيان ، في قصته حين دخل على قيصر ، فسألهم عن نسب رسول الله صلى الله عليه وسلم وعن صفته ونعته وما يدعو إليه ، فأخبره بجميع ذلك على الجلية ، مع أن أبا سفيان كان إذ ذاك مشركا لم يسلم بعد ، وكان ذلك بعد صلح الحديبية وقبل الفتح ، كما هو مصرح به في الحديث ، ولأنه لما قال هل يغدر ؟ قال : فقلت : لا ، ونحن منه في مدة لا ندري ما هو صانع فيها . قال : ولم يمكني كلمة أزيد فيها شيئا سوى هذه : والغرض أنه قال : ثم جيء بكتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقرأه ، فإذا فيه :" بسم الله الرحمن الرحيم ، من محمد رسول الله إلى هرقل عظيم الروم ، سلام على من اتبع الهدى . أما بعد ، فأسلم تسلم ، وأسلم يؤتك الله أجرك مرتين فإن توليت فإن عليك إثم الأريسيين ، و ( يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم ألا نعبد إلا الله ولا نشرك به شيئا ولا يتخذ بعضنا بعضا أربابا من دون الله فإن تولوا فقولوا اشهدوا بأنا مسلمون ) .وقد ذكر محمد بن إسحاق وغير واحد أن صدر سورة آل عمران إلى بضع وثمانين آية منها نزلت في وفد نجران ، وقال الزهري : هم أول من بذل الجزية . ولا خلاف أن آية الجزية نزلت بعد الفتح ، فما الجمع بين كتابة هذه الآية قبل الفتح إلى هرقل في جملة الكتاب ، وبين ما ذكره محمد بن إسحاق والزهري ؟ والجواب من وجوه :أحدها : يحتمل أن هذه الآية نزلت مرتين ، مرة قبل الحديبية ، ومرة بعد الفتح .الثاني : يحتمل أن صدر سورة آل عمران نزل في وفد نجران إلى عند هذه الآية ، وتكون هذه الآية نزلت قبل ذلك ، ويكون قول ابن إسحاق : " إلى بضع وثمانين آية " ليس بمحفوظ ، لدلالة حديث أبي سفيان .الثالث : يحتمل أن قدوم وفد نجران كان قبل الحديبية ، وأن الذي بذلوه مصالحة عن المباهلة لا على وجه الجزية ، بل يكون من باب المهادنة والمصالحة ، ووافق نزول آية الجزية بعد ذلك على وفق ذلك كما جاء فرض الخمس والأربعة الأخماس وفق ما فعله عبد الله بن جحش في تلك السرية قبل بدر ، ثم نزلت فريضة القسم على وفق ذلك .الرابع : يحتمل أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما أمر بكتب هذا [ الكلام ] في كتابه إلى هرقل لم يكن أنزل بعد ، ثم نزل القرآن موافقة له كما نزل بموافقة عمر بن الخطاب رضي الله عنه في الحجاب وفي الأسارى ، وفي عدم الصلاة على المنافقين ، وفي قوله : ( واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى ) [ البقرة : 125 ] وفي قوله : ( عسى ربه إن طلقكن أن يبدله أزواجا خيرا منكن ) الآية [ التحريم : 5 ] .
3:65
یٰۤاَهْلَ الْكِتٰبِ لِمَ تُحَآجُّوْنَ فِیْۤ اِبْرٰهِیْمَ وَ مَاۤ اُنْزِلَتِ التَّوْرٰىةُ وَ الْاِنْجِیْلُ اِلَّا مِنْۢ بَعْدِهٖؕ-اَفَلَا تَعْقِلُوْنَ(۶۵)
اے کتاب والو! ابراہیم کے باب میں کیوں جھگڑتے ہو توریت و انجیل تو نہ اتری مگر ان کے بعد تو کیا تمہیں عقل نہیں (ف۱۲۲)

ينكر تعالى على اليهود والنصارى في محاجتهم في إبراهيم الخليل ، ودعوى كل طائفة منهم أنه كان منهم ، كما قال محمد بن إسحاق بن يسار :حدثني محمد بن أبي محمد مولى زيد بن ثابت ، حدثني سعيد بن جبير أو عكرمة ، عن ابن عباس قال : اجتمعت نصارى نجران وأحبار يهود عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فتنازعوا عنده ، فقالت الأحبار : ما كان إبراهيم إلا يهوديا . وقالت النصارى ما كان إبراهيم إلا نصرانيا . فأنزل الله تعالى : ( يا أهل الكتاب لم تحاجون في إبراهيم [ وما أنزلت التوراة والإنجيل إلا من بعده أفلا تعقلون ] ) أي : كيف تدعون ، أيها اليهود ، أنه كان يهوديا ، وقد كان زمنه قبل أن ينزل الله التوراة على موسى ، وكيف تدعون ، أيها النصارى ، أنه كان نصرانيا ، وإنما حدثت النصرانية بعد زمنه بدهر . ولهذا قال : ( أفلا تعقلون ) .
3:66
هٰۤاَنْتُمْ هٰۤؤُلَآءِ حَاجَجْتُمْ فِیْمَا لَكُمْ بِهٖ عِلْمٌ فَلِمَ تُحَآجُّوْنَ فِیْمَا لَیْسَ لَكُمْ بِهٖ عِلْمٌؕ-وَ اللّٰهُ یَعْلَمُ وَ اَنْتُمْ لَا تَعْلَمُوْنَ(۶۶)
سنتے ہو یہ جو تم ہو (ف۱۲۳) اس میں جھگڑے جس کا تمہیں علم تھا (ف۱۲۴) تو اس میں (ف۱۲۵) کیوں جھگڑتے ہو جس کا تمہیں علم ہی نہیں اور اللہ جانتا ہے اور تم نہیں جانتے (ف۱۲۶)

ثم قال : ( ها أنتم هؤلاء حاججتم فيما لكم به علم فلم تحاجون فيما ليس لكم به علم والله يعلم وأنتم لا تعلمون ) هذا إنكار على من يحاج فيما لا علم له به ، فإن اليهود والنصارى تحاجوا في إبراهيم بلا علم ، ولو تحاجوا فيما بأيديهم منه علم مما يتعلق بأديانهم التي شرعت لهم إلى حين بعثة محمد صلى الله عليه وسلم لكان أولى بهم ، وإنما تكلموا فيما لم يعلموا به ، فأنكر الله عليهم ذلك ، وأمرهم برد ما لا علم لهم به إلى عالم الغيب والشهادة ، الذي يعلم الأمور على حقائقها وجلياتها ، ولهذا قال : ( والله يعلم وأنتم لا تعلمون )
3:67
مَا كَانَ اِبْرٰهِیْمُ یَهُوْدِیًّا وَّ لَا نَصْرَانِیًّا وَّ لٰكِنْ كَانَ حَنِیْفًا مُّسْلِمًاؕ-وَ مَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِیْنَ(۶۷)
ابراہیم نہ یہودی تھے نہ نصرانی بلکہ ہر باطل سے جدا مسلمان تھے، اور مشرکوں سے نہ تھے (ف۱۲۷)

ثم قال تعالى : ( ما كان إبراهيم يهوديا ولا نصرانيا ولكن كان حنيفا مسلما ) أي : متحنفا عن الشرك قصدا إلى الإيمان ( وما كان من المشركين ) [ البقرة : 135 ]وهذه الآية كالتي تقدمت في سورة البقرة : ( وقالوا كونوا هودا أو نصارى تهتدوا [ قل بل ملة إبراهيم حنيفا وما كان من المشركين ] ) [ البقرة : 135 ] .
3:68
اِنَّ اَوْلَى النَّاسِ بِاِبْرٰهِیْمَ لَلَّذِیْنَ اتَّبَعُوْهُ وَ هٰذَا النَّبِیُّ وَ الَّذِیْنَ اٰمَنُوْاؕ-وَ اللّٰهُ وَلِیُّ الْمُؤْمِنِیْنَ(۶۸)
بیشک سب لوگوں سے ابراہیم کے زیادہ حق دار وہ تھے جو ان کے پیرو ہوئے (ف۱۲۸) اور یہ نبی (ف۱۲۹) اور ایمان والے (ف۱۳۰) اور ایمان والوں کا ولی اللہ ہے،

ثم قال تعالى : ( إن أولى الناس بإبراهيم للذين اتبعوه وهذا النبي والذين آمنوا والله ولي المؤمنين ) يقول تعالى : أحق الناس بمتابعة إبراهيم الخليل الذين اتبعوه على دينه ، وهذا النبي - يعني محمدا صلى الله عليه وسلم - والذين آمنوا من أصحابه المهاجرين والأنصار ومن بعدهم .قال سعيد بن منصور : أخبرنا أبو الأحوص ، عن سعيد بن مسروق ، عن أبي الضحى ، عن مسروق ، عن ابن مسعود ، رضي الله عنه ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " إن لكل نبي ولاة من النبيين ، وإن وليي منهم أبي وخليل ربي عز وجل " . ثم قرأ : ( إن أولى الناس بإبراهيم للذين اتبعوه [ وهذا النبي والذين آمنوا والله ولي المؤمنين ] ) .وقد رواه الترمذي والبزار من حديث أبي أحمد الزبيري ، عن سفيان الثوري ، عن أبيه ، به ثم قال البزار : ورواه غير أبي أحمد ، عن سفيان ، عن أبيه ، عن أبي الضحى ، عن عبد الله ، ولم يذكر مسروقا . وكذا رواه الترمذي من طريق وكيع ، عن سفيان ، ثم قال : وهذا أصح لكن رواه وكيع في تفسيره فقال : حدثنا سفيان ، عن أبيه ، عن أبي إسحاق ، عن عبد الله بن مسعود قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم . . . فذكره .وقوله : ( والله ولي المؤمنين ) أي : ولي جميع المؤمنين برسله .
3:69
وَدَّتْ طَّآىٕفَةٌ مِّنْ اَهْلِ الْكِتٰبِ لَوْ یُضِلُّوْنَكُمْؕ-وَ مَا یُضِلُّوْنَ اِلَّاۤ اَنْفُسَهُمْ وَ مَا یَشْعُرُوْنَ(۶۹)
کتابیوں کا ایک گروہ دل سے چاہتا ہے کہ کسی طرح تمہیں گمراہ کردیں، اور وہ اپنے ہی آپ کو گمراہ کرتے ہیں اور انہیں شعور نہیں (ف۱۳۱)

يخبر تعالى عن حسد اليهود للمؤمنين وبغيهم إياهم الإضلال وأخبر أن وبال ذلك إنما يعود على أنفسهم وهم لا يشعرون أنهم ممكور بهم.
3:70
یٰۤاَهْلَ الْكِتٰبِ لِمَ تَكْفُرُوْنَ بِاٰیٰتِ اللّٰهِ وَ اَنْتُمْ تَشْهَدُوْنَ(۷۰)
اے کتابیو! اللہ کی آیتوں سے کیوں کفر کرتے ہو حالانکہ تم خود گواہی ہو (ف۱۳۲)

قال تعالى منكرا عليهم "يا أهل الكتاب لم تكفرون بآيات الله وأنتم تشهدون" أي تعلمون صدقها وتتحققون حقها.
3:71
یٰۤاَهْلَ الْكِتٰبِ لِمَ تَلْبِسُوْنَ الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَ تَكْتُمُوْنَ الْحَقَّ وَ اَنْتُمْ تَعْلَمُوْنَ۠(۷۱)
اے کتابیو! حق میں باطل کیوں ملاتے ہو (ف۱۳۳) اور حق کیوں چھپاتے ہو حالانکہ تمہیں خبر ہے،

"يا أهل الكتاب لم تلبسون الحق بالباطل وتكتمون الحق وأنتم تعلمون" أي تكتمون ما في كتبكم من صفة محمد صلى الله عليه وسلم وأنتم تعرفون ذلك وتتحققونه.
3:72
وَ قَالَتْ طَّآىٕفَةٌ مِّنْ اَهْلِ الْكِتٰبِ اٰمِنُوْا بِالَّذِیْۤ اُنْزِلَ عَلَى الَّذِیْنَ اٰمَنُوْا وَجْهَ النَّهَارِ وَ اكْفُرُوْۤا اٰخِرَهٗ لَعَلَّهُمْ یَرْجِعُوْنَۚۖ(۷۲)
اور کتابیوں کا ایک گروہ بولا (ف۱۳۴) وہ جو ایمان والوں پر اترا (ف۱۳۵) صبح کو اس پر ایمان لاؤ اور شام کو منکر ہوجاؤ شاید وہ پھر جائیں (ف۱۳۶)

( وقالت طائفة من أهل الكتاب آمنوا بالذي أنزل على الذين آمنوا وجه النهار واكفروا آخره [ لعلهم يرجعون ] ) هذه مكيدة أرادوها ليلبسوا على الضعفاء من الناس أمر دينهم ، وهو أنهم اشتوروا بينهم أن يظهروا الإيمان أول النهار ويصلوا مع المسلمين صلاة الصبح ، فإذا جاء آخر النهار ارتدوا إلى دينهم ليقول الجهلة من الناس : إنما ردهم إلى دينهم اطلاعهم على نقيصة وعيب في دين المسلمين ، ولهذا قالوا : ( لعلهم يرجعون ) .قال ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، في قوله تعالى إخبارا عن اليهود بهذه الآية : يعني يهود صلت مع النبي صلى الله عليه وسلم صلاة الفجر وكفروا آخر النهار ، مكرا منهم ، ليروا الناس أن قد بدت لهم منه الضلالة ، بعد أن كانوا اتبعوه .وقال العوفي ، عن ابن عباس : قالت طائفة من أهل الكتاب : إذا لقيتم أصحاب محمد أول النهار فآمنوا ، وإذا كان آخره فصلوا صلاتكم ، لعلهم يقولون : هؤلاء أهل الكتاب وهم أعلم منا . [ وهكذا روي عن قتادة والسدي والربيع وأبي مالك ] .
3:73
وَ لَا تُؤْمِنُوْۤا اِلَّا لِمَنْ تَبِـعَ دِیْنَكُمْؕ-قُلْ اِنَّ الْهُدٰى هُدَى اللّٰهِۙ-اَنْ یُّؤْتٰۤى اَحَدٌ مِّثْلَ مَاۤ اُوْتِیْتُمْ اَوْ یُحَآجُّوْكُمْ عِنْدَ رَبِّكُمْؕ-قُلْ اِنَّ الْفَضْلَ بِیَدِ اللّٰهِۚ-یُؤْتِیْهِ مَنْ یَّشَآءُؕ-وَ اللّٰهُ وَاسِعٌ عَلِیْمٌۚۙ(۷۳)
اور یقین نہ لاؤ مگر اس کا جو تمہارے دین کا پیرو ہو تم فرمادو کہ اللہ ہی کی ہدایت ہدایت ہے (ف۱۳۷) (یقین کا ہے کا نہ لاؤ) اس کا کہ کسی کو ملے (ف۱۳۸) جیسا تمہیں ملا یا کوئی تم پر حجت لاسکے تمہارے رب کے پاس (ف۱۳۹) تم فرمادو کہ فضل تو اللہ ہی کے ہاتھ ہے جسے چاہے دے، اور اللہ وسعت والا علم والا ہے،

وقوله : ( ولا تؤمنوا إلا لمن تبع دينكم ) أي : لا تطمئنوا وتظهروا سركم وما عندكم إلا لمن تبع دينكم ولا تظهروا ما بأيديكم إلى المسلمين ، فيؤمنوا به ويحتجوا به عليكم ، قال الله تعالى : ( قل إن الهدى هدى الله ) أي هو الذي يهدي قلوب المؤمنين إلى أتم الإيمان ، بما ينزله على عبده ورسوله محمد صلى الله عليه وسلم من الآيات البينات ، والدلائل القاطعات ، والحجج الواضحات ، وإن كتمتم - أيها اليهود - ما بأيديكم من صفة محمد في كتبكم التي نقلتموها عن الأنبياء الأقدمين .وقوله ( أن يؤتى أحد مثل ما أوتيتم أو يحاجوكم عند ربكم ) يقولون : لا تظهروا ما عندكم من العلم للمسلمين ، فيتعلموه منكم ، ويساووكم فيه ، ويمتازوا به عليكم لشدة الإيمان به ، أو يحاجوكم به عند الله ، أي : يتخذوه حجة عليكم مما بأيديكم ، فتقوم به عليكم الدلالة وتتركب الحجة في الدنيا والآخرة . قال الله تعالى : ( قل إن الفضل بيد الله يؤتيه من يشاء ) أي الأمور كلها تحت تصريفه ، وهو المعطي المانع ، يمن على من يشاء بالإيمان والعلم والتصور التام ، ويضل من يشاء ويعمي بصره وبصيرته ، ويختم على سمعه وقلبه ، ويجعل على بصره غشاوة ، وله الحجة والحكمة .( والله واسع عليم )
3:74
یَّخْتَصُّ بِرَحْمَتِهٖ مَنْ یَّشَآءُؕ-وَ اللّٰهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِیْمِ(۷۴)
اپنی رحمت سے (ف۱۴۰) خاص کرتا ہے جسے چاہے (ف۱۴۱) اور اللہ بڑے فضل والا ہے،

( يختص برحمته من يشاء والله ذو الفضل العظيم ) أي : اختصكم - أيها المؤمنون - من الفضل بما لا يحد ولا يوصف ، بما شرف به نبيكم محمدا صلى الله عليه وسلم على سائر الأنبياء وهداكم به لأحمد الشرائع .
3:75
وَ مِنْ اَهْلِ الْكِتٰبِ مَنْ اِنْ تَاْمَنْهُ بِقِنْطَارٍ یُّؤَدِّهٖۤ اِلَیْكَۚ-وَ مِنْهُمْ مَّنْ اِنْ تَاْمَنْهُ بِدِیْنَارٍ لَّا یُؤَدِّهٖۤ اِلَیْكَ اِلَّا مَا دُمْتَ عَلَیْهِ قَآىٕمًاؕ-ذٰلِكَ بِاَنَّهُمْ قَالُوْا لَیْسَ عَلَیْنَا فِی الْاُمِّیّٖنَ سَبِیْلٌۚ-وَ یَقُوْلُوْنَ عَلَى اللّٰهِ الْكَذِبَ وَ هُمْ یَعْلَمُوْنَ(۷۵)
اور کتابیوں میں کوئی وہ ہے کہ اگر تو اس کے پاس ایک ڈھیر امانت رکھے تو وہ تجھے ادا کردے گا (ف۱۴۲) اور ان میں کوئی وہ ہے کہ اگر ایک اشرفی اس کے پاس امانت رکھے تو وہ تجھے پھیر کر نہ دے گا مگر جب تک تو اس کے سر پر کھڑا رہے (ف۱۴۳) یہ اس لئے کہ وہ کہتے ہیں کہ اَن پڑھوں (ف۱۴۴) کے معاملہ میں ہم پر کوئی مؤاخذہ نہیں اور اللہ پر جان بوجھ کر جھوٹ باندھتے ہیں(ف۱۴۵)

يخبر تعالى عن اليهود بأن فيهم الخونة ، ويحذر المؤمنين من الاغترار بهم ، فإن منهم ( من إن تأمنه بقنطار ) أي : من المال ( يؤده إليك ) أي : وما دونه بطريق الأولى أن يؤديه إليك ( ومنهم من إن تأمنه بدينار لا يؤده إليك إلا ما دمت عليه قائما ) أي : بالمطالبة والملازمة والإلحاح في استخلاص حقك ، وإذا كان هذا صنيعه في الدينار فما فوقه أولى ألا يؤديه .وقد تقدم الكلام على القنطار في أول السورة ، وأما الدينار فمعروف .وقد قال ابن أبي حاتم : حدثنا سعيد بن عمرو السكوني ، حدثنا بقية ، عن زياد بن الهيثم ، حدثني مالك بن دينار قال : إنما سمي الدينار لأنه دين ونار . وقال : معناه : أنه من أخذه بحقه فهو دينه ، ومن أخذه بغير حقه فله النار .ومناسب أن يكون هاهنا الحديث الذي علقه البخاري في غير موضع من صحيحه ، ومن أحسنها سياقه في كتاب الكفالة حيث قال : وقال الليث : حدثني جعفر بن ربيعة ، عن عبد الرحمن بن هرمز الأعرج ، عن أبي هريرة رضي الله عنه ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم : أنه ذكر رجلا من بني إسرائيل سأل [ بعض ] بني إسرائيل أن يسلفه ألف دينار ، فقال : ائتني بالشهداء أشهدهم . فقال : كفى بالله شهيدا . قال : ائتني بالكفيل . قال : كفى بالله كفيلا . قال : صدقت . فدفعها إليه إلى أجل مسمى ، فخرج في البحر فقضى حاجته ، ثم التمس مركبا يركبها يقدم عليه للأجل الذي أجله ، فلم يجد مركبا ، فأخذ خشبة فنقرها فأدخل فيها ألف دينار ، وصحيفة منه إلى صاحبه ، ثم زجج موضعها ، ثم أتى بها إلى البحر ، فقال : اللهم إنك تعلم أني استسلفت فلانا ألف دينار فسألني كفيلا فقلت : كفى بالله كفيلا ، فرضي بك . وسألني شهيدا ، فقلت : كفى بالله شهيدا ، فرضي بك ، وإني جهدت أن أجد مركبا أبعث إليه الذي له فلم أقدر ، وإني استودعتكها . فرمى بها في البحر حتى ولجت فيه ، ثم انصرف وهو في ذلك يلتمس مركبا يخرج إلى بلده ، فخرج الرجل الذي كان أسلفه ينظر لعل مركبا يجيئه بماله ، فإذا بالخشبة التي فيها المال ، فأخذها لأهله حطبا ، فلما كسرها وجد المال والصحيفة ، ثم قدم الذي كان تسلف منه ، فأتاه بألف دينار ، وقال : والله ما زلت جاهدا في طلب مركب لآتيك بمالك ، فما وجدت مركبا قبل الذي أتيت فيه . قال : هل كنت بعثت إلي بشيء ؟ قال : ألم أخبرك أني لم أجد مركبا قبل هذا ؟ قال : فإن الله قد أدى عنك الذي بعثت في الخشبة ، فانصرف بألف دينار راشدا .هكذا رواه البخاري في موضعه معلقا بصيغة الجزم ، وأسنده في بعض المواضع من الصحيح عن عبد الله بن صالح كاتب الليث عنه . ورواه الإمام أحمد في مسنده هكذا مطولا عن يونس بن محمد المؤدب ، عن الليث به ، ورواه البزار في مسنده ، عن الحسن بن مدرك ، عن يحيى بن حماد ، عن أبي عوانة ، عن عمر بن أبي سلمة ، عن أبيه ، عن أبي هريرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم بنحوه ، ثم قال : لا يروى عن النبي صلى الله عليه وسلم إلا من هذا الوجه بهذا الإسناد . كذا قال ، وهو خطأ ، لما تقدم .وقوله : ( ذلك بأنهم قالوا ليس علينا في الأميين سبيل ) أي : إنما حملهم على جحود الحق أنهم يقولون : ليس علينا في ديننا حرج في أكل أموال الأميين ، وهم العرب ، فإن الله قد أحلها لنا . قال الله تعالى : ( ويقولون على الله الكذب وهم يعلمون ) أي : وقد اختلقوا هذه المقالة ، وائتفكوا بهذه الضلالة ، فإن الله حرم عليهم أكل الأموال إلا بحقها ، وإنما هم قوم بهت .قال عبد الرزاق : أنبأنا معمر ، عن أبي إسحاق الهمداني ، عن [ أبي ] صعصعة بن يزيد ، أن رجلا سأل ابن عباس ، قال : إنا نصيب في الغزو من أموال أهل الذمة الدجاجة والشاة ؟ قال ابن عباس : فتقولون ماذا ؟ قال : نقول ليس علينا بذلك بأس . قال : هذا كما قال أهل الكتاب : ( ليس علينا في الأميين سبيل ) إنهم إذا أدوا الجزية لم تحل لكم أموالهم إلا بطيب أنفسهم .وكذا رواه الثوري ، عن أبي إسحاق بنحوه .وقال ابن أبي حاتم : حدثنا محمد بن يحيى ، أخبرنا أبو الربيع الزهراني حدثنا يعقوب ، حدثنا جعفر ، عن سعيد بن جبير قال : لما قال أهل الكتاب : ( ليس علينا في الأميين سبيل ) قال نبي الله [ صلى الله عليه وسلم ] كذب أعداء الله ، ما من شيء كان في الجاهلية إلا وهو تحت قدمي هاتين إلا الأمانة ، فإنها مؤداة إلى البر والفاجر "
3:76
بَلٰى مَنْ اَوْفٰى بِعَهْدِهٖ وَ اتَّقٰى فَاِنَّ اللّٰهَ یُحِبُّ الْمُتَّقِیْنَ(۷۶)
ہاں کیوں نہیں جس نے اپنا عہد پورا کیا اور پرہیزگاری کی اور بیشک پرہیزگار اللہ کو خوش آتے ہیں،

ثم قال تعالى : ( بلى من أوفى بعهده واتقى ) أي : لكن من أوفى بعهده منكم يا أهل الكتاب الذي عاهدكم الله عليه ، من الإيمان بمحمد صلى الله عليه وسلم إذا بعث ، كما أخذ العهد والميثاق على الأنبياء وأممهم بذلك ، واتقى محارم الله تعالى واتبع طاعته وشريعته التي بعث بها خاتم رسله وسيد البشر " فإن الله يحب المتقين "
3:77
اِنَّ الَّذِیْنَ یَشْتَرُوْنَ بِعَهْدِ اللّٰهِ وَ اَیْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِیْلًا اُولٰٓىٕكَ لَا خَلَاقَ لَهُمْ فِی الْاٰخِرَةِ وَ لَا یُكَلِّمُهُمُ اللّٰهُ وَ لَا یَنْظُرُ اِلَیْهِمْ یَوْمَ الْقِیٰمَةِ وَ لَا یُزَكِّیْهِمْ۪-وَ لَهُمْ عَذَابٌ اَلِیْمٌ(۷۷)
جو اللہ کے عہد اور اپنی قسموں کے بدلے ذلیل دام لیتے ہیں (ف۱۴۶) آخرت میں ان کا کچھ حصہ نہیں اور اللہ نہ ان سے بات کرے نہ ان کی طرف نظر فرمائے قیامت کے دن اور نہ انہیں پاک کرے، اور ان کے لئے دردناک عذاب ہے (ف۱۴۷)

يقول تعالى : إن الذين يعتاضون عما عهدهم الله عليه ، من اتباع محمد صلى الله عليه وسلم ، وذكر صفته الناس ، وبيان أمره ، وعن أيمانهم الكاذبة الفاجرة الآثمة بالأثمان القليلة الزهيدة ، وهي عروض هذه الدنيا الفانية الزائلة أولئك لا خلاق لهم في الآخرة أي : لا نصيب لهم فيها ، ولا حظ لهم منها " ولا يكلمهم الله ولا ينظر إليهم يوم القيامة " أي : برحمة منه لهم ، بمعنى : لا يكلمهم كلام لطف بهم ، ولا ينظر إليهم بعين الرحمة " ولا يزكيهم " أي : من الذنوب والأدناس ، بل يأمر بهم إلى النار " ولهم عذاب أليم " وقد وردت أحاديث تتعلق بهذه الآية الكريمة فلنذكر ما تيسر منها :الحديث الأول : قال الإمام أحمد : حدثنا عفان ، حدثنا شعبة قال : علي بن مدرك أخبرني قال : سمعت أبا زرعة ، عن خرشة بن الحر ، عن أبي ذر ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ثلاثة لا يكلمهم الله ولا ينظر إليهم يوم القيامة ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم " قلت : يا رسول الله ، من هم ؟ خابوا وخسروا . قال : وأعاده رسول الله [ صلى الله عليه وسلم ] ثلاث مرات قال : " المسبل ، والمنفق سلعته بالحلف الكاذب ، والمنان " . ورواه مسلم ، وأهل السنن ، من حديث شعبة ، به .طريق أخرى : قال أحمد : حدثنا إسماعيل ، عن الحريري ، عن أبي العلاء بن الشخير ، عن أبي الأحمس قال : لقيت أبا ذر ، فقلت له : بلغني عنك أنك تحدث حديثا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم . فقال : أما إنه لا تخالني أكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد ما سمعته منه ، فما الذي بلغك عني ؟ قلت : بلغني أنك تقول : ثلاثة يحبهم الله ، وثلاثة يشنؤهم الله عز وجل . قال : قلته وسمعته . قلت : فمن هؤلاء الذين يحبهم الله ؟ قال : الرجل يلقى العدو في فئة فينصب لهم نحره حتى يقتل أو يفتح لأصحابه . والقوم يسافرون فيطول سراهم حتى يحنوا أن يمسوا الأرض فينزلون ، فيتنحى أحدهم فيصلي حتى يوقظهم لرحيلهم . والرجل يكون له الجار يؤذيه فيصبر على أذاه حتى يفرق بينهما موت أو ظعن . قلت : ومن هؤلاء الذين يشنأ الله ؟ قال : التاجر الحلاف - أو البائع الحلاف - والفقير المختال ، والبخيل المنان غريب من هذا الوجه .الحديث الثاني : قال الإمام أحمد : حدثنا يحيى بن سعيد ، عن جرير بن حازم قال : حدثنا عدي بن عدي ، أخبرني رجاء بن حيوة والعرس بن عميرة عن أبيه عدي - هو ابن عميرة الكندي - قال : خاصم رجل من كندة يقال له : امرؤ القيس بن عابس رجلا من حضرموت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في أرض ، فقضى على الحضرمي بالبينة ، فلم يكن له بينة ، فقضى على امرئ القيس باليمين . فقال الحضرمي : إن أمكنته من اليمين يا رسول الله ذهبت ورب الكعبة أرضي . فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " من حلف على يمين كاذبة ليقتطع بها مال أحد لقي الله عز وجل وهو عليه غضبان " قال رجاء : وتلا رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إن الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمنا قليلا ) فقال امرؤ القيس : ماذا لمن تركها يا رسول الله ؟ فقال : الجنة " قال : فاشهد أني قد تركتها له كلها . ورواه النسائي من حديث عدي بن عدي ، به .الحديث الثالث : قال أحمد : حدثنا أبو معاوية ، حدثنا الأعمش ، عن شقيق ، عن عبد الله قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من حلف على يمين هو فيها فاجر ، ليقتطع بها مال امرئ مسلم ، لقي الله عز وجل وهو عليه غضبان " .فقال الأشعث : في والله كان ذلك ، كان بيني وبين رجل من اليهود أرض فجحدني ، فقدمته إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ألك بينة ؟ " قلت : لا ، فقال لليهودي : " احلف " فقلت : يا رسول الله ، إذا يحلف فيذهب مالي . فأنزل الله عز وجل : ( إن الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمنا قليلا ) [ إلى آخر ] الآية : أخرجاه من حديث الأعمش .طريق أخرى : قال أحمد : حدثنا يحيى بن آدم ، حدثنا أبو بكر بن عياش ، عن عاصم بن أبي النجود ، عن شقيق بن سلمة ، حدثنا عبد الله بن مسعود قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من اقتطع مال امرئ مسلم بغير حق لقي الله وهو عليه غضبان " قال : فجاء الأشعث بن قيس فقال : ما يحدثكم أبو عبد الرحمن ؟ فحدثناه ، فقال : في كان هذا الحديث ، خاصمت ابن عم لي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في بئر لي كانت في يده ، فجحدني ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " بينتك أنها بئرك وإلا فيمينه " قال : قلت : يا رسول الله ، ما لي بينة ، وإن تجعلها بيمينه تذهب بئري ، إن خصمي امرؤ فاجر . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من اقتطع مال امرئ مسلم بغير حق لقي الله وهو عليه غضبان " قال : وقرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الآية : ( إن الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمنا قليلا [ أولئك لا خلاق لهم في الآخرة ولا يكلمهم الله ولا ينظر إليهم يوم القيامة ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم ] ) .الحديث الرابع : قال الإمام أحمد : حدثنا يحيى بن غيلان ، حدثنا رشدين عن زبان ، عن سهل بن معاذ بن أنس ، عن أبيه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم : " إن لله تعالى عبادا لا يكلمهم يوم القيامة ولا يزكيهم ولا ينظر إليهم " قيل : ومن أولئك يا رسول الله ؟ قال : " متبرئ من والديه راغب عنهما ، ومتبرئ من ولده ، ورجل أنعم عليه قوم فكفر نعمتهم وتبرأ منهم " .الحديث الخامس : قال ابن أبي حاتم : حدثنا الحسن بن عرفة ، حدثنا هشيم ، أنبأنا العوام - يعني ابن حوشب - عن إبراهيم بن عبد الرحمن - يعني السكسكي - عن عبد الله بن أبي أوفى : أن رجلا أقام سلعة له في السوق ، فحلف بالله لقد أعطى بها ما لم يعطه ، ليوقع فيها رجلا من المسلمين ، فنزلت هذه الآية : ( إن الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمنا قليلا ) ورواه البخاري ، من غير وجه ، عن العوام .الحديث السادس : قال الإمام أحمد : حدثنا وكيع ، حدثنا الأعمش ، عن أبي صالح ، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة ولا ينظر إليهم ، ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم : رجل منع ابن السبيل فضل ماء عنده ، ورجل حلف على سلعة بعد العصر - يعني كاذبا - ورجل بايع إماما ، فإن أعطاه وفى له ، وإن لم يعطه لم يف له " . ورواه أبو داود ، والترمذي ، من حديث وكيع ، وقال الترمذي : حسن صحيح .
3:78
وَ اِنَّ مِنْهُمْ لَفَرِیْقًا یَّلْوٗنَ اَلْسِنَتَهُمْ بِالْكِتٰبِ لِتَحْسَبُوْهُ مِنَ الْكِتٰبِ وَ مَا هُوَ مِنَ الْكِتٰبِۚ-وَ یَقُوْلُوْنَ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللّٰهِ وَ مَا هُوَ مِنْ عِنْدِ اللّٰهِۚ-وَ یَقُوْلُوْنَ عَلَى اللّٰهِ الْكَذِبَ وَ هُمْ یَعْلَمُوْنَ(۷۸)
اور ان میں کچھ وہ ہیں جو زبان پھیر کر کتاب میں میل (ملاوٹ) کرتے ہیں کہ تم سمجھو یہ بھی کتاب میں ہے اور وہ کتاب میں نہیں، اور وہ کہتے ہیں یہ اللہ کے پاس سے ہے اور وہ اللہ کے پاس سے نہیں، اور اللہ پر دیدہ و دانستہ جھوٹ باندھتے ہیں (ف۱۴۸)

يخبر تعالى عن اليهود ، عليهم لعائن الله ، أن منهم فريقا يحرفون الكلم عن مواضعه ويبدلون كلام الله ، ويزيلونه عن المراد به ، ليوهموا الجهلة أنه في كتاب الله كذلك ، وينسبونه إلى الله ، وهو كذب على الله ، وهم يعلمون من أنفسهم أنهم قد كذبوا وافتروا في ذلك كله ، ولهذا قال : ( ويقولون على الله الكذب وهم يعلمون )وقال مجاهد ، والشعبي ، والحسن ، وقتادة ، والربيع بن أنس : ( يلوون ألسنتهم بالكتاب ) يحرفونه .وهكذا روى البخاري عن ابن عباس : أنهم يحرفون ويزيدون وليس أحد من خلق الله يزيل لفظ كتاب من كتب الله ، لكنهم يحرفونه : يتأولونه على غير تأويله .وقال وهب بن منبه : إن التوراة والإنجيل كما أنزلهما الله لم يغير منهما حرف ، ولكنهم يضلون بالتحريف والتأويل ، وكتب كانوا يكتبونها من عند أنفسهم ، ( ويقولون هو من عند الله وما هو من عند الله ) فأما كتب الله فإنها محفوظة ولا تحول .رواه ابن أبي حاتم ، فإن عنى وهب ما بأيديهم من ذلك ، فلا شك أنه قد دخلها التبديل والتحريف والزيادة والنقص ، وأما تعريب ذلك المشاهد بالعربية ففيه خطأ كبير ، وزيادات كثيرة ونقصان ، ووهم فاحش . وهو من باب تفسير المعبر المعرب ، وفهم كثير منهم بل أكثرهم بل جميعهم فاسد . وأما إن عنى كتب الله التي هي كتبه من عنده ، فتلك كما قال محفوظة لم يدخلها شيء .
3:79
مَا كَانَ لِبَشَرٍ اَنْ یُّؤْتِیَهُ اللّٰهُ الْكِتٰبَ وَ الْحُكْمَ وَ النُّبُوَّةَ ثُمَّ یَقُوْلَ لِلنَّاسِ كُوْنُوْا عِبَادًا لِّیْ مِنْ دُوْنِ اللّٰهِ وَ لٰكِنْ كُوْنُوْا رَبّٰنِیّٖنَ بِمَا كُنْتُمْ تُعَلِّمُوْنَ الْكِتٰبَ وَ بِمَا كُنْتُمْ تَدْرُسُوْنَۙ(۷۹)
کسی آدمی کا یہ حق نہیں کہ اللہ اسے کتاب اور حکم و پیغمبری دے (ف۱۴۹) پھر وہ لوگوں سے کہے کہ اللہ کو چھوڑ کر میرے بندے ہوجاؤ (ف۱۵۰) ہاں یہ کہے گا کہ اللہ والے (ف۱۵۱) ہوجاؤ اس سبب سے کہ تم کتاب سکھاتے ہو اور اس سے کہ تم درس کرتے ہو(ف۱۵۲)

قال محمد بن إسحاق : حدثنا محمد بن أبي محمد ، عن عكرمة أو سعيد بن جبير ، عن ابن عباس قال : قال أبو رافع القرظي ، حين اجتمعت الأحبار من اليهود والنصارى من أهل نجران ، عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ودعاهم إلى الإسلام : أتريد يا محمد أن نعبدك كما تعبد النصارى عيسى ابن مريم ؟ فقال رجل من أهل نجران نصراني يقال له الرئيس : أوذاك تريد منا يا محمد ، وإليه تدعوننا ؟ أو كما قال . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " معاذ الله أن نعبد غير الله ، أو أن نأمر بعبادة غيره ، ما بذلك بعثني ، ولا بذلك أمرني " . أو كما قال صلى الله عليه وسلم ، فأنزل الله عز وجل في ذلك من قولهما : ( ما كان لبشر أن يؤتيه الله الكتاب والحكم والنبوة ) [ الآية ] إلى قوله : ( بعد إذ أنتم مسلمون ) .فقوله ( ما كان لبشر أن يؤتيه الله الكتاب والحكم والنبوة ثم يقول للناس كونوا عبادا لي من دون الله ) أي : ما ينبغي لبشر آتاه الله الكتاب والحكم والنبوة أن يقول للناس : اعبدوني من دون الله . أي : مع الله ، فإذا كان هذا لا يصلح لنبي ولا لمرسل ، فلأن لا يصلح لأحد من الناس غيرهم بطريق الأولى والأحرى ، ولهذا قال الحسن البصري : لا ينبغي هذا لمؤمن أن يأمر الناس بعبادته . قال : وذلك أن القوم كان يعبد بعضهم بعضا - يعني أهل الكتاب - كانوا يتعبدون لأحبارهم ورهبانهم ، كما قال الله تعالى : ( اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله [ والمسيح ابن مريم وما أمروا إلا ليعبدوا إلها واحدا لا إله إلا هو سبحانه عما يشركون ] ) [ التوبة : 31 ] وفي المسند ، والترمذي - كما سيأتي - أن عدي بن حاتم قال : يا رسول الله ، ما عبدوهم . قال : " بلى ، إنهم أحلوا لهم الحرام وحرموا عليهم الحلال ، فاتبعوهم ، فذلك عبادتهم إياهم " .فالجهلة من الأحبار والرهبان ومشايخ الضلال يدخلون في هذا الذم والتوبيخ ، بخلاف الرسل وأتباعهم من العلماء العاملين ، فإنما يأمرون بما أمر الله به وبلغتهم إياه رسله الكرام . إنما ينهونهم عما نهاهم الله عنه وبلغتهم إياه رسله الكرام . فالرسل ، صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين ، هم السفراء بين الله وبين خلقه في أداء ما حملوه من الرسالة وإبلاغ الأمانة ، فقاموا بذلك أتم قيام ، ونصحوا الخلق ، وبلغوهم الحق .وقوله : ( ولكن كونوا ربانيين بما كنتم تعلمون الكتاب وبما كنتم تدرسون ) أي : ولكن يقول الرسول للناس : كونوا ربانيين . قال ابن عباس وأبو رزين وغير واحد ، أي : حكماء علماء حلماء . وقال الحسن وغير واحد : فقهاء ، وكذا روي عن ابن عباس ، وسعيد بن جبير ، وقتادة ، وعطاء الخراساني ، وعطية العوفي ، والربيع بن أنس . وعن الحسن أيضا : يعني أهل عبادة وأهل تقوى .وقال الضحاك في قوله : ( بما كنتم تعلمون الكتاب وبما كنتم تدرسون ) حق على من تعلم القرآن أن يكون فقيها : " تعلمون " أي : تفهمون معناه . وقرئ ( تعلمون ) بالتشديد من التعليم ( وبما كنتم تدرسون ) تحفظون ألفاظه .
3:80
وَ لَا یَاْمُرَكُمْ اَنْ تَتَّخِذُوا الْمَلٰٓىٕكَةَ وَ النَّبِیّٖنَ اَرْبَابًاؕ-اَیَاْمُرُكُمْ بِالْكُفْرِ بَعْدَ اِذْ اَنْتُمْ مُّسْلِمُوْنَ۠(۸۰)
اور نہ تمہیں یہ حکم دے گا (ف۱۵۳) کہ فرشتوں اور پیغمبروں کو خدا ٹھیرالو، کیا تمہیں کفر کا حکم دے گا بعد اس کے کہ تم مسلمان ہولیے (ف۱۵۴)

ثم قال : ( ولا يأمركم أن تتخذوا الملائكة والنبيين أربابا ) أي : ولا يأمركم بعبادة أحد غير الله ، لا نبي مرسل ولا ملك مقرب ( أيأمركم بالكفر بعد إذ أنتم مسلمون ) أي : لا يفعل ذلك ، لأن من دعا إلى عبادة غير الله فقد دعا إلى الكفر ، والأنبياء إنما يأمرون بالإيمان ، وهو عبادة الله وحده لا شريك له ، كما قال تعالى : ( وما أرسلنا من قبلك من رسول إلا نوحي إليه أنه لا إله إلا أنا فاعبدون ) [ الأنبياء : 25 ] وقال تعالى : ( ولقد بعثنا في كل أمة رسولا أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت ) الآية ، [ النحل : 36 ] وقال تعالى ( واسأل من أرسلنا من قبلك من رسلنا أجعلنا من دون الرحمن آلهة يعبدون ) [ الزخرف : 45 ] وقال [ تعالى ] إخبارا عن الملائكة : ( ومن يقل منهم إني إله من دونه فذلك نجزيه جهنم كذلك نجزي الظالمين ) [ الأنبياء : 29 ] .
  FONT
  THEME
  TRANSLATION
  • English | Ahmed Ali
  • Urdu | Ahmed Raza Khan
  • Turkish | Ali-Bulaç
  • German | Bubenheim Elyas
  • Chinese | Chineese
  • Spanish | Cortes
  • Dutch | Dutch
  • Portuguese | El-Hayek
  • English | English
  • Urdu | Fateh Muhammad Jalandhry
  • French | French
  • Hausa | Hausa
  • Indonesian | Indonesian-Bahasa
  • Italian | Italian
  • Korean | Korean
  • Malay | Malay
  • Russian | Russian
  • Tamil | Tamil
  • Thai | Thai
  • Farsi | مکارم شیرازی
  TAFSEER
  • العربية | التفسير الميسر
  • العربية | تفسير الجلالين
  • العربية | تفسير السعدي
  • العربية | تفسير ابن كثير
  • العربية | تفسير الوسيط لطنطاوي
  • العربية | تفسير البغوي
  • العربية | تفسير القرطبي
  • العربية | تفسير الطبري
  • English | Arberry
  • English | Yusuf Ali
  • Dutch | Keyzer
  • Dutch | Leemhuis
  • Dutch | Siregar
  • Urdu | Sirat ul Jinan
  HELP

اٰلِ عِمْرَان
اٰلِ عِمْرَان
  00:00



Download

اٰلِ عِمْرَان
اٰلِ عِمْرَان
  00:00



Download